في ذكرى جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
في ذكرى جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ |
في ذكرى جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين |
شبكة البصرة |
محمود كعوش |
"كان الشهيد رجل فكرٍ وعلمٍ ودينٍ وسياسة ولم يكن مقاتلاً يحمل بندقية أو رشاشاً أو يقود سيارةً مصفحة" عندما انفجرت صواريخ الغدر "الإسرائيلية" أميركية الصنع في جسد الشيخ أحمد ياسين في الثاني والعشرين من آذار 2004، كان الإرهابي آرئيل شارون يرسل أكثر من رسالةٍ إرهابيةٍ "إسرائيليةٍ" وأميركية الى العرب والمسلمين وفي مقدمتهم الحكام العرب. في ذلك الوقت كان النظام في مصر منهمكاً تماماً بخطة شارون الخاصة بالإنسحاب "الإسرائيلي" أحادي الجانب من قطاع غزة الذي فرضته ضربات المقاومة الموجعة وبمسألتي الأمن في القطاع والحدود المصرية - الفلسطينية في حال حدوث الانسحاب. ولم يكن قد مضى في حينه إلا وقت قصير على انتهاء مهمة الوزير المصري عمر سليمان الخاصة بذلك الأمر. وفي نفس الوقت أيضاً كان وزراء الخارجية العرب منهمكين في الإعداد لعقد مؤتمرهم التحضيري لقمة تونس التي انفرط عِقدها قبل انعقادها جراء رسالةٍ من تلك الرسائل التي أرسلها شارون، والتي أُضيفت الى رسائل سبقتها وأخرى لحقت بها أرسلها البيت الأبيض الى العديد من الحكام العرب بشأن "مشروع الشرق الأوسط الكبير" و"مستقبل الجامعة العربية" والمستقبل العربي برمته. وفي ذلك الوقت كانت الحملة الأميركية ضد المقاومة العراقية قد بلغت ذروتها، وكانت الحملة العسكرية الأميركية - الباكستانية في منطقة القبائل قد قطعت شوطاً متقدماً لم يعد معه من مجالٍ للعودة، أقله في المفهوم الأميركي - الباكستاني. عملية اغتيال الشيخ أحمد ياسين الإرهابية وما حملتمن مضامين وأرسلت من رسائل ما كانت لتحدث بالطريقة الخسيسة التي حدثت بها وفي ذلك الوقت بالذات لو لم يكن الإرهابي شارون قد حصل على موافقةٍ أميركيةٍ مسبقةٍ، برغم نفي مستشارة الأمن القومي الأميركي آنذاك غونداليزا رايس لذلك. وإلا فماذا كان يعني وجود وزير الخارجية "الإسرائيلي" في واشنطن في ذات اليوم؟ وماذا عنى الفيتو الأميركي الذي تكرمت به الإدارة الأميركية على الفلسطينيين والعرب عامة؟ وماذا عنت حالة الإرباك المشبوهة التي انتابت عدداً من الحكام ورؤساء الحكومات في النظام الرسمي العربي؟ وماذا عنى تطوع تونس منفردةً بإلغاء القمة!!؟ إن العملية الجبانة التي أقدم "الإسرائيليون" على تنفيذها بتخطيط وإشرافٍ شخصي من الإرهابي شارون وفق اعتراف ورد على لسانه، لا يمكن بحالٍ من الأحوال وصفها بأقل من جريمة اغتيال للإنسانية والشرعية الدولية والقيم الأخلاقية والحضارية. فكيفما نظرنا الى تلك الفعلة المستنكرة والمدانة شكلاً وموضوعاً، وكيفما كانت المعايير التي اعتمدناها في نظرتنا إليها، ومن أي زاويةٍ تمت نظرتنا أكان ذلك في الإطار الإنساني أو الأخلاقي أو السياسي أو الأمني ما كان بالإمكان إدراجها تحت عنوان غير عنوان الإرهاب الرسمي "الإسرائيلي" المُدان جملةً وتفصيلا. فاغتيال الشيخ ياسين وهو رجل فكرٍ وعلمٍ وتربيةٍ ودينٍ وسياسةٍ لم يسبق له أن حمل بندقيةً أو رشاشاً أو خاض معركةً عسكريةً أو قتل "إسرائيلياً" أو مستوطناً أو صهيونياً أو اخترق الأمن "الإسرائيلي" عِبْرَ حاجزٍ ثابتٍ أو متنقل أو طيارٍ أو بوابةٍ لثكنةٍ عسكريةٍ أو قاعدةٍ عسكريةٍ "إسرائيلية"، وحتى لو رغب في ذلك لما استطاع بسبب إعاقته الجسدية، لا يمكن مضغه أو هضمه حتى من قِبَل خصومه لا أصدقائه ومعارفه وأبناء جلدته فحسب إذا ما تمت النظرة الى هذا الإغتيال من زاويةٍ إنسانيةٍ أو زاويةٍ أخلاقية. وهذا الإغتيال لا يمكن إدراجه تحت عنوان النصر السياسي "لإسرائيل" لأن الشيخ الشهيد كان يمثل حالةً روحيةً ورمزيةً خاصة، بينما كان المكتب السياسي لحركة حماس هو مصدر القرار السياسي. كما أنه ما كان بالإمكان في مطلق حالٍ إدراج اغتيال الشهيد الكبير تحت عنوان النصر الأمني الإستراتيجي للإرهابي آرئيل شارون وجيش احتلاله وأجهزته الأمنية، لأن أحمد ياسين لم يكن صاحب قرارٍ أمنيٍ أو عسكريٍ في وجود "القسام" الذراع العسكري لحماس وفي وجود قادة كبار لهذا الذراع اغتالت "إسرائيل" منهم من استطاعت إلى جسده سبيلاً وبقي من بقي وانضم إليهم من انضم لمتابعة المسيرة الطويلة والشاقة. فالشهيد الكبير اختار البقاء في قطاع غزة ولم يلتجىء الى "طورا بورا" ولا الى "جبال الأوراس" ولا "أدغال إفريقيا" ولا حتى إلى "الجليل الأدنى أو الأعلى" لتمكين شارون من التبجح بأن مهمته كانت صعبةً وأنه أنجز نصراً أمنياً كبيراً حقق له هدفاً إستراتيجياً أكبر عندما وجه صواريخه من طائراته أميركية الصنع الى كرسي القعيد التي لم تكن مصفحةً ضد الرصاص والصواريخ والأسلحة "الإسرائيلية" المحرمة دولياً. نعم كان الشيخ في غزة ولم يغادرها طوال الإنتفاضة المباركة. كان هدفاً سهل المنال كجميع رجال ونساء وأطفال غزة ورجال ونساء وأطفال الضفة الغربية. فإلى جانب أن سطوة الوضع الأمني التي فرضها الإحتلال في حينه من خلال القوات "الإسرائيلية" المتواجدة في القطاع كانت تُحدد دائرة تنقل الشيخ الجليل، فإن وضعه الصحي لم يكن بالأصل يساعده على أكثر من التنقل بين المنزل والمسجد لأداء الصلوات الخمس جماعةً، وربما لغرض المجاملات الإجتماعية "فوق العادة"، وكانت قليلة وشحيحة في ظل الإنتفاضة والأوضاع الأمنية الصعبة. أما إذا كانت "إسرائيل" قد هدفت من خلال جريمتها البشعة التي تمثلت باغتيال المجاهد الكبير الشيخ احمد ياسين إلى وضع حدٍ لما كانت تدعيه زوراً وبهتاناً "التطرف" الفلسطيني فأنها قد أخطأت خطأً فادحاً لأن الشيخ كان معروفاً باعتداله، أكان ذلك داخل حركة حماس أم داخل حركة النضال الفلسطيني بشقيها الوطني والإسلامي. فعلى صعيد حركة حماس يُقرُ الجميع بما كان له من مبادرات إيجابية، أكان في إطار التهدئة او في إطار التوصل الى "حلول سلمية مشرفةٍ مع إسرائيل"، إلا أن تلك المبادرات كانت في كل مرةٍ تُحبطُ من قِبَل الإرهابي شارون وقبله الإرهابيون الآخرون الذين تعاقبوا على السلطة المسخ في تل أبيب. أما على صعيد الداخل الفلسطيني فقد حرص الشيخ الجليل منذ ما بعد عودة منظمة التحرير الفلسطينية الى الأراضي الفلسطينية عام 1994 على أن يشكل مانعاً لأي اقتتالٍ فلسطيني - فلسطيني. وأذكر له من بين فضائله على هذا الصعيد موقفاً كان له بعد اغتيال الشهيد محي الدين الشريف. يومها أطلت الفتنة برأسها داخل المجتمع الفلسطيني لولا حكمة الشيخ الذي فهم بفطنة الحكيم ما أراده في حينه نتنياهو الذي كان يهرب الى الأمام تجنباً لاستحقاقات سياسية كان يطالبه بها العالم. وقد عكست حكمته نفسها على الكثير الكثير من الموقف التي كان له فيها فضل كبير في تجنيب الفلسطينيين المواجهات الدموية. والشيخ كان يفعل ذلك من منطلق إيمانه بأن "الفتنة أشد من القتل". نعم كان الشهيد أحمد ياسين "ضامن الوئام" في الساحة الفلسطينية أكان ذلك داخل حركة حماس أم خارجها. وإن هدفت "إسرائيل "من وراء جريمة الإغتيال الآثمة تلك تغييب "الضامن" لخلط الأوراق في الساحة الفلسطينية وبالأخص في قطاع غزة، نستطيع القول أن ظنها قد خاب أيضاً لأن قيادة حماس في الداخل والخارج تمكنت من التغلب على المحنة والتعالي فوق الجرح العميق من خلال الترتيب السريع لبيتها. وقد دلل تطور العلاقات في ما بين حركة حماس وحركة النضال الوطني الفلسطيني بعيد الجريمة على أن الحكمة لم تكن قصراً على الشيخ فحسب بل كانت سمة كل قيادة حماس، وقد ساعد في ذلك توفرحكمة مماثلة داخل صفوف حركة النضال الوطني الفلسطيني بقيادة الراحل الكبير ياسر عرفات. وهل لفلسطيني مخلص أن يتنكر لحكمة "الختيارين"!! فالحكمة كانت في تلك الأيام سمةً ملازمة "لجميع الفلسطينيين، إكتسبوها من "رحم" المعاناة الطويلة والشاقة التي فُرضت عليهم من قِبَلْ الإرهابي اللعين آرئيل شارون وجميع الشارونات الذين سبقوه. وإلا فما معنى تجاوزهم المحنة وتجنيب أنفسهم حالة الفوضى العارمة والتنابذ والتنافس التي أراد هذا الشارون إيقاعهم في فخاخها من خلال العملية الجبانة والمستنكرة التي أودت بحياة الشيخ الشهيد، والتي هدف من ورائها خلط الأوراق بصورة مربكةٍ وخطيرةٍ قبيل انصياعه للانسحاب من قطاع غزة وتنفيذه مشروعه أحادي الجانب فيه!! ليس من قبيل المبالغة القول أن اغتيال الشيخ الجليل أحمد ياسين رد السِحَر على الساحر إذ لأول مرةٍ بعد ربع قرنٍ من الإقامة في الغرب رأيت صوراً بكثافة منقطعة النظير لشهيد فلسطيني في عواصم ومدن هذا الغرب. فما من مظاهرةٍ خرجت استنكاراً لعملية الإغتيال المجرمة، إلا وازدانت بغابةٍ من صوره التي كانت تعتلي شعارات الإستنكار والإدانة "لإسرائيل" وللإرهابي شارون ومن ورائهما الولايات المتحدة الأميركية. فتلك الظاهرة التي فرضتها عملية الإغتيال التي تباهى بها إرهابيو تل أبيب وباركها البيت الأبيض بالفيتو الأميركي، كان يمكن أن تفرض نفسها وأن تفرض مثيلات لها في الغرب لو عرف النظام الرسمي العربي كيف يستغلها لصالح الأمة والوطن وقضاياهما وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. إلى اللقاء....... كاتب وباحث فلسطيني مقيم بالدانمارك كوبنهاجن في آذار 2012 kawashmahmoud@yahoo.co.uk |
شبكة البصرة |
الجمعة 30 ربيع الثاني 1433 / 23 آذار 2012 |
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس المقالات والتقارير والاخبار المنشورة في شبكتنا لا تعبر عن راي الشبكة بل عن راي الكاتب فقط |
SUNTOP-
- الجنس :
عدد المساهمات : 1934
نقاط : 14285
تاريخ التسجيل : 17/09/2011
. :
رد: في ذكرى جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين
هيا مازال فيه مشكله في فلسطين وإذا كان الجواب بنعم فالرجاء التأكد من عباس ومن حماس التي اسسها المرحوم أحمد ياسين وباعها إسماعيل هنيه وجماعته عن طريق سماسرة الدوحه والقاهرة وتصديق محرري العقود في الأردن والسعودية...عجبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
ورشفاني وليا ديــــه ** علي العظمي انا الروح نهون
حتى لو يجتمعوا عليا ** عفاريت وانس مع جنون
خدوا عهد رجال عليا ** الخضراء نعليها ونصون
وترجع دوم جماهريه ** الفكر الاخضر يغطي الكون
ولد ورشفانة-
- الجنس :
عدد المساهمات : 2774
نقاط : 12546
تاريخ التسجيل : 06/10/2011
رد: في ذكرى جريمة اغتيال الشيخ أحمد ياسين
اللهم ارحم شهدائنا من المجاهدين والقادة الشرفاء واسكنهم فسيح جناتك يا الله
????- زائر
مواضيع مماثلة
» حق الوطن(الشيخ ياسين شوشار).
» حزب البعث - قطر الجزائر: تصريح صحفي حول جريمة اغتيال الشهيد عبد الحميد
» بمناسبة ذكرى اغتيال بطل العرب صدام حسين
» غداً ذكرى اغتيال أسد الأمة : صدام حسين
» غداً ذكرى اغتيال أسد الأمة : صدام حسين
» حزب البعث - قطر الجزائر: تصريح صحفي حول جريمة اغتيال الشهيد عبد الحميد
» بمناسبة ذكرى اغتيال بطل العرب صدام حسين
» غداً ذكرى اغتيال أسد الأمة : صدام حسين
» غداً ذكرى اغتيال أسد الأمة : صدام حسين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي