قذاف الدم في حوار خاص لـ "بوابة افريقيا الإخبارية" عن أزمة ليبيا

تونس - الحبيب الأسود

في هذا الحوار الشامل يتحدث أحمد قذاف الدم السياسي والديبلوماسي الليبي وأحد أبرز رموز النظام السابق وأحد العاملين حاليا على إنقاذ ليبيا من أزمتها ، عن عدد من القضايا التي تثير إهتمام الليبيين ودول الإقليم والعالم في ظل الفوضى العارمة التي باتت تهدد كيان الدولة الليبية ، ويتميز هذا الحوار بأنه يحمل في طياته الكثير من الإشارات الخفية ومن المعاني المرسلة من وراء السطور ، وكعادته يحبذ قذاف الدم الإختصار في الكلام وتحميل الكلمات بالمعاني الكثيرة.
وفي هذا الحوار يؤكد قذاف الدم أن العالم لم ير بعد الوجه الحقيقي لليبيين كما يدعو الى حوار وعفو عام وحكومة كفاءات وطنية وإنقاذ البلاد من مخاطر إحتلال جديد.
 كيف تنظرون للوضع العام في ليبيا حاليا ؟
الوضع في ليبيا بلغ من البؤس مداه .. وأصبح السكوت عليه يلحق العار بنا جميعاً فالصراع لم يعد على سلطة أو مواجهة مع حلف أطلسي .. أو أخذ ثأر عن دم بدم .. وإنما على وطن قد يسقط تحت الإحتلال .. أو لم يعد له وجود .. وسوف لن ينتصر أحد في كل هذه الهستيريا الموجودة الأن .. لدرجة أننا أصبحنا نشفق على خصومنا من أنفسهم .
كيف تقيمون الحوار الليبي الحالي في جينيف ؟
 للأسف هذه محاولات لذر الرماد في العيون .. ولحفظ ماء وجه المبعوث الأممي "برناردينو " .. مع إحترامي لمبدأ الحوار .. وللمتحاورين .. لأنهم من ناحية لايملكون من أمرهم شيئاً .. ومايقومون به هو ترميم لجدار بناء من غير قاعدة .. ومحاولة لشرعنة الباطل الذي ساق ليبيا إلى الجحيم خلال هذه السنوات العجاف .
 هل تعتقدون أن الحوار يمكن أن يحل الأزمة الليبية بعد سيطرة لغة السلاح ؟
الحوار هو الطريق الوحيد لخروج ليبيا من هذه الكارثة التي حلت بها ودفعنا جميعاً الثمن .. والحمدالله بما في ذلك الدول التي شاركت في العدوان علينا ولذا أقول بأن عليها مسؤولية أدبية .. وأخلاقية .. وسياسية .. وقانونية وصار لزاما عليها أن تكفّر  عن سيئاتها .. وأن تصحح هذا التجاوز الخارج عن القانون الدولي الذي كان يدعو لحماية المدنيين لا تدمير وطن .. وجيش بثلاثين ألف غارة .. وعشرات الألاف من صواريخ كروز انطلقت من 4 أساطيل الأمريكي .. والفرنسي .. والبريطاني .. والإيطالي .. وسبعة عشرا قمرا صناعيا .. وعشرات الطائرات بدون طيار .. وغيرها من طائرات الأواكس .. رغم كل الألام .. والدماء .. والدموع نحن مع الحوار .
والحوار يعني معركة بدون دماء .. ولا دمار .. ومستعدون لأن ننحني أمام الوطن .. ونقدم تنازلات من أجل إنقاذه ليعود عزيزاً موحداً أمنا ً لكل أبنائه .. وواحة للسلام .. أما من يعتقد أنه سيركع شعبنا بالسلاح فهو واهم .. ونحن خبرنا بعضنا جيداً  خلال المواجهات التي استمرت ثمانية شهور مع حلف الأطلسي .. ومن والاهم .. وكل الليبيين شجعان ، وتاريخهم مع الشجاعة ثابت ،وهم لن  يستسلموا أبدا لما يمكن أن يفرض عليهم من الداخل أو الخارج
 دعوتم الى رفع العلم الأبيض فهل ترى أن الليبيين يمكن أن يستجيبوا لهذا النداء ؟
أنا دعوت إلي أن نطوي صفحة الماضي .. ونسقط هذا الواقع البائس .. ونوحد أنفسنا تحت راية بيضاء للسلام .
 نجلس جميعاً في مؤتمر على غرار مؤتمر الطائف يمثل فيه كل الليبيين .. قرانا .. ومدننا .. وسياسينا .. والقوى الإجتماعية .. والوطنية في أي مكان أمن تحت رعاية دولية .. لنقرر فيه بحرية علم الدولة .. ونظامها السياسي .. ودستورها .
 ونقبل بما يقبل به الليبيون مجتمعين دون ترويع .. أو تهديد .. وفي هذا المؤتمر نختار مجلس وزراء محايدا من الكفاءات المستقلة بحيث لا يمثل أي طرف سياسي من الأطراف المتورطة في الصراع  .. ولدينا من  الكثير الشخصيات المحترمة التي ناءت بنفسها عن ماحدث .. وهذا المجلس يشرف على عودة القوات المسلحة .. والشرطة .. والقضاء .. وإرجاع المهجرين الذين هم أكثر من ثلث السكان .. وخروج الأسري من السجون .. ويشرف على انتخابات حرة تحت رعاية مراقبين دوليين .
 ويصدر أمراً بتسليم الأسلحة الثقيلة خلال شهر علي سبيل المثال إلى معسكرات الجيش .. ولابأس أن يشرف على ذلك التسليم من القبعات الزرقاء .
 تمنح مهلة أطول للأسلحة الخفيفة بتصاريح علي أن يحتفظ بها في المنازل فقط .. ومن لا يلتزم بما تم الإتفاق عليه يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته .. أياً كان الطرف الذي يسعي لإرباك المشهد .. وإنتهاء الأزمة .
هل لديكم حوار مع البرلمان الليبي ؟
 نعم لدينا تواصل مع البرلمان المنتخب رغم أننا لم نشارك فيه .. ونحن علي الأقل في المهجر مليونا مواطن .. وعندما رأينا أن البلد ينهار اعترفنا به .. واتخذنا موقفاً وطنياً لكي لاتسقط ليبيا في المجهول .
 بالمناسبة فإن المجلس يضم رجالاً وطنيين .. ويعتبرون أنفسهم ممثلين لكل الليبيين دون تفرقة .. كما كان يقوم به المجلس السابق سيئ الذكر .. الذي أقر قوانين سيئة السمعة أدانها المجتمع الدولي .. ومنظمات حقوق الإنسان تحت تهديد السلاح في طرابلس .
ما هي النتائج التي يمكن أن يفضي إليها إلغاء قانون العزل السياسي من قبل البرلمان ؟
 إلغاء قانون العزل السياسي يعني عودة الحق لأكثر من 500 الف كادر من النخب الفنية .. والسياسية .. والعسكرية .. والإدارية في دولة تعدادها ست ملايين .. أيضاً يعني جمع شمل الليبيين .. وعدم التفرقة بينهم .. وبعدما حدث في ليبيا لم نعد نعرف من يعزل من ؟؟!!
 قلتم أنه من الممكن إعلان عفو عام فهل تعتقدون أن البرلمان سيصدر قانونا في هذا الشأن ؟
 القانون الأخر .. والمهم أن يصدر هو "العفو العام" .. لأن مايحدث في ليبيا من فوضى عارمة من قتل .. وتشريد .. وسجن .. ونهب .. واستباحة تجاوز كل الحدود .. ودخلنا في اللامعقول .. ومرة أخري لاندري من سيحاكم من ؟؟!! .
 لذلك هذا القانون سيعيد إلتحام الليبيين .. وينهي على الأقل جزء من الأحقاد .. ويمهد للحوار .. وأنا هنا أتكلم عن الحق العام .. أما الحق الخاص عندما تقود دولة .. وقضاء عادل ليتقدم كل صاحب حق ليأخذ حقه .
هل ستطالبون بالكشف عن مكان دفن الزعيم الراحل معمر القذافي ونجله المعتصم ووزير الدفاع أبو بكر يرنس جابر ؟
 المطالبة هذه مشروعة لقد سلم الأمريكان رفات الشهيد صدام إلى أهله .. وعندما نطالب بذلك لأننا جادون .. ولانخفي .. ولانناور .
 هذا الزعيم لايقارن بالأخرين فله أنصار .. ومؤيدين .. ولن يقبلوا بأقل من ذلك .. فنحن بهذا الطرح نريد أن نزيل بؤر التوتر في المستقبل .
الا تخشون من تدخل خارجي مباشر في ليبيا بعد إنتشار داعش والجماعات الإرهابية في البلاد ؟
 هذا مانخشاه .. وأرجو أن لايكون الوقت متأخرا لنأخذ زمام المبادرة بأيدينا قبل هذا .. لأن هذه الدول المتضررة ستجد نفسها مضطره للدفاع عن نفسها .
 بعضها متربص بنا منذ زمن .. وأغراه أن هناك من هو مستعد للبيع .. والعمالة ..وللأسف أصبح البعض يعتبر الخيانة وجهة نظر قابلة للنقاش .. وهذا ما أحذر منه في كل مناسبة .
 ما هو الدور الذي يمكن أن تقوم به القبائل في حل الأزمة الليبية ؟
 القبائل لها دور مهم في بلد عربي كليبيا فهي الأساس الإجتماعي .. وهي المظلة التي تجمعنا ..و فيها غالبية الشعب الليبي بإستثناء بعض المدن .. وسيشاركون من خلال لمناطق .. والأحياء .. نحن الأن لدينا مؤتمر القبائل في الغرب .. والجنوب .. والشرق .. و ما انادي به  سيتم قريباً وهومؤتمر تلتقي فيه كل قبائل ليبيا لأخذ قرارات تجمع الوطن .. وتلملم جراحه .. وتؤكد الثوابت .. وتختار قيادة إجتماعية .
 بالمناسبة للقبائل أليات إجتماعية موروثة لحل كل ماتراه الأن في الواقع لليبي عن طريق أعراف لاتختلف عليها في حل كافة المشاكل .. وهذا يؤكد أن الذين تصدروا المشهد في المرحلة الماضية .. وهذه الدول .. والسفارات .. والمبعوثين .. يتعاملون مع الواقع الليبي كما يتعاملون مع دولة في اسكندنافيا .. فنحن نريد إعادة التشخيص .. وكذلك طرح ما يلائم بيئتنا .. وإعادة للحمة للنسيج الإجتماعي .. والوجه الحقيقي لليبيين الأحرار .
 هل لديكم إتصالات مع أطراف دولية لتقديم وجهات نظركم ؟
 نعم عندما انساقت ليبيا إلي هذه الفوضي العارمة عادت الدول المعنية للتواصل معنا بحذر في البداية .. لأنهم يعرفوننا .. ونعرفهم .. ويدركون أننا لانبيع  ولا نشتري في قضية الوطن . ويعرفون جيداً بأننا الرقم الصعب في المعادلة الليبية .. ولايمكن تجاهله.
كيف تنظرون لعملية الكرامة التي يقودها الجنرال خليفة حفتر ؟
عملية الكرامة هي رد فعل طبيعي من رجال القوات المسلحة .. والشرطة .. والقوى الحية في المجتمع لرد الإعتبار للوطن .
 هل لديكم إتصالات بقوى داخلية في إطار التواصل بين الداخل والخارج ؟
 أنا على إتصال بكل الأطراف في ليبيا .. وخارجها .. بما في ذلك خصوم الأمس لإنقاذ الوطن .
 كيف ترون الدور القطري التركي في ليبيا ؟
 الحقيقة أنا رغم معرفتي .. وصداقتي السابقة مع الإخوة في قطر لم أستطع فهم إلي أين هم ذاهبون .. ولماذا ؟ .. وأتمنى يوماً أستمع لهذه الإجابة .. أما تركيا فهي أمة جارة مثلها مثل  إيران وجدوا فراغاً .. وفوضى تحيط بهم فوظفوها كل بأسلوبه ,, وطريقته .. وأدواته .. وذلك أمر طبيعي عندما يكون هناك فراغ .. ويأتي غرباء عن المنطقة فالجيران أولى إذا كانت هناك غنائم .. أو لدرء الخطر .
الى أي مدى يمكن للجانب الديبلوماسي أن يساهم في حل الأزمة الليبية ؟
 لقد حدثتك عن هذا .. ومسؤولية المجتمع الدولي .. والمنظمات الدولية .. وكل من كانوا يدعون بأنهم أصدقاء الشعب الليبي .. ويتباكون علي حماية المدنيين فأما أن يكفوا أذاهم عن شعبنا .. أويساهموا في أن نلتقي كما قلت لك في مؤتمر يجمع كل الليبيين يسبقه مؤتمر إعداد من عدد محدود يمثلون كافة الفرقاء .
ما هو الدور المنتظر من ليبيي الخارج ـالمهجرين ـ في حل الأزمة ؟
 الليبيون في الخارج تجاوز عددهم مليوني مهجر يقاسون وضعاً صعباً مادياً .. ونفسياً .. ولايتلقون دعماً من أحد للأسف .
 هجرتهم طائرات الأطسي .. ولن يقبلوا أن يعودوا ليعيشوا تحت المذلة والقهر .. ومنهم عشرات الألاف من أبناء القوات المسلحة ..والحرس الثوري .. وأنا دائماً أحذر بأن تجاهل هذه القنبلة الموقوتة سيدفع ثمنها الجميع .
 للأسف خصومنا أخذتهم العزة بالإثم .. وصدقوا أنفسهم .. ونصبوا أنفسهم أوصياء .. وتجاهلوا هذه الحقائق الدامغة .. وأدعوهم أن يعيدوا قراءة المشهد .. فهؤلاء شركاء في الوطن لو كان لكل منهم في ليبيا علي سبيل المثال قريب واحد .. إذن العدد أصبح أربع ملايين من ست ملايين عدد سكان ليبيا .. وعليك أن تحكم !!
 هل لديكم مشاورات مع بعض الحكومات العربية والأجنبية حول الحل المرتقب في ليبيا ؟
نحن نتشاور .. ونمد أيدينا للجميع .. ونقول لهم تعالوا إلي كلمة سواء .
 فلقد عقدنا العزم علي إخراج الوطن من هذا التيه .. وأؤكد لك أن الوجه الحقيقي لليبيين ستراه قريباً .. وسيعم الأمن .. والرخاء من جديد لتنتصر ليبيا .. لا أن ينتصر أحدنا علي الأخر .. بعيداً عن روح الحقد .. والإنتقام .. والحقد الذي لن يبني وطن نحن وخصومنا شركاء فيه .