القول الفصل في كيفية إخراج زكاة الفطر

القول الفصل في كيفية إخراج زكاة الفطر:-
.. أوجب الله زكاة الفطر على الأفراد، ولا نصاب لها كزكاة المال، لذلك فرضت على كل مسلم مهما كانت قدرته يخرجها على عدد أفراد العائلة ومن تجب عليه نفقته، حتى المولود قبل مغرب آخر يوم في رمضان، وقد تمسك عدد من فقهاء السلف المعتبرين بظاهر حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين: (فرض رسول الله زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من بر، أو صاعا من شعير على الصغير والكبير من المسلمين) وفي رواية: ( أو صاعا من أقط) وهو اللبن المجفف، وقد أجمعوا جميعا على جواز إخراجها من الأرز أو العدس أو الفول أو من غالب طعام أهل البلد، وهذه الأصناف لم ترد في الحديث الشريف المستدل به، وهذا يدل على جواز التجاوز تيسيرا على المسلمين وتحقيقا لمقاصد الشارع، ويؤيد ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذي رواه الإمام العسقلاني في الدراية وأصله في لصحيحين عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال (وكان يأمرُنا أنْ نُخرجَها قبلَ الصَّلاةِ، وكان يُقسِّمها قبلَ أن ينصرفَ، ويقولُ: أغنوهُمْ عن الطَّوافِ في هذا اليومِ)، ولفظ أغنوهم عن الطواف لسد الحاجة في يوم العيد، وقد تنوعت حاجات الناس وتعددت لم تعد أكلا فقط خاصة في عصرنا هذا، لذلك أجاز أغلب العلماء من السلف والخلف وأفتت جميع ديار الإفتاء الرسمية بجميع الدول الإسلامية بجواز إخراجها نقدا، وهذا ما قال به الإمام أبو حنيفة وأصحابه، وورد عن ابن قاسم من المالكية، وبعض متأخري الشافعية مثل الإمام الرملي، وبعض الحنابلة، وقال به من التابعين سفيان الثوري، والحسن البصري، والخليفة عمر بن عبد العزيز، وعطاء بن أبى رباح، وروي عن بعض الصحابة كمعاوية بن أبي سفيان، حيث قال : " إني لأرى مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر" وقال الحسن البصري : "لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر" وكتب الخليفة عمر بن عبد العزيز إلى عامله في البصرة: أن يأخذ من أهل الديون من أعطياتهم من كل إنسان نصف درهم، وعن عطاء أنه كان يعطى فى صدقه الفطر ورقا.. أي دراهم فضية، وعن زهير قال سمعت أبا اسحاق يقول: أدركتهم وهم يعطون فى صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام، وذكر ابن المنذر في كتابه (الأوسط): إن الصحابة أجازوا إخراج نصف صاع من القمح؛ لأنهم رأوه معادلا في القيمة للصاع من التمر، أو الشعير. ويجب الإنتباه الى حقيقة أن العملة الورقية اخترعت حديثا، وأن السائد في الأسواق كانت المقايضة، وأن الأصناف الواردة في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كانت بمثابة عملة التبادل التي تستعمل كوحدة قياس تحدد قيمة الأصناف، لذلك قاس معاوية (مدين من سمراء الشام بصاع من تمر)، وتيسيرا على الفقير ولسد حاجاته التي تعددت وتنوعت كان جواز اخراجها نقدا تأكيدا على تحقيق مصلحة مؤكدة، تمكن المحتاج من اقتناء ما يحتاجه من أصناف الطعام وبقية الحاجات، وقد انتبه فقهاء السلف لمثل هذه القضايا فكان فقه النوازل والفقه الإفتراضي الذي أجمعوا على ضرورته، بشرط مواكبة العصر دون تفريط في ثوابت الأصول. وتحقيقا للمقاصد والعلل التي تدور الأحكام الشرعية حولها، فلكل حكم علة ومقصد، لجلب مصلحة أو دفع ضرر، والذين يدعون بضرورة الإلتزام توقيفا بظاهر السنة لماذا إذن أجازوا إخراجها من الأرز والذرة والعدس والفول وهي لم ترد في مثن الحديث؟؟. وقد قرأت للداعية مما سبق يتضح جليا، أن قصد الشارع من فرض زكاة الفطر هو سد حاجة الفقير ... وأخيرا.. أنقل حرفيا دون تصرف كما سبق عن الداعية (إيهاب صالح) ما توصل إليه من حكم أرجحه تماما فقال (طالما يوجد في الفقه الإسلامي أراء مختلفة فلا حرج إذن أن يأخذ كل بما يقتنع به دون اتهام الآخر بالباطل وفي تصوري التوفيق بين الفريقين سهل ميسر.. فإخراج الحبوب يكون في حال ما إذا كان الفقير يسد حاجته الطعام في ذلك اليوم يوم العيد ، وهذا يكون في الريف متوفرا لأنه يوجد في كل بيت في الريف فرن للخبيز.. وإخراج القيمة يجوز في حال ما إذا كانت النقود أنفع للفقير كما هو الحال في معظم المدن اليوم ، ولعل حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أغنوهم في هذا اليوم)، يؤيد هذا القول ؛ لأن حاجة الفقير الآن لا تقتصر على الطعام فقط ، بل تتعداه إلى اللباس ونحوه وفي ذلك أكبر دليل على ثراء وسعة للتشريع الإسلامي ليناسب كل مكان وزمان، الخلاصة: خذ بما تقتنع به من الرأيين ولا حرج ولا تنكر على من سيأخذ بالرأي الآخر) انتهى

راجع الادلة المذكوره في المقال قبل ان تصدر الاحكام .. فهذا دين الله فاياك والخوض فيه دون علم