أوروبــــا تمـــــوّل تنظــــيم "داعــــــــــش" في ســــوريا

أوردت صحيفة «ذي إندبندنت» اللندنية تقريرا يفيد أن مجموعة من الدول الغربية في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والإتحاد الأوروبي قدمت مساعدات مالية بلغت ملايين الجنيهات الإسترليني لحركة «داعش»

الإرهابية في المناطق التي تسيطر عليها في سوريا والتي شهدت عمليات تقتيل وصلب وقطع رؤوس من قبل مقاتلي «الدولة الإسلامية».

تمثلت هذه المساعدات في «مساعدات إنسانية» تم تقديمها عبر عدة منظمات إنسانية للإغاثة تعتني بالمدنيين السوريين المتضررين من الحرب الأهلية في سوريا والذين تم تهجيرهم من ديارهم. يشير التقرير إلى أن الدول الغربية قدمت أدوية وأغذية ومعدات صحية لفائدة اللاجئين السوريين في المخيمات المعدة لهم في مدن رقا ومنبج وجرابلوس التي تسيطر عليها القوات التابعة للحركة الإرهابية. واهتمت حركة «داعش» بتوزيع الإعانات تحت سلطتها. و يعتقد الملاحظون أن الجزء المالي من المساعدات تم تحويله لأغراض أخرى.

التقرير البريطاني أورد أن منظمات «مرسي كوربس انترناشيونال» و«هيئة الإغاثة النرويجية» و«ورلد فيجيون» و«هيئة الإغاثة الدولية» و«برنامج الغذاء الدولي» للأمم المتحدة قدّموا مساعدات شهرية لآلاف الأشخاص في المناطق التي تسيطر عليها «داعش».

لعبة قذرة
تستغل «داعش» وسائل الإعلام وخاصة منها المرئية تسجيل لقطات تبرز التقتيل وقطع الرؤوس قصد تخويف المواطنين وبث الرعب فيهم في حين تنتج الحركة و تروج أفلاما تظهر فيها المساعدات «الإنسانية» التي تقدمها للمواطنين الذين حرمتهم من أبسط مقومات الحياة وذلك قصد احتوائهم بأعمالها «الإنسانية». في أغلب الأحيان تنطلي حيلة الإرهابيين الإسلاميين على المواطنين العزل الذين تحت سيطرتها .

إن قدرة «داعش» على توزيع الغذاء المتأتي من الغرب والوقود «مجانا» أقنعت أهالي المدن التي تحتلها بقبول سلطتها . وشوهدت طوابير من الأهالي تنتظر الإعانات من المجموعات المسلحة الإسلامية. وبالرغم من التقاتل بين الفصائل الإسلامية على الميدان أي جبهة النصرة والدولة الإسلامية فإن الإعانات الواردة من الحدود التركية تعبر إلى المناطق التي تسيطر عليها «الدولة الإسلامية».

في حين تصنف الولايات المتحدة حركة «داعش» ضمن المنظمات الإرهابية مدتها هذه السنة بمقدار 10.3 مليون دولار كـ«مساعدات إنسانية». كذلك الشأن بالنسبة لدول الإتحاد الأوروبي حيث سجل تقرير صحيفة «الإندبندنت» أن بريطانيا قدمت إعانات لمنظمة «مرسي كوربس انترناشيونال» بقيمة 27،3 مليون جنيه إسترليني متأتية من إدارة التنمية الدولية قصد توزيعها في سوريا .

استراتيجيات متناقضة
كان الهم الأساسي للقوى الغربية هو فتح «معابر إنسانية» في سوريا لتتمكن فيها من النفاذ إلى مناطق حيوية سورية وإرسال وحدات تجسس وقتال لمساندة «الثوار» في سوريا بتعلة العمل الإنساني. لكن أمام رفض السلطات السورية ذلك في مؤتمري جينيف 1 و2 عملت القوى الغربية على وجود بديل تمثل في تطبيق مبدأ «عدو عدوي هو صديقي» الذي جعل الدول الغربية تتعامل مع حركة «داعش» في سوريا قصد الإطاحة بنظام بشار الأسد و ... مقاومتها في العراق أين أصبحت تهدد مصالحها.

لكن حركة «داعش» التي أعلنت إقامة «الدولة الإسلامية» في العراق استحوذت على مناطق شاسعة من العراق وغنمت من بنوكها ومؤسساتها الأموال المكدسة فيها إلى درجة أن بعض التقارير ذكرت حصول الحركة على ملياري دولار وكل التجهيزات العسكرية والعتاد والسلاح الثقيل الأمريكي بعد فرار فيالق الجيش العراقي أمام زحف مقاتلي «الدولة الإسلامية».

هذا «الغباء» الإستراتيجي هو وليد تعدد الجهات المتداخلة في ساحات القتال في الشرق الأوسط واختراق بعضها من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية والفرنسية مما أدى إلى تضارب المواقف بين السياسيين وأجهزة الاستخبارات المتعاملة مع الإرهابيين. لكن بعد أن استفاق الساسة الغربيون على بشاعة «داعش» في تعاملها مع كل الفصائل المناهضة لها غيروا من موقفهم و اصطفوا لتحجيم القدرات القتالية لحركة «داعش».

باريس- زين العابدين حمدة