الحاجة الماسة للرجوع إلى كتاب الله
صفحة 1 من اصل 1
الحاجة الماسة للرجوع إلى كتاب الله
الحب هو الأساس الأول في هذا الدين وطهّرة النفس من الأحقاد والأحساد هي التي عليها قبول الأعمال وعليها صلاح الأحوال، فلن تنصلح أحوال المجتمع إلا إذا طهّرنا نفوسنا من الأحقاد والأحساد والأنانية والأثرة وكل الصفات التى نهى عنها كتاب الله، ولن يقبل الله أعمالنا إلا إذا امتلأت صدورنا وقلوبنا بالحب لله، والحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والترجمة العملية لذلك في حب الخير لجميع عباد الله، واسمعوا لتلك القصة من دروس التربية العملية التى كان صلى الله عليه وسلم يربي بها الصحابة والأمة من بعدهم:
{كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَطْلُعُ الآنَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ تَنْظُفُ لِحْيَتُهُ مَنْ وَضوئِهِ قَدْ عَلَّقَ نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبيُّ مِثْلَ ذلِكَ، فَطَلَعَ ذلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ المَرَّةِ الأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبيُّ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضاً، فَطَلَعَ ذلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الأَوَّلِ، فَلَمَّا قَامَ النَّبيُّ تَبعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَقَال: إنِّي لاَحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ أَنِّي لاَ أَدْخُلُ عَلَيْهِ ثَلاثاً، فَإنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ. قَالَ: نَعَمْ،. قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ الثَّلاَثَ الليَالِي فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئاً غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَّ تَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّه، وَكَبَّرَ حَتَّى لِصَلاةِ الْفَجْرِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إلاَّ خَيْراً، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلاَثُ اللَّيَالِي، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْن أَبِي غَضَبٌ وَلا هجْرَةٌ، وَلكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلاَثَ المَرَّاتِ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إلَيْكَ، فَأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ، فَأَقْتَدِيَ بِكَ، فَلَمْ أَرَكَ عَمِلْتَ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَ: مَا هُوَ إلاَّ مَا رَأَيْتَ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إلاَّ مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ في نَفْسِي لأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ غِشًّا وَلا أَحْسُدُ أَحَداً عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إيَّاهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ.} وفى رواية: {غَيْرَ أَني لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي سُوءًا لأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ وَلاَ أَقُولُهُ، قَالَ: هذِهِ الَّتي قَدْ بَلَغَتْ بِكَ وَهِيَ الَّتي لاَ أُطِيقُ}{1}
هى الخصلة التى علا بها واستحق بها النعيم، ولذا قال صلى الله عليه وسلم لأنس رضي الله عنه فيها: {يَا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ فَافْعَلْ، يَا بُنَيَّ وَذلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحْيَانِي، وَمَنْ أَحْيَانِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ}{2}
ما فائدة قيام الليل وصيام النهار وتلاوة القرآن وصاحب هذا العمل يحقد على أخيه فلان ويحسد فلان على ما آتاه الله، ويريد أن يُدّبر شرّاً لعبد من عباد الله، ويُفكّر في بلْوى ينزلها لشخص يكون قد أذاه، أبهذا أمره الله؟ أم على هذا كان حَبيب الله ومصطفاه؟ كلا، فإن الله قال للمؤمنين: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} فصلت34
وقال في وصف عباد الرحمن: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً}الفرقان63
وقال في شأن النبي صلى الله عليه وسلم مُوجّهاً له ولكل صفي من أتباع النبي: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الأعراف199
من أراد أن يرى هذه الأوصاف ظاهرة جلية الآن فأين يراها؟
فإنَّ ما يظهر بيننا في الشارع وفي السوق وفي العمل وفي البيت وفي الأسرة الواحدة من الخلافات والمشاكسات والمشاحنات، ينبأ بوضوح وجلاء أننا بحاجة ماسة شديدة إلى الرجوع إلى هدى الله وإلى كتاب الله الآن، ولذلك عندما رأى الحَبيب صلى الله عليه وسلم الذى أنزل الله على قلبه قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} الحجرات10
عندما رأى بين أصحابه خلافاً، علَّمنا وعلَّم الأمة كلها أنه واجب ملزمٌ للمرء أن يقوم فوراً حتى ولو لم ينتدبه أحد بالإصلاح بين إخوانه المسلمين، ولدرء هذا الخلاف، ولا نتركه لتتسع شقته
هل تُوجد عبادة نفلية أو من نوافل البر أفضل من الصلح بين المسلمين؟ لا، بنص الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: {أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: إصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ، لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ}{3}
وكان صلى الله عليه وسلم يقول ليقضى على الداء فى مهده: {لا يُبْلِغُنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابي عَنْ أَحَدٍ شَيْئاً فإِنِّي أُحِبُّ أنْ أخْرُجَ إِلَيْكُم وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدّرِ}{4}
أظن أننا قد وصلنا إلى سبب ما نحن فيه الآن أجمعين، أين الوقفة الأولى مع الصدور وتطهيرها بالنور؟ وماهو الواجب هو علينا نحو إخواننا لندخل في قوله صلى الله عليه وسلم: {مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى}{5}
فيريد من المؤمن أن يخالط المؤمنين لا ينفع أن يكون إنعزالي أو إنفرادي، فلا بد من المخالطة لأن لهم حقوق، وعليهم واجبات لكل المؤمنين وكل المسلمين بطهارة القلب بالكلية من الأخلاق التي أمرنا الله أن نتخلىّ عنها، وأوصانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتطهّر منها
فإذا تحققنا بتلك الطهارة وتجملنا بهذه الأوصاف فمن أين تأتى الغلظة والقسوة والشدّة بين المؤمنين؟ هل يوجد أفعال من هذه بين المؤمنين مثل القسوة والغلظة والشدة؟ نسأل الله: {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء} الفتح29
نفترض لو أن شخص عاصياً، لا بد وأن أرحمه لكى أنتشله من المعاصي، فلو عاملته بشدة فسيفر منّي وينتهي الأمر .. فبماذا أعامله؟ أعامله بالحكمة والموعظة الحسنة لكى آخذه من يد الشيطان وأضمّه مرة ثانية إلى صفوف الرحمن .. وأين الشدة؟ الشدّة مع الآخرين من الكافرين والجبارين.
والقرآن الكريم هو الملاذ في الشدائد، وهو المخرج من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأنا لا أدعو إلى تلاوة القرآن فقط، فالقرآن يُتلى آناء الليل وأطراف النهار في الإذاعات وفى المسجلات، لكن أدعو إلى العمل بالقرآن يا أمة القرآن ، فعلينا أن نتوجّه جميعاً للعمل بالقرآن، العمل بالقرآن، العمل بالقرآن، وفى هذا ما يكفى من البيان لكى ذى جنان.
{كُنَّا جُلُوساً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: يَطْلُعُ الآنَ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ تَنْظُفُ لِحْيَتُهُ مَنْ وَضوئِهِ قَدْ عَلَّقَ نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ قَالَ النَّبيُّ مِثْلَ ذلِكَ، فَطَلَعَ ذلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ المَرَّةِ الأُولَى، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَالَ النَّبيُّ مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضاً، فَطَلَعَ ذلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الأَوَّلِ، فَلَمَّا قَامَ النَّبيُّ تَبعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، فَقَال: إنِّي لاَحَيْتُ أَبِي، فَأَقْسَمْتُ أَنِّي لاَ أَدْخُلُ عَلَيْهِ ثَلاثاً، فَإنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ. قَالَ: نَعَمْ،. قَالَ أَنَسٌ: فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ الثَّلاَثَ الليَالِي فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئاً غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَعَارَّ تَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّه، وَكَبَّرَ حَتَّى لِصَلاةِ الْفَجْرِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إلاَّ خَيْراً، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلاَثُ اللَّيَالِي، وَكِدْتُ أَنْ أَحْتَقِرَ عَمَلَهُ قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْن أَبِي غَضَبٌ وَلا هجْرَةٌ، وَلكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلاَثَ المَرَّاتِ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إلَيْكَ، فَأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ، فَأَقْتَدِيَ بِكَ، فَلَمْ أَرَكَ عَمِلْتَ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ؟ قَالَ: مَا هُوَ إلاَّ مَا رَأَيْتَ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إلاَّ مَا رَأَيْتَ غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ في نَفْسِي لأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ غِشًّا وَلا أَحْسُدُ أَحَداً عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إيَّاهُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: هذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ.} وفى رواية: {غَيْرَ أَني لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي سُوءًا لأَحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ وَلاَ أَقُولُهُ، قَالَ: هذِهِ الَّتي قَدْ بَلَغَتْ بِكَ وَهِيَ الَّتي لاَ أُطِيقُ}{1}
هى الخصلة التى علا بها واستحق بها النعيم، ولذا قال صلى الله عليه وسلم لأنس رضي الله عنه فيها: {يَا بُنَيَّ إِنْ قَدَرْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ لَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ فَافْعَلْ، يَا بُنَيَّ وَذلِكَ مِنْ سُنَّتِي، وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحْيَانِي، وَمَنْ أَحْيَانِي كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ}{2}
ما فائدة قيام الليل وصيام النهار وتلاوة القرآن وصاحب هذا العمل يحقد على أخيه فلان ويحسد فلان على ما آتاه الله، ويريد أن يُدّبر شرّاً لعبد من عباد الله، ويُفكّر في بلْوى ينزلها لشخص يكون قد أذاه، أبهذا أمره الله؟ أم على هذا كان حَبيب الله ومصطفاه؟ كلا، فإن الله قال للمؤمنين: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} فصلت34
وقال في وصف عباد الرحمن: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً}الفرقان63
وقال في شأن النبي صلى الله عليه وسلم مُوجّهاً له ولكل صفي من أتباع النبي: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الأعراف199
من أراد أن يرى هذه الأوصاف ظاهرة جلية الآن فأين يراها؟
فإنَّ ما يظهر بيننا في الشارع وفي السوق وفي العمل وفي البيت وفي الأسرة الواحدة من الخلافات والمشاكسات والمشاحنات، ينبأ بوضوح وجلاء أننا بحاجة ماسة شديدة إلى الرجوع إلى هدى الله وإلى كتاب الله الآن، ولذلك عندما رأى الحَبيب صلى الله عليه وسلم الذى أنزل الله على قلبه قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} الحجرات10
عندما رأى بين أصحابه خلافاً، علَّمنا وعلَّم الأمة كلها أنه واجب ملزمٌ للمرء أن يقوم فوراً حتى ولو لم ينتدبه أحد بالإصلاح بين إخوانه المسلمين، ولدرء هذا الخلاف، ولا نتركه لتتسع شقته
هل تُوجد عبادة نفلية أو من نوافل البر أفضل من الصلح بين المسلمين؟ لا، بنص الحديث، قال صلى الله عليه وسلم: {أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: إصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ، لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ}{3}
وكان صلى الله عليه وسلم يقول ليقضى على الداء فى مهده: {لا يُبْلِغُنِي أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابي عَنْ أَحَدٍ شَيْئاً فإِنِّي أُحِبُّ أنْ أخْرُجَ إِلَيْكُم وَأَنَا سَلِيمُ الصَّدّرِ}{4}
أظن أننا قد وصلنا إلى سبب ما نحن فيه الآن أجمعين، أين الوقفة الأولى مع الصدور وتطهيرها بالنور؟ وماهو الواجب هو علينا نحو إخواننا لندخل في قوله صلى الله عليه وسلم: {مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى}{5}
فيريد من المؤمن أن يخالط المؤمنين لا ينفع أن يكون إنعزالي أو إنفرادي، فلا بد من المخالطة لأن لهم حقوق، وعليهم واجبات لكل المؤمنين وكل المسلمين بطهارة القلب بالكلية من الأخلاق التي أمرنا الله أن نتخلىّ عنها، وأوصانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتطهّر منها
فإذا تحققنا بتلك الطهارة وتجملنا بهذه الأوصاف فمن أين تأتى الغلظة والقسوة والشدّة بين المؤمنين؟ هل يوجد أفعال من هذه بين المؤمنين مثل القسوة والغلظة والشدة؟ نسأل الله: {أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء} الفتح29
نفترض لو أن شخص عاصياً، لا بد وأن أرحمه لكى أنتشله من المعاصي، فلو عاملته بشدة فسيفر منّي وينتهي الأمر .. فبماذا أعامله؟ أعامله بالحكمة والموعظة الحسنة لكى آخذه من يد الشيطان وأضمّه مرة ثانية إلى صفوف الرحمن .. وأين الشدة؟ الشدّة مع الآخرين من الكافرين والجبارين.
والقرآن الكريم هو الملاذ في الشدائد، وهو المخرج من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأنا لا أدعو إلى تلاوة القرآن فقط، فالقرآن يُتلى آناء الليل وأطراف النهار في الإذاعات وفى المسجلات، لكن أدعو إلى العمل بالقرآن يا أمة القرآن ، فعلينا أن نتوجّه جميعاً للعمل بالقرآن، العمل بالقرآن، العمل بالقرآن، وفى هذا ما يكفى من البيان لكى ذى جنان.
{1} رواه أحمد ومسلم والنسائي، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه {2} رواه الترمذي عن أَنَسٍ رضي الله عنه {3} أبو داود والترمذي وابن حبان عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ {4} سنن أبي داوود عن َبْدِ الله بنِ مَسْعُودٍ {5} صحيح البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85
منقول من كتاب {إصلاح الأفراد والمجتمعات فى الإسلام} لفضيلة الشيخ فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لقراءة أو تحميل الكتاب مجانا}
إشراقات-
- الجنس :
عدد المساهمات : 21
نقاط : 6844
تاريخ التسجيل : 25/01/2015
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 4 مايو - 0:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» أحلاس الصّهينة
الأحد 7 يناير - 7:55 من طرف علي عبد الله البسامي
» النفير المقدس
الخميس 4 يناير - 1:50 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى شيوخ ومثقفي الخليج
الأحد 31 ديسمبر - 17:26 من طرف علي عبد الله البسامي
» .سجل حضورك ... بصورة تعز عليك ... للبطل الشهيد القائد معمر القذافي
الإثنين 25 ديسمبر - 17:43 من طرف chlih
» أملٌ زمنَ القهر
الأحد 24 ديسمبر - 18:07 من طرف علي عبد الله البسامي
» أملٌ زمنَ القهر
الأحد 24 ديسمبر - 18:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» عملاق الردى
الأحد 24 ديسمبر - 17:15 من طرف علي عبد الله البسامي
» إجرام الغرب
السبت 16 ديسمبر - 16:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» فضبدة الخذلان
الجمعة 8 ديسمبر - 9:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» شرف المقاومة
الأحد 3 ديسمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» زمرة العز في زمن الهوان
السبت 2 ديسمبر - 13:22 من طرف علي عبد الله البسامي
» دليل التّردِّي
الثلاثاء 28 نوفمبر - 0:26 من طرف علي عبد الله البسامي
» الخذلان المذل
الأحد 26 نوفمبر - 11:55 من طرف علي عبد الله البسامي
» أحرارُ الخَلَف
الخميس 23 نوفمبر - 17:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» وثبة الابطال في اليمن
الأربعاء 22 نوفمبر - 17:11 من طرف علي عبد الله البسامي
» هان العرب
الأربعاء 22 نوفمبر - 6:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى ابي عبيدة
الإثنين 20 نوفمبر - 23:03 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى ابي عبيدة
الإثنين 20 نوفمبر - 23:02 من طرف علي عبد الله البسامي
» شعب الاباء في غزة
السبت 18 نوفمبر - 0:42 من طرف علي عبد الله البسامي