ورشفانة.. عام على هجوم ميليشيات فجر ليبيا

في الثالث والعشرين من ( سبتمبر ) من هذا العام 2015 أحيا، أهالي ورشفانة، ذكرى النكسة التي مرت على مناطقهم، والتي ألمت بها في عام 2014، وتمثلت في هجوم ميليشيات فجر ليبيا - بدعم من المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته - في السيطرة بقوة السلاح على مناطق ورشفانة من قبل ميليشيات تنتمي لأكثر من 25 منطقة، وإعلانها كمنطقة عسكرية .وترافق هذا الأمر مع طرد وتهجير السكان المدنيين من اربع بلديات، هي الماية والزهراء والعزيزية والسواني واكثر من 10 مدن أهمها الحشان وصياد والسهلة وانجيلة والمعمورة والطينة وقرقوزة والناصرية والعامرية والجليدة والساعدية والطويبية ونحو 70  قرية غدت مزارعها تحت سلطات الميليشيات التي عاتت بها فسادا. وخلال تلك الأحداث -التي رافقها دفاع مستميت من أهالي ورشفانة و تدخل مسلح من لواء ورشفانة المقاتل ضد غزو فجر ليبيا - لقي العديد من أبناء ورشفانة مصرعهم على ارضهم الطاهرة في سلسلة عمليات قتل وخطف وتعذيب ما زال معظمها مجهولا، وأصيب العديد منهم بجروح وهجر 90% من سكان ورشفانة والقبائل المتساكنة معها، ما ادى الى فصل ورشفانة  عن أرضها وطرد الأهالي لاكثر من 80 مدينة وقرية من ديارهم عام 2014.

فيديوا يوضح بعض صور الدمار في ورشفانة بعد هجوم مليشيات الأجرام على المنطقة

أما على الصعيد الإنساني ، فقد خلف هذا الهجوم من قبل ميليشيا فجر ليبيا على ورشفانة وراءه حوالي 86.000  الف عائلة نازحة طردوا من مدنهم  وقراهم ، نزحوا إلى المناطق المجاورة من الناحية الشرقية لورشفانة منها  النواحي الاربعة ( الرقيعات والختنة و عكارة والعلاونة  ) بقصر بن غشير واسبيعة وترهونة ومدينة طرابلس، بينما اتجه جزء آخر هما ورفلة والعجيلات، وإلى مناطق الجبل الغربي منها الزنتان والرجبان والحوامد والاصابعة وإلى الغرب غير المجاور لورشفانة منها الجميل ورقدالين وصرمان وصبراته.
هذا ، وقد عملت لجنة الأزمة بورشفانةوهي لجنة اهلية أسسها المجلس المحلي العزيزية الكبرى في ظروف صعبة وقاسية حيث قامت ببذل جهود لتوفير بعض الاحتياجات الإنسانية للسكان المدنيين النازحين من مدينة طرابلس جراء الاشتباكات المسلحة وكذلك لمساعدة أهالي ورشفانة النازحين، فيما عجزت الحكومة المؤقتة بمدينة البيضاء عن تقديم المتطلبات الدفاعية للواء ورشفانة العسكري.
وأدان مجلس الشورى والحكماء ورشفانة الأعمال الإجرامية التي ارتكبتها ميليشيات فجر ليبيا ضد السكان المدنين ، بينما شعر أهالي ورشفانة  بالإجحاف، وأعلن المجلس بأن  منطقة ورشفانة منكوبة.
وكان  الأهالي يتطلعون إلى مجلس النواب الذي قام  بأول خطوة باعتبار ورشفانة منطقة منكوبة، واكتفى بإصدار بيان بذلك فقط، فيما اصدرت الحكومة المؤقتة هي الأخرى قرارا صنفها كمنطقة منكوبة ورغم حجم الكارثة إكتفوا بذلك فقط وتركوا الاهالي يواجهون المشاق لوحدهم رغم ان ماحدث لهم كان نتيجة لإعترافهم بالشرعية وعدم الخضوع للمؤتمر الوطني منتهي الولاية.
هذا وقد فقد ما يزيد عن 430000 الف مواطن منازلهم وممتلكاتهم ومزارعهم وأعمالهم وبلداتهم ومدنهم حيث أجبرتهم ميليشيات فجر ليبيا على الرحيل بهدف السيطرة على المنطقة وإخضاعها لنفودهم، وأدى هذا الحدث الأليم إلى ظهور أزمة النازحين حيث بات معظم السكان المدنيين مشرداً في عدة مناطق داخل وخارج ليبيا رغم الترحاب الذي لاقوه من عديد المناطق والمساعدات التي إستطاعو تقديمها لهم للتخفيف عنهم .
وتشير التقديرات إلى أن نحو 80% منهم تم نزوحهم بفعل الاعتداء المسلح  المباشر عليهم، في حين اضطر الآخرون للنزوح  بفعل انتشار أنباء القتل والخطف والحجز على الهوية والحرق والتدمير للبيوت التي ارتكبتها ميليشيات فجر ليبيا في القرى الورشفانية مثل السهلة واولاد عيسى وقرقوزة والمعمورة والطينة والطويبية والحشان وصياد والنجيلة وغوط ابوساق .
ونظر قادة فجر ليبيا السياسيون والعسكريون إلى عملية التهجير والنزوح بوصفها خطوة ضرورية للسيطرة على "ورشفانة"، والعاصمة طرابلس، وقد استخدمت فيها الإرهاب والقتل وبث الرعب والحرق والسرقة والتدمير وقطع جميع الخدمات والطرق ومارست بحق اهلها عديد الجرائم.
فيما توقفت الخدمات وانهارت جميع القطاعات أهمها الصحة بعد حرق مستشفى الزهراء وحرق وسرقة العديد من المراكز الصحية وتوقفت الدراسة في قطاع التعليم وتعرضت العديد من المدراس الى عمليات تخريب متعمد والعبث بمحتويات المدراس وملفات التلاميذ ، وتكبد القطاع الاقتصادي خسائر فادحة ،ونهب وحرق معظم المؤسسات العامة والخاصة والتعليمية والصحية وتجريف المزارع وآبار المياه.
بعد انسحاب لواء ورشفانة في 23 سبتمبر  2014 ، وتمركزه في منطقة الكسارات جنوب غرب العزيزية ، بدأت عناصره تعيد تنظيم صفوفها من جديد وتعمل على تحرير منطقة ورشفانة من ميليشيات فجر ليبيا ، فقد تكونت سرايا مقاتلة جديدة من الشباب المتطوع ومن ضباط الجيش والشرطة، وساهم تغيير القيادة العسكرية في اعداد خطة حربية للهجوم على ورشفانة ، حيث دارات معارك ومواجهات كثيرة بين لواء ورشفانة وميليشيات فجر ليبيا، الا انه بعد عدة اشهر من الاعداد والتجهيز استطاعت ورشفانة في 3 ابريل 2015  من دحر ميليشيات فجر ليبيا وتحرير مدينة العزيزية يساندها في ذلك قوات من الجيش الليبي.
وتعيش اليوم منطقة ورشفانة تحت شرعية مجلس النواب والحكومة المؤقتة لكنها تواجه تحديات كبيرة في تحقيق الأمن والاستقرار في ظل غياب شبه تام لدعم الحكومة المؤقتة في معالجة آثار الأزمة.
عبدالباسط بن هامل – بوابة افريقيا الاخبارية