الجهاد المقدس بأوامر صهيو- أمريكية!

12-3-2012 7:38:25

الجهاد المقدس بأوامر صهيو- أمريكية!

وفاء إسماعيل

زمان.. كانت صيحات الجهاد التي كانت تنطلق من منابر السعودية لها أثر مدوّ
فى نفوس الشباب العربى المسلم، كانت تقشعر أبدانهم وتلهب نفوسهم حماسة
ونخوة وعزة، فتتراءَى أمام أعينهم في كلِّ لحظة صورة الجنة ونعيمها،
ويراودهم حلم دخولها من أوسع الأبواب، كانوا يعدون العدة لتلك الرحلة التي
يودعون فيها الأهل والأحباب سعيا لمن هم أفضل منهم وأرفع مكانة، كانت تلك
الرحلة بالنسبة للمجاهدين رحلة من الموت إلى الحياة وليس العكس، رحلة تعيد
للنفس التواقة لمرضاة الله عزتها وكرامتها... حتى اكتشفنا أن ثمار جهاد
الشباب العربي والمسلم منذ الثورة العربية الكبرى 1916م وحتى يومنا هذا
يقطفها العدو، ويضع أوطاننا بين فكيه، وأن من يدعوهم للجهاد ما هم إلا
أعوانه وحلفاؤه.. أما الجهاد الحقيقى فقد حالوا بينهم وبينه..!!

الأزهرالشريف الذي كان له دور رياديّ عبر التاريخ منذ إنشائه، فكان الجامع
والجامعة، ومنه تنبعث الجيوش ومنه تخرج الثورات الإصلاحية، وفيه يتربى قادة
الأمة وملوكها، انتُزع منه هذا الدور وسلمت رايته لمنابر السعودية ليتحول
الإسلام من عقيدة سماوية روحانية تسمو بالإنسان وترفع قيمته إلى عقيدة
فتاوى واجتهادات تخدم السلاطين والحكام فتكفر معارضيهم وتخون مخالفيهم،
وأصبح الجهاد والحرب لخدمة الأعداء بدلا من الجهاد ضدهم، وحل سيف الرقص في
مهرجانات الجنادرية محل السيف الذي كان يتفاخر به الفرسان في حطين وعمورية
وعين جالوت، وكأن الإسلام اختطفه آل سعود كما اختطفه من قبل الفاطميون
عندما حولوا الأزهر الشريف إلى مؤسسة تدرس فيها العلوم الباطنية
الإسماعيلية نكاية في الدولة العباسية السنية.

فى 25 ديسمبر 1979م غزا السوفييت أفغانستان دعما للحكومة الموالية له،
وبحلول أواسط الثمانينات تعالت صيحات الجهاد من فوق منابر السعودية ضد
المحتل السوفييتى الشيوعي الملحد، وتعالت صرخات شيوخ السلاطين للشباب
المجاهدين "أن هبوا لنصرة إخوانكم في أفغانستان" وبدأت الماكينة الإعلامية
تسلط الأضواء على انتهاكات الجيش الروسي في قتل الأطفال والشيوخ والشباب
وهتك أعراض المسلمات، وتدعو المسلمين في بقاع الأرض للتبرع من أجل الشعب
الأفغاني المسلم.

هرول الشباب والرجال من كل بقاع الأرض إلى أفغانستان مدعومين من الولايات
الأمريكية المتحدة، المملكة المتحدة، السعودية، باكستان.. بالأموال والسلاح
والتدريب، وكبدت حركة المقاومة الإسلامية غير النظامية في أفغانستان العدو
السوفييتي خسائرعسكرية فادحة وعلاقات دولية متوترة، وكان يتم إرسال
سعوديين وخليجيين ومصريين وأردنيين للمشاركة كفرق عسكرية مجاهدة تحت شعار
"دحر الشيوعيين الملحدين".

أخبار العمليات العسكرية والانتحارية التي قام بها المجاهدون العرب ضد
السوفيت أشادت بها صحف العالم وملأت الدنيا ضجيجا وكان يطلق عليها عمليات
المجاهدين العرب الأبطال "إي والله"، كانوا زمن الاحتلال السوفييتي أبطالا
حتى اندحر العدو عن أفغانستان عام 1988م، ولم يمر سوى سنتين وإذا بمنابر
السعودية تعيد الكرة وتتزعم جبهة الاستعانة بالقوات الأمريكية وتدعو للجهاد
ضد صدام لتحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1990م "رغم أن عملية الغزو
كلها كانت مدبرة لاتخاذها ذريعة لاستجلاب الأمريكان إلى الخليج العربي".

ونجحت السعودية في مسعاها لجلب حليفها الأمريكي إلى منطقة الخليج عام
1990م، وعندما اعترض المجاهدون العرب على هذا الأمر تحولوا في لمح البصر
إلى إرهابيين وقتلة ومجرمين وعملاء لـ"سي أي ايه"، وبدأت المنابر السعودية
تنعتهم بالتكفيريين، والحكومة السعودية تنزع عنهم الجنسية السعودية،
والسجون العربية تُفتح لهم ولأسرهم وتلاحقهم أجهزة المخابرات فى كل مكان..
وتناسوا أنهم كانوا يوما المجاهدين العرب الأبطال وفجأة تحولوا إلى
إرهابيين ما دام جهادهم تحول ضد أمريكا حليف السعودية!.

دماء سالت، وأرواح أزهقت، ونساء ترملت، وأطفال يتموا، والنتيجة؟ أفغانستان
قدمت على طبق من ذهب إلى أعضاء حلف الناتو وزعيمته أمريكا، الخليج تحول إلى
مركز للقواعد والأساطيل الأمريكية، العراق تم غزوه وتدميره وتقسيمه،
الصهاينة تمركزوا في شمال العراق بانتظار فتح جسر وممر يصلهم بإسرائيل
مباشرة، والمشروع جاهز للتنفيذ "مشروع كركوك- حيفا" ولم يتبق سوى إزالة حجر
العسرة "نظام بشار الأسد" ليتم تفريغ سوريا من أهلها ومد خط أنابيب للنفط
وآخر للمياه العذبة من العراق إلى فلسطين، ومن ثم استكمال المشروع الصهيوني
"دولة اسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات"، وقبل كل ذلك لا ننسى الإشارة
إلى دور المجاهدين العرب في حرب البوسنة والهرسك الذي انتهى بفرض "معاهدة
دايتون" على مسلمي البوسنة بمباركة أمريكية؛ ومن ثم طُرد هؤلاء المجاهدون
من هناك بعد استخدامهم كأداة.. نعم دائما كنتم أداة!!

بعض المواقع أعلنت أن: هيلارى كلينتون أعطت الأمر للسعودية بإعلان الجهاد
المقدس ضد نظام بشار الأسد، وبدأت الماكينة الإعلامية السعودية والقطرية
تكثف من هجماتها ضد النظام السوري، وبدأ شيوخ السلاطين يتحركون في كل مكان
كدأبهم وكعادتهم، ومن قناة فضائية إلى آخرى يدعون للجهاد ضد النظام السوري،
وكأن التاريخ يعيد نفسه، أو كأن دروس أفغانستان والبوسنة والهرسك ودرس
العراق ودرس ليبيا لم نتعلم منها شيئا، لم نتعلم من تلك الدروس أن تلك
الحكومات العميلة لأمريكا وللصهاينة تستخدم قدسية الجهاد لخدمة مصالح الغرب
وليس لصالح العرب، تستخدم الجهاد المقدس من أجل تقسيم البلاد وليس وحدتها،
تستخدم الجهاد من أجل تقديم البلدان العربية والإسلامية الواحدة تلو
الأخرى على طبق من ذهب ليد أمريكا وحلفائها بدلا من توطين واستقرار الشعوب
بها، تستخدم الجهاد المقدس من أجل استنزاف ثروات الشعوب واستغلالها في
تمويل الحروب الصهيو- أمريكية بدلا من استثمارها في مشروعات تقضي على
البطالة والجوع والفقر والجهل والمرض في العالمين العربي والإسلامي.

متى نتعلم الدرس أيها الأغبياء؟ متى نتعلم أن الإسلام منا مختطف.. والجهاد
بات أداة قتل الشعوب وبث بذور الفتن الطائفية والمذهبية بدلا من حمايتها،
والسلاح لم يعد يرفع في وجه العدو الحقيقي بل يرفع في وجه بعضنا البعض؟
جهادنا أصبح جهاد من أجل الصهاينة وليس جهادا ضدهم!!.

جاهدتم في أفغانستان ودحرتم السوفييت ليحل محلهم الأمريكان المستمرون في
ذبح الشعب الأفغاني.. جاهدتم في ليبيا وهاهي تقسم إلى ثلاثة أقسام، وربما
أكثر "برقة- فزان- طرابلس"، واليوم مطلوب منكم أن تجاهدوا وتدفعوا بأرواحكم
لقتل أهاليكم في سوريا دون وعي بمن يحرككم؟!!

سعود الفيصل وزير خارجية السعودية يعتبر أن النظام السوري سلطة احتلال،
ويطالبه بنقل السلطة طوعا أو كرها ويطالب بتسليح المعارضة! لقتل من؟ ولصالح
من؟ لصالح الشعب السوري أم لصالح أمريكا والصهاينة؟ ألم تسألوا أنفسكم
أيها المجاهدون العرب.. متى وقفت أمريكا وربيبتها إسرائيل موقفا مشرفا
لصالح شعب من تلك الشعوب التي خربت أوطانها ودمرتها وشردت أهلها؟ أين هي
الحرية والديمقراطية التي بشرت شعوبنا بها في العراق وأفغانستان والصومال
والسودان، واليوم تبشرنا بها في ليبيا وسوريا واليمن؟!

ألم تسألوا أنفسكم أيها المجاهدون من هي الأطراف التي تقطف ثمار جهادكم
وتضحياتكم؟ ولماذا لم تستخدم منابر السعودية للدعوة لمحاربة العدو الصهيوني
الذي يقتل أطفالنا ونساءنا وشيوخنا؟ أليست الفتاوى التي تفرزها المنابر
السعودية هي نفسها الفتاوى التي ضيعت مستقبل الشعب الأفغاني، ودمرت العراق،
وهي نفسها من أجبرت ياسر عرفات على القبول بأوسلو، وحاصرت حماس في غزة
وشلت يد المقاومة ضد العدو الصهيوني، وهي أيضا من كفرت حسن نصر الله ودعت
بعدم الدعاء له في حربه مع الصهاينة عام 2006م؟ لماذا لا نسمع أصوات تلك
المنابر تدعو للجهاد ضد الصهاينة وجرائمهم التي لا تعد ولا تحصى؟ حينها
سيظهر الخبيث من الطيب.. وستسقط الأقنعة عن كل الخونة والعملاء.

إن الجهاد الحقيقى الذي أعرفه ويعرفه كل مسلم هو الجهاد ضد العدو الصهيوني
الذي اغتصب الأرض في فلسطين وأيضا كان اغتصابه لتلك الأرض نتيجة جهاد العرب
ضد الدولة العثمانية لإسقاطها خدمة لبريطانيا العظمى في الحرب العالمية
الأولى، وبدعوة من شريف مكة "الشريف حسين"، ونتيجة هذه الدعوة كان تقسيم
العراق والشام بين بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني "سايكس- بيكو 1916م-
ووعد بلفور 1917م" إن كنتم حقا مجاهدين، فالجهاد لا يكون بحمل المسلم سلاحه
في وجه أخيه المسلم ولا يكون بأوامر أمريكية أو صهيونية.

اقطعوا تلك اليد الصهيونية التي تحمي تلك الأنظمة وسيرى كل منكم كيف تتساقط
تلك الأنظمة الواحدة تلو الأخرى.. الشعب المصري أسقط مبارك ولكن مبارك لا
زال تحت حماية الصهاينة وعملائهم بالداخل المصري.

إن كان رب العالمين يقول في محكم آياته "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ
وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ
الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا
وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا" "سورة النساء:75" فأين هو قتالكم
وجهادكم من أجل المستضعفين في فلسطين؟ أم أن دمشق هي أقرب إليكم والجبهة
الأضعف من جبهة تل أبيب؟!.

مدحت كريدي - رائع ثم رائع
مقال منبثق من الضمير. بينما يتحكم في ضمائر
المطبلين بالدنيا المزمرين بالآخرة الساقطون من
الجرذان والفئران والوجوه التي قبحها الله في الدنيا
ولها في الآخرة سوء المصير، من رئيس وزراء القراد إلى
وزير جانحية الفساد.
مدحت كريدي

[b]زائرة سورية - بوركت
بوركت أيها الكاتب وبورك وعيك العالمي ،ليت العرب يدركون ويفقهون ماتكتب.

[/b]