حقائق حول ما يجري في العراق

هناك عدد من الحقائق يجب ان تكون واضحة عند أي محاولة لتقييم ما يجري في العراق اليوم وتحديد موقف منه:

الحقيقة الأولى: ان ما يجري في العراق اليوم هو قبل أي شيء وبغض النظر عن التفاصيل النتاج المباشر لجريمة الاحتلال الأمريكي، والنظام الطائفي المجرم الذي نصبه الاحتلال.

الاحتلال الأمريكي دمر الدولة العراقية ومؤسساتها، ولم يكتف بهذا، بل نصب وعن عمد تام نظاما طائفيا مجرما، ووضع مقادير العراق بيد قوى طائفية شيعية يقودها منذ سنوات نوري المالكي.

هذا النظام الطائفي المجرم، وفي ظل الحمية الكاملة من ايران وامريكا، ارتكب جرائم حرب وابادة بكل معنى الكلمة بحق السنة في العراق، وقام عبر السنوات الماضية بارتكاب مذابح مروعة بحق السنة وباكبر عمليات تطهير عرقي لاجلائهم عن مناطقهم. وشرد الملايين منهم بالفعل. وبالطبع، حرم سنة العراق من أي مشاركة في ادارة شئون البلاد.

 

والحقيقة الثانية: ان من السخف وسوء النية والقصد اختزال ما يجري في  العراق اليوم في ان جماعة سنية متطرفة هي "داعش" تخوض حربا ضد الدولة وانها هي بقدراتها المنفردة استولت على هذه المناطق الواسعة في العراق.

تنظيم داعش يضم بضعة آلاف فقط، وتسليحهم بالضرورة تسليح محدود، ومن المستحيل وفق أي منطق ان يتمكن هذا التنظيم منفردا بقدراته المحدودة هذه من السيطرة على كل هذه المناطق.

الأهم من هذا انه لا بد من الانصات جيدا الى مايقوله اهل هذه المناطق السنية انفسهم وشيوخ عشائرهم. هم اعلنوا بوضوح للعالم ان ما يجري هو في الجانب الاساسي منه ثورة شعبية لأهل السنة ضد النظام الطائفي وضد ما عانوه طويلا عبر سنوات طويلة من تنكيل واقصاء، وان داعش مجرد ذريعة يتذرع بها النظام لتبرير الارهاب الذي يمارسه ضد اهل السنة.

 

الحقيقة الثالثة: انه لا يمكن ابدا ان نقلل من شأن التقديرات الكثيرة التي تشير الى ان تنظيم "داعش" هو في الحقيقة صنيعة ايرانية وأمريكية، وان التضخيم من قدراته ومن خطره امر مقصود تماما لتبرير شن هجمة شرسة جديدة على اهل السنة في العراق، ولتبرير مخططات كبرى قادمة تستهدف المنطقة كلها. الحقيقة ان أي تحليل موضوعي للتطورات الحالية يؤكد هذا.

 

الحقيقة الرابعة: مما يثير الشبهة ويؤكد وجود مخططات شريرة ان كل التركيز اليوم من جانب امريكا وايران والنظام الطائفي في العراق منصب على الحيث عن ارهاب سني يهدد العراق تحت ذريعة وجود تنظيم " داعش".

وماذا عن المليشيات الشيعية الارهابية وما ارتكبته من جرائم في العراق عبر السنوات الماضية؟.. لماذا لم يتحدث هؤلاء عن خطر هذه المليشيات على العراق؟.. ولماذا لا ينتقدون اليوم المخطط المرسوم الذي ينفذ بالفعل لاعادة هذه المليشيات وتفعيل دورها الاجرامي تحت رعابة الدولة والمرجعيات الشيعية، ودفعها لاستهداف المناطق السنية واهلها مجددا؟

 

الحقيقة الخامسة: انه بغض النظر عن تفاصيل ما يجري في العراق اليوم، فان الصورة العامة والمواقف المختلفة المعلنة من جانب امريكا وايران والقوى الطائفية في العراق، تشير الى اننا ازاء عملية ارهابية كبرى جديدة تستهدف المناطق السنية واهلها في العراق. وهي عملية من الواضح ان الهدف منها هو اخراج اهل السنة من المعادلة السياسية في العراق نهائيا والا تقوم لهم قائمة بعد ذلك.

 

الحقيقة السادسة: لا بد ان نتنبه الى ان التطورات في العراق حاليا مقصود بها كما هو واضح تدشين تحالف ثلاث جديد يراد له ان يقود المنطقة كلها في الفترة القادمة. تحالف ثلاثي يضم امريكا وايران والقوى الطائفية الشيعية في المنطقة.

هذا التحالف يراد له ان يفرض على كل دول الخليج العربية واقعا جديدا جوهره ان تكون مقادير المنطقة برمتها تحت الهيمنة الايرانية بالتواطؤ مع امريكا.

 

الحقيقة السابعة: انه على ضوء هذا كله، ليس مقبولا ان تظل الدول العربية صامتة عن ما يجري في العراق. لابد ان تتدخل وبقوة. لا نتحدث هنا عن تدخل عسكري، وانما نتحدث عن دور سياسي عربي قوى وفاعل.

الدول العربية لا بد ان تتدخل بكل ما تملك من امكاينات سياسية كي تجبر الكل على حماية اهل السنة في العراق والحيلولة دون ما يخطط لهم اليوم. لا بد ان تتدخل كي تجبر الجميع على تنحية هذا النظام الطائفي المجرم الذي يقود العراق كله الى الضياع والى حرب اهلية جديدة مدمرة.

الدول العربية اذ تفعل ذلك، فانها في حقيقة الأمر تحمي العراق كله من الضياع ومن التفكك، وتحمي المنطقة كلها من مخططات اجرامية واضحة يراد تنفيذها.