د. رمضان البحباح:تحية المجد للأبطال الذين صنعوا الاجلاء

تحية المجد للأبطال الذين صنعوا الاجلاء :::: في مثل هذا اليوم 28 مارس من عام 1970م .. تُوّج اول انتصار تاريخي لثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة بعد 6 أشهر من انبلاجها .. فقد تم إجلاء القوات العسكرية البريطانية من على التراب الليبي .. والتي جثمت عليه منذ طردها لقوات دول المحور في الحرب العالمية الثانية عام 1943م .. حيث أعلنت بسط سيطرتها على شمال ليبيا .. وشكلت بذلك إدارتين عسكريتين على كل من ولاية طرابلس وولاية برقة آنذاك .. ونصبت حاكمين عسكريين على كل منهما .. وقد مارست كل أنواع العسف والاستغلال بحق الليبيين .. ولم تقدم لهم الحد الادنى من الخدمات .. بل ذهبت إلى سرقة كل ماخلفته القوات الايطالية المهزومة باعتبارها غنائم حرب .. وقد انتشرت الامراض السارية نتيجة الاهمال التي قضت على معظم الليبيين .. اهمها مرض الجذري الذي انتشر على نطاق واسع عام 1947م .. والذي فتك بآلاف الليبيين الذين كانوا يعانون الفقر والحرمان .. ولم يقدم لهم الحد الادنى من العناية الصحية .. لم يكتف الانجليز باحتلال ليبيا بل عمدوا على تعميق الخلاف بين مكونات شعبها .. واذكوا نار الفتنة بين العرب الليبيين واليهود الليبيين .. التي لم يشهد التاريخ الليبي أي خلاف بينهما على مختلف عصوره .. وكان يهدف هذا الصراع إلى تهجير اليهود الليبيين إلى فلسطين التي أعلنت دولة صهيونية عام 1948م .. وكان ذلك بمباركة ورعاية وإشراف من منظمة الامم المتحدة .. وكانت مصلحة الغرب تقتضي إنشاء تلك الدويلة في قلب الامة العربية .. لتقسيم الوطن العربي إلى قسمين شرقي آسيوي وغربي أفريقي .. لمنع أي إتحاد ديموغرافي بين أجزائه .. وكان إنجاز الانجليز هو المجيء بإدريس السنوسي من مصر وتنصيبه أميرا على برقة سنة 1949م .. نظير تقديمه لخدمات قد أمره الانجليز بها .. سيما تحريض الليبيين المهجرين في مصر بالقتال جنب إلى جنب مع القوات البريطانية في مواجهة قوات المحور .. وليتم تنصيبه فيما بعد غصبا على الليبيين ملكا عليهم عام 1952م .. بعدما تعهد بتقديم كل ما في وسعه بجعل الاراضي الليبية .. أراضي مستباحة للقوات البريطانية .. وقد مكنهم بقاعدة عسكرية ثابتة على الاراضي الليبية سميت بقاعدة العدم في طبرق .. وقد استخدمت هذه القاعدة كخنجر مسموم في ظهر مصر جمال عبد الناصر .. حيث انطلقت منها الطائرات البريطانية عام 1956 لضرب مصر العروبة في العدوان الثلاثي .. بمشاركة القوات الفرنسية والصهيونية في محاولة يائسة لمنع المد الثوري المتعاظم لثورة 23 يوليو .. وحينما انتصرت ثورة الفاتح من سبتمبر أخذت بالثأر من الاستعمار البريطاني الذي طرد شر طرده .. واستعادت تلك القاعدة لتصبح فيما بعد قاعدة ترفع اسم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر .. هكذا كان الانتصار والوفاء من صاحب الوفاء إلى أهل الوفاء .. إن ذكرى الاجلاء لم ولن تمحها المحن من ذاكرة الشعب الليبي .. فمهما بلغت به الاقدار فإن أي محاولة لطمس انتصاراته لن يكتب لها النجاح .. وسيحي هذه الذكرى عام بعد عام وجيل بعد جيل .. ولن تستطع أي قوة متجبرة على الارض من محوها من ذاكرتنا .. مهما حاولوا تشويه نضالاتنا وانتصاراتنا .. هذه حقائق مادية ومعنوية ماثلة أمام أعيننا وراسخة في عقولنا .. أما الذين ينكرون تلك الانتصارات هم ليسوا ضمن معادلة التاريخ .. وهم عبارة عن حثالات لايشكلون أي مفردة من المفردات .. ولا تسمية عدا أنهم فئة ملعونة عليها الخزي والعار .. وتلفظها ذاكرة الاجيال من قواميس المجد التي يصنعها الابطال .. فهنيئا لشعبنا بانتصاراته وتحية المجد للأبطال الذين صنعوا الاجلاء . بقلم / د. رمضان البحباح