يوميات الثورة المجيدة

ماان تبدأ الشمس في الغياب حتى تهم مليشيات فبراير بعناق اسلحتها . ويبدأ النفير . وينطلق الرصاص . أما عشوائيا . أو تسريح للسلاح حسب تعبيرهم . مثل (تسخين البندير عند جماعة الحضرة . و تسخين الدرابيك عند جماعة المرسكاوي والزمزامات ). أو عمليات أقتحام لمواقع تمت نزع الشرعية عنها لحظة الأقتحام لتعود بعدها لحضن الشرعية . أو تصفية حسابات للأختلاف على قطعة أرض منهوبة . أو بيت لأحد الأزلام أو خصام على كرسي في المؤتمر . أو حقيبة وزارية في الحكومة . المهم كله جائز تحت شعارات الديمقراطية والحرية ( اللي نشموا فيها كل يوم ) . ومعها تشتعل حرب التصريحات والبيانات من جنرالات تغيير الزيوت . وأبطال جبهات بيع الواركينا . وفلاسفة الدين الأفغاني الجديد . ومفكري لعبة الأنتخابات المضحكة . والقنوات تفتح الخطوط لأستقبال المتصلين وأستضافة أكثر الشخصيات ( هرجة وصياح وأعصاب ) في سباق لجذب المتابعين . وتبدأ في الصفحات والمواقع حملة ( العاجل والمؤكد ومن قلب الحدث ) التي لاتعرف الصحيح فيها من الكذب مثل شهود عيان الجزيرة والعربية الذين لايعرفهم أحد ولم يراهم أحد . وهل هم من جنس ملائكة العريفي . أو أصحاب الصحون الفضائية بالعجيلات . أو صلاح لهم كرامات لخدمة الثورات المباركة . مع مراعاة أن كل خبر تسبقه مقدمة عن الثورة المجيدة وينتهي بالله أكبر ولله الحمد .
 وتبدأ السيارات المسلحة في أجتياح الشوارع وأطلاق الرصاص في كل أتجاه . منهم ماهو يبحث عن خصمه للأنتقام منه تحت شعار التحرير . ومنهم من يريد أن يسمعه جيرانه وأصدقائه وحبيبته (الكبيدة) على الهاتف لتعرف أنه يفوق أبطال أفلام الأكشن شجاعة . ومنهم من هو مخمور لايعرف أطراف المشكلة ولاسببها . ( زي الأطرش في الزفة ) . ( جاه هاتف قاله الدنيا والعه وهو في عز السكرة شد سلاحه وقال مرحب بالجنة جت تدنى ) .
مرة سألت ثائر حقيقي لماذا أشتباكاتكم كلها في الليل فقط ومعظمكم ملثمين . قالي لأن الثوار مايحبوش الأضواء والشهرة . ومايبوا يعرفهم حد . ( معناها اللي يقاتل في النهار او مش ملثم راهو غير حقيقي ومن أشباه الثوار ) . حكمة أذهلتني والأن فقط صدقت أنكم شعب رائع ومبهر .
المهم على قول أهلنا في الشرق ( طحنة كبيرة ) باسم الله أكبر . ويموت من يموت . وينجرح من ينجرح . وينسحب الجميع لبيوتهم مع أول خيوط الفجر .
في الصباح كالعادة الحياة طبيعية جدا . وكأن شيئا لم يكن . فقط أهالي الموتى يستعدون لدفن موتاهم ( شهداء الثورة ) طبعا . والقاتل نفسه وهو من ( أبطال الجبهات ) يقف في طابور العزاء . دليل على (الوحدة الوطنية) التي جاءت بها الثورة المباركة .
والقنوات تغير برامجها لبث برامج الأطفال (حنية واحساس متبزع) والمطبخ (تشيزكيك وكورنفليكيس ) طبعا أكلات صقع مايعرفها الا اولاد البلاد ( حتى انا الحق مانعرفها سامحوني لاني مجهلني الطاغية ). والأزياء (اتش دي . وتري دي . وماركات صقع من الأخير ) والمسلسلات التركية (لميس ونور وجوليا والعشق الممنوع ) التي كان حارمنا منها الطاغية . دليل على التحول الحضاري بعد الثورة المجيدة . وأستقبال رسائل المعجبين والمعجبات للمواهب التي كان طامسها الطاغية .
والحياة حلوة بس نفهمها . والخير جاي . ولولا فزعة ساركوزي ماشميت الحرية انا وعزوزي . ودم الشهداء مايمشيش هباء ... الفـــــــــــــارس