انوار رمضان
3 مشترك
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
21رمضان 1436هـ -08 يوليو 2015م
كلمات الله خالدة وإن جفت الأقلام
قال تعالى: «ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم». وقال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: ولو أن أشجار الأرض كلها بريت أقلاماً والبحر مداداً لها، ويمد بسبعة أبحر أخرى، وكتب بتلك الأقلام وذلك المداد كلمات الله، لتكسرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله التامة التي لا يحيط بها أحد، إن الله عزيز في انتقامه ممن أشرك به، حكيم في تدبير خلقه.
وفي الآية بيان لعظمة الله سبحانه وتعالى وإثبات صفة الكلام لله - تعالى - حقيقة كما يليق بجلاله وكماله سبحانه، يعظم العظيم من الخلق في عيون الخلق بقوة كلامه، ونفاذ أمره، وعجائب فعله، وكثرة صنائعه، وعدله في حكمه، وسيطرته على مملكته، وعلمه بأحوال رعيته، وخالق الخلق، ومدبر الأمر سبحانه وتعالى له القدرة التي ليست لخلقه، وما قدرة كل خلقه إلا من قدرته سبحانه، فهو عز وجل خالق كل شيء، وواهب كل موهوب.
تدبير الأمر
وكلمات الله تعالى من صفاته، وصفاته ليس لها ابتداء ولا انتهاء، فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، ومن آثار كلماته سبحانه خلق الخلق، وتدبير الأمر، وتصريف الكون ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: 40].
وكلماته سبحانه ليست ككلمات خلقه الضعاف المترددين المقهورين، فكلماته عز وجل لا تتغير ولا تتبدل ولا تتعطل؛ لأنها صادرة عن علم وحكمة وقدرة، فلا جهل يسبقها، ولا عجز يلحقها، ولا مكره له سبحانه عليها ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ [الكهف: 27]. وهي صدق في الأخبار، وعدل في الأقضية والأحكام، وكلمات هذا شأنها لا بد أن تكون ثابتة.
فيا لخيبة من استبدلوا كلمات الله تعالى بغيرها، وأعرضوا عن كتاب الله تعالى وعن شريعته، ويمموا وجوههم شطر أفكار البشر وفلسفاتهم يبحثون فيها قضايا الوجود والكون والموت والمصير، فنقلتهم من اليقين إلى الشك، ومن الإيمان إلى الجحود والإلحاد، فعاشوا تعساء في الدنيا، يمزقهم الشك والحيرة، ولعذاب الآخرة أخزى، وما لهم من الله من واق، وهذا جزاء المعرضين عن كلمات الله تعالى.
النصر والعاقبة
ومن آثار ثبات كلماته سبحانه في الدنيا: وعد المؤمنين بالنصر والعاقبة، فإن ذلك حتم لا يتغير، ووعد لا يتخلف، لأنه من كلمات الله تعالى ومن آثار ثبات كلماته سبحانه: أنه لا يوقع عقوبته إلا في أجلها المضروب لها سواء أكان في الدنيا كما في قول الله تعالى ﴿وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: 59] أو في الآخرة كما في تأخيره الفصل بين عباده في القضاء إلى يوم القيامة، فإنه مهما وقع منهم من ظلم وبغي وسفك للدماء، وسألوا الله تعالى فصل القضاء بينهم، فإنه لا يقع إلا يوم القيامة على مقتضى كلماته سبحانه، وجاء خبر ذلك في آيات عدة من كتاب الله تعالى ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾.
ومن آثار كلماته سبحانه: أنه مانح الهداية ومانعها، ولا تطلب الهداية من سواه فمن وفقه اهتدى، ومن خذله ضل وغوى ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ﴾ [يونس: 97].
أفضل خلقه
ومن آثار كلماته سبحانه: وفي أهل الكفر والعصيان قال تعالى ﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر: 6] وفي آية أخرى ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: 119] ويخاطب بكلماته سبحانه أفضل خلقه، وخاتم رسله فيقول ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾ [الزُّمر: 19] وهذه الآية يجب أن تتمثل للمؤمن في كل أحيانه، فيكررها بلسانه، ويعيها قلبه، ويخشاها على نفسه، ويلهج لسانه بدعاء الله تعالى يسأله الهداية، ويخاف أن يكون ممن حقت عليه كلمة العذاب. وكيف لا يفزع المؤمن منها وأفضل الخلق لا يستطيع إنقاذ من مضت فيه كلمة الله تعالى فحق عليه العذاب.
ومن عظيم كلمات الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بها، ويعلم أمته الاستعاذة بها، فكَانَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ» رواه البخاري.
وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» رواه مسلم. وفي السنة كان التعوذ بكلمات الله تعالى ذكراً يومياً، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: «أَمَا لَوْ قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ» رواه مسلم.
**********************************************************************************قال تعالى: «ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم». وقال السعدي رحمه الله في تفسير هذه الآية: ولو أن أشجار الأرض كلها بريت أقلاماً والبحر مداداً لها، ويمد بسبعة أبحر أخرى، وكتب بتلك الأقلام وذلك المداد كلمات الله، لتكسرت تلك الأقلام، ولنفد ذلك المداد، ولم تنفد كلمات الله التامة التي لا يحيط بها أحد، إن الله عزيز في انتقامه ممن أشرك به، حكيم في تدبير خلقه.
وفي الآية بيان لعظمة الله سبحانه وتعالى وإثبات صفة الكلام لله - تعالى - حقيقة كما يليق بجلاله وكماله سبحانه، يعظم العظيم من الخلق في عيون الخلق بقوة كلامه، ونفاذ أمره، وعجائب فعله، وكثرة صنائعه، وعدله في حكمه، وسيطرته على مملكته، وعلمه بأحوال رعيته، وخالق الخلق، ومدبر الأمر سبحانه وتعالى له القدرة التي ليست لخلقه، وما قدرة كل خلقه إلا من قدرته سبحانه، فهو عز وجل خالق كل شيء، وواهب كل موهوب.
تدبير الأمر
وكلمات الله تعالى من صفاته، وصفاته ليس لها ابتداء ولا انتهاء، فهو الأول الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، ومن آثار كلماته سبحانه خلق الخلق، وتدبير الأمر، وتصريف الكون ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: 40].
وكلماته سبحانه ليست ككلمات خلقه الضعاف المترددين المقهورين، فكلماته عز وجل لا تتغير ولا تتبدل ولا تتعطل؛ لأنها صادرة عن علم وحكمة وقدرة، فلا جهل يسبقها، ولا عجز يلحقها، ولا مكره له سبحانه عليها ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ [الكهف: 27]. وهي صدق في الأخبار، وعدل في الأقضية والأحكام، وكلمات هذا شأنها لا بد أن تكون ثابتة.
فيا لخيبة من استبدلوا كلمات الله تعالى بغيرها، وأعرضوا عن كتاب الله تعالى وعن شريعته، ويمموا وجوههم شطر أفكار البشر وفلسفاتهم يبحثون فيها قضايا الوجود والكون والموت والمصير، فنقلتهم من اليقين إلى الشك، ومن الإيمان إلى الجحود والإلحاد، فعاشوا تعساء في الدنيا، يمزقهم الشك والحيرة، ولعذاب الآخرة أخزى، وما لهم من الله من واق، وهذا جزاء المعرضين عن كلمات الله تعالى.
النصر والعاقبة
ومن آثار ثبات كلماته سبحانه في الدنيا: وعد المؤمنين بالنصر والعاقبة، فإن ذلك حتم لا يتغير، ووعد لا يتخلف، لأنه من كلمات الله تعالى ومن آثار ثبات كلماته سبحانه: أنه لا يوقع عقوبته إلا في أجلها المضروب لها سواء أكان في الدنيا كما في قول الله تعالى ﴿وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: 59] أو في الآخرة كما في تأخيره الفصل بين عباده في القضاء إلى يوم القيامة، فإنه مهما وقع منهم من ظلم وبغي وسفك للدماء، وسألوا الله تعالى فصل القضاء بينهم، فإنه لا يقع إلا يوم القيامة على مقتضى كلماته سبحانه، وجاء خبر ذلك في آيات عدة من كتاب الله تعالى ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾.
ومن آثار كلماته سبحانه: أنه مانح الهداية ومانعها، ولا تطلب الهداية من سواه فمن وفقه اهتدى، ومن خذله ضل وغوى ﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ﴾ [يونس: 97].
أفضل خلقه
ومن آثار كلماته سبحانه: وفي أهل الكفر والعصيان قال تعالى ﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ﴾ [غافر: 6] وفي آية أخرى ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: 119] ويخاطب بكلماته سبحانه أفضل خلقه، وخاتم رسله فيقول ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ العَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ﴾ [الزُّمر: 19] وهذه الآية يجب أن تتمثل للمؤمن في كل أحيانه، فيكررها بلسانه، ويعيها قلبه، ويخشاها على نفسه، ويلهج لسانه بدعاء الله تعالى يسأله الهداية، ويخاف أن يكون ممن حقت عليه كلمة العذاب. وكيف لا يفزع المؤمن منها وأفضل الخلق لا يستطيع إنقاذ من مضت فيه كلمة الله تعالى فحق عليه العذاب.
ومن عظيم كلمات الله تعالى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيذ بها، ويعلم أمته الاستعاذة بها، فكَانَ يُعَوِّذُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ أَبَاكُمَا كَانَ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لاَمَّةٍ» رواه البخاري.
وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ، حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ» رواه مسلم. وفي السنة كان التعوذ بكلمات الله تعالى ذكراً يومياً، كما في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ، قَالَ: «أَمَا لَوْ قُلْتَ، حِينَ أَمْسَيْتَ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ» رواه مسلم.
أشكو ضعف قوتي
اللهم كن لي مؤيداً وناصراً، وكن بي رؤوفاً رحيماً، يا خير المسؤولين، إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي، فارحمني بقدرتك علي، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر لي كل ذنب، واحفظني من كل جنب، وفرج عني كل كرب.
اللهم إني أسألك أن ترفع ذكري وتضع وزري، وتصلح أمري وتطهر قلبي وتحصن فرجي، وتنور قلبي وتغفر لي ذنبي، وأسألك الدرجات العلا من الجنة. اللهم يا الله، يا رباه، يا غوثاه، يا من يجيب المضطر إذا دعاه، يا من يسمع العبد إذا ناداه، أناديك يا الله، وأدعوك يا رباه، أن تكشف عني همي وتزيل غمي، يا كاشف الهم، ويا مزيل الغم، يا رحمن يا رحيم، يا عفو يا كريم، ارحمني وعافني، وشافني واعف عني، يا رب العالمين.
الله يا الله، يا رباه، يا غوثاه، يا من إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، أكرمني بإرادتك لي بالنجاح، والتوفيق، والعافية، والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة. إلهي من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفاً؟ ومن أولى بالعفو منك وعلمك بي سابق، وقضاؤك بي محيط؟ أطعتك بإذنك والمنتهى إليك، وعصيتك بعلمك والحجة لك، اللهم لا برادة لي من ذنب فأعتذر، ولا قوة لي فأنتصر، ولكني مذنب مستغفر، اللهم إنما هو محض حقك ومحض جنايتي، فإن عفوت وإلا فالحق لك.
اللهم فرغني لما خلقتني له ولا تشغلني بما خلقته لي ولا تحرمني وأنا أسألك ولا تعذبني وأنا أستغفرك
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم والمغرم.
**********************************************************************************اللهم كن لي مؤيداً وناصراً، وكن بي رؤوفاً رحيماً، يا خير المسؤولين، إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي، فارحمني بقدرتك علي، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم اغفر لي كل ذنب، واحفظني من كل جنب، وفرج عني كل كرب.
اللهم إني أسألك أن ترفع ذكري وتضع وزري، وتصلح أمري وتطهر قلبي وتحصن فرجي، وتنور قلبي وتغفر لي ذنبي، وأسألك الدرجات العلا من الجنة. اللهم يا الله، يا رباه، يا غوثاه، يا من يجيب المضطر إذا دعاه، يا من يسمع العبد إذا ناداه، أناديك يا الله، وأدعوك يا رباه، أن تكشف عني همي وتزيل غمي، يا كاشف الهم، ويا مزيل الغم، يا رحمن يا رحيم، يا عفو يا كريم، ارحمني وعافني، وشافني واعف عني، يا رب العالمين.
الله يا الله، يا رباه، يا غوثاه، يا من إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، أكرمني بإرادتك لي بالنجاح، والتوفيق، والعافية، والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة. إلهي من أولى بالزلل والتقصير مني وقد خلقتني ضعيفاً؟ ومن أولى بالعفو منك وعلمك بي سابق، وقضاؤك بي محيط؟ أطعتك بإذنك والمنتهى إليك، وعصيتك بعلمك والحجة لك، اللهم لا برادة لي من ذنب فأعتذر، ولا قوة لي فأنتصر، ولكني مذنب مستغفر، اللهم إنما هو محض حقك ومحض جنايتي، فإن عفوت وإلا فالحق لك.
اللهم فرغني لما خلقتني له ولا تشغلني بما خلقته لي ولا تحرمني وأنا أسألك ولا تعذبني وأنا أستغفرك
اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، وشر فتنة الغنى، وشر فتنة الفقر، اللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل قلبي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم والمغرم.
جاء شيخ كبير إلى مجلس الإمام الشافعى زمن الخليفة العباسي، فسأله: ما الدليل والبرهان في دين الله؟ فقال الشافعي: كتاب الله. فقال الشيخ: وماذا أيضا؟ قال: سنة رسول الله. قال الشيخ: وماذا أيضا؟
قال: اتفاق الأمة. قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟ فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام. فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس. فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوفّّه ما تولى ونصله جهنّم وساءت مصيرا}. فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا. فقال الشيخ: صدقت.
**********************************************************************************قال: اتفاق الأمة. قال الشيخ: من أين قلت اتفاق الأمة؟ فسكت الشافعي، فقال له الشيخ: سأمهلك ثلاثة أيام. فذهب الإمام الشافعى إلى بيته، وظل يقرأ ويبحث في الأمر. وبعد ثلاثة أيام جاء الشيخ إلى مجلس الشافعي، فسلم وجلس. فقال له الشافعي: قرأت القرآن في كل يوم وليلة ثلاث مرات، حتى هداني الله إلى قوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتّبع غير سبيل المؤمنين نوفّّه ما تولى ونصله جهنّم وساءت مصيرا}. فمن خالف ما اتفق عليه علماء المسلمين من غير دليل صحيح أدخله الله النار، وساءت مصيرا. فقال الشيخ: صدقت.
مواقف خالدة
كانت عائلة عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرتبطة مع يهود بني قينقاع بحلف قديم، حتى كانت الأيام التي تلت غزوة بدر وسبقت غزوة أحد، فشرع اليهود يتنمرون، وافتعلوا أسبابا للفتنة على المسلمين، فينبذ عبادة عهدهم وحلفهم قائلا «إنما أتولى الله ورسوله والمؤمنين» فيتنزل القرآن محييا موقفه وولائه
قال تعالى {ومن يَتَولّ اللّهَ ورَسُوله والذين آمنوا فإنّ حِزْبَ اللهِ هُمْ الغَالِبُون} سورة المائدة ( آية: 56)
أجمل ما قال أبو الطيب المتنبي وهي أشعار مشهورة بالحكمة والفائدة لكل من قرأها:
1- ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئاً ... كنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ
2- ومن أشهر أقوال المتنبي "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ"
3- وأما أشجع أقوال المتنبي "لا بقومي شُرّفت بل شُرّفوا بي ... وبنفسي فخرت لا بجدودي"
4- ومن أكثر أقوال وأشعار المتنبي حكمة "من لم يمت بالسيف مات بغيره ... تعددت الاسباب و الموت واحد"
5- أنا الغريق فما خوفي من البلل؟
6- ومن رومانسيات أقوال المتنبي "لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ ... حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه"
7- وَما ماضي الشبابِ بمستَردٍّ ... وَلا يَوم يمُر بمستعادِ
8- ومن أكثر أشعار المتنبي انتشارا قوله "وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل"
9- ومما تعلمناه عن المتنبي في الكتب والمكاتب قوله "أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ ... وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ"
10- وليس أروع من قول المتنبي "ما كل ما يتمناه المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"
11- إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
12- ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِيَ العُلَى ... أَكانَ تُراثاً ما تَناوَلتُ أم كَسْبا
13- إذا غامَرْتَ في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
14- وإذا كانتِ النُفوسُ كِباراً ... تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ
15- بِذا قَضَتِ الأَيَّامُ ما بينَ أَهلِها ... مَصائِبُ قَومٍ عِنْدَ قَومٍ فَوائِدُ
16- فطعم الموت فى أمر حقير ... كطعم الموت فى أمر عظيم
17- تريدين لقيان المعالي رخيصة ... لابد دون الشهد من إبر النحل
18- ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ ... يَجد مُرّاً به الماءَ الزُّلالا
19- على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
20- وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تموت جبانا
21- لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم ... الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ
22- إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَيَبْتَسِمُ
**********************************************************************************1- ولم أرَ في عُيوبِ الناس شَيئاً ... كنَقصِ القادِرِينَ على التَّمامِ
2- ومن أشهر أقوال المتنبي "ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعمُ"
3- وأما أشجع أقوال المتنبي "لا بقومي شُرّفت بل شُرّفوا بي ... وبنفسي فخرت لا بجدودي"
4- ومن أكثر أقوال وأشعار المتنبي حكمة "من لم يمت بالسيف مات بغيره ... تعددت الاسباب و الموت واحد"
5- أنا الغريق فما خوفي من البلل؟
6- ومن رومانسيات أقوال المتنبي "لا تَعذُل المُشتاقَ في أَشواقِهِ ... حتّى يَكُونَ حَشاكَ في أَحشائِه"
7- وَما ماضي الشبابِ بمستَردٍّ ... وَلا يَوم يمُر بمستعادِ
8- ومن أكثر أشعار المتنبي انتشارا قوله "وإذا أتتك مذمتي من ناقص ... فهي الشهادة لي بأني كامل"
9- ومما تعلمناه عن المتنبي في الكتب والمكاتب قوله "أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنَى سَرجُ سابِحٍ ... وخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كتابُ"
10- وليس أروع من قول المتنبي "ما كل ما يتمناه المرء يدركه ... تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"
11- إذا أنت أكرمت الكريم ملكته ... وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
12- ولَستُ أُبالي بَعْدَ إِدراكِيَ العُلَى ... أَكانَ تُراثاً ما تَناوَلتُ أم كَسْبا
13- إذا غامَرْتَ في شرف مروم ... فلا تقنع بما دون النجوم
14- وإذا كانتِ النُفوسُ كِباراً ... تَعِبَتْ في مُرادِها الأَجسامُ
15- بِذا قَضَتِ الأَيَّامُ ما بينَ أَهلِها ... مَصائِبُ قَومٍ عِنْدَ قَومٍ فَوائِدُ
16- فطعم الموت فى أمر حقير ... كطعم الموت فى أمر عظيم
17- تريدين لقيان المعالي رخيصة ... لابد دون الشهد من إبر النحل
18- ومَنْ يَكُ ذا فَمٍ مُرٍّ مَريضٍ ... يَجد مُرّاً به الماءَ الزُّلالا
19- على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
20- وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تموت جبانا
21- لولا المشقةُ سادَ الناسُ كُلَهم ... الجودُ يُفقِر والإقدامُ قَتَّالُ
22- إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً ... فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَيَبْتَسِمُ
الجــزء الـتـاسع عـشر
الإعراض عن القرآن عواقبه وخيمة
د . علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [21] من سورة الـفـرقـان، وحتى الآيـة [55] من سورة الـنـمـل، ومـمـا ورد فيـه:
(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) [الفرقان 30]:
إن الإعراض عن القرآن فقـط وليس هجـره، لـه عواقب وخيمـة في الدنيـا قبل الآخرة، ففي الدنيـا: (ومـن أظـلـم مـمـن ذكـر بآيات ربه فأعـرض عـنهـا ونسـي مـا قدمـت يداه إنا جـعـلـنا عـلـى قلـوبهـم أكـنة أن يفقهـوه وفي آذانهـم وقـراً وإن تدعـهـم إلـى الـهـدى فلـن يهـتدوا إذاً أبداً) [الكهف 57]، أما في الآخرة: (وآتيناك مـن لـدنا ذكـراً مـن أعـرض عـنه فإنه يحـمـل يوم الـقيامـة وزراً خـالـدين فيه سـاء لـهـم يوم الـقيـامـة حـمـلاً) [طـه 99]، وزراً: حمـلاً ثقـيلاً جـداً، ويجب هجر هذه الفئة: (فاعـرض عـن مـن تولـى عـن ذكـرنا ولـم يرد إلا الـحـياة الـدنيـا ذلـك مـبلـغـهـم مـن الـعـلـم إن ربك هـو أعـلـم بمـن ضـل عـن سـبيلـه وهـو أعـلـم بمـن اهـتدى)[النجم 29 / 30]، (ولا تطـع مـن أغـفلـنا قـلـبه عـن ذكـرنا واتبع هـواه وكـان أمـره فـرطـاً)[الكهف 28]، (وهـذا ذكـر مـبارك أنزلـناه فأنتـم لـه مـنـكـرون)[الأنبياء 50]، وقد أسـرفوا في تصديهم للنص القـرآني: (أفنضـرب عـنـكـم الـذكـر صـفحـاً أن كـنتم قومـاً مـسـرفين)[الزخرف 5]، وبالغوا في حربهم لأصحاب القرآن الكريم: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا)[الحج 72]، يسـطـون: يبطشـون، (تلـك آيات اللـه نتلـوهـا عـلـيك بالـحـق فبأي حـديثٍ بعـد اللـه وآياته يؤمـنون)[الجاثية 6].
(أخــاه هـارون وزيراً)[الفرقان 35]:
الأوزار: هي الأثقال بشكل عام: (حـمـلـنا أوزاراً مـن زينة الـقوم)[طه 87]، (حـتى تضع الـحـرب أوزارهـا)[محمد 4]، ومنه الوزيـر الذي يساعد الحاكم في حمل عبء مسؤولية السلطة: (واجـعـل لـي وزيـراً مـن أهـلـي هـارون أخـي)[طه 25]، (وجـعـلـنـا مـعـه أخــاه هـارون وزيراً)[الفرقان 35]، (ووضـعـنـا عـنـك وزرك الـذي أنقض ظـهـرك)[الشرح 2]، والـوزر: هو الملجـأ: (يقول الإنسـان يومـئـذ أين الـمـفـر كـلا لا وزر)[القيامة 10].
(وأصـحـاب الـرس)[الفرقان 38]:
(كـذبت قـبلـهـم قـوم نوح وأصـحـاب الـرس وثـمـود وعـاد وفـرعـون وإخـوان لـوط وأصـحـاب الأيـكـة وقوم تبع كـل كـذب الـرسـل)[ق 12]، أصـحـاب الـرس: أصحاب البئر الذي يجمع فيه الماء، ولم يوضح القرآن المزيد عنهم.
(الـقرية الـتي أمـطـرت مـطـر الـسـوء)[الفرقان 40]:
هم قوم لوط الذين سـكنوا في قريـة [سـدوم] التي تقع حالياً تحت جنوب البحـر الميت بفلسـطين، وقد ابتكروا للمرة الأولى اللواطـة [نسبة لقـوم لـوط] وهي معاشـرة الذكور جنسياً دون الإناث: (ولـوطـاً إذ قال لـقـومـه أتأتون الـفـاحـشـة مـا سـبقـكـم بها مـن أحـد مــن الـعـالـمـين أئـنكـم لـتأتون الـرجـال شـهـوة مـن دون الـنسـاء بل أنتـم قـوم مـسـرفون)[الأعراف 81]، (ولـوطـا إذ قـال لـقـومـه إنكـم لـتأتون الـفـاحـشـة مـا سـبقـكـم بها أحـد مــن الـعـالـمـين إنكـم لـتأتون الـرجـال)[العنكبوت 28]، (أتأتون الـذكـران مـن الـعـالـمـين)[الشعراء 165]، ومارسوا اللواطة علناً في ناديهم: (وتأتون في ناديكـم الـمـنكـر)[العنكبوت 29]، لذلك أهلكهم الله بعقاب متميز في شدته وقسوته إذ قلب قريتهم رأساً على عقب: (والـمـؤتفـكـة أهـوى)[النجم 53]، الـمـؤتفـكـة: المنقلبة، وهي قرية سدوم، ثم أحرق الجثث بحجارة حارقة من السماء، وبعد ذلك غطى المنطقة بمياه شديدة الملوحة [البحر الميت]، وربما كان ذلك بسبب إصابتهم بأمراض معدية حتى بعد الوفاة، ولم تنفع شفاعة إبراهيم عليه السلام لهم، فقد عاشوا على زمن إبراهيم حوالي 1700 قبل الميلاد: (فـلـمـا ذهـب عـن إبراهـيم الـروع وجـاءته الـبشـرى يجـادلـنا في قـوم لـوط يا إبراهـيم أعـرض عـن هـذا إنـه قـد جـاء أمـر ربك وإنهـم آتيهـم عـذاب غـير مـردود ولـمـا جـاءت رسـلـنا لـوطـا سـيء بهـم وضـاق بهـم ذرعـاً وقال هـذا يوم عـصـيب وجـاءه قومـه يهـرعـون إلـيه ومـن قبل كـانوا يعـمـلـون الـسـيئـات قال يا قوم هـؤلاء بناتي هـن أطـهـر لـكـم فاتقوا اللـه ولا تخـزوني في ضـيفي ألـيس مـنـكـم رجـل رشـيد قالـوا لـقد عـلـمـت مـا لـنا في بناتك مـن حـق وإنـك لـتعـلـم مـا نريد قالـوا يا لـوط إنا رسـل ربك لـن يصـلـوا إلـيك فأسـر بأهـلـك بقـطـع مـن اللـيل ولا يلـتفـت مـنكـم أحـد إلا امـرأتك إنه مـصـيـبهـا مـا أصـابهـم إن مـوعـدهـم الـصـبح ألـيس الـصـبح بقـريب فـلـمـا جـاء أمـرنا جـعـلـنا عـالـيهـا سـافـلـهـا وأمـطـرنا عـلـيهـا حـجـارة مـن سـجـيل مـنضـود)[هود 74]، (قالـوا إنا أرسـلـنا إلـى قـوم مـجـرمـين لـنرسـل عـلـيهـم حـجـارة مـن طـين)[الذاريات 32 / 33]، (ولـمـا جـاءت رسـلـنا إبراهـيم بالـبشـرى قـالـوا إنـا مـهـلـكـو أهـل هـذه الـقـرية قال إن فيهـا لـوطـاً قالـوا نحـن أعـلـم بـمـن فيهـا لـننجـينـه وأهـلـه إلا امـرأته)[العنكبوت 31]، (فجـعـلـنا عـالـيهـا سـافـلـهـا وأمـطـرنا عـلـيهـم حـجـارة مـن سـجـيل)[الحجر 76]، (وأمـطـرنا عـلـيهـم مـطـراً فسـاء مـطـر الـمـنذرين)[الشعراء 173][النمل 58]، (الـقرية الـتي أمـطـرت مـطـر الـسـوء)[الفرقان 40].
(إلى ربـك كـيف مـد الـظـل)[الفرقان 45]:
عند الصـباح يتداخـل النهار مع الليل، ولا يزيحـه ليحل محله بشكل كامل، أما عند المساء فإن النهار ينسـلخ من الليل ليبقى الليل فقط بشكل كامل 100%، (وآيـة لـهـم اللـيل نسـلـخ مـنـه الـنهـار فـإذا هـم مـظـلـمـون)[يس 37]، وفي هذه الحالة يبدو الليل وكأنه يتبـع النهـار: (يغـشـي اللـيل الـنهـار يطـلـبه حـثيـثاً)[الأعراف 54]، لذلك: (ولا اللـيل ســابق الـنهـار)[يس 40]، فاللـيل يتبـع النهـار، ولا يسـبقه.
إذاً يوجد ليـل بشـكل كـامل ولا يوجد نهار بشكل كامل، فالنهـار يوجد فيه ليـل نسـبي: (واللـيل إذا يســر)[الفجر 4]، وهذا ما يسبب حدوث الـظل، فالظـل هـو ليـل نسـبي، أي: بالمفهوم الفيزيـائي، والذي كشـفه القرآن الكريم: ضـوء النهـار [بكل أطيافـه اللونيـة]، ما عـدا الأمواج الحمراء وما تحت الحمراء، وهي الأمواج المسؤولة عن حمل الحرارة، فقد قال تعالى: (ومـا يسـتوي الأعـمـى والـبـصـير ولا الـظـلـمـات والـنور ولا الـظـل ولا الـحـرور)[فاطر 19 / 21]، فنلاحظ بوضوح كيف قـارن الظل مع الحـرور، أي أن الظل ضده الحـرور، [فالظـل إذاً: هو ألوان طيف الشمس مـا عدا الأشـعة الحمراء والأشعة ما تحت الحمراء]: (أولـم يروا إلـى مـا خـلـق اللـه مـن شـيء يتفـيـئـوا ظـلالـه عـن الـيمـين والـشـمـائل)[النحل 48]، (واللـه جـعـل لـكـم مـمـا خـلـق ظـلالاً)[النحل 81]، فالظلال عمل إلهي مباشـر: (ألـم تـر إلـى ربـك كـيف مـد الـظـل ولـو شـاء لـجـعـلـه سـاكـناً ثـم جـعـلـنا الـشـمـس عـلـيه دلـيلاً ثم قـبضـناه إلـينا قبضـاً يـسـيراً)[الفرقان 45 / 46]، سـاكـناً: مهما تحـرك المصدر الضوئي، الـشـمـس عـلـيه دلـيلاً: فالشمس كاشـفة للظل وليست صانعة.
الحرب في الإسلام لدفع العدوان فقط
اللـغـو: الكـلام عديم الفائـدة
(وجاهدهم بـه جهـاداً كبيراً)[الفرقان 52]:
إن الجهاد الكبير في الإسلام هو: [جهـاد فكري]، قال تعالى عن القرآن الكريم: (وجاهدهم بـه جهـاداً كبيراً)[الفرقان 52]، أي جاهدهم بالقرآن وبالفكر والحوار جهاداً كبيراً، أما الحرب في الإسلام فهي حالة [استثنائية] لـدفع العدوان فقط، لذلك قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)[البقرة 190]، نلاحظ أن الآية الكريمة بدأت بكلمة (قاتلوا) وليس [اقتلوا]، أي (قاتلوا) الذين يقاتلونكم فقط، ولا تعتدوا على أحد أبداً، لأن الله (لا يحب المعتدين) أياً كانوا، وقد أوضح سبحانه ذلك فقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله)[البقرة 194]، أما باقي الناس فيجب معاملتهم بكل احترام ومحبة لقوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لـم يقاتلوكم في الدين ولـم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)[الممتحنة 8]، وبذلك يوضح الإسلام أن أصل العلاقات مع الآخرين هي [السلم العادل] سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى الشعوب والدول، وقد حذر القرآن الكريم عدم التقيد بالأوامر التي مرت في الآيات السابقة، فقال تعالى: (فإن زللتم من بعـد ما جاءكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)[البقرة 209]، أي إذا زللتم عن هذه التعليمات بعدما أوضحناها لكم، فإن الله (عزيز) عنكم وليس بحاجة لكم، لأن هذه الأوامر فيها الحكمة والمنطق ويجب أن تطبق.
أما مـا يقال إنها [آية السيف] والتي هي قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يـد وهم صـاغرون)[التوبة 29]، فنلاحظ أنها أيضاً بدأت بكلمة: (قاتلوا) أي قاتلوهم فقط إذا قاتلوكم وكانوا هم البادئين، وفي هذا المجال نجد الحديث الشريف: [أمـرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلـه إلا الله ........]، فهذا الحديث وردت فيه كلمة [أقاتل] وليس [أقتل]، أي أقاتلهم إذا قاتلوني، وأرغمهم على الجزية، ولذلك فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لم يشـن أي حملة عسكرية على القبائل الكافرة المجاورة له، لأن الله قد أمره صراحة أن لا يكره أحداً على الإيمان: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)[يونس 99]، أي تكفي المشيئة الإلهية كي يؤمن كل الناس ولا داعي للمعارك من أجل ذلك، فالإرادة الإلهية تقضي أن يبقى الناس مختلفين في معتقداتهم، قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)[هود 118]، إن الدين الإسلامي هو دين: [السلام عليكم]، وبهذا أمر الله المؤمنين: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)[البقرة 208].
(مـرج الـبحـرين هـذا عـذب فرات وهـذا مـلـح أجـاج)[الفرقان 53]:
البحـران: النهـر والبحـر: (مـرج الـبحـرين يلـتـقـيان بينهـمـا برزخ)[الرحمن 19]، (ومـا يسـتوي الـبحـران هـذا عـذب فرات ... وهـذا مـلـح أجـاج)[فاطر 12]، (وجـعـل بين الـبحـرين حـاجـزاً)[النمل61]، (وهـو الـذي مـرج الـبحـرين هـذا عـذب فرات وهـذا مـلـح أجـاج وجـعـل بينهـمـا برزخاً وحـجـراً مـحـجـوراً)[الفرقان 53]، عـذب فرات: مـاء النهـر، مـلـح أجـاج: مـاء البحـر المالح جـداً، برزخاً وحـجـراً مـحـجـوراً: حاجز يمنع الاختلاط وتغيير المواصفات.
(للـمـتـقين إمـامـاً)[الفرقان 74]:
لكي يصبح الإنسان إمامـاً للمتقـين: (وعـباد الـرحـمـن الـذين يمـشـون عـلـى الأرض هـوناً وإذا خـاطـبهـم الـجـاهـلـون قـالـوا سـلامـاً والـذين يبيتون لـربهـم سـجـداً وقـيامـاً والـذين يقـولـون ربـنا اصـرف عـنـا عـذاب جـهـنـم إن عذابها كان غراماً إنها ساءت مستقراً ومقاماً والـذين إذا أنفـقـوا لـم يسـرفوا ولـم يقـتروا وكان بين ذلك قواماً والـذين لا يدعـون مـع اللـه إلهـاً آخـر ولا يقـتـلـون الـنفـس الـتي حـرم اللـه إلا بالـحـق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً، ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متابا والـذين لا يشـهـدون الـزور وإذا مـروا باللـغـو مـروا كـرامـاً والـذين إذا ذكـروا بآيات ربهـم لـم يخـروا عـلـيهـا صـمـاً وعـمـياناً والـذين يقولـون ربنا هـب لـنا مـن أزواجـنا وذرياتنا قـرة أعـينٍ واجـعـلـنا للـمـتـقين إمـامـاً)[الفرقان 63 / 74]، هذه شروط [إمـام المتقـين]، باللـغـو: الكـلام عديم الفائـدة، لـم يخـروا: بالسجود في الصلاة، أي يفهمون معنى الآيات التي يقولونها في صلاتهم.
والتقـوى هي درجة عليـا في الطاعـة والتقرب إلى اللـه، لذلك أمـر رسـوله الكريم بها: (يا أيهـا الـنبي اتق اللـه)[الأحزاب 1]، فنفذ صلى الله عليه وسلم الأمر، فأصبح الأتقى [صيغة المبالغة من التقي]: (الأتقى الـذي يؤتـى مالـه يتزكـى وما لأحـد عـنده مـن نعـمـة تجـزى إلا ابتغـاء وجـه ربه الأعـلـى ولـسـوف يرضـى)[الليل 17 / 21]، فحصل بحق على هـذه الميزة: (ولـسـوف يعـطـيـك ربك فترضـى)[الضحى 4]، وحصل بحق على الوسـيلة [المقام المحمود].
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الإعراض عن القرآن عواقبه وخيمة
د . علي منصور كيالي
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [21] من سورة الـفـرقـان، وحتى الآيـة [55] من سورة الـنـمـل، ومـمـا ورد فيـه:
(وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) [الفرقان 30]:
إن الإعراض عن القرآن فقـط وليس هجـره، لـه عواقب وخيمـة في الدنيـا قبل الآخرة، ففي الدنيـا: (ومـن أظـلـم مـمـن ذكـر بآيات ربه فأعـرض عـنهـا ونسـي مـا قدمـت يداه إنا جـعـلـنا عـلـى قلـوبهـم أكـنة أن يفقهـوه وفي آذانهـم وقـراً وإن تدعـهـم إلـى الـهـدى فلـن يهـتدوا إذاً أبداً) [الكهف 57]، أما في الآخرة: (وآتيناك مـن لـدنا ذكـراً مـن أعـرض عـنه فإنه يحـمـل يوم الـقيامـة وزراً خـالـدين فيه سـاء لـهـم يوم الـقيـامـة حـمـلاً) [طـه 99]، وزراً: حمـلاً ثقـيلاً جـداً، ويجب هجر هذه الفئة: (فاعـرض عـن مـن تولـى عـن ذكـرنا ولـم يرد إلا الـحـياة الـدنيـا ذلـك مـبلـغـهـم مـن الـعـلـم إن ربك هـو أعـلـم بمـن ضـل عـن سـبيلـه وهـو أعـلـم بمـن اهـتدى)[النجم 29 / 30]، (ولا تطـع مـن أغـفلـنا قـلـبه عـن ذكـرنا واتبع هـواه وكـان أمـره فـرطـاً)[الكهف 28]، (وهـذا ذكـر مـبارك أنزلـناه فأنتـم لـه مـنـكـرون)[الأنبياء 50]، وقد أسـرفوا في تصديهم للنص القـرآني: (أفنضـرب عـنـكـم الـذكـر صـفحـاً أن كـنتم قومـاً مـسـرفين)[الزخرف 5]، وبالغوا في حربهم لأصحاب القرآن الكريم: (وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا)[الحج 72]، يسـطـون: يبطشـون، (تلـك آيات اللـه نتلـوهـا عـلـيك بالـحـق فبأي حـديثٍ بعـد اللـه وآياته يؤمـنون)[الجاثية 6].
(أخــاه هـارون وزيراً)[الفرقان 35]:
الأوزار: هي الأثقال بشكل عام: (حـمـلـنا أوزاراً مـن زينة الـقوم)[طه 87]، (حـتى تضع الـحـرب أوزارهـا)[محمد 4]، ومنه الوزيـر الذي يساعد الحاكم في حمل عبء مسؤولية السلطة: (واجـعـل لـي وزيـراً مـن أهـلـي هـارون أخـي)[طه 25]، (وجـعـلـنـا مـعـه أخــاه هـارون وزيراً)[الفرقان 35]، (ووضـعـنـا عـنـك وزرك الـذي أنقض ظـهـرك)[الشرح 2]، والـوزر: هو الملجـأ: (يقول الإنسـان يومـئـذ أين الـمـفـر كـلا لا وزر)[القيامة 10].
(وأصـحـاب الـرس)[الفرقان 38]:
(كـذبت قـبلـهـم قـوم نوح وأصـحـاب الـرس وثـمـود وعـاد وفـرعـون وإخـوان لـوط وأصـحـاب الأيـكـة وقوم تبع كـل كـذب الـرسـل)[ق 12]، أصـحـاب الـرس: أصحاب البئر الذي يجمع فيه الماء، ولم يوضح القرآن المزيد عنهم.
(الـقرية الـتي أمـطـرت مـطـر الـسـوء)[الفرقان 40]:
هم قوم لوط الذين سـكنوا في قريـة [سـدوم] التي تقع حالياً تحت جنوب البحـر الميت بفلسـطين، وقد ابتكروا للمرة الأولى اللواطـة [نسبة لقـوم لـوط] وهي معاشـرة الذكور جنسياً دون الإناث: (ولـوطـاً إذ قال لـقـومـه أتأتون الـفـاحـشـة مـا سـبقـكـم بها مـن أحـد مــن الـعـالـمـين أئـنكـم لـتأتون الـرجـال شـهـوة مـن دون الـنسـاء بل أنتـم قـوم مـسـرفون)[الأعراف 81]، (ولـوطـا إذ قـال لـقـومـه إنكـم لـتأتون الـفـاحـشـة مـا سـبقـكـم بها أحـد مــن الـعـالـمـين إنكـم لـتأتون الـرجـال)[العنكبوت 28]، (أتأتون الـذكـران مـن الـعـالـمـين)[الشعراء 165]، ومارسوا اللواطة علناً في ناديهم: (وتأتون في ناديكـم الـمـنكـر)[العنكبوت 29]، لذلك أهلكهم الله بعقاب متميز في شدته وقسوته إذ قلب قريتهم رأساً على عقب: (والـمـؤتفـكـة أهـوى)[النجم 53]، الـمـؤتفـكـة: المنقلبة، وهي قرية سدوم، ثم أحرق الجثث بحجارة حارقة من السماء، وبعد ذلك غطى المنطقة بمياه شديدة الملوحة [البحر الميت]، وربما كان ذلك بسبب إصابتهم بأمراض معدية حتى بعد الوفاة، ولم تنفع شفاعة إبراهيم عليه السلام لهم، فقد عاشوا على زمن إبراهيم حوالي 1700 قبل الميلاد: (فـلـمـا ذهـب عـن إبراهـيم الـروع وجـاءته الـبشـرى يجـادلـنا في قـوم لـوط يا إبراهـيم أعـرض عـن هـذا إنـه قـد جـاء أمـر ربك وإنهـم آتيهـم عـذاب غـير مـردود ولـمـا جـاءت رسـلـنا لـوطـا سـيء بهـم وضـاق بهـم ذرعـاً وقال هـذا يوم عـصـيب وجـاءه قومـه يهـرعـون إلـيه ومـن قبل كـانوا يعـمـلـون الـسـيئـات قال يا قوم هـؤلاء بناتي هـن أطـهـر لـكـم فاتقوا اللـه ولا تخـزوني في ضـيفي ألـيس مـنـكـم رجـل رشـيد قالـوا لـقد عـلـمـت مـا لـنا في بناتك مـن حـق وإنـك لـتعـلـم مـا نريد قالـوا يا لـوط إنا رسـل ربك لـن يصـلـوا إلـيك فأسـر بأهـلـك بقـطـع مـن اللـيل ولا يلـتفـت مـنكـم أحـد إلا امـرأتك إنه مـصـيـبهـا مـا أصـابهـم إن مـوعـدهـم الـصـبح ألـيس الـصـبح بقـريب فـلـمـا جـاء أمـرنا جـعـلـنا عـالـيهـا سـافـلـهـا وأمـطـرنا عـلـيهـا حـجـارة مـن سـجـيل مـنضـود)[هود 74]، (قالـوا إنا أرسـلـنا إلـى قـوم مـجـرمـين لـنرسـل عـلـيهـم حـجـارة مـن طـين)[الذاريات 32 / 33]، (ولـمـا جـاءت رسـلـنا إبراهـيم بالـبشـرى قـالـوا إنـا مـهـلـكـو أهـل هـذه الـقـرية قال إن فيهـا لـوطـاً قالـوا نحـن أعـلـم بـمـن فيهـا لـننجـينـه وأهـلـه إلا امـرأته)[العنكبوت 31]، (فجـعـلـنا عـالـيهـا سـافـلـهـا وأمـطـرنا عـلـيهـم حـجـارة مـن سـجـيل)[الحجر 76]، (وأمـطـرنا عـلـيهـم مـطـراً فسـاء مـطـر الـمـنذرين)[الشعراء 173][النمل 58]، (الـقرية الـتي أمـطـرت مـطـر الـسـوء)[الفرقان 40].
(إلى ربـك كـيف مـد الـظـل)[الفرقان 45]:
عند الصـباح يتداخـل النهار مع الليل، ولا يزيحـه ليحل محله بشكل كامل، أما عند المساء فإن النهار ينسـلخ من الليل ليبقى الليل فقط بشكل كامل 100%، (وآيـة لـهـم اللـيل نسـلـخ مـنـه الـنهـار فـإذا هـم مـظـلـمـون)[يس 37]، وفي هذه الحالة يبدو الليل وكأنه يتبـع النهـار: (يغـشـي اللـيل الـنهـار يطـلـبه حـثيـثاً)[الأعراف 54]، لذلك: (ولا اللـيل ســابق الـنهـار)[يس 40]، فاللـيل يتبـع النهـار، ولا يسـبقه.
إذاً يوجد ليـل بشـكل كـامل ولا يوجد نهار بشكل كامل، فالنهـار يوجد فيه ليـل نسـبي: (واللـيل إذا يســر)[الفجر 4]، وهذا ما يسبب حدوث الـظل، فالظـل هـو ليـل نسـبي، أي: بالمفهوم الفيزيـائي، والذي كشـفه القرآن الكريم: ضـوء النهـار [بكل أطيافـه اللونيـة]، ما عـدا الأمواج الحمراء وما تحت الحمراء، وهي الأمواج المسؤولة عن حمل الحرارة، فقد قال تعالى: (ومـا يسـتوي الأعـمـى والـبـصـير ولا الـظـلـمـات والـنور ولا الـظـل ولا الـحـرور)[فاطر 19 / 21]، فنلاحظ بوضوح كيف قـارن الظل مع الحـرور، أي أن الظل ضده الحـرور، [فالظـل إذاً: هو ألوان طيف الشمس مـا عدا الأشـعة الحمراء والأشعة ما تحت الحمراء]: (أولـم يروا إلـى مـا خـلـق اللـه مـن شـيء يتفـيـئـوا ظـلالـه عـن الـيمـين والـشـمـائل)[النحل 48]، (واللـه جـعـل لـكـم مـمـا خـلـق ظـلالاً)[النحل 81]، فالظلال عمل إلهي مباشـر: (ألـم تـر إلـى ربـك كـيف مـد الـظـل ولـو شـاء لـجـعـلـه سـاكـناً ثـم جـعـلـنا الـشـمـس عـلـيه دلـيلاً ثم قـبضـناه إلـينا قبضـاً يـسـيراً)[الفرقان 45 / 46]، سـاكـناً: مهما تحـرك المصدر الضوئي، الـشـمـس عـلـيه دلـيلاً: فالشمس كاشـفة للظل وليست صانعة.
الحرب في الإسلام لدفع العدوان فقط
اللـغـو: الكـلام عديم الفائـدة
(وجاهدهم بـه جهـاداً كبيراً)[الفرقان 52]:
إن الجهاد الكبير في الإسلام هو: [جهـاد فكري]، قال تعالى عن القرآن الكريم: (وجاهدهم بـه جهـاداً كبيراً)[الفرقان 52]، أي جاهدهم بالقرآن وبالفكر والحوار جهاداً كبيراً، أما الحرب في الإسلام فهي حالة [استثنائية] لـدفع العدوان فقط، لذلك قال تعالى: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)[البقرة 190]، نلاحظ أن الآية الكريمة بدأت بكلمة (قاتلوا) وليس [اقتلوا]، أي (قاتلوا) الذين يقاتلونكم فقط، ولا تعتدوا على أحد أبداً، لأن الله (لا يحب المعتدين) أياً كانوا، وقد أوضح سبحانه ذلك فقال: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله)[البقرة 194]، أما باقي الناس فيجب معاملتهم بكل احترام ومحبة لقوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لـم يقاتلوكم في الدين ولـم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم)[الممتحنة 8]، وبذلك يوضح الإسلام أن أصل العلاقات مع الآخرين هي [السلم العادل] سواء على مستوى الأفراد أم على مستوى الشعوب والدول، وقد حذر القرآن الكريم عدم التقيد بالأوامر التي مرت في الآيات السابقة، فقال تعالى: (فإن زللتم من بعـد ما جاءكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم)[البقرة 209]، أي إذا زللتم عن هذه التعليمات بعدما أوضحناها لكم، فإن الله (عزيز) عنكم وليس بحاجة لكم، لأن هذه الأوامر فيها الحكمة والمنطق ويجب أن تطبق.
أما مـا يقال إنها [آية السيف] والتي هي قوله تعالى: (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يـد وهم صـاغرون)[التوبة 29]، فنلاحظ أنها أيضاً بدأت بكلمة: (قاتلوا) أي قاتلوهم فقط إذا قاتلوكم وكانوا هم البادئين، وفي هذا المجال نجد الحديث الشريف: [أمـرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلـه إلا الله ........]، فهذا الحديث وردت فيه كلمة [أقاتل] وليس [أقتل]، أي أقاتلهم إذا قاتلوني، وأرغمهم على الجزية، ولذلك فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لم يشـن أي حملة عسكرية على القبائل الكافرة المجاورة له، لأن الله قد أمره صراحة أن لا يكره أحداً على الإيمان: (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)[يونس 99]، أي تكفي المشيئة الإلهية كي يؤمن كل الناس ولا داعي للمعارك من أجل ذلك، فالإرادة الإلهية تقضي أن يبقى الناس مختلفين في معتقداتهم، قال تعالى: (ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم)[هود 118]، إن الدين الإسلامي هو دين: [السلام عليكم]، وبهذا أمر الله المؤمنين: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة)[البقرة 208].
(مـرج الـبحـرين هـذا عـذب فرات وهـذا مـلـح أجـاج)[الفرقان 53]:
البحـران: النهـر والبحـر: (مـرج الـبحـرين يلـتـقـيان بينهـمـا برزخ)[الرحمن 19]، (ومـا يسـتوي الـبحـران هـذا عـذب فرات ... وهـذا مـلـح أجـاج)[فاطر 12]، (وجـعـل بين الـبحـرين حـاجـزاً)[النمل61]، (وهـو الـذي مـرج الـبحـرين هـذا عـذب فرات وهـذا مـلـح أجـاج وجـعـل بينهـمـا برزخاً وحـجـراً مـحـجـوراً)[الفرقان 53]، عـذب فرات: مـاء النهـر، مـلـح أجـاج: مـاء البحـر المالح جـداً، برزخاً وحـجـراً مـحـجـوراً: حاجز يمنع الاختلاط وتغيير المواصفات.
(للـمـتـقين إمـامـاً)[الفرقان 74]:
لكي يصبح الإنسان إمامـاً للمتقـين: (وعـباد الـرحـمـن الـذين يمـشـون عـلـى الأرض هـوناً وإذا خـاطـبهـم الـجـاهـلـون قـالـوا سـلامـاً والـذين يبيتون لـربهـم سـجـداً وقـيامـاً والـذين يقـولـون ربـنا اصـرف عـنـا عـذاب جـهـنـم إن عذابها كان غراماً إنها ساءت مستقراً ومقاماً والـذين إذا أنفـقـوا لـم يسـرفوا ولـم يقـتروا وكان بين ذلك قواماً والـذين لا يدعـون مـع اللـه إلهـاً آخـر ولا يقـتـلـون الـنفـس الـتي حـرم اللـه إلا بالـحـق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسناتٍ وكان الله غفوراً رحيماً، ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متابا والـذين لا يشـهـدون الـزور وإذا مـروا باللـغـو مـروا كـرامـاً والـذين إذا ذكـروا بآيات ربهـم لـم يخـروا عـلـيهـا صـمـاً وعـمـياناً والـذين يقولـون ربنا هـب لـنا مـن أزواجـنا وذرياتنا قـرة أعـينٍ واجـعـلـنا للـمـتـقين إمـامـاً)[الفرقان 63 / 74]، هذه شروط [إمـام المتقـين]، باللـغـو: الكـلام عديم الفائـدة، لـم يخـروا: بالسجود في الصلاة، أي يفهمون معنى الآيات التي يقولونها في صلاتهم.
والتقـوى هي درجة عليـا في الطاعـة والتقرب إلى اللـه، لذلك أمـر رسـوله الكريم بها: (يا أيهـا الـنبي اتق اللـه)[الأحزاب 1]، فنفذ صلى الله عليه وسلم الأمر، فأصبح الأتقى [صيغة المبالغة من التقي]: (الأتقى الـذي يؤتـى مالـه يتزكـى وما لأحـد عـنده مـن نعـمـة تجـزى إلا ابتغـاء وجـه ربه الأعـلـى ولـسـوف يرضـى)[الليل 17 / 21]، فحصل بحق على هـذه الميزة: (ولـسـوف يعـطـيـك ربك فترضـى)[الضحى 4]، وحصل بحق على الوسـيلة [المقام المحمود].
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
22رمضان 1436هـ -09 يوليو 2015م
الأَبُّ.. طعام البهائم من الكلأ والمرعى
ضرب الله أمثالاً كثيرة يستدل بها الإنسان في مواضع مسيرة حياته في الكتاب والسنة، حيث قال الله عز وجل: (وفاكهة وأبّا)، قال ابن كثير في تفسير الآية: أما الفاكهة فهي ما يتفكه بها من الثمار، وقال ابن عباس: الفاكهة كل ما أكل رطْباً، والأبُّ ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس، وهو الحشيش للبهائم.
عَنْ أَنَس قَالَ: قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الآيَةِ: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا) قَالَ: عَرَفْنَا مَا الْفَاكِهَةُ، فَمَا الأَبُّ؟ فَقَالَ: لَعَمْرُكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ.
تناقض الوسطية
فالتكلف في الدين أمر منهي عنه في جميع أحكامه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهينا عن التكلف». رواه البخاري.
وعن مسروق قال: دخلنا على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}. رواه البخاري.
الوسطية
إن الوسطية منهج يسري في كل أصول الدين وفروعه، كما يسري الماء في عود النبات الأخضر، ومنهج الوسطية في العبادة، فالإسلام قد جاء بمنهج، توسَّط فيه بين الإفراط الذي فيه جور على النفس وتسئيم لها، والتفريط الذي فيه حرمانها من حظها من العبادة التي لا تصلح ولا تزكو إلا بها.
ولعل من أهم ما يرسم منهج الوسطية في العبادة: تلك الأحاديث الثلاثة: عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي، يسألون عن عبادته، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي، صلى الله عليه وسلم؟ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر. فقال أحدهم: أمّا أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء أبدًا. فجاء رسول الله، فقال: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وعن أنس بن مالك قال: «دخل النبي، المسجد، فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ فقالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت به، فقال النبي: حلّوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد».
وعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي، دخل وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملّوا وكان أحبّ الدّين إليه ما داوم عليه صاحبه.
وهذه الأحاديث – وما في معناها – جاءت موافقة لما في القرآن في أمره بالوسطية في العبادة، وتشنيعه على من خرج عنها.
مال جزيل
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة «وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزَوْرِك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه.
قال ابن كثير: أي جهدكم وطاقتكم، وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله – تعالى: (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قال: لما نـزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرّحت جباههم فأنـزل الله – تعالى – هذه الآية، تخفيفًا على المسلمين: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فنسخت الآية الأولى.
التمسك بالسنة
تتأتى متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستمساك بسنته واتباع هديه عليه الصلاة والسلام فما من خير إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا حذرنا منه بل وحثنا عليه الصلاة والسلام بالاستمساك بسنته والعض عليها، قال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة".
فمن ثمار التمسك بالسنة أنك تعصم نفسك بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه، تعصم نفسك عن الاختلاف المذموم، تعصم نفسك عن الدخول في أمور الاختلاف والفرقة التي ذمها الإسلام بأن تتمسك بالسنة وهذا معيار من الرسول صلى الله عليه وسلم نعلِّمه ونُلقِّنُه للناس، نقول لهم إذا جاءكم أمر من الأمور والتبست عليكم الأمور وما عرفتم هل هذا الأمر يجوز أو لا يجوز؛ فانظروا هل كان عليه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا ضابط علمنا إياه صلى الله عليه وسلم، فنسلَمُ بذلك من التكلف.
******************************************************************ضرب الله أمثالاً كثيرة يستدل بها الإنسان في مواضع مسيرة حياته في الكتاب والسنة، حيث قال الله عز وجل: (وفاكهة وأبّا)، قال ابن كثير في تفسير الآية: أما الفاكهة فهي ما يتفكه بها من الثمار، وقال ابن عباس: الفاكهة كل ما أكل رطْباً، والأبُّ ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس، وهو الحشيش للبهائم.
عَنْ أَنَس قَالَ: قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الآيَةِ: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا) قَالَ: عَرَفْنَا مَا الْفَاكِهَةُ، فَمَا الأَبُّ؟ فَقَالَ: لَعَمْرُكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ.
تناقض الوسطية
فالتكلف في الدين أمر منهي عنه في جميع أحكامه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهينا عن التكلف». رواه البخاري.
وعن مسروق قال: دخلنا على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}. رواه البخاري.
الوسطية
إن الوسطية منهج يسري في كل أصول الدين وفروعه، كما يسري الماء في عود النبات الأخضر، ومنهج الوسطية في العبادة، فالإسلام قد جاء بمنهج، توسَّط فيه بين الإفراط الذي فيه جور على النفس وتسئيم لها، والتفريط الذي فيه حرمانها من حظها من العبادة التي لا تصلح ولا تزكو إلا بها.
ولعل من أهم ما يرسم منهج الوسطية في العبادة: تلك الأحاديث الثلاثة: عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي، يسألون عن عبادته، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي، صلى الله عليه وسلم؟ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر. فقال أحدهم: أمّا أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء أبدًا. فجاء رسول الله، فقال: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وعن أنس بن مالك قال: «دخل النبي، المسجد، فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ فقالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت به، فقال النبي: حلّوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد».
وعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي، دخل وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملّوا وكان أحبّ الدّين إليه ما داوم عليه صاحبه.
وهذه الأحاديث – وما في معناها – جاءت موافقة لما في القرآن في أمره بالوسطية في العبادة، وتشنيعه على من خرج عنها.
مال جزيل
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة «وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزَوْرِك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه.
قال ابن كثير: أي جهدكم وطاقتكم، وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله – تعالى: (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قال: لما نـزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرّحت جباههم فأنـزل الله – تعالى – هذه الآية، تخفيفًا على المسلمين: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فنسخت الآية الأولى.
التمسك بالسنة
تتأتى متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستمساك بسنته واتباع هديه عليه الصلاة والسلام فما من خير إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا حذرنا منه بل وحثنا عليه الصلاة والسلام بالاستمساك بسنته والعض عليها، قال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة".
فمن ثمار التمسك بالسنة أنك تعصم نفسك بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه، تعصم نفسك عن الاختلاف المذموم، تعصم نفسك عن الدخول في أمور الاختلاف والفرقة التي ذمها الإسلام بأن تتمسك بالسنة وهذا معيار من الرسول صلى الله عليه وسلم نعلِّمه ونُلقِّنُه للناس، نقول لهم إذا جاءكم أمر من الأمور والتبست عليكم الأمور وما عرفتم هل هذا الأمر يجوز أو لا يجوز؛ فانظروا هل كان عليه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا ضابط علمنا إياه صلى الله عليه وسلم، فنسلَمُ بذلك من التكلف.
قلب خاشع
اللهم أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكي وشركي، بك أستنصر فانصرني، وعليك أتوكك فلا تكلني، وببابك أقف فلا تطردني، وإياك أسأل فلا تخيبني، وفي فضلت أرغب فلا تحرمني. اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وأعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم إني أسألك رزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اجعلني من أحسن عبادك نصيباً عندك، وأقربهم منزلة منك، وأخصهم زلفى لديك، فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك، فجد لي بجودك، واعطف علي بمجدك وأقل عثرتي واغفر لي زلتي واجعل لساني بذكرك لهاجاً وقلبي بحبك متيماً، ومُنَّ عليّ بحسن إجابتك، فإنك أمرت عبادك بدعائك وضمنت لهم الإجابة، فإليك يا رب نصبت وجهي ومددت يدي، فبرحمتك استجب دعائي يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا نور المستوحشين في الظلم. اللهم ارزقني قلباً خاشعاً، ويقيناً صادقاً، ولساناً ذاكراً، وولداً صالحاً، وخلقاً حسناً، وعملاً متقبلاً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقناً اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.أنت الرجاء إذا انقطع الرجاء، وأنت المستعان إذا عظم البلاء، وأنت الملجأ في الشدة والرخاء، إلهنا كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت الكريم المنان.إلهنا يا أيها الجبار الأعظم والملك الأكرم، لك الفضل العظيم، العزيز من أعززته، والذليل من أذللته، والشريف من شرفته، والسعيد من أسعدته، والشقي من أشقيته، والقريب من أدنيته، والبعيد من أبعدته، والمحروم من حرمته، والرابح من وهبته، والخاسر من عذَّبته.
اللهم إنا نسألك باسمك العظيم، ووجهك الكريم، وعلمك المكنون الذي بعد عن إدراك الأفهام، أن ترزقنا الجنة، وأن
******************************************************************اللهم أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكي وشركي، بك أستنصر فانصرني، وعليك أتوكك فلا تكلني، وببابك أقف فلا تطردني، وإياك أسأل فلا تخيبني، وفي فضلت أرغب فلا تحرمني. اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وأعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم إني أسألك رزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اجعلني من أحسن عبادك نصيباً عندك، وأقربهم منزلة منك، وأخصهم زلفى لديك، فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك، فجد لي بجودك، واعطف علي بمجدك وأقل عثرتي واغفر لي زلتي واجعل لساني بذكرك لهاجاً وقلبي بحبك متيماً، ومُنَّ عليّ بحسن إجابتك، فإنك أمرت عبادك بدعائك وضمنت لهم الإجابة، فإليك يا رب نصبت وجهي ومددت يدي، فبرحمتك استجب دعائي يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا نور المستوحشين في الظلم. اللهم ارزقني قلباً خاشعاً، ويقيناً صادقاً، ولساناً ذاكراً، وولداً صالحاً، وخلقاً حسناً، وعملاً متقبلاً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقناً اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.أنت الرجاء إذا انقطع الرجاء، وأنت المستعان إذا عظم البلاء، وأنت الملجأ في الشدة والرخاء، إلهنا كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت الكريم المنان.إلهنا يا أيها الجبار الأعظم والملك الأكرم، لك الفضل العظيم، العزيز من أعززته، والذليل من أذللته، والشريف من شرفته، والسعيد من أسعدته، والشقي من أشقيته، والقريب من أدنيته، والبعيد من أبعدته، والمحروم من حرمته، والرابح من وهبته، والخاسر من عذَّبته.
اللهم إنا نسألك باسمك العظيم، ووجهك الكريم، وعلمك المكنون الذي بعد عن إدراك الأفهام، أن ترزقنا الجنة، وأن
صفحات من تاريخ القبائل (21):الهجرة الليبية الى تونس
وكان الجنوب من أهمّ المناطق التي ارتبطت بكلّ مراحل الهجرة الليبيّة بفعل الحركية الاقتصاديّة التي أفرزتها الشركات المنجميّة التي انتصبت بداية من القرن العشرين في كلّ من أم العرائس والمتلوي والرديف والمظيلة. ومن أهم القبائل التي استقرّت بالجنوب: ورفلة، أولاد بوسيف، الجغافرة، المشاشية، مصراتة، الزنتان، ككلة، زليطن، العجيلات، النوايل والصيعان. وكانت منطقة الشمال من أهمّ المناطق التي استقطبت أيضا المهاجرين لصبغتها الزراعيّة.
ومن أهمّ العروش التي استوطنت بشمال البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر: ترهونة، ورفلة، العجيلات، فرجان، المحاميد، العلاونة، ورشفانة، الزنتان، الأصابعة، ككلة، أولاد شبل، غريان، الرحيبات، القواليش والرجبان. وسمّيت بعض المناطق بأسماء القبائل التي ينحدر منها سكّانها الجدد: ورفلة، ترهونة، الأمساك، الحوامد، الزوايد، العجيلات، المحاميد، المجابرة، المثانين والنوايل..» (13).
الجاليات
وكان لجالية فزان حضورها المكثّف في مدينة تونس وكان لها شيخها. «وقد استقرّ الفزازنة بالخصوص قرب باب سويقة في نهج الفزازنة. واستقرّت بالعاصمة أيضا جالية هامّة من واحة غدامس في أربع تجمّعات كانت تعرف بدار الجماعة بنهج غرنوطة، باب سويقة، سوق النحاس والحفصيّة»(14).
وشكّلت الجالية الجزائريّة أيضا احدى أهمّ الجاليات العربيّة الاسلاميّة بالبلاد التونسيّة، اذ بلغ عدد أفرادها سنة 1939 حوالي 13 ألف في مدينة تونس وضواحيها منهم 3800 من قسنطينة و1350 من مدينة الجزائر و5 آلاف من وهران و2300 من وادي سوف و2000 من ورقلة و2100 من توات و765 من المزاب.
وكانت الجالية الجزائريّة تشكّل ثلثي الجاليات العربيّة الاسلاميّة الأخرى. وكانت أولى موجات الهجرة بدأت عند الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 اذ فضّلت أعداد كبيرة من الجزائريين العيش بالايالة التونسيّة وخاصّة أهالي عنّابة الذين اندمجوا في المجتمع التونسي واستقرّوا في مرحلة أولى في جهة بنزرت قبل الانتقال الى العاصمة. وظلّ لقب «العنّابي» متداولا الى اليوم بين التونسيّين. وكان جلّهم ميسوري الحال ويتعاطون الفلاحة أوتجارة الأقمشة وخاصّة الحرير. أمّا الوافدون من تبسّة وكنشالة وكذلك النمامشة فقد كانت أحوالهم أقلّ يسرا. وقد ازدادت أعدادهم في سنوات الجفاف والشدّة وخاصّة سنة 1945/ 1946. وكان الكثير منهم يأتون بدوابهم ليخيّموا في مداخل العاصمة وضواحيها القريبة (السيدة المنوبية، الملاسين، حمام الأنف) أوفي «فنادق» المدينة و«وكايلها». وكانت عائلات أخرى من قسنطينة قدمت الى الايالة التونسيّة منذ زمن بعيد، قبل الاحتلال الفرنسي، واندمجت كليّا في المجتمع التونسي. ثم جاءت في وقت لاحق مجموعات أخرى من قسنطينة لتستقرّ خاصّة في المرناقية وطبربة وعين غلال والجديدة.
وكان هناك صنف آخر من المهاجرين هم الطلبة الذين كانوا يتوافدون على جامع الزيتونة، وكانوا يأتون من تبسّة وكنشالة والباطنة وسطيف وبسكرة.
وكان «القبايليّة» أيضا من أهمّ مكوّنات الجاليّة الجزائريّة، ومنهم كانت تتألّف احدى الفرق العسكريّة النظاميّة في عهد البايات وكانوا يعرفون بعسكر زواوة.
يتبع
ـــــــــــــ
13ـ أبوالقاسم (ابراهيم): المهاجرون الليبيّون بالبلاد التونسيّة 1911/ 1957، ص 54.
14ـ المصدر السابق، ص 54
بقلم الأستاذ محمد علي الحباشي
******************************************************************وكان الجنوب من أهمّ المناطق التي ارتبطت بكلّ مراحل الهجرة الليبيّة بفعل الحركية الاقتصاديّة التي أفرزتها الشركات المنجميّة التي انتصبت بداية من القرن العشرين في كلّ من أم العرائس والمتلوي والرديف والمظيلة. ومن أهم القبائل التي استقرّت بالجنوب: ورفلة، أولاد بوسيف، الجغافرة، المشاشية، مصراتة، الزنتان، ككلة، زليطن، العجيلات، النوايل والصيعان. وكانت منطقة الشمال من أهمّ المناطق التي استقطبت أيضا المهاجرين لصبغتها الزراعيّة.
ومن أهمّ العروش التي استوطنت بشمال البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر: ترهونة، ورفلة، العجيلات، فرجان، المحاميد، العلاونة، ورشفانة، الزنتان، الأصابعة، ككلة، أولاد شبل، غريان، الرحيبات، القواليش والرجبان. وسمّيت بعض المناطق بأسماء القبائل التي ينحدر منها سكّانها الجدد: ورفلة، ترهونة، الأمساك، الحوامد، الزوايد، العجيلات، المحاميد، المجابرة، المثانين والنوايل..» (13).
الجاليات
وكان لجالية فزان حضورها المكثّف في مدينة تونس وكان لها شيخها. «وقد استقرّ الفزازنة بالخصوص قرب باب سويقة في نهج الفزازنة. واستقرّت بالعاصمة أيضا جالية هامّة من واحة غدامس في أربع تجمّعات كانت تعرف بدار الجماعة بنهج غرنوطة، باب سويقة، سوق النحاس والحفصيّة»(14).
وشكّلت الجالية الجزائريّة أيضا احدى أهمّ الجاليات العربيّة الاسلاميّة بالبلاد التونسيّة، اذ بلغ عدد أفرادها سنة 1939 حوالي 13 ألف في مدينة تونس وضواحيها منهم 3800 من قسنطينة و1350 من مدينة الجزائر و5 آلاف من وهران و2300 من وادي سوف و2000 من ورقلة و2100 من توات و765 من المزاب.
وكانت الجالية الجزائريّة تشكّل ثلثي الجاليات العربيّة الاسلاميّة الأخرى. وكانت أولى موجات الهجرة بدأت عند الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 اذ فضّلت أعداد كبيرة من الجزائريين العيش بالايالة التونسيّة وخاصّة أهالي عنّابة الذين اندمجوا في المجتمع التونسي واستقرّوا في مرحلة أولى في جهة بنزرت قبل الانتقال الى العاصمة. وظلّ لقب «العنّابي» متداولا الى اليوم بين التونسيّين. وكان جلّهم ميسوري الحال ويتعاطون الفلاحة أوتجارة الأقمشة وخاصّة الحرير. أمّا الوافدون من تبسّة وكنشالة وكذلك النمامشة فقد كانت أحوالهم أقلّ يسرا. وقد ازدادت أعدادهم في سنوات الجفاف والشدّة وخاصّة سنة 1945/ 1946. وكان الكثير منهم يأتون بدوابهم ليخيّموا في مداخل العاصمة وضواحيها القريبة (السيدة المنوبية، الملاسين، حمام الأنف) أوفي «فنادق» المدينة و«وكايلها». وكانت عائلات أخرى من قسنطينة قدمت الى الايالة التونسيّة منذ زمن بعيد، قبل الاحتلال الفرنسي، واندمجت كليّا في المجتمع التونسي. ثم جاءت في وقت لاحق مجموعات أخرى من قسنطينة لتستقرّ خاصّة في المرناقية وطبربة وعين غلال والجديدة.
وكان هناك صنف آخر من المهاجرين هم الطلبة الذين كانوا يتوافدون على جامع الزيتونة، وكانوا يأتون من تبسّة وكنشالة والباطنة وسطيف وبسكرة.
وكان «القبايليّة» أيضا من أهمّ مكوّنات الجاليّة الجزائريّة، ومنهم كانت تتألّف احدى الفرق العسكريّة النظاميّة في عهد البايات وكانوا يعرفون بعسكر زواوة.
يتبع
ـــــــــــــ
13ـ أبوالقاسم (ابراهيم): المهاجرون الليبيّون بالبلاد التونسيّة 1911/ 1957، ص 54.
14ـ المصدر السابق، ص 54
بقلم الأستاذ محمد علي الحباشي
الصالحون في رمضان:عامر بن عبد قيس
كان يقول: «لذات الدنيا أربعة: المال والنساء والنوم والطعام فأما المال والنساء فلاحاجة لي فيهما وأما النوم والطعام فلابد لي منهما فوالله لأضرن بهما جهدي» ولقد كان يبيت قائمًا، ويظل صائمًا
وعن علقمة بن مرثد قال: «انتهى الزهد إلى ثمانية عامر بن عبدالله بن عبد قيس وأويس القرني هرم بن حيان والربيع بن خيثم ومسروق بن الأجدع والأسود بن يزيد وأبو مسلم الخولاني والحسن بن أبي الحسن» . وكان يقول: «ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ولكن أبكي على ظمإ الهواجر، وقيام ليل الشتاء»
وعن قتادة: «لما احتضر عامر بكى فقيل ما يبكيك؟ قال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن أبكي على ظمإ الهواجر وقيام الليل»
******************************************************************كان يقول: «لذات الدنيا أربعة: المال والنساء والنوم والطعام فأما المال والنساء فلاحاجة لي فيهما وأما النوم والطعام فلابد لي منهما فوالله لأضرن بهما جهدي» ولقد كان يبيت قائمًا، ويظل صائمًا
وعن علقمة بن مرثد قال: «انتهى الزهد إلى ثمانية عامر بن عبدالله بن عبد قيس وأويس القرني هرم بن حيان والربيع بن خيثم ومسروق بن الأجدع والأسود بن يزيد وأبو مسلم الخولاني والحسن بن أبي الحسن» . وكان يقول: «ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ولكن أبكي على ظمإ الهواجر، وقيام ليل الشتاء»
وعن قتادة: «لما احتضر عامر بكى فقيل ما يبكيك؟ قال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن أبكي على ظمإ الهواجر وقيام الليل»
لجزء الحادي والـعـشرون
الآيات الحِسية لا تجدي مع الكافرين
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [ 46 ] من سورة الـعـنـكبوت، وحتى الآيـة [ 30 ] من سورة الأحــزاب، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ)[ العنكبوت 50 ]:
إنَّ الآيات الحِسِيّة المَرْئِيّة غيرَ القرآنِ، لاَ تُجْدي مَعَ إصْرارِ الكافرينَ عَلى الكُفْرِ وَالمعْصيةِ، لِذَلِكَ كانَ لاَ دَاعيَ لَهَا، حتّى إنّ مُعْجِزَةَ الإسْراءِ والمعْراجِ قَدْ حَصَلَتْ ليْلاً وسـِرّاً، (وَقَالَ الـذينَ لاَ يَعْـلَـمـونَ لَـوْلا يُكَـلِّـمـُنَا اللّـهُ أوْ تَأْتِينَا آيَةٌ) ثم قال (قَدْ بَيّنَا الآيَاتِ لِـقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [ البقرة 118 ]، تَأْتِينَا آيَةٌ: أي آية حِسـيَةٌ، بَيّنَا الآيَاتِ: آيات القرآن الكريم العِلميّة، (وَأقْسَـمـُوا بِاللّـهِ جَـهْـدَ أيْمَـانِهِـمْ لَـئِـنْ جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ لَـيُؤْمِـنُنَّ بِهَـا قُـلْ إنّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ اللّـهِ وَمَـا يُشْـعِـرِكُـمْ أنّهَـا إذا جَـاءَ تْ لا يُؤْمِـنون) [ الأنعام 109 ]، جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ: أي آية حِـسيّة مَاديّة، لا يُؤْمِـنون: دليل توكيد عَدَمِ الإيمانِ بِها، (وَإذا رَأوْا آيَةً يَسْـتَسْـخِـرونَ) [ الصافات 14 ]، (وَقَالـوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَـلَـيْهِ آيَةٌ مِـنْ رَبِّهِ قُلْ إنَّ اللّـهَ قَادِرٌ عَـلَـى أنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـكِـنَّ أكْـثَـرَهُـمْ لاَ يَعْـلَـمُـونَ) [ الأنعام 37 ]، (وَلَـئِـنْ جِـئْـتَـهُـمْ بِآيَةٍ لَـيَـقُـولَـنَّ الـذينَ كَـفَـروا إنْ أنْتُـمْ إلاَّ مُـبْطِـلُـونَ) [ الروم 58 ]، (وَلَـوْ نَزّلْـنَا عَـلَـيْكَ كِـتَابَاً فـي قِرْطَـاسٍ فَلَـمَـسُوهُ بِأيْـديهـِمْ لَـقَـالَ الـذينَ كَـفَـروا إنْ هَـذا إلاّ سِـحْـرٌ مُـبِينٌ) [ الأنعام 7 ]، فَالآيَاتُ المَطْلُوبـَةُ إذاً هيَ آيَاتٌ حِسّـِيَةٌ مَرْئِيـّةٌ، غَيْر آيَـاتِ القـُرْآنِ المُنْزَلَةِ أصْـلاً.
إذاً لاَ جَدْوى فِعْـلاً مِنْ تَعَدُّدِ الآياتِ الحِسّـيَةِ، فالقرآنُ كَافٍ وَوَافٍ لِمَنْ أرادَ الهُـدى: (إنّ هَـذا الـقُرآنَ يَهْـدي لِلّـتي هِـيَ أقْوَمُ) [ الإسراء 9 ]، (إنْ هُـو إلاَّ ذِكْـرٌ لـِلـعَـالَـمـينَ لـِمـَنْ شَـاءَ مـِنْكُـمْ أنْ يَسْـتقـيم) [ التكوير 28 ]، وَقَدْ كانَتِ الجِنُّ سَبّاَقَةً للإيْمـَانِ بِهَذا القُرْآنِ: (إنَّا سَـمِـعْـنَا قُرْآناً عَـجَـبَاً يَهْـدي إلـى الـرُشْـدِ فآمَـنّا بِهِ) [ الجن 1 / 2 ]، فآمَـنّا بِهِ : دونَ آيـاتٍ حسّـية بَصَريّـةٍ، (وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ قُـلْ إنَّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ وَإنّمَـا أنَا نَذِيرٌ مُـبينٌ أَوَ لَـمْ يَكْـفـِهِـمْ أنّا أَنْزَلْـنَا عَـلـَيـْكَ الـكِـتَابَ يُتْلى عَـلَـيْهِـمْ إنّ في ذَلِـكَ لـَرَحـْمَـة وَذِكْـرى لِـقَوْمٍ يُؤْمـِنُونَ) [ العنكبوت 50 / 51 ]، عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ: أي آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ، الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ: آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ .
(وَلـيأتينّـهُـمْ بغْـتةً وهُمْ لا يشـعرون) [ العنكبوت 53 ]:
سَـتَحْدُثُ السَـاعَةُ [القيامَـةُ] فَجْـأةً وَبِسُـرْعَةٍ وَدُونَ سَـابِقِ إنْذارٍ: (مَـا يَـنْظُـرونَ إلَّا صَـيْحَـةً واحِـدَةً تَأْخُـذُهُـمْ وَهُـمْ يَخِـصِّـمـونَ فَلاَ يَسْـتَـطـيعُـونَ تَـوْصِـيَـةً وَلاَ إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ) [ يس 49/ 50 ]، يَخِـصِّـمـونَ: يَتجادَلونَ في الأسواقِ، وَلا إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ: دَليل ُ قِصَرِ الوَقْتِ بِحَيْثُ لاَ وَقْـتَ حتَّى لِلْعَـوْدَةِ إلى المنـازل وَالأهلِ، (هَـلْ يَـنـظُـرونَ إلاَّ الـسَـاعَـةَ أَنْ تَـأْتِـيَـهُـمْ بَـغْــتَـةً وَهُـمْ لا يَـشْـعُـرونَ) [ الزخرف 66 ]، وأمْرُ السَـاعة عَمليّةٌ خَـاطِفَةٌ بِسُـرْعَةِ الضَـوْءِ أوْ أسْرع: (وَ مَـا أَمْـرُنا إلاَّ وَاحِـدَةٌ كَــلَـمْـحٍ بِالـبَصَـرِ) [ القمر 50 ].
(كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ العنكـبوت 57 ]:
النفس: هيَ التي لَهَـا الصِفَـاتُ الآتِيَـةُ:
مَخْـلُوقَـةٌ: (وَنَفْـسٍ وَمَـا سَـوَّاهَـا) [ الشمس 7 ] .
تُخَـطِّـطُ: (قَالَ بَلْ سَـوَّلَـتْ لَـكُـمْ أنْفُسُـكُـمْ أمْـراً) [ يوسف 18 / 83 ] .
فالنفْسُ: هِيَ كُلُّ المَشَاعِرِ وَالأَحَاسِيسِ وَالعُقُولِ التي نَتَّخِذُ عَنْ طَريقِهَا القَرارات.
تُعْطي الأوامِرَ: (إنَّ الـنَفْـسَ لأَمَّـارَةٌ بِالـسُـوءِ) [ يوسف 53 ].
تَمُــوتُ: (كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ الأنبياء 35 ].
تُحَاسَـبُ: (يَوْمَ تَجِـدُ كُـلُّ نَفْـسٍ مَـا عَـمِـلَـتْ) [ آل عمران 30 ] وذلك في يَوْمِ البَعْثِ.
وَالحِسَابِ: (عَـلِـمَـتْ نَفْـسٌ مَـا قَدَّمَـتْ وَأَخَّـرَتْ) [ الانفطار 5 ].
(لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً) [العنكبوت 58 ] :
مثـال ذلك جـنات عَـدْن:
هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَمِنَ الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ، وَفيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ: (تُؤْمِـنونَ بِاللَّـهِ وَرَسُـولِـهِ وَتُجَـاهِـدونَ في سَبيلِ اللَّـهِ بِأَمْـوالِـكُـمْ وَأَنْفُـسِـكُـمْ ذَلِـكُـمْ خَـيْرٌ لَـكُـمْ إنْ كُـنْتُمْ تَعْـلَـمـونَ يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَيُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَمَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ) [ الصف 11 /12 ]، (وَإنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يَدْعُـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَشَـرابٍ وَعِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ) [ ص 49 ]، (إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ]، ( وَالـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـيهَـا نِعْـمَ أَجْـرُ الـعَـامِـلـينَ) [العنكبوت 58 ] .
(وإنّ اللـه لـمَـعَ المحـسـنين) [العنكبوت 69 ] :
المُحْسِنُونَ: يَأتي الإحْسَانُ مَعَ التَقْوى: (إذا مَـا اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ ثُمَّ اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا ثُـمَّ اتَّقَـوْا وَأَحْـسَـنُوا وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ]، (هُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِلـمُـحْـسِـنينَ الـذينَ يُقِيمُـونَ الـصَـلاَةَ وَيُؤتُونَ الـزَكَـاةَ وَهُـمْ بِالآخِـرَةِ هُـمْ يُوقِنُونَ أُولَـئِـكَ عَـلـى هُـدَىً مِـنْ رَبِّهِـمْ وَأُولـئِـكَ هُـمُ الـمُـفْـلِـحُونَ) [ لقمان 3 / 5 ]، وَثَوابُ المُحْسنينَ يُعَادِلُ ثَوابَ المُتَّقينَ: (إنَّ الـمُـتَّقينَ فـي ظِـلاَلٍ وَعُـيُونٍ وَفَـواكِـهَ مِـمَّـا يَشْـتَهُـونَ كُـلُـوا وَاشْـرَبُوا هَـنِيئَـاً بِمَـا كُـنْتُمْ تَعْـمَـلُـونَ إنَّا كَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ المرسلات 41 / 44 ]، وَمِنْ صِفَاتِ المُحْسِنينَ أيْضَاً: (الـذينَ يُنْفِقُونَ فـي الـسَّـرَّاءِ وَالـضَـرَّاءِ وَالـكَـاظِـمِـينَ الـغَـيْظَ وَالـعَـافينَ عَـنِ الـنَاسِ وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ) [ آل عمران 134 ]، (إنَّهُـمْ كَـانُوا قَبْلَ ذَلِـكَ مُـحْـسِـنينَ كَـانُوا قَـلـيلاً مِـنَ اللَّـيْلِ مَـا يَهْـجَـعُـونَ وَبِالأَسْـحَـارِ هُـمْ يَسْـتَغْـفِـرونَ وَفـي أَمْـوالِـهِـمْ حَـقٌّ لِلـسَّـائِـلِ وَالـمَـحْـرومِ) [الذاريات 16 / 19 ]، وَللمُحْسنينَ عَطَاءٌ فريدٌ في الدُنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ: (وَلَـمَّـا بَلَـغَ أَشُـدَّهُ آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ يوسف 22 ]، وَاللَّـهُ مَعَهُمْ في الدُنْيَا وَالآخِرَةِ: (إنَّ اللَّـهَ لَـمَـعَ الـمُـحْـسِـنينَ)[ العنكبوت 69 ]، وَيُحِبُّهُمْ: (وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ] [ آل عمران 148 ]، وَيَرْحَمُهُمْ: (إنَّ رَحْـمَـةَ اللَّـهِ قَـريبٌ مِـنَ الـمُـحْـسِـنينَ) [ الأعراف 56 ]، وَيُبَشِّرُهُمْ بالجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ: (وَبَشِّـرِ الـمُـحْـسِـنينَ)[ الحج 37 ]، (جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـِيهَـا وَذَلِــكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ) [ المائدة 85 ]، (وَلَـهُـمْ مَا يَشَــاؤونَ عِـنْدَ رَبِّهِـمْ ذَلِـكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ ) [ الزمر 34 ]، (لِلَّـذينَ أَحْـسَـنُوا مِـنْهُـمْ وَاتَّقُـوا أَجْرٌ عَـظِـيمٌ ) [ آل عمران 172 ]، (وَالـسَـابِقُونَ الأَوَّلُـونَ مِـنَ الـمُـهَـاجِـرينَ وَالأَنْصَـارِ وَالـذينَ اتَّبَعُـوهُـمْ بِإحْـسَـانٍ رَضِـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضُـوا عَـنْه ُوَأَعَـدَّ لَـهُـمْ جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فِيهَـا أَبَداً ذَلِـكَ الـفَـوْزُ الـعِـظِـيمُ)[ التوبة 100 ]، وَالإحْسَانُ هُوَ أنْ تَعْبُدَ اللّهَ كَأنَّكَ تَراهُ. رواه البخاري برقم 50، كَمَا أوْضَحَ ذَلِكَ صلى الله عليه و سلّم، وَالسَلامُ في الدنيا والآخرة يكون للمُحسنينَ: (سَلامٌ عَـلى إبْراهـيم إنّا كَـذَلِـكَ نـجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [الصافات 109/ 110 ].
(لِلّـهِ الأمْـرُ)[ الروم 4 ] :
الفَرْقُ بَيْنَ: (لِلّـهِ الأمْـرُ) [ الروم 4 ]، وَبَيْنَ: (الأمْـرُ يَوْمَئِـذٍ لِلّـهِ) [ الانفطار 19]، فَفي سُـوْرَةِ الرومِ يُوجَدُ اخْتِصاصٌ: [ مَوْضُوعُ انْتِصَارِ الرومِ فَقَطْ ] لِذَلِكَ قَدَّمَ لَفْظَ الجَلالَةِ (لِلّـهِ)، بَيْنَمَا في يَوْمِ القِيَامَةِ كُلُّ الأمْرِ للّهِ، وَلاَ أمْـرَ لأحَدٍ سِواهُ: (يَوْمَ لاَ تَمْـلِـكُ نَفْـسٌ لِـنَفْسٍ شَـيْئَـاً)[ الانفطار 19]، أيْ إنَّ الأمْرَ مُطْلـَقٌ للّهِ، لِذَلِكَ قَـدَّمَ هَـذِهِ المَرَّة كَلِمَةَ (الأمْـرُ) على لَفْظِ الجَلاَلَةِ.
ومثله عِبـَارَةَ: (لِلّـهِ الـحَـمْـدُ) [ الجاثية 36 ] فيهـَا اختصاصٌ أوْ إزَالَةُ شَـكٍّ، عَمَّنْ ادّعى الحَمْدَ لِغَيْـرِ اللـهِ، فَتَمَّ تَقْديمُ الجَـارّ وَالمَجْرور (للّـهِ)، مِنْ أجْلِ هَـذا الاختصَاصِ، حَيْثُ وَحْـدَهُ سُـبحانَهُ الجَـديرُ بالحَمْـدِ، وَهُـوَ المُخْتَصُّ بِـهِ، وَهُـوَ سَـبَبُهُ كُلُّـهُ، لِذَلِكَ تَـمَّ تَقْديمُ الذاتِ الإلهيّـةِ (اللّـه) المُسْـتَحِقّةِ للحَمْدِ.
بَيْنَمَا عِبَـارةُ: (الـحَـمْـد لِلّـهِ) في بِدايَـةِ سُورَةِ الفَاتِحَـةِ، فَهيَ مُطْلَقَـةٌ وَغَيْرُ مُقَـيَّدَةٍ بِزَمَـانٍ أوْ مَكانٍ خَاصَّـةً وَأنَّ (الـحَـمْـد) مُعَرَّفَةٌ بِـألْ التَعْـريفِ، فَهيَ تَدُلُّ عَلى الحَمْـدِ المُتَعَـارَفِ عليْهِ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلوقِ، وَبِمَـا أنَّ عِبَـارَةَ: (الحَـمْـد لِلـّهِ) هيَ جُمْلَـةٌ خَبَريَّـةٌ، فَهيَ تُفيدُ الثَّباتَ، أيْ إنَّ الحَمْـدَ ثَابِتٌ وَدائِمٌ للـّهِ، وَالحَمْدُ يَكُونُ بَعْدَ العَطَاءِ وَالإحْسَانِ وَمَنْ أكْثَرُ عَطاءً وَإحْسَاناً مِنَ اللـهِ سُبْحَانَهُ، أمَّـا المَـدْحُ فَيَكُونُ قَبْلَ الإحْسَانِ وَبَعْـدَهُ كَمَا يَجُوزُ للحيّ وَالميّتِ، بَيْنَمَا الحَمْـدُ لا يَكُونُ إلاّ للحَيّ، فـَالحَمْـدُ للّـهِ وَحْدَهُ، بَيْنَمَا المَـدْحُ أوْلى لِسِواهُ، وَلَيْسَ الحَمْدُ: (وَ يُحِـبُّـونَ أنْ يُحْـمَـدوا بِـمَـا لَـمْ يَفْـعَـلُـوا) [ آل عمران 188 ] .
إخراج الحياة من الموت أمر إلهي فقط
[يُخْرِجُ وَمُـخْـرِجُ]:
هَذِهِ الثُنَائِيَّـةُ هِيَ ثُنَائِيّـةٌ مُتَنَـاوِبَةٌ: (إنَّ اللهَ فَالِـقُ الـحَـبِّ وَالـنَّوى يُخْرِجُ الـحَـيَّ مِنَ الـمَـيِّتِ وَمُـخْـرِجُ الـمَـيِّـتِ مِـنَ الـحَـيِّ) [ الأنعام 95 ]، نُلاَحِظُ أنَّ اللّفْظَةَ الأُولى لِلإِخْراجِ قَدْ جَاءَتْ _ يُخْرِجُ _ في صِيغَةِ الفِعْلِ المضَارِعِ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يَتَعَلَّقُ بالله وَحْدَهُ _ إخْرَاجُ الحَياةِ مِنَ الموْتِ _ وَلاَ يَقْدِرُ سِواهُ عَلى هَذا الأمْرِ، فالحيَاةُ أَمْرٌ إلَهِيٌّ فَقَطْ، بَيْنَما جَاءَتْ اللَّفْظَةُ الثَّانيةُ لِلإخْرَاجِ _ مُخْرِجُ _ في صِيغَةِ اسْمِ الفَاعِلِ، لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يُمْكِنُ أنْ يَقُومَ بِـهِ غَيْرُ الله _ إخْراجُ الميّتِ مِنَ الحَيِّ _ كَأنْ يَقْتُلَ مَخْلوقٌ مَخْلوقاً آخَرَ، أمّا في الآخِرَةِ فإنَّ الأمْرَ كُلَّهُ يُصْبِحُ بِيَدِ الله وَلا يَسْتَطيعُ أَحَدٌ أنْ يقتل أحَداً [أنْ يُخْرِجَ الميِّتَ مِنَ الحَيِّ]، لِذَلِكَ فَإنَّ اللّهَ (يُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَيُخْرِجُ الـمَـيِّـتَ مِـنَ الـحَـيِّ وَيُحْـيِي الأَرْضَ بَعْـدَ مَـوْتِهَـا وَكَـذَلِـكَ تُخْـرَجُـونَ) [ الروم 19 ] لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأَمْرَ يَخُصُّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَطْ: (تُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَتُخْـرِجُ الـمَـيِّتَ مِـنَ الـحَـيِّ) [ آل عمران 27 ].
(لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [الروم 21]:
إنَّ حَنينَ الذَّكَرِ للأنْثى، مِنْ أجْلِ أنْ يَسـْكُنَ إلَيْها: (خَـلَـق َ لَـكُـمْ مِـنْ أنْـفُـسِـكُـمْ أزْواجَـاً لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [ الروم 21 ]، إذْ لاَ يُوجَدُ بالفِطْرَةِ الإنْسَـانيّةِ، حَنينٌ وَرَغْبَةُ لَـذَّةٍ بَيْنَ أبْناءِ الجِنْسِ الواحِدِ، لِذَلِكَ كَانَتْ اللذَّةُ بَيْنَ أبْنَـاءِ الجنْسِ الواحِدِ اِبْتِـكاراً شَـاذّاً عِنْدَ قَوْمِ لُوط: ( وَ لُـوطَـاً إذْ قَـالَ لِـقَـوْمِـهِ أَتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَـا مِـنْ أحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـينَ أَئِـنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِّجَـالَ شَـهْـوَةً مِـنْ دُونِ الـنِّسَـاءِ بَلْ أَنْتُـمْ قَـوْمٌ مُـسْـرِفُون) [ الأعراف 80 / 81 ] .
(الـبَـرْقَ خـوفاً و طـمعـاً)[ الروم 24 ]:
إنَّ السُّؤَالَ الذي يَطْرَحُ نَفْسَهُ بِقُوَّةٍ هُوَ: لِمَاذَا تَكُونُ الغُيومُ مَشْحُونَةً بِشُـحْنَةٍ سَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ وَشُـحْنَةٍ مُوجِبَـةٍ مِنَ الأَعْلى؟ وَلَوْ كَانَ العَكْسُ لَمَـا حَصَلَتِ الصًـواعِقُ وَالبَـرْقُ نَحْوَ الأَرْضِ، وَالسَبَبُ الذي اقْتَضَتْهُ المَشيئَةُ الإلهِيَّةُ، هُوَ أنَّ طَبَقَةَ [الأَيُونُوسْـفير] الجَويَّـة، شُحْنَتُهَا الكَهْربائِيَّةُ سَـالِبَةٌ، فَعنْدَمَا تَتَشَكَّلُ الغُيُومُ أَسْفَلَ هَذِهِ الطَّبَقَةِ [طَبَقَةِ التروبوسْفير ذَاتُ التَقَلُّبَاتِ الجَوِيَّةِ]، تَتَكَهْرَبُ بالتَأْثيرِ عَكْسَ الشُّحْنَةِ، مِمَّا يَقْتَضي أَنْ تَكُونَ ذَات شُـحْنَةٍ مُوجِبَةٍ مِنَ الأَعْلى وَسَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ، فَيَحْدُثُ البَرْقُ السَالِبُ وَالصَّواعِقُ نَحْوَ الأرْضِ: (وَ يُرْسِـلُ الـصَّـواعِـقَ فَيُصِـيْبُ بِهَـا مَـنْ يَشَـاءُ)[ الرعد 13 ] .
يُوجَدُ فَوْقَ سَطْحِ أَيِّ مَادَّةٍ سَحَابَةٌ إلكِترونيَّةٌ، وَتَكُونُ الإلِكِتروناتُ ذَاتُ طَاقَةٍ حَرَكيَّةٍ حَراريَّةٍ عالِيَة تُسَمَّى [الإصْدارُ الحَراريّ الإلِكِتْرونيِّ]، وَتَحْتَوي الغُيُومُ عَلى قَطَراتِ مَاءٍ وَبَلُّوراتٍ جَليدِيَّةٍ، وَيَكُونُ المَاءُ وَالجَليدُ في حَالَةِ تَمَاسٍ، فَتَنْتَقِلُ الإلِكِتْروناتُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلى الآخَرِ، وَلِذَلِكَ تَتَكَهْرَبُ الغَيْمَـةُ، وَالقَطَراتُ السَاقِطَةُ دَاخِلَ الغَيْمَة تَزْدَادُ كَهْربائِيَّتُهَا السَالِبَة، كَمَا أَنَّ تَجَمُّد الجِزْء العُلْويِّ مِنَ الغَيْمَةِ يُسْهِمُ بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ بِكَهْرَبَتِهَا، عِلْمَاً أنَّ أكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ عَملِيَّاتٍ ميكانيكِيَّةٍ تَحْدُثُ دَاخِلَ الغُيُومُ لِتُوَزِّعَ الشُحْنَات.
البَـرْقُ الشَـريطيّ [الخَطِّـيّ] :
هُوَ مَجْمُوعَـةُ نَبَضَاتٍ كَهْرُبائِيَّـةٍ، تَجْري تِبَـاعَاً خَلْفَ بَعْضِهَا، وتُكَوِّنُ في النِهَايَةِ شَرارَةَ التَفْريغِ الكَهْرَبَائِيِّ، وَيَسْري هَذَا النَوْعُ مِنَ البَرْقِ الشَريطِيّ عَبْرَ قَنَاةٍ بِـلازْمِيَّةٍ مَلِيْئَةٍ بَإلِكِتْرونَاتٍ وَشَوارِدَ كَهْرُبائِيَّةٍ حُرَّةٍ، وَتُدْعى هَذِهِ القَنَـاةُ الدَلِيـْلَ المُتَدَرِّجِ [لأنَّهُ يَتَشَكَّلُ عَلى دُفَعَاتٍ] وَتَتَشَكَّلُ بالطَريقَةِ الفِيزْيَائِيَّةِ التَالِيَةِ:
تَبْلُغُ سُرْعَةُ الدَليلِ نَحْوَ الأَرْضِ 000 10 كم / ثانيَة، وَ تَبْلُغُ فَتْرَةُ التَوَقُّفِ 50 / 000 000 1 [ 50 ميكرو ثانيَة ]، وَيَسْتَغْرِقُ زَمَنُ وُصولِهِ إلى الأَرْضِ 20 / 1000 ثانية [20 ميلي ثانية ]، وَبَعْدَ أنْ يَصِلَ الأَرْضَ تُصْبِحُ [الدَارَةُ الكَهْربائِيَّةُ مُغْلَقَةً ]، عِنْدَهَا يَسْـري التَيَّـارُ الكَهْرُبائِيِّ عَلى شَكْلِ نَبْضَـةٍ تَسْتَغْرِقُ حَوالي 1 / 10 ميلي ثانيَة، وَبِشِـدَّةٍ حَوالي 000 100 آمبير، وَطَاقَـةٍ حَوالي 000 000 1000 جول، وَدَرَجَةِ حَرارَةٍ حوالي 1000 مئويّة، فَيَنْشَأُ ضَوْءُ البَرْقِ السَاطِعِ: (يَكَادُ سَـنَا بَرْقِه يَذْهَـبُ بِالأَبْصَـارِ) [ النور 43 ]، وَيَتمُّ تَفْريغُ عِدَّةِ نَبَضَاتٍ خِلاَلَ أَجْزاءٍ مِنَ الثَانِيَةِ، تَبْدو كَأنَّهَا نَبْضَةٌ واحِدَةٌ، يَتْبَعُهَا هَـزيْمُ الرَعْدِ نَتِيْجَةَ تَمَدُّدِ الغَازِ الفُجَائِيِّ وَالحَادّ: (وَيُسَـبِّحُ الـرَّعْـدُ بِحَـمْـدِهِ) [ الرعد 13 ]، وَييَبْلُغُ طُـولُ البَرْقِ الخَـطيِّ عِدَّةَ كيلومِتْراتٍ، وَيُقَدَّرُ فَرْقُ الكُمُونِ بَيْنَ الغُيُومِ وَالأَرْضِ 000 000 1000 فولط، وَقُطْرُ القَناةِ البِلازْمِيَّةِ = 1 سم فقط.
[المطـر، والغـيث ]:
المَطَـرُ : للشَـرِّ وَالعِقَـابِ، بينمـا الغَـيْثُ للرَحْمَـةِ وَالخَيْـرِ: (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَانْظُـرْ كَـيْفَ كَـانَ عَـاقِبَةُ الـمُـجْـرمِـينَ) [ الأعراف 84 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَسـَاءَ مَـطَـرُ الـمُـنْذَرينَ) [ الشعراء 173 ] [النمل 58 ]، (وَإنْ كَـانَ بِكُـمْ أَذَىً مِـنْ مَـطَـرٍ) [ النساء 102 ]، (وَلَـقَدْ أَتَوْا عَـلـى الـقَرْيَةِ الـتي أُمْـطـرَتْ مَـطَـرَ الـسوءِ) [ الفرقان 40 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ) [ الحجر 74 ][ هود 82 ]، أمّا [الغيث] فهو للرحمة: (وَ هُـوَ الـذي يُنَزِّلُ الـغَـيْثَ مِـنْ بَعْـدِ مَـا قَـنَطُـوا وَيَنْشُـرُ رَحْـمَـتَهُ) [ الشورى 28 ]، (ثُمَّ يَأْتي مِـنْ بَعْـدِ ذَلِـكَ عَـامٌ فيهِ يُغَـاثُ الـنَاسُ وَفيهِ يَعْـصِـرونَ) [ يوسف 48 ]، (إنَّ اللّـهَ عِـنْدَهُ عِـلْـمُ الـسَاعَـةِ وَيُنَزِّلُ الـغَـيْثَ) [ لقمان 34 ]، (كَـمَثَلِ غَـيْثٍ أعْـجَـبَ الـكُـفَّارَ نَبَاتُهُ) [ الحديد 20 ]، الـكُـفَّار هُنَا: المُزارعون وَالفلاَّحُونَ، لأنَّهُمْ يَغَطُّـونَ الأرْضَ بالنَّباتِ وَالمَزروعَاتِ.
(رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَـمِـعْـنَا) [ السجدة 12 ] :
في جميع آيات القرآن الكريم يأتي ذكْر [السمع] قبل [البصر]، مـا عدا ثلاث حالات جَـاءَ ذِكْـرُ البَصَـرِ قَبْلَ السَـمْعِ وهي:
أولاً : عِنْدَ ذِكْرِ الحَواسِّ بالتسَلسُلِ مِنَ الأمَـامِ إلى الخَلْفِ بالنسْبةِ لجِسْمِ الإنْسـَانِ : (لَـهُـمْ قُـلُـوبٌ لاَ يَفـْقَـهُـونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ أَعْـيُـنٌ لاَ يُبْصِـرونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ آذانٌ لاَ يَسْـمَعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف 179]، (أمْ لَـهُـمْ أَعْــيُنٌ يُبْصِـرونَ بِهَـا أَمْ لَـهُـمْ آذانٌ يَسْـمَـعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف195 ] .
ثانياً: عِنْدَ المُقَارَنَةِ: (مَـثَلُ الـفَـريقَيْنِ كَــالأَعْـمَـى وَالأَصَـمِّ وَالـبَصِـيرِ وَالـسَـمـيعِ) [ هود 24 ] .
ثَالِثَاً: يومَ القيامَـةِ عِندما تظْهَرُ الحقَائِقُ وَتصبحُ مُشـَاهَدة: (رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَمِعْـنَا) [ السجدة 12 ] .
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الآيات الحِسية لا تجدي مع الكافرين
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [ 46 ] من سورة الـعـنـكبوت، وحتى الآيـة [ 30 ] من سورة الأحــزاب، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ)[ العنكبوت 50 ]:
إنَّ الآيات الحِسِيّة المَرْئِيّة غيرَ القرآنِ، لاَ تُجْدي مَعَ إصْرارِ الكافرينَ عَلى الكُفْرِ وَالمعْصيةِ، لِذَلِكَ كانَ لاَ دَاعيَ لَهَا، حتّى إنّ مُعْجِزَةَ الإسْراءِ والمعْراجِ قَدْ حَصَلَتْ ليْلاً وسـِرّاً، (وَقَالَ الـذينَ لاَ يَعْـلَـمـونَ لَـوْلا يُكَـلِّـمـُنَا اللّـهُ أوْ تَأْتِينَا آيَةٌ) ثم قال (قَدْ بَيّنَا الآيَاتِ لِـقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [ البقرة 118 ]، تَأْتِينَا آيَةٌ: أي آية حِسـيَةٌ، بَيّنَا الآيَاتِ: آيات القرآن الكريم العِلميّة، (وَأقْسَـمـُوا بِاللّـهِ جَـهْـدَ أيْمَـانِهِـمْ لَـئِـنْ جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ لَـيُؤْمِـنُنَّ بِهَـا قُـلْ إنّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ اللّـهِ وَمَـا يُشْـعِـرِكُـمْ أنّهَـا إذا جَـاءَ تْ لا يُؤْمِـنون) [ الأنعام 109 ]، جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ: أي آية حِـسيّة مَاديّة، لا يُؤْمِـنون: دليل توكيد عَدَمِ الإيمانِ بِها، (وَإذا رَأوْا آيَةً يَسْـتَسْـخِـرونَ) [ الصافات 14 ]، (وَقَالـوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَـلَـيْهِ آيَةٌ مِـنْ رَبِّهِ قُلْ إنَّ اللّـهَ قَادِرٌ عَـلَـى أنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـكِـنَّ أكْـثَـرَهُـمْ لاَ يَعْـلَـمُـونَ) [ الأنعام 37 ]، (وَلَـئِـنْ جِـئْـتَـهُـمْ بِآيَةٍ لَـيَـقُـولَـنَّ الـذينَ كَـفَـروا إنْ أنْتُـمْ إلاَّ مُـبْطِـلُـونَ) [ الروم 58 ]، (وَلَـوْ نَزّلْـنَا عَـلَـيْكَ كِـتَابَاً فـي قِرْطَـاسٍ فَلَـمَـسُوهُ بِأيْـديهـِمْ لَـقَـالَ الـذينَ كَـفَـروا إنْ هَـذا إلاّ سِـحْـرٌ مُـبِينٌ) [ الأنعام 7 ]، فَالآيَاتُ المَطْلُوبـَةُ إذاً هيَ آيَاتٌ حِسّـِيَةٌ مَرْئِيـّةٌ، غَيْر آيَـاتِ القـُرْآنِ المُنْزَلَةِ أصْـلاً.
إذاً لاَ جَدْوى فِعْـلاً مِنْ تَعَدُّدِ الآياتِ الحِسّـيَةِ، فالقرآنُ كَافٍ وَوَافٍ لِمَنْ أرادَ الهُـدى: (إنّ هَـذا الـقُرآنَ يَهْـدي لِلّـتي هِـيَ أقْوَمُ) [ الإسراء 9 ]، (إنْ هُـو إلاَّ ذِكْـرٌ لـِلـعَـالَـمـينَ لـِمـَنْ شَـاءَ مـِنْكُـمْ أنْ يَسْـتقـيم) [ التكوير 28 ]، وَقَدْ كانَتِ الجِنُّ سَبّاَقَةً للإيْمـَانِ بِهَذا القُرْآنِ: (إنَّا سَـمِـعْـنَا قُرْآناً عَـجَـبَاً يَهْـدي إلـى الـرُشْـدِ فآمَـنّا بِهِ) [ الجن 1 / 2 ]، فآمَـنّا بِهِ : دونَ آيـاتٍ حسّـية بَصَريّـةٍ، (وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ قُـلْ إنَّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ وَإنّمَـا أنَا نَذِيرٌ مُـبينٌ أَوَ لَـمْ يَكْـفـِهِـمْ أنّا أَنْزَلْـنَا عَـلـَيـْكَ الـكِـتَابَ يُتْلى عَـلَـيْهِـمْ إنّ في ذَلِـكَ لـَرَحـْمَـة وَذِكْـرى لِـقَوْمٍ يُؤْمـِنُونَ) [ العنكبوت 50 / 51 ]، عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ: أي آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ، الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ: آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ .
(وَلـيأتينّـهُـمْ بغْـتةً وهُمْ لا يشـعرون) [ العنكبوت 53 ]:
سَـتَحْدُثُ السَـاعَةُ [القيامَـةُ] فَجْـأةً وَبِسُـرْعَةٍ وَدُونَ سَـابِقِ إنْذارٍ: (مَـا يَـنْظُـرونَ إلَّا صَـيْحَـةً واحِـدَةً تَأْخُـذُهُـمْ وَهُـمْ يَخِـصِّـمـونَ فَلاَ يَسْـتَـطـيعُـونَ تَـوْصِـيَـةً وَلاَ إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ) [ يس 49/ 50 ]، يَخِـصِّـمـونَ: يَتجادَلونَ في الأسواقِ، وَلا إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ: دَليل ُ قِصَرِ الوَقْتِ بِحَيْثُ لاَ وَقْـتَ حتَّى لِلْعَـوْدَةِ إلى المنـازل وَالأهلِ، (هَـلْ يَـنـظُـرونَ إلاَّ الـسَـاعَـةَ أَنْ تَـأْتِـيَـهُـمْ بَـغْــتَـةً وَهُـمْ لا يَـشْـعُـرونَ) [ الزخرف 66 ]، وأمْرُ السَـاعة عَمليّةٌ خَـاطِفَةٌ بِسُـرْعَةِ الضَـوْءِ أوْ أسْرع: (وَ مَـا أَمْـرُنا إلاَّ وَاحِـدَةٌ كَــلَـمْـحٍ بِالـبَصَـرِ) [ القمر 50 ].
(كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ العنكـبوت 57 ]:
النفس: هيَ التي لَهَـا الصِفَـاتُ الآتِيَـةُ:
مَخْـلُوقَـةٌ: (وَنَفْـسٍ وَمَـا سَـوَّاهَـا) [ الشمس 7 ] .
تُخَـطِّـطُ: (قَالَ بَلْ سَـوَّلَـتْ لَـكُـمْ أنْفُسُـكُـمْ أمْـراً) [ يوسف 18 / 83 ] .
فالنفْسُ: هِيَ كُلُّ المَشَاعِرِ وَالأَحَاسِيسِ وَالعُقُولِ التي نَتَّخِذُ عَنْ طَريقِهَا القَرارات.
تُعْطي الأوامِرَ: (إنَّ الـنَفْـسَ لأَمَّـارَةٌ بِالـسُـوءِ) [ يوسف 53 ].
تَمُــوتُ: (كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ الأنبياء 35 ].
تُحَاسَـبُ: (يَوْمَ تَجِـدُ كُـلُّ نَفْـسٍ مَـا عَـمِـلَـتْ) [ آل عمران 30 ] وذلك في يَوْمِ البَعْثِ.
وَالحِسَابِ: (عَـلِـمَـتْ نَفْـسٌ مَـا قَدَّمَـتْ وَأَخَّـرَتْ) [ الانفطار 5 ].
(لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً) [العنكبوت 58 ] :
مثـال ذلك جـنات عَـدْن:
هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَمِنَ الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ، وَفيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ: (تُؤْمِـنونَ بِاللَّـهِ وَرَسُـولِـهِ وَتُجَـاهِـدونَ في سَبيلِ اللَّـهِ بِأَمْـوالِـكُـمْ وَأَنْفُـسِـكُـمْ ذَلِـكُـمْ خَـيْرٌ لَـكُـمْ إنْ كُـنْتُمْ تَعْـلَـمـونَ يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَيُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَمَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ) [ الصف 11 /12 ]، (وَإنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يَدْعُـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَشَـرابٍ وَعِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ) [ ص 49 ]، (إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ]، ( وَالـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـيهَـا نِعْـمَ أَجْـرُ الـعَـامِـلـينَ) [العنكبوت 58 ] .
(وإنّ اللـه لـمَـعَ المحـسـنين) [العنكبوت 69 ] :
المُحْسِنُونَ: يَأتي الإحْسَانُ مَعَ التَقْوى: (إذا مَـا اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ ثُمَّ اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا ثُـمَّ اتَّقَـوْا وَأَحْـسَـنُوا وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ]، (هُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِلـمُـحْـسِـنينَ الـذينَ يُقِيمُـونَ الـصَـلاَةَ وَيُؤتُونَ الـزَكَـاةَ وَهُـمْ بِالآخِـرَةِ هُـمْ يُوقِنُونَ أُولَـئِـكَ عَـلـى هُـدَىً مِـنْ رَبِّهِـمْ وَأُولـئِـكَ هُـمُ الـمُـفْـلِـحُونَ) [ لقمان 3 / 5 ]، وَثَوابُ المُحْسنينَ يُعَادِلُ ثَوابَ المُتَّقينَ: (إنَّ الـمُـتَّقينَ فـي ظِـلاَلٍ وَعُـيُونٍ وَفَـواكِـهَ مِـمَّـا يَشْـتَهُـونَ كُـلُـوا وَاشْـرَبُوا هَـنِيئَـاً بِمَـا كُـنْتُمْ تَعْـمَـلُـونَ إنَّا كَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ المرسلات 41 / 44 ]، وَمِنْ صِفَاتِ المُحْسِنينَ أيْضَاً: (الـذينَ يُنْفِقُونَ فـي الـسَّـرَّاءِ وَالـضَـرَّاءِ وَالـكَـاظِـمِـينَ الـغَـيْظَ وَالـعَـافينَ عَـنِ الـنَاسِ وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ) [ آل عمران 134 ]، (إنَّهُـمْ كَـانُوا قَبْلَ ذَلِـكَ مُـحْـسِـنينَ كَـانُوا قَـلـيلاً مِـنَ اللَّـيْلِ مَـا يَهْـجَـعُـونَ وَبِالأَسْـحَـارِ هُـمْ يَسْـتَغْـفِـرونَ وَفـي أَمْـوالِـهِـمْ حَـقٌّ لِلـسَّـائِـلِ وَالـمَـحْـرومِ) [الذاريات 16 / 19 ]، وَللمُحْسنينَ عَطَاءٌ فريدٌ في الدُنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ: (وَلَـمَّـا بَلَـغَ أَشُـدَّهُ آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ يوسف 22 ]، وَاللَّـهُ مَعَهُمْ في الدُنْيَا وَالآخِرَةِ: (إنَّ اللَّـهَ لَـمَـعَ الـمُـحْـسِـنينَ)[ العنكبوت 69 ]، وَيُحِبُّهُمْ: (وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ] [ آل عمران 148 ]، وَيَرْحَمُهُمْ: (إنَّ رَحْـمَـةَ اللَّـهِ قَـريبٌ مِـنَ الـمُـحْـسِـنينَ) [ الأعراف 56 ]، وَيُبَشِّرُهُمْ بالجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ: (وَبَشِّـرِ الـمُـحْـسِـنينَ)[ الحج 37 ]، (جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـِيهَـا وَذَلِــكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ) [ المائدة 85 ]، (وَلَـهُـمْ مَا يَشَــاؤونَ عِـنْدَ رَبِّهِـمْ ذَلِـكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ ) [ الزمر 34 ]، (لِلَّـذينَ أَحْـسَـنُوا مِـنْهُـمْ وَاتَّقُـوا أَجْرٌ عَـظِـيمٌ ) [ آل عمران 172 ]، (وَالـسَـابِقُونَ الأَوَّلُـونَ مِـنَ الـمُـهَـاجِـرينَ وَالأَنْصَـارِ وَالـذينَ اتَّبَعُـوهُـمْ بِإحْـسَـانٍ رَضِـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضُـوا عَـنْه ُوَأَعَـدَّ لَـهُـمْ جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فِيهَـا أَبَداً ذَلِـكَ الـفَـوْزُ الـعِـظِـيمُ)[ التوبة 100 ]، وَالإحْسَانُ هُوَ أنْ تَعْبُدَ اللّهَ كَأنَّكَ تَراهُ. رواه البخاري برقم 50، كَمَا أوْضَحَ ذَلِكَ صلى الله عليه و سلّم، وَالسَلامُ في الدنيا والآخرة يكون للمُحسنينَ: (سَلامٌ عَـلى إبْراهـيم إنّا كَـذَلِـكَ نـجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [الصافات 109/ 110 ].
(لِلّـهِ الأمْـرُ)[ الروم 4 ] :
الفَرْقُ بَيْنَ: (لِلّـهِ الأمْـرُ) [ الروم 4 ]، وَبَيْنَ: (الأمْـرُ يَوْمَئِـذٍ لِلّـهِ) [ الانفطار 19]، فَفي سُـوْرَةِ الرومِ يُوجَدُ اخْتِصاصٌ: [ مَوْضُوعُ انْتِصَارِ الرومِ فَقَطْ ] لِذَلِكَ قَدَّمَ لَفْظَ الجَلالَةِ (لِلّـهِ)، بَيْنَمَا في يَوْمِ القِيَامَةِ كُلُّ الأمْرِ للّهِ، وَلاَ أمْـرَ لأحَدٍ سِواهُ: (يَوْمَ لاَ تَمْـلِـكُ نَفْـسٌ لِـنَفْسٍ شَـيْئَـاً)[ الانفطار 19]، أيْ إنَّ الأمْرَ مُطْلـَقٌ للّهِ، لِذَلِكَ قَـدَّمَ هَـذِهِ المَرَّة كَلِمَةَ (الأمْـرُ) على لَفْظِ الجَلاَلَةِ.
ومثله عِبـَارَةَ: (لِلّـهِ الـحَـمْـدُ) [ الجاثية 36 ] فيهـَا اختصاصٌ أوْ إزَالَةُ شَـكٍّ، عَمَّنْ ادّعى الحَمْدَ لِغَيْـرِ اللـهِ، فَتَمَّ تَقْديمُ الجَـارّ وَالمَجْرور (للّـهِ)، مِنْ أجْلِ هَـذا الاختصَاصِ، حَيْثُ وَحْـدَهُ سُـبحانَهُ الجَـديرُ بالحَمْـدِ، وَهُـوَ المُخْتَصُّ بِـهِ، وَهُـوَ سَـبَبُهُ كُلُّـهُ، لِذَلِكَ تَـمَّ تَقْديمُ الذاتِ الإلهيّـةِ (اللّـه) المُسْـتَحِقّةِ للحَمْدِ.
بَيْنَمَا عِبَـارةُ: (الـحَـمْـد لِلّـهِ) في بِدايَـةِ سُورَةِ الفَاتِحَـةِ، فَهيَ مُطْلَقَـةٌ وَغَيْرُ مُقَـيَّدَةٍ بِزَمَـانٍ أوْ مَكانٍ خَاصَّـةً وَأنَّ (الـحَـمْـد) مُعَرَّفَةٌ بِـألْ التَعْـريفِ، فَهيَ تَدُلُّ عَلى الحَمْـدِ المُتَعَـارَفِ عليْهِ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلوقِ، وَبِمَـا أنَّ عِبَـارَةَ: (الحَـمْـد لِلـّهِ) هيَ جُمْلَـةٌ خَبَريَّـةٌ، فَهيَ تُفيدُ الثَّباتَ، أيْ إنَّ الحَمْـدَ ثَابِتٌ وَدائِمٌ للـّهِ، وَالحَمْدُ يَكُونُ بَعْدَ العَطَاءِ وَالإحْسَانِ وَمَنْ أكْثَرُ عَطاءً وَإحْسَاناً مِنَ اللـهِ سُبْحَانَهُ، أمَّـا المَـدْحُ فَيَكُونُ قَبْلَ الإحْسَانِ وَبَعْـدَهُ كَمَا يَجُوزُ للحيّ وَالميّتِ، بَيْنَمَا الحَمْـدُ لا يَكُونُ إلاّ للحَيّ، فـَالحَمْـدُ للّـهِ وَحْدَهُ، بَيْنَمَا المَـدْحُ أوْلى لِسِواهُ، وَلَيْسَ الحَمْدُ: (وَ يُحِـبُّـونَ أنْ يُحْـمَـدوا بِـمَـا لَـمْ يَفْـعَـلُـوا) [ آل عمران 188 ] .
إخراج الحياة من الموت أمر إلهي فقط
[يُخْرِجُ وَمُـخْـرِجُ]:
هَذِهِ الثُنَائِيَّـةُ هِيَ ثُنَائِيّـةٌ مُتَنَـاوِبَةٌ: (إنَّ اللهَ فَالِـقُ الـحَـبِّ وَالـنَّوى يُخْرِجُ الـحَـيَّ مِنَ الـمَـيِّتِ وَمُـخْـرِجُ الـمَـيِّـتِ مِـنَ الـحَـيِّ) [ الأنعام 95 ]، نُلاَحِظُ أنَّ اللّفْظَةَ الأُولى لِلإِخْراجِ قَدْ جَاءَتْ _ يُخْرِجُ _ في صِيغَةِ الفِعْلِ المضَارِعِ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يَتَعَلَّقُ بالله وَحْدَهُ _ إخْرَاجُ الحَياةِ مِنَ الموْتِ _ وَلاَ يَقْدِرُ سِواهُ عَلى هَذا الأمْرِ، فالحيَاةُ أَمْرٌ إلَهِيٌّ فَقَطْ، بَيْنَما جَاءَتْ اللَّفْظَةُ الثَّانيةُ لِلإخْرَاجِ _ مُخْرِجُ _ في صِيغَةِ اسْمِ الفَاعِلِ، لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يُمْكِنُ أنْ يَقُومَ بِـهِ غَيْرُ الله _ إخْراجُ الميّتِ مِنَ الحَيِّ _ كَأنْ يَقْتُلَ مَخْلوقٌ مَخْلوقاً آخَرَ، أمّا في الآخِرَةِ فإنَّ الأمْرَ كُلَّهُ يُصْبِحُ بِيَدِ الله وَلا يَسْتَطيعُ أَحَدٌ أنْ يقتل أحَداً [أنْ يُخْرِجَ الميِّتَ مِنَ الحَيِّ]، لِذَلِكَ فَإنَّ اللّهَ (يُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَيُخْرِجُ الـمَـيِّـتَ مِـنَ الـحَـيِّ وَيُحْـيِي الأَرْضَ بَعْـدَ مَـوْتِهَـا وَكَـذَلِـكَ تُخْـرَجُـونَ) [ الروم 19 ] لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأَمْرَ يَخُصُّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَطْ: (تُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَتُخْـرِجُ الـمَـيِّتَ مِـنَ الـحَـيِّ) [ آل عمران 27 ].
(لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [الروم 21]:
إنَّ حَنينَ الذَّكَرِ للأنْثى، مِنْ أجْلِ أنْ يَسـْكُنَ إلَيْها: (خَـلَـق َ لَـكُـمْ مِـنْ أنْـفُـسِـكُـمْ أزْواجَـاً لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [ الروم 21 ]، إذْ لاَ يُوجَدُ بالفِطْرَةِ الإنْسَـانيّةِ، حَنينٌ وَرَغْبَةُ لَـذَّةٍ بَيْنَ أبْناءِ الجِنْسِ الواحِدِ، لِذَلِكَ كَانَتْ اللذَّةُ بَيْنَ أبْنَـاءِ الجنْسِ الواحِدِ اِبْتِـكاراً شَـاذّاً عِنْدَ قَوْمِ لُوط: ( وَ لُـوطَـاً إذْ قَـالَ لِـقَـوْمِـهِ أَتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَـا مِـنْ أحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـينَ أَئِـنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِّجَـالَ شَـهْـوَةً مِـنْ دُونِ الـنِّسَـاءِ بَلْ أَنْتُـمْ قَـوْمٌ مُـسْـرِفُون) [ الأعراف 80 / 81 ] .
(الـبَـرْقَ خـوفاً و طـمعـاً)[ الروم 24 ]:
إنَّ السُّؤَالَ الذي يَطْرَحُ نَفْسَهُ بِقُوَّةٍ هُوَ: لِمَاذَا تَكُونُ الغُيومُ مَشْحُونَةً بِشُـحْنَةٍ سَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ وَشُـحْنَةٍ مُوجِبَـةٍ مِنَ الأَعْلى؟ وَلَوْ كَانَ العَكْسُ لَمَـا حَصَلَتِ الصًـواعِقُ وَالبَـرْقُ نَحْوَ الأَرْضِ، وَالسَبَبُ الذي اقْتَضَتْهُ المَشيئَةُ الإلهِيَّةُ، هُوَ أنَّ طَبَقَةَ [الأَيُونُوسْـفير] الجَويَّـة، شُحْنَتُهَا الكَهْربائِيَّةُ سَـالِبَةٌ، فَعنْدَمَا تَتَشَكَّلُ الغُيُومُ أَسْفَلَ هَذِهِ الطَّبَقَةِ [طَبَقَةِ التروبوسْفير ذَاتُ التَقَلُّبَاتِ الجَوِيَّةِ]، تَتَكَهْرَبُ بالتَأْثيرِ عَكْسَ الشُّحْنَةِ، مِمَّا يَقْتَضي أَنْ تَكُونَ ذَات شُـحْنَةٍ مُوجِبَةٍ مِنَ الأَعْلى وَسَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ، فَيَحْدُثُ البَرْقُ السَالِبُ وَالصَّواعِقُ نَحْوَ الأرْضِ: (وَ يُرْسِـلُ الـصَّـواعِـقَ فَيُصِـيْبُ بِهَـا مَـنْ يَشَـاءُ)[ الرعد 13 ] .
يُوجَدُ فَوْقَ سَطْحِ أَيِّ مَادَّةٍ سَحَابَةٌ إلكِترونيَّةٌ، وَتَكُونُ الإلِكِتروناتُ ذَاتُ طَاقَةٍ حَرَكيَّةٍ حَراريَّةٍ عالِيَة تُسَمَّى [الإصْدارُ الحَراريّ الإلِكِتْرونيِّ]، وَتَحْتَوي الغُيُومُ عَلى قَطَراتِ مَاءٍ وَبَلُّوراتٍ جَليدِيَّةٍ، وَيَكُونُ المَاءُ وَالجَليدُ في حَالَةِ تَمَاسٍ، فَتَنْتَقِلُ الإلِكِتْروناتُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلى الآخَرِ، وَلِذَلِكَ تَتَكَهْرَبُ الغَيْمَـةُ، وَالقَطَراتُ السَاقِطَةُ دَاخِلَ الغَيْمَة تَزْدَادُ كَهْربائِيَّتُهَا السَالِبَة، كَمَا أَنَّ تَجَمُّد الجِزْء العُلْويِّ مِنَ الغَيْمَةِ يُسْهِمُ بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ بِكَهْرَبَتِهَا، عِلْمَاً أنَّ أكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ عَملِيَّاتٍ ميكانيكِيَّةٍ تَحْدُثُ دَاخِلَ الغُيُومُ لِتُوَزِّعَ الشُحْنَات.
البَـرْقُ الشَـريطيّ [الخَطِّـيّ] :
هُوَ مَجْمُوعَـةُ نَبَضَاتٍ كَهْرُبائِيَّـةٍ، تَجْري تِبَـاعَاً خَلْفَ بَعْضِهَا، وتُكَوِّنُ في النِهَايَةِ شَرارَةَ التَفْريغِ الكَهْرَبَائِيِّ، وَيَسْري هَذَا النَوْعُ مِنَ البَرْقِ الشَريطِيّ عَبْرَ قَنَاةٍ بِـلازْمِيَّةٍ مَلِيْئَةٍ بَإلِكِتْرونَاتٍ وَشَوارِدَ كَهْرُبائِيَّةٍ حُرَّةٍ، وَتُدْعى هَذِهِ القَنَـاةُ الدَلِيـْلَ المُتَدَرِّجِ [لأنَّهُ يَتَشَكَّلُ عَلى دُفَعَاتٍ] وَتَتَشَكَّلُ بالطَريقَةِ الفِيزْيَائِيَّةِ التَالِيَةِ:
تَبْلُغُ سُرْعَةُ الدَليلِ نَحْوَ الأَرْضِ 000 10 كم / ثانيَة، وَ تَبْلُغُ فَتْرَةُ التَوَقُّفِ 50 / 000 000 1 [ 50 ميكرو ثانيَة ]، وَيَسْتَغْرِقُ زَمَنُ وُصولِهِ إلى الأَرْضِ 20 / 1000 ثانية [20 ميلي ثانية ]، وَبَعْدَ أنْ يَصِلَ الأَرْضَ تُصْبِحُ [الدَارَةُ الكَهْربائِيَّةُ مُغْلَقَةً ]، عِنْدَهَا يَسْـري التَيَّـارُ الكَهْرُبائِيِّ عَلى شَكْلِ نَبْضَـةٍ تَسْتَغْرِقُ حَوالي 1 / 10 ميلي ثانيَة، وَبِشِـدَّةٍ حَوالي 000 100 آمبير، وَطَاقَـةٍ حَوالي 000 000 1000 جول، وَدَرَجَةِ حَرارَةٍ حوالي 1000 مئويّة، فَيَنْشَأُ ضَوْءُ البَرْقِ السَاطِعِ: (يَكَادُ سَـنَا بَرْقِه يَذْهَـبُ بِالأَبْصَـارِ) [ النور 43 ]، وَيَتمُّ تَفْريغُ عِدَّةِ نَبَضَاتٍ خِلاَلَ أَجْزاءٍ مِنَ الثَانِيَةِ، تَبْدو كَأنَّهَا نَبْضَةٌ واحِدَةٌ، يَتْبَعُهَا هَـزيْمُ الرَعْدِ نَتِيْجَةَ تَمَدُّدِ الغَازِ الفُجَائِيِّ وَالحَادّ: (وَيُسَـبِّحُ الـرَّعْـدُ بِحَـمْـدِهِ) [ الرعد 13 ]، وَييَبْلُغُ طُـولُ البَرْقِ الخَـطيِّ عِدَّةَ كيلومِتْراتٍ، وَيُقَدَّرُ فَرْقُ الكُمُونِ بَيْنَ الغُيُومِ وَالأَرْضِ 000 000 1000 فولط، وَقُطْرُ القَناةِ البِلازْمِيَّةِ = 1 سم فقط.
[المطـر، والغـيث ]:
المَطَـرُ : للشَـرِّ وَالعِقَـابِ، بينمـا الغَـيْثُ للرَحْمَـةِ وَالخَيْـرِ: (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَانْظُـرْ كَـيْفَ كَـانَ عَـاقِبَةُ الـمُـجْـرمِـينَ) [ الأعراف 84 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَسـَاءَ مَـطَـرُ الـمُـنْذَرينَ) [ الشعراء 173 ] [النمل 58 ]، (وَإنْ كَـانَ بِكُـمْ أَذَىً مِـنْ مَـطَـرٍ) [ النساء 102 ]، (وَلَـقَدْ أَتَوْا عَـلـى الـقَرْيَةِ الـتي أُمْـطـرَتْ مَـطَـرَ الـسوءِ) [ الفرقان 40 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ) [ الحجر 74 ][ هود 82 ]، أمّا [الغيث] فهو للرحمة: (وَ هُـوَ الـذي يُنَزِّلُ الـغَـيْثَ مِـنْ بَعْـدِ مَـا قَـنَطُـوا وَيَنْشُـرُ رَحْـمَـتَهُ) [ الشورى 28 ]، (ثُمَّ يَأْتي مِـنْ بَعْـدِ ذَلِـكَ عَـامٌ فيهِ يُغَـاثُ الـنَاسُ وَفيهِ يَعْـصِـرونَ) [ يوسف 48 ]، (إنَّ اللّـهَ عِـنْدَهُ عِـلْـمُ الـسَاعَـةِ وَيُنَزِّلُ الـغَـيْثَ) [ لقمان 34 ]، (كَـمَثَلِ غَـيْثٍ أعْـجَـبَ الـكُـفَّارَ نَبَاتُهُ) [ الحديد 20 ]، الـكُـفَّار هُنَا: المُزارعون وَالفلاَّحُونَ، لأنَّهُمْ يَغَطُّـونَ الأرْضَ بالنَّباتِ وَالمَزروعَاتِ.
(رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَـمِـعْـنَا) [ السجدة 12 ] :
في جميع آيات القرآن الكريم يأتي ذكْر [السمع] قبل [البصر]، مـا عدا ثلاث حالات جَـاءَ ذِكْـرُ البَصَـرِ قَبْلَ السَـمْعِ وهي:
أولاً : عِنْدَ ذِكْرِ الحَواسِّ بالتسَلسُلِ مِنَ الأمَـامِ إلى الخَلْفِ بالنسْبةِ لجِسْمِ الإنْسـَانِ : (لَـهُـمْ قُـلُـوبٌ لاَ يَفـْقَـهُـونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ أَعْـيُـنٌ لاَ يُبْصِـرونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ آذانٌ لاَ يَسْـمَعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف 179]، (أمْ لَـهُـمْ أَعْــيُنٌ يُبْصِـرونَ بِهَـا أَمْ لَـهُـمْ آذانٌ يَسْـمَـعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف195 ] .
ثانياً: عِنْدَ المُقَارَنَةِ: (مَـثَلُ الـفَـريقَيْنِ كَــالأَعْـمَـى وَالأَصَـمِّ وَالـبَصِـيرِ وَالـسَـمـيعِ) [ هود 24 ] .
ثَالِثَاً: يومَ القيامَـةِ عِندما تظْهَرُ الحقَائِقُ وَتصبحُ مُشـَاهَدة: (رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَمِعْـنَا) [ السجدة 12 ] .
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
22رمضان 1436هـ -09 يوليو 2015م
الأَبُّ.. طعام البهائم من الكلأ والمرعى
ضرب الله أمثالاً كثيرة يستدل بها الإنسان في مواضع مسيرة حياته في الكتاب والسنة، حيث قال الله عز وجل: (وفاكهة وأبّا)، قال ابن كثير في تفسير الآية: أما الفاكهة فهي ما يتفكه بها من الثمار، وقال ابن عباس: الفاكهة كل ما أكل رطْباً، والأبُّ ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس، وهو الحشيش للبهائم.
عَنْ أَنَس قَالَ: قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الآيَةِ: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا) قَالَ: عَرَفْنَا مَا الْفَاكِهَةُ، فَمَا الأَبُّ؟ فَقَالَ: لَعَمْرُكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ.
تناقض الوسطية
فالتكلف في الدين أمر منهي عنه في جميع أحكامه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهينا عن التكلف». رواه البخاري.
وعن مسروق قال: دخلنا على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}. رواه البخاري.
الوسطية
إن الوسطية منهج يسري في كل أصول الدين وفروعه، كما يسري الماء في عود النبات الأخضر، ومنهج الوسطية في العبادة، فالإسلام قد جاء بمنهج، توسَّط فيه بين الإفراط الذي فيه جور على النفس وتسئيم لها، والتفريط الذي فيه حرمانها من حظها من العبادة التي لا تصلح ولا تزكو إلا بها.
ولعل من أهم ما يرسم منهج الوسطية في العبادة: تلك الأحاديث الثلاثة: عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي، يسألون عن عبادته، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي، صلى الله عليه وسلم؟ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر. فقال أحدهم: أمّا أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء أبدًا. فجاء رسول الله، فقال: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وعن أنس بن مالك قال: «دخل النبي، المسجد، فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ فقالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت به، فقال النبي: حلّوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد».
وعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي، دخل وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملّوا وكان أحبّ الدّين إليه ما داوم عليه صاحبه.
وهذه الأحاديث – وما في معناها – جاءت موافقة لما في القرآن في أمره بالوسطية في العبادة، وتشنيعه على من خرج عنها.
مال جزيل
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة «وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزَوْرِك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه.
قال ابن كثير: أي جهدكم وطاقتكم، وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله – تعالى: (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قال: لما نـزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرّحت جباههم فأنـزل الله – تعالى – هذه الآية، تخفيفًا على المسلمين: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فنسخت الآية الأولى.
التمسك بالسنة
تتأتى متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستمساك بسنته واتباع هديه عليه الصلاة والسلام فما من خير إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا حذرنا منه بل وحثنا عليه الصلاة والسلام بالاستمساك بسنته والعض عليها، قال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة".
فمن ثمار التمسك بالسنة أنك تعصم نفسك بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه، تعصم نفسك عن الاختلاف المذموم، تعصم نفسك عن الدخول في أمور الاختلاف والفرقة التي ذمها الإسلام بأن تتمسك بالسنة وهذا معيار من الرسول صلى الله عليه وسلم نعلِّمه ونُلقِّنُه للناس، نقول لهم إذا جاءكم أمر من الأمور والتبست عليكم الأمور وما عرفتم هل هذا الأمر يجوز أو لا يجوز؛ فانظروا هل كان عليه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا ضابط علمنا إياه صلى الله عليه وسلم، فنسلَمُ بذلك من التكلف.
******************************************************************ضرب الله أمثالاً كثيرة يستدل بها الإنسان في مواضع مسيرة حياته في الكتاب والسنة، حيث قال الله عز وجل: (وفاكهة وأبّا)، قال ابن كثير في تفسير الآية: أما الفاكهة فهي ما يتفكه بها من الثمار، وقال ابن عباس: الفاكهة كل ما أكل رطْباً، والأبُّ ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس، وهو الحشيش للبهائم.
عَنْ أَنَس قَالَ: قَرَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ (عَبَسَ وَتَوَلَّى) فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الآيَةِ: (وَفَاكِهَةً وَأَبًّا) قَالَ: عَرَفْنَا مَا الْفَاكِهَةُ، فَمَا الأَبُّ؟ فَقَالَ: لَعَمْرُكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ إِنَّ هَذَا لَهُوَ التَّكَلُّفُ.
تناقض الوسطية
فالتكلف في الدين أمر منهي عنه في جميع أحكامه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «نهينا عن التكلف». رواه البخاري.
وعن مسروق قال: دخلنا على عبدالله بن مسعود رضي الله عنه فقال: يا أيها الناس من علم شيئاً فليقل به، ومن لم يعلم، فليقل: الله أعلم، فإن من العلم أن يقول الرجل لما لا يعلم: الله أعلم. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين}. رواه البخاري.
الوسطية
إن الوسطية منهج يسري في كل أصول الدين وفروعه، كما يسري الماء في عود النبات الأخضر، ومنهج الوسطية في العبادة، فالإسلام قد جاء بمنهج، توسَّط فيه بين الإفراط الذي فيه جور على النفس وتسئيم لها، والتفريط الذي فيه حرمانها من حظها من العبادة التي لا تصلح ولا تزكو إلا بها.
ولعل من أهم ما يرسم منهج الوسطية في العبادة: تلك الأحاديث الثلاثة: عن أنس بن مالك قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي، يسألون عن عبادته، فلما أُخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي، صلى الله عليه وسلم؟ قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر. فقال أحدهم: أمّا أنا فأصلي الليل أبدًا. وقال الآخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أما أنا فلا أتزوج النساء أبدًا. فجاء رسول الله، فقال: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
وعن أنس بن مالك قال: «دخل النبي، المسجد، فإذا حبل ممدود بين ساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ فقالوا: هذا حبل لزينب، فإذا فترت تعلّقت به، فقال النبي: حلّوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليرقد».
وعن عائشة – رضي الله عنها – أن النبي، دخل وعندها امرأة قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله حتى تملّوا وكان أحبّ الدّين إليه ما داوم عليه صاحبه.
وهذه الأحاديث – وما في معناها – جاءت موافقة لما في القرآن في أمره بالوسطية في العبادة، وتشنيعه على من خرج عنها.
مال جزيل
قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى «وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات، التي يحصل لك بها الثواب في الدنيا والآخرة «وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا» أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح، فإن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً، ولزَوْرِك عليك حقاً، فآت كل ذي حق حقه.
قال ابن كثير: أي جهدكم وطاقتكم، وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله – تعالى: (اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) قال: لما نـزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم، وتقرّحت جباههم فأنـزل الله – تعالى – هذه الآية، تخفيفًا على المسلمين: (فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) فنسخت الآية الأولى.
التمسك بالسنة
تتأتى متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالاستمساك بسنته واتباع هديه عليه الصلاة والسلام فما من خير إلا ودلنا عليه، وما من شر إلا حذرنا منه بل وحثنا عليه الصلاة والسلام بالاستمساك بسنته والعض عليها، قال عليه الصلاة والسلام: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة في الدين بدعة وكل بدعة ضلالة".
فمن ثمار التمسك بالسنة أنك تعصم نفسك بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه، تعصم نفسك عن الاختلاف المذموم، تعصم نفسك عن الدخول في أمور الاختلاف والفرقة التي ذمها الإسلام بأن تتمسك بالسنة وهذا معيار من الرسول صلى الله عليه وسلم نعلِّمه ونُلقِّنُه للناس، نقول لهم إذا جاءكم أمر من الأمور والتبست عليكم الأمور وما عرفتم هل هذا الأمر يجوز أو لا يجوز؛ فانظروا هل كان عليه حال الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا ضابط علمنا إياه صلى الله عليه وسلم، فنسلَمُ بذلك من التكلف.
قلب خاشع
اللهم أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكي وشركي، بك أستنصر فانصرني، وعليك أتوكك فلا تكلني، وببابك أقف فلا تطردني، وإياك أسأل فلا تخيبني، وفي فضلت أرغب فلا تحرمني. اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وأعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم إني أسألك رزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اجعلني من أحسن عبادك نصيباً عندك، وأقربهم منزلة منك، وأخصهم زلفى لديك، فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك، فجد لي بجودك، واعطف علي بمجدك وأقل عثرتي واغفر لي زلتي واجعل لساني بذكرك لهاجاً وقلبي بحبك متيماً، ومُنَّ عليّ بحسن إجابتك، فإنك أمرت عبادك بدعائك وضمنت لهم الإجابة، فإليك يا رب نصبت وجهي ومددت يدي، فبرحمتك استجب دعائي يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا نور المستوحشين في الظلم. اللهم ارزقني قلباً خاشعاً، ويقيناً صادقاً، ولساناً ذاكراً، وولداً صالحاً، وخلقاً حسناً، وعملاً متقبلاً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقناً اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.أنت الرجاء إذا انقطع الرجاء، وأنت المستعان إذا عظم البلاء، وأنت الملجأ في الشدة والرخاء، إلهنا كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت الكريم المنان.إلهنا يا أيها الجبار الأعظم والملك الأكرم، لك الفضل العظيم، العزيز من أعززته، والذليل من أذللته، والشريف من شرفته، والسعيد من أسعدته، والشقي من أشقيته، والقريب من أدنيته، والبعيد من أبعدته، والمحروم من حرمته، والرابح من وهبته، والخاسر من عذَّبته.
اللهم إنا نسألك باسمك العظيم، ووجهك الكريم، وعلمك المكنون الذي بعد عن إدراك الأفهام، أن ترزقنا الجنة، وأن
******************************************************************اللهم أخرجني من ذل نفسي، وطهرني من شكي وشركي، بك أستنصر فانصرني، وعليك أتوكك فلا تكلني، وببابك أقف فلا تطردني، وإياك أسأل فلا تخيبني، وفي فضلت أرغب فلا تحرمني. اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وأعوذ بك من علم لا ينفع. اللهم إني أسألك رزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
اللهم اجعلني من أحسن عبادك نصيباً عندك، وأقربهم منزلة منك، وأخصهم زلفى لديك، فإنه لا ينال ذلك إلا بفضلك، فجد لي بجودك، واعطف علي بمجدك وأقل عثرتي واغفر لي زلتي واجعل لساني بذكرك لهاجاً وقلبي بحبك متيماً، ومُنَّ عليّ بحسن إجابتك، فإنك أمرت عبادك بدعائك وضمنت لهم الإجابة، فإليك يا رب نصبت وجهي ومددت يدي، فبرحمتك استجب دعائي يا سابغ النعم ويا دافع النقم ويا نور المستوحشين في الظلم. اللهم ارزقني قلباً خاشعاً، ويقيناً صادقاً، ولساناً ذاكراً، وولداً صالحاً، وخلقاً حسناً، وعملاً متقبلاً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقناً اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.أنت الرجاء إذا انقطع الرجاء، وأنت المستعان إذا عظم البلاء، وأنت الملجأ في الشدة والرخاء، إلهنا كيف يرجى سواك وأنت ما قطعت الإحسان، وكيف يطلب من غيرك وأنت الكريم المنان.إلهنا يا أيها الجبار الأعظم والملك الأكرم، لك الفضل العظيم، العزيز من أعززته، والذليل من أذللته، والشريف من شرفته، والسعيد من أسعدته، والشقي من أشقيته، والقريب من أدنيته، والبعيد من أبعدته، والمحروم من حرمته، والرابح من وهبته، والخاسر من عذَّبته.
اللهم إنا نسألك باسمك العظيم، ووجهك الكريم، وعلمك المكنون الذي بعد عن إدراك الأفهام، أن ترزقنا الجنة، وأن
صفحات من تاريخ القبائل (21):الهجرة الليبية الى تونس
وكان الجنوب من أهمّ المناطق التي ارتبطت بكلّ مراحل الهجرة الليبيّة بفعل الحركية الاقتصاديّة التي أفرزتها الشركات المنجميّة التي انتصبت بداية من القرن العشرين في كلّ من أم العرائس والمتلوي والرديف والمظيلة. ومن أهم القبائل التي استقرّت بالجنوب: ورفلة، أولاد بوسيف، الجغافرة، المشاشية، مصراتة، الزنتان، ككلة، زليطن، العجيلات، النوايل والصيعان. وكانت منطقة الشمال من أهمّ المناطق التي استقطبت أيضا المهاجرين لصبغتها الزراعيّة.
ومن أهمّ العروش التي استوطنت بشمال البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر: ترهونة، ورفلة، العجيلات، فرجان، المحاميد، العلاونة، ورشفانة، الزنتان، الأصابعة، ككلة، أولاد شبل، غريان، الرحيبات، القواليش والرجبان. وسمّيت بعض المناطق بأسماء القبائل التي ينحدر منها سكّانها الجدد: ورفلة، ترهونة، الأمساك، الحوامد، الزوايد، العجيلات، المحاميد، المجابرة، المثانين والنوايل..» (13).
الجاليات
وكان لجالية فزان حضورها المكثّف في مدينة تونس وكان لها شيخها. «وقد استقرّ الفزازنة بالخصوص قرب باب سويقة في نهج الفزازنة. واستقرّت بالعاصمة أيضا جالية هامّة من واحة غدامس في أربع تجمّعات كانت تعرف بدار الجماعة بنهج غرنوطة، باب سويقة، سوق النحاس والحفصيّة»(14).
وشكّلت الجالية الجزائريّة أيضا احدى أهمّ الجاليات العربيّة الاسلاميّة بالبلاد التونسيّة، اذ بلغ عدد أفرادها سنة 1939 حوالي 13 ألف في مدينة تونس وضواحيها منهم 3800 من قسنطينة و1350 من مدينة الجزائر و5 آلاف من وهران و2300 من وادي سوف و2000 من ورقلة و2100 من توات و765 من المزاب.
وكانت الجالية الجزائريّة تشكّل ثلثي الجاليات العربيّة الاسلاميّة الأخرى. وكانت أولى موجات الهجرة بدأت عند الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 اذ فضّلت أعداد كبيرة من الجزائريين العيش بالايالة التونسيّة وخاصّة أهالي عنّابة الذين اندمجوا في المجتمع التونسي واستقرّوا في مرحلة أولى في جهة بنزرت قبل الانتقال الى العاصمة. وظلّ لقب «العنّابي» متداولا الى اليوم بين التونسيّين. وكان جلّهم ميسوري الحال ويتعاطون الفلاحة أوتجارة الأقمشة وخاصّة الحرير. أمّا الوافدون من تبسّة وكنشالة وكذلك النمامشة فقد كانت أحوالهم أقلّ يسرا. وقد ازدادت أعدادهم في سنوات الجفاف والشدّة وخاصّة سنة 1945/ 1946. وكان الكثير منهم يأتون بدوابهم ليخيّموا في مداخل العاصمة وضواحيها القريبة (السيدة المنوبية، الملاسين، حمام الأنف) أوفي «فنادق» المدينة و«وكايلها». وكانت عائلات أخرى من قسنطينة قدمت الى الايالة التونسيّة منذ زمن بعيد، قبل الاحتلال الفرنسي، واندمجت كليّا في المجتمع التونسي. ثم جاءت في وقت لاحق مجموعات أخرى من قسنطينة لتستقرّ خاصّة في المرناقية وطبربة وعين غلال والجديدة.
وكان هناك صنف آخر من المهاجرين هم الطلبة الذين كانوا يتوافدون على جامع الزيتونة، وكانوا يأتون من تبسّة وكنشالة والباطنة وسطيف وبسكرة.
وكان «القبايليّة» أيضا من أهمّ مكوّنات الجاليّة الجزائريّة، ومنهم كانت تتألّف احدى الفرق العسكريّة النظاميّة في عهد البايات وكانوا يعرفون بعسكر زواوة.
يتبع
ـــــــــــــ
13ـ أبوالقاسم (ابراهيم): المهاجرون الليبيّون بالبلاد التونسيّة 1911/ 1957، ص 54.
14ـ المصدر السابق، ص 54
بقلم الأستاذ محمد علي الحباشي
******************************************************************وكان الجنوب من أهمّ المناطق التي ارتبطت بكلّ مراحل الهجرة الليبيّة بفعل الحركية الاقتصاديّة التي أفرزتها الشركات المنجميّة التي انتصبت بداية من القرن العشرين في كلّ من أم العرائس والمتلوي والرديف والمظيلة. ومن أهم القبائل التي استقرّت بالجنوب: ورفلة، أولاد بوسيف، الجغافرة، المشاشية، مصراتة، الزنتان، ككلة، زليطن، العجيلات، النوايل والصيعان. وكانت منطقة الشمال من أهمّ المناطق التي استقطبت أيضا المهاجرين لصبغتها الزراعيّة.
ومن أهمّ العروش التي استوطنت بشمال البلاد التونسيّة منذ القرن التاسع عشر: ترهونة، ورفلة، العجيلات، فرجان، المحاميد، العلاونة، ورشفانة، الزنتان، الأصابعة، ككلة، أولاد شبل، غريان، الرحيبات، القواليش والرجبان. وسمّيت بعض المناطق بأسماء القبائل التي ينحدر منها سكّانها الجدد: ورفلة، ترهونة، الأمساك، الحوامد، الزوايد، العجيلات، المحاميد، المجابرة، المثانين والنوايل..» (13).
الجاليات
وكان لجالية فزان حضورها المكثّف في مدينة تونس وكان لها شيخها. «وقد استقرّ الفزازنة بالخصوص قرب باب سويقة في نهج الفزازنة. واستقرّت بالعاصمة أيضا جالية هامّة من واحة غدامس في أربع تجمّعات كانت تعرف بدار الجماعة بنهج غرنوطة، باب سويقة، سوق النحاس والحفصيّة»(14).
وشكّلت الجالية الجزائريّة أيضا احدى أهمّ الجاليات العربيّة الاسلاميّة بالبلاد التونسيّة، اذ بلغ عدد أفرادها سنة 1939 حوالي 13 ألف في مدينة تونس وضواحيها منهم 3800 من قسنطينة و1350 من مدينة الجزائر و5 آلاف من وهران و2300 من وادي سوف و2000 من ورقلة و2100 من توات و765 من المزاب.
وكانت الجالية الجزائريّة تشكّل ثلثي الجاليات العربيّة الاسلاميّة الأخرى. وكانت أولى موجات الهجرة بدأت عند الاحتلال الفرنسي للجزائر سنة 1830 اذ فضّلت أعداد كبيرة من الجزائريين العيش بالايالة التونسيّة وخاصّة أهالي عنّابة الذين اندمجوا في المجتمع التونسي واستقرّوا في مرحلة أولى في جهة بنزرت قبل الانتقال الى العاصمة. وظلّ لقب «العنّابي» متداولا الى اليوم بين التونسيّين. وكان جلّهم ميسوري الحال ويتعاطون الفلاحة أوتجارة الأقمشة وخاصّة الحرير. أمّا الوافدون من تبسّة وكنشالة وكذلك النمامشة فقد كانت أحوالهم أقلّ يسرا. وقد ازدادت أعدادهم في سنوات الجفاف والشدّة وخاصّة سنة 1945/ 1946. وكان الكثير منهم يأتون بدوابهم ليخيّموا في مداخل العاصمة وضواحيها القريبة (السيدة المنوبية، الملاسين، حمام الأنف) أوفي «فنادق» المدينة و«وكايلها». وكانت عائلات أخرى من قسنطينة قدمت الى الايالة التونسيّة منذ زمن بعيد، قبل الاحتلال الفرنسي، واندمجت كليّا في المجتمع التونسي. ثم جاءت في وقت لاحق مجموعات أخرى من قسنطينة لتستقرّ خاصّة في المرناقية وطبربة وعين غلال والجديدة.
وكان هناك صنف آخر من المهاجرين هم الطلبة الذين كانوا يتوافدون على جامع الزيتونة، وكانوا يأتون من تبسّة وكنشالة والباطنة وسطيف وبسكرة.
وكان «القبايليّة» أيضا من أهمّ مكوّنات الجاليّة الجزائريّة، ومنهم كانت تتألّف احدى الفرق العسكريّة النظاميّة في عهد البايات وكانوا يعرفون بعسكر زواوة.
يتبع
ـــــــــــــ
13ـ أبوالقاسم (ابراهيم): المهاجرون الليبيّون بالبلاد التونسيّة 1911/ 1957، ص 54.
14ـ المصدر السابق، ص 54
بقلم الأستاذ محمد علي الحباشي
الصالحون في رمضان:عامر بن عبد قيس
كان يقول: «لذات الدنيا أربعة: المال والنساء والنوم والطعام فأما المال والنساء فلاحاجة لي فيهما وأما النوم والطعام فلابد لي منهما فوالله لأضرن بهما جهدي» ولقد كان يبيت قائمًا، ويظل صائمًا
وعن علقمة بن مرثد قال: «انتهى الزهد إلى ثمانية عامر بن عبدالله بن عبد قيس وأويس القرني هرم بن حيان والربيع بن خيثم ومسروق بن الأجدع والأسود بن يزيد وأبو مسلم الخولاني والحسن بن أبي الحسن» . وكان يقول: «ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ولكن أبكي على ظمإ الهواجر، وقيام ليل الشتاء»
وعن قتادة: «لما احتضر عامر بكى فقيل ما يبكيك؟ قال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن أبكي على ظمإ الهواجر وقيام الليل»
******************************************************************كان يقول: «لذات الدنيا أربعة: المال والنساء والنوم والطعام فأما المال والنساء فلاحاجة لي فيهما وأما النوم والطعام فلابد لي منهما فوالله لأضرن بهما جهدي» ولقد كان يبيت قائمًا، ويظل صائمًا
وعن علقمة بن مرثد قال: «انتهى الزهد إلى ثمانية عامر بن عبدالله بن عبد قيس وأويس القرني هرم بن حيان والربيع بن خيثم ومسروق بن الأجدع والأسود بن يزيد وأبو مسلم الخولاني والحسن بن أبي الحسن» . وكان يقول: «ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ولكن أبكي على ظمإ الهواجر، وقيام ليل الشتاء»
وعن قتادة: «لما احتضر عامر بكى فقيل ما يبكيك؟ قال: ما أبكي جزعًا من الموت ولا حرصًا على الدنيا ولكن أبكي على ظمإ الهواجر وقيام الليل»
لجزء الحادي والـعـشرون
الآيات الحِسية لا تجدي مع الكافرين
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [ 46 ] من سورة الـعـنـكبوت، وحتى الآيـة [ 30 ] من سورة الأحــزاب، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ)[ العنكبوت 50 ]:
إنَّ الآيات الحِسِيّة المَرْئِيّة غيرَ القرآنِ، لاَ تُجْدي مَعَ إصْرارِ الكافرينَ عَلى الكُفْرِ وَالمعْصيةِ، لِذَلِكَ كانَ لاَ دَاعيَ لَهَا، حتّى إنّ مُعْجِزَةَ الإسْراءِ والمعْراجِ قَدْ حَصَلَتْ ليْلاً وسـِرّاً، (وَقَالَ الـذينَ لاَ يَعْـلَـمـونَ لَـوْلا يُكَـلِّـمـُنَا اللّـهُ أوْ تَأْتِينَا آيَةٌ) ثم قال (قَدْ بَيّنَا الآيَاتِ لِـقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [ البقرة 118 ]، تَأْتِينَا آيَةٌ: أي آية حِسـيَةٌ، بَيّنَا الآيَاتِ: آيات القرآن الكريم العِلميّة، (وَأقْسَـمـُوا بِاللّـهِ جَـهْـدَ أيْمَـانِهِـمْ لَـئِـنْ جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ لَـيُؤْمِـنُنَّ بِهَـا قُـلْ إنّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ اللّـهِ وَمَـا يُشْـعِـرِكُـمْ أنّهَـا إذا جَـاءَ تْ لا يُؤْمِـنون) [ الأنعام 109 ]، جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ: أي آية حِـسيّة مَاديّة، لا يُؤْمِـنون: دليل توكيد عَدَمِ الإيمانِ بِها، (وَإذا رَأوْا آيَةً يَسْـتَسْـخِـرونَ) [ الصافات 14 ]، (وَقَالـوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَـلَـيْهِ آيَةٌ مِـنْ رَبِّهِ قُلْ إنَّ اللّـهَ قَادِرٌ عَـلَـى أنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـكِـنَّ أكْـثَـرَهُـمْ لاَ يَعْـلَـمُـونَ) [ الأنعام 37 ]، (وَلَـئِـنْ جِـئْـتَـهُـمْ بِآيَةٍ لَـيَـقُـولَـنَّ الـذينَ كَـفَـروا إنْ أنْتُـمْ إلاَّ مُـبْطِـلُـونَ) [ الروم 58 ]، (وَلَـوْ نَزّلْـنَا عَـلَـيْكَ كِـتَابَاً فـي قِرْطَـاسٍ فَلَـمَـسُوهُ بِأيْـديهـِمْ لَـقَـالَ الـذينَ كَـفَـروا إنْ هَـذا إلاّ سِـحْـرٌ مُـبِينٌ) [ الأنعام 7 ]، فَالآيَاتُ المَطْلُوبـَةُ إذاً هيَ آيَاتٌ حِسّـِيَةٌ مَرْئِيـّةٌ، غَيْر آيَـاتِ القـُرْآنِ المُنْزَلَةِ أصْـلاً.
إذاً لاَ جَدْوى فِعْـلاً مِنْ تَعَدُّدِ الآياتِ الحِسّـيَةِ، فالقرآنُ كَافٍ وَوَافٍ لِمَنْ أرادَ الهُـدى: (إنّ هَـذا الـقُرآنَ يَهْـدي لِلّـتي هِـيَ أقْوَمُ) [ الإسراء 9 ]، (إنْ هُـو إلاَّ ذِكْـرٌ لـِلـعَـالَـمـينَ لـِمـَنْ شَـاءَ مـِنْكُـمْ أنْ يَسْـتقـيم) [ التكوير 28 ]، وَقَدْ كانَتِ الجِنُّ سَبّاَقَةً للإيْمـَانِ بِهَذا القُرْآنِ: (إنَّا سَـمِـعْـنَا قُرْآناً عَـجَـبَاً يَهْـدي إلـى الـرُشْـدِ فآمَـنّا بِهِ) [ الجن 1 / 2 ]، فآمَـنّا بِهِ : دونَ آيـاتٍ حسّـية بَصَريّـةٍ، (وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ قُـلْ إنَّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ وَإنّمَـا أنَا نَذِيرٌ مُـبينٌ أَوَ لَـمْ يَكْـفـِهِـمْ أنّا أَنْزَلْـنَا عَـلـَيـْكَ الـكِـتَابَ يُتْلى عَـلَـيْهِـمْ إنّ في ذَلِـكَ لـَرَحـْمَـة وَذِكْـرى لِـقَوْمٍ يُؤْمـِنُونَ) [ العنكبوت 50 / 51 ]، عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ: أي آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ، الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ: آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ .
(وَلـيأتينّـهُـمْ بغْـتةً وهُمْ لا يشـعرون) [ العنكبوت 53 ]:
سَـتَحْدُثُ السَـاعَةُ [القيامَـةُ] فَجْـأةً وَبِسُـرْعَةٍ وَدُونَ سَـابِقِ إنْذارٍ: (مَـا يَـنْظُـرونَ إلَّا صَـيْحَـةً واحِـدَةً تَأْخُـذُهُـمْ وَهُـمْ يَخِـصِّـمـونَ فَلاَ يَسْـتَـطـيعُـونَ تَـوْصِـيَـةً وَلاَ إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ) [ يس 49/ 50 ]، يَخِـصِّـمـونَ: يَتجادَلونَ في الأسواقِ، وَلا إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ: دَليل ُ قِصَرِ الوَقْتِ بِحَيْثُ لاَ وَقْـتَ حتَّى لِلْعَـوْدَةِ إلى المنـازل وَالأهلِ، (هَـلْ يَـنـظُـرونَ إلاَّ الـسَـاعَـةَ أَنْ تَـأْتِـيَـهُـمْ بَـغْــتَـةً وَهُـمْ لا يَـشْـعُـرونَ) [ الزخرف 66 ]، وأمْرُ السَـاعة عَمليّةٌ خَـاطِفَةٌ بِسُـرْعَةِ الضَـوْءِ أوْ أسْرع: (وَ مَـا أَمْـرُنا إلاَّ وَاحِـدَةٌ كَــلَـمْـحٍ بِالـبَصَـرِ) [ القمر 50 ].
(كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ العنكـبوت 57 ]:
النفس: هيَ التي لَهَـا الصِفَـاتُ الآتِيَـةُ:
مَخْـلُوقَـةٌ: (وَنَفْـسٍ وَمَـا سَـوَّاهَـا) [ الشمس 7 ] .
تُخَـطِّـطُ: (قَالَ بَلْ سَـوَّلَـتْ لَـكُـمْ أنْفُسُـكُـمْ أمْـراً) [ يوسف 18 / 83 ] .
فالنفْسُ: هِيَ كُلُّ المَشَاعِرِ وَالأَحَاسِيسِ وَالعُقُولِ التي نَتَّخِذُ عَنْ طَريقِهَا القَرارات.
تُعْطي الأوامِرَ: (إنَّ الـنَفْـسَ لأَمَّـارَةٌ بِالـسُـوءِ) [ يوسف 53 ].
تَمُــوتُ: (كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ الأنبياء 35 ].
تُحَاسَـبُ: (يَوْمَ تَجِـدُ كُـلُّ نَفْـسٍ مَـا عَـمِـلَـتْ) [ آل عمران 30 ] وذلك في يَوْمِ البَعْثِ.
وَالحِسَابِ: (عَـلِـمَـتْ نَفْـسٌ مَـا قَدَّمَـتْ وَأَخَّـرَتْ) [ الانفطار 5 ].
(لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً) [العنكبوت 58 ] :
مثـال ذلك جـنات عَـدْن:
هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَمِنَ الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ، وَفيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ: (تُؤْمِـنونَ بِاللَّـهِ وَرَسُـولِـهِ وَتُجَـاهِـدونَ في سَبيلِ اللَّـهِ بِأَمْـوالِـكُـمْ وَأَنْفُـسِـكُـمْ ذَلِـكُـمْ خَـيْرٌ لَـكُـمْ إنْ كُـنْتُمْ تَعْـلَـمـونَ يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَيُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَمَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ) [ الصف 11 /12 ]، (وَإنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يَدْعُـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَشَـرابٍ وَعِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ) [ ص 49 ]، (إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ]، ( وَالـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـيهَـا نِعْـمَ أَجْـرُ الـعَـامِـلـينَ) [العنكبوت 58 ] .
(وإنّ اللـه لـمَـعَ المحـسـنين) [العنكبوت 69 ] :
المُحْسِنُونَ: يَأتي الإحْسَانُ مَعَ التَقْوى: (إذا مَـا اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ ثُمَّ اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا ثُـمَّ اتَّقَـوْا وَأَحْـسَـنُوا وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ]، (هُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِلـمُـحْـسِـنينَ الـذينَ يُقِيمُـونَ الـصَـلاَةَ وَيُؤتُونَ الـزَكَـاةَ وَهُـمْ بِالآخِـرَةِ هُـمْ يُوقِنُونَ أُولَـئِـكَ عَـلـى هُـدَىً مِـنْ رَبِّهِـمْ وَأُولـئِـكَ هُـمُ الـمُـفْـلِـحُونَ) [ لقمان 3 / 5 ]، وَثَوابُ المُحْسنينَ يُعَادِلُ ثَوابَ المُتَّقينَ: (إنَّ الـمُـتَّقينَ فـي ظِـلاَلٍ وَعُـيُونٍ وَفَـواكِـهَ مِـمَّـا يَشْـتَهُـونَ كُـلُـوا وَاشْـرَبُوا هَـنِيئَـاً بِمَـا كُـنْتُمْ تَعْـمَـلُـونَ إنَّا كَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ المرسلات 41 / 44 ]، وَمِنْ صِفَاتِ المُحْسِنينَ أيْضَاً: (الـذينَ يُنْفِقُونَ فـي الـسَّـرَّاءِ وَالـضَـرَّاءِ وَالـكَـاظِـمِـينَ الـغَـيْظَ وَالـعَـافينَ عَـنِ الـنَاسِ وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ) [ آل عمران 134 ]، (إنَّهُـمْ كَـانُوا قَبْلَ ذَلِـكَ مُـحْـسِـنينَ كَـانُوا قَـلـيلاً مِـنَ اللَّـيْلِ مَـا يَهْـجَـعُـونَ وَبِالأَسْـحَـارِ هُـمْ يَسْـتَغْـفِـرونَ وَفـي أَمْـوالِـهِـمْ حَـقٌّ لِلـسَّـائِـلِ وَالـمَـحْـرومِ) [الذاريات 16 / 19 ]، وَللمُحْسنينَ عَطَاءٌ فريدٌ في الدُنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ: (وَلَـمَّـا بَلَـغَ أَشُـدَّهُ آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ يوسف 22 ]، وَاللَّـهُ مَعَهُمْ في الدُنْيَا وَالآخِرَةِ: (إنَّ اللَّـهَ لَـمَـعَ الـمُـحْـسِـنينَ)[ العنكبوت 69 ]، وَيُحِبُّهُمْ: (وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ] [ آل عمران 148 ]، وَيَرْحَمُهُمْ: (إنَّ رَحْـمَـةَ اللَّـهِ قَـريبٌ مِـنَ الـمُـحْـسِـنينَ) [ الأعراف 56 ]، وَيُبَشِّرُهُمْ بالجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ: (وَبَشِّـرِ الـمُـحْـسِـنينَ)[ الحج 37 ]، (جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـِيهَـا وَذَلِــكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ) [ المائدة 85 ]، (وَلَـهُـمْ مَا يَشَــاؤونَ عِـنْدَ رَبِّهِـمْ ذَلِـكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ ) [ الزمر 34 ]، (لِلَّـذينَ أَحْـسَـنُوا مِـنْهُـمْ وَاتَّقُـوا أَجْرٌ عَـظِـيمٌ ) [ آل عمران 172 ]، (وَالـسَـابِقُونَ الأَوَّلُـونَ مِـنَ الـمُـهَـاجِـرينَ وَالأَنْصَـارِ وَالـذينَ اتَّبَعُـوهُـمْ بِإحْـسَـانٍ رَضِـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضُـوا عَـنْه ُوَأَعَـدَّ لَـهُـمْ جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فِيهَـا أَبَداً ذَلِـكَ الـفَـوْزُ الـعِـظِـيمُ)[ التوبة 100 ]، وَالإحْسَانُ هُوَ أنْ تَعْبُدَ اللّهَ كَأنَّكَ تَراهُ. رواه البخاري برقم 50، كَمَا أوْضَحَ ذَلِكَ صلى الله عليه و سلّم، وَالسَلامُ في الدنيا والآخرة يكون للمُحسنينَ: (سَلامٌ عَـلى إبْراهـيم إنّا كَـذَلِـكَ نـجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [الصافات 109/ 110 ].
(لِلّـهِ الأمْـرُ)[ الروم 4 ] :
الفَرْقُ بَيْنَ: (لِلّـهِ الأمْـرُ) [ الروم 4 ]، وَبَيْنَ: (الأمْـرُ يَوْمَئِـذٍ لِلّـهِ) [ الانفطار 19]، فَفي سُـوْرَةِ الرومِ يُوجَدُ اخْتِصاصٌ: [ مَوْضُوعُ انْتِصَارِ الرومِ فَقَطْ ] لِذَلِكَ قَدَّمَ لَفْظَ الجَلالَةِ (لِلّـهِ)، بَيْنَمَا في يَوْمِ القِيَامَةِ كُلُّ الأمْرِ للّهِ، وَلاَ أمْـرَ لأحَدٍ سِواهُ: (يَوْمَ لاَ تَمْـلِـكُ نَفْـسٌ لِـنَفْسٍ شَـيْئَـاً)[ الانفطار 19]، أيْ إنَّ الأمْرَ مُطْلـَقٌ للّهِ، لِذَلِكَ قَـدَّمَ هَـذِهِ المَرَّة كَلِمَةَ (الأمْـرُ) على لَفْظِ الجَلاَلَةِ.
ومثله عِبـَارَةَ: (لِلّـهِ الـحَـمْـدُ) [ الجاثية 36 ] فيهـَا اختصاصٌ أوْ إزَالَةُ شَـكٍّ، عَمَّنْ ادّعى الحَمْدَ لِغَيْـرِ اللـهِ، فَتَمَّ تَقْديمُ الجَـارّ وَالمَجْرور (للّـهِ)، مِنْ أجْلِ هَـذا الاختصَاصِ، حَيْثُ وَحْـدَهُ سُـبحانَهُ الجَـديرُ بالحَمْـدِ، وَهُـوَ المُخْتَصُّ بِـهِ، وَهُـوَ سَـبَبُهُ كُلُّـهُ، لِذَلِكَ تَـمَّ تَقْديمُ الذاتِ الإلهيّـةِ (اللّـه) المُسْـتَحِقّةِ للحَمْدِ.
بَيْنَمَا عِبَـارةُ: (الـحَـمْـد لِلّـهِ) في بِدايَـةِ سُورَةِ الفَاتِحَـةِ، فَهيَ مُطْلَقَـةٌ وَغَيْرُ مُقَـيَّدَةٍ بِزَمَـانٍ أوْ مَكانٍ خَاصَّـةً وَأنَّ (الـحَـمْـد) مُعَرَّفَةٌ بِـألْ التَعْـريفِ، فَهيَ تَدُلُّ عَلى الحَمْـدِ المُتَعَـارَفِ عليْهِ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلوقِ، وَبِمَـا أنَّ عِبَـارَةَ: (الحَـمْـد لِلـّهِ) هيَ جُمْلَـةٌ خَبَريَّـةٌ، فَهيَ تُفيدُ الثَّباتَ، أيْ إنَّ الحَمْـدَ ثَابِتٌ وَدائِمٌ للـّهِ، وَالحَمْدُ يَكُونُ بَعْدَ العَطَاءِ وَالإحْسَانِ وَمَنْ أكْثَرُ عَطاءً وَإحْسَاناً مِنَ اللـهِ سُبْحَانَهُ، أمَّـا المَـدْحُ فَيَكُونُ قَبْلَ الإحْسَانِ وَبَعْـدَهُ كَمَا يَجُوزُ للحيّ وَالميّتِ، بَيْنَمَا الحَمْـدُ لا يَكُونُ إلاّ للحَيّ، فـَالحَمْـدُ للّـهِ وَحْدَهُ، بَيْنَمَا المَـدْحُ أوْلى لِسِواهُ، وَلَيْسَ الحَمْدُ: (وَ يُحِـبُّـونَ أنْ يُحْـمَـدوا بِـمَـا لَـمْ يَفْـعَـلُـوا) [ آل عمران 188 ] .
إخراج الحياة من الموت أمر إلهي فقط
[يُخْرِجُ وَمُـخْـرِجُ]:
هَذِهِ الثُنَائِيَّـةُ هِيَ ثُنَائِيّـةٌ مُتَنَـاوِبَةٌ: (إنَّ اللهَ فَالِـقُ الـحَـبِّ وَالـنَّوى يُخْرِجُ الـحَـيَّ مِنَ الـمَـيِّتِ وَمُـخْـرِجُ الـمَـيِّـتِ مِـنَ الـحَـيِّ) [ الأنعام 95 ]، نُلاَحِظُ أنَّ اللّفْظَةَ الأُولى لِلإِخْراجِ قَدْ جَاءَتْ _ يُخْرِجُ _ في صِيغَةِ الفِعْلِ المضَارِعِ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يَتَعَلَّقُ بالله وَحْدَهُ _ إخْرَاجُ الحَياةِ مِنَ الموْتِ _ وَلاَ يَقْدِرُ سِواهُ عَلى هَذا الأمْرِ، فالحيَاةُ أَمْرٌ إلَهِيٌّ فَقَطْ، بَيْنَما جَاءَتْ اللَّفْظَةُ الثَّانيةُ لِلإخْرَاجِ _ مُخْرِجُ _ في صِيغَةِ اسْمِ الفَاعِلِ، لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يُمْكِنُ أنْ يَقُومَ بِـهِ غَيْرُ الله _ إخْراجُ الميّتِ مِنَ الحَيِّ _ كَأنْ يَقْتُلَ مَخْلوقٌ مَخْلوقاً آخَرَ، أمّا في الآخِرَةِ فإنَّ الأمْرَ كُلَّهُ يُصْبِحُ بِيَدِ الله وَلا يَسْتَطيعُ أَحَدٌ أنْ يقتل أحَداً [أنْ يُخْرِجَ الميِّتَ مِنَ الحَيِّ]، لِذَلِكَ فَإنَّ اللّهَ (يُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَيُخْرِجُ الـمَـيِّـتَ مِـنَ الـحَـيِّ وَيُحْـيِي الأَرْضَ بَعْـدَ مَـوْتِهَـا وَكَـذَلِـكَ تُخْـرَجُـونَ) [ الروم 19 ] لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأَمْرَ يَخُصُّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَطْ: (تُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَتُخْـرِجُ الـمَـيِّتَ مِـنَ الـحَـيِّ) [ آل عمران 27 ].
(لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [الروم 21]:
إنَّ حَنينَ الذَّكَرِ للأنْثى، مِنْ أجْلِ أنْ يَسـْكُنَ إلَيْها: (خَـلَـق َ لَـكُـمْ مِـنْ أنْـفُـسِـكُـمْ أزْواجَـاً لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [ الروم 21 ]، إذْ لاَ يُوجَدُ بالفِطْرَةِ الإنْسَـانيّةِ، حَنينٌ وَرَغْبَةُ لَـذَّةٍ بَيْنَ أبْناءِ الجِنْسِ الواحِدِ، لِذَلِكَ كَانَتْ اللذَّةُ بَيْنَ أبْنَـاءِ الجنْسِ الواحِدِ اِبْتِـكاراً شَـاذّاً عِنْدَ قَوْمِ لُوط: ( وَ لُـوطَـاً إذْ قَـالَ لِـقَـوْمِـهِ أَتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَـا مِـنْ أحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـينَ أَئِـنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِّجَـالَ شَـهْـوَةً مِـنْ دُونِ الـنِّسَـاءِ بَلْ أَنْتُـمْ قَـوْمٌ مُـسْـرِفُون) [ الأعراف 80 / 81 ] .
(الـبَـرْقَ خـوفاً و طـمعـاً)[ الروم 24 ]:
إنَّ السُّؤَالَ الذي يَطْرَحُ نَفْسَهُ بِقُوَّةٍ هُوَ: لِمَاذَا تَكُونُ الغُيومُ مَشْحُونَةً بِشُـحْنَةٍ سَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ وَشُـحْنَةٍ مُوجِبَـةٍ مِنَ الأَعْلى؟ وَلَوْ كَانَ العَكْسُ لَمَـا حَصَلَتِ الصًـواعِقُ وَالبَـرْقُ نَحْوَ الأَرْضِ، وَالسَبَبُ الذي اقْتَضَتْهُ المَشيئَةُ الإلهِيَّةُ، هُوَ أنَّ طَبَقَةَ [الأَيُونُوسْـفير] الجَويَّـة، شُحْنَتُهَا الكَهْربائِيَّةُ سَـالِبَةٌ، فَعنْدَمَا تَتَشَكَّلُ الغُيُومُ أَسْفَلَ هَذِهِ الطَّبَقَةِ [طَبَقَةِ التروبوسْفير ذَاتُ التَقَلُّبَاتِ الجَوِيَّةِ]، تَتَكَهْرَبُ بالتَأْثيرِ عَكْسَ الشُّحْنَةِ، مِمَّا يَقْتَضي أَنْ تَكُونَ ذَات شُـحْنَةٍ مُوجِبَةٍ مِنَ الأَعْلى وَسَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ، فَيَحْدُثُ البَرْقُ السَالِبُ وَالصَّواعِقُ نَحْوَ الأرْضِ: (وَ يُرْسِـلُ الـصَّـواعِـقَ فَيُصِـيْبُ بِهَـا مَـنْ يَشَـاءُ)[ الرعد 13 ] .
يُوجَدُ فَوْقَ سَطْحِ أَيِّ مَادَّةٍ سَحَابَةٌ إلكِترونيَّةٌ، وَتَكُونُ الإلِكِتروناتُ ذَاتُ طَاقَةٍ حَرَكيَّةٍ حَراريَّةٍ عالِيَة تُسَمَّى [الإصْدارُ الحَراريّ الإلِكِتْرونيِّ]، وَتَحْتَوي الغُيُومُ عَلى قَطَراتِ مَاءٍ وَبَلُّوراتٍ جَليدِيَّةٍ، وَيَكُونُ المَاءُ وَالجَليدُ في حَالَةِ تَمَاسٍ، فَتَنْتَقِلُ الإلِكِتْروناتُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلى الآخَرِ، وَلِذَلِكَ تَتَكَهْرَبُ الغَيْمَـةُ، وَالقَطَراتُ السَاقِطَةُ دَاخِلَ الغَيْمَة تَزْدَادُ كَهْربائِيَّتُهَا السَالِبَة، كَمَا أَنَّ تَجَمُّد الجِزْء العُلْويِّ مِنَ الغَيْمَةِ يُسْهِمُ بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ بِكَهْرَبَتِهَا، عِلْمَاً أنَّ أكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ عَملِيَّاتٍ ميكانيكِيَّةٍ تَحْدُثُ دَاخِلَ الغُيُومُ لِتُوَزِّعَ الشُحْنَات.
البَـرْقُ الشَـريطيّ [الخَطِّـيّ] :
هُوَ مَجْمُوعَـةُ نَبَضَاتٍ كَهْرُبائِيَّـةٍ، تَجْري تِبَـاعَاً خَلْفَ بَعْضِهَا، وتُكَوِّنُ في النِهَايَةِ شَرارَةَ التَفْريغِ الكَهْرَبَائِيِّ، وَيَسْري هَذَا النَوْعُ مِنَ البَرْقِ الشَريطِيّ عَبْرَ قَنَاةٍ بِـلازْمِيَّةٍ مَلِيْئَةٍ بَإلِكِتْرونَاتٍ وَشَوارِدَ كَهْرُبائِيَّةٍ حُرَّةٍ، وَتُدْعى هَذِهِ القَنَـاةُ الدَلِيـْلَ المُتَدَرِّجِ [لأنَّهُ يَتَشَكَّلُ عَلى دُفَعَاتٍ] وَتَتَشَكَّلُ بالطَريقَةِ الفِيزْيَائِيَّةِ التَالِيَةِ:
تَبْلُغُ سُرْعَةُ الدَليلِ نَحْوَ الأَرْضِ 000 10 كم / ثانيَة، وَ تَبْلُغُ فَتْرَةُ التَوَقُّفِ 50 / 000 000 1 [ 50 ميكرو ثانيَة ]، وَيَسْتَغْرِقُ زَمَنُ وُصولِهِ إلى الأَرْضِ 20 / 1000 ثانية [20 ميلي ثانية ]، وَبَعْدَ أنْ يَصِلَ الأَرْضَ تُصْبِحُ [الدَارَةُ الكَهْربائِيَّةُ مُغْلَقَةً ]، عِنْدَهَا يَسْـري التَيَّـارُ الكَهْرُبائِيِّ عَلى شَكْلِ نَبْضَـةٍ تَسْتَغْرِقُ حَوالي 1 / 10 ميلي ثانيَة، وَبِشِـدَّةٍ حَوالي 000 100 آمبير، وَطَاقَـةٍ حَوالي 000 000 1000 جول، وَدَرَجَةِ حَرارَةٍ حوالي 1000 مئويّة، فَيَنْشَأُ ضَوْءُ البَرْقِ السَاطِعِ: (يَكَادُ سَـنَا بَرْقِه يَذْهَـبُ بِالأَبْصَـارِ) [ النور 43 ]، وَيَتمُّ تَفْريغُ عِدَّةِ نَبَضَاتٍ خِلاَلَ أَجْزاءٍ مِنَ الثَانِيَةِ، تَبْدو كَأنَّهَا نَبْضَةٌ واحِدَةٌ، يَتْبَعُهَا هَـزيْمُ الرَعْدِ نَتِيْجَةَ تَمَدُّدِ الغَازِ الفُجَائِيِّ وَالحَادّ: (وَيُسَـبِّحُ الـرَّعْـدُ بِحَـمْـدِهِ) [ الرعد 13 ]، وَييَبْلُغُ طُـولُ البَرْقِ الخَـطيِّ عِدَّةَ كيلومِتْراتٍ، وَيُقَدَّرُ فَرْقُ الكُمُونِ بَيْنَ الغُيُومِ وَالأَرْضِ 000 000 1000 فولط، وَقُطْرُ القَناةِ البِلازْمِيَّةِ = 1 سم فقط.
[المطـر، والغـيث ]:
المَطَـرُ : للشَـرِّ وَالعِقَـابِ، بينمـا الغَـيْثُ للرَحْمَـةِ وَالخَيْـرِ: (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَانْظُـرْ كَـيْفَ كَـانَ عَـاقِبَةُ الـمُـجْـرمِـينَ) [ الأعراف 84 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَسـَاءَ مَـطَـرُ الـمُـنْذَرينَ) [ الشعراء 173 ] [النمل 58 ]، (وَإنْ كَـانَ بِكُـمْ أَذَىً مِـنْ مَـطَـرٍ) [ النساء 102 ]، (وَلَـقَدْ أَتَوْا عَـلـى الـقَرْيَةِ الـتي أُمْـطـرَتْ مَـطَـرَ الـسوءِ) [ الفرقان 40 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ) [ الحجر 74 ][ هود 82 ]، أمّا [الغيث] فهو للرحمة: (وَ هُـوَ الـذي يُنَزِّلُ الـغَـيْثَ مِـنْ بَعْـدِ مَـا قَـنَطُـوا وَيَنْشُـرُ رَحْـمَـتَهُ) [ الشورى 28 ]، (ثُمَّ يَأْتي مِـنْ بَعْـدِ ذَلِـكَ عَـامٌ فيهِ يُغَـاثُ الـنَاسُ وَفيهِ يَعْـصِـرونَ) [ يوسف 48 ]، (إنَّ اللّـهَ عِـنْدَهُ عِـلْـمُ الـسَاعَـةِ وَيُنَزِّلُ الـغَـيْثَ) [ لقمان 34 ]، (كَـمَثَلِ غَـيْثٍ أعْـجَـبَ الـكُـفَّارَ نَبَاتُهُ) [ الحديد 20 ]، الـكُـفَّار هُنَا: المُزارعون وَالفلاَّحُونَ، لأنَّهُمْ يَغَطُّـونَ الأرْضَ بالنَّباتِ وَالمَزروعَاتِ.
(رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَـمِـعْـنَا) [ السجدة 12 ] :
في جميع آيات القرآن الكريم يأتي ذكْر [السمع] قبل [البصر]، مـا عدا ثلاث حالات جَـاءَ ذِكْـرُ البَصَـرِ قَبْلَ السَـمْعِ وهي:
أولاً : عِنْدَ ذِكْرِ الحَواسِّ بالتسَلسُلِ مِنَ الأمَـامِ إلى الخَلْفِ بالنسْبةِ لجِسْمِ الإنْسـَانِ : (لَـهُـمْ قُـلُـوبٌ لاَ يَفـْقَـهُـونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ أَعْـيُـنٌ لاَ يُبْصِـرونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ آذانٌ لاَ يَسْـمَعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف 179]، (أمْ لَـهُـمْ أَعْــيُنٌ يُبْصِـرونَ بِهَـا أَمْ لَـهُـمْ آذانٌ يَسْـمَـعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف195 ] .
ثانياً: عِنْدَ المُقَارَنَةِ: (مَـثَلُ الـفَـريقَيْنِ كَــالأَعْـمَـى وَالأَصَـمِّ وَالـبَصِـيرِ وَالـسَـمـيعِ) [ هود 24 ] .
ثَالِثَاً: يومَ القيامَـةِ عِندما تظْهَرُ الحقَائِقُ وَتصبحُ مُشـَاهَدة: (رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَمِعْـنَا) [ السجدة 12 ] .
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الآيات الحِسية لا تجدي مع الكافرين
يبـدأ هـذا الجـزء من القـرآن الكريم، من الآيـة [ 46 ] من سورة الـعـنـكبوت، وحتى الآيـة [ 30 ] من سورة الأحــزاب، ومـمّـا ورَد فيـه:
(وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ)[ العنكبوت 50 ]:
إنَّ الآيات الحِسِيّة المَرْئِيّة غيرَ القرآنِ، لاَ تُجْدي مَعَ إصْرارِ الكافرينَ عَلى الكُفْرِ وَالمعْصيةِ، لِذَلِكَ كانَ لاَ دَاعيَ لَهَا، حتّى إنّ مُعْجِزَةَ الإسْراءِ والمعْراجِ قَدْ حَصَلَتْ ليْلاً وسـِرّاً، (وَقَالَ الـذينَ لاَ يَعْـلَـمـونَ لَـوْلا يُكَـلِّـمـُنَا اللّـهُ أوْ تَأْتِينَا آيَةٌ) ثم قال (قَدْ بَيّنَا الآيَاتِ لِـقَوْمٍ يُوقِنُونَ) [ البقرة 118 ]، تَأْتِينَا آيَةٌ: أي آية حِسـيَةٌ، بَيّنَا الآيَاتِ: آيات القرآن الكريم العِلميّة، (وَأقْسَـمـُوا بِاللّـهِ جَـهْـدَ أيْمَـانِهِـمْ لَـئِـنْ جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ لَـيُؤْمِـنُنَّ بِهَـا قُـلْ إنّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ اللّـهِ وَمَـا يُشْـعِـرِكُـمْ أنّهَـا إذا جَـاءَ تْ لا يُؤْمِـنون) [ الأنعام 109 ]، جَـاءَتْهُـمْ آيَةٌ: أي آية حِـسيّة مَاديّة، لا يُؤْمِـنون: دليل توكيد عَدَمِ الإيمانِ بِها، (وَإذا رَأوْا آيَةً يَسْـتَسْـخِـرونَ) [ الصافات 14 ]، (وَقَالـوا لَوْلاَ نُزِّلَ عَـلَـيْهِ آيَةٌ مِـنْ رَبِّهِ قُلْ إنَّ اللّـهَ قَادِرٌ عَـلَـى أنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَـكِـنَّ أكْـثَـرَهُـمْ لاَ يَعْـلَـمُـونَ) [ الأنعام 37 ]، (وَلَـئِـنْ جِـئْـتَـهُـمْ بِآيَةٍ لَـيَـقُـولَـنَّ الـذينَ كَـفَـروا إنْ أنْتُـمْ إلاَّ مُـبْطِـلُـونَ) [ الروم 58 ]، (وَلَـوْ نَزّلْـنَا عَـلَـيْكَ كِـتَابَاً فـي قِرْطَـاسٍ فَلَـمَـسُوهُ بِأيْـديهـِمْ لَـقَـالَ الـذينَ كَـفَـروا إنْ هَـذا إلاّ سِـحْـرٌ مُـبِينٌ) [ الأنعام 7 ]، فَالآيَاتُ المَطْلُوبـَةُ إذاً هيَ آيَاتٌ حِسّـِيَةٌ مَرْئِيـّةٌ، غَيْر آيَـاتِ القـُرْآنِ المُنْزَلَةِ أصْـلاً.
إذاً لاَ جَدْوى فِعْـلاً مِنْ تَعَدُّدِ الآياتِ الحِسّـيَةِ، فالقرآنُ كَافٍ وَوَافٍ لِمَنْ أرادَ الهُـدى: (إنّ هَـذا الـقُرآنَ يَهْـدي لِلّـتي هِـيَ أقْوَمُ) [ الإسراء 9 ]، (إنْ هُـو إلاَّ ذِكْـرٌ لـِلـعَـالَـمـينَ لـِمـَنْ شَـاءَ مـِنْكُـمْ أنْ يَسْـتقـيم) [ التكوير 28 ]، وَقَدْ كانَتِ الجِنُّ سَبّاَقَةً للإيْمـَانِ بِهَذا القُرْآنِ: (إنَّا سَـمِـعْـنَا قُرْآناً عَـجَـبَاً يَهْـدي إلـى الـرُشْـدِ فآمَـنّا بِهِ) [ الجن 1 / 2 ]، فآمَـنّا بِهِ : دونَ آيـاتٍ حسّـية بَصَريّـةٍ، (وَ قَالُـوا لَـوْلا أُنْزِلَ عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ مِـنْ رَبِّهِ قُـلْ إنَّمَـا الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ وَإنّمَـا أنَا نَذِيرٌ مُـبينٌ أَوَ لَـمْ يَكْـفـِهِـمْ أنّا أَنْزَلْـنَا عَـلـَيـْكَ الـكِـتَابَ يُتْلى عَـلَـيْهِـمْ إنّ في ذَلِـكَ لـَرَحـْمَـة وَذِكْـرى لِـقَوْمٍ يُؤْمـِنُونَ) [ العنكبوت 50 / 51 ]، عَـلَـيْـهِ آيَاتٌ: أي آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ، الآيَاتُ عِـنْدَ الّلـهِ: آيات حِسّيَةٌ غَيْر القُرْآنِ .
(وَلـيأتينّـهُـمْ بغْـتةً وهُمْ لا يشـعرون) [ العنكبوت 53 ]:
سَـتَحْدُثُ السَـاعَةُ [القيامَـةُ] فَجْـأةً وَبِسُـرْعَةٍ وَدُونَ سَـابِقِ إنْذارٍ: (مَـا يَـنْظُـرونَ إلَّا صَـيْحَـةً واحِـدَةً تَأْخُـذُهُـمْ وَهُـمْ يَخِـصِّـمـونَ فَلاَ يَسْـتَـطـيعُـونَ تَـوْصِـيَـةً وَلاَ إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ) [ يس 49/ 50 ]، يَخِـصِّـمـونَ: يَتجادَلونَ في الأسواقِ، وَلا إلـى أَهْـلِـهِـمْ يَـرْجِـعُـونَ: دَليل ُ قِصَرِ الوَقْتِ بِحَيْثُ لاَ وَقْـتَ حتَّى لِلْعَـوْدَةِ إلى المنـازل وَالأهلِ، (هَـلْ يَـنـظُـرونَ إلاَّ الـسَـاعَـةَ أَنْ تَـأْتِـيَـهُـمْ بَـغْــتَـةً وَهُـمْ لا يَـشْـعُـرونَ) [ الزخرف 66 ]، وأمْرُ السَـاعة عَمليّةٌ خَـاطِفَةٌ بِسُـرْعَةِ الضَـوْءِ أوْ أسْرع: (وَ مَـا أَمْـرُنا إلاَّ وَاحِـدَةٌ كَــلَـمْـحٍ بِالـبَصَـرِ) [ القمر 50 ].
(كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ العنكـبوت 57 ]:
النفس: هيَ التي لَهَـا الصِفَـاتُ الآتِيَـةُ:
مَخْـلُوقَـةٌ: (وَنَفْـسٍ وَمَـا سَـوَّاهَـا) [ الشمس 7 ] .
تُخَـطِّـطُ: (قَالَ بَلْ سَـوَّلَـتْ لَـكُـمْ أنْفُسُـكُـمْ أمْـراً) [ يوسف 18 / 83 ] .
فالنفْسُ: هِيَ كُلُّ المَشَاعِرِ وَالأَحَاسِيسِ وَالعُقُولِ التي نَتَّخِذُ عَنْ طَريقِهَا القَرارات.
تُعْطي الأوامِرَ: (إنَّ الـنَفْـسَ لأَمَّـارَةٌ بِالـسُـوءِ) [ يوسف 53 ].
تَمُــوتُ: (كُـلُّ نَفْسٍ ذَائِـقَـةُ الـمَـوْتِ) [ الأنبياء 35 ].
تُحَاسَـبُ: (يَوْمَ تَجِـدُ كُـلُّ نَفْـسٍ مَـا عَـمِـلَـتْ) [ آل عمران 30 ] وذلك في يَوْمِ البَعْثِ.
وَالحِسَابِ: (عَـلِـمَـتْ نَفْـسٌ مَـا قَدَّمَـتْ وَأَخَّـرَتْ) [ الانفطار 5 ].
(لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً) [العنكبوت 58 ] :
مثـال ذلك جـنات عَـدْن:
هِيَ أكْثَرُ الجَنَّاتِ ذِكْرَاً وَمِنَ الجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِها الأنْهَارُ، وَفيهَا مَسَاكِنُ طيّبةٌ: (تُؤْمِـنونَ بِاللَّـهِ وَرَسُـولِـهِ وَتُجَـاهِـدونَ في سَبيلِ اللَّـهِ بِأَمْـوالِـكُـمْ وَأَنْفُـسِـكُـمْ ذَلِـكُـمْ خَـيْرٌ لَـكُـمْ إنْ كُـنْتُمْ تَعْـلَـمـونَ يَغْـفِـرْ لَـكُمْ ذُنوبَكُـمْ وَيُدْخِـلْـكُمْ جَــنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ وَمَـسَـاكِـنَ طَـيِّبَةً في جَـنَّاتِ عَـدْنٍ) [ الصف 11 /12 ]، (وَإنَّ لِلـمُـتَّقينَ لَـحُـسْـنَ مَـآبٍ جَـنَّاتُ عَـدْنٍ مُـفَتَّحَـةً لَـهُـمُ الأَبْوابُ مُـتَّكِـئـينَ فيهَـا يَدْعُـوْنَ فيهَـا بِفَاكِـهَـةٍ كَـثيرَةٍ وَشَـرابٍ وَعِـنْدَهُـمْ قَاصِـراتُ الـطَـرْفِ أَتْرابٌ) [ ص 49 ]، (إنَّ الـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ أُولَـئِـكَ هُـمْ خَـيْرُ الـبَريَّةِ جَـزاؤهُـمْ عِــنْدَ رَبِّهِــمْ جَـنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهـارُ خـالِـدينَ فيهَـا أَبَداً رَضـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضـوا عَـنْهُ ذَلِـكَ لِـمَـنْ خَـشـيَ رَبَّهُ )[ البينة 7 / 8 ]، ( وَالـذينَ آمَـنوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ لَـنُبَـوِّئَـنَّهُـمْ مِـنَ الـجَـنَّةِ غُـرَفاً تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـيهَـا نِعْـمَ أَجْـرُ الـعَـامِـلـينَ) [العنكبوت 58 ] .
(وإنّ اللـه لـمَـعَ المحـسـنين) [العنكبوت 69 ] :
المُحْسِنُونَ: يَأتي الإحْسَانُ مَعَ التَقْوى: (إذا مَـا اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا وَعَـمِـلـوا الـصَّـالِـحَـاتِ ثُمَّ اتَّقَـوْا وَآمَـنُوا ثُـمَّ اتَّقَـوْا وَأَحْـسَـنُوا وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ]، (هُـدَىً وَرَحْـمَـةً لِلـمُـحْـسِـنينَ الـذينَ يُقِيمُـونَ الـصَـلاَةَ وَيُؤتُونَ الـزَكَـاةَ وَهُـمْ بِالآخِـرَةِ هُـمْ يُوقِنُونَ أُولَـئِـكَ عَـلـى هُـدَىً مِـنْ رَبِّهِـمْ وَأُولـئِـكَ هُـمُ الـمُـفْـلِـحُونَ) [ لقمان 3 / 5 ]، وَثَوابُ المُحْسنينَ يُعَادِلُ ثَوابَ المُتَّقينَ: (إنَّ الـمُـتَّقينَ فـي ظِـلاَلٍ وَعُـيُونٍ وَفَـواكِـهَ مِـمَّـا يَشْـتَهُـونَ كُـلُـوا وَاشْـرَبُوا هَـنِيئَـاً بِمَـا كُـنْتُمْ تَعْـمَـلُـونَ إنَّا كَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ المرسلات 41 / 44 ]، وَمِنْ صِفَاتِ المُحْسِنينَ أيْضَاً: (الـذينَ يُنْفِقُونَ فـي الـسَّـرَّاءِ وَالـضَـرَّاءِ وَالـكَـاظِـمِـينَ الـغَـيْظَ وَالـعَـافينَ عَـنِ الـنَاسِ وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ) [ آل عمران 134 ]، (إنَّهُـمْ كَـانُوا قَبْلَ ذَلِـكَ مُـحْـسِـنينَ كَـانُوا قَـلـيلاً مِـنَ اللَّـيْلِ مَـا يَهْـجَـعُـونَ وَبِالأَسْـحَـارِ هُـمْ يَسْـتَغْـفِـرونَ وَفـي أَمْـوالِـهِـمْ حَـقٌّ لِلـسَّـائِـلِ وَالـمَـحْـرومِ) [الذاريات 16 / 19 ]، وَللمُحْسنينَ عَطَاءٌ فريدٌ في الدُنْيا قَبْلَ الآخِرَةِ: (وَلَـمَّـا بَلَـغَ أَشُـدَّهُ آتَيْنَاهُ حُـكْـمَـاً وَعِـلْـمَـاً وَكَـذَلِـكَ نَجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [ يوسف 22 ]، وَاللَّـهُ مَعَهُمْ في الدُنْيَا وَالآخِرَةِ: (إنَّ اللَّـهَ لَـمَـعَ الـمُـحْـسِـنينَ)[ العنكبوت 69 ]، وَيُحِبُّهُمْ: (وَاللَّـهُ يُحِـبُّ الـمُـحْـسِـنينَ)[ المائدة 93 ] [ آل عمران 148 ]، وَيَرْحَمُهُمْ: (إنَّ رَحْـمَـةَ اللَّـهِ قَـريبٌ مِـنَ الـمُـحْـسِـنينَ) [ الأعراف 56 ]، وَيُبَشِّرُهُمْ بالجَنَّاتِ التي تَجْري مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ: (وَبَشِّـرِ الـمُـحْـسِـنينَ)[ الحج 37 ]، (جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فـِيهَـا وَذَلِــكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ) [ المائدة 85 ]، (وَلَـهُـمْ مَا يَشَــاؤونَ عِـنْدَ رَبِّهِـمْ ذَلِـكَ جَـزاءُ الـمُـحْـسِـنينَ ) [ الزمر 34 ]، (لِلَّـذينَ أَحْـسَـنُوا مِـنْهُـمْ وَاتَّقُـوا أَجْرٌ عَـظِـيمٌ ) [ آل عمران 172 ]، (وَالـسَـابِقُونَ الأَوَّلُـونَ مِـنَ الـمُـهَـاجِـرينَ وَالأَنْصَـارِ وَالـذينَ اتَّبَعُـوهُـمْ بِإحْـسَـانٍ رَضِـيَ اللَّـهُ عَـنْهُـمْ وَرَضُـوا عَـنْه ُوَأَعَـدَّ لَـهُـمْ جَـنَّاتٍ تَجْـري مِـنْ تَحْـتِهَـا الأَنْهَـارُ خَـالِـدينَ فِيهَـا أَبَداً ذَلِـكَ الـفَـوْزُ الـعِـظِـيمُ)[ التوبة 100 ]، وَالإحْسَانُ هُوَ أنْ تَعْبُدَ اللّهَ كَأنَّكَ تَراهُ. رواه البخاري برقم 50، كَمَا أوْضَحَ ذَلِكَ صلى الله عليه و سلّم، وَالسَلامُ في الدنيا والآخرة يكون للمُحسنينَ: (سَلامٌ عَـلى إبْراهـيم إنّا كَـذَلِـكَ نـجْـزي الـمُـحْـسِـنينَ) [الصافات 109/ 110 ].
(لِلّـهِ الأمْـرُ)[ الروم 4 ] :
الفَرْقُ بَيْنَ: (لِلّـهِ الأمْـرُ) [ الروم 4 ]، وَبَيْنَ: (الأمْـرُ يَوْمَئِـذٍ لِلّـهِ) [ الانفطار 19]، فَفي سُـوْرَةِ الرومِ يُوجَدُ اخْتِصاصٌ: [ مَوْضُوعُ انْتِصَارِ الرومِ فَقَطْ ] لِذَلِكَ قَدَّمَ لَفْظَ الجَلالَةِ (لِلّـهِ)، بَيْنَمَا في يَوْمِ القِيَامَةِ كُلُّ الأمْرِ للّهِ، وَلاَ أمْـرَ لأحَدٍ سِواهُ: (يَوْمَ لاَ تَمْـلِـكُ نَفْـسٌ لِـنَفْسٍ شَـيْئَـاً)[ الانفطار 19]، أيْ إنَّ الأمْرَ مُطْلـَقٌ للّهِ، لِذَلِكَ قَـدَّمَ هَـذِهِ المَرَّة كَلِمَةَ (الأمْـرُ) على لَفْظِ الجَلاَلَةِ.
ومثله عِبـَارَةَ: (لِلّـهِ الـحَـمْـدُ) [ الجاثية 36 ] فيهـَا اختصاصٌ أوْ إزَالَةُ شَـكٍّ، عَمَّنْ ادّعى الحَمْدَ لِغَيْـرِ اللـهِ، فَتَمَّ تَقْديمُ الجَـارّ وَالمَجْرور (للّـهِ)، مِنْ أجْلِ هَـذا الاختصَاصِ، حَيْثُ وَحْـدَهُ سُـبحانَهُ الجَـديرُ بالحَمْـدِ، وَهُـوَ المُخْتَصُّ بِـهِ، وَهُـوَ سَـبَبُهُ كُلُّـهُ، لِذَلِكَ تَـمَّ تَقْديمُ الذاتِ الإلهيّـةِ (اللّـه) المُسْـتَحِقّةِ للحَمْدِ.
بَيْنَمَا عِبَـارةُ: (الـحَـمْـد لِلّـهِ) في بِدايَـةِ سُورَةِ الفَاتِحَـةِ، فَهيَ مُطْلَقَـةٌ وَغَيْرُ مُقَـيَّدَةٍ بِزَمَـانٍ أوْ مَكانٍ خَاصَّـةً وَأنَّ (الـحَـمْـد) مُعَرَّفَةٌ بِـألْ التَعْـريفِ، فَهيَ تَدُلُّ عَلى الحَمْـدِ المُتَعَـارَفِ عليْهِ بَيْنَ الخَالِقِ وَالمَخْلوقِ، وَبِمَـا أنَّ عِبَـارَةَ: (الحَـمْـد لِلـّهِ) هيَ جُمْلَـةٌ خَبَريَّـةٌ، فَهيَ تُفيدُ الثَّباتَ، أيْ إنَّ الحَمْـدَ ثَابِتٌ وَدائِمٌ للـّهِ، وَالحَمْدُ يَكُونُ بَعْدَ العَطَاءِ وَالإحْسَانِ وَمَنْ أكْثَرُ عَطاءً وَإحْسَاناً مِنَ اللـهِ سُبْحَانَهُ، أمَّـا المَـدْحُ فَيَكُونُ قَبْلَ الإحْسَانِ وَبَعْـدَهُ كَمَا يَجُوزُ للحيّ وَالميّتِ، بَيْنَمَا الحَمْـدُ لا يَكُونُ إلاّ للحَيّ، فـَالحَمْـدُ للّـهِ وَحْدَهُ، بَيْنَمَا المَـدْحُ أوْلى لِسِواهُ، وَلَيْسَ الحَمْدُ: (وَ يُحِـبُّـونَ أنْ يُحْـمَـدوا بِـمَـا لَـمْ يَفْـعَـلُـوا) [ آل عمران 188 ] .
إخراج الحياة من الموت أمر إلهي فقط
[يُخْرِجُ وَمُـخْـرِجُ]:
هَذِهِ الثُنَائِيَّـةُ هِيَ ثُنَائِيّـةٌ مُتَنَـاوِبَةٌ: (إنَّ اللهَ فَالِـقُ الـحَـبِّ وَالـنَّوى يُخْرِجُ الـحَـيَّ مِنَ الـمَـيِّتِ وَمُـخْـرِجُ الـمَـيِّـتِ مِـنَ الـحَـيِّ) [ الأنعام 95 ]، نُلاَحِظُ أنَّ اللّفْظَةَ الأُولى لِلإِخْراجِ قَدْ جَاءَتْ _ يُخْرِجُ _ في صِيغَةِ الفِعْلِ المضَارِعِ لِلدَلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يَتَعَلَّقُ بالله وَحْدَهُ _ إخْرَاجُ الحَياةِ مِنَ الموْتِ _ وَلاَ يَقْدِرُ سِواهُ عَلى هَذا الأمْرِ، فالحيَاةُ أَمْرٌ إلَهِيٌّ فَقَطْ، بَيْنَما جَاءَتْ اللَّفْظَةُ الثَّانيةُ لِلإخْرَاجِ _ مُخْرِجُ _ في صِيغَةِ اسْمِ الفَاعِلِ، لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأمْرَ يُمْكِنُ أنْ يَقُومَ بِـهِ غَيْرُ الله _ إخْراجُ الميّتِ مِنَ الحَيِّ _ كَأنْ يَقْتُلَ مَخْلوقٌ مَخْلوقاً آخَرَ، أمّا في الآخِرَةِ فإنَّ الأمْرَ كُلَّهُ يُصْبِحُ بِيَدِ الله وَلا يَسْتَطيعُ أَحَدٌ أنْ يقتل أحَداً [أنْ يُخْرِجَ الميِّتَ مِنَ الحَيِّ]، لِذَلِكَ فَإنَّ اللّهَ (يُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَيُخْرِجُ الـمَـيِّـتَ مِـنَ الـحَـيِّ وَيُحْـيِي الأَرْضَ بَعْـدَ مَـوْتِهَـا وَكَـذَلِـكَ تُخْـرَجُـونَ) [ الروم 19 ] لِلدلاَلَةِ عَلى أنَّ هَذا الأَمْرَ يَخُصُّ يَوْمَ القِيَامَةِ فَقَطْ: (تُخْـرِجُ الـحَـيَّ مِـنَ الـمَـيِّتِ وَتُخْـرِجُ الـمَـيِّتَ مِـنَ الـحَـيِّ) [ آل عمران 27 ].
(لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [الروم 21]:
إنَّ حَنينَ الذَّكَرِ للأنْثى، مِنْ أجْلِ أنْ يَسـْكُنَ إلَيْها: (خَـلَـق َ لَـكُـمْ مِـنْ أنْـفُـسِـكُـمْ أزْواجَـاً لِــتـَسْــكُــنـوا إلَـيْهَـا) [ الروم 21 ]، إذْ لاَ يُوجَدُ بالفِطْرَةِ الإنْسَـانيّةِ، حَنينٌ وَرَغْبَةُ لَـذَّةٍ بَيْنَ أبْناءِ الجِنْسِ الواحِدِ، لِذَلِكَ كَانَتْ اللذَّةُ بَيْنَ أبْنَـاءِ الجنْسِ الواحِدِ اِبْتِـكاراً شَـاذّاً عِنْدَ قَوْمِ لُوط: ( وَ لُـوطَـاً إذْ قَـالَ لِـقَـوْمِـهِ أَتَأْتُونَ الـفَـاحِـشَـةَ مَـا سَـبَقَـكُـمْ بِهَـا مِـنْ أحَـدٍ مِــنَ الـعَـالَـمـينَ أَئِـنَّكُـمْ لَـتَأْتُونَ الـرِّجَـالَ شَـهْـوَةً مِـنْ دُونِ الـنِّسَـاءِ بَلْ أَنْتُـمْ قَـوْمٌ مُـسْـرِفُون) [ الأعراف 80 / 81 ] .
(الـبَـرْقَ خـوفاً و طـمعـاً)[ الروم 24 ]:
إنَّ السُّؤَالَ الذي يَطْرَحُ نَفْسَهُ بِقُوَّةٍ هُوَ: لِمَاذَا تَكُونُ الغُيومُ مَشْحُونَةً بِشُـحْنَةٍ سَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ وَشُـحْنَةٍ مُوجِبَـةٍ مِنَ الأَعْلى؟ وَلَوْ كَانَ العَكْسُ لَمَـا حَصَلَتِ الصًـواعِقُ وَالبَـرْقُ نَحْوَ الأَرْضِ، وَالسَبَبُ الذي اقْتَضَتْهُ المَشيئَةُ الإلهِيَّةُ، هُوَ أنَّ طَبَقَةَ [الأَيُونُوسْـفير] الجَويَّـة، شُحْنَتُهَا الكَهْربائِيَّةُ سَـالِبَةٌ، فَعنْدَمَا تَتَشَكَّلُ الغُيُومُ أَسْفَلَ هَذِهِ الطَّبَقَةِ [طَبَقَةِ التروبوسْفير ذَاتُ التَقَلُّبَاتِ الجَوِيَّةِ]، تَتَكَهْرَبُ بالتَأْثيرِ عَكْسَ الشُّحْنَةِ، مِمَّا يَقْتَضي أَنْ تَكُونَ ذَات شُـحْنَةٍ مُوجِبَةٍ مِنَ الأَعْلى وَسَـالِبَةٍ مِنَ الأَسْفَلِ، فَيَحْدُثُ البَرْقُ السَالِبُ وَالصَّواعِقُ نَحْوَ الأرْضِ: (وَ يُرْسِـلُ الـصَّـواعِـقَ فَيُصِـيْبُ بِهَـا مَـنْ يَشَـاءُ)[ الرعد 13 ] .
يُوجَدُ فَوْقَ سَطْحِ أَيِّ مَادَّةٍ سَحَابَةٌ إلكِترونيَّةٌ، وَتَكُونُ الإلِكِتروناتُ ذَاتُ طَاقَةٍ حَرَكيَّةٍ حَراريَّةٍ عالِيَة تُسَمَّى [الإصْدارُ الحَراريّ الإلِكِتْرونيِّ]، وَتَحْتَوي الغُيُومُ عَلى قَطَراتِ مَاءٍ وَبَلُّوراتٍ جَليدِيَّةٍ، وَيَكُونُ المَاءُ وَالجَليدُ في حَالَةِ تَمَاسٍ، فَتَنْتَقِلُ الإلِكِتْروناتُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلى الآخَرِ، وَلِذَلِكَ تَتَكَهْرَبُ الغَيْمَـةُ، وَالقَطَراتُ السَاقِطَةُ دَاخِلَ الغَيْمَة تَزْدَادُ كَهْربائِيَّتُهَا السَالِبَة، كَمَا أَنَّ تَجَمُّد الجِزْء العُلْويِّ مِنَ الغَيْمَةِ يُسْهِمُ بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ بِكَهْرَبَتِهَا، عِلْمَاً أنَّ أكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ عَملِيَّاتٍ ميكانيكِيَّةٍ تَحْدُثُ دَاخِلَ الغُيُومُ لِتُوَزِّعَ الشُحْنَات.
البَـرْقُ الشَـريطيّ [الخَطِّـيّ] :
هُوَ مَجْمُوعَـةُ نَبَضَاتٍ كَهْرُبائِيَّـةٍ، تَجْري تِبَـاعَاً خَلْفَ بَعْضِهَا، وتُكَوِّنُ في النِهَايَةِ شَرارَةَ التَفْريغِ الكَهْرَبَائِيِّ، وَيَسْري هَذَا النَوْعُ مِنَ البَرْقِ الشَريطِيّ عَبْرَ قَنَاةٍ بِـلازْمِيَّةٍ مَلِيْئَةٍ بَإلِكِتْرونَاتٍ وَشَوارِدَ كَهْرُبائِيَّةٍ حُرَّةٍ، وَتُدْعى هَذِهِ القَنَـاةُ الدَلِيـْلَ المُتَدَرِّجِ [لأنَّهُ يَتَشَكَّلُ عَلى دُفَعَاتٍ] وَتَتَشَكَّلُ بالطَريقَةِ الفِيزْيَائِيَّةِ التَالِيَةِ:
تَبْلُغُ سُرْعَةُ الدَليلِ نَحْوَ الأَرْضِ 000 10 كم / ثانيَة، وَ تَبْلُغُ فَتْرَةُ التَوَقُّفِ 50 / 000 000 1 [ 50 ميكرو ثانيَة ]، وَيَسْتَغْرِقُ زَمَنُ وُصولِهِ إلى الأَرْضِ 20 / 1000 ثانية [20 ميلي ثانية ]، وَبَعْدَ أنْ يَصِلَ الأَرْضَ تُصْبِحُ [الدَارَةُ الكَهْربائِيَّةُ مُغْلَقَةً ]، عِنْدَهَا يَسْـري التَيَّـارُ الكَهْرُبائِيِّ عَلى شَكْلِ نَبْضَـةٍ تَسْتَغْرِقُ حَوالي 1 / 10 ميلي ثانيَة، وَبِشِـدَّةٍ حَوالي 000 100 آمبير، وَطَاقَـةٍ حَوالي 000 000 1000 جول، وَدَرَجَةِ حَرارَةٍ حوالي 1000 مئويّة، فَيَنْشَأُ ضَوْءُ البَرْقِ السَاطِعِ: (يَكَادُ سَـنَا بَرْقِه يَذْهَـبُ بِالأَبْصَـارِ) [ النور 43 ]، وَيَتمُّ تَفْريغُ عِدَّةِ نَبَضَاتٍ خِلاَلَ أَجْزاءٍ مِنَ الثَانِيَةِ، تَبْدو كَأنَّهَا نَبْضَةٌ واحِدَةٌ، يَتْبَعُهَا هَـزيْمُ الرَعْدِ نَتِيْجَةَ تَمَدُّدِ الغَازِ الفُجَائِيِّ وَالحَادّ: (وَيُسَـبِّحُ الـرَّعْـدُ بِحَـمْـدِهِ) [ الرعد 13 ]، وَييَبْلُغُ طُـولُ البَرْقِ الخَـطيِّ عِدَّةَ كيلومِتْراتٍ، وَيُقَدَّرُ فَرْقُ الكُمُونِ بَيْنَ الغُيُومِ وَالأَرْضِ 000 000 1000 فولط، وَقُطْرُ القَناةِ البِلازْمِيَّةِ = 1 سم فقط.
[المطـر، والغـيث ]:
المَطَـرُ : للشَـرِّ وَالعِقَـابِ، بينمـا الغَـيْثُ للرَحْمَـةِ وَالخَيْـرِ: (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَانْظُـرْ كَـيْفَ كَـانَ عَـاقِبَةُ الـمُـجْـرمِـينَ) [ الأعراف 84 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ مَـطَـراً فَسـَاءَ مَـطَـرُ الـمُـنْذَرينَ) [ الشعراء 173 ] [النمل 58 ]، (وَإنْ كَـانَ بِكُـمْ أَذَىً مِـنْ مَـطَـرٍ) [ النساء 102 ]، (وَلَـقَدْ أَتَوْا عَـلـى الـقَرْيَةِ الـتي أُمْـطـرَتْ مَـطَـرَ الـسوءِ) [ الفرقان 40 ]، (وَأَمْـطَـرْنَا عَـلَـيْهِـمْ حِـجَـارَةً مِـنْ سِـجِّـيلٍ) [ الحجر 74 ][ هود 82 ]، أمّا [الغيث] فهو للرحمة: (وَ هُـوَ الـذي يُنَزِّلُ الـغَـيْثَ مِـنْ بَعْـدِ مَـا قَـنَطُـوا وَيَنْشُـرُ رَحْـمَـتَهُ) [ الشورى 28 ]، (ثُمَّ يَأْتي مِـنْ بَعْـدِ ذَلِـكَ عَـامٌ فيهِ يُغَـاثُ الـنَاسُ وَفيهِ يَعْـصِـرونَ) [ يوسف 48 ]، (إنَّ اللّـهَ عِـنْدَهُ عِـلْـمُ الـسَاعَـةِ وَيُنَزِّلُ الـغَـيْثَ) [ لقمان 34 ]، (كَـمَثَلِ غَـيْثٍ أعْـجَـبَ الـكُـفَّارَ نَبَاتُهُ) [ الحديد 20 ]، الـكُـفَّار هُنَا: المُزارعون وَالفلاَّحُونَ، لأنَّهُمْ يَغَطُّـونَ الأرْضَ بالنَّباتِ وَالمَزروعَاتِ.
(رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَـمِـعْـنَا) [ السجدة 12 ] :
في جميع آيات القرآن الكريم يأتي ذكْر [السمع] قبل [البصر]، مـا عدا ثلاث حالات جَـاءَ ذِكْـرُ البَصَـرِ قَبْلَ السَـمْعِ وهي:
أولاً : عِنْدَ ذِكْرِ الحَواسِّ بالتسَلسُلِ مِنَ الأمَـامِ إلى الخَلْفِ بالنسْبةِ لجِسْمِ الإنْسـَانِ : (لَـهُـمْ قُـلُـوبٌ لاَ يَفـْقَـهُـونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ أَعْـيُـنٌ لاَ يُبْصِـرونَ بِهَـا وَلَـهُـمْ آذانٌ لاَ يَسْـمَعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف 179]، (أمْ لَـهُـمْ أَعْــيُنٌ يُبْصِـرونَ بِهَـا أَمْ لَـهُـمْ آذانٌ يَسْـمَـعُـونَ بِهَـا) [ الأعراف195 ] .
ثانياً: عِنْدَ المُقَارَنَةِ: (مَـثَلُ الـفَـريقَيْنِ كَــالأَعْـمَـى وَالأَصَـمِّ وَالـبَصِـيرِ وَالـسَـمـيعِ) [ هود 24 ] .
ثَالِثَاً: يومَ القيامَـةِ عِندما تظْهَرُ الحقَائِقُ وَتصبحُ مُشـَاهَدة: (رَبَّـنَا أَبْصَـرْنا وَسَمِعْـنَا) [ السجدة 12 ] .
كـل هـذا واللـه أعلـم.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
23 رمضان 1436هـ - 10 يوليو 2015م ا
الحَب.. معجزة الله في أصغر المخلوقات
للبذور النباتية اسمان متمايزان أولهما (الحب) وثانيهما (النوى)، ويعبر بلفظة (الحب) أو (الحبوب) عن البذور المستخدمة كمحاصيل غذائية أساسية للإنسان، مثل حبوب القمح (الحنطة) والشعير، والذرة، والشوفان، وكلها من بذور النباتات الوعائية، المزهرة، ذات البذور المكونة من فلقة واحدة، أما البذور ذات الفلقتين فيطلق عليها اسم (البذور)، مثل بذور العائلة القرنية التي منها الفول، والحمص، البازلاء، الفاصوليا، اللوبيا، العدس، الترمس، فول الصويا، الفول السوداني، الحلبة، البامية، كما قد تطلق على البذور التي لا يأكلها الإنسان مثل بذور البرسيم، والقطن وغيرها.
رقيقة هشة
أما البذور التي لها قدر من الصلابة فيطلق عليها اسم النوى (ومفردها نواة)، كما قد تجمع على أنواء، وذلك مثل نواة كل من البلح، والمشمش، والبرقوق، والخوخ، والزيتون وغيرها، واللفظة تذكر وتؤنث، وقد وردت في القرآن الكريم مرة واحدة.
وأيا كانت طبيعة غلاف أو اغلفة البذرة رقيقة هشة، أو سميكة خشبية أو قرنية صلبة فإن الله تعالى قد اعطى للجنين الكامن بداخلها القدرة على شقها وفلقها، بمجرد توافر الشروط اللازمة لإنباته، وذلك من أجل تيسير خروج النبتة الجنينية النامية من داخل البذرة في عملية معجزة تعرف باسم عملية إنبات البذور التي تتكاثر بها معظم النباتات الراقية.
هذه العمليات المعقدة في فلق الحب والنوى لا يقوى عليهما أحد من الخلق، ولا يمكن لهما أن تتما بغير توجيه، وهداية ربانية ومن هنا نسب الحق (تبارك وتعالى) هاتين العمليتين لذاته العلية تشريفا لهما، وتعظيما لشأنهما لأنه بدونهما ما كانت هناك إمكانية للحياة على الأرض، ولذلك قال عز من قائل: (إن الله فالق الحب والنوى)، وتدل هذه الآية على توحيد الربوبية.
توحيد الخلق
فأنواع التوحيد بالنسبة لله عز وجل تدخل كلها في تعريف عام وهو «إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به»، وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة
الأول، توحيد الربوبية، والثاني توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة، فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة، وسنتحدث عن توحيد الربوبية، حيث أنه يتعلق بهذا الموضوع، فتوحيد الربوبية هو إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك، والتدبير.
فالله تعالى وحده هو الخالق ولا خالق سواه، قال الله تعالى: «هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو»، فالله تعالى وحده هو الخالق، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وخَلْقُهُ يشمل ما يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالق لأفعال العباد، كما قال الله تعالى: «والله خلقكم وما تعملون».
ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله عز وجل وخالق السبب التام خالق للمسبب،
فإن قيل: كيف نجمع بين إفراد الله عز وجل بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى: «فتبارك الله أحسن الخالقين»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين:
«يقال لهم: أحيوا ما خلقتم»؟ الجواب على ذلك أنَّ غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا إحياء ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله عز وجل، فالمصور مثلاً إذا صور صورة فإنه لم يحدث شيئاً، غاية ما هنالك أنه حوَّل شيئاً إلى شيء كما يحول الطين إلى صورة طير أو صورة جمل، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة فالمداد من خلق الله عز وجل، والورقة البيضاء من خلق الله عز وجل.
إثبات الخلق
هذا هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله، عز وجل وإثبات الخلق بالنسبة إلى المخلوق، وعلى هذا يكون الله سبحانه وتعالى منفرداً بالخلق الذي يختص به.
فالله تعالى وحده هو المالك كما قال الله تعالى: «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير»، فالملك المطلق العام الشامل هو الله سبحانه وتعالى وحده، ونسبة الملك إلى غيره نسبة إضافية فقد أثبت الله عز وجل لغيره الملك كما في قوله تعالى: «أو ما ملكتم مفاتحه»، وقوله: «إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم»، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أنَّ لغير الله تعالى ملكاً.
لكن هذا الملك ليس كملك الله عز وجل فهو مُلك قاصر، ومُلك مقيد، مُلك قاصر لا يشمل، فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد، ثم هذا الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما ملك إلا على الوجه الذي أذن الله فيه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال الله تبارك وتعالى: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً»، وهذا دليل على أن ملك الإنسان ملك قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله سبحانه وتعالى فهو ملك عام شامل وملك مطلق يفعل الله سبحانه وتعالى ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
**************************************************************************للبذور النباتية اسمان متمايزان أولهما (الحب) وثانيهما (النوى)، ويعبر بلفظة (الحب) أو (الحبوب) عن البذور المستخدمة كمحاصيل غذائية أساسية للإنسان، مثل حبوب القمح (الحنطة) والشعير، والذرة، والشوفان، وكلها من بذور النباتات الوعائية، المزهرة، ذات البذور المكونة من فلقة واحدة، أما البذور ذات الفلقتين فيطلق عليها اسم (البذور)، مثل بذور العائلة القرنية التي منها الفول، والحمص، البازلاء، الفاصوليا، اللوبيا، العدس، الترمس، فول الصويا، الفول السوداني، الحلبة، البامية، كما قد تطلق على البذور التي لا يأكلها الإنسان مثل بذور البرسيم، والقطن وغيرها.
رقيقة هشة
أما البذور التي لها قدر من الصلابة فيطلق عليها اسم النوى (ومفردها نواة)، كما قد تجمع على أنواء، وذلك مثل نواة كل من البلح، والمشمش، والبرقوق، والخوخ، والزيتون وغيرها، واللفظة تذكر وتؤنث، وقد وردت في القرآن الكريم مرة واحدة.
وأيا كانت طبيعة غلاف أو اغلفة البذرة رقيقة هشة، أو سميكة خشبية أو قرنية صلبة فإن الله تعالى قد اعطى للجنين الكامن بداخلها القدرة على شقها وفلقها، بمجرد توافر الشروط اللازمة لإنباته، وذلك من أجل تيسير خروج النبتة الجنينية النامية من داخل البذرة في عملية معجزة تعرف باسم عملية إنبات البذور التي تتكاثر بها معظم النباتات الراقية.
هذه العمليات المعقدة في فلق الحب والنوى لا يقوى عليهما أحد من الخلق، ولا يمكن لهما أن تتما بغير توجيه، وهداية ربانية ومن هنا نسب الحق (تبارك وتعالى) هاتين العمليتين لذاته العلية تشريفا لهما، وتعظيما لشأنهما لأنه بدونهما ما كانت هناك إمكانية للحياة على الأرض، ولذلك قال عز من قائل: (إن الله فالق الحب والنوى)، وتدل هذه الآية على توحيد الربوبية.
توحيد الخلق
فأنواع التوحيد بالنسبة لله عز وجل تدخل كلها في تعريف عام وهو «إفراد الله سبحانه وتعالى بما يختص به»، وهي حسب ما ذكره أهل العلم ثلاثة
الأول، توحيد الربوبية، والثاني توحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات. وعلموا ذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث، فوجدوا أن التوحيد لا يخرج عن هذه الأنواع الثلاثة، فنوعوا التوحيد إلى ثلاثة، وسنتحدث عن توحيد الربوبية، حيث أنه يتعلق بهذا الموضوع، فتوحيد الربوبية هو إفراد الله سبحانه وتعالى بالخلق، والملك، والتدبير.
فالله تعالى وحده هو الخالق ولا خالق سواه، قال الله تعالى: «هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو»، فالله تعالى وحده هو الخالق، خلق كل شيء فقدره تقديراً، وخَلْقُهُ يشمل ما يقع من مفعولاته، وما يقع من مفعولات خلقه أيضاً، ولهذا كان من تمام الإيمان بالقدر أن تؤمن بأن الله تعالى خالق لأفعال العباد، كما قال الله تعالى: «والله خلقكم وما تعملون».
ووجه ذلك أن فعل العبد من صفاته، والعبد مخلوق لله، وخالق الشيء خالق لصفاته، ووجه آخر أن فعل العبد حاصل بإرادة جازمة وقدرة تامة، والإرادة والقدرة كلتاهما مخلوقتان لله عز وجل وخالق السبب التام خالق للمسبب،
فإن قيل: كيف نجمع بين إفراد الله عز وجل بالخلق مع أن الخلق قد يثبت لغير الله كما يدل عليه قول الله تعالى: «فتبارك الله أحسن الخالقين»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم في المصورين:
«يقال لهم: أحيوا ما خلقتم»؟ الجواب على ذلك أنَّ غير الله تعالى لا يخلق كخلق الله فلا يمكنه إيجاد معدوم، ولا إحياء ميت، وإنما خلق غير الله تعالى يكون بالتغيير وتحويل الشيء من صفة إلى صفة أخرى وهو مخلوق لله عز وجل، فالمصور مثلاً إذا صور صورة فإنه لم يحدث شيئاً، غاية ما هنالك أنه حوَّل شيئاً إلى شيء كما يحول الطين إلى صورة طير أو صورة جمل، وكما يحول بالتلوين الرقعة البيضاء إلى صورة ملونة فالمداد من خلق الله عز وجل، والورقة البيضاء من خلق الله عز وجل.
إثبات الخلق
هذا هو الفرق بين إثبات الخلق بالنسبة إلى الله، عز وجل وإثبات الخلق بالنسبة إلى المخلوق، وعلى هذا يكون الله سبحانه وتعالى منفرداً بالخلق الذي يختص به.
فالله تعالى وحده هو المالك كما قال الله تعالى: «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير»، فالملك المطلق العام الشامل هو الله سبحانه وتعالى وحده، ونسبة الملك إلى غيره نسبة إضافية فقد أثبت الله عز وجل لغيره الملك كما في قوله تعالى: «أو ما ملكتم مفاتحه»، وقوله: «إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم»، إلى غير ذلك من النصوص الدالة على أنَّ لغير الله تعالى ملكاً.
لكن هذا الملك ليس كملك الله عز وجل فهو مُلك قاصر، ومُلك مقيد، مُلك قاصر لا يشمل، فالبيت الذي لزيد لا يملكه عمرو، والبيت الذي لعمرو لا يملكه زيد، ثم هذا الملك مقيد بحيث لا يتصرف الإنسان فيما ملك إلا على الوجه الذي أذن الله فيه، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، وقال الله تبارك وتعالى: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً»، وهذا دليل على أن ملك الإنسان ملك قاصر وملك مقيد، بخلاف ملك الله سبحانه وتعالى فهو ملك عام شامل وملك مطلق يفعل الله سبحانه وتعالى ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
زدنا تذوقاً لطاعتك
اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء، ومن ليلة السوء، ومن ساعة السوء، ومن صاحب السوء ومن جار السوء في دار المقامة.اللهم يا ذا العرش الكريم، والسلطان العظيم، يا خير من خلوت به وحدي، ويا خير من مددت إليه يدي، أسألك اللهم أن تلهمني الخير وتعطيني إياه، وأن تصرف عني الشر وتكفيني إياه. اللهم زدنا تذوقاً لطاعتك، ورغبة في محبتك، وتلذذاً بعبوديتك، وإخلاصاً في عبادتك، وشكراً لنعمتك، وثقة بعزتك وعظمتك، وفوزاً برعايتك ونصرتك، وأمدنا بفضل جودك ومنتك، وأذقنا برد عفوك وحلاوة مغفرتك.
إلهي إلى من أقصد وأنت المقصود وإلى من أتوجه وأنت الحي الموجود ومن ذا الذي يعطي وأنت صاحب الكرم والجود، ومن ذا الذي يسأل وأنت الرب المعبود، يا من لا ملجأ إلا إليه، يا من يجير ولا يجار عليه.
اللهم إني أسألك أن تهب لي إيماناً أقدم به عليك، وأن تهب لي يقيناً لا توهنه شبهة ولا شك، حتى لا ألهو عن شكرك، ولا أنعم إلا بذكرك. اللهم لا تجعل حسناتي حسرات، ولا تفضحني بسيئاتي يوم ألقاك، واجعل قلبي يذكرك ولا ينساك. اللهم يا حابس يد إبراهيم (عليه السلام) عن ذبح ابنه، ورافع شأن يوسف (عليه السلام) على إخوته وأهله، ويا راحم عبرة داود (عليه السلام) وكاشف ضر أيوب (عليه السلام)، وكاشف غم المغمومين، ومجيب دعوة المضطرين، أسألك يا إلهي أن تجعل لي من أمري فرجاً ومخرجاً. اللهم إن ذنوبي لم تبق لي إلا رجاء عفوك ورحمتك، فأنا أسألك بما لا أستحقه، وأدعوك بما لا أستوجبه، وأتضرع إليك بما لا أستأهله، فلن يخفى عليك حالي وإن خفي على الناس كلهم معرفة أمري.
اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من شر سمعي ومن شر بصري ومن شر لساني ومن شر قلبي. أسألك العفو والعافية والستر والموت على الإيمان وحسن الختام يا كريم يا الله.
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان:قال: ياأيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من الف شهر ، شهر جعل الله صيامه فريضة و قيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصله من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه و من أدى فريضه فيه كان كمن أدى سبعين فريضه فيما سواه ، وهو شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة و شهر المواساة و شهر يزاد في رزق المؤمن فيه، من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه و عتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أ، ينقص من أجره شئ، قالوا: يا رسول الله : ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمه و أوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له ، وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم و خصلتين لا غناءبكم عنهما: فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، و تستغفرونه، و أما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما: فتسألون الله الجنة و تعوذون به من النار ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. رواه ابن خزيمه في صحيحه عن طريق البيهقي و رواه ابو الشيخ ابن حبان.ث نبوية
************************************************************************الجزء الثاني والعشرون
بشر المؤمن
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 31 ] من سورة الأحــزاب، وحتى الآيـة [ 27 ] من سورة يـس، ومـمّـا ورَد فيـه:
[ الآيـــة 35 ]
الله سبحانه دومـاً يقول في القرآن الكريم: (يا أيهـا الذين آمنوا) قاصداً بذلك الرجال والنساء معاً، ولا يوجدُ في القرآن كلّه آيةً تقول : [ يا أيهـا الذين آمنوا ويا أيتهـا اللواتي آمـنـتُـنّ ] ، مـا عدا [ الآية 35 ] فقد فصلت [ المذكّر عن المؤنّث ] ، والسـبب هو : أنّ الله في هذه الآية [ يُصنّف ] ولا [ يُعدّد ] ، درجات الإيمان من المرتبة الأدنى إلى المرتبة الأعلى ، وقد قسّمت هذه الآية الكريمة المراتب إلى عشَر مراتب، هي:
(إنّ المسلمينَ والمسلمات، والمؤمنينَ والمؤمنات، والقانتينَ والقانتات، والصادقينَ والصادقات، والصابرين والصابرات، والخاشعينَ والخاشعات، والمتصدّقينَ والمتصدّقات، والصـائمينَ والصـائمـات، والحافظينَ فُروجهُم والحافظات، والذاكرين الله كثيراً والذاكـرات، أعدّ الله لهُم مغفرةً وأجْراً عظيمـاً) [ الأحزاب 35 ].
المـراتب إذاً، هي:
1 ـ المرتبة الأدنى: (المسلمين والمسلمات)، الذين يُؤدّون شعائر الإسلام فقط، وهُم الغالبية العُظمى، ولا يوجد في كلّ القرآن الكريم آيةً تقول [ يا أيُهـا الذينَ أسلموا ]، والإسلامُ أدنى مرتبةً من الإيمان لقوله تعالى: (لـمْ تُـؤمنـوا ولكنْ قولوا أسْلمْنـا) [ الحجرات 14 ].
2 ـ المرتبة الأعلى: (المـؤمنينَ والمـؤمنات)، وهذه الفئة هي التي يُخاطبُهـا الله دومـاً: (يا أيُهـا الذين آمنوا)، وهُم الذين يُحقّقون [ الشروط التسعة الواردة في الآية 112 من سورة التوبة ] وهي:
(التائبـون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشّر المؤمنين) [ التوبة 112 ]، وكلمة [ السائحون ] تعني [ المتفرّغون لمساعدة الغيْـر في الشدائد !!! ]، فيُرجى الانتـباه لعبارة: (بشّــر المؤمنين)، فبعْـدَ [ الإيمـان ] تأتـي [ البُشـرى ] والبشـائر.
ـ كمـا يُـرجى [ الانتبـاه بـدقّة ] أنّ بين هذه الصفات التسع لا يوجد صفة الاعتداء على الاخرين، فلم يقُل: [ العـادون، المعتدون، القاتلون ...... ] ، وبدون تحقيق هذه الشروط [ التســعة ] السامية منَ الأخلاق والتصرّفات الحميدة، سـنبْقى [ مُسـلمينَ ] فقـط، وينـطـبقُ عليْنـا قولـه تعالى: (لـمْ تُــؤمـنوا ولـكـنْ قولـوا أسْــلـمْـنا ولـمّـا يـدخُل الإيـمـانُ في قلوبكُـم)[ الحجـرات 14 ].
3 ـ المرتبة الأعلى: (القـانتين والقانتـات)، والقنوتُ ليس [ دُعاءً أو صلاةً فقط ]، ولكنّ القُنوت هو: [ الطـاعة المُطلقة مع الرضـا التامّ ]، وهذا مَـا طالبَتْ الملائكة الكرام إلى مرْيَم عليهـا السلام: (يا مَرْيَمُ اقنتي لربّك)[ آل عمران 43 ]، وهذا مَـا طـالبَ به الله سبحانه نساء النبيّ رضي الله عنهُنّ جميعاً وأرضاهُن: (ومَنْ يقْنُتْ منكُنّ لله ورسوله وتعْمل صالحاً نؤتهـا أجْرهـا مرّتين)[ الأحزاب 21 ]، وقد وصلتْ مريمُ إلى مرتبة [ القنوت ] قال تعالى عنهـا: (وكـانتْ منَ القانتين )[ التحريم 12 ] ، و نُلاحظُ أنّه قال ( منَ القانتين) ولـم يقُلْ :
[ منَ القانتات ]، أيْ : بدّل صيغةَ المؤنث بصيغة المذكّر، والسـبب: لأنّ [ عدد ] القانتين [ قليلٌ جداً ] بين المؤمنين، مع أنّ كلمة [ القانتات ] موجودةٌ في القرآن، خاصّةً في هذه الآية التي نُناقشُهـا الآن، والزوجـةُ [ الصـالحة ] هي التي تُحقّق [ القُنوت ] لقوله تعالى: (فالصـالحاتُ قانتاتٌ حافظاتٌ للغيْب)[ النساء 34 ].
4 ـ المرتبة الأعلى: (والصـادقين والصـادقات)، ومنهم يوسف عليه السلام: (وهو منَ الصـادقين) [ يوسف 27 ] .
5 ـ المـرتبة الأعلى: (الصـابرين والصَــابرات ) ، ومن هذه المرتبة كان [ أيّوب ] عليه السلام : (إنّـا وجدْنـاهُ صـابراً، نعْـمَ العبـد إنّـه أوّاب)[ ص 43]، ويجب التمييز بين درجـات الصـبْر: قال تعالى: (يـا أيّهـا الذين آمنوا اصْـبروا وصَـابروا) [ آل عمران 200]، وقال: (فاعبدْهُ واصْـطـبرْ لـعبادته) [ مريم 65 ]، فدرجات الصبْر هي:
ـ التصـبّر: وهو الصـبْر بتكلّف والشعور بالضيق والمَلَل وهو أدنى الدرجات
ـ الصـبْر: وهو الحـالة الوسطى، حيث الصبْر بصمْت وهدوء وتحمّل
ـ الصَبر الجميل: وهو الصفة الأساسيّة للشخْص بحيث يكون منْ طبيعته الصبْر، وبدون شكوى، وهذه الدرجة وصَل إليْهـا [ يعقوب ] عليه السلام: (فصَـبْرٌ جميـل) [ يوسف 18 ]، أمّـا [ أعلى درجات الصبْر ] على الإطلاق، فقد وصَل إليهـا من كلّ البشريّة فقط خمسةٌ منَ الرُسُل الكرام عليهم صلاة الله وسلامه، وهُم [أولو العَـزْم ] : [نـوح، إبراهيم، موسـى، عيسـى، وسيّد أولي العَزم هو: مُحمّد] ، فقال تعالى لـه: (فاصْـبرْ كَمـا صَـبَر أولـوا العـزْم منَ الرُسُـل )[ الأحقاف 35 ] .
والصـبْر: هو الشرْطُ الرئيس لدخول الجنّـة ومَـا يُلقّـاهـا إلاّ الصــابرون )[ القصص 80 ] .
6 ـ المـرتبة الأعلى: (الخاشعينَ والخاشـعات)، ومنهُم مجموعةٌ منَ الأنبياء والرسُل الكرام، ذكَرَهُم الله في سورة الأنبياء، وهُم: [موسى، هارون، إبراهيم، لوط، إسحاق، يعقوب، نوح، داوود، سليمان، أيوب، اسماعيل، إدريس، ذو الكفْل، يونس، زكريّا، يحيى، مريم، عيسى] ، فقال تعالى عنهُم: (وكـانوا لنـا خاشعين)[ الأنبياء 90 ] .
7 ـ المـرتبة الأعلى: (المُتصـدّقينَ والمُتصـدّقات)، وهُم الذين: (يُنفقون أموالـهُم بالليل والنهـار سـرّاً وعـلانية) [ البقرة 74 ]، فهو ليْس مـال [ الزكـاة ] ، فهُم يُعطون المـال بـلا مُقابل لهذه الفـئات منَ الناس: (ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السـبيل، والسـائلين، وفي الرقاب)[ البقرة 177 ]، وهذا ليْسَ مـال الزكـاة، لأنّ الآية الكريمة تقول بعْد ذلك: (وأقـام الصـلاة، وآتى الزكـاة )[ البقرة 177 ]، فالزكـاة هي [ للبُخـلاء ] منَ المسلمين.
8 ـ المـرتبة الأعلى: (الصـائمين والصـائمات)، المقصود هنـا: [ الصـوم ] بحرف ـ الواو ـ وليس: [الصيام ] بحرف ـ الياء ـ لأنّ [ الصـيام ] يأتي مع المـرتبة الأولى: (المسلمين والمسلمات)، لأنّه رُكْنٌ منْ أركان الإسلام، وهو في شهْر رمضان، و[الصــوم]: هنـا معناه [ قوْل الحـقّ ] مع الآخرين، ويأتي [ الصوم] مع كلّ أيّام السنة، مثلمـا فعلتْ مرْيَم عليهـا السلام التي كانت تأكُلُ وتشْرب، وقالت للناس: (إنّي نذرْتُ للرحمن صـومـاً) مريم 26، وبتحقيق [ الصـوم ] يتخلّص المجتمع منَ الكثير منَ المشكلات والخلافات، ولكن مع [ الصـيام ] نجد ازدياد المشكلات في المجتمع، بحجّة [ الصيام ] وضيق الخُلُق!!
9 ـ المـرتبة الأعلى: (الحافظين فُروجهُم والحـافظات)، نُلاحظُ أن الآية الكريمة تقول (الحافظين) ولمْ تقُلْ : [ المُمسكين ] مثلاً ، لأنّ [ الحفْظ ] أقوى وأشمل، فالذي [ يحفظُ ] فرجه، فإنّه [ يحفظه ] حتى منَ الأمراض السارية مثل [ الإيدز ]، ولذلك تقول الآيات عن الذين يُمارسون الجنس خارج إطـار العلاقات الزوجيّة إنّهُم [ عادون ] وليس [ مُعتدون فقط ] ، فكلمة [ عادون ] تدلّ على شموليّة العدوان، مثل العدوان على النفْس وعلى الآخرين وعلى المجتمع، فقال تعالى: (والذين هُم لفروجهم حافظون، إلاّ على أزواجهم أو مـا مَلَكتْ أيمانُهُم فإنّهُم غيرُ مَلومين فَمَن ابتغى وراء ذلك فأولئكَ هُـمُ العَــادون) [ المؤمنون 5 / 7 ] ، ولذلك ربط [ الحافظون ] لفروجهم مع [ المؤمنين ] وليس [ المسلمين ] .
10 ـ أعلى المـراتب: (الذاكرين الله كثيراً والذاكـرات)، وهي أعلى مـراتب الإيمـان، لذلك كان [ اُسوتُهُم الحسنة ] إمامُ المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، ففي ذات سورة الأحزاب، يقول تعالى: (لقَد كان لكُم في رسول الله اُسْوةٌ حَسنة، لِمَـن كانَ يرجو الله واليوم الآخـر، وذَكَـرَ الله كـثيراً ) [ الأحزاب 21 ].
أعطى الله داوود وابنه سليمان إمكانات خارقة
(وَلَـقَدْ آتَيْنَا داوودَ مِـنّا فَضْـلاً )[ سَـبَأ 10 ] :
داوودُ : ثَاني مُلوكِ المَمْلَكَةِ المُتّحِدة الذينَ حَكَموا بني إسْرائِيْلَ ،َ هُوَ ابنُ يَسّى أحَدُ الملاَكِيْنَ في بَيْتِ لَحْم، عَمِلَ عِنْدَ طَالُوتَ سَائِسَاً [ راعي الخَيْل ] ، فَتَحَ القُـدْسَ وَجَعَلها عَاصِمَتَهُ، دَامَ هَذَا العَهْدُ / 94 / سَنَةً مَا بَيْنَ 1025 ـ 931 قَبْلَ المِيْلادِ، وَيُعْتَبَرُ العَصْرُ الذَهَبيُّ لِبني إسْرائِيْلَ ، فَقَدْ أخْرَجَ داوودُ عليه السلام بَني إسْرائِيْلَ مِنْ عِبادَةِ الأوْثَانِ ، إلى عِبادَةِ اللّه وَحْدَهُ ، كَانَ داوودُ نَبِيّاً وَرسُولاً مِنْ أصْحابِ الكُتُبِ السَماويَّةِ : ( وَآتَيْنَا داوودَ زَبُوراً )[ النساء 163 ][ الإسراء 55 ] ، وَ كَانَ قاضِيَاً : ( يَا داوودُ إنّا جَـعَـلْـنَاكَ خَـلِـيْفَةً في الأرْضِ فَاحْـكُـمْ بَيْنَ الـنَاسِ بِالـحَـقِّ )[ ص 26 ] ..
وَ كَانَ يتَمَتَّع بِالحِكْمَةِ وَالقُوَّةِ : (وَشَـدَدْنا مُـلْـكَـهُ وَآتِيْنَاهُ الـحِـكْـمَـةَ وَفَصْـلَ الـخِـطَـابِ )[ ص 20 ]، (وَ اذْكُـرْ عَـبْدَنا داوودَ ذَا الأيْدِ إنَّهُ أوَّابٌ )[ ص 18 ] ، ذَا الأيْدِ: القوة والعَزْم الشَـديد، وَكانَ يَتَمَتَّعُ بِجَمالِ الصَوْتِ ، حَتّى أنَّ صَوْتهُ كانَ يُؤثِّرُ في الصَخْرِ: (وَسَـخَّـرْنا مَـعَ داوودَ الـجِـبَالَ يُسَـبِّحْـنَ وَالـطَـيْرَ )[ الأنبياء 76 ] ، (وَلَـقَدْ آتَيْنَا داوودَ مِـنّا فَضْـلاً يَا جِـبَالُ أوِّبي وَ الـطَـيْرَ )[ سَـبَأ 10 ] ، ( إنَّا سَـخّـرْنَا الـجِـبالَ مَـعَـهُ يُسَـبِّحْـنَ بِالـعَـشِـيِّ وَالإشْـراقِ وَالـطَـيْرَ مَـحْـشُـورَةٌ كُـلٌّ لَـهُ أوّابٌ )[ ص 18 ] .
وَقَدْ أسَّسَ داوودُ مَا يُسَمَّى في الوَقْتِ الحالي الصِناعَةَ الحَرْبِيَّة: (وَعَـلَّـمْـنَاهُ صَـنْعَـةَ لَـبُوسٍ لَـكُـمْ )[ الأنبياء 80 ] ، لَـبُوسٍ : دُروع، مَعَ الدِقَّةِ وَالمَهارَةِ في صِناعَتِها: (وَقَدِّرْ في الـسَـرْدِ)[ سَـبأ 11 ] ، الـسَـرْدِ:
حلقات الدِرْع ، فَهُوَ أوَّلُ مَنْ اسْتَخْدَمَ في هذه المنطِقَةِ الصِناعات المَعْدنيَّة : ( وَ ألَـنّا لَـهُ الـحَـديْدَ )[ سَـبأ 10 ] ، مِنْ أجْلِ ذَلِكَ يَذْكُرُ التاريْخُ أنَّ الكَنعانِيّينَ أوَّلُ مَن اكْتَشَفَ الحديْدَ وَأنْتَجُوا البرونْز، فَقَدْ أُعْطِيَ سُلَيْمانُ عليه السلام مَناجِمَ النُحاسِ : (وَأسَـلْـنَا لَـهُ عَـيْنَ الـقِـطْـرِ )[ سَـبأ 12 ] ، فَكانُوا السَبَّاقِيْنَ في صِناعَةِ التَعْديْنِ، وَسَاهَموا بِبنـاءِ [ الحَضَارة المِيْغالِيْثِيَّة ] المُمْتدّة حَوْلَ العَالَمِ ، حَيْثُ أعْطى اللّهُ داوودَ و ابْنَهُ سُـلَيْمانَ إمْكاناتٍ خَارِقَة [ الريح ، الجِنّ ، الحديد ، النُحاس ... ] ، وَقالَ لَهُمْ : (اِعْـمَـلُـوا آلَ دَاوودَ شُـكْـراً)[ سَـبأ 13] ، وَ كَانَ المِصْريُّونَ يَنْقلونَ الحَدِيْدَ وَالنُحاسَ مِنْ فلسْطِيْنَ لِمِصْرَ.
(وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـرِيْحَ)[ سـبأ 12 ] :
كَانَ سُـلَيْمانُ بن داوودَ عليهما السلام يَتّصِفُ بِكُلِّ صِفاتِ والِدِهِ الحَميدَة: (وَوَهَـبْنا لِـداوودَ سُـلَـيْمَـانَ نِعْـمَ الـعَـبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ.... وَكُلاًّ آتَيْنَا حُـكْـمَاً وَ عِـلْـمَـاً)[ ص 30 / 79 ]، وَدَامَ حُكْمُ سُلَيْمَانَ عليه السلام قُرابَةَ / 44 / عَامَاً، في الفَتْرةِ الواقِعَةِ بَيْنَ 975 ـ 931 قَبْلَ الميْلاَدِ: (وَوَرِثَ سُـلَـيْمَـانُ داوودَ وَقَالَ يَا أيُّهَـا الـنَاسُ عُـلِّـمْـنَا مَـنْطِـقَ الـطَـيْرِ وَأُوتِيْنَا مِـنْ كُـلِّ شَـيْءٍ )[ النمل 16 ] ، مَـنْطِـقَ الـطَـيْرِ : وَ لَيْس لُغَةَ الطَيْرِ فقط ، فالمَنْطِقُ :
هُوَ نِظَـامُ تَفاهُمٍ مُحَدَّد ضِمْنَ عالَمِهِ الخـاصّ ، وَ مُصْطَلَحَاتِهِ الخَاصَّة بِـهِ ، ( وَأسَـلْـنَا لَـهُ عَـيْنَ الـقِطْـرِ )[ سـبأ 12 ] ، عَـيْنَ الـقِطْـرِ : النحـاس السائل ، فَكَانَ تَعْديْنُ الحديْدِ في عَهْدِ داوودَ ، وَتَعْديْنُ النُحَاسِ في عَهْدِ سُلَيْمان، وَمِنْ هَذَيْنِ المَعْدنَيْنِ كانَ البرونْز العُنْصُرُ الأساسيّ في بِناءِ [ الحَضَارَةِ المِيْغالِيْثِيَّة ] التي عَمَّت العَالَمَ، وَقَدْ أعْطى اللّهُ سُلَيْمان بَعْضَ العَطاءَاتِ التي لَمْ يُعْطِها لأحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، خَاصَّةً المُتَعَلِّقة مِنْها في الحَياةِ البَحْرِيَّةِ ، فَقَدْ كانَ سُلَيْمانُ عليه السلام بَحَّاراً بامْتِيازٍ ، فَسَخَّرَ لَهُ اللّهُ الرِيْـحَ مِنْ أجْلِ تَحْريْكِ السُفُنِ في البَحْرِ ، كَما أعْطاهُ الشَياطِيْن لِبناءِ السُفُنِ وَ الغَوْصِ في البِحَارِ ، كَمَا تُوضِحُ الآياتُ التالِيَةُ : ( قالَ رَبِّ اغْـفِـرْ لـي وَ هَـبْ لـي مُـلْـكَـاً لاَ يَنْبَغِـي لأَحَـدٍ مِـنْ بَعْـدي إنَّكَ أنْتَ الـوَهَّـابُ فَسَـخَّـرْنَا لَـهُ الـرِيْحَ تَجْـرِي بِأَمْـرِهِ رُخَـاءً حَـيْثُ أَصَـابَ وَ الشَـيَاطِـيْنَ كُـلَّ بَنَّـاءٍ وَغَـوَّاصٍ )[ ص 35 / 37 ] ، رُخَـاءً : لِتَحْريْكِ السُفُنِ بِهُدوءٍ ، حَـيْثُ أَصَـابَ : حَسَبَ الجِهَةِ المطلوبة ، وَ المسافَةُ التي كَانَتِ الرِيْحُ تَأْخُذُ سُلَيْمانَ إلَيْها في البَحْرِ كَانَتْ مَسافَةً بعِيْدَةً [ مسْيرة شَهْرٍ ] ، تُوصِلُهُ لِمَضِيْقِ جَبَلِ طارق :
(وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـرِيْحَ غُدُوُّهَـا شَـهْـرٌ وَرواحُـهَـا شَـهْـر)[ سـبأ 12 ] ، وَ في حَالِ ضَيَاعِهِ أوْ حُدُوثِ مُشْكِلَةٍ مَعَهُ في البَحْرِ ، كانَت الرِيْحُ تَعُودُ بِهِ مُسْرِعَةً إلى فِلَسْطِيْنَ حَصْراً : (وَلِـسُـلَـيْمَـانَ الـرِيْحَ عَـاصِـفَةً تَجْـرِي بِأَمْـرِهِ إلـى الأرْضِ الـتي بارَكْـنَا فِيْهَـا)[ الأنبياء 81 ] ، الـرِيْحَ عَـاصِـفَةً:
هُنا قال عاصِفة وَلَيْسَتْ رُخاء حَيْثُ الأمْرُ إسْعافيّ، وَقَسَمَ الجِنَّ إلى قِسْمَيْنِ ، القِسْمُ الكافِرُ [ الشَياطِيْن ] للغَوْصِ وَ بناءِ السُفُنِ أيْ للنَشَاطِ البَحْريّ : (وَالـشَـيَاطِـينَ كُـلَّ بَنَّاءٍ وَغَـوَّاصٍ )[ ص 38 ]، (وَمِـنَ الـشَـيَاطِـينِ مَـنْ يَغُـوصُـونَ لَـهُ وَيَعْـمَـلُـونَ عَـمَـلاً دُونَ ذَلِـكَ )[ الأنباء 82 ]، أمَّا الجِنُّ العاديّينَ لِلأعْمالِ الخَفِيْفَـةِ مِثْلَ الأعْمالِ الفَخَارِيَّةِ : (وَمِـنَ الـجِـنِّ مَـنْ يَعْـمَـلُ بَيْنَ يَـدَيْه بِإِذْنِ رَبِّـهِ )[ سَـبَأ 12 ] ، ( يَعْـمَـلُـونَ لَـهُ مَـا يَشَـاءُ مِـنْ مَـحَـاريبَ وَ تَمَـاثِيلَ وَ جِـفَانٍ كَـالـجَـوابِ وَ قُـدورٍ رَاسِـيَاتِ )[ سـبأ 13 ] ، جِـفَانٍ : وَاحِدَتُها [ جَـفْنة ] وَ هيَ القَصْعَاتُ الكبيرَةُ للأَكْلِ ، الـجَـوابِ : أحْواضِ الماءِ الضَخْمَةِ ، قُـدورٍ : أواني الطبخ ، رَاسِـيَاتِ : ثَابِتَـةٌ في مكانِها بسبب كبَر حجمهـا .
( وَ الـعَـمَـلُ الـصَـالِـحُ يَـرْفَعُـهُ )[ فاطر 10 ] :
العَـمَـلُ الصَـالِحُ وَ العَـمَـلُ الحَـسَـنُ :
إنَّ العَمَلَ الصَالِحَ : هُوَ العَمَلُ الذي يَصْلُحُ فيهِ حَالُ الفَرْدِ وَ المُجْتَمَعِ ، وَ إِذَا لَمْ يَصْلُحُ فيهِ حَالُ الفَرْدِ وَ المُجْتَمَعِ يَبْقى عَمَلاً [ حَسَـناً ] فَقَطْ ، فالمُوَظَّفُ الذي يُداوِمُ عَلى عَمَلِهِ ، يَقُومُ بِعَمَلٍ حَسَـنٍ مِنْ حَيْثُ المَبْدَأ، وَ لاَ يَكُونُ عَمَلُهُ صَالِحَاً إلاّ إِذَا أَدّى الأعْمَالَ المُوكَلَةَ إلَيْهِ بِصِدْقٍ وَ أَمَانَةٍ خِلاَلَ فَتْرَةِ دَوامِهِ، وَ الطَالِبُ الذي يَذْهَبُ لِلمَدْرَسَةِ ، يَقُومُ مَبْدَئِيَـاً بِعَمَلٍ حَسَـنٍ ، وَ لاَ يَكُونُ عَمَلُهُ صَـالِحَاً ، إلاّ إِذَا انْتَبَـهَ لِدُروسِهِ وَ وَاجِبَـاتِهِ وَ نَجَحَ آخِـرَ العَامِ ، وَ أَصْبَحَ بالتَالي عُضْـواً نافِعَـاً في مُجْتَمَعِهِ .
وَ مَا أَكْثَرَ الأَعْمال الحَسَـنَةَ التي نَقُومُ بِهَـا ، وَ مَا أَقَـلَّ الأَعْمَالَ الصَالِحةَ ، فَكَمْ مِنْ مُوَظَّفٍ مَوْجُودٌ في وَظِيْفَتِهِ ، لَكِنَّهُ لاَ يُؤَدّي مَا هُوَ مَطْلُوبٌ مِنْهُ مِنْ خِدْمَةِ المُواطِنِ وَ المُجْتَمَعِ ، وَ كَمْ مِنْ طَالِبٍ في مَدْرَسَتِهِ لاَ يَهْتَمُّ بِدُروسِهِ وَ يَفْشَلُ آخِرَ العَـامِ ، وَ نحن الآن في شَـهْرِ الصِيَـامِ , وَ كَمْ مِنْ صَائِمٍ لَيْسَ لَـهُ مِنْ صِيَـامِهِ إلاَّ الجُـوعُ وَ العَطَشُ ، عِلْمَاً أَنَّهُ لاَ يَصْعَدُ لِلسَمَاءِ إلاّ العَمَلُ الصَالِحُ : ( وَ الـعَـمَـلُ الـصَـالِـحُ يَرْفَعُـهُ )[ فاطر 10 ] ، لِذَلِكَ وَرَدَ في القُرْآنِ الكَريْمِ / 50 مَرّة / : ( الـذيْنَ آمَـنُوا وَ عَـمِـلُـوا الـصَـالِـحَـاتِ ) ، وَ صَلاَةُ الجَمَاعَةِ تُعَلِّمُنَـا قَضِيَّتَيْنِ أَساسِـيَّتَيْنِ هُمَـا :
أَنْ يَقِفَ الإنْسَـانُ مُتَراصَّـاً مَعَ بَيْنَ صُفُوفِ مُجْتَمَعِهِ ، يُؤَدّي وَاجِباتِهِ بِصَمْتٍ وَ هُدُوءٍ ، وَ أَنْ يُكْمِلَ الصُفُوفَ النَاقِصَـة في مُجْتَمَعِهِ ، لِيَكُونَ مُجْتَمَعَـاً مُتَكَامِلاً ، لاَ يَحْتَاجُ غَيْرَهُ مِنَ المُجْتَمَعَـاتِ ، وَ بِذَلِكَ تَنْهَى الصَلاَةُ عَنِ الفَحْشَاءِ وَ المُنْكَرِ ، فَعَلى ُكلٍّ مِنَّا أنْ يَسْعَى لِيَكُونَ عَمَلُهُ صَالِحَاً لِلفَرْدِ وَ المُجْتَمَعِ ، وَ لَيْسَ عَمَلاً حَسَنَاً فَقَطْ ، فَلاَ يَكُونُ الإنْسَانُ أهلاً لِلاعْتِمَادِ عَليْهِ ، وَ سَيَنْبُذُهُ المُجْتَمَعُ في النِهَايَةِ : ( قَالَ يَا نُوحُ إنّهُ لـَيْسَ مِـنْ أَهْـلِـكَ إنَّهُ عَـمَـلٌ غَـيْرُ صَـالِـحٍ )[ هود 45 ] .
فَمَا أَحْوَجَنـَا اليَوْمَ لِلأعْمَالِ الصَالِحَـةِ ، مِنْ اَجْلِ تَقَدُّمِ المُجْتَمَعِ وَ ازْدِهَارِهِ ، وَ أَنْ لاَ نَنْظُرَ لِلأعْمَالِ الحَسَنَةِ عَلى أنَّهَا صَـالِحَة، فَنَقَعَ في سُـوءِ الفَهْمِ القاتِلِ : ( أَفَمَـنْ زُيِّنَ لَـهُ سُـوءُ عَـمَـلِـهِ فَـرَآهُ حَـسَـناً )[ فاطر 8 ] ، وَ كُلُّ الشُـكْرِ لِمَنْ يَقُومُونَ ِالأَعْمالِ الصَالِحَـةِ في هَذَا المُجْتَمَعِ الطَيّـِبِ.
كـلّ هـذا واللـه أعْلـمُ .
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
24 رمضان 1436هـ - 11 يوليو 2015م
الزرع هدية الله لعباده الصالحين
قال تعالى: «مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا».
قال المفسرون في معاني الكلمات أخرج شطأه: ما خرج منه وتفرع في شاطئيه أي في جانبيه، فآزره: أي قوى ذلك الشطء أي الزرع ـ وتآزر النبات طال وقوي، صار مثل الأصل في الطول، فاستغلظ: فصار من الدقة إلى الغلظة، فاستوى على سوقه: فاستقام على أصوله وجذوعه، يعجب الزراع: بقوته وكثافته، وغلظه وحسن منظره.
نهي عن المنكر
هذا مثل ضربه الله سبحانه وتعالى للصحابة رضي الله عنهم، ففي بدء الإسلام كانوا قلة ثم كثروا فاستحكموا فترقى أمرهم يوماً فيوماً بحيث أعجب الناس منهم، وقال المفسرون أيضاً: مكتوب في الإنجيل سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
اصطفاء الله للصحابة
إنّ الله اصطفى محمدًا على سائر الأنبياء والمرسلين، وجعله رسولاً للعالمين أجمعين، فاختار له صحابة أخيارًا صالحين، آمنوا به واتبعوه وآزروه ونصروه، وفدوه بالنفس والنفيس، فكانوا خير صحبة لخير نبي.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه»، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (كان أصحاب رسول الله خير هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ونقل دينه).
إنهم صحابة رسول الله، هذا الجيل العظيم الذي رباه النبي وأحسن تربيته، فأصبحوا صدارة هذه البشرية بعد الأنبياء والرسل، تحقق فيهم رضي الله عنهم ما لم يتحقق في غيرهم منذ بدء الخليقة، ولن يتحقق في غيرهم حتى قيام الساعة.
لقد اجتمع فيهم من عوامل الخير ما لم يتجمع في جيل قبلهم، ولن يتجمع في جيل بعدهم، هم الجيل الذي وصفه النبي بالخيرية والأفضلية المطلقة على سائر الأجيال، روى البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
نماذج متنوعة
وهذه الخيرية تجعل من جيل الصحابة مثلاً عاليًا للمسلمين في كل زمان ومكان، فهم يتطلعون إليهم، ويعتزون بهم، ويسترشدون بسيرهم، تلك السير المتنوعة في العبادة والمجاهدة والمعاملة الحسنة والوسطية في الأمور كلها، مما يكفل للمسلمين في مختلف العصور نماذج متنوعة صالحة للاقتداء.
فالصحابة كانوا في السلم هداة معلمين، مصلحين عاملين، وصفهم رسول الله بأنهم أمنة لأمته، ففي صحيح مسلم قال رسول الله: «النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبتْ النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون».
حب الصحابة دين
والصحابي هو كل من رأى النبي مؤمنًا به، ومات على الإسلام، وقد بلغ عدد الصحابة يوم فتح مكة عشرة آلاف صحابي، وقد توفي رسول الله وترك ما يزيد عن مائة ألف صحابي من رجل وامرأه، وكان آخر الصحابة وفاة واثلة بن الأسقع الليثي، في سنة خمس وثمانين للهجرة.
ويجب على المسلم أن تكون له عقيدة صحيحة في صحابة رسول الله، وهذه العقيدة جمعها الإمام الطحاوي رحمه الله في قوله: «ونحب أصحاب رسول الله ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان».
وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على تقديم أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ثم بقية العشرة المبشرين، ثم البدريين أي: من شهد بدرًا، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
وقوله رحمه الله: «ولا نذكرهم إلا بخير» فيه إشارة إلى الكف وعدم الخوض فيما شجر بينهم من سوء تفاهم واختلاف، وأن ذلك فتنة وابتلاء من الله لهم بعد وفاة النبي، وقد أخبرهم النبي من قبل ـ في حياته ـ بوقوع ذلك، فالصحابة لم يكونوا معصومين من الخطأ وكانوا مجتهدين في ذلك ومعذورين عند الله، ومنزلتهم ثابتة وخيرهم سابق وفضلهم دائم.
الخير والأفضلية
ويقول رحمه الله: «وحبهم دين وإيمان وإحسان»، نعم حب الصحابة إيمان، وبغضهم نفاق فنحب الصحابة لأن الله رضي عنهم وزكاهم في القرآن، وشهد لهم النبي بالخيرية والأفضلية، وبوب الإمام البخاري في صحيحه ـ الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله ـ أبوابًا في فضائل الصحابة والمهاجرين ثم قال: «باب حب الأنصار من الإيمان»، فخرج فيه حديثًا عن البراء رضي الله عنه قال: سمعت النبي قال: «الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله».
*****************************************************************قال تعالى: «مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا».
قال المفسرون في معاني الكلمات أخرج شطأه: ما خرج منه وتفرع في شاطئيه أي في جانبيه، فآزره: أي قوى ذلك الشطء أي الزرع ـ وتآزر النبات طال وقوي، صار مثل الأصل في الطول، فاستغلظ: فصار من الدقة إلى الغلظة، فاستوى على سوقه: فاستقام على أصوله وجذوعه، يعجب الزراع: بقوته وكثافته، وغلظه وحسن منظره.
نهي عن المنكر
هذا مثل ضربه الله سبحانه وتعالى للصحابة رضي الله عنهم، ففي بدء الإسلام كانوا قلة ثم كثروا فاستحكموا فترقى أمرهم يوماً فيوماً بحيث أعجب الناس منهم، وقال المفسرون أيضاً: مكتوب في الإنجيل سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
اصطفاء الله للصحابة
إنّ الله اصطفى محمدًا على سائر الأنبياء والمرسلين، وجعله رسولاً للعالمين أجمعين، فاختار له صحابة أخيارًا صالحين، آمنوا به واتبعوه وآزروه ونصروه، وفدوه بالنفس والنفيس، فكانوا خير صحبة لخير نبي.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «إن الله عز وجل نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه»، وقال ابن عمر رضي الله عنهما: (كان أصحاب رسول الله خير هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، قوم اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه ونقل دينه).
إنهم صحابة رسول الله، هذا الجيل العظيم الذي رباه النبي وأحسن تربيته، فأصبحوا صدارة هذه البشرية بعد الأنبياء والرسل، تحقق فيهم رضي الله عنهم ما لم يتحقق في غيرهم منذ بدء الخليقة، ولن يتحقق في غيرهم حتى قيام الساعة.
لقد اجتمع فيهم من عوامل الخير ما لم يتجمع في جيل قبلهم، ولن يتجمع في جيل بعدهم، هم الجيل الذي وصفه النبي بالخيرية والأفضلية المطلقة على سائر الأجيال، روى البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
نماذج متنوعة
وهذه الخيرية تجعل من جيل الصحابة مثلاً عاليًا للمسلمين في كل زمان ومكان، فهم يتطلعون إليهم، ويعتزون بهم، ويسترشدون بسيرهم، تلك السير المتنوعة في العبادة والمجاهدة والمعاملة الحسنة والوسطية في الأمور كلها، مما يكفل للمسلمين في مختلف العصور نماذج متنوعة صالحة للاقتداء.
فالصحابة كانوا في السلم هداة معلمين، مصلحين عاملين، وصفهم رسول الله بأنهم أمنة لأمته، ففي صحيح مسلم قال رسول الله: «النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبتْ النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون».
حب الصحابة دين
والصحابي هو كل من رأى النبي مؤمنًا به، ومات على الإسلام، وقد بلغ عدد الصحابة يوم فتح مكة عشرة آلاف صحابي، وقد توفي رسول الله وترك ما يزيد عن مائة ألف صحابي من رجل وامرأه، وكان آخر الصحابة وفاة واثلة بن الأسقع الليثي، في سنة خمس وثمانين للهجرة.
ويجب على المسلم أن تكون له عقيدة صحيحة في صحابة رسول الله، وهذه العقيدة جمعها الإمام الطحاوي رحمه الله في قوله: «ونحب أصحاب رسول الله ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير يذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان».
وقد أجمع الصحابة رضي الله عنهم على تقديم أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، ثم بقية العشرة المبشرين، ثم البدريين أي: من شهد بدرًا، ثم أهل بيعة الرضوان، ثم بقية الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
وقوله رحمه الله: «ولا نذكرهم إلا بخير» فيه إشارة إلى الكف وعدم الخوض فيما شجر بينهم من سوء تفاهم واختلاف، وأن ذلك فتنة وابتلاء من الله لهم بعد وفاة النبي، وقد أخبرهم النبي من قبل ـ في حياته ـ بوقوع ذلك، فالصحابة لم يكونوا معصومين من الخطأ وكانوا مجتهدين في ذلك ومعذورين عند الله، ومنزلتهم ثابتة وخيرهم سابق وفضلهم دائم.
الخير والأفضلية
ويقول رحمه الله: «وحبهم دين وإيمان وإحسان»، نعم حب الصحابة إيمان، وبغضهم نفاق فنحب الصحابة لأن الله رضي عنهم وزكاهم في القرآن، وشهد لهم النبي بالخيرية والأفضلية، وبوب الإمام البخاري في صحيحه ـ الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله ـ أبوابًا في فضائل الصحابة والمهاجرين ثم قال: «باب حب الأنصار من الإيمان»، فخرج فيه حديثًا عن البراء رضي الله عنه قال: سمعت النبي قال: «الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله».
الرزق الحلال
اَللّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَكَ لَنا حَلالاً لا يَشُوبُهُ دَنَسٌ وَلا اَسْقامٌ يا مَنْ عِلْمُهُ بِالسِّرِّ كَعِلْمِهِ بالعلَن ارْزُقْنا الاِفْطارَ مِنْ رِزْقِكَ الْحلالِ.
اَللّهُمَّ سَهِّلْ لَنا فيهِ ما قَسَمْتَهُ مِنْ رِزْقِكَ، وَيَسِّرْ ما قَدَّرْتَهُ مِنْ اَمْرِكَ، وَاجْعَلْهُ حَلالاً طَيِّباً نَقِيّاً مِنَ الآثام خالِصاً مِنَ الاصارِ وَالاَجْرامِ.
اَللّهُمَّ لا تُطْعِمْنا اِلاّ طَيِّباً غَيْرَ خَبيث وَلا حَرام، يا مُتَفَضِّلاً عَلى عِبادِهِ بالإحسان، يا مَنْ هُوَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ وَبِكُلِّ شَيء عَليمٌ خَبيرٌ اَلْهِمْنا ذِكْرَكَ وَجَنِّبْنا عُسْرَكَ، وَاَنِلْنا يُسْرَكَ، وَاَهْدِنا لِلرَّشادِ، وَوَفِّقْنا لِلسَّدادِ، وَاعْصِمْنا مِنَ الْبَلايا، وَصُنّا مِنَ الاَوْزارِ وَالْخَطايا، يا مَنْ لا يَغْفِرُ عَظيمَ الذُّنُوبِ غَيْرُهُ، وَلا يَكْشِفُ السُّوءَ إلاّ هُوَ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ، وَاَكْرَمَ الاَكْرَمينَ، صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَاَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبينَ.
اللهم اجْعَلْ صِيامَنا مَقْبُولاً، وَبِالْبِرِّ وَالتَّقْوى مَوْصُولاً، وَكَذلِكَ فَاجْعَلْ سَعْيَنا مَشْكُوراً وَقِيامَنا مَبْرُوراً، وَقُرْآنَنا مَرْفُوعاً، وَدُعاءَنا مَسْمُوعاً، وَاهْدِنا لِلْحُسْنى، وَجَنِّبْنَا الْعُسْرى، وَيَسِّرْنا لِلْيُسْرى، وَاَعِلْ لَنَا الدَّرَجاتِ، وَضاعِفْ لَنا الْحَسَناتِ، وَاقْبَلْ مِنَّا الصَّوْمَ وَالصَّلاةَ، واسْمَعْ مِنَّا الدَّعَواتِ، وَاغْفِرْ لَنَا الْخَطيئاتِ، وَتَجاوَزْ عَنَّا السَّيِّئاتِ، وَاجْعَلْنا مِنَ الْعامِلينَ الْفائِزينَ، وَلا تَجْعَلْنا مِنَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضّالّينَ، حَتّى يَنْقَضِيَ شَهْرُ رَمَضانَ عَنّا وَقَدْ قَبِلْتَ فيهِ صِيامَنا وَقِيامَنا، وَزَكَّيْتَ فيهِ اَعْمالَنا، وَغَفَرْتَ فيهِ ذُنوبَنا، وَاَجْزَلْتَ فيهِ مِنْ كُلِّ خَيْر نَصيبَنا، فَاِنَّكَ الاْلهُ الْمجيبُ، وَالرَّبُّ الْقَريبُ، وَاَنْتَ بِكُلِّ شَيْء مُحيطٌ.
اَللّهُمَّ يا مَنْ يَمْلِكُ التَّدْبيرَ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ، يا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الاَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورِ وَتُجِنُّ الضَّميرُ وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ.
اَللّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ نَوى فَعَمِلَ، وَلا تَجْعَلْنا مِمَّنْ شَقِيَ فَكَسِلَ، وَلا مِمَّنْ هُوَ عَلى غَيْرِ عَمَل يَتَّكِلُ.
اَللّهُمَّ صَحِّحْ اَبْدانَنا مِنَ الْعِلَلِ، وَاَعِنّا عَلى ما افْتَرَضْتَ عَلَيْنا مِنَ الْعَمَلِ، حَتّى يَنْقَضِيَ عَنّا شَهْرُكَ هذا وَقَدْ اَدَّيْنا مَفْرُوضَكَ فيهِ عَلَيْنا.
اَللّهُمَّ اَعِنّا عَلى صِيامِهِ، وَوَفِّقْنا لِقِيامِهِ، وَنَشِّطْنا فيهِ لِلصَّلاةِ، وَلا تَحْجُبْنا مِنَ الْقِراءَةِ، وَسَهِّلْ لَنا فيهِ ايتاءَ الزَّكاةِ.
نفحات عطرة من السنة النبوية
«لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام « (مسلم)
نبي الرحمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين، قال: «إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة» [رواه مسلم].
من حكم الرسول
اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ، وأن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط
من وصايا الرّسول ے
قال الرسول صلى الله عليه وسلم «صل الصلاة لوقتها « فان الله سبحانه وتعالى يريد أن يديم صلة الإنسان بربه الخالق , فالذي خلقك يستدعيك إلى لقائه ليخفف عنك ما ألم بك من متاعب قبل الوقت ويعطي لك طاقة من الإيمان إن لك ربا , هذا الرب هو الذى دعاك ليحتفي بك فإن طلبك للقائه فلا تؤجل لقاءه لأنه سيمدك بطاقة إيمانية كبيرة إن شاء الله .
دعاء من السنة النبويــــــــة
اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.اشعار في مدح الرسول
اشعار في مدح الرسول
أنقذتَها من ظلام الجهلِ سرْتَ بها
الى ذ رى النور فانجابت دياجيها
أشرقتَ فيها إماما للهُدى ،علَما
ما زال يخفِق زهوا في سواريها
وحّدْت بالدين والايمان موقفها
ومنْ سواك على حُب يؤاخيها
دعاء رمضان
اللّهُمَّ اجْعَل لي في رمضان نَصيبا مِن رَحمَتِكَ الواسِعَةِ ، وَاهْدِني فيهِ لِبَراهينِكَ السّاطِعَةِ ، وَخُذْ بِناصِيَتي إلى مَرْضاتِكَ الجامِعَةِ بِمَحَبَّتِكَ يا اَمَلَ المُشتاقينَ .
يارب
«اللهم يا فارج الهمّ ويا كاشف الغمّ يا مجيب دعوة المضطرين ارحمنا رحمة تغنينا بها عن رحمة سواك يا ربّ العالمين»
نفحات
عطرة من القرآن الكريم
{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ} الأنعام:22
دعاء من القرآن الكريم
{رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ} آل عمران (193)
أسباب النزول
قال تعالى : {ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب} سورة النساء 77
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَالْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَقُدَامَةُ بْنُ مَظْعُونٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ كَانُوا يُلْقُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَذًى كَثِيرًا وَيَقُولُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائذن لنا في قِتَالِ هَؤُلَاءِ، فَيَقُولُ لَهُمْ:«كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ فإني لم أؤمر بِقِتَالِهِمْ»، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأَمَرَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ وَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ.
من أقوال الراشدين
قال علي بن ابي طالب كرم الله وجهه : إنما أخشى عليكم اثنتين طول الأمل، وإتباع الهوى، فإن طول الأمل ينسي الآخرة، وإن إتباع الهوى يصدّ عن الحقّ.
غذاء من القران
أثبتت الدراسات الطبية الفوائد العديدة للتين، فهو يحوي موادا مطهرة للجراثيم ويقلل من نسبة الكولسترول وهو يحوي نسبة عالية من السكر تجعله مصدراً جيداً للطاقة، وفي بعض الدراسات نجد أن تناول حبات من التين كل يوم يقي من السرطان. وله فائدة كبيرة جداً في تنظيم عمل الأمعاء. وكذلك الوقاية والعلاج لمرض البواسير وذلك بأكل حبات منه، وغلي أوراقه وتغطيس المنطقة المصابة.... وغير ذلك من الفوائد الطبية ولذلك ذكره الله في كتابه بل وأقسم به: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} [التين: 1]، ومن أهم الاكتشافات أن التين ضروري لتجديد الشباب!
قصة أصحاب الفيل
من هم أصحاب الفيل ؟ وما هي قصتهم ؟ وما هو جزاء الله لهم ؟ وكيف لنا أن نأخذ العبرة من هذه القصة ؟؟
في قديم الزمان كان لليمن ملك اسمه ( ذو نواس ) , وهذا الملك قام باضطهاد نصارى نجران بحرقهم , فنجا من هؤلاء النصارى شخص واحد اسمه ( دوس ) , فذهب دوس الى الى قيصر الروم والذي كان نصرانياً ولكن لبعد المسافة بين الروم واليمن فبعث قيصر الروم ذلك الرجل (دوس ) الى النجاشي حاكم الحبشة لينتقم للنصارى من قاتلهم ( ذو نواس) .
ولما سمع النجاشي القصة ثار غضبه وجهز جيشاً عظيماً للذهاب الى اليمن بقيادة ( أرياط ) و ( أبرهة ) , وانتصر جيش النجاشي على قائد اليمن وأصبح (أرياط ) حاكماً لليمن , وبعد مدة من الزمن انقلب ( أبرهة ) على ( أرياط ) وأخذ منه الحكم وأصبح هو حاكم اليمن , وغضب النجاشي منه وقرر أن يأخد الحكم منه ولكن ( أبرهة ) اعلن استسلامه وولائه للنجاشي فعفا عنه وأبقاه حاكماً لليمن . لكي يثبت ( أبرهة ) ولائه للنجاشي بنى كنيسة كبيرة ولا يوجد لها مثيل على وجه الارض , ليحجو اليها اهل الجزيرة بدلا من الكعبة , وأرسل ( أبرهة ) وفوداً الي الجزيرة العربية ليدعوهم الي الحج في الكنيسة التي بناها ولكن أهل الجزيرة العربية رفضوا ذلك , وقال البعض أن مجموعة من العرب ذهبوا الى الكنيسة ولوثوها بالقاذورات .
غضب أبرهة من رفض العرب وقرر أن يهدم الكعبة , وجهز جيشاً عظيماً وتوجه به الى مكة وهو يمتطي الفيل , وعند اقتراب الجيش من مكة بعت ( أبرهة ) من ينهب أموال مكة وبعث رسولاً الى كبير قوم مكة وقال له : ابحث عن كبير القوم وقل له إن أبرهة مللك اليمن يدعوك. أنا لم آت لحرب، بل جئت لأهدم هذا البيت، فلو استسلمتم، حقنت دماؤكم. فجاء رسول ( أبرهة ) الى عبد المطلب , فقال له عبد المطلب : نحن لا طاقة لنا بحبركم , وللبيت رب يحميه .
وذهب عبد المطلب وجمع من قريش الى شعاب مكة وأمر أحد أولاده أن يصعد على جبل ( أبو قيس ) ليرى ما يجري , وعاد هذا الابن ليخبر أباه أن سحابة سوداء تتجه من البحر الاحمر الى ارض مكة , والفيل الذي يمتطيه ( أبرهة ) رفض أن يتحرك ويتقدم الى الامام وحين يوجهوه يميناً يتجه شمالاً .
ومن ثم أتت طيور قادمة من البحر كأنها الخطاطيف وتحمل في منقارها حجراً وفي رجليها حجرين , وثم ألقت الطيور الحجارة التي تحملها على جيش أبرهة , وقيل : إن الحجر كان يسقط على الرجل منهم فيخترقه ويخرج من الجانب الآخر. فهلك من الجيش ما هلك وفر من استطاع , وأما ( أبرهة ) فقد أصيب بحجر وتوفي في صنعاء .
وفي هذا العام (عام الفيل ) ولد الرسول _ صلى الله عليه وسلم .
سورة الفيل
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ ﴿أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ﴾ ﴿أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيل﴾ ﴿وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ﴾ ﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجارَة مِنْ سِجِّيل﴾ ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفمَأْكُول﴾
******************************************************************من هم أصحاب الفيل ؟ وما هي قصتهم ؟ وما هو جزاء الله لهم ؟ وكيف لنا أن نأخذ العبرة من هذه القصة ؟؟
في قديم الزمان كان لليمن ملك اسمه ( ذو نواس ) , وهذا الملك قام باضطهاد نصارى نجران بحرقهم , فنجا من هؤلاء النصارى شخص واحد اسمه ( دوس ) , فذهب دوس الى الى قيصر الروم والذي كان نصرانياً ولكن لبعد المسافة بين الروم واليمن فبعث قيصر الروم ذلك الرجل (دوس ) الى النجاشي حاكم الحبشة لينتقم للنصارى من قاتلهم ( ذو نواس) .
ولما سمع النجاشي القصة ثار غضبه وجهز جيشاً عظيماً للذهاب الى اليمن بقيادة ( أرياط ) و ( أبرهة ) , وانتصر جيش النجاشي على قائد اليمن وأصبح (أرياط ) حاكماً لليمن , وبعد مدة من الزمن انقلب ( أبرهة ) على ( أرياط ) وأخذ منه الحكم وأصبح هو حاكم اليمن , وغضب النجاشي منه وقرر أن يأخد الحكم منه ولكن ( أبرهة ) اعلن استسلامه وولائه للنجاشي فعفا عنه وأبقاه حاكماً لليمن . لكي يثبت ( أبرهة ) ولائه للنجاشي بنى كنيسة كبيرة ولا يوجد لها مثيل على وجه الارض , ليحجو اليها اهل الجزيرة بدلا من الكعبة , وأرسل ( أبرهة ) وفوداً الي الجزيرة العربية ليدعوهم الي الحج في الكنيسة التي بناها ولكن أهل الجزيرة العربية رفضوا ذلك , وقال البعض أن مجموعة من العرب ذهبوا الى الكنيسة ولوثوها بالقاذورات .
غضب أبرهة من رفض العرب وقرر أن يهدم الكعبة , وجهز جيشاً عظيماً وتوجه به الى مكة وهو يمتطي الفيل , وعند اقتراب الجيش من مكة بعت ( أبرهة ) من ينهب أموال مكة وبعث رسولاً الى كبير قوم مكة وقال له : ابحث عن كبير القوم وقل له إن أبرهة مللك اليمن يدعوك. أنا لم آت لحرب، بل جئت لأهدم هذا البيت، فلو استسلمتم، حقنت دماؤكم. فجاء رسول ( أبرهة ) الى عبد المطلب , فقال له عبد المطلب : نحن لا طاقة لنا بحبركم , وللبيت رب يحميه .
وذهب عبد المطلب وجمع من قريش الى شعاب مكة وأمر أحد أولاده أن يصعد على جبل ( أبو قيس ) ليرى ما يجري , وعاد هذا الابن ليخبر أباه أن سحابة سوداء تتجه من البحر الاحمر الى ارض مكة , والفيل الذي يمتطيه ( أبرهة ) رفض أن يتحرك ويتقدم الى الامام وحين يوجهوه يميناً يتجه شمالاً .
ومن ثم أتت طيور قادمة من البحر كأنها الخطاطيف وتحمل في منقارها حجراً وفي رجليها حجرين , وثم ألقت الطيور الحجارة التي تحملها على جيش أبرهة , وقيل : إن الحجر كان يسقط على الرجل منهم فيخترقه ويخرج من الجانب الآخر. فهلك من الجيش ما هلك وفر من استطاع , وأما ( أبرهة ) فقد أصيب بحجر وتوفي في صنعاء .
وفي هذا العام (عام الفيل ) ولد الرسول _ صلى الله عليه وسلم .
سورة الفيل
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ ﴿أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ﴾ ﴿أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيل﴾ ﴿وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ﴾ ﴿تَرْمِيهِمْ بِحِجارَة مِنْ سِجِّيل﴾ ﴿فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفمَأْكُول﴾
الجزء الـرابع والـعـشرون
الكذب على الله أكبر أنواع الظلم
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم، منْ الآيـة [32] من سورة الـزمـر، وحتى الآيـة [46] من سورة فـصّـلت
أكبر أنواع الظلم الكذب على الله وإنكار الحق: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (32)}
الكذب على الله أنواع كثيرة، منها:
عبادة غير الله، والشرك بالله وادّعاء آلهة أخرى معه، وادّعاء الزوجة أو الولد له، والزعم أن الملائكة إناث، ونحو ذلك. {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48].
التكذيب بالقرآن العظيم ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ. وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [الأنعام: 20-21].
تحريف كلام الله تعالى، أو الزيادة فيه أو النقصان منه، {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 78].
الفتوى والحكم بغير علم، والتحليل والتحريم بغير علم، {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: 116]. {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة: 103].
وانظر كيف نبّه الله تعالى على خطورة أمر الفتوى حتى في أحكام الطعام والبهائم، وأنها يجب أن تصدر عن علم وأهلية، وحذّر من القول فيها بغير علم واعتبر ذلك من افتراء الكذب على الله تعالى.
ثم انظر إلى حال بعض الشباب والمغرورين والمغرر بهم وكيف يتجرؤون على الفتوى ليس في أمور صغيرة خاصة بل في أمور العامة وأمور جماعة المسلمين، فيفتون بغير علم فيَضلّون ويُضِلّون، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: «سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَات، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِب، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادق، ويُؤْتَمَنُ فيها الخَائِن، ويُخَوَّنُ فيها الأَمِين، ويَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ. قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟
قال: الرجلُ التَّافِهُ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ». نعوذ بالله من الجهل والضلال واتباع الهوى.
بشارة من الله تعالى أن حساب المؤمنين قائم على الكرم والفضل:
الأصل في الحساب يوم القيامة أن يحاسب الإنسان على حسناته وسيئاته، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت: 46]. لكن الله تعالى يعامل الناس بالكرم، فيعطي على الحسنة خيراً منها، {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [القصص: 84].
ويضاعف الحسنة عشرة أضعاف، {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الأنعام: 160]. والذي يحسن إسلامه يضاعف له أكثر من ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا أَحْسَنَ أحدُكم إسلامَه فكلُّ حسنةٍ يَعْمَلُها تُكْتَبُ له بعشرِ أمثالِها إلى سَبْعِمائةِ ضَعْفٍ، وكلُّ سيئةٍ يَعْمَلُها تُكْتَبُ له بمثلِها».
وهناك مضاعفات أكبر من ذلك، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ كتب الحسناتِ والسَّيِّئاتِ ثمَّ بيَّن ذلك، فمن همَّ بحسنةٍ فلم يعمَلْها كتبها اللهُ له عنده حسنةً كاملةً، فإن هو همَّ بها وعمِلها كتبها اللهُ له عنده عشرَ حسناتٍ إلى سبعِمائةِ ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ، ومن همَّ بسيِّئةٍ فلم يعمَلْها كتبها اللهُ له عنده حسنةً كاملةً، فإن هو همَّ بها فعمِلها كتبها اللهُ له سيِّئةً واحدةً».
وفي هذه السورة بشارة عظيمة من الله تعالى في حساب المؤمنين المصدّقين، ففي حساب السيئات يحاسبون على صغارها، وأما في حساب الحسنات، فإنهم يجازون عليها بحساب أحسنها، فتتضاعف حسناتهم، وتتضاءل سيئاتهم، كرماً من الله وفضلاً. {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (35)}.
فالله تعالى سيكفّر عنهم أسوأ أعمالهم ولا يؤاخذهم بها، سواء التي عملوها قبل إسلامهم أو حال جهلهم أو تابوا منها، أو يتجاوز الله تعالى عنها بكرمه ورحمته، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنِّي لأعلمُ ... آخرَ رجلٍ يخرُجُ من النَّارِ، يؤتَى بالرَّجلِ يومَ القيامةِ فيُقالُ: اعرِضوا عليه صغارَ ذنوبِه، ويُخبَّأُ عنه كبارُها.
فيُقال له: عمِلتَ يومَ كذا، كذا وكذا، وهو مُقِرٌّ لا يُنكِرُ، وهو مُشفِقٌ من كِبارِها، فيُقال: أعطوه مكانَ كلِّ سيِّئةٍ حسنةً. فيقولُ: إنَّ لي ذنوبًا لا أراها ههنا!. قال أبو ذرٍّ: فلقد رأيتُ رسولَ اللهِ ضحِك حتَّى بدت نواجذُه».
{أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ} [الأحقاف: 16].
الثبات من أجل الحق وعدم الخوف من الباطل:
مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم إيصال كلام الله تعالى للناس وتعليمهم وإرشادهم وبيان الحقّ لهم، {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)}. {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108].
وهذا هو واجب العلماء في بيان الحقّ بالأدلة والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].
ويجب بيان الحق والثبات عليه، وعدم الخوف من الباطل، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}، فالأمر كله لله، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38)}.
النوم نعمة من الله تعالى، وهو تذكير بالموت والبعث:
جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «النوم أخو الموت»، فالنوم وفاة صغرى، إلا أنه لا تنقطع فيه الحياة، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42)}.
والنوم آية عظيمة من آيات الله تعالى، {وَمِنْ آيَات ِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [الروم: 23]، وهو نعمة عظيمة من نعم الله تعالى، يقوم فيه الجسم بعمليات ضرورية متعددة، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [القصص: 72].
ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان ينامُ أوَّلَ اللَّيلِ ويقومُ آخِرَه». ومن آداب النوم في الإسلام: تنظيف الفراش ونفضه قبل النوم، وغسل الفم واليدين من آثار الطعام، والنوم على طهارة، والصلاة قبل النوم، وأذكار النوم، والاستيقاظ. وأن يتذكر الإنسان الآخرة، ويسأل الله حسن الخاتمة، وإذا استيقظ حمد الله على نعمة الحياة وذكّر نفسه بالبعث والنشور حتى يستغل وقته فيما ينفع، فقد «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعَه، قال: »اللهمَّ باسمِك أحيا وباسمك أموتُ«. وإذا استيقظ قال: »الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشورُ«.
فإن فعل المسلم ذلك كتب له الأجر على نومه، كما جاء في الحديث عن معاذ رضي الله عنه: »أما أنا فأنامُ وأقومُ، فأحتَسِبُ نوْمتي كما أحتَسِبُ قوْمتي«، أي: أحتسب الأجر على نومي كما أحتسب الأجر على قيامي وصلاتي في الليل. وهذا من جمال هذا الدين وكماله حيث يقوم على الاعتدال والتوازن بين الروح والجسد.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
25 رمضان 1436هـ - 12 يوليو 2015م
الكافور طهور الحي والميت
قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ (الإنسان/5) والمقصود في هذه الآية شجرة الكافور التي هي الفصيلة الغارية، وهي شجرة كبيرة معمرة دائمة الخضرة يصل ارتفاعها إلى 50 متراً .
ويكون جذعها مستقيماً في الجزء السفلي من الشجرة لكنه ما يلبث أن يتفرع إلى أفرع كبيرة بعقد كبيرة، وأوراقها كبيرة ولها أعناق طويلة ومتبادلة يصل طولها إلى 11 سم وعرضها حوالي 5 سم، وأزهارها صغيرة ذات لون أبيض وتتجمع في مجاميع من دون أعناق، أما الثمار فهي عنبية بلون بنفسجي إلى أسود وتحتوي كل ثمرة على بذرة واحدة.
منع الأورام
يستخرج الكافور ضمن زيت يستحصل عليه بالتقطير من الأزهار والأوراق ولكن الجزء الأعظم يستخرج من القشور وخشب الساق والجذر، وقال عنه ابن سينا «الكافور يمنع الأورام الحارة ..
ويسرع في شيب الرأس ويمنع من الرعاف مع الخل أو مع عصير البسر أو مع ماء الأس أو ماء الباذروج، وينفع الصداع الحار في الحميات الحادة، ويسهر، ويقوي الحواس من المحرورين وينفع من القلاع شديداً، ويقطع في الباه، ويولد حصاة الكلية والمثانة ويعقل الخلفة الصفراوية».
وصرحت بعض الدول الأوروبية باستخدام الكافور النقي لعلاج أمراض الكحة والتهاب الشعب الهوائية والربو، حيث يؤخذ بجرعات ما بين 06 - 13 غراماً ثلاث مرات في اليوم، وتؤخذ كما هي أو في مزيج مصنع يتواجد في الأسواق..
ويمكن وضع الكافور الصلب النقي في وعاء به ماء يغلي ثم يزاح من على النار ويشم البخار المتصاعد بمعدل ثلاث مرات في اليوم وتكون مدة شم البخار المشبع بالكافور حوالي 10 دقائق، ويمكن دهان الصدر بمرهم يحتوي على الكافور في بعض الحالات.
علاج متعدد
ويستخدم الكافور أيضاً ضد عدم توازن الجملة العصبية للقلب ويستخدم بنفس الطريقة السابقة، كما يستخدم في عدم انتظام وتناسق دقات القلب، ويستخدم الكافور على هيئة مرهم أو مستحلب للتخفيف من آلام الروماتيزم وذلك عن طريق دهن الجزء المصاب ثلاث مرات يومياً، كما أنه يستخدم لعلاج هبوط ضغط الدم إما عن طريق الفم أو الاستنشاق ولعلاج آلام الظهر وخاصة آلام الفقرات القطينة حيث تدهن المناطق المصابة بمرهم يحتوي على الكافور.
علاقة الكافور بغسل الموتى
من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل نهاية كل جزء منهم الفناء والموت، والموت انتقال المرء من حياة إلى حياة، انتقاله من الدنيا إلى البرزخ، وفرض سبحانه علينا تجهيز الميت وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه فرض كفاية متى ما قام به البعض سقط الحرج عن الآخرين، لأنه وحتى بعد موته مازال مكرماً مثل الأحياء.
ومن هنا نستطيع أن نتكلم عن بعض سنن تغسيل الميت، فمن حقوق الميت علينا التعجيل في غسله، ولذلك هناك آداب وسنن جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ ، مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ ، فَقَالَ: «إِنِّي لاَ أَرَى طَلْحَةَ إِلاَّ قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ فَآذِنُونِي بِهِ وَعَجِّلُوا فَإِنَّهُ، لاَ يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ». رواه أبوداود
صفة غسل الميت
ذكرت لنا ذلك أُمِّ عَطِيَّةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في حديثها الذي قالت فيه: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ.
فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ: أَيْ: إِزَارَهُ الْمَشْدُودَ بِهِ خَصْرُهُ، وَالْحَقْوُ: فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْإِزَارُ لِمُجَاوَرَتِهِ.
أَشْعِرْنَهَا: اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا، وَالشِّعَارُ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ لِأَنَّهُ يَلِي شَعَرَهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيِ: اجْعَلْنَ هَذَا الْحَقْوَ تَحْتَ الْأَكْفَانِ بِحَيْثُ يُلَاصِقُ بَشَرَتَهَا.
ومن خلال النظر في هذا الحديث يتحصل لنا جملة من السنن الواردة في غسل الميت وهي كالتالي:
استحباب السدر ويدخل فيه ما يحصل به التنظيف مثل الصابون، واستحباب الكافور في الأخيرة؛ لأنه يطيب الميت ويصلب بدنه ويبرده ويمنع إسراع فساده، وأن يكون الغسل وتراً، والبداءة باليمين من اليد والجنبِ والرِّجل، وتوضئة الميت، تضفير شعر المرأة وجعله ثلاث ضفائر.
غض البصر
ومن السنن أن يغض الغاسل بصره.. فعَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرِ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ». رواه أحمد
الستر على الميت
أن لا يفشي الغاسل السر وأن يستر ما رأى: عن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من غسل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة». رواه الحاكم وينبغي أن يكون الغاسل ومن يعينه من أهل الديانة، والأمانة، لأن الميت قد يتغير حاله بعد موته فيتغير لونه وهو الغالب، فإذا رآه أحد فقد يُخَّيل إليه أن ذلك من شقاوته، بل وبعضهم يسأل المغسل، كيف رأيت الميت؟ وهذا كله من الجهل فينبغي للمغسل أنه إن رأى خيراً إن شاء ذكره، وإن شاء تركه، وإن رأى غير ذلك سكت عنه ولا يبوح به لأحد.
************************************************************************************قال تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا﴾ (الإنسان/5) والمقصود في هذه الآية شجرة الكافور التي هي الفصيلة الغارية، وهي شجرة كبيرة معمرة دائمة الخضرة يصل ارتفاعها إلى 50 متراً .
ويكون جذعها مستقيماً في الجزء السفلي من الشجرة لكنه ما يلبث أن يتفرع إلى أفرع كبيرة بعقد كبيرة، وأوراقها كبيرة ولها أعناق طويلة ومتبادلة يصل طولها إلى 11 سم وعرضها حوالي 5 سم، وأزهارها صغيرة ذات لون أبيض وتتجمع في مجاميع من دون أعناق، أما الثمار فهي عنبية بلون بنفسجي إلى أسود وتحتوي كل ثمرة على بذرة واحدة.
منع الأورام
يستخرج الكافور ضمن زيت يستحصل عليه بالتقطير من الأزهار والأوراق ولكن الجزء الأعظم يستخرج من القشور وخشب الساق والجذر، وقال عنه ابن سينا «الكافور يمنع الأورام الحارة ..
ويسرع في شيب الرأس ويمنع من الرعاف مع الخل أو مع عصير البسر أو مع ماء الأس أو ماء الباذروج، وينفع الصداع الحار في الحميات الحادة، ويسهر، ويقوي الحواس من المحرورين وينفع من القلاع شديداً، ويقطع في الباه، ويولد حصاة الكلية والمثانة ويعقل الخلفة الصفراوية».
وصرحت بعض الدول الأوروبية باستخدام الكافور النقي لعلاج أمراض الكحة والتهاب الشعب الهوائية والربو، حيث يؤخذ بجرعات ما بين 06 - 13 غراماً ثلاث مرات في اليوم، وتؤخذ كما هي أو في مزيج مصنع يتواجد في الأسواق..
ويمكن وضع الكافور الصلب النقي في وعاء به ماء يغلي ثم يزاح من على النار ويشم البخار المتصاعد بمعدل ثلاث مرات في اليوم وتكون مدة شم البخار المشبع بالكافور حوالي 10 دقائق، ويمكن دهان الصدر بمرهم يحتوي على الكافور في بعض الحالات.
علاج متعدد
ويستخدم الكافور أيضاً ضد عدم توازن الجملة العصبية للقلب ويستخدم بنفس الطريقة السابقة، كما يستخدم في عدم انتظام وتناسق دقات القلب، ويستخدم الكافور على هيئة مرهم أو مستحلب للتخفيف من آلام الروماتيزم وذلك عن طريق دهن الجزء المصاب ثلاث مرات يومياً، كما أنه يستخدم لعلاج هبوط ضغط الدم إما عن طريق الفم أو الاستنشاق ولعلاج آلام الظهر وخاصة آلام الفقرات القطينة حيث تدهن المناطق المصابة بمرهم يحتوي على الكافور.
علاقة الكافور بغسل الموتى
من سنن الله تعالى في خلقه أن جعل نهاية كل جزء منهم الفناء والموت، والموت انتقال المرء من حياة إلى حياة، انتقاله من الدنيا إلى البرزخ، وفرض سبحانه علينا تجهيز الميت وتغسيله وتكفينه والصلاة عليه فرض كفاية متى ما قام به البعض سقط الحرج عن الآخرين، لأنه وحتى بعد موته مازال مكرماً مثل الأحياء.
ومن هنا نستطيع أن نتكلم عن بعض سنن تغسيل الميت، فمن حقوق الميت علينا التعجيل في غسله، ولذلك هناك آداب وسنن جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد روي أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ ، مَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعُودُهُ ، فَقَالَ: «إِنِّي لاَ أَرَى طَلْحَةَ إِلاَّ قَدْ حَدَثَ فِيهِ الْمَوْتُ فَآذِنُونِي بِهِ وَعَجِّلُوا فَإِنَّهُ، لاَ يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ». رواه أبوداود
صفة غسل الميت
ذكرت لنا ذلك أُمِّ عَطِيَّةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا في حديثها الذي قالت فيه: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ نَغْسِلُ ابْنَتَهُ فَقَالَ: «اغْسِلْنَهَا ثَلاَثاً، أَوْ خَمْساً، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُوراً فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي». فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ فَقَالَ أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ.
فَأَلْقَى إِلَيْنَا حِقْوَهُ: أَيْ: إِزَارَهُ الْمَشْدُودَ بِهِ خَصْرُهُ، وَالْحَقْوُ: فِي الْأَصْلِ مَعْقِدُ الْإِزَارِ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ الْإِزَارُ لِمُجَاوَرَتِهِ.
أَشْعِرْنَهَا: اجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا، وَالشِّعَارُ الثَّوْبُ الَّذِي يَلِي الْجَسَدَ لِأَنَّهُ يَلِي شَعَرَهُ. قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيِ: اجْعَلْنَ هَذَا الْحَقْوَ تَحْتَ الْأَكْفَانِ بِحَيْثُ يُلَاصِقُ بَشَرَتَهَا.
ومن خلال النظر في هذا الحديث يتحصل لنا جملة من السنن الواردة في غسل الميت وهي كالتالي:
استحباب السدر ويدخل فيه ما يحصل به التنظيف مثل الصابون، واستحباب الكافور في الأخيرة؛ لأنه يطيب الميت ويصلب بدنه ويبرده ويمنع إسراع فساده، وأن يكون الغسل وتراً، والبداءة باليمين من اليد والجنبِ والرِّجل، وتوضئة الميت، تضفير شعر المرأة وجعله ثلاث ضفائر.
غض البصر
ومن السنن أن يغض الغاسل بصره.. فعَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلا تَنْظُرِ إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلا مَيِّتٍ». رواه أحمد
الستر على الميت
أن لا يفشي الغاسل السر وأن يستر ما رأى: عن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من غسل ميتاً فكتم عليه غفر الله له أربعين مرة». رواه الحاكم وينبغي أن يكون الغاسل ومن يعينه من أهل الديانة، والأمانة، لأن الميت قد يتغير حاله بعد موته فيتغير لونه وهو الغالب، فإذا رآه أحد فقد يُخَّيل إليه أن ذلك من شقاوته، بل وبعضهم يسأل المغسل، كيف رأيت الميت؟ وهذا كله من الجهل فينبغي للمغسل أنه إن رأى خيراً إن شاء ذكره، وإن شاء تركه، وإن رأى غير ذلك سكت عنه ولا يبوح به لأحد.
اسلام عمر بن الخطاب
كان عمر بن الخطاب في الجاهلية شديداً على المسلمين و المسلمات ، يتعدى عليهم و يتفنن في تعذيبهم ، و قد فقد المسلمون الأمل في إسلامه لما رأوا منه من قسوة على الإسلام و المسلمين ، إلا أن هذا كله لم يجعل النبي عليه الصلاة و السلام يفقد الامل من إسلامه ، و قد كان عليه السلام يقول : اللهم اعز الإسلام بعمر ، و استجاب الله نعالى دعاء رسوله و أسلم عنر بن الخطاب، و آذوه و تنكروا له حتى من كانوا رفاقه في الجاهلية
قال عمر بن الخطاب : لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أي أهل مكةأشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت ؛ قال : قلت : أبو جهل - وكان عمر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة - قال : فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه .
قال : فخرج إلي أبو جهل ، فقال : مرحبا وأهلا بابن أختي ، ما جاء بك ؟ قال : جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد ، وصدقت بما جاء به ؛ قال : فضرب الباب في وجهي وقال : قبحك الله ، وقبح ما جئت به
إضافة لذلك ، فقد شعر الكفار بقوة المسلمين التي تتنامى و تزداد و ان قوتهم تتراجع
أما أثر إسلام عمر بن الخطاب على المسلمين فقد كان كبيراً ، فقد فرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً و قويت شوكتهم و ارتفعت معنوياتهم قال البكائي ، قال : حدثني مسعر بن كدام ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : قال عبد الله بن مسعود : إن إسلام عمر كان فتحا ، وإن هجرته كانت نصرا ، وإن إمارته كانت رحمة ، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه
و قال ابن مسعود أيضاً : ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة ، حتى أسلم عمر ( بن الخطاب ) ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلىالحبشة .
و هكذا ، بلغ بلغ عدد المسلمين بإسلام عمر أربعين رجلاً مسلماً و إحدى عشرة إمرأة
************************************************************************************كان عمر بن الخطاب في الجاهلية شديداً على المسلمين و المسلمات ، يتعدى عليهم و يتفنن في تعذيبهم ، و قد فقد المسلمون الأمل في إسلامه لما رأوا منه من قسوة على الإسلام و المسلمين ، إلا أن هذا كله لم يجعل النبي عليه الصلاة و السلام يفقد الامل من إسلامه ، و قد كان عليه السلام يقول : اللهم اعز الإسلام بعمر ، و استجاب الله نعالى دعاء رسوله و أسلم عنر بن الخطاب، و آذوه و تنكروا له حتى من كانوا رفاقه في الجاهلية
قال عمر بن الخطاب : لما أسلمت تلك الليلة تذكرت أي أهل مكةأشد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة حتى آتيه فأخبره أني قد أسلمت ؛ قال : قلت : أبو جهل - وكان عمر لحنتمة بنت هشام بن المغيرة - قال : فأقبلت حين أصبحت حتى ضربت عليه بابه .
قال : فخرج إلي أبو جهل ، فقال : مرحبا وأهلا بابن أختي ، ما جاء بك ؟ قال : جئت لأخبرك أني قد آمنت بالله وبرسوله محمد ، وصدقت بما جاء به ؛ قال : فضرب الباب في وجهي وقال : قبحك الله ، وقبح ما جئت به
إضافة لذلك ، فقد شعر الكفار بقوة المسلمين التي تتنامى و تزداد و ان قوتهم تتراجع
أما أثر إسلام عمر بن الخطاب على المسلمين فقد كان كبيراً ، فقد فرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً و قويت شوكتهم و ارتفعت معنوياتهم قال البكائي ، قال : حدثني مسعر بن كدام ، عن سعد بن إبراهيم ، قال : قال عبد الله بن مسعود : إن إسلام عمر كان فتحا ، وإن هجرته كانت نصرا ، وإن إمارته كانت رحمة ، ولقد كنا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه
و قال ابن مسعود أيضاً : ما كنا نقدر على أن نصلي عند الكعبة ، حتى أسلم عمر ( بن الخطاب ) ، فلما أسلم قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة ، وصلينا معه وكان إسلام عمر بعد خروج من خرج من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلىالحبشة .
و هكذا ، بلغ بلغ عدد المسلمين بإسلام عمر أربعين رجلاً مسلماً و إحدى عشرة إمرأة
الابتعاد عن الغفلة
السؤال الذي يطرحه الحريص على الالتزام بأوامر الله : كيف نبتعد عن الغفلة حتى لا نكون من الغافلين؟ يقول الله عزّ وجلّ قال في سورة الكهف :{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}. (28)
أي: اجلس مع الذين يذكرون الله ويهللونه ويحمدونه ويسبحونه ويكبرونه ويسألونه بكرة وعشيا من عباد الله سواء أكانوا فقراء أم أغنياء، أقوياء أم ضعفاء.
«وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ» أي من شغل عن الدين وعبادة ربه بالدنيا فكانت أعمالهم وأفعالهم تفريطا وضياعا فلا تكن مطيعا لهم ولا محبا لطريقتهم ولا تغبطهم بما هم فيه .
رمضان فرصة لإصلاح القلوب
العبدُ المؤمن يتعوّد في هذا الشّهر الكريم - بفضل استحضاره رقابة الله عزّ وجلّ - على أن لا يتكلّم إلا بخير، وإلاّ بما فيه صلاح، كما قال عزّ وجلّ:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النّساء:114].
كيف نستثمر رمضان؟
يمكن استثمار الشهر الكريم في صفاء الروح، وهو ما يكمن في القرب والارتقاء الروحي، من خلال الصوم والصلاة والتهجد والذكر والدعاء وتلاوة القرآن»، فكل ذلك سيؤدي مع نهاية شهر رمضان إلى النقاء الروحي، الذي يمكن استثمار رمضان في تحقيقه».
أبواب الحسنات في رمضان
من ابواب الحسنات اداء زكاة الفطر: فقد فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
رمضان شهر الصبر
ورمضان فيه ترك الطعام والشراب وما يتعلق بها ونفسه تتوق لذلك وكذلك حبس النفس عما أباحه الله من الشهوات والملذات كالجماع ومقدماته، وهذا لا تقوى عليه النفس إلا بالصبر. فاشتمل رمضان على أنواع الصبر كلها، قال ابن القيم رحمه الله النفس فيها قوتان : قوة الإقدام، وقوة الإحجام ؛ فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه، وقوة الإحجام إمساكا عما يضره، ومن الناس من تكون قوة صبره على فعل ما ينتفع به وثباتُه عليه أقوى من صبره عما يضره فيصبر على مشقة الطاعة ولا صبر له عن داعي هواه إلى ارتكاب ما نُهي عنه.
نصائح رمضانية
عود لسانك على دوام الذكر ولا تكن من الذين لا يذكرون الله الا قليلا .
صلة الرحم
في رمضان
صلة الرحم تنفيذ لوصية النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر أنه قال «أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومة لائم وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت» .
رمضان شهر الغفران
الاستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه وإن شاء رده، وقد يكون الإصرار مانعا من الإجابة. وفى المسند من حديث عبدالله بن عمر مرفوعا: «ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون» . وخرج ابن أبى الدنيا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه».
عادات رمضانية
حظي شهر الصيام لدى مختلف فئات الشعب التونسي بقداسة خاصة، إذ تستعد الأسر التونسية لاستقباله بشكل احتفالي، بتجديد مستلزمات المطبخ، وتهيئة المنزل لسهرات تعاد كل عام،
ولكنها لا تنسى. ففي تونس ترتفع الزينات لقدوم رمضان، وتقام الحفلات او السلامية باللهجة التونسية التي تحتفي في رمضان بالأذكار الدينية .
وتتفنن السيدات في صنع المسفوف وهو عبارة عن الكسكسي بالسكر وحب الرمان. طوال شهر رمضان تكون هناك اجتماعات لأفراد العائلة التي تقام بالتناوب ويقومون بتجهيز مالذ وطاب من الطعام مثل عين سبنيورية وهى أكلة تونسية خفيفة وسلطة الخضار المشوية والكسكسي التونسي .
والعادات الدينية الشهيرة بتونس الخضراء الاجتماع بعد صلاة التراويح حيث يبدؤون بتكوين الحلقات لحفظ القران والإنصات لتفسيره مع تلقي دروس أخرى
كما يحيون مهرجانات رمضانية في المخيمات... ومازال أبو طبيلة موجودا حتى الآن يقوم بمناداة الناس وقت السحر
************************************************************************************السؤال الذي يطرحه الحريص على الالتزام بأوامر الله : كيف نبتعد عن الغفلة حتى لا نكون من الغافلين؟ يقول الله عزّ وجلّ قال في سورة الكهف :{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}. (28)
أي: اجلس مع الذين يذكرون الله ويهللونه ويحمدونه ويسبحونه ويكبرونه ويسألونه بكرة وعشيا من عباد الله سواء أكانوا فقراء أم أغنياء، أقوياء أم ضعفاء.
«وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ» أي من شغل عن الدين وعبادة ربه بالدنيا فكانت أعمالهم وأفعالهم تفريطا وضياعا فلا تكن مطيعا لهم ولا محبا لطريقتهم ولا تغبطهم بما هم فيه .
رمضان فرصة لإصلاح القلوب
العبدُ المؤمن يتعوّد في هذا الشّهر الكريم - بفضل استحضاره رقابة الله عزّ وجلّ - على أن لا يتكلّم إلا بخير، وإلاّ بما فيه صلاح، كما قال عزّ وجلّ:{لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النّساء:114].
كيف نستثمر رمضان؟
يمكن استثمار الشهر الكريم في صفاء الروح، وهو ما يكمن في القرب والارتقاء الروحي، من خلال الصوم والصلاة والتهجد والذكر والدعاء وتلاوة القرآن»، فكل ذلك سيؤدي مع نهاية شهر رمضان إلى النقاء الروحي، الذي يمكن استثمار رمضان في تحقيقه».
أبواب الحسنات في رمضان
من ابواب الحسنات اداء زكاة الفطر: فقد فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
رمضان شهر الصبر
ورمضان فيه ترك الطعام والشراب وما يتعلق بها ونفسه تتوق لذلك وكذلك حبس النفس عما أباحه الله من الشهوات والملذات كالجماع ومقدماته، وهذا لا تقوى عليه النفس إلا بالصبر. فاشتمل رمضان على أنواع الصبر كلها، قال ابن القيم رحمه الله النفس فيها قوتان : قوة الإقدام، وقوة الإحجام ؛ فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه، وقوة الإحجام إمساكا عما يضره، ومن الناس من تكون قوة صبره على فعل ما ينتفع به وثباتُه عليه أقوى من صبره عما يضره فيصبر على مشقة الطاعة ولا صبر له عن داعي هواه إلى ارتكاب ما نُهي عنه.
نصائح رمضانية
عود لسانك على دوام الذكر ولا تكن من الذين لا يذكرون الله الا قليلا .
صلة الرحم
في رمضان
صلة الرحم تنفيذ لوصية النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي ذر أنه قال «أوصاني خليلي أن لا تأخذني في الله لومة لائم وأوصاني بصلة الرحم وإن أدبرت» .
رمضان شهر الغفران
الاستغفار باللسان مع إصرار القلب على الذنب فهو دعاء مجرد إن شاء الله أجابه وإن شاء رده، وقد يكون الإصرار مانعا من الإجابة. وفى المسند من حديث عبدالله بن عمر مرفوعا: «ويل للذين يصرون على ما فعلوا وهم يعلمون» . وخرج ابن أبى الدنيا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له، والمستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه».
عادات رمضانية
حظي شهر الصيام لدى مختلف فئات الشعب التونسي بقداسة خاصة، إذ تستعد الأسر التونسية لاستقباله بشكل احتفالي، بتجديد مستلزمات المطبخ، وتهيئة المنزل لسهرات تعاد كل عام،
ولكنها لا تنسى. ففي تونس ترتفع الزينات لقدوم رمضان، وتقام الحفلات او السلامية باللهجة التونسية التي تحتفي في رمضان بالأذكار الدينية .
وتتفنن السيدات في صنع المسفوف وهو عبارة عن الكسكسي بالسكر وحب الرمان. طوال شهر رمضان تكون هناك اجتماعات لأفراد العائلة التي تقام بالتناوب ويقومون بتجهيز مالذ وطاب من الطعام مثل عين سبنيورية وهى أكلة تونسية خفيفة وسلطة الخضار المشوية والكسكسي التونسي .
والعادات الدينية الشهيرة بتونس الخضراء الاجتماع بعد صلاة التراويح حيث يبدؤون بتكوين الحلقات لحفظ القران والإنصات لتفسيره مع تلقي دروس أخرى
كما يحيون مهرجانات رمضانية في المخيمات... ومازال أبو طبيلة موجودا حتى الآن يقوم بمناداة الناس وقت السحر
نفحات عطرة من السنة النبوية
« الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حاكَ في نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» مسلم
من حكم الرسول
إذا أحببتم أن تعلموا ما للعبد عند ربّه، فانظروا ما يتبعهُ من الثناء
نبي الرحمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهد أم أبي هريرة» فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف، فسمعت أمي خشف قدمي، فقالت: «مكانك يا أبا هريرة» وسمعت خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب ثم قالت: «يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة. فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا. قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين» فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني. [رواه مسلم].
من وصايا النبي محمد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفشوا السلام بينكم» لأن الإنسان إذا كان جالسا وطرأ عليه طارئ فإن نفسه تحدثه هل جاء بشر أم جاء بخير ؟! فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فإن هذا دليل أنه قدم بسلام وليس بشر فيحدث طمأنينة بين الطرفين .
دعاء من السنة النبويــــــــة
اللَّهُمَّ اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت وقني سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق لا يقي سيئها إلا أنت .
اشعار في مدح الرسول
كُنت الامامَ لها في كلّ معْتَرَكٍ
وكنت أسوة قاصيها ودانيها
في يوم بدر دحرتَ الشركَ مقتدرا
طودا وقفْتَ وأعلى من عواليها
رميتّ قبضة حصباءِ بأعْيُنها
فاسّاقطتْ وارتوت منهُا مواضيها
************************************************************************************« الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَالإِثْمُ مَا حاكَ في نَفْسِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ» مسلم
من حكم الرسول
إذا أحببتم أن تعلموا ما للعبد عند ربّه، فانظروا ما يتبعهُ من الثناء
نبي الرحمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنت أدعو أمي إلى الإسلام وهي مشركة، فدعوتها يوما فأسمعتني في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أكره، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي قلت: يا رسول الله إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي فدعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهد أم أبي هريرة» فخرجت مستبشرا بدعوة نبي الله صلى الله عليه وسلم، فلما جئت فصرت إلى الباب فإذا هو مجاف، فسمعت أمي خشف قدمي، فقالت: «مكانك يا أبا هريرة» وسمعت خضخضة الماء، قال: فاغتسلت ولبست درعها وعجلت عن خمارها، ففتحت الباب ثم قالت: «يا أبا هريرة أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» قال: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته وأنا أبكي من الفرح. قلت: يا رسول الله أبشر قد استجاب الله دعوتك وهدى أم أبي هريرة. فحمد الله وأثنى عليه وقال خيرا. قلت: يا رسول الله ادع الله أن يحببني أنا وأمي إلى عباده المؤمنين، ويحببهم إلينا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم حبب عبيدك هذا - يعني أبا هريرة - وأمه إلى عبادك المؤمنين وحبب إليهم المؤمنين» فما خلق مؤمن يسمع بي ولا يراني إلا أحبني. [رواه مسلم].
من وصايا النبي محمد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفشوا السلام بينكم» لأن الإنسان إذا كان جالسا وطرأ عليه طارئ فإن نفسه تحدثه هل جاء بشر أم جاء بخير ؟! فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فإن هذا دليل أنه قدم بسلام وليس بشر فيحدث طمأنينة بين الطرفين .
دعاء من السنة النبويــــــــة
اللَّهُمَّ اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت وقني سيئ الأعمال وسيئ الأخلاق لا يقي سيئها إلا أنت .
اشعار في مدح الرسول
كُنت الامامَ لها في كلّ معْتَرَكٍ
وكنت أسوة قاصيها ودانيها
في يوم بدر دحرتَ الشركَ مقتدرا
طودا وقفْتَ وأعلى من عواليها
رميتّ قبضة حصباءِ بأعْيُنها
فاسّاقطتْ وارتوت منهُا مواضيها
إثبات الخلق والبعث والنشور
المصدر:محمد الكبيسي
يشتمل هذا الجزء المبارك على سور عظيمة، أولها سورة يس، وهي من المثاني أي السور التي آيُها أقل من مائة آية، وقد جاء في فضل المثاني حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
«أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ، و أُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ، و أُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، و فُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ».
وقد ورد في فضل سورة (يس) أحاديث متعددة اختلف فيها علماء الحديث، وبعضها مقبول، وأكثرها إما ضعيف أو موضوع. والله أعلم.
إثبات الخلق والبعث والنشور:
سورة (يس) تدور حول إثبات قدرة الله تعالى على الخلق، وإثبات البعث والنشور، ودلالة هذا كله على صدق النبي صلى الله عليه وسلم في رسالته ونزول القرآن عليه.
{يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (4) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)}. ويتكرر ذكر هذه النقاط في آيات السورة، كما سيأتي.
التحذير من الغفلة:
الغفلة داء يصيب عقل الإنسان وقلبه، فيمنعه من القيام بوظيفته من التفكر والتدبر، فلا يستفيد الإنسان من أدوات الإحساس والتفكير لمعرفة الحقائق والوصول إلى الهدى والنور المبين. {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف : 179]. {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [النحل : 108].
والغفلة نوعان، إما أن تكون قبل الإنذار والمعرفة، ومثل هذا يحتاج إلى تنبيه وبيان وإرشاد، {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الأنعام : 131].
وإما أن تكون الغفلة بعد معرفة الحق ثم التكذيب به والإعراض عنه، وهذا من الضلال المبين، وهذا يحتاج كذلك إلى تذكير، إلا أنه قلما يستفيد من ذلك، {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ} [الأعراف : 146].
ومن أكبر أسباب الغفلة حب الدنيا، وعدم التفكر في الآخرة. نعوذ بالله أن نكون من الغافلين.
ومن أعظم أسباب إزالة الغفلة ذكر الله تعالى. {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ} [الأعراف : 205].
كتابة الأعمال والآثار:
هناك أعمال يعملها الإنسان في حياته، وهناك آثار لهذا الإنسان، في حياته وبعد مماته.
ورب إنسان يموت، ويبقى أثر عمله بعد موته سنين طويلة، إلى ما شاء الله تعالى.
قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن سنَّ سنَّةً حسنةً ؛ فإنَّ لهُ أجرَها وأجرَ من عملَ بِها من غيرِ أن ينقُصَ من أجورِهم شيءٌ ، ومن سنَّ سنَّةً سيِّئةً كانَ عليْهِ وزرُها ، ومثلُ وزرِ من عملَ بِها من غيرِ أن ينقصَ من أوزارِهم شيءٌ».
من الناحية الزمنية هناك نوعان من الآثار، آثار قريبة، وآثار بعيدة.
مثال الآثار: طبيب أتقن عمله وعالج مريضه الذي أقعده المرض، فشفي هذا المريض واستطاع أن يعمل ويكسب رزقه ويعول نفسه وعائلته، ويقابله طبيب آخر لم يتقن عمله ولم يدرس الحالة جيداً، وأعطى المريض علاجاً لا يناسبه، فازداد مرضه ثم مات، وتشردت عائلته، وتيتم أبناؤه ولم يتمكنوا من إكمال تعليمهم. فالأثر القريب هو ما حصل للمريض نفسه، والأثر البعيد ما حصل لعائلته ومن يرتبط به. وقس على ذلك المهندس والصانع والمدرس والعامل، وغيرهم.
وهناك آثار أبعد من ذلك بكثير، وهو ما يكون بعد حياة الإنسان وينتقل عبر الأفراد ثم الأجيال، من مثل الأوقاف المعمرة، والصدقات الجارية، وإقامة المستشفيات والمدارس، ونشر العلم النافع، وتصحيح المفاهيم، ورد الشبهات، ومكافحة الإشاعات، ونحوها. ونحن في زمن سهل في نشر المعلومة والخبر، سواء كان صحيحا أم باطلا، كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الكذاب: «يَكذِبُ الكذِبَةَ فتُحمَلُ عنهُ في الآفاقِ».
وهناك آثار مكانية، حيث يكتب الله تعالى للإنسان آثار سعيه وانتقاله في الخير والعمل الصالح، كما جاء في الحديث:
« أراد بنو سلمةَ أن يتحولوا إلى قربِ المسجدِ . (قال: والبقاعُ خاليةٌ). فبلغ ذلك النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال: (يا بني سلمةَ ! ديارُكم . تكتبُ آثارَكم)، فقالوا : ما كان يسرنا أنَّا كنا تحولنا».
وأماكن الخير والعبادة تشهد للإنسان، وتبكي عليه بعد وفاته، ولا تبكي على الكافر والفاسق، {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان : 29].
وهناك آثار زمانية ومكانية في آن واحد، ومنها ما ينشر أو يتداول عبر وسائل التواصل والإعلام وعبر الشبكة الدولية ونحو ذلك، فهذا ينتشر في أماكن كثيرة، وقد يبقى لأزمنة طويلة لا يعلمها إلا الله. ولك أن تتخيل عدد الحسنات أو السيئات التي تأتي الإنسان من آثاره هذه.
وقد نبهت الآية الكريمة أن الله تعالى يحيي الموتى ويحاسبهم على أعمالهم وآثارهم، فكل شيء يتم إحصاؤه وكتابته عند الله تعالى. { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ }.
إبطال التشاؤم والطيرة:
عندما دعا المرسلون أهل القرية، أنكروا دعوتهم وكذبوهم، ثم قالوا إن تشاءموا وتطيروا من مجيئهم وسكناهم في القرية، وهددوهم بالرجم والعذاب الأليم. {قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18)}.
فأجابهم الرسول بجواب حكيم، فقالوا لهم: إننا لم نفعل شيئاً سوى تذكيركم ودعوتكم إلى عبادة الله وتوحيده، وهذا ليس سبباً للشؤم بل هو سبب الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة. وأما أنتم فإن طائركم وسبب شؤمكم هو كفركم وعنادكم، وإنكاركم للحقّ وإعراضكم عن الخير. {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19)}.
وقد أبطل الإسلام الطيرة والتشاؤم، وبنى العقيدة والدين على العلم والحقائق لا على الخرافات والخزعبلات. وقد أبطل النبي صلى الله عليه وسلم كل أنواع هذه الخرافات، فقال: «لا عدوى ولا طَيَرةَ ، ولا هامَةَ ولا صَفَرَ ، وفِرَّ منَ المَجذومِ كما تَفِرُّ منَ الأسدِ».
وبخصوص العدوى نفى أن تكون العدوى بذاتها أو تكون شاملة في جميع الأمراض، وفي نفس الحديث أثبت ضرورة أخذ الحيطة والابتعاد عن الأمراض التي يثبت علميا أنها معدية، مثل الجذام.
ومن العجب أن مظاهر الطيرة لا تزال موجودة في عصر العلم والتقنية، وترى بعض المثقفين بل وبعض العلماء والمتخصصين خاصة من غير المسلمين يعتقدون بالطالع والأبراج وقراءة الفنجان وخطوط اليد والرمل والخزف وغير ذلك من أنواع الطيرة والكهانة والخرافة.
وجود الأزواج في المخلوقات دليل على الخالق:
التزاوج في النباتات والكائنات الحية من أجل التكاثر دليل واضح على الخالق سبحانه وتعالى، {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ (36)}
وفي هذا دليل على بطلان نظرية النشوء والتطور، فلو سلمنا جدلاً بأن المخلوق ذاتي التكاثر يمكن أن يتطور، فإن الأزواج لا يمكن أن تكون كذلك أبداً، لأن تركيبة الكائن الحي وخلقه من أجل التزاوج يقتضي أن يكون على دراية بالجنسين معاً في نفس الوقت، وعلى علم بما يريد أن يتطور إليه كل زوج منها بدقة كاملة من اختلاف في تركيبة الأجهزة ووظائفها وأماكنها، وما يتعلق بذلك من اختلاف في الهرمونات ونسبها وتركيزها وأوقاتها، وغير ذلك من تفاصيل كثيرة.
فهذا لا يمكن أن يكون حصل صدفة بأي حال من الأحوال. يضاف إلى ذلك أن هذا المخلوق الذي يحتاج إلى زوج آخر لا يمكنه أن يتكاثر حتى يتطور زوجه كذلك، وبالتالي سينقرض من أول جيل قبل أن يتطور زوجه من أجل التكاثر.
وأما زعم أن سائر المخلوقات قد تطورت بناء على قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء : 30]، إلا الإنسان الذي خلقه الله تعالى في أحسن تقويم {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين : 4]، فهذا زعم باطل، وهو من الخلط والغلط في آن واحد، لأن الله تعالى قال كذلك عن الإنسان أنه من الماء، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} [الفرقان : 54].
ولأن الله تعالى قال كذلك عن سائر المخلوقات أنها خلقت في أحسن خلق، {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ} [السجدة : 7].
فسبحان الله الخالق البديع.
المعاندون لا تنفع معهم الآيات ولا المعجزات
ذكر الله تعالى الكثير من الآيات الكونية من إحياء الأرض الميتة، وإنبات الحبوب اليابسة، وخلق الأزواج بأنواعها في النباتات والحيوانات وغيرها مما نعلمه ومما لا نعلمه في أجزاء الذرات أو الأكوان والمجرات، وذكر الله تعالى آيات فلكية لم يكن يعلمها أحد فذكر جريان الشمس في الفضاء، وهي تجري بسرعة هائلة تقدر ب 20 كيلومترا في الثانية، أو 72000 كيلومتر في الساعة، وذكر منازل القمر وحركته كالعرجون القديم يقترب ويبتعد من الأرض وهو ما يسمى بالميسان في علم الفلك. وغير ذلك.
وهذا الإخبار الدقيق من الله تعالى في هذه الآيات دليل واضح في زعم العلم على صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأن هذا القرآن الكريم من الله تعالى. لكن ورغم كل هذه الآيات المشاهدة وغيرها، يصرّ المعاندون على كفرهم وإعراضهم، { وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ (46)}.
البعث بعد النشور:
بعد أن ذكر الله تعالى تلك الآيات الواضحات، أشار إلى البعث والنشور، {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (51)}، وفي الآية التالية إشارة إلى نوم أهل القبور، وعدم شعورهم بمرور الوقت، والله أعلم، {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (52)}، وفي الحديث عن الميت الصالح: « ثم يُفْسَح له في قبرهِ سبعونَ ذراعا في سبعينَ. ث
م يُنورُ له فيهِ. ثم يقالُ لهُ: نم. فيقولُ: أرجِعْ إلى أهلي فأخبرهُم؟ فيقولانِ: نَمْ كنومةِ العروسِ الذي لا يوقظهُ إلا أحبُّ أهلهُ إليهِ، حتى يبعثَهُ اللهُ من مضجعهُ ذلكَ». والبعث بعد الموت سيكون بصيحة، كما قال تعالى: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (53)}. ثم يكون الحساب والجزاء، فتجزى كل نفس بما عملت: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (54)}.
أعضاء الإنسان تعترف بأعماله:
إضافة إلى الإحصاء والكتابة على الإنسان المشار إليها في أول السورة، هناك اعتراف من أعضاء الإنسان نفسه. وفي زماننا هذا يستطيع العلماء معرفة الكثير عن المجرم من بصماته وشعره وآثاره، ولله المثل الأعلى.
وفي يوم القيامة، يعترف المسلم بذنوبه ويقرّ بها، وأما الكافر فينكر ذلك، فيختم على فمه، وتشهد عليه أعضاؤه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (65)}.
وفي الحديث: ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وتبسم، فقال: «ألا تسألوني عن أي شيء أضحك؟!»، قالوا: يا رسول الله: من أي شيء ضحكت؟! قال صلى الله عليه وسلم: «عجبت من مجادلة العبد ربه يوم القيامة، يقول: أي رب: أليس وعدتني أن لا تظلمني، قال: بلى، فيقول:
فإني لا أقبل عليَّ شاهدًا إلا من نفسي، فيقول الله تبارك وتعالى: أوليس كفى بي شهيدًا، وبالملائكة الكرام الكاتبين؟! قال: فيردد هذا الكلام مرارًا. ويشاء الله أن يجعل الشاهد عليه نفسه»، قال صلى الله عليه وسلم: «فيختم على فيه وتتكلم أركانه -أي أعضاؤه- بما كان يعمل، فيقول: بعدًا لكُن وسحقًا، عنكن كنت أجادل». {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فصلت : 20].
الخالق قادر على أن يحيي الموتى
على الإنسان أن يتذكر وجوده في هذه الدنيا بعد العدم، وكيف خلقه الله تعالى من نطفة، حتى كبر وأصبح إنساناً مفكراً، {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)}. وهذا دليل على الخالق المبدع سبحانه وتعالى، ودليل على قدرته تعالى على إعادة هذا الإنسان.
وفي هذا الزمان يمكن نظرياً استنساخ الكائن الحي من خليته نفسه، ولله المثل الأعلى. وعندما ينظر الإنسان في حال الأموات، فعليه أن يتذكر هذه البداية، وكيف كان في حال أقل من الموت، وهو العدم، أما الكافر فيغفل عن هذه النظرة، { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78)}.
وفي عرف البشر، فإن إعادة صناعة شيء ما أسهل بكثير من إبداع هذا الشيء وصناعته أول مرة، ولله المثل الأعلى، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الروم : 27]. والله تعالى خاطب البشر على قدر عقولهم، فكل الخلق هين على الله تعالى.
وفي ختام السورة، لفت الله تعالى أنظار البشر إلى قدرته المعجزة على خلق السموات والأرض وما فيهما من نظام ودقة وميزان وضعه الله تعالى، {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} [الرحمن : 7]، وهو خلق عظيم كبير لا يعلمه إلا الله، {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر : 57].
إشارة إلى أن إحياء البشر وخلق أمثالهم سهل يسير على الله تعالى { أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81)}. كما بين الله تعالى أن خلقه وأمره لا يحتاج إلى زمن، { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82)}. وانتبه إلى قول الله تعالى { أَنْ يَقُولَ لَهُ }، وليس (أن يقول كن)، فكأن الأمر ب (كن) توجه إلى هذا الشيء الذي أراده الله تعالى، إشارة إلى حصول مراد الله تعالى بمجرد الإرادة مباشرة.
والله تعالى أعلم.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
26 رمضان 1436هـ - 13 يوليو 2015م
النجم.. شجرة الخضوع والانحناء لله
قال الله عز وجل: (والنجم والشجر يسجدان)، ويقول الطبري في تفسيره: اختلف أهل التأويل في معنى النجم في هذا الموضع، فقال بعضهم: معنى النجم هو ما نجم من الأرض، مما ينبسط عليها، ولم يكن على ساق مثل البقل ونحوه، وقال: قتادة قوله: (وَالنَّجْمِ) يعني: نجم السماء، أما ابن منظور فقال في لسان العرب: النجمة شجرة، والنجمة نبتة صغيرة جمعها نجم، وفي الصحاح: هو ضرب من النبت.
سجود الأشجار
ومعنى السجود لغة: هو الخضوع، واصطلاحا الانحناء مع تمام الذل والخضوع لله – سبحانه، وطاعة لأمره – جلّ في عُلاه، واختلف المفسرون في كيفية سجود الأشجار، فقَالَ الْفَرَّاء : سُجُودها أَنَّها تسْتَقْبِل الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ ثُمَّ تمِيل مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِر الْفَيْء، وَقَالَ الزَّجَّاج : سُجُودها دَوَرَان الظِّلّ مَعَها، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (يَتَفَيَّئُوا ظِلَاله)، وقال الماوردي: وَسُجُود الشَّجَر إِمْكَان الِاجْتِنَاء لِثَمَرِهَا، وَقِيلَ السجود هو بمعنى: أنَّ جَمِيع ذَلِكَ مُسَخَّر لِلَّهِ، فَلَا تَعْبُدُوا النَّجْم كَمَا عَبَدَ قَوْم مِنْ الصَّابِئِينَ النُّجُوم، وَعَبَدَ كَثِير مِنْ الْعَجَم الشَّجَر.
المقصود من السجود
لا يصلحُ السجودُ ولا ينبغي إلا لله تعالى العليّ الأعلى، المنزّه عن كل عيب ونقص: فعن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها)، والسجود: تعويد النفس على التواضع وعدم الكبر، وتذكير للنفس بأننا خُلقنا من تراب، وإليه نعود.
ويطلق السجود على الركوع أيضا، وذلك لقوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)، وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: (قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ} فبدلوا فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا حبة في شعيرة).
كيفية السجود الصحيحة
قال عليه الصلاة والسلام: (إذا سجد أحدكم فلا يَبْرُكْ كَما يَبْرُكِ البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)، وقال الشيخ الألباني رحمه الله في التعليق على الحديث بالحاشية: (واعلم أن وجه مخالفة البعير بوضع اليدين قبل الركبتين، وهو أن البعير يضع أول ما يضع ركبتيه، وهما في يديه«، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه، فليضع يديه، وإذا رفع فليرفعهما).
والاعتدال في السجود بأن يعتمد فيه اعتماداً متساوياً على جميع أعضاء سجوده وهي : الجبهة والأنف معا، والكفان، والركبتان، وأطراف القدمين، ومن اعتدل في سجوده هكذا، فقد اطمأن يقيناً، والاطمئنان في السجود ركن أيضا، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (لا ينظر الله – عزّ وجلّ – إلى صلاة عبدٍ لا يُقيمُ صُلبه بينَ ركوعها وسجودها).
أنواع السجدات
سجود الصلاة وهو ركن من أركان الصلاة، فمن تركه فقد بطلت صلاته، وسجود الصلاة يكون مرتين في الركعة الواحدة، أما سجود السهو من صفات الإنسان أنه ينسى، فإن سها الإنسان في الصلاة فزاد أو أنقص في عدد الركعات، أو نسي أحد واجبات الصلاة (وليس أركانها)، أو حتى إن شك، فيجب عليه أن يسجد سجود السهو.
ومن أنواعه أيضا سجود التلاوة، حيث يشرع للمسلم أن يسجد عند قراءة آية سجدة، ويطلق على هذا السجود »سجود التلاوة"، فهو مستحب وليس بواجب، وفي القرآن خمسة عشر موضع سجود.
شجرة النجم
شجرة فاكهة النجمة هي شجرة بطيئة النمو وتتكيف مع الطقس الدافئ، أما في الأجواء الباردة فيجب حمايتها من الرياح بعمل حواجز ومصدات، ويتوقف نمو الشجرة عند حرارة 55 -66 ف وقد تموت عند حرارة أقل من 28 ف، تحتاج الى ضوء شمس كامل، وتخصب من 4 -5 مرات في السنة، وسقاية هذه الشجرة معتدلة، والاسراف في الري وقت التزهير يؤدي الى عدم التلقيح والانتاج.
واكتشفت في أميركا منذ 150 سنة ويقال ان موطنها الأصلي هو بلدان: ماليزيا - اندونيسيا - جنوب الصين وهذه الفاكهة خالية من الدهون والصوديوم والكوليسترول، وهي تؤكل طازجة، كما تستخدم في عمل العصير، المربى، الجلي، المخللات وسلطة الفواكه، وأيضاً تستعمل عصارة الثمار الحمضية في تنظيف النحاس الأصفر وإزالة البقع من الملابس.
*****************************************************************************قال الله عز وجل: (والنجم والشجر يسجدان)، ويقول الطبري في تفسيره: اختلف أهل التأويل في معنى النجم في هذا الموضع، فقال بعضهم: معنى النجم هو ما نجم من الأرض، مما ينبسط عليها، ولم يكن على ساق مثل البقل ونحوه، وقال: قتادة قوله: (وَالنَّجْمِ) يعني: نجم السماء، أما ابن منظور فقال في لسان العرب: النجمة شجرة، والنجمة نبتة صغيرة جمعها نجم، وفي الصحاح: هو ضرب من النبت.
سجود الأشجار
ومعنى السجود لغة: هو الخضوع، واصطلاحا الانحناء مع تمام الذل والخضوع لله – سبحانه، وطاعة لأمره – جلّ في عُلاه، واختلف المفسرون في كيفية سجود الأشجار، فقَالَ الْفَرَّاء : سُجُودها أَنَّها تسْتَقْبِل الشَّمْس إِذَا طَلَعَتْ ثُمَّ تمِيل مَعَهَا حَتَّى يَنْكَسِر الْفَيْء، وَقَالَ الزَّجَّاج : سُجُودها دَوَرَان الظِّلّ مَعَها، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (يَتَفَيَّئُوا ظِلَاله)، وقال الماوردي: وَسُجُود الشَّجَر إِمْكَان الِاجْتِنَاء لِثَمَرِهَا، وَقِيلَ السجود هو بمعنى: أنَّ جَمِيع ذَلِكَ مُسَخَّر لِلَّهِ، فَلَا تَعْبُدُوا النَّجْم كَمَا عَبَدَ قَوْم مِنْ الصَّابِئِينَ النُّجُوم، وَعَبَدَ كَثِير مِنْ الْعَجَم الشَّجَر.
المقصود من السجود
لا يصلحُ السجودُ ولا ينبغي إلا لله تعالى العليّ الأعلى، المنزّه عن كل عيب ونقص: فعن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها)، والسجود: تعويد النفس على التواضع وعدم الكبر، وتذكير للنفس بأننا خُلقنا من تراب، وإليه نعود.
ويطلق السجود على الركوع أيضا، وذلك لقوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ)، وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: (قيل لبني إسرائيل: {وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ} فبدلوا فدخلوا يزحفون على أستاههم، وقالوا حبة في شعيرة).
كيفية السجود الصحيحة
قال عليه الصلاة والسلام: (إذا سجد أحدكم فلا يَبْرُكْ كَما يَبْرُكِ البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه)، وقال الشيخ الألباني رحمه الله في التعليق على الحديث بالحاشية: (واعلم أن وجه مخالفة البعير بوضع اليدين قبل الركبتين، وهو أن البعير يضع أول ما يضع ركبتيه، وهما في يديه«، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه، فليضع يديه، وإذا رفع فليرفعهما).
والاعتدال في السجود بأن يعتمد فيه اعتماداً متساوياً على جميع أعضاء سجوده وهي : الجبهة والأنف معا، والكفان، والركبتان، وأطراف القدمين، ومن اعتدل في سجوده هكذا، فقد اطمأن يقيناً، والاطمئنان في السجود ركن أيضا، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (لا ينظر الله – عزّ وجلّ – إلى صلاة عبدٍ لا يُقيمُ صُلبه بينَ ركوعها وسجودها).
أنواع السجدات
سجود الصلاة وهو ركن من أركان الصلاة، فمن تركه فقد بطلت صلاته، وسجود الصلاة يكون مرتين في الركعة الواحدة، أما سجود السهو من صفات الإنسان أنه ينسى، فإن سها الإنسان في الصلاة فزاد أو أنقص في عدد الركعات، أو نسي أحد واجبات الصلاة (وليس أركانها)، أو حتى إن شك، فيجب عليه أن يسجد سجود السهو.
ومن أنواعه أيضا سجود التلاوة، حيث يشرع للمسلم أن يسجد عند قراءة آية سجدة، ويطلق على هذا السجود »سجود التلاوة"، فهو مستحب وليس بواجب، وفي القرآن خمسة عشر موضع سجود.
شجرة النجم
شجرة فاكهة النجمة هي شجرة بطيئة النمو وتتكيف مع الطقس الدافئ، أما في الأجواء الباردة فيجب حمايتها من الرياح بعمل حواجز ومصدات، ويتوقف نمو الشجرة عند حرارة 55 -66 ف وقد تموت عند حرارة أقل من 28 ف، تحتاج الى ضوء شمس كامل، وتخصب من 4 -5 مرات في السنة، وسقاية هذه الشجرة معتدلة، والاسراف في الري وقت التزهير يؤدي الى عدم التلقيح والانتاج.
واكتشفت في أميركا منذ 150 سنة ويقال ان موطنها الأصلي هو بلدان: ماليزيا - اندونيسيا - جنوب الصين وهذه الفاكهة خالية من الدهون والصوديوم والكوليسترول، وهي تؤكل طازجة، كما تستخدم في عمل العصير، المربى، الجلي، المخللات وسلطة الفواكه، وأيضاً تستعمل عصارة الثمار الحمضية في تنظيف النحاس الأصفر وإزالة البقع من الملابس.
لك الحمد
سبحانك اللهم لا إله إلا أنت العزيز الوهاب. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، اللهم يا مثبت القلوب ثبت علمها في قلبي.
اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأهواء والأعمال والأدواء. الحمد لله الذي أمَرَنا بالدعاء، ووعدنا بالإجابة، تقدَّست أسْماؤهُ وصفاتُه، وصلّى اللهُ على خيرِ مَن دعاه، رسولِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه. اللهم أنا السائل الذي أعطيت فلك الحمد، وأنا المريض الذي شفيت فلك الحمد، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، شهادة يشهد بها سمعي وبصري ولحمي ودمي، شهادة أرجو أن يطلق بها لساني عند خروج نفسي حتى تتوفاني وأنت راضٍ عني. اللهم لك الحمد حمداً أبلُغ به رضاك، ولك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك، ولك الحمد كما أنعمت علينا نعماً بعد نعم، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد على كل حال، كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، ولك الحمد على نعمك التي لا يحصيها غيرك ولا اله إلا أنت،
اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم يا من هو في الأرض إله وفي السماء إله، يا من له عنت الوجوه وذلت لعظمته الجباه، يا من يجيب المضطر إذا دعاه ويسمع العبد إذا ناجاه، يا من ليس معه إله يدعى ولا رب يرجى ولا خالق يخشى، أسألك يا إلهي أن تستجيب دعائي ورجائي، وأن تحقق لي أملي، وأن تصلح لي قولي وعملي، اللهم إني أسالك الجنة، وأستجير بك من النار. اللهم أخرجني من الدنيا سالماً وأدخلني الجنة آمناً.
****************************************************************************سبحانك اللهم لا إله إلا أنت العزيز الوهاب. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، اللهم يا مثبت القلوب ثبت علمها في قلبي.
اللهم جنبني منكرات الأخلاق والأهواء والأعمال والأدواء. الحمد لله الذي أمَرَنا بالدعاء، ووعدنا بالإجابة، تقدَّست أسْماؤهُ وصفاتُه، وصلّى اللهُ على خيرِ مَن دعاه، رسولِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه ومن والاه. اللهم أنا السائل الذي أعطيت فلك الحمد، وأنا المريض الذي شفيت فلك الحمد، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، شهادة يشهد بها سمعي وبصري ولحمي ودمي، شهادة أرجو أن يطلق بها لساني عند خروج نفسي حتى تتوفاني وأنت راضٍ عني. اللهم لك الحمد حمداً أبلُغ به رضاك، ولك الحمد على حلمك بعد علمك، ولك الحمد على عفوك بعد قدرتك، ولك الحمد كما أنعمت علينا نعماً بعد نعم، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، ولك الحمد على كل حال، كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، ولك الحمد على نعمك التي لا يحصيها غيرك ولا اله إلا أنت،
اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى أزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
اللهم يا من هو في الأرض إله وفي السماء إله، يا من له عنت الوجوه وذلت لعظمته الجباه، يا من يجيب المضطر إذا دعاه ويسمع العبد إذا ناجاه، يا من ليس معه إله يدعى ولا رب يرجى ولا خالق يخشى، أسألك يا إلهي أن تستجيب دعائي ورجائي، وأن تحقق لي أملي، وأن تصلح لي قولي وعملي، اللهم إني أسالك الجنة، وأستجير بك من النار. اللهم أخرجني من الدنيا سالماً وأدخلني الجنة آمناً.
أسد عليّ وفي الحروب نعامة
يضرب لرجل يبدى شجاعته عندما يكون في امان من عدو, ثم يجبن عند مجابهة الاخطار ولقاء الاعداء.
وأصله :
أن الحجاج بن يوسف كان أميرا على العراق من قبل عبدالملك بن مروان الخليفة الاموى. وكان الحجاج يتصف بالظلم، مسرفا بالقتل, محبا لسفك الدماء. فكرهه الناس وملوا امارته وتمنوا زوال أيامه .ثم ثاروا عليه مرات عديدة ومن تلك الثورات كانت ثورة ابن الأشعث، وثورات عديدة للخوارج ومنها ثورة شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي وكان لشبيب زوجة قوية شجاعة اسمها «غزالة».. كانت تقود الثوار من الخوارج وتخوض بهم المعارك الضارية ضد الحجاج. فأقسمت «غزالة» ذات يوم أنها ستصلى ركعتين في مسجد الكوفة، وبرا بقسمها هاجمت الكوفة ثم دخلتها، فهرب الحجاج منها وتحصن بقصر الامارة فدخلت «غزالة» مسجد الكوفة وصلت ركعتين برا بقسمها !
فاستهجن الناس جبن الحجاج وخوفه من ملاقاة امرأة ! فقال الشاعر :
أسدُ علي وفي الحروب نعامةٌ فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت الى غزالة في الوغى أم كان قلبك في جناحي طائر
فاستحسن الناس قول الشاعر ونكاية بالحجاج ذهب ذلك القول مثلا
****************************************************************************يضرب لرجل يبدى شجاعته عندما يكون في امان من عدو, ثم يجبن عند مجابهة الاخطار ولقاء الاعداء.
وأصله :
أن الحجاج بن يوسف كان أميرا على العراق من قبل عبدالملك بن مروان الخليفة الاموى. وكان الحجاج يتصف بالظلم، مسرفا بالقتل, محبا لسفك الدماء. فكرهه الناس وملوا امارته وتمنوا زوال أيامه .ثم ثاروا عليه مرات عديدة ومن تلك الثورات كانت ثورة ابن الأشعث، وثورات عديدة للخوارج ومنها ثورة شبيب بن يزيد الشيباني الخارجي وكان لشبيب زوجة قوية شجاعة اسمها «غزالة».. كانت تقود الثوار من الخوارج وتخوض بهم المعارك الضارية ضد الحجاج. فأقسمت «غزالة» ذات يوم أنها ستصلى ركعتين في مسجد الكوفة، وبرا بقسمها هاجمت الكوفة ثم دخلتها، فهرب الحجاج منها وتحصن بقصر الامارة فدخلت «غزالة» مسجد الكوفة وصلت ركعتين برا بقسمها !
فاستهجن الناس جبن الحجاج وخوفه من ملاقاة امرأة ! فقال الشاعر :
أسدُ علي وفي الحروب نعامةٌ فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت الى غزالة في الوغى أم كان قلبك في جناحي طائر
فاستحسن الناس قول الشاعر ونكاية بالحجاج ذهب ذلك القول مثلا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم إني صائم، و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه. رواه البخاري واللفظ له و مسلم.
****************************************************************************اهتمام عمر بن الخطاب بالرعية
كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يسهر ليله ليتفقد أحوال رعيته ، ليواسي المحزون منهم و يغيث الملهوف
روي عن زيد بن أسلم :خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم حتى إذا كنا بصرار إذا نار ، فقال يا أسلم إني أرى هاهنا ركباً قصر بهم البرد و الليل ، انطلق بنا
فخرجنا نهرول إلى أن دنونا منهم ،فإذا بأمراة و معها صبيان وقدر منصوبه على نار و اولادها يتضاغون ،فقال أمير المؤمنين عمر :السلام عليكم يا أهل الضوء ، كارهاً أن يناديهم يا اصحاب النار. فاجابته المرأة، وعليكم السلام فقال لها: أأدنو؟ فقالت أدنو بخير ،فدنا منها عمر فسألها عن أمرهم ، فأجابته : قصر بنا البرد و الليل ،فقال : وما بال هؤلاء الصبيه يتضاغون؟ قالت : الجوع!فسألها عما يوجد في القدر ،فقالت : إنه ماء أسكتهم به حتى يناموا، و الله بيننا وبين عمر. فقال أي رحمك الله وما يدري عمر بك ؟ فقالت يتولى أمرنا و من ثم يغفل عنا؟ فاقبل علي فقال انطلق بنا
فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الرقيق فأخرج كبة من شحم و عدلاً من دقيق . وقال احمله علي قلت انا احمله عنك قال انت تحمل وزرى يوم القيامه لا أم لك! فحملته عليه . فانطلقت معه نهرول إليها. فألقى ذلك عندها و أخرج شيئاً من الدقيق. فجعل يقول لها: ذري علي وأنا أحرك لك. وجعل ينفخ تحت القدر وكانت لحيته عظيمه. فرأيت الدخان يخرج من خلالها حتى طبخ لهم. ثم أنزلها. وأفرغ الحريره في صحفه وهو يقول لها أطعميهم وأنا اسطح لهم-يعني أبرده لهم-ولم يزل حتى شبعوا ،وهي تقول له جزاك الله خير كنت أولى بهذا الأمر من امير المؤمنين
و من القصص التي تبين اهتمام عمر بن الخطاب بالرعية أن رفقة من التجار فقدموا فنزلوا المصلى، فقال عمر لعبد الرحمن أن يحرسهم ليلتها من السرق،فأخذا يحرسانهم ويصليان ما كتب الله لهما فإذ بعمر يسمع بكاء صبي فتوجه نحوه قائلاً لأمه: أحسني إلى صبيك و اتقي الله ،ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه ثانية ، فعاد إلى أمه فقال لها مثل ما قال ثم عاد إلى مكانه، و ما ان كان آخر الليل ، سمع بكاءه مرة أخرى ،فأتى أمه فقال لها: ويحك إني لأراك أم سوء مالي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة، قالت: يا عبد الله قد أبرمتني منذ الليلة إني أريغه عن الفطام فيأبى، قال: ولم، قالت: لأن عمر لا يفرض إلا للفطم قال وكم له قالت: كذا وكذا شهرا قال: ويحك لا تعجليه فصلى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلم قال: يا بؤسا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين، ثم أمر مناديا فنادى أن لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام، فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام وكتب بذلك إلى الآفاق أن يفرض لكل مولود في الإسلام
****************************************************************************كان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه يسهر ليله ليتفقد أحوال رعيته ، ليواسي المحزون منهم و يغيث الملهوف
روي عن زيد بن أسلم :خرجنا مع عمر بن الخطاب إلى حرة واقم حتى إذا كنا بصرار إذا نار ، فقال يا أسلم إني أرى هاهنا ركباً قصر بهم البرد و الليل ، انطلق بنا
فخرجنا نهرول إلى أن دنونا منهم ،فإذا بأمراة و معها صبيان وقدر منصوبه على نار و اولادها يتضاغون ،فقال أمير المؤمنين عمر :السلام عليكم يا أهل الضوء ، كارهاً أن يناديهم يا اصحاب النار. فاجابته المرأة، وعليكم السلام فقال لها: أأدنو؟ فقالت أدنو بخير ،فدنا منها عمر فسألها عن أمرهم ، فأجابته : قصر بنا البرد و الليل ،فقال : وما بال هؤلاء الصبيه يتضاغون؟ قالت : الجوع!فسألها عما يوجد في القدر ،فقالت : إنه ماء أسكتهم به حتى يناموا، و الله بيننا وبين عمر. فقال أي رحمك الله وما يدري عمر بك ؟ فقالت يتولى أمرنا و من ثم يغفل عنا؟ فاقبل علي فقال انطلق بنا
فخرجنا نهرول حتى أتينا دار الرقيق فأخرج كبة من شحم و عدلاً من دقيق . وقال احمله علي قلت انا احمله عنك قال انت تحمل وزرى يوم القيامه لا أم لك! فحملته عليه . فانطلقت معه نهرول إليها. فألقى ذلك عندها و أخرج شيئاً من الدقيق. فجعل يقول لها: ذري علي وأنا أحرك لك. وجعل ينفخ تحت القدر وكانت لحيته عظيمه. فرأيت الدخان يخرج من خلالها حتى طبخ لهم. ثم أنزلها. وأفرغ الحريره في صحفه وهو يقول لها أطعميهم وأنا اسطح لهم-يعني أبرده لهم-ولم يزل حتى شبعوا ،وهي تقول له جزاك الله خير كنت أولى بهذا الأمر من امير المؤمنين
و من القصص التي تبين اهتمام عمر بن الخطاب بالرعية أن رفقة من التجار فقدموا فنزلوا المصلى، فقال عمر لعبد الرحمن أن يحرسهم ليلتها من السرق،فأخذا يحرسانهم ويصليان ما كتب الله لهما فإذ بعمر يسمع بكاء صبي فتوجه نحوه قائلاً لأمه: أحسني إلى صبيك و اتقي الله ،ثم عاد إلى مكانه فسمع بكاءه ثانية ، فعاد إلى أمه فقال لها مثل ما قال ثم عاد إلى مكانه، و ما ان كان آخر الليل ، سمع بكاءه مرة أخرى ،فأتى أمه فقال لها: ويحك إني لأراك أم سوء مالي أرى ابنك لا يقر منذ الليلة، قالت: يا عبد الله قد أبرمتني منذ الليلة إني أريغه عن الفطام فيأبى، قال: ولم، قالت: لأن عمر لا يفرض إلا للفطم قال وكم له قالت: كذا وكذا شهرا قال: ويحك لا تعجليه فصلى الفجر وما يستبين الناس قراءته من غلبة البكاء، فلما سلم قال: يا بؤسا لعمر كم قتل من أولاد المسلمين، ثم أمر مناديا فنادى أن لا تعجلوا صبيانكم عن الفطام، فإنا نفرض لكل مولود في الإسلام وكتب بذلك إلى الآفاق أن يفرض لكل مولود في الإسلام
الجزء الخامس و الـعشرون
التفاؤل والتشاؤم مع متغيرات الحياة
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم، منْ الآيـة [ 47 ] من سورة فـصّـلت، وحتى الآيـة [ 37 ] من سورة الجـاثيـة، ومـمّـا ورَد فيـه:
قلة الثقة بالله وعدم اليقين يؤديان إلى الكفر والطغيان:
تتحدث الآيات من سورة فصلت عن صنف من الناس يفتقر إلى اليقين والثقة بالله تعالى، وبناء على ذلك فإنه غير متوازن في حياته، ولا يجيد التعامل مع متغيرات الحياة، فهو متفائل عند الخير فقط، فلا يملّ من دعائه ربه بالخير بجميع أصناف، {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}، يطلب المال والعز والجاه والصحة وغير ذلك من الله تعالى، لكنه متشائم قنوط، يصاب باليأس بمجرد حصول مصيبة أو فقر أو أذى، {وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49)}، فييأس من الحياة ويظن أن هذا الأذى وهذه المصيبة دائمة لن تزول، ولن يحصل له خير بعدها أبداً.
والحياة متقلبة، فهذا طبعها مع جميع الناس؛ فالأيام دول، وعندما تأتيه الرحمة والخير والرزق بعد هذا الضرّ والشدة، فإنه يغترّ به، {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}، ثم يركن إلى هذه الدنيا، وينسى الآخرة، ويكفر بيوم القيامة، ويقول: {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً}، ويستمر هذا الإنسان في تذبذبه، فيقول: إن كان هناك آخرة وقيامة فإن الله سيحسن إليه فيها كما أحسن إليه في الدنيا، {وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى}، حسن الظن بالله أمر مهم جداً، لكنه يكون مع اليقين والعمل الصالح، لكن المشكلة أن هذا الإنسان يتمنى على الله تعالى وهو مسيء للعمل وغير موقن بالآخرة وغير واثق بربه، فتوعد الله تعالى أمثال هذا الإنسان، الذي يسيء الاعتقاد والعمل، بالحساب والعقاب.
الإيمان يبنى على اليقين لا على الاحتمال:
طبع الإنسان الجاحد الكفور أنه إذا أنعم الله عليه أعرض عن عبادة الله، {وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ}، وإذا أصابه البلاء لم يصبر ولم يحتسب، {وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ (51)}، أي: دعاء مستمر طويل، والكلام العريض: ما طال لفظه وقلّ معناه، وهو عكس الوجيز.
وبعد أن ذكر الله تعالى ذلك، لفت أنظار الكفار إلى جانب مهم، وهو التفكير في حالهم يوم القيامة عندما يقفون بين يدي الله تعالى، وقد كفروا بكتابه وبرسوله صلى الله عليه وسلم!، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ}، إن مسلك العناد وإنكار الحق مسلك بعيد عن الهدى والطريق القويم {مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52)}.
أحد الملحدين قال لأحد العلماء المسلمين: كيف سيكون شعورك إذا لم يكن هناك إله ولا يوم قيامة ولا جنة ولا نار؟
فأجابه العالم: سيكون حالي أحسن من حالك على جميع الأحوال، لكن ماذا عنك إذا اكتشفت أنه يوجد إله ويوم قيامة وجنة ونار؟! فبهت الملحد.
في كل زمان ومكان يظهر الله جوانب من آياته الباهرة:
الإيمان لا يبنى على الاحتمالات فحسب، بل يجب أن يكون إيمانا وتصديقا بيقين وثقة بالله تعالى وبكلامه وبرسوله صلى الله عليه وسلم.
لذا تكفل الله تعالى بإظهار الآيات القاطعة للبشر حتى يعلموا أن القرآن كلام الخالق سبحانه وتعالى. {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)}.
فوعد الله تعالى أن يظهر آياته ودلائله المتنوعة حتى يظهر الحق للناس أجمعين وخاصة المكذبين منهم، ويعلموا أن القرآن كلام الله تعالى، أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. ووعد الله تعالى أن هذه الآيات منها ما يكون خارجياً في الآفاق وأقطار السماوات والأرض، ومنها ما يكون في خلق الإنسان نفسه وما هو مركب منه.
ونحن في هذا الزمان نشهد الكثير من الآيات الباهرة فيما يسمى بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم، في أنفسنا في أطوار خلق الإنسان وتفاصيل نموه وإحساسه وبصماته وغير ذلك، وفي الآفاق في علوم الطبيعة والفلك والفضاء وغيرها.
الجدير بالذكر أن الآيات المعجزة في القرآن الكريم يظهر فيها جانب التحدي بوضوح، فهي ليست مصادفة أو كلمة جاءت عرضاً، وإنما مقصودة لذاتها، وموجهة للكفار والمعاندين، كما في قوله تعالى إشارة إلى خلق الكون وضرورية الماء لجميع العمليات الحيوية لسائر الكائنات الحية، نجد الآية موجهة للكفار: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، وختمت الآية بقوله: {أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} [الأنبياء : 30].
لكن المعاندين لا تنفع معهم الآيات، ويستمرون في ظنونهم وشكوكهم من قيام الساعة فلا يتفكرون في الآخرة ولا يعملون ليوم القيامة، {أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)}.
من سورة الشورى:
لماذا أنزل القرآن باللغة العربية:
عندما نوجّه خطابا إلى غيرنا من البشر فإننا نستخدم لغة مفهومة تحمل هذا الخطاب، ولله المثل الأعلى، فالله تعالى أنزل هذا القرآن واختار له اللغة العربية، {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (7)}.
وبعض الناس يتساءل، لماذا اختار الله اللغة العربية؟
بيّن الله تعالى أنه أنزل هذا القرآن عربيا واضحا بيناً جلياً، ولم يمنعهم من الإيمان اللغة العربية، بل عنادهم وكفرهم وإصرارهم على اتباع الهوى والباطل، فرغم يقينهم بفصاحته وبلاغته وعدم مقدرتهم على مجاراته فإنهم لم يؤمنوا به. ولو أن الله تعالى أنزله بلسان آخر لما آمنوا، {وَلَوْ نزلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الأعْجَمِينَ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} [الشعراء: (198- 199)]. وكذلك لو أنزل القرآن كله بلغة العجم، لأصروا على عنادهم وتعنتهم وقالوا: هلا أنزل مفصلاً بلغة العرب، أو قالوا: {لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} أي: أنكروا ذلك وقالوا: أعجمي وعربي؟ أي: كيف ينزل كلام أعجمي على مخاطب عربي لا يفهمه. أو المعنى: هلا أنزل بعضها بالأعجمي، وبعضها بالعربي.
لذا، فالاعتراض على اختيار اللغة العربية ليس نابعاً من اعتبارات علمية أو منطقية أو قصور في اللغة أو نحو ذلك، بل نابع من العناد والاستكبار والمجادلة. فاللغة العربية وهبها الله تعالى من المميزات والصفات ما يمكنها من حمل رسالة الله تعالى وإيصال مراده للبشر، بوضوح وبيان وجمال، حتى يفهمه البشر ويعقلوا عن الله تعالى مراده، كما قال تعالى في سورة الزخرف: (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4)}.
الإله واحد وأصل الدين من الله تعالى واحد
بين الله تعالى أن الدين عنده واحد لا يتعدد، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 19]، وهو عبادة الله تعالى وحده لا شريك لله، والاستسلام والانقياد لله تعالى طوعاً واختياراً. {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:25]. وهو دين سائر الأنبياء والمرسلين، {مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران : 67]، {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [البقرة : 131]، {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} [يوسف : 101]، {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل : 44].
أصل الإيمان والعقيدة والدين واحد عند جميع الأنبياء والمرسلين، {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}، لكن الكفار والمشركين يثقل عليهم التوحيد ونبذ الشرك الذي اعتادوا عليه وعلمهم إياه آباؤهم، {كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ}. والله تعالى هو الذي يصطفي من يشاء من عباده ويكتب الهداية لمن يستحقها كرماً منه، {اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)}. فلا يستوي من كان يبحث عن الحق والهدى، ومن كان يتبع الضلالة والهوى، {وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (}.
وواجب الأنبياء والعلماء الدعوة والبيان والثبات على الحق، {فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (15)}.
فإن قبل الناس ذلك وأسلموا لله تعالى فقد حصلت لهم الهداية من الله، {فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا}، وإن أنكر الناس وأعرضوا فحسابهم على الله، {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران : 20].
حرث الدنيا وحرث الآخرة:
سعة الرزق وقلته لا علاقة لهما بالإيمان والعبادة، فالله تعالى يرزق الخلق أجمعين، {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:6].
ولولا أن البشر يغترون سريعاً فيضلون عن الحق ويلحقون بالكفر لأعطى الله تعالى لكل كافر الكثير من زينة هذه الدنيا، كما في سورة الزخرف: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ (33) وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ (34) وَزُخْرُفًا}، لكن هذا كله متاع قليل زائل، والنعيم الحقيقي في الآخرة، {وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ (35)}.
لذا، يجب على المؤمن أن يجعل الآخرة نصب عينيه ويبتغي بعمله وجه الله تعالى، فإن فعل ذلك أعانه الله تعالى على ذلك وبارك له في أعماله، {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ}، وأما من كان قصده الدنيا وأعماله لغايات دنيوية ولم يعمل للآخرة فإنه سيخسر الآخرة، وأما الدنيا فقد يحصل عليه وقد لا يحصل عليها، {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}. وفي الحديث: "إِنَّ اللهَ يقولُ يا ابنَ آدمَ: تَفَرَّغْ لعبادَتِي أملأْ صدركَ غِنًى وأسُدُّ فقرَكَ، وإِنْ لَّا تفعلْ ملأتُ يديْكَ شُغْلًا، ولم أسُدَّ فقْرَكَ". فعلى الإنسان ألا يغتر بالدنيا الفانية ويلتهي بها عن الآخرة الباقية، {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36)}.
وسعة الرزق وقلته خاضعة لعلم الله تعالى وحكمته، {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)}.
هل توجد مخلوقات غيرنا في هذا الكون؟
قطعاً إن البشر ليسوا وحدهم المخلوقات العاقلة في هذا الكون، فهناك الجن والملائكة، وكلاهما من المخلوقات العاقلة التي تفكر وتناقش.
وهناك آيات في القرآن الكريم يمكن أن تشير إلى وجود مخلوقات أخرى غير هذه المعروفة، كما في قوله تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ (29)}، أما الدواب على الأرض فمعروفة، وأما الدواب في السماوات فالله أعلم بها، وهي ليست الملائكة، لأن الله تعالى استخدم حرف العطف بينهما: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [النحل : 49].
وستأتي إشارة أخرى لهذا الموضوع فيما يأتي من أجزاء القرآن الكريم.
الفساد والمصائب سببها كسب الإنسان نفسه:
من مهام الإنسان في هذا الكون أن يقوم بعمارته، لكن هناك دور تخريبي لبني الإنسان، وآثار هذا التخريب لا تظهر إلا بعد فترة من الزمن، {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم : 41].
وقد بين الله تعالى أن المصائب التي تقع على الإنسان سببها ذنوبه ومعاصيه، {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}، ومن رحمة الله تعالى أن هذه المصائب تكفير للسيئات والذنوب.
والله تعالى لا يؤاخذ الإنسان على جميع أفعاله ولكن على القليل جداً، {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ (30)}، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [النحل : 61]، {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} [فاطر : 45].
صفات المؤمنين المتوكلين على الله:
بين الله تعالى صفات الفائزين بالنعيم المقيم يوم القيامة، وهي كما يأتي:
- إيمانهم بالله وتوكلهم عليه: {وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36)}.
- اجتنابهم لكبائر الذنوب مثل القتل والسرقة وشهادة الزور والسحر والزنى وشرب الخمر، وابتعادهم عن الفواحش والقبائح، وأنهم يكظمون الغيظ، ويعفون عمن المسيء: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)}.
- طاعتهم لله واستجابتهم لأوامره، وإقامتهم للصلاة، وإنفاقهم في سبيل الله، ومشاورتهم للآخرين وعدم استبدادهم بالرأي. {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38)}.
- عزتهم وكرامتهم، وعدم خضوعهم للظلم والبغي، وعدم ضعفهم عن الانتصار للحق، ورغم ذلك، فإنهم لا يعتدون ولا يتجاوزون، ويعفون ويصفحون عند المقدرة. {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)}.
ثم بيّن الله تعالى أن ردّ الظلم والعدوان لا يعتبر عدواناً، وإنما العدوان من الذي بدأ في الظلم والاعتداء ونشر العداوة والبغضاء، {وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42)}، لكن رغم ذلك، دعا الله تعالى إلى الصبر والتجاوز، {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43)}.
والله تعالى أعلم.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
27 رمضان 1436هـ - 14 يوليو 2015م
تعرف على افضال ليلة القدر..
نشرت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ردا على سؤال ورد عليها : ما فضل ليلة القدر وفي أي ليلة هي؟.
وجاء رد دار الإفتاء المصرية كالتالي: “فضل ليلة القدر كبير وعظيم لأنها الليلة المباركة التي يقول الله تعالى عنها: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، القدر 001-003، فهي ليلة خير من ألف شهر في الثواب والأجر، وهي ليلة القدر والمعنى ليلة التقدير وسميت بذلك لأن الله تعالى يقدر ما يشاء من أمره، أي يظهره في تلك الليلة بعد ما كتبه في الأزل، وقيل سُميت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها من قولهم لفلان قدر، أي شرف ومنزلة.
وقيل إن العابد فيما مضى لا يسمى عابدًا حتى يعبد الله ألف شهر، أي 83 عاما و4 أشهر، فجعل الله تبارك وتعالى لأمة محمد عبادة هذه الليلة، خير من ألف شهر كانوا يعبدونه فيها.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه، إن النبي ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك فنزلت: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ” (القدر 001-003)، المدة التي حمل فيها الرجل سلاحه في سبيل الله، ففي هذه الليلة: “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ” (القدر 004)، أي تنزل الملائكة من السماء إلى الأرض ويؤمِّنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر.
واختلف العلماء في تعيين ليلة القدر، والذي عليه أكثر العلماء أنها ليلة 27 وحجتهم حديث زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب إن أخاك عبدالله بن مسعود يقول: من يتم الحول يصب ليلة القدر فقال: يغفر الله لأبي عبدالله لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأنها ليلة 27، لكنه أراد ألا يتكل الناس ثم حلف لا يستثني أنها ليلة 27 رمضان، وقيل هي في شهر رمضان دون سائر العام، وهو قول أبي هريرة.
والصحيح المشهور كما قال القرطبي رحمه الله تعالى، أنها في العشر الأواخر من رمضان، وهو قول مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد، وقال قوم: هي ليلة الحادي والعشرين ومال إليه الشافعي، والصحيح أنها في العشر الأواخر دون تعيين والحكمة من إخفائها لكي يجتهد الناس في العبادة في العشر الأواخر كلها، كما أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس واسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى.
****************************************************نشرت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” ردا على سؤال ورد عليها : ما فضل ليلة القدر وفي أي ليلة هي؟.
وجاء رد دار الإفتاء المصرية كالتالي: “فضل ليلة القدر كبير وعظيم لأنها الليلة المباركة التي يقول الله تعالى عنها: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ)، القدر 001-003، فهي ليلة خير من ألف شهر في الثواب والأجر، وهي ليلة القدر والمعنى ليلة التقدير وسميت بذلك لأن الله تعالى يقدر ما يشاء من أمره، أي يظهره في تلك الليلة بعد ما كتبه في الأزل، وقيل سُميت بذلك لعظمها وقدرها وشرفها من قولهم لفلان قدر، أي شرف ومنزلة.
وقيل إن العابد فيما مضى لا يسمى عابدًا حتى يعبد الله ألف شهر، أي 83 عاما و4 أشهر، فجعل الله تبارك وتعالى لأمة محمد عبادة هذه الليلة، خير من ألف شهر كانوا يعبدونه فيها.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه، إن النبي ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر، فعجب المسلمون من ذلك فنزلت: “إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ” (القدر 001-003)، المدة التي حمل فيها الرجل سلاحه في سبيل الله، ففي هذه الليلة: “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ” (القدر 004)، أي تنزل الملائكة من السماء إلى الأرض ويؤمِّنون على دعاء الناس إلى وقت طلوع الفجر.
واختلف العلماء في تعيين ليلة القدر، والذي عليه أكثر العلماء أنها ليلة 27 وحجتهم حديث زر بن حبيش قال: قلت لأبي بن كعب إن أخاك عبدالله بن مسعود يقول: من يتم الحول يصب ليلة القدر فقال: يغفر الله لأبي عبدالله لقد علم أنها في العشر الأواخر من رمضان، وأنها ليلة 27، لكنه أراد ألا يتكل الناس ثم حلف لا يستثني أنها ليلة 27 رمضان، وقيل هي في شهر رمضان دون سائر العام، وهو قول أبي هريرة.
والصحيح المشهور كما قال القرطبي رحمه الله تعالى، أنها في العشر الأواخر من رمضان، وهو قول مالك والشافعي والأوزاعي وأحمد، وقال قوم: هي ليلة الحادي والعشرين ومال إليه الشافعي، والصحيح أنها في العشر الأواخر دون تعيين والحكمة من إخفائها لكي يجتهد الناس في العبادة في العشر الأواخر كلها، كما أخفى الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس واسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى.
الكلمة الطيبة تثمر طيباً
يقول تعالى (َألَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُهَا ثَابِتٌ وَفَرعُهَا فِي السَّمَاء تُؤتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذنِ رَبِّهَا وَيَضرِبُ اللّهُ الأَمثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُونَ).
شبه الله - سبحانه - الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة، لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع، وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون الكلمة الطيبة هي (شهادة أن لا إله إلا الله)، فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة، فكل عمل يرضي الله - عز وجل - هو ثمرة هذه الكلمة، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله أصلها ثابت وهو قول (لا إله إلا الله) في قلب المؤمن، وفرعها في السماء يعني يُرفع بها عمل المؤمن إلى السماء، وقال الربيع بن أنس كلمة طيبة يعني هذا مثل الإيمان.
شجرة التوحيد
وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب وفروع هذه الشجرة هي الأعمال الصالحة، فهي صاعدة إلى السماء، ولا تزال تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب، ومحبة القلب لها، وإخلاصه فيها، ومعرفته بحقيقتها، وقيامه بحقها، ومراعاتها حق رعايتها، فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها، واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسن صبغة منها، فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان، لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الرب - تعالى - وهذه الكلمة الطيبة تثمر كثيراً طيباً.
والمقصود أن كلمة التوحيد إذا شهد المؤمن بها، عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا وإثباتا، متصفا بموجبها، قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادتها فهذه الكلمة من هذا الشاهد أصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء.
طيبة المنظر
والشجرة الطيبة أول صفة لها أنها طيبة، وذلك يحتمل عدة أمور منها، أنها طيبة المنظر والصورة والشكل (والنخل باسقات لها طلع نضيد)، وثانيتها كونها طيبة الرائحة وثالثتها كونها طيبة الثمرة ورابعتها كونها طيبة المنفعة، أصلها ثابت راسخ رسوخ الجبال، فرعها في السماء بعيدة عن عفونات الأرض، والكلمة الطيبة قد تهدي إنساناً إلى الخير وقد تغير مجتمعاً، وقد ينقذ الله بها قلوباً أو يعمر بها نفوساً، بل قد يحيي بها الله أقواماً من السبات.
والكلمة الطيبة كحبة القمح المفردة قد تهمل وتذهب أدراج الرياح وقد تكون مباركة فتنبت وتثمر، وقد تكون الثمرة خصبة تتضاعف وتتضاعف، والكلمة الطيبة وهي كلمة الحق كالشجرة الطيبة ثابتة سامقة مثمرة لا تزعزعها الأعاصير والفتن، ولا تعصف بها رياح الباطل ولا تقوى عليها معاول الطغيان، وإن خيّل للبعض أنها معرضة للخطر فهي سامقة متعالية تطل على الشر والطغيان من علو.
والكلمة الخبيثة هي كلمة الباطل كالشجرة الخبيثة قد تتعالى وتتشابك ويخيّل إلى البعض أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى ولكنها تظل ضعيفةً وما هي إلا فترة ثم تجتث من فوق الأرض فلا قرار لها ولا بقاء.
دفع الإساءة
وقال - صلى الله عليه وسلم: (إن مثل المؤمن كمثل القطعة من الذهب، ينفخ فيها صاحبها فلم تتغير. والذي نفس محمد بيده، إن المؤمن كمثل النخلة أكلت طيّبا ووضعت طيبا).
وقال - صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن كمثل النخلة ما أخذتَ منها من شيء نفع)، فالنخلة تثمر طوال السنة بلحا ورطبا، والمؤمن أينما حلّ نفع، كالغيث والنخلة أغصانها وجذوعها وجريدها يفيد البلادَ والعباد، والمؤمن كله خير كلامه وماله وحركته. والنخلة ترمَى بالحجر وترد بأطيب الثمر، وهكذا المؤمن يدفع الإساءةَ بالإحسان. والنخلة أصلها ثابت لا تتزعزع، والمؤمن ثابت لا تغيّره شهوة ولا شبهة ولا غيرها، فهو ثابت على دينه وتقواه، النخلة فرعها في السماء، والمؤمن لا يأخذ زاده وغذاءه إلا من خالق السماء.
قال - صلى الله عليه وسلم: (إن خير عباد الله الموفون الطيّبون، أولئك خيار عباد الله).
ثم ذكر - سبحانه - مثل الكلمة الخبيثة فشبهها بالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، فلا عرق ثابت ولا فرع عال ولا ثمرة زاكية، ولا ظل ولا ساق قائم ولا عرق في الأرض ثابت مغدق، ولا أعلاها مونق ولا جنى لها ولا تعلو بل تعلى.
بركة ومنفعة
وإذا تأمل اللبيب أكثر كلام هذا الخلق في خطابهم وكتبهم وجده كذلك، فالخسران كل الخسران الوقوف معه والاشتغال به عن أفضل الكلام وأنفعه.
قال الضحاك ضرب الله مثلاً للجاحد والمعاند بشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يقول ليس لها أصل ولا فرع وليس لها ثمرة ولا فيها منفعة، كذلك المعاند ليس يعمل خيرا ولا يقوله ولا يجعل الله فيه بركة ولا منفعة.
فعلينا أن نعود أنفسنا على الكلمة الطيبة في البيت مع الوالدين والأولاد والزوجة، عند الاختلاف بالآراء مع الغير، نعود أنفسنا على الكلمة الطيبة في برامج التواصل الاجتماعي، فالشيطان حريص على أن يوقع العداوة بين بني آدم، قال الله عز وجل: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً).
*******************************************************************يقول تعالى (َألَم تَرَ كَيفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصلُهَا ثَابِتٌ وَفَرعُهَا فِي السَّمَاء تُؤتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذنِ رَبِّهَا وَيَضرِبُ اللّهُ الأَمثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُم يَتَذَكَّرُونَ).
شبه الله - سبحانه - الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة، لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع، وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون الكلمة الطيبة هي (شهادة أن لا إله إلا الله)، فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة الظاهرة والباطنة، فكل عمل يرضي الله - عز وجل - هو ثمرة هذه الكلمة، وروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قوله أصلها ثابت وهو قول (لا إله إلا الله) في قلب المؤمن، وفرعها في السماء يعني يُرفع بها عمل المؤمن إلى السماء، وقال الربيع بن أنس كلمة طيبة يعني هذا مثل الإيمان.
شجرة التوحيد
وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب وفروع هذه الشجرة هي الأعمال الصالحة، فهي صاعدة إلى السماء، ولا تزال تثمر الأعمال الصالحة كل وقت بحسب ثباتها في القلب، ومحبة القلب لها، وإخلاصه فيها، ومعرفته بحقيقتها، وقيامه بحقها، ومراعاتها حق رعايتها، فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها، واتصف قلبه بها وانصبغ بها بصبغة الله التي لا أحسن صبغة منها، فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان، لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى الرب - تعالى - وهذه الكلمة الطيبة تثمر كثيراً طيباً.
والمقصود أن كلمة التوحيد إذا شهد المؤمن بها، عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا وإثباتا، متصفا بموجبها، قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادتها فهذه الكلمة من هذا الشاهد أصلها ثابت راسخ في قلبه وفروعها متصلة بالسماء.
طيبة المنظر
والشجرة الطيبة أول صفة لها أنها طيبة، وذلك يحتمل عدة أمور منها، أنها طيبة المنظر والصورة والشكل (والنخل باسقات لها طلع نضيد)، وثانيتها كونها طيبة الرائحة وثالثتها كونها طيبة الثمرة ورابعتها كونها طيبة المنفعة، أصلها ثابت راسخ رسوخ الجبال، فرعها في السماء بعيدة عن عفونات الأرض، والكلمة الطيبة قد تهدي إنساناً إلى الخير وقد تغير مجتمعاً، وقد ينقذ الله بها قلوباً أو يعمر بها نفوساً، بل قد يحيي بها الله أقواماً من السبات.
والكلمة الطيبة كحبة القمح المفردة قد تهمل وتذهب أدراج الرياح وقد تكون مباركة فتنبت وتثمر، وقد تكون الثمرة خصبة تتضاعف وتتضاعف، والكلمة الطيبة وهي كلمة الحق كالشجرة الطيبة ثابتة سامقة مثمرة لا تزعزعها الأعاصير والفتن، ولا تعصف بها رياح الباطل ولا تقوى عليها معاول الطغيان، وإن خيّل للبعض أنها معرضة للخطر فهي سامقة متعالية تطل على الشر والطغيان من علو.
والكلمة الخبيثة هي كلمة الباطل كالشجرة الخبيثة قد تتعالى وتتشابك ويخيّل إلى البعض أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى ولكنها تظل ضعيفةً وما هي إلا فترة ثم تجتث من فوق الأرض فلا قرار لها ولا بقاء.
دفع الإساءة
وقال - صلى الله عليه وسلم: (إن مثل المؤمن كمثل القطعة من الذهب، ينفخ فيها صاحبها فلم تتغير. والذي نفس محمد بيده، إن المؤمن كمثل النخلة أكلت طيّبا ووضعت طيبا).
وقال - صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن كمثل النخلة ما أخذتَ منها من شيء نفع)، فالنخلة تثمر طوال السنة بلحا ورطبا، والمؤمن أينما حلّ نفع، كالغيث والنخلة أغصانها وجذوعها وجريدها يفيد البلادَ والعباد، والمؤمن كله خير كلامه وماله وحركته. والنخلة ترمَى بالحجر وترد بأطيب الثمر، وهكذا المؤمن يدفع الإساءةَ بالإحسان. والنخلة أصلها ثابت لا تتزعزع، والمؤمن ثابت لا تغيّره شهوة ولا شبهة ولا غيرها، فهو ثابت على دينه وتقواه، النخلة فرعها في السماء، والمؤمن لا يأخذ زاده وغذاءه إلا من خالق السماء.
قال - صلى الله عليه وسلم: (إن خير عباد الله الموفون الطيّبون، أولئك خيار عباد الله).
ثم ذكر - سبحانه - مثل الكلمة الخبيثة فشبهها بالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، فلا عرق ثابت ولا فرع عال ولا ثمرة زاكية، ولا ظل ولا ساق قائم ولا عرق في الأرض ثابت مغدق، ولا أعلاها مونق ولا جنى لها ولا تعلو بل تعلى.
بركة ومنفعة
وإذا تأمل اللبيب أكثر كلام هذا الخلق في خطابهم وكتبهم وجده كذلك، فالخسران كل الخسران الوقوف معه والاشتغال به عن أفضل الكلام وأنفعه.
قال الضحاك ضرب الله مثلاً للجاحد والمعاند بشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار يقول ليس لها أصل ولا فرع وليس لها ثمرة ولا فيها منفعة، كذلك المعاند ليس يعمل خيرا ولا يقوله ولا يجعل الله فيه بركة ولا منفعة.
فعلينا أن نعود أنفسنا على الكلمة الطيبة في البيت مع الوالدين والأولاد والزوجة، عند الاختلاف بالآراء مع الغير، نعود أنفسنا على الكلمة الطيبة في برامج التواصل الاجتماعي، فالشيطان حريص على أن يوقع العداوة بين بني آدم، قال الله عز وجل: (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً).
اللهم اغفر لنا وارحمنا
اللهم يا من بيده ناصيتي، يا عليماً بذلي ومسكنتي، مُن علي بحسن إجابتك، واغفر لي زلتي، فإنك خلقت عبادك لعبادتك، وأمرتهم بدعائك، وضمنت لهم الإجابة، فإليك يارب نصبت وجهي، ومددت يدي، فبعزتك استجب لي دعائي، ولا تقطع من فضلك رجائي، اللهم يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء، وارحم من رأس ماله الرجاء، وسلاحه البكاء. اللهم تقبل صيامنا واغفر لنا وارحمنا يا ارحم الراحمين اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، والحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين. سبحانك اللهم أنت العلي العظيم، وأنا العبد البائس الفقير، وأنت الغني الحميد، وأنا العبد الذليل، امنن بغناك على فقري، وبحلمك على جهلي، وبقوتك على ضعفي، يا قوي يا عزيز. اللهم اغفر لي واهدني، وارزقني وعافني، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
اللهم إني أسألك باسمك الأعظم، الذي إذا سألك به السائلون أعطيتهم، وإذا دعاك به الداعون أجبتهم، وإذا استجارك به المستجيرون أجرتهم، وإذا دعاك به المضطرون أنقذتهم، فإني أسألك وأستغفرك بذلك الاسم العزيز العظيم، لذنوب لا يغفرها غيرك، وقد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، وضاقت علي الحيل، لا ملجأ ولا ملتجأ إلا إليك، فها أنا ذا بين يديك، قد أصبحت وأمسيت خاطئاً مذنباً ذليلاً محتاجاً إليك، ولا أجد لذنبي غافراً غيرك، ولا لكسري جابراً سواك، فرجائي أن تعجل لي الفرج من عندك، وأنا في أتم نعمة وأعظم عافية. اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز، ولا إلى الناس فأضيع، ولا تخيبني وأنا أرجوك، ولا تعذبني وأنا أدعوك.
اللهم اغفر لي الذنوب التي تورث الندم، واغفر لي الذنوب التي تأتي بالسقم، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تعجل بالفناء، واغفر لي الذنوب التي تجلب الشقاء. اللهم اسألك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية والاتكال.
********************************************************************اللهم يا من بيده ناصيتي، يا عليماً بذلي ومسكنتي، مُن علي بحسن إجابتك، واغفر لي زلتي، فإنك خلقت عبادك لعبادتك، وأمرتهم بدعائك، وضمنت لهم الإجابة، فإليك يارب نصبت وجهي، ومددت يدي، فبعزتك استجب لي دعائي، ولا تقطع من فضلك رجائي، اللهم يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء، وارحم من رأس ماله الرجاء، وسلاحه البكاء. اللهم تقبل صيامنا واغفر لنا وارحمنا يا ارحم الراحمين اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم توفنا مسلمين، وأحينا مسلمين، والحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين. سبحانك اللهم أنت العلي العظيم، وأنا العبد البائس الفقير، وأنت الغني الحميد، وأنا العبد الذليل، امنن بغناك على فقري، وبحلمك على جهلي، وبقوتك على ضعفي، يا قوي يا عزيز. اللهم اغفر لي واهدني، وارزقني وعافني، أعوذ بالله من ضيق المقام يوم القيامة.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم.
اللهم إني أسألك باسمك الأعظم، الذي إذا سألك به السائلون أعطيتهم، وإذا دعاك به الداعون أجبتهم، وإذا استجارك به المستجيرون أجرتهم، وإذا دعاك به المضطرون أنقذتهم، فإني أسألك وأستغفرك بذلك الاسم العزيز العظيم، لذنوب لا يغفرها غيرك، وقد ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، وضاقت علي الحيل، لا ملجأ ولا ملتجأ إلا إليك، فها أنا ذا بين يديك، قد أصبحت وأمسيت خاطئاً مذنباً ذليلاً محتاجاً إليك، ولا أجد لذنبي غافراً غيرك، ولا لكسري جابراً سواك، فرجائي أن تعجل لي الفرج من عندك، وأنا في أتم نعمة وأعظم عافية. اللهم لا تكلني إلى نفسي فأعجز، ولا إلى الناس فأضيع، ولا تخيبني وأنا أرجوك، ولا تعذبني وأنا أدعوك.
اللهم اغفر لي الذنوب التي تورث الندم، واغفر لي الذنوب التي تأتي بالسقم، واغفر لي الذنوب التي ترد الدعاء، واغفر لي الذنوب التي تعجل بالفناء، واغفر لي الذنوب التي تجلب الشقاء. اللهم اسألك حسن الظن بك على كل حال وصدق النية والاتكال.
قيـــــــــام الليـــــــــل
مدح الله -عز وجل- أهل قيام الليل وميزهم عن غيرهم بقوله تعالى : {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} الزمر: 9
فقيام الليل هو شرف المؤمن كما جاء ذلك في الحديث الصحيح: «شرف المؤمن قيام الليل، وعزّه استغناؤه عن الناس».
وصلاة الليل من موجبات الجنة، وقد دل عليه قول الله -عز وجل {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} الذاريات: 15- 19 فوصفهم بالتيقظ بالليل والاستغفار بالأسحار وبالإنفاق من أموالهم.
قال أبو الدرداء: «صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبر».
و قيام الليل يوجب علو الدرجات في الجنة قال الله تعالى لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } الإسراء: 79.
رمضان فرصة لإصلاح القلوب
إنّ شهر رمضان فرصةٌ للتخلّص من خلق الشحّ والبخل والأنانية وذلك أنّ الصّائم يُكثِر فيه من الصّدقات إقتداءً بالمصطفى صلّى الله عليه وسلّم، الّذي كان أجودَ النّاس، وكان أجودُ ما يكون في رمضان، والمسلم الّذي لا يغرق في الملذّات في هذا الشّهر يجدُ نفسَه يشعر بجوع الجائعين وبؤس البائسين وحاجة المحتاجين، ويتجسّد فيه قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى» [رواه مسلم].
كيف نستثمر رمضان ؟
مما يمكن اكتسابه من رمضان الإحساس بالآخرين، فكثيرا ما يمر على الإنسان في حياته فترات لا يشعر فيها إلا بنفسه، فلا يشعر بجوع الجوعى ولا عطش العطشى، ولا يشعر حتى بالنعمة التي منَّ الله تعالى عليه بها، ورمضان فرصة طيبة ليشعر الإنسان بذاته، ويقترب من نعم ربه سبحانه وتعالى شاكرا، فرمضان فرصة جيدة لاستثمار هذا المعنى الاجتماعي المهم.
ابواب الحسنات في رمضان
افضل ابواب الحسنات بر الوالدين وطاعتهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رغم أنفه، رغم أنفه، ثم رغم أنفه»، قيل: من يا رسول الله؟ قال: «من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما، ثم لم يدخل الجنة» [رواه مسلم].
رمضان شهر الصبر
الإنسان إذا غلب صبرُه باعثَ الهوى والشهوة الْتحق بالملائكة ، وإن غلب باعثُ الهوى والشهوة صبرَه الْتحق بالشياطين ، وإن غلب باعثُ طبعه من الأكل والشرب والجماع صبرَه التحق بالبهائم .
صلة الرحم في رمضان
حدد الله تعالى معنى البر فذكر ان من بينه صلة الرحم : {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة:177) .
رمضان شهر الغفران
الإستغفار التام موجب للمغفرة وهو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة. قال بعض العارفين: «من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب فى استغفاره» . وكان بعضهم يقول: «استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار كثير».
عادات رمضانية
في سلطنة عمان شهر رمضان له سحره الخاص وخاصة في الولايات والقرى العمانية التي تتحول طوال أيام الشهر إلى أسرة واحدة. ومع أذان المغرب يخرج أبناء عمان من كل حدب وصوب يتجهون إلى المساجد لأداء الصلاة التي يحرصون عليها وبعد العودة من أداء الصلاة يبدؤون بتناول الإفطار ، وعادة ما يتكون من وجبة خفيفة تختلف من منطقة لأخرى وتتكون وجبة الإفطار من أنواع الفاكهة المختلفة والتمور واللبن والعصائر المختلفة، وبعدها يذهبون لأداء صلاة العشاء وصلاة التراويح وعقب الصلاة يجتمع أبناء القرية وشبابها وشيوخها في حلقات يستمعون فيها إلى بعض الدروس والمحاضرات الدينية التي عادة ما تدور حول أفضال الشهر ومع اقتراب الساعة من العاشرة مساء تبدأ وجبة العشاء التي تتكون من اللحوم والدواجن والثريد والهريس وأنواع مختلفة من الأطباق الرمضانية، بالإضافة إلى بعض أنواع الحلوى المحلية ..
********************************************************************مدح الله -عز وجل- أهل قيام الليل وميزهم عن غيرهم بقوله تعالى : {أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} الزمر: 9
فقيام الليل هو شرف المؤمن كما جاء ذلك في الحديث الصحيح: «شرف المؤمن قيام الليل، وعزّه استغناؤه عن الناس».
وصلاة الليل من موجبات الجنة، وقد دل عليه قول الله -عز وجل {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ * كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ * وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} الذاريات: 15- 19 فوصفهم بالتيقظ بالليل والاستغفار بالأسحار وبالإنفاق من أموالهم.
قال أبو الدرداء: «صلوا ركعتين في ظلم الليل لظلمة القبر».
و قيام الليل يوجب علو الدرجات في الجنة قال الله تعالى لنبيه -عليه الصلاة والسلام-: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا } الإسراء: 79.
رمضان فرصة لإصلاح القلوب
إنّ شهر رمضان فرصةٌ للتخلّص من خلق الشحّ والبخل والأنانية وذلك أنّ الصّائم يُكثِر فيه من الصّدقات إقتداءً بالمصطفى صلّى الله عليه وسلّم، الّذي كان أجودَ النّاس، وكان أجودُ ما يكون في رمضان، والمسلم الّذي لا يغرق في الملذّات في هذا الشّهر يجدُ نفسَه يشعر بجوع الجائعين وبؤس البائسين وحاجة المحتاجين، ويتجسّد فيه قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالحُمَّى» [رواه مسلم].
كيف نستثمر رمضان ؟
مما يمكن اكتسابه من رمضان الإحساس بالآخرين، فكثيرا ما يمر على الإنسان في حياته فترات لا يشعر فيها إلا بنفسه، فلا يشعر بجوع الجوعى ولا عطش العطشى، ولا يشعر حتى بالنعمة التي منَّ الله تعالى عليه بها، ورمضان فرصة طيبة ليشعر الإنسان بذاته، ويقترب من نعم ربه سبحانه وتعالى شاكرا، فرمضان فرصة جيدة لاستثمار هذا المعنى الاجتماعي المهم.
ابواب الحسنات في رمضان
افضل ابواب الحسنات بر الوالدين وطاعتهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «رغم أنفه، رغم أنفه، ثم رغم أنفه»، قيل: من يا رسول الله؟ قال: «من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما، ثم لم يدخل الجنة» [رواه مسلم].
رمضان شهر الصبر
الإنسان إذا غلب صبرُه باعثَ الهوى والشهوة الْتحق بالملائكة ، وإن غلب باعثُ الهوى والشهوة صبرَه الْتحق بالشياطين ، وإن غلب باعثُ طبعه من الأكل والشرب والجماع صبرَه التحق بالبهائم .
صلة الرحم في رمضان
حدد الله تعالى معنى البر فذكر ان من بينه صلة الرحم : {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة:177) .
رمضان شهر الغفران
الإستغفار التام موجب للمغفرة وهو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة. قال بعض العارفين: «من لم يكن ثمرة استغفاره تصحيح توبته فهو كاذب فى استغفاره» . وكان بعضهم يقول: «استغفارنا هذا يحتاج إلى استغفار كثير».
عادات رمضانية
في سلطنة عمان شهر رمضان له سحره الخاص وخاصة في الولايات والقرى العمانية التي تتحول طوال أيام الشهر إلى أسرة واحدة. ومع أذان المغرب يخرج أبناء عمان من كل حدب وصوب يتجهون إلى المساجد لأداء الصلاة التي يحرصون عليها وبعد العودة من أداء الصلاة يبدؤون بتناول الإفطار ، وعادة ما يتكون من وجبة خفيفة تختلف من منطقة لأخرى وتتكون وجبة الإفطار من أنواع الفاكهة المختلفة والتمور واللبن والعصائر المختلفة، وبعدها يذهبون لأداء صلاة العشاء وصلاة التراويح وعقب الصلاة يجتمع أبناء القرية وشبابها وشيوخها في حلقات يستمعون فيها إلى بعض الدروس والمحاضرات الدينية التي عادة ما تدور حول أفضال الشهر ومع اقتراب الساعة من العاشرة مساء تبدأ وجبة العشاء التي تتكون من اللحوم والدواجن والثريد والهريس وأنواع مختلفة من الأطباق الرمضانية، بالإضافة إلى بعض أنواع الحلوى المحلية ..
« من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا» رواه الترمذي
من حكم الرسول
آفة العلم النسيان ، وإضاعته أن تحدّث به غير أهله .
نبي الرحمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: « يا رسول الله، إن دوسا عصت وأبت، فادع الله عليها « فقيل: هلكت دوس، قال: «اللهم اهد دوسا وات بهم» [رواه البخاري] اي انه دعا الله ان يهديها وابى الدعاء عليه بالسوء .
من وصايا الرّسول ے
قال الرسول صلى الله عليه وسلم «أحدث لكل ذنب توبة» أي لا تغفل , فإن فعلت ذنبا يجب أن تلحقه بندم وتوبة ولكن لا تعد لارتكاب هذا الذنب لأن الراجع عن توبته كالمستهزىء بربه , فيجب عليك أن تتوب سريعا وتندم على فعل هذا الذنب .
دعاء من السنة النبويــــــــة
اللَّهُمَّ بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأرواحنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها قابلين لها وأتمها علينا .
اشعار في مدح الرسول ے
وُلِـد الُهدى ، فالكائنات ضياء .... وفــــــم الزمان تَبَسُّمٌ وثناءُ
الروح والملأ الملائـك حـوله .... للـــديــــــن والدنيا به بُشـراء
والعيش يزهو، والحظيرة تزدهي .... والمنتهى والسِّـدرة العصماء
********************************************************************من حكم الرسول
آفة العلم النسيان ، وإضاعته أن تحدّث به غير أهله .
نبي الرحمة
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: « يا رسول الله، إن دوسا عصت وأبت، فادع الله عليها « فقيل: هلكت دوس، قال: «اللهم اهد دوسا وات بهم» [رواه البخاري] اي انه دعا الله ان يهديها وابى الدعاء عليه بالسوء .
من وصايا الرّسول ے
قال الرسول صلى الله عليه وسلم «أحدث لكل ذنب توبة» أي لا تغفل , فإن فعلت ذنبا يجب أن تلحقه بندم وتوبة ولكن لا تعد لارتكاب هذا الذنب لأن الراجع عن توبته كالمستهزىء بربه , فيجب عليك أن تتوب سريعا وتندم على فعل هذا الذنب .
دعاء من السنة النبويــــــــة
اللَّهُمَّ بارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأرواحنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم واجعلنا شاكرين لنعمك مثنين بها قابلين لها وأتمها علينا .
اشعار في مدح الرسول ے
وُلِـد الُهدى ، فالكائنات ضياء .... وفــــــم الزمان تَبَسُّمٌ وثناءُ
الروح والملأ الملائـك حـوله .... للـــديــــــن والدنيا به بُشـراء
والعيش يزهو، والحظيرة تزدهي .... والمنتهى والسِّـدرة العصماء
الجزء السادس و العشرون
التأمل والتفكر في الكون
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم، من الآيـة [ 1 ] من سورة الأحقـاف، وحتى الآيـة [ 30 ] من سورة الـذاريـات، ومـمّـا ورَد في سورة الأحقاف:
ماذا خلقت الأصنام والآلهة الباطلة:
تناقش الآية عبدة الأصنام والآلهة المزعومة والمشركين، وتدعوهم إلى التأمل والتفكر في هذا الكون الفسيح وما فيه من مجرات وسدم ونجوم وكواكب، والكرة الأرضية وما فيها من مخلوقات وعجائب في تناسق بديع ونظام عجيب، ثم تدعوهم إلى النظر إلى آلهتهم المزعومة هل خلقت شيئاً من ذلك؛ ما هو الجزء الذي خلقوه من هذه الأرض أو المخلوقات التي تعيش فيها؟ لا شيء!، وبما أنهم لم يخلقوا شيئاً في الأرض فإنهم كذلك لم يشتركوا في خلق شيء في السماوات، بل ولا يشتركون في تسييره وتدبير شؤونه، {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ}، وبالتالي فإنهم لا يستحقون شيئاً من العبادة. إن جميع المرسلين والكتب السماوية جاءت بالتوحيد، والخلق والأمر لله وحده، فكيف تشركون بالله تعالى أو تعبدون سواه؟ هل لديكم مستند أو دليل أو علم صحيح تأخذون عنه هذا؟ {ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (4)}.
هكذا يطالبهم الله تعالى بالمستند والدليل. ونحن في عصر العلم والمعرفة والاكتشافات، ومن العجب أن بعض الناس لا يزالون يصنعون الأصنام ويعبدونها ويتقربون إليها، رغم أنها غافلة عنهم ولا تسمع دعاءهم ولا يمكنها أن تستجيب لهم، وهذا هو الضلال المبين، {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)}.
حسن صحبة الأم والأب:
بعد آيات التوحيد وعبادة الله تعالى، ذكر الله الوصية بالوالدين والإحسان إليهما، {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا}، وقد تكرر مثل هذا في القرآن العظيم. ثم ذكر الله تعالى المشاق التي تحملتها الأم في الحمل ثم الولادة ثم الرضاعة، {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، وهي ثلاثة أمور تعبت فيها الأم دون الأب، ولعله لتعب الأم خاصة في هذه الأمور الثلاثة أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بحسن صحبتها وقدّمها ثلاث مرات، قبل ذكر الأب، «أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك».
ومن روائع الاستنباط، استدلال عليّ رضي الله عنه بهذه الآية {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}، مع قوله تعالى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة : 233]، على أن أقل مدة الحمل ستة أشهر (30 شهراً – حولين أي 24 شهراً = 6 أشهر)، ووافقه على ذلك الخليفة عثمان رضي الله عنه وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
دعاء الأربعين:
سنّ الأربعين هي سنّ كمال الجسم والفهم، فهي سنّ القوة وكمال الشباب والرجولة، وكمال العقل والحلم والفهم، {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}. وأرشدنا الله تعالى إلى دعاء جميل في هذه السنّ، يدعو به الإنسان لنفسه ولذريته ويشكر نعمة الله عليه وعلى أهله، ويعلن التوبة والطاعة لله تعالى ويدعوه أن يوفقه للعمل الصالح: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15)}. ووعد الله قائله والعامل به أن يتقبّل عنه أحسن أعماله ويجازيه بحساب أفضل حسناته، وأن يتجاوز عن سيئاته، ويدخله الجنة، {أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (16)}.
من سورة محمد صلى الله عليه وسلم
عبادة الله تعالى على بينة وعلم:
تقارن الآيات بين المؤمن الذي عنده علم بكتاب الله ويعبد الله تعالى على بينة وبصيرة وهدى، ويؤمن بالآخرة والحساب ويستعد لذلك بعمل الصالحات والخيرات، وبين من اتبع هواه وخطوات الشيطان وانغمس في الشهوات والمعاصي وزيّن له الشيطان الإثم والسوء والفحشاء، فظن ذلك حسناً فأصرّ عليه ونسي الآخرة والحساب والعقاب. {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (14)}. وفي الآيات إشارة إلى أهمية الإيمان بالله تعالى وعبادته عن معرفة وعلم وبينة ومستند من الله تعالى، فالعلم في الإسلام قبل القول وقبل العمل، وتأكد هذا المعنى في قوله تعالى {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)}.
التحذير من الإفساد والأذى:
تخاطب الآيات محذّرة من تعمّد أذى الأقربين والأبعدين، وتحذّر من الإفساد في الأرض وقطيعة الأرحام، والخطاب فيها للمنافقين، وفيه تنبيه لكل إنسان أن يحذر من الإيذاء والقطيعة، كل حسب مسؤوليته واختصاصه، {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22)}.
التحذير من أصحاب الأغراض السيئة:
تحذّر الآيات من المنافقين الذين في قلوبهم مرض ولهم أغراض سيئة وأحقاد دفينة ويسعون في الإفساد ونشر الشائعات وإفشاء الأسرار، وتتوعّدهم بفضحهم وكشف خبثهم. {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ (29)}. ويتوعّدهم بفضح خباياهم للرسول صلى الله عليه وسلم وكشفهم بعلامات ظاهرة عليهم، {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ}، كما أشار الله تعالى إلى معرفة هؤلاء وتمييزهم من كلامهم وأساليبهم {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ (30)}.
أهمية الإنفاق في سبيل الله والتحذير من البخل:
تهدف هذه الآيات إلى تطهير القلوب من الشحّ والبخل، فتبيّن حقيقة الحياة الدنيا، {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ}، وهي مؤقتة زائلة، ويأتي وراءها خلود دائم ينبغي أن يسعى له المؤمن، وإذا فعل ذلك أثابه الله تعالى أجره كاملاً، {وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ}.
ثم أوضحت الآيات حقيقة الزكاة والإنفاق في سبيل الله، فلم يأت الإيمان لأخذ أموال الناس من أيديهم {وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)}، والله تعالى غنيّ عنها، وإنما دعاهم الله تعالى لإنفاق القليل من أموالهم مواساة للفقراء والمحتاجين، ثم تعود المنفعة على المنفق نفسه بالبركة والرزق في الدنيا، والأجر والثواب في الآخرة. ولو سأل الله تعالى الناس أن ينفقوا الكثير فإنهم سيتحرجون ويبخلون ويحقدون {إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (37)}، لأن المال محبوب للنفس لا يبذله الإنسان إلا فيما يحبّه ويعود عليه بالنفع.
ثم حذّر الله تعالى من البخل، {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ}، والبخيل في الإنفاق إنما يبخل على نفسه، لأنه يحرمها الأجر والثواب، كما يحرمها الأثر الطيب، والسكينة وراحة البال، {وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ}، لأن الذي ينفق في سبيل الله إنما ينقل هذا المال من حساب الدنيا إلى حساب الآخرة، {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [البقرة : 110]. {وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ} [البقرة : 272]. {وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المزمل : 20].
إن البخل من أعدى أعداء الإنسان، لأنه يحرم الإنسان خيري الدنيا والآخرة، فسبيل النجاح والفلاح ألا يخضع الإنسان لشحّ نفسه وبخلها. {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [التغابن : 16]. {وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (38)}.
سورة الحجرات والآداب الاجتماعية
في هذه الآيات، يعلم الله تعالى المؤمنين الأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً، وما يجب له من التوقير والاحترام، فنهاهم عن اتّخاذ قرار أو طلبه قبل أن يقضي لهم الله ورسوله فيه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1)}.
ثم علمهم الله تعالى الأدب في مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم، ونهاهم عن رفع أصواتهم فوق صوته، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ}، كما نهاهم عن الجهر له بالقول، أو ندائه باسمه مجرّداً (يا محمد)، {وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ}، بل يخاطبه بصفة النبوة والرسالة، (يا نبي الله، يا رسول الله). وهذه الآداب توضّح أهمية احترام النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره وتبجيله، والتحذير من التهاون في مقامه صلى الله عليه وسلم لأن ذلك يؤدي إلى الكفر وبطلان الأعمال، {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2)}. وكان بعض الصحابة رضي الله عنهم بعد نزول هذه الآية يهمسون للنبي صلى الله عليه وسلم همساً مخافة أن يرفعوا أصواتهم، فشكر الله تعالى لهم صنيعهم ومدح فعلهم وشهد لهم بالتقوى {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} ووعدهم بالأجر والثواب الجزيل، {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (3)}، لاحترامهم وتعظيمهم لمقام النبي صلى الله عليه وسلم.
كما حذّرت الآيات من فعل بعض الجهلة بمقام النبي صلى الله عليهم وسلم، وهم الذين كانوا ينادونه بأصوات مرتفعة من خارج البيت، {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (4)}، وهم جماعة من العرب جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ينادونه من خارج الحجرة وهو داخل الحجرة مع نسائه رضي الله عنهن. وكان الصواب أن يصبروا وينتظروا حتى يخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم، {وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)}.
قطع الشائعات والتحذير من ناقليها:
سعى الإسلام إلى مكافحة الشائعات والأقاويل، وحذّر من نشرها وتداولها، وذلك لأن الفسّاق والمفسدين وأصحاب القلوب المريضة يستخدمون أسلوب الإشاعة في تحقيق مآربهم الخبيثة، فأمر الله تعالى بالتأكد من الأخبار والاستيثاق منها ومن رواتها وعدم نشرها إلا بعد أن يتبين صدقها ومنفعتها، مخافة أن يتأذى الأبرياء أو تشوه سمعتهم بالباطل، وتزرع الشحناء في القلوب وتنتشر العداوات بين الناس، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)}.
ونحن في زمن سهل فيه نشر الشائعات عبر شبكة المعلومات ووسائل الاتصال والتواصل، لكننا أيضاً في زمن سهل فيه الوصول إلى الحقيقة والتأكد من المعلومة. لذا، فلا عذر لأحد في أن ينشر شيئاً دون التأكد من صحته ومنفعته. وعلينا مسؤولية كبيرة في تثقيف أبنائنا وبناتنا، وحسن توجيههم.
أهمية الإصلاح والأخوة الإيمانية:
الطبيعة البشرية عرضة للخطأ والنقصان، والمؤمنون بشر كسائر البشر، قد يقع منهم الخطأ والزلل، كما قد يخطئ اجتهادهم في مسألة أو حكم، ولا حرج في ذلك ما دام الجميع يبحث عن الحق ويسعى إليه ويحترم الرأي الآخر المبني على الدليل.
وقد يقع بين بعض المسلمين عداوات أو مخاصمات، وفي هذه الحالة ينبغي على بقية المسلمين الوقوف مع المظلوم ضدّ الظالم حتى يرجع إلى الحق ويتوقف عن الظلم، {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ}، ثم على المسلمين بعد ذلك أن يصلحوا بين المتخاصمين بالعدل والقسطاس المستقيم، {فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)}، فالخلاف بينهم كالخلاف الذي يقع بين الإخوة لا ينبغي أن يصل إلى قطيعة كاملة أو دائمة، {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}.
التحذير من إيذاء الآخرين بالقول:
من الآداب الإسلامية حفظ اللسان عن إيذاء الآخرين، سواء بالسخرية أو اللمز والطعن أو التنابز بالألقاب التي يكرهونها، والنهي متوجه للرجال وللنساء، مع التأكيد على مجتمع النساء لأنه قد ينتشر بينهن، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)}.
تحذير
نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عن التجسس وتتبع العورات، كما نهى عن ذكر العيوب والمساوئ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)}.
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا التوجيه: «إيَّاكُم والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أَكذبُ الحديثِ، ولا تحسَّسوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحاسَدوا ولا تدابَروا، ولا تباغَضوا، وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا».
ومعنى (لا تحسسوا): أي: لا تبحثوا عن عيوب الناس ولا تتبعوها. وأصل هذه الكلمة من الحاسة، إحدى الحواس الخمس.
ومعنى (لا تجسسوا): أي: لا تبحثوا عن عيوب الناس عبر الجسّ، وهو اختبار الشيء باليد.
وقيل التجسس: البحث عن عورات الناس، والبحث عن بواطن الأمور.
والتحسس: الاستماع لأقوال الناس، والبحث عما يدرك بحاسة العين والأذن، كل ذلك من أجل كشف خفايا الناس وهتك سترهم وفضح أعراضهم. والعياذ بالله.
والله تعالى أعلم.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
28 رمضان 1436هـ - 15 يوليو 2015م
احتراق الشجر الأخضر آية لمنكري البعث
المصدر: بقلم.محمد سبيعان الطنيجي
قال تعالى: «الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً»، سبب نزول الآية إنكار البعث بعد الموت، حيث ذهب العاص بن وائل - عليه من الله ما يستحق - إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعظام بالية، أخذها في يديه ووقف بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفتَّ العظام فحولها إلى رميم وتراب، ثم قال: (يا محمد! أتزعم أن الله يحيي هذه العظام بعدما صارت رميماً؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: نعم، يميتك ثم يبعثك ثم يدخلك جهنم) فأنزل الله قوله تعالى في آخر سورة يس: «أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ * إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» [يس:77-83].
الإيمان بالبعث
إن أول ما دعا إليه الأنبياء والرسل هو توحيد الله تعالى، ومن أوائل ما اجتهدوا في إحكامه وتشييده هي العقيدة، قال تعالى: «ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت» (النحل 36)،لأنها الأساس الذي ترتكز عليه دعائم التشريعات الإلهية وميزان الأعمال قبـولا وردا، فإذا رسخت العقيدة في نفس المسلم تلاها الإيمان بمبدأ البعث بعد الموت والجزاء على الأعمال الذي هو أحد أركان الإيمان وقوام عقيدة المؤمن.
وإنّ الإيمان بمبدأ البعث بعد الموت تمهيد لبناء مجتمع يلتزم في حياته شرع الله في كل شؤون حياته، قال الله عز وجل «إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله…» (التوبة 18). فقد حصر الله تعالى هذه الأعمال فيمن آمن بالله وباليوم الآخر.
التكاليف الإلهية
ولقد كان من أوائل التكاليف الإلهية في القرآن الكريم هو الإيمان بالبعث، يقول الله تعالى في مطلع أول سور القرآن الكريم: «مالك يوم الدين ..» (الفاتحة) وفي ثاني سور القرآن الكريم: «الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون».(البقرة 3، 4).
ويقول أبو هريرة رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم بارزا يوما للناس، فأتاه رجل فقال: (ما الإيمان؟، قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله وتؤمن بالبعث...).
لذا فقد اتفقت جميع الرسالات السماوية على الإيمان بالبعث بعد الموت والجزاء على الأعمال، ومِن ثَم فإنّ هذه القضية كانت من أول اهتمامات القرآن الكريم، واعتنى بها عناية بالغة في آيات كثيرة.
عوامل إنكار البعث
الترف والبطر والغرق في الشهوات حتى تنقلب الموازين وتنعكس المقاييس فتُنسّي الحِكَم الإلهية والإرادات الربانية في هذا الكون كما حكى الله تعالى عن أصحاب الجنة: «ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبداً وما أظن الساعـة قائمـة ولئن رددت إلى ربي لأجـدن خـيراً منـها منقلباً» الكـهف (35، 36).
وإن من أسباب إنكار البعث بعد الموت: الكـبر والغرور وهو من مساوئ النفس وأخلاقها الذميمة حيث يعمي البصر والبصير فيدفع بصاحبه إلى الإعجاب بالنفس وبطر الحق والكفر بالله تعالى وبنعمه، وقد حرمه الإسلام أشد تحريم؛ لأنه من أعظم أسباب الهلاك في الحال والمآل، ومن أكـبر العوائق عن طلب الكمال والبحث عن الحقائق والبينات، وحجاب مانع لوصول الهداية لكنه يجلب مقت الله، فكم من نعمة انقلبت نقمة وكم من عز وكرامة وقوة صـيراه ذلا وضعفا وهوانا، قال تعـالى: «كذلك يطـبع الله على كل قلب متكبر جبار» (غافر 35) وقال تعالى: «سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق» (الأعراف 146).
وبسبب الكبر طرد إبليس من رحمة الله، قال تعالى: «فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك مـن الصاغـرين» (الأعـراف 13). وقال عز وجل: «إلا إبليـس اسكتـبر وكان من الكافـرين» (ص 74). ومستقر الكافرين المتكبرين النار قال تعالى: «أليـس في جهنم مثوى للمتكبرين». (الزمر 60).
سبب التصديق
وإن من أسباب إنكار البعث بعد الموت: النفاق مع أن المنافق قد يظهر لـه شيء من الحق والحقيقة لكونه يخالط المسلمين ويسمع ويرى منهم ما يكون سببا للتصديق لكنه مع ذلك يصر على التكذيب فهو مِن هنا أشد مؤاخذة من الكافر الذي قد يجهل الأمر، قال تعالى: «ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون» (البقرة .
وإن من أسباب إنكار البعث بعد الموت: الجهل والتقليد الأعمى دون بصيرة أو علم وتثبت رغم فشو العلم وتعدد وسائله وسهولة الوصول إليها وظهور الآيات الدالة على صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته وبصدق ما جاء به من عند الله، قال تعالى: «وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون» (البقرة 170).
مع أن الله تعالى - بلطفه وكرمه - قد منح الإنسان وسائل الفهم والإدراك والاستبصار وجعله أهلا للتمـييز بين الحق والباطل والخير والشر والخطأ من الصـواب، قال تعالى: «ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها» (الشمس 7).
أدوات الفهم
ولكن لما عُطّلت أدوات الفهم والاستبصار واستُخدمت في غير ما أمر الله تعالى وقعوا فيما وقعوا فيه، قال تعالى حكاية عن أهل النار: «قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير» (الملك 9).
وإن من أسباب إنكار البعث بعد الموت: نِسبة تأثير الطبيعة في الكون، فقد ظهر على مختلف العصور والأزمان طبيعيون ينسبون الحوادث إلى الطبيعة، أو يقولون بتأثير الطبيعة في هذا الكون، وفي نظرهم أنه كلما يحدث حادث أو انقلاب في الكون فإنه من تأثير الطبيعة، إنما هو كون ونظام مُسَيَّرٌ دون مسَير ووقت مؤقت ينتهي إليه فإذا كان الأمر كذلك فلا بعث ولا نشور ولا حساب ولا عقاب ولا جزاء على الأعمال.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث و طعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة و من أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقة. رواه ابن ماجه وابوداود و الحاكم
عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فإنه بركة، فإن لم يجد تمراً فماء فإنه طهور. رواه أبو داود و الترمذي و ابن ماجه وابن حبان.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فتمرات فإن لم تكن حسا حسوات من ماء. رواه ابو داود و الترمذي.
******************************************************************وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يفطر قبل أن يصلي على رطبات فإن لم تكن رطبات فتمرات فإن لم تكن حسا حسوات من ماء. رواه ابو داود و الترمذي.
قصة المسيح الدجال
عن أنس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب .. ألا إنّه أعور ، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه : " ك . ف . ر" متفق عليه .
وسمي الاعور الدجال او المسيح الدجال : لان عينة قد مسحت فهو اعور وقد كثرت القصص والاقاويل والاحاديث عن قصه الاعور الدجال فمنها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعييف وبعضها من الاسرائيليات والاحاديث الموضوعه التى ليس لها اي سند وان افضل طريقه لقرائتها ما كتب في صحيح مسلم عن الرسول عليه الصلاة والسلام انه عندما كثر الحديث على لسان النبي عليه الصلاة والسلام عن الاعودر الدجال
سأله الصحابة
فقال له أصحابه : يا رسول الله ؛ أكثرْتَ الحديث عنه ، فخفنا ، حتى ظنناه قريباً منا ، وكأنه سيطلع علينا بعد قليل من ناحية هذا النخيل .
قال صلى الله عليه وسلم : غيرَ الدجال أخوفني عليكم ، إذا خرج فيكم فأنا حجيجه دونكم – أكفيكم مؤونته - ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه – فكل منكم مسؤول عن نفسه - ، والله خليفتي على كل مسلم .
قالوا : يا رسول الله صفه لنا .
قال : إنه شاب شديد جعود الشعر ، عينه اليمنى بارزة ناتئة كأنها عَنَبةٌ ، قد ذهب نورُها ، أعور ، يدّعي الألوهية ، مكتوب على جبينه : كافر ... يرى المؤمن ذلك واضحاً .
قالوا : فمن أين يخرج يا رسول الله ؟. قال : يخرج من طريق بين الشام والعراق ، فيعيث فساداً في الأرض أينما ذهب . قالوا : فما لبثه في الأرض ؟ - كم يبقى في الأرض – قال : أربعون يوماً : يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم .
قالوا : يا رسول الله ؛ فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ - فالصلاة للمسلم كالماء للحي ، لا يعيش دونها . قال : لا : اقدروا له قدْرَه ... - فلا بد من تقسيم الوقت في هذا اليوم ، وكأنه سنة - .
قالوا : فمن يتبعه ؛ يا رسول الله ؟ .
قال : يتبع الدجالَ - من يهود أصفهان – سبعون ألفاً عليهم الطيالسة " ثياب اليهود المزركش بالأخضر " .
قالوا : يا رسول الله ؛ كيف سرعته في الأرض ؟.
قال : كالغيث استدبرته الريح – إسراع المطر الذي تسوقه الريح بشدة ، فيصل إلى كل بقاع الأرض - .
قالوا : أيدخل كل البلاد ويفسدها؟! .
قال : ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال ، إلا مكة والمدينة ، تحول الملائكة بينه وبينهما صافـّين يحرسونهما . فإن وصل المدينة نزل بالسبخة القريبة منها ، فترجف المدينة ثلاث رجَفات ، يُخرج الله منها كل كافر ومنافق .
قالوا : فماذا نفعل ، إن ظهر ونحن أحياء ؟
قال : انفروا في الجبال ، ولا تقفوا في طريقه ، فما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمرٌ أكبر من الدجال ، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف .
قالوا : فما الذي يفعله ؟!
قال : يأتي على القوم ، فيؤمنون به ، ويستجيبون له . فيأمر السماء ، فتمطر، والأرضَ فتنبت، وتعود عليهم إبلهم وبقرهم وأغنامهم ضخمة الأجسام ، ممتدة في الطول والعرض سِمَناً ، ويكثر لبنُها . – وهذا استدراج كبير نسأل الله الثبات على دينه - .
ويمر بالخِربة التي هجرها أهلها منذ غابر الأزمان ، فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كذكور النحل المجتمعة ، فيزداد أتباعُه به ضلالاً .
ويأتي على القوم ، فيدعوهم ، فيردون عليه قوله ، ويثبتهم الله على الإيمان ، فينصرف الدجال عنهم ، فيصبحون ممحلين ، ينقطع الغيث عنهم ، وتيبس الأرض والكلأ ، ليس في أيديهم شيء من أموالهم ولا أنعامهم ، نسأل الله أن يثبتهم على دينهم .
قالوا : يا رسول الله ؛ أمعه شيء غير هذا ؟.
قال : نعم .... فمن ذلك أن الدجال يخرج ومعه ماء ونار . فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق ، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد وعذب . فمن أدركه منكم فلْيقعْ في الذي يراه ناراً ، فإنه ماء عذب طيب .
قالوا : يا رسول الله ؛ أفلا نحاجه ، ونكذّبه ؟ .
قال : لا يظنّنّ أحدكم أنه قادر على ذلك . فإذا ذهب إليه فتنه ، فتبعه ، فضلّ وكفر .
قالوا : فمن أعظم شهادة عند رب العالمين إذ ذاك ؟.
قال : يتوجه إليه رجل من المؤمنين ، فيتلقّاه مقدّمة جنود الدجال ... فيقولون له : إلى أين تذهب أيها الرجل ؟ فيقول : أعمد إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه إله ... فيتعجبون من جوابه ، ويسألونه : أوَ ما تؤمن بربنا ؟! فيقول : هذا ليس رباً ، إنما ربكم الذي خلق السموات والأرض ، وما هذا إلا مارق كافر .
فيثورون فيه ، ويتنادَون لقتله ، ويهمّون بذلك ، لولا أن كبيرهم يذكّرهم أن الدجال أمرهم أن لا يقتلوا أحداً حتى يُعلموه بذلك . فيقيّدونه وينطلقون به إلى الدجال .
فإذا رآه المؤمن صاح بأعلى صوته : أيها الناس ؛ لا يغرنكم هذا الشيطان ، فإنه أفـّاك دجال ، يدّعي ما ليس له ، هذا الذي حذركم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فيشتد غضب الدجال ، ويأمر زبانيته ، فيوثقونه مشبوحاً ، ويوسعون ظهره وبطنه ضرباً . فيقول الدجال مغضباً آمراً رجاله أن يُؤذوه ويشجوه ، فيزداد الرجل المؤمن إيماناً .
حينذاك يأمر الدجال رجاله أن ينشروه بالمنشار من رأسه إلى أن يفرق بين رجليه ، فيفعلون ، ويُبعدون القسمين أحدهما عن الآخر ... فيمشي الدجال بينهما مستعرضاً ألوهيته ، فيخر الناس ساجدين له ـ فينتشي عظمة وخُيلاء .
ثم يقول له : قم .. فيقترب النصفان ، فيلتحمان ، فيعود الرجل حياً ، فيقول له الدجال : أتؤمن بي إلهاً ؟ . فيتهلل وجه المؤمن قائلاً : ما ازددت فيك إلا بصيرة ، وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنك ستفعل بي ذلك .
ينادي الرجل بأعلى صوته : انتبهوا أيها الناس ، إنه لن يستطيع أن يفعل بعدي بأحد من الناس شيئاً ، لقد بطل سحره ، وعاد رجلاً مسلوب الإرادة كما كان . فيأخذه الدجال ليذبحه ، فلا يستطيع إليه سبيلاً ، لأن الله تعالى جعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً ، فيأخذ الدجال بيديه ورجليه فيقذف به . فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار ، وإنما ألقي في الجنة .
فهذا أعظم شهادة عند رب العالمين . قالوا : يا رسول الله ؛ كيف ينقذنا الله من فتنة الدجال ؟
قال : في هذه اللحظة – حين يبلغ السيل الزبى – يرسل الله أخي عيسى ، ليكون السهم الذي يصمّ به عدوّ الله وعدوّكم .
قالوا : وأين يكون عيسى عليه السلام ، يا رسول الله ؟.
قال : إنه في السماء ، رفعه الله تعالى إليه حين مكر اليهود به ، وأرادوا قتله . ورعاه هناك ليعود إلى الأرض في الوقت الذي قدّره الله تعالى ، وللأمر الذي يريده سبحانه .
قالوا : صفه لنا ، يا رسول الله ؟ .
قال : ينزل عند المنارة البيضاء ، شرقيّ دمشق ، يلبس ثوبين جميلين ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه انحدر منه ماء الوضوء ، وإذا رفع رأسه انحدر منه قطرات الماء كأنها اللؤلؤ الصافي . فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا أن يموت ،وينتهي نفَسُه إلى حيث ينتهي طَرْفُه.
قالوا : أليس في ذلك الوقت جماعة للمسلمين ؟. قال : بلى ، إنه المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعد أن مُلئت جَوراً وظلماً . ينصر الله المسلمين على يديه ، إنه من آل بيتي ، من ولد الحسن بن علي ، وهو الذي يفتح روما عاصمة الروم " الإيطاليين " ، يبيد جيوش أوربة الكافرة .
قالوا : ولم يجتاح الدجال البلاد ، والمسلمون أقوياء إذ ذاك ؟! . قال : ألم أقل لكم : إنها الفتنة الكبرى ، حيث يرتد كثير من المسلمين على يد المسيح الدجال .
قالوا : وأين يكون المهدي ؛ يا رسول الله ؟
قال : في القدس يحاصره الدجال ، ويحاول اقتحامها ليجعلها عاصمته الأبدية ، عاصمة اليهود ودجالهم . والمهدي وجنوده يدافعون عنها ، ويقاتلون ما وسعهم القتال .
قالوا : وماذا يفعل المسيح عليه السلام حين ينزل في دمشق ؟.
قال : ينطلق إلى القدس ، فيدخلها ، فيتعرف المهديّ عليه والمسلمون ، ويفرحون لنزوله ، فيستلم قيادة المسلمين ، ويهاجم الدجال . قالوا: فماذا يفعل الدجال حين يسمع بعيسى عليه السلام قادماً ؟.
قال : يفر من بين يديه إلى اللد ؛ وهي مدينة في فلسطين ، قريبة من القدس ، لكنّ عيسى عليه السلام يتبعه ، ويطعنه برمحه ، فيذوب بين يديه كما يذوب الملح في الماء ... ويرفع الله الهمّ والغمّ عن المسلمين ، ويحدثهم عيسى رسول الله بدرجاتهم في الجنة ، ويمسح عن وجوههم بيده الشريفة ، فما في الدنيا إذ ذاك أعظم سعادة منهم .( رواه مسلم )
عن أنس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب .. ألا إنّه أعور ، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه : " ك . ف . ر" متفق عليه .
وسمي الاعور الدجال او المسيح الدجال : لان عينة قد مسحت فهو اعور وقد كثرت القصص والاقاويل والاحاديث عن قصه الاعور الدجال فمنها ما هو صحيح ومنها ما هو ضعييف وبعضها من الاسرائيليات والاحاديث الموضوعه التى ليس لها اي سند وان افضل طريقه لقرائتها ما كتب في صحيح مسلم عن الرسول عليه الصلاة والسلام انه عندما كثر الحديث على لسان النبي عليه الصلاة والسلام عن الاعودر الدجال
سأله الصحابة
فقال له أصحابه : يا رسول الله ؛ أكثرْتَ الحديث عنه ، فخفنا ، حتى ظنناه قريباً منا ، وكأنه سيطلع علينا بعد قليل من ناحية هذا النخيل .
قال صلى الله عليه وسلم : غيرَ الدجال أخوفني عليكم ، إذا خرج فيكم فأنا حجيجه دونكم – أكفيكم مؤونته - ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه – فكل منكم مسؤول عن نفسه - ، والله خليفتي على كل مسلم .
قالوا : يا رسول الله صفه لنا .
قال : إنه شاب شديد جعود الشعر ، عينه اليمنى بارزة ناتئة كأنها عَنَبةٌ ، قد ذهب نورُها ، أعور ، يدّعي الألوهية ، مكتوب على جبينه : كافر ... يرى المؤمن ذلك واضحاً .
قالوا : فمن أين يخرج يا رسول الله ؟. قال : يخرج من طريق بين الشام والعراق ، فيعيث فساداً في الأرض أينما ذهب . قالوا : فما لبثه في الأرض ؟ - كم يبقى في الأرض – قال : أربعون يوماً : يوم كسنة ، ويوم كشهر ، ويوم كجمعة ، وسائر أيامه كأيامكم .
قالوا : يا رسول الله ؛ فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ - فالصلاة للمسلم كالماء للحي ، لا يعيش دونها . قال : لا : اقدروا له قدْرَه ... - فلا بد من تقسيم الوقت في هذا اليوم ، وكأنه سنة - .
قالوا : فمن يتبعه ؛ يا رسول الله ؟ .
قال : يتبع الدجالَ - من يهود أصفهان – سبعون ألفاً عليهم الطيالسة " ثياب اليهود المزركش بالأخضر " .
قالوا : يا رسول الله ؛ كيف سرعته في الأرض ؟.
قال : كالغيث استدبرته الريح – إسراع المطر الذي تسوقه الريح بشدة ، فيصل إلى كل بقاع الأرض - .
قالوا : أيدخل كل البلاد ويفسدها؟! .
قال : ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال ، إلا مكة والمدينة ، تحول الملائكة بينه وبينهما صافـّين يحرسونهما . فإن وصل المدينة نزل بالسبخة القريبة منها ، فترجف المدينة ثلاث رجَفات ، يُخرج الله منها كل كافر ومنافق .
قالوا : فماذا نفعل ، إن ظهر ونحن أحياء ؟
قال : انفروا في الجبال ، ولا تقفوا في طريقه ، فما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمرٌ أكبر من الدجال ، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف .
قالوا : فما الذي يفعله ؟!
قال : يأتي على القوم ، فيؤمنون به ، ويستجيبون له . فيأمر السماء ، فتمطر، والأرضَ فتنبت، وتعود عليهم إبلهم وبقرهم وأغنامهم ضخمة الأجسام ، ممتدة في الطول والعرض سِمَناً ، ويكثر لبنُها . – وهذا استدراج كبير نسأل الله الثبات على دينه - .
ويمر بالخِربة التي هجرها أهلها منذ غابر الأزمان ، فيقول لها : أخرجي كنوزك ، فتتبعه كنوزها كذكور النحل المجتمعة ، فيزداد أتباعُه به ضلالاً .
ويأتي على القوم ، فيدعوهم ، فيردون عليه قوله ، ويثبتهم الله على الإيمان ، فينصرف الدجال عنهم ، فيصبحون ممحلين ، ينقطع الغيث عنهم ، وتيبس الأرض والكلأ ، ليس في أيديهم شيء من أموالهم ولا أنعامهم ، نسأل الله أن يثبتهم على دينهم .
قالوا : يا رسول الله ؛ أمعه شيء غير هذا ؟.
قال : نعم .... فمن ذلك أن الدجال يخرج ومعه ماء ونار . فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق ، وأما الذي يراه الناس ناراً فماء بارد وعذب . فمن أدركه منكم فلْيقعْ في الذي يراه ناراً ، فإنه ماء عذب طيب .
قالوا : يا رسول الله ؛ أفلا نحاجه ، ونكذّبه ؟ .
قال : لا يظنّنّ أحدكم أنه قادر على ذلك . فإذا ذهب إليه فتنه ، فتبعه ، فضلّ وكفر .
قالوا : فمن أعظم شهادة عند رب العالمين إذ ذاك ؟.
قال : يتوجه إليه رجل من المؤمنين ، فيتلقّاه مقدّمة جنود الدجال ... فيقولون له : إلى أين تذهب أيها الرجل ؟ فيقول : أعمد إلى هذا الرجل الذي يزعم أنه إله ... فيتعجبون من جوابه ، ويسألونه : أوَ ما تؤمن بربنا ؟! فيقول : هذا ليس رباً ، إنما ربكم الذي خلق السموات والأرض ، وما هذا إلا مارق كافر .
فيثورون فيه ، ويتنادَون لقتله ، ويهمّون بذلك ، لولا أن كبيرهم يذكّرهم أن الدجال أمرهم أن لا يقتلوا أحداً حتى يُعلموه بذلك . فيقيّدونه وينطلقون به إلى الدجال .
فإذا رآه المؤمن صاح بأعلى صوته : أيها الناس ؛ لا يغرنكم هذا الشيطان ، فإنه أفـّاك دجال ، يدّعي ما ليس له ، هذا الذي حذركم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فيشتد غضب الدجال ، ويأمر زبانيته ، فيوثقونه مشبوحاً ، ويوسعون ظهره وبطنه ضرباً . فيقول الدجال مغضباً آمراً رجاله أن يُؤذوه ويشجوه ، فيزداد الرجل المؤمن إيماناً .
حينذاك يأمر الدجال رجاله أن ينشروه بالمنشار من رأسه إلى أن يفرق بين رجليه ، فيفعلون ، ويُبعدون القسمين أحدهما عن الآخر ... فيمشي الدجال بينهما مستعرضاً ألوهيته ، فيخر الناس ساجدين له ـ فينتشي عظمة وخُيلاء .
ثم يقول له : قم .. فيقترب النصفان ، فيلتحمان ، فيعود الرجل حياً ، فيقول له الدجال : أتؤمن بي إلهاً ؟ . فيتهلل وجه المؤمن قائلاً : ما ازددت فيك إلا بصيرة ، وقد حدثنا الرسول صلى الله عليه وسلم أنك ستفعل بي ذلك .
ينادي الرجل بأعلى صوته : انتبهوا أيها الناس ، إنه لن يستطيع أن يفعل بعدي بأحد من الناس شيئاً ، لقد بطل سحره ، وعاد رجلاً مسلوب الإرادة كما كان . فيأخذه الدجال ليذبحه ، فلا يستطيع إليه سبيلاً ، لأن الله تعالى جعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاساً ، فيأخذ الدجال بيديه ورجليه فيقذف به . فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار ، وإنما ألقي في الجنة .
فهذا أعظم شهادة عند رب العالمين . قالوا : يا رسول الله ؛ كيف ينقذنا الله من فتنة الدجال ؟
قال : في هذه اللحظة – حين يبلغ السيل الزبى – يرسل الله أخي عيسى ، ليكون السهم الذي يصمّ به عدوّ الله وعدوّكم .
قالوا : وأين يكون عيسى عليه السلام ، يا رسول الله ؟.
قال : إنه في السماء ، رفعه الله تعالى إليه حين مكر اليهود به ، وأرادوا قتله . ورعاه هناك ليعود إلى الأرض في الوقت الذي قدّره الله تعالى ، وللأمر الذي يريده سبحانه .
قالوا : صفه لنا ، يا رسول الله ؟ .
قال : ينزل عند المنارة البيضاء ، شرقيّ دمشق ، يلبس ثوبين جميلين ، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين ، إذا طأطأ رأسه انحدر منه ماء الوضوء ، وإذا رفع رأسه انحدر منه قطرات الماء كأنها اللؤلؤ الصافي . فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا أن يموت ،وينتهي نفَسُه إلى حيث ينتهي طَرْفُه.
قالوا : أليس في ذلك الوقت جماعة للمسلمين ؟. قال : بلى ، إنه المهدي الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، بعد أن مُلئت جَوراً وظلماً . ينصر الله المسلمين على يديه ، إنه من آل بيتي ، من ولد الحسن بن علي ، وهو الذي يفتح روما عاصمة الروم " الإيطاليين " ، يبيد جيوش أوربة الكافرة .
قالوا : ولم يجتاح الدجال البلاد ، والمسلمون أقوياء إذ ذاك ؟! . قال : ألم أقل لكم : إنها الفتنة الكبرى ، حيث يرتد كثير من المسلمين على يد المسيح الدجال .
قالوا : وأين يكون المهدي ؛ يا رسول الله ؟
قال : في القدس يحاصره الدجال ، ويحاول اقتحامها ليجعلها عاصمته الأبدية ، عاصمة اليهود ودجالهم . والمهدي وجنوده يدافعون عنها ، ويقاتلون ما وسعهم القتال .
قالوا : وماذا يفعل المسيح عليه السلام حين ينزل في دمشق ؟.
قال : ينطلق إلى القدس ، فيدخلها ، فيتعرف المهديّ عليه والمسلمون ، ويفرحون لنزوله ، فيستلم قيادة المسلمين ، ويهاجم الدجال . قالوا: فماذا يفعل الدجال حين يسمع بعيسى عليه السلام قادماً ؟.
قال : يفر من بين يديه إلى اللد ؛ وهي مدينة في فلسطين ، قريبة من القدس ، لكنّ عيسى عليه السلام يتبعه ، ويطعنه برمحه ، فيذوب بين يديه كما يذوب الملح في الماء ... ويرفع الله الهمّ والغمّ عن المسلمين ، ويحدثهم عيسى رسول الله بدرجاتهم في الجنة ، ويمسح عن وجوههم بيده الشريفة ، فما في الدنيا إذ ذاك أعظم سعادة منهم .( رواه مسلم )
******************************************************************
اسلام أبي بكر
صحب أبو بكر رسول الله عليه الصلاة و السلام قبل البعثة و كان أول السابقين إلى الإيمان به و بنبوته و استمر معه طوال إقامته بمكة و رافقه في الغار و في الهجرة و في المشاهد كلها إلى أن مات
كان أبو بكر الصديق يتمتع بعقيدة راسخة و إيمان ثابت ، فلا تؤثر فيه الخطوب و المحن ، و إنما تزيده رسوخاً و ثباتاً ، و قد شهد له الرسول بذلك ، فقد جاء عن ابن عمر أنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال رأيت قبيل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين فأما المقاليد فهذه المفاتيح وأما الموازين فهي التي تزنون بها فوضعت في كفة ووضعت أمتي في كفة فوزنت بهم فرجحت ثم جيء بأبي بكر فوزن بهم فوزن ثم جيء بعمر فوزن فوزن ثم جيء بعثمان فوزن بهم ثم رفعت
و قد جاء عن الرسول صلى الله عليه و سلم في صدق إيمان أبي بكر و تسليمه المطلق لحقائق الإيمان أن
أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله تعجبا وفزعا أبقرة تكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أومن به وأبو بكر وعمر قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى استنقذها منه فالتفت إليه الذئب فقال له من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري فقال الناس سبحان الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أومن بذلك أنا وأبو بكر وعمر
******************************************************************صحب أبو بكر رسول الله عليه الصلاة و السلام قبل البعثة و كان أول السابقين إلى الإيمان به و بنبوته و استمر معه طوال إقامته بمكة و رافقه في الغار و في الهجرة و في المشاهد كلها إلى أن مات
كان أبو بكر الصديق يتمتع بعقيدة راسخة و إيمان ثابت ، فلا تؤثر فيه الخطوب و المحن ، و إنما تزيده رسوخاً و ثباتاً ، و قد شهد له الرسول بذلك ، فقد جاء عن ابن عمر أنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة بعد طلوع الشمس فقال رأيت قبيل الفجر كأني أعطيت المقاليد والموازين فأما المقاليد فهذه المفاتيح وأما الموازين فهي التي تزنون بها فوضعت في كفة ووضعت أمتي في كفة فوزنت بهم فرجحت ثم جيء بأبي بكر فوزن بهم فوزن ثم جيء بعمر فوزن فوزن ثم جيء بعثمان فوزن بهم ثم رفعت
و قد جاء عن الرسول صلى الله عليه و سلم في صدق إيمان أبي بكر و تسليمه المطلق لحقائق الإيمان أن
أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما رجل يسوق بقرة له قد حمل عليها التفتت إليه البقرة فقالت إني لم أخلق لهذا ولكني إنما خلقت للحرث فقال الناس سبحان الله تعجبا وفزعا أبقرة تكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أومن به وأبو بكر وعمر قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا راع في غنمه عدا عليه الذئب فأخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى استنقذها منه فالتفت إليه الذئب فقال له من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري فقال الناس سبحان الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أومن بذلك أنا وأبو بكر وعمر
عليك توكلت
اللهمَّ لكَ أسلمتُ، وبكَ آمنتُ، وعليكَ توكلتُ، وبكَ خاصمتُ وإليكَ حاكمتُ، فاغفر لي ما قدمتُ و ما أخرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وأنتَ المقدم وأنتَ المؤخر. لا إله إلا أنت الأول والآخر والظاهر والباطن، عليكَ توكلتُ، وأنتَ رب العرش العظيم.
اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، و زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها يا رب العالمين. اللهمَّ إني أسألك في صلاتي ودعائي بركة تُطهر بها قلبي، وتكشف بها كربي، وتغفر بها ذنبي، وتُصلح بها أمري، وتُغني بها فقري، وتُذهب بها شري، وتكشف بها همي وغمي، وتشفي بها سقمي، وتقضي بها ديني، وتجلو بها حزني، وتجمع بها شملي، وتُبيّض بها وجهي. يا أرحم الراحمين. اللهمَّ إليك مددتُ يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل توبتي، وارحم ضعف قوتي، واغفر خطيئتي، واقبل معذرتي، واجعل لي من كل خير نصيباً، وإلى كل خير سبيلاً برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهمَّ لا هاديَ لمن أضللت، ولا معطيَ لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت، ولا مقدم لما أخرت، ولا مؤخر لما قدمت. اللهمَّ لا تحرمنا سعة رحمتك، وسبوغ نعمتك، وشمول عافيتك، وجزيل عطائك، ولا تمنع عني مواهبك لسوء ما عندي، ولا تُجازني بقبيح عملي، ولا تصرف وجهك الكريم عني برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهمَّ لا تحرمني وأنا أدعوك... ولا تخيبني وأنا أرجوك. اللهمَّ إني أسألك يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا، يا رحيم الآخرة، ارحمني برحمتك. آمين اللهم يا رب العالمين. اللهمَّ استر عورتي وأقبل عثرتي، واحفظني من بين يديَّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي، ولا تجعلني من الغافلين.
اللهمَّ إني أسألكَ الصبر عند القضاء، ومنازل الشهداء، وعيش السعداء، والنصر على الأعداء، ومرافقة الأنبياء، يا رب العالمين. آمين يا أرحم الراحمين. اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لي إماماً ونوراً وهدى ورحمة، اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله لي حجة يا رب العالمين.
الجزء الـسابـع والـعشرون
القَسَم العظيم والقرآن الكريم
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم، منْ الآيـة [ 31 ] من سورة الذاريـات ، و حتى الآيـة [ 29 ] من سورة الـحـديـد .
بناء السماء
لا يمكن للعقل البشري أن يستوعب حجم هذا الكون، وكلما تطوّرت تقنيات الرؤية والتصوير تبين لنا ضخامة الجزء المرئي من هذا الكون، ولا يعلم ما وراءه إلا الله تعالى. وقد أشار الله تعالى إلى أن السماء ليست فضاءً متناثراً بل هي بناء محكم، {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، خلقها الله تعالى بعلمه وقدرته وإبداعه. وقد توصل العلم في هذه الأيام إلى حقيقة أن مليارات المجرات في السماء متشابكة ومترابطة ومتصلة ببعضها، في ما أسموه «النسيج الكوني» «cosmic web»، وقد سبق القرآن العظيم إلى تقرير هذه الحقيقة عندما قال: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ} [الذاريات : 7]. وقد بدأ بعض العلماء استخدام لفظ «البناء» لوصف هذا الكون، وهو اللفظ الذي استخدمه القرآن الكريم مراراً. {الله الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [غافر : 64].
كما أشار الله تعالى إلى أن الكون في توسع مستمر، {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات : 47]، وقد سبق علماء المسلمين إلى تأكيد هذه الحقيقة، فقال ابن زيد: المعنى وإنا «لموسعون السماء»، وقال الزجّاج: وإنا «لموسعون ما بين السماء والأرض»، وقال بعضهم: «لقادرون على الاتساع بأكثر من اتساع السماء»، وغير ذلك. وقد ثبت علمياً أن الكون في تمدد وتوسع مستمر.
السقف المرفوع والمحفوظ:
الغلاف الجوي الذي يحيط بكرتنا الأرضية يمتد إلى ارتفاع شاهق حيث يقدر العلماء أن الغلاف الجوي ينتهي عند ارتفاع 64400 كيلومتر من سطح الأرض، فهو حقاً سقف مرفوع، {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور : 5]. والغلاف الجوي مخلوق بدقة وإحكام وله دور رئيس في حماية الحياة على الكرة الأرضية، {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [الأنبياء : 32]، يتكون الغلاف الجوي من طبقات مختلفة، كل طبقة منها لها دور مهم وتأثير كبير على الحياة، ومن أهمها:
- الطبقة القريبة منا، وهي التي تحتوي على معظم بخار الماء والأكسجين وثاني اكسيد الكربون وتحدث فيها معظم التغييرات الجوية والمناخية التي نشاهدها.
- طبقة فيها حزام الأوزون، وتحمي الأرض من الأشعة الضارة، حيث يسمح بدخول الإشعاعات المفيدة، ولا يمنع إلا الإشعاعات الضارة، خاصة الأشعة فوق البنفسجية، لكنه رغم ذلك يسمح لقسم من الأشعة فوق البنفسجية بالمرور، وهو القسم الذي تحتاجه النباتات في عملية التمثيل الضوئي لضمان استمرار الحياة على الأرض.
- طبقة تحمي الأرض من الشهب والنيازك التي تدخل مجال الأرض، حيث تحترق أكثرها فور دخولها الغلاف الجوي، وتتفتت قبل وصولها إلى سطح الأرض.
- هناك أيضاً طبقة عليا من الغلاف الجوي وهي شديدة الحرارة، ولها دور مهم في الحفاظ على درجة الحرارة على الأرض، وحمايتها من البرد الشديد في الفضاء والذي يصل إلى 270 درجة مئوية تحت الصفر.
وهناك أحزمة من القطبين تحيط بالأرض وتحميها من الموجات الكهرومغناطيسية المميتة التي تصدر من انفجارات الشمس وغيرها وتتجه نحو الأرض. وغير ذلك من أنواع الحفظ والحماية مما نعلم ولا نعلم. فسبحان الخالق البديع، الذي أحسن كل شيء خلقه.
ما زاغ البصر وما طغى:
{إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم : 16 - 18]. وصف دقيق لمظهر عظيم من مظاهر أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم العالية، {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم : 4]. في رحلتي الإسراء والمعراج رأى النبي صلى الله عليه وسلم من آيات الله الباهرة، {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء : 1]، وقال هنا: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم : 18]، ورغم هذه الآيات العظام وهذا الموقف المهيب، كان النبي صلى الله عليه وسلم في قمة الثبات والأدب وهو {قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم : 9]، {مَا زَاغَ الْبَصَرُ} ولم يلتفت يمينا وشمالا ببصره الشريف للنظر في هذه العجائب، {وَمَا طَغَى}، لم يتجاوز ببصره الحدّ الذي سمح له، أو لم يتجاوز ما أمر به ولم ينظر إلى ما لم يؤمر بالنظر إليه، أو لم يسأل ربه فوق ما أعطاه.
وقد أكرمه الله تعالى بأمور لم ينلها نبي من قبل، فأُعْطيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: «أُعْطيَ الصَّلواتِ الخمسَ، وأُعْطيَ خواتيمَ سورةِ البقرةِ، وغُفِرَ لمن لم يشرِكْ باللَّهِ من أمَّتِهِ شيئًا، المُقْحِماتُ». وهي كبائر الذنوب التي تقحم صاحبها في النار، والعياذ بالله.
أَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى
بعض الناس يبدأ العمل ثم لا يكمله، أو يعمل الخير ثم ينقطع عنه، أو يبدأ بالطاعات ثم يتوقف، {وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى} [النجم : 34]، وكان القوم إذا حفروا بئراً فواجهتهم صخرة تمنعهم من إتمام العمل، قالوا: «أكدينا»، فيستسلمون ويتركون الحفر.
وهذا خلاف ما يحبه الله تعالى، فالله تعالى يحب المواظبة والاستمرار، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا... واعلَموا أنَّ أحبَّ العملِ إلى اللَّهِ أدوَمُهُ وإن قلّ».
نجم الشِّعْرى:
{وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} [النجم : 49]، وهو نجم الشعرى اليمانية (سيروس sirius)، وهو النجم الوحيد الذي ورد اسمه صريحاً في القرآن الكريم عدا الشمس. يمتاز نجم الشعرى بحجمه كبير، فهو أضخم من ضعفي حجم الشمس، وهو أقرب النجوم إلينا فلا يبعد سوى 8.6 سنوات ضوئية عن الأرض، كما أنه ألمع نجم في السماء.
كان بعض البشر يقدسون هذا النجم إذ كان يظهر لديهم مع بداية هبوب الرياح الموسمية المحملة بالأمطار، وكان بعض العرب يعبدونه، فبيّن الله تعالى لهم أنه هو خالق هذا النجم وهو وحده الذي يستحق العبادة دون سواه من مخلوقاته مهما عظم شأنها، كما أنها جميعها إلى زوال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم : 1]، وهو سبحانه تعالى باق على الدوام.
سفينة نوح، الآية الباقية:
أخبر الله تعالى عن سفينة نوح عليه السلام بقوله: {وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر : 15]. ويحتمل أن تكون الإشارة إلى حادثة الغرق فيكون المعنى أن الله تعالى أبقى ذكرها عبرة وعظة للبشر، كما يحتمل أن تكون الإشارة إلى السفينة وأن الله تعالى أبقى السفينة ظاهرة يراها الناس لفترات طويلة من الزمن. والذي يظهر أن بقايا هذه السفينة وآثارها لا تزال موجودة في مكان استقرارها على جبل الجودي {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [هود : 44]، وستكشف للبشر يوماً ما، والله أعلم.
حفظة القرآن الكريم مظهر من مظاهر إعجازه:
أنزل الله تعالى القرآن وتكفّل بحفظه، {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر : 9]، ومن أسباب حفظ القرآن الكريم أن يسّر الله تعالى معانيه وألفاظه، كما سهّل حفظه في الصدور، للصغار والكبار، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر : 17، 22، 32، 40]. وفي جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم العديد من المتسابقين حفظة القرآن الكريم كاملاً من مشارق الأرض ومغاربها وهم لا يتكلمون العربية، وهذا من مظاهر إعجاز القرآن الكريم. وآمل أن يقوموا بنشر مثل هذه التجارب العجيبة لحفظة القرآن الكريم. ومنها: طفل أوروبي قامت أمّه بتحفيظه القرآن الكريم عبر السماع فقط، وكلاهما لا يتكلم العربية، فكانت تسمعه القرآن من المسجّل، ثم بعد أن يستمع مرات كثيرة، تقوم بوضع السماعة على أذنها وتستمع لقراءة ولدها، وتقارن بينهما، فإن أخطأ الولد، أعطته السماعة ليستمع للصواب من قراءة الشيخ، ثم يواصلان، وهكذا إلى أن أتمّ الولد حفظ القرآن الكريم وشارك في المسابقة!
الميزان ودقة الخلق وتوازنه وإحكام صنعته
الجنات كثيرة لا يعلم عددها إلا الله
خلق الله تعالى كل شيء بقدر ونظام محكم وفق سنن كونية وضعها لهذا الكون {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر : 49]، {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان : 2]. فهناك ميزان دقيق لهذا الخلق، فكل الأبعاد والمسافات والتفاصيل من الذرة إلى المجرة كلها محسوبة وموزونة بدقة عالية، وهناك إشارة إلى هذا المعنى في القرآن الكريم، {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن : 9].
حتى تصريف الرياح والسحاب ونزول المطر يخضع لهذا النظام، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر : 21]. وقد اكتشف العلم علاقات معقدة في هذا الكون تثبت أنه لم يخلق شيء عبثاً، فمثلاً اكتشف العلم مؤخراً أن الصحاري الشاسعة لها دور مهم في نزول الأمطار على أماكن أخرى تبعد آلاف الأميال، ومن كان يتخيل أن ذرات الرمال المتطايرة من الصحراء الكبرى في إفريقيا هي السبب في نزول الأمطار على أوروبا والأمازون!
الجدير بالذكر أن واجب البشر أن يعمروا هذه الأرض ويحافظوا عليها، وإلا فإن هذا الميزان الدقيق سيختلّ ويحلّ الفساد ويعاني البشر، {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم : 41].
آلاء الله تعالى أنواع كثيرة:
آية كريمة تكررت في سورة الرحمن (31) مرة، وهي قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. وهذا التكرار لحكمة عظيمة، فهو يذكّرنا بأنواع من آلاء الله تعالى ونعمه، مثلاً: تسخير الشمس والقمر والنجوم، وتيسير العيش على الأرض وما فيها من خيرات مختلفة غذاء وفواكه ونباتات عطرية، وغير ذلك. وخلق الإنسان والجنّ خلقاً مختلفاً وإخفاء الجنّ عنا. وتسخير الأنهار والبحار وما فيهما من خيرات وزينة، وأهميتهما في نقل البضائع والأثقال. وخلق الموت من أجل تجدّد الأجيال واستمرار الحياة. وغير ذلك، ثم تنتقل الآيات إلى الحديث عن آلاء الله ونعمه في الآخرة، ومنها: الوعيد بعقوبة المجرمين وتطمين المظلومين، والوعد بالجنان للصالحين، وتعدد الآيات عدداً من نعم تلك الجنان. فكل آية من {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} تشير إلى معنى يناسب تلك النعم ويختص بها. والله أعلم.
اللطيف أن الآية التي ذكر فيها الثقلان في هذه السورة هي قوله تعالى {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} [الرحمن : 31]، ورقم هذه الآية هو نفسه عدد تكرار قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، (31) مرة.
الجنات كثيرة
قوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن : 46]، {وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن : 62]، وقد فهم منها بعض الناس أن الجنات أربع. وليس هذا المراد، بل الجنات كثيرة جداً. وإنما المراد أن هؤلاء المقربين لكل واحد منهم جنتان، وكذلك الآخرون أصحاب اليمين لكل واحد منهما جنتان. ولعل المراد جنة عن اليمين وجنة عن الشمال، كمثل ما جاء في الآية عن حدائق وبساتين سبأ: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} [سبأ : 15]. وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «جنتانِ من فضةٍ؛ آنيتُهما وما فيهما، وجنتانِ من ذهبٍ؛ آنيتُهما وما فيهما، وما بين القومِ وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداءُ الكبرياءِ على وجهِه في جنةِ عدنٍ».
ولتوضيح إشارات القرآن للجنات، هناك اسم عام للجنة والنار، {لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر : 20]. لكن الجنة مراتب ودرجات، والنار مهاوٍ ودركات، والفوارق في الآخرة أكثر من الفوارق في الدنيا وأكبر، {انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا} [الإسراء : 21]. وهناك تشابه في نعيم هذه الجنان من أنهار ومساكن طيبة وأرائك وأساور وحلي ولباس وغير ذلك، كما يظهر في آيات القرآن الكريم المتعددة، لكن الدرجات مختلفة. وقد صحّ في الحديث أن «الجنة مائةُ درجةٍ، ما بين كلِّ درجتَينِ كما بين السماءِ والأرضِ، والفردوسُ أعلى الجنةِ، وأوسطُها، وفوقَه عرشُ الرَّحمنِ، ومنها يتفجَّرُ أنهارُ الجنَّةِ، فإذا سألتُمُ اللهَ فاسألوه الفِرْدَوسَ».
وقد تكرر اللفظ العام «الجنة» و«النار» مفرداً في القرآن الكريم، {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران : 185].
كما ورد لفظ «الجنات» لبيان التعدد والتنوّع: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الحجر : 45].
ومن ألفاظ المفرد والجمع مع أنواع وأوصاف الجنات المختلفة، ما يأتي:
جنة النعيم {وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ} [الشعراء : 85].
وجنات النعيم: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ} [لقمان : 8]. {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [يونس : 9].
جنة المأوى، {عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم : 15].
وجنات المأوى: {أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة : 19].
جنات عدن: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ} [الرعد : 23].
جنة الفردوس، {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [المؤمنون : 11].
وجنات الفردوس، فالفردوس ليس جنة واحدة بل درجة في الجنة فيها جنات الفردوس: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا} [الكهف : 107].
جنة الخلد: {قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا} [الفرقان : 15].
وهناك الكثير من الأسماء والأوصاف في القرآن الكريم، مثل: دار السلام، جنة عالية، دار الآخرة، دار المتقين، دار المقامة، دار القرار. وأما تحديد عدد الجنان والجزم بأسماء بعض الجنان ومراتبها، فهذا من عالم الغيب، ولا يمكن القول به إلا بدليل شرعي صحيح. والله أعلم.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
29 رمضان 1436هـ - 16 يوليو 2015م
التكبر والجحود من مزيلات النعم
المصدر: بقلم.محمد سبيعان الطنيجي
قصة جميلة وتحمل عبراً وفوائد عظيمة تناسب كل عصر وكل إنسان قصة الجحود والنكران والتعالي، قصة تعلمنا أن المعطي هو الله وأن المانع هو الله وأن رزقنا وحياتنا كلها بيد الله وحده
تعلمنا أن نشكر الله على نعمه، وأن نكون على يقين تام بأن الملك لله وأن المال عارية مسترجعة وظل زائل، تعلمنا أن لا نتعالى على غيرنا وأن لا نتكبر ونتباهى بنعم الله علينا، إنها قصة صاحب الجنتين.
((واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا، كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئاً وفجرنا خلالهما نهراً)).
نعمة عظيمة
إذا فقد رزق الله أحد هذين الرجلين جنتين أو بستانين كبيرين عظيمين فيهما كل ما يشتهيه ويطلبه الإنسان من زرع وعلى حوافهما نخل ويجري بينهما نهر يرويهما وقد أثمرتا بشكل كامل دون أي نقصان فيا لها من نعمة عظيمة، ففي الوقت الذي أثمرت فيه الجنتان دعا ذلك الرجل صاحبه الفقير ليتباهى ويتكبر عليه بماله وزرعه وعزوته وأولاده وجاهه، بدلاً من أن يكرمه ويحسن ضيافته وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)).
وكم نشاهد هذه الظاهرة اليوم حيث يتكبر الأغنياء بأموالهم وأملاكهم ويعتبرون أنفسهم فوق البشر وكم تكون تلك الظاهرة مؤسفة عندما تكون بين الأصحاب، بل بين الإخوة والأقارب، بدلاً من أن يكون هناك تكافل وتعاون ومحبة بين الغني والفقير، فكيف يتباهى الغني بماله ولا يساعد الفقير ويكرمه، ومن نتائج هذا التكبر والتعالي أنه يفكك أوصال المجتمع المسلم وينشر البغضاء والحقد والحسد بين أبناء المجتمع وحتى الأسرة الواحدة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ).
تشغيل الفقراء
وقال صلوات الله وسلامه عليه أيضاً: (ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم به ) فمن واجب الغني أن يكرم الفقير وأن يساهم في إنشاء مشاريع لتشغيل الفقراء ورفع مستوى معيشتهم ليكون المجتمع المسلم متكافلاً متحاباً لا أن يتكبر ويطغى بما آتاه الله تعالى من مال وملك وذرية، وبعد التكبر تتوالى الكبائر والذنوب ويقسو القلب ليصل إلى الجحود والعياذ بالله.
ثم قال تعالى: ((ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا، وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً)). وهنا يظلم ذلك الأحمق نفسه تماماً عندما يأمن غضب الله ومكره ويكفر بيوم الحساب.
فصاحب الجنة الغني يظن بأنه بماله قد أمن على نفسه وبأن ما عنده من نعم لن يزول أبداً فهو يظن نفسه تاجراً ذكياً وقوياً بماله وأولاده وعزوته ونسي أن الله تعالى قادر أن يأخذ كل ما منحه إياه من نعم بلمح البصر فهو من أعطاه وهو القادر على أن ينزع منه كل نعمه قال تعالى: (( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير)).
تفكير خاطئ
ونلمح في قوله تعالى: (( ولئن رددت إلى ربي لأجدن خيراً منها منقلباً)) أمراً في غاية الأهمية
وهو تفكير خاطئ يقع فيه الكثيرون عندما يعتبرون أن نعم الله عليهم دليل على محبته لهم ورضاه عنهم بل قد تكون النعمة اختباراً واستدراجاً من الله تعالى للعبد، فكم من مستدرج بنعيمه وهو لا يدري ... فالله تعالى يختبر المرء بالنعمة تماماً كما يختبره عند الابتلاء، فإن شكر الله واعترف بفضله عليه وأنفق ماله فيما يرضي الله تعالى وسعى للخير فقد نجح في الاختبار، وإن تكبر وتجبر وجحد بماله فقد وقع في المحظور.
ولا بد من العقوبة فجأة في الدنيا أو في الآخرة، وبعد كل هذا الجحود والتكبر لنتأمل معاً رد صاحبه المؤمن التقي الراضي بالله وعن الله: ((قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا، لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحداً، ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالاً وولدا، فعسى ربي أن يؤتين خيراً من جنتك ويرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقا، أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً)).
اغفر لي ذنبي
اللهمَّ إني أسألك في صلاتي ودعائي بركة تُطهر بها قلبي، وتكشف بها كربي، وتغفر بها ذنبي، وتُصلح بها أمري، وتُغني بها فقري، وتُذهب بها شري، وتكشف بها همي وغمي، وتشفي بها سقمي، وتقضي بها ديني، وتجلو بها حزني، وتجمع بها شملي، وتُبيّض بها وجهي. يا أرحم الراحمين.
اللهمَّ إليك مددتُ يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فأقبل توبتي، وارحم ضعف قوتي، واغفر خطيئتي، واقبل معذرتي، واجعل لي من كل خير نصيباً، وإلى كل خير سبيلاً برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهمَّ لا هاديَ لمن أضللت، ولا معطيَ لما منعت، ولا مانع لما أعطيت، ولا باسط لما قبضت، ولا مقدم لما أخرت، ولا مؤخر لما قدمت.
اللهمَّ لا تحرمنا سعة رحمتك، وسبوغ نعمتك، وشمول عافيتك، وجزيل عطائك، ولا تمنع عني مواهبك لسوء ما عندي، ولا تُجازني بقبيح عملي، ولا تصرف وجهك الكريم عني برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهمَّ لا تحرمني وأنا أدعوك... ولا تخيبني وأنا أرجوك. اللهمَّ إني أسألك يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، يا مجيب دعوة المضطرين، يا رحمن الدنيا، يا رحيم الآخرة، ارحمني برحمتك.
اللهمَّ لكَ أسلمتُ، وبكَ آمنتُ، وعليكَ توكلتُ، وبكَ خاصمتُ وإليكَ حاكمتُ، فاغفر لي ما قدمتُ وما أخرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وأنتَ المقدم وأنتَ المؤخر. لا إله إلا أنت الأول والآخر والظاهر والباطن، عليكَ توكلتُ، وأنتَ رب العرش العظيم.
اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، وزكها انت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها يا رب العالمين. آمين اللهم يا رب العالمين. اللهمَّ استر عورتي واقبل عثرتي، واحفظني من بين يديَّ ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي ومن تحتي، ولا تجعلني من الغافلين. اللهمَّ إني أسألكَ الصبر عند القضاء، ومنازل الشهداء، وعيش السعداء، والنصر على الأعداء، ومرافقة الأنبياء، يا رب العالمين.
آمين يا أرحم الراحمين. اللهم ارحمني بالقرآن واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة، اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله لي حجة يا رب العالمين.
عن معاذ ـ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «قال الله تعالى: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء».
من حكم الرسول صلى الله عليه وسلم: آفة الشجاعة، البغي، وآفة الحسب، الافتخار، وآفة السماحة، المنّ.
من اقوال وحكم ومواعظ علي بن ابي طالب رصي الله عنه
خلف لنا الإمام علي رضي الله تعالى عنه ثروة هائلة من المواعظ والحكم ، نسوق لك هذه القبسات منها
التحذير من طول الأمل
إِنْ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ طُولُ الأَمَلِ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى ، فَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ يُنْسِي الآخِرَةَ ، وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ ، أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ مُدْبِرَةً وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلَ
الفقيه الحق
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " أَلا إِنَّ الْفَقِيهَ كُلَّ الْفَقِيهِ الَّذِي لا يُقَنِّطُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَلا يُؤَمِّنُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، وَلا يُرَخِّصُ لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ ، وَلا يَدَعُ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ , لا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لا عِلْمَ فِيهَا ، وَلا خَيْرَ فِي عِلْمٍ لا فَهْمَ فِيهِ ، وَلا خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لا تَدَبُّرَ فِيهَا "
أشد الأعمال على النفس
قال علي بن أبي طالب: أشد الأعمال ثلاثة : عطاء الحق من نفسك ،وذكر الله على كل حال ، ومواساة الأخ في المال
وصايا خمس
جاء في وصايا علي بن أبي طالب رضي الله عنه :احفظوا عني خمساً، فلو ركبتم الإبل في طلبهم لأنضيتموهن قبل أن تدركوهم؛لا يرجو عبداً إلاً ربًه،ولا يخاف إلاً ذنبه،ولا يستحي جاهلٌ أن يسأل عما لا يعلم،ولا يستحي عالمٌ ،إذا سئل عما لايعلم أن يقول :الله أعلم، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد،ولا إيمان لمن لا صبر له
القلوب أوعية
الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ خَيْرُهَا أَوْعَاهَا ، احْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ ، النَّاسُ ثَلَاثَةٌ : فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ ، وَهَمَجٌ رِعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ ، الْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الْعَمَلِ وَالْمَالُ يَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ ، وَمَحَبَّةُ الْعَالِمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ ، يَكْسِبُهُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ، الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ ، وَصَنَعَةُ الْأَمْوَالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ ، مَاتَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ ، وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ ، هَاهْ إِنَّ هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ عِلْمًا لَوْ أَصَبْتُ حَمَلَةً ، بَلْ أَصَبْتُ لَقِنًا لِأَهْلِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ ، يَقْتَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ ، لَا ذَا وَلَا ذَا فَمِنْ مَهْمُومٍ بِاللَّذَّةِ سَلِسِ الْقِيَادِ لِلشَّهَوَاتِ ، أَوْ مُغْرًى بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ ، لَيْسَا مِنْ دُعَاةِ الدِّينِ أَقْرَبُ شَبَهًا بِهِمُ الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ ، كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ ، اللَّهُمَّ بَلَى لَنْ تَخْلُوَ الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ بِحُجَّةٍ ، لِكَيْلَا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيِّنَاتُهُ ، أُولَئِكَ الْأَقَلُّونَ عَدَدًا ، الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْرًا ، بِهِمْ يَدْفَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ حُجَجِهِ يُؤَدُّونَهَا إِلَى نُظَرَائِهِمْ ، وَيَزْرَعُونَهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ ، فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَ مِنْهُ الْمُتْرَفُونَ ، وَأَنِسُوا مِنْهُ مَا اسْتَوحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ ، صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى ، أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي بِلَادِهِ وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ ، هَاهْ هَاهْ ، شَوْقًا إِلَي رُؤْيَتِهِمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكَ إِذَا شِئْتَ فَقُمْ
********************************************************************خلف لنا الإمام علي رضي الله تعالى عنه ثروة هائلة من المواعظ والحكم ، نسوق لك هذه القبسات منها
التحذير من طول الأمل
إِنْ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ طُولُ الأَمَلِ وَاتِّبَاعُ الْهَوَى ، فَأَمَّا طُولُ الأَمَلِ يُنْسِي الآخِرَةَ ، وَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوَى فَيَصُدُّ عَنِ الْحَقِّ ، أَلا إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ وَلَّتْ مُدْبِرَةً وَالآخِرَةُ مُقْبِلَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَنُونَ ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلا عَمَلَ
الفقيه الحق
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " أَلا إِنَّ الْفَقِيهَ كُلَّ الْفَقِيهِ الَّذِي لا يُقَنِّطُ النَّاسَ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ، وَلا يُؤَمِّنُهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ ، وَلا يُرَخِّصُ لَهُمْ فِي مَعَاصِي اللَّهِ ، وَلا يَدَعُ الْقُرْآنَ رَغْبَةً عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ , لا خَيْرَ فِي عِبَادَةٍ لا عِلْمَ فِيهَا ، وَلا خَيْرَ فِي عِلْمٍ لا فَهْمَ فِيهِ ، وَلا خَيْرَ فِي قِرَاءَةٍ لا تَدَبُّرَ فِيهَا "
أشد الأعمال على النفس
قال علي بن أبي طالب: أشد الأعمال ثلاثة : عطاء الحق من نفسك ،وذكر الله على كل حال ، ومواساة الأخ في المال
وصايا خمس
جاء في وصايا علي بن أبي طالب رضي الله عنه :احفظوا عني خمساً، فلو ركبتم الإبل في طلبهم لأنضيتموهن قبل أن تدركوهم؛لا يرجو عبداً إلاً ربًه،ولا يخاف إلاً ذنبه،ولا يستحي جاهلٌ أن يسأل عما لا يعلم،ولا يستحي عالمٌ ،إذا سئل عما لايعلم أن يقول :الله أعلم، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد،ولا إيمان لمن لا صبر له
القلوب أوعية
الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ خَيْرُهَا أَوْعَاهَا ، احْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ ، النَّاسُ ثَلَاثَةٌ : فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ ، وَمُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ ، وَهَمَجٌ رِعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ ، الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ ، الْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الْعَمَلِ وَالْمَالُ يَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ ، وَمَحَبَّةُ الْعَالِمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ ، يَكْسِبُهُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ ، الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ ، وَصَنَعَةُ الْأَمْوَالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ ، مَاتَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ ، وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ ، هَاهْ إِنَّ هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ عِلْمًا لَوْ أَصَبْتُ حَمَلَةً ، بَلْ أَصَبْتُ لَقِنًا لِأَهْلِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ ، يَقْتَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ ، لَا ذَا وَلَا ذَا فَمِنْ مَهْمُومٍ بِاللَّذَّةِ سَلِسِ الْقِيَادِ لِلشَّهَوَاتِ ، أَوْ مُغْرًى بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ ، لَيْسَا مِنْ دُعَاةِ الدِّينِ أَقْرَبُ شَبَهًا بِهِمُ الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ ، كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ ، اللَّهُمَّ بَلَى لَنْ تَخْلُوَ الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ بِحُجَّةٍ ، لِكَيْلَا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيِّنَاتُهُ ، أُولَئِكَ الْأَقَلُّونَ عَدَدًا ، الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْرًا ، بِهِمْ يَدْفَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ حُجَجِهِ يُؤَدُّونَهَا إِلَى نُظَرَائِهِمْ ، وَيَزْرَعُونَهَا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ ، هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ ، فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَ مِنْهُ الْمُتْرَفُونَ ، وَأَنِسُوا مِنْهُ مَا اسْتَوحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ ، صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى ، أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي بِلَادِهِ وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ ، هَاهْ هَاهْ ، شَوْقًا إِلَي رُؤْيَتِهِمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكَ إِذَا شِئْتَ فَقُمْ
فقه السوق:التسعير صيانة للحقوق
أجاز العلماء التسعير في حالات محددة : «كالأزمات والمجاعات والاضطرار إلى طعام الغير والاحتكار والحصر وحالة التواطؤ بين البائعين أو بين المشترين» ، ولعل عليا بن أبي طالب قد وضع حدودا للسعر في كتابه إلى واليه على مصر الأشتر النخعي بقوله : «ليكن البيع بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع». ووصف العلماء عملية التسعير بأنها صيانة لحقوق المسلمين فقال: «إن مصلحة الناس إذا لم تتم إلاّ بالتسعير سّعر عليهم تسعير عدل لا وكس فيه ولا شطط وإذا اندفعت حاجتهم وتمت مصلحتهم بدونه لم يفعل. فمثلا إذا احتاج الناس لصناعة ما كالفلاحة أو الخياطة أو ما شابه ذلك فإن لولي الأمر (المحتسب) أن يجبر أهل هذه الصناعات على ما يحتاج إليه الناس من صناعتهم ، ويقدر لهم أجرة المثل ولا يحق للصانع المطالبة بأكثر من ذلك حيث تعين عليه العمل وهذا من التسعير الواجب.
كما لا يحق لأحد أن يبيع بسعر أخفض أو أعلى من الأسعار المتوسطة السائدة في السوق حتى لا يفسد على الآخرين ، فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال لحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له بالسوق: إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا. وسواء باع بخمسة والناس يبيعون بثمانية أو باع بثمانية والناس يبيعون بخمسة فإن ذلك ممنوع لأنه يفسد على أهل السوق وربما أدى ذلك للشغب والخصومة. ومن الفقهاء من رأى بأن لا يُجبَر الناس على البيع إنما يُمنعون من البيع بغير السعر الذي يحدده ولي الأمر على حسب ما يرى فيه من مصلحة البائع والمشتري على حد سواء ، ولا يمنع البائع ربحا ، ولا يسوغ منه ما يضر بالناس.
********************************************************************أجاز العلماء التسعير في حالات محددة : «كالأزمات والمجاعات والاضطرار إلى طعام الغير والاحتكار والحصر وحالة التواطؤ بين البائعين أو بين المشترين» ، ولعل عليا بن أبي طالب قد وضع حدودا للسعر في كتابه إلى واليه على مصر الأشتر النخعي بقوله : «ليكن البيع بموازين عدل وأسعار لا تجحف بالفريقين من البائع والمبتاع». ووصف العلماء عملية التسعير بأنها صيانة لحقوق المسلمين فقال: «إن مصلحة الناس إذا لم تتم إلاّ بالتسعير سّعر عليهم تسعير عدل لا وكس فيه ولا شطط وإذا اندفعت حاجتهم وتمت مصلحتهم بدونه لم يفعل. فمثلا إذا احتاج الناس لصناعة ما كالفلاحة أو الخياطة أو ما شابه ذلك فإن لولي الأمر (المحتسب) أن يجبر أهل هذه الصناعات على ما يحتاج إليه الناس من صناعتهم ، ويقدر لهم أجرة المثل ولا يحق للصانع المطالبة بأكثر من ذلك حيث تعين عليه العمل وهذا من التسعير الواجب.
كما لا يحق لأحد أن يبيع بسعر أخفض أو أعلى من الأسعار المتوسطة السائدة في السوق حتى لا يفسد على الآخرين ، فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال لحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له بالسوق: إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع من سوقنا. وسواء باع بخمسة والناس يبيعون بثمانية أو باع بثمانية والناس يبيعون بخمسة فإن ذلك ممنوع لأنه يفسد على أهل السوق وربما أدى ذلك للشغب والخصومة. ومن الفقهاء من رأى بأن لا يُجبَر الناس على البيع إنما يُمنعون من البيع بغير السعر الذي يحدده ولي الأمر على حسب ما يرى فيه من مصلحة البائع والمشتري على حد سواء ، ولا يمنع البائع ربحا ، ولا يسوغ منه ما يضر بالناس.
الجزء الـثامن والـعشرون
الظهار منهيّ عنه شرعاً
يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم ، منْ الآيـة [ 1 ] من سورة المجـادلـة ، و حتى الآيـة [ 12 ] من سورة الـتحـريم ، و مـمّـا ورَد فيـه:
المرأة التي سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات:
هذه المرأة الفاضلة لها فضل على هذه الأمة، حيث سمع الله شكواها ونزل تشريع أحكام الظهار بعد مراجعتها للنبي صلى الله عليه وسلم. {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة : 1].
نزلت هذه الآية في خولة أو خويلة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت رضي الله عنهما، وكان كبيرًا في السنّ قد ساء خلُقُه وضجِر، فراجَعَتْه في شيءٍ يوماً فغضِب وقال: «أنتِ عليَّ كظهرِ أمِّي»، وكانت الجاهليةُ إذا أراد الرجلُ أن يفارقَ امرأتَهُ قال لها ذلك، ثم أتت فجعَلَتْ تشكو إليه سوء خُلُقِ زوجها، فجعَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يصلح بينهما ويقول: (يا خُوَيلةُ ابنُ عمِّكِ شيخٌ كبيرٌ فاتَّقي اللهَ فيه)، قالت: فواللهِ ما برِحْتُ حتَّى نزَل القرآنُ، ثم تبرع له رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدفع كفارة الظهار ووعدت هي أن تساعد زوجها لفقره، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لها: ( أصَبْتِ وأحسَنْتِ فاذهَبي فتصدَّقي به عنه ثمَّ استوصي بابنِ عمِّكِ خيرًا ) قالت: ففعَلْتُ.
بعض أحكام الظهار وأمثلته المنتشرة:
الظهار منهيّ عنه شرعاً؛ لأنه منكر وافتراء، {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}، والظهار الذي تترتب عليه هذه الأحكام هو ما كان بصيغة تدلّ على إرادة وقوعه، سواءً صراحة أو كناية، فالصريح يعتبر ظهاراً ولا يحتاج إلى نية، كما في الحديث السابق، وأما الكناية فكما لو قال لزوجته: «أنت مثل أمي»، لأنه يحتمل أن يقصد الاحترام والتقدير، كما يحتمل الظهار والتحريم، فيعتمد على نيّته. ومن أمثلة الظهار في أزماننا هذه قوله لزوجته: «أنت حرام عليّ»، «أنت محرّمة علي»، «أنت حرام عليّ كأختي»، فيكون ظهاراً إذا لم يقصد بقوله الطلاق، وهناك تفصيل ليس هذا محلّه. وفي حالة الظهار فلا يمكن للزوج أو يقرب زوجته إلا بعد أن يدفع كفارة الظهار، وهي على الترتيب: عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، كما جاء في الآيات.
لفتة لطيفة في عدد المتناجين:
عند الحديث عن إحاطة علم الله تعالى بما في السموات والأرض وبالمتناجين قلّوا أو كثروا، قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7)}. فبدأ من رقم ثلاثة ولم يبدأ من الرقم اثنين، ثم ذكر ما هو أقل وما هو أكثر، رغم أن المناجاة أكثر ما تكون بين اثنين، ولعل اللفتة اللطيفة في ذلك تفادي أن يقال (الله ثالثهم) كي لا يشبه كلام {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة : 73].
تحريم المناجاة بالإثم والعدوان:
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} كان طائفة من اليهود في المدينة يتناجون فيما بينهم إذا مرّ مسلم بطريقهم لإخافته، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، لكن عادوا واستمروا يتحدثون فيما بينهم بالإثم، وهو ما يختص بهم، والعدوان، وهو ما يتعلق بغيرهم، ومنه معصية الرسول ومخالفة أوامره.
وكانوا إذا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم حرّفوا التحية فقالوا: «السام عليك»، أي: الموت، {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ}، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصبر على أذاهم ويردّ عليهم بكلمة «وعليكم» فقط، وكانوا {يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}، فأجاب الله تعالى أن عذابهم في جهنم يكفيهم، {حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (}.
ثم شرع الله تعالى أدباً اجتماعياً بالمناجاة بالخير وتحريم المناجاة في الشرّ لأنها من وسوسة الشيطان، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (9)}. كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يتناجى اثنان دون الثالث حتى لا يحزنه ويجرح مشاعره: «إذا كنتُم ثلاثةً فلا يتناجى اثنانِ دون صاحبِهما، فإنَّ ذلك يُحزنُه».
من آداب المجلس:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)}. قال قتادة: نزلت هذه الآية في مجالس الذكر، وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضَنّوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمرهم الله أن يفسح بعضهم لبعض.
وقيل نزلت يوم جمعة، وفي المكان ضيق، وجاء ناس من أهل بدر وقد سُبِقوا إلى المجالس، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم، فلم يُفْسَح لهم، فشقّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حثّهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «رحم الله رجلا فَسَح لأخيه»، فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعًا، فَتَفَسَّحَ القومُ لإخوانهم، ونزلت هذه الآية.
وقد جاء في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «نهى أن يُقامَ الرجلُ من مَجلِسِه ويَجلِسَ فيه آخَرُ، ولكن تَفَسَّحوا وتَوَسَّعوا».
علاقة حبّ بين المهاجرين والأنصار والمسلمين إلى قيام الساعة:
ذكر الله تعالى المهاجرين {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} ومدحهم {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر : 8]، صدقوا في إيمانهم وصَدَّقُوا قَوْلَهم بفِعْلِهم، رضي الله عنهم.
ثم مدح الله تعالى الأنصار {الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أي: سكنوا المدينة دار الهجرة قبل المهاجرين، وآمنوا قبل كثير منهم. وذكر الله تعالى كرمهم وطيب نفوسهم فهم {يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا}، بل كانوا رغم حاجتهم يقدّمون إخوانهم المهاجرين ويواسونهم بأموالهم {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)}. حتى مدحهم المهاجرون وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسولَ اللهِ، ما رأَينا مِثلَ قومٍ قدِمْنا عليهِم أحسنَ مواساةً في قليلٍ، ولا أحسنَ بذلًا مِن كثيرٍ، لقد كفَونا المؤنةَ وشارَكونا في المهنإِ، حتى لقد خَشينا أن يَذهَبوا بالأجرِ كلِّه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ما أثنَيتُم عليهِم ودعَوتُم لهم».
واستمرت الأمة الإسلامية يوصي بعضها بعضاً بحفظ هذا الودّ والحق والكرامة لهم، حتى أوصى عمر رضي الله عنه الخليفة من بعده، فقال: «أوصي الخليفةَ بالمهاجرينَ الأوَّلينَ: أن يَعرِفَ لهم حقَّهم، وأوصي الخليفةَ بالأنصارِ، الذين تبوَّؤوا الدارَ والإيمانَ من قبلِ أن يُهاجِرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أن يَقبَلَ من مُحسنِهم، ويَعفُوَ عن مُسيئِهم».
وبعد بيان ملامح من هذه العلاقة الجميلة بين المهاجرين والأنصار، ذكر الله تعالى بقية المسلمين إلى قيام الساعة، فقال {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}، وهم التابعون لهم بإحسان، كما قال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة : 100]. وذكر الله تعالى بعض ما يجب على هؤلاء التابعين تجاه المهاجرين والأنصار، وهو الدعاء لهم بالسر والعلانية، {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)}. ومن العجب أن بعض الناس يقع في بعض الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين أو ينتقص من قدرهم، وهذا خلاف أمر الله تعالى، كما قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها: «أُمِرُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لَهُمْ فَسَبُّوهُمْ»، وهو من الخسران والعياذ بالله. فلا ينبغي للمسلم أن يكون في قلبه غل أو حقد لأحد من المؤمنين، فكيف بالسابقين الأولين المقربين.
الإسلام قائم على العدل والقسط مع الجميع
من وراء جدر:
بعد مؤامرات اليهود المتعددة في المدينة المنورة، أخبر الله تعالى أنه ألقى في قلوبهم وحلفائهم الرعب، فهم لا يواجهونهم إلا مستترين محصّنين في القرى أو مختبئين خلف الجدران. {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ} [الحشر : 14]. ومن العجيب أن اليهود في زماننا هذا قد تحصّنوا بجدار بنوه حول أنفسهم.
كلمة «جُدُر» وردت مرة واحدة فقط في القرآن الكريم، وهي جمع «جدار»، ولعل هناك لفتة لطيفة في استخدامها في هذه الآية بدلاً من كلمة الجمع الأخرى «جدران»، إذ إن طريقة لفظ كلمة «جدار» بالعبرية، قريبة من نطق «جُدُر»، فكأنه استرعاء لانتباههم وتذكير لهم، والله أعلم.
الجبل المتصدع:
يقول الله تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}، وفي هذا تعظيم لشأن القرآن الكريم وأنه ينبغي أن تخشع القلوب عند سماعه وتلاوته، قال الحسن البصري: إذا كانت الجبال الصُّمُّ لو سمعت كلام الله وفهمته لَخَشَعَتْ وَتَصَدَّعَتْ من خَشْيَتِهِ، فكيف بكم وقد سمعتم وفهمتم؟ وهذا مثل ضربه الله تعالى للناس ليتدبروا ويتفكروا {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)}، وهو توجيه من الله تعالى لنا أن نعتني بالقرآن العظيم وأن نتدبر آياته ونخشع له.
معاملة الكفار غير المحاربين بالبر والعدل:
من جمال هذا الدين وكماله أنه قائم على العدل والقسط مع الجميع، حتى مع الخصم والعدو، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة : 8].
وهنا أضاف الله تعالى المعاملة بالبر والعدل مع غير المحاربين، فقال سبحانه: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (}.
أما موالاة الكفار المحاربين فقد نهى الله تعالى عنها، {إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ}، لأن موالاة المعتدين تعتبر مشاركة لهم في الظلم، {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)}.
اسمه أحمد:
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ (6)}.
البشارة بالنبي صلى الله عليه وسلم لا تزال موجودة إلى يومنا هذا، ولكن المترجمين قاموا بترجمة اسم النبي صلى الله عليه وسلم من الآرامية إلى البارقليط أو الفارقليط في اليونانية، علماً أن أسماء الأعلام لا تترجم! ثم ترجموا هذا الاسم مرة ثانية إلى كلمة تقترب منها نطقاً وتعني «المُعَزِّي»، وهي التي نجدها الآن، فمثلاً: جاء في إنجيل يوحنا، إصحاح 15، آية 26: «وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ، رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ، فَهُوَ يَشْهَدُ لِي»، ويذكر العلماء أن كلمة الفارقليط تعني «الحمد»، أو «الحامد» أو «الحمّاد».
النبي صلى الله عليه وسلم له عدة أسماء، كما قال: «لي خمسةُ أسماءٍ: أنا محمَّد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفرَ، وأنا الحاشرُ الذي يُحشَرُ النَّاسُ على قدمي، وأنا العاقِبُ».
الجدير بالذكر في آية الصف أن عيسى عليه السلام استخدم الاسم الثاني للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو «أحمد»، ولهذا تأويلات كثيرة ذكرها العلماء ليس هذا مقام تفصيلها. ولعل استخدام اسم (أحمد)، بسبب خاصية في اللغة التي كان عيسى عليه السلام يتحدث بها في زمنه، وعدم وجود التركيب الآخر (محمد) فيها، أو شيء من هذا القبيل، وربما يستطيع علماء اللغة والتاريخ اكتشاف شيء من هذا. والله أعلم.
أسماء الله تعالى ومهمة الرسول صلى الله عليه وسلم:
في افتتاح سورة الجمعة ذكر الله تعالى أربعة من الأسماء الحسنى: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)}.
ثم ذكر الله تعالى إرسال النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والهدف من هذه المهمة: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2)}.
هناك لفتة لطيفة في تناسب كل مهمة مذكورة في الآية مع كل اسم من أسماء الله تعالى المذكورة في الآية التي قبلها؛
- { الْمَلِكِ } يعرف بحدود مملكته وأعلامه وعلاماته، والنبي صلى الله عليه وسلم بعث لإيصال رسالة { الْمَلِكِ } وبيان آياته وعلاماته للناس { يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ }.
- مهمة التزكية { وَيُزَكِّيهِمْ }، تتناسب مع اسم الله تعالى { الْقُدُّوسِ }.
- مهمة تعليم الكتاب والأحكام والشرائع { وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ }، تتناسب مع اسم الله تعالى { الْعَزِيزِ } الذي له الحكم والأمر.
- مهمة تعليم الحكمة تتناسب مع اسم الله تعالى { الْحَكِيمِ }.
ومثل هذا الأسلوب البديع يتكرر في القرآن العظيم.
تقوى الله والتوكل عليه مفتاح كل خير:
بشّر الله تعالى من يتقيه ويتوكل عليه ببشارات كثيرة؛
- {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2)}، يجعل له مخرجاً من الهم والغم والمصاعب.
- {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}، فيأتيه الرزق بطرق لا تخطر له على بال.
- {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}، يكفيه الله تعالى جميع هموم الدنيا والآخرة.
- { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4)}، ييسّر الله تعالى له أموره، ويسهل عليه حلّ الصعاب.
- {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ} ويغفر له ذنوبه ويتجاوز عن خطاياه.
- {وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)}، يزيده في الأجر ويضاعف له الثواب.
وقد بيّن الله تعالى أن الأمر كله بيد الله، {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ}، وأن ما يريده الله تعالى يكون في الوقت الذي قدّره الله تعالى بحكمته {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3)}، فلا ينبغي للإنسان أن ييأس أو يعجل.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان
عيد سعسد
اعاده الله وقد انفكت المصائب التي حلت بامتنا
باذن الله الى رمصان المقيل
اللهم بلغنا رمضان
اعاده الله وقد انفكت المصائب التي حلت بامتنا
باذن الله الى رمصان المقيل
اللهم بلغنا رمضان
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» انوار رمضان1438هـ
» انوار رمضان1437هـ
» انوار الرسالة المحمدية
» أهـــــــــــــــــــلاً رمضان
» اليوم 17 رمضان ذكرى الثالثا استشهاد عائلة رمضان ابوعميد الورشفاني
» انوار رمضان1437هـ
» انوار الرسالة المحمدية
» أهـــــــــــــــــــلاً رمضان
» اليوم 17 رمضان ذكرى الثالثا استشهاد عائلة رمضان ابوعميد الورشفاني
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي