شهد شاهد من اهلها /من كان يسعى لحقن الدماء

سالم الباف : شهادة لم يفت أوانها

الحوار السياسى الليبى

أجرى الاستشاري محمود جبريل
حديثاً مطولاً مع قناة العربية كجزء من شهادته السياسية على الأحداث التي
جرت قبيل الثورة وأثناءها، لكن الرجل الذي خبر الأستشارات ، تمثل السياسة
وادعاها، فكان شاهداً للقذافي بدل أن يكون مدعياً عليه كما تمنى وهو شاب ،
وهو ماادعاه أيضاً في نفس البرنامج وفي نفس الحلقة أيضاً.

يقول
جبريل أن الرئيس ساركوزي استدعاه على عجل وهو في واشنطن للتشاور حول مستجد
في الأحداث، فجاء وحده على عجل أيضاً للقاء الرئيس قائد الحملة، ويقول
جبريل أنه اللقاء الوحيد الذي جمعه منفرداً مع مسؤولين غربيين، فقد كان
حريصاً كما ادعى على إشراك زملاء في اللقاءات السياسية التي يجريها (
إثباتاً لحسن النية ) ربما لم يعتبر جبريل لقاء المخابرات رسمياً لذلك
أسقطه من حسابه، لكنه لم يقدم مبرراً كافياً لانفراده بهذا اللقاء المهم
سوى طابع الاستعجال، وكأنه وزملاءه كعربات القطار لايأتون إلا تتابعاً،
وليس بالإمكان القدوم سوياً

المهم أن جبريل وصل باريس وكان في
انتظاره على طاولة المشاورات كل من الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته ووزير
الدفاع ورئيس المخابرات ومستشار رئاسي، وفي حين تكون الفريق الفرنسي من ثلة
مسوؤلين ( حرصاً من الرئيس على شهادتهم ) كان الضيف وحيداً في الطرف
المقابل من الطاولة

يقول جبريل أن الرئيس أخبره عبر المترجم أن
القذافي أوفد مبعوثه بشير صالح ليخبر الفرنسيين عن رغبته في ترك النزاع
والاعتزال داخل ليبيا في مدينة سرت أو تراغن ( بلدة بشير صالح ) وأن يعطى
المجلس فرصة تقديم مرشح يتولى أمور البلاد لفترة أولى على أن يتولى الجانب
الحكومي تقديم مرشح يتولى فترة رئاسية ثانية يتم خلال الفترتين ترتيب
الأوضاع الداخلية للبلد.

هذا هو العرض الذي قدمه القذافي خلال شهر 6 / 2011 .

فهل
قبله الفرنسيون ؟ ثم هل قبله جبريل نفسه ؟ ومن ورائه المجلس ؟ هل كان
المقترح كفيلاً بحقن دماء الليبيين ؟ ومن ثم الالتفات لحال البلاد ؟ هل طلب
القذافي تقسيم البلاد كما يتردد عن عزمه فعل ذلك ؟ هل ضحى القذافي بشيء ما
في سبيل إنهاء النزاع ؟ هل حقاً كان القذافي مهووساً بسفك الدماء لذلك لم
يتوقف عند حدٍ كما زعموا ؟ فما مصير هذه المبادرة التي لم يذكرها أحد من
قبل ؟

يقول جبريل أن الفرنسيين قبلوا الفكرة بل عرضوا فرض الإقامة
على القذافي بمعرفتهم، كي يطمئن المجلس لذلك ، لكن جبريل يقول عن نفسه أنه
رفض المبادرة ، وأخبر الرئيس بذلك، بيد أنه قال إن مجلس الانتقامي هو من
يقرر الأمر ( مجلس غير منتخب ولا يعرف الليبيون من هم أعضاؤه ) ثم يقول إنه
نقل الأمر إلى المجلس لكن المجلس رفض الفكرة.

فأي شهادة تاريخية
تلك التي أدلى بها الاستشاري الذي امتهن السياسة ، ومن يتحمل رفض مبادرة
تاريخية كانت ستكف يد القتل وتنقل المواجهات والخلافات من الجبهات إلى
الطاولة والمحادثات ، ومن امتلك ناصية القرار كي يفصل في أمر يخص (
الليبيين ) الذين بحثوا عن حل لتنحي القذافي فلم يجدوا سوى المواجهات
المسلحة ، باعتبار أنه لا مجال للتفاوض معه في هذه المسألة، فإذا به هو
الذي يقترح العزلة وهم يرفضون، وينحى إلى السلم وهم يتغطرسون، ويحقن الدماء
وهم يسفكون..... فقتلوه كي لا تلتقي العيون بالعيون