القذافي: سقوط في الميدان أم على شاشة التلفزة؟
صفحة 1 من اصل 1
القذافي: سقوط في الميدان أم على شاشة التلفزة؟
القذافي: سقوط في الميدان أم على شاشة التلفزة؟
عقيل الشيخ حسين
الدور الخطير الذي يقوم به الإعلام في التلاعب بالأخبار، وبالتالي في التأثير على مجريات الأحداث، يدعو إلى الحذر قبل التعامل مع الأنباء التي تتحدث منذ أيام عن نهاية القذافي وحكمه.
حتى التصريحات التي أدلى بها محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في مجلس الانتقامي الليبي، حول ملابسات ما قيل عن سقوط سيف الإسلام القذافي في أيدي الثوار، تشهد على خطورة ذلك الدور وضرورة الحذر إزاء ما يجري تناقله من أخبار.
فقد أكد جبريل، في شرح مسهب، أنه تلقى اتصالاً من أحد ثوار الخزي العارأعلمه فيه باعتقال سيف الإسلام، ووصل الأمر إلى حد إخبار المسؤول عن محكمة الجنايات الدولية ربما للشروع بإخضاعه لمحاكمة دولية. ثم تبين أن الخبر غير صحيح، ولم يلبث سيف الإسلام أن ظهر على الشاشة وسط حشد من أنصاره بكامل عدتهم الحربية.
لكن، على ما قاله جبريل، "رب ضارة نافعة": مجرد الخبر غير الصحيح أعطى دفعة كبيرة للثوار الخزي وجعل أعداداً من أفراد القوات اللشعب الليبي المسلح يلقون أسلحتهم أو يهربون من الميدان. والأهم من ذلك أن ما يزيد عن عشر دول إضافية في العالم أعلنت اعترافها بمجلس الانتقامي .
ومع ذلك، قد لا يكون كل شيء نافعاً. ففي غمار الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام والتي تشيع الانطباع بأن القذافي قد انتهى، وسط الصور التي تنقل مظاهر الابتهاج بالانتصار في طرابلس ومدن ليبية أخرى، ووسط توقعات لبعض الناطقين باسم الثورة بأن يكون القذافي قد انتحر أو في طريقه إلى الانتحار، لا يمكن للمراقب إلا أن يتوقف أمام العديد من مظاهر الغموض.
ميدانياً، يكتشف المراقب أن 90 بالمئة من طرابلس قد أصبح تحت سيطرة الثوار. وأن تحرير ليبيا بالكامل سيتم في غضون 72 ساعة أو، في رواية أخرى، قبل حلول عيد الفطر. وأن مدناً عديدة، سيرت وسبها وهون والجفرة لم تنتفض بعد. وأن العديد من صواريخ سكود قد أطلقت من سيرت باتجاه مدن ليبية أخرى. وأن كل ما يقال عن الكتائب والقذافي ومعاونيه هو أنهم قد هربوا... دون أن يعرف أحد أين ذهبوا. أو أن قوات الشعب المسلح .قد أصابها الضعف بدلاً من الانهيار، وكل ذلك قبل أن أن تبدأ بالبروز، بدلاً من الانتصار الناجز، عبارات من نوع بداية الانتصار
والغموض يلف أيضاً بعض الأخبار عن سقوط باب العزيزية، مقر القذافي المحصن، والذي لا يلبث أن يتبين أنه لم يسقط بالكامل، أو عن الفرار "المفاجئ" لقوات الشعب المسلح .المكلفة بالدفاع عنه. خصوصاً في ظل التهديدات التي كان القذافي قد أطلقها حول تفجير طرابلس، أو التقارير التي تقول بأن باب العزيزية مفخخ بالمتفجرات.
وعلى مستوى تصريحات المسؤولين الغربيين، هنالك العديد من الأمور اللافتة: الوضع في طرابلس معقد (الأمين العام للحلف الأطلسي)؛ العمليات الحربية ستستمر حتى تحقيق الأمن بشكل كامل (وزير الخارجية التركي)؛ الوضع ما زال مبهماً في ليبيا (المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية)؛ سيكون هنالك المزيد من الدماء في ليبيا (سفير الولايات المتحدة لدى مجلس الانتقامي )؛ الانتصار لم يكتمل بسبب وجود جيوب للمقاومة (وزير الخارجية الفرنسية).
على كل حال، وعلى افتراض أن انهيار القذافي ومن تبقى من مناصريه قد أصبح في حكم المحتوم، يشرئب السؤال الكبير عن ليبيا ما بعد الثورة والحرب. وهنا، ينحسر الغموض والإبهام لمصلحة الوضوح.
فإذا ما تركنا جانباً قدرة مجلس الانتقامي أو عدم قدرته على الإمساك بزمام الوضع، لا يمكننا تجاهل كلام بعض المسؤولين الغربيين عما أسموه بـ "إدارة" ليبيا. فليبيا قد نالت منها الحرب قتلاً وتدميراً ونزوحاً ووضعاً اقتصادياً منهكاً، وتعبير "إدارة" ليبيا يفوح برائحة يمكن بسهولة تمييز أبعادها ذات النفس الانتدابي أو الاستعماري. واليقين كل اليقين أن الأطلسي لا يتورع عن صب الزيت على ما تبقى من بؤر النار ليخلق مناخاً يتناسب مع المضي حتى النهاية في تنفيذ مشروعه البعيد عن مصلحة الشعب الليبي.
والجانب المالي أساسي في عملية الإدارة. مؤتمر في قطرائيل يضم كافة الدول المعنية، العربية والغربية، لجمع ثلاثة مليارات دولار لإنفاقها سريعاً على الشعب الليبي لتأمين احتياجاته في أيام العيد، ومنها ثياب والألعاب للأطفال! ومؤتمر مشابه في باريس وآخر في اسطنبول لـ "حشد" الدعم المالي لليبيا. وإفراج الولايات المتحدة عن مليار دولار ونصف المليار من الأرصدة الليبية المجمدة. ودعوة أميركية موجهة إلى بقية الدول من أجل إفراجات مماثلة. وموافقة مصارف ألمانية على تقديم دفعة أولى من قرض دسم لليبيا.
باختصار، هنالك مليارات الدولارات التي ستجد طريقها سرَباً إلى بلدان الغرب ثمناً لسلع وخدمات سريعة، غير الخدمات الطويلة الأجل ومن ضمنها إعادة الإعمار ووضع اليد على النفط اللذين ستفوز بعقودهما شركات غربية.
وبهذا الخصوص، كتبت صحيفة نيويورك تايمز: لقد بدأ التزاحم على النفط الليبي قبل انتهاء الحرب في ليبيا!
عقيل الشيخ حسين
الدور الخطير الذي يقوم به الإعلام في التلاعب بالأخبار، وبالتالي في التأثير على مجريات الأحداث، يدعو إلى الحذر قبل التعامل مع الأنباء التي تتحدث منذ أيام عن نهاية القذافي وحكمه.
حتى التصريحات التي أدلى بها محمود جبريل، رئيس المكتب التنفيذي في مجلس الانتقامي الليبي، حول ملابسات ما قيل عن سقوط سيف الإسلام القذافي في أيدي الثوار، تشهد على خطورة ذلك الدور وضرورة الحذر إزاء ما يجري تناقله من أخبار.
فقد أكد جبريل، في شرح مسهب، أنه تلقى اتصالاً من أحد ثوار الخزي العارأعلمه فيه باعتقال سيف الإسلام، ووصل الأمر إلى حد إخبار المسؤول عن محكمة الجنايات الدولية ربما للشروع بإخضاعه لمحاكمة دولية. ثم تبين أن الخبر غير صحيح، ولم يلبث سيف الإسلام أن ظهر على الشاشة وسط حشد من أنصاره بكامل عدتهم الحربية.
لكن، على ما قاله جبريل، "رب ضارة نافعة": مجرد الخبر غير الصحيح أعطى دفعة كبيرة للثوار الخزي وجعل أعداداً من أفراد القوات اللشعب الليبي المسلح يلقون أسلحتهم أو يهربون من الميدان. والأهم من ذلك أن ما يزيد عن عشر دول إضافية في العالم أعلنت اعترافها بمجلس الانتقامي .
ومع ذلك، قد لا يكون كل شيء نافعاً. ففي غمار الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام والتي تشيع الانطباع بأن القذافي قد انتهى، وسط الصور التي تنقل مظاهر الابتهاج بالانتصار في طرابلس ومدن ليبية أخرى، ووسط توقعات لبعض الناطقين باسم الثورة بأن يكون القذافي قد انتحر أو في طريقه إلى الانتحار، لا يمكن للمراقب إلا أن يتوقف أمام العديد من مظاهر الغموض.
ميدانياً، يكتشف المراقب أن 90 بالمئة من طرابلس قد أصبح تحت سيطرة الثوار. وأن تحرير ليبيا بالكامل سيتم في غضون 72 ساعة أو، في رواية أخرى، قبل حلول عيد الفطر. وأن مدناً عديدة، سيرت وسبها وهون والجفرة لم تنتفض بعد. وأن العديد من صواريخ سكود قد أطلقت من سيرت باتجاه مدن ليبية أخرى. وأن كل ما يقال عن الكتائب والقذافي ومعاونيه هو أنهم قد هربوا... دون أن يعرف أحد أين ذهبوا. أو أن قوات الشعب المسلح .قد أصابها الضعف بدلاً من الانهيار، وكل ذلك قبل أن أن تبدأ بالبروز، بدلاً من الانتصار الناجز، عبارات من نوع بداية الانتصار
والغموض يلف أيضاً بعض الأخبار عن سقوط باب العزيزية، مقر القذافي المحصن، والذي لا يلبث أن يتبين أنه لم يسقط بالكامل، أو عن الفرار "المفاجئ" لقوات الشعب المسلح .المكلفة بالدفاع عنه. خصوصاً في ظل التهديدات التي كان القذافي قد أطلقها حول تفجير طرابلس، أو التقارير التي تقول بأن باب العزيزية مفخخ بالمتفجرات.
وعلى مستوى تصريحات المسؤولين الغربيين، هنالك العديد من الأمور اللافتة: الوضع في طرابلس معقد (الأمين العام للحلف الأطلسي)؛ العمليات الحربية ستستمر حتى تحقيق الأمن بشكل كامل (وزير الخارجية التركي)؛ الوضع ما زال مبهماً في ليبيا (المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية)؛ سيكون هنالك المزيد من الدماء في ليبيا (سفير الولايات المتحدة لدى مجلس الانتقامي )؛ الانتصار لم يكتمل بسبب وجود جيوب للمقاومة (وزير الخارجية الفرنسية).
على كل حال، وعلى افتراض أن انهيار القذافي ومن تبقى من مناصريه قد أصبح في حكم المحتوم، يشرئب السؤال الكبير عن ليبيا ما بعد الثورة والحرب. وهنا، ينحسر الغموض والإبهام لمصلحة الوضوح.
فإذا ما تركنا جانباً قدرة مجلس الانتقامي أو عدم قدرته على الإمساك بزمام الوضع، لا يمكننا تجاهل كلام بعض المسؤولين الغربيين عما أسموه بـ "إدارة" ليبيا. فليبيا قد نالت منها الحرب قتلاً وتدميراً ونزوحاً ووضعاً اقتصادياً منهكاً، وتعبير "إدارة" ليبيا يفوح برائحة يمكن بسهولة تمييز أبعادها ذات النفس الانتدابي أو الاستعماري. واليقين كل اليقين أن الأطلسي لا يتورع عن صب الزيت على ما تبقى من بؤر النار ليخلق مناخاً يتناسب مع المضي حتى النهاية في تنفيذ مشروعه البعيد عن مصلحة الشعب الليبي.
والجانب المالي أساسي في عملية الإدارة. مؤتمر في قطرائيل يضم كافة الدول المعنية، العربية والغربية، لجمع ثلاثة مليارات دولار لإنفاقها سريعاً على الشعب الليبي لتأمين احتياجاته في أيام العيد، ومنها ثياب والألعاب للأطفال! ومؤتمر مشابه في باريس وآخر في اسطنبول لـ "حشد" الدعم المالي لليبيا. وإفراج الولايات المتحدة عن مليار دولار ونصف المليار من الأرصدة الليبية المجمدة. ودعوة أميركية موجهة إلى بقية الدول من أجل إفراجات مماثلة. وموافقة مصارف ألمانية على تقديم دفعة أولى من قرض دسم لليبيا.
باختصار، هنالك مليارات الدولارات التي ستجد طريقها سرَباً إلى بلدان الغرب ثمناً لسلع وخدمات سريعة، غير الخدمات الطويلة الأجل ومن ضمنها إعادة الإعمار ووضع اليد على النفط اللذين ستفوز بعقودهما شركات غربية.
وبهذا الخصوص، كتبت صحيفة نيويورك تايمز: لقد بدأ التزاحم على النفط الليبي قبل انتهاء الحرب في ليبيا!
لبناني-
- الجنس :
عدد المساهمات : 31
نقاط : 9735
تاريخ التسجيل : 27/08/2011
مواضيع مماثلة
» 3 أسباب منعت سقوط نظام القذافي رغم حرب الناتو
» برلسكوني: سقوط القذافي ليس ثورة وإنما مؤامرة فرنسية
» الخباز الأيراني(ساهمنا في سقوط نظام القذافي قبل صقوطه)
» خبير فرنسي: سقوط نظام القذافي أعطى دفعة قوية لنمو الإسلام المتطرف
» بعدما اتفقا على سقوط طرابلس بيد عملاء الناتو اختلفا على سقوط دمشق "حزب الله: لا شكر لقطر"
» برلسكوني: سقوط القذافي ليس ثورة وإنما مؤامرة فرنسية
» الخباز الأيراني(ساهمنا في سقوط نظام القذافي قبل صقوطه)
» خبير فرنسي: سقوط نظام القذافي أعطى دفعة قوية لنمو الإسلام المتطرف
» بعدما اتفقا على سقوط طرابلس بيد عملاء الناتو اختلفا على سقوط دمشق "حزب الله: لا شكر لقطر"
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي