الحركة الإسلامية بين رغد الثرو ة و إغراءات الثورة ثوار
صفحة 1 من اصل 1
الحركة الإسلامية بين رغد الثرو ة و إغراءات الثورة ثوار
ثوار لناتو برعابة قطرية لصهيونية و أجرهم علي أل مسند
الحركة الإسلامية لغز حقيقي ؛ فبعد مرحلة الدعوة و الإرشاد الوديعة حد الخمول و الزهد تكون بحاجة إلى درس واحد لتفهم أن من واجب المسلم أن ينخرط في تنظيم سياسي منظم ليعطي قيمة لموقفه من أعداء الله (تبارك و تعالى علوا كبيرا) .. بعد الانخراط في تنظيم حركة الإخوان المسلمين تكون بحاجة إلى نسخة من كتاب الفريضة الغائبة لتعلن استعدادك الكامل لحمل السلاح في وجه أعداء الله و رسوله (عليه أزكى الصلاة و السلام).. و بعد مواجهة مسلحة واحدة تكون تجاوزت منطقة اللاعودة : أنت الآن مطلوب حيا أو ميتا، يتسلل بين أعداء الله و معاونيهم و أصدقائهم و جواسيسهم و المتعايشين معهم و الخاضعين لقهرهم و غير المبالين بأمرهم و كلهم بهذا التصنيف أعداء لله و رسوله و المؤمنين بالقصد أو بالنتيجة؛ تلك هي الفتوى الجامحة التي تحتاجها حينها لتكون مجاهدا عظيما و زعيما أسطوريا يقتل من أجل القتل و يموت من أجل الموت؟
لا توجد أي علاقة تنظيميا بين أي من هذه الحلقات لكنها متتالية تصنع نفسها بطبيعة الحال؛ و هنا لا شك، كانت عبقرية المنظرين للحركة التي جعلت الكثيرين يتيهون بين التسميات في غياب أي دليل مادي على أي علاقة بين هذه الحلقات المحيرة التنافر و التناغم.
لا شك أن مرارة الواقع العربي كانت مدعاة حقيقية لمثل هذا الجنون و لا شك أن ما وقع على هذه الحركة النبيلة المبادئ من ظلم و قهر الأحكام العربية و القومية منها بصفة خاصة ما كان يمكن أن يفضي إلى غير الجنون..
لقد انبرت هذه الحركة () بشجاعة أسطورية و إيمان و ثبات لكل الأحكام العربية الخائنة، العميلة، المتواطئة مع أعداء الأمة ومن المؤسف أن تصبح قناعتها اليوم في أن تخون و تتواطأ مع أعداء الأمة أنفسهم لتحتل مكانة هذه الأحكام العميلة للدوائر الغربية مثل ما يحدث الآن بالضبط.
لقد كانت مصيبة الأمة في هدر أموالها و طاقاتها و دماء أبنائها لكن مصيبتها اليوم في دينها: فماذا نقول حين تصبح أهم زعامات الحركة الإسلامية بين من يحملون رتب سفراء في الحركة الماسونية و من يتولون الإفتاء لحلف الناتو؟
ـ ليست هناك سياحة في مصر و لا في تونس بأي معنى ثقافي و لا استكشافي على الأقل و إنما هي سياحة شواطئ و دعارة مفتوحة تماما مثل باتايا (تايلاند) و لم يكن غريبا و لا متناقضا أن يرعاها زين العابدين و لا حسني مبارك كأحكام علمانية لا تفكر في غير ما تدره من دخل على بلدانهم المنهوبة، لكن أن تصبح هذه الحرفة الساقطة في كنف و رعاية و حماية أحكام إسلامية "تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر" يكون من واجبنا أن نتذكر أن العبقرية الغربية قد وجدت الآن مبتغاها بالضبط : الآن يظهرون للعالم عن طريق هذه الحركات التي تم تقديمها بطريقة استثنائية كممثل شرعي للإسلام و كناطق رسمي باسمه، أن الإسلام لم يكن سوى كذبة .. أن الإسلام لم يكن سوى نسخة أخرى من أضعف أناجيلهم صحة .. أن الإسلام دين مصالح يتلون بتلون أصحابه و يتغير بتغيرهم ؟؟؟
ـ ماذا نقول حين يصل الأمر إلى تدافع قادة الحركة الإسلامية أمام بوابات القنوات التلفزيونية الإسرائيلية ليقول أهم زعمائها في مصر الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية في حديث للقناة الإسرائيلية الثانية أنه يجب احترام المعاهدة بين دولة مصر والدول الأخرى (أي دولة إسرائيل) و أنه يجب المقاومة المسلحة للمحتل في إشارة واضحة إلى حدود 1967 دون الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1948؟ و ماذا نقول حين يتحدث عضو جماعة الإخوان المسلمين في سوريا "علي صدر الدين البيانوني" مع نفس المذيع ليعترف بدوره بشرعية "إسرائيل" و ماذا يمكن أن نفهم من هذا سوى أن نجاح الثورة الشعبية في سوريا سوف يؤدي إلى اعترافها "بدولة إسرائيل"؟
و أين هذا من رفض الإخوان المسلمين الاعتراف بإسرائيل و قول محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق للجماعة: "هذه المسألة ثابت من ثوابت الجماعة وليست محل جدل أو نقاش" أي عدم الاعتراف بإسرائيل؟
ـ ماذا يبقى من إسلام "الإسلاميين" إذا تنازلوا عن ثالث الحرمين و مسرى سيد الوجود عليه أزكى الصلاة و السلام مقابل مقعد حكم تؤكد كل المعطيات أنهم سيكونون أتعس من يجلس عليه و أشقى من ينزل عنه؟
ـ و عن من ترضى النصارى اليوم أكثر من القرضاوي و آردوغان، و ولد الددو، أم أن تلك لم تعد سمة و لا معرة؟
لقد أصبحت حسابات الحركة الإسلامية تطغى بوضوح على المبادئ التي تأسست عليها و المهمة التي حملت على عاتقها !؟ :
ـ في ندوة بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية تحت إشراف عميد المعهد الدكتور محمود أبو العينين نفسه، قال الترابي إن "فصل الدين عن الدولة في الإسلام وجد منذ عهد معاوية". ؟؟
هناك الآن ملاحظات هامة، ليس أمامنا في غياب ردهم عليها إلا أن نفسرها ببديهي ما تعنيه:
ـ بماذا تفسر الحركة الإسلامية نجاة كل البلدان الملكية من الثورات؟ و لماذا ـ رغم أن الملكية دخيلة على الإسلام ـ لا يتحدث مشايخ الحركة أبدا أبدا عن الآية الكريمة " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها" (ص) و يتحايلون دوما على تفسيرها؟
ـ بماذا يفسر العقلاء تولي بلدان عربية ـ مازالت أبسط مظاهر الديمقراطية الشكلية من الموبقات في بلدانها ـ تمويل الثورات العربية؟
ـ من يتبرع على أرضنا بالرد على هذا السؤال الساذج : على ماذا تتصالح الحركات الإسلامية اليوم مع الدوائر الاستعمارية الغربية؟
ـ هل تغيرت النظرة الغربية للإسلام أو تغيرت نظرة "الإسلاميين" إلى هذا الغرب المكرس لكل جهوده لتأكيد بطلان أقوى حجة في وجه أباطيله؟
ـ لماذا كان على أسامة بن لادن أن يموت (من دون أن يموت) حين أصبح "الإسلام هو الحل" للدوائر الغربية؟
ـ كيف عجزت أمريكا بكل عبقرية هوليوود أن تقدم سيناريو ـ و لو ضعيف ـ يثبت وفاة بن لادن؟
ـ إذا كان الإسلاميون اليوم راضين عن ما وقع في السودان (الحروب الأهلية و المجاعة و الانفصال و الهيمنة "الإسلامية" على كل شيء)، فلماذا يطلب منا أن نجرب حكمهم؟
ـ كيف تتعايش المفاهيم الدينية الجوهرية (حق المرأة في الميراث و المساواة، حق الوصاية عليها من قبل الرجل (الوكيل)، القصاص، الدية، المعاملات المصرفية، .. مع المفاهيم الليبرالية البحتة : المساواة ، سن الرشد، حرية التعبير و الاختيار ؟ أم أن "الإسلاميين" يعتقدون أن الإسلام إسلامهم يفسرونه كيفما شاءوا حسب المقتضيات و علينا نحن أن نكون الغرباء المتلقين لكل تفاسيرهم المطوعة لإكراهات فقه الضرورة و "فن الممكن"؟
و من الصعب أن نتحدث عن تاريخ نشأة الحركة الإسلامية في موريتانيا لما مرت به من مراحل و توجهات و أشكال و ألوان أثرت كلها بقدر في واقعها اليوم.
و من المثالي الآن أن نتجاوز بعض مراحلها التأسيسية المتلبسة لما انطوت عليه من تكتيك تمويهي و مناورات بارعة الحيل أحيانا في التضليل. و سيكون من المثالي أكثر أن نتجاوز خلافات أجنحة الحركة المفتعلة أحيانا و التفاعلية أخرى، التي انطلت أحيانا حتى على بعض رموز منتسبيها:
ـ "الإسلام هو الحل" (هذه هي نقطة الإجماع)
ـ لكل ظروفه الخاصة التي تملي عليه خطابه و طريقته (هذا هو النهج)
ـ نلتقي بعد العبور (هنا تصبح الحركات الإسلامية حركة إسلامية واحدة بقيادة الإخوان المسلمين).
لقد تم تحديد هذه الخيارات تحت ضغط حصار مرير بالفعل عرفت فيه هذه الحركة العالمية الوديعة المظهر التي "لا تريد سوى كل شيء فقط"، اضطهادا لا حدود له على أيادي أحكام دكتاتورية لا يزعجها شيء أكثر من الإسلام و ظلت الدوائر تكبر و تتماسك من حولها حتى أصبحت في مواجهة العالم أجمع. وحين تم اختراق الحركة في مراحل مواجهتها مع الغرب البارع في المجال عن طريق قيادات مهجرة إليه من بلدانها، كان من الطبيعي أن تحصل الكارثة ليصبح الإسلام "هو المشكلة" و تبرير الظروف الخاصة "هو الحل" و التيه هو المصير الحتمي. و كل المؤشرات تؤكد أن السنين القادمة ستعرف مواجهات دامية بين فصائل الحركة، مشابهة تماما في الوسائل و المبررات لصراع المافيا على المال و النفوذ.
توغلت الحركة في موريتانيا بهدوء و استهدفت شخصيات تعيش في أحضان النظام تتمتع بقدرات هائلة على التلون ما زال بعضها حتى اليوم بعيدا عن الأنظار رغم المكانة المرموقة التي يحتلها في الصفوف الأمامية للتنظيم على المستوى العالمي قبل المحلي، مكنتها من الوصول إلى جميع أهدافها بهدوء و تحت الغطاء الرسمي للسلطة في الغالب!
بعد تسللها في سرية كاملة إلى لائحتها المستهدفة من الرسميين و شبه الرسميين من الشخصيات الدينية المرموقة في البلد التي يعتبرها النظام جداره الأمامي في مواجهة زحف "الإسلام السياسي المرعب"، بدأت هذه الشخصيات في إقناع النظام (المرتزق تماما مثلها) بإغراءات المد الوهابي الممول بسخاء من السعودية و دول الخليج و طمأنته بأن الإنسان الموريتاني محصن بثقافته المالكية الأشعرية و طبيعته البدوية المفتوحة التحرر من أي تطرف ديني و هي نصف حقيقة مضحكة، نسيت إينتلجانسيا السلطة أن ضعف الموريتاني أمام المال أكد عدم صحتها المطلقة على مستوى العلماء و السلطة، فكيف لا يؤكدها على مستوى العموم الجياع؟
كان أول منبر علني للحركة يظهر في البلد بعد فترة العمل السري التي بدأت في منتصف السبعينات، "جمعية الدعوة الإسلامية" (بداية الثمانينات) برئاسة محمد المختار كاكيه و كان من أبرز مؤسسيها بوميه ولد أبياه (أستاذ نقابي متمرس)، حمدن ولد التاه (وزير و سفير سابق مع عدة مناصب أخرى)، إسلمو ولد سيد المصطف (المدير المؤسس للمعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية و وزير الثقافة و التوجيه الإسلامي لاحقا)، الحسن ولد مولاي أعلي، عبدو محم (رجل أعمال و صاحب نفوذ )، سيدي محمد ولد أسيساح (عمدة سابقا مدير مساعد (لاحقا) للمعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية.
كانت المملكة العربية السعودية تتولى تمويل الجمعية و رعايتها بشكل شبه علني ..
و من بين ما قامت به الجمعية إقناع المملكة العربية السعودية بتمويل و إنشاء المعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية (بداية الثمانينات) و المعهد السعودي لدراسات علوم القرآن التابع لجامعة محمد بن سعود الإسلامية (أغلق 2003 بعد انقلاب الإسلاميين الملثم ، الذي تم فيه اجتثاث بقية الحركات القومية من الجيش) و المعهدين يعود لهما الفضل في نشر التيار ألإخواني ذي الميول و النزعة الوهابية الذي تأسس في بداية التسعينات و تم تكليفه ببناء ذاته سريا بطريقة مستقلة عن دوائر النظام و تكليف الجمعية الإسلامية بالعمل التمويهي مع دوائر النظام للتغطية على أنشطة الحركة . و هذه هي كانت عملية اختراق النظام الذكية من قبل الحركة التي مازالت مستمرة حتى اليوم . حيث يرأس حزب النظام اليوم أحد رموز هذه المجموعة المعروفين و يتولى بعض فقهائها فتاوى إذاعة و تلفزيون النظام و يحتل أحد رموزه المعروفين وظيفة سفير في دولة خليجية و تكاد علاقة الأخير و رئيس حزب الدولة و شخصيات عديدة أخرى تشي بما يشبه التأكيد بانتماء أحد أهم أركان المؤسسة العسكرية للحركة، لا سيما بعد انتشار قبيلته في صفوف التنظيم بهذا الشكل الكبير و المفاجئ الذي حولها إلى أغنى قبيلة في البلد من دون مقدمات مقنعة رغم بعدها من المهنة و تقاليدها تاريخيا. و لا أدري من أقنع ولد عبد العزيز بتولي العلامة محمد الحسن ولد الددو (الزعيم الروحي للحركة و القيادي بها على المستوى العالمي)، إلقاء دروس توجيهية على الجنود الموريتانيين في الثكنات العسكرية قبل فترة و هو أكبر اختراق لصفوف النظام تنجزه الحركة و لو لم يتم تداركه بسرعة لكان هو اليوم من يجلس على كرسي الرئاسة برتبة مشير. إذا صحت فرضية انتماء هذا "الركن" إلى الحركة (و من الصعب أن لا تكون صحيحة) فهذا يعني حتما أننا على أبواب مواجهة وشيكة بين النظام و الإسلاميين؛ لا سيما أنه رجل فرنسا الأول في الجيش اليوم و قد قرر ولد عبد العزيز بعد زيارة وزير خارجية بريطانيا، تبني المشروع الجزائري في بناء حلف مع أمريكا ضد عودة تصاعد النفوذ الفرنسي في المنطقة بعد احتلال ليبيا رغم ما تعيشه المنطقة من خلط أوراق يربك كل التحاليل و بداية تشكل حلف عالمي جديد حول سوريا أربك أمريكا و الاتحاد الأوروبي: الروس ، الصين ، الهند ، كوريا الشمالية ، البرازيل ، فنزويلا، كوبا ...، هو اليوم ما يجعل أمريكا تراجع بحذر سياسة "الفوضى الخلاقة"
و إذا صحت الفرضية يكون تقديم الحركة لجناحها العسكري المعلن (...) بطريقة شبه استعراضية و إصدار الأوامر إليه برفع وتيرة خطاب التشنج ضد نظام ولد عبد العزيز و التحالف مع حركة "لا تلمس جنسيتي" و بيرام ولد اعبيد، و أي شيطان آخر ، عمل تمويهي ذكي يراد منه لفت الأنظار عن حقيقة أهم، في طور التشكل في مكان ما، تماما مثل إصدار الأوامر إلى جميل منصور (قائد جناح الحركة السياسي التمويهي) بالتلميح في خطبه و مقالاته إلى ثورة تعتمل في العلن للفت الأنظار عن نيران مطبخ الثورة الخفية المستعرة في ورشات القيادة الرسمية للحركة بالغة الإحكام و السرية. و يرى الأستاذ الباحث رياض الصيداوي مدير ومؤسس مركز الوطن العربي للأبحاث والنشر بجنيف أن "في علم اجتماع الثورة تنجح هذه الأخيرة بتوفر ثلاثة عوامل أولها راديكالية الحركات الشعبية ومطالبتها برحيل الحاكم بدل المطالب الإصلاحية وهو ما حدث في تونس مع بن علي ثم ثانيها تفكك النخب الحاكمة وانقسامها على نفسها وهو ما حدث في كل الثورات من تخلي وزراء ومستشارين وغيرهم. أما ثالثها فهو دور الجيش أي حياده وتخليه عن النظام" و هي أمور قائمة كلها في موريتانيا عدا الأول بسبب إصرار الإسلاميين و ولد داداه على خطف الأضواء من الجميع و إصرار كل منهما على كسب نتيجتها وحده دون غيره.
و سيكون علينا في موريتانيا ، إذا وصلت الحركة الإسلامية إلى الحكم عن طريق انقلاب عسكري (في حضن نصف ثورة) و هو أمر محتمل عكس وصولها إليه عن طريق الثورة، (لا سيما بعد التعاقد المفاجئ مع شركة توتال المسؤولة الأولى عن جل الانقلابات العسكرية و الحروب الأهلية في إفريقيا) أن ننتظر حالة السودان بالضبط: استولى الإسلاميون في السودان أواخر الثمانينات على الحكم في انقلاب عسكري بقيادة الجنرال أحمد حسن البشير و بالإرشاد الديني و الزعامة الروحية لحسن الترابي (الذي وصفه الإعلام الأمريكي يوما بأنه أقدر خطيب على تحريك الشعوب) و تمت مصادرة الحريات و الأموال و القرار و الرأي بشكل مطلق في السودان و لم يعد يسمع فيه غير صوت الحركة الإسلامية و ضجيج ماكينة أجنحتها الداخلية المتصارعة على المال و النفوذ الذي أودى بالسودان إلى الحالة المزرية التي يعيشها اليوم حيث انشطر إلى دولتين و ما زال مهددا بانشطارات أكثر بسبب صراعات الحركة الداخلية؛ فقد شجع حسن الترابي في صراعه المرير مع رفيق دربه بالأمس حسن البشير كل حركات التمرد و الساعين إلى تفتيت السودان بمنطق المقولة الماكيافيلية الشهيرة "عدو العدو صديق" لا بمنطق سماحة الإسلام "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"، ليدفع السودان في هذه المواجهة العبثية أثمانا باهظة من التمزق و الصراعات و الويلات والحروب الأهلية على يد الحركة الإسلامية أكثر من أي نظام حكمها عبر التاريخ. و قد بدأت هذه الصورة تتشكل في موريتانيا اليوم حتى قبل وصولهم إلى الحكم الذي يستبعد في كل الأحوال أن يصلوه بغير انقلاب في حضن ثورة من الصعب أن يفضي إلى نتيجة انتخابية لصالحهم (و سأعود لاحقا إلى هذه الإشارة بالتفصيل للحديث عن مخطط التقسيم الهادف إلى ولادة دويلات تابعة للبربر وأخرى عربية وبوليساريو وغيرها، متناحرة ومتمايزة، كما ورد في مجلة "كوفنيم اليهودية" التي تصدر عن الوكالة اليهودية العالمية، قبل سنوات مضت عندما نشرت تقريرها حول تقسيم المنطقة العراقية في عام 1989، وقد أكدت في ذلك التقرير على التقسيم في العراق وسوريا ولبنان والسعودية ومصر).
و قد ظلت الحركة في عهد معاوية تنتهج نظام أجنحة ذكي : جناح مع النظام بقيادة عبدو محم، يغطي على حقيقة الجناح المساير للمعارضة ليستفيدوا من وظائف النظام و محاسن مواقف الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .على مستوى الشارع.
و قد استقرت تشكيلة أجنحة الحركة بعد تحولات عديدة و مخاض طويل و بعد تولي ولد الددو لزعامتها الروحية دون منازع بتزكية خارجية مطلقة إلى:
ـ جناح سري يعمل كل شيء في الخفاء : جمع المال و تسييره ، التوجيه العام، المتابعة، التقويم يقوده الزعيم الروحي نفسه.
ـ جناح سياسي تمويهي، مهمته خلط الأوراق و طمأنة النظام و مشاغلة الساحة السياسية و صنع واجهة مزيفة للحركة، تقوده مخابرات الدولة كعربون صداقة كاذبة الصدق من طرف و صادقة الكذب من الآخر..!
ـ جناح عسكري معقد التركيبة، بعضه يعلن العصيان المسلح تحت غطاء تمويهي و بعضه يتشكل من ضباط و جنود قدماء تحت يافطة سياسية مرخصة و بعضه ضباط و ضباط صف و أفراد من الجيش و الأمن ما زالوا تحت العلم ، يعملون باستمرار على توسيع تواجدهم و اختراقهم لهذه الأجهزة المحصنة.
و قد انتشرت الحركة في موريتانيا من بوابة القبائل و الأسر بما يكفي لتفسير خصوصيتها غير المعلنة في البلد و فشلها في الانتشار على مدى أوسع: (أولاد أبيري، إداب لحسن، أولاد ديمان، تندقه، تاشدبيت، إديبوسات، تنواجيب (الطينطان بصفة خاصة)، إديقب ، مجموعة أهل المبارك المتواجدة في وادي الناقة) و على تضاريس خارطة صراع تاريخي مندرس، يتم إيقاظه الآن بقوة (مع رتوش تصحيحية)، في نفس الثوب الإسلامي الذي دفن فيه.. قبائل زوايا ، أكثرها والت الاستعمار بنفس الذرائع و المبررات (السيبه) التي تحمل بها سلاح الجهاد اليوم ضد نسخة "السيبه" الثانية (الفساد) .. قبائل زوايا اشتهرت (في نفس الإطار) بخلافها التاريخي مع الطرق الصوفية المنتشرة في منطقة الساحل و الصحراء و المتفقة مع المذهب الوهابي في التصوف في نبذ التصوف.
رؤية الإخوان للمرأة
منذ قيام الجماعة، أسس حسن البنا قسم الأخوات المسلمات وكانت أول رئيسة لهذا القسم هي لبيبة أحمد وأنشأ أيضا معهد أمهات المؤمنين في الإسماعيلية، كما أن الجماعة رشّحت أكثر من مرة نساء على قوائمها الانتخابية مثل د.منال أبو الحسن وجيهان الحلفاوي في مصر، أم نضال، ومريم صالح في فلسطين، ود. حياة المسيمي في الأردن.غير أن الجماعة في مصر تتمسك بعدم أهلية المرأة لرئاسة الدولة ولكن لها ما دون ذلك من المناصب بما فيها رئاسة الوزراء..
و في موريتانيا قامت الجماعة بتأسيس نادي عائشة و نادي مصعب في أواخر التسعينات، برئاسة أميلمنين بنت اجريفين ، زوجة جميل منصور (و يطلقون عليه أحيانا نادي أم المؤمنين ) و يشرف على النوادي ولد الددو و ولد أبواه للتعبير عن أهميتهما في فلسفة الجماعة .. يتلقون محاضرات من ولد الددو في ثلاث مساجد: مسجد جعفر عند ملتقى طرق " تن اسويلم" و مسجد في المنطقة المقابلة له من دار النعيم و مسجد أسامة في عرفات) تقود هذه النوادي نساء تحتل مواقع قيادية رديفة عادة (زوجات أو بنات لقيادات سامية بالحركة) و تكلف بمهمة تجنيد الفتيات. تستهدف هذه النوادي فتيات الأحياء الفقيرة بإغراءات مادية في خطاب ممجوج يغازل ضعفهن (العوز و العنوسة) في قالب وعظ مكثف يمهد العاطفة و الوجدان لتكوين إيديولوجي محنك بشعارات دينية مؤثرة تحول الحياة إلى فلسفة تضحية تشتري كل متعة في الحياة بأضعافها في الآخرة. تصبح هذه الفتيات بعد فترة وجيزة، غريبات على المجتمع باحتشام يدير الظهر لقوانين الطبيعة و لباقة الجمال و خطاب تتفيه للحياة مثير للشفقة، يمهدهن ـ بلا ضوابط ـ إلى تقبل "مثنى و ثلاث و رباع" و يحولهن إلى سوق مفتوحة لزواج متعة (سرية) أقرب (في شكله على الأقل) إلى دعارة مقنعة. و يتحدث البعض عن وجود جهاز خاص لتنظيم هذه الزيجات العرفية و الحفاظ على سريتها و تسجيل وقائعها كجهاز حالة مدنية بديل . و من الصعب أن تفهم لماذا تلجأ الحركة إلى تبني الزواج العرفي في نهجها لكن المنطق يقول بأنه مثل رواتب الجيش ، تستطيع بمعرفة حدودها أن تقدر عدد الجنود من ناحية كما أن الحركة التي تفرض سلوكا صارما على منتسبيها، ارتأت من ناحية أخرى، أن تؤمن لهم الجانب الأكثر تهديدا للأسرار في حياة الإنسان فتدبرت الأمر باكتتاب قوافل من النساء لتمكن منتسبيها من الحياة في قطيعة كاملة مع المجتمع. و تعيش هذه النساء الأميات (في الغالب) تحت إرهاب فكري لا حدود له من خلال محاضرات مستمرة تركز على أهوال يوم القيامة و فضائل الطاعة الزوجية التي تركز على كتم أسرار الزوج و عدم الإسراف في ماله و الطاعة العمياء لأوامره من دون أن يتحدثوا لها يوما عن حقها في غير المأكل و الملبس و السكن في أدنى حد ممكن!؟
بنية التنظيم
منذ نشأة الجماعة عام 1928 وضع حسن البنا أسس العمل السياسي للإخوان، فهم ليسوا مجرد جماعة دعوية دينية فقط ولكنهم أيضا هيئة سياسية نتيجة لفهمهم العام للإسلام وأن مشاركتهم السياسية تأتي من منطلق الإصلاح في الأمة وتطبيق تعاليم الإسلام وأحكامه. و بمتابعة دقيقة لبنية التنظيم في موريتانيا نكتشف أنها تشبه إلى حد بعيد بنية ما يعرف "بنظام الأسر" في المافيا في التمويه و التخفي و السرية : على المستوى التجاري يبتعدون عن وشاية المونوبول و يتجهون إلى القطاع الخدمي الأكثر حركية و الأقرب إلى القاعدة المستهدفة، لكثرة ما يعطي من وظائف مدرة للدخل تناسب تكوين قواعدهم الشعبية المنتشرة حتى في القرى النائية المستهدفة. و تظهر أسماؤهم الكبيرة في المجال كتجار لا كرجال أعمال . ينتهجون نهج "تفتيت رأس المال" لتفادي المنافسة و ما تؤديه من متابعة من طرف المنافسين لمعرفة مصادر منافسهم، لتعميم الفائدة و الاستيلاء على أكبر حيز من السوق الاستهلاكي ..
ـ على مستوى تجنيد الكوادر ، تسمح لهم الحركة بالتمسك بمواقعهم الوظيفية و حتى الحزبية و الابتعاد عن أنشطتها للعب أدوار إخبارية و استخباراتية و سياسية نخبوية متطورة. و بنظرة بانورامية إلى تضاريس خارطة هذه الحركة البعبع نكتشف أنها اخترقت النظام و الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .على السواء بأسلوب تضليلي محكم يجعل من يتكلم عن حقيقتها يهذي خارج حدود أي منطق بما لا يمكن أن يتأتى بأي حال :
ـ رئيس أهم حزب يعتمد عليه النظام و أمينه العام (وزير)
ـ نائب رئيس أهم حزب في الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .
ـ رئيس إحدى أهم المحاكم "السامية" .
ـ أهم شخصية في سلك المحامين
ـ رئيس أهم مجلس تشريعي في البلد
ـ و مدير الجريدة التي حظيت بأهم امتيازات الدولة (عضو خلية جميل منصور، في بداية تأسيس الحركة)
الجهاز الأمني الموريتاني و الحركة الإسلامية :
بعد انقلاب صالح ولد حننا بدأت مخابرات ولد الطائع تكتشف بعض أخطائها في فهم البعبع الإسلامي لكن ترنح معاوية و اضطراب تفكيره و عدم ثقته في أي جهة عدا ولاء عبدو محم، حال دون الوصول إلى الحقيقة و ظلت المخابرات تستشعر خطأ قراءتها من دون أن تعرف أين الحقيقة ..
و صحيح أن العقيد أعلي ولد محمد فال قاد الأمن الموريتاني طيلة حكم ولد الطائع لكنه لم يكن حتى عضوا في جهاز الأمن السياسي الذي كان يقوده العقيد ولد لكور أو قاده لفترة على الأقل و تم الإنفاق عليه بسخاء حيث كان يمنع الإنتساب له على غير أقارب ولد الطائع الذين كان يحق لأي منهم أن يكتتب من يثق فيهم من الناس و يكلفهم بالمهام و يدفع لهم التعويضات كمخبرين من دون أن تكون لهم أي علاقة بالجهاز. و قد تبخر هذا الجهاز بالكامل بعد انقلاب 2005 و ظل يوافي معاوية بتقاريره في المهجر طيلة الفترة التي كان بعضهم يطالب فيها بعودة الشرعية حتى يئسوا من إمكانية عودة نظامه.
كان العقيد أعلي ولد محمد فال طيلة توليه قيادة الجهاز الأمني يفكر في انقلاب عسكري ـ على طريقته ـ فقام بتشكيل جهاز أمني من ذويه نساء و رجالا و أغدق عليهم بالعطايا و تعويضات المهام الخاصة على حساب الجهاز الأمني الرسمي للدولة الذي ظل يتضور جوعا بسبب طغيان المشاريع الخاصة. و قد تبخر هذا الجهاز بدوره بذهاب أعلي ولد محمد فال أو ظل مرتبطا به على الأقل خارج نطاق النظام الرسمي، فكان على ولد عبد العزيز أن يعتمد على جهاز مصغر بلا خبرة من أقاربه و مقربيه و المخابرات العسكرية و مخابرات الحرس والدرك (و هي أجهزة قليلة الخبرة في مجال الأمن السياسي) خوفا من الوقوع في حبائل جهاز أمني ظل طيلة حكم ولد الطائع جهاز قهر بلا رؤية و لا مسؤولية (غير التعذيب) بقيادة أحد أسوأ ضباط الأمن و أقلهم خبرة و كفاءة، المفوض دداهي المطلوب الآن في قضايا حقوق إنسان من قبل أكثر من جهة دولية.
و قد استفادت الحركات الإسلامية من فترة تخبط و ترنح الأمن هذه لتفعل كل ما تريده في البلد تماما كما استفادت من نهاية سيطرة أقارب ولد الطائع على السوق التي كان يصعب أن تدخلها من دون أن يكتشفوا مصادر مالك و يصعب أن تهيمن على أي نشاط فيها من دون أن تدور في فلكهم، فشيدوا إمبراطوريتهم المالية و تحكموا في كل شيء في سباق محموم مع الزمن كمن يخاف أن تضيع عليه الفرصة أو تتعرى حقيقته..!؟
تمويل الحركة :
التمويل في حركة الإخوان المسلمين الأم ذاتي ،بمعنى أن الإخوان يعتمدون على تمويل أعضاء الجماعة للقيام بالأنشطة المختلفة التي يمارسها الإخوان ، ووفقاً للنظام الأساسي للجماعة فإن أعضاء الجماعة مقسمون، على حسب ما تصنفهم الجماعة، إلى مؤيد ومنتسب ومنتظم وعامل، على التوالي ووفقاً لآليات تحددها الجماعة يتم تصعيد العضو من مرحلة إلى أخرى أو من تصنيف إلى آخر، وذلك بعد اجتياز عدد من الاختبارات السلوكية والتثقيفية داخل الجماعة، ومن ذلك يلتزم العضو بدفع اشتراك شهري للجماعة، يقتطعه من دخله الشهري ويستثنى من ذلك الإخوان المصنفين كمؤيدين والطلاب وأصحاب الرواتب الضعيفة. كما أن بعض الأنشطة التي يمارسها الإخوان تمول نفسها ذاتياً مثل المستشفيات ودور الرعاية التي تقدم خدماتها مقابل رسوم الخدمة شبه المجانية.
و تنتهج الجماعة في موريتانيا نفس الأسلوب زيادة على ما يتلقونه من مساعدات هامة و مستمرة من الحركة الأم كمجموعة في طور التشكل (نسبيا) و من بلد فقير مثل كموريتانيا. و الكلام هنا عن حركة الإخوان المسلمين دون غيرهم من الحركات الإسلامية الأخرى الدائرة في فلكها من جهة و المستقلة في عملية بناء ذاتها و تحديد مصادرها من أخرى.
بعد عملية 11 سبتمبر التي تأكد الآن بوضوح أنها كانت مفبركة بكل تفاصيلها الصغيرة و أنها كانت النقلة الهوليودية الكبيرة و الرائعة في الحقيقة، التي أفضت إلى "الربيع العربي" : تكسير عظام النظام القومي العربي كعربون صداقة للحركات الإسلامية و الضغط على قياداتهم المهجرة إلى الغرب من خلال تجفيف الينابيع و التهديد بتسليمهم إلى أنظمة بلدانهم التي تم ترويعها بخطورتهم هي الأخرى من خلال 11 سبتمبر و المواجهة "شرسة السيناريو" مع القاعدة .. و سأفتح قوسا هنا رغم أنني أعرف أنهم سيقولون في كل الأحوال إن الليبراليين "مثلي" و المعادين للإسلام (و هي صفات يطلقونها على كل من يخالفهم)هم من يروجون لهذا الخطاب التشكيكي المشوه للحركة، عن ما جاء في الحديث الخاص الذي أدلى به الباحث المغربي عبد الصمد بلكبير لـ"ايلاف" الذي قال فيه إن صعود العديد من الحركات الإسلامية إلى الحكم في عدة دول عربية كان "أمرًا دبر سلفًا" فالرأسمالية العالمية برأي بلكبير، كانت تتحالف مع رأسمالية الدولة في البلدان العربية على حساب الرأسمال الخاص الذي كانت إيديولوجيته ذات طبيعة إسلامية، وهو تحالف يفسّر كل التحولات الأخيرة في تاريخ المنطقة العربية من قمع مورس على الإسلاميين وإقصاء ونفي واعتقال.
مضيفا: "لكن الأميركيين، والغرب عموماً، تنبهوا مؤخرا إلى شيئين: أولا أن رأسمالية الدولة عندما دفع بها إلى الخصخصة لتخرج من قطاع الدولة وتضعفه لمصلحة القطاع الخاص، كانت النتائج على عكس المتوقع، فهي حافظت على القطاع العام وفي الوقت ذاته أسست قطاعا خاصًا، وبالتالي أصبحت تضرّ في إطار العلاقات الدولية، أكثر مما تنفع الأميركيين، كما حدث في المغرب أو في تونس أو في مصر او سوريا وغيرها من البلدانلا." وأضاف أنه لما طرح موضوع التنازل عن القطاع العام في مصر (من خلال بنك القاهرة)، وفي ليبيا عن البترول، وفي سوريا التي ما زالت فيها المعركة مستمرة، إنما كان الهدف إضعاف الدولة والدخول في نوع من الفوضى الاقتصادية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية حيث السوق الحرة هي المقررة وليست الدولة، كما ذكر بأن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي أسس (بنك الزيتون) وهو شيء يتناقض مع إرادة الغرب، وكان بنكا عتيدا وقويا وكان يتجاوز في طموحه حدود تونس."
هذه الأسباب حسبما يؤكد بلكبير، "دفعت الأميركيين إلى إيجاد حليف آخر غير رأسمالية الدولة، تمثل برأسمال القطاع الخاص الإسلامي الذي يعادي القطاع العام بعداء الأميركيين نفسه له، حيث اتضح أن التناقضات بين الرأسمال الإسلاموي وبين الرأسمال الأميركي الغربي الاستعماري بسيطة ومن الممكن حلها" و يقول رئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين إبراهيم : "هناك غزل بين أمريكا والحركات الإسلامية وهي حركات ليبرالية لا تطرح مضامين اشتراكية وليس هناك تناقض في المصالح أو في المجال الاقتصادي بينها وبين أمريكا"
هذه العملية المعقدة و المنظمة بكل تفاصيلها الدقيقة حولت موريتانيا لأسباب وجيهة إلى منطقة آمنة لتهريب و تبييض أموال الحركة التي كان يدفع بها عن طريق الضغط الغربي إلى الثورة، فبنت إمبراطوريتها المالية و تحكمت في وقت قياسي في السوق :
ـ المواد الاستهلاكية : تسيطر الحركة اليوم بشكل شبه مطلق على حركة السوق في مجال المواد الاستهلاكية من "شارع الرزق" في قلب العاصمة إلى المحلات الكبيرة ، البقالات و المجمعات الغذائية : مجمع آل البيت ، مجمعات كارفور و الدكاكين الصغيرة في الداخل و تشي أسماء محلاتهم بنزعتهم بشكل واسع : البنك الإسلامي، سوق عثمان، عيادة البركة، بقالة مصعب (...) و قد لاحظ التجار من غير أتباع الحركة، الرسالة الدعائية السرية من وراء هذه الأسماء فأصبحوا يطلقونها على محلاتهم للاستفادة من زبنائها الكثر و استفادت الحركة من الأخيرين بدورها في بث جزء و لو شكلي، من رسالتها من جهة و التخفي في هذا الكم الهائل من التسميات العشوائية الطابع التيمنية النزعة. و تعتبر سوق المواد الاستهلاكية اليوم من أسوأ أسواق العالم: التزوير و الغش و انتهاء الصلاحية و انتشار المواد الأقل جودة في العالم و الأسوأ سمعة !؟
ـ سوق أعلاف الحيوانات : يتولى هذه المهمة التي فتحت أسواق البلد للحركة و كانت أولى بوابات تدفق أموالها إليه ، ولد الوالد، شقيق محفوظ ولد الوالد ، كان الأخير مفتي القاعدة الأول و أصبح بعد هروب السوداني الذي كان يتولى مهمة تسيير ممتلكات ابن لادن و تسليم نفسه للأمريكان، المسؤول عنها و المؤتمن على أسرارها) ، اختلف مع ابن لادن بعد تبني الأخير لعملية 11 سبتمبر و ظل الشرخ يكبر بينهما حتى انتهى به الأمر إلى الاعتقال في إيران حيث يوجد الآن في ما يبدو أنه أقل من السجن و أكبر من التحفظ!؟
فتح محفوظ ولد الوالد بوابة تدفق أموال الحركة إلى البلد بعد حملة تضييق الخناق على حوالات الحركة المصرفية في العالم و تتبع كل شاردة في المجال و أصبح شقيقه يدير بعبعا ماليا من خلف محل بيع أعلاف متواضع في روسو و ظهرت من حوله فجأة هالة من المقربين تعمل في ما يشبه خلايا النحل في صرافات، صيدليات، بقالات، محلات بيع أثاث و ظلت تتسع مع الوقت حتى شملت كل مجالات الحياة في غفلة من الجميع لكن عدم خروج هذه الأموال من المحيط القبلي الضيق للرجل (المشهور بالفقر) جعلها مكشوفة رغم إحكام انتشارها الهادئ. و لم يكن غريبا و لا مجرد صدفة أن يكون جل المنتمين إلى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي من أقارب هذا الرجل الذي يعيش بعيدا عن الأنظار حياة بذخ في منطقة محدودة الجغرافيا تربطه علاقات قرابة بأكثر ساكنتها، تزيدها متانة عطاياه السخية التي تعم موظفي الدولة في حيزه الترابي من رجال أمن و حكام و ولاة و سياسيين و مشبوهين ...
ـ سوق الأدوية : يتولى هذه المهمة في الحركة ولد سييدي ، نائب الطينطان الحالي (صاحب فندق شنقيط بالاس) و هو الآن أحد أثرياء البلد (من دون أن يعرف أحد مصدر أمواله) و قد شهدت هذه السوق في فترة سيطرتهم عليها فوضى عارمة، الغش و التزوير بكل أشكالهما حتى تحولت إلى سوق سموم بامتياز و هي الآن أسوأ سوق أدوية في العالم بلا منازع و لا يهم أن يفسروا ذلك بغياب دور السلطة لأن وعيهم بتلك الحقيقة هو ما جعلهم أكثر من يستفيد منها مثل غيرهم بالضبط. و قد كان من الطبيعي أن يكونوا مثل غيرهم كما نفهم لكنهم يرفضون أن يكونوا كذلك بما يحملون من شعارات "لا يأتيها الباطل..." فكان الفيصل أن نعود إلى الحقيقة الأزلية "جربوهم بالدراهم" .
و قد قامت الحركة مؤخرا في نقلة ذكية ينظر أصحابها إلى أبعد، بفتح بعض المصحات ذات الطابع الخيري في الأحياء الشعبية بتعويضات رمزية، (مصحة بوحديده)، في محاولة لاختراق نسيج البنى الاجتماعية للطبقات المسحوقة (و هي القراءة التي يتوقعون و يتمنون أن تركن إليها أجهزة الأمن) لدخول المجال تدريجيا من زاوية الحاجة الآسرة لحركة تعيش في الظلام، دخلت حلبة الصراع الكوني تحت حذر تجوال ليلي فلم تميز بين صديق و عدو و لا بين مسلح و أعزل لتفتح نيرانها على الجميع و يفتح عليها الجميع نيراهم.
ـ سوق الأثاث : و فجأة اكتسحت الحركة سوق الأثاث بالأفرشة و الأواني التركية الفاخرة و المتوسطة : سوق عثمان للأفرشة و الأثاث المنزلي (عرفات) سوق المقاطعة الخامسة، و السادسة في ما يبدو واضحا أنها بوابة تدفق أموال من تركيا تبحث عن نشاط تجاري لتبيضها و إخفاء مصادرها.
ـ الصرافات : و تسيطر الحركة بشكل شبه كامل على سوق الصرافات (الممارسة لأبشع أنواع الربا) و من الواضح أنها عملية خارقة الذكاء لتأمين حركة الأموال بعيدا عن أعين السلطة و ربطها بحركية فروع الحركة في العالم، مستفيدة من ضعف الرقابة الأمنية المحلية على حركة الأموال مما حول البلد إلى إحدى أهم نقاط عبور و تأمين و تبييض ممتلكات الحركة في العالم.
ـ سوق العقارات : بدأت الحركة بعدما انتشرت أموالها بشكل مذهل تهتم بسوق العقارات
لأسباب وجيهة : لأنها أفضل وسيلة لإخفاء المال من ناحية و لأنها سوق أكثر استقرارا رغم محدودية أرباحها يمكن اعتبارها الأكثر أمنا لتكديس أموال فاضت عن السوق.
و تؤمن الفنادق و الشقق المفروشة و البيوت التابعة للحركة قدرا من السرية لأنشطتها الكثيرة و تعيد مصروفات هذه الأنشطة إلى الحركة من النافذة. و ستبدأ الحركة في وقت لاحق في التفكير في امتلاك الأحياء و المناطق كما يفعل الزنوج في غياب الدولة.
ـ شركة شنقيتل : تعتبر سوداتيل إحدى كبريات مؤسسات رأس المال الإسلامي ، تم تهجير رأسمالها الأساسي من السودان (بعد الاضطرابات التي شهدها في السنين الماضية) و نشرها في مناطق بعيدة خوفا من تفكك السودان و وقوعها في أيادي معادية تماما كما تم تهجير رساميل أخرى تحت عناوين و يافطات مختلفة كالاستثمار في البنوك الإسلامية و التأمين الإسلامي و مشاريع أخرى مدرة للدخل تم إبعادها كلها عن المنشأ لكي لا تقع ضحية للتقلبات السياسية و الأمنية في السودان و غيرها من بلدان المنشأ. و يستثمر في شركة سوداتيل معظم الإسلاميين من أسامة بن لادن إلى صغار الأسماء مرورا بحسن البشير و غيره من بارونات الحركة المدللة. تخصص شنقيتل (فرع سوداتيل في موريتانيا) مجمل وظائفها و خدماتها لأعضاء الحركة بشكل علني مكشوف لا شك أنه يخل بطبيعة اتفاقية الاستثمار التي تربطها بالبلد التي يفترض ـ على الأقل ـ أن يكون الموريتانيون بموجبها سواسية أمام فرص العمل و الخدمات و الامتيازات بينما تمارس هذه المؤسسة غير الضرورية أصلا، التي تستنزف أموالنا دون وجه حق، أبشع أنواع التمييز (على أساس الانتماء السياسي) في التوظيف و الدعاية و غيرها من الامتيازات، مستفيدة من ضعف السلطة التنظيمية أمام خدمات "تحت الطاولة" التي حولت كل شركات الاتصال في البلد إلى مؤسسات مارقة تفعل ما تشاء خارج إطار أي ضوابط حتى في الشكل دون أقل حدود المضمون.
و يتذكر الجميع الخبر الذي تناقلته وسائل الأعلام في رمضان الماضي عن تقديم سيارة تابعة للشركة مجموعة من المواد الغذائية الفاخرة للسجناء السلفيين، رفض صاحبها الإعلان عن اسمه بحجة وجوب سرية صدقة السر ؟؟ و تكتسح الحركة اليوم سوق الهواتف النقالة و بيع بطاقات التزويد و مضاربات تحويل الرصيد و بيع الشرائح و تسجيلها باسم من يشتريها في لحظات تماما كما لو كانوا فروعا رسمية من المؤسسة ، الشيء الذي يربك الحالة الأمنية بعد فرضها تسجيل البطاقات باسم أصحابها ليكونوا مسؤولين أمام القانون عن أي تلاعب يحدث عن طريقها، كما في كل أنحاء العالم.
نشير هنا بالمناسبة، إلى الطبيعة الاحتكارية المحكمة للحركة و هو احتكار ربما كان بسبب الهاجس الأمني في بعض أوجهه لكن المتتبع لأدق تفاصيله يكتشف أنه نهج عقابي للمجتمع ربما انطلاقا من وجهة نظر " المودودي " الذي وصل فكره إلى قلب الإخوان المسلمين ، وعبرها إلى العالم العربي عن طريق كتابات سيد قطب ، و خاصة مفهوم جاهلية المجتمع ، ودور الصفوة في إرساء أسس المجتمع الإسلامي و ربما كانت وسيلة إغراء سياسي تعزف بوضوح على وتر المجتمع الحساس بالطريقة الأمثل ؛ فلا يستفيد من حركة أموال الحركة الضخمة لأي سبب و مهما كانت الظروف غير منتسب إليها. هذه الانتقائية المبالغ فيها جعلت الحركة ترتكب خطأ فادحا ـ على المستوى الأمني ـ فاتها أنه يكشف أسرارها الأخطر من حيث لا تدري : فإذا رأيت اليوم شريكا تجاريا لأحد أعضائها مهما كان بعده (ظاهريا) من الحركة ، فتأكد أنه أعلن انتسابه إليها .. إذا رأيت محاميا يدافع عن أحد سجنائها، تأكد أنه عضو بارز في الحركة.. إذا رأيت طبيبا يعمل بمنتهى المهنية في إحدى عياداتهم مقابل أجر، تأكد أنه عضو بارز في الحركة.. إذا رأيت أحدهم يشتري خبزه الصباحي من محل تجاري، تأكد أن صاحبه عضو في الحركة و ممول من طرفها.. إذا رأيت أحدهم يصلي في مسجد (حتى الصلاة في المسجد)، تأكد أن إمامه يتقاضى راتبا من الحركة ("سأصلي مع كلياني كما يقول باستمرار أحد قادة الحركة ساخرا)؟؟
ـ قطاع النقل : و استهدفت الحركة قطاع النقل برؤية واضحة ؛ فمردوده المادي كبير و يوفر فرص عمل كثيرة و يسهل بناء شبكة معلومات واسعة على الصعيدين الإعلامي و المخابراتي (في حدود توفير المعلومة عند الحاجة و التعود على الاحتكاك و التعامل مع الأجهزة الأمنية على الأقل) و لا شك أن عملية "عدل بكرو" الأخيرة تدل على أن المعلومات التي تم انتقاء النقطة على أساسها ، كانت دقيقة و خطيرة و كافية للتأكيد على وجود شبكة مخابرات داخل البلد هي التي حددت المكان و التوقيت و الطريقة و ربما تكون تولت جزء من التنفيذ بشكل أو بآخر ..
ـ سوق الوراقات : يسهل عند توزيع بيان موقع على نطاق واسع أن تتتبع مصدره من خلال سوق الوراقات . و تعتمد أجهزة الأمن منذ زمن طويل على سوق الوراقات ومكاتب الترجمة و خدمات صناعة الأختام و بطاقات الدعوات و الكاليغرافيا و السيريغرافيا و بيع الحبر لمتابعة أنشطة الأحزاب و الحركات و العمل السري و قلما ينتبه من يشتري عدة علب حبر لسحب كمية كبيرة من الأوراق في مكان آمن أن عليه أن يشتريها من عدة وراقات حتى لا تتم مراقبته. لقد انتبهت الحركة إلى هذا الخطر و تعاملت معه بجد و هي الآن من يستفيد من متابعة الآخرين عن طريقه من دون أن تصطدم بالرقابة الأمنية التي عرفت كيف تعطيها الوجه البريء و كيف تضللها عند الحاجة و قد سيطرت الحركة على هذا النشاط بشكل شبه كامل.
رجال أعمالهم : تقوم الحركة بعملية تمويه محكمة بحيث يكاد لا يعرف أي رجل أعمال فيها بشكل بارز رغم ثرائها الفاحش و يتم تفتيت رأس المال بشكل منظم للتمويه ؛ فالتنافس على مستوى المونوبول يدفع رجال الأعمال بمهاراتهم العالية و أذرعهم الطويلة إلى البحث عن مصادر أموال أي منافس و هذا ما تتحاشاه الحركة بذكاء
و قد أصبح الآن من المؤكد أن محمد الحسن ولد الددو هو من يدير بنفسه بعبع هذه الماكينة المالية الضخمة
البنوك : علينا أولا أن نفهم أنه ليس لدى الحركة ما يمنعها من التعامل الربوي أو لعب القمار أو المتاجرة في أي ممنوع (ديني أو دنيوي) آخر، لكنه عليها أن لا تناقض خطابها الواضح الذي تكتسح المجتمعات العربية و الإسلامية عن طريقه ؛ لهذا كان عليها أن تمارس الدعارة تحت حجاب محتشم و الربا تحت شعار "بنك إسلامي" يكيل بالصاع و يربح بالدولار و له كان عليها أن تدخل الأنشطة الأخرى بعيدا عن شعاراتها بكل مهارات المهنة القذرة البعيدة عن كل أخلاق ؛ فلا يختلف اثنان على أن الإسلاميين يسيطرون اليوم على حوالي 90% من السوق الموريتاني (إذا لم يكن أكثر و بمعنى السوق المفتوح) و لا يختلف اثنان على أن أكثر من 95% (إذا لم يكن أكثر) من شحنة هذه السوق مزورة و مغشوشة و منتهية الصلاحية ، من أدوية و مواد غذائية و أجهزة و مواد بناء و تجهيزات و أواني . و لا يمكن أن يكون هناك ربا و لا تحايل و لا غش يوازي صحة و حياة الناس. لقد أغرق الإسلاميون السوق بهذه المواد الفاسدة و لا يمكن تفسير "إسلامهم" من خلال ما يقولون دون ما يفعلون. و يعرف الجميع الآن أن عملية "شبيكو" المشهورة دخلت البلد عن طريق شخصيات معروفة من الحركة كانت لحاها الوقورة موضوع حيرة ضحايا بشاعتها..!؟
و قد دخلت الحركة قطاع البنوك مؤخرا من خلال البنك "الإسلامي" المؤسس بين محمد ولد انويغظ و ولد الددو (2011) بعدما دخلت كل القطاعات بما يكفي لتبرير شرعية ممتلكاتها و هي أكبر عملية تبييض أموال تقوم بها الحركة لا شك؛ و لا أدري بماذا يرد ولد الددو على "من أين لك هذا" إن كان يدري من أين له بالفعل!؟
من خلال السيطرة على جميع هذه الأنشطة أصبحت الحركة اليوم تؤمن احتياجاتها على جميع الأصعدة من إمكانية إخفاء الأفراد و حركة الأموال إلى سرية الاجتماعات إلى العلاج و العمليات الجراحية غير المعقدة (على الأقل) هذا على الصعيد الأمني أما على صعيد التوسع و الانتشار فقد فكت شفرة الاستمرارية بنجاح من خلال أنشطة مدرة للدخل يتم تسييرها بإحكام، تؤمن عددا هائلا من الوظائف لمنتسبيها في بلد يخنقه الفقر والتخلف البطالة.
و مهما يكن الدور الذي لعبته الحركات "لإسلامية" فقد جعلوا كل مسلم في حيرة من أمره و خلطوا الأوراق مثلما لم تخلط من قبل و حولوا الدين إلى تجارة في المزاد السياسي و أربكوا الرأي العام حتى أصبح المسلم ضائعا لا يدري من يصدق و لا من يكذب و هذا بكل تأكيد هو أسوأ ما يمكن أن ينتظر من أمثالهم.
[b]
الحركة الإسلامية لغز حقيقي ؛ فبعد مرحلة الدعوة و الإرشاد الوديعة حد الخمول و الزهد تكون بحاجة إلى درس واحد لتفهم أن من واجب المسلم أن ينخرط في تنظيم سياسي منظم ليعطي قيمة لموقفه من أعداء الله (تبارك و تعالى علوا كبيرا) .. بعد الانخراط في تنظيم حركة الإخوان المسلمين تكون بحاجة إلى نسخة من كتاب الفريضة الغائبة لتعلن استعدادك الكامل لحمل السلاح في وجه أعداء الله و رسوله (عليه أزكى الصلاة و السلام).. و بعد مواجهة مسلحة واحدة تكون تجاوزت منطقة اللاعودة : أنت الآن مطلوب حيا أو ميتا، يتسلل بين أعداء الله و معاونيهم و أصدقائهم و جواسيسهم و المتعايشين معهم و الخاضعين لقهرهم و غير المبالين بأمرهم و كلهم بهذا التصنيف أعداء لله و رسوله و المؤمنين بالقصد أو بالنتيجة؛ تلك هي الفتوى الجامحة التي تحتاجها حينها لتكون مجاهدا عظيما و زعيما أسطوريا يقتل من أجل القتل و يموت من أجل الموت؟
لا توجد أي علاقة تنظيميا بين أي من هذه الحلقات لكنها متتالية تصنع نفسها بطبيعة الحال؛ و هنا لا شك، كانت عبقرية المنظرين للحركة التي جعلت الكثيرين يتيهون بين التسميات في غياب أي دليل مادي على أي علاقة بين هذه الحلقات المحيرة التنافر و التناغم.
لا شك أن مرارة الواقع العربي كانت مدعاة حقيقية لمثل هذا الجنون و لا شك أن ما وقع على هذه الحركة النبيلة المبادئ من ظلم و قهر الأحكام العربية و القومية منها بصفة خاصة ما كان يمكن أن يفضي إلى غير الجنون..
لقد انبرت هذه الحركة () بشجاعة أسطورية و إيمان و ثبات لكل الأحكام العربية الخائنة، العميلة، المتواطئة مع أعداء الأمة ومن المؤسف أن تصبح قناعتها اليوم في أن تخون و تتواطأ مع أعداء الأمة أنفسهم لتحتل مكانة هذه الأحكام العميلة للدوائر الغربية مثل ما يحدث الآن بالضبط.
لقد كانت مصيبة الأمة في هدر أموالها و طاقاتها و دماء أبنائها لكن مصيبتها اليوم في دينها: فماذا نقول حين تصبح أهم زعامات الحركة الإسلامية بين من يحملون رتب سفراء في الحركة الماسونية و من يتولون الإفتاء لحلف الناتو؟
ـ ليست هناك سياحة في مصر و لا في تونس بأي معنى ثقافي و لا استكشافي على الأقل و إنما هي سياحة شواطئ و دعارة مفتوحة تماما مثل باتايا (تايلاند) و لم يكن غريبا و لا متناقضا أن يرعاها زين العابدين و لا حسني مبارك كأحكام علمانية لا تفكر في غير ما تدره من دخل على بلدانهم المنهوبة، لكن أن تصبح هذه الحرفة الساقطة في كنف و رعاية و حماية أحكام إسلامية "تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر" يكون من واجبنا أن نتذكر أن العبقرية الغربية قد وجدت الآن مبتغاها بالضبط : الآن يظهرون للعالم عن طريق هذه الحركات التي تم تقديمها بطريقة استثنائية كممثل شرعي للإسلام و كناطق رسمي باسمه، أن الإسلام لم يكن سوى كذبة .. أن الإسلام لم يكن سوى نسخة أخرى من أضعف أناجيلهم صحة .. أن الإسلام دين مصالح يتلون بتلون أصحابه و يتغير بتغيرهم ؟؟؟
ـ ماذا نقول حين يصل الأمر إلى تدافع قادة الحركة الإسلامية أمام بوابات القنوات التلفزيونية الإسرائيلية ليقول أهم زعمائها في مصر الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح لرئاسة الجمهورية في حديث للقناة الإسرائيلية الثانية أنه يجب احترام المعاهدة بين دولة مصر والدول الأخرى (أي دولة إسرائيل) و أنه يجب المقاومة المسلحة للمحتل في إشارة واضحة إلى حدود 1967 دون الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل عام 1948؟ و ماذا نقول حين يتحدث عضو جماعة الإخوان المسلمين في سوريا "علي صدر الدين البيانوني" مع نفس المذيع ليعترف بدوره بشرعية "إسرائيل" و ماذا يمكن أن نفهم من هذا سوى أن نجاح الثورة الشعبية في سوريا سوف يؤدي إلى اعترافها "بدولة إسرائيل"؟
و أين هذا من رفض الإخوان المسلمين الاعتراف بإسرائيل و قول محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق للجماعة: "هذه المسألة ثابت من ثوابت الجماعة وليست محل جدل أو نقاش" أي عدم الاعتراف بإسرائيل؟
ـ ماذا يبقى من إسلام "الإسلاميين" إذا تنازلوا عن ثالث الحرمين و مسرى سيد الوجود عليه أزكى الصلاة و السلام مقابل مقعد حكم تؤكد كل المعطيات أنهم سيكونون أتعس من يجلس عليه و أشقى من ينزل عنه؟
ـ و عن من ترضى النصارى اليوم أكثر من القرضاوي و آردوغان، و ولد الددو، أم أن تلك لم تعد سمة و لا معرة؟
لقد أصبحت حسابات الحركة الإسلامية تطغى بوضوح على المبادئ التي تأسست عليها و المهمة التي حملت على عاتقها !؟ :
ـ في ندوة بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية تحت إشراف عميد المعهد الدكتور محمود أبو العينين نفسه، قال الترابي إن "فصل الدين عن الدولة في الإسلام وجد منذ عهد معاوية". ؟؟
هناك الآن ملاحظات هامة، ليس أمامنا في غياب ردهم عليها إلا أن نفسرها ببديهي ما تعنيه:
ـ بماذا تفسر الحركة الإسلامية نجاة كل البلدان الملكية من الثورات؟ و لماذا ـ رغم أن الملكية دخيلة على الإسلام ـ لا يتحدث مشايخ الحركة أبدا أبدا عن الآية الكريمة " إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها" (ص) و يتحايلون دوما على تفسيرها؟
ـ بماذا يفسر العقلاء تولي بلدان عربية ـ مازالت أبسط مظاهر الديمقراطية الشكلية من الموبقات في بلدانها ـ تمويل الثورات العربية؟
ـ من يتبرع على أرضنا بالرد على هذا السؤال الساذج : على ماذا تتصالح الحركات الإسلامية اليوم مع الدوائر الاستعمارية الغربية؟
ـ هل تغيرت النظرة الغربية للإسلام أو تغيرت نظرة "الإسلاميين" إلى هذا الغرب المكرس لكل جهوده لتأكيد بطلان أقوى حجة في وجه أباطيله؟
ـ لماذا كان على أسامة بن لادن أن يموت (من دون أن يموت) حين أصبح "الإسلام هو الحل" للدوائر الغربية؟
ـ كيف عجزت أمريكا بكل عبقرية هوليوود أن تقدم سيناريو ـ و لو ضعيف ـ يثبت وفاة بن لادن؟
ـ إذا كان الإسلاميون اليوم راضين عن ما وقع في السودان (الحروب الأهلية و المجاعة و الانفصال و الهيمنة "الإسلامية" على كل شيء)، فلماذا يطلب منا أن نجرب حكمهم؟
ـ كيف تتعايش المفاهيم الدينية الجوهرية (حق المرأة في الميراث و المساواة، حق الوصاية عليها من قبل الرجل (الوكيل)، القصاص، الدية، المعاملات المصرفية، .. مع المفاهيم الليبرالية البحتة : المساواة ، سن الرشد، حرية التعبير و الاختيار ؟ أم أن "الإسلاميين" يعتقدون أن الإسلام إسلامهم يفسرونه كيفما شاءوا حسب المقتضيات و علينا نحن أن نكون الغرباء المتلقين لكل تفاسيرهم المطوعة لإكراهات فقه الضرورة و "فن الممكن"؟
و من الصعب أن نتحدث عن تاريخ نشأة الحركة الإسلامية في موريتانيا لما مرت به من مراحل و توجهات و أشكال و ألوان أثرت كلها بقدر في واقعها اليوم.
و من المثالي الآن أن نتجاوز بعض مراحلها التأسيسية المتلبسة لما انطوت عليه من تكتيك تمويهي و مناورات بارعة الحيل أحيانا في التضليل. و سيكون من المثالي أكثر أن نتجاوز خلافات أجنحة الحركة المفتعلة أحيانا و التفاعلية أخرى، التي انطلت أحيانا حتى على بعض رموز منتسبيها:
ـ "الإسلام هو الحل" (هذه هي نقطة الإجماع)
ـ لكل ظروفه الخاصة التي تملي عليه خطابه و طريقته (هذا هو النهج)
ـ نلتقي بعد العبور (هنا تصبح الحركات الإسلامية حركة إسلامية واحدة بقيادة الإخوان المسلمين).
لقد تم تحديد هذه الخيارات تحت ضغط حصار مرير بالفعل عرفت فيه هذه الحركة العالمية الوديعة المظهر التي "لا تريد سوى كل شيء فقط"، اضطهادا لا حدود له على أيادي أحكام دكتاتورية لا يزعجها شيء أكثر من الإسلام و ظلت الدوائر تكبر و تتماسك من حولها حتى أصبحت في مواجهة العالم أجمع. وحين تم اختراق الحركة في مراحل مواجهتها مع الغرب البارع في المجال عن طريق قيادات مهجرة إليه من بلدانها، كان من الطبيعي أن تحصل الكارثة ليصبح الإسلام "هو المشكلة" و تبرير الظروف الخاصة "هو الحل" و التيه هو المصير الحتمي. و كل المؤشرات تؤكد أن السنين القادمة ستعرف مواجهات دامية بين فصائل الحركة، مشابهة تماما في الوسائل و المبررات لصراع المافيا على المال و النفوذ.
توغلت الحركة في موريتانيا بهدوء و استهدفت شخصيات تعيش في أحضان النظام تتمتع بقدرات هائلة على التلون ما زال بعضها حتى اليوم بعيدا عن الأنظار رغم المكانة المرموقة التي يحتلها في الصفوف الأمامية للتنظيم على المستوى العالمي قبل المحلي، مكنتها من الوصول إلى جميع أهدافها بهدوء و تحت الغطاء الرسمي للسلطة في الغالب!
بعد تسللها في سرية كاملة إلى لائحتها المستهدفة من الرسميين و شبه الرسميين من الشخصيات الدينية المرموقة في البلد التي يعتبرها النظام جداره الأمامي في مواجهة زحف "الإسلام السياسي المرعب"، بدأت هذه الشخصيات في إقناع النظام (المرتزق تماما مثلها) بإغراءات المد الوهابي الممول بسخاء من السعودية و دول الخليج و طمأنته بأن الإنسان الموريتاني محصن بثقافته المالكية الأشعرية و طبيعته البدوية المفتوحة التحرر من أي تطرف ديني و هي نصف حقيقة مضحكة، نسيت إينتلجانسيا السلطة أن ضعف الموريتاني أمام المال أكد عدم صحتها المطلقة على مستوى العلماء و السلطة، فكيف لا يؤكدها على مستوى العموم الجياع؟
كان أول منبر علني للحركة يظهر في البلد بعد فترة العمل السري التي بدأت في منتصف السبعينات، "جمعية الدعوة الإسلامية" (بداية الثمانينات) برئاسة محمد المختار كاكيه و كان من أبرز مؤسسيها بوميه ولد أبياه (أستاذ نقابي متمرس)، حمدن ولد التاه (وزير و سفير سابق مع عدة مناصب أخرى)، إسلمو ولد سيد المصطف (المدير المؤسس للمعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية و وزير الثقافة و التوجيه الإسلامي لاحقا)، الحسن ولد مولاي أعلي، عبدو محم (رجل أعمال و صاحب نفوذ )، سيدي محمد ولد أسيساح (عمدة سابقا مدير مساعد (لاحقا) للمعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية.
كانت المملكة العربية السعودية تتولى تمويل الجمعية و رعايتها بشكل شبه علني ..
و من بين ما قامت به الجمعية إقناع المملكة العربية السعودية بتمويل و إنشاء المعهد العالي للدراسات و البحوث الإسلامية (بداية الثمانينات) و المعهد السعودي لدراسات علوم القرآن التابع لجامعة محمد بن سعود الإسلامية (أغلق 2003 بعد انقلاب الإسلاميين الملثم ، الذي تم فيه اجتثاث بقية الحركات القومية من الجيش) و المعهدين يعود لهما الفضل في نشر التيار ألإخواني ذي الميول و النزعة الوهابية الذي تأسس في بداية التسعينات و تم تكليفه ببناء ذاته سريا بطريقة مستقلة عن دوائر النظام و تكليف الجمعية الإسلامية بالعمل التمويهي مع دوائر النظام للتغطية على أنشطة الحركة . و هذه هي كانت عملية اختراق النظام الذكية من قبل الحركة التي مازالت مستمرة حتى اليوم . حيث يرأس حزب النظام اليوم أحد رموز هذه المجموعة المعروفين و يتولى بعض فقهائها فتاوى إذاعة و تلفزيون النظام و يحتل أحد رموزه المعروفين وظيفة سفير في دولة خليجية و تكاد علاقة الأخير و رئيس حزب الدولة و شخصيات عديدة أخرى تشي بما يشبه التأكيد بانتماء أحد أهم أركان المؤسسة العسكرية للحركة، لا سيما بعد انتشار قبيلته في صفوف التنظيم بهذا الشكل الكبير و المفاجئ الذي حولها إلى أغنى قبيلة في البلد من دون مقدمات مقنعة رغم بعدها من المهنة و تقاليدها تاريخيا. و لا أدري من أقنع ولد عبد العزيز بتولي العلامة محمد الحسن ولد الددو (الزعيم الروحي للحركة و القيادي بها على المستوى العالمي)، إلقاء دروس توجيهية على الجنود الموريتانيين في الثكنات العسكرية قبل فترة و هو أكبر اختراق لصفوف النظام تنجزه الحركة و لو لم يتم تداركه بسرعة لكان هو اليوم من يجلس على كرسي الرئاسة برتبة مشير. إذا صحت فرضية انتماء هذا "الركن" إلى الحركة (و من الصعب أن لا تكون صحيحة) فهذا يعني حتما أننا على أبواب مواجهة وشيكة بين النظام و الإسلاميين؛ لا سيما أنه رجل فرنسا الأول في الجيش اليوم و قد قرر ولد عبد العزيز بعد زيارة وزير خارجية بريطانيا، تبني المشروع الجزائري في بناء حلف مع أمريكا ضد عودة تصاعد النفوذ الفرنسي في المنطقة بعد احتلال ليبيا رغم ما تعيشه المنطقة من خلط أوراق يربك كل التحاليل و بداية تشكل حلف عالمي جديد حول سوريا أربك أمريكا و الاتحاد الأوروبي: الروس ، الصين ، الهند ، كوريا الشمالية ، البرازيل ، فنزويلا، كوبا ...، هو اليوم ما يجعل أمريكا تراجع بحذر سياسة "الفوضى الخلاقة"
و إذا صحت الفرضية يكون تقديم الحركة لجناحها العسكري المعلن (...) بطريقة شبه استعراضية و إصدار الأوامر إليه برفع وتيرة خطاب التشنج ضد نظام ولد عبد العزيز و التحالف مع حركة "لا تلمس جنسيتي" و بيرام ولد اعبيد، و أي شيطان آخر ، عمل تمويهي ذكي يراد منه لفت الأنظار عن حقيقة أهم، في طور التشكل في مكان ما، تماما مثل إصدار الأوامر إلى جميل منصور (قائد جناح الحركة السياسي التمويهي) بالتلميح في خطبه و مقالاته إلى ثورة تعتمل في العلن للفت الأنظار عن نيران مطبخ الثورة الخفية المستعرة في ورشات القيادة الرسمية للحركة بالغة الإحكام و السرية. و يرى الأستاذ الباحث رياض الصيداوي مدير ومؤسس مركز الوطن العربي للأبحاث والنشر بجنيف أن "في علم اجتماع الثورة تنجح هذه الأخيرة بتوفر ثلاثة عوامل أولها راديكالية الحركات الشعبية ومطالبتها برحيل الحاكم بدل المطالب الإصلاحية وهو ما حدث في تونس مع بن علي ثم ثانيها تفكك النخب الحاكمة وانقسامها على نفسها وهو ما حدث في كل الثورات من تخلي وزراء ومستشارين وغيرهم. أما ثالثها فهو دور الجيش أي حياده وتخليه عن النظام" و هي أمور قائمة كلها في موريتانيا عدا الأول بسبب إصرار الإسلاميين و ولد داداه على خطف الأضواء من الجميع و إصرار كل منهما على كسب نتيجتها وحده دون غيره.
و سيكون علينا في موريتانيا ، إذا وصلت الحركة الإسلامية إلى الحكم عن طريق انقلاب عسكري (في حضن نصف ثورة) و هو أمر محتمل عكس وصولها إليه عن طريق الثورة، (لا سيما بعد التعاقد المفاجئ مع شركة توتال المسؤولة الأولى عن جل الانقلابات العسكرية و الحروب الأهلية في إفريقيا) أن ننتظر حالة السودان بالضبط: استولى الإسلاميون في السودان أواخر الثمانينات على الحكم في انقلاب عسكري بقيادة الجنرال أحمد حسن البشير و بالإرشاد الديني و الزعامة الروحية لحسن الترابي (الذي وصفه الإعلام الأمريكي يوما بأنه أقدر خطيب على تحريك الشعوب) و تمت مصادرة الحريات و الأموال و القرار و الرأي بشكل مطلق في السودان و لم يعد يسمع فيه غير صوت الحركة الإسلامية و ضجيج ماكينة أجنحتها الداخلية المتصارعة على المال و النفوذ الذي أودى بالسودان إلى الحالة المزرية التي يعيشها اليوم حيث انشطر إلى دولتين و ما زال مهددا بانشطارات أكثر بسبب صراعات الحركة الداخلية؛ فقد شجع حسن الترابي في صراعه المرير مع رفيق دربه بالأمس حسن البشير كل حركات التمرد و الساعين إلى تفتيت السودان بمنطق المقولة الماكيافيلية الشهيرة "عدو العدو صديق" لا بمنطق سماحة الإسلام "أنصر أخاك ظالما أو مظلوما"، ليدفع السودان في هذه المواجهة العبثية أثمانا باهظة من التمزق و الصراعات و الويلات والحروب الأهلية على يد الحركة الإسلامية أكثر من أي نظام حكمها عبر التاريخ. و قد بدأت هذه الصورة تتشكل في موريتانيا اليوم حتى قبل وصولهم إلى الحكم الذي يستبعد في كل الأحوال أن يصلوه بغير انقلاب في حضن ثورة من الصعب أن يفضي إلى نتيجة انتخابية لصالحهم (و سأعود لاحقا إلى هذه الإشارة بالتفصيل للحديث عن مخطط التقسيم الهادف إلى ولادة دويلات تابعة للبربر وأخرى عربية وبوليساريو وغيرها، متناحرة ومتمايزة، كما ورد في مجلة "كوفنيم اليهودية" التي تصدر عن الوكالة اليهودية العالمية، قبل سنوات مضت عندما نشرت تقريرها حول تقسيم المنطقة العراقية في عام 1989، وقد أكدت في ذلك التقرير على التقسيم في العراق وسوريا ولبنان والسعودية ومصر).
و قد ظلت الحركة في عهد معاوية تنتهج نظام أجنحة ذكي : جناح مع النظام بقيادة عبدو محم، يغطي على حقيقة الجناح المساير للمعارضة ليستفيدوا من وظائف النظام و محاسن مواقف الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .على مستوى الشارع.
و قد استقرت تشكيلة أجنحة الحركة بعد تحولات عديدة و مخاض طويل و بعد تولي ولد الددو لزعامتها الروحية دون منازع بتزكية خارجية مطلقة إلى:
ـ جناح سري يعمل كل شيء في الخفاء : جمع المال و تسييره ، التوجيه العام، المتابعة، التقويم يقوده الزعيم الروحي نفسه.
ـ جناح سياسي تمويهي، مهمته خلط الأوراق و طمأنة النظام و مشاغلة الساحة السياسية و صنع واجهة مزيفة للحركة، تقوده مخابرات الدولة كعربون صداقة كاذبة الصدق من طرف و صادقة الكذب من الآخر..!
ـ جناح عسكري معقد التركيبة، بعضه يعلن العصيان المسلح تحت غطاء تمويهي و بعضه يتشكل من ضباط و جنود قدماء تحت يافطة سياسية مرخصة و بعضه ضباط و ضباط صف و أفراد من الجيش و الأمن ما زالوا تحت العلم ، يعملون باستمرار على توسيع تواجدهم و اختراقهم لهذه الأجهزة المحصنة.
و قد انتشرت الحركة في موريتانيا من بوابة القبائل و الأسر بما يكفي لتفسير خصوصيتها غير المعلنة في البلد و فشلها في الانتشار على مدى أوسع: (أولاد أبيري، إداب لحسن، أولاد ديمان، تندقه، تاشدبيت، إديبوسات، تنواجيب (الطينطان بصفة خاصة)، إديقب ، مجموعة أهل المبارك المتواجدة في وادي الناقة) و على تضاريس خارطة صراع تاريخي مندرس، يتم إيقاظه الآن بقوة (مع رتوش تصحيحية)، في نفس الثوب الإسلامي الذي دفن فيه.. قبائل زوايا ، أكثرها والت الاستعمار بنفس الذرائع و المبررات (السيبه) التي تحمل بها سلاح الجهاد اليوم ضد نسخة "السيبه" الثانية (الفساد) .. قبائل زوايا اشتهرت (في نفس الإطار) بخلافها التاريخي مع الطرق الصوفية المنتشرة في منطقة الساحل و الصحراء و المتفقة مع المذهب الوهابي في التصوف في نبذ التصوف.
رؤية الإخوان للمرأة
منذ قيام الجماعة، أسس حسن البنا قسم الأخوات المسلمات وكانت أول رئيسة لهذا القسم هي لبيبة أحمد وأنشأ أيضا معهد أمهات المؤمنين في الإسماعيلية، كما أن الجماعة رشّحت أكثر من مرة نساء على قوائمها الانتخابية مثل د.منال أبو الحسن وجيهان الحلفاوي في مصر، أم نضال، ومريم صالح في فلسطين، ود. حياة المسيمي في الأردن.غير أن الجماعة في مصر تتمسك بعدم أهلية المرأة لرئاسة الدولة ولكن لها ما دون ذلك من المناصب بما فيها رئاسة الوزراء..
و في موريتانيا قامت الجماعة بتأسيس نادي عائشة و نادي مصعب في أواخر التسعينات، برئاسة أميلمنين بنت اجريفين ، زوجة جميل منصور (و يطلقون عليه أحيانا نادي أم المؤمنين ) و يشرف على النوادي ولد الددو و ولد أبواه للتعبير عن أهميتهما في فلسفة الجماعة .. يتلقون محاضرات من ولد الددو في ثلاث مساجد: مسجد جعفر عند ملتقى طرق " تن اسويلم" و مسجد في المنطقة المقابلة له من دار النعيم و مسجد أسامة في عرفات) تقود هذه النوادي نساء تحتل مواقع قيادية رديفة عادة (زوجات أو بنات لقيادات سامية بالحركة) و تكلف بمهمة تجنيد الفتيات. تستهدف هذه النوادي فتيات الأحياء الفقيرة بإغراءات مادية في خطاب ممجوج يغازل ضعفهن (العوز و العنوسة) في قالب وعظ مكثف يمهد العاطفة و الوجدان لتكوين إيديولوجي محنك بشعارات دينية مؤثرة تحول الحياة إلى فلسفة تضحية تشتري كل متعة في الحياة بأضعافها في الآخرة. تصبح هذه الفتيات بعد فترة وجيزة، غريبات على المجتمع باحتشام يدير الظهر لقوانين الطبيعة و لباقة الجمال و خطاب تتفيه للحياة مثير للشفقة، يمهدهن ـ بلا ضوابط ـ إلى تقبل "مثنى و ثلاث و رباع" و يحولهن إلى سوق مفتوحة لزواج متعة (سرية) أقرب (في شكله على الأقل) إلى دعارة مقنعة. و يتحدث البعض عن وجود جهاز خاص لتنظيم هذه الزيجات العرفية و الحفاظ على سريتها و تسجيل وقائعها كجهاز حالة مدنية بديل . و من الصعب أن تفهم لماذا تلجأ الحركة إلى تبني الزواج العرفي في نهجها لكن المنطق يقول بأنه مثل رواتب الجيش ، تستطيع بمعرفة حدودها أن تقدر عدد الجنود من ناحية كما أن الحركة التي تفرض سلوكا صارما على منتسبيها، ارتأت من ناحية أخرى، أن تؤمن لهم الجانب الأكثر تهديدا للأسرار في حياة الإنسان فتدبرت الأمر باكتتاب قوافل من النساء لتمكن منتسبيها من الحياة في قطيعة كاملة مع المجتمع. و تعيش هذه النساء الأميات (في الغالب) تحت إرهاب فكري لا حدود له من خلال محاضرات مستمرة تركز على أهوال يوم القيامة و فضائل الطاعة الزوجية التي تركز على كتم أسرار الزوج و عدم الإسراف في ماله و الطاعة العمياء لأوامره من دون أن يتحدثوا لها يوما عن حقها في غير المأكل و الملبس و السكن في أدنى حد ممكن!؟
بنية التنظيم
منذ نشأة الجماعة عام 1928 وضع حسن البنا أسس العمل السياسي للإخوان، فهم ليسوا مجرد جماعة دعوية دينية فقط ولكنهم أيضا هيئة سياسية نتيجة لفهمهم العام للإسلام وأن مشاركتهم السياسية تأتي من منطلق الإصلاح في الأمة وتطبيق تعاليم الإسلام وأحكامه. و بمتابعة دقيقة لبنية التنظيم في موريتانيا نكتشف أنها تشبه إلى حد بعيد بنية ما يعرف "بنظام الأسر" في المافيا في التمويه و التخفي و السرية : على المستوى التجاري يبتعدون عن وشاية المونوبول و يتجهون إلى القطاع الخدمي الأكثر حركية و الأقرب إلى القاعدة المستهدفة، لكثرة ما يعطي من وظائف مدرة للدخل تناسب تكوين قواعدهم الشعبية المنتشرة حتى في القرى النائية المستهدفة. و تظهر أسماؤهم الكبيرة في المجال كتجار لا كرجال أعمال . ينتهجون نهج "تفتيت رأس المال" لتفادي المنافسة و ما تؤديه من متابعة من طرف المنافسين لمعرفة مصادر منافسهم، لتعميم الفائدة و الاستيلاء على أكبر حيز من السوق الاستهلاكي ..
ـ على مستوى تجنيد الكوادر ، تسمح لهم الحركة بالتمسك بمواقعهم الوظيفية و حتى الحزبية و الابتعاد عن أنشطتها للعب أدوار إخبارية و استخباراتية و سياسية نخبوية متطورة. و بنظرة بانورامية إلى تضاريس خارطة هذه الحركة البعبع نكتشف أنها اخترقت النظام و الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .على السواء بأسلوب تضليلي محكم يجعل من يتكلم عن حقيقتها يهذي خارج حدود أي منطق بما لا يمكن أن يتأتى بأي حال :
ـ رئيس أهم حزب يعتمد عليه النظام و أمينه العام (وزير)
ـ نائب رئيس أهم حزب في الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .
ـ رئيس إحدى أهم المحاكم "السامية" .
ـ أهم شخصية في سلك المحامين
ـ رئيس أهم مجلس تشريعي في البلد
ـ و مدير الجريدة التي حظيت بأهم امتيازات الدولة (عضو خلية جميل منصور، في بداية تأسيس الحركة)
الجهاز الأمني الموريتاني و الحركة الإسلامية :
بعد انقلاب صالح ولد حننا بدأت مخابرات ولد الطائع تكتشف بعض أخطائها في فهم البعبع الإسلامي لكن ترنح معاوية و اضطراب تفكيره و عدم ثقته في أي جهة عدا ولاء عبدو محم، حال دون الوصول إلى الحقيقة و ظلت المخابرات تستشعر خطأ قراءتها من دون أن تعرف أين الحقيقة ..
و صحيح أن العقيد أعلي ولد محمد فال قاد الأمن الموريتاني طيلة حكم ولد الطائع لكنه لم يكن حتى عضوا في جهاز الأمن السياسي الذي كان يقوده العقيد ولد لكور أو قاده لفترة على الأقل و تم الإنفاق عليه بسخاء حيث كان يمنع الإنتساب له على غير أقارب ولد الطائع الذين كان يحق لأي منهم أن يكتتب من يثق فيهم من الناس و يكلفهم بالمهام و يدفع لهم التعويضات كمخبرين من دون أن تكون لهم أي علاقة بالجهاز. و قد تبخر هذا الجهاز بالكامل بعد انقلاب 2005 و ظل يوافي معاوية بتقاريره في المهجر طيلة الفترة التي كان بعضهم يطالب فيها بعودة الشرعية حتى يئسوا من إمكانية عودة نظامه.
كان العقيد أعلي ولد محمد فال طيلة توليه قيادة الجهاز الأمني يفكر في انقلاب عسكري ـ على طريقته ـ فقام بتشكيل جهاز أمني من ذويه نساء و رجالا و أغدق عليهم بالعطايا و تعويضات المهام الخاصة على حساب الجهاز الأمني الرسمي للدولة الذي ظل يتضور جوعا بسبب طغيان المشاريع الخاصة. و قد تبخر هذا الجهاز بدوره بذهاب أعلي ولد محمد فال أو ظل مرتبطا به على الأقل خارج نطاق النظام الرسمي، فكان على ولد عبد العزيز أن يعتمد على جهاز مصغر بلا خبرة من أقاربه و مقربيه و المخابرات العسكرية و مخابرات الحرس والدرك (و هي أجهزة قليلة الخبرة في مجال الأمن السياسي) خوفا من الوقوع في حبائل جهاز أمني ظل طيلة حكم ولد الطائع جهاز قهر بلا رؤية و لا مسؤولية (غير التعذيب) بقيادة أحد أسوأ ضباط الأمن و أقلهم خبرة و كفاءة، المفوض دداهي المطلوب الآن في قضايا حقوق إنسان من قبل أكثر من جهة دولية.
و قد استفادت الحركات الإسلامية من فترة تخبط و ترنح الأمن هذه لتفعل كل ما تريده في البلد تماما كما استفادت من نهاية سيطرة أقارب ولد الطائع على السوق التي كان يصعب أن تدخلها من دون أن يكتشفوا مصادر مالك و يصعب أن تهيمن على أي نشاط فيها من دون أن تدور في فلكهم، فشيدوا إمبراطوريتهم المالية و تحكموا في كل شيء في سباق محموم مع الزمن كمن يخاف أن تضيع عليه الفرصة أو تتعرى حقيقته..!؟
تمويل الحركة :
التمويل في حركة الإخوان المسلمين الأم ذاتي ،بمعنى أن الإخوان يعتمدون على تمويل أعضاء الجماعة للقيام بالأنشطة المختلفة التي يمارسها الإخوان ، ووفقاً للنظام الأساسي للجماعة فإن أعضاء الجماعة مقسمون، على حسب ما تصنفهم الجماعة، إلى مؤيد ومنتسب ومنتظم وعامل، على التوالي ووفقاً لآليات تحددها الجماعة يتم تصعيد العضو من مرحلة إلى أخرى أو من تصنيف إلى آخر، وذلك بعد اجتياز عدد من الاختبارات السلوكية والتثقيفية داخل الجماعة، ومن ذلك يلتزم العضو بدفع اشتراك شهري للجماعة، يقتطعه من دخله الشهري ويستثنى من ذلك الإخوان المصنفين كمؤيدين والطلاب وأصحاب الرواتب الضعيفة. كما أن بعض الأنشطة التي يمارسها الإخوان تمول نفسها ذاتياً مثل المستشفيات ودور الرعاية التي تقدم خدماتها مقابل رسوم الخدمة شبه المجانية.
و تنتهج الجماعة في موريتانيا نفس الأسلوب زيادة على ما يتلقونه من مساعدات هامة و مستمرة من الحركة الأم كمجموعة في طور التشكل (نسبيا) و من بلد فقير مثل كموريتانيا. و الكلام هنا عن حركة الإخوان المسلمين دون غيرهم من الحركات الإسلامية الأخرى الدائرة في فلكها من جهة و المستقلة في عملية بناء ذاتها و تحديد مصادرها من أخرى.
بعد عملية 11 سبتمبر التي تأكد الآن بوضوح أنها كانت مفبركة بكل تفاصيلها الصغيرة و أنها كانت النقلة الهوليودية الكبيرة و الرائعة في الحقيقة، التي أفضت إلى "الربيع العربي" : تكسير عظام النظام القومي العربي كعربون صداقة للحركات الإسلامية و الضغط على قياداتهم المهجرة إلى الغرب من خلال تجفيف الينابيع و التهديد بتسليمهم إلى أنظمة بلدانهم التي تم ترويعها بخطورتهم هي الأخرى من خلال 11 سبتمبر و المواجهة "شرسة السيناريو" مع القاعدة .. و سأفتح قوسا هنا رغم أنني أعرف أنهم سيقولون في كل الأحوال إن الليبراليين "مثلي" و المعادين للإسلام (و هي صفات يطلقونها على كل من يخالفهم)هم من يروجون لهذا الخطاب التشكيكي المشوه للحركة، عن ما جاء في الحديث الخاص الذي أدلى به الباحث المغربي عبد الصمد بلكبير لـ"ايلاف" الذي قال فيه إن صعود العديد من الحركات الإسلامية إلى الحكم في عدة دول عربية كان "أمرًا دبر سلفًا" فالرأسمالية العالمية برأي بلكبير، كانت تتحالف مع رأسمالية الدولة في البلدان العربية على حساب الرأسمال الخاص الذي كانت إيديولوجيته ذات طبيعة إسلامية، وهو تحالف يفسّر كل التحولات الأخيرة في تاريخ المنطقة العربية من قمع مورس على الإسلاميين وإقصاء ونفي واعتقال.
مضيفا: "لكن الأميركيين، والغرب عموماً، تنبهوا مؤخرا إلى شيئين: أولا أن رأسمالية الدولة عندما دفع بها إلى الخصخصة لتخرج من قطاع الدولة وتضعفه لمصلحة القطاع الخاص، كانت النتائج على عكس المتوقع، فهي حافظت على القطاع العام وفي الوقت ذاته أسست قطاعا خاصًا، وبالتالي أصبحت تضرّ في إطار العلاقات الدولية، أكثر مما تنفع الأميركيين، كما حدث في المغرب أو في تونس أو في مصر او سوريا وغيرها من البلدانلا." وأضاف أنه لما طرح موضوع التنازل عن القطاع العام في مصر (من خلال بنك القاهرة)، وفي ليبيا عن البترول، وفي سوريا التي ما زالت فيها المعركة مستمرة، إنما كان الهدف إضعاف الدولة والدخول في نوع من الفوضى الاقتصادية كما هو الحال في الولايات المتحدة الأميركية حيث السوق الحرة هي المقررة وليست الدولة، كما ذكر بأن الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي أسس (بنك الزيتون) وهو شيء يتناقض مع إرادة الغرب، وكان بنكا عتيدا وقويا وكان يتجاوز في طموحه حدود تونس."
هذه الأسباب حسبما يؤكد بلكبير، "دفعت الأميركيين إلى إيجاد حليف آخر غير رأسمالية الدولة، تمثل برأسمال القطاع الخاص الإسلامي الذي يعادي القطاع العام بعداء الأميركيين نفسه له، حيث اتضح أن التناقضات بين الرأسمال الإسلاموي وبين الرأسمال الأميركي الغربي الاستعماري بسيطة ومن الممكن حلها" و يقول رئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين إبراهيم : "هناك غزل بين أمريكا والحركات الإسلامية وهي حركات ليبرالية لا تطرح مضامين اشتراكية وليس هناك تناقض في المصالح أو في المجال الاقتصادي بينها وبين أمريكا"
هذه العملية المعقدة و المنظمة بكل تفاصيلها الدقيقة حولت موريتانيا لأسباب وجيهة إلى منطقة آمنة لتهريب و تبييض أموال الحركة التي كان يدفع بها عن طريق الضغط الغربي إلى الثورة، فبنت إمبراطوريتها المالية و تحكمت في وقت قياسي في السوق :
ـ المواد الاستهلاكية : تسيطر الحركة اليوم بشكل شبه مطلق على حركة السوق في مجال المواد الاستهلاكية من "شارع الرزق" في قلب العاصمة إلى المحلات الكبيرة ، البقالات و المجمعات الغذائية : مجمع آل البيت ، مجمعات كارفور و الدكاكين الصغيرة في الداخل و تشي أسماء محلاتهم بنزعتهم بشكل واسع : البنك الإسلامي، سوق عثمان، عيادة البركة، بقالة مصعب (...) و قد لاحظ التجار من غير أتباع الحركة، الرسالة الدعائية السرية من وراء هذه الأسماء فأصبحوا يطلقونها على محلاتهم للاستفادة من زبنائها الكثر و استفادت الحركة من الأخيرين بدورها في بث جزء و لو شكلي، من رسالتها من جهة و التخفي في هذا الكم الهائل من التسميات العشوائية الطابع التيمنية النزعة. و تعتبر سوق المواد الاستهلاكية اليوم من أسوأ أسواق العالم: التزوير و الغش و انتهاء الصلاحية و انتشار المواد الأقل جودة في العالم و الأسوأ سمعة !؟
ـ سوق أعلاف الحيوانات : يتولى هذه المهمة التي فتحت أسواق البلد للحركة و كانت أولى بوابات تدفق أموالها إليه ، ولد الوالد، شقيق محفوظ ولد الوالد ، كان الأخير مفتي القاعدة الأول و أصبح بعد هروب السوداني الذي كان يتولى مهمة تسيير ممتلكات ابن لادن و تسليم نفسه للأمريكان، المسؤول عنها و المؤتمن على أسرارها) ، اختلف مع ابن لادن بعد تبني الأخير لعملية 11 سبتمبر و ظل الشرخ يكبر بينهما حتى انتهى به الأمر إلى الاعتقال في إيران حيث يوجد الآن في ما يبدو أنه أقل من السجن و أكبر من التحفظ!؟
فتح محفوظ ولد الوالد بوابة تدفق أموال الحركة إلى البلد بعد حملة تضييق الخناق على حوالات الحركة المصرفية في العالم و تتبع كل شاردة في المجال و أصبح شقيقه يدير بعبعا ماليا من خلف محل بيع أعلاف متواضع في روسو و ظهرت من حوله فجأة هالة من المقربين تعمل في ما يشبه خلايا النحل في صرافات، صيدليات، بقالات، محلات بيع أثاث و ظلت تتسع مع الوقت حتى شملت كل مجالات الحياة في غفلة من الجميع لكن عدم خروج هذه الأموال من المحيط القبلي الضيق للرجل (المشهور بالفقر) جعلها مكشوفة رغم إحكام انتشارها الهادئ. و لم يكن غريبا و لا مجرد صدفة أن يكون جل المنتمين إلى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي من أقارب هذا الرجل الذي يعيش بعيدا عن الأنظار حياة بذخ في منطقة محدودة الجغرافيا تربطه علاقات قرابة بأكثر ساكنتها، تزيدها متانة عطاياه السخية التي تعم موظفي الدولة في حيزه الترابي من رجال أمن و حكام و ولاة و سياسيين و مشبوهين ...
ـ سوق الأدوية : يتولى هذه المهمة في الحركة ولد سييدي ، نائب الطينطان الحالي (صاحب فندق شنقيط بالاس) و هو الآن أحد أثرياء البلد (من دون أن يعرف أحد مصدر أمواله) و قد شهدت هذه السوق في فترة سيطرتهم عليها فوضى عارمة، الغش و التزوير بكل أشكالهما حتى تحولت إلى سوق سموم بامتياز و هي الآن أسوأ سوق أدوية في العالم بلا منازع و لا يهم أن يفسروا ذلك بغياب دور السلطة لأن وعيهم بتلك الحقيقة هو ما جعلهم أكثر من يستفيد منها مثل غيرهم بالضبط. و قد كان من الطبيعي أن يكونوا مثل غيرهم كما نفهم لكنهم يرفضون أن يكونوا كذلك بما يحملون من شعارات "لا يأتيها الباطل..." فكان الفيصل أن نعود إلى الحقيقة الأزلية "جربوهم بالدراهم" .
و قد قامت الحركة مؤخرا في نقلة ذكية ينظر أصحابها إلى أبعد، بفتح بعض المصحات ذات الطابع الخيري في الأحياء الشعبية بتعويضات رمزية، (مصحة بوحديده)، في محاولة لاختراق نسيج البنى الاجتماعية للطبقات المسحوقة (و هي القراءة التي يتوقعون و يتمنون أن تركن إليها أجهزة الأمن) لدخول المجال تدريجيا من زاوية الحاجة الآسرة لحركة تعيش في الظلام، دخلت حلبة الصراع الكوني تحت حذر تجوال ليلي فلم تميز بين صديق و عدو و لا بين مسلح و أعزل لتفتح نيرانها على الجميع و يفتح عليها الجميع نيراهم.
ـ سوق الأثاث : و فجأة اكتسحت الحركة سوق الأثاث بالأفرشة و الأواني التركية الفاخرة و المتوسطة : سوق عثمان للأفرشة و الأثاث المنزلي (عرفات) سوق المقاطعة الخامسة، و السادسة في ما يبدو واضحا أنها بوابة تدفق أموال من تركيا تبحث عن نشاط تجاري لتبيضها و إخفاء مصادرها.
ـ الصرافات : و تسيطر الحركة بشكل شبه كامل على سوق الصرافات (الممارسة لأبشع أنواع الربا) و من الواضح أنها عملية خارقة الذكاء لتأمين حركة الأموال بعيدا عن أعين السلطة و ربطها بحركية فروع الحركة في العالم، مستفيدة من ضعف الرقابة الأمنية المحلية على حركة الأموال مما حول البلد إلى إحدى أهم نقاط عبور و تأمين و تبييض ممتلكات الحركة في العالم.
ـ سوق العقارات : بدأت الحركة بعدما انتشرت أموالها بشكل مذهل تهتم بسوق العقارات
لأسباب وجيهة : لأنها أفضل وسيلة لإخفاء المال من ناحية و لأنها سوق أكثر استقرارا رغم محدودية أرباحها يمكن اعتبارها الأكثر أمنا لتكديس أموال فاضت عن السوق.
و تؤمن الفنادق و الشقق المفروشة و البيوت التابعة للحركة قدرا من السرية لأنشطتها الكثيرة و تعيد مصروفات هذه الأنشطة إلى الحركة من النافذة. و ستبدأ الحركة في وقت لاحق في التفكير في امتلاك الأحياء و المناطق كما يفعل الزنوج في غياب الدولة.
ـ شركة شنقيتل : تعتبر سوداتيل إحدى كبريات مؤسسات رأس المال الإسلامي ، تم تهجير رأسمالها الأساسي من السودان (بعد الاضطرابات التي شهدها في السنين الماضية) و نشرها في مناطق بعيدة خوفا من تفكك السودان و وقوعها في أيادي معادية تماما كما تم تهجير رساميل أخرى تحت عناوين و يافطات مختلفة كالاستثمار في البنوك الإسلامية و التأمين الإسلامي و مشاريع أخرى مدرة للدخل تم إبعادها كلها عن المنشأ لكي لا تقع ضحية للتقلبات السياسية و الأمنية في السودان و غيرها من بلدان المنشأ. و يستثمر في شركة سوداتيل معظم الإسلاميين من أسامة بن لادن إلى صغار الأسماء مرورا بحسن البشير و غيره من بارونات الحركة المدللة. تخصص شنقيتل (فرع سوداتيل في موريتانيا) مجمل وظائفها و خدماتها لأعضاء الحركة بشكل علني مكشوف لا شك أنه يخل بطبيعة اتفاقية الاستثمار التي تربطها بالبلد التي يفترض ـ على الأقل ـ أن يكون الموريتانيون بموجبها سواسية أمام فرص العمل و الخدمات و الامتيازات بينما تمارس هذه المؤسسة غير الضرورية أصلا، التي تستنزف أموالنا دون وجه حق، أبشع أنواع التمييز (على أساس الانتماء السياسي) في التوظيف و الدعاية و غيرها من الامتيازات، مستفيدة من ضعف السلطة التنظيمية أمام خدمات "تحت الطاولة" التي حولت كل شركات الاتصال في البلد إلى مؤسسات مارقة تفعل ما تشاء خارج إطار أي ضوابط حتى في الشكل دون أقل حدود المضمون.
و يتذكر الجميع الخبر الذي تناقلته وسائل الأعلام في رمضان الماضي عن تقديم سيارة تابعة للشركة مجموعة من المواد الغذائية الفاخرة للسجناء السلفيين، رفض صاحبها الإعلان عن اسمه بحجة وجوب سرية صدقة السر ؟؟ و تكتسح الحركة اليوم سوق الهواتف النقالة و بيع بطاقات التزويد و مضاربات تحويل الرصيد و بيع الشرائح و تسجيلها باسم من يشتريها في لحظات تماما كما لو كانوا فروعا رسمية من المؤسسة ، الشيء الذي يربك الحالة الأمنية بعد فرضها تسجيل البطاقات باسم أصحابها ليكونوا مسؤولين أمام القانون عن أي تلاعب يحدث عن طريقها، كما في كل أنحاء العالم.
نشير هنا بالمناسبة، إلى الطبيعة الاحتكارية المحكمة للحركة و هو احتكار ربما كان بسبب الهاجس الأمني في بعض أوجهه لكن المتتبع لأدق تفاصيله يكتشف أنه نهج عقابي للمجتمع ربما انطلاقا من وجهة نظر " المودودي " الذي وصل فكره إلى قلب الإخوان المسلمين ، وعبرها إلى العالم العربي عن طريق كتابات سيد قطب ، و خاصة مفهوم جاهلية المجتمع ، ودور الصفوة في إرساء أسس المجتمع الإسلامي و ربما كانت وسيلة إغراء سياسي تعزف بوضوح على وتر المجتمع الحساس بالطريقة الأمثل ؛ فلا يستفيد من حركة أموال الحركة الضخمة لأي سبب و مهما كانت الظروف غير منتسب إليها. هذه الانتقائية المبالغ فيها جعلت الحركة ترتكب خطأ فادحا ـ على المستوى الأمني ـ فاتها أنه يكشف أسرارها الأخطر من حيث لا تدري : فإذا رأيت اليوم شريكا تجاريا لأحد أعضائها مهما كان بعده (ظاهريا) من الحركة ، فتأكد أنه أعلن انتسابه إليها .. إذا رأيت محاميا يدافع عن أحد سجنائها، تأكد أنه عضو بارز في الحركة.. إذا رأيت طبيبا يعمل بمنتهى المهنية في إحدى عياداتهم مقابل أجر، تأكد أنه عضو بارز في الحركة.. إذا رأيت أحدهم يشتري خبزه الصباحي من محل تجاري، تأكد أن صاحبه عضو في الحركة و ممول من طرفها.. إذا رأيت أحدهم يصلي في مسجد (حتى الصلاة في المسجد)، تأكد أن إمامه يتقاضى راتبا من الحركة ("سأصلي مع كلياني كما يقول باستمرار أحد قادة الحركة ساخرا)؟؟
ـ قطاع النقل : و استهدفت الحركة قطاع النقل برؤية واضحة ؛ فمردوده المادي كبير و يوفر فرص عمل كثيرة و يسهل بناء شبكة معلومات واسعة على الصعيدين الإعلامي و المخابراتي (في حدود توفير المعلومة عند الحاجة و التعود على الاحتكاك و التعامل مع الأجهزة الأمنية على الأقل) و لا شك أن عملية "عدل بكرو" الأخيرة تدل على أن المعلومات التي تم انتقاء النقطة على أساسها ، كانت دقيقة و خطيرة و كافية للتأكيد على وجود شبكة مخابرات داخل البلد هي التي حددت المكان و التوقيت و الطريقة و ربما تكون تولت جزء من التنفيذ بشكل أو بآخر ..
ـ سوق الوراقات : يسهل عند توزيع بيان موقع على نطاق واسع أن تتتبع مصدره من خلال سوق الوراقات . و تعتمد أجهزة الأمن منذ زمن طويل على سوق الوراقات ومكاتب الترجمة و خدمات صناعة الأختام و بطاقات الدعوات و الكاليغرافيا و السيريغرافيا و بيع الحبر لمتابعة أنشطة الأحزاب و الحركات و العمل السري و قلما ينتبه من يشتري عدة علب حبر لسحب كمية كبيرة من الأوراق في مكان آمن أن عليه أن يشتريها من عدة وراقات حتى لا تتم مراقبته. لقد انتبهت الحركة إلى هذا الخطر و تعاملت معه بجد و هي الآن من يستفيد من متابعة الآخرين عن طريقه من دون أن تصطدم بالرقابة الأمنية التي عرفت كيف تعطيها الوجه البريء و كيف تضللها عند الحاجة و قد سيطرت الحركة على هذا النشاط بشكل شبه كامل.
رجال أعمالهم : تقوم الحركة بعملية تمويه محكمة بحيث يكاد لا يعرف أي رجل أعمال فيها بشكل بارز رغم ثرائها الفاحش و يتم تفتيت رأس المال بشكل منظم للتمويه ؛ فالتنافس على مستوى المونوبول يدفع رجال الأعمال بمهاراتهم العالية و أذرعهم الطويلة إلى البحث عن مصادر أموال أي منافس و هذا ما تتحاشاه الحركة بذكاء
و قد أصبح الآن من المؤكد أن محمد الحسن ولد الددو هو من يدير بنفسه بعبع هذه الماكينة المالية الضخمة
البنوك : علينا أولا أن نفهم أنه ليس لدى الحركة ما يمنعها من التعامل الربوي أو لعب القمار أو المتاجرة في أي ممنوع (ديني أو دنيوي) آخر، لكنه عليها أن لا تناقض خطابها الواضح الذي تكتسح المجتمعات العربية و الإسلامية عن طريقه ؛ لهذا كان عليها أن تمارس الدعارة تحت حجاب محتشم و الربا تحت شعار "بنك إسلامي" يكيل بالصاع و يربح بالدولار و له كان عليها أن تدخل الأنشطة الأخرى بعيدا عن شعاراتها بكل مهارات المهنة القذرة البعيدة عن كل أخلاق ؛ فلا يختلف اثنان على أن الإسلاميين يسيطرون اليوم على حوالي 90% من السوق الموريتاني (إذا لم يكن أكثر و بمعنى السوق المفتوح) و لا يختلف اثنان على أن أكثر من 95% (إذا لم يكن أكثر) من شحنة هذه السوق مزورة و مغشوشة و منتهية الصلاحية ، من أدوية و مواد غذائية و أجهزة و مواد بناء و تجهيزات و أواني . و لا يمكن أن يكون هناك ربا و لا تحايل و لا غش يوازي صحة و حياة الناس. لقد أغرق الإسلاميون السوق بهذه المواد الفاسدة و لا يمكن تفسير "إسلامهم" من خلال ما يقولون دون ما يفعلون. و يعرف الجميع الآن أن عملية "شبيكو" المشهورة دخلت البلد عن طريق شخصيات معروفة من الحركة كانت لحاها الوقورة موضوع حيرة ضحايا بشاعتها..!؟
و قد دخلت الحركة قطاع البنوك مؤخرا من خلال البنك "الإسلامي" المؤسس بين محمد ولد انويغظ و ولد الددو (2011) بعدما دخلت كل القطاعات بما يكفي لتبرير شرعية ممتلكاتها و هي أكبر عملية تبييض أموال تقوم بها الحركة لا شك؛ و لا أدري بماذا يرد ولد الددو على "من أين لك هذا" إن كان يدري من أين له بالفعل!؟
من خلال السيطرة على جميع هذه الأنشطة أصبحت الحركة اليوم تؤمن احتياجاتها على جميع الأصعدة من إمكانية إخفاء الأفراد و حركة الأموال إلى سرية الاجتماعات إلى العلاج و العمليات الجراحية غير المعقدة (على الأقل) هذا على الصعيد الأمني أما على صعيد التوسع و الانتشار فقد فكت شفرة الاستمرارية بنجاح من خلال أنشطة مدرة للدخل يتم تسييرها بإحكام، تؤمن عددا هائلا من الوظائف لمنتسبيها في بلد يخنقه الفقر والتخلف البطالة.
و مهما يكن الدور الذي لعبته الحركات "لإسلامية" فقد جعلوا كل مسلم في حيرة من أمره و خلطوا الأوراق مثلما لم تخلط من قبل و حولوا الدين إلى تجارة في المزاد السياسي و أربكوا الرأي العام حتى أصبح المسلم ضائعا لا يدري من يصدق و لا من يكذب و هذا بكل تأكيد هو أسوأ ما يمكن أن ينتظر من أمثالهم.
[b]
عدل سابقا من قبل محمد الأمين في السبت 2 فبراير - 14:55 عدل 1 مرات (السبب : تكميلي)
محمد الأمين-
- الجنس :
عدد المساهمات : 41
نقاط : 8691
تاريخ التسجيل : 02/02/2013
. :
رد: الحركة الإسلامية بين رغد الثرو ة و إغراءات الثورة ثوار
لله ضرك يا قلما فتاك صديق الكاتب
محمد الأمين-
- الجنس :
عدد المساهمات : 41
نقاط : 8691
تاريخ التسجيل : 02/02/2013
. :
رد: الحركة الإسلامية بين رغد الثرو ة و إغراءات الثورة ثوار
ليس هناك من يعلق أو يحاول أن يلملم من ذاكرته ولو غيضا من فيض في هذا الموضوع
محمد الأمين-
- الجنس :
عدد المساهمات : 41
نقاط : 8691
تاريخ التسجيل : 02/02/2013
. :
مواضيع مماثلة
» الحركة الإسلامية بين رغد الثروة و إغراءات الثورة ثوار
» الحركة الإسلامية بين رغد الثروة و إغراءات الثورة
» المفكر الإسلامي محمد جربوعة يدعو أبناء الحركة الإسلامية في ليبيا إلى اتخاذ موقف موحد
» السبسي: "النهضة" الإسلامية الحاكمة أكبر خطر على تونس اتهم الحركة والشرطة بالهجوم على اجتماع لحزبه المعارض في جربة
» تواصل الحركة بمعبر راس الجدير رغم حدوث مناوشات بين ثوار العار على الجانب الليبي
» الحركة الإسلامية بين رغد الثروة و إغراءات الثورة
» المفكر الإسلامي محمد جربوعة يدعو أبناء الحركة الإسلامية في ليبيا إلى اتخاذ موقف موحد
» السبسي: "النهضة" الإسلامية الحاكمة أكبر خطر على تونس اتهم الحركة والشرطة بالهجوم على اجتماع لحزبه المعارض في جربة
» تواصل الحركة بمعبر راس الجدير رغم حدوث مناوشات بين ثوار العار على الجانب الليبي
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي