السلام على الأزلام

عندما تعرض نظام معمر القذافي الى تلك المؤامرة الكونية عليه ، كانت الخيانات أكثر من يستوعبها عقل ، ووصل الأمر الى حد التسابق بين باعة الأوطان وفاقدي الضمائر والإخلاق على تقديم الإحداثيات الى قاعة عمليات الناتو بهدف ضرب أكثر ما يمكن من مقدرات الشعب ومؤسسات الدولة وقوات الجيش والأمن ، بينما كان « شهود العيان » الكاذبون يساهمون في القصف الإعلامي من عواصم عربية وأجنبية ، ويقدمون أنفسهم على أنهم يتحدثون من طرابلس أو سرت أو الزواية أو سبها أو غيرها من المدن الليبية
كانت ليبيا تباع في البارات والمواخير وصالات القمار من قبل ليبيين يدّعون بأنهم ثوار وحقوقيون ووطنيون ، وكان من داخل النظام من يمارس الخيانة في أقبح مظاهرها ، ومن ينتظر اللحظة المواتية ليطعن الوطن في خاصرته ،
الغريب في كل ذلك أن أغلب الخونة هم ممن كانوا يستفيدون من نظام القذافي ، يسحبون الملايين من المصارف ، ويحصلون على العمولات المجزية من الصفقات الداخلية والخارجية ، وينالون التعويضات عن جرائم إرتكبوها ، ويعانقون سيف الاسلام بالأحضان ، ويتقدمون الصفوف الأولى في جني ثمار التنمية والإكراميات
أما الفقراء والمحتاجون وراقدو الريح فما باعوا ولا خانوا ولا سقطوا في المحظور ولا أكلوا على موائد الملوك والأمراء ولا تاجروا بالوطن ولا طعنوا معمر القذافي في الظهر ، وإنما إستمروا على العهد ، وحافظوا على المبدأ ، وإبتكروا شعارات وإناشيد يؤكدون فيها ولاءهم للنظام وللوطن والدولة ، يقولون نعم نحن أزلام إن كان ذلك يرضيكم ونحن مع الطاغية إن كنتم سعداء بأن تنعتوه بالطاغية
إن أزلام القذافي هم أولئك الذين رفضوا التدخل الخارجي في بلادهم ، وكانوا على حق
وهم الذين يناصبون العداء للإخوان ولقطر وتركيا ولا زالوا على حق
وهم الذي يواجهون التطرف والارهاب وعصابات المتاجرين بالدين ، وهم على حق
والأزلام هم الذين رفضوا بيع البلاد وتحويلها الى غنيمة على موائد القوى الأمبريالية القديمة والجديدة ، وهم الذين ضحوا بالنفس والنفيس في سبيل الوطن ، والأزلام هم الذين تعرضوا للتهجير والتشريد والإعتقالات والسجون والتعذيب والتمشيط والمطاردات وفقدوا أعزاء عليهم وعصفت بهم المئاسي ومع ذلك لم يستسلموا ، وإنما لا يزال فيهم إصرار على التضحية والصمود
والأزلام هم الذين رفضوا رفع راية كانت مرفوعة على قواعد المستعمر الأجنبي ، ورفضوا نشيدا تعرّض للمسخ بدلا عن « الله أكبر » ،وهم الذين دافعوا عن إرث وبطولات الآباء والأجداد ، وتحصنوا بنخلة الوطن وخيمة القبائل
في ليبيا سقط الثوار الفبرايريون وغرقت خطاهم في دماء أبناء شعبهم وتلوثت وجوههم بعار العمالة للأجنبي وإنكسرت هاماتهم بعد أن رفعت برنارد ليفي وجون ماكين وساركوزي وديبورا وحمد وغيرهم ، ولم يعد هناك من يفخر بأنه من ثوار فبراير إلا من لا يزال يعتمد الكذبة للترويج اإعلامي الذي إنتهى مفعوله
أما الأزلام فالسلام عليهم لأنهم صدقوا وماكذبوا
وفوا وما خانوا
أعطوا وما أخذوا
ولا تزال بهم رغبة في العطاء والتضحية الى أن يتحرر الوطن من قيود الحرية المزعومة والديمقراطية الوهمية.
الحبيب الأسود
كاتب و صحفي وشاعر تونسي

السلام على الأزلام 11159448_830988200310143_5712343438686967273_n