تزاحم المفاسد

تزاحم المفاسد يعني أن يكون هناك أكثر من مفسدة، وعلى المكلف اختيار أصغرها، كأن يغص شخص وليس أمامه سوى نوعين من الخمر، فهذا تزاحم مفاسد، المفسدة الأولى الغصة التي أصابته، والثانية والثالثة نوعي الخمر إذا كان أحدهما أشد من الآخر. هنا عليه دفع المفسدة الأكبر وهي الغصة، وعليه أن يختار أقل الخمرين شدة، أي دفع أكبر المفاسد بأقلها.
في حالة مثل حالة ليبيا بعض المشايخ قالوا إن القذافي سيبيد بنغازي لذا استعانوا بالكفار، لأنّ مفسدة الاستعانة أقل من مفسدة ترك القذافي يبيد بنغازي، وهذ الرأي واضحٌ فيه اتباع الهوى، لسببين:
السبب الأول: أن المسألة ليس فيها تزاحم مفاسد، المسألة خروج على ولي الأمر وهو يستعمل القوة لصد هذا الخروج، فالأمر إما الاستمرار في الخروج، وهنا ستحدث المواجهة، أو الكف عن مواجهة ولي الأمر، ومن ثم عودة الأمور إلى حالها قبل الخروج.
السبب الثاني: الإبادة ادعاءٌ لا سند له، فالجيش الليبي هو من ليبيين لن يرضوا بإبادة أهلهم في بنغازي. إذا قالوا إن في الفتوى بضرورة إلقاء السلاح وعدم المقاومة أمرا بالتولي يوم الزحف وهو من الكبائر، نقول الاستعانة بالكفار ردة وهي أكبر الكبائر.. وفيها أيضاً تول، لأنها انسحاب من الميدان وتمكين آخرين من الدفاع نيابة، وياليتهم آخرون مسلمون، بل آخرون كفار والعياذ بالله.. إن هؤلاء المشايخ حالهم -وتلك فتواهم- كمن يريد دفع الغصة وأمامه عصير عنب يشك في تخمره من عدمه، فيتركه إلى زجاجة (ويسكي) معتق ليدفع به غصته..

استغفروا الله