إلى الذاهبين لبني وليد.....اسمعوا وعوا قولي هذا لعلكم تفلحون

اعلموا أن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون

ادعوا ربكم أيها الثوار لعله يحدث لكم أمرا، أو يجعل لكم من بعد عسر يسرا، ربكم الذي أعني ليس رب العباد فاطر السماء والأرض والذي أقسم لنا بنصره ولو بعد حين، وإنما ربكم الذي قلتم أنكم دعوتموه فاستجاب، فأيدكم بنصره وآزركم بجنده.

أين هو ربكم اليوم فالرب في كل الأديان حي لا يموت ، تصدقون بألوهيتيه وديمومته التي هي شرط من شروط الربوبية، أيها المساكين، انقطع رجاءكم وخاب أملكم، ماذا سترفعون غير أصابعكم السبابة والإبهام عندما تدعون ربكم، رفعتم رؤوسكم نحو السماء فإذا هي خالية من الطيور الأبابيل، التي تركتكم دون أن تدعمكم بحجارة من سجيل، فلم يعد لبيتكم رب يحميه، وممن سيحميه فأنتم أصحاب الفيل.

أين قوتكم ...أين عظمتكم هل عجزت حناجركم هذه المرة عن التكبير والتهليل، ألم تحرر الأرض قبل اليوم بما زعمتم ، ألم ينكشف سحر الطاغوت كما ادعيتم ببركة أصواتكم ، فلماذا لم تجدي اليوم نفعاً عندما غاب من كان يرمي إخوانكم بالحمم، تهدم بيوتهم وتفتت أجسادهم، لتهجموا أنتم على ما أبقت تلك الحمم وتجمعوا ما خف وزنه وغلا ثمنه تحت مسمى الغنائم.

اليوم انكشفت حقيقتكم وظهرت هشاشة بنيانكم وضعف صفوفكم، فها أنتم اليوم أمام صمود قوم يجوز وصفهم بالعزل في المشاشية والشقيقة ومزدة وغيرها من المناطق التي تصبون عليها جام غضبكم وتكثرون عليها من سموم حقدكم، اختاروا أن يدافعوا عن أرضهم وعرضهم، فكانوا بما قدر الله لهم قادرين على دحركم وصد هجومكم، وتكبيدكم خسائر فادحة فلم تكونوا قادرين معها على التكبير وأنتم مدبرين، ولا على التمشيط وأنتم مقبلين.

فأين هو الرب الذي كان معكم ينصركم ضد أعداءه، فلم تجدوا للنصر المبين سبيلا، ولم تجدوا لكم معينا، أم أنكم دعوتم ربكم فلم يستجب، فلا شيء معكم يمت لكم بصلة، فلا الدبابة االقطرية ولا الذخائر الفرنسية ولا طيور الرافال والتايقون باتت قادرة حتى على فرد جناحيها لتستظلوا بها أثناء زحفكم ، ألم تقولوا نحن جميع منتصر ، ها قد هزمتم با من توليتم من كفر ، إذ فررتم مولين الدبر.

يا أهل الزنتان مثلكم في هذه الحرب كمثل الشماعة التي يعلق عليها كل خطأ وتنسب إليها كل نقيصة، فأنتم في نظر الشرفاء طغاة سارقون، وفي نظر أمثالكم سفلة جاهلون، اسمعوا ما يقولون عنكم وما يظنون فيكم لتعرفوا أي منقلب ستنقلبون.

ويا أبناء الزاوية لستم سوى بيادق ، ارتضت أن يحركها أسيادها كيفما شاءوا ، وحيثما أرادوا ، أنتم يا من تدعون النصرة وتسارعون لساحات الوغى مكبرين مهللين ، تظهرون ما لا تبطون ، تكذبون على أنفسكم وأنت أول من يصدق ما افتريتم من أكاذيب، يامن دخلتم البيوت الآمنة واستبحتم كل ما فيها ، وانتهكتم حرماتها ، فلم يصعب عليكم حتى ما ثقل وزنه وقل ثمنه ، أصبحتم مثالا في فنون السرقة التي لم يسلم منها حتى دجاجة تحضن بعضا من صيصانها، جعلتموها تختبر مشقة السفر في صندوق من ورق ، إن طقت لصرخت في وجوهكم لن أفرط في الوطن.

لقد صرتم أضحوكة يتندر الناس بذكرها ، فأي شرف وأي كرامة نلتموها وأنتم تسرقون كل ما تقع عليه ايديكم ، لا لشيء إلا لتتباهوا بمجد لم تكونوا صانعيه . وتفتخرون بفعل أشياء يندى لها جبين الذمة وتنتحر بسببها صفوة الأخلاق.

ويا أهل مصراتة هل بات مما يبعث الفخر في نفوسكم ان يقرن اسمكم باسم أكفر عباد الله قتلة الأنبياء، هل غدا القتل والنهب والسلب من شيمكم ، أم أنكم أصبتم بطفرة خلقية حولتكم إلى أشباه بشر ، ما هو القصد والمبتغى وماذا جنيتم غير دعاء الناس الذين سولت لكم أنفسكم أن تفعلوا بهم ما فعلتم ، اين ستهربون من دعاء الأرامل والثكالى واليتامى الذي لا بد أن ينتصر الله لهم ولو بعد حين ، وثقوا أن الله لم يجعل بينهم وبينه حجابا مستورا .... فأين المفر ؟

هل تقطعت بكم السبل لتحسنوا صورتكم وتصدقوا كما صورت لكم أنفسكم أنكم أبطال كسرتم القيد وحررتم الوطن، كي تختلقوا القصص وتلفقوا الأكاذيب لتبرروا لأنفسكم ما تفعلونه بإخوانكم في كل أرض من قرانا الصامدة ، وتطلبون المعونة من كل حدب وصوب، تزعمون أنكم تقاتلون جيشا من أنصار النظام، وهم قوم استعانوا بالله ، وصبروا وصابروا، يكبرون لله الواحد الأحد ، الذي تستحون أن تطلبوه لأنكم تعلمون أنه أعدل من أن يمكنكم منهم أو يعينكم عليهم، ارجعوا إلى جادة الصواب أنتم وأمثالكم يامن سولت لكم أنفسكم أنكم على حق.

اعلموا أن ساعة العقاب قد حانت وما أنتم فيه اليوم سوى قليل من كثير مما سينالكم من طوفان الغضب الذي زرعتم بذوره في نفوس الشرفاء ، فسيقتموه وذكيتموه ليصبح ماردا سيسحقكم، فها قد انتهى عام الفيل وعادت الطيور الأبابيل إلى أوكارها. ولن يطول الأمر حتى تحصدوا ما زرعتم بأيديكم.

بنت المختار