فيكتور هوغو والتحالف البريطاني الفرنسي على ليبيا رولا الزين
صفحة 1 من اصل 1
فيكتور هوغو والتحالف البريطاني الفرنسي على ليبيا رولا الزين
في
الوقت الذي كان فيه التحالف الغربي ينتظر مصرع القذافي لاعلان انتصاره في
ليبيا فوجئ العالم بمقتل وزير داخليته ورفيقه ـ الذي انقلب عليه ـ في ظروف
غامضة تنبئ بدخول ليبيا نفقاً مظلماً لفترة طويلة.
هذا التطور اثر مقتل
عبد الناتو يونسالعبيدي وما كتب عنه من سيناريوهات حتى الآن يؤكد انزلاق
الغرب في بحر الرمال الليبية وينذر 'بعرقنة' ثاني بلد عربي... بعد العراق عام 2003.
أحد
المحللين الفرنسيين نقل عن مسؤول في قيادة الأركان الفرنسية قوله ان حربنا
على السويس (أي العدوان الثلاثي على مصر عام 1956) ستكون مزحة امام الفشل
الذي ينتظرنا في ليبيا.
كانت باريس المبادرة الى تدخل الناتو وقد
وعدت بالتخلص من نظام القذافي بسرعة ووفق فترة محدودة. وبعد ان عجلت سفر
وزير خارجيتها آلان جوبي الى نيويورك لوضع كل ثقلها واستصدار القرار 1973
الداعي لحماية المدنيين، والذي هو بالفعل غطاء هدفه قلب الأنظمة، اقتنع
الرأي العام الفرنسي بأن بلاده المكلفة بنشر اعلان حقوق الانسان في العالم
وقيم الجمهورية الفرنسية، تفادت فعلاً مجزرة كانت ستودي بحياة أهالي
بنغازي.
لذلك أيدَّ 66' من الفرنسيين هذه الحرب منذ بدايتها وغطت أجهزة
الاعلام المسموعة والمرئية انتصارات ثوار الخزي العارفي بنغازي والهتافات المؤيدة
والممتنة لفرنسا ورئيسها. اليوم تراجع عدد المؤيدين الى النصف مع نشر
الاعلام الفرنسي لأرقام التكاليف التي تتكبدها ميزانية الدفاع يومياً وتذهب
التقديرات الى مليون او مليوني يورو يومياً.
ومع ان احد العسكريين اكد
بأن الطائرات الفرنسية 'باتت تدور حول نفسها في سماء ليبية خالية من اي
طائرة قذافية'، سارع وزير الدفاع جيرار لونفي الى تبرير ارسال طائرات
الرافال لتنطلق من قاعدة سيغونيللا في صقلية بقوله لصحيفة 'لوجورنال دو
ديمانش' الصادرة يوم الاحد بأن على باريس تحمل مسؤولياتها وان العملية
الفرنسية تندرج في اطار زمني غير محدود.
وهو ما يتعارض مع تصريح سابق لزميله آلان جوبي الذي بشرّنا بحرب سريعة ومختصرة في 23 آذار/مارس الماضي.
لذلك
ظهر تعبير فرنسي جديد يوازي تعبير غونداليسا رايس اثناء حرب العراق عندما
اعلنت للعالم العربي الفوضى البناءة، اختارت صحيفة لوموند عنواناً
لافتتاحيتها 'سحر الغموض البناء' لتخلص الى القول بأن الصفحة التي تبدأ في
ليبيا ستكون أصعب من الفترة الماضية. وكان ذلك قبل اغتيال يونس ببضعة ايام.
المؤشر
الاعلامي الآخر كان بإجراء القناة الفرنسية الثانية وفي قناة حكومية للقاء
تلفزيوني مع عائشة القذافي بعد مائة يوم من بدء الهجوم على طرابلس. هذا
اللقاء الذي أجري تزامنا مع صحيفة فرنسية 'سوداويست' بُثَّ منه المقطع الذي
تقول فيه عائشة متوجهة للشعب الفرنسي: 'تقولون لأبي ارحل، ارحل، الى أين
يرحل؟ وكيف يرحل؟ انه رمز انكم لا تفهمون ولن تفهموا..'
في اليوم
التالي اجرت صحيفة لوموند لقاء مع سيف الاسلام القذافي، ثم علمنا بأن
مفاوضات تجري مع الدائرة المحيطة بالعقيد الليبي لدفعه الى التنحي والبقاء
في ليبيا بعد ان كان مجلس الانتقامي والتحالف الغربي معه يصرّ على
مغادرته ليبيا الى جهة ما كشرط لإنهاء الحرب .
وهنا يضيف المحللون
الغربيون شطراً آخر الى الشرك الذي وقعوا فيه في ليبيا وهو جهلهم الكبير
لتركيبة المجتمع الليبي القبلية. فبعد ان بثّتْ اجهزت الاعلام ووكالات
الانباء اخباراً عن اجبار اهالي طرابلس على التمركز حول المباني والمنشآت
العامة لحمايتها من القصف كدروع بشرية بينّت المنظمات الدولية ان الناس
يخرجون تحدياً للتحالف الغربي ـ بعد كل عملية قصف على مدينتهم ـ الى الساحة
الخضراء وباب العزيزية طوعاً وليس بأوامر القذافي او من حوله.
لقد
حمّلنا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وصديقه برنار هنري ليفي الفيلسوف ـ
المدافع عن اسرائيل دوماً وأبداً ـ مسؤولية التدخل في ليبيا وجرّ المجتمع
الدولي، ذو الدفاع الانتقائي عن حقوق الشعوب، مسؤولية شن هذه الحرب غير ان
الغريب في الأمر هو اصطفاف كامل الصف السياسي الفرنسي وراء هذا القرار
وخاصة الحزب الاشتراكي. ففي الثاني عشر من تموز/يوليو أيدّ غالبية نواب
البرلمان الفرنسي استمرار العمليات العسكرية بتصويت 482 نائباً ضد 27 فقط
عارضوا استمرارها.
وبذلك عادت باريس ولندن معها الى واجهة الصدارة في الحفاظ على المصالح الغربية منذ انتهاء الحرب الباردة.
فقد
كانت واشنطن دوماً في صدارة المدافعين عن هذه المصالح هذا ما حصل في حرب
الخليج الاولى عام 1991 ثم في البلقان، في كوسوفو والبوسنة، وفي العراق عام
2003 وافغانستان. وهما اي ـ لندن وباريس ـ عاصمتا دولتين تملكان حق
التصويت والنقض/الفيتو/في مجلس الامن.
وفي الوقت الذي يكثر فيه الحديث
عن التكاليف المادية لهذه الحرب والفواتير الخيالية التي يمكن مطالبة الشعب
الليبي بها بشقيّه الشرقي والغربي وامكانية خضوع ليبيا لقرار النفط مقابل
الغذاء، اسرُدُ ما كتبه الشاعر الفرنسي فيكتور هوغو في رسالة للقائد باتلر
الذي سأله رأيه في الانتصار الفرنسي ـ البريطاني على الامبراطور الصيني
كسيانغ فنع الذي انهزم في السادس من تشرين الاول/اكتوبر عام 1860 امام حملة
الملكة فيكتوريا والامبراطور نابوليون بعد ان قام الجنود بسلب ونهب
محتويات قصره الصيفي الذي كان يعتبر روعة من روائع الدنيا كما كان يقال.
عملية
السلب هذه اثارت استنكار المثقفين الغربيين ومن بينهم فيكتور هوغو الذي لم
يزر الصين ولا القصر لكنه قرأ عنه وعن جماله وروعته في كتابات المسافرين.
اختار هوغو الانحياز الى صف المدنيّة اي الشعب الصيني ضد البربرية اي فرنسا
وبريطانيا.
يقول فيكتور هوغو: في يوم من الايام دخل لِصّان الى القصر الصيفي. الأول قام بسرقته والثاني بحرقه.
يبدو
ان السرقة يمكن ان تفسر نصراً. كل ما تمتلكه كاتدرائياتنا من كنوز مجتمعة
لا توازي بجمالها او تقارن بمقتنيات هذا المتحف الشرقي الرائع. لم يكن في
القصر قطع فنية ولوحات أثرية فحسب بل أكداس مكدسة من الفضة. أحد المنتصرين
ملأ جيوبه، لدى رؤيته قام الثاني بملء صناديقه. وعاد الاثنان متأبط أحدهما
الآخر ضاحكين الى اوروبا.
هذه هي قصة اللصين.
امام التاريخ أحد اللصين سيدعى فرنسا والآخر بريطانيا'. هذا ما كتبه فيكتور هوغو في القرن التاسع عشر.ِ
' اعلامية ـ سورية ـ مقيمة في فرنسا
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
الورفلي الحر2-
- الجنس :
عدد المساهمات : 308
نقاط : 9869
تاريخ التسجيل : 12/06/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 25 مايو - 14:37 من طرف Zico
» قمم أم قمامة ؟
الأحد 19 مايو - 0:48 من طرف علي عبد الله البسامي
» غائط القرن
السبت 4 مايو - 0:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» أحلاس الصّهينة
الأحد 7 يناير - 7:55 من طرف علي عبد الله البسامي
» النفير المقدس
الخميس 4 يناير - 1:50 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى شيوخ ومثقفي الخليج
الأحد 31 ديسمبر - 17:26 من طرف علي عبد الله البسامي
» .سجل حضورك ... بصورة تعز عليك ... للبطل الشهيد القائد معمر القذافي
الإثنين 25 ديسمبر - 17:43 من طرف chlih
» أملٌ زمنَ القهر
الأحد 24 ديسمبر - 18:07 من طرف علي عبد الله البسامي
» أملٌ زمنَ القهر
الأحد 24 ديسمبر - 18:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» عملاق الردى
الأحد 24 ديسمبر - 17:15 من طرف علي عبد الله البسامي
» إجرام الغرب
السبت 16 ديسمبر - 16:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» فضبدة الخذلان
الجمعة 8 ديسمبر - 9:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» شرف المقاومة
الأحد 3 ديسمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» زمرة العز في زمن الهوان
السبت 2 ديسمبر - 13:22 من طرف علي عبد الله البسامي
» دليل التّردِّي
الثلاثاء 28 نوفمبر - 0:26 من طرف علي عبد الله البسامي
» الخذلان المذل
الأحد 26 نوفمبر - 11:55 من طرف علي عبد الله البسامي
» أحرارُ الخَلَف
الخميس 23 نوفمبر - 17:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» وثبة الابطال في اليمن
الأربعاء 22 نوفمبر - 17:11 من طرف علي عبد الله البسامي
» هان العرب
الأربعاء 22 نوفمبر - 6:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى ابي عبيدة
الإثنين 20 نوفمبر - 23:03 من طرف علي عبد الله البسامي