ليلة القدر
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
ليلة القدر
أولا ً p الدليل من القـُرآن الكريم i
(1) من سورة لقمان في الآية الأخيرة ( 34 ) وفيها ما استأثـر الله به في عِـلمه ولم يُطلع عـليه أحد من خلقه لا نبي ٍ مُرسل ولا مَـلـك مُقـرَب ، ونعـرف ذلـك من هـذا الحديث الشريف ،
عـن عـبد الله ابن عُـمر t قال : قال رسول الله r :
« مَفاتِـحُ الغـَيْبِ خـَمْسٌ لا يَعْـلـَمُهَا إلا الله ، لا يَعْـلَمُ مَا فِي غـَدٍ إلا الله ، ولا يَعْـلَمُ مَا تـَغِـيضُ الأَرْحَامُ إلا الله ، ولا يَعْـلَمُ متى يَأتِي المَطـَرُ أَحَدٌ إلا الله ، ولا تـَدْري نـَفسٌ بأَيِّ أَرْض ٍ تـَمُوتُ ، ولا يَعْـلَمُ مَتى تـَقــُومُ السَّاعَة ُإلا الله »*
وعِـلم ليلة القدر سواء وقـتها أو ما فـيها من آيات كونية ليست من مفاتيـح الغـيب الخمس المذكورة.
(2) من سورة القـدر يـوجـد الآتي :
[ أ ] قوله تعالى ( وما أدراك ) يدُل على إمكانية أن يُخبرنا الله بعـلمها ولو قال ( وما يُدريـك ) لكانت من الغـَيب.
[ ب] قوله تعالى ( القـَدر ) سنجد كلمة قـَدر مُعـَرَفة بالأ لف واللام وكأنها ليـلة مَعـروفة ولم يقـُل عـز وجـل ( ليلة قـدر ) لتـكون كلمة قـدر نـَـكرة كما في كل سور القــُرآن الكريم.
(3) من سورة الفجـر ، فـبفضل الله تعالى وتوفـيقه وجدت أن الآيات الأربع الأولى من السورة تـتحدث عن ليلة القـدر وكيف أنها تـأتي في ليـالي وتـر وشفع أيضا ً ، وشرح ذلـك تـفصيلا ً في باب هـنا وبالكتاب بعـنوان ( ليلة القـدر الأولى شفع ).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أخرجه البخاري وابن حـبان في صحـيحـيهما والنسائي والإمام أحمد في مسنده ،
تغـيض : تـنقـُص وتـقـل كقـوله عـز وجـل : ( وغـيضَ الماء ) ، وتـفـسير وما
تغـيض الأ رحام وما تزداد : ما نقـص بموت الجـنيـن وما زاد فـتم الحمل واكتمل
والغـَيض : ما سقـَط َ من رحم الحامل قـبل تمام خـلقه ( مُعجم القاموس المحيط )
ثانيا ً p الدليل من سُـنة الرسول r i
(1) مُعـظم أحاديث رسول الله r عـن ليلة القـدر لـو تـدبرناها
جيـدا ً لوجدنا كيـف يَدعـونا ويأمرنا r بالبحث عـنها وبكلمات
عـديدة مثـل التـمسوا & تـَحروا & تـَحينوا.
(2) توجد أحاديث له r تصف لنا علامات وأمارات ليلة القـدر
والتي نستـَدل بها عـلى أن لـيلة ما من الليالي العـشر الأخـيرة من
شهر رمضان هي بالفعـل ليلة القـدر وسيتم شرح هذه الأحاديث.
وقـد سجلت كـُتب الحديث ما فعـله عبد الله بن مسعـود t
عـندما صعـد أعلى سطح داره فرأى علامات ليلة القدر 00 فقال : { صدق الله ورسوله ، صدق الله ورسوله }*
(3) حديث عـائشة رضي الله عـنها حيث قالـت :
« قــُلت يا رسول الله أرأيت لو أني عَـلِمتُ ليلة القدر ، ما كنت
أدعـو به ربي ؟ 000 إلى آخر الحديث »**
وحديث السيدة عائشة y يدُل علي إمكانية معرفة وقـت ليلة القـدر كما قال ابن حجر في فـتح الباري عـند شرحه لأحاديث ليلة القـدر.
(4) في صحيح مسلم بشرح الإمام النووي قال :
{ إنها تـُرى ويتحقـقها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنة ،
ورؤيتهم لها أكـثر من أن تـُحصر }
وهذا ما حدث بالفعـل في رمضان لسنة 1424 هـ حيث تم رؤيتها في ليلة الأربعاء الأخير الخامس والعـشرين بواسطتي أنا وزوجتي
وجيراني في العـمارة وأصدقاء آخرين لي.
وأثـناء مُشاهدتي لبرنامج تـلفزيوني في قـناة أقـرأ الفضائية عرفـت
أن كثير من أهـل مصر اتـصلوا بهم وأبلغـوهم أنهم رأوا ليلة القـدر في مصر في { ليلة 25 من رمضان }***
ثم تـكررت رؤيـتها في ليلة السابـع والعـشرين من رمضان لسنة 1425 هـ ولكن بأعـداد أكـبر من الأهـل والأصدقاء والجيران وتم
تسجيـل ما تم رؤيته بالتـفـصيـل في باب خاص بالكتاب بعـنوان :
( الإعجاز في ليلة القـدر لسنة 1425هـ ).
وقـد أكد نفـس البرنامج التـلفزيوني في قـناة أقـرأ الفضائية أنها كانت بالفعـل في { ليلة 27 من رمضان }****
وكـُـلـنا نعـرف أن الأ ُمة الإسـلامية لا تجـتمـع على باطـل
ثالثا ً p ليلة القـدر سِـرّ يكشفه الله i
مما سبق شرحه نستـنـتج سويا ً أن ليلة القدر لم تـكـُن من الغـَيب المُطلق بل هي من أسرار الله التي يُخفيها وإن شاء يُـبديها في الوقـت الذي يُحـدده حسب إرادته وحكمته.
فعـندما سأل الصحابي أبو ذر الغـفاري t رسول الله r عـن وقـت ليلة القـدر قَال له r في آخر حديثـه :
« لو شاء الله لأ طلعَـكُم عـليها ، التـَمِسُوهَا فِي السَّبْـع الأَ وَاخِر
لا تـَسأَلـنِي عَـن شَيء ٍ بَعـدَهَا »*****
فقـد تـكون شاءت إرادة الله أن يُطلعـنا عـليها الآن بعـد أن ابتعـد الكـثير من عـباد الله عـن عـبادة الله.
بل إن البحث والتحري عن ليلة القدر يُمكن اعتباره عِـبادة وليس
عَـادة ، فهو تـنفـيذ لدعـوته r بالا لتماس والتحري بل أمرنا الله
بالنـظر في السماوات والأرض بقـوله تعالى
{ [ يونس : 101 ]
وقطعـا ً ليس المقـصود رؤية زُرقـة السماء وخـُضرة الأرض.
وعـندما سُئِـل الحُسيـن بـن الفـضل عـن قـوله تعالى
{ [ الرحمن : 29 ]
قال : هي شُـئـون يُـبد يـها ( يكـشفها ) ولـيست شئـون يَـبتـد يها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الحديث كاملا ً في مُسند أحمد وروى نحوه البـزار وابن أبي شيـبة.
** أخرجه أحمد وابن ماجه والبـيهقي وصَحَحه الترمذي والحا كم والأ لباني.
*** البرنامج بتاريـخ 25 رمضان 1424 هـ ( 19/ 11 /2003م ).
**** البرنامج بتاريـخ 27 رمضان 1425 هـ ( 10/ 11 / 2004م ).
***** الحديث كاملا ً وإخراجه في الموقع هنا عـند شرح هل تـُرفع ليلة القدر ؟
ليلة القدر هذا العام
في كل عام تبدأ ليلة القدر بإذن الله تعالى بعـد غـروب شمس نهار الثـلاثاء الأخـير من شهر رمضان وبداية ليلة الأربعاء الأخير وهو موعـد ثابت كل عام في كـل أنحاء العـالم مهـما اختـلفـت الدول في بداية شهر رمضان فقـد تـكون ليلة الأربعاء الأخـير في دولة ليلة 27 وفي دولة أخرى ليلة 26 أو 28 ، فليلة القـدر ليلة ثابتة لكل المسلمين فـتـنزل الملآئكة في ليلة واحدة مُحـددة لتـمتـلئ الأرض بهم ويكون عـددهـم كعـدد الحصى ،
فمثلا ً في رمضان 1436هـ فـتـبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 14 / 7 / 2015م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 28 رمضان 1436هـ إ،
أما ليلة القـدر في رمضان 1437هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 28 / 6 / 2016م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 24 رمضان 1437هـ إذا بدأ رمضان في موعده الصحيح يوم الاثنين وهي كليلة القدر الأولى بغار حرآء وتكـون في منتهى الوضوح في علاماتها وتـتكرر مرة واحدة فقط كل 8 سنوات أي تكون ليلة القدر 24 في رمضان 1445هـ ،
أما ليلة القـدر في رمضان 1438هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 20 / 6 / 2017م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 27 رمضان 1438هـ إذا بدأ رمضان في موعـده الصحيح يوم الجمعة
أما ليلة القـدر في رمضان 1439هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 12 / 6 / 2018م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 29 رمضان 1439هـ إذا بدأ رمضان في موعـده الصحيح يوم الأربعاء ،
أما ليلة القـدر في رمضان 1440هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 28 / 5 / 2019م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 25 رمضان 1440هـ إذا بدأ رمضان في موعـده الصحيح يوم الأحد ،
أما ليلة القـدر في رمضان 1441هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 19 / 5 / 2020م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 27 رمضان 1441هـ إذا بدأ رمضان في موعـده الصحيح يوم الجمعة ،
وهكذا تـتكرر ليالي القـدر في دورة منتـظمة كل 8 سنوات بنفس الترتيب السابق 29 ، 25 ،27 ، 24 ، 27 ، 29 ، 25 ، 27 بإذن الله تعالى في أعـوام 2021م ، 2022م ، 2023م ، 2024م ، 2025م ، 2026م ،
2027م ، 2028م ( أي ليلة 29 في عام 2021م وهكذا )
*******************************
وقبل ليلة القـدر تشرق الشمس كعادتها حمراء ثم تـكون بـيضاء وقـوية ولها شعاع بعـد حوالي ربع ساعة من شروقها ، أما بعـد انتهاء ليلة القدر
أي في صباح الأربعاء الأخير من شهر رمضان كل عام فسيكون بإذن الله هو أول صباح تـُشرق فـيه الشمس بـيضاء ضعـيفة كالقمر ليلة البدر
( كما في الصورة بالموقع ) وذلك بعد دقائق معدودة من شروقها حمراء ،
وسنرى الشمس تـتحرك في لمعان وبريـق أي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( تـُرقـرق ) وسنرى أمام الشمس قـُرصا ً مُستـديرا ً يُـشبه الشبكة أو المصفاة ليكـون شكلها كما قال النبي ( كالطـَست ) وهو إناء معـدني مستـدير له غـطاء يُـشبه المصفاة ، ويمكن النـظر للشمس وبلا ضرر على العـين ولمدة نـصف ساعة متـصلة من لحـظة شروقها لنقـول جميعا ً : صدق الله ورسوله ، صدق الله ورسوله ،
وترجع الشمس لطبـيعـتها تدريجيا بعد يومين أو ثلاثة لتـبـيض بعد حوالي ربع ساعة مثـل كل الأيام العادية ، ولذلـك من يرى الشمس في صباح الخميس أو صباح الجمعة بدون رؤيتها في صباح الأربعاء الأخير يعـتـقد أن ليلة الخميس أو ليلة الجمعة هي ليلة القدر وخصوصا أن الليالي العـشر الأخيرة كلها احتـفال كـوني بليلة القدر المباركة ،
وغالبا عندما تأتي ليلة القدر ليلة 24 أو 25 فإن القمر نراه بعـد منتصف الليل في شكل مختـلف فمثلا ً قد نراه ذهـبي اللون كما في ليلة القدر سنة 1429 و1432هـ وقد نراه شديد اللمعان والبريـق كأنه مرآة عاكسة كما في ليلة القدر 1427هـ
*******************************
ولمشاهدة حديث الدكتور عن ليلة القدر في القـنوات الفضائية ، ولمعـرفة برامج تحويل التاريخ الميلادي للهجري وبالعـكس مع إمكانية تـنزيـل برنامج سهل للتحويل اضغـط هـنا بالموقع على أسئلة الزوار
وعن طريـق هذه البرامج عـرفـنا أن شهر رمضان سنة 13 قـبل الهجرة بدأ الاثـنين الموافـق 27 / 7 / 610 م ، وكانت ليلة القدر الأولي في غار حرآء عـندما نزلت سورة اقـرأ ليلة الأربعاء 24 رمضان فـبدأت من بعـد غـُروب شمس نهار الثلاثاء الموافـق 18 / 8 / 610 ميلادية وهذا هـو وقـت بدء نزول القـُرآن الكريم بكل دقـة
http://www.laylatalqadr24.com/4_part1.html
في كل عام تبدأ ليلة القدر بإذن الله تعالى بعـد غـروب شمس نهار الثـلاثاء الأخـير من شهر رمضان وبداية ليلة الأربعاء الأخير وهو موعـد ثابت كل عام في كـل أنحاء العـالم مهـما اختـلفـت الدول في بداية شهر رمضان فقـد تـكون ليلة الأربعاء الأخـير في دولة ليلة 27 وفي دولة أخرى ليلة 26 أو 28 ، فليلة القـدر ليلة ثابتة لكل المسلمين فـتـنزل الملآئكة في ليلة واحدة مُحـددة لتـمتـلئ الأرض بهم ويكون عـددهـم كعـدد الحصى ،
فمثلا ً في رمضان 1436هـ فـتـبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 14 / 7 / 2015م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 28 رمضان 1436هـ إ،
أما ليلة القـدر في رمضان 1437هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 28 / 6 / 2016م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 24 رمضان 1437هـ إذا بدأ رمضان في موعده الصحيح يوم الاثنين وهي كليلة القدر الأولى بغار حرآء وتكـون في منتهى الوضوح في علاماتها وتـتكرر مرة واحدة فقط كل 8 سنوات أي تكون ليلة القدر 24 في رمضان 1445هـ ،
أما ليلة القـدر في رمضان 1438هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 20 / 6 / 2017م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 27 رمضان 1438هـ إذا بدأ رمضان في موعـده الصحيح يوم الجمعة
أما ليلة القـدر في رمضان 1439هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 12 / 6 / 2018م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 29 رمضان 1439هـ إذا بدأ رمضان في موعـده الصحيح يوم الأربعاء ،
أما ليلة القـدر في رمضان 1440هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 28 / 5 / 2019م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 25 رمضان 1440هـ إذا بدأ رمضان في موعـده الصحيح يوم الأحد ،
أما ليلة القـدر في رمضان 1441هـ فـتبدأ بإذن الله بعـد غـروب شمس نهار الثلاثاء 19 / 5 / 2020م وبداية ليلة الأربعاء الأخير 27 رمضان 1441هـ إذا بدأ رمضان في موعـده الصحيح يوم الجمعة ،
وهكذا تـتكرر ليالي القـدر في دورة منتـظمة كل 8 سنوات بنفس الترتيب السابق 29 ، 25 ،27 ، 24 ، 27 ، 29 ، 25 ، 27 بإذن الله تعالى في أعـوام 2021م ، 2022م ، 2023م ، 2024م ، 2025م ، 2026م ،
2027م ، 2028م ( أي ليلة 29 في عام 2021م وهكذا )
*******************************
وقبل ليلة القـدر تشرق الشمس كعادتها حمراء ثم تـكون بـيضاء وقـوية ولها شعاع بعـد حوالي ربع ساعة من شروقها ، أما بعـد انتهاء ليلة القدر
أي في صباح الأربعاء الأخير من شهر رمضان كل عام فسيكون بإذن الله هو أول صباح تـُشرق فـيه الشمس بـيضاء ضعـيفة كالقمر ليلة البدر
( كما في الصورة بالموقع ) وذلك بعد دقائق معدودة من شروقها حمراء ،
وسنرى الشمس تـتحرك في لمعان وبريـق أي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( تـُرقـرق ) وسنرى أمام الشمس قـُرصا ً مُستـديرا ً يُـشبه الشبكة أو المصفاة ليكـون شكلها كما قال النبي ( كالطـَست ) وهو إناء معـدني مستـدير له غـطاء يُـشبه المصفاة ، ويمكن النـظر للشمس وبلا ضرر على العـين ولمدة نـصف ساعة متـصلة من لحـظة شروقها لنقـول جميعا ً : صدق الله ورسوله ، صدق الله ورسوله ،
وترجع الشمس لطبـيعـتها تدريجيا بعد يومين أو ثلاثة لتـبـيض بعد حوالي ربع ساعة مثـل كل الأيام العادية ، ولذلـك من يرى الشمس في صباح الخميس أو صباح الجمعة بدون رؤيتها في صباح الأربعاء الأخير يعـتـقد أن ليلة الخميس أو ليلة الجمعة هي ليلة القدر وخصوصا أن الليالي العـشر الأخيرة كلها احتـفال كـوني بليلة القدر المباركة ،
وغالبا عندما تأتي ليلة القدر ليلة 24 أو 25 فإن القمر نراه بعـد منتصف الليل في شكل مختـلف فمثلا ً قد نراه ذهـبي اللون كما في ليلة القدر سنة 1429 و1432هـ وقد نراه شديد اللمعان والبريـق كأنه مرآة عاكسة كما في ليلة القدر 1427هـ
*******************************
ولمشاهدة حديث الدكتور عن ليلة القدر في القـنوات الفضائية ، ولمعـرفة برامج تحويل التاريخ الميلادي للهجري وبالعـكس مع إمكانية تـنزيـل برنامج سهل للتحويل اضغـط هـنا بالموقع على أسئلة الزوار
وعن طريـق هذه البرامج عـرفـنا أن شهر رمضان سنة 13 قـبل الهجرة بدأ الاثـنين الموافـق 27 / 7 / 610 م ، وكانت ليلة القدر الأولي في غار حرآء عـندما نزلت سورة اقـرأ ليلة الأربعاء 24 رمضان فـبدأت من بعـد غـُروب شمس نهار الثلاثاء الموافـق 18 / 8 / 610 ميلادية وهذا هـو وقـت بدء نزول القـُرآن الكريم بكل دقـة
http://www.laylatalqadr24.com/4_part1.html
إن ليلة القدر الأولى بغار حراء والتي بدأ نزول القرآن فيها بسورة إقـرأ كانت ليلة 24 من شهر رمضان قـبل 13 سنة من الهجرة
لقد بدأ وحي اليقـظة على رسول الله r في غار حِرآء بجـبل النور بمكـة المكرمة بعـد حوا لي ستـة شُهـور من بداية الوحي بالرؤيـا
الصادقة حيـث كان مَبعَـثـه r وبداية النـُبوة في يـوم الا ثـنيـن من شهر ربـيـع الأول عـندما أتم r أربعـين سنة من عُـمره.
عَن أَبي قـَتـَادَة َ الأ نصَارِيِّ t عندما َسُئِـلَ رسول الله r عَـن
صَوْم يَوْم الا ثـنيْن ِقَالَ : « ذاكَ يَـوْمٌ وُلِـدْتُ فِـيهِ وَيَـوْمٌ بُعِـثـتُ أَوْ
أ ُنـزلَ عَـلَيَّ فِـيهِ 000 إلى آخر الحديث »*
وفي رواية أ ُخرى للحديث ( وأ ُنزلت عـلي فـيه النبـوة )**
وفي صحـيـح ابن خـُزيمة بلفـظ « وفـيه أ ُوحي إلي »
ولقـد قرأت في كتاب أن بدء نزول القـُرآن على رسول الله r كان
في يوم 17 رمضان وفي كتاب آخر أنه كان في يوم 21 رمضان ،
وكانت من أهم نتائج البحث عن ليلة القدر معـرفة وقـت بدء نـُزول القـُرآن بكل دِقـة ويـرجع الفـضل في ذلـك لهذا الحديث الشريف ،
عَـن وَاثـِلـَة َ بْن الأَسقــَع t أَنَّ رَسُولَ الله r قالَ :
« أ ُنزلـَتْ صُحُفُ إبْرَاهِيمَ u فِي أَول لَيلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ،
وأ ُنزلَتْ التـَّورَاة ُ لِسِت ٍ مَضَيْنَ مِن رَمَضَانَ ، والإِ نجـِيـلُ
لِثـلاثَ عَـشْرَة َ خَـلـَتْ مِنْ رَمَضَانَ وأ ُنزلَ الفـُرقَانُ لأَربَع ٍ
وعِـشْريـنَ خَـلـَتْ مِن رَمَضَانَ »***
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أخرجه مسلم وابن حـبان وابن خـُزيمة وأحمد والبـيهَـقي والنسائي.
** البـيهَـقي في السُـنن ( ج 4 / ص 300 ) وكنز العـمال برقم (24414)
ونتـدبر جـيدا ً قوله r ( أ ُنزلت النبوة ) ولم يقـُل r ( أ ُنزل القـُرآن )
*** أخرجه أحمد بترقـيم العالمية : (16370 ) والطبراني وابن أبي حاتم وابن جرير الطبري والبـيهـقي وحَـسنه الأ لباني في صحيح الجامع والسلسة الصحـيحة
بكـُل صراحة أقـول للقارئ لقد كانت مُفاجأة كبيرة لي أثـناء البحث أن تـأتي ليلة القـدر في ليلة ( 24 ) من رمضان لأ نها ليلة شفع ،
وتوقـفت بالفعـل طويلا ً وقـُلت لنفسي أن هناك خطأ ما ومن الجائز
أن تـكون لـيلة ( 23 ) لتـكون وتـر أيضا ً ، ولكن لا يُـمكن تـبديـل
الحقـيقة فكان لا بُد من البحث في أحاديث رسول الله r
[ 1 ] من فـتح الباري لابن حجر باب ليلة القـدر
حديث رقم [ 2022 ] عن خالدٍ عن عِـكرمة عن ابن عباس ٍ t
« التـَمِسوا في أربَع ٍ وعـشريـنَ » يعـني ليلة القـَدْر
أما ترقـيم العالمية للحديث فهو [ 1882 ] وقـد شرحه ابن حجر وقال : روى أحمد عن عـكرمة عن ابن عـباس t قال :
( أتـيت وأنا نائـم فـقـيـل لي الليلة ليلة القدر فـقـُمت وأنا ناعـس فتعـلقـت ببعض أطناب رسول الله r فإذا هو يُصلي فـنظرت في تـلـك الليلة فإذا هي ليلة أربـع وعـشريـن )*
وقال ابن حجر : { يُحتمل مُراد ابن عـباس رغـم أنها ليلة شفع
وليست وتـر أنها أول ما يُرجى من السبع الأواخر }
وأقول : إن هذا ما يحدث بالفعـل بقـُدرة الله عز وجل فهي عـندما تأتي ليلة 24 يجعـل الله شهر رمضان ( 30 يوما ً ) ، لأن الشهر إذا كان 29 يوما ً فستـكون ليلة القدر ثاني ليلة من السبع الأواخر
وأيضا ً عن بلا ل بـن رباح t أَن النـَّبي َّ r قالَ :
« لـَيلة ُ القــَدْر لـَيلـَة ُ أَربَـع ٍ وَعِـشريـنَ »**
وقـد ذكر ابن حجر حـديثـا ً آخر لبلا ل رقـم [ 4470 ] في كتاب
المغـازي ذكره بلا ل بعـد وفاة الرسول r وهو عـن عَـمر بن الحارث عن يـزيد مرفـوعا ً أخبرني بلا ل مؤذن رسول الله r :
« أنها أول السبـع من العَـشر الأواخر »
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* قال الهـيثمي في مجـمع الزوائد ( 3/410 ) رجال أحـمد رجال الصحـيح ،
أطناب : أحـبال طويلة تـُشد بها الخـَيمة ، فـفي رواية ( أطناب فـُسطاط )
** أخرجه الإمام أحمد بترقـيم العالمية [ 22765 ] ، وقال الهـيثمي في مجـمع
الزوائد : سندُه حَـسن وأخرجه البزار والطبراني وابن جرير وابن مردويه ،
وذكَره ابن حجر في فـتح الباري ــ كتاب ليلة القـدر ــ كون ليلة القـدر ليلة 24
[ 2 ] من تـفسير ابن كثير للقــُرآن الكريم
عـند تـفـسيره للآية ( 185 ) من سورة البقـرة حديـثا ً لجابر بن
عـبد الله t رواه ابن مردويه وفـيه أن القـُرآن أ ُنزل ليلة 24
وعـند تـفـسيره لسورة القـدر ذكر حديثا ً أخرجه أبـو داود عـن أبي سَعـيد t مرفـوعا ً أن رسول الله r قال :
« ليلة القـدر ليلة ُ أربع ٍ وعِـشريـن » وقال أن إسناد رجاله ثقات
وقد ذكره الإمام ابن حجر أيضا ً في القـول الثامن عـشر.
[ 3 ] من تـفـسير معالم التـنزيـل للبغـَوي
عـند تـفـسيره للآية ( 185 ) من سورة البقـرة ذكـَر حديثا ً لأبي
ذر الغـفاري t يُشير إلى وقـت وموعـد نـُزول الكـُتب السماوية وجاء في آخر الحديث { 0000 وأ ُنـزل الفـُرقان على مُحمد r في الرابعة والعـشرين من شهـر رمضان لست بَقــَين بعـدها }
ونتـدبر أن شهر رمضان كان ( 30 يوما ً ) وليس 29 يوما ً
[ 4 ] من قــَصَص الأ نبـياء لابن كثـير
وأنقـل مما كتبه ابن كثـير باب نـُزول الكـُـتب الأربعـة ومَواقـيتها :
قال أبو زرعة الدمشقي : { عن معاوية بن صالح عمن حدثه قال : أ ُنزلت التوراة على موسى في ست ليال خـَـلون من شهر رمضان ونزل الزبور على داود في اثـنتي عـشرة ليلة خـَـلت من شهـر رمضان ، وأ ُنزل الإ نجيـل على عيسى ابن مريم في ثماني عـشرة ليلة خـَلت من شهر رمضان ، وأ ُنزل الفـُرقان على محمد r في أربع وعـشرين من شهـر رمضان }
وقال : ذكره السُيوطي في الجامع الصغـير برقم ( 2734 ) وذكره الطبراني في الكبـير وقال : حديث ٌ حسن.
[ 5 ] من صحـيح السيرة النبـوية للأ لباني
في صفحة ( 90 ) بعـد أن تم ذكر حديث واثـلة الذي أخرجه أحمد وحديث جابر بن عـبد الله t الذي أخرجه ابن ردويه ( تم ذكرهما هـنا ) قال : { ولهـذا ذهـب جماعة من الصحابة والتابعـين إلى أن ليلة القدر ليلة أربـع وعـشرين }
وبفضل الله تعالى وتوفـيقـه كان أقـوي دليـل من سورة الفـجر ولنـتـدبر سويا ً قـوله عـز وجـل
سنجد أن الله تعالى أقـسم بأربعة أشياء تخـُص كـُلها ليلة القـدر :
[ أ ] فجر ليلة القـدر الأولى في غار حِـرآء0
[ ب] الليالي العـشر الأخيرة التي تجيء فـيهم ليلة القـدر0
[ ج ] الوقت التي تأتي فـيه ليلة القـدر ( ليلة شفع أو وتر )
[ د ] ليلة القـدر نفسها في قـوله تعالى ( والليل إذا يسر )
فـسبحان الله جمع الشفع والوتـَر معا ً في ليـلة واحدة ،
بل جمع الثـبات والتـنـَقـل معا ً أيضا ً في هذه الليلة.
وأقول : إنه فجر يوم عَـظيم لم ولن يشهد العالم كـُله مثـله ،
إنه فجر الإسلام في أول يوم أشرق فـيه مُنذ حوالي 1441 سنة
( 1428 بعـد الهجرة + 13 سنة فـترة قـبل الهجرة )
إنه أعظم فجر على الإطـلاق مُنذ خـلـق الله الأرض
إن مُعـظم المُـفـسرين قـد فـسروا الليالي هنا عـلى أنها أيام ( ليـل
ونهار معا ً ) واعـتمدوا في تفسيرهم على هذا الحديث الشريف ،
عن ابن عـباس t قال : قالَ رَسُولُ الله r :
« مَا مِن أَيَّام ٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُ إلَى الله عَـزَّ وجَلَّ مِن هَذِهِ الأَيَّام يَعـنِي أَيَّامَ العَـشر00 إلى آخر الحديث »*
ولو تـَدَبرنا الحديث جيدا ً لوجدنا كلمة أيام وليست ليال0
لأن اليوم يُشير إلى الليل والنهار معا ً ، وقد يُشير اليوم إلى النهار فقـط مثـل يـوم النحر ( هو نهار فـقـط ).
ولكن لا يُمكن أبداً أن يُشير اليوم إلى الليل فقط
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* أخرجه أحمد والبخاري وابن حـبان وابن خـُزيمة وأبو داود والترمذي.
ولذلك أقول : أن الليالي العَـشر والتي أقـسم الله تعالى بها في السورة هي في علم الله تعالى الليالي العَـشر الأخيرة من شهر رمضان ، وهي من أفـضل ليالي السنة لأن فـيها أفـضل ليلة في السنة وهي ليلة القـدر المُباركة.
كما أن العَـشرة الأيام الأولى من ذي الحجة من أفـضل أيام السنة لأن فـيها أفـضل يـوم في السنة وهو ( يـوم عَـرفـة )
ونأتي إلى تفـسير والليـل إذا يسر ، فالبعض قال : هي ليلة المَبـيت بمُزدلفة والبعـض قال هو قــَسَم بوقت الليل كما في سورة الليل.
ولكن الإمام القرطبي جزاه الله خيرا ً قال : وقـيل هي ليلة القدر لسراية الرحمة فيها واختصاصها بزيادة الثواب فيها.
وكم كانت سعادتي بهذا القول خصوصا ً عندما قـرأته أيضا ً في تـفسير فـتح القـدير للإمام الشوكاني.
وكما كانت كلمة الفجر هي آخر كلمات سورة القدر حيث تـنتهي ليلة القدر بطلوع الفجر فقد بدأ الله عـز وجل وجعـل كلمة الفجر هي أول كلمات سورة الفجر بل أقسم الله به في آية مُـنفـصلة لأ نه أعـظم فجر منذ خلـَق الله الأرض.
وكما أقـسم الله بفـجر الإسلام في أول سورة الفـجر ، أقـسم الله بالبـلد الذي أشرق فـيه في أول سورة البلد التـالية0
بل نجد إن عـدد آيات سورة الفجر ( 30 آية ) وهذا أيضا ً يـُشير إلى عـدد أيام شهـر رمضان الذي نزل فـيه ( 30 يـوما ً ) كما في
الحديث الذي ذكره البغـوي في تـفـسيره عن أبي ذر الغفاري t ،
وهذا ما يحدث حتى الآن في عـصرنا الحالي ويستمر إلى قـيام الساعة ، فيأتي شهر رمضان 30 يوما ً عندما يـبدأ يوم اثـنين وتأتي ليلة القـدر في ليلة الأربعاء 24 من الشهر.
ولا يحدث ذلك إلا مرة واحدة فقط في كل 8 سنوات قمرية كما في رمضان { 1405 & 1413 & 1421 هـ }
وبإذن الله يكون رمضان لعـام 1429 هـ ( 30 يـوما ً )
فكما أتم الله نزول آخر كـُتبه السماوية في ليلة 24 رمضان فإن الله تعالى يجعـل أيضا ً شهر رمضان تاما ً ( 30 يوما ً )
كيف تكسب ليلة القدر؟
د. لطيفة بنت عبد الله الجلعود
الحمد لله الذي فرض صيام هذا الشهر وسنَّ لنا قيامه، والصلاة على خيرة خلقه محمد صلى الله عليه وسلم والذي لم يترك خيراً إلا ودل أمته عليه، فروى عنه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"(1)وروي عنه أيضاً أنه قال:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"(2)وإن من الحرمان أن نرى كثيراً من المسلمين يقضون هذه اللحظات والفرص النادرة فيما لا ينفعهم، فإذا جاء وقت القيام كانت أحوالهم ما بين:
(أ) نائمون.
(ب) يتسامرون ويقعون في غيبة إخوانهم المسلمين.
(ج) يقضون أوقاتهم في المعاصي من مشاهدة القنوات الفضائية الهابطة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الرمضانية – كما يسمونها- وحاشا رمضان أن يكون له أفلام، أو مسلسلات مع ما فيها من اختلاط النساء بالرجال، والموسيقى، وما هو أشنع من ذلك.
لذلك لا بد من تجديد التوبة في هذا الشهر، فهذه فرصتنا للأسباب التالية:
أ. لأن مردة الشياطين تصفد، كما روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- مرفوعاً "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم"(3).
ب. الإقبال النفسي على فعل الخيرات في هذا الشهر ما لا تستطيعه في الأشهر الأخرى.
ج. أن الصوم في نهار رمضان يمنع من القيام بكثير من المعاصي.
ولو كان أمام أعيننا أنه قد يكون آخر رمضان نصومه لسهلت علينا التوبة، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، أما نحن فقد بلغناه الله عز وجل فلندعوه أن يعيننا على صيامه وقيامه.
مقارنة بين أعمارنا وأعمار الأمم السابقة:
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه:"أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك"(4).
كان أعمار السابقين مئات السنين، فهذا نوح -عليه السلام- لبث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون السابقون يوم القيامة".
فكيف يكون لنا السبق، ونحن أقل أعماراً؟! يكون ذلك باستغلال الفرص والتسابق عليها كما يتسابق الناس على الوظائف، والتسجيل في الجامعات، وعلى التخفيضات أيضاً.
ومن أعظم هذه الفرص، الحرص على ليالي العشر الأواخر من رمضان، فإن لم يكن، فعلى الأقل ليلة 21، 23، 25، 27، 29 لأن ليلة القدر لن تتعدى إحدى هذه الليالي كما قال صلى الله عليه وسلم:"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".
إلا إذا كان هناك اختلاف بين دول العالم الإسلامي في دخول رمضان، فإن الأحوط العمل كل ليالي العشر.
قال سبحانه وتعالى:"ليلة القدر خير من ألف شهر".
منذ أن يؤذن المغرب إلى أن يؤذن الفجر في الغالب لا يتجاوز 12 ساعة.
فكم سنة تعدل ليلة القدر؟ أكثر من ثلاث وثمانين سنة!! فلو حرصت كل الحرص على هذه الليلة فلا تفوتك، وذلك بقيام كل ليالي العشر الأخيرة، واستغلال كل ليلة منها كأحسن ما يكون الاستغلال كقدوتنا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- كما روت عنه عائشة رضي الله عنها:"أنه إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله".
ولنحسب عمر واحد منا حرص على القيام في ليالي الوتر لمدة عشر سنوات، إن هذا يساوي أكثر من 830 سنة بإذن الله، ولو عشت عشرين سنة بعد بلوغك، وكنت ممن يستغل كل ليالي العشر بالعبادة، لكان خير من 1660 سنة بإذن الله، وبهذا نحقق السبق يوم القيامة، وذلك باستغلال فرص لم تكن للأمم السابقة من اليهود والنصارى.
لذلك منذ أن يدخل شهر رمضان ادع الله أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول.
ماذا تفعل في هذه الليلة؟
- الاستعداد لها منذ الفجر، فبعد صلاة الفجر تحرص على أذكار الصباح كلها، ومن بينها احرص على قول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة، لماذا؟ لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كان له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك"(5).
الشاهد: "كانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي" حتى لا يدخل عليك الشيطان فيصرفك عن الطاعة.
- احرص على أن تفطر صائماً، إما بدعوته، أو بإرسال إفطاره، أو بدفع مال لتفطيره، وأنت بهذا العمل تكون حصلت على أجر صيام شهر رمضان مرتين لو فطرت كل يوم منذ أن يدخل الشهر إلى آخره صائماً لما رواه زيد بن خالد الجهني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من فطر صائماً كتب له مثل أجره لا ينقص من أجره شيء"(6).
- عند غروب الشمس ادع أيضاً أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر.
- جهز صدقتك لهذه الليلة من ليالي العشر، وليكن لك ادخار طوال السنة لتخريجه في هذه الليالي الفاضلة فلا تفوتك ليلة من ليالي الوتر إلا وتخرج صدقتها، فالريال إذا تقبله الله في ليلة القدر قد يساوي أكثر من ثلاثين ألف ريال، و 100 ريال تساوي أكثر من 300 ألف ريال وهكذا، وقد روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه(7)، حتى تكون مثل الجبل"( وروى أبو هريرة أيضاً قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال:" أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان"(9).
فإن أخفيتها كان أعظم لأجرك فتدخل بإذن الله ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" (10).
- منذ أن تغرب الشمس احرص على القيام بالفرائض والسنن، فمثلاً منذ أن يؤذن ردد مع المؤذن ثم قل: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً، فمن قال ذلك غُفر له ذنبه كما روي عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعاً(11) ثم قل: اللهم رب هذه الدعوة التامة... إلخ، لما رواه جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة"(12).
- ثم بكر بالفطور احتساباً، وعند تقريبك لفطورك ليكن رطباً محتسباً أيضاً، ولا تنس الدعاء في هذه اللحظات، وليكن من ضمن دعائك: اللهم أعني ووفقني لقيام ليلة القدر، ثم توضأ وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم بادر بالنافلة بين الأذان والإقامة؛ لما رواه أنس -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يبتدرون السواري حتى يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء"(13). ثم صل صلاة مودع(14)كلها خشوع واطمئنان، ثم اذكر أذكار الصلاة، ثم صل السنة الراتبة، ثم اذكر أذكار المساء -إن لم تكن قلتها عصراً- ومنها "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة؛ لتكون في حرز من الشيطان ليلتك هذه حتى تصبح، كما سبق أن ذكرنا، ثم نوِّع في العبادة:
- لا يفتر لسانك من دعائك بـ "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
- إن كان لك والدان فبرهما وتقرب منهما، واقض حوائجهما وافطر معهما.
- ثم بادر بالذهاب إلى المسجد قبل الأذان، لتصلي سنة دخول المسجد، ولتتهيأ بانقطاعك عن الدنيا ومشاغلها علك تخشع في صلاتك، ثم إذا أذن ردد معه وقل أذكار الأذان ثم صل النافلة، ثم اذكر الله حتى تقام الصلاة، أو اقرأ في المصحف، واعلم أنك ما دمت في انتظار الصلاة فأنت في صلاة كما روى ذلك أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول اللهم اغفر له وارحمه، ما لم يقم من صلاته أو يحدث"(15).
- ثم إذا أقيمت الصلاة صل بخشوع، فكلما قرأ الإمام آية استشعر قراءته، وكن مع كلام ربك حتى ينصرف الإمام.
- ثم عد إلى بيتك، ولا يكن هذا هو آخر العهد بالعبادة حتى صلاة القيام، بل ليكن في بيتك أوفر الحظ والنصيب من العبادة سواء بالصلاة أو بغيرها.
- ولا تنس -قبل خروجك من المسجد- أن تضع صدقة هذه الليلة، وإذا كان يصعب عليك إخراج صدقة كل ليلة من هذه الليالي فمن الممكن أن تعطي كل صدقتك قبل رمضان أو قبل العشر الأواخر جهة خيرية توكلها بإخراج جزء منها كل ليلة من ليالي العشر.
- ولا تنس وأنت في طريقك من وإلى المسجد أن يكون لسانك رطباً من ذكر الله، ولا تنس سيد الاستغفار هذه الليلة:"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال صلى الله عليه وسلم:"من قاله فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة"(16)، وما بين تهليل وتسبيح وتحميد وتكبير وحوقلة؛ لما رواه أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل وما هن يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله"(17)وما بين صلاة على رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ثم الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، فإذا دخلت بيتك تلمَّس حاجة من هم في البيت، سواء والداك أو زوجتك أو إخوانك أو أطفالك، فقم بخدمة الجميع بانشراح الصدر واحتساب واستغل القيام بحوائجهم بقراءة القرآن عن ظهر قلب، فقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن في الأجر، كما روى أبو الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قال:"وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: قل هو الله أحد ثلث القرآن"(18). فإذا قرأتها ثلاث مرات حصلت على أجر قراءة القرآن كاملاً، ولكن ليس معنى هذا هجر القرآن، ولكن هذا له أوقات وهذا له أوقات، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن في الأجر(19)، وآية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، أخرجه سعيد بن منصور في سننه، كما قاله عبد الله موقوفاً، ثم قل:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة؛ ليكون لك عدل عشر رقاب، ولتكتب لك مئة حسنة، وتمحى عنك مئة سيئة، ولتكن حرزاً لك من الشيطان حتى تصبح ولم يأت بأفضل مما جئت به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، واحرص على كل ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من الأذكار ذات الأجور العظيمة، كما قال صلى الله عليه وسلم لعمه:"ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار تقول: الحمد لله عدد ما خلق، الحمد لله ملء ما خلق، الحمد لله عدد ما في السموات والأرض، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، الحمد لله ملء ما أحصى كتابه، الحمد لله عدد كل شيء والحمد لله ملء كل شيء وتسبح مثلهن، ثم قال: تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك"(20) وقال صلى الله عليه وسلم:"من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"(21)وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مئة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه"(22)وفي بعض الروايات "سبحان الله العظيم وبحمده مئة مرة" (23)وكلما ذُكرت الكفارة أو الغفران – غفران الذنوب- وحط الخطايا، فالمقصود بها الصغائر، أما الكبائر فلا بد من التوبة، أما إن كانت هذه الكبيرة متعلقة بحقوق الآدميين فلا بد من الاستحلال مع التوبة أو المقاصة يوم القيامة؛ لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-:"من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"(24)ولا يغرك في الغيبة ما يردده البعض أن كفارة من اغتبته أن تستغفر له، فهذا حديث أقل أحواله أنه شديد الضعف، وهو يعارض الحديث السابق الصحيح، ومن أعظم حقوق الآدميين: الغيبة والنميمة والسخرية، والاستهزاء والسب، والشتم وشهادة الزور، قال صلى الله عليه وسلم:"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" (25).
فإذا فرغت من خدمة الجميع والأعمال البدنية، ليكن لك جلسة مع كتاب ربك فتقرأه، وليكن لك قراءتان في شهر رمضان إحداهما سريعة "الحدر" والأخرى بتأمل مع التفسير إذا أشكل عليك آية، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه:"لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله.
فإذا أنهك جسدك فألقه على السرير وأنت تذكر ربك بالتهليل والتسبيح والتحميد والحوقلة والتكبير والاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
- فإن نمت فأنت مأجور -بإذن الله- ثم استيقظ لصلاة قيام الليل في المسجد، وليكن لك ساعة خلوة مع ربك ساعة السحر فتفكر في عظمة خالقك، ونعمه التي لا تحصى عليك مهما كنت فيه من حال أو شدة فأنت أحسن حالاً ممن هو أشد منك كما قال صلى الله عليه وسلم:"انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلا من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله"(26).
- وتذكر هادم اللذات علها تدمع عينك فتكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله كما قال صلى الله عليه وسلم:"ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.." (27).
- وتذكر ما رواه جابر بن سمرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"أتاني جبريل، فقال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل آمين. فقلت: آمين..." (28) الحديث. فهذه العشر هي والله الغنيمة الباردة، وفي هذا الشهر فرص ومواسم من لم يستغلها تذهب ولا ترجع..
- أخيراً وقبيل الفجر لا بد من السحور ولو بماء، مع احتساب العمل بالسنة؛ لما رواه أنس رضي الله تعالى عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم:"تسحروا فإن في السحور بركة"(29) ثم تسوك وتوضأ واستعد لصلاة الفجر وأنت إما في ذكر أو دعاء أو قراءة قرآن.
- ولا بد من التنبيه على بعض الأخطاء، ومنها:
1- أن البعض قد يشيع في ليلة 23 أو 25 أن فلاناً رأى رؤياً، وأن تعبيرها أن ليلة القدر مثلاً ليلة 21 أو 23. فماذا يفعل البطالون؟ يتوقفون عن العمل باقي ليالي العشر، حتى أن البعض قد يكون في مكة فيعود، لماذا؟ انقضت ليلة القدر في نظره. وفي هذا من الأخطاء ما فيها، ومنها: أن هذا قد يكون حلماً وليس رؤياً. أن المعبر حتى وإن عبرها بأنها ليلة 21 أو 23 أو غيرها ليس بشرط أن يكون أصاب، فهذا أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- عبر رؤيا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً"(30) فإذا كان أبو بكر وهو خير الخلق بعد الأنبياء يصيب ويخطئ، فما بالك بغيره. والذي يظهر لي أن هذا من تلبيس إبليس، ليصد المؤمنين عن العمل باقي ليالي العشر. والله أعلم.
وأخيراً.. الأيام معدودة، والعمر قصير، ولا تعلم متى يأتيك الأجل، ولا تدري لعلك لا تبلغ رمضان، وإن بلغته لعلك لا تكمله، وإن أكملته لعله يكون آخر رمضان في حياتنا.
فهذا يخرج من بيته سليماً معافى فينعى إلى أهله، وهذا يلبس ملابسه ولا يدري هل سينزعها أم ستنزع منه؟
لذلك كله علينا أن نستحضر هذه النعمة العظيمة أن بلغنا رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه وصالح الأعمال، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، وكم من مريض مر عليه رمضان كغيره من الشهور، وكم من عاص لله ضال عن الطريق المستقيم ما ازداد في رمضان إلا بعداً وخساراً، وأنت يوفقك الله للصيام والقيام، فاحمد الله على هذه النعمة الجليلة، واستغلها أيما استغلال.
-----------------------------------------------------------
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (ك صلاة التراويح ب 1 فضل ليلة القدر 2/709 ح (1910).
(2) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الإيمان ب 6 تطوع قيام رمضان من الإيمان 2/22 ح (37).
(3) أخرجه النسائي في سننه الصغرى (ك الصيام ب فضل شهر رمضان ص 336 ح (2106).
(4) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ك الجنائز، فصل في أعمار هذه الأمة 7/246 ح (2980).
(5) أخرجه البخاري في صحيحه (ك بدء الخلق ب 11 صفة إبليس وجنوده ص 266 ح (3293).
(6) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ك الصوم ب فضل الصوم، ذكر تفضيل الله جل وعلا بإعطاء المفطر المسلم مثل أجره 8/216 ح (3429).
(7) فرسه.
( أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب الصدقة من كسب طيب ص 111 ح (1410).
(9) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب 11 فضل صدقة الشحيح الصحيح ص 111 ح (1419).
(10) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب 16 الصدقة باليمين ص 112 ح (1423).
(11) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (ك الصلاة ب 62 فضيلة الشهادة لله عز وجل بوحدانيته 1/220 ح (421).
(12) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الآذان ب الدعاء عند النداء 1/222 ح (589).
(13) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الأذان ب 14 كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر إقامة الصلاة ص 50 ح (625).
(14) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير 3/244 ح (3670) وعزاه لأبي محمد الإبراهيمي في كتاب الصلاة، ولابن النجار من رواية ابن عمر وحكم عليه بأنه حسن.
(15) أخرجه البخاري في صحيحه (ك بدء الخلق باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه 3/1180 ح (3057).
(16) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الدعوات ب أفضل الاستغفار 5/2323 ح (5947).
(17) أخرجه ابن حبان في صحيحه باب الأذكار، ذكر البيان بأن الكلمات التي ذكرناها مع البشرى من الحول والقوة إلا بالله مع الباقيات الصالحات 3/121 ح 840 .
(18) أخرجه مسلم في صحيحه.
(19) أخرجه الترمذي.
(20) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (2612).
(21) أخرجه مسلم في صحيحه ح (2691).
(22) أخرجه مسلم في صحيحه ح (2692).
(23) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (6301).
(24) أخرجه البخاري في صحيحه ح (2449).
(25) أخرجه مسلم في صحيحه ح (552).
(26) أخرجه مسلم في صحيحه (7430).
(27) أخرجه البخاري في صحيحه ح (660) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(28) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (75).
(29) أخرجه البخاري في صحيحه ح (1923).
(30) أخرجه البخاري في صحيحه ح (7046).
د. لطيفة بنت عبد الله الجلعود
الحمد لله الذي فرض صيام هذا الشهر وسنَّ لنا قيامه، والصلاة على خيرة خلقه محمد صلى الله عليه وسلم والذي لم يترك خيراً إلا ودل أمته عليه، فروى عنه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه صلى الله عليه وسلم قال:"من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"(1)وروي عنه أيضاً أنه قال:"من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه"(2)وإن من الحرمان أن نرى كثيراً من المسلمين يقضون هذه اللحظات والفرص النادرة فيما لا ينفعهم، فإذا جاء وقت القيام كانت أحوالهم ما بين:
(أ) نائمون.
(ب) يتسامرون ويقعون في غيبة إخوانهم المسلمين.
(ج) يقضون أوقاتهم في المعاصي من مشاهدة القنوات الفضائية الهابطة، ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الرمضانية – كما يسمونها- وحاشا رمضان أن يكون له أفلام، أو مسلسلات مع ما فيها من اختلاط النساء بالرجال، والموسيقى، وما هو أشنع من ذلك.
لذلك لا بد من تجديد التوبة في هذا الشهر، فهذه فرصتنا للأسباب التالية:
أ. لأن مردة الشياطين تصفد، كما روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- مرفوعاً "أتاكم رمضان شهر مبارك فرض الله عز وجل عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السماء، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم"(3).
ب. الإقبال النفسي على فعل الخيرات في هذا الشهر ما لا تستطيعه في الأشهر الأخرى.
ج. أن الصوم في نهار رمضان يمنع من القيام بكثير من المعاصي.
ولو كان أمام أعيننا أنه قد يكون آخر رمضان نصومه لسهلت علينا التوبة، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، أما نحن فقد بلغناه الله عز وجل فلندعوه أن يعيننا على صيامه وقيامه.
مقارنة بين أعمارنا وأعمار الأمم السابقة:
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله تعالى عنه:"أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك"(4).
كان أعمار السابقين مئات السنين، فهذا نوح -عليه السلام- لبث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال صلى الله عليه وسلم نحن الآخرون السابقون يوم القيامة".
فكيف يكون لنا السبق، ونحن أقل أعماراً؟! يكون ذلك باستغلال الفرص والتسابق عليها كما يتسابق الناس على الوظائف، والتسجيل في الجامعات، وعلى التخفيضات أيضاً.
ومن أعظم هذه الفرص، الحرص على ليالي العشر الأواخر من رمضان، فإن لم يكن، فعلى الأقل ليلة 21، 23، 25، 27، 29 لأن ليلة القدر لن تتعدى إحدى هذه الليالي كما قال صلى الله عليه وسلم:"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان".
إلا إذا كان هناك اختلاف بين دول العالم الإسلامي في دخول رمضان، فإن الأحوط العمل كل ليالي العشر.
قال سبحانه وتعالى:"ليلة القدر خير من ألف شهر".
منذ أن يؤذن المغرب إلى أن يؤذن الفجر في الغالب لا يتجاوز 12 ساعة.
فكم سنة تعدل ليلة القدر؟ أكثر من ثلاث وثمانين سنة!! فلو حرصت كل الحرص على هذه الليلة فلا تفوتك، وذلك بقيام كل ليالي العشر الأخيرة، واستغلال كل ليلة منها كأحسن ما يكون الاستغلال كقدوتنا وحبيبنا محمد -صلى الله عليه وسلم- كما روت عنه عائشة رضي الله عنها:"أنه إذا دخل العشر شد المئزر وأحيا ليله وأيقظ أهله".
ولنحسب عمر واحد منا حرص على القيام في ليالي الوتر لمدة عشر سنوات، إن هذا يساوي أكثر من 830 سنة بإذن الله، ولو عشت عشرين سنة بعد بلوغك، وكنت ممن يستغل كل ليالي العشر بالعبادة، لكان خير من 1660 سنة بإذن الله، وبهذا نحقق السبق يوم القيامة، وذلك باستغلال فرص لم تكن للأمم السابقة من اليهود والنصارى.
لذلك منذ أن يدخل شهر رمضان ادع الله أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر، فمن أعانه الله فهو المعان، ومن خذله فهو المخذول.
ماذا تفعل في هذه الليلة؟
- الاستعداد لها منذ الفجر، فبعد صلاة الفجر تحرص على أذكار الصباح كلها، ومن بينها احرص على قول:"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة، لماذا؟ لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير في يوم مئة مرة كان له عدل عشر رقاب، وكتبت له مئة حسنة، ومحيت عنه مئة سيئة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك"(5).
الشاهد: "كانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي" حتى لا يدخل عليك الشيطان فيصرفك عن الطاعة.
- احرص على أن تفطر صائماً، إما بدعوته، أو بإرسال إفطاره، أو بدفع مال لتفطيره، وأنت بهذا العمل تكون حصلت على أجر صيام شهر رمضان مرتين لو فطرت كل يوم منذ أن يدخل الشهر إلى آخره صائماً لما رواه زيد بن خالد الجهني عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"من فطر صائماً كتب له مثل أجره لا ينقص من أجره شيء"(6).
- عند غروب الشمس ادع أيضاً أن يعينك ويوفقك لقيام ليلة القدر.
- جهز صدقتك لهذه الليلة من ليالي العشر، وليكن لك ادخار طوال السنة لتخريجه في هذه الليالي الفاضلة فلا تفوتك ليلة من ليالي الوتر إلا وتخرج صدقتها، فالريال إذا تقبله الله في ليلة القدر قد يساوي أكثر من ثلاثين ألف ريال، و 100 ريال تساوي أكثر من 300 ألف ريال وهكذا، وقد روى أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه(7)، حتى تكون مثل الجبل"( وروى أبو هريرة أيضاً قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال:" أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر، وتأمل الغنى ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان"(9).
فإن أخفيتها كان أعظم لأجرك فتدخل بإذن الله ضمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه" (10).
- منذ أن تغرب الشمس احرص على القيام بالفرائض والسنن، فمثلاً منذ أن يؤذن ردد مع المؤذن ثم قل: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً، فمن قال ذلك غُفر له ذنبه كما روي عنه صلى الله عليه وسلم مرفوعاً(11) ثم قل: اللهم رب هذه الدعوة التامة... إلخ، لما رواه جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، حلت له شفاعتي يوم القيامة"(12).
- ثم بكر بالفطور احتساباً، وعند تقريبك لفطورك ليكن رطباً محتسباً أيضاً، ولا تنس الدعاء في هذه اللحظات، وليكن من ضمن دعائك: اللهم أعني ووفقني لقيام ليلة القدر، ثم توضأ وضوء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم بادر بالنافلة بين الأذان والإقامة؛ لما رواه أنس -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يبتدرون السواري حتى يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم كذلك يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء"(13). ثم صل صلاة مودع(14)كلها خشوع واطمئنان، ثم اذكر أذكار الصلاة، ثم صل السنة الراتبة، ثم اذكر أذكار المساء -إن لم تكن قلتها عصراً- ومنها "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة؛ لتكون في حرز من الشيطان ليلتك هذه حتى تصبح، كما سبق أن ذكرنا، ثم نوِّع في العبادة:
- لا يفتر لسانك من دعائك بـ "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".
- إن كان لك والدان فبرهما وتقرب منهما، واقض حوائجهما وافطر معهما.
- ثم بادر بالذهاب إلى المسجد قبل الأذان، لتصلي سنة دخول المسجد، ولتتهيأ بانقطاعك عن الدنيا ومشاغلها علك تخشع في صلاتك، ثم إذا أذن ردد معه وقل أذكار الأذان ثم صل النافلة، ثم اذكر الله حتى تقام الصلاة، أو اقرأ في المصحف، واعلم أنك ما دمت في انتظار الصلاة فأنت في صلاة كما روى ذلك أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول اللهم اغفر له وارحمه، ما لم يقم من صلاته أو يحدث"(15).
- ثم إذا أقيمت الصلاة صل بخشوع، فكلما قرأ الإمام آية استشعر قراءته، وكن مع كلام ربك حتى ينصرف الإمام.
- ثم عد إلى بيتك، ولا يكن هذا هو آخر العهد بالعبادة حتى صلاة القيام، بل ليكن في بيتك أوفر الحظ والنصيب من العبادة سواء بالصلاة أو بغيرها.
- ولا تنس -قبل خروجك من المسجد- أن تضع صدقة هذه الليلة، وإذا كان يصعب عليك إخراج صدقة كل ليلة من هذه الليالي فمن الممكن أن تعطي كل صدقتك قبل رمضان أو قبل العشر الأواخر جهة خيرية توكلها بإخراج جزء منها كل ليلة من ليالي العشر.
- ولا تنس وأنت في طريقك من وإلى المسجد أن يكون لسانك رطباً من ذكر الله، ولا تنس سيد الاستغفار هذه الليلة:"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت. قال صلى الله عليه وسلم:"من قاله فمات من يومه أو ليلته دخل الجنة"(16)، وما بين تهليل وتسبيح وتحميد وتكبير وحوقلة؛ لما رواه أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل وما هن يا رسول الله؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله"(17)وما بين صلاة على رسولنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ثم الدعاء بخيري الدنيا والآخرة، فإذا دخلت بيتك تلمَّس حاجة من هم في البيت، سواء والداك أو زوجتك أو إخوانك أو أطفالك، فقم بخدمة الجميع بانشراح الصدر واحتساب واستغل القيام بحوائجهم بقراءة القرآن عن ظهر قلب، فقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن في الأجر، كما روى أبو الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن؟ قال:"وكيف يقرأ ثلث القرآن؟ قال: قل هو الله أحد ثلث القرآن"(18). فإذا قرأتها ثلاث مرات حصلت على أجر قراءة القرآن كاملاً، ولكن ليس معنى هذا هجر القرآن، ولكن هذا له أوقات وهذا له أوقات، وقل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن في الأجر(19)، وآية الكرسي أعظم آية في كتاب الله، أخرجه سعيد بن منصور في سننه، كما قاله عبد الله موقوفاً، ثم قل:" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" مئة مرة؛ ليكون لك عدل عشر رقاب، ولتكتب لك مئة حسنة، وتمحى عنك مئة سيئة، ولتكن حرزاً لك من الشيطان حتى تصبح ولم يأت بأفضل مما جئت به إلا أحد عمل أكثر من ذلك، واحرص على كل ما ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- من الأذكار ذات الأجور العظيمة، كما قال صلى الله عليه وسلم لعمه:"ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار تقول: الحمد لله عدد ما خلق، الحمد لله ملء ما خلق، الحمد لله عدد ما في السموات والأرض، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، الحمد لله ملء ما أحصى كتابه، الحمد لله عدد كل شيء والحمد لله ملء كل شيء وتسبح مثلهن، ثم قال: تعلمهن وعلمهن عقبك من بعدك"(20) وقال صلى الله عليه وسلم:"من قال سبحان الله وبحمده مئة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر"(21)وعن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال -صلى الله عليه وسلم-: "من قال حين يصبح وحين يمسي سبحان الله وبحمده مئة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه"(22)وفي بعض الروايات "سبحان الله العظيم وبحمده مئة مرة" (23)وكلما ذُكرت الكفارة أو الغفران – غفران الذنوب- وحط الخطايا، فالمقصود بها الصغائر، أما الكبائر فلا بد من التوبة، أما إن كانت هذه الكبيرة متعلقة بحقوق الآدميين فلا بد من الاستحلال مع التوبة أو المقاصة يوم القيامة؛ لما رواه أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه-:"من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه"(24)ولا يغرك في الغيبة ما يردده البعض أن كفارة من اغتبته أن تستغفر له، فهذا حديث أقل أحواله أنه شديد الضعف، وهو يعارض الحديث السابق الصحيح، ومن أعظم حقوق الآدميين: الغيبة والنميمة والسخرية، والاستهزاء والسب، والشتم وشهادة الزور، قال صلى الله عليه وسلم:"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" (25).
فإذا فرغت من خدمة الجميع والأعمال البدنية، ليكن لك جلسة مع كتاب ربك فتقرأه، وليكن لك قراءتان في شهر رمضان إحداهما سريعة "الحدر" والأخرى بتأمل مع التفسير إذا أشكل عليك آية، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنه:"لأن أقرأ سورة أرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله.
فإذا أنهك جسدك فألقه على السرير وأنت تذكر ربك بالتهليل والتسبيح والتحميد والحوقلة والتكبير والاستغفار والصلاة والسلام على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
- فإن نمت فأنت مأجور -بإذن الله- ثم استيقظ لصلاة قيام الليل في المسجد، وليكن لك ساعة خلوة مع ربك ساعة السحر فتفكر في عظمة خالقك، ونعمه التي لا تحصى عليك مهما كنت فيه من حال أو شدة فأنت أحسن حالاً ممن هو أشد منك كما قال صلى الله عليه وسلم:"انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلا من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله"(26).
- وتذكر هادم اللذات علها تدمع عينك فتكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله كما قال صلى الله عليه وسلم:"ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.." (27).
- وتذكر ما رواه جابر بن سمرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"أتاني جبريل، فقال: يا محمد من أدرك شهر رمضان فمات فلم يغفر له فأدخل النار فأبعده الله، قل آمين. فقلت: آمين..." (28) الحديث. فهذه العشر هي والله الغنيمة الباردة، وفي هذا الشهر فرص ومواسم من لم يستغلها تذهب ولا ترجع..
- أخيراً وقبيل الفجر لا بد من السحور ولو بماء، مع احتساب العمل بالسنة؛ لما رواه أنس رضي الله تعالى عنه، قال: قال صلى الله عليه وسلم:"تسحروا فإن في السحور بركة"(29) ثم تسوك وتوضأ واستعد لصلاة الفجر وأنت إما في ذكر أو دعاء أو قراءة قرآن.
- ولا بد من التنبيه على بعض الأخطاء، ومنها:
1- أن البعض قد يشيع في ليلة 23 أو 25 أن فلاناً رأى رؤياً، وأن تعبيرها أن ليلة القدر مثلاً ليلة 21 أو 23. فماذا يفعل البطالون؟ يتوقفون عن العمل باقي ليالي العشر، حتى أن البعض قد يكون في مكة فيعود، لماذا؟ انقضت ليلة القدر في نظره. وفي هذا من الأخطاء ما فيها، ومنها: أن هذا قد يكون حلماً وليس رؤياً. أن المعبر حتى وإن عبرها بأنها ليلة 21 أو 23 أو غيرها ليس بشرط أن يكون أصاب، فهذا أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- عبر رؤيا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً"(30) فإذا كان أبو بكر وهو خير الخلق بعد الأنبياء يصيب ويخطئ، فما بالك بغيره. والذي يظهر لي أن هذا من تلبيس إبليس، ليصد المؤمنين عن العمل باقي ليالي العشر. والله أعلم.
وأخيراً.. الأيام معدودة، والعمر قصير، ولا تعلم متى يأتيك الأجل، ولا تدري لعلك لا تبلغ رمضان، وإن بلغته لعلك لا تكمله، وإن أكملته لعله يكون آخر رمضان في حياتنا.
فهذا يخرج من بيته سليماً معافى فينعى إلى أهله، وهذا يلبس ملابسه ولا يدري هل سينزعها أم ستنزع منه؟
لذلك كله علينا أن نستحضر هذه النعمة العظيمة أن بلغنا رمضان ووفقنا لصيامه وقيامه وصالح الأعمال، فكم من شخص مات قبل أن يبلغه، وكم من مريض مر عليه رمضان كغيره من الشهور، وكم من عاص لله ضال عن الطريق المستقيم ما ازداد في رمضان إلا بعداً وخساراً، وأنت يوفقك الله للصيام والقيام، فاحمد الله على هذه النعمة الجليلة، واستغلها أيما استغلال.
-----------------------------------------------------------
(1) أخرجه البخاري في صحيحه (ك صلاة التراويح ب 1 فضل ليلة القدر 2/709 ح (1910).
(2) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الإيمان ب 6 تطوع قيام رمضان من الإيمان 2/22 ح (37).
(3) أخرجه النسائي في سننه الصغرى (ك الصيام ب فضل شهر رمضان ص 336 ح (2106).
(4) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ك الجنائز، فصل في أعمار هذه الأمة 7/246 ح (2980).
(5) أخرجه البخاري في صحيحه (ك بدء الخلق ب 11 صفة إبليس وجنوده ص 266 ح (3293).
(6) أخرجه ابن حبان في صحيحه (ك الصوم ب فضل الصوم، ذكر تفضيل الله جل وعلا بإعطاء المفطر المسلم مثل أجره 8/216 ح (3429).
(7) فرسه.
( أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب الصدقة من كسب طيب ص 111 ح (1410).
(9) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب 11 فضل صدقة الشحيح الصحيح ص 111 ح (1419).
(10) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الزكاة ب 16 الصدقة باليمين ص 112 ح (1423).
(11) أخرجه ابن خزيمة في صحيحه (ك الصلاة ب 62 فضيلة الشهادة لله عز وجل بوحدانيته 1/220 ح (421).
(12) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الآذان ب الدعاء عند النداء 1/222 ح (589).
(13) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الأذان ب 14 كم بين الأذان والإقامة ومن ينتظر إقامة الصلاة ص 50 ح (625).
(14) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير 3/244 ح (3670) وعزاه لأبي محمد الإبراهيمي في كتاب الصلاة، ولابن النجار من رواية ابن عمر وحكم عليه بأنه حسن.
(15) أخرجه البخاري في صحيحه (ك بدء الخلق باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الأخرى، غفر له ما تقدم من ذنبه 3/1180 ح (3057).
(16) أخرجه البخاري في صحيحه (ك الدعوات ب أفضل الاستغفار 5/2323 ح (5947).
(17) أخرجه ابن حبان في صحيحه باب الأذكار، ذكر البيان بأن الكلمات التي ذكرناها مع البشرى من الحول والقوة إلا بالله مع الباقيات الصالحات 3/121 ح 840 .
(18) أخرجه مسلم في صحيحه.
(19) أخرجه الترمذي.
(20) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (2612).
(21) أخرجه مسلم في صحيحه ح (2691).
(22) أخرجه مسلم في صحيحه ح (2692).
(23) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (6301).
(24) أخرجه البخاري في صحيحه ح (2449).
(25) أخرجه مسلم في صحيحه ح (552).
(26) أخرجه مسلم في صحيحه (7430).
(27) أخرجه البخاري في صحيحه ح (660) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(28) ذكره الألباني في صحيح الجامع الصغير ح (75).
(29) أخرجه البخاري في صحيحه ح (1923).
(30) أخرجه البخاري في صحيحه ح (7046).
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
fawzi zertit- مشرف
- الجنس :
عدد المساهمات : 9139
نقاط : 20701
تاريخ التسجيل : 02/06/2011
. :
. :
. :
مواضيع مماثلة
» ليلة القدر خير من ألف شهر
» دعاء ليلة القدر
» ليلة القدر...العشر الاواخر... اكثروا الدعاء
» حقائق ليلة القدر التي تخفيها ناسا
» جديد [[ إمداد ذوي الهمم العاليات بما صح في ليلة القدر من علامات ]]
» دعاء ليلة القدر
» ليلة القدر...العشر الاواخر... اكثروا الدعاء
» حقائق ليلة القدر التي تخفيها ناسا
» جديد [[ إمداد ذوي الهمم العاليات بما صح في ليلة القدر من علامات ]]
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 24 نوفمبر - 16:39 من طرف علي عبد الله البسامي
» نكبة بلد المشاعر
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى فرسان اليمن
الأربعاء 20 نوفمبر - 20:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي