فرنسا وعملائها
صفحة 1 من اصل 1
فرنسا وعملائها
لا شك أن ترهيب و ترغيب السلطة كان لهما دور أساسي في تدجين المثقف، فحصار من يرفضون الدوران في فلك النظام على المستوى التوظيفي كان له أثر بالغ
لا سيما أن المثقف في بلداننا العربية بصفة عامة و في بلدنا بشكل خاص جدا (حد الاستثناء) لا يجد من يسند إليه ظهره لا من الناحية المادية و لا من الناحية المعنوية الأكثر إغراء في أحيان كثيرة للمسكونين بأي أبعاد جميلة.
ليس هناك بكل تأكيد أجمل من أن تضحي ببعض ما عندك من أجل شعبك و بلدك و انتمائك العقدي؛ لكن ليس هناك أصعب من أن تضحي بأغلى ما عندك من أجل بلدك و شعبك لتطحنك السلطة و تتندر بك الأوساط التي انتحرت من أجلها ليصفك الجميع بالجنون و يكون حالك هو الدليل.
ليست السلطات الدكتاتورية اليوم هي التي تفسد البلد، الدكتاتوري أضعف و أجبن من أن يقف لحظة في وجه حالة إبداع متمردة.
ليست أحزاب الشنطة و أحزاب الأفراد و القبائل و الجهات هي التي تفسد البلد اليوم ، فالانتماءات الضيقة لا تحتاج أكثر من كلمة صادقة لتنسفها من الوجود.
ليست جرائد الجوالة و مواقع البشمرغة و صحافة "ما تيسر" و شعراء المناسبات هي التي تفسد البلد، لا شيء في الوجود أكثر هشاشة من الكلمة في فم الجاهل.
إن المثقف هو من يدمر البلد اليوم في ردة فعل عنيفة لا تستطيع السلطة أن تقف يوما واحدا من دونها و لا تستطيع أحزاب الشنطة و الأفراد و الطوائف و القبائل و الجهات مواجهة السلطة على أي صعيد ما دام المثقف يتطوع للدفاع عنها.
و في معركة بين جهات كهذه "القاتل و المقتول فيها في النار" أي سلطة ظالمة و أحزاب عبثية، يجد المثقف المنحرف وضعا ملائما لأخذ أبعاد سلطوية تمتد جسورها في الاتجاهين لخلق استقرار مريض ينتهي حتما في وقت لاحق بسقوط السلطة أو "معارضتها" أو هما معا ، بما يعزز موقف المثقف و يؤكد نبوءاته! :
من رأس السلطة إلى أخمص معارضتها تغرق العاصمة نواكشوط في الانحراف بكل أشكاله : اغتصاب السلطة، استغلال "المعارضة" لغباء الناس، المضاربات الربوية، انحلال الأخلاق، الغش التجاري، سفور الشارع، تصاعد شلال الاغتصابات ، ارتشاء الأمن الإداري و العسكري، انحراف القضاء، تزلف العلماء، تحكم الدعارة ، تمنع تجار المخدرات، تحول المقدسات الإنسانية (التعليم و الصحة) إلى أرصفة تجارية على قارعة كل طريق، تصاعد نفوذ الجنس الثالث، تحول السحرة إلى أولياء صالحين ...
هذه العاصمة الفاسقة التي لا يثمر فيها قرش في غير الربا .. هذه العاصمة التي تصحو كل يوم على عشرات عمليات الاغتصاب و السطو دون عقوبة .. هذه العاصمة التي يستحيل أن تجد فيها قطعة بلاستيك غير مغشوشة .. هذه العاصمة التي يعيش 90% من أهلها من ريع الدعارة الاحترافية .. هذه العاصمة التي يحكم ليلها المخنثون .. هذه العاصمة التي يحكم نهارها المنافقون ..
هذه العاصمة التي وجب عنها الإمساك، هي عاصمة الثقافة الإسلامية!؟!؟!؟
أين الثقافة في ما يحدث في نواكشوط التي لا يوجد بها نادي ثقافي واحد.. التي لا يوجد بها لا حتى مقهى ثقافي واحد .. التي لا توجد فيها قاعة واحدة للمطالعة في غير المركز الثقافي الفرنسي ، صاحب الحملة المضادة على الثقافة العربية و الإسلامية؟؟؟
أين غير الحرب على ثقافة الإسلام في عاصمة الثقافة الإسلامية؟ :
ـ لا هيبة للعلماء ( غير علماء الإذاعة و التلفزة طبعا)
ـ لا قدسية لبيوت الله (زوروا مسجد قطر في الميناء لتروا بأعينكم)
ـ لا رجل أعمال يتبرع يوما بقرش لفراش مسجد (انظروا ما يدفعونه في الحملات )
ـ "المحاظر" الموريتانية التي يتخرج منها كل عام مئات العلماء لم تحظ يوما بلفتة من أي جهة .. ما زال بعضها حتى اليوم يستعمل الحطب ليلا للتدريس .!
و ليس هذا ما يخجل "المثقف" و لا ما يدافع عنه يوميا من على كل منبر و إنما هو ما يجعله يستلم الجائزة!؟
لا أحد من بيننا جميعا يمكن أن يدعي عشر ما قدمه الداعية الكبير و القائد المقاوم معمر القذافي للإسلام في لعالم بصفة عامة و لليبيا المغتصبة بصفة خاصة ، فلماذا ـ إذا كانت "عاصمة الثقافة الإسلامية" جائزة حضارية استحقاقية ـ لا يكون هذا الرجل الذي أعطى كل ما عنده و لم يأخذ شيئا، على رأسها؟
ـ هذا السؤال غبي جدا أو استفزازي جدا ؟
الجائزة ليست حضارية و لا استحقاقية و لا حتى تشجيعية و إنما هي جزء من الخلطة السحرية التي تقوم السلطة (هنا و هناك و هنالك) بفبركة مشهدها لإعطاء المثقف (الدعامة) ما يحتاجه من أبعاد للعب الأدوار التي توكل إليه بأريحية أكبر و هي ألاعيب تأتي بقرار من السلطات لكن المثقف المتلبس هو من يحيكها في عملية إقناعه للسلطة بأهمية التلبيس على مواقفه الهدامة للمجتمع حتى يظل يتمتع بقدر من المصداقية يحتاجها ليظل أكثر فتكا؟
الثقافة هي عدو الظلامية (العلم نور) و بقدر ما يتراكم الظلام بقدر ما تتسع هالة النور مهما ضؤل مصدرها. فأين هالة النور في بلادنا؟
و كما ألغيت ـ إلى حين ـ احتفالات "عاصمة الثقافة الإسلامية" (و هو حدث نتألم لعدم تلبية نواكشوط لشروطه الفنية أكثر مما نأسف على عدم حدوثه) ها هي السلطة الآن تلغي أهم أجزاء احتفالية الخمسين و هو أمر أدركنا مؤخرا ـ بعد مقابلات الإذاعة و التلفزة مع "النخبة" الممجدة للتاريخ الاستعماري على حساب المقاومة الوطنية و كل قوى الرفض ـ أنه كان أرحم ببلادنا تماما مثل إلغاء "عاصمة الثقافة الإسلامية".
و مثل رأس الساحر "أورفي" الذي ظل يصرخ بعد قطعه (الميتولوجيا اليونانية) ظل المثقف المهجن في بلادنا يصرخ بعد تعطيل الحدث (القوت) الذي خطط كل تفاصيله على مقاسات جهات النفوذ القادرة على تحويله إلى مناسبة احتفالية بالفعل لمثقف بلا شروط لا يهمه من الحدث التاريخي إلا ما يجعل الثقافة مطية سباق مدرة للدخل.
جميل جدا ما تفعله اليوم الإذاعة و التلفزة الموريتانية : نحن شعب بلا تاريخ ، بلا أمجاد، بلا ثقافة، لم نترك أي بصمة في الوجود .. نحن صناعة فرنسية خالصة، اكتشفنا كابولاني و روضنا فرير جانه و علمتنا ماري تريز كيف نلبس ثيابنا و كيف نخلع نعلنا.
لماذا نطلق اسم الشيخ ماء العينين أو بكار ولد اسويد أحمد أو سيدي ولد مولاي الزين أو سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده أو غيرهم ممن ضحوا بدمائهم من أجل هذا الوطن،على شارع في قلب عاصمة اختارتها فرنسا و بنتها فرنسا و أطلقت اسم ديغول و بومبيدو على أهم شوارعها؟
أنتم نخبة رائعة.. أنتم حراس أمناء للذاكرة و الوجدان .. أنتم أهل للأمانة العلمية .. أنتم وحدكم من لا تأخذهم في الوطن لومة لائم.. من لا تأخذهم في الله لومة لائم!؟
ما نعرفه نحن هو بكل بساطة:
ـ أن 17 دولة إفريقية تحتفل هذا العام بخمسينيتها
ـ أن قرار الاحتفال بالخمسينية صدر في اجتماع منظمة الفرانكوفونية الأخير.
ـ أن الهدف منه تخليد تاريخ فرنسا في المنطقة و الإشادة بدورها التنويري.
ـ أن فرنسا لم تأخذ هذا القرار إلا بعدما رتبت بيتنا الداخلي و كلفت من بيننا من لهم القدرة و الكفاءة على تبليغ رسالتها.
ـ أن السلطة (حتى السلطة) لا تستطيع الوقوف في وجوه هؤلاء من دون إعلان حرب على فرنسا.
فمن هؤلاء؟
سؤال جميل جدا .. بريء جدا .. حتى لو كان يطرح نفسه بنفس الغرابة و الإلحاح؟
إنهم بكل بساطة ـ يا إخواني ـ حوالي 180 شخية "وطنية" تم إنتقاؤهم بدقة متناهية في لائحة رسمية تم تسليمها للإذاعة و التلفزيون ليتم الحديث عن المناسبة معهم حصريا.. إنهم بإشارة أوضح من ترونهم منذ عدة أسابيع في الإذاعة و التلفزيون الوطنيتين يتحدثون باعتزاز و افتخار عن خمسين سنة من الاستقلال و يمجدون بنفس المنطق و في الحين نفسه من كان يستعمرنا ؟ فلماذا نفرح بالاستقلال إذا كان المستعمر كان بهذه الوداعة و الظرافة و بكل هذا الحرص على مصالحنا و مستقبلنا؟
لا شيء يخجل في موريتانيا
لا شيء يستحيل في موريتانيا
لا شيء يحذر في موريتانيا
لا شيء يسيء إلى السمعة في موريتانيا ما دام مدرا للدخل.
التاريخ يكتبه المنتصرون مع الأسف، لكن الأسوأ أن يكتبه المناصرون مثل ما في بلدنا و الأسوأ أكثر أن يكتبه المناصرون و يقرؤه المنافقون.. و الأسوأ من هذا و ذاك أن لا يستمع إليهم غير من يستمعون إلى الإذاعة و التلفزيون الموريتاني ممن لم يؤهلهم مستواهم التعليمي لمتابعة أي محطة أخرى بسبب حواجز اللغة و الوعي!
نحن بلد يجد فيه مثقف السلطة و عالم السلطة و سياسي السلطة مناخا فريدا للتبجح بما كان سيدان به حتما لو كان في فرنسا التي يغالب اليوم معضلات التعبير في التفاني في تلميع صورتها المرتبطة في ذاكرة الشعوب الحرة بالدم و القهر و الاستباحة كإحدى أقدم الإمبراطوريات الإمبريالية على وجه الأرض.
ـ فرنسا هي من صنعت التاريخ و المجد في موريتانيا
ـ شهداؤنا إرهاصات عبثية أصابتهم خطوب تنَبُِل
ـ من فرضهم المستعمر لملء الفراغ الذي خلفه ذهابه لاستمرار استنزاف خيرات البلد بطرق أبشع، هم بناة موريتانيا و آباؤها و أمهاتها و صانعو أمجادها؟!
ـ من ناصبوا المستعمر العداء و واجهوه بشتى أنـواع الرفض فقتلهم و هجرهم و حكم عليهم بالإعدام حضوريا و غيابيا، خونة كانوا يريدون بيع البلد بأثمان رخيصة!؟
ـ حتى من ألغى المستعمر أحكام الإعدام بحقهم و رد لهم الاعتبار، معترفا بأن ما كانوا يقومون به عملا نضاليا مشروعا، يتهمهم اليوم مثقفو الارتزاق و التسلط بالخيانة العظمى؟
لكن، كيف سيعيش المتزلف و المنافق إذا ظهرت الأشياء على حقيقتها؟
هذا سؤال لا نطرحه دائما و لا نرد عليه أبدا.
ـ يقول البعض إن بعضـ"هم" يثني على المقاومة و يطالب بتخليدها : فهل كنتم تنتظرون أن يقولوا لكم نحن نخبة صنعتها فرنسا للدفاع عن أمجادها؟ لكن أين من بينهم من لم يتكلم عن غير المقاومة كما يفعل غيرنا؟ و أي شيء أكثر إساءة إلى المقاومة من الحديث عنها في المرتبة الخامسة أو السادسة بعد تمجيد المستعمر و أذياله و أذيال أذياله و ذكر طرائفه .. إن ذكر المقاومة بمثل هذا الحياء و بهذه الدرجة من الثانوية هو بالضبط ما يحولها إلى أمر مشكوك فيه و في أهدافه، تماما كما تطلب منهم سيدتهم فرنسا ذات الخبرة الهائلة في مجال ابسيكولوجيا الشعوب.
إن الفتوحات العظيمة التي يقوم بها اليوم ضيوف الإذاعة و التلفزيون في مناسبة "الخمسينية" غريبة المنطق :
ـ فبماذا نحتفل اليوم إذا كانت تلك هي الحقيقة؟
ـ لماذا نحتفل بخمسين عاما من التقهقر و الخيانة و المؤامرات ؟
ـ كيف نحتفل باستقلال بلادنا و نمجد من كان يستعمرنا؟
ـ كيف نتهجم على مستعمرنا و نمجد جنوده و أذياله؟
ـ كيف نرفض النسخة الأصلية للمستعمر و نتمسك بنسخته المزورة؟
ـ كيف نحول نسخة المستعمر المزورة إلى لوحة وطنية لا يأتيها الباطل (الذي أنتجها) من أي مكان؟
ـ غريبون أنتم لا شك، و غريب منطقكم الأعرج، لكننا نحن الأغرب بكل تأكيد حين نقاتل مستعمرا نحتضن المدافعين عنه و نصفهم بالنخبة الوطنية!!؟
لكن أين مكمن الاختلاف، أليس المنتصر هو من يكتب التاريخ؟
أليست سيدتكم فرنسا هي من انتصرت علينا؟
فلماذا نقبل المبدأ و نرفض نتيجته؟
لقد انتصرت علينا فرنسا و الدليل فرحتكم، لكنها لم تهزمنا و الدليل صراخنا.
فلتسقط فرنسا
تسقط ماري تريز
تسقط أنخاب نخبة الهزيمة.
عاش الشهيد الأمير بكار ولد اسويد أحمد
عاش العالم المجاهد العظيم الشيخ ماء العينين
عاش الشهيد سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده و كل أبطال كتائبه
عاش سيد الشهداء على أرضنا سيدي ولد مولاي الزين و رفاقه
عاش كل أبطال المقاومة الوطنية الأبرار في كل بقعة من الوطن من عملية كابولاني(1905) إلى عملية النعمة(1961)
عاشت كل قوى الرفض و التمنع و الشموخ
هذا ما نحتفل به نحن اليوم بكل فخر و اعتزاز، فبماذا تحتفلون أنتم "أيها المارون بين الكلمات العابرة"؟
لا سيما أن المثقف في بلداننا العربية بصفة عامة و في بلدنا بشكل خاص جدا (حد الاستثناء) لا يجد من يسند إليه ظهره لا من الناحية المادية و لا من الناحية المعنوية الأكثر إغراء في أحيان كثيرة للمسكونين بأي أبعاد جميلة.
ليس هناك بكل تأكيد أجمل من أن تضحي ببعض ما عندك من أجل شعبك و بلدك و انتمائك العقدي؛ لكن ليس هناك أصعب من أن تضحي بأغلى ما عندك من أجل بلدك و شعبك لتطحنك السلطة و تتندر بك الأوساط التي انتحرت من أجلها ليصفك الجميع بالجنون و يكون حالك هو الدليل.
ليست السلطات الدكتاتورية اليوم هي التي تفسد البلد، الدكتاتوري أضعف و أجبن من أن يقف لحظة في وجه حالة إبداع متمردة.
ليست أحزاب الشنطة و أحزاب الأفراد و القبائل و الجهات هي التي تفسد البلد اليوم ، فالانتماءات الضيقة لا تحتاج أكثر من كلمة صادقة لتنسفها من الوجود.
ليست جرائد الجوالة و مواقع البشمرغة و صحافة "ما تيسر" و شعراء المناسبات هي التي تفسد البلد، لا شيء في الوجود أكثر هشاشة من الكلمة في فم الجاهل.
إن المثقف هو من يدمر البلد اليوم في ردة فعل عنيفة لا تستطيع السلطة أن تقف يوما واحدا من دونها و لا تستطيع أحزاب الشنطة و الأفراد و الطوائف و القبائل و الجهات مواجهة السلطة على أي صعيد ما دام المثقف يتطوع للدفاع عنها.
و في معركة بين جهات كهذه "القاتل و المقتول فيها في النار" أي سلطة ظالمة و أحزاب عبثية، يجد المثقف المنحرف وضعا ملائما لأخذ أبعاد سلطوية تمتد جسورها في الاتجاهين لخلق استقرار مريض ينتهي حتما في وقت لاحق بسقوط السلطة أو "معارضتها" أو هما معا ، بما يعزز موقف المثقف و يؤكد نبوءاته! :
من رأس السلطة إلى أخمص معارضتها تغرق العاصمة نواكشوط في الانحراف بكل أشكاله : اغتصاب السلطة، استغلال "المعارضة" لغباء الناس، المضاربات الربوية، انحلال الأخلاق، الغش التجاري، سفور الشارع، تصاعد شلال الاغتصابات ، ارتشاء الأمن الإداري و العسكري، انحراف القضاء، تزلف العلماء، تحكم الدعارة ، تمنع تجار المخدرات، تحول المقدسات الإنسانية (التعليم و الصحة) إلى أرصفة تجارية على قارعة كل طريق، تصاعد نفوذ الجنس الثالث، تحول السحرة إلى أولياء صالحين ...
هذه العاصمة الفاسقة التي لا يثمر فيها قرش في غير الربا .. هذه العاصمة التي تصحو كل يوم على عشرات عمليات الاغتصاب و السطو دون عقوبة .. هذه العاصمة التي يستحيل أن تجد فيها قطعة بلاستيك غير مغشوشة .. هذه العاصمة التي يعيش 90% من أهلها من ريع الدعارة الاحترافية .. هذه العاصمة التي يحكم ليلها المخنثون .. هذه العاصمة التي يحكم نهارها المنافقون ..
هذه العاصمة التي وجب عنها الإمساك، هي عاصمة الثقافة الإسلامية!؟!؟!؟
أين الثقافة في ما يحدث في نواكشوط التي لا يوجد بها نادي ثقافي واحد.. التي لا يوجد بها لا حتى مقهى ثقافي واحد .. التي لا توجد فيها قاعة واحدة للمطالعة في غير المركز الثقافي الفرنسي ، صاحب الحملة المضادة على الثقافة العربية و الإسلامية؟؟؟
أين غير الحرب على ثقافة الإسلام في عاصمة الثقافة الإسلامية؟ :
ـ لا هيبة للعلماء ( غير علماء الإذاعة و التلفزة طبعا)
ـ لا قدسية لبيوت الله (زوروا مسجد قطر في الميناء لتروا بأعينكم)
ـ لا رجل أعمال يتبرع يوما بقرش لفراش مسجد (انظروا ما يدفعونه في الحملات )
ـ "المحاظر" الموريتانية التي يتخرج منها كل عام مئات العلماء لم تحظ يوما بلفتة من أي جهة .. ما زال بعضها حتى اليوم يستعمل الحطب ليلا للتدريس .!
و ليس هذا ما يخجل "المثقف" و لا ما يدافع عنه يوميا من على كل منبر و إنما هو ما يجعله يستلم الجائزة!؟
لا أحد من بيننا جميعا يمكن أن يدعي عشر ما قدمه الداعية الكبير و القائد المقاوم معمر القذافي للإسلام في لعالم بصفة عامة و لليبيا المغتصبة بصفة خاصة ، فلماذا ـ إذا كانت "عاصمة الثقافة الإسلامية" جائزة حضارية استحقاقية ـ لا يكون هذا الرجل الذي أعطى كل ما عنده و لم يأخذ شيئا، على رأسها؟
ـ هذا السؤال غبي جدا أو استفزازي جدا ؟
الجائزة ليست حضارية و لا استحقاقية و لا حتى تشجيعية و إنما هي جزء من الخلطة السحرية التي تقوم السلطة (هنا و هناك و هنالك) بفبركة مشهدها لإعطاء المثقف (الدعامة) ما يحتاجه من أبعاد للعب الأدوار التي توكل إليه بأريحية أكبر و هي ألاعيب تأتي بقرار من السلطات لكن المثقف المتلبس هو من يحيكها في عملية إقناعه للسلطة بأهمية التلبيس على مواقفه الهدامة للمجتمع حتى يظل يتمتع بقدر من المصداقية يحتاجها ليظل أكثر فتكا؟
الثقافة هي عدو الظلامية (العلم نور) و بقدر ما يتراكم الظلام بقدر ما تتسع هالة النور مهما ضؤل مصدرها. فأين هالة النور في بلادنا؟
و كما ألغيت ـ إلى حين ـ احتفالات "عاصمة الثقافة الإسلامية" (و هو حدث نتألم لعدم تلبية نواكشوط لشروطه الفنية أكثر مما نأسف على عدم حدوثه) ها هي السلطة الآن تلغي أهم أجزاء احتفالية الخمسين و هو أمر أدركنا مؤخرا ـ بعد مقابلات الإذاعة و التلفزة مع "النخبة" الممجدة للتاريخ الاستعماري على حساب المقاومة الوطنية و كل قوى الرفض ـ أنه كان أرحم ببلادنا تماما مثل إلغاء "عاصمة الثقافة الإسلامية".
و مثل رأس الساحر "أورفي" الذي ظل يصرخ بعد قطعه (الميتولوجيا اليونانية) ظل المثقف المهجن في بلادنا يصرخ بعد تعطيل الحدث (القوت) الذي خطط كل تفاصيله على مقاسات جهات النفوذ القادرة على تحويله إلى مناسبة احتفالية بالفعل لمثقف بلا شروط لا يهمه من الحدث التاريخي إلا ما يجعل الثقافة مطية سباق مدرة للدخل.
جميل جدا ما تفعله اليوم الإذاعة و التلفزة الموريتانية : نحن شعب بلا تاريخ ، بلا أمجاد، بلا ثقافة، لم نترك أي بصمة في الوجود .. نحن صناعة فرنسية خالصة، اكتشفنا كابولاني و روضنا فرير جانه و علمتنا ماري تريز كيف نلبس ثيابنا و كيف نخلع نعلنا.
لماذا نطلق اسم الشيخ ماء العينين أو بكار ولد اسويد أحمد أو سيدي ولد مولاي الزين أو سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده أو غيرهم ممن ضحوا بدمائهم من أجل هذا الوطن،على شارع في قلب عاصمة اختارتها فرنسا و بنتها فرنسا و أطلقت اسم ديغول و بومبيدو على أهم شوارعها؟
أنتم نخبة رائعة.. أنتم حراس أمناء للذاكرة و الوجدان .. أنتم أهل للأمانة العلمية .. أنتم وحدكم من لا تأخذهم في الوطن لومة لائم.. من لا تأخذهم في الله لومة لائم!؟
ما نعرفه نحن هو بكل بساطة:
ـ أن 17 دولة إفريقية تحتفل هذا العام بخمسينيتها
ـ أن قرار الاحتفال بالخمسينية صدر في اجتماع منظمة الفرانكوفونية الأخير.
ـ أن الهدف منه تخليد تاريخ فرنسا في المنطقة و الإشادة بدورها التنويري.
ـ أن فرنسا لم تأخذ هذا القرار إلا بعدما رتبت بيتنا الداخلي و كلفت من بيننا من لهم القدرة و الكفاءة على تبليغ رسالتها.
ـ أن السلطة (حتى السلطة) لا تستطيع الوقوف في وجوه هؤلاء من دون إعلان حرب على فرنسا.
فمن هؤلاء؟
سؤال جميل جدا .. بريء جدا .. حتى لو كان يطرح نفسه بنفس الغرابة و الإلحاح؟
إنهم بكل بساطة ـ يا إخواني ـ حوالي 180 شخية "وطنية" تم إنتقاؤهم بدقة متناهية في لائحة رسمية تم تسليمها للإذاعة و التلفزيون ليتم الحديث عن المناسبة معهم حصريا.. إنهم بإشارة أوضح من ترونهم منذ عدة أسابيع في الإذاعة و التلفزيون الوطنيتين يتحدثون باعتزاز و افتخار عن خمسين سنة من الاستقلال و يمجدون بنفس المنطق و في الحين نفسه من كان يستعمرنا ؟ فلماذا نفرح بالاستقلال إذا كان المستعمر كان بهذه الوداعة و الظرافة و بكل هذا الحرص على مصالحنا و مستقبلنا؟
لا شيء يخجل في موريتانيا
لا شيء يستحيل في موريتانيا
لا شيء يحذر في موريتانيا
لا شيء يسيء إلى السمعة في موريتانيا ما دام مدرا للدخل.
التاريخ يكتبه المنتصرون مع الأسف، لكن الأسوأ أن يكتبه المناصرون مثل ما في بلدنا و الأسوأ أكثر أن يكتبه المناصرون و يقرؤه المنافقون.. و الأسوأ من هذا و ذاك أن لا يستمع إليهم غير من يستمعون إلى الإذاعة و التلفزيون الموريتاني ممن لم يؤهلهم مستواهم التعليمي لمتابعة أي محطة أخرى بسبب حواجز اللغة و الوعي!
نحن بلد يجد فيه مثقف السلطة و عالم السلطة و سياسي السلطة مناخا فريدا للتبجح بما كان سيدان به حتما لو كان في فرنسا التي يغالب اليوم معضلات التعبير في التفاني في تلميع صورتها المرتبطة في ذاكرة الشعوب الحرة بالدم و القهر و الاستباحة كإحدى أقدم الإمبراطوريات الإمبريالية على وجه الأرض.
ـ فرنسا هي من صنعت التاريخ و المجد في موريتانيا
ـ شهداؤنا إرهاصات عبثية أصابتهم خطوب تنَبُِل
ـ من فرضهم المستعمر لملء الفراغ الذي خلفه ذهابه لاستمرار استنزاف خيرات البلد بطرق أبشع، هم بناة موريتانيا و آباؤها و أمهاتها و صانعو أمجادها؟!
ـ من ناصبوا المستعمر العداء و واجهوه بشتى أنـواع الرفض فقتلهم و هجرهم و حكم عليهم بالإعدام حضوريا و غيابيا، خونة كانوا يريدون بيع البلد بأثمان رخيصة!؟
ـ حتى من ألغى المستعمر أحكام الإعدام بحقهم و رد لهم الاعتبار، معترفا بأن ما كانوا يقومون به عملا نضاليا مشروعا، يتهمهم اليوم مثقفو الارتزاق و التسلط بالخيانة العظمى؟
لكن، كيف سيعيش المتزلف و المنافق إذا ظهرت الأشياء على حقيقتها؟
هذا سؤال لا نطرحه دائما و لا نرد عليه أبدا.
ـ يقول البعض إن بعضـ"هم" يثني على المقاومة و يطالب بتخليدها : فهل كنتم تنتظرون أن يقولوا لكم نحن نخبة صنعتها فرنسا للدفاع عن أمجادها؟ لكن أين من بينهم من لم يتكلم عن غير المقاومة كما يفعل غيرنا؟ و أي شيء أكثر إساءة إلى المقاومة من الحديث عنها في المرتبة الخامسة أو السادسة بعد تمجيد المستعمر و أذياله و أذيال أذياله و ذكر طرائفه .. إن ذكر المقاومة بمثل هذا الحياء و بهذه الدرجة من الثانوية هو بالضبط ما يحولها إلى أمر مشكوك فيه و في أهدافه، تماما كما تطلب منهم سيدتهم فرنسا ذات الخبرة الهائلة في مجال ابسيكولوجيا الشعوب.
إن الفتوحات العظيمة التي يقوم بها اليوم ضيوف الإذاعة و التلفزيون في مناسبة "الخمسينية" غريبة المنطق :
ـ فبماذا نحتفل اليوم إذا كانت تلك هي الحقيقة؟
ـ لماذا نحتفل بخمسين عاما من التقهقر و الخيانة و المؤامرات ؟
ـ كيف نحتفل باستقلال بلادنا و نمجد من كان يستعمرنا؟
ـ كيف نتهجم على مستعمرنا و نمجد جنوده و أذياله؟
ـ كيف نرفض النسخة الأصلية للمستعمر و نتمسك بنسخته المزورة؟
ـ كيف نحول نسخة المستعمر المزورة إلى لوحة وطنية لا يأتيها الباطل (الذي أنتجها) من أي مكان؟
ـ غريبون أنتم لا شك، و غريب منطقكم الأعرج، لكننا نحن الأغرب بكل تأكيد حين نقاتل مستعمرا نحتضن المدافعين عنه و نصفهم بالنخبة الوطنية!!؟
لكن أين مكمن الاختلاف، أليس المنتصر هو من يكتب التاريخ؟
أليست سيدتكم فرنسا هي من انتصرت علينا؟
فلماذا نقبل المبدأ و نرفض نتيجته؟
لقد انتصرت علينا فرنسا و الدليل فرحتكم، لكنها لم تهزمنا و الدليل صراخنا.
فلتسقط فرنسا
تسقط ماري تريز
تسقط أنخاب نخبة الهزيمة.
عاش الشهيد الأمير بكار ولد اسويد أحمد
عاش العالم المجاهد العظيم الشيخ ماء العينين
عاش الشهيد سيد أحمد ولد أحمد ولد عيده و كل أبطال كتائبه
عاش سيد الشهداء على أرضنا سيدي ولد مولاي الزين و رفاقه
عاش كل أبطال المقاومة الوطنية الأبرار في كل بقعة من الوطن من عملية كابولاني(1905) إلى عملية النعمة(1961)
عاشت كل قوى الرفض و التمنع و الشموخ
هذا ما نحتفل به نحن اليوم بكل فخر و اعتزاز، فبماذا تحتفلون أنتم "أيها المارون بين الكلمات العابرة"؟
عدل سابقا من قبل محمد الأمين في الأحد 10 فبراير - 13:56 عدل 1 مرات
محمد الأمين-
- الجنس :
عدد المساهمات : 41
نقاط : 8691
تاريخ التسجيل : 02/02/2013
. :
مواضيع مماثلة
» - كلا الحالتين لصالحة المقاومة ضد نيتو وعملائها.
» فرنسا تشحت من الجزائر ان تمدها المساعدة///هيهات يا فرنسا و اتخدنا رنة الرشاش لحنا//
» علم فرنسا يحرقه الاحرار في عقر دار فرنسا ويقبله ثوار العار في ليبيا بلد الجهاد يالل المصيبة
» فرنسا ومجلس العار والأموال الليبية المجمدة في فرنسا
» فرنسا: رجل يدعي الانتماء لـ"القاعدة" يحتجز رهائن في فرنسا
» فرنسا تشحت من الجزائر ان تمدها المساعدة///هيهات يا فرنسا و اتخدنا رنة الرشاش لحنا//
» علم فرنسا يحرقه الاحرار في عقر دار فرنسا ويقبله ثوار العار في ليبيا بلد الجهاد يالل المصيبة
» فرنسا ومجلس العار والأموال الليبية المجمدة في فرنسا
» فرنسا: رجل يدعي الانتماء لـ"القاعدة" يحتجز رهائن في فرنسا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي