أين العقل في معرفة الحقيقة في ليبيا؟ ... مختار العريشي

من طرف ليبيا1969 الأحد 5 يونيو - 19:19

أين العقل في معرفة الحقيقة في ليبيا؟ ... مختار العريشي

يبدو من الواضح أن ما يحدث في ليبيا لم يكن محض الصدفة، حيث أن بعض أشخاص خرجوا في مظاهرة سلمية في اليوم الأول من الأحداث، فتم استهدافهم بالرصاص من جهات غير معروفة (الأمر الذي يطرح سؤالاً حول ما يعرف بالقناصة المعروفين باستهداف بعض المتظاهرين حتى تشعل فتنة القتال، 'قناصة الثورات' للباحث والكاتب الروسي نيكولاي ستاركوف) ولكن الإعلام الغربي يتبعه العربي وجه الاتهام مباشرة إلى الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة الليبية، باعتبارها تواجه المظاهرات من باب أن القوات الحكومية هي فقط من يملك السلاح ولم يكن متوقعا أن قناصة وأفرادا مدسوسين هم من قاموا فعلا بإطلاق النار على المتظاهرين لتأجيج الموقف في الشارع الليبي، مما يعني وجود الكثير من علامات الاستفهام لابد للإنسان العاقل أن يتحراها ليعرف بشكل موضوعي الحقيقة كاملة، لا كما يراد تصويرها من أطراف وسائل إعلامية معينة تعمل في خطة واضحة.
إن الإنسان العاقل يدرك أو يعرف أن الأحداث في ليبيا معد لها مسبقاً من طرف دول غربية بتواطؤ مع دول عربية، التي اجتمعت وتجتمع هنا وهناك وهي في الحقيقة لا يهمها انتشار ذلك الدمار وحصول التخريب والتهجير لليبيين.
إن العاقل يعرف أن الحصيلة من هذه الحرب هو تدمير البيوت على رؤوس أصحابها وتشريد الأبرياء من الشيوخ والنساء والأطفال ووقف حركة التنمية والتطور في البلاد،
والعاقل يعرف أيضا أن هذه الدول، غربية وعربية، لا تحرص على أمن ليبيا ولا ترغب في التوصل لحل نهائي لهذه المشكلة حتى إتمام المهمة في تدمير البنية التحتية للبلاد بالكامل أو بالاستفادة من تعويضات العديد من العقود التي فسخت بسبب هذه الأزمة.
وليس ببعيد يستطيع العاقل أن يرى ما يحدث في العراق وافغانستان وفلسطين، غير أنه مازال يصر ويصدق أنهم جاءوا لحماية المسلمين في ليبيا، لا أظن إنهم يكترثون بحياتنا أبدا. لا أحد يعرف ما هو المستقبل في ليبيا، ولكن العاقل يعرف أن افغانستان حولت إلى دولة مخدرات، دولة تشهد حرباً لا نهاية لها.
إن العاقل الحصيف يعرف أيضا الآن أن العراق حول إلى دولة طوائف ودولة ميليشيات تتناحر كل يوم، ويقولون ان ذلك من أجل الحرية والديمقراطية. وهذا العاقل يعرف انهم اختلقوا إكذوبة وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق واقنعوا بها شعوب العالم عن طريق وسائل إعلامهم، مع ذلك فإنهم لم يبدوا أي اهتمام أو احترام لنا ولم يشعروا بأي حرج بعد افتضاح كذبتهم تلك، ولم ولن يندموا على ما اقترفوه من تضليل بحق شعوبهم وشعوب العالم.
وكذلك العاقل يعرف أن المجتمع الدولي لم يترك أي خيار للحوار السياسي الديمقراطي الداخلي، فكان اللجوء أولاً إلى استخدام القوة العسكرية ظنا منهم أنهم يستطيعون أن يرهبوا أولئك المتضامنين مع النظام القائم. وإن العاقل يعرف أن الدول العربية المسلمة لم تقم بأي مداخلة للصلح واحتضان النزاع بين الطرفين حتى تحقن الدماء، لقد كان موقفها موقف المتفرج على الضحية وهي تذبح، بل قام عبر وسائله الإعلامية بصب الزيت على النار، التي كان وقودها المواطن الليبي، بل حاول التهويل وتضخيم أو حتى بالكذب في بعض نشراته وإعطاء الأخبار أكثر مما يستحق، مثلا لقد عرفنا أن العديد من شهود العيان كانوا في استديوهات تلك القنوات ولم يكونوا على في الميدان، فيما يعد إخلالا بميثاق العرف الصحافي. إن العاقل الحقيقي يعرف أنهم، الغرب، يبنون ويخططون لبلادهم يوما بعد يوم ونحن أصبحنا نهدم ونخرب بأيدنا وأيديهم بلادنا يوما بعد يوم، فهل لهذا العاقل أن يتساءل لماذا يحاولون تفتيت ليبيا.

مختار العريشي
' استاذ جامعي ليبي مقيم في بريطانيا