يوم أمس - 11:23 مساءً
في الأمس قرأت مقالاً للغزالي بعنوان "مناسر اللصوصية العالمية", جاء بين مجموعة مقالات للإمام جُمعت في كتابٍ بعنوان "تأملات في الدين والحياة". أدعو الجميع لقراءته, بل, أدعو الجميع لقراءة كتابات الإمام الجليل محمد الغزالي, لما فيها من فكر ووعي وعلم. وما لفتَ انتباهي حقيقةً, هو ما يلفت انتباهي دائما عندما أقرأ للعلماء الأجلَّاء, وهو "بصيرةُ المؤمن". ويراودني استطراداً قصةُ التمرَ يومَ أم عمر بن الخطاب, رضي الله عنه, عند صلاة الفجر. فعندما جاء الإمام علي, كرَّم الله وجهه, ليأخذ المزيد, قال عمر: "لو زادك رسول الله لزدناك", وهو ما رآه الإمام علي في المنام. فما وسع عليا إلا أن قال: "أَوَحيٌ بعد رسول الله؟", فقال عمر: لا, ولكن المؤمن إذا أخلص قلبه لله أصبح يرى بنور الله. والشاهد, أن الأئمةَ الكرام حينما تقرأ مقالاتهم, ترى أنَّك تستطيع إسقاطها على واقعنا في كلِّ وقتٍ وحين, وهو مِنْ حلاوة الإسلام. ولله المثلُ الأعلى, إذ ترى الإسلامَ يُناسبُ الكلَّ في كل زمانٍ ومكان. وافتتح الإمام مقالَهُ بجُمَلٍ لو قالها وحدها لكفت, إذ قال: "غاظنى أن تعترف الأمم المتحدة بإسرائيل فور إنشائها. وغاظنى أن تصر على إهدار حق العرب برغم تفانيهم في استرداده. إن هذه المؤسسة العالمية لا شرف لها." وإستطردَ قائلاً في سياسة أوروبا: "والسياسة الأوروبية هى صاحبة مبدأ 'الويل للمغلوب' ومبدأ 'الغاية تبرر الواسطة' ومبدأ 'المعاهدات قصاصات ورق'. ونحن نعرف أن إنجلترا حلفت بشرفها سبعين مرة وحنثت كذلك سبعين مرة! ونعرف أن إنجلترا في ذلك تمثل النفسية العامة لدول الغرب، فليست خيرا ولا شرا من فرنسا أو إيطاليا...أو أمريكا!!" وأرى أنَّ ما تمارسُهُ أوروبا من سياسةٍ مدعاةً للسخرية والهزلية حقيقةً. وأعجب! اَستغفلتنا هيَ أم أنَّها لم تعُد تبالي وأعلنت الوقاحةَ مبدأً لها. فماذا يُقال مثلاً, في "طوني بلير", رئيسُ وزراء بريطانيا الأسبق, أن يكون مبعوثاً للسلام في الشرق الأوسط, وهو من شاركَ ودعا وروَّجَ لإحتلال العراق, والحرب على أفغانستان وغيرها من الآثام!!! ألا يخجَلُ هؤلاء من ملاطفة الأطفال في بعثاتهم إلى أفريقيا وأيديهم مُلَطَّخَةً بالدم الساخن الذي لم يجف بعد من أطفال أفغانستان وثكلاها. أم أنَّهم لا يأبهون بمصافحة الناس بأيدٍ تقطُرُ نفطاً نُهبَ من العراق وشعبها. وأيَّاً ما تنظر تجدهم قد سرقوا ونهبوا وغشُّوا...وبعد حينٍ تراهم دعاةَ سلامٍ ومحبَّة! ألهذه الدرجة يستغفلوننا!!؟ فلا عجبَ أن يقول الإمامُ متابعاً: "والدول الأوروبية التى لوثت تاريخ العالم بغدرها وخيانتها قد مضت فى طريق شائنة، وفى المؤسسات التى أقامتها لتنظيم العلائق العامة تحولت الجلسات والمفاوضات إلى أسواق تباع فيها الذمم. بل تحولت إلى مزايدات علنية خسيسة تقدم فيها الأصوات لمن يدفع أكبر ثمن." ويقول ملخِّصاً السياسة تلك: "فالتخريب بالجملة اسمه استعمار. والدول التى يراد أكلها توضع تحت الوصاية." ويُضيفُ واضعاً المسمَّيات في أماكنها وقوالبها: "والأحكام الجائرة المضللة تستصدر من محكمة العدل، والمجلس الذي جبن لشدة خوفه أن يقول كلمة حق في وجه ظالم اسمه مجلس الأمن، والأمم التي تتهاوش تهاوش الكلاب المسعورة تسمى الأمم المتحدة." ووجدتُ المقالَ خيرَ مقالٍ لنُسقطهُ على واقعِ الأمَّةِ الحزين. وأشلاءُ سوريا أكبرُ مثال. وفي حينِ يُدمِّرُ الظالمونَ هنالك الشَّعبَ الأبي الحر عاري الصدور أمام الرصاص, تتوجَّهُ أنظارُ العرب من حكَّامَ وقادة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن. ويُغيظني الفيتو!!! وتعلُّقَنا فيه!!! فمن روسيا تارة, إلى الصِّينِ تارة, إلى أمريكا تارة. وأدَّخِرُ تعليقي وإستطرادي. فأرى الإمام قد كفَّى ووفَّى إذ قال: "إن هذه المؤسسات العالمية أصبحت لا رجاء فيها لأوسع الناس أملا. فلنهجرها إلى غير رجعة، ولنبذل جهودنا لإصلاح أحوالنا في بلادنا نفسها وتحويلها إلى ميادين للكفاح ضد الاحتلال الداخلي والخارجي جميعا." وأضافَ رحمهُ الله: "فهذا وحده طريق الكادحين الناجحين. أما السمسرة الدبلوماسية في 'بورصة' مجلس الأمن فعمل باطل ابتدعه اليهود ليلعبوا بالفضائل ويقامروا بمستقبل الشعوب." أيُّ كلامٍ بعد هذا الكلام وأيُّ تعليق! رحمكَ اللهُ يا إمام.
|
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي
» رسائل إيمانية
الثلاثاء 16 يوليو - 1:03 من طرف علي عبد الله البسامي