لهذه الأسباب أوقفت بريطانيا الأكاديمي الليبي د.صالح إبراهيم

اعتقلت الشرطة البريطانية، أمس الخميس، الأكاديمي الليبي الدكتور صالح ابراهيم المبروك، في منزله، ببلدة في جنوب شرق بريطانيا، وذلك على خلفية قضية مقتل شرطية بريطانية أمام السفارة الليبية بلندن عام 1984 وغسيل اموال .وقالت الشرطة البريطانية إنها اعتقلت الدكتور "صالح إبراهيم"، على خلفية قضية قتل الشرطية "إيفون فليتشر" التي قتلت بالرصاص أمام السفارة الليبية في لندن عام 1984 خلال مظاهرة لخونة ليبيين ضد النظام السابق.ويقيم الدكتور صالح ابراهيم مع أسرته بمدينة ريدينغ بمقاطعة بيركشاير جنوب شرقي بريطانيا منذ يونيو 2012، بعد أن منحته السلطات البريطانية حق اللجوء الإنساني بسبب العنف والإرهاب في بلاده ليبيا.

وكان الدكتور صالح إبراهيم واحداً من ثلاثين ليبيا رحلوا من بريطانيا عام 1984 على خلفية مقتل الشرطية فليتشر، لكنه وعلى رغم ترحيله ظل يتردد إلى بريطانيا في مهمات تتعلق بالجامعة التي رأسها في طرابلس. وكانت الرصاصة التي قتلت فليتشر واحدة من رصاصات عدة، أطلقت من داخل مقر السفارة الليبية في ساحة سانت جيمس في لندن، في اتجاه تظاهرة لمعارضين للنظام السابق، كانت الشرطة تؤمن الحماية لهم.

وأصيب 10 محتجين ليبيين بجروح في إطلاق النار، تعتقد اسكتلنديار أن مسدسا وسلاحاً آلياً استخدما في الحادث الذي وقع في 17 أبريل 1984، وتلاه حصار للسفارة لمدة 11 يوماً انتهى بالسماح بترحيل الذين كانوا في داخلها. وقالت مصادر صحفية بريطانية أن اعتقال إبراهيم أتى نتيجة معلومات جديدة تم الحصول عليها بعد سقوط القذافي في 2011، اذ قام ضباط بريطانيون بسبع زيارات إلى ليبيا منذ ذلك الحين في إطار التحقيقات في الجريمة.

ففي مايو 2012 زار رئيس الحكومة الانتقالية "عبدالرحيم الكيب" لندن، وأعلن البلدين بدء التنسيق بشكل وثيق ومتواصل لإحراز تقدم في التحقيق في قضية مقتل الشرطية "فلتشر ، إلى جانب تحقيقات أخرى في ممارسات النظام السابق . وقال الكيب آنذاك، إنه مصمم على العمل لتحقيق العدالة بخصوص مقتل الشرطية فليتشر، وأن حكومته لا تشك في حجم الأهمية التى توليها بريطانيا لحل هذه القضايا، مؤكدا أنه سيعمل مع السلطات البريطانية لإحراز تقدم بخصوصها.

غير أن مراقبون يرون أن بريطانيا تمارس سياسة الابتزاز مع الحكومات الليبية الهشة التي تعاقبت على البلاد بعد المؤامرة ضد ليبيا، لتحقيق مآرب سياسية من خلال إثارة وفتح قضايا قديمة أغلقت ملفاتها منذ سنوات وانتهت بانتهاء نظام القذافي.ففي أكتوبر الماضي أعلنت النيابة العامة في اسكتلندا انها حددت هوية ليبيين جدد يشتبه بتورطهما في تفجير طائرة بان أمريكان فوق بلدة لوكربي الاسكتلندية في العام 1988، والذي راح ضحيته 270 شخص، رغم أن القضية تمت تسويتها منذ 2003 بدفع تعويضات للضحايا بلغت 2.7 مليار دولار وتسليم المشتبه به للمحاكمة.

ومنذ العام 2011، انتقل محققون بريطانيون إلى ليبيا للتحقيق في وجود شركاء آخرين محتملين في الاعتداء حتى تم الإعلان في اكتوبر عن مشتبه بهما جديدين في القضية احدهما عبدالله السنوسي رئيس جهاز المخابرات الليبية السابق. ونفى مصدر مقرب من عائلة الدكتور صالح ابراهيم أي صلة للأخير بحادثة مقتل الشرطية "فليتشر"، مشيرا إلى أن لو كانت له صلة بالقضية لما اختار بريطانيا بلدا للجؤ له ولعائلته.

وينتمي الدكتور ابراهيم ، إلى قبيلة ورفله إحدى اكبر قبائل ليبيا، وتخرج من كلية الاقتصاد بجامعة قاريونس ببنغازي عام 1980 ثم تحصل على الماجستير من جامعة بواتفورد عام 1984 وهو العام الذي وقعت فيه أحداث السفارة الليبية بلندن.وبعد عودته إلى ليبيا عمل الدكتور ابراهيم أستاذا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة الفاتح "طرابلس"، ثم أكمل دراسته ليتحصل على شهادة الإجازة الدقيقة "الدكتوراه" في الاقتصاد من جامعة بلغراد عام 1989.

وإلى جانب عمله كأستاذ بالجامعات الليبية . نشط الدكتور ابراهيم في "العمل الثوري" بحركة اللجان الثورية، في النظام الليبي السابق وخاصة أثناء ما عرف بفترة "المواجهة" بين ليبيا والغرب منذ منتصف الثمانينيات وحتى تطبيع العلاقات مع الغرب عام 2003 بعد حل قضية لوكربي.ويعتبر الدكتور "ابراهيم" أحد مؤسسي معهد الدراسات العليا للعلوم الاقتصادية عام 1988، الذي توسع فيما بعد 1992 وأصبح أكاديمية للدراسات العليا تمنح خريجيها شهادات الإجازة العليا والدقيقة في مختلف المجالات العلمية .

وبعد مؤامرة فبراير في ليبيا عام 2011 اتهم الخونة – الذين حكموا ليبيا بعد المؤامرة - صالح ابراهيم بتهمة إساءة استخدام الأموال الليبية وطلبوا من الانتربول ملاحقته، فأصدر الأخير مذكرة حمراء بحقة، لكنه أسقطها بعد أن تبين له أنها محض افتراءات ولا توجد أدلة على ذلك.ويعتبر الدكتور صالح إبرهيم، ما حدث في ليبيا عام 2011 "مؤامرة" استهدفت بلاده لأسباب "الاستراتيجية، لكنه مع ذلك دخل في حوارات مع قانونيين ومثقفين محسوبين على مؤامرة فبراير، دعاهم إلى حوار وطني ليبي لإنهاء “الحرب الأهلية".

ويرى الدكتور ابراهيم بأنه يجب الفصل بين التدخل الخارجي والنزاع الداخلي في ليبيا، وأكد مرارا على ضرورة وجود حوار بين أطراف النزاع في ليبيا، للوصول إلى حلول ترضي الجميع ويضمن بناء ليبيا جديدة آمنة ومستقرة.كما شدد في كتاباته ومداخلاته التلفزيونية خلال العامين الماضيين، على ضرورة أن يكون رموز من النظام السابق في ليبيا والمثقفين منهم سواء ممن هم في الخارج أو القابعون في السجون أطرافا في هذا الحوار.ودائما ما يستدل الدكتور ابراهيم بتجارب دول شابهت أوضاعها الوضع الليبي، للاستفادة منها، كتجربة جنوب افريقيا والجزائر، ويؤكد على ضرورة وجود طرف إقليمي محايد يرعى الحوار إلى جانب شيوخ وحكماء القبائل الليبية.

نقلا عن بوابة إفريقيا الإخبارية