الأضحية.. حُكمٌ وأحكام
صفحة 1 من اصل 1
الأضحية.. حُكمٌ وأحكام
يعيش المسلمون هذه الأيّام الزّاخرة بالخير والبركة وبالعمل الصالح، حيث أقسم الله بها في كتابه الكريم فقال سبحانه: ''والفجر وليال عشر''. سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن أيُّهما أفضل: عشر ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟ فقال: ''أمّا ليال العشر الأخيرة خير من الأولى، وأمّا الأيّام فذو الحجّة أفضل لما فيها من خير وبركة''.
يضاف إلى ما ذُكِر أنّ هذه الأيّام تحمل معها مناسبتين عظيمتين جليلتين، الأولى خاصة بالحجّاج حيث تؤدَّى مناسك الحجّ، والثانية لغير الحجاج وهذا من رحمة الله وفضله على أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فصيام يوم عرفة يُكفِّر سنتين ماضية ولاحقة، ونحر الأضاحي قُرْبَى إلى الله وإحياء لشعيرة من شعائر الإسلام. وعن الأضحية فضلها وأحكامها، فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: ''فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر''، كما ذكرت في عموم أعمال الخير والبرّ، قال تعالى: ''ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّم شعائِرَ اللهِ فإنَّها مِن تَقْوَى القُلوب''. وفي قوله صلّى الله عليه وسلّم حين سُئل: أيّ الحجّ أفضل؟ فقال: ''العج والثجُّ''، أي إهراق الدم. ومن معاني الأضحية أنّها سمّيَت كذلك كونها تؤدَّى ضُحًى بعد طلوع الشّمس، ذكر ذلك الإمام النووي، وقيل مشتقة من التّضحية اقتداء بتضحية الخليل إبراهيم عليه السّلام بولده إسماعيل كما وردت في سورة الصّافات: ''فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ..''. كما أنّ من معانيها الجليلة التشبُّه بأفعال الحجّاج يوم العيد، وقد رموا جمرة العقبة الكبرى ثمّ حلّقوا ونحروا والتشبُّه بالكرام فلاح، ومِن حِكَم مشروعيتها أنّها قُرْبَى لله، وفيها توسعة على الأهل والعيال والتصدُّق والإحسان على الفقراء والمساكين بل حتّى على الأغنياء والميسورين كهدايا ممّا يزيد الألفة بين أفراد الأمّة. أمّا حكمها، فقد اختلف العلماء على أقوال، والرّاجح من أقوالهم أنّها سُنّة مؤكّدة يُثاب فاعلها، وعند بعضهم واجبة على القادر، ويشترط فيها أن تكون من الأنعام (الضأن، الإبل، البقر)، وأفضلها ما كان من الضأن، والكبش أفضل من النّعجة، روى مسلم عن أنس قال: ''ضحّى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده''.
كما يُشتَرط أن تكون سالمة من العيوب الأربع المذكورة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال عليه الصّلاة والسّلام: ''أربعة لا تجوز في الأضاحي: المريضة البيّن مرضها، والعوراء البيّن عورها والعرجاء البيّن ضلعها، والكبيرة أو الهزيلة أو العجفاء الّتي لا مخ فيها''، ولا تجوز الشراكة في الضأن بخلاف الإبل والبقر. وأفتى العلماء بجواز الاستدانة لأجل شراء الأضحية، كما ذكر ابن حبيب من المالكية. وللذبح آداب لخّصها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في كلمة الإحسان فقال: ''إنّ الله كتب الإحسان على كلّ شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته''. ويستحب أن يُضحّي صاحب الأضحية بأضحيته مستقبلاً القبلة قائلاً: ''بسم الله، الله أكبر، اللّهمّ هذا منك ولك، اللّهمّ تقبَّل منّي''. ولمَن لَم يُضحِّ من المسلمين بُشْرَاه، فإنّ حبيبه صلّى الله عليه وسلّم قد ضحَّى عنه حين ذبح فقال: ''اللّهمّ هذا عنّي وعن من لم يُضَحِّ من فقراء المسلمين''. وفي الأخير أسأل الله للحجّاج أن يتقبَّل حجّهم وأن يجعله عيدًا مليئًا بالمسرَّات ولإخواننا في بلاد الشام أن يحقن دماءهم ويوحّد صفوفهم.
الشيخ حجاج الحاج إمام مسجد عثمان بن عفان
البريجة - اسطاوالي -الجزائر.
يضاف إلى ما ذُكِر أنّ هذه الأيّام تحمل معها مناسبتين عظيمتين جليلتين، الأولى خاصة بالحجّاج حيث تؤدَّى مناسك الحجّ، والثانية لغير الحجاج وهذا من رحمة الله وفضله على أمّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم، فصيام يوم عرفة يُكفِّر سنتين ماضية ولاحقة، ونحر الأضاحي قُرْبَى إلى الله وإحياء لشعيرة من شعائر الإسلام. وعن الأضحية فضلها وأحكامها، فقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في قوله تعالى: ''فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر''، كما ذكرت في عموم أعمال الخير والبرّ، قال تعالى: ''ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّم شعائِرَ اللهِ فإنَّها مِن تَقْوَى القُلوب''. وفي قوله صلّى الله عليه وسلّم حين سُئل: أيّ الحجّ أفضل؟ فقال: ''العج والثجُّ''، أي إهراق الدم. ومن معاني الأضحية أنّها سمّيَت كذلك كونها تؤدَّى ضُحًى بعد طلوع الشّمس، ذكر ذلك الإمام النووي، وقيل مشتقة من التّضحية اقتداء بتضحية الخليل إبراهيم عليه السّلام بولده إسماعيل كما وردت في سورة الصّافات: ''فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ..''. كما أنّ من معانيها الجليلة التشبُّه بأفعال الحجّاج يوم العيد، وقد رموا جمرة العقبة الكبرى ثمّ حلّقوا ونحروا والتشبُّه بالكرام فلاح، ومِن حِكَم مشروعيتها أنّها قُرْبَى لله، وفيها توسعة على الأهل والعيال والتصدُّق والإحسان على الفقراء والمساكين بل حتّى على الأغنياء والميسورين كهدايا ممّا يزيد الألفة بين أفراد الأمّة. أمّا حكمها، فقد اختلف العلماء على أقوال، والرّاجح من أقوالهم أنّها سُنّة مؤكّدة يُثاب فاعلها، وعند بعضهم واجبة على القادر، ويشترط فيها أن تكون من الأنعام (الضأن، الإبل، البقر)، وأفضلها ما كان من الضأن، والكبش أفضل من النّعجة، روى مسلم عن أنس قال: ''ضحّى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده''.
كما يُشتَرط أن تكون سالمة من العيوب الأربع المذكورة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال عليه الصّلاة والسّلام: ''أربعة لا تجوز في الأضاحي: المريضة البيّن مرضها، والعوراء البيّن عورها والعرجاء البيّن ضلعها، والكبيرة أو الهزيلة أو العجفاء الّتي لا مخ فيها''، ولا تجوز الشراكة في الضأن بخلاف الإبل والبقر. وأفتى العلماء بجواز الاستدانة لأجل شراء الأضحية، كما ذكر ابن حبيب من المالكية. وللذبح آداب لخّصها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في كلمة الإحسان فقال: ''إنّ الله كتب الإحسان على كلّ شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذّبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته''. ويستحب أن يُضحّي صاحب الأضحية بأضحيته مستقبلاً القبلة قائلاً: ''بسم الله، الله أكبر، اللّهمّ هذا منك ولك، اللّهمّ تقبَّل منّي''. ولمَن لَم يُضحِّ من المسلمين بُشْرَاه، فإنّ حبيبه صلّى الله عليه وسلّم قد ضحَّى عنه حين ذبح فقال: ''اللّهمّ هذا عنّي وعن من لم يُضَحِّ من فقراء المسلمين''. وفي الأخير أسأل الله للحجّاج أن يتقبَّل حجّهم وأن يجعله عيدًا مليئًا بالمسرَّات ولإخواننا في بلاد الشام أن يحقن دماءهم ويوحّد صفوفهم.
الشيخ حجاج الحاج إمام مسجد عثمان بن عفان
البريجة - اسطاوالي -الجزائر.
nabil-
- الجنس :
عدد المساهمات : 1568
نقاط : 12543
تاريخ التسجيل : 11/05/2011
مواضيع مماثلة
» متجدد : شهر شعبان سنن ومحدثات
» التحفة السنية في فتاوى الأضحية الشرعية (79فتوى)
» عاشوراء...فضائل وأحكام
» أحكــــام الأضحية والمضحي
» 14حديثا ضعيفا في الأضحية
» التحفة السنية في فتاوى الأضحية الشرعية (79فتوى)
» عاشوراء...فضائل وأحكام
» أحكــــام الأضحية والمضحي
» 14حديثا ضعيفا في الأضحية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 20 نوفمبر - 20:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي