قرأة في التحالف الروسي الفرنسي / مقال رصين بتوقيع محمد الامين
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قرأة في التحالف الروسي الفرنسي / مقال رصين بتوقيع محمد الامين
تحالف روسيا مع فرنسا في سورية.. هل هو تحالف مصالح أم فرصة للانتقام؟
على إثر الهجمات التي تعرّضت لها فرنسا في قلب عاصمتها، وتتالي ردود الفعل الدولية، كان تصريح الرئيس الروسي بوتين على رأس قائمة ردود الأفعال من حيث الحسم والتوقيت.. فالقيصر الروسي قد وجّه الأوامر إلى قواته العاملة بسورية والمتوسط إلى التعامل مع الطرف الفرنسي تعامل الحليف. هذا الموقف مرّ على الكثير من الملاحظين مرورا عاديّا واعتبره بعضهم مجرّد "جبر خواطر"، وتصريحات مندفعة متضامنة مع الديك الفرنسي الجريح.. لكنه بالنسبة للعارفين ببواطن الأمور أكثر من ذلك بكثير.. وأكثر من مجرد مفاجأة.. فهو انعطافة ومنعرج سياسي واستراتيجي خطير لأكثر من اعتبار.
أوّل هذه الاعتبارات التي تجعل من تعليمات بوتين لقواته مفاجأة هو ما نعلمه عن الخلافات الكثيرة ذات الطابع الجوهري بين الطرفين فيما يتعلق بملفّ توسّع حلف شمالي الأطلسي نحو الحدود الروسية، مع بولندا ومع اوكرانيا.. ملف الدرع الصاروخية من أشد الألغام التي تهدّد بنسف أية توقعات لقيام تعاون حقيقي بين البلدين.
على إثر الهجمات التي تعرّضت لها فرنسا في قلب عاصمتها، وتتالي ردود الفعل الدولية، كان تصريح الرئيس الروسي بوتين على رأس قائمة ردود الأفعال من حيث الحسم والتوقيت.. فالقيصر الروسي قد وجّه الأوامر إلى قواته العاملة بسورية والمتوسط إلى التعامل مع الطرف الفرنسي تعامل الحليف. هذا الموقف مرّ على الكثير من الملاحظين مرورا عاديّا واعتبره بعضهم مجرّد "جبر خواطر"، وتصريحات مندفعة متضامنة مع الديك الفرنسي الجريح.. لكنه بالنسبة للعارفين ببواطن الأمور أكثر من ذلك بكثير.. وأكثر من مجرد مفاجأة.. فهو انعطافة ومنعرج سياسي واستراتيجي خطير لأكثر من اعتبار.
أوّل هذه الاعتبارات التي تجعل من تعليمات بوتين لقواته مفاجأة هو ما نعلمه عن الخلافات الكثيرة ذات الطابع الجوهري بين الطرفين فيما يتعلق بملفّ توسّع حلف شمالي الأطلسي نحو الحدود الروسية، مع بولندا ومع اوكرانيا.. ملف الدرع الصاروخية من أشد الألغام التي تهدّد بنسف أية توقعات لقيام تعاون حقيقي بين البلدين.
أما الاعتبار الثاني فهو المتعلق بالعقوبات الأوروبية الأمريكية على روسيا، والتي انخرطت باريس فيها بموجب مبدأ التضامن بين أعضاء الاتحاد الأوروبي والتزاماتها كعضو بحلف الناتو، وذلك على خلفية ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، والتطورات العسكرية والأمنية الكثيرة التي سبّبها سلوكها على حدودها الأوكرانية. وبلغ ردّ فعل الغرب حدّ عدم دعوة بوتين إلى قمة الثمانية الكبار، عقابا وإهانة له.
الاعتبار الثالث، ثنائي محض، يرقى إلى مستوى نزاع قانوني بين البلدين، وهو يهمّ إلغاء صفقة بيع حاملتي الطائرات الفرنسية ميسترال إلى روسيا، حيث تعثرت الصفقة الباهضة شهورا طويلة، حتى تم إلغاؤها بضغوط أوروبية وأطلسية أرغمت فرنسا على القبول بإعادة قيمة الصفقة للزبون الروسي.
وبالإضافة إلى ما تقدم، يعتبر الفرنسيون والبريطانيون والأمريكيون بالخصوص أن لسياسات الرئيس بوتين المتحدّية دور كبير في حماية نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ومنع سقوطه.. ليس هذا فحسب، بل كذلك تحالفه مع إيران وتعزيز موقفها في مفاوضات البرنامج النووي وتعزيز ترسانتها عبر توريد نظام الدفاع الصاروخي اس 300 .
فهل يمكن بعد كل هذا توقّع زوال الخلافات و"الحقد السياسي" المتبادل بمجرد تصريح حماسي تضامني؟؟ وهل يمكن أن تتحوّل المشاكل العالقة بين الجانبين إلى "جزء من الماضي" حتى يُصبحا حليفين؟ وأين بالتحديد؟ في الملفّ الأكثر عسرا وخلافيّة وهو الملف السوري وملف محاربة الإرهاب بالذات؟؟
ثم ما موقف الشركاء الأوروبيين الآخرين وعلى رأسهم بريطانيا المتشددة كثيرا إزاء سياسات بوتين؟ وما موقف شركاء باريس داخل حلف الناتو والأمريكيين بشكل خاص؟؟ هل سيسمحون لفرنسا أن تكون مجرّد لاعب رديف أو شريك انتهازي يخدم أجندة بوتين الإقليمية ويلهجُ لسانُه بالشكر والامتنان؟؟
قد لا يكون أمام الفرنسيين فرصا كبيرة للمناورة ولفرز الحلفاء بسبب ضخامة التهديدات وشدة الصدمة، وهم مدفوعون بمقتضى البراجماتية والغريزة حتى إلى قبول كل يدٍ تمتدّ إليهم ضمن الحرب التي وجدوا أنفسهم يخوضونها.. وقد يكون بوتين استشعر خطورة ما أقدم عليه في سورية، وأدرك أن خطوط الإمداد العسكري واللوجستي التي يقدمها الخليجيون وبعض الغربيين إلى الدواعش والقاعدة في سورية أقوى من أن يستطيع وقفها أو قطعها.. بل لقد ازدادات كثافة ووتيرة وقوة منذ إعلان التدخل الروسي رسميا في سورية عنادا وتحديا من السعوديين بالذات، فخيّر شقّ صفّ خصومه كي يستفيد ممّا ينجرّ عن التحالف مع الفرنسيين!!..
إن الروس يعتبرون أن استدراج أو جذب أي طرف أوروبي أو أطلسي واحتواءه سيمثل اختراقا كبيرا وتفكيكا هامّا لشفرة المعركة الدائرة. وقد يكون من حسن ترتيب الأقدار أن يجد الفرنسيون أنفسهم في محنتهم هذه مضطرين إلى قبول التعاون مع أحدّ أشد خصومهم عنادا في سبيل تدارك تخاذلهم في التعاطي مع الظاهرة الداعشية في العالم كلّه، وليس في سورية لوحدها.. وقد يكون الأمر في جزء منه سعيا فرنسيا إلى "إغاضة" الحليف الأمريكي الذي تثبت تطورات المعركة وسلوكه عبر مختلف مراحلها تورّطه وتواطؤه في تقوية المجموعات الإرهابية خشية أن تؤدي هزيمتها إلى انتصار كبير لعدوّه السوري وخصمه الإيراني في دمشق، وإلى تعاظم لنفوذ موسكو في المنطقة، بما يمكن أن يشكّله كلّ ذلك من انتكاسة إستراتيجية لإسرائيل..
فهل يمكن بعد كل هذا توقّع زوال الخلافات و"الحقد السياسي" المتبادل بمجرد تصريح حماسي تضامني؟؟ وهل يمكن أن تتحوّل المشاكل العالقة بين الجانبين إلى "جزء من الماضي" حتى يُصبحا حليفين؟ وأين بالتحديد؟ في الملفّ الأكثر عسرا وخلافيّة وهو الملف السوري وملف محاربة الإرهاب بالذات؟؟
ثم ما موقف الشركاء الأوروبيين الآخرين وعلى رأسهم بريطانيا المتشددة كثيرا إزاء سياسات بوتين؟ وما موقف شركاء باريس داخل حلف الناتو والأمريكيين بشكل خاص؟؟ هل سيسمحون لفرنسا أن تكون مجرّد لاعب رديف أو شريك انتهازي يخدم أجندة بوتين الإقليمية ويلهجُ لسانُه بالشكر والامتنان؟؟
قد لا يكون أمام الفرنسيين فرصا كبيرة للمناورة ولفرز الحلفاء بسبب ضخامة التهديدات وشدة الصدمة، وهم مدفوعون بمقتضى البراجماتية والغريزة حتى إلى قبول كل يدٍ تمتدّ إليهم ضمن الحرب التي وجدوا أنفسهم يخوضونها.. وقد يكون بوتين استشعر خطورة ما أقدم عليه في سورية، وأدرك أن خطوط الإمداد العسكري واللوجستي التي يقدمها الخليجيون وبعض الغربيين إلى الدواعش والقاعدة في سورية أقوى من أن يستطيع وقفها أو قطعها.. بل لقد ازدادات كثافة ووتيرة وقوة منذ إعلان التدخل الروسي رسميا في سورية عنادا وتحديا من السعوديين بالذات، فخيّر شقّ صفّ خصومه كي يستفيد ممّا ينجرّ عن التحالف مع الفرنسيين!!..
إن الروس يعتبرون أن استدراج أو جذب أي طرف أوروبي أو أطلسي واحتواءه سيمثل اختراقا كبيرا وتفكيكا هامّا لشفرة المعركة الدائرة. وقد يكون من حسن ترتيب الأقدار أن يجد الفرنسيون أنفسهم في محنتهم هذه مضطرين إلى قبول التعاون مع أحدّ أشد خصومهم عنادا في سبيل تدارك تخاذلهم في التعاطي مع الظاهرة الداعشية في العالم كلّه، وليس في سورية لوحدها.. وقد يكون الأمر في جزء منه سعيا فرنسيا إلى "إغاضة" الحليف الأمريكي الذي تثبت تطورات المعركة وسلوكه عبر مختلف مراحلها تورّطه وتواطؤه في تقوية المجموعات الإرهابية خشية أن تؤدي هزيمتها إلى انتصار كبير لعدوّه السوري وخصمه الإيراني في دمشق، وإلى تعاظم لنفوذ موسكو في المنطقة، بما يمكن أن يشكّله كلّ ذلك من انتكاسة إستراتيجية لإسرائيل..
بهذا تكتمل شروط بناء حلف المصلحة.. لكن يبقى الإشكال قائما بخصوص قابليته للاستمرار وللحياة.. وهذا مرتبط أساسا بــ" النوايا" التي أشكّ شخصيا شكّا كثيرا في "نقائها" و"صفائها".. فالرئيس بوتين سيكون أشدّ قادة روسيا سذاجة عبر العصور إن أهدر فرصة فك الحصار الأطلسي من حول عنق بلاده.. وسيكون أكثر سذاجة لو فرّط في فرصة الانتقام من تخلّي باريس عن توريد حاملتي الطائرات ميسترال إلى قوّاته.. وسيكون كذلك مبتدئا في السياسة، ولن يغفر له التاريخ إضاعة فرصة إغراق الغرب في مأزق.. وأي مأزق؟؟ إنها حرب الإرهاب ومواجهة طوفان اللاجئين وأزمة استقبالهم التي قد تؤدي إلى انفراط عقد الاتحاد الأوروبي.. وفي هذا ثأر من الغرب الذي فكّك الاتحاد السوفييتي وفتّته وضمّ جزءا كبيرا من مناطق نفوذه إلى الحلف الأطلسي.. هذا ثأر حضاري، وتناطح بين قوى عملاقة يتردّد صداه عبر أكثر من جبهة وأكثر من نزاع، ولا بواكي فيه للضعفاء ومن لا وزن لهم على الخارطة من أمثال بلداننا. وللحديث بقية.
د.محمد جبريل-
- الجنس :
عدد المساهمات : 872
نقاط : 9001
تاريخ التسجيل : 25/12/2014
. :
. :
رد: قرأة في التحالف الروسي الفرنسي / مقال رصين بتوقيع محمد الامين
الرئيس الروسي بوتين ذو بعد سياسي قوي وهو ينظر الى مستقبل بلاده الان وغدا وهذه نظرة تجعل روسيا في موطن القوة وفي نفس الوقت يسد الابواب امام التحالف الامريكي وهذا هو المطلوب حتى يتقزم هذا التحالف
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا .
جراح وطنية-
- الجنس :
عدد المساهمات : 32311
نقاط : 51430
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
. :
. :
. :
مواضيع مماثلة
» مقال تحليلى رصين عن ما يجرى فى ليبيا
» عام على اعتاب نفق /مقال رصين يستحق القرأه
» أكذوبة العدالة في نكبة فبراير.. الإرادة لشعبية.. والنصر القادم بقلم / محمد الامين محمد
» أما أن لنا أن نخرج من هذا الجحيم
» د. مصطفي علي الزاوي : مصراته هي مصراته
» عام على اعتاب نفق /مقال رصين يستحق القرأه
» أكذوبة العدالة في نكبة فبراير.. الإرادة لشعبية.. والنصر القادم بقلم / محمد الامين محمد
» أما أن لنا أن نخرج من هذا الجحيم
» د. مصطفي علي الزاوي : مصراته هي مصراته
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 14:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى فرسان اليمن
الأربعاء 20 نوفمبر - 20:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي