لماذا الجردان يجولون بين رجال الدين منذ 15 فبراير ربما قبل ذلك للتحصل على فتوى للشباب تجيز القتل والخروج على ولي الامر؟

محمد القحص كتب:

أخي الكريم reader اسعد الله اوقاتك بكل خير

هناك فرقٌ كبير بين التنظير الشرعي لفكرٍ معين والتقييم الفكري لحركة سياسية كما حصل بين بني العباس وبين بني أمية ولا أدل على ذلك من موقف علماء ذلك العصر حيث تجنبوا الخوض في ذلك عملاً بالنصوص الشرعية التي أمرت بالكف عن الفتن وتجنبها والهدف من ذلك هو حفض دماء المسلمين وأعراضهم التي دائماً تتعرض للأذى في الفتن ، والخروج على الحاكم المسلم من الأمور المحرمة حسب ما هو مقرر في عقيدة أهل السنة والجماعة ومحلها كتب العقيدة السلفية فارجع إليها بارك الله فيك ، وقد دأب أهل السنة والجماعة على نعت من يخرج على الحاكم المسلم بالخارجي منذ القرون الفاضلة وكتب أهل العلم مليئة بذلك ، بل للفائدة فقد تكلم أهل العلم عمن يستولي على السلطة بالسلاح وبينوا أحكامه في كتب العقيدة فارجع إلى العقيدة الطحاوية وشروحها تجد لهم في ذلك كلاماً مفيداً ، ونعت من يخرج أو ينقلب على الحاكم المسلم بالخارجي له ما يبرره من حيث مشابهتهم لفعل الخوارج ، وأما الإسقاط على ما حصل بين بني العباس أو غيرهم ممن أتى بعدهم أو حتى من كان قبلهم فهذا إسقاط ليس في محله فالكل يعلم أن تلك الحركات كانت حركات أقرب ما تكون سياسية ولم توفق لاستقراء ما كتبه أهل العلم من السلف حول الرأي الشرعي في تلك الحركات هذا من جانب ومن جانبٍ آخر يأخذ العلماء السلفيون في الاعتبار درء الفتنة للحفاض على دمائهم وأعراضهم ،، والحديث يطول لو استطردنا في سرد كلام أهل العلم في هذا الباب فيرجع إليه في مضانه والله المستعان

محمد القحص كتب:

أخي الكريم reader

ألاحظ يا أخي الكريم أنك ما زلت تخلط بين التنظير الشرعي لعقيدة الخوارج وبين بعض الأحداث التاريخية سواء حادثة الحسين بن علي - رضى الله عنه - وسعيد بن جبير - رحمه الله - وأما مثال دولة بني العباس فأنت الذي قلته في طرحك الأول وإنما أوردته من كلامك ، ولبيان الموضوع على وجهه أود توضيح أمرٍ ذكره علماء السلف في هذه الأمثلة وغيرها ، وذلك أنهم يفرقون تفريقاً جلياً بين من يخرج على الإمام بتأويل سائغ ومن يخرج بتأويل غير سائغ ، وعندهم أن من اشتبه عليه أمر الحاكم فخرج عليه ظاناً أن تأويله للخروج تأويلاً سائغاً لا يُعدُّ خارجياً ويُنَزله بعضهم منزلة البغاة الذين ورد ذكرهم في قوله - تعالى - " فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله " وقد أجمع أهل العلم أن البغاة لا يُقتل جريحهم ولا يُتبع شريدهم ، كما أجمعوا أن على الحاكم مناصحتهم قبل قتالهم فمن سلم سلم ، وهذا بالفعل ما فعله عبدالله بن عمر مع الحسين - رضي الله عنه - فقد تبعه ورجاه أن يعود حفاضاً على دمه ، وأنت تعلم بارك الله فيك خلاف العلماء حول يزيد بن معاوية فكيف لا يُعدُّ فِعل الحسن - رضي الله عنه - بتأويل سائغ حيث أنّ من أهل العلم من حكم بكفر يزيد وكلامهم فيه مبسوط في مضانِّه ، وكذلك الحجاج وما فعله بالمسلمين حيث أنَّ من العلماء من حكم بكفره لقوله في أناس يُعذَّبون سمعهم يصيحون فقال : اخسؤوا فيها ولا تُكلمون " وأنت تعلم وفقنا الله وإيّاك أن الذي يقول ذلك هو الله - جلَّ جلاله - لأهل النار يوم القيامة - أجارنا الله وإيّاك منها - فكيف لا يكون فعل سعيد بن جبير - رحمه الله - بتأويل سائغ ، هذا مع العلم أن سعيداً - رحمه الله - لم يخرج بنفسه وإنما خرج مع عبدالله بن الزبير ، وأنت تعلم - بارك الله فيك أن عبدالله بن الزبير - رضي الله عنه - حكم المدينة ومكة والعراق واليمن سبع سنين وهو الذي يحج بالناس كل عام منها ، فما هو حال أهل تلك البلاد في ضلِّ حكمه ، كما أود أن أوضح أمراً سبق وأن أشرت إليه وهو أن أهل العلم عندما نضروا لعقيدة أهل السنة والجماعة في تحريم الخروج على الحاكم لم يفرقوا بين ما إذا كانت الدولة الإسلامية موحدة أو هي دول متفرقة كما هو حال علماء الأمة في عصر الدول المتتابعة بعد تفكك الخلافة الإسلامية العباسية وهذا الحال يشبه كثيراً حال العالم الإسلامي بعد سقوط الخلافة العثمانية ، كما أنَّ أهل العلم فرقوا بين من يخرج على الحاكم بتأويل سائغ ومن يخرج بغير تأويل سائغ ، وبسطوا الكلام في أحكام من يستولي على الحكم بالسيف والأعوان وكيف يكون حال المسلم معة وستجده انشاء الله مبسوطاً في دواوينهم ، واعلم يا أخي الكريم أن أهل العلم عندما بينوا ذلك أخذوا في الاعتبار مقاصد الشريعة في درء الفتن والحفاض على الدين والدماء والأعراض وهي كما تعلم - حفظك الله - من الضروريات الخمس التي أتت الشريعة السمحة بالحفاض عليها ، ولذا تلاحظ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " حتى ترو كُفراً بواحاً عندكم من الله فيه بُرهان " وهي الحالة الوحيدة التي يجوز فيها الخروج على الحاكم " كفراً بواحاً " لا تأويل فيه وبعلم كلُّ من آتاه الله عِلماً أنه كفر يُبيح الدم والعرض ، وأما نعت من يخرج على الحاكم المسلم بدون تأويل سائغ بالخارجي فهذا شيءٌ مُسلّم به عِند السلف ، وهو مبسوطٌ في كتبهم ، وأسئل الله لنا ولك التوفيق

ليبيا التحدى كتب:يارب نصرك الدى وعدت