منتديات زنقتنا-منتديات شباب ليبيا الأحرار

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات زنقتنا-منتديات شباب ليبيا الأحرار

عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
يرجي التكرم بتسجبل الدخول إذا كنت عضو معنا
أو التسجيل إن لم تكن عضو وترغب في الإنضمام إلي أسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك

إدارة المنتدي
منتديات زنقتنا-منتديات شباب ليبيا الأحرار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الردُّ على من يقول: "الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود"

3 مشترك

اذهب الى الأسفل

GMT + 8 Hours الردُّ على من يقول: "الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود"

مُساهمة من طرف جزائرية أصيلة الخميس 22 مارس - 9:47

بسم الله الرحمن الرحيم




[center]الردُّ على من يقول:
"الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود"
الشيخ:
محمد ناصر الدين الألبانيُّ -رحمه الله-
السائل:
كثيرٌ من المسلمين
[تسمعهم يقول: "الله في كلِّ مكان"، أو "موجود في كلِّ الوجود".
الشيخ: أي، نعم.

السائل: ولا يعرفو شيئًا في هذا الباب.

الشيخ:

هذا هو الضَّلالُ المبِينُ،
مع صريح القرآن بأنَّ ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: 5].
و
قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: 1].
ووصفه
لِعباده المؤمنين: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: 50].
﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ [المعارج: 4]
﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: 10].
آيات كثيرة، وأحاديث كثيرة تُبيِّن أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- هو الغنيٌّ عن العالمين، وأنَّه مستعلٍّ على خلقه أجمعين،
وأنَّه ليس مُمَازِجًا لخلقه، كما يقول هؤلاء النَّاس الذين أشرت إليهم أنَّ الله في كلِّ مكان.
الله في كلِّ مكان؟!
تعالى الله عمَّا يقول الظَّالمون علوًا كبيرًا.

في الحدِيث الصَّحِيح:
"كان الله ولا شيء معه"[2].
وين المكان [هاللي] حشروه النَّاس في كلِّ مكان؟
وبخاصة هذه الأمكنة فيها الأمكنة الطَّاهرة، وفيها الأمكنة النجِسة والخبيثة، فيها الكهارِيز وفيها البارات،
وفيها الحانات، والخانات، و و إلى آخره.
كيف لا ينزِّهون الله -عزَّ وجلَّ- عنْ أنْ يكون في كلِّ مكان،
مع أنَّه يقول في أكثر مِن آية -كما ذكرنا- أنَّه على العرشِ استوى؟!
وفي الحديثِ الصَّحِيح -والوقتُ ضيِّق-
أنَّ الرَّسول عليه السَّلام أنَّه سأل جارية يريد سيّدها أنْ يعتقها قال لها:
((أين الله؟)) قالت: في السَّماء،
قال لها: ((منْ أنا؟)) قالت: أنت رسول الله.
فالتفت إلى سيدها
وقال له: ((اعتقها فإنَّها مُؤمِنة)).[3].
الجارية في عهد الرسول أفقه مِن كثيرٍ من الفقهاء اليوم؛
لأنَّك إنْ سألت كثيرًا من هؤلاء: أين الله؟
أجابك: في كلِّ مكان!
وبيكون الواحد جالس بيقولوا: الله موجود في كلِّ الوجود.
مساكين هؤلاء الناس!
الوجود مخلوق، وكان الله ولا مخلوق،
فهل ربُّنا بعد أنْ خلق المخلوق اندسَّ في هذا المخلوق على ما فيه من قاذورات؟!
تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا." ا. هـ.

المصدر:
سلسلة الهدى والنور الشريط رقم: 178 الدقيقة: 1:17:33




منقوول
[/center]

ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-

التوقيع
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما**رقصت على جثث الأسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها**تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب
avatar
جزائرية أصيلة
 
 

الجنس : انثى
عدد المساهمات : 53
نقاط : 9762
تاريخ التسجيل : 14/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

GMT + 8 Hours رد: الردُّ على من يقول: "الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود"

مُساهمة من طرف د. حمزة التوهامي الخميس 22 مارس - 11:00

كيف تفسرين قوله تعالى ---- ومامن ثلاثة الاهو رابعهم ولاخمسة الاهو سادسهم ولاادنى من ذلك ولااكثر الاهو معهم اينما كانوا------وقوله تعالى----اينما تولوا فتم وجه الله-----وقوله تعالى وماظنك باثنين الله ثالثهما-----

ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-

التوقيع

avatar
د. حمزة التوهامي
 
 

الجنس : ذكر
عدد المساهمات : 68
نقاط : 9523
تاريخ التسجيل : 02/01/2012

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

GMT + 8 Hours رد: الردُّ على من يقول: "الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود"

مُساهمة من طرف سفانة الخميس 22 مارس - 11:14

الله موجود فوق العرش

دكتور حمزة الله موجود معنا لكنه في عرشه فهو يطلع علينا وليس عليه بعسير
avatar
سفانة
 
 

الجنس : انثى
عدد المساهمات : 7928
نقاط : 19766
تاريخ التسجيل : 28/08/2011
. : الردُّ على من يقول: "الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود" 126f13f0
. : الردُّ على من يقول: "الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود" 8241f84631572

بطاقة الشخصية
زنقتنا:

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

GMT + 8 Hours رد: الردُّ على من يقول: "الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود"

مُساهمة من طرف جزائرية أصيلة الجمعة 23 مارس - 6:51

سفانة كتب:الله موجود فوق العرش

دكتور حمزة الله موجود معنا لكنه في عرشه فهو يطلع علينا وليس عليه بعسير

شكر الله لكِ أختي كريم مروركِ

ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-

التوقيع
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما**رقصت على جثث الأسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها**تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب
avatar
جزائرية أصيلة
 
 

الجنس : انثى
عدد المساهمات : 53
نقاط : 9762
تاريخ التسجيل : 14/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

GMT + 8 Hours رد: الردُّ على من يقول: "الله موجود في كلِّ مكان" أو "موجود في كلِّ الوجود"

مُساهمة من طرف جزائرية أصيلة الجمعة 23 مارس - 6:56

د. حمزة التوهامي كتب:كيف تفسرين قوله تعالى ---- ومامن ثلاثة الاهو رابعهم ولاخمسة الاهو سادسهم ولاادنى من ذلك ولااكثر الاهو معهم اينما كانوا------وقوله تعالى---
-اينما تولوا فتم وجه الله-----وقوله تعالى وماظنك باثنين الله ثالثهما-----

دحمزة الله فوق العرش لكن المعية المذكورة في الآيات والحديث الذينذكرتهم هي معية مراقبة وعلم

فآية أينما تولوا فثم وجه الله الكثير من المسلمين يظنون أنها آية صفة ووهذا غلط وإليك تفسيرها
:


آية في كتاب الله ليست من آيات الصفات . ومن عدها في الصفات فقد غلط
قوله تعالى : ( و لله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى في الفتاوى 3/ 192
مانصه : ...وأخذوا يناظرون في أشياء لم تكن في العقيدة ، ولكن لها تعلق
بما أجبت به في مسائل ، ولها بما يفهمونه من العقيدة ، فأحضر بعض أكابرهم "
كتاب الأسماء والصفات " للبيهقي – رحمه الله تعالى – فقال : هذا فيه
تأويل الوجه عن السلف ، فقلت : لعلك تعني قوله تعالى : ( و لله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )
فقال : نعم . قد قال مجاهد والشافعي يعني قبلة الله . فقلت : نعم : هذا
صحيح عن مجاهد والشافعي وغيرهما ، وهذا حق , وليست هذه الآية من آيات
الصفات .
ومن عدها في الصفات فقد غلط , كما فعل طائفة ؛ فإن سياق الكلام يدل على المراد حيث قال : ( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله ) والمشرق والمغرب الجهات .
والوجه هو الجهة ؛ يقال أي وجه تريده ؟ أي أي وجهة , و أنا أريد هذا الوجه أي هذه الجهة , كما قال تعالى ( ولكل وجهة هو موليها ) ولهذا قال : (فأينما تولوا فثم وجه الله ) أي تستقبلوا وتتوجهوا ، والله أعلم . وصلى الله على محمد . انتهى كلامه رحمه الله .


















__________________


قال العلامة ابن القيم رحمه الله في الصواعق المرسلة -كما في مختصره-:

عَلَى أَنَّ الصَّحِيحَ فِي قَوْلِهِ : ( فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ )
أَنَّهُ كَقَوْلِهِ فِي سَائِرِ الْآيَاتِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا
الْوَجْهُ، فَإِنَّهُ قَدِ اطَّرَدَ مَجِيئُهُ فِي الْقُرْآنِ
وَالسُّنَّةِ مُضَافًا إِلَى الرَّبِّ تَعَالَى عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ
وَمَعْنًى وَاحِدٍ، فَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ فِي
جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ غَيْرَ الْمَوْضِعِ الَّذِي ذُكِرَ فِي سُورَةِ
الْبَقَرَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ : ( فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) وَهَذَا
لَا يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الْقِبْلَةِ وَالْجِهَةِ، وَلَا
يُمْتَنَعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ وَجْهُ الرَّبِّ حَقِيقَةً، فَحَمْلُهُ
عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ كَنَظَائِرِهِ كُلِّهَا أَوْلَى، يُوَضِّحُهُ :
الْوَجْهُ التَّاسِعُ عَشَرَ : أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِطْلَاقُ وَجْهِ
اللَّهِ عَلَى الْقِبْلَةِ لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَلَا عُرْفًا بَلِ
الْقِبْلَةُ لَهَا اسْمٌ يَخُصُّهَا، وَالْوَجْهُ لَهُ اسْمٌ يَخُصُّهُ،
فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَا يُسْتَعَارُ اسْمُهُ
لَهُ، نَعَمْ، الْقِبْلَةُ تُسَمَّى وِجْهَةً، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ
أَيْنَمَا تَكُونُوا ) وَقَدْ تُسَمَّى جِهَةً وَأَصْلُهَا وِجْهَةٌ
لَكِنْ أُعِلَّتْ بِحَذْفِ فَائِهَا كَزِنَةٍ وَعِدَةٍ، وَإِنَّمَا
سُمِّيَتْ قِبْلَةً وَوِجْهَةً لِأَنَّ الرَّجُلَ يُقَابِلُهَا
وَيُوَاجِهُهَا بِوَجْهِهِ، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهَا وَجْهًا فَلَا عَهْدَ
بِهِ، فَكَيْفَ إِذَا أُضِيفَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّهُ لَا
يُعْرَفُ تَسْمِيَةُ الْقِبْلَةِ ( وِجْهَةَ اللَّهِ ) فِي شَيْءٍ مِنَ
الْكَلَامِ مَعَ أَنَّهَا تُسَمَّى وَجْهَهُ، فَكَيْفَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا
وَجْهُ اللَّهِ وَلَا يُعْرَفُ تَسْمِيَتُهَا وَجْهًا ؟ !

وَأَيْضًا فَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ قِبْلَةَ اللَّهِ الَّتِي نَصَبَهَا
لِعِبَادِهِ هِيَ قِبْلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ الْقِبْلَةُ الَّتِي أَمَرَ
اللَّهُ عِبَادَهُ أَنْ يَتَوَجَّهُوا إِلَيْهَا حَيْثُ كَانُوا، لَا كُلُّ
جِهَةٍ يُوَلِّي الرَّجُلُ وَجْهَهُ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ يُوَلِّي
وَجْهَهُ إِلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَالشَّمَالِ وَمَا بَيْنَ
ذَلِكَ، وَلَيْسَتْ تِلْكَ الْجِهَاتُ قِبْلَةَ اللَّهِ فَكَيْفَ يُقَالُ :
أَيُّ وِجْهَةٍ وُجِّهْتُمُوهَا وَاسْتَقْبَلْتُمُوهَا فَهِيَ قِبْلَةُ
اللَّهِ ؟
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا عِنْدَ اشْتِبَاهِ الْقِبْلَةِ عَلَى الْمُصَلِّي،
وَعِنْدَ صَلَاتِهِ النَّافِلَةَ فِي السَّفَرِ، قِيلَ : اللَّفْظُ لَا
إِشْعَارَ لَهُ بِذَلِكَ الْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ عَامٌّ مُطْلَقٌ فِي
الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ وَحَالِ الْعِلْمِ وَالِاشْتِبَاهِ وَالْقُدْرَةِ
وَالْعَجْزِ، يُوَضِّحُهُ : أَنَّ إِخْرَاجَ الِاسْتِقْبَالِ الْمَفْرُوضِ
وَالِاسْتِقْبَالِ فِي الْحَضَرِ وَعِنْدَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَهُوَ
أَكْثَرُ أَحْوَالِ الْمُسْتَقْبِلِ، وَحَمْلُ الْآيَةِ عَلَى
اسْتِقْبَالِ الْمُسَافِرِ فِي التَّنَفُّلِ عَلَى الرَّاحِلَةِ عَلَى
حَالِ الْغَيْمِ وَنَحْوِهِ بَعِيدٌ جِدًّا عَنْ ظَاهِرِ الْآيَةِ
وَإِطْلَاقِهَا وَعُمُومِهَا وَمَا قُصِدَ بِهَا، فَإِنَّ " أَيْنَ " مِنْ
أَدَوَاتِ الْعُمُومِ، وَقَدْ أَكَّدَ عُمُومَهَا بِـ " مَا " إِرَادَةً
لِتَحْقِيقِ الْعُمُومِ كَقَوْلِهِ : ( وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا
وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) وَالْآيَةُ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ أَيْنَمَا
وَلَّى الْعَبْدُ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ مِنْ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ فِي
صَلَاةٍ أَوْ غَيْرِ صَلَاةٍ، وَذَلِكَ أَنَّ الْآيَةَ لَا تَعَرُّضَ
فِيهَا لِلْقِبْلَةِ وَلَا لِحُكْمِ الِاسْتِقْبَالِ، بَلْ سِيَاقُهَا
لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ بَيَانُ عَظَمَةِ الرَّبِّ تَعَالَى وَسَعَتِهِ،
وَأَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَأَعْظَمُ مِنْهُ، وَأَنَّهُ
مُحِيطٌ بِالْعَالَمِ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ، فَذَكَرَ فِي أَوَّلِ
الْآيَةِ إِحَاطَةَ مُلْكِهِ فِي قَوْلِهِ : ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) فَنَبَّهَنَا
بِذَلِكَ عَلَى مُلْكِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا، ثُمَّ ذَكَرَ عَظَمَتَهُ
سُبْحَانَهُ وَأَنَّهُ أَكْبَرُ وَأَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، فَأَيْنَ
مَا وَلَّى الْعَبْدُ وَجْهَهُ فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، ثُمَّ خَتَمَ
بِاسْمَيْنِ دَالَّيْنِ عَلَى السَّعَةِ وَالْإِحَاطَةِ فَقَالَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
فَذَكَرَ اسْمَ الْوَاسِعِ عُقَيْبَ قَوْلِهِ : ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا
فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) كَالتَّفْسِيرِ وَالْبَيَانِ وَالتَّقْرِيرِ
لَهُ فَتَأَمَّلْهُ، فَهَذَا السِّيَاقُ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ
الِاسْتِقْبَالُ فِي الصَّلَاةِ بِخُصُوصِهِ، وَإِنْ دَخَلَ فِي عُمُومِ
الْخِطَابِ، حَضَرًا أَوْ سَفَرًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَرْضِ
وَالنَّفْلِ، وَالْقُدْرَةِ وَالْعَجْزِ.
وَعَلَى هَذَا فَالْآيَةُ بَاقِيَةٌ عَلَى عُمُومِهَا وَأَحْكَامِهَا
لَيْسَتْ مَنْسُوخَةً وَلَا مَخْصُوصَةً، بَلْ لَا يَصِحُّ دُخُولُ
النَّسْخِ فِيهَا، لِأَنَّهَا خَبَرٌ عَنْ مُلْكِهِ لِلْمَشْرِقِ
وَالْمَغْرِبِ وَأَنَّهُ أَيْنَ مَا وَلَّى الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَثَمَّ
وَجْهُ اللَّهِ، وَعَنْ سَعَتِهِ وَعِلْمِهِ، فَكَيْفَ يُمْكِنُ دُخُولُ
النَّسْخِ وَالتَّخْصِيصِ فِي ذَلِكَ.
وَأَيْضًا هَذِهِ الْآيَةُ ذُكِرَتْ مَعَ مَا بَعْدَهَا لِبَيَانِ عَظَمَةِ
الرَّبِّ وَالرَّدِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ لِلَّهِ عِدْلًا مِنْ خَلْقِهِ
أَشْرَكَهُ مَعَهُ فِي الْعِبَادَةِ، وَلِهَذَا ذَكَرَ بَعْدَهَا الرَّدَّ
عَلَى مَنْ جَعَلَ لَهُ وَلَدًا فَقَالَ تَعَالَى : ( وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( كُنْ فَيَكُونُ ) فَهَذَا
السِّيَاقُ لَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِلْقِبْلَةِ، وَلَا سِيقَ الْكَلَامُ
لِأَجْلِهَا، وَإِنَّمَا سِيقَ لِذِكْرِ عَظَمَةِ الرَّبِّ وَبَيَانِ
سَعَةِ عِلْمِهِ وَمُلْكِهِ وَحِلْمِهِ، وَالْوَاسِعُ مِنْ أَسْمَائِهِ،
فَكَيْفَ تَجْعَلُونَ لَهُ شَرِيكًا بِسَنَنِهِ وَتَمْنَعُونَ بُيُوتَهُ
وَمَسَاجِدَهُ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَتَسْعَوْنَ فِي خَرَابِهَا،
فَهَذَا لِلْمُشْرِكِينَ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ
النَّصَارَى مِنَ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ وَوُسِّطَ بَيْنَ كُفْرِ هَؤُلَاءِ،
وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ )
فَالْمَقَامُ مَقَامُ تَقْرِيرٍ لِأُصُولِ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ
وَالرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، لَا بَيَانِ فَرْعٍ مُعَيَّنٍ
جُزْئِيٍّ.
يُوَضِّحُهُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ قِبْلَتَهُ الَّتِي
شَرَعَهَا عَيَّنَهَا دُونَ سَائِرِ الْجِهَاتِ بِأَنَّهَا شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَأَكَّدَ ذِكْرُهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ
تَعْيِينَهَا لَهَا دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْجِهَاتِ بِأَنَّهَا
الْقِبْلَةُ الَّتِي رَضِيَهَا، وَشَرَعَهَا وَأَحَبَّهَا لِعِبَادِهِ،
وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهَا كُلُّ جِهَةٍ بَلْ أَخْبَرَ أَنَّهَا قِبْلَةٌ
يَرْضَاهَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَ
اسْتِقْبَالَهَا مِنْ أَعْلَامِ نُبُوَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ تَعَالَى : ( وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ )
أَيْ ذَلِكَ الِاسْتِقْبَالُ، وَأَكَّدَ أَمْرَ هَذِهِ الْقِبْلَةٍ
تَأْكِيدًا أَزَالَ بِهِ اسْتِقْبَالَ غَيْرِهَا وَأَنْ تَكُونَ قِبْلَةً
شَرَعَهَا.
الْوَجْهُ الْعِشْرُونَ : أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَخْبَرَ عَنِ الْجِهَاتِ
الَّتِي تَسْتَقْبِلُهَا الْأُمَمُ مُنَكَّرَةً مُطْلَقَةً غَيْرَ
مُضَافَةٍ إِلَيْهِ، وَأَنَّ الْمُسْتَقْبِلَ لَهَا هُوَ مُوَلِّيهَا
وَجْهَهُ لَا أَنَّ اللَّهَ شَرَعَهَا لَهُ وَأَمَرَهُ بِهَا، ثُمَّ أَمَرَ
أَهْلَ قِبْلَتِهِ الْمُبَادَرَةَ وَالْمُسَابَقَةَ إِلَى الْخَيْرِ
الَّذِي ادَّخَرَهُ لَهُمْ وَخَصَّهُمْ بِهِ وَمِنْ جُمْلَتِهِ هَذِهِ
الْقِبْلَةُ الَّتِي خَصَّهُمْ دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ فَقَالَ تَعَالَى :
( وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( قَدِيرٌ ).
فَتَأَمَّلْ هَذَا السِّيَاقَ فِي ذِكْرِ الْجِهَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ
الَّتِي تُوَلِّيهَا الْأُمَمُ وُجُوهَهُمْ، وَنَزِّلْ عَلَيْهِ قَوْلَهُ :
( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( وَاسِعٌ عَلِيمٌ )
وَانْظُرْ هَلْ يُلَائِمُ السِّيَاقُ السِّيَاقَ وَالْمَعْنَى الْمَعْنَى
وَيُطَابِقُهُ، أَمْ هُمَا سِيَاقَانِ دَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى
مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الْآخَرِ، فَالْأَلْفَاظُ غَيْرُ الْأَلْفَاظِ،
وَالْمَعْنَى غَيْرُ الْمَعْنَى.
الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ : أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ
بِوَجْهِ اللَّهِ قِبْلَةَ اللَّهِ لَكَانَ قَدْ أَضَافَ إِلَى نَفْسِهِ
الْقِبَلَ كُلَّهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ إِضَافَةُ تَخْصِيصٍ
وَتَشْرِيفٍ إِلَى إِلَهِيَّتِهِ وَمَحَبَّتِهِ لَا إِضَافَةٌ عَامَّةٌ
إِلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَمَشِيئَتِهِ، وَمَا هَذَا شَأْنُهَا لَا يَكُونُ
الْمُضَافُ الْخَاصُّ إِلَّا كَبَيْتِ اللَّهِ وَنَاقَةِ اللَّهِ وَرُوحِ
اللَّهِ، فَإِنَّ الْبُيُوتَ وَالنُّوقَ وَالْأَرْوَاحَ كُلَّهَا لِلَّهِ،
وَلَكِنَّ الْمُضَافَ إِلَيْهِ بَعْضُهَا، فَقِبْلَةُ اللَّهِ مِنْهَا
هِيَ قِبْلَةُ بَيْتِهِ لَا كُلُّ قِبْلَةٍ، كَمَا أَنَّ بَيْتَهُ هُوَ
الْبَيْتُ الْمَخْصُوصُ لَا كُلُّ بَيْتٍ.
الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ : أَنْ يُقَالَ : حَمْلُ الْوَجْهِ فِي
الْآيَةِ عَلَى الْجِهَةِ وَالْقِبْلَةِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ
ظَاهِرُ الْآيَةِ أَوْ يَكُونَ خِلَافَ ظَاهِرِهَا، وَيَكُونُ الْمُرَادُ
بِالْوَجْهِ وَجْهُ اللَّهِ حَقِيقَةً ; لِأَنَّ الْوَجْهَ إِنَّمَا
يُرَادُ بِهِ الْجِهَةُ وَالْقِبْلَةُ إِذَا جَاءَ مُطْلَقًا غَيْرَ
مُضَافٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ، فَلَمْ
يَقْدَمْ أَحَدٌ مِنْ وَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ إِلَّا أَخْبَرَ
بِالْجُودِ، أَمْ يَكُونُ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْأَمْرَيْنِ كِلَيْهِمَا
وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا، فَأَيْنَمَا وَلَّى الْعَبْدُ وَجْهَهُ فِي
صَلَاةٍ تَوْلِيَةَ مَأْمُورٍ بِهَا فَهُوَ قِبْلَةُ اللَّهِ، وَثَمَّ
وَجْهُ اللَّهِ، فَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ قِبْلَتَهُ وَوَجْهَهُ، أَوْ تَكُونُ
الْآيَةُ مُجْمَلَةً مُحْتَمِلَةً لِلْأَمْرَيْنِ، فَإِنْ كَانَ
الْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُهَا لَمْ يَكُنْ حَمْلُهَا عَلَيْهِ مَجَازًا،
وَكَانَ ذَلِكَ حَقِيقَتَهَا، وَمَنْ يَقُولُ هَذَا يَقُولُ وَجْهُ
اللَّهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قِبْلَتُهُ وَجِهَتُهُ الَّتِي أَمَرَ
بِاسْتِقْبَالِهَا بِخِلَافِ وَجْهِهِ فِي قَوْلِهِ : ( وَيَبْقَى وَجْهُ
رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) وَتِلْكَ النُّصُوصُ الَّتِي
ذَكَرْنَاهَا وَغَايَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْوَجْهُ لَفْظًا
مُشْتَرَكًا قَدِ اسْتُعْمِلَ فِي هَذَا تَارَةً وَفِي هَذَا تَارَةً،
فَمِنْ أَيْنَ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الرَّبِّ ذُو
الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ مَجَازًا وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ وَجْهٌ
حَقِيقَةً ؟ لَوْلَا التَّلْبِيسُ وَالتَّرْوِيجُ بِالْبَاطِلِ.
وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ الثَّالِثَ
فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، فَأَيْنَمَا وَلَّى الْمُصَلِّي
فَهِيَ قِبْلَةُ اللَّهِ وَهُوَ مُسْتَقْبِلٌ وَجْهَ رَبِّهِ ; لِأَنَّهُ
وَاسِعٌ وَالْعَبْدُ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ
رَبَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ مُقْبِلٌ عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ إِلَى وَجْهِهِ
مِنَ الْجِهَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا بِوَجْهِهِ، كَمَا تَوَاتَرَتْ
بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ قَوْلِهِ : ( إِذَا
قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وَجْهِهِ،
فَإِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ ) وَفِي لَفْظٍ : " فَإِنَّ رَبَّهُ
بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ".

وَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ
مُسْتَقْبِلٌ وَجْهَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ قَدْ دَلَّ الْعَقْلُ
وَالْفِطْرَةُ وَجَمِيعُ كُتُبِ اللَّهِ السَّمَاوِيَّةِ عَلَى أَنَّ
اللَّهَ تَعَالَى عَالٍ عَلَى خَلْقِهِ فَوْقَ جَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ،
وَهُوَ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، وَعَرْشُهُ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ
كُلِّهَا، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مُحِيطٌ بِالْعَوَالِمِ كُلِّهَا،
فَأَيْنَمَا وَلَّى الْعَبْدُ فَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَقْبِلُهُ، بَلْ هَذَا
شَأْنُ مَخْلُوقِهِ الْمُحِيطِ بِمَا دُونَهُ، فَإِنَّ كُلَّ خَطٍّ
يَخْرُجُ مِنَ الْمَرْكَزِ إِلَى الْمُحِيطِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ
الْمُحِيطِ وَيُوَاجِهُهُ، وَالْمَرْكَزُ يَسْتَقْبِلُ وَجْهَ
الْمُحِيطِ، وَإِذَا كَانَ عَالِي الْمَخْلُوقَاتِ الْمُحِيطُ
يَسْتَقْبِلُ سَافِلَهَا الْمُحَاطُ بِهِ بِوَجْهِهِ مِنْ جَمِيعِ
الْجِهَاتِ وَالْجَوَانِبِ، فَكَيْفَ بِشَأْنِ مَنْ هُوَ بِشَكْلِ شَيْءٍ
مُحِيطٍ وَهُوَ مُحِيطٌ وَلَا يُحَاطُ بِهِ، كَيْفَ يُمْتَنَعُ أَنْ
يَسْتَقْبِلَ الْعَبْدُ وَجْهَهُ تَعَالَى حَيْثُ كَانَ وَأَيْنَ كَانَ،
وَقَوْلُهُ : ( فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) إِشَارَةٌ إِلَى مَكَانٍ
مَوْجُودٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى فَوْقَ الْأَمْكِنَةِ كُلِّهَا لَيْسَ فِي
جَوْفِهَا، وَإِنْ كَانَتِ الْآيَةُ مُجْمَلَةً مُحْتَمِلَةً لِأَمْرَيْنِ
لَمْ يَصِحَّ دَعْوَى الْمَجَازِ فِيهَا وَلَا فِي وَجْهِ اللَّهِ حَيْثُ
وَرَدَ، فَبَطَلَتْ دَعْوَاهُمْ أَنَّ وَجْهَ اللَّهِ عَلَى الْمَجَازِ
لَا عَلَى الْحَقِيقَةِ، يُوَضِّحُهُ :
الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ : أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالْوَجْهِ
فِي الْآيَةِ الْجِهَةُ وَالْقِبْلَةُ لَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ أَنْ
يُقَالَ : " فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَهُوَ وَجْهُ اللَّهِ "
; لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الْجِهَةَ فَهِيَ
الَّتِي تُوَلَّى نَفْسَهَا، وَإِنَّمَا يُقَالُ : ثُمَّ كَذَا إِذَا
كَانَ هُنَاكَ أَمْرَانِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا )
فَالنَّعِيمُ وَالْمُلْكُ ثَمَّ لَا أَنَّهُ نَفْسُ الظَّرْفِ
لِنَفْسِهِ، فَإِنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ ظَرْفًا لِنَفْسِهِ،
فَتَأَمَّلْهُ.
أَلَا تَرَى أَنَّكَ إِذَا أَشَرْتَ إِلَى جِهَةِ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ
لَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ : ثَمَّ جِهَةُ الشَّرْقِ وَثَمَّ جِهَةُ
الْغَرْبِ، بَلْ تَقُولُ : هَذِهِ جِهَةُ الشَّرْقِ وَهَذِهِ جِهَةُ
الْغَرْبِ، وَلَوْ قُلْتَ : هُنَاكَ جِهَةُ الشَّرْقِ وَالْغَرْبِ لَكَانَ
ذِكْرُ اللَّفْظِ لَغْوًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ ثَمَّ إِشَارَةٌ إِلَى
الْمَكَانِ الْبَعِيدِ فَلَا يُشَارُ بِهَا إِلَى الْقَرِيبِ، وَالْجِهَةُ
وَالْوِجْهَةُ مِمَّا يُحَاذِيكَ إِلَى آخِرِهَا، فَجِهَةُ الشَّرْقِ
وَالْغَرْبِ وَجِهَةُ الْقِبْلَةِ مِمَّا يَتَّصِلُ لَكَ إِلَى حَيْثُ
يَنْتَهِي، فَكَيْفَ يُقَالُ فِيهَا ثَمَّ إِشَارَةً إِلَى الْبَعِيدِ
بِخِلَافِ الْإِشَارَةِ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى،
فَإِنَّهُ يُشَارُ إِلَى حَيْثُ يُشَارُ إِلَى ذَاتِهِ، لِهَذَا قَالَ
غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ : فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ تَحْقِيقًا ;
لِأَنَّ الْمُرَادَ وَجْهُهُ الَّذِي هُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ
وَالْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بِأَنَّهُ ثَمَّ كَالْإِشَارَةِ إِلَيْهِ
بِأَنَّهُ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ، وَعَلَى الْعَرْشِ، وَفَوْقَ الْعَالَمِ.
الْوَجْهُ الرَّابِعُ الْعِشْرُونَ : أَنَّ تَفْسِيرَ الْقُرْآنِ بَعْضَهُ
بِبَعْضٍ أَوْلَى التَّفَاسِيرِ مَا وُجِدَ إِلَيْهِ السَّبِيلُ،
وَلِهَذَا كَانَ يَعْتَمِدُهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ
وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُمْ، وَاللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ فِي الْقُرْآنِ
الْقِبْلَةَ بِاسْمِ الْقِبْلَةِ وَالْوِجْهَةِ، وَذَكَرَ وَجْهَهُ
الْكَرِيمَ بِاسْمِ الْوَجْهِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، فَتَفْسِيرُهُ فِي
هَذِهِ الْآيَةِ بِنَظَائِرِهِ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ.
الْوَجْهُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ : أَنَّ الْآيَةَ لَوِ احْتَمَلَتْ
كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ لَكَانَ الْأَوْلَى بِهَا إِرَادَةُ
وَجْهِهِ الْكَرِيمِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ; لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ
مَقْصُودُهُ التَّوَجُّهُ إِلَى رَبِّهِ، فَكَانَ مِنَ الْمُنَاسِبِ أَنْ
يَذْكُرَ أَنَّهُ إِلَى أَيِّ الْجِهَاتِ صَلَّيْتَ فَأَنْتَ مُتَوَجِّهٌ
إِلَى رَبِّكَ، لَيْسَ فِي اخْتِلَافِ الْجِهَاتِ مَا يَمْنَعُ
التَّوَجُّهَ إِلَى رَبِّكَ، فَجَاءَتِ الْآيَةُ وَافِيَةً بِالْمَقْصُودِ
فَقَالَ : ( وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا
فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) فَأَخْبَرَ أَنَّ الْجَمِيعَ مُلْكُهُ وَقَدْ
خَلَقَهُ، وَقَدْ عُلِمَ بِالْفِطْرَةِ وَالشَّرْعِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى
فَوْقَ الْعَالَمِ مُحِيطٌ بِالْمَخْلُوقَاتِ عَالٍ عَلَيْهَا بِكُلِّ
اعْتِبَارٍ، فَمَنِ اسْتَقْبَلَ وِجْهَةً مِنَ الشَّرْقِ إِلَى الْغَرْبِ
أَوِ الشَّمَالِ أَوِ الْجَنُوبِ أَوْ بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُتَوَجِّهٌ
إِلَى رَبِّهِ حَقِيقَةً، وَاللَّهُ تَعَالَى قِبَلَ وَجْهِهِ إِلَى
أَيِّ جِهَةٍ صَلَّى، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَالٍ عَلَى
عَرْشِهِ، وَلَا يُتَوَهَّمُ تَنَافِيَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ بَلِ
اجْتِمَاعُهُمَا هُوَ الْوَاقِعُ، وَلِهَذَا عَامَّةُ أَهْلِ الْإِثْبَاتِ
جَعَلَ الْآيَةَ مِنْ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَذَكَرَهَا مَعَ الْوَجْهِ، مَعَ
قَوْلِهِمْ : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَوْقَ سَمَاوَاتِهِ عَلَى
عَرْشِهِ.
الْوَجْهُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ : أَنَّكَ إِذَا تَأَمَّلْتَ
الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ وَجَدْتَهَا مُفَسِّرَةً لِلْآيَةِ،
مُشْتَقَّةً مِنْهُ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ رَبَّهُ "،
وَقَوْلِهِ : " فَاللَّهُ يُقْبِلُ عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ مَا لَمْ
يَصْرِفْ وَجْهَهُ عَنْهُ "، وَقَوْلِهِ : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
بِالصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ قِبَلَ وَجْهِهِ "، وَقَوْلِهِ : " إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ فَإِذَا صَلَّيْتُمْ فَلَا
تَلْتَفِتُوا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي
صَلَاتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ " رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ
وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ : " إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ
الْوُضُوءَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ
بِوَجْهِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ أَوْ يُحْدِثَ
حَدَثَ سُوءٍ ".
وَقَالَ
جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : " إِذَا قَامَ الْعَبْدُ يُصَلِّي أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ
بِوَجْهِهِ، فَإِذَا الْتَفَتَ أَعْرَضَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ : يَا
ابْنَ آدَمَ أَنَا خَيْرٌ مِمَّنْ تَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا أَقْبَلَ
عَلَى صَلَاتِهِ أَقْبَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَإِذَا الْتَفَتَ أَعْرَضَ
اللَّهُ عَنْهُ " وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلَا يَتَنَخَّمَنَّ
تُجَاهَ وَجْهِ الرَّحْمَنِ "، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ
الْعَبْدَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ بَيْنَ عَيْنَيِ
الرَّحْمَنِ، فَإِذَا الْتَفَتَ قَالَ لَهُ : ابْنَ آدَمَ إِلَى مَنْ
تَلْتَفِتُ ؟ إِلَى خَيْرٍ لَكَ مِنِّي تَلْتَفِتُ ؟ ".
انتهى كلام ابن القيم رحمه الله .

ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-

التوقيع
لا تأسفن على غدر الزمان لطالما**رقصت على جثث الأسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها**تبقى الأسود أسود والكلاب كلاب
avatar
جزائرية أصيلة
 
 

الجنس : انثى
عدد المساهمات : 53
نقاط : 9762
تاريخ التسجيل : 14/08/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى