المعركة الحقيقية ضد إفساد الحياة فى ليبيا ...

بقلم المحامي خالد الزائدي

تشكل الاموال عصب الاقتصاد الذى يعتبر عماد للحياة المعيشية وأحد أهم الاسباب لاستمرار الصراعات السياسية والحروب فى ليبيا .
… فإن عدم الاستقرار سببه هو الصراع من اجل المال حيث ظهرت علينا منذ بداية الاحداث فى ليبيا مجموعات النفوذ المالى التى بدت كعنصر فعال على الصعيدين المحلى والدولى وبامكانها شراء ضمائر البعض لاستمرار سيطرتهم على مفاصل الدولة المتهالكة فتمثل أهم جرائم غسيل الاموال فى إخفاء المصدر الحقيقى للاموال الغير مشروعة أو إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر أو بأى وسيلة كانت كذلك تحويل الاموال أو استبدالها مع العلم بإنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء مصدرها أو مساعدة شخص ضالع فى ارتكاب الجرم .
… كذلك تملك الاموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة .
… انطلاقاً من قانون رقم 3 لسنة 1986 قانون من أين لك هذا ‼! حيث تنص فى مادته الاولى على أنه : (( لا يجوز لأى شخص أن يكتسب مالاً أو منفعة أو مزية مادية أو معنوية بطريقة غير مشروعة ويعتبر الكسب غير مشروع إذا كان مصدره المحاباه أو التهديد أو مخالفة القانون أو إساءة استعمال الوظيفة أو المهنة أو المكانة أو التأثير أو كان مجهول المصدر أو السبب أو لا يتناسب مع الموارد المشروعة للشخص )) .
… وبالتالى تعتبر جرائم تبييض الاموال أخطر الاعمال الاجرامية فى ليبيا التى ارتكبت بعد سقوط النظام ، وهذه الجريمة حققت عوائد مالية غير مشروعة فكان لزاماً إسباغ المشروعية على العائدات المتحصلة من الاموال القذرة لتباح استخدامها بيسر وسهولة وبالتالى جاءت مكافحة جريمة تبييض الاموال ضمن جهود الامم المتحدة . حيث تشير الدراسات التحليلية إلى أن انشطة الفساد المالى والوظيفى فى ليبيا من قبل المنفذين والمتحكمين بمصير الشعب الليبى أدت إلى خلق ثروات باهظة غير مشروعة تحتاج لتكون محلاً لتبييض أموالهم كى يتمكنوا اصحابها من التنعم بها .. وسوف لن يحدث هذا .
… فمن أهم الظواهر الخبيثة هى ولا شك إحدى الاساليب التى تجرى فى ليبيا للتعرف على أموال مكتسبة بطريقة غير مشروعة وغير قانونية لإضفاء الشرعية والقانونية عليها وهى التى تشمل الاموال المتحصلة من الرشوة والسرقة والاختلاس والاعتمادات وتزوير النقود ومكافآت أنشطة الجوسسة .
… المشرع الفرنسى حيث نص على جريمة تبييض الاموال فى المادة 243 فقرة 1 ، 2 من قانون العقوبات الفرنسى الجديد المضافة إلى قانون رقم 96/392 تبييض الاموال هو تسهيل التبرير الكاذب بأى طريقة كانت لمصدر أموال أو دخول لفاعل جناية أو جنحة تحصل منهما فائدة مباشرة أو غير مباشرة .
أهم المخاطر لجريمة تبييض الاموال
1)اتساع الهوة بين العرض والطلب فى سوق العمل حيث أن هروب الاموال من داخل البلاد والى خارجها عبر قنوات مصرفية وغيرها يؤدى على نقل جزء كبير من الدخل القومى الى دول أخرى .
2)تدنى مستوى المعيشة .. فجريمة تبييض الاموال تؤدى الى زيادة أعباء الفقراء واتساع الفجوة بينهم وبين الاغنياء وبالتالى توجد علاقة وطيدة بين جريمة تبييض الاموال واختلال الهيكل الاجتماعى ومشكلة الفقر .
3)الحيلولة دون تبوء اصحاب الكفاءات مجالات العمل .. فإن تبييض الاموال وما ينتج عنه من وجود أشخاص يمتلكون أموال ضخمة غير مشروعة يؤدى الى سيطرة هذه الاقلية على المراكز السياسية والاقتصادية ويمنعون اصحاب الكفاءات من الوصول بحجة أزلام النظام أو بحجة العزل السياسى خوفاً من اكتشاف حقيقة مصدر أموالهم الغير مشروعة وإما خوفاً من تهديد مركزهم الذى وصلوا اليه بفضل تلك الاموال الغير مشروعة .

4)المخاطر السياسية :
… تؤدى عمليات تبييض الاموال الى العديد من المخاطر السياسية التى تؤثر بشكل سلبى على كيان الدولة واستقرارها ومن أهمها :
1-السيطرة على النظام السياسى .. فإن هذه الثروات غير مشروعة والنجاح فى إخفاءها وتمويه مصدرها تجعلهم مصدر قوة وسيطرة على النظام السياسى وفرض قوانينهم وإرادتهم على المجتمع .
2-تمويل النزاعات بين المناطق والمدن من اجل استمرار حالة الفوضى فى البلاد .
وبالتالي لن يساعدكم احد على مصادرة اموالكم الملوثة ... مهما كانت الضمانات المقدمة بشأنها وكل المحاولات التى يتم من خلالها تبيض الاموال المسروقة من الخزانة العامة أو من مواردها المختلفة ومحاولة اخفاءها بطرق عدة خارج ليبيا أو داخلها لن تجدي نفعا وسوف تضعكم أمام طائلة الملاحقة القانونية المحلية والدولية.