حدث ذات صباح في خيمة العقيد ...الموسيقار

#الموسيقار_الموسيقار
حدث ذات صباح في خيمة العقيد .
===================
في هذا المعزوفة سوف أسرد واقعة حصلت في خيمة معمر القذافي بعام 2006 هذه الواقعة تؤكد لكم ان الرجل لم يكن يتدخل في اختصاصات اللجنة الشعبية العامة وعندما قال انا تركت لكم السلطة منذ عام 1977 ولم تعد لي اى مهمة سوى الدفاع عن الثورة كان صادقاً مع نفسه و شعبه .
في ذلك الصباح كنا نجلس في الخيمة مع معمر القذافي فهو يفضل ان يترك مكتبه في الايام المشمسة في بداية فصل الربيع .
سأل يومها العقيد عن اخر الترتيبات بخصوص رحلته الي بعض الدول الافريقية ، فكان رد احد الاقلام على العقيد بأن امين اللجنة الشعبية العامة للمالية يرفض صرف المبالغ اللازمة لتغطية تكاليف الرحلة ويقول انها مكلفة والخزانة لا تستطيع سدادها ؟
سأل العقيد وكم تكلف رحلتنا الي افريقيا ؟ ولماذا تطلبون من المالية آلم اقل لكم من قبل ان تغطي مصروفات القيادة من استثمارات مكتب اللجان الثورية او اننا في نظر المكتب لم نعد ثوريين ؟
رد عليه احد الأقلام سيدي مصاريف الرحلة ليست كبيرة هي نفقات الاقامة لضباط الحراسة ومصروفاتهم الشخصية وبعض مصروفات النقل للمعدات والاتصالات ، كما ان قسم الاتصال باللجنة الشعبية العامة " قلم القيادة " لديه مبالغ مخصصة له بحكم متابعته لإعمال اللجنة الشعبية العامة وكل قطاعاتها ونحن في الغالب عندما نستلم اى مبلغ في الرحلات نعيد ما تبقي منه للقسم المالي للقيادة لمطابقته مع المالية والتخطيط فيما يتعلق بأصدار التفويضات المالية .
كان واضحا ان القائد قد اعتراه الغضب فهو يري ان هذه المصروفات لا يمكن ان تقارن بالمهام التي تقوم بها ليبيا في افريقيا
فقال غاضبا بعد ان رمي بقوة مذكرة امامه ، اذن نذهب على قافلة من الابل فنحن لسنا افضل من الذين كانوا يذهبون للحج على قوافل الابل وافريقيا ليس اطهر من مكـة المشرفة .
ساد الهدوء وكان العقيد يريد ان يتكلم احد الحاضرين لكي يقول رايه بخصوص هذا الموضوع .
قلت له سيدي الموضوع لا يخرج عن احتمالين لا ثالث لهم ، اما ان يكون امين المالية حريص جداً على المال العام ويجب مكافأته على حرصه واما انه يمثل علينا دور الحريص ويجب معاقبته .
وعلى كل حال هذه الحقيقة سوف نأتيك بها قبل ان تغرب شمس هذا اليوم .
بدات الاتصالات فور ذلك للسؤال عن أمين المالية وهل الرجل نزيه وحريص في صرف المال العام او ان ذمته المالية فاسـدة ولا يعير اهتماماً للقوانين والقرارات التي من شأنها حفظ المال العام من الهدر والضياع .
جأت التقارير من الجهات الرقابية والأمنية بالادلة الدامغة بأن أمين المالية لديه تجاوزات لا حصر لها في عمولات ورشاوي واراضي وعقارات كتبها بأسم اولاده .
كنا نبحث عن ادلة لمعرفة الحقيقة فأصبحنا امام صعوبة نقل هذه الادلة للقائد لانه سوف يسأل كيف استطاع امين بهذه الدرجة من فساد الذمة الوصول لهذا المنصب واين دور مؤتمر الشعب العام والاجهزة الرقابية .
بعد العصر ذهبنا الي العقيد في الخيمة وقلنا له ان الرجل كان يمثل علينا ولكنه اختار اصعب مكان يمكن ان يمثل فيه .
استلم العقيد التقارير وقرأ جزء منها ووضعها في مكانها قائلاً كنت اتمني ان يكون فعلا حريصاً على المال العام ولكن يبدو لي ان الحريصين على اموال الشعب قلة لدرجة ان مؤتمر الشعب العام لا يجدهم ليقوم بأختيارهم في وظائف قيادية .
عموما يجب تقليص مصروفاتـكم حتي ولو تم تخفيض عدد الحراسات وعدد السيارات المرافقة وانا لا احتاج اى مبلغ مالي اثناء سفري .
رد عليه احد الاقلام حاضر سيدي لكن ماذا بخصوص أمين المالية ؟
رد العقيد هناك جهات رقابية يجب ان تستدعيه للتحقيق ومؤتمر شعب عام تعرض فيه تقارير الرقابة الشعبية والقوافل الثورية وهو من يقرر اذا كان مذنب او كان برئ
اما نحن فلا يمكن ان نتدخل لمجرد انه اعترض على صرف مستحقات رحلتنا الي افريقيا
وخصوصا أني اعارض ان تكون مصروفات القيادة من الخزانـة فنحـن هنا في قيادة ثورة وليس في قيادة دولة .
هل تعلموا اني كنت افكر في اقتراح هذا الأمين ليكون في منصب أمين اللجنة الشعبية العامة لو كان فعلا حريص على اموال الشعب الليبي .
قلنا له سيدي القائـد بغض النظر عن فساد ذمته المالية هذا الشخص استهان بقدراتنا في معرفة الحقائـق واراد ان يمثل علينا دور الحمل في حين انه من اشرس الذئاب .
ما رايك في ان يعود الي بيته على الاقل من يمثل على عائلته دور الرجل المثالي افضل من الذي يمثل على شعب وقيادة هذا الدور .
لم يرد العقيد على احد منا فهو لم يكـن على الدوام ممن يهتمون بسيرة الاشخاص وكيف يجب التعامل معهم ، كان دائما يتحدث عن الاحداث ويناقشها بعيداً عن الأسماء التي يتنجب سماعها من الآخرين .
هذه أحداث من الخيمة قد لا يعلمها الا القليلون ولكن قبل ان تذهبـوا الي تكذيبها او تصديفها أسالوا الاقلام في القيادة وسرية الحراسة فعلى حد علمي ان اغلبهم يعيش في مصـر ويفترض فيهم ان يقدموا هذه الشهادات للشعب الليبي الذي كان يعتقد ان معمر القذافي هو المسئول الاول والآخير عن اختصاصات تنفيذية في كل القطاعات في حين انه لم يكن يملكها ولا يتدخل فيها الا من قبيل النصح والتوجيه .
نحن نقص عليك الحقيقة كما هي فلا النظام موجود اليوم لنتقرب منه بالمديح والثناء او نخشي غضبه وعقابـه .
وتذكروا دائما ان اصدق البشر هم الذين يتحررون من مصالحهم من اجل تظهر شمس الحقيقة وتطرد بعد ذلك غيوم الأوهام .
الرجل اختار ان يبتعد عن سلطات الدولة لانه لايريد ان يكون مسئولاً عن مطالب الجموع التي لا تنتهي ، كان يريد ان يبقي رمـز لها تذكره عند حديثها عن المبادئ والقيم والعزة والهيبة لا عند حديثها عن مطالب الحياة التي تحكمها الرغبات والغرائز .