ما أشبه ربيع اليوم بــ ربيع الأمس

ما أشبه ربيع اليوم بــ ربيع الأمس
بقلـــــم :: بنت القذاذفة
هناك مصطلحات لا تقبل التأويل وليس لها وجهين هناك من يتلاعب بالكلمات التى لها معنى جميل فى ظاهرها و باطنها و تدل على أشياء جميلة فيشوهونها بوضعها فى مكانة لا يتلاءم مع جوهرها .
جميعا عرفنا الربيع ذلك الفصل الجميل لأننا عشناه فى كل سنة من سنوات عمرنا ، فهو أجمل فصول السنة ، ذلك الفصل الجميل بأزهاره ، و الألوانه الخلابة ، وعصافيره الشادية ، بغدير مياة و صفاء سماءه ، وهدوء بحاره ، فهو معتدل فى كل شئ فى ليله و نهاره ، فى حرارته و رطوبته ، و برده و حره .
من بين فصول السنة تشعر باعتداله فى كل شئ ، فهل يستوى هذا بذاك !!! هل يستوى تشبيه فصل الربيع بما يحصل الآن فى بلدان العربية ( بلدان ما يسمى بثورات الربيع العربى ) !
فعلا أنه ربيعا بمنظور الغرب ، بمقايسهم ، و أهدافهم ، و مخططاتهم .
بأسمك أرتكبوا أبشع الجرائم ، و بأسمك خاضوا كل المؤامرات و حاكوا الخطط !
فهل الربيع بقتل البشر و قطع رؤوسهم و دحرجتها و تنكيل بجثثهم ؟ هل الربيع بتهجير الأمنيين من بيوتهم و مدنهم ؟ هل الربيع بمصادرة الطفولة و أعطاءهم دروس فى قتل البشر و حمل الأسلحة ؟ هل الربيع بتقسيم الدولة الواحدة على عدة دول داخل الدولة ؟ هل الربيع يصبح لدولة واحدة أكثر من ثلاث أعلام ؟ هل الربيع باغتصاب الفتيات و أنتهاك رجولة الشباب ؟هل الربيع يتقاتل أبناء البلد الواحد بعضهم لبعض ؟ هل الربيع بسرقة خيرات الوطن و ممتلكاته و مقدراته ؟
هل الربيع يراد منه الهيمنة على الوطن و أضعافه و تقسيمه و تفتيته ؟ هل الربيع العربى يكون بقيادة يهودى متطرف ؟ هل الربيع بإغتصاب الوطن و عزته و هيبته و تاريخه و حضارته و مستقبله ؟
فالربيع برئ مما نسب اليه ، فلم نرى ربيعا يوما ينتقم من الطبيعة ، بل هو الفصل الوحيد الذى به تجدد ! و نمو ! و أزدهار ! و فرح و سرور !
فما يسمى بالربيع العربى بقيادة برنارد ليفنى لا يختلف عن مشروع دولة عربية واحدة ( تحت مسمى الثورة العربية الكبري) بقيادة لورنس العرب .
فما جاء به برنارد ليفنى اليوم هو ما جاء به لورنس العرب بالأمس ، نفس المخطط !! نفس الشعارات ، نفس مسرح الاحداث ، نفس الأشخاص هم أمتداد للجينات ذلك الجيل الذى ساعد فى تقسيم الوطن العربى بعد الحرب العالمية الأولي و ساعد فى منح فلسطين موطن قومى لليهود .

فالعرب لا يعرفون تاريخهم سواء التاريخ القريب فهم شهود عليه ، و لايقرؤن تاريخهم البعيد الذى ترك لهم من قبل الأجداد فالتاريخ فيه دروسا و عبر لوقائع و أحداث غيرت فى خارطة الوطن العربى .
فمن بشرنا بالأمس القريب بشرق الأوسط الكبير هما الغرب و حلف الأطلسى عندما أحتل أفغانستان ، و من بشرنا بالشرق الأوسط الجديد هما الغرب و الأسرائليين فى حرب لبنان 2006 ، و من بشرنا بالفوضى الخلاقة هما الغرب و حلف الأطلسى فى حرب العراق ، و من بشرنا فى ماضى البعيد بدولة عربية واحدة من المحيط الى الخليج هما الغرب بقيادة لورنس العرب عقب الحرب العالمية الاولى ، أما الان بشروا بحرية و ديمقراطية الغرب .

لقراءة التاريخ و فهم أحداثه دور مهم جدا فقد لا يكون الأمر مختلف تماما عن ما حصل فى زمن هيمنة الأحتلال العثمانى على الدول العربية منذ أكثر من 360 سنة مضت ، فجاءه الغرب الصليبى و بشرنا بالحضارة و التطور و الأنفتاح و الحرية و الديمقراطية ، و تحت هذة المسميات التى ارادوا به مصالحهم لا !! لأجل عواطف و مشاعر العرب ، فضحكوا على العرب و أستبدل أحتلال بأحتلال ( أى من الأحتلال العثمانى العلماني الى الأحتلال الصليبى الكافر .
فعندما سقطت الخلافة الاسلامية تشتتوا المسلمين و انقسموا الى دول تفصل بينها حدود حتى جاء الاستعمار الغربى متمثل فى ايطاليا و فرنسا و بريطانيا و هولندا و برتغال و اسبانيا و قسموا الأراضى العربية فيما بينهم من خلال اتفاقية سايكس بيكو و من ثم اعقبتها أتفاقية سان ريمو .
فبعد الحرب العالمية الأولى حصلت ما يسمى بالثورة العربية الكبرى بقيادة بريطانيا و كان عرابها فى ذلك الوقت لورنس العرب .
تسلل لورنس العرب الى قبائل العربية و أستطاع العيش بينهم و دخل خيامهم و تعلم اللغة العربية و عرف عن عادات و طبائع القبائل العربية و جالهم و خالطهم ، و أنتقل من دولة عربية الى أخرى برفقه و حمايه العرب ، و لبس لباسهم و عرف عنهم ما لا يعرفه الكثير من العرب عن بلادهم و عاداتهم حيث قال فى كتابه أعمدة الحكمة السبعة (( إذا أمكنك لبس لباس العرب عندما تكون بين رجال القبائل فإنك تكسب بذلك ثقتهم ))
قام بإقناع العرب بالثورة على العثمانيين والتحالف مع بريطانيا مقابل التعهد لهم بإقامة دولة عربية واحدة مستقلة من المحيط الى الخليج ، فالغرب أكثر ما يقلله هو وطن عربى واحد ، و لن يكون وطنا واحدا لا بالتخلص من هيمنة الغرب و أتفاق العرب فيما بينهم ، و وعدهم بمنحهم الحرية ‘ فالحرية لا تمنح بل تنتزع انتزاعا.
يقول لورنس : لو تمكنا من تحريض العرب على انتزاع حقوقهم من تركيا فُجاءة وبالعنف لقضينا على خطر الإسلام إلى الأبد ودفعنا المسلمين إلى إعلان الحرب على أنفسهم فنمزقهم من داخلهم وفي عقر دارهم .

و قام لورنس بمد القبائل العربية بالسلاح و العتاد لمحاربة الأحتلال العثماني ، و تكفل بتدريب العرب على السلاح و متفجرات ، و فعلا حصلت ثورة عارمة لم تكن من واعز عربى نضالى بطولى لمواجهة الأحتلال التركى ، و أنما من أيعاز من لورنس العرب ، و ما أن تخلص العرب من الأحتلال العثمانى العلماني بعد ثورة راح ضحيتها العرب و بــ إيعاز بريطانى و ليس بإيعاز عروبى ، و قال جملة فى كتاب مستهتر بدم العربى ((إني أكثر ما أكون فخوراً أن الدم الإنجليزي لم يسفك في المعارك التي خضتها لأن جميع الأقطار الخاضعة لنا لم تكن تساوي في نظري موت إنجليزي واحد )) .
تنكرت بريطانيا لوعودها و أجرت أتفاقيات و معاهدات مع فرنسا و من هنا بدا تقسيم الدول العربية من قبل الصليبين فيما يعرف باتفاقية سايكس بيكو 1916 ، وعلى أثر هذة الأتفاقيه حصلت أتفاقية أخرى عرفت بأتفاقية وعد بلفور 1917 فيما يعرف بالوطن القومى لليهود .
فبدلا من التخلص من الهيمنة العثمانىة الذين كانوا جاثمين على صدور العرب ، و كان العثمانيين سبب فى التخلف و الفقر و الجهل بعد أن كانت الدول العربية هى رمز الحضارات و التقدم العلمى فى جميع المجالات ما قبل الاحتلال العثمانى ، و أستخدموا العرب بيادق للقضاء على الأحتلال ليحل محله أحتلال أخر أكثر شرا و حقدا و بغضا على العرب و الإسلام ، دون أن يخسر الغرب أى شئ ، دفع العرب الى الاقتتال لا !! من أجل التخلص من هيمنه العثمانيين على الأراضى العربية و إنما من أجل أستيلاء الغرب الصليبى على الأراضى العربية ، و بعد نجاحه فى المخطط الأستعمارى الفرنسى البريطانى على دول الوطن العربى اتجه بجهوده لإنجاح خطط الصهيونية
فعلا يا أمة ضحك من جهلها الأمم
فمن يراجع تسلسل الأحداث التى حصلت سواء على مستوى المحلى أو العربى أو العالمى سواء فى الماضى السحيق أو الحاضر القريب ، و يضعها تحت مقصلة المنطق ولا ينساق وراء الأحداث والأمور التافهة و التي تهدف الي إشغال الناس عن السيناريو الحقيقي لذلك المخطط الشيطانى والذي لعب فيها الإعلام دورا هاما في بث الفتنة لإخفاء المعالم والخطوط الرئيسية لتلك المخططات ، سوف يتيقن بان ربيع الأمس شبيه بربيع اليوم ، و الربيع منهم براء .