أمريكا الطريق إلى الهاوية
صفحة 1 من اصل 1
أمريكا الطريق إلى الهاوية
بقلم / احمد الصويعي
أمريكا لم تستنفذ قوتها و لكنها استنفذت قدرتها على أستعمال القوة فهي لن تغامر بنزول في أي دولة عربية و ذلك بسبب تراجيديا السوداء التى شهدتها في العراق سنة 2003 و ما يليها فنجاح باراك أوباما في الانتخابات أنذاك كان مقترنا بسحب الجيش الأمريكي من العراق و افغانستان..
تمثل هذه المرحلة بداية الضعف الذي دب في غول الهيمنة العالمية..
لاعتبارات عدة لم تعد الحرب تروق للامريكيين مادامت بعيدة عنهم و لا تشكل خطرا عليهم و في مقدمة الرفضين لخوض حروب في أماكن متفرقة من العالم دافعوا الضرائب و كذلك عموم الأمركيين الذين خارت قواهم أمام سيل الجثامين التى تصل من بؤر التوتر ... فخيارات الولايات المتحدة الأمريكية الاقتصادية و سياساتها التوسعية باتت ضيقة و لن تعود لخوض حروب مباشرة على أقل تقدير في بحر المدة الزمنية الراهنة و التى قد تمتد إلى 5 أو 10 سنوات لتتعافى من الكبوة التى وقعت فيها أثناء حرب افغنستان و العراق و مابعدها خاصة عقب انهيار البنك العقاري سنة 2008 و من يرى عكس هذا فماهو تفسيره إذن بترك روسيا الاتحادية تنفرد بالمشهد السوري حيث لم يكن خيار التدخل المباشر و على الأرض مطروح ضمن أولويات أمريكا ، فحين اكتفت برمي الأسلحة للجماعات الإرهابية المتطرفة من الجو في الوقت الذي يحثم عليها التدخل المباشر في ظل صراعها الجيو سياسي مع الدب الروسي..
إن العالم سيودع الغطرسة الأمريكية يوما ما كما أفلت من قبلها بقرون خلت من أمبراطوريات أشد منها قوة و بأسا، كل ما نراه من الامريكان عقب المتغييرات الحالية ضجيج و جلبة لإدخال الفزع في قلوب الأخرين دون أن نرى فعلا منظورا ..فهي تحرك الاساطيل و الحشود العسكرية لتلويح باستعمال القوة لكي يحسب لها حساب في المعادلة الدولية الكبرى ، و لتوهم الاخرين بأنها قادرة على الفعل كما هو حالها في السابق ...
في الواقع هي تدفع بحلفائها للعب دور هنا و هناك نيابة عنها لتمويل التنظيمات الإرهابية المعادية لسلام و الاستقرار في المنطقة العربية و في مقدمة هذه الدول التى تعمل وفق تعليمات أمريكا قطر و تركيا و الإمارات و غيرهم ...
لعل أبرز مايؤكد تراجع الدور الأمريكي الحصار الدبلوماسي و الاقتصادي الذي فرضتهما روسيا على تركيا بينما أمريكا تركت الأخيرة تواجه مصيرها دون أن تحرك ساكنا حيث لم يجد أردوغان مخرجا للخروج من أزمة اسقاط الطائرة الروسية إلا من خلال تقديم اعتذار صريح للعملاق الروسي و في الجانب الأخر من المشهد تنسحب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي بعد استيقاظ نزعة الانكفاء على الذات لدى الشعب البريطاني من جديد ..
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد بدأ السوس ينخر بنية النظام السياسي فيها، لقد ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية فى تقرير لها منذ عام : "أن الأمريكيين ضاقوا ذرعًا من دفع الضرائب التي تمول حروبًا بعيدة وخطط إنعاش زائفة لا يرون أي انعكاسات إيجابية ملموسة لها، وبدءوا يحثون ولاياتهم على إبطال القوانين الفيدرالية ويطالبون بالانفصال، لأنهم ضاقوا ذرعا بالدولة الفيدرالية ..
قال توماس نايلور البرفيسور السابق في الاقتصاد وزعيم الحركة من أجل جمهورية فرمونت الثانية (شمال شرق) لوكالة فرانس برس: "إن الدولة الفيدرالية فقدت سلطتها المعنوية وحكومتنا تخضع لأوامر وول ستريت". وتساءل: "الإمبراطورية تنهار، أتريدون الغرق مع "التايتانيك" أو إيجاد حل آخر طالما أن ذلك ما زال أمرًا ممكنا؟" انتهى الاقتباس..
المتابع للمشهد السياسي الدولي سيلاحظ أن فرنسا بدأت تنتهج نهجا سياسيا بعيدا عن أمريكا حيث تحاول الأولى بسط نفوذها و تزعم إدارة الصراع في ليبيا على الرغم من عدم الانسحاب الكامل للامريكيين من مركبات المعادلة الليبية فمازال لها يد تعبث هنا و هناك، فمن يريد أن يكون فاعلا في المشهد السياسي اليوم عليه أن يخرج من دائرة الوهم و الاعتقاد الجازم بالتأثير الكلي للدول المهيمنة على العالم..
هذا المفهوم الكلاسيكي قد ولى عهده، فيمكن لدول عالمنا العربي و دول العالم الثالث تحييد تأثير الدول الكبرى و مقاومتها بالصمود و الاستمرار في الثابت حتى تستنزف قواها، و يمكن في مرحلة لاحقة التأثير فيها نحن بالفعل لا نملك القوة لمواجهة صلف الولايات المتحدة الامريكية و لكننا نملك القدرة على الصمود و البقاء في محراب الحق حتى يسقط الباطل و يتهاوى ، فالانتصار يبدأ من أعلاء ثقافة الانتصار و الصبر و امتلاك الثقة بالنفس و تكريس كل جهودنا لقراءة المتغيرات الدولية على نحو متأن يمكننا من حل مركبات الواقع المعقد و المتشابك بفعل تضارب مصالح القوى الدولية فالزمن مستمر في دورانه، و على ما اعتقد أن عجلة الزمن ستحرك دواليبها لاسقاط قوى و إعلاء أخرى فهذه الآية الكريمة تستحق وقفة لتأمل و التدبر إذ يقول الله تعالى : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الآية 82سورة غافر..
هذا هو القول الفصل من كتاب الله عز وجل و للحديث بقية
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34777
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
مواضيع مماثلة
» عن موقع صوت روسيا: ليبيا على حافة الهاوية
» مشروع الهاوية...ومـــــــــــاذا بعـــــــــد ؟ ..
» يا مسلمين هويتنا أو الهاوية
» لاندبندنت: ليبيا تتقدم .. لكن نحو الهاوية
» الجزائر محاصرة وتتجه الى الهاوية
» مشروع الهاوية...ومـــــــــــاذا بعـــــــــد ؟ ..
» يا مسلمين هويتنا أو الهاوية
» لاندبندنت: ليبيا تتقدم .. لكن نحو الهاوية
» الجزائر محاصرة وتتجه الى الهاوية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي