الحدود الليبية التونسية: رشوة، عمولات، وكلمات سرّ
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الحدود الليبية التونسية: رشوة، عمولات، وكلمات سرّ
ليبيا المستقبل - خليفة علي حداد: تعيش المناطق الحدوديّة بين تونس وليبيا منذ سنوات عديدة وضعا استثنائيا في كلّ شيء.. حركة يوميّة دؤوبة للتجّار والمهرّبين عبر البوّابات الرّسميّة وعبر المسالك الصحراويّة التي لا يعرفها إلا الراسخون في التهريب وتجّار الممنوعات ورجال حرس الحدود والجمارك. حركة لم تتوقف يوما حتّى في أوج الحرب التي انتهت باقتلاع القذافي من حصنه المنيع في باب العزيزيّة وما تلا ذلك من انفلاتات وخطف وحجز للرهائن.
لم يكن تحقيقنا هذا سهلا ولم يكن التسلّل إلى عالم لا يعترف بالقانون يسيرا. فبعد تحقيقنا عن تجارة النفط مقابل الخمر والسلاح (اضغط هنا) وما تلقّيناه من تهديدات تحذرنا من مغبّة الخوض في ما لا يعنينا ازدادت صعوبة الحركة في ميدان يلفّه الكتمان.
الصورة الظاهرة للعيان: سيارات وشاحنات متخمة بالبضائع منطلقة في الاتجاهين.. موادّ تموينيّة ومواش وفسفاط وخمور، تأخذ طريقها على مدار السّاعة من تونس إلى ليبيا.. آلاف الشاحنات أغلبها منزوعة اللوحات تحمل على متنها كميّات ضخمة من الوقود والمحروقات تتسرب عبر مسالك جبلية قريبة من وازن ومسالك صحراويّة تمتدّ من هناك إلى معبر رأس جدير لتأخذ طريقها إلى مدن تونسية تحوّلت طرقاتها إلى محطّات وقود ترتفع فيها الأسعار وتنخفض حسب سلاسة مهمّة المهربين.
أما الصورة الخلفيّة التي تيسّر كلّ ذلك فتطغى عليها لغة العمولات والرشاوى والأوراق الخضراء والحمراء التي توزّع بسخاء على دوريّات البوليس والجمارك والحرس والمسلّحين على جانبي الحدود.
بدأنا حديثنا مع (س،ر) الذي يقود شاحنة يحمّلها بسماد الأمونيتر من منطقة صناعيّة بمدينة قابس جنوب شرقي تونس حيث يتّجه بها إلى مدينة بنقردان ليسلّمها إلى مهرّبين آخرين هناك يتولّون العبور بها إلى ليبيا. يقول (س،ر): تفرض السلطات التونسيّة منعا شديدا على تصدير مادة الأمونيتر غير أنه لا يجد عسرا كبيرا للوصول بحمولة شاحنته إلى بنقرادان التي تبعد 150 كيلومترا إذ يقوم بدفع مبالغ ماليّة لدوريّات جمارك وأمن تعترض طريقه. ولم يفصح محدثنا عن قيمة المبالغ التي يدفعها واكتفى بالقول أن المبالغ ليست كبيرة لأن العديد ممن يدفع لهم اعتادوا التعامل معه ويقبلون بمبالغ "معقولة". ولم ينف (س،ر) أن بعض الدوريّات ترفض تلقّي الرشوة وأنه اضطر إلى إعادة حمولة شاحنته إلى قابس في أكثر من مناسبة.
أما (أحمد) وهو مهرّب محروقات أصيل مدينة مدنين فيؤكّد أن مع المال يصبح كل مستحيل ممكنا، وأنه يخصّص يوميّا مبلغا قارّا يوزّعه على بعض الدوريّات بالطريق الرّابط بين ذهيبة ومدنين أو بين رأس جدير ومدنين. وأكد أحمد أنه اجتاز الحدود عدّة مرات من مسالك غير شرعيّة وجلب شحنات من المحروقات ودفع مبالغ إلى مسلّحين ليبيين مقابل غضّ الطرف عنه وعدم التعرّض لبضاعته بالحجز والمصادرة. وأضاف مازحا أن مهرّبي المحروقات يطلقون على إحدى البوّابات الأمنية بمدينة مدنين تسمية "الصرّاف الآليّ" نظرا لما يجنيه أعوان الأمن المرابطون فيها من مبالغ كبيرة كلّ يوم. (أحمد) أكّد أيضا أن المزيد من رجال الشرطة والحرس والجمارك أصبحوا يتحاشون قبول الرشاوى بعد الثورة إما عن قناعة أو خوفا من انكشاف أمرهم أو تعرّضهم إلى الاعتداء.
(منير ب) يبدو أكثر كرما مع الدوريّات المرابطة على الطرقات بكلّ من تونس وليبيا، ولعلّ ذلك يعود إلى طبيعة البضائع التي يحملها على متن عربته من ناحية والأرباح الجيّدة التي يجنيها في كلّ رحلة من ناحية أخرى. تبدأ مهمّة منير باستلام حمولة شاحنة من الخمور الشعبية المعروفة في تونس باسم "سلتيا" مرّتين في الأسبوع حيث يتزوّد من أحد معارفه الذي يتكفّل بجلب البضاعة من مدينة شمال تونس إلى مدينة بنقردان الحدوديّة. يخزن منير البضاعة بأحد المستودعات السريّة ويقسّمها حسب حمولة شاحنته الصغيرة من نوع "تويوتا".. ينتظر 24 ساعة حتى يتسلّم أحد معارفه العمل بمعبر رأس جدير ليسهّل مهمته مقابل دفع راتب شهريّ متفق عليه.. عند دخول التراب الليبي يكون منير مجبرا على الدفع إلى بعض النافذين حتى يتمكن من الوصول ببضاعته إلى طرابلس حيث تكون أسعارها أغلى، ويضطر لبيعها أحيانا في المدن القريبة من الحدود إذا تكاثرت الدوريّات المطالبة بالرشوة. ويذكر لنا منير أسماء البوّابات الأمنيّة القارّة ومنها (الزنادقة) و(المكافحة) و(النّاقة) و(الحلزونة) وكلّها تسميات لا يفهم مدلولها إلا من تمرّس بالتهريب وتجارة الممنوعات ومخالطة قابضي العمولات. ويضيف أن لكلّ بوّابة تعريفة تتراوح بين عشرين وخمسين دينارا فإن بعض المسلّحين لا يستقرّ رأيهم على تعريفة غير أنهم يقبلون المساومة والتخفيض عكس ما كان عليه الأمر سابقا. ويعترف منير أن بعض المسلحين متديّنون جدا ويرفضون الرشوة، كما أن من يقع بين أيديهم من مهرّبي الخمور يتعرّض إلى العقاب.
يتعرّض إلى العقاب.
هذه بعض الاعترافات التي تمكّنّا من الحصول عليها من عالم يلفّه الكتمان. ولا شكّ أن ما خفي أعظم مما ظهر. فهنالك أحاديث عن مبالغ أخرى كبيرة جدا تدفع في عمليّات تهريب غير تقليديّة وتشمل خاصة الأسلحة والمخدرات وتهريب الأشخاص المطلوبين للعدالة في البلدين.
http://www.libyaalmostakbal.net/news/clicked/21553
لم يكن تحقيقنا هذا سهلا ولم يكن التسلّل إلى عالم لا يعترف بالقانون يسيرا. فبعد تحقيقنا عن تجارة النفط مقابل الخمر والسلاح (اضغط هنا) وما تلقّيناه من تهديدات تحذرنا من مغبّة الخوض في ما لا يعنينا ازدادت صعوبة الحركة في ميدان يلفّه الكتمان.
الصورة الظاهرة للعيان: سيارات وشاحنات متخمة بالبضائع منطلقة في الاتجاهين.. موادّ تموينيّة ومواش وفسفاط وخمور، تأخذ طريقها على مدار السّاعة من تونس إلى ليبيا.. آلاف الشاحنات أغلبها منزوعة اللوحات تحمل على متنها كميّات ضخمة من الوقود والمحروقات تتسرب عبر مسالك جبلية قريبة من وازن ومسالك صحراويّة تمتدّ من هناك إلى معبر رأس جدير لتأخذ طريقها إلى مدن تونسية تحوّلت طرقاتها إلى محطّات وقود ترتفع فيها الأسعار وتنخفض حسب سلاسة مهمّة المهربين.
أما الصورة الخلفيّة التي تيسّر كلّ ذلك فتطغى عليها لغة العمولات والرشاوى والأوراق الخضراء والحمراء التي توزّع بسخاء على دوريّات البوليس والجمارك والحرس والمسلّحين على جانبي الحدود.
بدأنا حديثنا مع (س،ر) الذي يقود شاحنة يحمّلها بسماد الأمونيتر من منطقة صناعيّة بمدينة قابس جنوب شرقي تونس حيث يتّجه بها إلى مدينة بنقردان ليسلّمها إلى مهرّبين آخرين هناك يتولّون العبور بها إلى ليبيا. يقول (س،ر): تفرض السلطات التونسيّة منعا شديدا على تصدير مادة الأمونيتر غير أنه لا يجد عسرا كبيرا للوصول بحمولة شاحنته إلى بنقرادان التي تبعد 150 كيلومترا إذ يقوم بدفع مبالغ ماليّة لدوريّات جمارك وأمن تعترض طريقه. ولم يفصح محدثنا عن قيمة المبالغ التي يدفعها واكتفى بالقول أن المبالغ ليست كبيرة لأن العديد ممن يدفع لهم اعتادوا التعامل معه ويقبلون بمبالغ "معقولة". ولم ينف (س،ر) أن بعض الدوريّات ترفض تلقّي الرشوة وأنه اضطر إلى إعادة حمولة شاحنته إلى قابس في أكثر من مناسبة.
أما (أحمد) وهو مهرّب محروقات أصيل مدينة مدنين فيؤكّد أن مع المال يصبح كل مستحيل ممكنا، وأنه يخصّص يوميّا مبلغا قارّا يوزّعه على بعض الدوريّات بالطريق الرّابط بين ذهيبة ومدنين أو بين رأس جدير ومدنين. وأكد أحمد أنه اجتاز الحدود عدّة مرات من مسالك غير شرعيّة وجلب شحنات من المحروقات ودفع مبالغ إلى مسلّحين ليبيين مقابل غضّ الطرف عنه وعدم التعرّض لبضاعته بالحجز والمصادرة. وأضاف مازحا أن مهرّبي المحروقات يطلقون على إحدى البوّابات الأمنية بمدينة مدنين تسمية "الصرّاف الآليّ" نظرا لما يجنيه أعوان الأمن المرابطون فيها من مبالغ كبيرة كلّ يوم. (أحمد) أكّد أيضا أن المزيد من رجال الشرطة والحرس والجمارك أصبحوا يتحاشون قبول الرشاوى بعد الثورة إما عن قناعة أو خوفا من انكشاف أمرهم أو تعرّضهم إلى الاعتداء.
(منير ب) يبدو أكثر كرما مع الدوريّات المرابطة على الطرقات بكلّ من تونس وليبيا، ولعلّ ذلك يعود إلى طبيعة البضائع التي يحملها على متن عربته من ناحية والأرباح الجيّدة التي يجنيها في كلّ رحلة من ناحية أخرى. تبدأ مهمّة منير باستلام حمولة شاحنة من الخمور الشعبية المعروفة في تونس باسم "سلتيا" مرّتين في الأسبوع حيث يتزوّد من أحد معارفه الذي يتكفّل بجلب البضاعة من مدينة شمال تونس إلى مدينة بنقردان الحدوديّة. يخزن منير البضاعة بأحد المستودعات السريّة ويقسّمها حسب حمولة شاحنته الصغيرة من نوع "تويوتا".. ينتظر 24 ساعة حتى يتسلّم أحد معارفه العمل بمعبر رأس جدير ليسهّل مهمته مقابل دفع راتب شهريّ متفق عليه.. عند دخول التراب الليبي يكون منير مجبرا على الدفع إلى بعض النافذين حتى يتمكن من الوصول ببضاعته إلى طرابلس حيث تكون أسعارها أغلى، ويضطر لبيعها أحيانا في المدن القريبة من الحدود إذا تكاثرت الدوريّات المطالبة بالرشوة. ويذكر لنا منير أسماء البوّابات الأمنيّة القارّة ومنها (الزنادقة) و(المكافحة) و(النّاقة) و(الحلزونة) وكلّها تسميات لا يفهم مدلولها إلا من تمرّس بالتهريب وتجارة الممنوعات ومخالطة قابضي العمولات. ويضيف أن لكلّ بوّابة تعريفة تتراوح بين عشرين وخمسين دينارا فإن بعض المسلّحين لا يستقرّ رأيهم على تعريفة غير أنهم يقبلون المساومة والتخفيض عكس ما كان عليه الأمر سابقا. ويعترف منير أن بعض المسلحين متديّنون جدا ويرفضون الرشوة، كما أن من يقع بين أيديهم من مهرّبي الخمور يتعرّض إلى العقاب.
يتعرّض إلى العقاب.
هذه بعض الاعترافات التي تمكّنّا من الحصول عليها من عالم يلفّه الكتمان. ولا شكّ أن ما خفي أعظم مما ظهر. فهنالك أحاديث عن مبالغ أخرى كبيرة جدا تدفع في عمليّات تهريب غير تقليديّة وتشمل خاصة الأسلحة والمخدرات وتهريب الأشخاص المطلوبين للعدالة في البلدين.
http://www.libyaalmostakbal.net/news/clicked/21553
ام سيف-
- الجنس :
عدد المساهمات : 6556
نقاط : 19832
تاريخ التسجيل : 05/08/2011
رد: الحدود الليبية التونسية: رشوة، عمولات، وكلمات سرّ
لاحولا ولا قوة الا بالله حالة او خلاص
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
ليبيا التحدى- .
- الجنس :
عدد المساهمات : 19246
نقاط : 33561
تاريخ التسجيل : 16/09/2011
. :
. :
. :
بطاقة الشخصية
زنقتنا:
مواضيع مماثلة
» اشتباكات مسلحة بين القوات الليبية والثوار بالقرب من الحدود الليبية التونسية
» ما حدث يوم امس على الحدود التونسية الليبية ...
» الحدود الليبية التونسية
» حقيقة ما جري ومااقترفوا الجرذان على الحدود التونسية الليبية هذا اليوم
» الجديد على الحدود الليبية التونسية
» ما حدث يوم امس على الحدود التونسية الليبية ...
» الحدود الليبية التونسية
» حقيقة ما جري ومااقترفوا الجرذان على الحدود التونسية الليبية هذا اليوم
» الجديد على الحدود الليبية التونسية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي