مشاريع التقسيم التي تستهدف ليبيا
صفحة 1 من اصل 1
مشاريع التقسيم التي تستهدف ليبيا
في أعقاب وصول القذافي ورفاقه إلى السلطة في العام 1969، بثورة تغير موقع ليبيا في الخارطة الدولية من معسكر إلى أخر، من النقيض إلى النقيض. كانت المملكة الصغيرة قبل ذلك التاريخ مجرد تابع سياسي واقتصادي للمعسكر الغربي، للتحول فجأة عضواً هاماً في معسكر الرفض العالمي، الذي كان يضم عدداً من الدول العربية ذات الأنظمة التي تعرف بالــ"ثورية". لم تكن واشنطن لتقبل بسهول تحول دولة مهمة على المستوى الجيوإستراتيجي موقعاً وثروةً من معسكرها إلى المعسكر المعادي، وتالياً ستعزز علاقاتها موضوعياً بالغريم السوفياتي. وكانت قرار طرد القواعد العسكرية الأجنبية نقطة اللاعودة.
إنطلقت ماكينة المخابرات المركزية الأمريكية في العمل على إسقاط النظام مبكراً، كما خصصت مكتباً كاملاً للشؤون الليبية، كذلك الشأن بالنسبة لبريطانيا. حاولت واشنطن في البداية القيام بالخطوات الكلاسيكية التي تحصل عادةً في سبيل إسقاط أي نظام معادي كدعم الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .الخارجية القائمة أو خلق معارضة جديدة تأتمر بأوامرها والأهم ضخ الدعاية الأمريكية الفجة ضد نظام الحكم الجديد. وكما فعلت في أمريكا اللاتينية، شجعت واشنطن كل نزعات الانشقاق داخل المؤسسة العسكرية ومولت محاولات إغتيال فاشلة إستهدفت القذافي شخصياً، تعاضدها في ذلك المخابرات الخارجية البريطانية التي عولت على أصدقائها "الإسلاميين" في التخلص من القذافي. كانوا يبحثون عن نهاية دامية على شاكلة ما حصل للرئيس الشيلي الاشتراكي المنتخب ديمقراطياً سلفادور أليندي. في النهاية نجحوا إلى حد ما في صياغة هذه النهاية البشعة.
كانت هذه المقدمة لابد منها للحديث عن مشاريع التقسيم التي تستهدف ليبيا حالياً. فالقوى الغربية مازالت، وبالرغم ما وقع منذ فبراير 2011، تعيش على عقلية الثأر لأربعة عقود كان فيها نظام القذافي عقبة أمام مشاريعها التوسعية في أفريقيا والمغرب العربي والمشرق وكان فيها داعماً مهماً لكل مشاريع المقاومة العربية والعالمية ضد "الاستعمار" (كان نظام القذافي في السبعينات يمنح الجبهتين الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين مليوني دولار شهرياً، كان مبلغاً ضخماً يومذاك). والحقيقة أن مشاريع تقسيم ونهب واستغلال ثروات ليبيا قد إنطلقت منذ سنوات الاحتلال الإيطالي إلا أن الإصرار الغربي بدى واضحاً بعد سقوط النظام الملكي. كانت واشنطن تخشى أن تتحول ليبيا إلى قاعدة وممول معادي لمشاريعها، وقد حصل ذلك نسبياً لسنوات طويلة.
كانت مشاريع التقسيم التي تستهدف ليبيا تختفي وتظهر في كل مرة مرتديةً ثوباً جديداً. تحت ستار القبلية حيناً والطائفية أحياناً (إباضية/ مالكية) والجهوية (الشرق/ الغرب) و العرقية (عرب/أمازيغ/طوارق..). ولكن المشروع الأبرز الذي أعيد إحياؤه بعد موات طويل منذ أزمة فبراير 2011 وما بعدها هو التقسيم الثلاثي الذي أفشلته المقاومة الوطنية الليبية إبان الاحتلال الإيطالي، والذي يقسم البلاد إلى ثلاث أقاليم: طرابلس – برقة – فزان. فقد وجدت مشاريع التقسيم الجديدة التي وضعتها إدارة المحافظين الجدد في واشنطن منذ عقدين في هذا التقسيم هبة من السماء لوجود العديد من الظروف الموضوعية والذاتية التي تُسهل حدوثه إلى جانب الاتكاء على العوامل التاريخية، وللأسف كان بعض أبناء الشعب الليبي في مقدمة من تحمسوا للمشروع.
بعد إسقاط النظام خريف العام 2011 سعت العديد من القوى الغربية والإقليمية إلى دعم الجماعات الجهادية لاستخدامها كمعاول لفرض التقسيم كأمر واقع، كما فعلت في العراق وسوريا حالياً وكما نجحت في تقسيم يوغسلافيا، التي كانت كياناً معادياً للمشروع الأمريكي في البلقان، فانتهت مقسمةً إلى أربع دول متناحرة، تحت ذرائع نشر الديمقراطية والحرية والعدالة، والحال أنها اليوم من أفقر الدول الأوروبية بعد أن كانت قوةً إقتصادية عالمية. عملت ذات الأنظمة التوسعية الغربية بنشاط كبير على استصدار قرار من مجلس الأمن، لتدخل حلف شمال الأطلسي في البلاد، بدعوى «إنقاذ الشعب الليبي من الطاغية القذافي» لتمكن حلفائها الجهاديين من السلطة والتمدد والتمهيد لتقسيم ليبيا إلى ثلاث أقاليم بين برقة وطرابلس وفزان. ثم ما لبثت أن بدأت تصطادهم الواحد تلو الأخر، فبدأت بسليم الرقيعي (أبو أنس الليبي) ثم ثنت بأبي ختالة، المتهم بقتل السفير الليبي في بنغازي، وقائمة المطلوبين من «ثوار الحرية والكرامة» مازالت مفتوحة على سفيان بن قمو وغيره.
ويؤكد ذلك ما تم تسريبه في مايو 2015 من الرسائل الالكترونية لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، اذ تشير احدى الرسائل الى مساعي تقوم بها المخابرات الفرنسية والبريطانية (التي دعمت الجماعات المتشددة في الشرق الليبي بداية من 17 فبراير 2011) لتقسيم ليبيا وإقامة كيان سياسي مستقل شرقاً. فقد ورد حرفيا في رسالة بتاريخ الثامن من مارس 2012 أن «موظفين من المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية والمخابرات السرية البريطانية «SIS--MI-6» عملوا في الفترة بين منتصف يناير 2012 إلى مارس 2012 على توطيد علاقات مع قيادات قبلية واجتماعية في شرق ليبيا، في محاولة لتشجيعهم على إقامة منطقة شبه مستقلة إداريًا في إقليم برقة بتوجيه من الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ونقلت الرسالة عن مصادر مطلعة أن المخابرات البريطانية والفرنسية كانتا تنويان «التحرك نحو إقليم مستقل إداريًا تحت حكم فيدرالي. »
أحمد نظيف
إنطلقت ماكينة المخابرات المركزية الأمريكية في العمل على إسقاط النظام مبكراً، كما خصصت مكتباً كاملاً للشؤون الليبية، كذلك الشأن بالنسبة لبريطانيا. حاولت واشنطن في البداية القيام بالخطوات الكلاسيكية التي تحصل عادةً في سبيل إسقاط أي نظام معادي كدعم الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .الخارجية القائمة أو خلق معارضة جديدة تأتمر بأوامرها والأهم ضخ الدعاية الأمريكية الفجة ضد نظام الحكم الجديد. وكما فعلت في أمريكا اللاتينية، شجعت واشنطن كل نزعات الانشقاق داخل المؤسسة العسكرية ومولت محاولات إغتيال فاشلة إستهدفت القذافي شخصياً، تعاضدها في ذلك المخابرات الخارجية البريطانية التي عولت على أصدقائها "الإسلاميين" في التخلص من القذافي. كانوا يبحثون عن نهاية دامية على شاكلة ما حصل للرئيس الشيلي الاشتراكي المنتخب ديمقراطياً سلفادور أليندي. في النهاية نجحوا إلى حد ما في صياغة هذه النهاية البشعة.
كانت هذه المقدمة لابد منها للحديث عن مشاريع التقسيم التي تستهدف ليبيا حالياً. فالقوى الغربية مازالت، وبالرغم ما وقع منذ فبراير 2011، تعيش على عقلية الثأر لأربعة عقود كان فيها نظام القذافي عقبة أمام مشاريعها التوسعية في أفريقيا والمغرب العربي والمشرق وكان فيها داعماً مهماً لكل مشاريع المقاومة العربية والعالمية ضد "الاستعمار" (كان نظام القذافي في السبعينات يمنح الجبهتين الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين مليوني دولار شهرياً، كان مبلغاً ضخماً يومذاك). والحقيقة أن مشاريع تقسيم ونهب واستغلال ثروات ليبيا قد إنطلقت منذ سنوات الاحتلال الإيطالي إلا أن الإصرار الغربي بدى واضحاً بعد سقوط النظام الملكي. كانت واشنطن تخشى أن تتحول ليبيا إلى قاعدة وممول معادي لمشاريعها، وقد حصل ذلك نسبياً لسنوات طويلة.
كانت مشاريع التقسيم التي تستهدف ليبيا تختفي وتظهر في كل مرة مرتديةً ثوباً جديداً. تحت ستار القبلية حيناً والطائفية أحياناً (إباضية/ مالكية) والجهوية (الشرق/ الغرب) و العرقية (عرب/أمازيغ/طوارق..). ولكن المشروع الأبرز الذي أعيد إحياؤه بعد موات طويل منذ أزمة فبراير 2011 وما بعدها هو التقسيم الثلاثي الذي أفشلته المقاومة الوطنية الليبية إبان الاحتلال الإيطالي، والذي يقسم البلاد إلى ثلاث أقاليم: طرابلس – برقة – فزان. فقد وجدت مشاريع التقسيم الجديدة التي وضعتها إدارة المحافظين الجدد في واشنطن منذ عقدين في هذا التقسيم هبة من السماء لوجود العديد من الظروف الموضوعية والذاتية التي تُسهل حدوثه إلى جانب الاتكاء على العوامل التاريخية، وللأسف كان بعض أبناء الشعب الليبي في مقدمة من تحمسوا للمشروع.
بعد إسقاط النظام خريف العام 2011 سعت العديد من القوى الغربية والإقليمية إلى دعم الجماعات الجهادية لاستخدامها كمعاول لفرض التقسيم كأمر واقع، كما فعلت في العراق وسوريا حالياً وكما نجحت في تقسيم يوغسلافيا، التي كانت كياناً معادياً للمشروع الأمريكي في البلقان، فانتهت مقسمةً إلى أربع دول متناحرة، تحت ذرائع نشر الديمقراطية والحرية والعدالة، والحال أنها اليوم من أفقر الدول الأوروبية بعد أن كانت قوةً إقتصادية عالمية. عملت ذات الأنظمة التوسعية الغربية بنشاط كبير على استصدار قرار من مجلس الأمن، لتدخل حلف شمال الأطلسي في البلاد، بدعوى «إنقاذ الشعب الليبي من الطاغية القذافي» لتمكن حلفائها الجهاديين من السلطة والتمدد والتمهيد لتقسيم ليبيا إلى ثلاث أقاليم بين برقة وطرابلس وفزان. ثم ما لبثت أن بدأت تصطادهم الواحد تلو الأخر، فبدأت بسليم الرقيعي (أبو أنس الليبي) ثم ثنت بأبي ختالة، المتهم بقتل السفير الليبي في بنغازي، وقائمة المطلوبين من «ثوار الحرية والكرامة» مازالت مفتوحة على سفيان بن قمو وغيره.
ويؤكد ذلك ما تم تسريبه في مايو 2015 من الرسائل الالكترونية لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، اذ تشير احدى الرسائل الى مساعي تقوم بها المخابرات الفرنسية والبريطانية (التي دعمت الجماعات المتشددة في الشرق الليبي بداية من 17 فبراير 2011) لتقسيم ليبيا وإقامة كيان سياسي مستقل شرقاً. فقد ورد حرفيا في رسالة بتاريخ الثامن من مارس 2012 أن «موظفين من المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية والمخابرات السرية البريطانية «SIS--MI-6» عملوا في الفترة بين منتصف يناير 2012 إلى مارس 2012 على توطيد علاقات مع قيادات قبلية واجتماعية في شرق ليبيا، في محاولة لتشجيعهم على إقامة منطقة شبه مستقلة إداريًا في إقليم برقة بتوجيه من الرئيس الفرنسي ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ونقلت الرسالة عن مصادر مطلعة أن المخابرات البريطانية والفرنسية كانتا تنويان «التحرك نحو إقليم مستقل إداريًا تحت حكم فيدرالي. »
أحمد نظيف
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي