يا دارَ ليلى بالقَوَاء البَلْقَعِِ = أدميتِ قلبي فاستهلَّتْ أدمُعِي
وأرٍِقْتُ ليلِي لست أطعمُ نومَه = من لفْحِ جمرٍ في فؤادي مُوجِعِ
عذَلَ الخلِيُّ ولم يذق طعم الهوى = إذ قد بدت من فرْط وجدي أضلُعيِ
داءُ الهوى ، جَهدُ البَلا ، جمرُ الغضا = أذكته عيني في الفؤاد ومسمعي
يا من تعجَّب إذ رأى جسمي ذوى = إنَّ التَّعجب أن ترى عقلي معي
***
مهلا هُديتَ فلستُ غير معبِّرٍ = عن كلِّ صبٍّ ذي جوى مُتزعزعِ
ليس الهوى شأني ولست مُتيَّما = لكنَّني آسى لكلِّ مُلوَّعِ
إنَّ الأسى يدعو الأسى ويثيرُه = ومواردُ الأحزان ذات تنوُّعِ
ولذاكَ أبكي ما رأيتُ مُولَّهاً = يبكي هواه وليس ينزع مَنزعي
لكنَّني من فرقة الإخوان في = همٍّ وكرْبٍ واشتداد تلوُّعِ
أبكي نوى لو أنَّ صبًّا شامَه = لسلا وآبَ إلى لذيذ المهجعِ*
أبكي فراق أحبَّةٍ كنَّا معاً = نسقي الإخاء بماء ودٍّ مُترعِ
نرعى الإخاء تقرُّبا وعبادةً = لله في الفضل العظيم الأوسعِ
***
حُيِّيتَ يوما كان فيك لقاؤُنا = وتعانق الأحبابُ مِلأَ الأذرعِ
وتساءلوا هل كان يعرف بعضنا = ومتى ؟.. وأين محلُّ ذاك المجمعِ
وتحيَّروا لكنَّني بادرتهم = والصَّوتُ غصَّ بفيض ماء المدمعٍِ
هي ذي النُّفوس تعارفت أرواحها = لا تسألنَّ متى تلاقت .. واقنعِ
لله كان لقاؤُها فتآلفت = ما في المحلِّ وعِلمِه من مطمعِ
أكرم بروضٍ في ثنايا مسجدٍ = جمع الأحبَّة في تُقَى وتخشُّعِ
ما بين ذكر قد سما بقلوبنا = فوق الطِّباق .. وبين علمٍ أنفعِ
***
كنَّا رُباعاً غير أنَّ قلوبنا = قلبٌ تجزَّأ في قلوبٍ أربعِ**
جمع الإله قلوبَنا فتواثقتْ = بحبالِ ودٍّ غير ذات تقطُّعِ
كنَّا كجسمٍ لو تألَّم بعضُه = بلغ التَّألُّمُ فيه ابعدَ موضعِ
حتَّى تقدَّر ذا النَّوى فتسعَّرتْ = نارُ اشتياقٍ في جوى مُتضعضعِ
حسبي عزاءً فضلُ ربِّي إنَّهُ = إن اصطبرْ يجزِ الثَّوابَ .. ويدفعُ
***
يا رب صبِّرني وصبِّر إخوتي = واكتب لقاءً في القريب الأسرعِ
واشفِ الصُّدور وداوِها من غِلِّها = وأزلْ سخائمها وطهِّرْ وانزعِ
واجمع شتات قلوبنا واحفظ بها = صفوَ الوداد لأوليائكَ أجمعِ
يا رب حقِّقْ جمعَنا في جنَّة = بجوار فضلك في المقام الأرفعِ