3 أسباب منعت سقوط نظام القذافي رغم حرب الناتو

يرفض الكثير تصديق حقيقة أن نظام العقيد القذافي مازال متماسكا رغم مرور
قرابة أشهر على الأزمة التي ضربت البلاد للمرة الأولى بهذا الشكل منذ 70
سنة على الأقل، بشهادة الليبيين أنفسهم. ويستسلم الكثيرون للمشاهد والأخبار
التي تبثها وسائل الإعلام الدولية حول قرب سقوط طرابلس بينما الواقع على
الأرض عكس ذلك تماما. الجولة التي قامت بها ''الخبر'' في المناطق التي
يسيطر عليها نظام القذافي واللقاءات الرسمية وغير الرسمية التي كانت
للجريدة مع مواطنين ليبيين، بعلم السلطات وبدون علمهم، كشفت بشكل جلي
مجموعة من المعطيات تعين على فهم ما يجري في ليبيا الآن، سواء فيما يخص
أسباب الأزمة أو أسباب عدم سقوط النظام لحد الآن.
قبل الخوض في أسباب
تماسك نظام القذافي، يبدو مهمّا التعرض لأسباب الأزمة من وجهة نظر مواطنين
الليبيين، الذين حاورتهم ''الخبر'' وتتحفظ على ذكر أسمائهم، حيث يرى هؤلاء
أن من بين الأسباب هو انشغال العقيد القذافي - ولو بحسن النية- بالخارج
وبصرف أموال البلد على مختلف المشاريع في إفريقيا، على حساب تطوير البنى
التحتية في الداخل، وكانت النتيجة أن أغلب المدن الليبية ما تزال تعيش
التخلف الحضاري. سبب آخر يتحدث عنه الجيل الجديد من الليبيين، حيث يشيرون
إلى تفشي الفساد في مفاصل السلطة، وعندما يريد البعض الاعتراض يقال لهم
''هذه تعليمات العقيد''. يقول بعض من حاورتهم ''الخبر'' أنهم اكتشفوا زيف
هذه المزاعم وأن هناك من المسؤولين من استغل رداء ''الزعيم'' القذافي
ليحصّل ثروة طائلة تقدّر بملايير الدينارات الليبية. ويشير أحدهم إلى أمر
بالغ الأهمية، حيث يقول أن رئيس الوزراء محمودي البغدادي ووزير النفط
المنشق شكري الغانم، هما شخصيتان مرفوضتان شعبيا، بسبب السياسة الاقتصادية
التي اعتمداها على حساب 400 ألف موظف تم تسريحهم من العمل دون توفير حلول
لهم. فوجد هؤلاء المسرحون أنفسهم أمام مصير مجهول.
على الشق الآخر من
المعادلة، وفيما يخص أسباب بقاء نظام القذافي متماسكا، فأبرزها هو أن حرب
حلف الناتو على ليبيا منح نظام القذافي فرصة لا تعوّض للانطلاق من جديد
بعدما حدث تململ شديد في الأيام الأولى نتيجة انفجار الأزمة في بنغازي
وقيام القذافي بسحب الجيش من هناك حتى لا تحدث مواجهات. وفي العاصمة طرابلس
ساد رعب كبير لدى السكان وأركان النظام خصوصا بعدما أطلقت إشاعة هروب
العقيد القذافي إلى فنزويلا وتزامن إطلاق الإشاعة عبر الفضائيات، مع قطع
الاتصالات الهاتفية. ولم يستطع الناس تأكيد المعلومة أو نفيها. وزاد صمت
القذافي لقرابة خمسة أيام من تعقيد الوضعية النفسية لليبيين الذين لم
يفهموا ماذا يجري في بلدهم، فهم لم يعتادوا على هروب الأجانب بعشرات الآلاف
نحو المطار، ولم يعتادوا على ضربات جوية كل ليلة ودوي متواصل. لكن بمجرد
ظهور القذافي الأول اطمأن الناس بأنه مازال بينهم، وزاد حديث العقيد بلغة
''الجهاد'' وضرورة محاربة الاحتلال من خلق الفارق لصالح النظام الذي انتعش
واسترجع زمام المبادرة لغاية اليوم. الآن القذافي بالفعل يسيطر على العاصمة
وعلى المدن الكبيرة المحيطة بها كالزاوية التي شهدت اضطرابات مخيفة في
بداية الأزمة، والقذافي يسيطر على حقول النفط المتواجدة على بعد أزيد من
ألف كيلومتر في عمق الصحراء الليبية.
السبب الثاني في تماسك نظام
القذافي هو نجاحه في استمالة موقف القبائل الليبية لصالحه، ولا يستطيع أن
يقدر شخص دور هذه القبائل إلا لمن يزور ليبيا ويرى بأم عينه كيف يتوزع
أفراد هذه القبائل على مختلف مناحي الحياة في ظل الحرب. لا تكاد تتحدث مع
شخص حتى يقول لك ''أنا من قبيلة العقيد القذافي'' ويقول لك شخص آخر ''أنا
من قبيلة الورفلة إحدى كبريات القبائل الليبية''. لقد نجح العقيد القذافي
في جلب ولاء القبائل تحت مظلة محاربة الاستعمار الأجنبي. ومعروف عن
المجتمعات القبلية صفات النخوة والرجولة. وهنا بالذات لعب القذافي على حبل
العصبية، فقد ظهرت شخصية ''المهاجي'' على التلفزيون تدعو الليبيين للنصرة.
و''المهاجي'' في الثقافة الشعبية الليبية تعادل شخصية ''البرّاح'' عندنا،
فإذا ظهر هذا الشخص فمعناه أن الحرب قامت والبلد في خطر. ومن الناحية
العسكرية، فاستماتة الناس في حماية النظام يمكن تفسيرها ببساطة بالقول أن
العسكري أو الشاب المتطوع يقوم بالمخاطرة بنقل الذخيرة لمن يوجدون في جبهة
القتال لأن من يقاتل هو أخوه أو أبوه أو ابن عمه، وهو في كل الأحوال ميت
بموته أو بموت أحد أفراد أسرته.
أما السبب الثالث في عدم سقوط القذافي
فهو ضعف مجلس الانتقامي في بنغازي وغياب الانسجام بين أعضائه، فضلا عن
اتساع الهوة بين أعضاء مجلس الانتقامي وبين عموم الناس الذين مشوا معهم
في بداية الأحداث في بنغازي ومصراتة ومناطق أخرى. فكل يوم يكتشف الليبيون
أن أعضاء مجلس الانتقامي أغلبهم حاصلون على جنسية أخرى غير الجنسية
الليبية، زيادة على أن رموز الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .اليوم كمصطفى العبد الذليل وزير العدل
السابق وعبد الناتو يونسوزير الداخلية السابق، هم من الشخصيات التي كانت
تمثل ظل القذافي لعقود من الزمن، قبل أن تنقلب عليه فجأة. يعني كانوا هم
العقيد معمر القذافي في الشارع بينما القذافي موجود في خيمته أو إقامته.

الحمد لله على صمود الشعب الليبى وهو يستمد قوته من العقيد القذافى وربى ينصرنا ومشكور اخى