ما الذي قاله مؤتمر روما ؟ .. أو الجلسة شبه السرية

محمد أحمد
28-2-2013

ليس صدفة ان يتقلص عدد الحضور في مؤتمر روما لدول ما يسمى "اصدقاء الشعب السوري" ليقتصر على احدى عشرة دولة بعد ان كانت قاعات مؤتمرات باريس واسطنبول والرباط تعج بالعشرات من الدول والمنظمات.

وليس صدفة ايضا ان تكون جلسة المؤتمر في روما مغلقة، وبعيدة عن أعين وسائل الإعلام ومسامعها، بعد أن كانت المؤتمرات السابقة تنقل مباشرة.

وليس غريبا ايضا حالة الارتباك في جسم "ائتلاف الدوحة" والتباينات الواضحة بين مكوناته من مسألة حضور اجتماع روما، وكذلك المواقف المتباينة المتوقع سماعها من المكونات ذاتها في مرحلة ما بعد مؤتمر روما.

لقد انتقلت الإدارة الأمريكية من مرحلة عصف القدرات لحلفائها من كل حدب وصوب لتهيئة المناخ للقرارات التي حان الوقت الآن لإتخاذها.

إذا؛ انتهت مرحلة الإستعراض والبروبغندا والكرنفالات، وبدأت الولايات المتحدة تحضر قرارها المنتظر، وبالتالي فإن ذلك يتطلب تضييق حلقة الاجتماعات لتقتصر على الفاعلين الاساسيين في مشروعها، وابعاد كل من ليس له علاقة باتخاذ القرار، وبعيدا عن اعين الإعلام، لتتمكن من ممارسة دورها في توزيع الادوار واعطاء الأوامر في جو لا يحرجها ك"معلم" ولا يحرج الآخرين ك "مستخدمين" حين تكون وسائل الإعلام.

جلسة روما كانت شبه سرية، وواضح ان لا جدال ولا نقاش فيها خارج الإرادة الامريكية التي قررت تهيئة فريقها التفاوضي حيث طلبت منها موسكو حين ابلغتها ان فريق الحكومة السورية جاهز للتفاوض.

فما الذي قاله مؤتمر روما ؟

بعيدا عن التصريحات الهامشية، فإن جون كيري وجه رسالة واضحة لا لبس فيها الى الطرف الآخر مفادها اننا حسمنا أمرنا باتجاه التفاوض، وهو يقول بصراحة تامة ان الولايات المتحدة مسؤولة عن خيارها فواشنطن وجميع حلفائها و"إئتلاف الدوحة" خيارهم واحد هو الحل السياسي الذي يجسده بيان جنيف.

كيري عندما يوجه رسالة الى الرئيس الأسد مفادها عدم امكانيته الخروج من الوضع القائم بمواصلته الحل العسكري، وعندما يقول نحن مع الحل السياسي ويوجه سؤاله الى الأسد بمدى إمكانيته إعطاء الفرصة لذلك، فهو يقول سنتفاوض على حصة لنا في الحكومة السورية، ومعاذ الخطيب وكيلنا المحلي، فهل تقبلون بذلك؟.

لكي يثبت كيري جديته وحسن نواياه، وليقدم الخطيب وفريقه على انهم مؤهلين لرعاية المصالح المشتركة، كلفه بتصريح مفصلي بما يتعلق بالإرهاب، حيث اعلن الأخير انه وإئتلافه ضد الفكر التكفيري وكل من يفرض افكاره بالقوة.

في روما كانت الجلسة شبه سرية ودعي اليها "وكلاء" أمريكا الدوليين والإقليميين بما يخص الملف السوري فقط، لكن القرار النهائي لواشنطن بما يخص تركيبة الفريق التفاوضي وشكل اخراجه، والذي سيسبق الجلسة السرية الدولية، سيتبلغه معاذ الخطيب حين يلتقي كيري في واشنطن.

ليس صدفة ايضا ان يكون في ذات يوم ووقت انعقاد مؤتمر روما ان يتوجه فرانسوا هولاند الى موسكو ليقدم الشكر لبوتين على دعم روسيا لفرنسا في مالي، وليقول الطرفان باتفاقهما على ضرورة مشاركة جميع الأطراف في الحل السياسي في سورية ومنع تقسيمها.