سيناريوهات نهاية الحوار الليبي
صفحة 1 من اصل 1
سيناريوهات نهاية الحوار الليبي
عبدالله الكبير: سيناريوهات نهاية الحوار الليبي
بمنتهي الواقعية تعاطت الأمم المتحدة والدول العظمي مع الصراع الجاري منذ أكثر من سنة في ليبيا، إذ تعاملت مع قطبي الصراع، المؤتمر الوطني في طرابلس والبرلمان في طبرق، كندين متساويين ليس لأي منهما شرعية تامة محسومة، فكل منهما يمثل قطاعات من الشعب الليبي ويسيطر علي بعض البلاد، ولهما أذرعهما العسكرية والإعلامية، مع تفوق نسبي للمؤتمر، ولكن وفق توازن هش، وتحالفات متغيرة.
غير أن هذه الواقعية الأممية لم يهضمها المؤتمر ولا البرلمان، وضلا يصران علي تجاهلها، أو ربما لم يدركاها أصلا، إذ تمترس كل منهما خلف ” شرعيته “، منتظرا من المجتمع الدولي أخذها بعين الاعتبار ومعاملته بناءا عليها، وتجاهل الطرف الآخر باعتباره غير شرعي. البرلمان ينظر لنفسه أنه المنتخب وحل محل المؤتمر المنتهي الولاية، أما المؤتمر فيري أن الشرعية عادت إليه فور صدور حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا القاضي ببطلان الأساس الذي قامت عليه الانتخابات التي جاءت بالبرلمان، كون التعديل في الإعلان الدستوري تم بدون حضور وموافقة النصاب المطلوب من أعضاء المؤتمر عند التصويت علي قرارات لجنة فبراير بشأن إجراء الانتخابات البرلمانية.
المقاربة الواقعية التي سلكها المجتمع الدولي مع الأزمة الليبية مضت في الاعتراف بنتائج الانتخابات ولم تهمل حكم المحكمة العليا في نفس الوقت، واستند تفسيرها للمستجدات علي أساس نزاهة الانتخابات التي أفرزت قوي سياسية جديدة إلي جانب القوي السياسية الموجودة في المؤتمر بطرابلس، ومن ثم لم تعد المشكلة دستورية قانونية وإنما سياسية بين أطراف عجزت عن التوافق كما تقتضي أي مرحلة انتقالية حتى يتم التأسيس السلس للمؤسسات الدستورية وكافة قواعد بناء الدول العصرية، لذلك استدعت بعثة الأمم المتحدة المؤتمر الوطني ليصبح طرفا أساسيا في الحوار الذي اقتصر في جولتين سابقتين علي نواب من البرلمان مع النواب المقاطعين، واحتدم الصراع بالتصعيد الذي انتهجه البرلمان بتبنيه عملية الكرامة ووصف قواتها بأنها جيش وطني، وهو تحيز واضح لأحد أطراف الصراع دفع الأطراف الأخري إلي التحالف خلف المؤتمر الوطني في مواجهة البرلمان وقواته.
ورغم استمرار جولات الحوار التي تنقلت بين عدة عواصم إلا أن المواجهات المسلحة لم تهدأ، ما يعكس عدم الجدية والتعويل علي الحسم العسكري حتي يرضخ الآخر تحت وطأة الهزيمة، لكن المتصارعون لم يأخذوا بعين الاعتبار القوي الإقليمية التي صارت طرفا في الصراع بدعمها للأطراف المتصارعة علي الأرض ما يعني ليس فقط استمراره وإنما صعوبة حسمه من أي طرف، ويبدو أن القوي العظمي حالت دون أن يكون هناك منتصر ومهزوم حتي ينهك المتصارعون ويأتون للحوار طائعين.
لم ينفد صبر المبعوث الأممي رغم البطء الشديد في مسار الحوار، ونجح بعدة تكتيكات في الضغط علي المؤتمر تارة والبرلمان تارة أخري، لعل أهمها هو فتح مسارات أخري للحوار باشراك قوي مجتمعية كالبلديات والأحزاب السياسية ونشطاء المجتمع المدني، كما تحصل علي دعم غير محدود من الدول العظمي، وأنتجت جولات الحوار مسودات متعددة لنص الإتفاق النهائي، حتي ولدت المسودة الأخيرة المعدلة بشكل نهائي لا يسمح بأي إضافة أو حذف أو تعديل، ولم يعد أمام البرلمان والمؤتمر إلا قبولها والشروع في تنفيذها أو رفضها وتحمل النتائج، والخيار الأخير سيكون أشبه بالانتحار لمن يقدم عليه، لأن المجتمع الدولي يصر بشكل غير عادي علي إنهاء الفوضى في ليبيا وتأسيس حكومة واحدة يمكن التعامل معها في ملفي الهجرة وتمدد الجماعات المتشددة، وبما أنه لا يعترف بالمؤتمر الوطني، وولاية البرلمان تنتهي بعد أقل من شهر، فالخيارات أمامه محدودة، ولن تخرج عن اعتماد المسودة بمن يحضر إلي جولة الصخيرات عقب العيد من دون إنتظار لمن يتخلف والشروع في تشكيل الحكومة، أو اعتبار الحوار قد انتهي إلي الفشل وأصبحت ليبيا دولة من دون مؤسسات شرعية بعد نهاية مدة البرلمان، ولكن بسبب موقعها جنوب أوربا والخطر المتزايد الذي صارت تشكله علي الأقليم وتهديدها للسلم العالمي ينبغي علي مجلس الأمن إصدار قرار يجيز استخدام القوة في ليبيا للتصدي لخطر الإرهاب وعصابات الهجرة غير القانونية، والسيطرة علي مقدرات البلاد حتي لا تقع تحت قبضة داعش.
كاتب ليبي مقيم بالمملكة المتحدة
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا .
جراح وطنية-
- الجنس :
عدد المساهمات : 32311
نقاط : 51418
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
. :
. :
. :
مواضيع مماثلة
» موسى إبراهيم: الحوار الليبي-الليبي هو الحل .. ولكن!
» الجزء الرابع من 10 / د. محمد جبريل /الحل هو الحوار الليبي الليبي وعودة مصراته لحضن الوطن
» الحوار السياسي الليبي في الجزائر
» الحوار السياسي الليبي ::: اسرى وتحقيقات
» مؤتمر الحوار الفبرايري الليبي الصهيوني
» الجزء الرابع من 10 / د. محمد جبريل /الحل هو الحوار الليبي الليبي وعودة مصراته لحضن الوطن
» الحوار السياسي الليبي في الجزائر
» الحوار السياسي الليبي ::: اسرى وتحقيقات
» مؤتمر الحوار الفبرايري الليبي الصهيوني
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 15:09 من طرف علي عبد الله البسامي
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي