العرب اللندنية:الأزمة الليبية تتفاقم والتدخل العسكري خيار مطروح بقوة
صفحة 1 من اصل 1
العرب اللندنية:الأزمة الليبية تتفاقم والتدخل العسكري خيار مطروح بقوة
الجزائر ترفض كليا أي تدخل عسكري دولي في ليبيا، في حين أن دول الساحل تعبر عن استعدادها للمشاركة في أي عملية تنظف البلاد من الإرهاب. | |||||||||||||||||||
العرب [نُشر في 29/01/2015، العدد: 9812، ص(7)] | |||||||||||||||||||
بدلا من أن تدخل ليبيا مرحلة إعادة بناء مؤسسات الدولة والتأسيس لدولة مدنية ديمقراطية حديثة، كما كان منتظرا بعد التخلص من نظام الجماهيرية العظمى، سقطت البلاد في فوضى عدم استقرار وتطوّر الوضع ليصبح خطرا حتى على دول الجوار. متى ستنتهي الأزمة الليبية؟ سؤال تزداد الإجابة عليه ضبابية وغموضا، مع كلّ تفجير جديد أو عملية اغتيال أو أزمة سياسية جديدة تلوح في سماء البلاد التي تتمتّع بالمقوّمات الأساسية لتكون دولة غنية متطوّرة، لكن تداخل المصالح الإقليمية والدولية،عمّق الانقسام والصراع فيها وجعل منها أحد أهم مراكز استقطاب وتدريب المقتالين في التنظيمات الجهادية. ومنذ أشهر تعاني البلاد، من أزمة سياسية، تحولت إلى مواجهة مسلحة متصاعدة في الشهور الأخيرة، بعد أن سيطرت جماعة فجر ليبيا على طرابلس في أغسطس 2014. وأفرزت الأزمة حكومتين تتنافسان على الشرعية، لكل منهما مؤسساتها، الأولى معترف بها دوليا في مدينة طبرق (شرق)، وتتألف من: مجلس النواب، الذي تم حله من قبل المحكمة الدستورية العليا، وحكومة عبدالله الثني المنبثقة عنه، إضافة إلى ما يسميه هذا الجناح بـ”الجيش الليبي”. أما الجناح الثاني للسلطة في ليبيا، وهو في العاصمة طرابلس، فيضم المؤتمر الوطني العام، ومعه رئيس الحكومة عمر الحاسي، فضلا عما يسميه هذا الجناح هو الآخر بـ”الجيش الليبي”. ووصف رفعت سيد أحمد، مدير مركز يافا للدراسات السياسية في القاهرة، الأوضاع في ليبيا بالمعقدة، وقال في تصريح لـ”العرب” إنها تبدو عصية على الحل بالطرق التقليدية، فهذه الدولة تعيش حالة نادرة من الفوضى والانفلات، قد تؤدي إلى تفتيتها عمليا، فالواقع يؤكد تلاشي قبضة وشكل الدولة، حيث تركت الساحة للصراع المحتدم بين الميليشيات، التي تنتمي لجهات وقوى مختلفة. وأوضح سيد أحمد أن ليبيا، تحفل بنحو مئتي ميلشيا مسلحة، عدد كبير منها يلتحف برداء إسلامي زائف، ويتقاتل في فترات على مناطق النفوذ والثروة، ويتحد في أوقات أخرى، لمواجهة قوات حفتر والجيش الليبي. وبيّن مدير مركز يافا أن حوار جنيف الذي دعت إليه الأمم المتحدة، لم ولن يغير من الواقع الليبي، لأن المتحاورين غير مسيطرين تماما على الميليشيات، مشيرا إلى أنه حتى لو أسفر المؤتمر عن نتائج إيجابية محدودة، مثل نزع الأسلحة والتوافق على وحدة الشعب الليبي، سوف تظل القرارات مجرد حبر على ورق، ولن تجد طريقها للتنفيذ، إلا إذا سيطر الجيش الليبي على مقاليد الأمور، وهذا لن يتحقق دون دعم عسكري عربي قوي، وغير ذلك سوف يضع ليبيا في حرب طويلة، تستمر سنوات، ولن تستطيع أي قوة إقليمية أو دولية، الوقوف في وجه الانفلات الشامل المنتظر.
وفّرت هذه الأزمة السياسية أرضية مناسبة لتنظيم الدولة الإسلامة ليتمدّد، على غرار تمدّده في سوريا والعراق. وقد نشر التنظيم، الذي تبنّى الهجوم الأخيرة على فندق “كورنثيا” وسط العاصمة طرابلس، دراسة حملت عنوان “ليبيا البوابة الاستراتيجية للدولة الإسلامية”. يشرح التقرير، الذي تناقلته مواقع جهادية تابعة لداعش وتنظيمات موالية له، أسباب اهتمامه بليبيا، وأبرز ميزاتها التي تجعل منها نقطة انطلاق هامة نحو تحقيق ما يسمى بـ “دولة الخلافة”. ومما جاء في هذه الدراسة: “ليبيا تتمتع بموقع استراتيجي يمكنها من تخفيف الضغط على مناطق دولة الخلافة في العراق والشام، حيث تتميز بمساحة كبيرة جدا وبصحراء شاسعة لا يمكن مراقبتها، وبجبال محصنة تجعل الطائرات عديمة الجدوى… ويكفي أن نقول إن ليبيا تطل على بحر وصحراء وجبال وعلى 6 دول (مصر، السودان، تشاد، النيجر، الجزائر، تونس)”. كما جاء في ذات الدراسة، المنسوبة لداعش، أن “ليبيا ذات ساحل طويل ومطل على دول الجنوب الأوروبي والتي يمكن الوصول لها بسهولة عن طريق الزوارق البسيطة، ولعلنا ننوه إلى كثرة الرحلات لما يسمى (الهجرة غير الشرعية) في هذا الساحل، وبأعداد مهولة، تقدر بحوالي 500 شخص يومياً، ونسبة كبيرة منهم يستطيعون تجاوز النقاط البحرية الأمنية والوصول لداخل المدن، وإذا تم استغلال هذه الجزئية وتطويرها استراتيجيا بالشكل المطلوب، فسيقلب حال دويلات الجنوب الأوروبي للجحيم وإذا توفرت الإمكانيات، يمكن إقفال الخط الملاحي واستهداف سفنهم وناقلاتهم”. وتضمّن التقرير صورا وخرائط تفاعلية لمواقع محيطة بليبيا، ويتواجد بها معسكرات للجهاديين، على غرار مالي. وفي هذا السياق يقول معدّ الدراسة، ويدعى “أبورحيم الليبي”، إن “السلاح المتواجد في ليبيا لو حاولت أن أصف لكم حجمه فيكفيني أن أقول لكم إن تسريب مجموعة منه إلى مالي أمكن الحركات الجهادية هناك، في مدة قصيرة جدا، أن تسيطر على أكثر من ثلثي دولة مالي”. وسواء كان هذا الادعاء حقيقة، أو مجرّد حرب نفسية، كما ذهب بعض الخبراء، فإن ذلك لا يدحض خطورة الوضع، على ليبيا، وعلى دول الجوار، التي وقع ذكرها في الدراسة. وقد بيّنت وقائع عديدة وأحداث كتلك التي شهدتها تونس وأيضا الحرب التي دارت في مالي، هذه الخطورة.
وأوضحت سيلاسي، خلال منتدى أمني أفريقي في دكار، أن العملية السياسية في ليبيا تتسم بالركود تزامنا مع استمرار الاشتباكات بين الفصائل المختلفة مؤكدة أن الاستقرار في المنطقة يظل رهينا بحل الأزمة الليبية. ودعت مبعوثة الأمم المتحدة إلى تكثيف الجهود الدولية لمواجهة “دمار محتمل” بسبب الصراع في ليبيا. وألمحت سيلاسي إلى أن تباين مواقف اللاعبين الإقليميين من شأنه أن يعرقل جهود مكافحة التمرد في المنطقة، وبدء عملية الحوار التي تتبناها الأمم المتحدة. وأشارت إلى وجود مؤشرات ثابتة على إنشاء معسكرات تدريب لتنظيم الدولة الإٍسلامية في ليبيا، “وهو أمر يبعث على القلق”، خاصة مع انتشار الأسلحة في منطقة الساحل رغم المساعي المكثفة للحد من الشبكات الإسلامية. وكان وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أعلن في تصريحات صحفية أن المتشددين الإسلاميين تمكنوا من إعادة تنظيم أنفسهم في جنوب ليبيا والحصول على أسلحة. ووفق صحيفة “ناشيونال بوست” الكندية، فإن الأراضي الليبية تمثل أكبر مخزون للسلاح في العالم مما يشكل ما أسمته الصحيفة “خطرا جديا على جيرانها”. وهو ما أكّده لـ”العرب”، العميد مختار بن نصر، الناطق السابق باسم وزارة الدفاع التونسية، ورئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، حين قال إن الوضع الأمني الليبي يزداد تدهورا يوما بعد آخر، خاصة خلال هذه الفترة التي تشهد حوارا مكثفا في جنيف بين الفرقاء الليبيين. وأرجع بن نصر تزايد وتيرة العمليات من المجموعات المحسوبة على التظيمات الجهادية إلى إرادة في خرق هدنة الحوار التي فرضتها مجريات جنيف إلى جانب إحساس هذه الجماعات بقرب عزلها من طرف بقية الأطراف بما فيها ما يسمى بـ” فجر ليبيا”. وذكر بن نصر أن قوات الجيش والوحدات الأمنية في تونس تكثّف تمركزها في الشريط الحدودي مع ليبيا، كما أنها تقوم بعمليات التمشيط والاستطلاعات في عمق الصحراء وعلى كامل الشريط الحدودي، إثر كل عملية قد تشكل خطرا على أمن تونس. وفي خصوص تواجد تونسيين في ليبيا ومشاركة أحدهم في الهجوم على فندق كورنثيا، يوم الثلاثاء الماضي، قال بن نصر إن الوضع التونسي تحت السيطرة، لكن هناك اتصالات بين عناصر من أنصار الشريعة في ليبيا وآخرين في تونس غير أن المجريات الأخيرة أثبتت تفوقا للأمن التونسي وقدرته على حصر هذه العناصر وحتى توجيه ضربات استباقية. وتعتبر تونس من أكثر دول الجوار المتضرّرة مما يجري في ليبيا، فبالإضافة إلى الضغط الاقتصادي الذي يشكّله تدفّق الليبيين الفارين من الصراع في بلادهم، يقول الخبراء إن الحدود التونسية الليبية تعتبر بوابة عبور لمقاتلي التنظيمات الجهادية. في هذا السياق، أكد بلحسن الوسلاتي المتحدث باسم وزارة الدفاع التونسية، في تصريح لـ”العرب”، أن قوات بلاده اتخذت كافة الإجراءات الاحتياطية، وكثفت من الحراسة البحرية والبرية والطلعات الجوية بالتنسيق مع قوات الأمن الداخلي منذ فترة، توقيا من الوضع الليبي الذي تتفاقم المعارك فيه يوما بعد آخر وسط تزايد الضربات التي توجهها جماعات جهادية في طرابلس. وشدد الوسلاتي على أن المعارك اقتربت من الحدود التونسية منذ ثلاثة أشهر وكانت على بعد 3و5 كيلومترات من نقاط التماس بين تونس وليبيا، لكن الجيش والأمن التونسيين حرصا على تأمين كل النقاط، كما أن العناصر الليبية لم توجه أسلحتها نحو تونس، والمعارك الآن تراجعت إلى الداخل الليبي. ويعود هذا التراجع لموازين القوى بين الأطراف المتصارعة وهو الذي يفرض مكان المعركة ووقتها. اعتبر محمد الدايري وزير الخارجية الليبي (حكومة طبرق المعترف بها دوليا) أن “ما يحدث في ليبيا هو امتداد لمشروع خارج ليبيا وليس وليد ليبيا، وهناك مشروع دولي يخص بعض الأطراف والدول الأفريقية، وكذلك أطراف عربية تأتي من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهناك مشكلة حقيقية ينبغي علينا كـ (أفارقة وعرب) مواجهتها. وما نريده اليوم هو إعادة بناء ليبيا على أسس ديمقراطية ودولة مؤسسات”. وحول العلاقة بين تنظيمي داعش في العراق وليبيا، قال الوزير الليبي إن “هناك ارتباطا بين التنظيمين وأمير الدولة الإسلامية في درنة بليبيا هو مواطن يمني، وهناك صلات قوية بين الدولة الإسلامية في ليبيا والعراق”، وهذه العلاقة تجعل ما يجري في ليبيا امتدادا لما يجري في العراق وسوريا واليمن، وبالتالي يتطلّب بدوره اهتماما عربيّا وإقليميا، لأن الخطر قد يطال حتى الدول البعيدة جغرافيا عن ليبيا. وطالب وزير الخارجية الليبي الدول العربية بتوحيد جهودها من أجل دعم قدرات جيش بلاده في مواجهة الإرهاب. وبالمثل دعا البرلمان الليبي، المعترف به من الأسرة الدولية، المجتمع الدولي إلى ضم بلاده إلى التحالف الدولي لمكافحة جرائم الإرهاب، مطالبا برفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي وتوفير الدعم الكامل له، وذلك في أعقاب الهجوم على فندق كورنثيا، في العاصمة الليبية طرابلس. والتقط العديد من الخبراء هذه التصريحات والدعوات، على أنها قد تكون إشارة إلى إمكانية حدوث تدخل خارجي في ليبيا، خاصة وأن بوادر فشل تحوم حول الحوار السياسي الذي تقاطعه قوات "فجر ليبيا"، بما قد لا يترك خيارا أمام المجموعة الدولية سوى التدخل العسكري. لكن يبقى هذا الحلّ موضع جدل، حتى في الأوساط الليبية نفسها، فرغم أن الوضع في ليبيا يتطلّب معالجة أمنية لإرغام الميلشيات التي تسيطر على البلاد على التخلي عن سلاحها، فإن أي تدخل خارجي، عربي أو دولي، يمكن أن يعقد الوضع. ويرى الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى الطوسة أن دول الجوار منخرطة بشكل كبير فيما يجري في ليبيا، فـ”الجزائر ترفض كليا أي تدخل عسكري دولي في ليبيا، لكن دول الساحل عبرت عن استعدادها للمشاركة في أي عملية تنظف ليبيا من المجموعات الإرهابية”. وألمح الطوسة إلى الدور الذي تقوم به بعض بلدان الجوار في عملية الحوار بين الأطراف المتنازعة، وقال إن دول الجوار، مصر والجزائر وتونس، منخرطة في مسلسل الحوار الوطني الليبي إلى أن تستنزف كل الجهود السياسية. فمباشرة العملية العسكرية ضد ليبيا يجب النظر إليها بعد أن تخفق كل الوساطات. |
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
مواضيع مماثلة
» العرب اللندنية:'أخونة' الأزمة الليبية عبر تونس والجزائر
» العرب اللندنية:القبائل الليبية تتحرك لحل الأزمة السياسية
» العرب اللندنية:انعطافة في مسارات الأزمة الليبية تربك حسابات القوى المتصارعة
» العرب اللندنية: مخاوف من تحول حدود المصرية الليبية لوكر الجماعات الإرهابية
» العرب اللندنية:ماذا بعد طرد تنظيم داعش من سرت الليبية
» العرب اللندنية:القبائل الليبية تتحرك لحل الأزمة السياسية
» العرب اللندنية:انعطافة في مسارات الأزمة الليبية تربك حسابات القوى المتصارعة
» العرب اللندنية: مخاوف من تحول حدود المصرية الليبية لوكر الجماعات الإرهابية
» العرب اللندنية:ماذا بعد طرد تنظيم داعش من سرت الليبية
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 24 نوفمبر - 16:39 من طرف علي عبد الله البسامي
» نكبة بلد المشاعر
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى فرسان اليمن
الأربعاء 20 نوفمبر - 20:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي