كيف نفوز في معركتنا؟

من طرف brokenpen82 الخميس 12 أبريل - 20:13

بسم
الله الرحمن الرحيم

فعندما جاء وفد فارس من قبل كسرى ليلتقي بأمير
المؤمنين عمر بن الخطاب في المدينة سألوا عنه فقال له المسلمون: انه في المسجد,
فلما ذهبوا إليه وجدوا أمير المؤمنين نائما في المسجد ,فاَخذوا بهذا المنظر, الرئيس
الأعلى للدولة وحده ويغط في نوم عميق في المسجد! فعلقوا على ما رأوا بقولهم:"عدلت
فأمنت فنمت , هذا والله هو الملك لا ملك كسرى, هذا هو الملك الحقيقي الذي يامن فيه
الراعي والرعية "وقالوا أيضا في تعقيبهم على ما رأوا قالوا:" ليس كصاحبنا أي كسرى
ظلم, فخاف فسهر" لا ينام لأنه ظالم. ومع ذلك للأسف اًُغتيل هذا الرئيس الأعلى
للدولة الإسلامية الخليفة عمر بن الخطاب , اغتيل من قبل وغد من علوج فارس, أحسن
أمير المؤمنين إليه, لكنّ قدر الله لابدّ أن يمضي .

العدل أساس الأمن, والضمانة الكبرى لكرامة
الإنسان وحريته ,هي الاحتكام إلى الله وحده .لا يمكن أن تأمن على كرامتك وعلى حياتك
وعلى حريتك, في وضع لا يكون فيه الاحتكام لله, في وضع يُحكم فيه بغير ما أنزل الله
,لأنّ هذا الوضع يقسم الناس قسمين: أرباب وعبيد, لكن عندما يكون الحكم لله وحده,
فكل الناس عبيد.

الله فوق الخلق فيها وحده
والناس تحت لوائها أكفاء.

عندما يكون الحكم لله وحده, فالناس كلهم عبيد,
الحاكم والمحكوم ,والمثل الأكثر تعبيرا أو الأكثر إيحاء, المثل العام الذي يقول:
إذا كان أبوك القاضي, فلمن أشتكيك. لأنّ الخصومة قد تكون مع الحاكم, فكيف ننال
حقوقنا أو كما قال أبو الطيب:

يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك
الخصام وأنت الخصم والحكم. عندما يكون القاضي هو الخصم كيف تَنال الحقوق أيها
الإخوة؟! لا تُنال الحقوق ولا تََُّحفظ الكرامات إلا في ظل الاحتكام لله وحده,
ولذلك يقول الرجل الصالح: أنت لا تكون حرا بحق, إلا إذا كنت عبدا بحق لله وحده, إما
أن تحررت من عبوديتك لله فأنت عبد لكل شيء.

وفي عصورنا الإسلامية الزاهية ,التي هي قدوتنا
,والتي قلوبنا ترنو إليها, كان الإنسان العادي يقاضي الخليفة, لماذا؟ لإنّ الحكم
لله, فتستطيع أن تحاكم الرئيس وان تحاكم الخليفة, وان تحاكم من لك عنده حق, مهما
علت منزلته لإنّ الحكم لله, ليس للهوى, إنّما عندما يكون الحكم للحزب ,أو عندما
يكون الحكم للهوى, أو عندما يكون الحكم للقبيلة, أو عندما يكون الحكم للشخص, فكيف
تنال حقوقك؟! "ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون"," فلا وربك لا يؤمنون
حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما".

في التاريخ الإسلامي قاضى الناس
الخلفاء, في التاريخ الإسلامي قاضى الناس حكامهم ,هذا أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب, فقد درعه ثم وجدها مع يهودي, مع مواطن في الدولة الإسلامية, لكنه ليس مسلما,
فادّعى عليه قال: هذه درعي, فهذا المواطن الذي يعيش في عدل الإسلام ,وفي دولة
الإسلام قال له :لا ,بيني وبينك القضاء, وهو يخاطب الخليفة.

أيها الإخوة حتى نعرف أين الثرى من الثريا
,حتى نعرف أين نحن, حتى نعرف كيف فرطنا, أيها الإخوة في شروط انتصارنا.... في أسباب
نهضتنا... في دعائم قوتنا قال له بيني وبينك القضاء, فأجابه علي بن أبي طالب, وجلس
الخليفة مع اليهودي المتهم أمام شريح القاضي المشهور, فالتفت القاضي إلى عليّ وقال
ما تقول قال أقول أنّ الدرع درعي ,قال هل لك بينة" شهود" قال: لا, ليس لي بينة، قال
فالدرع تبقى على ما هي عليه, لمن يده عليها, لليهودي, فقام اليهودي ونظر القاضي إلى
أمير المؤمنين, وقال له يا أمير المؤمنين إني لأعلم إنّ الدرع درعك, لكننا معشر
القضاة, أمرنا أن نحكم بالظاهر, ونهينا أن نحكم على الناس بعلمنا," وهذه ضمانة
حقوقية في القضاء الاسلامي أنّ القاضي لا يحكم بقناعاته ، لا يحكم بولاءاته, أنّ
القاضي يحكم بالبيانات التي بين بيديه"، فكان يعلم شريح, أنّ عليا بن أبي طالب صادق
في ادعائه, لكنّ بركة مثل هذا الحكم ,ظهرت عندما انتفض اليهودي وقد أخذه الدهش بهذا
الحكم, فقال: والله إنّ هذه أحكام الأنبياء, وأشهد أن لا اله إلا الله وأنّ محمدا
رسول الله وهذه درعك يا أمير المؤمنين.

إنّ بركة تطبيق الاسلام تطبيقا صحيحا,
تنعكس في حب الناس للدين، في حب الناس للإسلام، لكنّ انحرافنا عن الدين, ينعكس في
نفور الناس من الدين, وفي كراهيتهم للإسلام, ونحن المسئولون عن ذلك أيها الاخوة.

عندما جاء القبطي من مصر, ضربه ابن عمرو بن
العاص في قصة مشهورة وتعرفونها وسمعتموها كثيرا ,لكنّ دلالاتها في غاية الأهمية جاء
القبطي وقد ضربه ابن الوالي المسلم ابن عمرو بن العاص, وكان واليا على مصر، هذا
القبطي, كانت سياط الرومان تُلهب ظهره, لكنّه كان لا يجد للعدالة بابا, لا يعرف أين
يشتكي، في ظل العدالة الاسلامية عندما ضربه ابن عمرو بن العاص خرج من مصر إلى
المدينة, لم يحتمل سوطا يُضرب به لأنه أحسّ بالعدالة تنتشر في كل مكان، أحسّ
بالإنصاف يروج في أنحاء الدنيا, فآذاه سوط ,في حين لم تؤذيه سياط الرومان من قبل,
لأنّ الظلم كان هو الحاكم, وذهب إلي عمر بن الخطاب في المدينة أيها الاخوة وانتفض
أمير المؤمنين ,واستدعى المتهم وحقق معه وأمر القبطي أن يضربه وقال قولته المشهورة-
التي نود أن تصيخ آذاننا لها ,أن نكتبها في قلوبنا لمن يريد الحياة الاسلامية، لمن
يريد حكم الإسلام- قال عمر: اضرب ابن الأكرمين كما ضربك, متى استعبدتم الناس وقد
ولدتهم أمهاتهم أحرارا.

في قضائنا الاسلامي حاكمنا الخلفاء ,وقفنا
في وجه الرؤساء، يقوم عمر يخطب في الناس ويقول لهم: اسمعوا وأطيعوا, فيقف له سلمان
فيقول له: لا نسمع ولا نطيع, لماذا هذا التمرد يا سلمان؟ من اجل ماذا؟ قال لا نسمع
ولا نطيع حتى نعرف من اين لك هذا البرد (العباءة أو الثوب) الذي ترتديه من اين لك؟
هذا برد جديد لم نره من قبل, من أين لك؟.

هذا مجتمع حر، مجتمع كريم، مجتمع حضاري,
الحضارة أيها الاخوة تبدأ بالإنسان المتكامل, الإنسان الذي يَغلب فيه المبدأ
والفكرة الغريزة, وتنتهي الحضارة بالإنسان المتحلل المتآكل التي تَغلب غرائزه
مصالحه وأهوائه وشهواته, تَغلب فيه المبدأ, تغلب فيه الفكرة, وتغلب فيه العقيدة،
كان مجتمعا يسير في سُلم الحضارة، لم يحتمل أن يرتدي رئيس الدولة بُردا لا يعرفون
مصدره, وأجاب عمر بن الخطاب واستشهد بابنه وقال: قم يا عبد الله وقل له, فقال
الحكاية له, قال: إنّ أبي أخذ نصيبه من الغنائم التي وُزعت, لكنّ قميصه لم يكفه,
فأخذ قميصي أنا ليكمل ملبسه، الخليفة العباسي, أنا اعرف آن تاريخنا السياسي شهد
مظالم كثيرة وشهد جبروت أعرف ذلك لكن ليست المسئولية على عاتق الإسلام, إنما
المسئولية, مسئولية الأمة التي رضخت وسكتت ولم تتصدَ لهذه الانحرافات، نحن عندما
نتكلم عن مبادئ الاسلام وعن مَنْ أحسن تطبيق مبادئ الإسلام, لنقول للناس جميعا في
العالم كله: هذا هو الإسلام. المأمون الخليفة العباسي ادعت امرأة على ابنه, فأحالها
للقاضي فأجلس القاضي المرأة وابن المأمون, وأخذت المرأة تحكي قصتها, فكان صوتها
يعلو, فقال لها القاضي:- يا أمة الله غضي من صوتك, فأنت في حضرة الخليفة, فماذا قال
خليفة المسلمين؟ قال دعها يا يحيى- يحيى ابن أكثم- لقد انطقها الحق
وأخرسه.

أين نحن من تاريخنا؟ اين نحن من مبادئنا؟
الإسلام كرّم الإنسان من حيث المبدأ الإنسان له كرامة لا ينبغي أن تُنتهك بغير إذن
شرعي, لا يجوز للكرامة أن تُقتحم (ولقد كرمنا بني آدم وحملنهم في البر والبحر
ورزقناهم من الطيبات وفضلنهم علي كثير مما خلقنا تفضيلا)ورسولنا صلي الله عليه وسلم
يقول (ا أيها الناس إنّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم) هذه مبادئنا وأصولنا,
ثم جاءت التوجيهات الربانية والنبوية, لتكرس هذا المبدأ, ولتحقق جزئياته ،انظر,
يقول الله تعالى(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم ), لا يجوز لبيتي
وبيتك أن يُقتحم بغير إذن, لا يجوز بحال من الأحوال, لا يجوز لخليفة المؤمنين أن
يقتحم بيتك ,وان يفتشه بغير إذن, بغير حكم قضائي, بغير حكم شرعي من القاضي.

الأصل كرامة الإنسان وحرمة مسكنه {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ }نهي
والنهي يقتضي التحريم { حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا
أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا
فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } هذا نص
القرآن ....هذا نص الدستور الإلهي..... لا يجوز لقوة ما ,أن تقتحم على المواطن
بيته, أو على الإنسان بيته بعد هذا البيان الإلهي { لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً
غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ
خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً
فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا
فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ } هناك
استثناءات تكلم عنها الفقهاء, لكني أتكلم عن القاعدة ,عن الأصل ,اقتحام البيوت،
تفتيش البيوت ,الأصل أنّ هذا كله حرام، التجسس على الآخرين، التصنت على أحاديثهم،
تتبع خصائصهم وأسرارهم وأوراقهم ورسائلهم, ليعرف العالم كيف أصّلنا لحقوق الإنسان,
نحن الذين ابتدعنا حقوق الإنسان وكرامته، قبل أن يتكلم عنها الشرق والغرب {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ
الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا}" من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون, صُبّ في
أُذنيه الآنك يوم القيامة –الآنك الرصاص المذاب- لا عذر.... التجسس في الداخل
الاسلامي لا يجوز، التجسس على المواطن لا يجوز، إن أردتم التجسس ولابد فتجسسوا,
هناك واجب شرعي تجسس على أعدائك............، اكشف خباياهم.... كما قلت ذات مرة إنّ
أجهزتنا الأمنية في عالمنا المنكوب بغياب الاسلام ونظامه, من أمهر ما يكون في
التجسس على المواطنين, ومن أخيب ما يكون فيم يتعلق بالعدو وَلَا تَجَسَّسُوا} تنصت،
تتبع الأحاديث، محاولة كشف الأسرار، الاستيلاء على الرسائل والأوراق بغير
إذن....... كله ذلك غير جائز في دين الله, الله يقول إنّ للناس خصوصياتهم أيها
الاخوة, وهذه خصوصيات لا ينبغي أن تُنتهك قال صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من أسلم
بلسانه فقط –انظر إلى دلالة الحديث النبوي- يا معشر منْ اسلم بلسانه ولم يفضِ
الإيمان إلى قلبه ,لا تؤذوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم, فإنّه مَنْ تتبع عورة
أخيه المسلم, تتبع الله عورته حتى يفضحه ولو في جوف بيته) هذا بيان القرآن وهذا
بيان النبي صلى الله عليه وسلم.وانظر إلى هذه القاعدة التي وضعها عمر بن الخطاب وهو
يقول إنّ ناسا كانوا يُؤخذون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي كانوا يظهرون
الإيمان ويخفون الكفر فكان القرآن يتنزل فيفضحهم,إن ناسا كانوا على عهد النبي
يؤخذون بالوحي فانقطع الوحي وإنما نأخذكم بما يظهر لنا من أعمالكم, فمن أظهر لنا
خيرا أمناه وقربناه وليس لنا من سريرته شيء, الله يتولى السرائر ومن أظهر لنا سوءا
لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة هذا الأصل من أصول التعامل أن نأخذ
الناس بالظاهر ل انأخذ الناس بالطنّ وأن نتثبت وأن نتبين إن جاءكم فاسق بنبأ
فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين من أوجه التكريم
الإسلامي للإنسان أنه وضع قاعدة لاتزر وازرة وزر أخرى فلا يؤخذ أحد بجريرة آخر
أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى{36} وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي
وَفَّى{37} أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى{38}

هناك من إذا ما غضب كما قال الشاعر:

إذا غضبت عليك بنو تميم
حسبت كل الناس عليك غضاباً

يعمم الغضب على كل من له علاقة به هذا مدان، ما
دخلك في أخيه، ما دخلك في أبيه، ما دخلك في ابنه لا يؤخذ الابن في جريرة الأب ولا
الأب في جريرة الابن ولا الأخ بأخيه { وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى } كل
ذلك لحماية كرامة الإنسان, أيها الناس بالإسلام، لا يجوز تقييد حرية احد في الحركة,
أو المسكن أو الانتقام بحبس أو اعتقال أو إقامة جبرية لا يجوز ذلك, بعد أن قال الله
تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا
وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } لماذا تقيد حرية أخيك لماذا؟ بلا
حكم شرعي يصدره قاضي المأذون له الحاكم بما أنزل الله .

الأصل في الإنسان براءة الذمة, أن ذمته بريئة,
ولذلك لاحظوا معي هذا انتبهوا إليه جيدا, الفقهاء قالوا لا يحلف المتهم في القضايا
الجنائية المتعلقة بحقوق الله, لا يُحلف، لا يقول له احلف إن لم يكن بينة أو إقرار
إن لم يقر هو أو تكون بينة عليه’, إنما لا نحلفه، وبعضهم قال حتى في القضايا
الجنائية المتعلقة بحقوق الناس أيضا, ومما يرتبط بهذا أيها الإخوة الأعزاء مما يجرح
كرامة الإنسان ويخالف مبادئ الإسلام في تكريم الإنسان الإكراه، الإكراه لا يترتب
عليه أمر شرعي، رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه, الإكراه بالضرب،
بالقيد، بالتهديد والوعيد، بتغطية الرأس, وبأي شكل من أشكال التعذيب،
الإلقرارالمنبثق عن أكراه لا قيمة له في دين الله، التهديد بالحبس، بالاعتقال،
بالحبس الاحتياطي وما شابه كل ذلك ,الإسلام لا يقره, رفع عن أمتي الخطأ والنسيان
وما استكرهوا عليه، لا يترتب على الإكراه أي اثر شرعي ,كأن شيء لم يكن ,ولذلك يقول
عمر بن الخطاب رضي الله عنه ,يقول كلاما في غاية الجمال, يقول: إن الرجل ليس أمينا
على نفسه ,إذا ضربته أو جوعته أو أوثقته, ليس أمينا أن يعترف بما لم يجن هذا معنى
كلام أمير المؤمنين إن الرجل ليس أمينا على نفسه إذا ضربته أو جوعته أو أوثقته أي
قيدت يديه الإكراه, هدر لكرامة الإنسان، هذه بعض توجيهات الإسلام لحماية كرامة
الإنسان، يجب أن نفتخر بهذا الدين بالانتساب إليه يجب أن نفرح بهذا الدين بفضل الله
ورحمته {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ } هذا هو
ديننا، هذا هو إسلامنا الذي يحمي الإنسان, ويحمي كرامته ويحمي حقوقه، الذي يقيم
صروح العدل وينشئ دوائر القانون والقضاء, ليرد الناس جميعا إلى الله وحده {ثُمَّ
جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ
أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } هل يأتي علينا يوم أيها الإخوة نحس بحنان
الإسلام ورحمة الإسلام وعدل الإسلام، هل يأتي علينا يوم يظللنا قضاء الإسلام, فتعود
الأمة إلى عزتها وكرامتها وانتصارها ونيل حقوقها أقول قولي هذا واستغفر الله لي
ولكم.

فكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول"
اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا" وأنا أقول إنّ واقعنا المادي
الاجتماعي والسياسي ليس مفصولا عن واقعنا النفسي والأخلاقي والسلوكي وكما قال
القران الكريم {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ
وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }.

يجب أن نتحمل مسؤولياتنا أيها الاخوة ويجب إن
نعرف أنّ ما يصيبنا وأنّ ما يصيب المسلمين في هذه الحقبة الصعبة, له علاقة بمواقفهم
العقلية والنفسية والسلوكية, ولذلك عندما أصاب المسلمين القحط ,استسقى عمر بن
الخطاب بمَنْ ؟استسقى بالعباس بن عبد المطلب, وقال يا رب كنا إذا أجدبنا نستسقي
بنبيك واليوم نستسقي بعم نبيك, يعني قدم العباس, ليدعو فتقدم العباس رضوان الله
عليه, بماذا دعا أيها الإخوة؟, تعرفون ماذا قال" اللهم انّه لم ينزل بلاء إلا بذنب,
ولم يُكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك, فهذه أيدينا إليك
بالذنوب, ونواصينا إليك بالتوبة, فاسقنا الغيث" تقول الرواية فأرخت السماء كالجبال
حتى أخضبت الأرض وعاش الناس.

أما آن لنا أيها الاخوة أن نعلن توبة شجاعة
وجريئة, ولا أقول توبة فقط من الأخطاء الحسية الخمر والربا وما شابه ذلك
..........لأنّ هذه أخطاء حسية الكل يعرفها والكل يحس أنّها أخطاء ينبغي أن نتوب
منها, لكنّ المشكلة في تلك الأخطاء التي لا يتنبه الناس إليها والتي يرونها حقا,
أنا أرى أنّ من اكبر ذنوبنا التي ينبغي أن نتوب منها:- الحزبية, التحزب
الشديد......, التعصب الأعمى.... الدوران مع الحزب حيث دار لا عقل.... ولا قلب....
ولا فهم... ولا يقظة ..., خلاص... الحزب فقط, أنا معهم إن شرقوا شرقت... وإن غربوا
غربت......... ,هذا ذنب كبير ينبغي أن نتوب منه أيها الإخوة, الفرقة والتشتت......
ما الذي يحدث لنا أيها الاخوة الأعزاء ألا ترون معي أنّ من حق إسرائيل أن تبتهج,
لقد حققت أهدافا في نظري أنا, أنّها أهداف إستراتيجية , وما عدا ذلك تفاصيل قد تطول
وقد تقصر, إنّ انقسام الشعب الفلسطيني والواقع الممزق له هو هدف استراتيجي من
الأهداف إسرائيلية, ُيبقي هذا الشعب المنكوب تحت قهرهم وضغطهم وحصارهم .

نريد عزمه شجاعة ورشيدة, تُحبط هدف العدو,
تُفسد عليه فرحته وبهجته, من أهدافها أيضا والذي يتعامل فيها بخبث شديد وبكرّ وفرّ,
تأمين جبهته ولا اعتقد آن الناس عندما ينقسمون على أنفسهم,سوف يكون لديهم الوقت
الكافي أو التماسك النفسي الكافي ليواجه العدو مواجهة مكافئة ,لان المشغول بأخيه
كيف يواجه العدو.

أيها الإخوة نحتاج إلى توبة شجاعة, توبة نصوح,
مما أوصلنا إلى هذا الحال الذي نحن فيه, ونحتاج إلى عزمه, توحد صفنا, ويتماسك فيها
موقفنا ,ونحبط فيها عدونا, ونغيظه لان إغاظة العدو من مواطن الجهاد التي امتدحها
القران قال{ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ
عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ
يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ }. فإذا أغظت الكافر كان ذلك جهادا في سبيل الله وان
أدخلت السرور على قلبه والغم على قلب أخيك فاحكم على نفسك بنفسك .