الدينار الليبي ... مرحلة ماقبل الوفاة

قيمة العملة الوطنية لأي بلد لا يتم تحديدها بقرار سياسي مجرد ، وإنما تتحكم فيها عوامل أخرى هي في الحقيقة إقتصادية وليست سياسية ، يأتي حجم النمو الإقتصادي وتنامي الصادرات وحجم العوائد النقدية بالعملات الأجنبية في مقدمتها ، وهي أمور تحتاج لاستقرار سياسي واجتماعي وتوافر الأمن وثقة الناس في الدولة وهي للأسف غير موجودة بل عكسها هو الواقع المعاش .

وقد جاء قرار تخفيض قيمة الدينار مقابل الدولار إلى 3,90 بعد إنخفاض سوقي وصل إلى أكثر من 7,00 دينارات للدولار الواحد لُيعطي صورة مؤقتة لرفع قيمته وليحظى بقبول مجتمعي أنا على يقين بأنه مؤقت، وبعد إنتهاء هذه الفترة المؤقتة سيختفي الدولار من المصارف ويبدأ في رحالة الإنخفاض السريعة التي لا أحد يتوقع لها سقفاً أو حداً .

لنا شواهد تاريخية على مصير العملات الوطنية في الدول التي تتعرض للاحتلال والحروب المدمرة كالعراق مثلاً والتي صار فيها الدينار العراقي ذليلاً بعد أن كان من أقوى العملات النقدية عندما كانت العراق قوية تحت حكم الرجال الأقوياء .

رجوع القيمة الحقيقية للدينار مقابل الدولار لا يحتاج لقرار من الحكومات العميلة في الغرب والشرق ، وإنما يحتاج لقرار شعبي بالخروج من أجل إستعادة قيمة وكرامة الوطن أولاً من خلال  الإنقضاض على الخونة والعملاء  وتخليص البلاد من براثن البنك الدولي ومستنقع الضعف والخذلان الذي أوصلوا البلاد إليه ، أما غير ذلك فإنها حلول مؤقتة واهية لا تقود إلا إلى مزيد من الإنحدار نحو الهاوية .

تأوهات في انتظار عودة السيولة !!
وتأملات في الانهيار المريع للاقتصاد الفردي والوطني !!
ونظرات وشبح الجوع يخيم على وطننا !!
اين المكبرين زورا ؟ لقد اصبحنا فقراء !!
انها الرأسمالية ياسادة !!
انهيار الدينار وصعود الدولار وارتفاع الاسعار !! في الرأسمالية قيمة الانسان بما يحمله من مال ، البشر فيها صنفان ، قلة غنية مترفة تزداد غنا ، وكثرة فقيرة معدمة تزداد فقرا !!
قيم الرأسمالية الغاية تبرر الوسيلة ، فجمع المال يبيح المحظورات ، لذلك تتنامي الجريمة بكل انواعها ، من سرقة اموال الناس بالقانون ، الي السرقة ، والحرابة والابتزاز ،الي انشطة الاتجار بالمخدرات ولسلاح وحتي البشر ،المهم كم يجمع الاغنياء في اخر النهار من الاصفر الرنان !!
الاعلام الرإسمالي يروج الدعايات والاكاذيب ، ويتحدث عن السياسات الاقتصادية ، وخطط ارباب المال العالمية الجهنمية ، والاصلاح الاقتصادي ، والشفافية ومقاومة الفساد !! خطاب يتردد يوميا في كل القنوات والصحف والمواقع ، لكنه مجرد كلام في كلام !!
في ليبيا يتحدثون عن اصلاح الاقتصاد ، وكذلك الامر في حملة هيلاري وترامب ، وهو موضوع الانتخابات الفرنسية ، والبريطانية والالمانية !! فماذا تراهم يصلحون ، ام هم فقط مفسدون !!
ما يعيشه الاقتصاد العالمي هو موجة جديدة لتزيين الرأسمالية ، واخفاء قبحها ، مرحلة ما بعد العولمة !!
حل الازمات الاقتصادية في ليبيا لن يأتي من السراج ولا من المضارب معيتيق ، بل ياتي من اخلال رفض الرأسمالية ، وتبني الاشتراكية!!
الاشتراكية الجديدة تعني المساواة بين الناس في فرص الانتاج ، والمساواة بين الناس في تلقى الخدمات ،
الاشتراكية الجديدة تكفل زيادة الانتاج وتنظيم الاستهلاك وضبط الخدمات !!
مصطفى الزائدي
٢٣.١١.٢٠١٦