منع النقاب في فرنسا: انتهازية وتخبط!
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
منع النقاب في فرنسا: انتهازية وتخبط!
"النقاب ليس مرحّباً به في فرنسا" على ما ورد في خطاب ألقاه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مؤخراً أمام البرلمان في أجواء "النقاش حول العلمانية". وجاء ذلك بعد صدور قانون 12 تشرين الأول/ اكتوبر 2010، الذي يمنع ارتداء النقاب في المجال العام، وقبل أيام من دخوله حيز التطبيق، في 11 نيسان/ ابريل 2011.
وبذلك، تكون فرنسا أول بلد أوروبي يقدم على هذا الإجراء الذي يعرّض النساء اللواتي يرتدين النقاب في "الفضاء العام" لعقوبة تتراوح بين الخضوع لدروس في "التربية على المواطنة" ودفع غرامة مالية تصل إلى 150 يورو.
وكان قانون 15 آذار/ مارس 2004، قد منع ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الملحقة، ويخشى أن يتسع حظر الحجاب ليشمل الفضاء العام أيضاً. والمقصود بالفضاء العام الشارع والأماكن العامة كوسائل النقل والحدائق العامة والمتاجر والمصارف، إضافة بالطبع إلى الدوائر الحكومية.
وسواء تعلق الأمر بالحجاب أم بالنقاب وغيرهما من الإثارات ذات الصلة بالإسلام وبالوجود الإسلامي في أوروبا والغرب، فإن مسلمين وغير مسلمين يرون في هذه الإثارات تعبيراً عن التسييس الانتهازي والتحريض البعيد عن هواجس التشريع والإدارة الهادفين إلى حفظ النظام العام والتوافق الاجتماعي وما إلى ذلك من اعتبارات ضرورية للارتقاء بالمجتمعات.
ومن غير الممكن إدراج ذلك في سياق غير سياق الحرب التي تشنها الدوائر الغربية والصهيونية على الإسلام. فإذا ما وضعنا جانباً تاريخ الحروب الاستعمارية التي تقود حتماً إلى إدراج تلك الحرب في إطارها الصليبي، واكتفينا بالحرب الإعلامية والثقافية التي تنحو في أحيان كثيرة منحى استعلائياً وعنصرياً واضحاً، نجد أن تهمة الإرهاب كانت حصان طروادة الذي اعتمدته البروباغندا الغربية الصهيونية لإمرار حربها على الإسلام بعد أيلول/ سبتمبر 2001. لكننا نجد أن تلك الحرب كانت مشهودة في أوروبا والغرب قبل أيلول/ سبتمبر 2001، من خلال ما لا يحصى من وقائع من نوع ظاهرة سلمان رشدي وما سبقها من أشكال الإساءة إلى رموز الإسلام الكبرى التي نجد نماذج منها في ثنايا الثقافة التي كانت تروج حتى في ظل ثورة، كالثورة الفرنسية التي شاءت لنفسها أن تفتح تاريخاً جديداً يقطع مع "
ظلاميات" القرون الوسطى ويغمر العالم بأنوار العلمانية والحداثة.
وإذا ما شئنا البحث عن سياق يمكن أن توضع فيه البادرة الفرنسية الأخيرة، فإننا لا نجد سياقاً غير سياق الاستغلال الانتهازي لتحقيق أغراض سياسيوية، كتلك التي عمدت فيها أوروبا قبل قرون إلى استخدام الدين لتحقيق أغراض الغزو والهيمنة.
فالنقاشات التي أطلقها حزب ساركوزي تمهيداً للبدء بتطبيق قانون حظر النقاب، تأتي في وقت يعيش فيه هذا الحزب حالة من التضعضع الناشئ عن فشل سياساته الداخلية والخارجية، تدفعه إلى ركوب موجة اليمين المتطرف في اضطهاد المسلمين والتخويف من الإسلام كوسيلة للتحشيد اللازم لكسب معركة الانتخابات الرئاسية.
وككل اصطياد في الماء العكر، لا يمكن لهذه البادرة إلا أن تلطخ نفسها بالوحل. وذلك للطابع الفضائحي الذي ينجم عما تقع فيه من تناقضات تعبر عن عمق المأزق الذي تعاني منه سياسات الغرب في تعامله مع الإسلام وقضايا المسلمين.
تناقضات نجدها في التذرع بحرية التعبير المقدسة عندما يتعلق الأمر بحماية الإساءات المتنوعة إلى رموز الإسلام، ثم في التنكر لهذه الحرية عندما يحظر النقاب لأنه رمز ديني. فقد جرى تبرير القرار بمنع الحجاب عام 2004، بكونه رمزاً دينياً يتصادم مع العلمانية الفرنسية. لكن ساركوزي نقض هذه الحجة عندما احتج أمام البرلمان بدعوى أن النقاب ليس رمزاً دينياً، مع كونه يصطدم مع العلمانية نفسها.كما اعتبر أن النقاب "علامة استعباد للمرأة"، وأنه يشكل مساساً بكرامة المرأة، ما يعني أن حرية المرأة وشرفها لا بد أن يمرا بالسفور والتعري والتحلل، في تفسير تعسفي واضح لمفهوم الحرية نفسه.كما اعتبر أن الحجاب والنقاب يحرمان المرأة من الحياة الاجتماعية، علماً بأن قوانين الحظر تجبر النساء المسلمات على البقاء في بيوتهن أكثر مما تدفعهن إلى التخلي عن الحجاب والنقاب لاكتساب الحق بالذهاب إلى الشارع وغيره من مؤسسات المجتمع.
ويبلغ التخبط العلماني ذروته في التطبيق الاستنسابي لقانون الحظر: لاحظ المراقبون في الوقت الذي عوقبت فيه بعض النسوة المنقبات في بعض الأحياء، أن النساء المتنقبات يتجولن بكل حرية، وتحت أنظار رجال الشرطة، بين المصارف والمتاجر في أحياء باريس الراقية! كناية عن كون النقاب مرحباً به رغم ساركوزي أو برضاه.
وبذلك، تكون فرنسا أول بلد أوروبي يقدم على هذا الإجراء الذي يعرّض النساء اللواتي يرتدين النقاب في "الفضاء العام" لعقوبة تتراوح بين الخضوع لدروس في "التربية على المواطنة" ودفع غرامة مالية تصل إلى 150 يورو.
وكان قانون 15 آذار/ مارس 2004، قد منع ارتداء الحجاب في المدارس والمؤسسات الملحقة، ويخشى أن يتسع حظر الحجاب ليشمل الفضاء العام أيضاً. والمقصود بالفضاء العام الشارع والأماكن العامة كوسائل النقل والحدائق العامة والمتاجر والمصارف، إضافة بالطبع إلى الدوائر الحكومية.
وسواء تعلق الأمر بالحجاب أم بالنقاب وغيرهما من الإثارات ذات الصلة بالإسلام وبالوجود الإسلامي في أوروبا والغرب، فإن مسلمين وغير مسلمين يرون في هذه الإثارات تعبيراً عن التسييس الانتهازي والتحريض البعيد عن هواجس التشريع والإدارة الهادفين إلى حفظ النظام العام والتوافق الاجتماعي وما إلى ذلك من اعتبارات ضرورية للارتقاء بالمجتمعات.
ومن غير الممكن إدراج ذلك في سياق غير سياق الحرب التي تشنها الدوائر الغربية والصهيونية على الإسلام. فإذا ما وضعنا جانباً تاريخ الحروب الاستعمارية التي تقود حتماً إلى إدراج تلك الحرب في إطارها الصليبي، واكتفينا بالحرب الإعلامية والثقافية التي تنحو في أحيان كثيرة منحى استعلائياً وعنصرياً واضحاً، نجد أن تهمة الإرهاب كانت حصان طروادة الذي اعتمدته البروباغندا الغربية الصهيونية لإمرار حربها على الإسلام بعد أيلول/ سبتمبر 2001. لكننا نجد أن تلك الحرب كانت مشهودة في أوروبا والغرب قبل أيلول/ سبتمبر 2001، من خلال ما لا يحصى من وقائع من نوع ظاهرة سلمان رشدي وما سبقها من أشكال الإساءة إلى رموز الإسلام الكبرى التي نجد نماذج منها في ثنايا الثقافة التي كانت تروج حتى في ظل ثورة، كالثورة الفرنسية التي شاءت لنفسها أن تفتح تاريخاً جديداً يقطع مع "
ظلاميات" القرون الوسطى ويغمر العالم بأنوار العلمانية والحداثة.
وإذا ما شئنا البحث عن سياق يمكن أن توضع فيه البادرة الفرنسية الأخيرة، فإننا لا نجد سياقاً غير سياق الاستغلال الانتهازي لتحقيق أغراض سياسيوية، كتلك التي عمدت فيها أوروبا قبل قرون إلى استخدام الدين لتحقيق أغراض الغزو والهيمنة.
فالنقاشات التي أطلقها حزب ساركوزي تمهيداً للبدء بتطبيق قانون حظر النقاب، تأتي في وقت يعيش فيه هذا الحزب حالة من التضعضع الناشئ عن فشل سياساته الداخلية والخارجية، تدفعه إلى ركوب موجة اليمين المتطرف في اضطهاد المسلمين والتخويف من الإسلام كوسيلة للتحشيد اللازم لكسب معركة الانتخابات الرئاسية.
وككل اصطياد في الماء العكر، لا يمكن لهذه البادرة إلا أن تلطخ نفسها بالوحل. وذلك للطابع الفضائحي الذي ينجم عما تقع فيه من تناقضات تعبر عن عمق المأزق الذي تعاني منه سياسات الغرب في تعامله مع الإسلام وقضايا المسلمين.
تناقضات نجدها في التذرع بحرية التعبير المقدسة عندما يتعلق الأمر بحماية الإساءات المتنوعة إلى رموز الإسلام، ثم في التنكر لهذه الحرية عندما يحظر النقاب لأنه رمز ديني. فقد جرى تبرير القرار بمنع الحجاب عام 2004، بكونه رمزاً دينياً يتصادم مع العلمانية الفرنسية. لكن ساركوزي نقض هذه الحجة عندما احتج أمام البرلمان بدعوى أن النقاب ليس رمزاً دينياً، مع كونه يصطدم مع العلمانية نفسها.كما اعتبر أن النقاب "علامة استعباد للمرأة"، وأنه يشكل مساساً بكرامة المرأة، ما يعني أن حرية المرأة وشرفها لا بد أن يمرا بالسفور والتعري والتحلل، في تفسير تعسفي واضح لمفهوم الحرية نفسه.كما اعتبر أن الحجاب والنقاب يحرمان المرأة من الحياة الاجتماعية، علماً بأن قوانين الحظر تجبر النساء المسلمات على البقاء في بيوتهن أكثر مما تدفعهن إلى التخلي عن الحجاب والنقاب لاكتساب الحق بالذهاب إلى الشارع وغيره من مؤسسات المجتمع.
ويبلغ التخبط العلماني ذروته في التطبيق الاستنسابي لقانون الحظر: لاحظ المراقبون في الوقت الذي عوقبت فيه بعض النسوة المنقبات في بعض الأحياء، أن النساء المتنقبات يتجولن بكل حرية، وتحت أنظار رجال الشرطة، بين المصارف والمتاجر في أحياء باريس الراقية! كناية عن كون النقاب مرحباً به رغم ساركوزي أو برضاه.
LIBYA NO1-
- الجنس :
عدد المساهمات : 320
نقاط : 10129
تاريخ التسجيل : 15/04/2011
رد: منع النقاب في فرنسا: انتهازية وتخبط!
ماسمعناش القرضاوي و العريفي و الغرياني يتكلموا علي الموضوع هذا
المدير العام-
- الجنس :
عدد المساهمات : 654
نقاط : 10754
تاريخ التسجيل : 26/02/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 7 يناير - 7:55 من طرف علي عبد الله البسامي
» النفير المقدس
الخميس 4 يناير - 1:50 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى شيوخ ومثقفي الخليج
الأحد 31 ديسمبر - 17:26 من طرف علي عبد الله البسامي
» .سجل حضورك ... بصورة تعز عليك ... للبطل الشهيد القائد معمر القذافي
الإثنين 25 ديسمبر - 17:43 من طرف chlih
» أملٌ زمنَ القهر
الأحد 24 ديسمبر - 18:07 من طرف علي عبد الله البسامي
» أملٌ زمنَ القهر
الأحد 24 ديسمبر - 18:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» عملاق الردى
الأحد 24 ديسمبر - 17:15 من طرف علي عبد الله البسامي
» إجرام الغرب
السبت 16 ديسمبر - 16:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» فضبدة الخذلان
الجمعة 8 ديسمبر - 9:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» شرف المقاومة
الأحد 3 ديسمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» زمرة العز في زمن الهوان
السبت 2 ديسمبر - 13:22 من طرف علي عبد الله البسامي
» دليل التّردِّي
الثلاثاء 28 نوفمبر - 0:26 من طرف علي عبد الله البسامي
» الخذلان المذل
الأحد 26 نوفمبر - 11:55 من طرف علي عبد الله البسامي
» أحرارُ الخَلَف
الخميس 23 نوفمبر - 17:06 من طرف علي عبد الله البسامي
» وثبة الابطال في اليمن
الأربعاء 22 نوفمبر - 17:11 من طرف علي عبد الله البسامي
» هان العرب
الأربعاء 22 نوفمبر - 6:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى ابي عبيدة
الإثنين 20 نوفمبر - 23:03 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى ابي عبيدة
الإثنين 20 نوفمبر - 23:02 من طرف علي عبد الله البسامي
» شعب الاباء في غزة
السبت 18 نوفمبر - 0:42 من طرف علي عبد الله البسامي
» ضرُّ المذلّة في الامّة
الأحد 12 نوفمبر - 0:40 من طرف علي عبد الله البسامي