د.موسى إبراهيم :من خطاب الخيمة إلى خطاب العشة
صفحة 1 من اصل 1
د.موسى إبراهيم :من خطاب الخيمة إلى خطاب العشة
نشر د.موسى إبراهيم مقالا هاما على صفحته على الفيسبوك اليوم:
********************************
" إذا كان بعض أنصار الفاتح ينكأون جراح بعضهم البعض بأيديهم، فكيف لهم أن يداووا جراح وطن بأكمله؟"
في هذه المرحلة المفصلية في تاريخ ليبيا، ووسط المتغيرات المتسارعة التي تعصف بأرض الوطن، وحيث تمتد قلوب الليبيين وعقولهم تبحث عن حلول جديدة، ووسائل فعالة، ومشروع وطني شامل يعيد للوطن هويته، وسيادته، وفرحته؛ وفي زخم الفرح الشعبي بانكسار فبراير وخروج الأسرى وعلى رأسهم البطل سيف الإسلام معمر القذافي، يستمر بعض من ينتسب إلى التيار الجماهيري في تقديم خطاب إعلامي بائس يقوم على الإقصائية، والتخوين، وضيق الأفق، كما أنه يفتقر لأبسط قواعد المهنية الإعلامية، وأصول التخاطب الإنساني، وقيم الرقي الفكري، ويشكل حرجاً وطنياً مستمراً لكل من ينتمي لتراث ورصيد ثورة الفاتح العظيمة.
إنه خطاب متناقض لأنه يعلن نفسه شمولياً في انتمائه للوطن، ثم يوزع صكوك الوطنية على هواه، ويختصر الوطن في موقف فردي أو قبلي أو سياسي ضيق، ويرفض حتى تنوع وسائل النضال والعمل من أجل ليبيا، ويحول نضالاتنا ومعاركنا المقدسة وتضحياتنا بالرجال والنساء إلى مجرد مهرجان مخز للتفاخر العشائري، والتعالي الجهوي، والوعيد الثأري المبتذل.
وهو خطاب ينقصه الصدق الداخلي لأنه لا يواجه نفسه بتحديات الواقع، ومسار الأمور على الأرض، والحالة الفكرية المتغيرة لليبيين والليبيات، وتنوع المشهد الوطني من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. إنه خطاب يفترض صورة فانتازية وخيالية لليبيا ويقدمها على طبق شهي من المرادفات والمبالغات والحياكات اللغوية المبتذلة. وهو خطاب ممجوج لأنه يكرر ذاته في غيبة كاملة عن احتياجات المشهد الليبي، والثقافة السياسية الجديدة التي صارت تتشكل في عقول الناس، وتجاوز أغلب الليبيين والليبيات لمماحكات العنف والعنف المضاد، وبحثهم عن الجديد والمفيد على المستوى السياسي والعملي والخدمي.
وهو خطاب منكمش على ذاته لأنه يتعالى على الليبيين، وينظر إليهم على أنهم شعب مارق، وقبائل ضالة، ومدن عاقة، بل ويخرج من دائرة رحمته أعداداً مهولة من أنصار الجماهيرية، قياداتٍ ورموزاً وناشطين، لمجرد اختلافهم في طريقة العمل والأداء التنظيمي. وينتج ثقافة من "العِشِّيَّة" (نسبة إلى “العِشَّة”)، التي هي ردة فكرية وأدبية ووطنية عن قيم الخيمة والبيتية التي شكل رؤاها ومبادئها الشهيد معمر القذافي ورفاقه ومحبوه.
إن خطاب العشة، لن ينتج إلا العشش البائسة المتهالكة، التي لا يدخلها النور، ولا يدور في أنحائها الهواء النقي، العشش التي تطرد الضيف وترفض إيواء المحتاج وتأبى أن تغيث الملهوف. أما خطاب الخيمة، خطاب البيت الكبير، فهو الذي تشرق منه شمس الوطن، ويفوح ياسمين التاريخ، ويظلل بأعمدته المهيبة الضالين والتائهين، ويصير مثابة للناس وأمناً، ويجتمع فيه أهل الدار من أخطأ منهم ومن أصاب، من ظَلَم ومن ظُلِم، من ناش بحد السيف ومن ناشه حد السيف، لأنهم جميعاً من دم واحد وجسد واحد وقلب واحد هو دم وجسد وقلب ليبيا.
إن خصومنا السياسيين، القريب منهم والبعيد، الوطني منهم والعميل، يستخدمون خطاب العِشّة البائس، الذي ينتجه ويستهلكه بعض الإعلاميين المنتمين للتيار الجماهيري، لمهاجمة التيار الأخضر ذاته، واستمرار تحشيد العداء ضدنا فكرياً وشعبياً بل وعسكرياً، وعلى المستويين المحلي والدولي. فهم يقدمونه دليلاً على أن أنصار النظام الجماهيري يؤمنون فقط بالعنف كسبيل للخلاص الفردي والوطني، وأنه لا برنامج حقيقي لهم إلا الثأر الذي يستمد شرعيته من الثقافة القبلية، وهم أيضاً لا يملكون مشروعاً جديداً من أجل ليبيا كما هي الآن، ولا ينتمون بقلوبهم لكل أطياف ومكونات المجتمع الليبي شرقاً وغرباً وجنوباً، وهم أصحاب سلطان، يسعون للحكم ويتباكون على مجد سلطوي أخذ منهم بالقوة. وأخيراً فإن أعداءنا يقدمون هذا الخطاب كدليل على أن أنصار الفاتح عاجزون عن زرع المحبة وسط صفوفهم ذاتها، ومصابون بعقم في قيم الوفاء والرفقة ومعرفة أقدار الرجال، رجال ثورة الفاتح والنظام الجماهيري فما بالك ببقية رجال ليبيا ونسائها؟
وهكذا ليس أمامنا إلا أن ننفض عنا هذا الخطاب الإعلامي المحسوب علينا، ونؤسس صوتاً وفكراً جديداً يستعيد قيمنا وأفكارنا الجماهيرية وينطلق بها إلى الأمام نحو الوطن الجامع لكل الليبيين واالليبيات.
https://www.facebook.com/Dr.Moussa.Ibrahim.Libya/posts/1376356359117606
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34791
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
مواضيع مماثلة
» موسى إبراهيم
» تكذيب خبر استشهاد أحمد إبراهيم وخبر إلقاء القبض على موسى إبراهيم
» د. موسى إبراهيم يتحدث
» مجلس الانتقامي الليبي ينفي القاء القبض على موسى إبراهيم المجلس الانتقامي الليبي ينفي القاء القبض على موسى إبراهيم AFP PHOTO/MAHMUD TURKIA
» د. موسى إبراهيم ,,,,,,
» تكذيب خبر استشهاد أحمد إبراهيم وخبر إلقاء القبض على موسى إبراهيم
» د. موسى إبراهيم يتحدث
» مجلس الانتقامي الليبي ينفي القاء القبض على موسى إبراهيم المجلس الانتقامي الليبي ينفي القاء القبض على موسى إبراهيم AFP PHOTO/MAHMUD TURKIA
» د. موسى إبراهيم ,,,,,,
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 20 نوفمبر - 20:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي