انوار رمضان1437هـ
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 2
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
انوار رمضان1437هـ
اَللّهُمَّ اجعل صيامي في رمضان صيامَ الصائمين، وقيامي فيه قيامَ القائمين، ونبّهني فيه عن نومةِ الغافلين، وهبْ لي جُرمي فيه يا إلهَ العالمين، واعفُ عني يا عافياً عن المجرمين، اَللّهُمَّ أَعِنّا عَلى صِيامِهِ، وَوَفِّقْنا لِقِيامِهِ، وَنَشِّطْنا فيهِ لِلصَّلاةِ، وَلا تَحْجُبْنا مِنَ الْقِراءَةِ، وَسَهِّلْ لَنا فيهِ إيتاء الزَّكاةِ. اَللّهُمَّ لا تُسَلِّطْ عَلَيْنا وَصَباً وَلا تَعَباً وَلا سَقَماً وَلا عَطَباً، اَللّهُمَّ يا مَنْ يَمْلِكُ التَّدْبيرَ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيء قَديرٌ، يا مَنْ يَعْلَمُ خائِنَةَ الأعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورِ وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ.. اجْعَلْنا مِمَّنْ نَوى فَعَمِلَ، وَلا تَجْعَلْنا مِمَّنْ شَقِيَ فَكَسِلَ، وَلا مِمَّنْ هُوَ عَلى غَيْرِ عَمَل يَتَّكِلُ، اَللّهُمَّ صَحِّحْ أبْدانَنا مِنَ الْعِلَلِ، وَأعِنّا عَلى ما افْتَرَضْتَ عَلَيْنا مِنَ الْعَمَلِ، حَتّى يَنْقَضِيَ عَنّا شَهْرُكَ هذا وَقَدْ أدَّيْنا مفْرُوضَكَ فيهِ عَلَيْنا.
اللّهم الطُف بِنا في قضائِكَ وقَدَرِكَ لُطْفاً يليقُ بِكَرَمِكَ يا أَكرَمَ الأَكرَمين يا سمَيعَ الدُّعاء يا ذا المَنِّ والعَطاء يا مَن لا يُعجِزْهُ شيءٌ في الأَرضِ ولا في السَّماء.
*********************************************************************
روى الترمذي و صححه الألباني رحمه الله أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَ مَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَ يُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَ ذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ . #شبكة_سرت_الإخبارية
رائحةُ فمك أطيب من المِسك فلا تُفسدها
قال رسول الله - ﷺ - : ( والذي نفسُ مُحمدٍ بيدهِ، لَخُلُوفُ فمِ الصائمِ أطيبُ عند الله من رِيحِ المِسك ِ) !
رواه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١).
✵ قال العلاَّمة ابن رجب - رحمه الله - :
٭ خُلُوفُ الفم: رائحةُ ما يتصاعَدُ منه من الأبخرة، لخلوِّ المعِدَة من الطعامِ بالصِيام.
• خُلُوفُ أفواهِ الصائمين له أطيبُ من ريح المِسك. عُريُ المحرِمينَ لزيارة بيتهِ أجملُ من لباسِ الحلَل. نَوْحُ المُذنبين على أنفسهم من خشيته أفضلُ من التسبيح. انكسارُ المخبتين لعظمته هو الجبْر. ذُلُّ الخائفين من سطوته هو العِزُّ. تهتُّكُ المحبِّين في محبَّته أحسَنُ من السِّترِ. بذلُ النُّفوسِ للقتل في سبيله هو الحياة. جُوعُ الصائمين لأجله هو الشِّبْع. عطَشُهم في طلبِ مرضاته هو الرِّيُّ. نَصَبُ المجتهدين في خدمته هو الرَّاحة.
حكم إفطار الطلاب في رمضان من أجل الامتحانات
تعرف على فوائد ياميش ومكسرات رمضان الصحية
- التمر:
يعمل على تأخير أمراض الشيخوخة ، يحسّن من أداء الجهاز الهضمي ، مقوي عام للجسم
- القراصيا :
يحمي الجسم من خطر الاصابة بأمراض تصلب الشرايين وروماتيزم العظام ، كما يحسن من اداء الجهاز الهضمي
- المشمش :
يعالج مرض الأنيميا ومنشط قوي للكبد ، يرفع من اداء مناعة الجسم ، كما أنه يمنع ظهور ويعالج حب الشباب
- الزبيب :
يعمل على علاج التهابات الجسم الداخلية ، ويحمي من ضعف الذاكرة ، يقوي أداء المعدة والكبد
- التين :
يخفض نسبة الأملاح في الجسم وبالتالي فهو يحمي الكلى من خطر الاصابة بالحصوات ، يحن من اداء الجهاز التنفسي مطهر قوي للجهاز الهضمي
- اللوز :
يعمل على حماية القلب من الضعف أو الاصابة بالجلطات ، يخفض من مستوى الكوليسترول في الدم
- الفول السوداني :
يعمل على إمداد الجسم بالعديد من العناصر الغذائية الهامة لتعويض الناقص أثناء فترة الصيام ، مثل الحديد والكالسيوم والالياف الطبيعية والمغنيسيوم ، كما أنه يعمل على خفض نسبة الكوليسترول في الدم
عين الجمل :
يمنع الاصابة بأمراض الشيخوخة ، يحمي من خطر الاصابة بالزهايمر
جوز الهند :
يحسّن من اداء الجهازين الهضمي والتنفسي
- الفستق :
يعالج التهابات الجهاز التنفسي ، ويقي الكلى من الاصابة بالحصوات ، يجعل مستوى السكر في الدم في الحدود طبيعية
*********************************************
تتنوع الثقافات العربية بتنوع المائدة الرمضانية ساعة الافطار في كل قطر على حدة. وفي ليبيا يعد طبق الفلافل أو الطعمية من أهم اطباق المائدة الرمضانية إلى جانب العصبان (الممبار)
ويقول فايز العريبي الكاتب السياسي والإعلامي الليبي في تصريح خاص لبوابة العرب أن المائدة الرمضانية في ليبيا ساعة الافطار تتنوع ما بين الاكلات التراثية مثل الكسكسي والبازين والارز المطبوخ ويكون للمحاشي بمختلف انواعها حضور كبير على السفرة الرمضانية في رمضان والتي تجمع بين المبطن (البطاطس المحشية باللحمة المفرومة) والعصبان والفلفل الرومي كما يعد مشروب الروينة من المشروبات الأساسية في رمضان وهو خليط من الحلبة والشعير وبعض الاعشاب.
وأضاف العريبي: أن انتشار برامج اعداد الطعام عبر الفضائيات المختلفة خلق نوعا من التشابه بين الموائد العربية في رمضان الأمر الذي ادى إلى اختفاء تدريجي للاكلات التراثية لصالح الاكلات الحديثة مثل الطواجين المختلفة والشوربة بمختلف انواعها فشربة الشعيرة المغربية والملوخية المصرية حاضران بقوة على المائدة الليبية في رمضان.
*********************************************
الطعمية طبق رئيسي على المائدة الرمضانية في ليبيا
تتنوع الثقافات العربية بتنوع المائدة الرمضانية ساعة الافطار في كل قطر على حدة. وفي ليبيا يعد طبق الفلافل أو الطعمية من أهم اطباق المائدة الرمضانية إلى جانب العصبان (الممبار)
ويقول فايز العريبي الكاتب السياسي والإعلامي الليبي في تصريح خاص لبوابة العرب أن المائدة الرمضانية في ليبيا ساعة الافطار تتنوع ما بين الاكلات التراثية مثل الكسكسي والبازين والارز المطبوخ ويكون للمحاشي بمختلف انواعها حضور كبير على السفرة الرمضانية في رمضان والتي تجمع بين المبطن (البطاطس المحشية باللحمة المفرومة) والعصبان والفلفل الرومي كما يعد مشروب الروينة من المشروبات الأساسية في رمضان وهو خليط من الحلبة والشعير وبعض الاعشاب.
وأضاف العريبي: أن انتشار برامج اعداد الطعام عبر الفضائيات المختلفة خلق نوعا من التشابه بين الموائد العربية في رمضان الأمر الذي ادى إلى اختفاء تدريجي للاكلات التراثية لصالح الاكلات الحديثة مثل الطواجين المختلفة والشوربة بمختلف انواعها فشربة الشعيرة المغربية والملوخية المصرية حاضران بقوة على المائدة الليبية في رمضان.
عدل سابقا من قبل الشابي في الأربعاء 8 يونيو - 22:01 عدل 1 مرات
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
بارك الله فيك اخي الشابي وربنا يتقبل قيامنا وصيامنا وصالح اعمالنا في هذا الشهر الفاضيل
****
بالنسبة للطعمية اول مرة نعرف انها من لهم الوجبات التي تقدم على السفرة الليبية وحتى العصبان ؟؟؟
****
بالنسبة للطعمية اول مرة نعرف انها من لهم الوجبات التي تقدم على السفرة الليبية وحتى العصبان ؟؟؟
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا .
جراح وطنية-
- الجنس :
عدد المساهمات : 32311
نقاط : 51412
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
كل سنة وانتم بألف خير
لارجوع-
- الجنس :
عدد المساهمات : 908
نقاط : 9518
تاريخ التسجيل : 19/03/2013
. :
. :
بطاقة الشخصية
زنقتنا: 69
رد: انوار رمضان1437هـ
2 رمضان 1437هـ - 07 يونيو 2016م
قال الشيخ الكفعمي ( رحمه الله ): وَ ذَكَرَ السَّيِّدُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ بَاقِي رَحِمَهُ اللَّهُ فِي إِخْتِيَارِهِ : أَنَّهُ مَنْ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ، غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذُنُوبُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَ هُوَ :
اللَّهُمَّ رَبَّ شَهْرِ رَمَضَانَ ، الَّذِي أَنْزَلْتَ فِيهِ الْقُرْآنَ ، وَ افْتَرَضْتَ عَلَى عِبَادِكَ فِيهِ الصِّيَامَ ، ارْزُقْنِي حَجَّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ ، فِي هَذَا الْعَامِ وَ فِي كُلِّ عَامٍ ، وَ اغْفِرْ لِيَ الذُّنُوبَ الْعِظَامَ ، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُهَا غَيْرُكَ يَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِكْرَامِ
**************************************************************************
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان:قال: ياأيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك شهر فيه ليلة خير من الف شهر ، شهر جعل الله صيامه فريضة و قيام ليله تطوعاً، من تقرب فيه بخصله من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه و من أدى فريضه فيه كان كمن أدى سبعين فريضه فيما سواه ، وهو شهر الصبر و الصبر ثوابه الجنة و شهر المواساة و شهر يزاد في رزق المؤمن فيه، من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه و عتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أ، ينقص من أجره شئ، قالوا: يا رسول الله : ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن، وهو شهر أوله رحمه و أوسطه مغفرة , وآخره عتق من النار، من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له ، وأعتقه من النار، واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم و خصلتين لا غناءبكم عنهما: فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله، و تستغفرونه، و أما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما: فتسألون الله الجنة و تعوذون به من النار ومن سقى صائماً سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة. رواه ابن خزيمه في صحيحه عن طريق البيهقي و رواه ابو الشيخ ابن حبان.ث نبوية
*************************************************************************
شَهْـرِ رَمَضَان مِنةٌ عُظْمَى
لقد أنعم الله على عباده بنعمٍ كثيرة لا تحصى ولا تعد { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } [إبراهيم:34] ، نعَمٌ مطلقة ونعَمٌ مقيدة ، نعَمٌ دينية ونعَمٌ دنيوية ، دلَّ العباد عليها وهداهم إليها ودعاهم إلى دار السلام {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [يونس:25] ، وعافاهم في عقولهم وأبدانهم ورزقهم من الطيبات ، وسخَّر لهم ما في السموات وما في الأرض ؛ وكل هذا الإنعام منه سبحانه ليشكره العباد ويعبدوه وحده لا شريك له ، لينالوا مرضاته ويفوزوا بمنَنِه ورحماته .
وإن من عظيم هباته وجزيل نعمائه على عباده المؤمنين أن شرع لهم صيام شهر رمضان المبارك وجعله أحد أركان الدين العظام ومبانيه التي عليها يقوم ، ولما كان صيام رمضان من النعم العظيمة التي منَّ الله بها على عباده ختم الله الآيات التي أمر فيها بصيام شهر رمضان بقوله تعالى : { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة:185] ؛ لأن الشكر هو الغاية من خلقه للخلق وتنويعه للنعم .
وأصلُ الشكر وحقيقته : " الاعتراف بإنعام المنعِم على وجه الخضوع له والذل والمحبة ، فمن لم يعرف النعمةَ بل كان جاهلاً بها لم يشكرها ، ومن عرفها ولم يعرف المنعِمَ بها لم يشكرها أيضاً ، ومن عرف النعمة والمنعِم لكن جحدها كما يجحد المنكرُ لنعمة المنعِم عليه بها فقد كفَرَها ، ومن عرف النعمة والمنعِم وأقرَّ بها ولم يجحدها ولكن لم يخضع له ويحبه ويرضَ به وعنه لم يشكرها أيضاً ، ومن عرفها وعرَف المنعِم بها وخضع له وأحبّه ورضي به وعنه واستعملها في محابه وطاعته فهذا هو الشاكر لها "(1) اهـ .
وبهذا يتبين أن " الشكر مبنيٌّ على خمس قواعد : خضوع الشاكر للمشكور ، وحبّه له ، واعترافه بنعمته ، وثناؤه عليه بها ، وأن لا يستعملها فيما يكره ؛ فهذه القواعد الخمس هي أساس الشكر وبناؤه عليها ، فمتى عدِم منها واحدةٌ اختل من قواعد الشكر قاعدة ، وكلُّ من تكلم في الشكر وحدّه فكلامه إليها يرجع وعليها يدور "(2).
والناس متفاوتون تفاوتاً عظيماً في تحقيق الشكر لتفاوتهم في العلم بموجباته بمعرفة الخالق الجليل والرب العظيم والمنعم الكريم ، فمنهم من عرف الله بتفاصيل أسمائه وصفاته وأفعاله وبديع مخلوقاته ومفعولاته وجميل آلائه وهباته؛ فامتلأ قلبه حباً له ، ولهج لسانه بالثناء عليه ، ولانت جوارحه قياماً بما يرضيه ، واعترف له بكل نعمه التي أنعم بها عليه وسخرها في ما يحبه ويرضاه ، ومنهم من دس نفسه بالغفلة عن الله والجهل به فلم يزدد من الله إلا بعداً بجحوده وإنكاره ، أو باعترافه به وعدم الانصياع لأمره والانقياد لشرعه .
وشهر رمضان المبارك منحةٌ إلهية وهبةٌ ربانية للعباد ليزداد الذين آمنوا إيماناً وليتوب من كان مفرِّطاً ومقصِّراً، ولقد اختص الله هذا الشهر بخصائص وميَّزه بمزايا انفرد بها عن سائر الشهور ، ولنقِف على بعضها لندرك عظمة هذه النعمة التي أنعم الله بها علينا لنشكره حق الشكر ونعبده حق العبادة:
· إن لشهر رمضان الكريم - شهر الصوم - خصوصية بالقرآن ؛ فهو الشهر الذي أُنزِل فيه القرآن الكريم هدى للناس قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185] ، فقد امتدح الله تعالى في هذه الآية الكريمة شهر الصيام من بين سائر الشهور بأن اختاره لإنزال القرآن العظيم ، بل قد ورد في الحديث بأنه الشهر الذي كانت الكتب الإلهية تنزل فيه على الأنبياء، ففي المسند للإمام أحمد والمعجم الكبير للطبراني من حديث واثلة بن الأسقع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أُنْزِلَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَتْ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْإِنْجِيلُ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ ، وَأُنْزِلَ الْفُرْقَانُ لِأَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ )) (3) ؛ فهذا الحديث يدل على أن شهر رمضان هو الشهر الذي كانت تنزل فيه الكتب الإلهية على الرسل عليهم السلام، إلا أنها كانت تنزل على النبي الذي أنزلت عليه جملة واحدة ، وأما القرآن الكريم فلمزيد شرفه وعظيم فضله فإنما نزل جملةً واحدة إلى بيت العزة من السماء الدنيا ، وكان ذلك في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك كما قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] ، وقال سبحانه : {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ} [الدخان: 3] ، ثم بعد ذلك نزل مفرَّقاً على مواقع النجوم يتلو بعضه بعضاً . وفي هذا دلالةٌ على عِظَم شأن شهر الصوم - شهر رمضان المبارك - وأن له خصوصية بالقرآن الكريم ؛ إذ فيه حصل للأمة من الله هذا الفضلُ الكبير، نزولُ وحيه العظيم، وكلامه الكريم المشتمل على الهداية {هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} الهداية لمصالح الدين والدنيا ، وفيه تبيان الحق بأوضح بيان ، وفيه الفرقان بين الهدى والضلال ، والحق والباطل ، والظلمات والنور .
· ثم إن شهر رمضان فيه ليلة القدر التي قال الله عنها: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 2-3] ، أي العمل فيها خيرٌ من العمل في ألف شهرٍ سواها ، وكذا الأجر .
· وصيام هذا الشهر سببٌ لمغفرة الذنوب ؛ أخرج الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) (4) أي : إيماناً بالله ورضاً بفرضية الصوم عليه واحتساباً لثوابه وأجره ، ولم يكن كارهاً لفرضه ولا شاكاً في ثوابه وأجره ؛ فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه . وفي مسلم عن أبي هريرة أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ)) (5) .
· إضافةً إلى ما تقدم ذِكرُه ؛ فإن من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ، وأنه تصفَّد فيه الشياطين ، وتُفتح أبواب الجنة وتُغلق أبواب النار ، ولله في هذا الشهر عتقاء من النار وذلك كل ليلة .
· وفي هذا الشهر المبارك نصَرَ الله المسلمين على أعدائهم المشركين في غزوة بدر الكبرى ، وكان عدد المشركين في تلك الغزوة ثلاثة أضعاف المسلمين ، وفيه فتح الله مكة المكرمة البلد الآمن على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وطهَّرها من الأصنام ، وكان عدد الأصنام في البيت وحوله ثلاثمائة وستون صنماً ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحطم هذه الأصنام ويقول: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء:81] ، فهو شهر الجدِّ والنشاطِ والعمل ، شهر العبادةِ والجهادِ في سبيل الله ؛ فحقيقٌ بشهرٍ هذا فضله وهذا إحسان الله على عباده فيه أن يعظِّمه العباد ، وأن يكون موسماً لهم للعبادة وزاداً ليوم المعاد .
اللهم اجعلنا ممن يعرِف لهذا الشهر مكانته وحُرْمَتَه ، ووفِّقنا للقيام فيه بما يرضيك إنك سميع الدعاء .
اللهم وفِّقنا لطاعتك ، وأعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ، ويسِّرنا لليسرى ، وأتِمَّ علينا النعمة بالقيام بحق هذا الضيف الكريم ، وأعنّا على صيامه وقيامه وحُسن الأدب فيه يا رب العالمين.
---------------------------------
(1) طريق الهجرتين لابن القيم (ص: 175).
(2) مدارج السالكين لابن القيم (2/244).
(3) مسند أحمد (4/107 رقم: 16921). والطبراني (17646) ، واللفظ للإمام أحمد.
(4) متفق عليه ؛ البخاري (2014) ، مسلم (760)
(5) مسلم (233).
****************************************************
أذان الحرم المكي في العهد العثماني
*****
التدخين عقب الإفطار مباشرة يزيد مخاطر أمراض القلب
حذر الدكتور قاغان قولان رئيس قسم أمراض القلب في كلية الطب بجامعة غيرسون التركية من أن التدخين عقب الإفطار مباشرة في رمضان، يزيد من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية.
وقال قولان، إن "من يدخنون السجائر مباشرة بعد الإفطار في رمضان، يتعرضون لحالة من رعشة الجسم، وبالذات ارتعاش الأرجل والأقدام، بالإضافة إلى الدوخة، حيث أن تدخين سيجارة بعد فترة انقطاع طويلة، يستثير جميع آليات الدفاع في الجسم، وهو مالا يحدث في حال التدخين عبر فترات انقطاع قليلة".
وأضاف أن "التدخين في رمضان يلحق ضررا كبيرا بجدران الأوعية الدموية، أكثر من التدخين في بقية العام".
وذكر أن هناك دراسات تشير إلى زيادة الوفيات المرتبطة بالقلب في رمضان، مشيرا أن التدخين يسرع من تطور أمراض القلب والأوعية الدموية، كما قد يتسبب في وفيات مفاجئة.
ودعا قولان إلى استغلال فرصة شهر رمضان للبدء في الإقلاع عن التدخين، والاستفادة من اعتياد الجسم على التوقف عن تعاطي التبغ خلال ساعات الصوم الطويلة.
*****************************************************************
ذهب الكلام:«كأنك يا أبوزيد ما غزيت»
inShare
قصة المثل تلخص السيرة الهلالية أو ما يعرف بـ«تغريبة بني هلال».
بنو هلال من بطون العرب البادية، الذين يسكنون في شبه الجزيرة العربية ومرّوا بسنين عجاف استغرقت 8 سنوات عانوا فيها من القحط والجوع، فهلكت إبلهم فاجتمعوا إلى أميرهم حسن بن سرحان واتفقوا على إرسال مجموعة منهم لاستكشاف أرض يرتحلون إليها، وقد اختير الفارس أبو زيد الهلالي لهذه المهمة، فوافق أبوزيد، ولكنه اشترط أن يصطحب في رحلته ابني الأمير، وهما يحيى ويونس.
انطلقت المجموعة صوب مصر وتجاوزتها غرباً «تغريبة» حتى بلغت تونس بعد شهر فأعجبتهم خضرتها وتعرف إليهم أهلها واستغربوهم فذهبوا بهم إلى ملكهم «الزناتي».
ملك تونس هذا كان قد رأى في المنام يوماً أن هنالك رهطاً سوف يأتي إلى بلاده فتكون جيئتهم مقدمة لأفواج تتبعهم حتى يسلبوا الملك والأرض منه.
ولما رأى رهط أبي زيد أيقن أنهم هؤلاء، وتحاور معهم ليتأكد من هويتهم ومقصدهم، فكذبوا عليه وادعوا أنهم حجاج ضلوا الطريق ويطلبون العون الآن.
ولكن الملك الزناتي لم يطمئن فأسرهم جميعاً.
الخروج من السجن
أبو زيد الهلالي صاحب الأعاجيب استطاع الخروج من السجن، حيث ساعدته ابنة الملك «الصفيرا» التي اتفقت معه على أن تخبر أباها بأنه عبد، وأنه ليس من شيمنا أن نأسر إلا الفرسان.
وبالفعل، تركه الملك، وأمر بأن يعمل طباخاً، لكنه أمر أحد فرسانه «العلام» بمراقبته.
العلام قام بحيلة استطاع أن يكشف بها فروسية أبي زيد، وذلك بأن قام بعرض الفرسان والخيل أمامه فإذا بأبوزيد يترك ما بيده من أعمال ويراقب بتلهف عروض الفروسية، ويتحمس لها، فتيقن العلام من حقيقته واستجوبه، فاعترف أبو زيد، لكنه مفاوض جيد، استطاع إقناع العلام بأن يخلي سبيله، وتعاهدا على أن لا يقتل بعضهما الآخر إذا قام بنو هلال بغزو تونس.
وعاد أبو زيد ليخبر قومه، فجمعوا شتاتهم وزحفوا إلى تونس، ولكن علياء زوجته لم ترافقهم، فقد كانت على خلاف معه.
بنو هلال انتصروا على الزناتي بعد 3 أشهر من المعارك الطاحنة التي قادها أبو زيد الهلالي والفارس ذياب بن غانم.
أرسل أبو زيد لزوجته لتأتي إلى مستقرهم الجديد، ولكنها أجابت بأنه لا حاجة لذلك الآن، فالأمطار والخيرات عمت ديار بني هلال من جديد.
و..«كأنك يا أبو زيد ما غزيت».
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
3رمضان 1437هـ - 08 يونيو 2016م
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله قال الله عز و جل : إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به يدع شهوته و طعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربه و لخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك .
صحيح الجامع.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله قال الله عز و جل : إلا الصوم فإنه لي و أنا أجزي به يدع شهوته و طعامه من أجلي للصائم فرحتان فرحة عند فطره و فرحة عند لقاء ربه و لخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك .
صحيح الجامع.
*******************************************************************************
فَـضْلُ الصِّيَام
إن الصوم من أفضل العبادات وأجل الطاعات ، جاءت بفضله وعظيم شأنه نصوص عديدة .
فمن فضائل الصوم: أن الله كتبه على جميع الأمم وفرضه عليهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183] ، ولولا أنه عبادة عظيمة لا غنى للخلق عن التعبد بها لله وعمّا يترتب عليها من ثواب ما فرضه الله على جميع الأمم ، والغاية المرجوة من الصيام تحقق التقوى التي أمر الله ووصَّى بها جميع الأمم قال تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} [النساء:131] .
ومن فضائل الصوم : أن ثوابه لا يتقيد بعدد معيَّن بل يعطى الصائم أجره بغير حساب ، أخرج الشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قَالَ اللَّهُ : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ))(1) ، وفي رواية لمسلم : ((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ؛ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي))(2) .
وهذا الحديث الجليل يدل على فضيلة الصوم من وجوه عديدة فصَّلها العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :
الأول : أن الله اختص لنفسه الصوم من بين سائر الأعمال وذلك لشرفه عنده ومحبته له وظهور الإخلاص له سبحانه فيه ؛ لأنه سِرٌّ بين العبد وبين ربه لا يطلع عليه إلاَّ الله ، فإن الصائم يكون في الموضع الخالي من الناس متمكِّناً من تناول ما حرَّم الله عليه بالصيام فلا يتناوله لأنه يعلم أن له رباً يطلع عليه في خلوته ، وقد حرَّم عليه ذلك فيتركه لله خوفاً من عقابه ورغبة في ثوابه ؛ فمن أجل ذلك شَكَرَ الله له هذا الإخلاص واختص صيامه لنفسه من بين سائر أعماله ، ولهذا قال : ((يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي)) ، وتظهر فائدة هذا الاختصاص يوم القيامة كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ((إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يُحَاسِبُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَبْدَهُ وَيُؤَدِّي مَا عَلِيهِ مِنَ الْمَظَالِمِ مِنْ سَائِرِ عَمَلِهِ حَتَّى لاَ يَبْقَى إِلاَّ الصَّوْم ، فَيَتَحَمَّلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَيُدْخِلُهُ بِالصَّوْمِ الْجَنَّةَ))(3).
الثاني : أن الله قال في الصوم : (( وَأَنَا أَجْزِي بِهِ )) ؛ فأضاف الجزاء إلى نفسه الكريمة لأن الأعمال الصالحة يضاعف أجرها بالعدد ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، أما الصوم فإن الله أضاف الجزاء عليه إلى نفسه من غير اعتبار عدد ، وهو سبحانه أكرم الأكرمين وأجود الأجودين ، والعطية بقدر معطيها فيكون أجر الصائم عظيماً كثيراً بلا حساب ، وفي الصيام اجتمع الصبر بأنواعه كلها فهو صبر على طاعة الله، وصبر عن محارم الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة من الجوع والعطش وضعف البدن والنفس، فاجتمعت فيه أنواع الصبر الثلاثة وتحقق أن يكون الصائم من الصابرين ، وقد قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر:10] .
الثالث: أن الصوم جُنَّة ؛ أي وقاية وستر يقي الصائم من اللغو والرفث ، ولذلك قال: ((وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ)) ، ويقيه أيضاً من النار ، أخرج الإمام أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنْ النَّارِ))(4).
الرابع : أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك لأنها من آثار الصيام ، فكانت طيِّبة عند الله سبحانه ومحبوبة له ، وهذا دليل على عظيم شأن الصيام عند الله حتى إن الشيء المكروه المستخبث عند الناس يكون محبوباً عند الله وطيِّباً لكونه نشأ عن طاعته بالصيام.
الخامس : أن للصائم فرحتين : فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ؛ أما فرحه عند فطره : فيفرح بما أنعم الله عليه من القيام بعبادة الصيام الذي هو من أفضل الأعمال الصالحة ، وكم من أناس حرموه فلم يصوموا ، ويفرح بما أباح الله له من الطعام والشراب والنكاح الذي كان محرماً عليه حال الصوم . وأما فرحه عند لقاء ربه : فيفرح بصومه حين يجد جزاءه عند الله تعالى موفوراً كاملاً في وقت هو أحوج ما يكون إليه حين يقال : أين الصائمون ليدخلوا الجنة من باب الريان الذي لا يدخله أحد غيرهم .
ومن فضائل الصيام : أنه يشفع لصاحبه يوم القيامة ، روى أحمد والطبراني والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؛ يَقُولُ الصِّيَامُ أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، قَالَ فَيُشَفَّعَانِ))(5).
ومنها : أن للصائمين باباً في الجنة يقال له الريان لا يدخل منه إلا الصائمون روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ))(6).
ومن فضائل الصيام أن العبد إذا قام به على الوجه المشروع وأدّاه متحرياً فيه الإخلاص لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم فإنه يؤتي كثيراً من الثمرات اليانعة ؛ من الثبات على الحق ، وزيادة الإيمان ، وقوة اليقين ، والتحلي بالأخلاق الجميلة ، وانكسار الشهوة ، وانبعاث الأعمال القلبية من خوف ورجاء ومحبة ونحو ذلك . قال ابن القيم رحمه الله تعالى : "والمقصود : أن مصالحَ الصومِ لمَّا كانت مشهودةً بالعقول السليمةِ والفِطَرِ المستقيمة شرعه اللَّهُ لعباده رحمة بهم ، وإحساناً إليهم، وحِميةً لهم وجُنَّةً"(7) اهـ .
اللهم وفِّقنا لما تحب وترضى ، وخذ بنواصينا للبر والتقوى ، وعلِّمنا ما جهِلنا ، وانفعنا بما علمتنا ، واجعلنا من العالمين بفضل الصيام والعاملين بمقتضى ذلك من الإخلاص وإتقان الصيام وتكميله على الوجه الذي يرضيك .
*****
------------------------------
(1) متفق عليه ؛ البخاري(1904) ، مسلم (1150) ، واللفظ للبخاري.
(2) مسلم (1150).
(3) رواه البيهقي في السنن الكبرى (4/274) .
(4) رواه الإمام أحمد في المسند (3/396، رقم: 15200).
(5) مسند الإمام أحمد (2/174، رقم 6626)، مستدرك الحاكم (1/740) .
(6) صحيح البخاري (1896) ، ومسلم (1152) واللفظ للبخاري .
(7) زاد المعاد لابن القيم (2/28).
*******************************************************************************
خواطر رمضانية
الخاطرة الأولى : فرضية الصيام::
يقول تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم..الآية))(البقرة:183). فأخبر أن الصيام عبادة قديمة كتبت على الأمم قبلنا، و في ذلك بيان أنه شرع قديم.
و قد ذكر أن موسى عليه السلام لما واعده ربه بلقائه، صام ثلاثين يوماً، ثم زاده الله عشراً في قوله تعالى: ((و واعدنا موسى ثلاثين ليلة و أتممناها بعشر))(الأعراف:142).
و كذلك فإن لأهل الكتاب صياماً، و لكنهم يزيدون فيه و ينقصون.
و من شهد شهر رمضان و هو عاقل مكلف فإنه مأمور بصيامه، يقول تعالى: ((شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس و بيِّنات من الهدى و الفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصُمْه و من كان مريضاً أو على سفر فعدةٌ من أيام أخّر يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر…))(البقرة:185).
فعذر الله أهل المرض، و أهل السفر أن يفطروا لأجل اليسر، و رفع الحرج، و هذا من خصائص شريعتنا و فضائل ديننا.
و لا شك أن الله تعالى حكيم في أمره و في تشريعه، فما شرع الصوم و غيره من العبادات إلا لحكم عظيمة تعجز العقول عن إدراكها.
فالصوم فيه تأديب للنفوس و حرمان لها عن تلبية شهواتها. و لهذا فإن الصائم ينفطم و يترك الطعام و الشراب و شهوة النكاح طوال النهار، مدة قد تصل إلى خمس عشرة ساعة أو أكثر أو أقل.
و لا شك أنه في هذه الحالة غالباً ما يحسّ بفقد هذه الشهوات، و قد يتألم، و لكن لما كان تألمه عبادة لله و طاعة فإنه يهون على النفوس الطيبة، و يكون سهلاً على النفوس التقية النقية، ذلك أنه جوع و ظمأ في مرضاة الله، جوع سببه الامتثال لأمر الله تعالى.
و لأجل ذلك ورد في الحديث المشهور أن الله تعالى خصَّ الصوم لنفسه، ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: "كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي و أنا أجزي به"(أخرجه البخاري برقم 1904 في الصوم، باب: "هل يقول: إني صائم إذا شُتم؟"). و في رواية: "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز و جل: إلا الصيام… الحديث"(أخرجه مسلم برقم 1151-164 في الصيام، باب: "فضل الصيام").
يقول العلماء: إن كل عمل ابن آدم له أي يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، إلا الصوم فإنه لا ينحصر في هذه المضاعفة، بل يضاعفه الله أضعافاً كثيرة، فلا يدخل تحت الحصر، و ذلك لكونه طاعة خفية بين العبد و بين ربه، و لأن فيه صبراً عن شهوات النفس، و مجاهدة لها و إرغاماً لها على طاعة الله. و لهذا سمي هذا الشهر: "شهر الصبر"(كما في حديث سلمان الطويل الذي أخرجه ابن خزيمة في صحيحه برقم (1887). و انظر الدر المنثور (1/184). و إسناده ضعيف لضعف علي بن زيد، قال أحمد بن حنبل: ليس بالقوي، و قال ابن معين: ضعيف)، و الصبر ثوابه الجنة، قال الله تعالى: ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))(سورة الزمر:10). فيضاعف أجرهم إلى غير عدد، إلى أضعاف لا يعلمها إلا الله.
و الصبر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- صبر على طاعة الله.
2- صبر عن معاصي الله.
3- صبر على أقدار الله.
و كلها تجتمع في الصوم.
أما الصبر على طاعة الله: فالصائم يصبر عن تناول الشهوات، و هذا صبر على أوامر الله، صبر على طاعة الله.
أما الصبر عن معاصي الله: فإن المسلم إذا علم أنه إذا اقترف المعصية، فإن هذا سيجلب عليه سخط الله فإنه يتجنبها.
أما الصبر على أقدار الله: فإن المسلم يصبر على ما يصيبه، و ما يؤلمه من جوع و عطش، و كل ذلك دليل على أنه من الصابرين: و ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))[الزمر:10].
و لا شك أن هذا إنما يكون في الصوم الحقيقي، في الصوم المفيد، في الصوم الشرعي المبني على كتاب الله تعالى و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، لأن الصوم إنما يكون صوماً إذا ظهرت آثاره على الصائمين، و ذلك لأن صاحب هذا الصوم هو الذي يتأثر و ينتفع بصيامه.
و كذلك فإن صاحب هذا الصوم الشرعي الحقيقي هو الذي ينتفع بشفاعة الصيام له يوم القيامة، فعن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة؛ يقول الصيام: أيّ ربِّ منعتُه الطعام و الشهوة، فشفعني فيه، و يقول القرآن: منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال: فيُشَفَّعَان"(أخرجه أحمد في المسند (2/174) و رواه الحاكم في المستدرك (1/554). و الهيثمي في مجمع الزوائد: (3/181). قال أحمد شاكر (6627) إسناده صحيح).
********************************************************************************
فتاوى نسائية رمضانية
س1 : ما حكم تأخير قضاء الصوم إلى ما بعد رمضان القادم .
ج1 : من أفطر في رمضان لسفر أو مرض أو نحو ذلك فعليه أن يقضي قبل رمضان القادم ما بين الرمضانين محل سعة من ربنا عز وجل فإن أخره إلى ما بعد رمضان القادم فإنه يجب عليه القضاء ويلزمه مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم حيث أفتى به جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والإطعام نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف الكيلو تقريباً من تمر أو أُرز أو غير ذلك . أما إن قضى قبل رمضان القادم فلا إطعام عليه .
[ الشيخ بن باز ]
*****
س2 : منذ عشر سنوات تقريباً كان بلوغي من خلال امارات البلوغ المعروفة غير إنني في السنة الأولى من بلوغي أدركت رمضان ولم أصمه فهل يلزمني الآن قضاءُه ؟ وهل يلزمني زيادة على القضاء كفارة ؟
ج2 : يلزمك القضاء لذلك الشهر الذي لم تصوميه مع التوبة والاستغفار وعليك مع ذلك إطعام مسكين لكل يوم مقداره نصف صاع من قوت البلد من التمر أو الأرز أو غيرهما إذا كنت تستطيعين . أما إن كنتِ فقيرة لا تستطيعين فلا شئ عليكِ سوى الصيام .
[ الشيخ بن باز ]
*****
س3 : إذا طهرت النفساء قبل الأربعين هل تصوم وتُصلي أم لا ؟ وإذا جاءها الحيض بعد ذلك هل تفطر ؟ وإذا طهرت مرة ثانية هل تصوم وتُصلي أم لا ؟
ج3 : إذا طهرت النفساء قبل تمام الأربعين وجب عليها الغُسل والصلاة وصوم رمضان وحلت لزوجها فإن عاد عليها الدم في الأربعين وجب عليها ترك الصلاة والصوم وحرمت على زوجها في أصح قولي العلماء وصارت في حكم النُفساء حتى تطهر أو تكمل الأربعين فإذا طهرت قبل الأربعين أو على رأس الأربعين اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها وإن استمر معها الدم بعد الأربعين فهو دم فساد لا تدع من أجله الصلاة ولا الصوم بل تُصلي وتصوم في رمضان وتحل لزوجها كالمستحاضة وعليها أن تستنجي وتتحفظ بما يُخفف عنها الدم من القطن أو نحوه وتتوضأ لوقت كل صلاة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بذلك إلا إذا جاءتها الدورة الشهرية أعني الحيض فإنها تترك الصلاة .
[ الشيخ ابن باز ]
*****
س4 : هل يجوز تأخير غُسل الجنابة إلى طلوع الفجر وهل يجوز للنساء تأخير غُسل الحيض أو النُفساء إلى طلوع الفجر ؟
ج4 : إذا رأت المرأة الطهر قبل الفجر فإنه يلزمها الصوم ولا مانع من تأخير الغُسل إلى بعد طلوع الفجر ولكن ليس لها تأخيره إلى طلوع الشمس ويجب على الرجل المبادرة بذلك حتى يُدرك صلاة الفجر مع الجماعة .
[ الشيخ ابن باز ]
*****
س5 : ماذا على الحامل أو المرضع إذا أفطرتا في رمضان ؟ وماذا يكفي إطعامه من الأرز ؟
ج5 : لا يحل للحامل أو المرضع أن تفطر في نهار رمضان إلا لعذر فإن أفطرتا لعذر وجب عليهما قضاء الصوم لقوله تعالى في المريض : { وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } . [ البقرة : 184 ] وهما بمعنى المريض وإن كان عذرهما الخوف على المولود فعليهما مع القضاء إطعام مسكين لكل يوم من البر أو الأرز أو التمر أو غيرها من قوت الآدميين وقال بعض العلماء ليس عليهما سوى القضاء على كل حال لأنه ليس في إيجاب الإطعام دليل من الكتاب والسنة والأصل براءة الذمة حتى يقوم الدليل على شغلها وهذا مذهب أبي حنيفة وهو قوي .
[ الشيخ ابن عثيمين ]
*****
س6 : إمرأة وضعت في رمضان ولم تقض بعد رمضان لخوفها على رضيعها ثم حملت وأنجبت في رمضان القادم هل يجوز لها أن توزع نقوداً بدل الصوم ؟
ج6 : الواجب على هذه المرأة أن تصوم بدل الأيام التي أفطرتها ولو بعد رمضان الثاني لأنها إنما تركت القضاء بين الأول والثاني لعذر ولا أدري هل يشق عليها أن تقضي في زمن الشتاء يوماً بعد يوم وإن كانت ترضع فإن الله يقويها على أن تقضي رمضان الثاني فإن لم يحصل لها فلا حرج عليها أن تؤخره إلى رمضان الثاني .
[ الشيخ ابن عثيمين ].
*******************************************************************************
رمضانكم مبروك يا عليتنا
الشاعر علي الكيلاني
دخل بالهناء وتخرج معاه الفتنا
انشاء الله بلم العيله
وخرجت الفتنه البايسه الطويله
ويبدل الله الحال من ها اليليه
ونقولوا الله غالب ذهبنا وبتنا
رمضانكم ياهلنا
مبروك ربي برحمته يشملنا
وحشكم قتلنا والفراق ذبانا
ظوف قاهره طالت وما رحمتنا
رمضانكم يا حبابنا
مبروك يا جيرانا ويا صحابنا
ليكم فتحنا قلوبنا وبوابنا
والدار ما تعمر اللا بلمتنا
نقولوا عوينه
طارت توابعها الله يكفينا
واجد تكدرنا مصايب رينا
غريبه علينا موش من عادتنا
ربي يقرب
قلوب العرب والحازنين يطرب
والله لاتسامح من هنانا خرب
زرع شر فرقنا ونزع بركتنا
الله يرحم اللي ماتو
الشهداء ويخرب بيت حلف الناتو
وهاذي ايدينا ولي ايديكم هاتوا
نعيدوا بهما امجادنا وعزتنا
الدنيا تقري
الجاهل اللي غافل النور توري
وتكشف الفتنه والووجوه تعري
وجوه الخيانه والاعداء ورتنا
الدنيا تقلب
من قبل ديمه غالبه وتغلب
وسيع بالها ففعالها وتهلب
وتمهل وما تسهاش كيف سهوتنا
جاري وينك
تعال خوذ بيديا وجيب ايدينك
زيح الكريها وهات عيني فعينك
نصفي النوايا وننقضوا دولتنا
نشالله يعاود
خير وطنا وماتنقلاش مزاود
ولعيود ما تنظر اللا المراود
يجف دمعهن ونعاودوا لبسمتنا
رمضانكم مبروك يا عيلتنا
دخل بلهنا وتخرج معاه الفتنا
****************************************************************************
حكاوي هلنا مع الدكتور حمزة التهامي-2-
حكاوي هلنا مع الدكتور حمزة التهامي-2-
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
4رمضان 1437هـ - 09 يونيو 2016م
اللّهم ارزقنا في هذا اليوم الذهن والتنبيه، وباعدنا من السفاهة والتمويه، واجعل لنا نصيباً من كل خيرٍ تنزل فيه بجودك يا أجود الأجودين، اللّهم بِرحمَتِك الواسِعَةِ عُمّنا واكفِنا شرّ ما أهمّنا وأغمّنا، وعلى الإيمان الكاملِ والكتابِ والسُّنةِ جَمْعاً توفَّنا وأنت راضٍ عنّا، يا خيرَ الرازقين، اللّهم إنا نسألُك أن ترزُقَنا حبَّك.. وحبَّ من يُحبُّك وحبَّ كلِّ عملٍ يُقرِّبُنا إلى حبِّك، وأن تغفرَ لنا وترحمَنا، وإذا أردت بقومٍ فتنةً فاقبِضْنا إليك غيرَ مفتونين، لا خزايا ولا ندامى ولا مُبَدَّلين، برحمتكَ يا أرحمَ الراحمين، داوِنا اللّهمَّ بدوائِك واشفِنا بشفائِك واغْنِنا بفضلِك عمّن سِواك، يا كاسيَ العظامِ لحماً بعد الموت، ارحمنا إذا أتانا اليقين وعرق منا الجبين، وبكى علينا الحبيب والغريب، اللّهم ارحمنا إذا وُورينا التراب وغُلِّقَتِ من القبورِ الأبواب فإذا الوحشةُ والوحدةُ وهوّنِ الحساب.
اللّهم ارحمنا إذا بلغتِ التراقي وقيل من راق، وظن أنه الفراقُ والتفَّتِ السَّاقُ بالسَّاقِ، وحُمِلنا على الأعناقِ، إليك يا ربَّنا يومئذٍ المساق، اللّهم ارحمْنا يومَ تُبَدَّلُ الأرضُ غيرَ الأرضِ والسَّماوات.
*****************************************************************************
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ فِيهَا بَابٌ يُسمَّى الريان لا يدخله إلاَّ الصَّائِمُونَ ))
حديث صحيح عن سهل بن سعدصحيح الجامع ٤٢٤٢
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( الصَّوْمُ جُنَّةٌ يُسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ ))
حديث حسن عن عثمان بن أبي العاص صحيح الجامع ٣٨٦٧
قصيدة البردة للإمام البوصيري - أداء فرقة المادحين
*****************************************************************************
الصِّيَامُ عَـمَّا حَرَّمَ اللهُ
إن من آكد ما ينبغي على الصوَّام لزومُهُ والعنايةُ به حفظَهم لصيامهم من نواقص قدره ومذهبات أجره .
روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا ؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ))(1).
فمع قيام هذا العبد بالصلاة والصيام والزكاة إلا أنه قد فقَدَ أجرها وخسِر ثوابها بما اقترفت جوارحه من الظلم والعدوان وبما اكتسب لسانه من الشتم والبهتان فكان من المفلسين .
ولهذا ؛ فإن مما ينبغي أن يفيده المسلم من صيامه ويجنيه من طاعته العظيمة هذه أن يعلم أن وجوب الصيام عن الطعام والشراب وسائر المفطرات محله شهر رمضان من طلوع فجره إلى غروب شمسه ، أما الصيام عن الحرام فمحله طيلة أيام السنة بل طيلة عمر الإنسان ، فالمسلم يصوم في أيام شهر رمضان عما أحلَّ الله له في غيره وعمّا حرَّم ، ويصوم طيلة حياته عن الحرام ، وذلك أن الصوم في اللغة : إمساكٌ وامتناع ، فإمساكُ وامتناع العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج عما مُنِعَت عنه من الحرام هو صيام من حيث اللغة ، وهو واجب على الإنسان مدة حياته وطول عمره .
والله سبحانه لما تفضَّل على عباده بهذه النعم العظيمة - العين واللسان والأذن واليد والرجل والفرج وغيرها - أوجب عليهم استعمالُها فيما يرضيه ، وحرَّم عليهم استعمالها فيما يسخطه ، ومن تمام شكر الله على هذه النعم استعمالها فيما أمر الله أن تُستعمل فيه ، وكفُّها ومنعها عما حرَّم الله ، وإمساكها عن الوقوع في معصيةِ مَنْ تفضَّل بها وهو الله سبحانه .
فالعين - مثلاً - شُرع استعمالها في النظر إلى ما أحلَّ الله ، ومُنع استعمالها في النظر إلى الحرام كالنظر إلى الأجنبيات ، أو النظر إلى ما تبثه كثير من الفضائيات والمرئيات من تمثيليات فاضحة وأفلام ساقطة ومناظر هابطة إلى غير ذلك، وامتناعها عن هذا النظر هو صيامٌ لها ، وحُكْمه مستمرٌّ دائم .
والأذن شُرع استعمالها في استماع ما أمر الله به وما أباح لها ، وحُرِّم استعمالها فيما لا يجوز سماعه من لغوٍ أو لهوٍ أو غناءٍ أو كذبٍ أو غيبة أو غير ذلك مما حرَّم الله ، وامتناعها عن ذلك هو صيامٌ لها ، وحكمه مستمرٌ دائم .
واليد شُرع استعمالها فيما أمر الله به وفي تعاطي ما هو مباح ، ومُنِع استعمالها فيما حرَّم الله ، وامتناعها عن ذلك صيامٌ لها ، وحكمه مستمرٌ دائم.
وكذلك الفرج فقد شُرع الله استعماله في الحلال ، ومُنع من استعماله في الحرام كالزنا واللواط وغيرهما ، وامتناعه عن ذلك صيامٌ له ، وحكمه مستمرٌ دائم .
وقد وَعَدَ الله من شكر هذه النعم واستعملها فيما يرضيه بالثواب الجزيل والأجر العظيم والخير الكثير في الدنيا والآخرة ، وتَوَعَّدَ سبحانه من لم يحافظ عليها ولم يراعِ الحكمة من خلْقها وما أريد استعمالها فيه بل أطلقها فيما يسخط الله ويغضبه بالعذاب والعقاب ، وأخبر سبحانه أن هذه الجوارح مسؤولة يوم القيامة عن صاحبها وهو مسؤول عنها ، قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36] ، وقال سبحانه: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس: 65] ، وقال عز وجل: {وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت:19-21] .
وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى معاذ بن جبل بحفظ لسانه فقال له معاذ : ((يَا نَبِيَّ اللَّهِ ! وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ))(2) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ))(3)، ورواه الترمذي وحسَّنه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ولفظه : ((مَنْ وَقَاهُ اللَّهُ شَرَّ مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَشَرَّ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ))(4)، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ))(5)، وفي الصحيحين أيضاً من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : ((قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ ؟ قَالَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ)) (6)
فهذه النصوص وما جاء في معناها قد دلّت على أن الواجب على العبد أن يصون لسانه وفرجه وسمعه وبصره ويده ورجله عن الحرام ، وهو صيام من حيث اللغة ، وهذا الصيام لا يختص بوقت دون آخر ، بل يجب الاستمرار عليه حتى الممات طاعةً لله عز وجل ليفوز برضا الله وثوابه ويسْلَم من سخطه وعقابه ؛ فإذا أدرك المسلم أنه في شهر الصيام امتنع عما أحلَّ الله له لأن الله حرَّم عليه ذلك في أيام شهر رمضان فليدرك أيضاً أن الله قد حرَّم عليه الحرام مدّة حياته وطوال عمره ، وعليه الكفُّ عما حرَّم والامتناع عنه دائماً خوفاً من عقاب الله الذي أعدَّه لمن خالف أمره وفَعَلَ ما نهى عنه .
ومن حفظ لسانه عن الفحش وقول الزور ، وفرجه عمّا حرَّم الله عليه ، ويده من تعاطي ما لا يحل تعاطيه ، ورجله عن المشي إلاَّ فيما يرضيه ، وسمعه عن سماع ما يحرُم سماعه ، وبصره عما حرَّم الله النظر إليه ، واستعمل هذه الجوارح في طاعة الله وما أحلَّ له وحفظها وحافظ عليها حتى توفاه الله فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعدَّه الله لمن أطاعه من النعيم المقيم والفضل العظيم مما لا يخطر على بال ولا يحيط به مقال ، وأول ما يلاقيه من ذلك : ما بيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجري للمؤمن عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة حيث يأتيه عند الموت وفي آخر لحظاته من الدنيا ملائكة كأن وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة يتقدمهم ملك الموت فيقول : ((أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ، فَتَخْرُجُ تَسِيلُ كَمَا تَسِيلُ الْقَطْرَةُ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَيَأْخُذُهَا فَإِذَا أَخَذَهَا لَمْ يَدَعُوهَا فِي يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ حَتَّى يَأْخُذُوهَا فَيَجْعَلُوهَا فِي ذَلِكَ الْكَفَنِ وَفِي ذَلِكَ الْحَنُوطِ وَيَخْرُجُ مِنْهَا كَأَطْيَبِ نَفْحَةِ مِسْكٍ وُجِدَتْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ، قَالَ فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا يَمُرُّونَ يَعْنِي بِهَا عَلَى مَلَإٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا مَا هَذَا الرُّوحُ الطَّيِّبُ ؟! فَيَقُولُونَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِأَحْسَنِ أَسْمَائِهِ الَّتِي كَانُوا يُسَمُّونَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا حَتَّى يَنْتَهُوا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَسْتَفْتِحُونَ لَهُ فَيُفْتَحُ لَهُمْ فَيُشَيِّعُهُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ مُقَرَّبُوهَا إِلَى السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهَا حَتَّى يُنْتَهَى بِهِ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ اكْتُبُوا كِتَابَ عَبْدِي فِي عِلِّيِّينَ وَأَعِيدُوهُ إِلَى الْأَرْضِ فَإِنِّي مِنْهَا خَلَقْتُهُمْ وَفِيهَا أُعِيدُهُمْ وَمِنْهَا أُخْرِجُهُمْ تَارَةً أُخْرَى ، قَالَ فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ فَيُجْلِسَانِهِ فَيَقُولَانِ لَهُ مَنْ رَبُّكَ ؟ فَيَقُولُ رَبِّيَ اللَّهُ ، فَيَقُولَانِ لَهُ مَا دِينُكَ ؟ فَيَقُولُ دِينِيَ الْإِسْلَامُ ، فَيَقُولَانِ لَهُ مَا هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بُعِثَ فِيكُمْ ؟ فَيَقُولُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَيَقُولَانِ لَهُ وَمَا عِلْمُكَ ؟ فَيَقُولُ قَرَأْتُ كِتَابَ اللَّهِ فَآمَنْتُ بِهِ وَصَدَّقْتُ فَيُنَادِي مُنَادٍ فِي السَّمَاءِ : أَنْ صَدَقَ عَبْدِي فَأَفْرِشُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَأَلْبِسُوهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَافْتَحُوا لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ ، قَالَ فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَطِيبِهَا وَيُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ مَدَّ بَصَرِهِ ، قَالَ وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ ؟! فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ، فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ ، فَيَقُولُ رَبِّ أَقِمْ السَّاعَةَ حَتَّى أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي))(7).
هذا هو ثواب الصائمين عما حرم الله ، الملازمين لطاعة الله ، المحافظين على أوامره ، المجتنبين لنواهيه . جعلنا الله وإياكم منهم ، وهدانا سلوك سبيلهم .
*****
---------------------
(1) مسلم (2581).
(2) رواه الترمذي (2616) ، وابن ماجه (3973) ، واللفظ للترمذي .
(3) رواه البخاري (6474).
(4) سنن الترمذي (2409).
(5) متفق عليه ؛ البخاري (6135) ، مسلم (47) .
(6) متفق عليه ؛ البخاري (11) ، مسلم (42).
(7) رواه الإمام أحمد في المسند (18534) .
*****************************************************************************
ذهب الكلام:رجع بخُفّيْ حُنين
لكل حكمة ومثل عند العرب قصة، تبين الموضع الذي يضرب فيه ذاك المثل وتلك الحكمة. ومن بين ذلك قولهم «رجع بخُفّي حُنين» للدلالة على أنه رجع صفر اليدين مما ذهب لأجله.
فمن هو حنين هذا؟ وما هي قصة المثل الشائع بين الناس؟
كان حُنين حَذّاءً «اسكافياً» فجاءه أعرابي ذات يوم ليشتري منه خُفّين. لم يقبل الأعرابي السعر الذي طلبه حنين ثمناً للخفين، وظلّ يساومه لينقص السعر حتى تضايق حنين منه. وبعد نقاش طويل انصرف الأعرابي من غير أن يشتري الخفين. فغضب حنين، وأراد أن يغيظه، وفكر له في خدعة يخدعه بها.
ركب الأعرابي جمله ليعود إلى قبيلته، فأسرع حنين إلى الطريق الذي سيسلكه الأعرابي فوضع أحد الخفين في وسط الطريق، وسار مسافة ثم ألقى الخفّ الآخر في مكان أبعد قليلاً.
مر الأعرابي بمكان الخفّ الأول، فأمسك بالخفّ ونظر إليه متعجباً وقال: «ما أشبه الخف بخف حنين الإسكافي! ماذا يفيد هذا الخف وحده ؟! لو كان معه الخف الآخر لأخذتهما». ترك الأعرابي الخف، وتابع طريقه حتى وصل إلى الخف الثاني! فنزل من فوق الجمل وأمسك الخف الثاني، وقلّبه في يده وقال: يا للعجب! هذا الخف أيضاً يشبه خُفَّ حنين تماماً، يا لسوء الحظ ! لماذا تركت الخف الأول لو أخذته معي، لنفع الخفان. ينبغي أن أرجع فوراً وأُحضر الخُفَّ الأول، وكان حُنين يراقب الأعرابي من خلف تلّ قريب لينظر ماذا سيفعل. فلما رآه قد مشى ليحضر الخف الأول أسرع وساق جمله بما عليه من بضاعة واختفى.
رجع الأعرابي يحمل الخف الأول، فوجد الخف الثاني على الأرض ولم يجد جمله. حمل الخفين ورجع إلى قبيلته.
تعجب القوم عندما رأوا صاحبهم يرجع إليهم ماشياً على رجليه وليس راكباً على جمله فسألوه: «بماذا جئت من سفرك».
فأجابهم: «جئت بخفي حُنين» وأراهم الخفين. فسخر القوم منه وظلوا يرددون: «رجع بخُفّي حُنين».
وهكذا بقيت العرب تضرب هذا المثل لمن يعود إلى أهله خائباً، خالي الوفاض وقد أضاع جهده وماله ووقته.
ترى، كم من عبرة في هذا المثل، وسواه، فوق ما درج الناس على تداوله!
ففي هذه القصة أكثر من رسالة ذات دلالة، فمثلاً صاحب الجمل، لم يضيع وقته وجهده فحسب، وإنما أضاع الفرصة السانحة أيضاً حينما استغنى عن فردة الحذاء الأولى وهكذا.
**************************************************************************الوطن بخير
الشاعر علي الكيلاني
الوطن بخير
ملي قال طاح
ملي قال راح
ملي قال مكسور الجناح
هلي فيه ناسه ما يطيح
وهلي فيه خيله مايريح
وفيه ارجال تحلف بالمليح
فيه صدور تحني في الرماح
يدور الوقت و تبرم الريح
ووبعد الليل بيشرق صباح )
ما تقولوش طاح
ما تقولوش راح
ملي قال ضاع
ملي قال جاع
وملي قال للطامع انباع
هلي فيه ناسه ما يضيع
تعطي الروس دونه وما اتبيع
علي سباه خشوا فيا الضريع
يبقوا اسياد ما يولوا اتباع
روس ضناه نوار و ربيع
اوسام الشرف لصدرك اوشاح
ما تقولوش راح
ماتقولوش راح
ملي قال مال
ملي قال زال
وملي قال مجده لي زوال
هلي فيه ناسه مايزول
اللي بيقول كيف يبي يقول
ايجيه دليل يعلن ع الوصول
الغمه تضل نعمه ونشراح
ما تقولوش راح
ما تقولوش طاح
ملي قال ساب
ملي قال طاب
وملي قال متحتح وذاب
هلي فيه ناسه ما يسيب
صح تموت لكن ما تغيب
ما يخلوه فسحه لي غريب
وهوا فيه حيا ع الفلاح
ما تقولوش طاح
ماتقولوش راح
ملي قال هان
وملي قال كان
وملي قال طاويه الزمان
هلي فيه خيله ما يهون
ولا ترتاح رجله من يكون
فيه عيون تحسب في عيون
وجيل يهم بالله مستعان
مخلصين للقلب الحنون
اللي للوطن دار همه وشان
صانع مجد يقعد ليقرون
بروح ودم لجل الوطن ساح
ما تقولش طاح
وطنك فيه تريس عصارا. مابيريح
والوطن يحاموه احراره. مابيطيح
**************************************************************************
حكاوي هلنا مع الدكتور حمزة التهامي-3-
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
5 رمضان 1437هـ - 10 يونيو 2016م
اللّهم قوّني في رمضان على إقامة أمرك وارزقني فيه حلاوة ذكرك، وأوزعني فيه لأداء شكرك بكرمك واحفظني فيه بحفظك وسترك يا أبصر الناظرين يا خير الناصرين، اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.
اللّهمّ صن وجهي باليسار ولا تبذل جاهي بالإقتار فأسترزق طالبي رزقك وأستعطف شرار خلقك، وأُبتلى بحمد من أعطاني وأفتن بذمّ من منعني وأنت من وراء ذلك كلّه وليّ الإعطاء والمنع إنّك على كلّ شيءٍ قدير.
يا كريم.. اللهم يا ذا الرحمة الواسعة، يا مطلعاً على السرائر والضمائر والهواجس والخواطر، لا يعزب عنك شيء، أسألك فيضة من فيضان فضلك، وقبضة من نور سلطانك، وأنساً وفرجاً من بحر كرمك، بيدك الأمر كله ومقاليد كل شيء، فهب لنا ما تقر به أعيننا، وتغنينا عن سؤال غيرك، فإنك واسع الكرم، كثير الجود، حسن الشيم، وببابك واقفون، ولجودك الواسع المعروف منتظرون يا كريم يا رحيم.
****************************************************************************
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عزوجل: كل عمل بن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري ومسلم.
*************
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حِينَ يلقى ربه ))
حديث صحيح عن أبي هريرةصحيح الجامع ٥١٨٣
****************************************************************************
شباب حول النبي
اللّهم قوّني في رمضان على إقامة أمرك وارزقني فيه حلاوة ذكرك، وأوزعني فيه لأداء شكرك بكرمك واحفظني فيه بحفظك وسترك يا أبصر الناظرين يا خير الناصرين، اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.
اللّهمّ صن وجهي باليسار ولا تبذل جاهي بالإقتار فأسترزق طالبي رزقك وأستعطف شرار خلقك، وأُبتلى بحمد من أعطاني وأفتن بذمّ من منعني وأنت من وراء ذلك كلّه وليّ الإعطاء والمنع إنّك على كلّ شيءٍ قدير.
يا كريم.. اللهم يا ذا الرحمة الواسعة، يا مطلعاً على السرائر والضمائر والهواجس والخواطر، لا يعزب عنك شيء، أسألك فيضة من فيضان فضلك، وقبضة من نور سلطانك، وأنساً وفرجاً من بحر كرمك، بيدك الأمر كله ومقاليد كل شيء، فهب لنا ما تقر به أعيننا، وتغنينا عن سؤال غيرك، فإنك واسع الكرم، كثير الجود، حسن الشيم، وببابك واقفون، ولجودك الواسع المعروف منتظرون يا كريم يا رحيم.
****************************************************************************
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عزوجل: كل عمل بن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنّة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه) رواه البخاري ومسلم.
*************
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ حِينَ يُفْطِرُ وَفَرْحَةٌ حِينَ يلقى ربه ))
حديث صحيح عن أبي هريرةصحيح الجامع ٥١٨٣
****************************************************************************
شباب حول النبي
****************************************************************************
سَلاَمَةُ القُلُوبِ وَالأَلْسُنِ
روى الحاكم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَيْسَ الصِّيَامَ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ، وَجَهِلَ عَلَيْكَ فَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ ))(1) ، وأخرج الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ))(2).
إن من السمات العظيمة والصفات الكريمة الدالة على كمال إيمان الصائمين المخبتين ونُبل أخلاقهم سلامة صدورهم وألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين ، فليس في قلوبهم غلٌّ أو حسدٌ أو ضغينة ، وليس في ألسنتهم غيبةٌ أو نميمةٌ أو كذبٌ أو وقيعة ، بل لا يحملون في قلوبهم إلا المحبة والخير والرحمة والعطف والإكرام ، ولا تجري على ألسنتهم إلا الكلمات النافعة والأقوال المفيدة والدعوات الصادقة ، فهم في زمرة من أثنى الله عليهم وزكَّاهم بقوله تعالى : {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10] ، فنعَتَهم ربهم بخصلتين عظيمتين وخلتين كريمتين : إحداهما تتعلق باللسان ؛ فليس في ألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين إلا النصح والدعاء {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} ، والخصلة الثانية تتعلق بالقلب ؛ فقلوبهم سليمة تجاه إخوانهم المؤمنين ليس فيها غلّ أو حسد أو حقد أو ضغينة أو نحو ذلك.
وسلامة الصدر واللسان هما من أوضح الدلائل وأصدق البراهين على تمام الصيام وكماله، وقد كان السلف رحمهم الله يعدّون الأفضل فيهم أسلمهم صدراً ولساناً ، قال إياس بن معاوية بن قرة : ((كان أفضلهم عندهم - أي السلف - أسلمَهم صدوراً وأقلهم غيبة))(3) ، وقال سفيان بن دينار : ((قلت لأبي بشير - وكان من أصحاب علي - : أخبرني عن أعمال من كان قبلنا ، قال : كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً ، قال قلت : ولم ذلك ؟ قال : لسلامة صدورهم))( 4)
ورمضان فرصة ذهبية وهِبة إِلهِيَة لتسلَم الصدور والألسن من كل الكدورات والأدواء ؛ فليست العبرة من صيامك أن تمتنع عن الطعام والشراب ويفطر قلبك على الحقد والحسد والبغض لعباد الله ، أو يفطر لسانك على الغيبة والنميمة والغش والكذب والسباب والشتم ؛ لأن من كان هذا حاله فما استفاد من صيامه إلا الجوع والعطش، وفي الحديث: ((رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ))(5) رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
ولقد كان السبب الأعظم لسلامة صدور أولئك الأخيار وألسنتهم هو قوة صلتهم بالله وشدة رضاهم عنه ، قال ابن القيم رحمه الله : ((الرضا يفتح له باب السلامة ؛ فيجعل قلبه سليماً نقياً من الغش والدغل والغل ، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلبٍ سليم ، كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا ، وكلما كان العبد أشد رضا كان قلبه أسلَم ، فالخبث والدغل والغش قرين السخط ، وسلامة القلب وبره ونصحه قرين الرضا ، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط ، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضا))(6)
وثمرات سلامة القلب التي هي ثمرة من ثمرات الرضا لا تُعَد ولا تُحْصى ؛ فسلامة الصدر راحةٌ في الدنيا وأنسٌ وطمأنينة ، وثوابه في الآخرة من أحسن الثواب ، وغنيمته إذ ذاك أكبر غنيمة . وفي الخبر قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : ((دُخِلَ عَلَى أَبِي دُجَاَنَةَ رضي الله
ومما يعين المسلم على سلامة صدره ولسانه تجاه إخوانه : اللجوءُ إلى الله عز وجل وسؤالُهُ ذلك بصدق وإخلاص ، والنظرُ في العواقب الحميدة والنتائج المباركة في الدنيا والآخرة المترتبة على ذلك ، وكذلك النظرُ في العواقب السيئة والنتائج الوخيمة التي يجنيها ويحصِّلها من كان في قلبه غل أو حقد أو حسد أو نحو ذلك .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أدعيةٍ كثيرة أُثِرَت عنه سؤالُ الله هداية القلب وسلامته وثباته ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : ((اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا))(، وقوله : ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ))(9)، وقوله: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))(10)، وقوله: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُورًا))(11).
ألا فلنغتنم هذا الشهر المبارك لعلاج أمراض القلوب والألسن ولنحرص كل الحرص على طهارتها وسلامتها ؛ لأن بسلامتها تسلم للمرء نفسه ودينه ودنياه ، وبفسادها يفسد الدين والدنيا ، ولقد علَّمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم دعاءً عظيماً يقوله المسلم في صباحه ومسائه وإذا أوى إلى فراشه ، يستعيذ فيه المرء بالله من مصدري الشر اللذين يصدر عنهما ومن الغايتين اللتين يؤدي إليهما أحد هذين المصدرين أو كلاهما ؛ روى الترمذي وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ((أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِكَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ ؟ قَالَ : قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ قَالَ قُلْهَا إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ))(12) ، وفي رواية أخرى: ((وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ)) (13).
فتضمن هذا الحديث العظيم الاستعاذة بالله من الشر وأسبابه وغايته ؛ فإن الشر كله إما أن يصدر من النفس أو من الشيطان ، فاستعاذ بالله منهما في قوله : ((أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ)) ، وغاية الشر إما أن تعود على العامل نفسه أو على أخيه المسلم فاستعاذ بالله من ذلك بقوله: ((وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ)) ، فلله ما أكمله من دعاء وما أعظم مقاصده وأروع دلالاته ، وما أجمل أن يوظفه الصائم في أذكار صباحه ومسائه وعند نومه في هذا الشهر المبارك وفي سائر أيام عمره .
اللهم إنا نسألك قلوباً خاشعة ، وألسناً ذاكرة ، ونفوساً طائعةً مطمئنة ، ونعوذ بك اللهم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، ونعوذ بك من شر الشيطان وشركه وأن نقترف على أنفسنا سوءً أو نجرُّه إلى أحد من المسلمين.
****************************************************************************
القرآن سبيل النجاة من الفُرقة والاختلاف
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب*
عندما تختلف الأمة أفراداً أو جماعات فتردّ أمورها إلى الله وإلى رسوله يتبين لها الحق من الضلال وتتجلى الحقائق للعيان.. فما أحرانا في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ الأمة أن نحتكم إلى القرآن، لأن فيه بلا شك وحدة الأمة ونجاتها من الفرقة والتشرذم، فقد كفانا ما ذقناه من المذلة والهوان والضعف والأحزان.
ولا أدل على ذلك من تلكم المعضلات التي أحاطت بالأمة أفراداً وجماعات، وعندما رضوا بالقرآن حُكماً وحَكماً عادت المياه إلى مجاريها، ولله در هذا القاضي الأندلسي الذي شكا إليه أحدهم أنه قد استودع صاحبه أمانة، ولما جاء إليه يستردها منه ادعى أن الأمانة تلفت من غير تعدٍّ منه ولا تقصير. ولما سأل القاضي المدعى عليه عن حجته في ذلك، قال إنه بذل وسعه في حفظ الأمانة ولم يألُ لها جهداً في حفظها، ثم أكد حجته قائلاً: «كيف أهمل حفظي لهذه الأمانة التي كانت تؤخرني عن أداء الصلاة؟!».
عندئذٍ وعلى الفور أمره القاضي بضمان قيمتها؟! فتعجب القضاة من هذا الحكم، وقيل له: «كيف حكمت بذلك ولا بينة من المدعي ولا إقرار من المدعى عليه؟»، فأجاب: «بلى، إن المدعى عليه قد أقر على نفسه، وإنني قد تأولت قول عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «من ضيعها فهو لما سواها أضيع»، فلما اعترف بأنه ضيع أمانة الله علمتُ بأنه سيضيع أمانة البشر».
نعم، لقد وضع هذه القاضي قاعدة في معرفة الرجال، وهي أن الصلاة ميزان لسائر الأعمال.
حضارة القرآن
هناك في مغرب الإسلام، كانت وفود أوروبا تفد إلى بلاد الأندلس، لتنهل من معين المعرفة، ومنها كانت تنطلق قوافل العلماء إلى الغرب، حاملةً معها حضارة القرآن وعدالة السماء وسماحة القضاء.
ومرة أخرى يأتي دور القضاء لقطع دابر الاختلاف والفرقة في صفوف الأمة بالحجة القرآنية والحكمة النبوية، فقد اختلفت طائفتان من المسلمين، فقالت إحداهما: «إن سيدنا علياً، كرم الله وجهه، أفضل الأمة»، وقالت الأخرى: «إن سيدنا أبا بكر، رضي الله عنه، هو الأفضل، وقد ارتضوا بالإمام عبد الرحمن بن الجوزي حَكَماً بينهم، فارتقى المنبر، وبعد أن استفتح بالصلاة على النبي الكريم، عليه الصلاة وأفضل السلام وعلى آله الأطهار، أجاب: «خيرهما من كانت ابنته تحته»، لأن فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، زوجة علي، كرم الله وجهه، وعائشة أم المؤمنين بنت أبي بكر، رضي الله عنه، فرضيت الطائفتان وأعادوا السيوف إلى أغمادها.
الفقير والغنيولا يزال التاريخ يسرد لنا الخلاف اللطيف بين الأغنياء مع الفقراء، وأي الفئتين أفضل عند الله عز وجل، فقال الفقراء: «إن الفقير الصابر أفضل عند الله، لأن الله لو رزقنا كما رزقكم لفعلنا مثل ما تفعلون من البذل والصدقة»، وقال الأغنياء: «بل نحن أفضل، لأننا شكرنا نعمة الغنى، وأدينا حق المال!»، وفي كل مرة يحتكمون إلى العلماء، فمنهم من قال: «الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر»، ومنهم من قال: «بل الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر»، وكل يدلي بحجته، وظل الأمر كذلك حتى فصل بينهم الإمام سفيان الثوري الخطاب، ورضيت الفرقتان بحجته، فقال، رحمه الله: «كلاهما سواء! لأن الله تعالى أثنى على عبدين أحدهما صابر والآخر شاكر ثناءً واحداً، فقال في وصف أيوب الذي مسّه الضر: «نعم العبد إنه أواب»، وقال في وصف سليمان الذي آتاه الله الملك والغنى: «نعم العبد إنه أواب».
ملَكة
إن تأويل كتاب الله عز وجل ملَكة إيمانية لا تهب رياحها الطاهرة إلا على أهل القرآن الذين ارتفعت أنفسهم عن سفاسف الأمور إلى معاليها، وعاشت في الأجواء الإيمانية العالية التي ترفرف عليها أجنحة الملائكة، يُباهى بهم في الملأ الأعلى، إنها هبة ربانية قرنها القرآن بالطاعة والتقوى، فقال عز وجل: «واتقوا الله ويعلمكم الله».
* أستاذ جامعي وإعلامي
****************************************************************************
ذهب الكلام:من نوادر أبي دلامة
أبو دلامة: زند بن الجون، رجل كوفي خفيف الظل أدرك آخر زمن بني أمية ولم يكن له نباهة في أيامهم، ولكنه نبغ في أيام بني العباس، فانقطع إلى أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور والمهدي، وكانوا يقدمونه ويفضلونه ويستطيبون مجالسته ونوادره.
روي أنه لما توفي الخليفة العباسي أبو العباس السفاح دخل أبو دلامة على خليفته المنصور والناس عنده يعزونه، فأنشد:
مات الندى إذ متَّ يا بن محمدٍ
فجعلته لك في التراب عديلا
قال: فأبكى الناس قوله. وغضب المنصور غضباً شديداً وقال: إن سمعتك تنشد هذه القصيدة لأقطعن لسانك. قال: يا أمير المؤمنين، إن أبا العباس أمير المؤمنين كان لي مكرماً، وهو الذي جاء بي من البدو، كما جاء الله بإخوة يوسف إليه، فقل كما قال يوسف: «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين». فقال المنصور: قد أقلناك يا أبا دلامة، فسل حاجتك. قال: يا أمير المؤمنين، قد كان أبو العباس أمر لي بعشرة آلاف درهم وخمسين ثوباً وهو مريض ولم أقبضها. فقال المنصور: ومن يعلم ذلك؟ قال: هؤلاء وأشار إلى جماعة ممن حضر فوثب سليمان بن مجالد وأبو الجهم فقالا:
صدق أبو دلامة، نحن نعلم ذلك. فقال المنصور لأبي أيوب الخازن وهو مغيظ: يا سليمان ادفعها إليه وسيّره إلى ذا الطاغية يعني عبد الله بن علين، وكان قد خرج بالشام وأظهر الخلاف فوثب أبو دلامة وقل: يا أمير المؤمنين، أعيذك بالله أن أخرج معهم، ووالله ما أحب أن يجرب ذلك مني على مثل هذا العسكر، فإني لا أدري أيهما يغلب: يمنك أو شؤمي، إلا أني بنفسي أوثق وأعرف وأطول تجربة. فقال الخليفة: دعني وهذا، فمالك من الخروج بد. قال: فإني أصدقك الآن، شهدتُ والله تسعة عشر عسكراً كلها هزمت، وكنت سببها، فإن شئت الآن على بصيرة أن يكون عسكرك تمام العشرين فافعل. فضحك المنصور وأمره أن يتخلف مع عيسى بن موسى بالكوفة.
وقيل: إنه خرج يوماً مع المهدي ووزيره علي بن سليمان إلى الصيد، فسنح لهما قطيع من ظباء، فأرسلت الكلاب وأجريت الخيل، ورمى المهدي سهماً فأصاب ظبياً، ورمى علي بن سليمان فأصاب كلباً فقتله، فقال أبو دلامة متودداً إلى الخليفة:
قد رمى المهدي ظبياً
شك بالسهم فؤاده
وعلي بن سليمان
رمى كلباً فصاده
فهنيئاً لهما كل
امرئ يأكل زاده!
فضحك المهدي حتى كاد يسقط عن سرجه، وقال: صدق والله أبو دلامة، وأمر له بجائزة.
****************************************************************************
خساره
الشاعر علي الكيلاني
خساره
عارف اتقولو اخصاره
اشتقنا الهناء واللمه
واللي مفارق جاره
واللي خصر بن عمه
اييييييييييييه
هكي الوقت وين ينوي السيه
يدخل بين ضفرك واللحم
ويبدي خوك ولد امك رزيه
وبعد الود تطعم السم
اييييييييييييه
ماهيش غير اخصاره
تنظر قهاير تنقهر
وترقد الخاطر منكسر
بعد الهناء واللمه
لا جار لا بن عمه
اييييييييييييه
عارف تقولوا راحت
ايام الهناء ماتولي
ريحت كريهه فاحت
وصوت الجفا، متعلي
ايييييييييييييه
هكي الوقت وين يرفع اغطاها
يعري اوجوه ويبان القبيح
يا جيران يا كابر معاها
تفوتك وين تدعثر اطيح
ايييييييييييه
وماهيش غير اخصاره
تنظهر قهاير تنقهر
وترقد الخاطر منكسر
بعد الهناء واللمه
لاجار لابن عمه
عارف تقولوا وينك
غايب ورايح منا
يا بختنا فاقدينك
نافر وهارب عنا
ايييييييييييه
هكي الوقت وين ينوي الشينه
يبدي خوك سلوم العدو
يدور الوقت وتبرم علينا
الريح بحري تتبرم بنو
اييييييييييه
وماهيش غير اخصاره
تشبح قهاير تنقهر
وترقد الخاطر منكسر
لا جار لا بن عمه
**************************************************************************************
حكاوي هلنا الدكتور حمزة التهامي-4-
سَلاَمَةُ القُلُوبِ وَالأَلْسُنِ
روى الحاكم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لَيْسَ الصِّيَامَ مِنَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، إِنَّمَا الصِّيَامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ ، فَإِنْ سَابَّكَ أَحَدٌ، وَجَهِلَ عَلَيْكَ فَقُلْ : إِنِّي صَائِمٌ ))(1) ، وأخرج الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ))(2).
إن من السمات العظيمة والصفات الكريمة الدالة على كمال إيمان الصائمين المخبتين ونُبل أخلاقهم سلامة صدورهم وألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين ، فليس في قلوبهم غلٌّ أو حسدٌ أو ضغينة ، وليس في ألسنتهم غيبةٌ أو نميمةٌ أو كذبٌ أو وقيعة ، بل لا يحملون في قلوبهم إلا المحبة والخير والرحمة والعطف والإكرام ، ولا تجري على ألسنتهم إلا الكلمات النافعة والأقوال المفيدة والدعوات الصادقة ، فهم في زمرة من أثنى الله عليهم وزكَّاهم بقوله تعالى : {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحشر:10] ، فنعَتَهم ربهم بخصلتين عظيمتين وخلتين كريمتين : إحداهما تتعلق باللسان ؛ فليس في ألسنتهم تجاه إخوانهم المؤمنين إلا النصح والدعاء {يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} ، والخصلة الثانية تتعلق بالقلب ؛ فقلوبهم سليمة تجاه إخوانهم المؤمنين ليس فيها غلّ أو حسد أو حقد أو ضغينة أو نحو ذلك.
وسلامة الصدر واللسان هما من أوضح الدلائل وأصدق البراهين على تمام الصيام وكماله، وقد كان السلف رحمهم الله يعدّون الأفضل فيهم أسلمهم صدراً ولساناً ، قال إياس بن معاوية بن قرة : ((كان أفضلهم عندهم - أي السلف - أسلمَهم صدوراً وأقلهم غيبة))(3) ، وقال سفيان بن دينار : ((قلت لأبي بشير - وكان من أصحاب علي - : أخبرني عن أعمال من كان قبلنا ، قال : كانوا يعملون يسيراً ويؤجرون كثيراً ، قال قلت : ولم ذلك ؟ قال : لسلامة صدورهم))( 4)
ورمضان فرصة ذهبية وهِبة إِلهِيَة لتسلَم الصدور والألسن من كل الكدورات والأدواء ؛ فليست العبرة من صيامك أن تمتنع عن الطعام والشراب ويفطر قلبك على الحقد والحسد والبغض لعباد الله ، أو يفطر لسانك على الغيبة والنميمة والغش والكذب والسباب والشتم ؛ لأن من كان هذا حاله فما استفاد من صيامه إلا الجوع والعطش، وفي الحديث: ((رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ))(5) رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
ولقد كان السبب الأعظم لسلامة صدور أولئك الأخيار وألسنتهم هو قوة صلتهم بالله وشدة رضاهم عنه ، قال ابن القيم رحمه الله : ((الرضا يفتح له باب السلامة ؛ فيجعل قلبه سليماً نقياً من الغش والدغل والغل ، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلبٍ سليم ، كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا ، وكلما كان العبد أشد رضا كان قلبه أسلَم ، فالخبث والدغل والغش قرين السخط ، وسلامة القلب وبره ونصحه قرين الرضا ، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط ، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضا))(6)
وثمرات سلامة القلب التي هي ثمرة من ثمرات الرضا لا تُعَد ولا تُحْصى ؛ فسلامة الصدر راحةٌ في الدنيا وأنسٌ وطمأنينة ، وثوابه في الآخرة من أحسن الثواب ، وغنيمته إذ ذاك أكبر غنيمة . وفي الخبر قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : ((دُخِلَ عَلَى أَبِي دُجَاَنَةَ رضي الله
ومما يعين المسلم على سلامة صدره ولسانه تجاه إخوانه : اللجوءُ إلى الله عز وجل وسؤالُهُ ذلك بصدق وإخلاص ، والنظرُ في العواقب الحميدة والنتائج المباركة في الدنيا والآخرة المترتبة على ذلك ، وكذلك النظرُ في العواقب السيئة والنتائج الوخيمة التي يجنيها ويحصِّلها من كان في قلبه غل أو حقد أو حسد أو نحو ذلك .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أدعيةٍ كثيرة أُثِرَت عنه سؤالُ الله هداية القلب وسلامته وثباته ؛ كقوله صلى الله عليه وسلم : ((اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا))(، وقوله : ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ))(9)، وقوله: ((يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ))(10)، وقوله: ((اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي فِي قَلْبِي نُورًا))(11).
ألا فلنغتنم هذا الشهر المبارك لعلاج أمراض القلوب والألسن ولنحرص كل الحرص على طهارتها وسلامتها ؛ لأن بسلامتها تسلم للمرء نفسه ودينه ودنياه ، وبفسادها يفسد الدين والدنيا ، ولقد علَّمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم دعاءً عظيماً يقوله المسلم في صباحه ومسائه وإذا أوى إلى فراشه ، يستعيذ فيه المرء بالله من مصدري الشر اللذين يصدر عنهما ومن الغايتين اللتين يؤدي إليهما أحد هذين المصدرين أو كلاهما ؛ روى الترمذي وأبو داود من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ((أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مُرْنِي بِكَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ إِذَا أَصْبَحْتُ وَإِذَا أَمْسَيْتُ ؟ قَالَ : قُلْ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ قَالَ قُلْهَا إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ))(12) ، وفي رواية أخرى: ((وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ)) (13).
فتضمن هذا الحديث العظيم الاستعاذة بالله من الشر وأسبابه وغايته ؛ فإن الشر كله إما أن يصدر من النفس أو من الشيطان ، فاستعاذ بالله منهما في قوله : ((أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ)) ، وغاية الشر إما أن تعود على العامل نفسه أو على أخيه المسلم فاستعاذ بالله من ذلك بقوله: ((وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ)) ، فلله ما أكمله من دعاء وما أعظم مقاصده وأروع دلالاته ، وما أجمل أن يوظفه الصائم في أذكار صباحه ومسائه وعند نومه في هذا الشهر المبارك وفي سائر أيام عمره .
اللهم إنا نسألك قلوباً خاشعة ، وألسناً ذاكرة ، ونفوساً طائعةً مطمئنة ، ونعوذ بك اللهم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، ونعوذ بك من شر الشيطان وشركه وأن نقترف على أنفسنا سوءً أو نجرُّه إلى أحد من المسلمين.
****************************************************************************
القرآن سبيل النجاة من الفُرقة والاختلاف
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب*
عندما تختلف الأمة أفراداً أو جماعات فتردّ أمورها إلى الله وإلى رسوله يتبين لها الحق من الضلال وتتجلى الحقائق للعيان.. فما أحرانا في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ الأمة أن نحتكم إلى القرآن، لأن فيه بلا شك وحدة الأمة ونجاتها من الفرقة والتشرذم، فقد كفانا ما ذقناه من المذلة والهوان والضعف والأحزان.
ولا أدل على ذلك من تلكم المعضلات التي أحاطت بالأمة أفراداً وجماعات، وعندما رضوا بالقرآن حُكماً وحَكماً عادت المياه إلى مجاريها، ولله در هذا القاضي الأندلسي الذي شكا إليه أحدهم أنه قد استودع صاحبه أمانة، ولما جاء إليه يستردها منه ادعى أن الأمانة تلفت من غير تعدٍّ منه ولا تقصير. ولما سأل القاضي المدعى عليه عن حجته في ذلك، قال إنه بذل وسعه في حفظ الأمانة ولم يألُ لها جهداً في حفظها، ثم أكد حجته قائلاً: «كيف أهمل حفظي لهذه الأمانة التي كانت تؤخرني عن أداء الصلاة؟!».
عندئذٍ وعلى الفور أمره القاضي بضمان قيمتها؟! فتعجب القضاة من هذا الحكم، وقيل له: «كيف حكمت بذلك ولا بينة من المدعي ولا إقرار من المدعى عليه؟»، فأجاب: «بلى، إن المدعى عليه قد أقر على نفسه، وإنني قد تأولت قول عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: «من ضيعها فهو لما سواها أضيع»، فلما اعترف بأنه ضيع أمانة الله علمتُ بأنه سيضيع أمانة البشر».
نعم، لقد وضع هذه القاضي قاعدة في معرفة الرجال، وهي أن الصلاة ميزان لسائر الأعمال.
حضارة القرآن
هناك في مغرب الإسلام، كانت وفود أوروبا تفد إلى بلاد الأندلس، لتنهل من معين المعرفة، ومنها كانت تنطلق قوافل العلماء إلى الغرب، حاملةً معها حضارة القرآن وعدالة السماء وسماحة القضاء.
ومرة أخرى يأتي دور القضاء لقطع دابر الاختلاف والفرقة في صفوف الأمة بالحجة القرآنية والحكمة النبوية، فقد اختلفت طائفتان من المسلمين، فقالت إحداهما: «إن سيدنا علياً، كرم الله وجهه، أفضل الأمة»، وقالت الأخرى: «إن سيدنا أبا بكر، رضي الله عنه، هو الأفضل، وقد ارتضوا بالإمام عبد الرحمن بن الجوزي حَكَماً بينهم، فارتقى المنبر، وبعد أن استفتح بالصلاة على النبي الكريم، عليه الصلاة وأفضل السلام وعلى آله الأطهار، أجاب: «خيرهما من كانت ابنته تحته»، لأن فاطمة بنت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، زوجة علي، كرم الله وجهه، وعائشة أم المؤمنين بنت أبي بكر، رضي الله عنه، فرضيت الطائفتان وأعادوا السيوف إلى أغمادها.
الفقير والغنيولا يزال التاريخ يسرد لنا الخلاف اللطيف بين الأغنياء مع الفقراء، وأي الفئتين أفضل عند الله عز وجل، فقال الفقراء: «إن الفقير الصابر أفضل عند الله، لأن الله لو رزقنا كما رزقكم لفعلنا مثل ما تفعلون من البذل والصدقة»، وقال الأغنياء: «بل نحن أفضل، لأننا شكرنا نعمة الغنى، وأدينا حق المال!»، وفي كل مرة يحتكمون إلى العلماء، فمنهم من قال: «الغني الشاكر أفضل من الفقير الصابر»، ومنهم من قال: «بل الفقير الصابر أفضل من الغني الشاكر»، وكل يدلي بحجته، وظل الأمر كذلك حتى فصل بينهم الإمام سفيان الثوري الخطاب، ورضيت الفرقتان بحجته، فقال، رحمه الله: «كلاهما سواء! لأن الله تعالى أثنى على عبدين أحدهما صابر والآخر شاكر ثناءً واحداً، فقال في وصف أيوب الذي مسّه الضر: «نعم العبد إنه أواب»، وقال في وصف سليمان الذي آتاه الله الملك والغنى: «نعم العبد إنه أواب».
ملَكة
إن تأويل كتاب الله عز وجل ملَكة إيمانية لا تهب رياحها الطاهرة إلا على أهل القرآن الذين ارتفعت أنفسهم عن سفاسف الأمور إلى معاليها، وعاشت في الأجواء الإيمانية العالية التي ترفرف عليها أجنحة الملائكة، يُباهى بهم في الملأ الأعلى، إنها هبة ربانية قرنها القرآن بالطاعة والتقوى، فقال عز وجل: «واتقوا الله ويعلمكم الله».
* أستاذ جامعي وإعلامي
****************************************************************************
ذهب الكلام:من نوادر أبي دلامة
أبو دلامة: زند بن الجون، رجل كوفي خفيف الظل أدرك آخر زمن بني أمية ولم يكن له نباهة في أيامهم، ولكنه نبغ في أيام بني العباس، فانقطع إلى أبي العباس السفاح وأبي جعفر المنصور والمهدي، وكانوا يقدمونه ويفضلونه ويستطيبون مجالسته ونوادره.
روي أنه لما توفي الخليفة العباسي أبو العباس السفاح دخل أبو دلامة على خليفته المنصور والناس عنده يعزونه، فأنشد:
مات الندى إذ متَّ يا بن محمدٍ
فجعلته لك في التراب عديلا
قال: فأبكى الناس قوله. وغضب المنصور غضباً شديداً وقال: إن سمعتك تنشد هذه القصيدة لأقطعن لسانك. قال: يا أمير المؤمنين، إن أبا العباس أمير المؤمنين كان لي مكرماً، وهو الذي جاء بي من البدو، كما جاء الله بإخوة يوسف إليه، فقل كما قال يوسف: «لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين». فقال المنصور: قد أقلناك يا أبا دلامة، فسل حاجتك. قال: يا أمير المؤمنين، قد كان أبو العباس أمر لي بعشرة آلاف درهم وخمسين ثوباً وهو مريض ولم أقبضها. فقال المنصور: ومن يعلم ذلك؟ قال: هؤلاء وأشار إلى جماعة ممن حضر فوثب سليمان بن مجالد وأبو الجهم فقالا:
صدق أبو دلامة، نحن نعلم ذلك. فقال المنصور لأبي أيوب الخازن وهو مغيظ: يا سليمان ادفعها إليه وسيّره إلى ذا الطاغية يعني عبد الله بن علين، وكان قد خرج بالشام وأظهر الخلاف فوثب أبو دلامة وقل: يا أمير المؤمنين، أعيذك بالله أن أخرج معهم، ووالله ما أحب أن يجرب ذلك مني على مثل هذا العسكر، فإني لا أدري أيهما يغلب: يمنك أو شؤمي، إلا أني بنفسي أوثق وأعرف وأطول تجربة. فقال الخليفة: دعني وهذا، فمالك من الخروج بد. قال: فإني أصدقك الآن، شهدتُ والله تسعة عشر عسكراً كلها هزمت، وكنت سببها، فإن شئت الآن على بصيرة أن يكون عسكرك تمام العشرين فافعل. فضحك المنصور وأمره أن يتخلف مع عيسى بن موسى بالكوفة.
وقيل: إنه خرج يوماً مع المهدي ووزيره علي بن سليمان إلى الصيد، فسنح لهما قطيع من ظباء، فأرسلت الكلاب وأجريت الخيل، ورمى المهدي سهماً فأصاب ظبياً، ورمى علي بن سليمان فأصاب كلباً فقتله، فقال أبو دلامة متودداً إلى الخليفة:
قد رمى المهدي ظبياً
شك بالسهم فؤاده
وعلي بن سليمان
رمى كلباً فصاده
فهنيئاً لهما كل
امرئ يأكل زاده!
فضحك المهدي حتى كاد يسقط عن سرجه، وقال: صدق والله أبو دلامة، وأمر له بجائزة.
****************************************************************************
خساره
الشاعر علي الكيلاني
خساره
عارف اتقولو اخصاره
اشتقنا الهناء واللمه
واللي مفارق جاره
واللي خصر بن عمه
اييييييييييييه
هكي الوقت وين ينوي السيه
يدخل بين ضفرك واللحم
ويبدي خوك ولد امك رزيه
وبعد الود تطعم السم
اييييييييييييه
ماهيش غير اخصاره
تنظر قهاير تنقهر
وترقد الخاطر منكسر
بعد الهناء واللمه
لا جار لا بن عمه
اييييييييييييه
عارف تقولوا راحت
ايام الهناء ماتولي
ريحت كريهه فاحت
وصوت الجفا، متعلي
ايييييييييييييه
هكي الوقت وين يرفع اغطاها
يعري اوجوه ويبان القبيح
يا جيران يا كابر معاها
تفوتك وين تدعثر اطيح
ايييييييييييه
وماهيش غير اخصاره
تنظهر قهاير تنقهر
وترقد الخاطر منكسر
بعد الهناء واللمه
لاجار لابن عمه
عارف تقولوا وينك
غايب ورايح منا
يا بختنا فاقدينك
نافر وهارب عنا
ايييييييييييه
هكي الوقت وين ينوي الشينه
يبدي خوك سلوم العدو
يدور الوقت وتبرم علينا
الريح بحري تتبرم بنو
اييييييييييه
وماهيش غير اخصاره
تشبح قهاير تنقهر
وترقد الخاطر منكسر
لا جار لا بن عمه
**************************************************************************************
حكاوي هلنا الدكتور حمزة التهامي-4-
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
6رمضان 1437هـ - 11 يونيو 2016م
اللّهم اجعلني فيه من المستغفرين واجعلني فيه من عبادك الصالحين القانتين، واجعلني فيه من أوليائك المتقين المقربين برأفتك يا أرحم الراحمين، اللّهمّ ربّ السّموات السّبع وربّ الأرض، وربّ العرش العظيم، ربّنا وربّ كلّ شيءٍ، فالق الحبّ والنّوى، ومنزل التّوراة والإنجيل والفرقان، أعوذ بك من شرّ كلّ شيءٍ أنت آخذٌ بناصيته، اللّهمّ أنت الأوّل فليس قبلك شيءٌ، وأنت الآخر فليس بعدك شيءٌ، وأنت الظّاهر فليس فوقك شيءٌ، وأنت الباطن فليس دونك شيءٌ، اقض عنّا الدّين وأغننا من الفقر.
اللهم ارزقني رزقاً واسعاً حلالاً طيباً من غير كد، واستجب دعائي من غير رد، وأعوذ بك من الفضيحتين: الفقر والدّين. اللهم يا رازق السائلين، يا راحم المساكين، ويا ذا القوة المتين، ويا خير الناصرين، يا ولي المؤمنين، يا غياث المستغيثين؛ إياك نعبد وإياك نستعين، اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله، وإن كان رزقي في الأرض فأخرجه، و إن كان بعيداً فقرّبه، وإن كان قريباً فيّسره، وإن كان كثيراً فبارك فيه يا أرحم الراحمين.
************************************************************************
قال صلى الله عليه وسلم: (( يا عائشة بَيتُ لا تمر فيه جياعُ أهله - أو جاعَ أهله - قالها مرتين أو ثلاثاً )) [أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن عائشة أم المؤمنين]
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلاَ يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ وَإِنِ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلاَ يَشْتُمْهُ وَلاَ يَسُبَّهُ وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ))
حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنهاصحيح الجامع ٣٨٧٨
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة و تغلق فيه أبواب الجحيم و تغل فيه مردة الشياطين و فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم .
صحيح الجامع.
************************************************************************
فتاوى رمضانية
مسائل لا تفطر الصائم :
1. بخاخ الربو لأن الواصل منه إلى المريء وثم إلى المعدة قليل جدا ,فلا يفطر قياسا على المتبقي من المضمضة والإستنشاق ولأن هذا الدخول ليس قطعيا بل مشكوك فيه والأصل الصيام ولايزول الأصل بالشك. وكذلك هو أشبه بالسواك.
2. بخاخ الأنف , كالسابق .
3. الأقراص التي توضع تحت اللسان , وهي أقراص توضع لعلاج بعض الأزمات القلبية , ويمتصها الفم بعد وضعها بدقائق قليلة ويحملها إلى القلب , ولا يدخل شيء منها إلى الجوف . وهي ليست أكلاُ ولابمعنى الأكل أو الشرب .
4. المنظار لكشف المعدة من الفم مالم يضع عليه الدكتور شيئاً من الدهن فإن وضع هذا الدهن فهو مفطر بلا إشكال .
5. المنظار الشرجي , لا يفطر .
6. منظار العمليات في أي جزء من الجسم .
*************************************************************************
نعمة الأمن
من عظيم نعم الله على العباد نعمة الأمن ، فالواجب على أهل الإيمان أن يشكروا الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة ، فإنه إذا بَدَّل النَّاس نعمة الله كُفراً ولم يشكروا المنعم جل وعلا فإن أمنهم يَتَبَدَّل خوفاً ، وطمأنينتهم تتبدل قلقاً ، فالنِّعمة إذا شُكرت قرَّت، وإذا كُفرت فرَّت.
************************************************************************
حِفـْظُ الْوَقْتِ فِي رَمَضَان
إن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم أو العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الآجال، صحبا قبلنا نوحاً وعاداً وثمود وقروناً بين ذلك كثيراً فأقدم الجميع على ربهم ووردوا على أعمالهم وتصرمت أعمارهم، وبقي الليل والنهار غضين جديدين في أمم بعدهم قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان:62].
فينبغي على المسلم لاسيما في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم والوقت الثمين أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة وعظة ، فكم من رمضان تحريناه فدخل ومضى سريعا ، فالليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويطويان الأعمار، ويشبان الصغار، ويفنيان الكبار، وهذا كله مشعر بتولي الدنيا وإدبارها ومجيء الآخرة وإقبالها، قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : ((ارْتَحَلَتْ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً وَارْتَحَلَتْ الْآخِرَةُ مُقْبِلَةً وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ ؛ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ))(1) ، وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ((إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِدَارِ قَرَارِكُم ، دَارٌ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهَا الْفَنَاءَ ، وَكَتَبَ عَلَى أَهْلِهَا مِنْهَا الظَّعن - أي الارتحال - ، فَكَمْ عَامِر موثق عَمَّا قَلِيلٍ يَخْرَبُ ، وَكَمْ مُقِيمٍ مُغْتَبطٍ عَمَّا قَلِيلٍ يَظْعَن ، فَأَحْسِنُوا رَحِمَكُمُ اللهُ مِنْهَا الرِّحْلَةَ بَأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ النُّقْلَةِ ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) (2).
إن الإنسان في هدمٍ لعمره منذ خرج من بطن أمه بل هو - كما قال الحسن البصري - أيام مجموعة ؛ فكلما ذهب يوم ذهب بعض الإنسان وجزء منه، اليوم منه يهدم الشهر، والشهر يهدم السنة، والسنة تهدم العمر، وكل ساعة تمضي من العبد فهي مُدْنِيَةٌ له من الأجل ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما ندمتُ على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي " وهذا من شدة حرصه على الوقت ، قال الحسن رحمه الله : "أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم " .
ولهذا فإن مَنْ أَمْضَى يَوْمَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ قَضَاهُ ، أَوْ فَرْضٍ أَدَّاهُ ، أَوْ مَجْدٍ أَثَّلَهُ أَوْ حَمْدٍ حَصَّلَهُ ، أَوْ خَيْرٍ أَسَّسَهُ أَوْ عِلْمٍ اقْتَبَسَهُ ، فَقَدْ عَقَّ يَوْمَهُ وَظَلَمَ نَفْسَهُ وظلم يومه .
إن الليالي والأيام هي رأس مال الإنسان في هذه الحياة ؛ رِبْحها الجنة ، وخسرانها النار ، السنة شجرة ، والشهور فروعها ، والأيام أغصانها ، والساعات أوراقها ، والأنفاس ثمارها ؛ فمن كانت أنفاسه في طاعة الله فثمرته طيبة مباركة حلوٌ مذاقها ، ومن كانت أنفاسه في معصية الله فثمرته خبيثة مذاقها مرٌّ وحنظل .
لقد تكاثرت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أهمية الوقت والحث على اغتنامه وعدم إضاعته وبيان أن العبد مسؤول عنه يوم القيامة ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ))(3)، وعَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ((لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ))(4)، وثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ))(5).
فلنغتنم في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم كل ما يمكننا اغتنامه من الطاعات ولنسخره في الإقبال على الله ، ولنغتم حياتنا كلها قبل أن يباغتنا الموت ، وليغتنم الأصِحَّاء الذين عافاهم الله من الأمراض والأدواء عافيتهم وصحتهم قبل أن يبتليهم الله بأمراض تعوقهم وتضعف نشاطهم ، وليغتنم الذين حباهم الله بنعمة الوقت والفراغ وقتهم وفراغهم قبل أن تداهمهم الأشغال والهموم والصوارف ، وليغتنم الشباب شبابهم وقوتهم قبل أن يصيبهم داء الكبر والهرم الذي هو مظنة الضعف والفتور والعاهات والأمراض ، وليغتنم الأغنياء الذين وسَّع الله لهم في أرزاقهم ونالوا حظاً من هذه الأموال التي هي من حطام الدنيا الفانية أموالهم قبل أن ينزل عليهم الفقر وتُلِمَّ بهم الحاجات ، وليغتنم كل أولئك وهؤلاء هذا الموسم العظيم ليزدادوا فيه قرباً من الله ويتعرضوا فيه لنفحاته وبركاته ورحماته بتوبةٍ نصوح وإكثارٍ من فعل الخيرات وإحجامٍ عن اقتراف القبائح والمنهيات .
قال ابن رجب رحمه الله : ((وما من هذه المواسم الفاضلة موسم إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته يُتقرب بها إليه، ولله لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته عليه ، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات ، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعُد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات))(6) اهـ.
ومن ضيَّع فراغه في مثل هذا الموسم العظيم ولم ينتفع من صحته في مثل هذا الشهر الكريم فمتى عساه أن ينتفع ويستقيم !! قال ابن الجوزي : ((مَنْ اسْتَعْمَلَ فَرَاغه وَصِحَّته فِي طَاعَة اللَّه فَهُوَ الْمَغْبُوط ، وَمَنْ اِسْتَعْمَلَهُمَا فِي مَعْصِيَة اللَّه فَهُوَ الْمَغْبُون ، لِأَنَّ الْفَرَاغ يَعْقُبهُ الشُّغْل وَالصِّحَّة يَعْقُبهَا السَّقَم))(7).
ومما يؤثر عن بعض السلف قولهم: ((من علامة المقت إضاعة الوقت)) ، قال ابن القيم رحمه الله : ((إضاعة الوقت أشد من الموت ؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة ، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها))(.
والواجب على المسلم أن لا يغتر بالدنيا ؛ فإن صحيحها يسقم ، وجديدها يبلى ، ونعيمها يفنى ، وشبابها يهرم ، وهو فيها في سير إلى الدار الآخرة ، الآجال منقوصة ، والأعمال محفوظة ، والموت يأتي بغتة ؛ فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد ثوابه وأجره ، ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة وحسرة ، ولكل زارعٍ ما زرع.
اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمارنا وأعمالنا ، وهيئ لنا من أمرنا رشداً ، ووفِّقنا لاغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات ، وحبب لنا فعل الخيرات وبُغض المنكرات ، واجعلنا ممن صام هذا الشهر صياماً يكون سبباً لنيل رضاك والفوز بجنانك .
*****
(1) رواه البخاري في صحيحه معلقا في كتاب الرقاق ، باب في الأمل وطوله .
(2) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (5/292).
(3) رواه الحاكم في المستدرك (7846).
(4) رواه الترمذي (2602).
(5) صحيح البخاري (6412).
(6) كتاب لطائف المعارف لابن رجب (ص: 6).
(7) نقله ابن حجر في فتح الباري (11 / 230).
( الفوائد لابن القيم (ص: 44).
************************************************************************
ذهب الكلام: اللي في الجدر يطلعه الملاس
اللي في الجدر يطلعه الملاس، مقولة إماراتية شهيرة ومتداولة، ولكن هل هي حكمة، أم مثل؟
لتحديد ذلك فلا بد من الوقوف أولاً على الفرق بين خصائص كل منهما، خاصة أن كثيرين يخلطون بينهما جراء تشابههما في الوظيفة، حيث يقال المثل في مواقف مشابهة للمواقف التي تقال فيها الحكمة للتذكير بأن الحادثة لها أصل وتفسير منطقي.
والفرق بين الحكمة والمثل يتمثل في أن:
الحكمة لغةً هي وضع الشيء في موضعه، وهي صواب الأمر وسداده.
والحكمة عرفاً، فعلٌ رشيد أو قول موجز سديد أو إصابة حق باستخدام الملكة العقلية، فيسمى صاحبه حكيماً أو عاقلاً.
وأما المثل من حيث اللغة، فهو الشبه فيقال مثل الشيء ومثله فهو شبيه.
والمثل عرفاً: قول موجز يحكى لتشبيه حال أو واقعة مماثلة.
والمثل يأتي به شخص بلا تخصيص، وأما الحكمة فيأتي بها شخص مرّ بتجربة أو أصاب الحق بالظن، وعادة ما تحمل في معناها توجيهاً وتذكيراً ونصحاً وإرشاداً.
هكذا نصل إلى أن تلك المقولة الإماراتية الذهبية إنما هي حكمة، أكثر من كونها مثلاً، حيث إنها دلالة منطقية، ليست مرتبطة بحادثة معينة، وخاصة، يقاس عليها ما شابهها، وإنما هي قاعدة منطقية، كأن تقول: الذهب يختبر بالنار.
نعود الآن إلى دلالات الحكمة: اللي في الجدر يطلعه الملاس. ولمعرفة ذلك نشير إلى أن الجدر هو القدر، وأما الملاس فهو المغرفة التي يؤخذ بها المرق واللحم من داخل القدر. فمهما كثر ماء المرق فإن المغرفة قادرة على استخراج المخبوء فيه من لحم أو عظم أو خضار.
الشاهد في الأمر، أن دور «المغرفة» في هذه المقولة شديد الأهمية، إذ لا يعرف ما في باطن القدر دون وسيلة اختبار فعالة، وقادرة على السيطرة، كما لا تستطيع تلك الملعقة الكبيرة القيام بدورها دون تحريكها وتفعيلها وتوظيفها، ولذلك فإن تلك الحكمة الإماراتية العميقة تدعونا لأن نعمل المعايير ونوظف الوسائل التي تمكننا من تشخيص الحالات المراد إدارتها وتوجيهها.
الحكمة تقول لنا إنه لا غموض، ولا عجز، فكل شيء قابل للفحص والاختبار، ومن ثم التعاطي معه ما دمنا نمتلك إرادة التحدي، ونمتلك العزيمة على التغيير، فضلاً عن امتلاك الأداة الصحيحة والفعالة التي توصلنا إلى ما نسعى إليه ونواجهه.
على أن كلمة «يطلعه» هذه لم توضع عبثاً، لأنها تختلف عن «تتحسسه» وتتجاوز أيضاً «تعرفه» إلى تخرجه، بمعنى تحولنا إلى امتلاك القدرة على تسخيره وترويضه. إنها مقولة مهمة فعلاً.
************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
سامحني
سامحني
كبيره عليك اتقولي سامحني
وكان قلتها ترتاح و تريحني
كبيره عليك تجيني
تقولي غلطة وفيدني اووريني
انا نشوفها منك كبيره فعيني
نبدل نكدنا فرح وتفرحني
هكي بنادم
عليه صاعبه لو قال راني نادم
حتي مع روحه ان كان تصادم
ما يقول طحت يقولك طيحني
غرور اركبنا
كنا بخير وربنا مقربنا
مع بعضنا جمله كلينا شربنا
ما وملح ونسيهن الخو لوحني
كبيره تقولي
رايح ومن النص الطريق تولي
وكل ما فلق لبلاد خلفك مخلي
نشوفك بعين رفيق ونت اشبحني
كبيره عليك تساعد
في الحل تقرب بدل ما اتباعد
نكونوا كما كنا اخوه انتواعد
لا نجرحك بالعيب لا تجرحني
كنا علي خير في خير
والجار يحسن لجاره
وكنا رفاقه وتقدير
وكل بيت عندا اكباره
ولقلوب بيضه كما الجير
وكل ريح عنده استاره
وعقال والقافله تسير
وكل كسر عنده اجباره
ورزان والسر في بير
وكبار حد الكبارا
اللي يامرو بيه بيصير
ما ينزلوا لي صغاره
كنا نواجع طقارير
وكل نجع عندا نهارا
يومه وضميه بتدبير
ويكالنا. مالغراره
وتمر وحليب الخواوير
بلا كروش كيف المهارا
جا شي لافي بتكبير
رافع شعار الحضاره
خبر نزلنه طياير
تشرف عليه النصارا
وجانا معاه التهيشير
والوطن طاحت اقداره
تقول نغسلوا في دواوير
ريحه ابلادنا اخسارا
فايح عطور الشغاشير
وصار شي كيف البصاره
والروس من ناس بطير
القمار علني اقماره
السارق يعنقر تعنقير
والزاطله فالصداره
ولجواد تمشي تجرجير
في حبس علقم مرارا
والمال سافر بعاثير
جو اومواني ازواره
مع اللاسف صارالتزوفير
وغمز البغل للحمارا
بوعقل قتله التحسير
وبو قلب يكمي فناره
ما يفيد لو ادير ما ادير
دير حل خوذ البشارا
دولار والله دنانير
فرصه امنحني
كون صيد نسكت ع الكلام اكبحني
ونقولك سامحني
كبيره عليك اتقولي سامحني
وكان قلتها ترتاح وتريحني
*************************************************************************
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلاَ يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ وَإِنِ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلاَ يَشْتُمْهُ وَلاَ يَسُبَّهُ وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ))
حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنهاصحيح الجامع ٣٨٧٨
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ أتاكم شهر رمضان شهر مبارك فرض الله عليكم صيامه تفتح فيه أبواب الجنة و تغلق فيه أبواب الجحيم و تغل فيه مردة الشياطين و فيه ليلة هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم .
صحيح الجامع.
************************************************************************
فتاوى رمضانية
مسائل لا تفطر الصائم :
1. بخاخ الربو لأن الواصل منه إلى المريء وثم إلى المعدة قليل جدا ,فلا يفطر قياسا على المتبقي من المضمضة والإستنشاق ولأن هذا الدخول ليس قطعيا بل مشكوك فيه والأصل الصيام ولايزول الأصل بالشك. وكذلك هو أشبه بالسواك.
2. بخاخ الأنف , كالسابق .
3. الأقراص التي توضع تحت اللسان , وهي أقراص توضع لعلاج بعض الأزمات القلبية , ويمتصها الفم بعد وضعها بدقائق قليلة ويحملها إلى القلب , ولا يدخل شيء منها إلى الجوف . وهي ليست أكلاُ ولابمعنى الأكل أو الشرب .
4. المنظار لكشف المعدة من الفم مالم يضع عليه الدكتور شيئاً من الدهن فإن وضع هذا الدهن فهو مفطر بلا إشكال .
5. المنظار الشرجي , لا يفطر .
6. منظار العمليات في أي جزء من الجسم .
*************************************************************************
نعمة الأمن
من عظيم نعم الله على العباد نعمة الأمن ، فالواجب على أهل الإيمان أن يشكروا الله عز وجل على هذه النعمة العظيمة ، فإنه إذا بَدَّل النَّاس نعمة الله كُفراً ولم يشكروا المنعم جل وعلا فإن أمنهم يَتَبَدَّل خوفاً ، وطمأنينتهم تتبدل قلقاً ، فالنِّعمة إذا شُكرت قرَّت، وإذا كُفرت فرَّت.
************************************************************************
حِفـْظُ الْوَقْتِ فِي رَمَضَان
إن وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم أو العذاب الأليم، وهو يمر مر السحاب، لم يزل الليل والنهار سريعين في نقص الأعمار، وتقريب الآجال، صحبا قبلنا نوحاً وعاداً وثمود وقروناً بين ذلك كثيراً فأقدم الجميع على ربهم ووردوا على أعمالهم وتصرمت أعمارهم، وبقي الليل والنهار غضين جديدين في أمم بعدهم قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان:62].
فينبغي على المسلم لاسيما في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم والوقت الثمين أن يتخذ من مرور الليالي والأيام عبرة وعظة ، فكم من رمضان تحريناه فدخل ومضى سريعا ، فالليل والنهار يبليان كل جديد، ويقربان كل بعيد، ويطويان الأعمار، ويشبان الصغار، ويفنيان الكبار، وهذا كله مشعر بتولي الدنيا وإدبارها ومجيء الآخرة وإقبالها، قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه : ((ارْتَحَلَتْ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً وَارْتَحَلَتْ الْآخِرَةُ مُقْبِلَةً وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ ؛ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ))(1) ، وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ((إِنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بِدَارِ قَرَارِكُم ، دَارٌ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهَا الْفَنَاءَ ، وَكَتَبَ عَلَى أَهْلِهَا مِنْهَا الظَّعن - أي الارتحال - ، فَكَمْ عَامِر موثق عَمَّا قَلِيلٍ يَخْرَبُ ، وَكَمْ مُقِيمٍ مُغْتَبطٍ عَمَّا قَلِيلٍ يَظْعَن ، فَأَحْسِنُوا رَحِمَكُمُ اللهُ مِنْهَا الرِّحْلَةَ بَأَحْسَنِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ مِنَ النُّقْلَةِ ، وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)) (2).
إن الإنسان في هدمٍ لعمره منذ خرج من بطن أمه بل هو - كما قال الحسن البصري - أيام مجموعة ؛ فكلما ذهب يوم ذهب بعض الإنسان وجزء منه، اليوم منه يهدم الشهر، والشهر يهدم السنة، والسنة تهدم العمر، وكل ساعة تمضي من العبد فهي مُدْنِيَةٌ له من الأجل ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " ما ندمتُ على شيء ندمي على يوم غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي " وهذا من شدة حرصه على الوقت ، قال الحسن رحمه الله : "أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم " .
ولهذا فإن مَنْ أَمْضَى يَوْمَهُ فِي غَيْرِ حَقٍّ قَضَاهُ ، أَوْ فَرْضٍ أَدَّاهُ ، أَوْ مَجْدٍ أَثَّلَهُ أَوْ حَمْدٍ حَصَّلَهُ ، أَوْ خَيْرٍ أَسَّسَهُ أَوْ عِلْمٍ اقْتَبَسَهُ ، فَقَدْ عَقَّ يَوْمَهُ وَظَلَمَ نَفْسَهُ وظلم يومه .
إن الليالي والأيام هي رأس مال الإنسان في هذه الحياة ؛ رِبْحها الجنة ، وخسرانها النار ، السنة شجرة ، والشهور فروعها ، والأيام أغصانها ، والساعات أوراقها ، والأنفاس ثمارها ؛ فمن كانت أنفاسه في طاعة الله فثمرته طيبة مباركة حلوٌ مذاقها ، ومن كانت أنفاسه في معصية الله فثمرته خبيثة مذاقها مرٌّ وحنظل .
لقد تكاثرت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم في بيان أهمية الوقت والحث على اغتنامه وعدم إضاعته وبيان أن العبد مسؤول عنه يوم القيامة ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ : شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ))(3)، وعَنْ أَبِى بَرْزَةَ الأَسْلَمِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ((لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ))(4)، وثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ؛ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ))(5).
فلنغتنم في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم كل ما يمكننا اغتنامه من الطاعات ولنسخره في الإقبال على الله ، ولنغتم حياتنا كلها قبل أن يباغتنا الموت ، وليغتنم الأصِحَّاء الذين عافاهم الله من الأمراض والأدواء عافيتهم وصحتهم قبل أن يبتليهم الله بأمراض تعوقهم وتضعف نشاطهم ، وليغتنم الذين حباهم الله بنعمة الوقت والفراغ وقتهم وفراغهم قبل أن تداهمهم الأشغال والهموم والصوارف ، وليغتنم الشباب شبابهم وقوتهم قبل أن يصيبهم داء الكبر والهرم الذي هو مظنة الضعف والفتور والعاهات والأمراض ، وليغتنم الأغنياء الذين وسَّع الله لهم في أرزاقهم ونالوا حظاً من هذه الأموال التي هي من حطام الدنيا الفانية أموالهم قبل أن ينزل عليهم الفقر وتُلِمَّ بهم الحاجات ، وليغتنم كل أولئك وهؤلاء هذا الموسم العظيم ليزدادوا فيه قرباً من الله ويتعرضوا فيه لنفحاته وبركاته ورحماته بتوبةٍ نصوح وإكثارٍ من فعل الخيرات وإحجامٍ عن اقتراف القبائح والمنهيات .
قال ابن رجب رحمه الله : ((وما من هذه المواسم الفاضلة موسم إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته يُتقرب بها إليه، ولله لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته عليه ، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من وظائف الطاعات ، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعُد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات))(6) اهـ.
ومن ضيَّع فراغه في مثل هذا الموسم العظيم ولم ينتفع من صحته في مثل هذا الشهر الكريم فمتى عساه أن ينتفع ويستقيم !! قال ابن الجوزي : ((مَنْ اسْتَعْمَلَ فَرَاغه وَصِحَّته فِي طَاعَة اللَّه فَهُوَ الْمَغْبُوط ، وَمَنْ اِسْتَعْمَلَهُمَا فِي مَعْصِيَة اللَّه فَهُوَ الْمَغْبُون ، لِأَنَّ الْفَرَاغ يَعْقُبهُ الشُّغْل وَالصِّحَّة يَعْقُبهَا السَّقَم))(7).
ومما يؤثر عن بعض السلف قولهم: ((من علامة المقت إضاعة الوقت)) ، قال ابن القيم رحمه الله : ((إضاعة الوقت أشد من الموت ؛ لأن إضاعة الوقت تقطعك عن الله والدار الآخرة ، والموت يقطعك عن الدنيا وأهلها))(.
والواجب على المسلم أن لا يغتر بالدنيا ؛ فإن صحيحها يسقم ، وجديدها يبلى ، ونعيمها يفنى ، وشبابها يهرم ، وهو فيها في سير إلى الدار الآخرة ، الآجال منقوصة ، والأعمال محفوظة ، والموت يأتي بغتة ؛ فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد ثوابه وأجره ، ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة وحسرة ، ولكل زارعٍ ما زرع.
اللهم بارك لنا في أوقاتنا وأعمارنا وأعمالنا ، وهيئ لنا من أمرنا رشداً ، ووفِّقنا لاغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات ، وحبب لنا فعل الخيرات وبُغض المنكرات ، واجعلنا ممن صام هذا الشهر صياماً يكون سبباً لنيل رضاك والفوز بجنانك .
*****
(1) رواه البخاري في صحيحه معلقا في كتاب الرقاق ، باب في الأمل وطوله .
(2) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (5/292).
(3) رواه الحاكم في المستدرك (7846).
(4) رواه الترمذي (2602).
(5) صحيح البخاري (6412).
(6) كتاب لطائف المعارف لابن رجب (ص: 6).
(7) نقله ابن حجر في فتح الباري (11 / 230).
( الفوائد لابن القيم (ص: 44).
************************************************************************
ذهب الكلام: اللي في الجدر يطلعه الملاس
اللي في الجدر يطلعه الملاس، مقولة إماراتية شهيرة ومتداولة، ولكن هل هي حكمة، أم مثل؟
لتحديد ذلك فلا بد من الوقوف أولاً على الفرق بين خصائص كل منهما، خاصة أن كثيرين يخلطون بينهما جراء تشابههما في الوظيفة، حيث يقال المثل في مواقف مشابهة للمواقف التي تقال فيها الحكمة للتذكير بأن الحادثة لها أصل وتفسير منطقي.
والفرق بين الحكمة والمثل يتمثل في أن:
الحكمة لغةً هي وضع الشيء في موضعه، وهي صواب الأمر وسداده.
والحكمة عرفاً، فعلٌ رشيد أو قول موجز سديد أو إصابة حق باستخدام الملكة العقلية، فيسمى صاحبه حكيماً أو عاقلاً.
وأما المثل من حيث اللغة، فهو الشبه فيقال مثل الشيء ومثله فهو شبيه.
والمثل عرفاً: قول موجز يحكى لتشبيه حال أو واقعة مماثلة.
والمثل يأتي به شخص بلا تخصيص، وأما الحكمة فيأتي بها شخص مرّ بتجربة أو أصاب الحق بالظن، وعادة ما تحمل في معناها توجيهاً وتذكيراً ونصحاً وإرشاداً.
هكذا نصل إلى أن تلك المقولة الإماراتية الذهبية إنما هي حكمة، أكثر من كونها مثلاً، حيث إنها دلالة منطقية، ليست مرتبطة بحادثة معينة، وخاصة، يقاس عليها ما شابهها، وإنما هي قاعدة منطقية، كأن تقول: الذهب يختبر بالنار.
نعود الآن إلى دلالات الحكمة: اللي في الجدر يطلعه الملاس. ولمعرفة ذلك نشير إلى أن الجدر هو القدر، وأما الملاس فهو المغرفة التي يؤخذ بها المرق واللحم من داخل القدر. فمهما كثر ماء المرق فإن المغرفة قادرة على استخراج المخبوء فيه من لحم أو عظم أو خضار.
الشاهد في الأمر، أن دور «المغرفة» في هذه المقولة شديد الأهمية، إذ لا يعرف ما في باطن القدر دون وسيلة اختبار فعالة، وقادرة على السيطرة، كما لا تستطيع تلك الملعقة الكبيرة القيام بدورها دون تحريكها وتفعيلها وتوظيفها، ولذلك فإن تلك الحكمة الإماراتية العميقة تدعونا لأن نعمل المعايير ونوظف الوسائل التي تمكننا من تشخيص الحالات المراد إدارتها وتوجيهها.
الحكمة تقول لنا إنه لا غموض، ولا عجز، فكل شيء قابل للفحص والاختبار، ومن ثم التعاطي معه ما دمنا نمتلك إرادة التحدي، ونمتلك العزيمة على التغيير، فضلاً عن امتلاك الأداة الصحيحة والفعالة التي توصلنا إلى ما نسعى إليه ونواجهه.
على أن كلمة «يطلعه» هذه لم توضع عبثاً، لأنها تختلف عن «تتحسسه» وتتجاوز أيضاً «تعرفه» إلى تخرجه، بمعنى تحولنا إلى امتلاك القدرة على تسخيره وترويضه. إنها مقولة مهمة فعلاً.
************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
سامحني
سامحني
كبيره عليك اتقولي سامحني
وكان قلتها ترتاح و تريحني
كبيره عليك تجيني
تقولي غلطة وفيدني اووريني
انا نشوفها منك كبيره فعيني
نبدل نكدنا فرح وتفرحني
هكي بنادم
عليه صاعبه لو قال راني نادم
حتي مع روحه ان كان تصادم
ما يقول طحت يقولك طيحني
غرور اركبنا
كنا بخير وربنا مقربنا
مع بعضنا جمله كلينا شربنا
ما وملح ونسيهن الخو لوحني
كبيره تقولي
رايح ومن النص الطريق تولي
وكل ما فلق لبلاد خلفك مخلي
نشوفك بعين رفيق ونت اشبحني
كبيره عليك تساعد
في الحل تقرب بدل ما اتباعد
نكونوا كما كنا اخوه انتواعد
لا نجرحك بالعيب لا تجرحني
كنا علي خير في خير
والجار يحسن لجاره
وكنا رفاقه وتقدير
وكل بيت عندا اكباره
ولقلوب بيضه كما الجير
وكل ريح عنده استاره
وعقال والقافله تسير
وكل كسر عنده اجباره
ورزان والسر في بير
وكبار حد الكبارا
اللي يامرو بيه بيصير
ما ينزلوا لي صغاره
كنا نواجع طقارير
وكل نجع عندا نهارا
يومه وضميه بتدبير
ويكالنا. مالغراره
وتمر وحليب الخواوير
بلا كروش كيف المهارا
جا شي لافي بتكبير
رافع شعار الحضاره
خبر نزلنه طياير
تشرف عليه النصارا
وجانا معاه التهيشير
والوطن طاحت اقداره
تقول نغسلوا في دواوير
ريحه ابلادنا اخسارا
فايح عطور الشغاشير
وصار شي كيف البصاره
والروس من ناس بطير
القمار علني اقماره
السارق يعنقر تعنقير
والزاطله فالصداره
ولجواد تمشي تجرجير
في حبس علقم مرارا
والمال سافر بعاثير
جو اومواني ازواره
مع اللاسف صارالتزوفير
وغمز البغل للحمارا
بوعقل قتله التحسير
وبو قلب يكمي فناره
ما يفيد لو ادير ما ادير
دير حل خوذ البشارا
دولار والله دنانير
فرصه امنحني
كون صيد نسكت ع الكلام اكبحني
ونقولك سامحني
كبيره عليك اتقولي سامحني
وكان قلتها ترتاح وتريحني
*************************************************************************
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
7رمضان 1437هـ - 12 يونيو 2016م
رمضان – الطريق إلى الهداية
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.
ربّ لا تحجب دعوتي ولا تردّ مسألتي
اللّهم لا تخذلني في رمضان لتعرّض معصيتك ولا تضربني بسياط نقمتك وزحزحني فيه من موجبات سخطك بمنّك واياديك يا منتهى رغبة الراغبين.. اللهمّ لا سهل إلّا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً.. اللهمّ يا مسهّل الشّديد، ويا مليّن الحديد، ويا منجز الوعيد، ويا من هو كلّ يومٍ في أمرٍ جديد، أخرجني من حلق الضّيق إلى أوسع الطّريق، بك أدفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، ربّ لا تحجب دعوتي، ولا تردّ مسألتي، ولا تدعني بحسرتي، ولا تكلني إلى حولي وقوّتي، وارحم عجزي فقد ضاق صدري، وتاه فكري وتحيّرت في أمري، وأنت العالم سبحانك بسرّي وجهري، المالك لنفعي وضرّي، القادر على تفريج كربي وتيسير عسري. اللهمّ أحينا في الدّنيا مؤمنين طائعين، وتوفّنا مسلمين تائبين، اللهمّ ارحم تضرّعنا بين يديك، وقوّمنا إذا اعوججنا، وأعنّا إذا استقمنا، وكن لنا ولا تكن علينا، اللهمّ نسألك يا غفور يا رحمن يا رحيم أن تفتح لأدعيتنا أبواب الإجابة، يا من إذا سأله المضطرّ أجاب، يا من يقول للشيء كن فيكون.
اللَّهُمَّ إنِّيْ أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاء ، ودَرَكِ الشّــَقَاء ، وســوء القضاء ، وشَمَاتَة الأعْدَاء ، يَا سَمِيْع الدُّعَاء
*****************************************************************************
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَصَلِّ عَلَيَّوَرَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرغِمَ أنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاهُ الجَنَّةَ ))
حديث صحيح عن أبي هريرةصحيح الجامع ٣٥١٠
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله بَاعَدَ الله بِذَلِكَ الْيَوْمِ حَرَّ جَهَنَّمَ عَنْ وَجْهِهِ سَبْعِينَ خَرِيفاً ))
حديث صحيح عن أبي سعيد الخدريصحيح الجامع ٦٣٢٩
حديث شريف...
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها .
صحيح الجامع.
عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بغداء السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك) رواه النسائي.
*****************************************************************************
أًهَمِّيَّةُ ذِكْرِ الله
إن ذكر الله - جلّ وعلا - هو أزكى الأعمال وخيرها وأفضلها عند الله تبارك وتعالى ، ففي المسند للإمام أحمد وجامع الترمذي وسنن ابن ماجة ومستدرك الحاكم وغيرها من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا بَلَى ، قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى))(1).
فهذا الحديث العظيم أفاد أفضلية الذكر ، وأنه يعدل عتق الرقاب ، ونفقة الأموال ، والحمل على الخيل في سبيل الله عز وجل ، ويعدل الضرب بالسيف في سبيل الله تعالى ، قال ابن رجب رحمه الله : " وقد تكاثرت النصوص بتفضيل الذّكر على الصدقة بالمال وغيره من الأعمال "(2) ثم أورد حديث أبي الدرداء المتقدم ، وجملة من الأحاديث الأخرى الدالة على المعنى نفسه .
وقد روى ابن أبي الدنيا - كما في الترغيب والترهيب للمنذري وقال إسناده حسن - عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال : قيل لأبي الدرداء إنّ رجلاً أعتق مائة نسمة قال : " إنّ مائة نسمة من مال رجل كثيرٌ، وأفضلُ من ذلك إيمانٌ ملزومٌ بالليل والنهار وأن لا يزال لسان أحدكم رطباً من ذكر الله "(3) ، فبيَّن رضي الله عنه فضل عتق الرقاب وأنه مع عظم فضله لا يعدل ملازمة الذكر والمداومة عليه ، وورد بيان تفضيل الذكر على غيره من الأعمال عن غير واحد من الصحابة والتابعين كعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص، أورد بعض هذه الأقوال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم.
روى الإمام أحمد والطبراني عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ أَيُّ الْمُجَاهِدِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا يَا رَسُولُ اللَّه ؟ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرًا ، قَالَ فَأَيُّ الصَّائِمِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا ؟ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ كُلُّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ذَهَبَ الذَّاكِرُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ !! ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجَلْ))(4).
وهذا الشهر الكريم هو شهر الذكر والثناء على الله رب العالمين، بل ما شُرع الصيام ولا صام الصائمون إلا لإقامة ذكر الله ، ولذلك أخبر النبي r - كما تقدم - أن أعلى الناس درجة وأعظمهم أجراً حين اشتراكهم في قيامهم بطاعة من الطاعات أو قربة من القربات لرب الأرض والسموات أكثرُهم لله ذكراً ؛ فدلَّ ذلك على أهمية الذكر وأنه هو الغاية المقصودة من القيام بجميع الطاعات والعبادات ، فأكثر الصائمين أجراً أكثرهم لله ذكراً .
وذِكر الله أكبر من كل شيء وأفضل كل شيء ، قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45] " أي: ذِكر الله لكم بالثواب والثناء عليكم أكبر من ذكركم له في عباداتكم وصلواتكم ، وهو ذاكرٌ من ذكَره ، قال معناه ابن مسعود وابن عباس وأبو الدرداء وأبو قرَّة وسلمان والحسن وهو اختيار الطبري ، وقيل: ذكركم الله في صلاتكم وفي قراءة القرآن أفضل من كلِّ شيء ، وقيل المعنى: إن ذكر الله أكبر مع المداومة من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر ، قال ابن زيد وقتادة: ولذكر الله أكبر من كلِّ شيء أي أفضل من العبادات كلها بغير ذكر "(5).
" قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الصحيح أن معنى الآية : أن الصلاة فيها مقصودان عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر ؛ فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي مشتملة على ذكر الله تعالى، ولما فيها من ذكر الله تعالى أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر)) ، وقد سئل سلمان الفارسي رضي الله عنه : ((أيُّ الأعمال أفضل؟ فقال: أما تقرأ القرآن! ولذكر الله أكبر))(6)، وذكر ابن أبي الدنيا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه سُئل: أيّ العمل أفضل ؟ قال: ((ذكر الله أكبر)) "(7).
وقد أمر الله في كتابه عباده المؤمنين بالإكثار من ذكره قياماً وقعوداً وعلى الجنوب ، بالليل والنهار ، وفي البر والبحر ، وفي السفر والحضر ، وفي الغنى والفقر ، وفي الصحة والسقم ، وفي السر والعلن ، وفي كل حال ، ورتب لهم على ذلك جزيل الأجر وعظيم الثواب وجميل المآب ، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} [الأحزاب:41-44].
ففي هذه الآية الحث على الإكثار من ذكر الله تعالى وبيان ما يترتب على ذلك من أجر عظيم وخير عميم ، وقوله : {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} فيه أعظم الترغيب في الإكثار من ذكر الله وأحسن حضٍّ على ذلك ، أي أنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم ، ونظائر هذه الآية في القرآن كثيرة كقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة:151ـ152] ، فالجزاء من جنس العمل ؛ فمن ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه ، ومن ذكر الله في ملأٍ ذكره الله في ملأٍ خير منهم ، ومن نسي الله نسيه الله .
والذاكرون الله كثيراً والذاكرات هم المفرِّدون السابقون إلى الخيرات المحظوظون بأرفع الدرجات وأعلى المقامات، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ : سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ ، قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ))(.
ولكن ؛ بِمَ ينال العبد ذلك ؟
وهذا سؤال عظيم يجدر بكل مسلم أن يقف عنده ويعرف جوابه ، ومن أحسن ما روي عن السلف في معنى الذاكرين الله كثيراً والذاكرات : ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : (( المراد : يذكرون الله في أدبار الصلوات ، وغدواً وعشياً ، وفي المضاجع ، وكلما استيقظ من نومه ، وكلما غدا أو راح من منزله ذكر الله تعالى))(9).
وفي هذا المعنى قول الشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله : " وأقل ذلك أن يلازم الإنسان أوراد الصباح والمساء وأدبار الصلوات الخمس وعند العوارض والأسباب ، وينبغي مداومة ذلك في جميع الأوقات على جميع الأحوال، فإن ذلك عبادة يسبق بها العامل ، وهو مستريح ، وداع إلى محبة الله ومعرفته، وعون على الخير وكف اللسان عن الكلام القبيح "(10).
وأسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى أن يجعلني وإياكم من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ، من الذين أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
*****
(1) مسند الإمام أحمد (21599، 21601) ، سنن الترمذي (3377) واللفظ له .
(2) جامع العلوم والحكم (الحديث الخامس والعشرون، ص: 66).
(3)قال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب " ضعيف موقوف "
(4) رواه الإمام أحمد في المسند (15553) والطبراني في الدعاء (1887 ) واللفظ له .
(5) تفسير القرطبي (سورة العنكبوت ، آية 45) .
(6) رواه الطبري في تفسيره (20/183).
(7) انظر الوابل الصيب لابن القيم ( ص151-152).
( صحيح مسلم (2676).
(9) الأذكار للنووي (ص 10)
(10) تفسير السعدي (الأحزاب آية 41، ص: 667).
*****************************************************************************
ذهب الكلام نقائض جرير والفرزدق
الثقافة بمعناها الواسع، تشمل كل تجليات التعبير المشترك كالحِكَم والأمثال الشعبية وكل الموروثات. إنها وليدة تفاعل الناس ومتطلبات حياتهم، ليتم تناقل المنجز جيلاً بعد جيل ضمن منظومة الهوية.
هنا نتلمس عروق الذهب الذي بلورته التجارب حتى انتهى إلينا عبر اللغة بما يلخص قصة عناق طويل مع الحياة.
النقائض هي قصائد تجمع الهجاء والفخر في الوقت ذاته، وتنظم على نسق القصيدة البادئة.
كان كل من جرير والفرزدق يقوم بمدح نفسه مفاخراً بالشعر، ويعمد في الوقت ذاته إلى ذم الآخر، والعجب أن كلا الشاعرين من قبيلة تميم، ولكنهما من فخذين مختلفين ما أدّى إلى نشوء عداوة بينها.
لقد كان جرير يحب سحق وإخراس الشعراء في عصره، باستخدام هذا الأسلوب، بالفعل يقال إنه استطاع القضاء على ثمانية شعراء محترمين، ولم يستطع الصمود والنجاة من ذمه المقذع سوى هذين الشاعرين الكبيرين: الفرزدق والأخطل، فمن هم أصحاب النقائض؟
الفرزدق هو: همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، يكنى بأبي فراس وسبب تسميته بالفرزدق، هو تجهم وضخامة وجهه، لأن معنى الفرزدق هو الرغيف المنتفخ. ولد في العراق، واشتهر بشعر الفخر والمديح والهجاء، ويعد من نبلاء قومه وسادتهم في بني تميم، كان يتنقل بين الولاة والأمراء الأمويين ليقول فيهم شعر المدح، وقد توفي عن 110 أعوام.
ونذكر من نقائض الشاعرين قول جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا
فابشر بطول سلامةٍ يا مربعُ
إنَّ الفرزدقَ قدْ تبينَ لؤمهُ
حيثُ التقتْ حششاؤهُ والأخدعُ
ومما قال الفرزدق مناقضاً جريراً ومفاخراً:
إنّ الــذي سَـمَـكَ السّـمـاءَ بَـنـى لَـنَـا
بَـيْـتــاً، دَعَـائِـمُــهُ أعَــــزُّ وَأطْـــــوَلُ
بَيْـتـاً بَـنَـاهُ لَـنَـا المَلِـيـكُ، ومَــا بَـنـى
حَــكَــمُ الـسّـمَــاءِ، فــإنّــهُ لا يُـنْـقَــلُ
يقال إنه عندما ذهب الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك إلى الحج هو وحاشيته، سار معهم الفرزدق، فكان البيت الحرام يزدحم بالحجيج، فلم يستطع الخليفة الطواف فجلس ينتظر دوره، وخلال ذلك جاء علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب بـ»زين العابدين« فأفسح له الحجاج الصفوف حتى وصل إلى الحجر الأسود، فأثار ذلك عجب هشام بن عبد الملك فسأل عن هذا الرجل، ولم يكن يعرفه، فرد عليه الفرزدق بقصيدته المشهورة التي قال فيها:
هَذا الذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ
وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هذا ابن خير عباد الله كلهمُ
هذا التقي النقيّ الطاهر العلمُ
وأما الشاعر جرير فهو أبو حرزة جرير بن عطية بن حذيفة التميمي، ولقد كان من أشعر شعراء عصره.
ولد جرير في منطقة اليمامة وتوفي بها، وكان عفيفاً، وقيل إنه كان من أغزل الشعراء شعراً، ويكفي شاهداً على ذلك قوله الشهير:
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك له
وهنّ أضعف خلق الله أركانا
*****************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
يكرن
يكرن
يكرن يفرن حسهن متباعد
اللي يدلهن ع الشور ماهو قاعد
يكرن علي معطانهم
ويفرن ويرقي للسماء ريغانهن
لا قدمن لا وخرن في مكانهن
غيب اللي انضاقت براي يساعد
وحسهن متباعد
يكرن مع المصدار
ويفرن لراسه ويرجعن للدار
ايميحن ايمينه ويشلخن ليسار
بين حد راس اجدير بين مساعد
وحسهن متباعد
يكرن مع العرقوب
ويفرن غلابه شفرهن مقلوب
اللي بيمخضنه ما يبيش يروب
اركبهن انهدن والنفس مصاعد
وحسهن متباعد
يكرن بلا دبير
ويفرن عطاشه ريقهن تقطير
ولا خير فيهن لا يشوفن خير
اعثر حضهن بيهن برك مصاعد
وحسهن متباعد
يكرن وزاد يفرون
يحوسن يدورن يذهبن ويغرن
غابن اللي انخشن النار يقرن
علي قلوب وحده وارده وسواعد
حسهن متباعد
*****************************************************************************
حكاوي هلنا الدكتور حمزة التهامي
رمضان – الطريق إلى الهداية
{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }.
ربّ لا تحجب دعوتي ولا تردّ مسألتي
اللّهم لا تخذلني في رمضان لتعرّض معصيتك ولا تضربني بسياط نقمتك وزحزحني فيه من موجبات سخطك بمنّك واياديك يا منتهى رغبة الراغبين.. اللهمّ لا سهل إلّا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً.. اللهمّ يا مسهّل الشّديد، ويا مليّن الحديد، ويا منجز الوعيد، ويا من هو كلّ يومٍ في أمرٍ جديد، أخرجني من حلق الضّيق إلى أوسع الطّريق، بك أدفع ما لا أطيق، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم، ربّ لا تحجب دعوتي، ولا تردّ مسألتي، ولا تدعني بحسرتي، ولا تكلني إلى حولي وقوّتي، وارحم عجزي فقد ضاق صدري، وتاه فكري وتحيّرت في أمري، وأنت العالم سبحانك بسرّي وجهري، المالك لنفعي وضرّي، القادر على تفريج كربي وتيسير عسري. اللهمّ أحينا في الدّنيا مؤمنين طائعين، وتوفّنا مسلمين تائبين، اللهمّ ارحم تضرّعنا بين يديك، وقوّمنا إذا اعوججنا، وأعنّا إذا استقمنا، وكن لنا ولا تكن علينا، اللهمّ نسألك يا غفور يا رحمن يا رحيم أن تفتح لأدعيتنا أبواب الإجابة، يا من إذا سأله المضطرّ أجاب، يا من يقول للشيء كن فيكون.
اللَّهُمَّ إنِّيْ أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ البَلاء ، ودَرَكِ الشّــَقَاء ، وســوء القضاء ، وشَمَاتَة الأعْدَاء ، يَا سَمِيْع الدُّعَاء
*****************************************************************************
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يَصَلِّ عَلَيَّوَرَغِمَ أنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَرغِمَ أنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلاهُ الجَنَّةَ ))
حديث صحيح عن أبي هريرةصحيح الجامع ٣٥١٠
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله بَاعَدَ الله بِذَلِكَ الْيَوْمِ حَرَّ جَهَنَّمَ عَنْ وَجْهِهِ سَبْعِينَ خَرِيفاً ))
حديث صحيح عن أبي سعيد الخدريصحيح الجامع ٦٣٢٩
حديث شريف...
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها .
صحيح الجامع.
عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بغداء السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك) رواه النسائي.
*****************************************************************************
أًهَمِّيَّةُ ذِكْرِ الله
إن ذكر الله - جلّ وعلا - هو أزكى الأعمال وخيرها وأفضلها عند الله تبارك وتعالى ، ففي المسند للإمام أحمد وجامع الترمذي وسنن ابن ماجة ومستدرك الحاكم وغيرها من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ، وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ ، وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ؟ قَالُوا بَلَى ، قَالَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى))(1).
فهذا الحديث العظيم أفاد أفضلية الذكر ، وأنه يعدل عتق الرقاب ، ونفقة الأموال ، والحمل على الخيل في سبيل الله عز وجل ، ويعدل الضرب بالسيف في سبيل الله تعالى ، قال ابن رجب رحمه الله : " وقد تكاثرت النصوص بتفضيل الذّكر على الصدقة بالمال وغيره من الأعمال "(2) ثم أورد حديث أبي الدرداء المتقدم ، وجملة من الأحاديث الأخرى الدالة على المعنى نفسه .
وقد روى ابن أبي الدنيا - كما في الترغيب والترهيب للمنذري وقال إسناده حسن - عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد قال : قيل لأبي الدرداء إنّ رجلاً أعتق مائة نسمة قال : " إنّ مائة نسمة من مال رجل كثيرٌ، وأفضلُ من ذلك إيمانٌ ملزومٌ بالليل والنهار وأن لا يزال لسان أحدكم رطباً من ذكر الله "(3) ، فبيَّن رضي الله عنه فضل عتق الرقاب وأنه مع عظم فضله لا يعدل ملازمة الذكر والمداومة عليه ، وورد بيان تفضيل الذكر على غيره من الأعمال عن غير واحد من الصحابة والتابعين كعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمرو بن العاص، أورد بعض هذه الأقوال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم.
روى الإمام أحمد والطبراني عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ أَيُّ الْمُجَاهِدِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا يَا رَسُولُ اللَّه ؟ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْرًا ، قَالَ فَأَيُّ الصَّائِمِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا ؟ قَالَ أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا ، ثُمَّ ذَكَرَ لَهُ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَالْحَجَّ وَالصَّدَقَةَ كُلُّ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَكْثَرُهُمْ لِلَّهِ ذِكْرًا ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : ذَهَبَ الذَّاكِرُونَ بِكُلِّ خَيْرٍ !! ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَجَلْ))(4).
وهذا الشهر الكريم هو شهر الذكر والثناء على الله رب العالمين، بل ما شُرع الصيام ولا صام الصائمون إلا لإقامة ذكر الله ، ولذلك أخبر النبي r - كما تقدم - أن أعلى الناس درجة وأعظمهم أجراً حين اشتراكهم في قيامهم بطاعة من الطاعات أو قربة من القربات لرب الأرض والسموات أكثرُهم لله ذكراً ؛ فدلَّ ذلك على أهمية الذكر وأنه هو الغاية المقصودة من القيام بجميع الطاعات والعبادات ، فأكثر الصائمين أجراً أكثرهم لله ذكراً .
وذِكر الله أكبر من كل شيء وأفضل كل شيء ، قال تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} [العنكبوت: 45] " أي: ذِكر الله لكم بالثواب والثناء عليكم أكبر من ذكركم له في عباداتكم وصلواتكم ، وهو ذاكرٌ من ذكَره ، قال معناه ابن مسعود وابن عباس وأبو الدرداء وأبو قرَّة وسلمان والحسن وهو اختيار الطبري ، وقيل: ذكركم الله في صلاتكم وفي قراءة القرآن أفضل من كلِّ شيء ، وقيل المعنى: إن ذكر الله أكبر مع المداومة من الصلاة في النهي عن الفحشاء والمنكر ، قال ابن زيد وقتادة: ولذكر الله أكبر من كلِّ شيء أي أفضل من العبادات كلها بغير ذكر "(5).
" قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : الصحيح أن معنى الآية : أن الصلاة فيها مقصودان عظيمان، وأحدهما أعظم من الآخر ؛ فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي مشتملة على ذكر الله تعالى، ولما فيها من ذكر الله تعالى أعظم من نهيها عن الفحشاء والمنكر)) ، وقد سئل سلمان الفارسي رضي الله عنه : ((أيُّ الأعمال أفضل؟ فقال: أما تقرأ القرآن! ولذكر الله أكبر))(6)، وذكر ابن أبي الدنيا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه سُئل: أيّ العمل أفضل ؟ قال: ((ذكر الله أكبر)) "(7).
وقد أمر الله في كتابه عباده المؤمنين بالإكثار من ذكره قياماً وقعوداً وعلى الجنوب ، بالليل والنهار ، وفي البر والبحر ، وفي السفر والحضر ، وفي الغنى والفقر ، وفي الصحة والسقم ، وفي السر والعلن ، وفي كل حال ، ورتب لهم على ذلك جزيل الأجر وعظيم الثواب وجميل المآب ، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} [الأحزاب:41-44].
ففي هذه الآية الحث على الإكثار من ذكر الله تعالى وبيان ما يترتب على ذلك من أجر عظيم وخير عميم ، وقوله : {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} فيه أعظم الترغيب في الإكثار من ذكر الله وأحسن حضٍّ على ذلك ، أي أنه سبحانه يذكركم فاذكروه أنتم ، ونظائر هذه الآية في القرآن كثيرة كقوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} [البقرة:151ـ152] ، فالجزاء من جنس العمل ؛ فمن ذكر الله في نفسه ذكره الله في نفسه ، ومن ذكر الله في ملأٍ ذكره الله في ملأٍ خير منهم ، ومن نسي الله نسيه الله .
والذاكرون الله كثيراً والذاكرات هم المفرِّدون السابقون إلى الخيرات المحظوظون بأرفع الدرجات وأعلى المقامات، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ فَمَرَّ عَلَى جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ جُمْدَانُ فَقَالَ : سِيرُوا هَذَا جُمْدَانُ ، سَبَقَ الْمُفَرِّدُونَ ، قَالُوا وَمَا الْمُفَرِّدُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتُ))(.
ولكن ؛ بِمَ ينال العبد ذلك ؟
وهذا سؤال عظيم يجدر بكل مسلم أن يقف عنده ويعرف جوابه ، ومن أحسن ما روي عن السلف في معنى الذاكرين الله كثيراً والذاكرات : ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : (( المراد : يذكرون الله في أدبار الصلوات ، وغدواً وعشياً ، وفي المضاجع ، وكلما استيقظ من نومه ، وكلما غدا أو راح من منزله ذكر الله تعالى))(9).
وفي هذا المعنى قول الشيخ العلامة عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله : " وأقل ذلك أن يلازم الإنسان أوراد الصباح والمساء وأدبار الصلوات الخمس وعند العوارض والأسباب ، وينبغي مداومة ذلك في جميع الأوقات على جميع الأحوال، فإن ذلك عبادة يسبق بها العامل ، وهو مستريح ، وداع إلى محبة الله ومعرفته، وعون على الخير وكف اللسان عن الكلام القبيح "(10).
وأسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى أن يجعلني وإياكم من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات ، من الذين أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً ، إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
*****
(1) مسند الإمام أحمد (21599، 21601) ، سنن الترمذي (3377) واللفظ له .
(2) جامع العلوم والحكم (الحديث الخامس والعشرون، ص: 66).
(3)قال الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب " ضعيف موقوف "
(4) رواه الإمام أحمد في المسند (15553) والطبراني في الدعاء (1887 ) واللفظ له .
(5) تفسير القرطبي (سورة العنكبوت ، آية 45) .
(6) رواه الطبري في تفسيره (20/183).
(7) انظر الوابل الصيب لابن القيم ( ص151-152).
( صحيح مسلم (2676).
(9) الأذكار للنووي (ص 10)
(10) تفسير السعدي (الأحزاب آية 41، ص: 667).
*****************************************************************************
ذهب الكلام نقائض جرير والفرزدق
الثقافة بمعناها الواسع، تشمل كل تجليات التعبير المشترك كالحِكَم والأمثال الشعبية وكل الموروثات. إنها وليدة تفاعل الناس ومتطلبات حياتهم، ليتم تناقل المنجز جيلاً بعد جيل ضمن منظومة الهوية.
هنا نتلمس عروق الذهب الذي بلورته التجارب حتى انتهى إلينا عبر اللغة بما يلخص قصة عناق طويل مع الحياة.
النقائض هي قصائد تجمع الهجاء والفخر في الوقت ذاته، وتنظم على نسق القصيدة البادئة.
كان كل من جرير والفرزدق يقوم بمدح نفسه مفاخراً بالشعر، ويعمد في الوقت ذاته إلى ذم الآخر، والعجب أن كلا الشاعرين من قبيلة تميم، ولكنهما من فخذين مختلفين ما أدّى إلى نشوء عداوة بينها.
لقد كان جرير يحب سحق وإخراس الشعراء في عصره، باستخدام هذا الأسلوب، بالفعل يقال إنه استطاع القضاء على ثمانية شعراء محترمين، ولم يستطع الصمود والنجاة من ذمه المقذع سوى هذين الشاعرين الكبيرين: الفرزدق والأخطل، فمن هم أصحاب النقائض؟
الفرزدق هو: همام بن غالب بن صعصعة الدارمي التميمي، يكنى بأبي فراس وسبب تسميته بالفرزدق، هو تجهم وضخامة وجهه، لأن معنى الفرزدق هو الرغيف المنتفخ. ولد في العراق، واشتهر بشعر الفخر والمديح والهجاء، ويعد من نبلاء قومه وسادتهم في بني تميم، كان يتنقل بين الولاة والأمراء الأمويين ليقول فيهم شعر المدح، وقد توفي عن 110 أعوام.
ونذكر من نقائض الشاعرين قول جرير:
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا
فابشر بطول سلامةٍ يا مربعُ
إنَّ الفرزدقَ قدْ تبينَ لؤمهُ
حيثُ التقتْ حششاؤهُ والأخدعُ
ومما قال الفرزدق مناقضاً جريراً ومفاخراً:
إنّ الــذي سَـمَـكَ السّـمـاءَ بَـنـى لَـنَـا
بَـيْـتــاً، دَعَـائِـمُــهُ أعَــــزُّ وَأطْـــــوَلُ
بَيْـتـاً بَـنَـاهُ لَـنَـا المَلِـيـكُ، ومَــا بَـنـى
حَــكَــمُ الـسّـمَــاءِ، فــإنّــهُ لا يُـنْـقَــلُ
يقال إنه عندما ذهب الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك إلى الحج هو وحاشيته، سار معهم الفرزدق، فكان البيت الحرام يزدحم بالحجيج، فلم يستطع الخليفة الطواف فجلس ينتظر دوره، وخلال ذلك جاء علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب بـ»زين العابدين« فأفسح له الحجاج الصفوف حتى وصل إلى الحجر الأسود، فأثار ذلك عجب هشام بن عبد الملك فسأل عن هذا الرجل، ولم يكن يعرفه، فرد عليه الفرزدق بقصيدته المشهورة التي قال فيها:
هَذا الذي تَعرِفُ البَطْحاءُ وَطْأتَهُ
وَالبَيْتُ يعْرِفُهُ وَالحِلُّ وَالحَرَمُ
هذا ابن خير عباد الله كلهمُ
هذا التقي النقيّ الطاهر العلمُ
وأما الشاعر جرير فهو أبو حرزة جرير بن عطية بن حذيفة التميمي، ولقد كان من أشعر شعراء عصره.
ولد جرير في منطقة اليمامة وتوفي بها، وكان عفيفاً، وقيل إنه كان من أغزل الشعراء شعراً، ويكفي شاهداً على ذلك قوله الشهير:
إن العيون التي في طرفها حور
قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك له
وهنّ أضعف خلق الله أركانا
*****************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
يكرن
يكرن
يكرن يفرن حسهن متباعد
اللي يدلهن ع الشور ماهو قاعد
يكرن علي معطانهم
ويفرن ويرقي للسماء ريغانهن
لا قدمن لا وخرن في مكانهن
غيب اللي انضاقت براي يساعد
وحسهن متباعد
يكرن مع المصدار
ويفرن لراسه ويرجعن للدار
ايميحن ايمينه ويشلخن ليسار
بين حد راس اجدير بين مساعد
وحسهن متباعد
يكرن مع العرقوب
ويفرن غلابه شفرهن مقلوب
اللي بيمخضنه ما يبيش يروب
اركبهن انهدن والنفس مصاعد
وحسهن متباعد
يكرن بلا دبير
ويفرن عطاشه ريقهن تقطير
ولا خير فيهن لا يشوفن خير
اعثر حضهن بيهن برك مصاعد
وحسهن متباعد
يكرن وزاد يفرون
يحوسن يدورن يذهبن ويغرن
غابن اللي انخشن النار يقرن
علي قلوب وحده وارده وسواعد
حسهن متباعد
*****************************************************************************
حكاوي هلنا الدكتور حمزة التهامي
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
8رمضان 1437هـ - 13 يونيو 2016م
اللهم افتح لنا أبواب الجنان، واغلق عنّا أبواب النيران، واكرمنا بتلاوة القرآن، واجعل رمضان شاهدًا لنا لا علينا، واختمه لنا برضوانك والجنة
اللهم افتح لنا أبواب الجنان، واغلق عنّا أبواب النيران، واكرمنا بتلاوة القرآن، واجعل رمضان شاهدًا لنا لا علينا، واختمه لنا برضوانك والجنة
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ كان إذا أفطر عند قوم قال : أفطر عندكم الصائمون و أكل طعامكم الأبرار و تنزلت عليكم الملائكة .
تحقيق الألباني (صحيح) صحيح الجامع.
الشـــــرح :
( كان إذا أفطر عند قوم ) أي نزل ضيفاً عند قوم وهو صائم فأفطر ( قال ) في دعائه ( أفطر عندكم الصائمون ) [ ص 108 ] خبر بمعنى الدعاء بالخير والبركة لأن أفعال الصائمين تدل على اتساع الحال وكثرة الخير إذ من عجز عن نفسه فهو عن غيره أعجز ( وأكل طعامكم الأبرار ) قال المظهري : دعاء أو إخبار وهذا الوصف موجود في حق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأنه أبر الأبرار ( وتنزلت ) وفي رواية بدله وصلت ( عليكم الملائكة ) أي ملائكة الرحمة بالبركة والخير الإلهي .
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند الكرب : لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم .
****************************************************************************
بْسْمْ آلْلْﮬ̲̣̐ آلْرْحْمْنْ آلْرْحْيْمْ
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )
اللهم اغفر لشهادئنا وارحمهم..واكرم نزلهم .. ووسع مدخلهم.. واغسلهم بالماء والثلج والبرد..ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. اللهم جازهم بالحسنات إحسانا.. وبالسيئات عفواً وغفرانا..اللهم أنزل على قبرهم الضياء والنور..والفسحة والفرح والسرور..اللهم أنزل عليهم بردا وسلاما..اللهم انقلهم برحمتك من عتمة القبور..إلى نور وسعة الدور والقصور...
ومن ضيق اللحود الى جناتك جنات الخلود ..في سدر مخضود..وطلح منضود.. وظل ممدود..وماء مسكوب..وفاكهة كثيرة..لا مقطوعة ولا ممنوعة..وفرش مرفوعة ..اللهم اجعل قبرهم روضة من رياض الجنة .. اللهم بيض وجههم..ويمّن كتابهم..ويسر حسابهم..وليّن ترابهم..وطيب ثراهم..وثبتهم على الصراط اللهم اجعلهم ممن يمرون على الصراط كالبرق الخاطف.. اللهم اظلهم تحت ظل عرشك..يوم لاظل إلاّ ظلك ولا باقٍ إلاّ وجهك..ولا تحرمهم النظر إلى وجهك الكريم..والشوق إلى لقائك.. اللهم احشرهم تحت لواء نبيك محمد صلى الله عليه وسلم..واسقهم من يده الشريفة الطاهرة.. شربة هنيئة مريئة..لايظمئ بعدها أبدا..وبلغهم شفاعة الحبيب المصطفى.. اللهم اجعل القرآن العظيم شفيعا لهم في قبرهم..
وشاهدا لهم في الآخرة..وحجة لهم يارب العالمين....آمــــين آمــــين آمــــين آمــــين آمــــين
****************************************************************************
فَضْلُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَمَكَانَتُهُ
إن شهر رمضان المبارك هو شهر القرآن فيه نزل قال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [البقرة:185] ، وهو شهر الذكر وخير ما ينبغي للعبد أن يذكر الله به في هذا الشهر الكريم هو كلامه - تبارك وتعالى - الذي هو خير الكلام وأحسنه وأصدقه وأنفعه ، وهو وحي الله وتنزيله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو أفضل كتاب أنزله الله تبارك وتعالى على أفضل رسول ؛ على عبده ومصطفاه وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وكم هو جميل بنا أن نستشعر فضل القران وفضله وعظم مكانته ، لا سيما ونحن في الشهر الذي فيه أنزل .
يقول الله تعالى في بيان شرف القرآن الكريم وفضله : { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } [الفرقان:33] قال ابن كثير رحمه الله : (( في هذا اعتناء كبير لشرف الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، حيث كان يأتيه الوحي من الله بالقرآن صباحاً ومساءً ، ليلاً ونهاراً ، سفراً وحضراً ، فكل مرة كان يأتيه الملك بالقرآن كإنزال كتاب مما قبله من الكتب المتقدمة ، فهذا المقام أعلى وأجلُّ وأعظم مكانة من سائر إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله ، ومحمد صلوات لله وسلامه عليه، أعظم نبي أرسله الله )) (1) اهـ.
إن فضل القرآن الكريم وشرفه ورفيع قدره وعلو مكانته أمرٌ لا يخفى على المسلمين ، فهو كتاب الله رب العالمين ، وكلام خالق الخلق أجمعين ، فيه نبأُ ما قبلنا ، وخبر ما بعدنا ، وحُكم ما بيننا ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يَخْلَقُ على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم ، وقدرُ القرآن وفضله هو بقدر الموصوف به وفضله ، فالقرآن كلام الله وصفته ، وكما أنه تبارك وتعالى لا سميَّ له ولا شبيه في أسمائه وصفاته فلا سميَّ له ولا شبيه له في كلامه ، فله تبارك وتعالى الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته ، لا يشبهه شيء من خلقه ، ولا يشبه هو تبارك وتعالى شيئاً من خلقه، تعالى وتقدَّس عن الشبيه والنظير { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11] . والفرق بين كلام الله وكلام المخلوقين هو كالفرق بين الخالق والمخلوقين ، قال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله : ((فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الرب على خلقه، وذاك أنه منه)) (2) . وقد روي هذا اللفظ مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن رفعه لا يثبت كما أوضح ذلك الإمام البخاري رحمه الله في كتابه (خلق أفعال العباد) وغيره من أئمة العلم(3)، وأما معناه فحق لا ريب فيه ، ولا ريب في حُسنه وقوته واستقامته وجمال مدلوله ، وقد استشهد أهل العلم لصحة معناه بنصوص عديدة ، بل إن الإمام البخاري رحمه الله جعله عنواناً لأحد تراجم أبواب كتاب فضائل القرآن من صحيحه فقال في الباب السابع عشر منه : " باب فضل القرآن على سائر الكلام " .
والواجب علينا معاشر المؤمنين أن نعظم القرآن الكريم الذي هو كلام ربنا ومصدر عزنا وسبيل سعادتنا ، ونحفظ له منزلته ومكانته ، ونقدره حق قدره ، ونحسن فهمه ، ونعمل به . يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ((من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله عز وجل فليعرض نفسه على القرآن ؛ فإن أحب القرآن فهو يحب الله عز وجل ، فإنما القرآن كلام الله عز وجل))(4)، ويقول رضي الله عنه : ((القرآن كلام الله عز وجل ، فمن رد منه شيئا فإنما يرد على الله عز وجل))(5).
هذا وقد كان للسلف رحمهم الله عنايةٌ فائقة واهتمامٌ بالغ بالقرآن العظيم في شهر القرآن شهر رمضان المبارك، وأسوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يلقاه جبريل كل ليلة من رمضان يدارسه القرآن، روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ))(6) .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره ، وهذا أمرٌ يُشرع لكل من أراد أن يزيد في القراءة ويطيل وكان يصلي لنفسه فليطوِّل ما شاء ، وكذلك من صلى بجماعة يرضون بصلاته ، أما ما سوى ذلك فالمشروع التخفيف ، قال الإمام أحمد لبعض أصحابه وكان يصلي بهم في رمضان : ((إن هؤلاء قوم ضَعْفَى اقرأ خمساً ستاً سبعاً، قال فقرأتُ فختمتُ في ليلةَ سبع وعشرين)) (7) ، فأرشده رحمه الله إلى أن يراعي حال المأمومين فلا يشقُّ عليهم .
وكان السلف رحمهم الله يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها ، فكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان ، وكان النخعي رحمه الله يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة وفي بقية الشهر في ثلاث ، وكان قتادة رحمه الله يختم في كلِّ سبعٍ دائماً وفي رمضان في كلِّ ثلاث وفي العشر الأواخر كل ليلة ، وكان الزهري رحمه الله إذا دخل رمضان قال: ((فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام)) ، وكان مالك رحمه الله إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث ومجالسةِ أهل العلم ويقبِل على تلاوة القرآن من المصحف ، وكان قتادة رحمه الله يدرس القرآن في شهر رمضان ، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن . والآثار عنهم في هذا المعنى كثيرة (.
رزقنا الله وإيّاكم حُسن اتباعهم والسير على آثارهم ، ونسأله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يعْمُر قلوبنا بحب القرآن وتعظيمه وتوقيره والعمل به ، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
---------------
(1) تفسير ابن كثير (تفسير سورة الفرقان) .
(2) رواه البيهقي في شعب الإيمان (2137) .
(3) انظر الضعيفة للألباني (1334).
(4) السنة لعبد الله بن أحمد (1/148، رقم125).
(5) السنة لعبد الله بن أحمد (1/144، رقم119).
(6) البخاري (6)، ومسلم (2308) واللفظ للبخاري .
(7) ذكره ابن رجب في لطائف المعارف ص180 .
( انظر لطائف المعارف لابن رجب ص181 .
****************************************************************************
سؤال: هل يبطل الصوم بتذوق الطعام؟
الجواب: لا يبطل الصوم بتذوق الطعام إذا لم يبتلعه ولكن لا يفعله إلا إذا دعت الحاجة إليه، وفي هذه الحال لو دخل منه شيء إلى بطنك بغير قصد فصومك لا يبطل.
[فتاوى أركان الإسلام للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ]
***************
مفطرات الصيـــــــــام
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا : المفطرات وهي :
1-الأكل
2- الشرب
3- ماكان بمعنى الأكل والشرب , مثل الإبر المغذية
4- قطرة الأنف إذا وصلت إلى المعدة
5- السعوط : وهو مايصل إلى الجوف عن طريق الأنف
6- الجماع
7- إنزال المني باختياره بتقبيل أو لمس أو استمناء أو تكرار نظر أو نحو ذلك
8- القيء عمدا
9- إخراج الدم بالحجامة
10- التبرع بالدم الكثير
11- خروج دم الحيض والنفاس
12- أن ينوي الفطر جازما غير متردد, أما إذا تردد في الإفطار فلا يبطل صومه
تنبيه : هذه المفطرات , لايفطر بها الصائم إلا بثلاثة شروط:
1- أن يكون عالما بالحكم الشرعي , عالما بالوقت
2- أن يكون ذاكرا غير ناس
3- أن يكون مختارا غير مكره
ثانياً : أمور ليست من المفطرات . وهي :
1- قطرة العين
2- قطرة الأذن
3- بخاخ ضيق التنفس
4- التحاميل في الدبر
5- إبرة الوريد , و إبرة العضل , و إبرة البنسلين
6- مايدخل في الجسم عبر مجرى الذكر من منظار أو محلول أو دواء
7- إذا جرح الصائم ونزف دمه بغير اختياره
8- الرعاف
9- بنج الأسنان وخلع الضرس , لكن لايبلع الدم الخارج من الضرس , فإن ابتلاعه مفطر
10- تحليل دم الصائم بأخذه عينة قليلة
11- الغرغرة في الفم , لكنها مكروهة إلا لحاجة
12- منظار المعدة إلا أن يكون في هذا المنظار دهن أونحوه يصل إلى المعده فإنه يفطر
13- مرهم إزالة الجفاف من الشفتين
14- الفرشاة والمعجون , لكن الأولى ألا يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق
15- الدهون بجميع أنواعها سواء في الوجه أو في الظهر أو في أي مكان
16- أدوات المكياج
17- الكحل
18- استنشاق الفيكس
19- شم الطيب سواء كان دهنا أو بخورا , لكن استنشاق البخور يفطر إذا وصل إلى الجوف
20- بلع الريق
21- بلع البلغم أو النخامة إذا لم تصل إلى الفم
22- ذوق الطعام لحاجة
23- خروج المني بالإحتلام أو بالتفكير 24- خروج المذي
مفطرات الصيام لابن عثيمين رحمه الله
المراجع
1- مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
2- فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين رحمه الله
3- الشرح الممتع لابن عثيمين رحمه الله
********************************************************************************
لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان ؟
للدكتور مصطفى محمود
لماذا يتحول رمضان إلى شهر ترفيهي بدلا من شهر روحاني ؟ لست شيخا ولا داعية ، ولكني أفهم الآن لماذا كانت والدتي تدير التلفاز ليواجه الحائط طوال شهر رمضان … كنت طفلا صغيرا ناقما على أمي التي منعتني وإخوتي من مشاهدة فوازير بينما يتابعها كل أصدقائي .. ولم يشف غليلي إجابة والدتي المقتضبة “رمضان شهر عبادة مش فوازير!” لم أكن أفهم منطق أمي الذي كنت كطفل أعتبره تشددا فى الدين لا فائدة منه .. فكيف سيؤثر مشاهدة طفل صغير لفوازير على شهر رمضان؟
من منكم سيدير جهاز التلفاز ليواجه الحائط في رمضان؟
مرت السنوات وأخذتني دوامة الحياة وغطى ضجيج معارك الدراسة والعمل على همسة سؤالي الطفولي حتى أراد الله أن تأتيني الإجابة على هذا السؤال من رجل مسن غير متعلم فى الركن الآخر من الكرة الأرضية ، كان ذلك الرجل هو عامل أمريكي في محطة بنزين اعتدت دخولها لشراء قهوة أثناء ملء السيارة بالوقود فى طريق عملي وفي اليوم الذي يسبق يوم الكريسماس دخلت لشراء القهوة كعادتي فإذا بي أجد ذلك الرجل منهمكا في وضع أقفال على ثلاجة الخمور ،وعندما عاد للـ (كاشير) لمحاسبتي على القهوة سألته وكنت حديث عهد بقوانين أمريكا :”لماذا تضع أقفالا على هذه الثلاجة؟؟” فأجابني: “هذه ثلاجة الخمور وقوانين الولاية تمنع بيع الخمور في ليلة ويوم الكريسماس يوم ميلاد المسيح”نظرت إليه مندهشا قائلا : أليست أمريكا دولة علمانية .. لماذا تتدخل الدولة فى شيء مثل ذلك؟ قال الرجل :”الاحترام.. يجب على الجميع احترام ميلاد المسيح وعدم شرب الخمر في ذلك اليوم حتى وإن لم تكن متدينا .. إذا فقد المجتمع الاحترام فقدنا كل شيء”
الاحترام … (الاحترام) ظلت هذه الكلمة تدور فى عقلى لأيام وأيام بعد هذه الليلة … فالخمر غير محرم عند كثير من المذاهب المسيحية فى أمريكا .. ولكن المسألة ليست مسألة حلال أو حرام .. إنها مسألة احترام … فهم ينظرون للكريسماس كضيف يزورهم كل سنة ليذكرهم بميلاد المسيح عليه السلام .. وليس من الاحترام السكر فى معية ذلك الضيف … … ولكن فى هذا اليوم سيحترم الجميع هذا الضيف وستضع الدولة قانونا !
أتمنى أن نحترم شهر القرأن. ونعرف ماذا نشاهد.
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خير منه.(ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)...
نحن على قناعة ان اعلامنا نزع مفردة الاحترام من قاموسه ..
هل ستتحلى انت بقليل من الاحترام وتقلب شاشة تلفزيونك.. او على اقل تقدير
حذف بعض القنوات
والاكتفاء بما يعزز احترامك لشهر رمضان الفضيل.
********************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
العيب
العيب
اللي داير العيب راضيه
وممنون بالعيب راضي
الماعون ينضح بما فيه
وخوذ راحتك يالفاظي
فقدنا ثلاث احروف راحن منا
معاهن الطعمه غيبت والبنا
العين اولهن
حروف غيبن عنا وغابو هلهن
زمان مايقدر مالحروف عزلهن
ونا حسب ضني يطولن ما يجنا
اليا ثانيهن
حروف غيبن عنا نراجوا فيهن
لكان مان هنا ما نقول عليهن
لا يوجعني لا تعب يسونا
الثالث باهن
راحن يخبرني اللي يلقاهن
اللي يقدروا في العيب عدوا اعماهن
قعد عيبهن فينا العيب رضنا
حروف تساوي
قعد جرحهن ينزف غلب لمداوي
تقال وزنهن عند الكبار حكاوي
خفاف بعدهن نحنا نهار خطنا
حروف خساره
رحل قدرنا اعماهن بعيد تواره
بعدهن الريق الحلوا زاد مراره
كبار الحروف اسقدن خلنا
حروف كبيره
ضاعت وفلي قال فيها خيره
يا فرحته من قبل مات ظميره
فاقد ظميره ما فقدهن هنا
ــ كان إذا أفطر عند قوم قال : أفطر عندكم الصائمون و أكل طعامكم الأبرار و تنزلت عليكم الملائكة .
تحقيق الألباني (صحيح) صحيح الجامع.
الشـــــرح :
( كان إذا أفطر عند قوم ) أي نزل ضيفاً عند قوم وهو صائم فأفطر ( قال ) في دعائه ( أفطر عندكم الصائمون ) [ ص 108 ] خبر بمعنى الدعاء بالخير والبركة لأن أفعال الصائمين تدل على اتساع الحال وكثرة الخير إذ من عجز عن نفسه فهو عن غيره أعجز ( وأكل طعامكم الأبرار ) قال المظهري : دعاء أو إخبار وهذا الوصف موجود في حق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأنه أبر الأبرار ( وتنزلت ) وفي رواية بدله وصلت ( عليكم الملائكة ) أي ملائكة الرحمة بالبركة والخير الإلهي .
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول عند الكرب : لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم .
****************************************************************************
بْسْمْ آلْلْﮬ̲̣̐ آلْرْحْمْنْ آلْرْحْيْمْ
(وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ )
اللهم اغفر لشهادئنا وارحمهم..واكرم نزلهم .. ووسع مدخلهم.. واغسلهم بالماء والثلج والبرد..ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.. اللهم جازهم بالحسنات إحسانا.. وبالسيئات عفواً وغفرانا..اللهم أنزل على قبرهم الضياء والنور..والفسحة والفرح والسرور..اللهم أنزل عليهم بردا وسلاما..اللهم انقلهم برحمتك من عتمة القبور..إلى نور وسعة الدور والقصور...
ومن ضيق اللحود الى جناتك جنات الخلود ..في سدر مخضود..وطلح منضود.. وظل ممدود..وماء مسكوب..وفاكهة كثيرة..لا مقطوعة ولا ممنوعة..وفرش مرفوعة ..اللهم اجعل قبرهم روضة من رياض الجنة .. اللهم بيض وجههم..ويمّن كتابهم..ويسر حسابهم..وليّن ترابهم..وطيب ثراهم..وثبتهم على الصراط اللهم اجعلهم ممن يمرون على الصراط كالبرق الخاطف.. اللهم اظلهم تحت ظل عرشك..يوم لاظل إلاّ ظلك ولا باقٍ إلاّ وجهك..ولا تحرمهم النظر إلى وجهك الكريم..والشوق إلى لقائك.. اللهم احشرهم تحت لواء نبيك محمد صلى الله عليه وسلم..واسقهم من يده الشريفة الطاهرة.. شربة هنيئة مريئة..لايظمئ بعدها أبدا..وبلغهم شفاعة الحبيب المصطفى.. اللهم اجعل القرآن العظيم شفيعا لهم في قبرهم..
وشاهدا لهم في الآخرة..وحجة لهم يارب العالمين....آمــــين آمــــين آمــــين آمــــين آمــــين
****************************************************************************
فَضْلُ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَمَكَانَتُهُ
إن شهر رمضان المبارك هو شهر القرآن فيه نزل قال تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [البقرة:185] ، وهو شهر الذكر وخير ما ينبغي للعبد أن يذكر الله به في هذا الشهر الكريم هو كلامه - تبارك وتعالى - الذي هو خير الكلام وأحسنه وأصدقه وأنفعه ، وهو وحي الله وتنزيله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو أفضل كتاب أنزله الله تبارك وتعالى على أفضل رسول ؛ على عبده ومصطفاه وخيرته من خلقه محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وكم هو جميل بنا أن نستشعر فضل القران وفضله وعظم مكانته ، لا سيما ونحن في الشهر الذي فيه أنزل .
يقول الله تعالى في بيان شرف القرآن الكريم وفضله : { وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } [الفرقان:33] قال ابن كثير رحمه الله : (( في هذا اعتناء كبير لشرف الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، حيث كان يأتيه الوحي من الله بالقرآن صباحاً ومساءً ، ليلاً ونهاراً ، سفراً وحضراً ، فكل مرة كان يأتيه الملك بالقرآن كإنزال كتاب مما قبله من الكتب المتقدمة ، فهذا المقام أعلى وأجلُّ وأعظم مكانة من سائر إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله ، ومحمد صلوات لله وسلامه عليه، أعظم نبي أرسله الله )) (1) اهـ.
إن فضل القرآن الكريم وشرفه ورفيع قدره وعلو مكانته أمرٌ لا يخفى على المسلمين ، فهو كتاب الله رب العالمين ، وكلام خالق الخلق أجمعين ، فيه نبأُ ما قبلنا ، وخبر ما بعدنا ، وحُكم ما بيننا ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله ، وهو حبل الله المتين ، وهو الذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، هو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسن ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يَخْلَقُ على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه، من قال به صدق، ومن عمل به أُجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم ، وقدرُ القرآن وفضله هو بقدر الموصوف به وفضله ، فالقرآن كلام الله وصفته ، وكما أنه تبارك وتعالى لا سميَّ له ولا شبيه في أسمائه وصفاته فلا سميَّ له ولا شبيه له في كلامه ، فله تبارك وتعالى الكمال المطلق في ذاته وأسمائه وصفاته ، لا يشبهه شيء من خلقه ، ولا يشبه هو تبارك وتعالى شيئاً من خلقه، تعالى وتقدَّس عن الشبيه والنظير { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى:11] . والفرق بين كلام الله وكلام المخلوقين هو كالفرق بين الخالق والمخلوقين ، قال أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله : ((فضل القرآن على سائر الكلام كفضل الرب على خلقه، وذاك أنه منه)) (2) . وقد روي هذا اللفظ مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن رفعه لا يثبت كما أوضح ذلك الإمام البخاري رحمه الله في كتابه (خلق أفعال العباد) وغيره من أئمة العلم(3)، وأما معناه فحق لا ريب فيه ، ولا ريب في حُسنه وقوته واستقامته وجمال مدلوله ، وقد استشهد أهل العلم لصحة معناه بنصوص عديدة ، بل إن الإمام البخاري رحمه الله جعله عنواناً لأحد تراجم أبواب كتاب فضائل القرآن من صحيحه فقال في الباب السابع عشر منه : " باب فضل القرآن على سائر الكلام " .
والواجب علينا معاشر المؤمنين أن نعظم القرآن الكريم الذي هو كلام ربنا ومصدر عزنا وسبيل سعادتنا ، ونحفظ له منزلته ومكانته ، ونقدره حق قدره ، ونحسن فهمه ، ونعمل به . يقول ابن مسعود رضي الله عنه : ((من كان يحب أن يعلم أنه يحب الله عز وجل فليعرض نفسه على القرآن ؛ فإن أحب القرآن فهو يحب الله عز وجل ، فإنما القرآن كلام الله عز وجل))(4)، ويقول رضي الله عنه : ((القرآن كلام الله عز وجل ، فمن رد منه شيئا فإنما يرد على الله عز وجل))(5).
هذا وقد كان للسلف رحمهم الله عنايةٌ فائقة واهتمامٌ بالغ بالقرآن العظيم في شهر القرآن شهر رمضان المبارك، وأسوتهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يلقاه جبريل كل ليلة من رمضان يدارسه القرآن، روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ))(6) .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يطيل القراءة في قيام رمضان بالليل أكثر من غيره ، وهذا أمرٌ يُشرع لكل من أراد أن يزيد في القراءة ويطيل وكان يصلي لنفسه فليطوِّل ما شاء ، وكذلك من صلى بجماعة يرضون بصلاته ، أما ما سوى ذلك فالمشروع التخفيف ، قال الإمام أحمد لبعض أصحابه وكان يصلي بهم في رمضان : ((إن هؤلاء قوم ضَعْفَى اقرأ خمساً ستاً سبعاً، قال فقرأتُ فختمتُ في ليلةَ سبع وعشرين)) (7) ، فأرشده رحمه الله إلى أن يراعي حال المأمومين فلا يشقُّ عليهم .
وكان السلف رحمهم الله يتلون القرآن في شهر رمضان في الصلاة وغيرها ، فكان الأسود يقرأ القرآن في كل ليلتين في رمضان ، وكان النخعي رحمه الله يفعل ذلك في العشر الأواخر منه خاصة وفي بقية الشهر في ثلاث ، وكان قتادة رحمه الله يختم في كلِّ سبعٍ دائماً وفي رمضان في كلِّ ثلاث وفي العشر الأواخر كل ليلة ، وكان الزهري رحمه الله إذا دخل رمضان قال: ((فإنما هو تلاوة القرآن وإطعام الطعام)) ، وكان مالك رحمه الله إذا دخل رمضان يفرُّ من قراءة الحديث ومجالسةِ أهل العلم ويقبِل على تلاوة القرآن من المصحف ، وكان قتادة رحمه الله يدرس القرآن في شهر رمضان ، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على تلاوة القرآن . والآثار عنهم في هذا المعنى كثيرة (.
رزقنا الله وإيّاكم حُسن اتباعهم والسير على آثارهم ، ونسأله تبارك وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يعْمُر قلوبنا بحب القرآن وتعظيمه وتوقيره والعمل به ، وأن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
---------------
(1) تفسير ابن كثير (تفسير سورة الفرقان) .
(2) رواه البيهقي في شعب الإيمان (2137) .
(3) انظر الضعيفة للألباني (1334).
(4) السنة لعبد الله بن أحمد (1/148، رقم125).
(5) السنة لعبد الله بن أحمد (1/144، رقم119).
(6) البخاري (6)، ومسلم (2308) واللفظ للبخاري .
(7) ذكره ابن رجب في لطائف المعارف ص180 .
( انظر لطائف المعارف لابن رجب ص181 .
****************************************************************************
سؤال: هل يبطل الصوم بتذوق الطعام؟
الجواب: لا يبطل الصوم بتذوق الطعام إذا لم يبتلعه ولكن لا يفعله إلا إذا دعت الحاجة إليه، وفي هذه الحال لو دخل منه شيء إلى بطنك بغير قصد فصومك لا يبطل.
[فتاوى أركان الإسلام للشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ]
***************
مفطرات الصيـــــــــام
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا : المفطرات وهي :
1-الأكل
2- الشرب
3- ماكان بمعنى الأكل والشرب , مثل الإبر المغذية
4- قطرة الأنف إذا وصلت إلى المعدة
5- السعوط : وهو مايصل إلى الجوف عن طريق الأنف
6- الجماع
7- إنزال المني باختياره بتقبيل أو لمس أو استمناء أو تكرار نظر أو نحو ذلك
8- القيء عمدا
9- إخراج الدم بالحجامة
10- التبرع بالدم الكثير
11- خروج دم الحيض والنفاس
12- أن ينوي الفطر جازما غير متردد, أما إذا تردد في الإفطار فلا يبطل صومه
تنبيه : هذه المفطرات , لايفطر بها الصائم إلا بثلاثة شروط:
1- أن يكون عالما بالحكم الشرعي , عالما بالوقت
2- أن يكون ذاكرا غير ناس
3- أن يكون مختارا غير مكره
ثانياً : أمور ليست من المفطرات . وهي :
1- قطرة العين
2- قطرة الأذن
3- بخاخ ضيق التنفس
4- التحاميل في الدبر
5- إبرة الوريد , و إبرة العضل , و إبرة البنسلين
6- مايدخل في الجسم عبر مجرى الذكر من منظار أو محلول أو دواء
7- إذا جرح الصائم ونزف دمه بغير اختياره
8- الرعاف
9- بنج الأسنان وخلع الضرس , لكن لايبلع الدم الخارج من الضرس , فإن ابتلاعه مفطر
10- تحليل دم الصائم بأخذه عينة قليلة
11- الغرغرة في الفم , لكنها مكروهة إلا لحاجة
12- منظار المعدة إلا أن يكون في هذا المنظار دهن أونحوه يصل إلى المعده فإنه يفطر
13- مرهم إزالة الجفاف من الشفتين
14- الفرشاة والمعجون , لكن الأولى ألا يستعملها لما في المعجون من قوة النفوذ والنزول إلى الحلق
15- الدهون بجميع أنواعها سواء في الوجه أو في الظهر أو في أي مكان
16- أدوات المكياج
17- الكحل
18- استنشاق الفيكس
19- شم الطيب سواء كان دهنا أو بخورا , لكن استنشاق البخور يفطر إذا وصل إلى الجوف
20- بلع الريق
21- بلع البلغم أو النخامة إذا لم تصل إلى الفم
22- ذوق الطعام لحاجة
23- خروج المني بالإحتلام أو بالتفكير 24- خروج المذي
مفطرات الصيام لابن عثيمين رحمه الله
المراجع
1- مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
2- فتاوى نور على الدرب لابن عثيمين رحمه الله
3- الشرح الممتع لابن عثيمين رحمه الله
********************************************************************************
لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان ؟
للدكتور مصطفى محمود
لماذا يتحول رمضان إلى شهر ترفيهي بدلا من شهر روحاني ؟ لست شيخا ولا داعية ، ولكني أفهم الآن لماذا كانت والدتي تدير التلفاز ليواجه الحائط طوال شهر رمضان … كنت طفلا صغيرا ناقما على أمي التي منعتني وإخوتي من مشاهدة فوازير بينما يتابعها كل أصدقائي .. ولم يشف غليلي إجابة والدتي المقتضبة “رمضان شهر عبادة مش فوازير!” لم أكن أفهم منطق أمي الذي كنت كطفل أعتبره تشددا فى الدين لا فائدة منه .. فكيف سيؤثر مشاهدة طفل صغير لفوازير على شهر رمضان؟
من منكم سيدير جهاز التلفاز ليواجه الحائط في رمضان؟
مرت السنوات وأخذتني دوامة الحياة وغطى ضجيج معارك الدراسة والعمل على همسة سؤالي الطفولي حتى أراد الله أن تأتيني الإجابة على هذا السؤال من رجل مسن غير متعلم فى الركن الآخر من الكرة الأرضية ، كان ذلك الرجل هو عامل أمريكي في محطة بنزين اعتدت دخولها لشراء قهوة أثناء ملء السيارة بالوقود فى طريق عملي وفي اليوم الذي يسبق يوم الكريسماس دخلت لشراء القهوة كعادتي فإذا بي أجد ذلك الرجل منهمكا في وضع أقفال على ثلاجة الخمور ،وعندما عاد للـ (كاشير) لمحاسبتي على القهوة سألته وكنت حديث عهد بقوانين أمريكا :”لماذا تضع أقفالا على هذه الثلاجة؟؟” فأجابني: “هذه ثلاجة الخمور وقوانين الولاية تمنع بيع الخمور في ليلة ويوم الكريسماس يوم ميلاد المسيح”نظرت إليه مندهشا قائلا : أليست أمريكا دولة علمانية .. لماذا تتدخل الدولة فى شيء مثل ذلك؟ قال الرجل :”الاحترام.. يجب على الجميع احترام ميلاد المسيح وعدم شرب الخمر في ذلك اليوم حتى وإن لم تكن متدينا .. إذا فقد المجتمع الاحترام فقدنا كل شيء”
الاحترام … (الاحترام) ظلت هذه الكلمة تدور فى عقلى لأيام وأيام بعد هذه الليلة … فالخمر غير محرم عند كثير من المذاهب المسيحية فى أمريكا .. ولكن المسألة ليست مسألة حلال أو حرام .. إنها مسألة احترام … فهم ينظرون للكريسماس كضيف يزورهم كل سنة ليذكرهم بميلاد المسيح عليه السلام .. وليس من الاحترام السكر فى معية ذلك الضيف … … ولكن فى هذا اليوم سيحترم الجميع هذا الضيف وستضع الدولة قانونا !
أتمنى أن نحترم شهر القرأن. ونعرف ماذا نشاهد.
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خير منه.(ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)...
نحن على قناعة ان اعلامنا نزع مفردة الاحترام من قاموسه ..
هل ستتحلى انت بقليل من الاحترام وتقلب شاشة تلفزيونك.. او على اقل تقدير
حذف بعض القنوات
والاكتفاء بما يعزز احترامك لشهر رمضان الفضيل.
********************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
العيب
العيب
اللي داير العيب راضيه
وممنون بالعيب راضي
الماعون ينضح بما فيه
وخوذ راحتك يالفاظي
فقدنا ثلاث احروف راحن منا
معاهن الطعمه غيبت والبنا
العين اولهن
حروف غيبن عنا وغابو هلهن
زمان مايقدر مالحروف عزلهن
ونا حسب ضني يطولن ما يجنا
اليا ثانيهن
حروف غيبن عنا نراجوا فيهن
لكان مان هنا ما نقول عليهن
لا يوجعني لا تعب يسونا
الثالث باهن
راحن يخبرني اللي يلقاهن
اللي يقدروا في العيب عدوا اعماهن
قعد عيبهن فينا العيب رضنا
حروف تساوي
قعد جرحهن ينزف غلب لمداوي
تقال وزنهن عند الكبار حكاوي
خفاف بعدهن نحنا نهار خطنا
حروف خساره
رحل قدرنا اعماهن بعيد تواره
بعدهن الريق الحلوا زاد مراره
كبار الحروف اسقدن خلنا
حروف كبيره
ضاعت وفلي قال فيها خيره
يا فرحته من قبل مات ظميره
فاقد ظميره ما فقدهن هنا
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
9 رمضان 1437هـ - 14 يونيو 2016م
مناجاة
اللّهم ارزقنا في رمضان رحمة الأيتام وصحبة الكرام
اللّهم ارزقني فيه رحمة الأيتام وإطعام الطعام وإفشاء السلام وصحبة الكرام بطولك يا ملجأ الآملين، اللّهم إنّي وظالمي عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرّنا ومستودعنا، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا، وتطلع على نيّاتنا، وتحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره، ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا، وما لنا منك معقل يحصننا، ولا حرز يحرزنا، ولا هارب يفوتك منّا.
ولا يمتنع الظالم منك بسلطانه، ولا يجاهدك عنه جنوده، ولا يغالبك مغالب بمنعة، ولا يعازّك متعزّز بكثرة أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم منّا بك، وتوكّل المقهور منّا عليك، ورجوعه إليك، ويستغيث بك إذا خذله المغيث، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير، ويلوذ بك إذا نفته الأفنية، ويطرق بابك إذا أغلقت دونه الأبواب المرتجة، ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة، تعلم ما حلّ به قبل أن يشكوه إليك، وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له، فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً.
*************
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الخَيْرِ كُلِّهُ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهُ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ محمد ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ بِكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ محمد.
**************************************************************
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ البركة في ثلاثة : في الجماعة و الثريد و السحور .
قوله ( باب الثريد ) بفتح المثلثة وكسر الراء معروف وهو أن يثرد الخبز بمرق اللحم ، وقد يكون معه اللحم ، ومن أمثالهم الثريد أحد اللحمين " وربما كان أنفع وأقوى من نفس اللحم النضيج إذا ثرد بمرقته
صحيح الجامع.
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصيام جُنّة من النار، كجنّة أحدكم من القتال) رواه ابن ماجه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة غرفاً تُرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها)، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: (لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام) رواه الترمذي.
**************************************************************
أَهَمِّيَّةُ فَهْمِ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلُ بِهِ
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] ، وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوالْأَلْبَابِ} [ص:29] .
إن تلاوة القرآن وتدبره هي أعظم أبواب الهداية ؛ لأنه يهدي للتي هي أقوم ، ويدل ويقود إلى فعل الصالحات وترك المنكرات ، ويملأ القلب إيماناً ومعرفة بالله ، ويرغِّب في الفوز والظفر بدار الكرامة ، ويخوِّف ويحذِّر من الخسارة والحرمان في دار الخزي والندامة ، وهو مشتمل على كثير من العبر والأمثال التي يضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ، والتالي للقرآن بتدبر وتعقل يدفعه ذلك للاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيُعَظِّم الله ويُوَحِّده ويؤدِّي صلاته وزكاته ويحج فرضه ويصوم شهره إضافة إلى مسابقته ومنافسته بالنوافل والقربات يرجو رحمة الله ورضوانه قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء:9] ، وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29-30] .
وتلاوة القرآن وتدبره والعمل به هو ديدن المؤمنين ووصْف أولياء الله الصالحين وسبب هداية الله لعباده المقربين، وترك تدبره والعمل به هو وصْف العصاة المعرضين وسبب ضلال الضالين والمستكبرين ؛ قال تعالى منكراً عليهم ذلك: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: 24] ، وقال سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] ، وقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 66-68] أي: أنهم لو تدبروا القرآن لأوجب لهم الإيمان ولَمَنَعَهم من الكفر والعصيان، فدل ذلك على أن تدبر القرآن يدعو إلى كل خير ويعصم من كل شر .
ووصف الله القرآن بأنه أحسن الحديث ، وأنه تعالى ثنى فيه من الآيات وردد القول فيه ليفهم ، وأن جلود الأبرار عند سماعه تقشعر خشية وخوفاً فقال تعالى : {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الزمر: 23] .
وعاتب سبحانه المؤمنين على عدم خشوعهم عند سماع القرآن وحذَّرهم من مشابهة الكفار في ذلك فقال سبحانه {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16] .
وأخبر سبحانه عن القرآن أنه يزيد المؤمنين إيماناً إذا قرءوه وتدبروا آياته فقال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] .
وأخبر عن صالح أهل الكتاب أن القرآن إذا تلي عليهم يخرون للأذقان سجداً يبكون ويزيدهم خشوعاً وإيماناً وتسليماً ، فقال سبحانه: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 107-109] .
ثم مع هذا فإن الله تعالى قد حذَّر عباده من الإعراض عن القرآن الكريم أشد التحذير ، وبيَّن لهم خطورة ذلك وما يجنيه من فعل ذلك من الإثم والوزر الذي يحمله معه يوم القيامة بسبب إعراضه عن القرآن وعدم تلقيه بالقبول والتسليم ، يقول الله تعالى : {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} [طه: 99ـ 101] ، فإذا كان القرآن ذكراً للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته فيجب علينا تلقيه بالقبول والتسليم والانقياد والتعظيم ، وأن نهتدي بنوره إلى الصراط المستقيم ، وأن نُقبِل عليه بالتعلم والتعليم والعمل بتوجيهاته لننعم بطيب العيش في هذه الحياة ولنحظى بشفاعته بعد الممات وفي المعاد ، وأن مقابلته بالإعراض والصدود أو بما هو أخطر من ذلك من الإنكار والجحود فإنه زيغ وضلال وكفر وطغيان يستحق فاعله العقوبة في الدنيا بضنك العيش والشقاوة والحرمان ، ويوم القيامة ينسى ويحشر في النار مع العميان ، قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 123ـ 126] .
فحريٌّ بكل مسلم ولاسيما في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم أن يعظم القرآن الكريم ويقدره حق قدره ويتلوه حق تلاوته ؛ بتدبر آياته والتفكر والتعقل لمعانيه وبالعمل بما يقتضيه . يقول العلامة ابن القيم رحمه الله : ((فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر فإنه جامعٌ لجميع منازل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله ، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه ، فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها ، فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة ، فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمةٍ بغير تدبر وتفهم ، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن))(1).
وكلامه رحمه الله وافي الدلالة عظيم الفائدة ، ومن كان في قراءته للقرآن على هذا الوصف أثَّر فيه القرآن غاية التأثير وانتفع بتلاوته تمام الانتفاع وكان بذلك من أهل العلم والإيمان الراسخين ؛ وهذا هو مقصود القرآن وغاية مطلوبه ، ولذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ((وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ فَهْمُ مَعَانِيهِ وَالْعَمَلُ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ هِمَّةَ حَافِظِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ))(2).
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا ، وعلِّمْنا منه ما جهلنا وانفعنا بما علَّمْتنا ، وارزقنا حسن تلاوته وتدبره ووفقنا للعمل به واتباع أمره واجتناب نهيه ، وارفع به درجاتنا يوم العرض عليك ، وأعذنا اللهم من الغفلة والإعراض عنه.
*****
(1) مفتاح دار السعادة (1/187).
(2) مجموع الفتاوى لابن تيمية (5/262).
**************************************************************
قصة وعبرة
مناجاة
اللّهم ارزقنا في رمضان رحمة الأيتام وصحبة الكرام
اللّهم ارزقني فيه رحمة الأيتام وإطعام الطعام وإفشاء السلام وصحبة الكرام بطولك يا ملجأ الآملين، اللّهم إنّي وظالمي عبدان من عبيدك، نواصينا بيدك، تعلم مستقرّنا ومستودعنا، وتعلم منقلبنا ومثوانا، وسرّنا وعلانيتنا، وتطلع على نيّاتنا، وتحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، ومعرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره، ولا ينطوي عليك شيء من أمورنا، ولا يستتر دونك حال من أحوالنا، وما لنا منك معقل يحصننا، ولا حرز يحرزنا، ولا هارب يفوتك منّا.
ولا يمتنع الظالم منك بسلطانه، ولا يجاهدك عنه جنوده، ولا يغالبك مغالب بمنعة، ولا يعازّك متعزّز بكثرة أنت مدركه أينما سلك، وقادر عليه أينما لجأ، فمعاذ المظلوم منّا بك، وتوكّل المقهور منّا عليك، ورجوعه إليك، ويستغيث بك إذا خذله المغيث، ويستصرخك إذا قعد عنه النصير، ويلوذ بك إذا نفته الأفنية، ويطرق بابك إذا أغلقت دونه الأبواب المرتجة، ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة، تعلم ما حلّ به قبل أن يشكوه إليك، وتعرف ما يصلحه قبل أن يدعوك له، فلك الحمد سميعاً بصيراً لطيفاً قديراً.
*************
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الخَيْرِ كُلِّهُ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهُ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ محمد ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا اسْتَعَاذَ بِكَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ محمد.
**************************************************************
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ البركة في ثلاثة : في الجماعة و الثريد و السحور .
قوله ( باب الثريد ) بفتح المثلثة وكسر الراء معروف وهو أن يثرد الخبز بمرق اللحم ، وقد يكون معه اللحم ، ومن أمثالهم الثريد أحد اللحمين " وربما كان أنفع وأقوى من نفس اللحم النضيج إذا ثرد بمرقته
صحيح الجامع.
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصيام جُنّة من النار، كجنّة أحدكم من القتال) رواه ابن ماجه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة غرفاً تُرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها)، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله؟ قال: (لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأدام الصيام، وصلى لله بالليل والناس نيام) رواه الترمذي.
**************************************************************
أَهَمِّيَّةُ فَهْمِ الْقُرْآنِ وَالْعَمَلُ بِهِ
قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] ، وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوالْأَلْبَابِ} [ص:29] .
إن تلاوة القرآن وتدبره هي أعظم أبواب الهداية ؛ لأنه يهدي للتي هي أقوم ، ويدل ويقود إلى فعل الصالحات وترك المنكرات ، ويملأ القلب إيماناً ومعرفة بالله ، ويرغِّب في الفوز والظفر بدار الكرامة ، ويخوِّف ويحذِّر من الخسارة والحرمان في دار الخزي والندامة ، وهو مشتمل على كثير من العبر والأمثال التي يضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ، والتالي للقرآن بتدبر وتعقل يدفعه ذلك للاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فيُعَظِّم الله ويُوَحِّده ويؤدِّي صلاته وزكاته ويحج فرضه ويصوم شهره إضافة إلى مسابقته ومنافسته بالنوافل والقربات يرجو رحمة الله ورضوانه قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء:9] ، وقال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ} [فاطر: 29-30] .
وتلاوة القرآن وتدبره والعمل به هو ديدن المؤمنين ووصْف أولياء الله الصالحين وسبب هداية الله لعباده المقربين، وترك تدبره والعمل به هو وصْف العصاة المعرضين وسبب ضلال الضالين والمستكبرين ؛ قال تعالى منكراً عليهم ذلك: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد: 24] ، وقال سبحانه: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82] ، وقال تعالى: {قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنْكِصُونَ (66) مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ (67) أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ} [المؤمنون: 66-68] أي: أنهم لو تدبروا القرآن لأوجب لهم الإيمان ولَمَنَعَهم من الكفر والعصيان، فدل ذلك على أن تدبر القرآن يدعو إلى كل خير ويعصم من كل شر .
ووصف الله القرآن بأنه أحسن الحديث ، وأنه تعالى ثنى فيه من الآيات وردد القول فيه ليفهم ، وأن جلود الأبرار عند سماعه تقشعر خشية وخوفاً فقال تعالى : {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } [الزمر: 23] .
وعاتب سبحانه المؤمنين على عدم خشوعهم عند سماع القرآن وحذَّرهم من مشابهة الكفار في ذلك فقال سبحانه {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:16] .
وأخبر سبحانه عن القرآن أنه يزيد المؤمنين إيماناً إذا قرءوه وتدبروا آياته فقال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] .
وأخبر عن صالح أهل الكتاب أن القرآن إذا تلي عليهم يخرون للأذقان سجداً يبكون ويزيدهم خشوعاً وإيماناً وتسليماً ، فقال سبحانه: {قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 107-109] .
ثم مع هذا فإن الله تعالى قد حذَّر عباده من الإعراض عن القرآن الكريم أشد التحذير ، وبيَّن لهم خطورة ذلك وما يجنيه من فعل ذلك من الإثم والوزر الذي يحمله معه يوم القيامة بسبب إعراضه عن القرآن وعدم تلقيه بالقبول والتسليم ، يقول الله تعالى : {وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا (99) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} [طه: 99ـ 101] ، فإذا كان القرآن ذكراً للرسول صلى الله عليه وسلم ولأمته فيجب علينا تلقيه بالقبول والتسليم والانقياد والتعظيم ، وأن نهتدي بنوره إلى الصراط المستقيم ، وأن نُقبِل عليه بالتعلم والتعليم والعمل بتوجيهاته لننعم بطيب العيش في هذه الحياة ولنحظى بشفاعته بعد الممات وفي المعاد ، وأن مقابلته بالإعراض والصدود أو بما هو أخطر من ذلك من الإنكار والجحود فإنه زيغ وضلال وكفر وطغيان يستحق فاعله العقوبة في الدنيا بضنك العيش والشقاوة والحرمان ، ويوم القيامة ينسى ويحشر في النار مع العميان ، قال تعالى: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} [طه: 123ـ 126] .
فحريٌّ بكل مسلم ولاسيما في هذا الشهر المبارك والموسم العظيم أن يعظم القرآن الكريم ويقدره حق قدره ويتلوه حق تلاوته ؛ بتدبر آياته والتفكر والتعقل لمعانيه وبالعمل بما يقتضيه . يقول العلامة ابن القيم رحمه الله : ((فلا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر فإنه جامعٌ لجميع منازل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وهو الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة والتوكل والرضا والتفويض والشكر والصبر وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله ، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة التي بها فساد القلب وهلاكه ، فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها ، فإذا قرأه بتفكر حتى مر بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه كررها ولو مائة مرة ولو ليلة ، فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمةٍ بغير تدبر وتفهم ، وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن))(1).
وكلامه رحمه الله وافي الدلالة عظيم الفائدة ، ومن كان في قراءته للقرآن على هذا الوصف أثَّر فيه القرآن غاية التأثير وانتفع بتلاوته تمام الانتفاع وكان بذلك من أهل العلم والإيمان الراسخين ؛ وهذا هو مقصود القرآن وغاية مطلوبه ، ولذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ((وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ فَهْمُ مَعَانِيهِ وَالْعَمَلُ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ هِمَّةَ حَافِظِهِ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ))(2).
اللهم اجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا وذهاب همومنا وغمومنا ، وعلِّمْنا منه ما جهلنا وانفعنا بما علَّمْتنا ، وارزقنا حسن تلاوته وتدبره ووفقنا للعمل به واتباع أمره واجتناب نهيه ، وارفع به درجاتنا يوم العرض عليك ، وأعذنا اللهم من الغفلة والإعراض عنه.
*****
(1) مفتاح دار السعادة (1/187).
(2) مجموع الفتاوى لابن تيمية (5/262).
**************************************************************
قصة وعبرة
كان هناك رجلا مسافرا في رحلة مع زوجته وأولاده
وفى الطريق قابلا شخصا واقفا في الطريق فسأله
من أنت ؟
قال أنا المال
فسأل الرجل زوجته وأولاده هل ندعه يركب معنا ؟
فقالوا جميعا نعم بالطبع
فبالمال يمكننا أن نفعل أى شيء
وأن نمتلك أي شيء نريده
فركب معهم المال
وسارت السيارة حتى قابل شخصا آخر
فسأله الأب : من أنت؟
فقال أنا السلطة والمنصب
فسأل الأب زوجته وأولاده هل ندعه يركب معنا ؟
فأجابوا جميعا بصوت واحد نعم بالطبع
فبالسلطة والمنصب نستطيع أن نفعل أي شيء
وأن نمتلك أي شيء نريده
فركب معهم السلطة والمنصب
وسارت السيارة تكمل رحلتها
وهكذا قابل أشخاص كثيرون بكل شهوات وملذات ومتع الدنيا
حتى قابلوا شخصا فسأله الأب من أنت ؟
قال أنا الدين
فقال الأب والزوجة والأولاد في صوت واحد
ليس هذا وقته
نحن نريد الدنيا ومتاعها
والدين سيحرمنا منها وسيقيدنا
و سنتعب في الالتزام بتعاليمه
و حلال وحرام وصلاة وحجاب وصيام
و و و وسيشق ذلك علينا
ولكن من الممكن أن نرجع إليك بعد أن نستمتع بالدنيا وما فيها
فتركوه وسارت السيارة تكمل رحلتها
وفجأة وجدوا على الطريق نقطة تفتيش وكلمة قف
ووجدوا رجلا يشير للأب أن ينزل ويترك السيارة
فقال الرجل للأب انتهت الرحلة بالنسبة لك
وعليك أن تنزل وتذهب معى
فوجم الاب في ذهول ولم ينطق
فقال له الرجل أنا افتش عن الدين.......
هل معك الدين؟
فقال الأب لا
لقد تركته على بعد مسافة قليلة فدعني أرجع وآتى به
فقال له الرجل إنك لن تستطيع فعل هذا، فالرحلة انتهت والرجوع مستحيل
فقال الأب ولكن معي في السيارة
المال
والسلطة
والمنصب
والزوجة
والاولاد
و..و..و..و
فقال له الرجل إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئا
وستترك كل هذا وما كان لينفعك إلا الدين الذي تركته في الطريق
فسأله الأب من أنت ؟
قال الرجل أنا الموت الذي كنت غافلا عنه ولم تعمل له حساب
ونظر الأب للسيارة فوجد زوجته تقود السيارة بدلا منه
وبدأت السيارة تتحرك لتكمل رحلتها وفيها الأولاد والمال والسلطة ولم ينزل معه أحد
*********************************************************************
التقويم الليبي
يؤرخ في ليبيا بالتقويم الشمسي و لكن علي أساس وفاة رسول الاسلام محمّد بن عبدالله التي كانت سنة 632 من ميلاد المسيح،باعتبارها الحدث الاهم الذى انقطع فيه الاتصال والتخاطب بين السماء و الأرض و ليس المراحل التاريخية من مسيرة الدعوة الاسلامية كالهجرة وغيرها ، ويسمى التقويم الذى يؤرخ بميلاد المسيح بـ (الافرنجي) وبتسمية ليبية للشهور بدلا من التسمية الوثنية للتقويم الجريجوري مثل مارس أو للأباطرة الرومان مثل أغسطس.
تسمية الشهور الشمسية
أي النار - يناير
النوّار - فبراير
الربيع - مارس
الطير - ابريل
الماء - مايو
الصيف - يونيو
ناصر - يوليو
هانيبال - اغسطس
الفاتح - سبتمبر
التمور - اكتوبر
الحرث - نوفمبر
الكانون - ديسمبر
وللتسهيل فان سنة 2001 ميلادية، تقابلها سنة 1369 من وفاة رسول الاسلام محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم.
***********************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
العثعث
العثعث
لا جدبت العثعث ولا شاتاته
الي مجننتني ظحكة الشماته
اللي حارقتني نجوع
امباجيد هلهن صيتهن مسموع
فيهن ثموني قلع موش مطبوع
تقول كاف بيت ربيع بكحالاته
لو منشري من سوق لو مبيوع
اجتمعن افعال وزين في مولاته
مخصوص للي فبالها. مقلوع
اكمامه حضنه صقر بجناحاته
ان بوعلها بعينه تجي في الطوع
استربت تحوس الصيده لا راته
طاح. الثموني وموثقه مخلوع
ايقرقر الشامت ضحكته واتاته
اللي مجننتني
اللي مسهرتي
ظكحت الشماته موش جدب شاتاته
اللي واجعتي حاس
اركيب برم بالنجع دار محاس
فيه ثلب بين خماس بين سداس
عيونه علي نجعه وعلي خلفاته
يبرم عليها تقول شارب كاس
وهي معطفه وماعونها زماته
ونار هاديه وشاهي مع ترفاس
وميعاد شق القلب بمهاياته
الي صاهدتني
ومسمرتني
ظحكت الشماته موش علم شاتاته
اللي واجعتني وفود
تجي مروحه ارتال وكراهب سود
قدامها طابور شرف جرود
أعيان القبائل صقرها حاضناته
ويطلعلها الفارس اللي مقصود
زعيم وحكيم لحكمته قاصداته
راحت وغير اثارها موجود
لا تقول رآها العز لا هي راته
اللي ساهدتني
واللي مجننتني
ظحكت الشماته موش جدب شتاته
اللي واجعتني خيل
عقاد ورثتها اشراف جيل لجيل
تصهل علي غايب تبي الدليل
راحت ولا لقيها ولا لقياته
جا بينها وبينه نهار طويل
غابت عليهن خاصته وعباته
لاهن رضن غيره قليد بديل
ولا رد ع العيطه اللي ناداته
اللي واجعتني
اللي محيرتني
ظحك الشماته مو جدب شاتاته
اللي واجعتي اولاد
راحوا بلا عيطه طيور اعناد
كسرة طواسي لاحقه البراد
عطوا روسهم كل صقر لاحق باته
هو هانها روحه فداء لبلاد
وهي بالقفاء فاخر الشوط عطاته
الموت والحيا عنده خوات انداد
ايبيها طلبها والشهاده جاته
اللي واجعتني
اللي حارقتني
ظحكت الشماته ماهو جدب شاتاته
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
10 رمضان 1437هـ - 15 يونيو 2016م
مناجاة
الـلهم إنا نسألــك فعـل الخيرات وتركَ المنكرات وحبَّ المساكين
اللّهم اجعل لي فيه نصيباً من رحمتك الواسعة، واهدني فيه لبراهينك الساطعة وخُذ بناصيتي إلى مرضاتك الجامعة بمحبتك يا أمل المشتاقين، اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معـصيتك.. ومن طاعـتك ما تبلّـغـُـنا به جنتَـك.. ومن اليقـين ما تُهـّون به عـلينا مصائبَ الدنيا.. ومتـّعـنا اللهم بأسماعِـنا وأبصارِنا وقـوتـِنا ما أبقـيتنا.. واجعـلهُ الوارثَ منـّا.. واجعـل ثأرنا على من ظلمنا.. وانصُرنا على من عادانا.. ولا تجعـل مصيبـتَـنا في ديـننا.. ولا تجعـل الدنيا أكبرَ هـمِنا.. ولا مبلغَ علمِنا.. ولا إلى النار مصيرنا.. واجعـل الجنة هي دارنا.. ولا تُسلط عـلينا بذنوبـِنا من لا يخافـُـك فينا ولا يرحمـنا.
اللـهم أصلح لنا ديـنـَنا الذي هـو عـصمةُ أمرِنا.. وأصلح لنا دنيانا التي فـيها معـاشُنا.. وأصلح لنا آخرتـَنا التي إليها معـادنـا.. واجعـل الحياة زيادةً لنا في كل خير.. واجعـل الموتَ راحةً لنا من كلِ شر. الـلهم إنا نسألـُـك فعـلَ الخيرات.. وتركَ المنكرات.. وحبَّ المساكين.. وأن تغـفـر لنا وترحمنا وتتوب علينا.
**********************************************************************
عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينما أنا نائم، إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ، فأتيا بي جبلاً وعراً، فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه، فقالا: إنا سنسهّله لك، فصعدتُ، حتى إذا كنت في سواء الجبل، إذا بأصوات شديدة، قلت: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذا عواء أهل النار. ثم انطلق بي، فإذا أنا بقوم معلّقين بعراقيّبهم، مشققة أشداقهم، تسيل أشداقهم دماً، قلت: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلّة صومهم) رواه ابن خزيمة. و(الضَّبْع) هو الساعد من المرفق إلى الكتف.
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال الدين ظاهراً ما عجّل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخّرون) رواه أبو داود.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحّروا ولو بجرعة من ماء) رواه ابن حبّان.
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ كان لا يصلي المغرب حتى يفطر و لو على شربة من الماء .
عن زيد بن خالد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا .
صحيح الجامع.
**********************************************************************
أسرار ساعات اليوم والليلة 3-7
بقلم:د.نجيب عبدالوهاب
إذا كان القرآن قد قرن في آياته المسطورة المتلوة بين الأمن والرزق في مواضع متعددة ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ فإن المولى سبحانه قرن بين آلائه المنظورة المجلوة بين هاتين النعمتين.
آية الرزق
ولقد عرفنا أن من أسرار السَّحر هو الأمن فأين ياترى الرزق في آيات الله الكونية الذي يأتي مقترناً بالأمن، إنها في قول الله تعالى ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى. وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ هكذا يربط القرآن بين تعاقب الليل والنهار، وتوالي الأيام بنهارها المبصر الزاهي وليله الساكن الداجي، يربطه بحقيقة الإنسان وسر وجوده على هذه البسيطة ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾.
في خضم الحياة
وفي خضم أعباء المعيشة والسعي وراء هذه الدنيا يعتري الإنسان ظلام الغفلة فينسى تلك الغاية التي من أجلها جاء إلى هذا الوجود، ومن رحمة الله بالإنسان أن جعل له ما يوقظه من غفلته قبل أن يقوده هذا السبات إلى نوم عميق. وإذا ما تأمل متأمل في كتاب الله وجد في ثنايا الآيات القرآنية ما يثيبه إلى رشده ويوقظه من نومه من خلال استحضاره لتلك الأسرار العجيبة التي أودعها الباري في ساعات اليوم والليلة. فلكل ساعة خصيصة تستقل بها عن أختها يتنقل الإنسان في معانيها وتحمله من جو إلى جو ومن سر إلى سر وهو أمام هذه المشاهد يتقلب بين خوف من عذاب الله في دنياه وفي آخرته، وبين شوق إلى رحمته ومغفرته وحنين إلى لقياه.
أهل الفجر
فعندما يبزغ الفجر ببصيص أنواره وبكور ثماره تهبط ملائكة السماء يطوفون الأرض بنواحيها ويجوبون أرجاءها، فإذا مروا على قوم ما زالوا في أسر نومهم مقيدين وفي لذته غارقين، وقد سبقتهم إليهم الشياطين أعرضوا عنهم وطاروا إلى حيث أهل الفجر وقد استعدوا لهذا اللقاء: لقاء أهل الأرض بأهل السماء، فألسنتهم بالذكر لاهجة بين تال للقرآن وداع للرحمن، وقائم يصلي، وذاكر يقول: سبحان الله.
فعلى هؤلاء تهبط الملائكة، ومن فرط حبها لهم تضع عليهم أجنحتها قائلة: أبشروا فقد نزلت عليكم السكينة وغشيتكم الرحمة ثم يسارونهم بنبأ جد سار: (وقد ذكركم الله عنده كما ذكرتموه لأن الجزاء عند ربكم من جنس العمل، ولذكر الله أعلى وأكبر) هنا ترتقي مشاعرهم وتطير أرواحهم إلى هناك حول العرش تسبح بحمد الله وتقول: استغفر الله ثم تطير بهم فرحاً في رياض الجنان كأنهم يتناولون من قطوفها الدانية أجمل الثمار.. ثم يعودون من حيث رحلوا وقد امتلأت قلوبهم بالطمأنينة والثقة بالله، ويواصلون المسير يرتقون مدارج العبودية، كلما قطعوا مرحلة وذاقوا حلاوتها وجمالها جذبتهم الأشواق وحملتهم من جديد إلى مقام أعلى وأعظم.
وما هي إلا لحظات وكأنهم بالنبي صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه إلى السماء متضرعاً إلى الله، وقد غشيته أنوار الفجر وهو يناجي الباري بقوله: (اللهم بارك لأمتي في بكورها، وفجأة وكأنهم بالنبي الكريم وقد وجه وجهه الكريم تلقاء أصحابه مبشرا يداعب السرور محياه وقد أشرقت شمس الابتسامة في سماء وجهه وسناه مبشراً باستجابة الدعاء. الحمد لله الحمد لله.
بركات ربانية
إنها ليست بركة واحدة بل هي والله بركات تهب رياحها الطاهرة على هؤلاء، أهل الفجر الذين طرحوا عن أنفسهم دفء الدثور وأعرضوا عن لذيذ الفراش، وأجابوا نداء المنادي: حي على الصلاة.. حي على الفلاح. إنها ساعة تنزل فيها بركات الرزق من السماء، رزق في العلم، وفي الإيمان، وفي العمر وفي البدن.
أسرار الفجر
للفجر أسرار لا يعرفها إلا من عاشها وتذوق لذة المناجاة ليلاً؛ فمن أراد العلم فعليه بالفجر، ومن أراد الرزق فعليه بالفجر، ومن أراد الإيمان فعليه بالفجر، ومن أراد القرآن فعليه بالفجر، وهذا هو سر بعض أسرار الاقتران بين الفجر والسَّحر.
**********************************************************************
رَمَضَانُ شَهْرُ التَّقْوَى
إن الله تبارك وتعالى الرحمن الرحيم أوصى عباده بتقواه التي بها يحصِّلون السعادة في هذه الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وينالون رضاه والفوز بدار كرامته والسلامة من ناره وعذابه ، وهي وصيته سبحانه للأولين والآخرين من خلقه قال تعالى: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [النساء:131] ، وقد شرع سبحانه لعباده صيام شهر رمضان المبارك لتحقيق تقواه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} يعني بالصوم لأن الصوم وصلة إلى التقوى لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات ، فما شُرع صيام هذا الشهر الكريم إلا لتحقيق التقوى ؛ بل إنه من أكثر ما يعين على تحقيقها ، قال ابن القيم رحمه الله : (( وللصوم تأثيرٌ عجيب فى حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحِميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها ، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها ؛ فالصومُ يحفظ على القلب والجوارح صحتها ، ويُعيد إليها ما استلبته منها أيدى الشهوات، فهو من أكبر العونِ على التقوى كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:183] ))(1) اهـ .
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره لقوله{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }: (( فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه ، فمما اشتمل عليه من التقوى:
* أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها التي تميل إليها نفسه ؛ متقرباً بذلك إلى الله راجياً بتركها ثوابه ، فهذا من التقوى.
* ومنها: أن الصائم يدرِّب نفسه على مراقبة الله تعالى ، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه.
* ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فبالصيام يضعف نفوذه ، وتقل منه المعاصي.
* ومنها: أن الصائم في الغالب تكثر طاعته ، والطاعات من خصال التقوى.
* ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساةَ الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى)) اهـ.
وتقوى الله هي طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ومعنى التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافُهُ وقايةً، وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه ، وذلك لا يكون إلا بفعل طاعته واجتناب معصيته .
والله عز وجل تارةً يأمر بتقواه فهو الذي يُخشى ويُرجى وكل خيرٍ يحصل للعباد فهو منه سبحانه ، وتارةً يأمر باتقاء النار التي هي مآل من خالف تقواه واتبع هواه كما قال تعالى :{ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [البقرة:24] ، وكقوله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم:6] ، وتارةً يأمر باتقاء يوم القيامة يوم الحساب والجزاء والسعادة أو الشقاء ؛ اليوم الذي ينال فيه المتقون ثوابهم والمجرمون المخالفون للتقوى عذابهم وعقابهم كما قال تعالى: { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [البقرة:281] .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بتقوى الله وإذا أرسل سرِيَّةً يوصي أميرها في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه خيراً ، ولما خطب يوم النحر في حجة الوداع أوصى الناس بتقوى الله لحاجة الناس إلى هذه الوصية ولعظيم أهميتها وفائدتها .
ولقد اعتنى السلف الصالح بتحقيق التقوى في نفوسهم وتوضيح معناها ومبناها ولم يزالوا يتواصون بها ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : " الْمُتَّقَونَ : الَّذِينَ يَحْذَرُونَ مِنَ اللهِ عُقُوبَتَهُ فِي تَرْكِ مَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْهُدَى ، وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ فِي التَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ " . وقال الحسن البصري رحمه الله : " الْمُتَّقُونَ اتَّقَوْا مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ ، وَأَدَّوْا مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِمْ " . وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " لَيْسَ تَقْوَى اللهِ بِصِيَامِ النَّهَارِ وَلاَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّخْلِيطِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ تَقْوَى اللهِ: تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللهُ ، وَأَدَاءُ مَا افْتَرَضَ الله " . وقال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى{ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ }[آل عمران:102] قال : " أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ " ، وقال طلق بن حبيب: " التَّقْوَى أَنْ تَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَرْجُو ثَوَابَ اللهِ ، وَأَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَخَافُ عِقَابَ الله "(2) ، ولما قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : اتق الله، أجابه عمر بقوله: " لَا خَيْرَ فِيكُمْ إِنْ لَمْ تَقُولُوهَا، وَلَا خَيْرَ فِينَا إِذَا لَمْ نَقْبَلْهَا " .
والتقوى محلها القلب ، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ))(3) ، يقول ابن رجب رحمه الله : " وإذا كان أصلُ التَّقوى في القُلوب ، فلا يطَّلعُ أحدٌ على حقيقتها إلا الله عز وجل ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)) -أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي رواية ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ)) (4) - وحينئذٍ فقد يكون كثيرٌ ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراباً من التقوى ، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبُه مملوءاً من التقوى، فيكون أكرم عند الله عز وجل ، بل ذلك هو الأكثر وقوعاً " (5) اهـ.
وللتقوى عوائد عديدة وثمار كثيرة يجنيها المتقون في الدنيا والآخرة فمن ثمراتها في الدنيا:
- حصول العلم النافع قال تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } [البقرة: 282]، وقال سبحانه: { إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } [الأنفال: 29].
- الخروج من المحن ، وحصول الرزق الطيب للعبد من حيث لا يحتسب قال تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } [الطلاق:2-3] .
- أنهم ينالوا محبة الله ، ومعيَّته ، ومغفرته ؛ وبذلك يتحقق لهم الفوز والفلاح ، قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [التوبة:4] ، وقال سبحانه: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [البقرة:194] ، وقال عز وجل: { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الأنفال:69] ، وقال تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [البقرة:189] .
وأما ثمرات التقوى في الآخرة فهي كثيرة وعديدة منها :
- الفوز بجنات النعيم ، وحصول الرفعة لهم والعاقبة الحميدة ، قال تعالى: { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ } [القلم:34] ، وقال سبحانه: { وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [البقرة:212] ، وقال سبحانه: { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [الأعراف: 128] .
- ومن أعظم ثمرات التقوى لقاءُ الله ورؤيتُه يوم القيامة قال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ [54] فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ }[القمر:54-55] .
فنسأل الكريم رب العرش العظيم ونحن في هذا الموسم العظيم والشهر الكريم أن يزيِّن قلوبنا بزينة التقوى وأن يجعلها لنا زاداً في هذه الدنيا ويوم نلقاه.
-----------------
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم في الصيام ، ص: 201).
(2) أورد ابن رجب رحمه الله هذه الآثار عن السلف رحمهم الله في جامع العلوم والحكم (الحديث الثامن عشر/ ص: 296-297).
(3) صحيح مسلم (2564).
(4) كلا الروايتين أخرجها مسلم برقم (2564).
(5) جامع العلوم والحكم لابن رجب (الحديث الخامس والثلاثون / ص: 626).
**********************************************************************
قصة وعبرة: كثرة اللُّقَم تطرد النِّقَم
يحكى أن امرأةً رأت في الرؤيا أثناء نومها أنَّ رجلاً من أقاربها قد لدغته أفعى سامة فقتلته ومات على الفور ، وقد أفزعتها هذه الرؤيا وأخافتها جداً ، وفي صبيحة اليوم التالي توجهت إلى بيت ذلك الرجل وقصّت عليه رؤياها وعَبَّرَت له عن مخاوفها ، وطلبت منه أن ينتبه لما يدور حوله ، ويأخذ لنفسه الحيطة والحذر .فنذر الرجلُ على نفسه أن يذبح كبشين كبيرين من الضأن نذراً لوجه الله تعالى عسى أن ينقذه ويكتب له السلامة من هذه الرؤيا المفزعة.وهكذا فعل ، ففي مساء ذلك اليوم ذبح رأسين كبيرين من الضأن ، ودعا أقاربه والناس المجاورين له ، وقدم لهم عشاءً دسماً ، ووزَّعَ باقي اللحم حتى لم يبقَ منه إلا ساقاً واحدة .وكان صاحب البيت لم يذق طعم الأكل ولا اللحم ، بسبب القلق الذي يساوره ويملأ نفسه ، والهموم التي تنغّص عليه عيشه وتقضّ مضجعه ، فهو وإن كان يبتسم ويبشّ في وجوه الحاضرين ، إلا أنه كان يعيش في دوامة من القلق والخوف من المجهول .لَفَّ الرجلُ الساقَ في رغيفٍ من الخبز ورفعها نحو فمه ليأكل منها
، ولكنه تذكّر عجوزاً من جيرانه لا تستطيع القدوم بسبب ضعفها وهرمها ، فلام نفسه قائلاً : لقد نسيت تلك العجوز وستكون الساق من نصيبها ، فذهب إليها بنفسه وقدّم لها تلك الساق واعتذر لها لأنه لم يبقَ عنده شيء من اللحم غير هذه القطعة .سُرَّت المرأةُ العجوز بذلك وأكلت اللحم ورمت عظمة الساق ، وفي ساعات الليل جاءت حيّة تدبّ على رائحة اللحم والزَّفَر(1) ، وأخذت تُقَضْقِضُ(2) ما تبقى من الدهنيات وبقايا اللحم عن تلك العظمة ، فدخل شَنْكَل(3) عظم الساق في حلقها ولم تستطع الحيّة التخلّص منه ، فأخذت ترفع رأسها وتخبط العظمة على الأرض وتجرّ نفسها إلى الوراء وتزحف محاولة تخليص نفسها ، ولكنها عبثاً حاولت ذلـك ، فلم تُجْدِ محاولاتها شيئاً ولم تستطع تخليص نفسها .وفي ساعات الصباح الباكر سمع أبناء الرجل المذكور حركة وخَبْطاً وراء بيتهم فأخبروا أباهم بذلك ، وعندما خرج ليستجلي حقيقة الأمر وجد الحيّة على تلك الحال وقد التصقت عظمة الساق في فكِّها وأوصلها زحفها إلى بيته ، فقتلها وحمد الله على خلاصه ونجاته منها ، وأخبر أهله بالحادثة فتحدث الناس بالقصة زمناً ، وانتشر خبرها في كلّ مكان ،
وهم يرددون المثل القائل : كثرة اللُّقَم تطرد النِّقَم. أي كثرة التصدق بالطعام تدفع عنك البلايا. عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وافشئ السلام وصلى بالليل والناس نيام"
**********************************************************************
ذهب الكلام:على نفسها وأهلها جنَتْ براقش
هذا المثل نردده بصيغة مجتزأة وربما خاطئة «على نفسها جنت براقش» والصحيح أن نقول «على أهلها جنت براقش».
و«براقش» هذه كلبة، كانت عند قوم من العرب، درّبوها على أن تنبح فتنبئهم بمقدم العدو حينما يأتي على حين غرة، بما للكلاب من حاسة شم قوية، ولعل ذلك يعد أول تدريب للكلاب البوليسية التي تعرف المجرمين برائحتهم (!)، المهم، قصة هذا المثل تقول إنه في أحد الأيام حضر إلى منازل قوم براقش أعداء، فأخذت الكلبة تنبح لتنذر القوم الذين سارعوا بالخروج من حيهم والاختباء في إحدى المغارات القريبة، فلقد كان تعداد العدو أكثر من تعداد أهل القرية، بحث الأعداء عن سكان البلدة دون جدوى فقرروا العودة من حيث أتوا، فاستبشر المختبئون وخرجوا إلى ديارهم بعد أن تأكدوا أن العدو لن يتمكن منهم.
وعندما رأت الكلبة (براقش) أن الأعداء بدأوا بالخروج بدأت بالنباح، ربما إعلانا بذلك لأهل الديار لكي يعودوا، أو أنها فعلت ذلك حينما اشتمت مجيء قومها وقد اعتادت أن تنبح في كل قادم، لا أدري، المهم، حاول صاحبها أن يسكتها ولكن دون جدوى، وعندما سمع جيش العدو صوت نباحها علموا أن أهل الديار قد عادوا، فأعادوا الكرة وجاؤوا ليجدوا القوم جميعا فاستباحوهم وقتلوا براقش نفسها، فتحولت قصتها إلى مثل، وفي ذلك قال شاعر:
لم تكن عن جناية لحقتني..
لا يساري ولا يميني رمتني
بل جناها أخ عليَّ كريم..
وعلى أهلها براقش تجني
ومن واقع هذه الأبيات نقف على معلومة مهمة، مفادها أن هذا المثل بات اليوم يضرب في غير محله، فهو بات يساق للإشارة إلى تحمّل الشخص مسؤولية أخطائه، بينما المثل في الأساس يضرب على من يجرّ الضرر لأهله وقومه وربعه رغم أنه انتدب لمنفعتهم، فالذي ينتظر منه أن يجلب الخير لأهله وجماعته فيجلب لهم الشر من حيث لا يدري، سواء بوعي منه أو بسوء تصرف فهذا هو من في مقام براقش، التي كانت وظيفتها تنبيه قومها ساعة الخطر، لا أن ترد الأعداء وتقلبهم على قريتها.
ولقد كانت خيانة القوم عند العرب، والوقوف مع عدوهم ضدهم كبيرة لا تدانيها كبيرة، فلا يقبل بذلك أحد مهما كان ذا حاجة، ومهما بلغ عرض العدو من مال وسلطان نظير استخدامه ضد عشيرته، وقد يقبل المرء فقدان حياته وماله على أن يحمل على خيانة قبيلته، حتى ولو أصابه منها مكروه بالغا ما بلغ. فتلك كانت شيم العرب حتى وهم بادون في الأعراب، تتنازعهم قسوة الطبيعة وتصاريف الدهر.
***********************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الحسان
الحسان
يابوي كبرت ربيت
وما تخاف عللي امربه
وفتحت لعيون حليت
في بيت بيخاف ربه
قالي تعال وجيت
تقول طير طرت ارقيت
توا تبل راسك تحسن عندنا
ولا نا مغفف لاو هو حسان
لاكن علي ايدينه كبرت ونعرفه
كان. قال فيسع خاطره. مليان
وصلته ونا ملهوف
حاير عليه نطوف
مانيش خايف خوف
ولاني اللي مطمان
قالي اقربني جاي
اسمعني وخوذ الراي
اهي احذاك اعوالت الحلاق
خوذها وحسني ولجر اعماك
ونا عارفه بيجيبلي نقناك
لول اللي من صغرته هاذاك
بديت وخذيت رضاه
وانا كبير ضناه
ولده ورفيقه اعماه
ولاو هو مغفف لاو نا حسان
لكن عرفته. خاطره. مليان
قال يا (علي )خليك ما الهمازه
وخطي رفيق السو والتوكاح
ولو تموت ما تنزل اديار العازه
وحيل غايتك تنزل اديار اسماح
وربي توعد ويل للهمازه
وكل مال موصافي وراه ارياح
بوعقل يتوقع فراق اعزازه
وكل ظحك ياولدي وراه نواح
وعمر الزنازه ما تقل زنازه
وكل من وقف لازم وراه اطياح
المتشبكه صيورها اتوازه
وكل موجعه صيورها تنزاح
وصبا علي حيله وخذا عكازه
وقالي جعن وجهك كما المصباح
انت نرو ونحجب عليك قزازه
و السانك جعنه حجتك مفتاح
ولا ً تنشغل بيدوة الهدرازه
واجدين يا ولدي اعداء النجاح
****************************************************************************
حكاوي هلنا الدكتور حمزة التهامي
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال الدين ظاهراً ما عجّل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخّرون) رواه أبو داود.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحّروا ولو بجرعة من ماء) رواه ابن حبّان.
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ كان لا يصلي المغرب حتى يفطر و لو على شربة من الماء .
عن زيد بن خالد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ من فطر صائما كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا .
صحيح الجامع.
**********************************************************************
أسرار ساعات اليوم والليلة 3-7
بقلم:د.نجيب عبدالوهاب
إذا كان القرآن قد قرن في آياته المسطورة المتلوة بين الأمن والرزق في مواضع متعددة ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ فإن المولى سبحانه قرن بين آلائه المنظورة المجلوة بين هاتين النعمتين.
آية الرزق
ولقد عرفنا أن من أسرار السَّحر هو الأمن فأين ياترى الرزق في آيات الله الكونية الذي يأتي مقترناً بالأمن، إنها في قول الله تعالى ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى. وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى. وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى. إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ هكذا يربط القرآن بين تعاقب الليل والنهار، وتوالي الأيام بنهارها المبصر الزاهي وليله الساكن الداجي، يربطه بحقيقة الإنسان وسر وجوده على هذه البسيطة ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ﴾.
في خضم الحياة
وفي خضم أعباء المعيشة والسعي وراء هذه الدنيا يعتري الإنسان ظلام الغفلة فينسى تلك الغاية التي من أجلها جاء إلى هذا الوجود، ومن رحمة الله بالإنسان أن جعل له ما يوقظه من غفلته قبل أن يقوده هذا السبات إلى نوم عميق. وإذا ما تأمل متأمل في كتاب الله وجد في ثنايا الآيات القرآنية ما يثيبه إلى رشده ويوقظه من نومه من خلال استحضاره لتلك الأسرار العجيبة التي أودعها الباري في ساعات اليوم والليلة. فلكل ساعة خصيصة تستقل بها عن أختها يتنقل الإنسان في معانيها وتحمله من جو إلى جو ومن سر إلى سر وهو أمام هذه المشاهد يتقلب بين خوف من عذاب الله في دنياه وفي آخرته، وبين شوق إلى رحمته ومغفرته وحنين إلى لقياه.
أهل الفجر
فعندما يبزغ الفجر ببصيص أنواره وبكور ثماره تهبط ملائكة السماء يطوفون الأرض بنواحيها ويجوبون أرجاءها، فإذا مروا على قوم ما زالوا في أسر نومهم مقيدين وفي لذته غارقين، وقد سبقتهم إليهم الشياطين أعرضوا عنهم وطاروا إلى حيث أهل الفجر وقد استعدوا لهذا اللقاء: لقاء أهل الأرض بأهل السماء، فألسنتهم بالذكر لاهجة بين تال للقرآن وداع للرحمن، وقائم يصلي، وذاكر يقول: سبحان الله.
فعلى هؤلاء تهبط الملائكة، ومن فرط حبها لهم تضع عليهم أجنحتها قائلة: أبشروا فقد نزلت عليكم السكينة وغشيتكم الرحمة ثم يسارونهم بنبأ جد سار: (وقد ذكركم الله عنده كما ذكرتموه لأن الجزاء عند ربكم من جنس العمل، ولذكر الله أعلى وأكبر) هنا ترتقي مشاعرهم وتطير أرواحهم إلى هناك حول العرش تسبح بحمد الله وتقول: استغفر الله ثم تطير بهم فرحاً في رياض الجنان كأنهم يتناولون من قطوفها الدانية أجمل الثمار.. ثم يعودون من حيث رحلوا وقد امتلأت قلوبهم بالطمأنينة والثقة بالله، ويواصلون المسير يرتقون مدارج العبودية، كلما قطعوا مرحلة وذاقوا حلاوتها وجمالها جذبتهم الأشواق وحملتهم من جديد إلى مقام أعلى وأعظم.
وما هي إلا لحظات وكأنهم بالنبي صلى الله عليه وسلم رافعاً يديه إلى السماء متضرعاً إلى الله، وقد غشيته أنوار الفجر وهو يناجي الباري بقوله: (اللهم بارك لأمتي في بكورها، وفجأة وكأنهم بالنبي الكريم وقد وجه وجهه الكريم تلقاء أصحابه مبشرا يداعب السرور محياه وقد أشرقت شمس الابتسامة في سماء وجهه وسناه مبشراً باستجابة الدعاء. الحمد لله الحمد لله.
بركات ربانية
إنها ليست بركة واحدة بل هي والله بركات تهب رياحها الطاهرة على هؤلاء، أهل الفجر الذين طرحوا عن أنفسهم دفء الدثور وأعرضوا عن لذيذ الفراش، وأجابوا نداء المنادي: حي على الصلاة.. حي على الفلاح. إنها ساعة تنزل فيها بركات الرزق من السماء، رزق في العلم، وفي الإيمان، وفي العمر وفي البدن.
أسرار الفجر
للفجر أسرار لا يعرفها إلا من عاشها وتذوق لذة المناجاة ليلاً؛ فمن أراد العلم فعليه بالفجر، ومن أراد الرزق فعليه بالفجر، ومن أراد الإيمان فعليه بالفجر، ومن أراد القرآن فعليه بالفجر، وهذا هو سر بعض أسرار الاقتران بين الفجر والسَّحر.
**********************************************************************
رَمَضَانُ شَهْرُ التَّقْوَى
إن الله تبارك وتعالى الرحمن الرحيم أوصى عباده بتقواه التي بها يحصِّلون السعادة في هذه الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد وينالون رضاه والفوز بدار كرامته والسلامة من ناره وعذابه ، وهي وصيته سبحانه للأولين والآخرين من خلقه قال تعالى: { وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ } [النساء:131] ، وقد شرع سبحانه لعباده صيام شهر رمضان المبارك لتحقيق تقواه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} يعني بالصوم لأن الصوم وصلة إلى التقوى لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات ، فما شُرع صيام هذا الشهر الكريم إلا لتحقيق التقوى ؛ بل إنه من أكثر ما يعين على تحقيقها ، قال ابن القيم رحمه الله : (( وللصوم تأثيرٌ عجيب فى حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحِميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها ، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها ؛ فالصومُ يحفظ على القلب والجوارح صحتها ، ويُعيد إليها ما استلبته منها أيدى الشهوات، فهو من أكبر العونِ على التقوى كما قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة:183] ))(1) اهـ .
وقال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله في تفسيره لقوله{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }: (( فإن الصيام من أكبر أسباب التقوى، لأن فيه امتثال أمر الله واجتناب نهيه ، فمما اشتمل عليه من التقوى:
* أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها التي تميل إليها نفسه ؛ متقرباً بذلك إلى الله راجياً بتركها ثوابه ، فهذا من التقوى.
* ومنها: أن الصائم يدرِّب نفسه على مراقبة الله تعالى ، فيترك ما تهوى نفسه مع قدرته عليه، لعلمه باطلاع الله عليه.
* ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فبالصيام يضعف نفوذه ، وتقل منه المعاصي.
* ومنها: أن الصائم في الغالب تكثر طاعته ، والطاعات من خصال التقوى.
* ومنها: أن الغني إذا ذاق ألم الجوع أوجب له ذلك مواساةَ الفقراء المعدمين، وهذا من خصال التقوى)) اهـ.
وتقوى الله هي طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، ومعنى التقوى: أن يجعل العبد بينه وبين ما يخافُهُ وقايةً، وتقوى العبد لربه: أن يجعل بينه وبين ما يخشاه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه ، وذلك لا يكون إلا بفعل طاعته واجتناب معصيته .
والله عز وجل تارةً يأمر بتقواه فهو الذي يُخشى ويُرجى وكل خيرٍ يحصل للعباد فهو منه سبحانه ، وتارةً يأمر باتقاء النار التي هي مآل من خالف تقواه واتبع هواه كما قال تعالى :{ فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [البقرة:24] ، وكقوله سبحانه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } [التحريم:6] ، وتارةً يأمر باتقاء يوم القيامة يوم الحساب والجزاء والسعادة أو الشقاء ؛ اليوم الذي ينال فيه المتقون ثوابهم والمجرمون المخالفون للتقوى عذابهم وعقابهم كما قال تعالى: { وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } [البقرة:281] .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه بتقوى الله وإذا أرسل سرِيَّةً يوصي أميرها في خاصة نفسه بتقوى الله وبمن معه خيراً ، ولما خطب يوم النحر في حجة الوداع أوصى الناس بتقوى الله لحاجة الناس إلى هذه الوصية ولعظيم أهميتها وفائدتها .
ولقد اعتنى السلف الصالح بتحقيق التقوى في نفوسهم وتوضيح معناها ومبناها ولم يزالوا يتواصون بها ؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما : " الْمُتَّقَونَ : الَّذِينَ يَحْذَرُونَ مِنَ اللهِ عُقُوبَتَهُ فِي تَرْكِ مَا يَعْرِفُونَ مِنَ الْهُدَى ، وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ فِي التَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ " . وقال الحسن البصري رحمه الله : " الْمُتَّقُونَ اتَّقَوْا مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ ، وَأَدَّوْا مَا افْتُرِضَ عَلَيْهِمْ " . وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : " لَيْسَ تَقْوَى اللهِ بِصِيَامِ النَّهَارِ وَلاَ بِقِيَامِ اللَّيْلِ وَالتَّخْلِيطِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ تَقْوَى اللهِ: تَرْكُ مَا حَرَّمَ اللهُ ، وَأَدَاءُ مَا افْتَرَضَ الله " . وقال ابن مسعود رضي الله عنه في قوله تعالى{ اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ }[آل عمران:102] قال : " أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ، وَأَنْ يُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرَ " ، وقال طلق بن حبيب: " التَّقْوَى أَنْ تَعْمَلَ بِطَاعَةِ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَرْجُو ثَوَابَ اللهِ ، وَأَنْ تَتْرُكَ مَعْصِيَةَ اللهِ عَلَى نُورٍ مِنَ اللهِ تَخَافُ عِقَابَ الله "(2) ، ولما قال رجل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : اتق الله، أجابه عمر بقوله: " لَا خَيْرَ فِيكُمْ إِنْ لَمْ تَقُولُوهَا، وَلَا خَيْرَ فِينَا إِذَا لَمْ نَقْبَلْهَا " .
والتقوى محلها القلب ، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه في حديث طويل وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ))(3) ، يقول ابن رجب رحمه الله : " وإذا كان أصلُ التَّقوى في القُلوب ، فلا يطَّلعُ أحدٌ على حقيقتها إلا الله عز وجل ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)) -أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ، وفي رواية ((إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى أَجْسَادِكُمْ وَلَا إِلَى صُوَرِكُمْ)) (4) - وحينئذٍ فقد يكون كثيرٌ ممن له صورة حسنة أو مال أو جاه أو رياسة في الدنيا قلبه خراباً من التقوى ، ويكون من ليس له شيء من ذلك قلبُه مملوءاً من التقوى، فيكون أكرم عند الله عز وجل ، بل ذلك هو الأكثر وقوعاً " (5) اهـ.
وللتقوى عوائد عديدة وثمار كثيرة يجنيها المتقون في الدنيا والآخرة فمن ثمراتها في الدنيا:
- حصول العلم النافع قال تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ } [البقرة: 282]، وقال سبحانه: { إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا } [الأنفال: 29].
- الخروج من المحن ، وحصول الرزق الطيب للعبد من حيث لا يحتسب قال تعالى: { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [2] وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } [الطلاق:2-3] .
- أنهم ينالوا محبة الله ، ومعيَّته ، ومغفرته ؛ وبذلك يتحقق لهم الفوز والفلاح ، قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } [التوبة:4] ، وقال سبحانه: { وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [البقرة:194] ، وقال عز وجل: { وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الأنفال:69] ، وقال تعالى: { وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [البقرة:189] .
وأما ثمرات التقوى في الآخرة فهي كثيرة وعديدة منها :
- الفوز بجنات النعيم ، وحصول الرفعة لهم والعاقبة الحميدة ، قال تعالى: { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ } [القلم:34] ، وقال سبحانه: { وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } [البقرة:212] ، وقال سبحانه: { وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [الأعراف: 128] .
- ومن أعظم ثمرات التقوى لقاءُ الله ورؤيتُه يوم القيامة قال تعالى: { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ [54] فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ }[القمر:54-55] .
فنسأل الكريم رب العرش العظيم ونحن في هذا الموسم العظيم والشهر الكريم أن يزيِّن قلوبنا بزينة التقوى وأن يجعلها لنا زاداً في هذه الدنيا ويوم نلقاه.
-----------------
(1) زاد المعاد في هدي خير العباد (فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم في الصيام ، ص: 201).
(2) أورد ابن رجب رحمه الله هذه الآثار عن السلف رحمهم الله في جامع العلوم والحكم (الحديث الثامن عشر/ ص: 296-297).
(3) صحيح مسلم (2564).
(4) كلا الروايتين أخرجها مسلم برقم (2564).
(5) جامع العلوم والحكم لابن رجب (الحديث الخامس والثلاثون / ص: 626).
**********************************************************************
قصة وعبرة: كثرة اللُّقَم تطرد النِّقَم
يحكى أن امرأةً رأت في الرؤيا أثناء نومها أنَّ رجلاً من أقاربها قد لدغته أفعى سامة فقتلته ومات على الفور ، وقد أفزعتها هذه الرؤيا وأخافتها جداً ، وفي صبيحة اليوم التالي توجهت إلى بيت ذلك الرجل وقصّت عليه رؤياها وعَبَّرَت له عن مخاوفها ، وطلبت منه أن ينتبه لما يدور حوله ، ويأخذ لنفسه الحيطة والحذر .فنذر الرجلُ على نفسه أن يذبح كبشين كبيرين من الضأن نذراً لوجه الله تعالى عسى أن ينقذه ويكتب له السلامة من هذه الرؤيا المفزعة.وهكذا فعل ، ففي مساء ذلك اليوم ذبح رأسين كبيرين من الضأن ، ودعا أقاربه والناس المجاورين له ، وقدم لهم عشاءً دسماً ، ووزَّعَ باقي اللحم حتى لم يبقَ منه إلا ساقاً واحدة .وكان صاحب البيت لم يذق طعم الأكل ولا اللحم ، بسبب القلق الذي يساوره ويملأ نفسه ، والهموم التي تنغّص عليه عيشه وتقضّ مضجعه ، فهو وإن كان يبتسم ويبشّ في وجوه الحاضرين ، إلا أنه كان يعيش في دوامة من القلق والخوف من المجهول .لَفَّ الرجلُ الساقَ في رغيفٍ من الخبز ورفعها نحو فمه ليأكل منها
، ولكنه تذكّر عجوزاً من جيرانه لا تستطيع القدوم بسبب ضعفها وهرمها ، فلام نفسه قائلاً : لقد نسيت تلك العجوز وستكون الساق من نصيبها ، فذهب إليها بنفسه وقدّم لها تلك الساق واعتذر لها لأنه لم يبقَ عنده شيء من اللحم غير هذه القطعة .سُرَّت المرأةُ العجوز بذلك وأكلت اللحم ورمت عظمة الساق ، وفي ساعات الليل جاءت حيّة تدبّ على رائحة اللحم والزَّفَر(1) ، وأخذت تُقَضْقِضُ(2) ما تبقى من الدهنيات وبقايا اللحم عن تلك العظمة ، فدخل شَنْكَل(3) عظم الساق في حلقها ولم تستطع الحيّة التخلّص منه ، فأخذت ترفع رأسها وتخبط العظمة على الأرض وتجرّ نفسها إلى الوراء وتزحف محاولة تخليص نفسها ، ولكنها عبثاً حاولت ذلـك ، فلم تُجْدِ محاولاتها شيئاً ولم تستطع تخليص نفسها .وفي ساعات الصباح الباكر سمع أبناء الرجل المذكور حركة وخَبْطاً وراء بيتهم فأخبروا أباهم بذلك ، وعندما خرج ليستجلي حقيقة الأمر وجد الحيّة على تلك الحال وقد التصقت عظمة الساق في فكِّها وأوصلها زحفها إلى بيته ، فقتلها وحمد الله على خلاصه ونجاته منها ، وأخبر أهله بالحادثة فتحدث الناس بالقصة زمناً ، وانتشر خبرها في كلّ مكان ،
وهم يرددون المثل القائل : كثرة اللُّقَم تطرد النِّقَم. أي كثرة التصدق بالطعام تدفع عنك البلايا. عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم "إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وافشئ السلام وصلى بالليل والناس نيام"
**********************************************************************
ذهب الكلام:على نفسها وأهلها جنَتْ براقش
هذا المثل نردده بصيغة مجتزأة وربما خاطئة «على نفسها جنت براقش» والصحيح أن نقول «على أهلها جنت براقش».
و«براقش» هذه كلبة، كانت عند قوم من العرب، درّبوها على أن تنبح فتنبئهم بمقدم العدو حينما يأتي على حين غرة، بما للكلاب من حاسة شم قوية، ولعل ذلك يعد أول تدريب للكلاب البوليسية التي تعرف المجرمين برائحتهم (!)، المهم، قصة هذا المثل تقول إنه في أحد الأيام حضر إلى منازل قوم براقش أعداء، فأخذت الكلبة تنبح لتنذر القوم الذين سارعوا بالخروج من حيهم والاختباء في إحدى المغارات القريبة، فلقد كان تعداد العدو أكثر من تعداد أهل القرية، بحث الأعداء عن سكان البلدة دون جدوى فقرروا العودة من حيث أتوا، فاستبشر المختبئون وخرجوا إلى ديارهم بعد أن تأكدوا أن العدو لن يتمكن منهم.
وعندما رأت الكلبة (براقش) أن الأعداء بدأوا بالخروج بدأت بالنباح، ربما إعلانا بذلك لأهل الديار لكي يعودوا، أو أنها فعلت ذلك حينما اشتمت مجيء قومها وقد اعتادت أن تنبح في كل قادم، لا أدري، المهم، حاول صاحبها أن يسكتها ولكن دون جدوى، وعندما سمع جيش العدو صوت نباحها علموا أن أهل الديار قد عادوا، فأعادوا الكرة وجاؤوا ليجدوا القوم جميعا فاستباحوهم وقتلوا براقش نفسها، فتحولت قصتها إلى مثل، وفي ذلك قال شاعر:
لم تكن عن جناية لحقتني..
لا يساري ولا يميني رمتني
بل جناها أخ عليَّ كريم..
وعلى أهلها براقش تجني
ومن واقع هذه الأبيات نقف على معلومة مهمة، مفادها أن هذا المثل بات اليوم يضرب في غير محله، فهو بات يساق للإشارة إلى تحمّل الشخص مسؤولية أخطائه، بينما المثل في الأساس يضرب على من يجرّ الضرر لأهله وقومه وربعه رغم أنه انتدب لمنفعتهم، فالذي ينتظر منه أن يجلب الخير لأهله وجماعته فيجلب لهم الشر من حيث لا يدري، سواء بوعي منه أو بسوء تصرف فهذا هو من في مقام براقش، التي كانت وظيفتها تنبيه قومها ساعة الخطر، لا أن ترد الأعداء وتقلبهم على قريتها.
ولقد كانت خيانة القوم عند العرب، والوقوف مع عدوهم ضدهم كبيرة لا تدانيها كبيرة، فلا يقبل بذلك أحد مهما كان ذا حاجة، ومهما بلغ عرض العدو من مال وسلطان نظير استخدامه ضد عشيرته، وقد يقبل المرء فقدان حياته وماله على أن يحمل على خيانة قبيلته، حتى ولو أصابه منها مكروه بالغا ما بلغ. فتلك كانت شيم العرب حتى وهم بادون في الأعراب، تتنازعهم قسوة الطبيعة وتصاريف الدهر.
***********************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الحسان
الحسان
يابوي كبرت ربيت
وما تخاف عللي امربه
وفتحت لعيون حليت
في بيت بيخاف ربه
قالي تعال وجيت
تقول طير طرت ارقيت
توا تبل راسك تحسن عندنا
ولا نا مغفف لاو هو حسان
لاكن علي ايدينه كبرت ونعرفه
كان. قال فيسع خاطره. مليان
وصلته ونا ملهوف
حاير عليه نطوف
مانيش خايف خوف
ولاني اللي مطمان
قالي اقربني جاي
اسمعني وخوذ الراي
اهي احذاك اعوالت الحلاق
خوذها وحسني ولجر اعماك
ونا عارفه بيجيبلي نقناك
لول اللي من صغرته هاذاك
بديت وخذيت رضاه
وانا كبير ضناه
ولده ورفيقه اعماه
ولاو هو مغفف لاو نا حسان
لكن عرفته. خاطره. مليان
قال يا (علي )خليك ما الهمازه
وخطي رفيق السو والتوكاح
ولو تموت ما تنزل اديار العازه
وحيل غايتك تنزل اديار اسماح
وربي توعد ويل للهمازه
وكل مال موصافي وراه ارياح
بوعقل يتوقع فراق اعزازه
وكل ظحك ياولدي وراه نواح
وعمر الزنازه ما تقل زنازه
وكل من وقف لازم وراه اطياح
المتشبكه صيورها اتوازه
وكل موجعه صيورها تنزاح
وصبا علي حيله وخذا عكازه
وقالي جعن وجهك كما المصباح
انت نرو ونحجب عليك قزازه
و السانك جعنه حجتك مفتاح
ولا ً تنشغل بيدوة الهدرازه
واجدين يا ولدي اعداء النجاح
****************************************************************************
حكاوي هلنا الدكتور حمزة التهامي
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
11رمضان 1437هـ - 16يونيو 2016م
مناجاة
يا غاية الطالبين
للهم اجعلني في هذا اليوم من المتوكلين عليك واجعلني فيه من الفائزين لديك، واجعلني فيه من المقربين إليك بإحسانك يا غاية الطالبين، اللهم اغـفـر لجميع موتى المسلمين، الذين شهـِـدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك، اللهم اغـفر لهُم وارحمهُم وعافهم واعـفُ عنهم، وأكرِم نـُزلَهم، ووسِّع مـُدخلهم، واغـسلهم بالماء والثـلج والبـَرَد، ونقـّهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وارحمنا اللهم برحمتك إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، تحت الجنادل والتراب وحـدنا. اللهم اغـفـِر لي.. وارحمـني.. وأعـتـق رقبتي من النـار. اللـهم تـقبـل منـي إنك أنت السميـع العـليم، وتُب علي إنك أنت التواب الرحيم.. اللهم علمني ما ينفعني وانفعني بما علمتني وزدني من فضلك وكرمك علماً يا رب العالمين.
******
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ ، وما أنت أعلم به مني ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْـتَ .
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ .
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي ، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي ، وَمَا أَنْتَ أَعْـلَمُ بِهِ مِنّـِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجِدِّي ، وَخَطَئِي وَعَمْدِي ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي .
رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي .
***************************************************************************************
مناجاة
يا غاية الطالبين
للهم اجعلني في هذا اليوم من المتوكلين عليك واجعلني فيه من الفائزين لديك، واجعلني فيه من المقربين إليك بإحسانك يا غاية الطالبين، اللهم اغـفـر لجميع موتى المسلمين، الذين شهـِـدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك، اللهم اغـفر لهُم وارحمهُم وعافهم واعـفُ عنهم، وأكرِم نـُزلَهم، ووسِّع مـُدخلهم، واغـسلهم بالماء والثـلج والبـَرَد، ونقـّهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وارحمنا اللهم برحمتك إذا صرنا إلى ما صاروا إليه، تحت الجنادل والتراب وحـدنا. اللهم اغـفـِر لي.. وارحمـني.. وأعـتـق رقبتي من النـار. اللـهم تـقبـل منـي إنك أنت السميـع العـليم، وتُب علي إنك أنت التواب الرحيم.. اللهم علمني ما ينفعني وانفعني بما علمتني وزدني من فضلك وكرمك علماً يا رب العالمين.
******
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ ، وما أنت أعلم به مني ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْـتَ .
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ .
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي ، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي ، وَمَا أَنْتَ أَعْـلَمُ بِهِ مِنّـِي ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلِي وَجِدِّي ، وَخَطَئِي وَعَمْدِي ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي .
رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي .
***************************************************************************************
قَال رَسُول الله- صَلَّى اللَّه عَلَيه وَسَلَّم-:
مَنْ صَلَّى عَليّ حِين يُصْبِح عَشْرًا، وَحِين يُمْسِي عَشْرًا، أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلاَ يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ وَإِنِ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلاَ يَشْتُمْهُ وَلاَ يَسُبَّهُ وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ))
حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنهاصحيح الجامع ٣٨٧٨
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إنّ لله تَعَالَى عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقاءَ مِنَ النَّارِ وذلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ))
حديث حسن عن جابر بن عبداللهصحيح الجامع ٢١٧٠
***************************************************************************************
رَمَضَانُ شَهْرُ الصَّبْر
إن الصبر هو الأساس الأكبر لكل خُلُقٍ جميل ، والتنزه من كلِّ خُلُقٍ رذيل ، وهو حبس النفس على ما تكره ، وعلى خلاف مرادها طلباً لرضا الله وثوابه ، ويدخل فيه الصبر على طاعة الله ، وعن معصيته ، وعلى أقدار الله المؤلمة ، فلا تتم هذه الثلاثة التي تجمع الدين كله إلا بالصبر :
* فالطاعات - خصوصاً الطاعات الشاقة كالجهاد في سبيل الله ، والعبادات المستمرة كطلب العلم والمداومة على الأقوال النافعة والأفعال النافعة - لا تتم إلا بالصبر عليها ، وتمرين النفس على الاستمرار عليها وملازمتها ومرابطتها ، وإذا ضعف الصبر ضعفت هذه الأفعال وربما انقطعت .
* وكذلك كفُّ النفس عن المعاصي - وخصوصاً المعاصي التي في النفس داعٍ قويٌ إليها - لا يتم الترك إلا بالصبر والمصابرة على مخالفة الهوى وتحمُّل مرارته .
* وكذلك المصائب حين تنزل بالعبد ويريد أن يقابلها بالرضا والشكر والحمد لله على ذلك لا يتم ذلك إلا بالصبر واحتساب الأجر . ومتى مرّن العبد نفسه على الصبر ووطّنها على تحمُّل المشاق والمصاعب وجدّ واجتهد في تكميل ذلك صار عاقبته الفلاح والنجاح ، وقلّ من جدّ في أمر يطلبه واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر .
وإن شهر رمضان مدرسة عظيمة وصرح شامخ يستلهم منه العباد كثيراً من العبر والدروس النافعة التي تربي النفوس وتقوِّمها في شهرها هذا وبقية عمرها ، وإن مما يجنيه الصائمون في هذا الشهر العظيم والموسم المبارك تعويد النفس وحملها على الصبر ؛ ولذا وصف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بشهر الصبر في أكثر من حديث ، منها ما رواه الإمام أحمد ومسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ))(1) ، وأخرج الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ ))(2) ، وروى النسائي عن الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((صمْ شهرَ الصبرِ وثلاثةَ أيامٍ من كلِّ شهر...))(3) .
ففي هذه الأحاديث الثلاثة وصف النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بأنه شهر الصبر وذلك لأن رمضان يجتمع فيه أنواع الصبر كلها ؛ الصبر على طاعة الله ، والصبر عن معصيته ، والصبر على أقدار الله المؤلمة :
- فرمضان فيه الصيام، وفيه القيام، وفيه تلاوة القرآن ، وفيه البر والإحسان والجود والكرم وإطعام الطعام والذكر والدعاء والتوبة والاستغفار وغير ذلك من أنواع الطاعات ، وهي تحتاج إلى صبر ليقوم بها الإنسان على أكمل الوجوه وأفضلها .
- وفيه كفّ اللسان عن الكذب والغش واللغو والسب والشتم والصخب والجدال والغيبة والنميمة ومنع بقية الجوارح عن اقتراف جميع المعاصي ، وهذا يكون في رمضان وفي غيره ، والبعد عن هذه المعاصي يحتاج إلى صبر حتى يستطيع العبد حفظ نفسه عن الوقوع فيها .
- ورمضان فيه ترك الطعام والشراب وما يتعلق بها ونفسه تتوق لذلك وكذلك حبس النفس عما أباحه الله من الشهوات والملذات كالجماع ومقدماته، وهذا لا تستطيع النفس إلا بالصبر .
فاشتمل رمضان على أنواع الصبر كلها ، قال ابن القيم رحمه الله : (( والنفس فيها قوتان : قوة الإقدام ، وقوة الإحجام ؛ فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه ، وقوة الإحجام إمساكاً عما يضره ، ومن الناس من تكون قوة صبره على فعل ما ينتفع به وثباتُه عليه أقوى من صبره عما يضره فيصبر على مشقة الطاعة ولا صبر له عن داعي هواه إلى ارتكاب ما نُهي عنه ، ومنهم من تكون قوة صبره عن المخالفات أقوى من صبره على مشقة الطاعات ، ومنهم من لا صبر له على هذا ولا ذاك ، وأفضل الناس أصبرهم على النوعين ، فكثير من الناس يصبر على مكابدة قيام الليل في الحر والبرد وعلى مشقة الصيام ولا يصبر عن نظرة محرمة ، وكثير من الناس يصبر عن النظر وعن الالتفات إلى الصور ولا صبر له على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجهاد الكفار والمنافقين بل هو أضعف شيء عن هذا وأعجزه ، وأكثرهم لا صبر له على واحد من الأمرين ، وأقلهم أصبرهم في الموضعين ))(4) اهـ.
وقال أيضاً : ((فالإنسان منا إذا غلب صبرُه باعثَ الهوى والشهوة الْتحق بالملائكة ، وإن غلب باعثُ الهوى والشهوة صبرَه الْتحق بالشياطين ، وإن غلب باعثُ طبعه من الأكل والشرب والجماع صبرَه التحق بالبهائم))(5).
وقد أمر الله بالصبر وأثنى على الصابرين، وأخبر أن لهم المنازل العالية والكرامات الغالية في آيات كثيرة من القرآن وأخبر أنهم يوفون أجرهم بغير حساب قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران:200] ، وقال تعالى: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } [البقرة:45] ، وقال سبحانه: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [155] الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [156] أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة:155ـ 157]، وقال تعالى: { وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } [البقرة:177] ، وقال عز وجل:{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة:153] ، وقال تعالى في جزاء الصابرين وأجرهم : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر:10] ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ))(6)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ))(7).
وحسبك من خُلُقٍ يسهِّل على العبد مشقة الطاعات ، ويهوِّن عليه ترك ما تهواه النفوس من المخالفات ، ويسليه عن المصيبات ، ويُمِدُّ الأخلاق الجميلةَ كلها ويكون لها كالأساس للبنيان ، ومتى علِم العبد ما في الطاعات من الخيرات العاجلة والآجلة ، وما في المعاصي من الأضرار العاجلة والآجلة ، وما في الصبر على المصائب من الثواب الجزيل والأجر العظيم ؛ سهل الصبر على النفس ، وربما أتت به منقادة مستحلية لثمراته ، وإذا كان أهل الدنيا يهوِّن عليهم الصبر على المشقات العظيمة لتحصيل حطامها ، فكيف لا يهون على المؤمن الموفق الصبر على ما يحبه الله لحصول ثمراته !! ومتى صبر العبد لله مخلصاً في صبره كان الله معه ؛ فإن الله مع الصابرين بالعون والتوفيق والتأييد والتسديد .
اللهم وفِّقنا للقيام بحق هذا الشهر ، وطهرنا من وحر الصدر ، وألبِسنا فيه حلل اليقين والصبر .
*****
(1) مسند أحمد (7567، 8965)، ومسلم (1162) واللفظ للإمام أحمد .
(2) مسند الإمام أحمد (22965) .
(3) سنن النسائي ( 2756) ، انظر صحيح الجامع (3794).
(4) عدّة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص: 37).
(5) نفس المرجع (ص: 44).
(6) رواه البخاري (1469).
(7) رواه الإمام أحمد في المسند (2666) والحاكم في المستدرك (6304).
****************************************************************************
مسائل لا تفطر الصائم :
1. غاز الأكسوجين الذي يوضع للأشخاص الذين يضيق عندهم التنفس ونحو ذلك و فلا يفطر كما لو تنفس الهواء الطبيعي .
2. قطرة الأذن , لا تفطر لأنه ليس بينها وبين الجوف قناة متصلة كما أثبت ذلك الطب الحديث . أما إذا أزيلت طبلة الأذن لا سمح الله فإن البلعوم يتصل
بالأذن عن طريق قناة ( استاكيوس) . فتكون كقطرة الأنف في الحكم والله أعلم . وقطرة الأنف اختلف العلماء فيها هل تفطر أم لا , ورأي الشيخين ابن باز
وابن عثيمين أنها تفطر . فالاولى تركها والله أعلم .
3. غسول الأذن , فهو كقطرة الأذن في الحكم .
4. قطرة العين ..
5. الكحل , فهذا لا يفطر بالنص فقد ثبت عن الحبيب صلى الله عليه وسلم .
6. الحناء في اليد أم في الرأس وغير ذلك ,
7. جميع أنواع الدهان والمراهم في جميع أجزاء الجسم .
**************************************************************************
قصة وعبرة
كانت هناك قرية جميلة يعيش بها الجميع بسلام ويمارسون اعمالهم وعبادة ربهم بحرية ، في أحد الأيام وصل الشيطان الى القرية وتنكر بشكل رجل ، فور وصولة زرع الشيطان شجرة وبدأ يدعي سكان القرية لعبادة الشجرة ويكافئ من يعبدها بالهدايا ، أنشغل الشعب عن العمل والعبادة بتقديس الشجرة وبدأت المشاكل تنتشر في القرية ، شعر سامر بالغضب حين شاهد اهل ضيعته يتركون اعمالهم وعباداتهم من أجل الشجرة فحمل فأس وخرج من بيتة ليقطع هذه الشجرة اللعينة ، في الطريق اعترض الشيطان طريق سامر وبدأ القتال بينهم ، دقائق قليلة انتصر سامر ووضع رأس الشيطان تحت قدمة ليقتله ، صرخ الشيطان : لاتقتلني وسأضع لك كل صباح قطعة ذهب تحت مخدتك فكر سامر بكل مشاكلة المادية وقال لنفسة سأتركه يعيش بعض الوقت وسأعود لاحقا لقطع الشجرة ترك سامر الشيطان وعاد الى بيتة وبدأ يشعر بالسعادة في كل صباح يستيقظ ويجد قطعة من الذهب في سريرة ,بعد شهر استيقظ سامر فلم يجد قطعة الذهب قال لنفسه ربما نسي الشيطان وضعها اليوم ، مر اسبوعين بدون ظهور اي قطعة ذهب جديدة عندها شعر سامر بالغضب لانقطاع الذهب فحمل فأس وخرج من بيتة ليقطع هذه الشجرة اللعينة ، في الطريق اعترض الشيطان طريق سامر وبدأ القتال بينهم ، دقائق قليلة انتصر الشيطان ووضع رأس سامر تحت قدمة ليقتله ، صرخ سامر : لا أفهم كيف أصبحت قوي ؟ في الماضي انتصرت عليك بسرعة وسهولة والان انت اصبحت أقوى مني وهزمتني بسهولة ؟ أجاب الشيطان : في الماضي أنت كنت قوي لأنك كنت تدافع عن مبادئك لكنك اليوم أنت أصبحت ضعيف لأنك تدافع فقط عن اموالك
************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الزين
الزين
الزين ياخذك بالعين ونتي زينه
علي شان زينك عينوك علينا
عينك صاداتك
وملي حسدنا فيك عين خذاتك
لوللا عيون الشر طول حياتك
عشتي سعيده والسعاده بينا
ونتي فله
حبس عليك الزين روح كله
مكتوب هلي صار من عند الله
جت فيك ماتستاهلي لعوينا
عين عدوك
جت فيك لكن راح منك سوك
تعودي كما كنتي ينور ضوك
وتقعد الشينه فالوجوه الشينه
عين حسوده.
جعن ليلته تشبه عيونك سوده
وجعن يحسده حاسد وله مردوده
ويزحف وبارك والعمي في عينا
عين وطارت
عين العدوا شافت زويلك غارت
جاتك خفيفه خطف حارت بارت
طلقنا وشيقه وع النبي صلينا
عين وخفت
سالت دموع العين لكن جفت
الله سلمك للنوم راقت غفت
وع الخير تصبح والحباب تجينا
عدا بيها
العين في عيونه حاسدك شوفيها
وعينك ارتاحت ربنا مهنيها
صبغ كحلها وبيها مكحلتينا
مَنْ صَلَّى عَليّ حِين يُصْبِح عَشْرًا، وَحِين يُمْسِي عَشْرًا، أَدْرَكَتْهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة.
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلاَ يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ وَإِنِ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلاَ يَشْتُمْهُ وَلاَ يَسُبَّهُ وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ))
حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنهاصحيح الجامع ٣٨٧٨
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( إنّ لله تَعَالَى عِنْدَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقاءَ مِنَ النَّارِ وذلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ))
حديث حسن عن جابر بن عبداللهصحيح الجامع ٢١٧٠
***************************************************************************************
رَمَضَانُ شَهْرُ الصَّبْر
إن الصبر هو الأساس الأكبر لكل خُلُقٍ جميل ، والتنزه من كلِّ خُلُقٍ رذيل ، وهو حبس النفس على ما تكره ، وعلى خلاف مرادها طلباً لرضا الله وثوابه ، ويدخل فيه الصبر على طاعة الله ، وعن معصيته ، وعلى أقدار الله المؤلمة ، فلا تتم هذه الثلاثة التي تجمع الدين كله إلا بالصبر :
* فالطاعات - خصوصاً الطاعات الشاقة كالجهاد في سبيل الله ، والعبادات المستمرة كطلب العلم والمداومة على الأقوال النافعة والأفعال النافعة - لا تتم إلا بالصبر عليها ، وتمرين النفس على الاستمرار عليها وملازمتها ومرابطتها ، وإذا ضعف الصبر ضعفت هذه الأفعال وربما انقطعت .
* وكذلك كفُّ النفس عن المعاصي - وخصوصاً المعاصي التي في النفس داعٍ قويٌ إليها - لا يتم الترك إلا بالصبر والمصابرة على مخالفة الهوى وتحمُّل مرارته .
* وكذلك المصائب حين تنزل بالعبد ويريد أن يقابلها بالرضا والشكر والحمد لله على ذلك لا يتم ذلك إلا بالصبر واحتساب الأجر . ومتى مرّن العبد نفسه على الصبر ووطّنها على تحمُّل المشاق والمصاعب وجدّ واجتهد في تكميل ذلك صار عاقبته الفلاح والنجاح ، وقلّ من جدّ في أمر يطلبه واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر .
وإن شهر رمضان مدرسة عظيمة وصرح شامخ يستلهم منه العباد كثيراً من العبر والدروس النافعة التي تربي النفوس وتقوِّمها في شهرها هذا وبقية عمرها ، وإن مما يجنيه الصائمون في هذا الشهر العظيم والموسم المبارك تعويد النفس وحملها على الصبر ؛ ولذا وصف النبي الكريم صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بشهر الصبر في أكثر من حديث ، منها ما رواه الإمام أحمد ومسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ))(1) ، وأخرج الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وذكر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يُذْهِبْنَ وَحَرَ الصَّدْرِ ))(2) ، وروى النسائي عن الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((صمْ شهرَ الصبرِ وثلاثةَ أيامٍ من كلِّ شهر...))(3) .
ففي هذه الأحاديث الثلاثة وصف النبي صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بأنه شهر الصبر وذلك لأن رمضان يجتمع فيه أنواع الصبر كلها ؛ الصبر على طاعة الله ، والصبر عن معصيته ، والصبر على أقدار الله المؤلمة :
- فرمضان فيه الصيام، وفيه القيام، وفيه تلاوة القرآن ، وفيه البر والإحسان والجود والكرم وإطعام الطعام والذكر والدعاء والتوبة والاستغفار وغير ذلك من أنواع الطاعات ، وهي تحتاج إلى صبر ليقوم بها الإنسان على أكمل الوجوه وأفضلها .
- وفيه كفّ اللسان عن الكذب والغش واللغو والسب والشتم والصخب والجدال والغيبة والنميمة ومنع بقية الجوارح عن اقتراف جميع المعاصي ، وهذا يكون في رمضان وفي غيره ، والبعد عن هذه المعاصي يحتاج إلى صبر حتى يستطيع العبد حفظ نفسه عن الوقوع فيها .
- ورمضان فيه ترك الطعام والشراب وما يتعلق بها ونفسه تتوق لذلك وكذلك حبس النفس عما أباحه الله من الشهوات والملذات كالجماع ومقدماته، وهذا لا تستطيع النفس إلا بالصبر .
فاشتمل رمضان على أنواع الصبر كلها ، قال ابن القيم رحمه الله : (( والنفس فيها قوتان : قوة الإقدام ، وقوة الإحجام ؛ فحقيقة الصبر أن يجعل قوة الإقدام مصروفة إلى ما ينفعه ، وقوة الإحجام إمساكاً عما يضره ، ومن الناس من تكون قوة صبره على فعل ما ينتفع به وثباتُه عليه أقوى من صبره عما يضره فيصبر على مشقة الطاعة ولا صبر له عن داعي هواه إلى ارتكاب ما نُهي عنه ، ومنهم من تكون قوة صبره عن المخالفات أقوى من صبره على مشقة الطاعات ، ومنهم من لا صبر له على هذا ولا ذاك ، وأفضل الناس أصبرهم على النوعين ، فكثير من الناس يصبر على مكابدة قيام الليل في الحر والبرد وعلى مشقة الصيام ولا يصبر عن نظرة محرمة ، وكثير من الناس يصبر عن النظر وعن الالتفات إلى الصور ولا صبر له على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وجهاد الكفار والمنافقين بل هو أضعف شيء عن هذا وأعجزه ، وأكثرهم لا صبر له على واحد من الأمرين ، وأقلهم أصبرهم في الموضعين ))(4) اهـ.
وقال أيضاً : ((فالإنسان منا إذا غلب صبرُه باعثَ الهوى والشهوة الْتحق بالملائكة ، وإن غلب باعثُ الهوى والشهوة صبرَه الْتحق بالشياطين ، وإن غلب باعثُ طبعه من الأكل والشرب والجماع صبرَه التحق بالبهائم))(5).
وقد أمر الله بالصبر وأثنى على الصابرين، وأخبر أن لهم المنازل العالية والكرامات الغالية في آيات كثيرة من القرآن وأخبر أنهم يوفون أجرهم بغير حساب قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [آل عمران:200] ، وقال تعالى: { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ } [البقرة:45] ، وقال سبحانه: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [155] الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [156] أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } [البقرة:155ـ 157]، وقال تعالى: { وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } [البقرة:177] ، وقال عز وجل:{ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [البقرة:153] ، وقال تعالى في جزاء الصابرين وأجرهم : { إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [الزمر:10] ، وقال صلى الله عليه وسلم: ((وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ))(6)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ))(7).
وحسبك من خُلُقٍ يسهِّل على العبد مشقة الطاعات ، ويهوِّن عليه ترك ما تهواه النفوس من المخالفات ، ويسليه عن المصيبات ، ويُمِدُّ الأخلاق الجميلةَ كلها ويكون لها كالأساس للبنيان ، ومتى علِم العبد ما في الطاعات من الخيرات العاجلة والآجلة ، وما في المعاصي من الأضرار العاجلة والآجلة ، وما في الصبر على المصائب من الثواب الجزيل والأجر العظيم ؛ سهل الصبر على النفس ، وربما أتت به منقادة مستحلية لثمراته ، وإذا كان أهل الدنيا يهوِّن عليهم الصبر على المشقات العظيمة لتحصيل حطامها ، فكيف لا يهون على المؤمن الموفق الصبر على ما يحبه الله لحصول ثمراته !! ومتى صبر العبد لله مخلصاً في صبره كان الله معه ؛ فإن الله مع الصابرين بالعون والتوفيق والتأييد والتسديد .
اللهم وفِّقنا للقيام بحق هذا الشهر ، وطهرنا من وحر الصدر ، وألبِسنا فيه حلل اليقين والصبر .
*****
(1) مسند أحمد (7567، 8965)، ومسلم (1162) واللفظ للإمام أحمد .
(2) مسند الإمام أحمد (22965) .
(3) سنن النسائي ( 2756) ، انظر صحيح الجامع (3794).
(4) عدّة الصابرين وذخيرة الشاكرين (ص: 37).
(5) نفس المرجع (ص: 44).
(6) رواه البخاري (1469).
(7) رواه الإمام أحمد في المسند (2666) والحاكم في المستدرك (6304).
****************************************************************************
مسائل لا تفطر الصائم :
1. غاز الأكسوجين الذي يوضع للأشخاص الذين يضيق عندهم التنفس ونحو ذلك و فلا يفطر كما لو تنفس الهواء الطبيعي .
2. قطرة الأذن , لا تفطر لأنه ليس بينها وبين الجوف قناة متصلة كما أثبت ذلك الطب الحديث . أما إذا أزيلت طبلة الأذن لا سمح الله فإن البلعوم يتصل
بالأذن عن طريق قناة ( استاكيوس) . فتكون كقطرة الأنف في الحكم والله أعلم . وقطرة الأنف اختلف العلماء فيها هل تفطر أم لا , ورأي الشيخين ابن باز
وابن عثيمين أنها تفطر . فالاولى تركها والله أعلم .
3. غسول الأذن , فهو كقطرة الأذن في الحكم .
4. قطرة العين ..
5. الكحل , فهذا لا يفطر بالنص فقد ثبت عن الحبيب صلى الله عليه وسلم .
6. الحناء في اليد أم في الرأس وغير ذلك ,
7. جميع أنواع الدهان والمراهم في جميع أجزاء الجسم .
**************************************************************************
قصة وعبرة
كانت هناك قرية جميلة يعيش بها الجميع بسلام ويمارسون اعمالهم وعبادة ربهم بحرية ، في أحد الأيام وصل الشيطان الى القرية وتنكر بشكل رجل ، فور وصولة زرع الشيطان شجرة وبدأ يدعي سكان القرية لعبادة الشجرة ويكافئ من يعبدها بالهدايا ، أنشغل الشعب عن العمل والعبادة بتقديس الشجرة وبدأت المشاكل تنتشر في القرية ، شعر سامر بالغضب حين شاهد اهل ضيعته يتركون اعمالهم وعباداتهم من أجل الشجرة فحمل فأس وخرج من بيتة ليقطع هذه الشجرة اللعينة ، في الطريق اعترض الشيطان طريق سامر وبدأ القتال بينهم ، دقائق قليلة انتصر سامر ووضع رأس الشيطان تحت قدمة ليقتله ، صرخ الشيطان : لاتقتلني وسأضع لك كل صباح قطعة ذهب تحت مخدتك فكر سامر بكل مشاكلة المادية وقال لنفسة سأتركه يعيش بعض الوقت وسأعود لاحقا لقطع الشجرة ترك سامر الشيطان وعاد الى بيتة وبدأ يشعر بالسعادة في كل صباح يستيقظ ويجد قطعة من الذهب في سريرة ,بعد شهر استيقظ سامر فلم يجد قطعة الذهب قال لنفسه ربما نسي الشيطان وضعها اليوم ، مر اسبوعين بدون ظهور اي قطعة ذهب جديدة عندها شعر سامر بالغضب لانقطاع الذهب فحمل فأس وخرج من بيتة ليقطع هذه الشجرة اللعينة ، في الطريق اعترض الشيطان طريق سامر وبدأ القتال بينهم ، دقائق قليلة انتصر الشيطان ووضع رأس سامر تحت قدمة ليقتله ، صرخ سامر : لا أفهم كيف أصبحت قوي ؟ في الماضي انتصرت عليك بسرعة وسهولة والان انت اصبحت أقوى مني وهزمتني بسهولة ؟ أجاب الشيطان : في الماضي أنت كنت قوي لأنك كنت تدافع عن مبادئك لكنك اليوم أنت أصبحت ضعيف لأنك تدافع فقط عن اموالك
************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الزين
الزين
الزين ياخذك بالعين ونتي زينه
علي شان زينك عينوك علينا
عينك صاداتك
وملي حسدنا فيك عين خذاتك
لوللا عيون الشر طول حياتك
عشتي سعيده والسعاده بينا
ونتي فله
حبس عليك الزين روح كله
مكتوب هلي صار من عند الله
جت فيك ماتستاهلي لعوينا
عين عدوك
جت فيك لكن راح منك سوك
تعودي كما كنتي ينور ضوك
وتقعد الشينه فالوجوه الشينه
عين حسوده.
جعن ليلته تشبه عيونك سوده
وجعن يحسده حاسد وله مردوده
ويزحف وبارك والعمي في عينا
عين وطارت
عين العدوا شافت زويلك غارت
جاتك خفيفه خطف حارت بارت
طلقنا وشيقه وع النبي صلينا
عين وخفت
سالت دموع العين لكن جفت
الله سلمك للنوم راقت غفت
وع الخير تصبح والحباب تجينا
عدا بيها
العين في عيونه حاسدك شوفيها
وعينك ارتاحت ربنا مهنيها
صبغ كحلها وبيها مكحلتينا
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
12 رمضان 1437هـ - 17 يونيو 2016م
مناجاة
يا رب مددت يدي..فبعزتك استجب دعائي
اللهم حبب إلي في هذا اليوم الإحسان، وكرّه إليّ فيه الفسوق والعصيان وحرّم عليّ فيه السخط والنيران بعونك يا غياث المستغيثين، اللهم يا من بيده ناصيتي، يا عليماً بذلي ومسكنتي، مُن عليَّ بحسن إجابتك، واغفر لي زلتي، فإنك خلقت عبادك لعبادتك، وأمرتهم بدعائك، وضمنت لهم الإجابة، فإليك يا رب نصبت وجهي، ومددت يدي، فبعزتك استجب لي دعائي، ولا تقطع من فضلك رجائي، اللهم يا سريع الرضا اغفر لمن لا يملك إلا الدعاء، وارحم من رأس ماله الرجاء، وسلاحه البكاء.
يا من ذكره شرف للذاكرين، يا من شكره فوز للشاكرين، يا من حمده عز للحامدين، يا من طاعته نجاة للمطيعين، يا من بابه مفتوح للطالبين، يا من تبارك اسمه وتعالى جده، يا من جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، يا من لا يدوم إلا بقاؤه، يا من لا شبيه له ولا نظير، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، يا من جعل لكل شيء قدراً، يا من لا يشرك في حكمه أحداً، يا من هو لمن رجاه كريم، يا من هو على من عصاه حليم، يا من هو في حكمه عظيم، يا من هو في إحسانه قديم.
*******************************************************************
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال الدين ظاهراً ما عجّل الناس الفطر؛ لأن اليهود والنصارى يؤخّرون) رواه أبو داود.
عن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا عليه السلام بخمس كلمات أن يعمل بهنّ، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فكاد أن يبطئ، فقال له عيسى: إنك قدُ أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهنّ، وأن تأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فإما أن تبلغهنّ، وإما أبلغهنّ. فقال له: يا أخي! إني أخشى إن سبقتني أن أُعذّب أو يُخسف بي، قال: فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس، حتى امتلأ المسجد، وقعد على الشُرَف، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله عز وجل أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهنّ، وآمركم أن تعملوا بهنّ -وذكر منهنّ- وآمركم بالصيام، فإن مثل ذلك كمثل رجل معه صرّة من مسك في عصابة، كلهم يجد ريح المسك، وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) رواه أحمد.
*******************************************************************
*******************************************************************
رَمَضَانُ شَهْرُ الاسْتِغْـفَارِ
قال تعالى: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الزمر:53] ، إن هذا الآية الكريمة تبين سعة رحمة الله ولطفه بعباده ، وفيها نداء من الرحمن الرحيم للمسرفين والمذنبين الذين ارتكبوا أعظم الذنوب وأشنعها - ويدخل في ذلك الشرك والكفر وكبائر الذنوب - أن يقلعوا من ذنوبهم هذه ويستغفروا ربهم الغفور الرحيم ؛ فإنه يغفر الذنوب جميعاً ولا يتعاظم ذنباً أبداً مهما كبُر وعظم طالما استغفر صاحبه وتاب ، روى الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلَا أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لَا تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً))(1).
وقد أمر الله عباده في القرآن بالاستغفار قال تعالى: {وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [المزمل:20] ، وقال تعالى {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} [هود:3]، وبيَّن سبحانه أنه يغفر لمن استغفره فقال: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا } [النساء: 110] ، ومدح الله عباده المستغفرين فقال: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 17] ، وقال سبحانه: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الذاريات: 18]، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم كثرة الاستغفار قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ))(2) ، وفي حديث آخر: ((أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً))(3).
وإن شهر رمضان له مزيد خصوصية في مغفرة الذنوب ومحو السيئات ؛ فالسعيد من أدرك رمضان وقضى أيامه ولياليه في طاعة الله وما يرضيه فاستحق بذلك المغفرة والرضوان من الملك الديان ، والشقي المحروم ذاك الذي دخل عليه هذا الشهر العظيم ولم يعمل صالحاً يرقيه ، ولم يتب من ذنوبه التي تهلكه وتخزيه ، وأضاع شهره بأيامه ولياليه فيما يغضب ربه ويرديه ، ولم يتوجه إلى ربه طالبا غفران ذنوبه ومساويه ، حتى خرج شهر الغفران وهو باق على صدوده وتجنيه .
روى الطبراني في معجمه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ أَحَدَ وَالِدَيْهِ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ قُلْ آمِينَ ، فَقُلْتُ آمِينَ ، قَالَ : يَا مُحَمَّدُ مَنْ أَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَمَاتَ فَلَمْ يُغْفَرْ لَهُ فَأُدْخِلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ آمِينَ ، فَقُلْتُ آمِينَ ، قَالَ : وَمَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْكَ فَمَاتَ فَدَخَلَ النَّارَ فَأَبْعَدَهُ اللَّهُ ، قُلْ آمِينَ ، فَقُلْتُ آمِينَ ))(4). وروى الترمذي وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الْكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الْجَنَّةَ ))(5).
والحري بالعبد المؤمن أن يغنم خيرات هذا الشهر وبركاته وأن يلازم الاستغفار ويكثر منه ليغنم عوائده المبارك وفوائده الجليلة ، وهي كثيرة لا تحصى ؛ في الدنيا والآخرة .
فمن فوائده الدنيوية ما ورد في قوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [10] يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا [11] وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } [نوح: 10-12] ، وجاء في الأثر عن الحسن البصري - رحمه الله - أنّ رجلاً شكا إليه الجدبَ فقال : استغفر الله ، وشكا إليه آخر الفقر فقال : استغفر الله ، وشكا إليه آخر جفاف بستانه فقال : استغفر الله ، وشكا إليه آخر عدم الولد فقال: استغفر الله ، ثم تلا عليهم قول الله تعالى عن نوح عيه السلام :{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [10] يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا [11] وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا } ؛ " أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه ؛ كثَّر الرزق عليكم ، وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض ، وأنبت لكم الزرع ، وَأَدَرَّ لكم الضرع ، وأمدكم بأموال وبنين ، أي: أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار، وخللها بالأنهار الجارية بينها " (6) ، فهذه الثمرات المذكورة هنا هي مما يناله العبد في دنياه جزاء استغفاره من الخيرات العميمة والعطايا الكريمة والثمرات المتنوعة .
وأما ما يناله المستغفرون يوم القيامة من الثواب الجزيل والأجر العظيم والرحمة والمغفرة والعتق من النار والسلامة من العذاب فأمرٌ لا يحصيه إلا الله تعالى ، روى ابن ماجه في سننه عن عبد الله بن بُسْر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا))(7) وسنده صحيح ، وروى الطبراني في الأوسط والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( مَنْ أَحَبَّ أَنْ تُسِرَّهُ صَحِيفَتُهُ فَلْيُكْثِرْ فِيهَا مِنَ الاسْتِغْفَارِ ))(.
لكن مما ينبغي أن يعلم هنا أن المراد بالاستغفار ما اقترن به ترك الإصرار ؛ فهو حينئذ يعد توبة نصوحاً تَجُبُّ ما قَبْلَها ، وهذا هو الاستغفار الذي ندب الله إليه وكافأ أصحابه بالمغفرة ، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [135] أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135-136]
وللمغفرة ثلاثة أسباب عظيمة اجتمعت في حديث أنس المتقدم:
الأول: أن العبد إذا أذنب ذنباً لم يرجُ مغفرته من غير ربه ، ويعلم أنه لا يغفر الذنوب ويأخذ بها غيره ، ففي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ قَالَ عَبْدُ الْأَعْلَى لَا أَدْرِي أَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ اعْمَلْ مَا شِئْتَ وفي رواية قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ))(9).
الثاني : الاستغفار ؛ ولو عظُمت الذنوب وبلغت الكثرة عنان السماء : وهو السحاب ، وقيل ما انتهى إليه البصر منها ، وفي الرواية الأخرى : ((وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ أَخْطَأْتُمْ حَتَّى تَمْلَأَ خَطَايَاكُمْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ اسْتَغْفَرْتُمْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَغَفَرَ لَكُمْ)) (10) ، والاستغفار: طلب المغفرة ، والمغفرة: هي وقاية شر الذنوب مع سترها . وإذا قُرن الاستغفار بالتوبة فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان ، والتوبة عبارة عن الإقلاع عن الذنوب بالقلوب والجوارح .
الثالث: التوحيد ؛ وهو السبب الأعظم ، فمن فقَدَه فقَد المغفرة ، ومن جاء به فقد أتى بأعظم أسباب المغفرة، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ } [النساء: 48].
اللهم اغفر لنا ذنوبنا كلها صغيرها وكبيرها ما علمنا منها وما لم نعلم ، واختم بالصالحات أعمالنا.
(1) سنن الترمذي (3540) .
(2) رواه مسلم (2702) .
(3) رواه البخاري (6307).
(4) المعجم الكبير (2023) .
(5) جامع الترمذي (3545)، ومستدرك الحاكم (2016) .
(6) تفسير ابن كثير (سورة نوح ، 8/233).
(7) سنن ابن ماجه (3818) .
( المعجم الأوسط للطبراني (839)، شعب الإيمان للبيهقي (639).
(9) رواه مسلم (2758).
(10) مسند الإمام أحمد (13427).
*******************************************************************
مصعب بن عمير المهاجر إلى الله ورسوله
يمثل مصعب بن عمير نموذجاً خاصاً ورائعاً من رجال الإسلام الأوائل، فقد كان غرة فتيان قريش، وأوفاهم شباباً وجمالاً، وسيماً أنيقاً عطراً.
عدنان حسن الخطيب، واعظ أول في دائرة الشؤون الإسلامية يحدثنا عن هذا الصحابي الجليل ويقول: لم يكن ينقص مصعب شيء من لذائذ الدنيا، ولكنه كان يشعر بأنه في حاجة إلى هدف نبيل وقضية يتبناها، ويجعلها محوراً لحياته. وأخيراً أدرك غايته لما سمع القرآن الكريم وآمن بالدين الجديد الذي جعل لحياته معنى آخر، وجعله يدرك حقيقة وجوده.
عندها لم يتردد مصعب طرفة عين في التخلي عن الدنيا ومتاعها، والوقوف في وجه أمه التي حرمته من كل شيء حتى الطعام والشراب، ما اضطره إلى الفرار واللحاق بركب المهاجرين إلى الحبشة. ولكنه لم يطق صبراً على فراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآثر العودة إلى مكة وتحمل الأذى والاضطهاد، لينهل من هدي رسول الله، ما ينير بصيرته ويصقل شخصيته.
كان النبي يدرك الميزات التي تنطوي عليها شخصية مصعب بن عمير، فهو سيد من سادات العرب، عميق الإيمان، واسع المعرفة، ناضج العقل، يتقن الاستماع والمحاجة، ويحسن الاستقطاب والحوار. ولهذا اختاره رغم حداثة سنه ليكون أول سفير في الإسلام. فبعد بيعة العقبة الأولى، ودخول اثني عشر رجلاً من أهل يثرب في الإسلام، بعثه النبي مع القوم يعلمهم دينهم، وينشر الإسلام في المدينة.
وبسرعة مذهلة، أدرك مصعب أهمية الدور الذي كلف به في أدق وأصعب مرحلة يمر بها الإسلام. وكان نجاحه باهراً بالفعل، ولا أدل على روعة أسلوبه وبراعة حكمته من موقفه مع سيد من سادات الأوس هو أسيد بن حضير يوم دخل عليه متوشحاً حربته، والغضب يتلظى في عينيه، ويأمره مع أسعد بن زرارة بمغادرة ديارهم، عندها انفرجت أسارير مصعب الخير عن ابتسامة جذابة، وتحرّك بالحديث الطيب لسانه وقال: «أولا تجلس فتستمع؟! فإن رضيت أمرنا قبلته، وإن كرهته كففنا عنك ما تكره». ما أروعه من عرض! وكان أسيد رجلاً عاقلاً، فقال: أنصفت. وجلس يصغي. ولم يكد مصعب يقرأ القرآن، ويفرغ من حديثه حتى هتف به أسيد قائلاً: «ما أحسن هذا القول وأصدقه! كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين؟».
ولم يمض سوى عام، حتى أسلم على يدي مصعب خلق كثير، ولم تبق دار في يثرب إلا وفيها مسلم أو مسلمة. وفي موسم الحج وفد على النبي وبصحبته سبعون رجلاً من خيرة الأنصار، لم يلبثوا أن بايعوا النبي، بيعة العقبة الثانية. وكانت هذه البيعة تمثل قاعدة الأساس لبناء صرح الإسلام في المدينة المنورة.
وبعد الهجرة الشريفة يكشف مصعب عن جانب آخر من شخصيته الفذة التي صنعها الإسلام، فالشاب المدلل الأنيق يحمل راية المسلمين يوم بدر، ويسير بها في مقدمة الجيش، وينافح عنها منافحة الأبطال الميامين. ولما كان يوم أحد دفع إليه رسول الله الراية مرة أخرى، فتلقاها حفياً بها. ولما اشتدت وطأة قريش، وانكشف المسلمون، ثبّت مصعب قدميه إلى جنب رسول الله لا يميل عنه ولا يحيد. فأقبل ابن قميئة أحد فرسان المشركين، فضربه على يده اليمنى فقطعها. فأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه، فضرب يده اليسرى فقطعها، فحنا على اللواء وضمّه بعضديه إلى صدره. ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه، ووقع مصعب شهيداً، وسقط اللواء.
ولما همَّ المسلمون بدفنه، ما وجدوا له كفنا يستر كامل جسده، حتى ستروه برطب الكلأ. ووقف رسول الله يتلو: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً). استشهد ولما يتجاوز الثلاثين سنة.
*******************************************************************
ذهب الكلام:أُكلت يوم أكل الثور الأبيض
يضرب هذا المثل العربي، لمن يستشعر مصيره السيئ مما رأى في مصائر غيره ممن مثله ويشبهون حالته. ولذلك فإن الواجب أن يحتاط المرء لنفسه ويتعظ بما حدث لرفيقه أو مثيله، فيأخذ حذره ولا ينتظر حتى يقع في المصير ذاته بدعوى أن تلك حالة وهو حالة أخرى فيؤمل آمالاً سراباً، لأن هذا محض غفلة.
وقصة المثل... أن أسداً وجد قطيعاً مكوناً من ثلاثة ثيران؛ أسود وأحمر وأبيض، فأراد الهجوم عليهم فصدوه معاً وطردوه من منطقتهم.
ذهب الأسد وفكر بطريقة ليصطاد هذه الثيران، خصوصاً أنها معاً كانت الأقوى، فقرر الذهاب إلى الثورين الأحمر والأسود وقال لهما: «لا خلاف لدي معكما، وإنما أنتم أصدقائي، وأنا أريد فقط أن آكل الثور الأبيض، كي لا أموت جوعاً، أنتم تعرفون أنني أستطيع هزيمتكم لكنني لا أريدكما أنتما بل هو فقط».
فكر الثوران الأسود والأحمر كثيراً؛ ودخل الشك في نفوسهما وحب الراحة وعدم القتال فقالا: «الأسد على حق، سنسمح له بأكل الثور الأبيض». فافترس الأسد الثور الأبيض وقضى ليالي شبعان فرحاً بصيده.
ومرت الأيام، وعاد الأسد لجوعه، فعاد إليهما وحاول الهجوم فصداه معاً ومنعاه من اصطياد أحدهما. ولكنه استخدام الحيلة القديمة، فنادى الثور الأسود وقال له: «لماذا هاجمتني وأنا لم أقصد سوى الثور الأحمر؟»
قال له الأسود: «أنت قلت هذا عند أكل الثور الأبيض».
فرد الأسد: «ويحك أنت تعرف قوتي وأنني قادر على هزيمتكما معاً، لكنني لم أشأ أن أخبره بأنني لا أحبه كي لا يعارض اتفاقنا السابق».
فكر الثور الأسود قليلاً ووافق بسبب خوفه وحبه الراحة.
في اليوم التالي اصطاد الأسد الثور الأحمر وعاش ليالي جميلة جديدة وهو شبعان. مرت الأيام وعاد وجاع.
فهاجم مباشرة الثور الأسود، وعندما اقترب من قتله صرخ الثور الأسود: «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض».
احتار الأسد فرفع يده عنه وقال له: «لماذا لم تقل الثور الأحمر، فعندما أكلته أصبحت وحيداً وليس عندما أكلت الثور الأبيض!».
فقال له الثور الأسود: «لأنني منذ ذلك الحين تنازلت عن المبدأ الذي يحمينا معاً، ومن يتنازل مرة يتنازل كل مرة، فعندما أعطيت الموافقة على أكل الثور الأبيض أعطيتك الموافقة على أكلي».
هذه هي أهمية الاتحاد وتجميع الصف والكلمة والمصير المشترك.
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا
وإذا افترقن تكسّرت آحادا.
*******************************************************************
قصة وعبرة:ﻗﺼﺔ ﺍﻟﻄﺒﺎﺥ ﻭﺻﻨﺪﻭﻕ ﺍﻟﺬﻫﺐ
ﻋﺰﻡ ﻗﻮﻡ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺞ، ﻓﺄﺭﺍﺩﻭﺍ ﺃﻥ ﻳﺼﺤﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﻋﻠﻰ
ﺧﺪﻣﺘﻬﻢ، ﻓﺄﺷﺎﺭ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﺮﺟﻞ ﺧﺪﻭﻡ ﻃﺒﺎﺥ ﺧﻔﻴﻒ ﺍﻟﻈﻞ، ﻟﻢ ﻳﺤﺞّ ﺑﻌﺪ . ﻓﻌﺮﺿﻮﺍ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﻥ
ﻳﺼﺤﺒﻬﻢ ﻭﻳﺨﺪﻣﻬﻢ، ﻓﻴﺼﻨﻊ ﻃﻌﺎﻣﻬﻢ ﻭﻳﻘﻀﻲ ﺣﻮﺍﺋﺠﻬﻢ، ﻭﺗﻜﻮﻥ ﺃﺟﺮﺗﻪ ﻫﻲ ﺍﻟﺤﺞّ ﻣﻌﻬﻢ، ﻓﻮﺍﻓﻖ
ﻓﺮﺣﺎً ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺤﺞ ﻣﻦ ﺃﻣﺎﻧﻴﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺣﺎﻝ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ ﺍﻟﻔﻘﺮ .
ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺔ ﺍﺳﺘﺄﺟﺮﻭﺍ ﺑﻴﺘﺎً، ﻭﺧﺼﺼﻮﺍ ﻓﻴﻪ ﺣﺠﺮﺓ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﻄﺒﺨﺎً، ﻭﺑﺪﺃ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ
ﺟﺎﺩﺍً ﻓﺮﺣﺎً . ﻓﻮﺟﺊ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﻫﻮ ﻳﺪﻕ ﺑﺎﻟﻬﺎﻭﻥ ( ﻭﻫﻲ ﺁﻟﺔ ﺗُﺪﻕ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺤﺒﻮﺏ ﺍﻟﻘﺎﺳﻴﺔ )
ﺃﻥ ﺃﺭﺽ ﺍﻟﻐﺮﻓﺔ ﺗُﻄَﺒْﻄِﺐُ ﻭﺗﻬﺘﺰ ﻭﺗﻮﺣﻲ ﺑﺄﻥّ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﺪﻓﻮﻧﺎً ﻓﻲ ﻗﻌﺮﻫﺎ . ﻓﺪﻋﺘﻪ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻳﺒﺤﺚ
ﻋﻦ ﺍﻟﻤُﺨﺒَّﺄ ﻓﻠﻌﻞ ﺭﺯﻗﺎً ﻳﻨﺘﻈﺮﻩ ﻓﻲ ﺟﻮﻑ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪﺓ: ﻛﻴﺲٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻫﺐ
ﻓﻲ ﺻﻨﺪﻭﻕ ﺻﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ .
ﺍﻟﺘﻔﺖ ﻳﻤﻨﺔ ﻭﻳﺴﺮﺓ ﻟﺌﻼ ﻳﻜﻮﻥ ﺃﺣﺪ ﻗﺪ ﺍﻃﻠﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺯﻕ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﺭ، ﻭﺑﻌﺪ ﺗﻔﻜﻴﺮ ﺭﺃﻯ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪﻩ
ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ ﺣﺘﻰ ﻳﺄﺫﻥ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﺑﺎﻟﺮﺣﻴﻞ ﻓﻴﺄﺧﺬﻩ ﻣﻌﻪ، ﻭﻳﺨﻔﻴﻪ ﻋﻨﻬﻢ . ﻭﺑﺪﺃ ﻣﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﺳﻴﻞ
ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﻲ، ﻣﺎﺫﺍ ﻳﺼﻨﻊ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﻝ؟ ﻭﻛﻴﻒ ﺳﻴﻮﺩّﻉ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻔﻘﺮ ﻭﺍﻟﺤﺎﺟﺔ؟ ﻭﻧﺴﻲ ﻓﻲ
ﻏﻤﺮﺓ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺣﺮﺍﻡ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﻲ ﺑﻠﺪ ﺣﺮﺍﻡ ﻻ ﺗﺤﻞ ﻟﻘﻄﺘﻪ .
ﻟﻤﺎ ﺁﺫﻧﻮﺍ ﺑﺎﻟﺮﺣﻴﻞ ﺟﻌﻞ ﻛﻴﺲ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﺑﻴﻦ ﻣﺘﺎﻋﻪ، ﻭﺣﻤﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻠﻪ، ﻭﺃﺣﻜﻢ ﺇﺧﻔﺎﺀﻫﺎ . ﻭﺳﺎﺭ
ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻭﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻻ ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻤﺸﻘﺔ ﺍﻟﺴﻔﺮ، ﻭﻻ ﺑﺎﻟﻀﻴﻖ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭﺍﻷﻣﺎﻧﻲ ﺗﺤﻮﻡ ﺣﻮﻝ
ﺭﺃﺳﻪ، ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪ ﻳﺤﺎﺻﺮﻩ ﺷﻔﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻭﺍﻝ .
ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻗﺮﺏ ﺗﺒﻮﻙ ﻧﺰﻟﻮﺍ ﻟﻴﺮﺗﺎﺣﻮﺍ، ﻭﻧﺰﻝ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻭﺑﺪﺃ ﻋﻤﻠﻪ ﺍﻟﻤﻌﺘﺎﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺪﻣﺔ
ﻭﺍﻟﻄﺒﺦ . ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺷﺮَﺩَ ﺟﻤﻞ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺑﻤﺎ ﺣﻤﻞ، ﻓﺘﺴﺎﺭﻉ ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻟﺮﺩّﻩ ﻭﻛﺎﻥ ﺃﺷﺪّﻫﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ
ﺻﺎﺣﺒﻪ، ﻭﻟﻜﻦّ ﺍﻟﺠﻤﻞ ﻓﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻟﻢ ﻳﺪﺭﻛﻪ ﺃﺣﺪ ﻓﻌﺎﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﺨﻴﺒﺔ، ﻭﺗﺄﺛﺮ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺣﺘﻰ
ﺑﻠﻎ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﻪ ﺣﺪّ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﻟﺮﺟﺎﻝ . ﻭﻟﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻣﻨﻪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺰﻉ ﻃﻤﺄﻧﻮﻩ،
ﻭﻭﻋﺪﻭﻩ ﺃﻥ ﻳﻀﻤﻨﻮﺍ ﺟﻤﻠﻪ، ﻭﻳﻌﻮﺿﻮﻩ ﺧﻴﺮﺍً ﻣﻨﻪ ﻭﺧﻴﺮﺍً ﻣﻤﺎﻋﻠﻴﻪ، ﻟﻜﻨﻪ ﺃﺧﺒﺮﻫﻢ ﺃﻥّ ﻋﻠﻴﻪ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻻ
ﻳﻤﻜﻨﻪ ﺍﻻﺳﺘﻐﻨﺎﺀ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻫﺪﺍﻳﺎ ﻭﺗﺤﻔﺎً ﺍﺷﺘﺮﺍﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺔ ﻭﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﻷﻫﻠﻪ، ﻭﻫﺬﺍ ﺳﺒﺐ ﺣﺰﻧﻪ . ﻟﻜﻦ
ﺍﻟﻘﻮﻡ ﻗﺮﺭﻭﺍ ﺍﻟﺮﺣﻴﻞ ﻟﻤﻮﺍﺻﻠﺔ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮ، ﻭﺭَﺿﺦ ﻣُﻜﺮﻫﺎً ﻟﻄﻠﺒﻬﻢ، ﻭﺳﺎﺭ ﻣﻌﻬﻢ ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ
ﺑﻠﺪﻩ ﻣﻐﻤﻮﻣﺎً ﻣﻦ ﺫﻫﺎﺏ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﻓﻘﺪﺍﻥ ﺍﻷﻣﻞ .
ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻠﻴﻪ ﺭﻏﺐ ﺁﺧﺮﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻷﺛﺮﻳﺎﺀ ﺍﻟﺤﺞّ، ﻭﺳﺄﻟﻮﺍ ﻋﻤّﻦ ﻳﺮﺍﻓﻘﻬﻢ، ﻭﻳﻘﻮﻡ ﺑﺨﺪﻣﺘﻬﻢ،
ﻓﺄﻭﺻﺎﻫﻢ ﺍﻷﻭّﻟﻮﻥ ﺑﺼﺎﺣﺒﻨﺎ ﻭﻣﺪﺣﻮﻩ ﻟﻬﻢ، ﻭﺃﺛﻨﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻪ ﺧﻴﺮﺍً .
ﻭﻓﻲ ﻃﺮﻳﻘﻬﻢ ﻟﻠﺤﺞ، ﻧﺰﻟﻮﺍ ﻣﻨﺰﻻً ﻗﺮﻳﺒﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﺍﻟﺬﻱ ﻓﻘﺪ ﻓﻴﻪ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﺟﻤﻠﻪ . ﻭﻟﻤﺎ ﺫﻫﺐ
ﻟﻘﻀﺎﺀ ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻣﺮّ ﺑﺒﺌﺮ ﻣﻬﺠﻮﺭﺓ، ﻓﺄﻃﻞّ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﻗﺎﻋﻬﺎ ﺃﺛﺮ ﺟﻤﻞ ﻣﻴﺖ، ﻓﻨﺰﻝ ﻭﺍﻷﻣﻞ
ﻳﺤﺪﻭﻩ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺠﻤﻞُ ﺟﻤﻠَﻪ . ﻓﻮﺟﺪ ﺟﻤﻠﻪ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻴﺘﺎً، ﻗﺪ ﺑﻠﻴﺖ ﻋﻈﺎﻣﻪ، ﻭﺃﻣﺎ ﺍﻟﻤﺘﺎﻉ ﻭﻛﻴﺲ
ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺣﺎﻟﺘﻬﻤﺎ ﻛﻤﺎ ﻫﻲ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺷﻲﺀ .
ﺃﺧﺬ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻭﺃﺧﻔﺎﻩ، ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺇﻟﻴﻪ ﺃﻓﺮﺍﺣﻪ ﻭﺃﻣﺎﻧﻴﻪ . ﻭﺳﻜﻦ ﻣﻊ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻧﻔﺴﻪ،
ﻭﺍﺗﺨﺬ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺠﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺧﺼﺼﺖ ﻟﻪ ﻣﻄﺒﺨﺎً، ﻭﺭﺃﻯ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺪ ﺍﻟﻤﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﺭﻳﺜﻤﺎ ﻳﻨﺘﻬﻲ
ﺍﻟﺤﺞ ﻓﻴﺄﺧﺬﻩ ﻣﺮﺓ ﺃﺧﺮﻯ .
ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﻫِﻨْﺪﻱ، ﻟﻌﻠﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﻴﺖ، ﻭﻃﻠﺐ ﺃﻥ ﻳﺄﺧﺬ ﺷﻴﺌﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻓﺄﺫﻧﻮﺍ ﻟﻪ،
ﻓﺪﺧﻞ ﺣﺠﺮﺓ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ، ﻭﻗﺼﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﻓﺤﻔﺮ ﺛﻢ ﺃﺧﺮﺝ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﺨﺎﺩﻡ
ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝ، ﻓﻠﻤّﺎ ﺭﺁﻩ ﻗﺪ ﻋﺜﺮ ﻋﻠﻴﻪ، ﻭﺃﺧﺬﻩ ﺍﺳﺘﻮﻗﻔﻪ ﻗﺎﺋﻼً ﻟﻪ: ﻣﺎ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﺬﻱ ﺃﺧﺬﺕ؟ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻬﻨﺪﻱ: ﺫﻫﺐٌ ﻛﻨﺖ ﺧﺒّﺄﺗﻪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻊ ﻣﻦ ﺳﻨﻴﻦ، ﻭﻗﺪ ﺍﺣﺘﺠﺘﻪ ﺍﻟﻴﻮﻡ
ﻓﺠﺌﺖ ﻵﺧﺬﻩ . ﻟﻢ ﻳﺘﻤﺎﻟﻚ ﺻﺎﺣﺒﻨﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ ﻟﻠﻬﻨﺪﻱ: ﻭﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻣَﺎﻟَﻚَ ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻭﺻﻞ ﺇﻟﻰ
ﺃﻃﺮﺍﻑ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﺸﺎﻡ، ﺛﻢ ﻋﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻘﻌﺔ ﻟﻢ ﻳﻨﻘﺺ ﻣﻨﻪ ﺷﻲﺀ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻬﻨﺪﻱ: ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﻮ ﻃﺎﻑ ﺍﻷﺭﺽ ﻛﻠﻬﺎ ﻟﻌﺎﺩ ﺇﻟﻰ ﻣﻜﺎﻧﻪ، ﻭﻣﺎ ﺿﺎﻉ ﻣﻨﻪ ﺷﻲﺀ ﻷﻧﻲ ﺃﺯﻛﻴﻪ ﻛﻞ
ﻋﺎﻡ، ﻻ ﺃﺗﺮﻙ ﻣﻦ ﺯﻛﺎﺗﻪ ﺷﻴﺌﺎ، ﻭﺍﺳﺘﻮﺩﻋﺘﻪ ﺭﺑﻲ ﻓﻤﻦ ﺍﺳﺘﻮﺩﻉ ﺭﺑﻪ ﺷﻴﺌﺎً، ﻓﺈﻧﻪ ﺳﻴﺤﻔﻈﻪ ﻟﻪ ﺑﺈﺫﻥ
ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻗﺪ ﺣﻔﻈﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ
***********************************************************
قناة الدردنيل الفضائية من ديوان الوطن الحلقة 5:تحفيظ القرآن الكريم
***********************************************************
قناة الدردنيل الفضائية من ديوان الوطن الحلقة 5:تحفيظ القرآن الكريم
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
13 رمضان 1437هـ - 18 يونيو 2016م
مناجاة
يارب.. افرج على اخوتنا الاحرار و الاحرائر في سجون الظالمين الذين لا شفقة ولا رحمة بقلوبهم.. اللهم انصرهم و فك اسرهم.. اللهم انصرهم و فك اسرهم.. اللهم انصرهم و فك اسرهم بجاة هالشهر الكريم..
..يا الله.. يا الله.. يا الله..
اللهم زيـّـني في هذا اليوم بالستر والعفاف، واسترني فيه بلباس القنوع والكفاف، واحملني فيه على العدل والإنصاف وآمنـّي فيه من كل ما أخاف بعصمتك يا عصمة الخائفين، اللهم اجعلني بتلاوة كتابك منتفعا، وعند ختمه من الفائزين، وأسالك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلبي، ونور بصري، وشفاء صدري وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، ودليلي إليك وإلى جناتك جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم احيني مستوراً، وامتني مستوراً، وابعثني مستوراً، وأكرمني بلقائك مستوراً... اللهم استرني فوق الأرض، واسترني تحت الأرض واسترني يوم العرض، اللهم تول أمري، وفرج همي، واكشف كربي، وأوردني حوض نبيك سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، واجعله لي شفيعاً، واسقني من يده الشريفة شربة لا أظمأ بعدها أبداً.
***************************************************************************************
يارب.. افرج على اخوتنا الاحرار و الاحرائر في سجون الظالمين الذين لا شفقة ولا رحمة بقلوبهم.. اللهم انصرهم و فك اسرهم.. اللهم انصرهم و فك اسرهم.. اللهم انصرهم و فك اسرهم بجاة هالشهر الكريم..
..يا الله.. يا الله.. يا الله..
اللهم زيـّـني في هذا اليوم بالستر والعفاف، واسترني فيه بلباس القنوع والكفاف، واحملني فيه على العدل والإنصاف وآمنـّي فيه من كل ما أخاف بعصمتك يا عصمة الخائفين، اللهم اجعلني بتلاوة كتابك منتفعا، وعند ختمه من الفائزين، وأسالك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلبي، ونور بصري، وشفاء صدري وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، ودليلي إليك وإلى جناتك جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم احيني مستوراً، وامتني مستوراً، وابعثني مستوراً، وأكرمني بلقائك مستوراً... اللهم استرني فوق الأرض، واسترني تحت الأرض واسترني يوم العرض، اللهم تول أمري، وفرج همي، واكشف كربي، وأوردني حوض نبيك سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، واجعله لي شفيعاً، واسقني من يده الشريفة شربة لا أظمأ بعدها أبداً.
***************************************************************************************
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصيام جُنّة من النار، كجنّة أحدكم من القتال) رواه ابن ماجه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر) رواه البيهقي في "السنن"، والضياء في "الأحاديث المختارة"، وإسناده حسن.
عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ـ من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين .
صحيح الجامع.
***************************************************************************************
شَأْنُ الصَّلَاةِ فِي رَمَضَان
ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَحَجِّ الْبَيْتِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))(1).
لابد لنا ونحن في شهر الصيام أن نتحدث عن موضوع مهم وعظيم وهو لا يقل أهمية عن الصيام بل إنه يتقدم على الصيام في المرتبة والمكانة ألا وهو الصلاة ؛ فإن الصلاة من أعظم الواجبات التي أوجبها الله على عباده وأجلِّ الفرائض التي افترضها ، فهي عماد الدين وآكد أركانه بعد الشهادتين ، وهي الصلة بين العبد وربه ، وأوّل ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، فإذا صلحت صلح سائر عمله ، وإذا فسدت فسد سائر عمله ، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام ؛ فإقامتها إيمان وإضاعتها كفر وضلال وعصيان ، فلا دين لمن لا صلاة له ، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، من حافظ عليها كانت له نوراً في قلبه ووجهه وقبره وحشره ، وكانت له نجاة يوم القيامة، وحُشر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة ، وحُشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف.
(( قال الإمام أحمد رحمه الله : جاء في الحديث ( لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة) ، وكان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق: " إن أهمَّ أموركم عندي الصلاةُ ؛ فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " . قال: فكل مستَخِفٍّ بالصلاة مستهين بها فهو مستخِفٌّ بالإسلام مستهين به ، وإنما حظهم في الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ، ورغبتُهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة ، فاعرف نفسك يا عبد الله واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك ، فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك ، وقد جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الصلاة عمود الدين ) ، ألست تعلمُ أن الفُسطاطَ إذا سقط عموده سقط الفسطاط ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد ، وإذا قام عمود الفسطاط انتُفع بالطنب والأوتاد ! وكذلك الصلاة من الإسلام ، وجاء في الحديث: (إنّ أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله ، وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله)، فصلاتنا آخر ديننا وهي أوّل ما نُسأل عنه غداً من أعمالنا يوم القيامة ، فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين إذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام))(2) اهـ.
فتضييع الصلاة وإهمالها أمر جد خطير وليس بالهين ، وفما يلي وقفة مع بعض النصوص بشأن الصلاة :
قال الله تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ } [المدثر: 38-43] ، فأخبر سبحانه بأن تارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر ؛ وهو وادٍ في جهنم ، وقال تعالى: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } [مريم: 59] ، وجاء عن ابن مسعود أن (غيّاً) نهر في جهنم خبيث الطعم بعيد القعر ، فيا عظم مصيبة من لقيه ويا شدة حسرة من دخله . وقال تعالى: { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } [التوبة:11] ، فعلَّق أخوَّتهم بفعل الصلاة ، فدل على أنهم إن لم يفعلوها فليسوا بإخوان لهم . وقال U: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } [المرسلات: 48] ، ذكر ذلك بعد قوله: { كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ } [المرسلات: 46] .
وأما الأحاديث في هذا الشأن فهي كثيرة منها: ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ))(3) ، وروى أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن يزيد بن حبيب الأسلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ))(4)، وروى الإمام أحمد بإسناد جيد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ : مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ))(5)، وروى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَصَلَّى صَلَاتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ ))(6) ، وروى أحمد ومالك والنسائي بإسناد صحيح عن محجن الأسلمي رضي الله عنه (( أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ ؟ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي كُنْتُ قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ )) (7) .
وقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم في هذا المعنى آثار كثيرة منها: ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ((لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ))( ، وقال: (( لا إسلام لمن ترك الصلاة)) قاله بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد منهم، بل قال مثلَ قوله هذا غيرُ واحد من الصحابة منهم معاذُ بن جبل وعبدُ الرحمن بنُ عوف وأبو هريرة وعبدُ الله بن مسعود وغيرُهم . وروى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ))(9) .
فإذا كان هذا شأن من لا يشهد الصلاة مع الجماعة يعده الصحابةُ منافقاً معلومَ النفاق فكيف إذن بالتارك لها !! - نسأل الله السلامة - ، وقد ورد في فضل المحافظة على الصلاة وشدّة عقوبة من تهاون فيها غير ما تقدم نصوص كثيرة لا يسع المقام لبسطها .
ومع ذلك فإنَّ مما يلاحظ على بعض الصائمين إهمالهم للصلاة وعدم عنايتهم بها ؛ إما بتأخيرها عن وقتها ، أو بالتفريط ببعض الصلوات مع اهتمام وعناية بأمر الصيام ، ألم يعقِل هؤلاء مكانة الصلاة وعظم شأنها !! ألم يكن لهم في مدرسة الصيام ما يقودهم إلى المحافظة على الصلاة وتحقيق تقوى الله سبحانه !! ، بل بعضهم أساء الفهم وأبعد النجعة في فهم مدلول قول النبي صلى الله عليه وسلم (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) حيث توهم أن هذا الصيام يكفيه لنيل الغفران ، فركن إلى ذلك وضيع الصلوات ، وما أسوأه من فهم وأبعده عن الحق والهدى ، وأين هذا من النصوص الواردة في الصلاة ترغيبا وترهيبا وهي كثيرة ، وقد تقدم شيء منها ، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ (( الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ )) وترك الصلاة كبيرة من الكبائر ، بل دلت النصوص المتقدمة على أنه كفر ، وأن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن تقبلت تقبل منه سائر عمله ، وإن ردت رد عليه سائر عمله .
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لإقام الصلاة وأدائها كما بينها رسولنا صلى الله عليه وسلم في المساجد مع الجماعة ، وأن يهدي ضال المسلمين ، ويحبب إلينا الصلاة وسائر العبادات إنه سميع قريب مجيب .
(1) صحيح البخاري (، ومسلم (16) واللفظ له .
(2) حكم تارك الصلاة لابن القيم (ص: 9).
(3) مسلم (82).
(4) مسند الإمام أحمد (22833)، سنن الترمذي (2621 ) وقال: حديث حسن صحيح ، النسائي (463)، وابن ماجه (1079).
(5) مسند الإمام أحمد (2/169، رقم 6576) وصحح إسناده أحمد شاكر .
(6) صحيح البخاري (393).
(7)مسند الإمام أحمد (16347) ، موطأ الإمام مالك (293) ، سنن النسائي (857).
( موطأ الإمام مالك (74) ، سنن البيهقي (6291)، مصنف عبد الرزاق (3/125)، مصنف ابن أبي شيبة (8/581).
(9) مسلم (654).
***************************************************************************************
قصة وعبرة
يحكى أن ( بهلول) كان رجلا مجنونا فى عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد
وفي يوم من الأيام مر عليه هارون الرشيد وهو جالس على إحدى
المقابر ..
فقال له هارون معنفا : يا بهلول يا مجنون… متى تعقل ؟
فركض بهلول وصعد إلى أعلى شجرة ثم نادى على هارون بأعلى صوته : ياهارون يا مجنون…. متى تعقل ؟
فأتى هارون تحت الشجرة وهو على صهوة حصانه … وقال له : أنا المجنون أم أنت الذي يجلس على المقابر ؟
فقال له بهلول : بل أنا عاقل !!
قال هارون : وكيف ذلك ؟
قال بهلول : “لأني عرفت أن هذا زائل ، (وأشار إلى قصر هارون) وأن هذا باقِ ،،، (وأشار إلى القبر) فعمرت هذا قبل هذا ،،، وأما أنت فإنك قد عمرت هذا (يقصد قصره) وخربت هذا (يعنى القبر) .. فتكره أن تنتقل من العمران إلى الخراب مع أنك تعلم أنه مصيرك لامحال ” ….
وأردف قائلا : فقلّ لي // أيّنا المجنون ؟؟
فرجف قلب هارون الرشيد وبكى حتى بلل لحيته … وقال : “والله إنك لصادق ..”
ثم قال هارون : زدني يا بهلول… فقال بهلول : “يكفيك كتاب الله فالزمه”
قال هارون : ” ألك حاجة فأقضيها ” قال بهلول : نعم ثلاث حاجات ،،،
إن قضيتها شكرتك .. قال : فاطلب ،،، قال : أن تزيد في عمري !!
قال : “لا أقدر ”
قال :أن تحميني من ملك الموت!!
قال : لا أقدر ..
قال : أن تدخلني الجنة وتبعدني عن النار !!
قال : لا أقدر ..
قال : فاعلم انك مملوك ولست ملك ،، ” ولاحاجة لي عندك”
************************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
مسا الخير
مسا الخير
مسا الخير ياوطن اهلي وناسي
يا تاج راسي
نمسيك بالخير واحلا التماسي
مسا الخير يا عيلتي يا حبابي
وجملت اقرابي
مساء الخير يا رفقتي يا اصحابي
وجملت اللي يسمعوا في جوابي
ومانيش ناسي
جاري اللي حيط ساسه فساسي
مسا الخير يا وطن فيك الغوالي
شاغلين بالي
على شانهم قلت صدري الخالي
ومازلت هو انت لول التالي
مالك احساسي
ياملك لحساس يا نخب كاسي
مساء الخير يا وطن بالخير واعد
في القلب قاعد
لا هنت لا تهون مهما نتباعد
من اجدير للوسط حتي مساعد
وثابت وراسي
قريتك فتاريخ فصلي الدراسي
مسا الخير يا وطن جرة اجدودي
ومعني صمودي
من البحر للبحر ضد الحدودي
لانته اسرائيل لانا يهودي
يخسه الخاسي
ما نبدلك لين تخرج انفاسي
مساء الخير يا عاصمه ويا الهاني
وشهداء السواني
الماظي اللي نعاوده للمعاني
رويناك بالنهر والدم ثاني
تردي مراسي
فراقيط وتجيب مجلس رئاسي
جاتك وجاك العسل في الرواني
فالزمن القياسي
اللي عقبه الكيب قله الحاسي
مساء الخير يا احرار كل القبايل
يا ارث هايل
جبارنا ومرابطين تشفي الغلايل
حرابا من الشرق حتي النوايل
اللي شداد باسي
ثقال روز وجبال كيف الاوراسي
مسا الخير يا وطن مرتع كحيله
عفي للهميله
طول عرض تطويه تغبط فسيله
تعقد علي ثلب سيمه وعزيله
جى عصر ماسي
مروح ولاوين ناره خراصي
ماس الخير يا وطن شامخ مسمي
فقمة القمه
حاضن مزاريع نخوه وهمه
وعزه بورافيل تجري لي المه
وسياد الخماسي
وراشيف وطبول سبعه ونواسي
مساء الخير ياوطن نخوه وعزه
سلامي اندزه
تصيغه عواقير تختم الكزه
اللي وين ما تصير خضه وهزه
العوجه تواسي
ولجبال لي لارض ديمه رواسي
مسا الخير يا صاع وافي اعباره
وكل من جواره
مالجبل لشط حتي اجفاره
ومن غات لا عند سبها الشراره
الجفره قياسي
من سين لا صاد وافقي وراسي
مسا الخير ياوطن ريحه تعلت
اللي هناك قلت
لا مال لا رجال ماشي خلت
مناجل بلا نصاب وطني تولت
والنجم السداسي
يرفرف مع رن جرس النحاسي
مساء الخير يا وطن فوقه ضبابه
مضيع شبابه
مخلط علي اعداه ودر احبابه
اللي كان مهاب حامي ترابه
ناسه تساسي
كله جبابين بورسة مأسي
مساء الخير ياوطن طيب نفاسه
واشراف ناسه
حايس ولا حد شاقي بمحاسه
هاين بعد كان نحلف براسه
بدا للتناسي
ومعرض توابيت بعد العراسي
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
مساء الخير ياوطن هجر احراره
ويتم صغاره
اطوطي من الظيم تحدب اكباره
مظلم بعد كان تشكع انواره
اطلمس طماسي
اعياد وعواشير كله مناسي
مسا الخير ياوطن غربه تغرب
اسناحه تخرب
اصرم بعد كان تاقي مزرب
يلوي ً مع ريح غربي اشرب
طار بحماسي
اصلب علي احداش لول الفاشي
مساء الخير ياوطن شرقه تمازه
يريد الموازه
مسمس مع السمس قاطع نفازه
سامع مهاميز فايت اعزازه
حلم في نعاسي
حسبها وجت كيف لعب الكراسي
مساء الخير ياوطن ناسي جنوبه
ثامن اعجوبه
نهره اللي ماه حد العذوبه
هملوه ويصدقوا في اكذوبه
ربيع التباسي
وخشوا فقرطاس سبسي السباسي
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
مسا الخير يا قبور فيك البطوله
واعظام الرجوله
يا رتل وين طاح طاحت الدوله
ومن يومها تنس تمشي معلوله
عالنه الفلاسي
وهلها طوابير فيها سواسي
مساء الخير يا وطن مدنه انشقت
للغرب لقت
وذيول فذيول طمعت وهقت
ماتقول لا عز لا شان حقت
انشق السياسي
ولحقه اللي حر والدبلوماسي
مسا الخير يا وطن فاقد الهيبه
مولي زريبه
وتصول وتجول فيه الغريبه
وشيب المساجين يشبه لشيبه
فيه الحباسي
من الشاب للشيخ لم القصاصي
مسا الخير ياوطن بعدً تكرم
اشرك اشرم
عقده الملقوط فرطه اصرم
وناسه علي بعض تمت تهرم
وتريد القصاصي
من بعضها وبعض ناوي لخناسي
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
مسا الخير ياوطن باحت اسراره
وبوبح خصاره
منفور منبوذ مجعز لجاره
جوازه زطل طاح ميجيب باره
اللي كان قاسي
داسوه حطوه تحت المداسي
مساء الخير يا وطن طاحت فلوسه
وحتي اضروسه
فلعظام والناب تنخر السوسه
بدا القتل والثار حربه بسوسه
وصل سن يأسي
يبي حصن تحسين من شيخ فاسي
مساء الخير يا وطن ظل من طريقه
شحته دقيقه
مكابر وما يبيش يسمع حقيقه
مخلي اللي ينشله من غريقه
وعاكس عكاسي
سكران ما يبيش عد الطواسي
تبقى علي خير هي بالسلامه
ونبوا اعظامه
الفارس اللي كان عز وزعامه
وحتي الحذاء والعباء والعمامه
اطيب النفاسي
بعدها وما عاش تسمع رصاصي
وموش كل من قال تسمع كلامه
وراسك وراسي
اللا يبوك ياوطن سوق النخاسي
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصيام جُنّة من النار، كجنّة أحدكم من القتال) رواه ابن ماجه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث دعوات لا ترد: دعوة الوالد، ودعوة الصائم، ودعوة المسافر) رواه البيهقي في "السنن"، والضياء في "الأحاديث المختارة"، وإسناده حسن.
عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ـ من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين .
صحيح الجامع.
***************************************************************************************
شَأْنُ الصَّلَاةِ فِي رَمَضَان
ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَحَجِّ الْبَيْتِ ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ ))(1).
لابد لنا ونحن في شهر الصيام أن نتحدث عن موضوع مهم وعظيم وهو لا يقل أهمية عن الصيام بل إنه يتقدم على الصيام في المرتبة والمكانة ألا وهو الصلاة ؛ فإن الصلاة من أعظم الواجبات التي أوجبها الله على عباده وأجلِّ الفرائض التي افترضها ، فهي عماد الدين وآكد أركانه بعد الشهادتين ، وهي الصلة بين العبد وربه ، وأوّل ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، فإذا صلحت صلح سائر عمله ، وإذا فسدت فسد سائر عمله ، وهي الفارقة بين الكفر والإسلام ؛ فإقامتها إيمان وإضاعتها كفر وضلال وعصيان ، فلا دين لمن لا صلاة له ، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة ، من حافظ عليها كانت له نوراً في قلبه ووجهه وقبره وحشره ، وكانت له نجاة يوم القيامة، وحُشر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهان ولا نجاة يوم القيامة ، وحُشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف.
(( قال الإمام أحمد رحمه الله : جاء في الحديث ( لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة) ، وكان عمر بن الخطاب يكتب إلى الآفاق: " إن أهمَّ أموركم عندي الصلاةُ ؛ فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة " . قال: فكل مستَخِفٍّ بالصلاة مستهين بها فهو مستخِفٌّ بالإسلام مستهين به ، وإنما حظهم في الإسلام على قدر حظهم من الصلاة ، ورغبتُهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة ، فاعرف نفسك يا عبد الله واحذر أن تلقى الله ولا قدر للإسلام عندك ، فإن قدر الإسلام في قلبك كقدر الصلاة في قلبك ، وقد جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الصلاة عمود الدين ) ، ألست تعلمُ أن الفُسطاطَ إذا سقط عموده سقط الفسطاط ولم ينتفع بالطنب ولا بالأوتاد ، وإذا قام عمود الفسطاط انتُفع بالطنب والأوتاد ! وكذلك الصلاة من الإسلام ، وجاء في الحديث: (إنّ أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن تقبلت منه صلاته تقبل منه سائر عمله ، وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله)، فصلاتنا آخر ديننا وهي أوّل ما نُسأل عنه غداً من أعمالنا يوم القيامة ، فليس بعد ذهاب الصلاة إسلام ولا دين إذا صارت الصلاة آخر ما يذهب من الإسلام))(2) اهـ.
فتضييع الصلاة وإهمالها أمر جد خطير وليس بالهين ، وفما يلي وقفة مع بعض النصوص بشأن الصلاة :
قال الله تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ } [المدثر: 38-43] ، فأخبر سبحانه بأن تارك الصلاة من المجرمين السالكين في سقر ؛ وهو وادٍ في جهنم ، وقال تعالى: { فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } [مريم: 59] ، وجاء عن ابن مسعود أن (غيّاً) نهر في جهنم خبيث الطعم بعيد القعر ، فيا عظم مصيبة من لقيه ويا شدة حسرة من دخله . وقال تعالى: { فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } [التوبة:11] ، فعلَّق أخوَّتهم بفعل الصلاة ، فدل على أنهم إن لم يفعلوها فليسوا بإخوان لهم . وقال U: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ } [المرسلات: 48] ، ذكر ذلك بعد قوله: { كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ } [المرسلات: 46] .
وأما الأحاديث في هذا الشأن فهي كثيرة منها: ما رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ))(3) ، وروى أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح عن يزيد بن حبيب الأسلمي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ((الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ))(4)، وروى الإمام أحمد بإسناد جيد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ : مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ))(5)، وروى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَصَلَّى صَلَاتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَهُوَ الْمُسْلِمُ لَهُ مَا لِلْمُسْلِمِ وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِ ))(6) ، وروى أحمد ومالك والنسائي بإسناد صحيح عن محجن الأسلمي رضي الله عنه (( أَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَذَّنَ بِالصَّلَاةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ رَجَعَ وَمِحْجَنٌ فِي مَجْلِسِهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ أَلَسْتَ بِرَجُلٍ مُسْلِمٍ ؟ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي كُنْتُ قَدْ صَلَّيْتُ فِي أَهْلِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جِئْتَ فَصَلِّ مَعَ النَّاسِ وَإِنْ كُنْتَ قَدْ صَلَّيْتَ )) (7) .
وقد جاء عن الصحابة رضي الله عنهم في هذا المعنى آثار كثيرة منها: ما جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ((لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ))( ، وقال: (( لا إسلام لمن ترك الصلاة)) قاله بمحضر من الصحابة ولم ينكر عليه أحد منهم، بل قال مثلَ قوله هذا غيرُ واحد من الصحابة منهم معاذُ بن جبل وعبدُ الرحمن بنُ عوف وأبو هريرة وعبدُ الله بن مسعود وغيرُهم . وروى مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى ، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلَّا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ ))(9) .
فإذا كان هذا شأن من لا يشهد الصلاة مع الجماعة يعده الصحابةُ منافقاً معلومَ النفاق فكيف إذن بالتارك لها !! - نسأل الله السلامة - ، وقد ورد في فضل المحافظة على الصلاة وشدّة عقوبة من تهاون فيها غير ما تقدم نصوص كثيرة لا يسع المقام لبسطها .
ومع ذلك فإنَّ مما يلاحظ على بعض الصائمين إهمالهم للصلاة وعدم عنايتهم بها ؛ إما بتأخيرها عن وقتها ، أو بالتفريط ببعض الصلوات مع اهتمام وعناية بأمر الصيام ، ألم يعقِل هؤلاء مكانة الصلاة وعظم شأنها !! ألم يكن لهم في مدرسة الصيام ما يقودهم إلى المحافظة على الصلاة وتحقيق تقوى الله سبحانه !! ، بل بعضهم أساء الفهم وأبعد النجعة في فهم مدلول قول النبي صلى الله عليه وسلم (( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) حيث توهم أن هذا الصيام يكفيه لنيل الغفران ، فركن إلى ذلك وضيع الصلوات ، وما أسوأه من فهم وأبعده عن الحق والهدى ، وأين هذا من النصوص الواردة في الصلاة ترغيبا وترهيبا وهي كثيرة ، وقد تقدم شيء منها ، وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَقُولُ (( الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ )) وترك الصلاة كبيرة من الكبائر ، بل دلت النصوص المتقدمة على أنه كفر ، وأن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته ، فإن تقبلت تقبل منه سائر عمله ، وإن ردت رد عليه سائر عمله .
نسأل الله أن يوفقنا جميعاً لإقام الصلاة وأدائها كما بينها رسولنا صلى الله عليه وسلم في المساجد مع الجماعة ، وأن يهدي ضال المسلمين ، ويحبب إلينا الصلاة وسائر العبادات إنه سميع قريب مجيب .
(1) صحيح البخاري (، ومسلم (16) واللفظ له .
(2) حكم تارك الصلاة لابن القيم (ص: 9).
(3) مسلم (82).
(4) مسند الإمام أحمد (22833)، سنن الترمذي (2621 ) وقال: حديث حسن صحيح ، النسائي (463)، وابن ماجه (1079).
(5) مسند الإمام أحمد (2/169، رقم 6576) وصحح إسناده أحمد شاكر .
(6) صحيح البخاري (393).
(7)مسند الإمام أحمد (16347) ، موطأ الإمام مالك (293) ، سنن النسائي (857).
( موطأ الإمام مالك (74) ، سنن البيهقي (6291)، مصنف عبد الرزاق (3/125)، مصنف ابن أبي شيبة (8/581).
(9) مسلم (654).
***************************************************************************************
قصة وعبرة
يحكى أن ( بهلول) كان رجلا مجنونا فى عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد
وفي يوم من الأيام مر عليه هارون الرشيد وهو جالس على إحدى
المقابر ..
فقال له هارون معنفا : يا بهلول يا مجنون… متى تعقل ؟
فركض بهلول وصعد إلى أعلى شجرة ثم نادى على هارون بأعلى صوته : ياهارون يا مجنون…. متى تعقل ؟
فأتى هارون تحت الشجرة وهو على صهوة حصانه … وقال له : أنا المجنون أم أنت الذي يجلس على المقابر ؟
فقال له بهلول : بل أنا عاقل !!
قال هارون : وكيف ذلك ؟
قال بهلول : “لأني عرفت أن هذا زائل ، (وأشار إلى قصر هارون) وأن هذا باقِ ،،، (وأشار إلى القبر) فعمرت هذا قبل هذا ،،، وأما أنت فإنك قد عمرت هذا (يقصد قصره) وخربت هذا (يعنى القبر) .. فتكره أن تنتقل من العمران إلى الخراب مع أنك تعلم أنه مصيرك لامحال ” ….
وأردف قائلا : فقلّ لي // أيّنا المجنون ؟؟
فرجف قلب هارون الرشيد وبكى حتى بلل لحيته … وقال : “والله إنك لصادق ..”
ثم قال هارون : زدني يا بهلول… فقال بهلول : “يكفيك كتاب الله فالزمه”
قال هارون : ” ألك حاجة فأقضيها ” قال بهلول : نعم ثلاث حاجات ،،،
إن قضيتها شكرتك .. قال : فاطلب ،،، قال : أن تزيد في عمري !!
قال : “لا أقدر ”
قال :أن تحميني من ملك الموت!!
قال : لا أقدر ..
قال : أن تدخلني الجنة وتبعدني عن النار !!
قال : لا أقدر ..
قال : فاعلم انك مملوك ولست ملك ،، ” ولاحاجة لي عندك”
************************************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
مسا الخير
مسا الخير
مسا الخير ياوطن اهلي وناسي
يا تاج راسي
نمسيك بالخير واحلا التماسي
مسا الخير يا عيلتي يا حبابي
وجملت اقرابي
مساء الخير يا رفقتي يا اصحابي
وجملت اللي يسمعوا في جوابي
ومانيش ناسي
جاري اللي حيط ساسه فساسي
مسا الخير يا وطن فيك الغوالي
شاغلين بالي
على شانهم قلت صدري الخالي
ومازلت هو انت لول التالي
مالك احساسي
ياملك لحساس يا نخب كاسي
مساء الخير يا وطن بالخير واعد
في القلب قاعد
لا هنت لا تهون مهما نتباعد
من اجدير للوسط حتي مساعد
وثابت وراسي
قريتك فتاريخ فصلي الدراسي
مسا الخير يا وطن جرة اجدودي
ومعني صمودي
من البحر للبحر ضد الحدودي
لانته اسرائيل لانا يهودي
يخسه الخاسي
ما نبدلك لين تخرج انفاسي
مساء الخير يا عاصمه ويا الهاني
وشهداء السواني
الماظي اللي نعاوده للمعاني
رويناك بالنهر والدم ثاني
تردي مراسي
فراقيط وتجيب مجلس رئاسي
جاتك وجاك العسل في الرواني
فالزمن القياسي
اللي عقبه الكيب قله الحاسي
مساء الخير يا احرار كل القبايل
يا ارث هايل
جبارنا ومرابطين تشفي الغلايل
حرابا من الشرق حتي النوايل
اللي شداد باسي
ثقال روز وجبال كيف الاوراسي
مسا الخير يا وطن مرتع كحيله
عفي للهميله
طول عرض تطويه تغبط فسيله
تعقد علي ثلب سيمه وعزيله
جى عصر ماسي
مروح ولاوين ناره خراصي
ماس الخير يا وطن شامخ مسمي
فقمة القمه
حاضن مزاريع نخوه وهمه
وعزه بورافيل تجري لي المه
وسياد الخماسي
وراشيف وطبول سبعه ونواسي
مساء الخير ياوطن نخوه وعزه
سلامي اندزه
تصيغه عواقير تختم الكزه
اللي وين ما تصير خضه وهزه
العوجه تواسي
ولجبال لي لارض ديمه رواسي
مسا الخير يا صاع وافي اعباره
وكل من جواره
مالجبل لشط حتي اجفاره
ومن غات لا عند سبها الشراره
الجفره قياسي
من سين لا صاد وافقي وراسي
مسا الخير ياوطن ريحه تعلت
اللي هناك قلت
لا مال لا رجال ماشي خلت
مناجل بلا نصاب وطني تولت
والنجم السداسي
يرفرف مع رن جرس النحاسي
مساء الخير يا وطن فوقه ضبابه
مضيع شبابه
مخلط علي اعداه ودر احبابه
اللي كان مهاب حامي ترابه
ناسه تساسي
كله جبابين بورسة مأسي
مساء الخير ياوطن طيب نفاسه
واشراف ناسه
حايس ولا حد شاقي بمحاسه
هاين بعد كان نحلف براسه
بدا للتناسي
ومعرض توابيت بعد العراسي
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
مساء الخير ياوطن هجر احراره
ويتم صغاره
اطوطي من الظيم تحدب اكباره
مظلم بعد كان تشكع انواره
اطلمس طماسي
اعياد وعواشير كله مناسي
مسا الخير ياوطن غربه تغرب
اسناحه تخرب
اصرم بعد كان تاقي مزرب
يلوي ً مع ريح غربي اشرب
طار بحماسي
اصلب علي احداش لول الفاشي
مساء الخير ياوطن شرقه تمازه
يريد الموازه
مسمس مع السمس قاطع نفازه
سامع مهاميز فايت اعزازه
حلم في نعاسي
حسبها وجت كيف لعب الكراسي
مساء الخير ياوطن ناسي جنوبه
ثامن اعجوبه
نهره اللي ماه حد العذوبه
هملوه ويصدقوا في اكذوبه
ربيع التباسي
وخشوا فقرطاس سبسي السباسي
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
مسا الخير يا قبور فيك البطوله
واعظام الرجوله
يا رتل وين طاح طاحت الدوله
ومن يومها تنس تمشي معلوله
عالنه الفلاسي
وهلها طوابير فيها سواسي
مساء الخير يا وطن مدنه انشقت
للغرب لقت
وذيول فذيول طمعت وهقت
ماتقول لا عز لا شان حقت
انشق السياسي
ولحقه اللي حر والدبلوماسي
مسا الخير يا وطن فاقد الهيبه
مولي زريبه
وتصول وتجول فيه الغريبه
وشيب المساجين يشبه لشيبه
فيه الحباسي
من الشاب للشيخ لم القصاصي
مسا الخير ياوطن بعدً تكرم
اشرك اشرم
عقده الملقوط فرطه اصرم
وناسه علي بعض تمت تهرم
وتريد القصاصي
من بعضها وبعض ناوي لخناسي
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
مسا الخير ياوطن باحت اسراره
وبوبح خصاره
منفور منبوذ مجعز لجاره
جوازه زطل طاح ميجيب باره
اللي كان قاسي
داسوه حطوه تحت المداسي
مساء الخير يا وطن طاحت فلوسه
وحتي اضروسه
فلعظام والناب تنخر السوسه
بدا القتل والثار حربه بسوسه
وصل سن يأسي
يبي حصن تحسين من شيخ فاسي
مساء الخير يا وطن ظل من طريقه
شحته دقيقه
مكابر وما يبيش يسمع حقيقه
مخلي اللي ينشله من غريقه
وعاكس عكاسي
سكران ما يبيش عد الطواسي
تبقى علي خير هي بالسلامه
ونبوا اعظامه
الفارس اللي كان عز وزعامه
وحتي الحذاء والعباء والعمامه
اطيب النفاسي
بعدها وما عاش تسمع رصاصي
وموش كل من قال تسمع كلامه
وراسك وراسي
اللا يبوك ياوطن سوق النخاسي
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
14 رمضان 1437هـ - 19 يونيو 2016م
اللهم اصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا وانصرنا على أعدائنا
اللهم طهرني في هذا اليوم من الدنس والأقذار وصبـّرني فيه على كائنات الأقدار ووفقني فيه للتقى وصحبة الأبرار بعونك يا قرة عين المساكين. ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا.
ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار. ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد. اللهم يا سميع الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا قاضي الحاجات، ويا كاشف الكربات، ويا رفيع الدرجات، ويا غافر الزلات، اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، وأصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، وانصرنا على أعدائنا، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا ، وبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا ما أبقيتنا، واجعلنا شاكرين لنعمك برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم اصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا وانصرنا على أعدائنا
اللهم طهرني في هذا اليوم من الدنس والأقذار وصبـّرني فيه على كائنات الأقدار ووفقني فيه للتقى وصحبة الأبرار بعونك يا قرة عين المساكين. ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا.
ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار. ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد. اللهم يا سميع الدعوات، ويا مقيل العثرات، ويا قاضي الحاجات، ويا كاشف الكربات، ويا رفيع الدرجات، ويا غافر الزلات، اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، وأصلح ذات بيننا، وألف بين قلوبنا، وانصرنا على أعدائنا، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا ، وبارك لنا في أزواجنا وذرياتنا ما أبقيتنا، واجعلنا شاكرين لنعمك برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال و جهك الكريم و عظيم سلطانك و صل اللهم على
نبينا محمد و على اله و صحبه و سلم
اللهم فك اسر الماسورين من المسلمين في كل
مكان........اللهم فك اسرهم في ليبيا وفلسطين و في كل مكان اللهم من عاداهم فعاده... و
من اذاهم فاذه... و من ناصرهم فانصره و للحق سدده
اللهم احفظ عليهم دينهم و
اعراضهم و انفسهم ...اللهم انهم ضعفاء فقوهم مظلومين فانصرهم مبتلين
فثبتهم...اللهم احفظهم من بين ايديهم و عن ايمانهم و عن شمائلهم و من فوقهم
و
نعوذ بعظمتك ان يغتالوا من تحتهم اللهم انهم عبادك خرجوا في سبيلك و ابتغاء
مرضاتك...اللهم فمن عليهم برحمتك و انزل عليهم السكينة و ثبتهم يا رب
العالمين
اللهم انس وحشتهم و ازل كربتهم و خفف مصابهم و اشف مريضهم و اجبر
كسيرهم اللهم قد قل لهم الناصر و ليس لهم الا انت مولى و نصيرا...
اللهم فانصرهم
بنصرك المؤزر المبين عاجلا غير اجل يا سميع يا عليما اللهم يا من اخرج يونس من
بطن الحوت اخرجهم من الاسر سالمين امنين غانمين...اللهم اعدهم الى اهلهم و
ابنائهم و اصحابهم عاجلا غير اجل غير خزايا و لا مفتونين اللهم صبر اهلهم و
ذويهم و محبيهم و الهمهم الثبات من لدنك يا رب العالمين...اللهم ان لهم امهات
باكيات حزينات... و اباء يعانون الوجد و الالم... و ابناء لا يرقا لهم دمع على
فراق ابائهم اللهم اجمعهم باهليهم و اصحابهم عاجلا غير اجل ...اللهم ارحمهم
بواسع رحمتك و اشملهم بعظيم لطفك يا مجيب الدعاءاللهم اليك نشكو ضعف قوتنا و
قلة حيلتنا و هواننا على الناس يا ارحم الراحمين و انت رب المستضعفين و انت
ربنا الى من تكلهم؟ الى عدو بعيد يتجهمهم ام الى صديق قريب ملكته امرهم؟ ان لم
يكن بك غضب عليهم فلا نبالي الا ان عافيتك اوسع لهم ...نوذ بنور وجهك الذي
اشرقت له الظلمات و صلح عليه امر الدنيا و الاخرة ان ينزل بهم غضبك او يحل بهم
سخطك... لك العتبى حتى ترضى... لك العتبى حتى ترضى... لك العتبى حتى ترضى و لا
حول و لا قوة الا بك اللهم هذا الدعاء و منك الاجابة و هذا الجهد و عليك
التكلان و صلى اللهم و سلم على نبينا محمد و على اله و صحبه اجمعين و الحمد لله
رب العالمين
اللهم امين يا رب العالمين
نبينا محمد و على اله و صحبه و سلم
اللهم فك اسر الماسورين من المسلمين في كل
مكان........اللهم فك اسرهم في ليبيا وفلسطين و في كل مكان اللهم من عاداهم فعاده... و
من اذاهم فاذه... و من ناصرهم فانصره و للحق سدده
اللهم احفظ عليهم دينهم و
اعراضهم و انفسهم ...اللهم انهم ضعفاء فقوهم مظلومين فانصرهم مبتلين
فثبتهم...اللهم احفظهم من بين ايديهم و عن ايمانهم و عن شمائلهم و من فوقهم
و
نعوذ بعظمتك ان يغتالوا من تحتهم اللهم انهم عبادك خرجوا في سبيلك و ابتغاء
مرضاتك...اللهم فمن عليهم برحمتك و انزل عليهم السكينة و ثبتهم يا رب
العالمين
اللهم انس وحشتهم و ازل كربتهم و خفف مصابهم و اشف مريضهم و اجبر
كسيرهم اللهم قد قل لهم الناصر و ليس لهم الا انت مولى و نصيرا...
اللهم فانصرهم
بنصرك المؤزر المبين عاجلا غير اجل يا سميع يا عليما اللهم يا من اخرج يونس من
بطن الحوت اخرجهم من الاسر سالمين امنين غانمين...اللهم اعدهم الى اهلهم و
ابنائهم و اصحابهم عاجلا غير اجل غير خزايا و لا مفتونين اللهم صبر اهلهم و
ذويهم و محبيهم و الهمهم الثبات من لدنك يا رب العالمين...اللهم ان لهم امهات
باكيات حزينات... و اباء يعانون الوجد و الالم... و ابناء لا يرقا لهم دمع على
فراق ابائهم اللهم اجمعهم باهليهم و اصحابهم عاجلا غير اجل ...اللهم ارحمهم
بواسع رحمتك و اشملهم بعظيم لطفك يا مجيب الدعاءاللهم اليك نشكو ضعف قوتنا و
قلة حيلتنا و هواننا على الناس يا ارحم الراحمين و انت رب المستضعفين و انت
ربنا الى من تكلهم؟ الى عدو بعيد يتجهمهم ام الى صديق قريب ملكته امرهم؟ ان لم
يكن بك غضب عليهم فلا نبالي الا ان عافيتك اوسع لهم ...نوذ بنور وجهك الذي
اشرقت له الظلمات و صلح عليه امر الدنيا و الاخرة ان ينزل بهم غضبك او يحل بهم
سخطك... لك العتبى حتى ترضى... لك العتبى حتى ترضى... لك العتبى حتى ترضى و لا
حول و لا قوة الا بك اللهم هذا الدعاء و منك الاجابة و هذا الجهد و عليك
التكلان و صلى اللهم و سلم على نبينا محمد و على اله و صحبه اجمعين و الحمد لله
رب العالمين
اللهم امين يا رب العالمين
******************************************************
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ كان يبدأ إذا أفطر بالتمر .
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله جَعَلَ الله بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقاً كَمَا بَيْنَ السماء والأرض ))
حديث صحيح عن أبي أمامةصحيح الجامع ٦٣٣٣
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ . قَالَ : فَيُشَفَّعَانِ. أخرجه أحمد 2/174(6626).. وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.) "البُخَارِي" ..
*****************************************************
ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺧﻦ ؟
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﻬﺎﻧﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻢ ﺍﻟﻨﻔﺦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺧﻦ .. ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ
ﻳﻜﺮﺭﻫﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻮﻣﻴﺎ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺗﻘﻮﻝ :
ﺍﻧﻪ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﺟﺴﺎﻣﻨﺎ ﺑﻜﺘﻴﺮﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻪ .. ﺑﻌﻜﺲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻋﻠﻰ
ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﻣﺮﺍﺽ .. ﻭﻫﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻠﻖ ..ﻟﻜﻦ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﻔﺦ .. ﺗﺨﺮﺝ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻜﺘﻴﺮﻳﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺟﻮﻑ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﻣﻼﻣﺴﺘﻬﺎ ﻟﺴﻄﺢ ﺳﺎﺧﻦ
ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻰ ﺑﻜﺘﻴﺮﻳﺎ ﺿﺎﺭﺓ ﻣﺆﺩﻳﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺍﺟﺎﺭﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻳﺎﻛﻢ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻬﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺎﺀ ﺃﻭ ﻳﻨﻔﺦ ﻓﻴﻪ
ﻭﻋﻨﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻧﻪ ﻧﻬﻰ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺃﻋﻠﻢ
*****************************************************
إلى كلّ مهموم .. افزع إلى الصلاة
قال – تعالى -: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[البقرة].
أرشدنا الله – سبحانه – إلى الاستعانة بالصبر والصلاة كلما حزبنا أمر أو أهمّنا، فما سر ذلك، وما دور الصلاة في قضاء الحاجات وتفريج الهموم؟ لعلنا في هذه الخاطرة نحاول أن نستجلي بعضاً من أسرار الصلاة، من خلال بعض التأمل في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم -..
روى الإمام احمد عن حذيفة، قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
قال ابن جرير: وقد حدثنا محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم، قالا حدثنا ابن عُلَيَّة، حدثنا عُيَينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن ابن عباس نُعي إليه أخوه قُثَم وهو في سفر، فاسترجع، ثم تنحَّى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ).
عندما تضغط عليك ظروف الحياة وتكلفك فوق ما تستطيع بذله من الأسباب، فأين تذهب؟
ستذهب إلى فلان من الناس تستنجد به، وقد يفعل وقد لا يفعل، وقد يستطيع وقد لا يستطيع، ربما يتعاطف معك وربما لا، إذن فالاتجاه يجب أن يكون إلى الله – عز وجل – الذي لا يعجزه شيء..
الصبر يمنحك القدرة على التفكير المتزن والصلاة هي مثول بين يدي سيدك لتطلب حاجتك وتفزع إليه في كربتك، وربك يدلك ويرشدك.
قد تصيبك الهموم فتحاول أن تنسى بطريقة ما، كالذهاب إلى شخص أو تناول ما يذهب العقل، لكن النسيان لا يحل ما تعاني منه وهو باق على حاله، وأنت بذلك تتخلى عن عقلك أحوج ما تكون إليه…
فحل المسالة إذن هو أن اتجه إلى ربي واقف بين يديه ثم أستغيثه وهو – سبحانه – لا يرد يدي عبده صفرا.
فقط قف بين يدي الكريم في حدود ما افترضه عليك ما يعني انك تقابله في اليوم خمس مرات تقول له إياك أعبد يا رب وإياك أستعين، وفي كل مرة يعد ترميم جسدك وصيانة روحك المجهدة.
لاحظ أخي المسلم كم هو الفرق بين خروج المصلين عقب صلاة الجمعة، وبين خروج المحتفلين بمناسبة ما، هؤلاء طابعهم الهدوء والسكينة والاطمئنان بينما أولئك طابعهم الصخب والتدافع وقد تسرق حاجياتهم وقد يدوس بعضهم بعضا.. فالصلاة تخلق لدى المسلم توازنا وشعورا بالرضا والاطمئنان.
وأمر آخر: عندما تريد مقابلة ملك أو صاحب جاه لا بد لك من تقديم طلب للمقابلة ولا بد لك من الإجابة على أسئلة عديدة وقد يوافق وقد لا يفعل، وقد تجده في الموعد وقد لا تجده، لكننا مع الله – عز وجل – لا نحتاج إلى شيء من ذلك، أنت تحدد الزمان والمكان والموضوع والحديث، ومدة المقابلة.
فعبوديتك لله ولجوءك إليه جعل منك سيدا تحدد متى وأين ومتى ولماذا… يكفيك فقط أن تتوجه إلى القبلة ثم تقول: الله اكبر؛ لتصبح في حضرة ملك الملوك تتوجه إليه بالعبادة وتطلب منه العون، وبإمكانك أن تجلس بين يديه ما شئت فهو لا يمل حتى تمل حتى ولو قضيت عمرك كله…
وفوق ذلك كله ربك يحتفي بك غاية الحفاوة، فهل بعد هذه السيادة شيء؟
حسب نفسي عزا بأني عبد *** يحتفي بي بلا مواعيد ربُّ
هو في قدسه الأعز ولكن *** أنا ألقى متى وأين أحبُّ
فالعبودية لله رب العالمين هي أعلى مقامات السيادة وهو – سبحانه – يذكرك على عظمته وضآلتك بمقدار ما تذكره بل وأعلى وهو يسعى إليك بأسرع مما تسعى إليه.
في الحديث الصحيح: ((يقول الله – تعالى -: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)).
وروى الإمام أحمد: عن أنس قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله – عز وجل -: يا ابن آدم، إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة -أو قال: في ملأ خير منهم -وإن دنوت مني شبرًا دنوت منك ذراعًا، وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا، وإن أتيتني تمشي أتيتك أهرول)).
فإذا لم تكن السيادة هي ما أنت عليه وأنت في هذه الحال فماذا تكون؟
فيا أيها المهموم ويا من تواجه صعوبات الحياة ومنغصاتها افزع إلى الصلاة وقابل ربك متى وأنى شئت وكيفما تريد فأنت في محل الترحيب والإكرام والحفاوة في كل وقت وحين، وربك يدعوك ويناديك أن: هلم إليّ.
والحمد لله رب العالمين.
*********************************************************
رَمَضَانُ شَهْرُ الدُّعَاء
ثبت في السنن عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ثُمَّ قَرَأَ : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60]))(1) .
فالدعاء من أجل العبادات وأعظمها وهو حق لله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يُصرف لغيره كائناً من كان ، وله مكانة عظيمة في الدين ومنزلة رفيعة فيه ، وذلك لما في الدعاء من التضرع وإظهار الضعف والحاجة لله ، ولأن العبادة كلما كان القلب فيها حاضراً وأخشع فهي أفضل وأكمل ، والدعاء أقرب العبادات إلى حصول هذا المقصود، والدعاء فيه ملازمة للتوكل والاستعانة بالله ، والتوكل هو اعتماد القلب على الله وثقته به في حصول المحبوبات واندفاع المكروهات ؛ والنصوص في فضل الدعاء وعظيم شأنه كثيرة لا تحصر ، ولشهر الصيام شهر رمضان المبارك خصوصية في الدعاء ، فإن الصائم ممن لا ترد دعوته إذا أخلص في صيامه ونصح في عبادته وصدق مع الله ففي الحديث ((ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ : دَعْوَةُ الصَّائِمِ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ))(2)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ))(3).
ومما يبين مكانة الدعاء وعلو شأنه في شهر الصيام أن قوله تعالى في سورة البقرة : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} قد جاء متخللاً لآيات الصيام وفي أثنائها ؛ فقبل هذه الآية قوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } وبعدها قوله تعالى: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } ، فجاءت هذه الآية الكريمة وهي مختصة بالدعاء متوسطة لآيات الصيام ومحفوفة بها ولعل في ذلك ما يدل على عظم قدر الدعاء وأهميته في هذا الشهر ؛ لأن العبد في هذا الشهر المبارك يملؤه الرجاء أن يوفقه الله للقيام بحق الله في هذا الشهر على أتم الوجوه وأكملها ؛ ولا سبيل له إلى ذلك إلا بسؤال الله ودعائه ، وهو كذلك يكثِر في هذا الشهر من الطاعات والعبادات والقربات وهو يرغب ويطمع أن يتقبلها الله منه ؛ ولا سبيل إلى ذلك إلا بدعائه والانكسار بين يديه والتضرع له ، وكذلك قد يكون العبد مرتكباً لبعض الآثام قبل رمضان أو صدر عنه نقص أو تقصير أو تفريط أثناء رمضان وهو يرغب في توبة الله عليه ومغفرة ذنوبه ؛ ولا سبيل إلى ذلك إلا بالدعاء ، فكأن الله يلفت عباده إلى ما يلوذون به ويهربون إليه وبه تجاب رغباتهم وتقضى حاجاتهم وتقال عثراتهم وتغفر زلاتهم.
قال ابن القيم رحمه الله : (( أساس كلّ خير أن تعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ؛ فتتيقن حينئذ أن الحسنات من نِعَمِه ؛ فتشكره عليها وتتضرعَ إليه أن لا يقطعها عنك ، وأن السيئات من خذلانه وعقوبته؛ فتبتهل إليه أن يحول بينك وبينها، ولا يكِلَكَ في فعل الحسنات وترك السيئات إلى نفسك . وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد، وكلَّ شرٍّ فأصله خذلانه لعبده ، وأجمعوا أنَّ التوفيق أن لا يكِلَك الله إلى نفسك، وأن الخذلان : هو أن يخلي بينك وبين نفسك، فإذا كان كلُّ خير فأصله التوفيق وهو بيد الله لا بيد العبد؛ فمفتاحه الدعاءُ والافتقار وصدق اللَّجإ والرغبةِ والرهبةِ إليه ، فمتى أعطَى العبدَ هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له ، ومتى أضلَّه عن المفتاح بقي بابُ الخير مُرْتَجاً دونه ... وما أُتي من أُتِيَ إلا من قِبَل إضاعة الشكر وإهمال الافتقار والدعاء ، ولا ظَفِرَ من ظفر - بمشيئة الله وعونِه - إلا بقيامه بالشكرِ وصدقِ الافتقار والدعاء))(4) اهـ.
والدعاءُ شأنُه في الإسلام عظيمٌ، ومكانتُه فيه ساميةٌ، ومنزلتُه منه عالية؛ إذ هو أجلُّ العبادات وأعظمُ الطاعات وأنفعُ القربات، ولهذا جاءت النصوصُ الكثيرةُ في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبيِّنةُ لفضله والمُنَوِّهةُ بمكانته وعظم شأنه، والمرغِّبةُ فيه والحاثَّةُ عليه، وقد تنوَّعت دلالاتُ هذه النصوص المبيِّنة لفضل الدعاء، فجاء في بعضها الأمرُ به والحثُّ عليه، وفي بعضها التحذير من تركه والاستكبار عنه، وفي بعضها ذكرُ عِظم ثوابه وكبر أجره عند الله، وفي بعضها مدحُ المؤمنين لقيامهم به، والثناءُ عليهم بتكميله، وغيرُ ذلك من أنواع الدلالات في القرآن الكريم على عظم فضل الدعاء.
بل إنَّ الله سبحانه قد افتتح كتابه الكريم بالدعاء واختممه به، فسورة «الحمد» التي هي فاتحة القرآن الكريم مشتملةٌ على دعاء الله بأجلِّ المطالب وأكمل المقاصد، أَلَا وهو سؤال الله عزَّ وجلَّ الهدايةَ إلى الصراط المستقيم والإعانةَ على عبادته، والقيامَ بطاعته سبحانه، وسورةُ «الناس» التي هي خاتمة القرآن الكريم مشتملةٌ على دعاء الله سبحانه، وذلك بالاستعاذة به سبحانه من شرِّ الوسواس الخنَّاس، الذي يوسوسُ في صدور الناس، مِنَ الجِنَّة والناس، وما من ريبٍ أنَّ افتتاحَ القرآن الكريم بالدعاء واختتامَه به دليلٌ على عِظم شأن الدعاء وأنَّه روحُ العبادات ولبُّها.
بل إنَّ الله جلَّ وعلا سمَّى الدعاءَ في القرآن عبادةً في أكثر من آية، مِمَّا يدلُّ على عِظم مكانته، كقوله سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر: 60]، وكقوله فيما حكاه عن نبيِّه إبراهيم عليه السلام: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا } [مريم: 48 – 49]، ونحـوها من الآيات، وسَمَّى سبحانه الدعاءَ دِيناً كمـا في قوله: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 65]، ونحوها من الآيات.
وهذا كلُّه يُبيِّن لنا عِظمَ شأن الدعاء، وأنَّه أساسُ العبودية وروحُها، وعنوانُ التذلُّل والخضوع والانكسار بين يدي الربِّ، وإظهارِ الافتقار إليه، ولهذا حثَّ الله عبادَه عليه، ورغَّبهم فيه في آيٍ كثيرة من القرآن الكريم، يقول الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 55 – 56]، وقال تعالى: { هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65].
وأخبر سبحانه ـ مرَغِّباً عبادَه في الدعاءِ ـ بأنَّه قريبٌ منهم يُجيب دعاءَهم، ويُحقِّقُ رجاءَهم، ويعطيهم سؤلهم، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186] ، وقال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ} [النمل: 62].
ولهذا فإنَّ العبدَ كلَّمـا عظُمت معرفتُه بالله وقويت صِلتُه به كان دعاؤُه له أعظمَ، وانكسارُه بين يديه أشدَّ، ولهذا كان أنبياءُ الله ورُسُلُه أعظمَ الناس تحقيقاً للدعاء وقياماً به في أحوالهم كلِّها وشؤونهم جميعِها، وقد أثنى الله عليهم بذلك في القرآن الكريم، وذَكَر جملةً من أدعيتهم في أحوالٍ متعدِّدةٍ ومناسبات متنوِّعةٍ، قال تعالـى في وصفهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
فينبغي على المؤمن أن يعنى بهذه العبادة ، وأن يغنم أوقات هذا الشهر الشريف بالإقبال على الله بالدعاء والسؤال والإلحاح راغبا راهبا ، مع العناية بشروط الدعاء وآدابه ، راجيا أن يكون من الفائزين بثواب الله الناجين من النار ، فإن لله عتقاء من النار وذلك كلَّ ليلة من ليالي رمضان .
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ودعاءنا ، ومنَّ علينا بالعتق من النار يا حي يا قيوم .
(1) سنن أبي داود (1479)، سنن الترمذي (3247) وقال: هذا حديث حسن صحيح ، سنن ابن ماجه (3828) .
(2) رواه الطبراني في الدعاء (1215) ، والبيهقي في شعب الإيمان (7513) .
(3) رواه البيهقي في السنن الكبرى (3/345، 6185) .
(4) الفوائد لابن القيم (ص:127- 128 )
*********************************************************
قصة وعبرة
----------------
روي أنه كان يعيش في مكة رجل فقير متزوج من امرأة صالحة.
قالت له زوجته ذات يوم: يا زوجي العزيز ليس عندنا طعام نأكله ولا ملبس نلبسه؟ فخرج
الرجل إلى السوق يبحث عن عمل، بحث وبحث ولكنه لم يجد أي عمل، وبعد أن أعياه البحث، توجه إلى بيت الله الحرام، وصلى هناك ركعتين وأخذ يدعو الله أن يفرج عنه همه.
وما أن انتهى من الدعاء وخرج إلى ساحة الحرم وجد كيساً، التقطه وفتحه، فإذا فيه ألف دينار.
ذهب الرجل إلى زوجته يفرحها بالمال الذي وجده لكن زوجته ردت المال وقالت له: لابد أن ترد هذا المال إلى صاحبه فإن الحرم لا يجوز التقاط لقطته، وبالفعل ذهب إلى الحرم ووجد رجل ينادي: من وجد كيساً فيه ألف دينار؟
فرح الرجل الفقير، وقال: أنا وجدته، خذ كيسك فقد وجدته في ساحة الحرم، وكان جزاؤه أن نظر المنادي إلى الرجل الفقير طويلاً
ثم قال له: خذ الكيس فهو لك، ومعه تسعة آلاف أخرى، استغرب الرجل الفقير،
وقال له: ولما، قال المنادي: لقد أعطاني رجل من بلاد الشام عشرة آلاف دينار، وقال لي: اطرح منها آلف في الحرم، ثم ناد عليها، فإن ردها إليك من وجدها فأدفع المال كله إليه فإنه أمين
قال الله تعالى: “ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب”.
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ كان يبدأ إذا أفطر بالتمر .
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله جَعَلَ الله بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقاً كَمَا بَيْنَ السماء والأرض ))
حديث صحيح عن أبي أمامةصحيح الجامع ٦٣٣٣
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ ، مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ : مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ ، فَشَفِّعْنِي فِيهِ . قَالَ : فَيُشَفَّعَانِ. أخرجه أحمد 2/174(6626).. وكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.) "البُخَارِي" ..
*****************************************************
ﻫﻞ ﺗﻌﻠﻢ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﻬﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﻔﺦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺧﻦ ؟
ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻧﻬﺎﻧﺎ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻢ ﺍﻟﻨﻔﺦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺴﺎﺧﻦ .. ﻫﻲ ﺣﺮﻛﺔ
ﻳﻜﺮﺭﻫﺎ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻳﻮﻣﻴﺎ ﻭﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﺗﻘﻮﻝ :
ﺍﻧﻪ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﺟﺴﺎﻣﻨﺎ ﺑﻜﺘﻴﺮﻳﺎ ﺻﺪﻳﻘﻪ .. ﺑﻌﻜﺲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻀﺎﺭﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﺴﺎﻋﺪ ﺍﻟﺠﺴﻢ ﻋﻠﻰ
ﻣﻘﺎﻭﻣﺔ ﺑﻌﺾ ﺍﻻﻣﺮﺍﺽ .. ﻭﻫﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻠﻖ ..ﻟﻜﻦ ﺣﻴﻦ ﻳﻘﻮﻡ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﺑﺎﻟﻨﻔﺦ .. ﺗﺨﺮﺝ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺒﻜﺘﻴﺮﻳﺎ ﻣﻊ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﺨﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺟﻮﻑ ﺍﻻﻧﺴﺎﻥ ﻭﻟﻜﻦ ﺑﻤﺠﺮﺩ ﻣﻼﻣﺴﺘﻬﺎ ﻟﺴﻄﺢ ﺳﺎﺧﻦ
ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﻰ ﺑﻜﺘﻴﺮﻳﺎ ﺿﺎﺭﺓ ﻣﺆﺩﻳﺔ ﺍﻟﻰ ﺍﻻﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﺴﺮﻃﺎﻥ ﺍﺟﺎﺭﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻳﺎﻛﻢ
ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻧﻬﻰ ﺃﻥ ﻳﺘﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺎﺀ ﺃﻭ ﻳﻨﻔﺦ ﻓﻴﻪ
ﻭﻋﻨﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﺃﻧﻪ ﻧﻬﻰ ﺃﻥ ﻳﻨﻔﺦ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺃﻋﻠﻢ
*****************************************************
إلى كلّ مهموم .. افزع إلى الصلاة
قال – تعالى -: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)[البقرة].
أرشدنا الله – سبحانه – إلى الاستعانة بالصبر والصلاة كلما حزبنا أمر أو أهمّنا، فما سر ذلك، وما دور الصلاة في قضاء الحاجات وتفريج الهموم؟ لعلنا في هذه الخاطرة نحاول أن نستجلي بعضاً من أسرار الصلاة، من خلال بعض التأمل في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم -..
روى الإمام احمد عن حذيفة، قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
قال ابن جرير: وقد حدثنا محمد بن العلاء ويعقوب بن إبراهيم، قالا حدثنا ابن عُلَيَّة، حدثنا عُيَينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن ابن عباس نُعي إليه أخوه قُثَم وهو في سفر، فاسترجع، ثم تنحَّى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَى الْخَاشِعِينَ).
عندما تضغط عليك ظروف الحياة وتكلفك فوق ما تستطيع بذله من الأسباب، فأين تذهب؟
ستذهب إلى فلان من الناس تستنجد به، وقد يفعل وقد لا يفعل، وقد يستطيع وقد لا يستطيع، ربما يتعاطف معك وربما لا، إذن فالاتجاه يجب أن يكون إلى الله – عز وجل – الذي لا يعجزه شيء..
الصبر يمنحك القدرة على التفكير المتزن والصلاة هي مثول بين يدي سيدك لتطلب حاجتك وتفزع إليه في كربتك، وربك يدلك ويرشدك.
قد تصيبك الهموم فتحاول أن تنسى بطريقة ما، كالذهاب إلى شخص أو تناول ما يذهب العقل، لكن النسيان لا يحل ما تعاني منه وهو باق على حاله، وأنت بذلك تتخلى عن عقلك أحوج ما تكون إليه…
فحل المسالة إذن هو أن اتجه إلى ربي واقف بين يديه ثم أستغيثه وهو – سبحانه – لا يرد يدي عبده صفرا.
فقط قف بين يدي الكريم في حدود ما افترضه عليك ما يعني انك تقابله في اليوم خمس مرات تقول له إياك أعبد يا رب وإياك أستعين، وفي كل مرة يعد ترميم جسدك وصيانة روحك المجهدة.
لاحظ أخي المسلم كم هو الفرق بين خروج المصلين عقب صلاة الجمعة، وبين خروج المحتفلين بمناسبة ما، هؤلاء طابعهم الهدوء والسكينة والاطمئنان بينما أولئك طابعهم الصخب والتدافع وقد تسرق حاجياتهم وقد يدوس بعضهم بعضا.. فالصلاة تخلق لدى المسلم توازنا وشعورا بالرضا والاطمئنان.
وأمر آخر: عندما تريد مقابلة ملك أو صاحب جاه لا بد لك من تقديم طلب للمقابلة ولا بد لك من الإجابة على أسئلة عديدة وقد يوافق وقد لا يفعل، وقد تجده في الموعد وقد لا تجده، لكننا مع الله – عز وجل – لا نحتاج إلى شيء من ذلك، أنت تحدد الزمان والمكان والموضوع والحديث، ومدة المقابلة.
فعبوديتك لله ولجوءك إليه جعل منك سيدا تحدد متى وأين ومتى ولماذا… يكفيك فقط أن تتوجه إلى القبلة ثم تقول: الله اكبر؛ لتصبح في حضرة ملك الملوك تتوجه إليه بالعبادة وتطلب منه العون، وبإمكانك أن تجلس بين يديه ما شئت فهو لا يمل حتى تمل حتى ولو قضيت عمرك كله…
وفوق ذلك كله ربك يحتفي بك غاية الحفاوة، فهل بعد هذه السيادة شيء؟
حسب نفسي عزا بأني عبد *** يحتفي بي بلا مواعيد ربُّ
هو في قدسه الأعز ولكن *** أنا ألقى متى وأين أحبُّ
فالعبودية لله رب العالمين هي أعلى مقامات السيادة وهو – سبحانه – يذكرك على عظمته وضآلتك بمقدار ما تذكره بل وأعلى وهو يسعى إليك بأسرع مما تسعى إليه.
في الحديث الصحيح: ((يقول الله – تعالى -: من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه)).
وروى الإمام أحمد: عن أنس قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله – عز وجل -: يا ابن آدم، إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملائكة -أو قال: في ملأ خير منهم -وإن دنوت مني شبرًا دنوت منك ذراعًا، وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا، وإن أتيتني تمشي أتيتك أهرول)).
فإذا لم تكن السيادة هي ما أنت عليه وأنت في هذه الحال فماذا تكون؟
فيا أيها المهموم ويا من تواجه صعوبات الحياة ومنغصاتها افزع إلى الصلاة وقابل ربك متى وأنى شئت وكيفما تريد فأنت في محل الترحيب والإكرام والحفاوة في كل وقت وحين، وربك يدعوك ويناديك أن: هلم إليّ.
والحمد لله رب العالمين.
*********************************************************
رَمَضَانُ شَهْرُ الدُّعَاء
ثبت في السنن عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ ثُمَّ قَرَأَ : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60]))(1) .
فالدعاء من أجل العبادات وأعظمها وهو حق لله سبحانه وتعالى لا يجوز أن يُصرف لغيره كائناً من كان ، وله مكانة عظيمة في الدين ومنزلة رفيعة فيه ، وذلك لما في الدعاء من التضرع وإظهار الضعف والحاجة لله ، ولأن العبادة كلما كان القلب فيها حاضراً وأخشع فهي أفضل وأكمل ، والدعاء أقرب العبادات إلى حصول هذا المقصود، والدعاء فيه ملازمة للتوكل والاستعانة بالله ، والتوكل هو اعتماد القلب على الله وثقته به في حصول المحبوبات واندفاع المكروهات ؛ والنصوص في فضل الدعاء وعظيم شأنه كثيرة لا تحصر ، ولشهر الصيام شهر رمضان المبارك خصوصية في الدعاء ، فإن الصائم ممن لا ترد دعوته إذا أخلص في صيامه ونصح في عبادته وصدق مع الله ففي الحديث ((ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ : دَعْوَةُ الصَّائِمِ ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ))(2)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((ثَلَاثُ دَعَوَاتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ))(3).
ومما يبين مكانة الدعاء وعلو شأنه في شهر الصيام أن قوله تعالى في سورة البقرة : {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)} قد جاء متخللاً لآيات الصيام وفي أثنائها ؛ فقبل هذه الآية قوله تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } وبعدها قوله تعالى: { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } ، فجاءت هذه الآية الكريمة وهي مختصة بالدعاء متوسطة لآيات الصيام ومحفوفة بها ولعل في ذلك ما يدل على عظم قدر الدعاء وأهميته في هذا الشهر ؛ لأن العبد في هذا الشهر المبارك يملؤه الرجاء أن يوفقه الله للقيام بحق الله في هذا الشهر على أتم الوجوه وأكملها ؛ ولا سبيل له إلى ذلك إلا بسؤال الله ودعائه ، وهو كذلك يكثِر في هذا الشهر من الطاعات والعبادات والقربات وهو يرغب ويطمع أن يتقبلها الله منه ؛ ولا سبيل إلى ذلك إلا بدعائه والانكسار بين يديه والتضرع له ، وكذلك قد يكون العبد مرتكباً لبعض الآثام قبل رمضان أو صدر عنه نقص أو تقصير أو تفريط أثناء رمضان وهو يرغب في توبة الله عليه ومغفرة ذنوبه ؛ ولا سبيل إلى ذلك إلا بالدعاء ، فكأن الله يلفت عباده إلى ما يلوذون به ويهربون إليه وبه تجاب رغباتهم وتقضى حاجاتهم وتقال عثراتهم وتغفر زلاتهم.
قال ابن القيم رحمه الله : (( أساس كلّ خير أن تعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ؛ فتتيقن حينئذ أن الحسنات من نِعَمِه ؛ فتشكره عليها وتتضرعَ إليه أن لا يقطعها عنك ، وأن السيئات من خذلانه وعقوبته؛ فتبتهل إليه أن يحول بينك وبينها، ولا يكِلَكَ في فعل الحسنات وترك السيئات إلى نفسك . وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد، وكلَّ شرٍّ فأصله خذلانه لعبده ، وأجمعوا أنَّ التوفيق أن لا يكِلَك الله إلى نفسك، وأن الخذلان : هو أن يخلي بينك وبين نفسك، فإذا كان كلُّ خير فأصله التوفيق وهو بيد الله لا بيد العبد؛ فمفتاحه الدعاءُ والافتقار وصدق اللَّجإ والرغبةِ والرهبةِ إليه ، فمتى أعطَى العبدَ هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له ، ومتى أضلَّه عن المفتاح بقي بابُ الخير مُرْتَجاً دونه ... وما أُتي من أُتِيَ إلا من قِبَل إضاعة الشكر وإهمال الافتقار والدعاء ، ولا ظَفِرَ من ظفر - بمشيئة الله وعونِه - إلا بقيامه بالشكرِ وصدقِ الافتقار والدعاء))(4) اهـ.
والدعاءُ شأنُه في الإسلام عظيمٌ، ومكانتُه فيه ساميةٌ، ومنزلتُه منه عالية؛ إذ هو أجلُّ العبادات وأعظمُ الطاعات وأنفعُ القربات، ولهذا جاءت النصوصُ الكثيرةُ في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبيِّنةُ لفضله والمُنَوِّهةُ بمكانته وعظم شأنه، والمرغِّبةُ فيه والحاثَّةُ عليه، وقد تنوَّعت دلالاتُ هذه النصوص المبيِّنة لفضل الدعاء، فجاء في بعضها الأمرُ به والحثُّ عليه، وفي بعضها التحذير من تركه والاستكبار عنه، وفي بعضها ذكرُ عِظم ثوابه وكبر أجره عند الله، وفي بعضها مدحُ المؤمنين لقيامهم به، والثناءُ عليهم بتكميله، وغيرُ ذلك من أنواع الدلالات في القرآن الكريم على عظم فضل الدعاء.
بل إنَّ الله سبحانه قد افتتح كتابه الكريم بالدعاء واختممه به، فسورة «الحمد» التي هي فاتحة القرآن الكريم مشتملةٌ على دعاء الله بأجلِّ المطالب وأكمل المقاصد، أَلَا وهو سؤال الله عزَّ وجلَّ الهدايةَ إلى الصراط المستقيم والإعانةَ على عبادته، والقيامَ بطاعته سبحانه، وسورةُ «الناس» التي هي خاتمة القرآن الكريم مشتملةٌ على دعاء الله سبحانه، وذلك بالاستعاذة به سبحانه من شرِّ الوسواس الخنَّاس، الذي يوسوسُ في صدور الناس، مِنَ الجِنَّة والناس، وما من ريبٍ أنَّ افتتاحَ القرآن الكريم بالدعاء واختتامَه به دليلٌ على عِظم شأن الدعاء وأنَّه روحُ العبادات ولبُّها.
بل إنَّ الله جلَّ وعلا سمَّى الدعاءَ في القرآن عبادةً في أكثر من آية، مِمَّا يدلُّ على عِظم مكانته، كقوله سبحانه: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر: 60]، وكقوله فيما حكاه عن نبيِّه إبراهيم عليه السلام: {وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا (48) فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا } [مريم: 48 – 49]، ونحـوها من الآيات، وسَمَّى سبحانه الدعاءَ دِيناً كمـا في قوله: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 65]، ونحوها من الآيات.
وهذا كلُّه يُبيِّن لنا عِظمَ شأن الدعاء، وأنَّه أساسُ العبودية وروحُها، وعنوانُ التذلُّل والخضوع والانكسار بين يدي الربِّ، وإظهارِ الافتقار إليه، ولهذا حثَّ الله عبادَه عليه، ورغَّبهم فيه في آيٍ كثيرة من القرآن الكريم، يقول الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (55) وَلا تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: 55 – 56]، وقال تعالى: { هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [غافر: 65].
وأخبر سبحانه ـ مرَغِّباً عبادَه في الدعاءِ ـ بأنَّه قريبٌ منهم يُجيب دعاءَهم، ويُحقِّقُ رجاءَهم، ويعطيهم سؤلهم، قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186] ، وقال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأرْضِ} [النمل: 62].
ولهذا فإنَّ العبدَ كلَّمـا عظُمت معرفتُه بالله وقويت صِلتُه به كان دعاؤُه له أعظمَ، وانكسارُه بين يديه أشدَّ، ولهذا كان أنبياءُ الله ورُسُلُه أعظمَ الناس تحقيقاً للدعاء وقياماً به في أحوالهم كلِّها وشؤونهم جميعِها، وقد أثنى الله عليهم بذلك في القرآن الكريم، وذَكَر جملةً من أدعيتهم في أحوالٍ متعدِّدةٍ ومناسبات متنوِّعةٍ، قال تعالـى في وصفهم: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
فينبغي على المؤمن أن يعنى بهذه العبادة ، وأن يغنم أوقات هذا الشهر الشريف بالإقبال على الله بالدعاء والسؤال والإلحاح راغبا راهبا ، مع العناية بشروط الدعاء وآدابه ، راجيا أن يكون من الفائزين بثواب الله الناجين من النار ، فإن لله عتقاء من النار وذلك كلَّ ليلة من ليالي رمضان .
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا ودعاءنا ، ومنَّ علينا بالعتق من النار يا حي يا قيوم .
(1) سنن أبي داود (1479)، سنن الترمذي (3247) وقال: هذا حديث حسن صحيح ، سنن ابن ماجه (3828) .
(2) رواه الطبراني في الدعاء (1215) ، والبيهقي في شعب الإيمان (7513) .
(3) رواه البيهقي في السنن الكبرى (3/345، 6185) .
(4) الفوائد لابن القيم (ص:127- 128 )
*********************************************************
قصة وعبرة
----------------
روي أنه كان يعيش في مكة رجل فقير متزوج من امرأة صالحة.
قالت له زوجته ذات يوم: يا زوجي العزيز ليس عندنا طعام نأكله ولا ملبس نلبسه؟ فخرج
الرجل إلى السوق يبحث عن عمل، بحث وبحث ولكنه لم يجد أي عمل، وبعد أن أعياه البحث، توجه إلى بيت الله الحرام، وصلى هناك ركعتين وأخذ يدعو الله أن يفرج عنه همه.
وما أن انتهى من الدعاء وخرج إلى ساحة الحرم وجد كيساً، التقطه وفتحه، فإذا فيه ألف دينار.
ذهب الرجل إلى زوجته يفرحها بالمال الذي وجده لكن زوجته ردت المال وقالت له: لابد أن ترد هذا المال إلى صاحبه فإن الحرم لا يجوز التقاط لقطته، وبالفعل ذهب إلى الحرم ووجد رجل ينادي: من وجد كيساً فيه ألف دينار؟
فرح الرجل الفقير، وقال: أنا وجدته، خذ كيسك فقد وجدته في ساحة الحرم، وكان جزاؤه أن نظر المنادي إلى الرجل الفقير طويلاً
ثم قال له: خذ الكيس فهو لك، ومعه تسعة آلاف أخرى، استغرب الرجل الفقير،
وقال له: ولما، قال المنادي: لقد أعطاني رجل من بلاد الشام عشرة آلاف دينار، وقال لي: اطرح منها آلف في الحرم، ثم ناد عليها، فإن ردها إليك من وجدها فأدفع المال كله إليه فإنه أمين
قال الله تعالى: “ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب”.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
15رمضان 1437هـ - 20 يونيو 2016م
مناجاة
اللهم إنّا نسألك حبك وحب من يقربنا إلى حبك
اللهم لا تؤاخذنا في هذا اليوم بالعثرات، وأقلنا فيه من الخطايا والهفوات ولا تجعلنا فيه غرضاً للبلايا والآفات بعزتك يا عز المسلمين، اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك، اللهم إنا نسألك أن ترفع ذكرنا، وتضع وزرنا، وتطهر قلوبنا، وتحصن فروجنا، وتغفر لنا ذنوبنا ونسألك الدرجات العلا من الجنة، اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ورسولك سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، ونستعيذك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، اللهم اختم لنا بخير، واجعل عواقب أمورنا إلى خير يا أرحم الراحمين يا كريم.
اللهم إنا نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لنا ذنوبنا، وأن تكفر عنا ذنوبنا، وأن تتولى أمرنا، وأن تختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، يا مفرج الكروب فرج كربنا، واغفر ذنبنا واستر عيبنا، وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
*******************************************
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلّون على المتسحّرين) رواه ابن حبّان.
عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بغداء السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك) رواه النسائي.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة) رواه الطبراني.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحّروا ولو بجرعة من ماء) رواه ابن حبّان.
*******************************************
*******************************************
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ
روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ))(1). وقد جاء التصريح في حديث رواه الإمام أحمد في مسنده بأن هذا المنادي ملَك من ملائكة الله وأنه يتكرر كلَّ ليلة حتى ينقضي الشهر ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((.. وَيُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ))(2). ولئن كان أهل الإيمان لا يسمعون صوت هذا المنادي إلا أنهم من ندائه على يقين ؛ لأن الذي أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
فلنستشعر في ليالي رمضان المباركات هذا النداء المبارك ، هذا النداء العظيم ، ولنفعِّل هذا النداء في حياتنا ، ولنتأمل في أحوالنا وسلوكنا ، ولننظر في حالنا من أي أهل النداءين ؟ فإنهما نداءان وكل منهما مقصود به فئة من الناس " يا باغي الخير .. يا باغي الشر " ؛ وفي هذا دلالة أن قلوب الناس على قلبين : قلب يبغي الخير ويطلبه ويبحث عنه ويتحراه ، وقلب آخر - والعياذ بالله - يبحث عن الشر ويتحرك في طلبه وينبعث في البحث عنه ، فليسوا سواء ؛ ليس من كان قلبه قلباً صالحاً مستقيماً يطلب الخير ويتحراه كمن قلبه -والعياذ بالله- قلباً شريراً لئيماً يبحث عن الشر ويتحراه .
فمن كان قلبه ذلك القلب الكريم الذي يتحرى الخير ويطلبه فليغنم شهر الخيرات : بالإقبال على الله ، وبالمزيد من الطاعات ، وبالاستكثار من العبادات ، وباغتنام موسم الخيرات بالإكثار من الرغائب والمستحبات ، وفي الحديث القدسي يقول الله جل وعلا : ((وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ))(3) فالمقبِل على الخيرات يجتهد في الفرائض أولاً تبكيراً إليها ومزيد اهتمامٍ بها وسعياً في تتميمها وتكميلها ، ثم بعد ذلك يوسع في باب الرغائب والمستحبات اغتناماً واستكثارا .
وما من شك أن هذا النداء العظيم المتكرر كلَّ ليلة من ليالي رمضان يُعَدُّ حافزاً عظيماً للهمم والعزائم في شهر الخيرات ؛ ينادي المقبلين على الخيرات تحفيزاً لهم وشحذاً لهممهم لاستباق الخيرات ؛ سواء كانت متعلقة بالنفس كالمحافظة على الواجبات وأداء الصلاة والصيام وغيرها من الواجبات على أتم الوجوه وأفضلها والمنافسة في أداء النوافل والسنن واجتناب المحرمات والمكروهات ، أو كانت متعلقة بالغير كبذل النصيحة لهم وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران وسائر الناس ، وكالإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء والمحتاجين ، وكفّ الأذى عن الناس ومساعدتهم بالمال والبدن والجاه .
وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أكملَ هدي وأحسنَ هدي ، يقول ابن القيم رحمه الله مبيِّناً هديه صلى الله عليه وسلم في الصدقة والإحسان إلى الناس : (( كان صلى اللَّه عليه وسلم أعظمَ الناس صدقةً بما ملكت يدُه ، وكان لا يستكثر شيئاً أعطاه للهِ تعالى ولا يستقِلُّه، وكان لا يسأله أحدٌ شيئاً عنده إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً ، وكان عطاؤه عطاء مَنْ لا يخاف الفقر ، وكان العطاءُ والصدقةُ أحبَّ شيءٍ إليه، وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظمَ من سرور الآخذِ بما يأخذه، وكان أجودَ الناس بالخير، يمينه كالريح المرسلة ، وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، تارة بطعامه، وتارة بلباسه . وكان ينوّع في أصناف عطائه وصدقته، فتارة بالهبة، وتارة بالصدقة ، وتارة بالهدية، وتارة بشراء الشيء ثم يعطي البائع الثمنَ والسلعة جميعاً كما فعل ببعير جابر، وتارة كان يقترض الشيء فيرد أكثر منه وأفضل وأكبر، ويشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه، ويقبل الهدية ويكافئ عليها بأكثر منها أو بأضعافها، تلطُّفاً وتنوُّعاً في ضروب الصدقة والإحسان بكل ممكن ، وكانت صدقته وإحسانه بما يملكه وبحاله وبقوله ، فيُخْرِجُ ما عنده، ويأمُرُ بالصدقة ويحضُّ عليها ويدعو إليها بحاله وقوله ، فإذا رآه البخيل الشحيح دعاه حاله إلى البذل والعطاء، وكان مَنْ خالطَه وصحِبَه ورأى هديَه لا يملك نفسه من السماحة والندى، وكان هديه صلى اللَّه عليه وسلم يدعو إلى الإحسان والصدقةِ والمعروفِ، ولذلك كان صلى اللَّه عليه وسلم أشرحَ الناس صدراً ، وأطيبَهم نفساً ، وأنعَمهم قلباً ، فإن للصدقة وفعلِ المعروفِ تأثيراً عجيباً في شرح الصدر))(4)اهـ.
ومن شواهد ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ))(5).
ومن أبواب الخير التي رغب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم تفطير الصائم وتجهيز الغازي في سبيل الله ((مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا أَوْ جَهَّزَ غَازِيًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ))(6).
وحث على الاعتمار في رمضان روى البخاري عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً معي))(7) ، وروى ابن ماجة عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ : ((عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً))(.
فالثواب في هذا الشهر عظيم والأجر كبير وأبواب الخير واسعة فليضرب كل بسهم فيها والله تعالى يقول: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة:148] ، وإذا فعل ذلك فليخلص لله النية ولْيَحتسب الأجر عنده ولْيُداوم على ذلك ما استطاع ، وليحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وموافقة هديه في كل أمر ، وليطلب العون من الله وحده على فعل الخيرات والمسابقة في أداء الطاعات والإكثار من الحسنات ، ومن الدعوات العظيمة التي علَّمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ولها نفع عظيم في هذا الباب ما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا))(9).
وفَّقنا الله جميعاً لفعل الخيرات واغتنام الأجور ورفيع الدرجات.
(1) سنن الترمذي (682)، وابن ماجه (1642)، واللفظ للترمذي .
(2) مسند الإمام أحمد (18042) .
(3) رواه البخاري (6502) .
(4)زاد المعاد لابن القيم (2/21-22).
(5) البخاري (6)، ومسلم (2308) واللفظ للبخاري .
(6) سنن البيهقي (7927) .
(7) البخاري (1863) .
( سنن ابن ماجه (2995) .
(9) سنن ابن ماجه (3846) .
*******************************************
افشاء السلام غصن زيتون وحمامة سلام
بقلم-أحمد عبدالكريم*
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
أمر الله العباد بالاعتصام، ويدخل في هذا الأمر كل سبب يوصل إلى الجماعة وجمع الكلمة والتسامح، وواحد من هذه الأسباب إفشاء السلام، قال تعالى: «فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة» ومعنى هذه الآية مشروعية السلام على أهل البيت، وأيضاً مشروعية السلام، ولو كان البيت خالياً كما قال غير واحد من المفسرين، وجاء في الحديث الصحيح أن رجلا سأل النبي عليه الصلاة والسلام أي الإسلام خير؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف»، ومن هنا يكون الجواب للسؤال المحتمل لهذا المقال، ما هو الربط بين السلام والتسامح؟
فالجواب أن التسامح لا يكون عن طريق اعتزال الآخرين ورفضهم والترفع عنهم، والتعصب والكراهية، فهذا شيء يناقض سماحة الإسلام، وأن الإسلام أمر بأن تكون الناس متماسكة في مجتمعاتها، وأن تكون متراحمة، ومتحابة، وإفشاء السلام هو بداية التماسك والتراحم بل هو دليل على التقارب من الآخرين، كما قال عليه السلام: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»، فجعل هنا السلام هو البرهان على المحبة، والمحبة دليل على الإيمان، والإيمان شرط لدخول الجنة، بل لم يتوقف الشرع عند هذا الحد، ورتب الأجر العظيم على نشر السلام، كما جاء من حديث عمران بن حصين، أن رجلاً جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: السلام عليكم، فرد عليه وجلس وقال «عشر»، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه وقال: «عشرون»، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه وقال: «ثلاثون».
وهو من موجبات دخول الجنة أيضاً، كما جاء في الحديث «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»، فهذه الأحاديث وغيرها تبين لنا قيمة وفضل التعارف بين الناس وإفشاء السلام بينهم.
قال الإمام النووي: والسلام أول أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة، وفي إفشائه تكمن ألفة المسلمين بعضهم لبعض. وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي: «والسلام من محاسن الإسلام، فإن كل واحد من المتلاقين يدعو للآخر بالسلامة من الشرور، وبالرحمة والبركة الجالبة لكل خير، ويتبع ذلك من البشاشة وألفاظ التحية المناسبة ما يوجب التآلف والمحبة، ويزيل الوحشة والتقاطع».
لماذا اقترنت الرحمة والبركة مع السلام؟
الجواب أن الإنسان لا ينتفع بالحياة إذا لم تتوفر له ثلاثة أمور، وهي: سلامته من الشر وكل ما ينغص حياته، وحصول الخير له، ودوام هذا الخير وثباته، وهذه الثلاثة نجدها في السلام، فإن لفظة السلام هي السلامة من الشر، وأن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وقولك «ورحمة الله» يتضمن حصول الخير، وقولك «وبركاته» يتضمن دوامه وثباته، كون لفظة البركة المراد منها كثرة الخير، كما قال سبحانه في ليلة القدر«إنا أنزلناه في ليلة مباركة» أي: كثيرة الخير.
لذا علينا أن نتحلى بهذا الخلق، ونعلمه لأبنائنا، ونجعله أصلاً أصيلاً في بيوتنا، إذا دخلنا وإذا خرجنا، وإذا لقينا الناس في الخارج، من عرفنا ومن لم نعرف، مع الصغير والكبير، مع القريب والغريب، وحتى مع الخصم، كما قال عليه الصلاة والسلام في حق المتخاصمين «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»، ويكمل هذا السلام بالمصافحة والتبسم في وجه الآخر، والعناق إذا طالت مدة الفراق، كما كان يفعل الصحابة أنهم إذا قدموا من سفر تعانقوا.
*******************************************
فاطمة السمرقندية الشابة الفقيهة.. والزوجة النبيهة
أورد أصحاب السير تراجم مستفيضة لنساءٍ برزن في زمانهن، معظمهن من المحدثات الفقيهات، والأديبات الشاعرات.. وكانت المرأة الفقيهة المفتية تجلس في المسجد للدرس والفتوى، يتعلم على يديها الرجال.
وفي بلاد (تركستان)، التي تمتد من نهري (سيحون وجيحون) الجاريين وراء الشاش، حتى حدود الصين وبلاد التبت- تقع مدينةٌ كبيرةٌ يقال لها: كاسان، فيها قلعةٌ حصينةٌ وعلى بابها (وادي أخسكيت). وكانت هذه البلدة ضمن خريطة شرقية واسعةٍ، أظلتها غمامة الإسلام الندية، فدخلت في دين الله آمنة مطمئنة، يسعى جميع أهلها المسلمون في مرضاة الله ونوره.
وفي بيتٍ من بيوتها، وفي كنف شيخٍ جليلٍ يعتبر من كبار فقهاء عصره، يدعى محمد بن أحمد السمرقندي، ويكنى بأبي منصور، وهو صاحب كتاب (تحفة الفقهاء) الذي يعد عمود الفقه الحنفي، ولدت فتاةٌ أسماها فاطمة.
الدكتور محمد إفرخاس، واعظ أول بإدارة التثقيف والتوجيه الديني يحدثنا عن مآثر هذه العالمة الجليلة:
فيما كانت الفتاة الجميلة الوليدة تترعرع وتكبر، كان أبوها العالم مشغولاً بوضع لمساته الأخيرة على كتابه العظيم في الفقه الحنفي (تحفة الفقهاء)، الذي أصبح بجدارةٍ وإحقاقٍ عمدة فقه الأحناف، ومجمع أطناب خيمتهم... فارتفع قدر السمرقندي بذلك درجاتٍ ودرجاتٍ، بعد أن زاد في تحفته على مختصر (القدوري) ذي الشهرة الفائقة.
ولكن العمل العلمي الذي نذر السمرقندي نفسه له، لم يكن ليشغله عن خاصة نفسه، وأمور بيته، فلم يكن الشيخ بالعازف عن مسؤولياته تجاه أهله، بل قام بالعناية بابنته خير قيامٍ، وأدبها أحسن أدبٍ، فكانت خير طالبة.
يقول الإمام عبد الحي اللكنوي في كتابه «الفوائد البهية»: «كانت فاطمة فقيهة علامة تفقهت على أبيها، وحفظت تحفته». كما أنها تعلمت الخط، حتى كان خطها معروفاً مميزاً، وأصبحت فاطمة بنت محمد السمرقندي أشهر فتاةٍ في (كاسان) علما وفهما وذكاء.
كان والدها يعرض عليها الفتاوى، التي تتضمن الأسئلة التي كانت تأتيه من أنحاء البلاد، ويطلب منها التعليق عليها، فكانت تعلق بخطها الجميل، وتوقع بعد توقيع أبيها على تلك الرقع، فلا تخرج الفتاوى معتمدة من عند السمرقندي إلا وعليها توقيعان: توقيعه، وتوقيع ابنته العالمة (فاطمة).
مطمع الخطاب
انتشر صيت فاطمة في تركستان كلها، حتى إن جماعة من ملوك بلاد الروم من المسلمين، وأمراء ذلك الزمان سعوا إلى أبيها، طلبا في يد ابنته فاطمة والقرب منه، فلم يكن ليجيب أحداً إلى ذلك! خاصة أنه لم يكن يستطيع مفارقة ابنته التي حملت علومه، وانطبعت فيها أخلاقه وشخصيته، فكان يعتذر إلى كل أولئك برفقٍ ويردهم بلباقةٍ، ويعود إلى بيته ليملأ ناظريه من ابنته التي أشغلها العلم عن كل شيء.
شرح تحفته فزوجه ابنته
كانت لأبيها السمرقندي حلقة يلتئم شملها كل يومٍ، تضم طلاباً للعلم، تميز منهم أبوبكر بن مسعود بن الكاساني، الذي لازم شيخه، واشتغل بالعلم عليه، وبرع في الأصول والفقه. وتفرغ التلميذ لشرح كتاب شيخه: «تحفة الفقهاء»؛ فلما أتم الشرح وراجعه عرضه على شيخه السمرقندي، بعد أن أسمى كتابه: (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع)، وهو عمدةٌ في الفقه الحنفي، ومن أحسن مراجعه ترتيبا للتدريس.
أعــجب السمرقــنـــدي بالــكتاب ومؤلفه إعجاباً شديداً، فزوجه ابنته فاطمة، وجعل الكتاب مهرها، فقال فقهاء عصره: «شرح تحفته، وزوجه ابنته»، واستمرت رقاع الفتوى تخرج من بيت أبيها السمرقندي بتوقيعه، وتوقيع ابنته فاطمة، وانضم إلى توقيعهما توقيعٌ ثالثٌ جديدٌ: هو توقيع زوجها الكاساني.
بعد الزواج
لم تكن من النوع الخامل، فلقد تصدرت فاطمة بنت محمد السمرقندي للتدريس والإفادة، فطلب العلم على يديها الكثيرون.
وكانت عاقلة عالمة ذات علم غزير ومعارف جمة، وكان نساء زمانها يستفتينها في مسائل الدين، ويقتدين بها في معضلات الأمور التي كانت تواجههن في حياتهن اليومية.
وذكر كثير من المؤرخين في مصنفاتهم ومؤلفاتهم أنها كانت وافرة العلم، تسأل عن دقائق المســـائل، وتتقن الفقه إتقاناً بالغاً، ومن العالمــات الفاضلات، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
تنقلت فاطمة مع زوجها في الأمصار مسافراً إلى بلاد الروم، ثم إلى بلاد الشام، واستقرا في حلب الشهباء مجاورين للملك العادل نور الدين محمود، ومشاركين في خدمة المسلمين في دولة الأيوبيين.
وقد سنت فاطمة الفطر في رمضان للفقهاء بالحلاوية - وهي مدرسة من المدارس الشرعية الكثيرة في حلب، وكان لفاطمة بنت السمرقندي بها صلةٌ، وكان في يديها سواران أخرجتهما وباعتهما وصنعت بثمنهما الفطور كل ليلة، واستمرت هذه العادة إلى اليوم.
*******************************************
ذهب الكلام:القشة التي قصمت ظهر البعير
كثيراً ما نسمع عن هذا المثل يضرب في الموقف البسيط، أو الكلمة الوحيدة التي تطلق فتنفجر على إثرها مشكلة ضخمة، وفي الحقيقة فإن تلك الكلمة أو ذلك الفعل المستهان به، لم يكن إلا سبباً ظاهرياً فقط لانبعاث أزمة أكوام سبقته من المشاكل والكلمات والمواقف التي صبرنا عليها، حتى بلغ الأمر حده، وإنما للصبر حدود كما يقولون، فإذا جاء بعد حد الاحتمال أقل القليل فإن الحال ستؤول إلى الانهيار حتماً، حيث طفح الكيل، تماماً مثل ميزان الذهب الذي يبقى صامداً حتى لحظة سقوط ذرة صغيرة عليه فإذا به يرجح، وفي الحقيقة فإن هذه الذرة الأخيرة ليست هي التي رجحت الكفة وإنما هي التي حولت نقطة الارتكاز والتحمل من جهة إلى أخرى، فكانت القشة الخفيفة التي قصمت البعير.
فأية قشة وأي بعير هذا؟
قيل إن أعرابياً كان على سفر فأخذ يحمل أمتعة كثيرة فوق ظهر جمله، حتى تراكم فوق ظهره ما تطيقه أربعة جمال، فبدأ الجمل يئن من ثقل المتاع إلا أن الرجل لم يهتم، وإنما بقيت له حزمة قش، رأى أن يحملها غذاء لدابته في طريق الصحراء، ولأن الجمل بدأ يحمحم ويهتز وينوء بالحمل، فإن الأعرابي جعل يضع عليه الحزمة، قشة وراء قشة، خشية أن ينهار، وظل الجمل يقاوم، إلى أن جاءت لحظة وضعت فيها آخر قشة فسقط البعير وهلك، فعجب الناس لذلك وقالوا: قشة قصمت ظهر البعير؟!. فذهبت مثلاً.
نستنتج ن هذا أنه يجب عدم الاستهانة بصغائر الأمور، كما ينبغي ألا ننظر إلى السبب المباشر باعتباره هو السبب الحقيقي للمشكلة الكبرى. فالبركان الخامد يمور داخل الأرض، ولا ينفجر إلا فجأة.
وخير حال يمكن أن يعبّر عنها هذا المثل، ثورة البوعزيزي التونسي الذي أشعل نفسه، لتلتهب معه ما أطلق عليها بثورة الياسمين، وتكر بعدها سبحة الانتفاضات والحراكات الشعبية لتتساقط إثرها سلسلة من أنظمة انفجرت شعوبها التي طالما ظلت تئن، رغم أن تلك الشرارة، لم تكن مجرد رد فعل لإهانة عابرة تلقاها شاب عزيز نفس من شرطية، وإنما لأن كل الطرق نحو الحياة الكريمة قد سدت في وجهه، وبلغ سيل معاناته الزبى وقمم الجبال، ونتيجة لذلك الكبت المتطاول واليأس وفقدان الأمل حدث ما حدث، وجر وراءه الويلات التي ما كانت لتحدث لولا تلك القشة، أو أنها كانت ستحدث بقشة أخرى، طالما الواقع المعبأ كان ينتظرها لتحين، فينهار السقف على الجمي
*******************************************
الصيام وتجديد الخلايا
يشير أنصارُ الطبِّ البديل (الشعبي) من المسلمين وغيرهم في كتاباتهم إلى قدرة الصوم على تخليص الجسم من الخلايا المريضة والهَرِمة والميتة, مُعطِياً بذلك للخلايا الجديدة والشابَّة فرصةً أكبر للتمدُّد والنشاط وإصلاح ما تلف من الأنسجة والخلايا؛ بل يذهب بعضهم إلى القول بأنَّ ذلك يقلِّل من نسبة الإصابة بالسرطان. ومن الكلام المتداول في هذا قول أحدهم: "الصومُ أداةٌ يمكن أن تعيدَ الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة المختلفة في البدن".
ونحن على طريقتنا المتَّبعة في هذا الموضوع، سنقوم بدراسة علمية متأنِّية لهذه الفائدة، وذلك في النقاط التالية:
كيف يتم تجديد الخلايا في الجسم؟
ترميمُ النُّسُج وتَجديدها Tissue repair & replacement مصطلحٌ في تجديد الخلايا، يُقصَد منه القدرة التي جعلها الله الخالق سبحانه وتعالى في الجسم لإيجاد خلايا جديدة محلَّ الخلايا القديمة التالفة والميتة. والتجديدُ نوعان:
1) التجديد التلقائي المستمر
حيث إنَّ بعضَ خلايا الجسم في تجدُّدٍ مستمرٍّ حتَّى في الأحوال الطبيعية، كالجلد الذي تتغيَّر خلاياه بالكامل بشكلٍ دوري، وكريَّات الدم الحمراء التي تتجدَّد كلَّ 3 أشهر، والكريَّات البيض التي يعيش بعضُها من 100 إلى 300 يوماً، وبعضها يعيش سنوات.
2) التجديد في حالات الجروح والإصابات والالتهابات
وهو تَجديدٌ في حالة الطوارئ عندما يُصاب الجسمُ بجُرح أو إصابة، أو عندما يحصل التهابٌ في منطقة ما من الجسم. وينجم عن الالتهاب في العادة ضحايا من الطرفين، يقوم الجسمُ بتجميع مخلَّفات المعركة من الخلايا القتيلة والأنسجة التالفة على هيئة صديد وقيح.
وتكتشف الخلايا المجاورة للخلايا التالفة الأمرَ، فيُلهمها الباري عزَّ وجل أن تتكاثرَ، وتنقسم بسرعة لتلدَ خلايا جديدة محلَّ أخواتها اللاتي قضين نحبهن!.
لكن ليس كلُّ خلايا الجسم قابلة للتجديد، فخلايا المخِّ والأعصاب والعضلات لا تتجدَّد إلاَّ في حالاتٍ معيَّنة وبالحدود الدُّنيا. ولهذا إذا حصلت إصابةٌ أو التهاب في هذه الخلايا، فإنَّ الذي يقوم بالتعويض خلايا أخرى عادةً اسمها الأرومات الليفية Fibroblast cells، حيث تقوم بإنتاج مادَّة بروتينية تحل محلَّ الخلايا التالفة، وهي الندبة Scar التي تراها أحياناً على الجلد بعدَ الإصابات.
كيف يجري التخلُّصُ من الخلايا الميتة والمريضة والهرمة والسرطانية؟
لقد جعل اللهُ تعالى في الجسم نظاماً بديعاً مُحكَماً غايةَ الإحكام، يقوم بصيانة دورية مستمرَّة لخلايا الجسم، بواسطة كريَّات الدم البيضاء، التي لا يعطيها قدرَها إلاَّ من عرف حقيقةَ الدور الذي تقوم به من أجلنا.
فحيثما وَجدت هذه الخلايا نسيجاً قد تلف، أو أصابته جرثومة، أو تضرَّر من إصابة أو جرح، أو مات أو هرم وشاخ، أو ما هو أخطر من ذلك بأن بدأ يتمرَّد وتظهر عليه بوادر التسرطن والتحوُّل إلى خلايا سرطانية، فإنَّ هذه الخلايا البيضاء تقوم مباشرة بتدميره.
كيف يساعد الصوم على تجديد الخلايا؟
أمَّا أنصارُ الطبِّ البديل، وهم في العادة يستخرجون الحقائق من التنظير، فإنَّهم يرون أنَّ الصيامَ يساعد على تجديد الخلايا، لأنَّ الخلايا المريضة والتالفة لا تتحمَّل الصيام فتموت، ويجري استبدالُها بغيرها، وهو تفسيرٌ يبدو منطقياً، لكنَّه لا يزال في مرحلة النظرية، ويحتاج إلى إثبات أو نفي بالدراسات المختبرية، وهذا ما لا يتوفَّر حالياً.
ولذا، فإنَّ غايةَ ما نقوله: إنَّ هناك رأياً نظرياً لا يزال في مرحلة الفرضية، وهو أنَّ الصيامَ يساعد على تجديد أنسجة الجسم، لكن ليس هناك دراساتٌ علمية تسند هذا الرأي.
المراجع
صحة الصائم
د. خالد الجابر
مناجاة
اللهم إنّا نسألك حبك وحب من يقربنا إلى حبك
اللهم لا تؤاخذنا في هذا اليوم بالعثرات، وأقلنا فيه من الخطايا والهفوات ولا تجعلنا فيه غرضاً للبلايا والآفات بعزتك يا عز المسلمين، اللهم إنا نسألك حبك، وحب من يحبك، وحب العمل الذي يقربنا إلى حبك، اللهم إنا نسألك أن ترفع ذكرنا، وتضع وزرنا، وتطهر قلوبنا، وتحصن فروجنا، وتغفر لنا ذنوبنا ونسألك الدرجات العلا من الجنة، اللهم إنا نسألك من خير ما سألك منه عبدك ورسولك سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، ونستعيذك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، اللهم اختم لنا بخير، واجعل عواقب أمورنا إلى خير يا أرحم الراحمين يا كريم.
اللهم إنا نسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لنا ذنوبنا، وأن تكفر عنا ذنوبنا، وأن تتولى أمرنا، وأن تختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، يا مفرج الكروب فرج كربنا، واغفر ذنبنا واستر عيبنا، وادخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
*******************************************
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله وملائكته يصلّون على المتسحّرين) رواه ابن حبّان.
عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليكم بغداء السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك) رواه النسائي.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة) رواه الطبراني.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحّروا ولو بجرعة من ماء) رواه ابن حبّان.
*******************************************
*******************************************
يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ
روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ))(1). وقد جاء التصريح في حديث رواه الإمام أحمد في مسنده بأن هذا المنادي ملَك من ملائكة الله وأنه يتكرر كلَّ ليلة حتى ينقضي الشهر ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((.. وَيُنَادِي فِيهِ مَلَكٌ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَبْشِرْ يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ حَتَّى يَنْقَضِيَ رَمَضَانُ))(2). ولئن كان أهل الإيمان لا يسمعون صوت هذا المنادي إلا أنهم من ندائه على يقين ؛ لأن الذي أخبر بذلك الصادق المصدوق صلوات الله وسلامه عليه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .
فلنستشعر في ليالي رمضان المباركات هذا النداء المبارك ، هذا النداء العظيم ، ولنفعِّل هذا النداء في حياتنا ، ولنتأمل في أحوالنا وسلوكنا ، ولننظر في حالنا من أي أهل النداءين ؟ فإنهما نداءان وكل منهما مقصود به فئة من الناس " يا باغي الخير .. يا باغي الشر " ؛ وفي هذا دلالة أن قلوب الناس على قلبين : قلب يبغي الخير ويطلبه ويبحث عنه ويتحراه ، وقلب آخر - والعياذ بالله - يبحث عن الشر ويتحرك في طلبه وينبعث في البحث عنه ، فليسوا سواء ؛ ليس من كان قلبه قلباً صالحاً مستقيماً يطلب الخير ويتحراه كمن قلبه -والعياذ بالله- قلباً شريراً لئيماً يبحث عن الشر ويتحراه .
فمن كان قلبه ذلك القلب الكريم الذي يتحرى الخير ويطلبه فليغنم شهر الخيرات : بالإقبال على الله ، وبالمزيد من الطاعات ، وبالاستكثار من العبادات ، وباغتنام موسم الخيرات بالإكثار من الرغائب والمستحبات ، وفي الحديث القدسي يقول الله جل وعلا : ((وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ))(3) فالمقبِل على الخيرات يجتهد في الفرائض أولاً تبكيراً إليها ومزيد اهتمامٍ بها وسعياً في تتميمها وتكميلها ، ثم بعد ذلك يوسع في باب الرغائب والمستحبات اغتناماً واستكثارا .
وما من شك أن هذا النداء العظيم المتكرر كلَّ ليلة من ليالي رمضان يُعَدُّ حافزاً عظيماً للهمم والعزائم في شهر الخيرات ؛ ينادي المقبلين على الخيرات تحفيزاً لهم وشحذاً لهممهم لاستباق الخيرات ؛ سواء كانت متعلقة بالنفس كالمحافظة على الواجبات وأداء الصلاة والصيام وغيرها من الواجبات على أتم الوجوه وأفضلها والمنافسة في أداء النوافل والسنن واجتناب المحرمات والمكروهات ، أو كانت متعلقة بالغير كبذل النصيحة لهم وبر الوالدين وصلة الأرحام والإحسان إلى الجيران وسائر الناس ، وكالإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء والمحتاجين ، وكفّ الأذى عن الناس ومساعدتهم بالمال والبدن والجاه .
وكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك أكملَ هدي وأحسنَ هدي ، يقول ابن القيم رحمه الله مبيِّناً هديه صلى الله عليه وسلم في الصدقة والإحسان إلى الناس : (( كان صلى اللَّه عليه وسلم أعظمَ الناس صدقةً بما ملكت يدُه ، وكان لا يستكثر شيئاً أعطاه للهِ تعالى ولا يستقِلُّه، وكان لا يسأله أحدٌ شيئاً عنده إلا أعطاه قليلاً كان أو كثيراً ، وكان عطاؤه عطاء مَنْ لا يخاف الفقر ، وكان العطاءُ والصدقةُ أحبَّ شيءٍ إليه، وكان سروره وفرحه بما يعطيه أعظمَ من سرور الآخذِ بما يأخذه، وكان أجودَ الناس بالخير، يمينه كالريح المرسلة ، وكان إذا عرض له محتاج آثره على نفسه، تارة بطعامه، وتارة بلباسه . وكان ينوّع في أصناف عطائه وصدقته، فتارة بالهبة، وتارة بالصدقة ، وتارة بالهدية، وتارة بشراء الشيء ثم يعطي البائع الثمنَ والسلعة جميعاً كما فعل ببعير جابر، وتارة كان يقترض الشيء فيرد أكثر منه وأفضل وأكبر، ويشتري الشيء فيعطي أكثر من ثمنه، ويقبل الهدية ويكافئ عليها بأكثر منها أو بأضعافها، تلطُّفاً وتنوُّعاً في ضروب الصدقة والإحسان بكل ممكن ، وكانت صدقته وإحسانه بما يملكه وبحاله وبقوله ، فيُخْرِجُ ما عنده، ويأمُرُ بالصدقة ويحضُّ عليها ويدعو إليها بحاله وقوله ، فإذا رآه البخيل الشحيح دعاه حاله إلى البذل والعطاء، وكان مَنْ خالطَه وصحِبَه ورأى هديَه لا يملك نفسه من السماحة والندى، وكان هديه صلى اللَّه عليه وسلم يدعو إلى الإحسان والصدقةِ والمعروفِ، ولذلك كان صلى اللَّه عليه وسلم أشرحَ الناس صدراً ، وأطيبَهم نفساً ، وأنعَمهم قلباً ، فإن للصدقة وفعلِ المعروفِ تأثيراً عجيباً في شرح الصدر))(4)اهـ.
ومن شواهد ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ))(5).
ومن أبواب الخير التي رغب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم تفطير الصائم وتجهيز الغازي في سبيل الله ((مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا أَوْ جَهَّزَ غَازِيًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ))(6).
وحث على الاعتمار في رمضان روى البخاري عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّةً معي))(7) ، وروى ابن ماجة عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ قَالَ : ((عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً))(.
فالثواب في هذا الشهر عظيم والأجر كبير وأبواب الخير واسعة فليضرب كل بسهم فيها والله تعالى يقول: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة:148] ، وإذا فعل ذلك فليخلص لله النية ولْيَحتسب الأجر عنده ولْيُداوم على ذلك ما استطاع ، وليحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وموافقة هديه في كل أمر ، وليطلب العون من الله وحده على فعل الخيرات والمسابقة في أداء الطاعات والإكثار من الحسنات ، ومن الدعوات العظيمة التي علَّمها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ولها نفع عظيم في هذا الباب ما رواه ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ الْخَيْرِ كُلِّهِ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الشَّرِّ كُلِّهِ ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ بِهِ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لِي خَيْرًا))(9).
وفَّقنا الله جميعاً لفعل الخيرات واغتنام الأجور ورفيع الدرجات.
(1) سنن الترمذي (682)، وابن ماجه (1642)، واللفظ للترمذي .
(2) مسند الإمام أحمد (18042) .
(3) رواه البخاري (6502) .
(4)زاد المعاد لابن القيم (2/21-22).
(5) البخاري (6)، ومسلم (2308) واللفظ للبخاري .
(6) سنن البيهقي (7927) .
(7) البخاري (1863) .
( سنن ابن ماجه (2995) .
(9) سنن ابن ماجه (3846) .
*******************************************
افشاء السلام غصن زيتون وحمامة سلام
بقلم-أحمد عبدالكريم*
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
أمر الله العباد بالاعتصام، ويدخل في هذا الأمر كل سبب يوصل إلى الجماعة وجمع الكلمة والتسامح، وواحد من هذه الأسباب إفشاء السلام، قال تعالى: «فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة» ومعنى هذه الآية مشروعية السلام على أهل البيت، وأيضاً مشروعية السلام، ولو كان البيت خالياً كما قال غير واحد من المفسرين، وجاء في الحديث الصحيح أن رجلا سأل النبي عليه الصلاة والسلام أي الإسلام خير؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف»، ومن هنا يكون الجواب للسؤال المحتمل لهذا المقال، ما هو الربط بين السلام والتسامح؟
فالجواب أن التسامح لا يكون عن طريق اعتزال الآخرين ورفضهم والترفع عنهم، والتعصب والكراهية، فهذا شيء يناقض سماحة الإسلام، وأن الإسلام أمر بأن تكون الناس متماسكة في مجتمعاتها، وأن تكون متراحمة، ومتحابة، وإفشاء السلام هو بداية التماسك والتراحم بل هو دليل على التقارب من الآخرين، كما قال عليه السلام: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم»، فجعل هنا السلام هو البرهان على المحبة، والمحبة دليل على الإيمان، والإيمان شرط لدخول الجنة، بل لم يتوقف الشرع عند هذا الحد، ورتب الأجر العظيم على نشر السلام، كما جاء من حديث عمران بن حصين، أن رجلاً جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: السلام عليكم، فرد عليه وجلس وقال «عشر»، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه وقال: «عشرون»، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه وقال: «ثلاثون».
وهو من موجبات دخول الجنة أيضاً، كما جاء في الحديث «يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام»، فهذه الأحاديث وغيرها تبين لنا قيمة وفضل التعارف بين الناس وإفشاء السلام بينهم.
قال الإمام النووي: والسلام أول أسباب التآلف ومفتاح استجلاب المودة، وفي إفشائه تكمن ألفة المسلمين بعضهم لبعض. وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي: «والسلام من محاسن الإسلام، فإن كل واحد من المتلاقين يدعو للآخر بالسلامة من الشرور، وبالرحمة والبركة الجالبة لكل خير، ويتبع ذلك من البشاشة وألفاظ التحية المناسبة ما يوجب التآلف والمحبة، ويزيل الوحشة والتقاطع».
لماذا اقترنت الرحمة والبركة مع السلام؟
الجواب أن الإنسان لا ينتفع بالحياة إذا لم تتوفر له ثلاثة أمور، وهي: سلامته من الشر وكل ما ينغص حياته، وحصول الخير له، ودوام هذا الخير وثباته، وهذه الثلاثة نجدها في السلام، فإن لفظة السلام هي السلامة من الشر، وأن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وقولك «ورحمة الله» يتضمن حصول الخير، وقولك «وبركاته» يتضمن دوامه وثباته، كون لفظة البركة المراد منها كثرة الخير، كما قال سبحانه في ليلة القدر«إنا أنزلناه في ليلة مباركة» أي: كثيرة الخير.
لذا علينا أن نتحلى بهذا الخلق، ونعلمه لأبنائنا، ونجعله أصلاً أصيلاً في بيوتنا، إذا دخلنا وإذا خرجنا، وإذا لقينا الناس في الخارج، من عرفنا ومن لم نعرف، مع الصغير والكبير، مع القريب والغريب، وحتى مع الخصم، كما قال عليه الصلاة والسلام في حق المتخاصمين «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»، ويكمل هذا السلام بالمصافحة والتبسم في وجه الآخر، والعناق إذا طالت مدة الفراق، كما كان يفعل الصحابة أنهم إذا قدموا من سفر تعانقوا.
*******************************************
فاطمة السمرقندية الشابة الفقيهة.. والزوجة النبيهة
أورد أصحاب السير تراجم مستفيضة لنساءٍ برزن في زمانهن، معظمهن من المحدثات الفقيهات، والأديبات الشاعرات.. وكانت المرأة الفقيهة المفتية تجلس في المسجد للدرس والفتوى، يتعلم على يديها الرجال.
وفي بلاد (تركستان)، التي تمتد من نهري (سيحون وجيحون) الجاريين وراء الشاش، حتى حدود الصين وبلاد التبت- تقع مدينةٌ كبيرةٌ يقال لها: كاسان، فيها قلعةٌ حصينةٌ وعلى بابها (وادي أخسكيت). وكانت هذه البلدة ضمن خريطة شرقية واسعةٍ، أظلتها غمامة الإسلام الندية، فدخلت في دين الله آمنة مطمئنة، يسعى جميع أهلها المسلمون في مرضاة الله ونوره.
وفي بيتٍ من بيوتها، وفي كنف شيخٍ جليلٍ يعتبر من كبار فقهاء عصره، يدعى محمد بن أحمد السمرقندي، ويكنى بأبي منصور، وهو صاحب كتاب (تحفة الفقهاء) الذي يعد عمود الفقه الحنفي، ولدت فتاةٌ أسماها فاطمة.
الدكتور محمد إفرخاس، واعظ أول بإدارة التثقيف والتوجيه الديني يحدثنا عن مآثر هذه العالمة الجليلة:
فيما كانت الفتاة الجميلة الوليدة تترعرع وتكبر، كان أبوها العالم مشغولاً بوضع لمساته الأخيرة على كتابه العظيم في الفقه الحنفي (تحفة الفقهاء)، الذي أصبح بجدارةٍ وإحقاقٍ عمدة فقه الأحناف، ومجمع أطناب خيمتهم... فارتفع قدر السمرقندي بذلك درجاتٍ ودرجاتٍ، بعد أن زاد في تحفته على مختصر (القدوري) ذي الشهرة الفائقة.
ولكن العمل العلمي الذي نذر السمرقندي نفسه له، لم يكن ليشغله عن خاصة نفسه، وأمور بيته، فلم يكن الشيخ بالعازف عن مسؤولياته تجاه أهله، بل قام بالعناية بابنته خير قيامٍ، وأدبها أحسن أدبٍ، فكانت خير طالبة.
يقول الإمام عبد الحي اللكنوي في كتابه «الفوائد البهية»: «كانت فاطمة فقيهة علامة تفقهت على أبيها، وحفظت تحفته». كما أنها تعلمت الخط، حتى كان خطها معروفاً مميزاً، وأصبحت فاطمة بنت محمد السمرقندي أشهر فتاةٍ في (كاسان) علما وفهما وذكاء.
كان والدها يعرض عليها الفتاوى، التي تتضمن الأسئلة التي كانت تأتيه من أنحاء البلاد، ويطلب منها التعليق عليها، فكانت تعلق بخطها الجميل، وتوقع بعد توقيع أبيها على تلك الرقع، فلا تخرج الفتاوى معتمدة من عند السمرقندي إلا وعليها توقيعان: توقيعه، وتوقيع ابنته العالمة (فاطمة).
مطمع الخطاب
انتشر صيت فاطمة في تركستان كلها، حتى إن جماعة من ملوك بلاد الروم من المسلمين، وأمراء ذلك الزمان سعوا إلى أبيها، طلبا في يد ابنته فاطمة والقرب منه، فلم يكن ليجيب أحداً إلى ذلك! خاصة أنه لم يكن يستطيع مفارقة ابنته التي حملت علومه، وانطبعت فيها أخلاقه وشخصيته، فكان يعتذر إلى كل أولئك برفقٍ ويردهم بلباقةٍ، ويعود إلى بيته ليملأ ناظريه من ابنته التي أشغلها العلم عن كل شيء.
شرح تحفته فزوجه ابنته
كانت لأبيها السمرقندي حلقة يلتئم شملها كل يومٍ، تضم طلاباً للعلم، تميز منهم أبوبكر بن مسعود بن الكاساني، الذي لازم شيخه، واشتغل بالعلم عليه، وبرع في الأصول والفقه. وتفرغ التلميذ لشرح كتاب شيخه: «تحفة الفقهاء»؛ فلما أتم الشرح وراجعه عرضه على شيخه السمرقندي، بعد أن أسمى كتابه: (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع)، وهو عمدةٌ في الفقه الحنفي، ومن أحسن مراجعه ترتيبا للتدريس.
أعــجب السمرقــنـــدي بالــكتاب ومؤلفه إعجاباً شديداً، فزوجه ابنته فاطمة، وجعل الكتاب مهرها، فقال فقهاء عصره: «شرح تحفته، وزوجه ابنته»، واستمرت رقاع الفتوى تخرج من بيت أبيها السمرقندي بتوقيعه، وتوقيع ابنته فاطمة، وانضم إلى توقيعهما توقيعٌ ثالثٌ جديدٌ: هو توقيع زوجها الكاساني.
بعد الزواج
لم تكن من النوع الخامل، فلقد تصدرت فاطمة بنت محمد السمرقندي للتدريس والإفادة، فطلب العلم على يديها الكثيرون.
وكانت عاقلة عالمة ذات علم غزير ومعارف جمة، وكان نساء زمانها يستفتينها في مسائل الدين، ويقتدين بها في معضلات الأمور التي كانت تواجههن في حياتهن اليومية.
وذكر كثير من المؤرخين في مصنفاتهم ومؤلفاتهم أنها كانت وافرة العلم، تسأل عن دقائق المســـائل، وتتقن الفقه إتقاناً بالغاً، ومن العالمــات الفاضلات، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
تنقلت فاطمة مع زوجها في الأمصار مسافراً إلى بلاد الروم، ثم إلى بلاد الشام، واستقرا في حلب الشهباء مجاورين للملك العادل نور الدين محمود، ومشاركين في خدمة المسلمين في دولة الأيوبيين.
وقد سنت فاطمة الفطر في رمضان للفقهاء بالحلاوية - وهي مدرسة من المدارس الشرعية الكثيرة في حلب، وكان لفاطمة بنت السمرقندي بها صلةٌ، وكان في يديها سواران أخرجتهما وباعتهما وصنعت بثمنهما الفطور كل ليلة، واستمرت هذه العادة إلى اليوم.
*******************************************
ذهب الكلام:القشة التي قصمت ظهر البعير
كثيراً ما نسمع عن هذا المثل يضرب في الموقف البسيط، أو الكلمة الوحيدة التي تطلق فتنفجر على إثرها مشكلة ضخمة، وفي الحقيقة فإن تلك الكلمة أو ذلك الفعل المستهان به، لم يكن إلا سبباً ظاهرياً فقط لانبعاث أزمة أكوام سبقته من المشاكل والكلمات والمواقف التي صبرنا عليها، حتى بلغ الأمر حده، وإنما للصبر حدود كما يقولون، فإذا جاء بعد حد الاحتمال أقل القليل فإن الحال ستؤول إلى الانهيار حتماً، حيث طفح الكيل، تماماً مثل ميزان الذهب الذي يبقى صامداً حتى لحظة سقوط ذرة صغيرة عليه فإذا به يرجح، وفي الحقيقة فإن هذه الذرة الأخيرة ليست هي التي رجحت الكفة وإنما هي التي حولت نقطة الارتكاز والتحمل من جهة إلى أخرى، فكانت القشة الخفيفة التي قصمت البعير.
فأية قشة وأي بعير هذا؟
قيل إن أعرابياً كان على سفر فأخذ يحمل أمتعة كثيرة فوق ظهر جمله، حتى تراكم فوق ظهره ما تطيقه أربعة جمال، فبدأ الجمل يئن من ثقل المتاع إلا أن الرجل لم يهتم، وإنما بقيت له حزمة قش، رأى أن يحملها غذاء لدابته في طريق الصحراء، ولأن الجمل بدأ يحمحم ويهتز وينوء بالحمل، فإن الأعرابي جعل يضع عليه الحزمة، قشة وراء قشة، خشية أن ينهار، وظل الجمل يقاوم، إلى أن جاءت لحظة وضعت فيها آخر قشة فسقط البعير وهلك، فعجب الناس لذلك وقالوا: قشة قصمت ظهر البعير؟!. فذهبت مثلاً.
نستنتج ن هذا أنه يجب عدم الاستهانة بصغائر الأمور، كما ينبغي ألا ننظر إلى السبب المباشر باعتباره هو السبب الحقيقي للمشكلة الكبرى. فالبركان الخامد يمور داخل الأرض، ولا ينفجر إلا فجأة.
وخير حال يمكن أن يعبّر عنها هذا المثل، ثورة البوعزيزي التونسي الذي أشعل نفسه، لتلتهب معه ما أطلق عليها بثورة الياسمين، وتكر بعدها سبحة الانتفاضات والحراكات الشعبية لتتساقط إثرها سلسلة من أنظمة انفجرت شعوبها التي طالما ظلت تئن، رغم أن تلك الشرارة، لم تكن مجرد رد فعل لإهانة عابرة تلقاها شاب عزيز نفس من شرطية، وإنما لأن كل الطرق نحو الحياة الكريمة قد سدت في وجهه، وبلغ سيل معاناته الزبى وقمم الجبال، ونتيجة لذلك الكبت المتطاول واليأس وفقدان الأمل حدث ما حدث، وجر وراءه الويلات التي ما كانت لتحدث لولا تلك القشة، أو أنها كانت ستحدث بقشة أخرى، طالما الواقع المعبأ كان ينتظرها لتحين، فينهار السقف على الجمي
*******************************************
الصيام وتجديد الخلايا
يشير أنصارُ الطبِّ البديل (الشعبي) من المسلمين وغيرهم في كتاباتهم إلى قدرة الصوم على تخليص الجسم من الخلايا المريضة والهَرِمة والميتة, مُعطِياً بذلك للخلايا الجديدة والشابَّة فرصةً أكبر للتمدُّد والنشاط وإصلاح ما تلف من الأنسجة والخلايا؛ بل يذهب بعضهم إلى القول بأنَّ ذلك يقلِّل من نسبة الإصابة بالسرطان. ومن الكلام المتداول في هذا قول أحدهم: "الصومُ أداةٌ يمكن أن تعيدَ الشباب والحيوية إلى الخلايا والأنسجة المختلفة في البدن".
ونحن على طريقتنا المتَّبعة في هذا الموضوع، سنقوم بدراسة علمية متأنِّية لهذه الفائدة، وذلك في النقاط التالية:
كيف يتم تجديد الخلايا في الجسم؟
ترميمُ النُّسُج وتَجديدها Tissue repair & replacement مصطلحٌ في تجديد الخلايا، يُقصَد منه القدرة التي جعلها الله الخالق سبحانه وتعالى في الجسم لإيجاد خلايا جديدة محلَّ الخلايا القديمة التالفة والميتة. والتجديدُ نوعان:
1) التجديد التلقائي المستمر
حيث إنَّ بعضَ خلايا الجسم في تجدُّدٍ مستمرٍّ حتَّى في الأحوال الطبيعية، كالجلد الذي تتغيَّر خلاياه بالكامل بشكلٍ دوري، وكريَّات الدم الحمراء التي تتجدَّد كلَّ 3 أشهر، والكريَّات البيض التي يعيش بعضُها من 100 إلى 300 يوماً، وبعضها يعيش سنوات.
2) التجديد في حالات الجروح والإصابات والالتهابات
وهو تَجديدٌ في حالة الطوارئ عندما يُصاب الجسمُ بجُرح أو إصابة، أو عندما يحصل التهابٌ في منطقة ما من الجسم. وينجم عن الالتهاب في العادة ضحايا من الطرفين، يقوم الجسمُ بتجميع مخلَّفات المعركة من الخلايا القتيلة والأنسجة التالفة على هيئة صديد وقيح.
وتكتشف الخلايا المجاورة للخلايا التالفة الأمرَ، فيُلهمها الباري عزَّ وجل أن تتكاثرَ، وتنقسم بسرعة لتلدَ خلايا جديدة محلَّ أخواتها اللاتي قضين نحبهن!.
لكن ليس كلُّ خلايا الجسم قابلة للتجديد، فخلايا المخِّ والأعصاب والعضلات لا تتجدَّد إلاَّ في حالاتٍ معيَّنة وبالحدود الدُّنيا. ولهذا إذا حصلت إصابةٌ أو التهاب في هذه الخلايا، فإنَّ الذي يقوم بالتعويض خلايا أخرى عادةً اسمها الأرومات الليفية Fibroblast cells، حيث تقوم بإنتاج مادَّة بروتينية تحل محلَّ الخلايا التالفة، وهي الندبة Scar التي تراها أحياناً على الجلد بعدَ الإصابات.
كيف يجري التخلُّصُ من الخلايا الميتة والمريضة والهرمة والسرطانية؟
لقد جعل اللهُ تعالى في الجسم نظاماً بديعاً مُحكَماً غايةَ الإحكام، يقوم بصيانة دورية مستمرَّة لخلايا الجسم، بواسطة كريَّات الدم البيضاء، التي لا يعطيها قدرَها إلاَّ من عرف حقيقةَ الدور الذي تقوم به من أجلنا.
فحيثما وَجدت هذه الخلايا نسيجاً قد تلف، أو أصابته جرثومة، أو تضرَّر من إصابة أو جرح، أو مات أو هرم وشاخ، أو ما هو أخطر من ذلك بأن بدأ يتمرَّد وتظهر عليه بوادر التسرطن والتحوُّل إلى خلايا سرطانية، فإنَّ هذه الخلايا البيضاء تقوم مباشرة بتدميره.
كيف يساعد الصوم على تجديد الخلايا؟
أمَّا أنصارُ الطبِّ البديل، وهم في العادة يستخرجون الحقائق من التنظير، فإنَّهم يرون أنَّ الصيامَ يساعد على تجديد الخلايا، لأنَّ الخلايا المريضة والتالفة لا تتحمَّل الصيام فتموت، ويجري استبدالُها بغيرها، وهو تفسيرٌ يبدو منطقياً، لكنَّه لا يزال في مرحلة النظرية، ويحتاج إلى إثبات أو نفي بالدراسات المختبرية، وهذا ما لا يتوفَّر حالياً.
ولذا، فإنَّ غايةَ ما نقوله: إنَّ هناك رأياً نظرياً لا يزال في مرحلة الفرضية، وهو أنَّ الصيامَ يساعد على تجديد أنسجة الجسم، لكن ليس هناك دراساتٌ علمية تسند هذا الرأي.
المراجع
صحة الصائم
د. خالد الجابر
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
https://m.facebook.com/zangetna.news?soft=bookmarks#!/zangetna.news
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا .
جراح وطنية-
- الجنس :
عدد المساهمات : 32311
نقاط : 51412
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
اللهم نسألك نورأ الدرين ،و نعوذ بك من عودة ظلام سنة أثنين وخمسين،وقطع النهر الصناعي العظيم وحياة الذل والجحيم ولا تسلط علينا الإستعمار اللعين ولا العملاء المارقين ،ونسألك النصر الموئزر على القوم الفاسقين، و نرفع أيدينا في ساعة الفطر والإستجابة داعيين
""آميييييييين يا ربي العالمين""
""آميييييييين يا ربي العالمين""
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
لا إله إلا الله ،،،،،،،،****،،،،،،،،محمد رسول الله
الجماهيرية العربية الليبية الشعبية العظمى
الله أكبر.....الله أكبر.....الله أكبر
الحياء بدون رايات خضراء لا قيمة لها
"" استمروا و لو لم تسمعوا صوتي""
""فإن كان بالمدى القصير سنهزمهم وإن كان بالمدى الطويل سنهزمهم""
ﻧﻮﺭﺑﺎﺭﻕ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ-
- الجنس :
عدد المساهمات : 279
نقاط : 6772
تاريخ التسجيل : 14/05/2016
. :
بطاقة الشخصية
زنقتنا: 1969_9_1
رد: انوار رمضان1437هـ
16رمضان 1437هـ - 21 يونيو 2016م
مناجاة
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً
اللهم يا قادراً على كل شيء.. اغفر لنا كل شيء وارحمنا برحمتك الواسعة التي رحمت بها كل شيء، وإذا وقفنا بين يديك لا تسألنا عن أي شيء فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة.
اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا وإلى غيرك لا تكلنا وعن بابك لا تطردنا ومن نعمائك لا تحرمنا ومن شرور أنفسنا ومن شرور خلقك سلِّمْنا.
اللهم يا من لا يرد سائله ولا يـُخيِّب للعبد رجاءه إنا قد بسطنا إليك أكف الضراعة متوسلين إليك بأسمائك الحسنى ما علمنا منها وما لم نعلم.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً. اللهم ردنا إليك وأنت راضٍ عنا. اللهم أعنا على الموت وكربته، والقبر وغمته والصراط وزلته ويوم القيامة وروعته.
اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب. اللهم لا تثقل بنا أرضاً ولا تكرِّه بنا عبداً. اللهم لا تعذبني عند الموت.
واجعلنا من الذين يحبونَ لقاءكَ وتحبُّ لقاءهم.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمِ السُّوءِ ، وَمِنْ لَيْلَةِ السُّوءِ ، وَمِنْ سَاعَةِ السُّوءِ ، وَمِنْ صَاحِبِ السُّوءِ ، وَمِنْ جَارِ السُّوءِ ، فِي دَارِ المُقَامَةِ .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الفَقْرِ وَالقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ ، وَغَلَبَةِ العَدُوِّ ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ.
اللَّهُمَّ اغْسِلْ قَلْبِي بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ، وَنَقِّ قَلْبِيَ مِنْ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ
*****************************************************
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول
: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر
رواه مسلم برقم 233
عن أبا سلمة قال أتيت عائشة فقلت : أي أمه أخبرني عن صلاة رسول الله فقالت كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة بالليل منها ركعتا الفجر
رواه مسلم برقم(738)
عن كريب : أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبدالله بن عباس ما ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته ؟ فقلت نعم ورأه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا تزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال لا هكذا أمرنا رسول الله
*****************************************************
يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ
إن داعي الله في كل ليلة من ليالي رمضان منادياً عباد الله الصائمين ((يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ))(1) يُعَدُّ حافزاً عظيماً ودافعاً قوياً لأهل الإيمان إلى المنافسة في الخيرات والانكفاف عن الشرور والمحرمات ، وأهلُ الإيمان وإن لم يسمعوا هذا النداء بآذانهم في ليالي رمضان المباركة إلا أنهم من وقوعه على يقين ؛ لأن المخبر لهم بذلك هو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه .
وقد مضى معنا حديث عن أهمية الاستباق إلى الخيرات والمبادرة إلى الطاعات في هذا الشهر الفضيل والموسم المبارك حيث تكثر فيه أبواب الخير وسبله ، وهو أيضاً موسم عظيم للانكفاف عن المعاصي والبعد عن الآثام لما يترتب على فعلها من الهلكة ، ولما يجنيه مقترفها من الذنوب والأوزار التي يستحق بها المقت والعقوبة من العزيز الجبّار ولاسيما في هذا الشهر الكريم والموسم العظيم شهر الطاعات ؛ فإنه شهر لتصحيح المسلك والمسار الذي كان يسير عليه الإنسان ، وهو شهرٌ للتوبة والإنابة ، وموسم للاستزادة من فعل الطاعات والاستمرار عليها لمن كان على استقامة قبل دخوله ، فكيف مع ذلك يصر بعض الناس على التمادي في العصيان والانهماك في الطغيان حتى في هذا الشهر العظيم شهر الطاعة والغفران !! وهؤلاء وأمثالهم هم المعنيون بالنداء في الحديث: ((يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ)) ؛ أي تب إلى الله ودع ما أنت عليه من شر وطغيان لئلا تندم على فعلك الشر في هذا الشهر وتدارك الأمر قبل فوات الأوان ، فإنه قد يختم لك بما أنت عليه الآن، أو تصيبُك دعوةٌ من مؤمن أصابه شرُّك وناله ضررُك فتكون سبباً لهلاكك وشقائك في الدارين ، أو ينسلخ هذا الشهر ويخرج وأنت لم تزدد من الله إلا بعداً ، ويا خيبة من يكون هذا مصيره ومخرجه من هذا الشهر المبارك .
والشر كله محرم في كل وقت وأوان وسواء كان ضرره متعلقاً بالنفس أو بالغير من خلق الله ، وسواء كان قولاً باللسان أو فعلاً بالجوارح أو أمراً منكراً انطوى عليه القلب ، وسواء كان هذا الشر مقروءا أو مرئياً أو مسموعاً قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33].
قال ابن القيم رحمه الله: (( أصول المعاصي كلها كبارِها وصغارها ثلاثة: تعلقُ القلب بغير الله، وطاعة القوة الغضبية، والقوة الشهوانية، وهي الشرك، والظلم والفواحش، فغاية التعليق بغير الله شرك وأن يدعى معه إلهٌ آخر. وغاية طاعة القوة الغضبية القتل. وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنا. ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلاثة في قوله : {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان:68] وهذه الثلاثة يدعو بعضها إلى بعض؛ فالشرك يدعو إلى الظلم والفواحش، كما أن الإخلاص والتوحيد يصرفهما عن صاحبه، قال تعالى: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } [يوسف:24] ؛ فالسوء: العشق، والفحشاء: الزنا . وكذلك الظلم يدعو إلى الشرك والفاحشة؛ فإن الشرك أظلم الظلم، كما أن أعدل العدل التوحيد . فالعدل قرين التوحيد ، والظلم قرين الشرك؛ ولهذا يجمع سبحانه بينهما. أما الأول ففي قوله : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ } [آل عمران:18] . وأما الثاني فكقوله تعالى: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان:13]. والفاحشة تدعو إلى الشرك والظلم ولاسيما إذا قويت إرادتها ولم تحصل إلا بنوع من الظلم والاستعانة بالسحر والشيطان. وقد جمع سبحانه بين الزنا والشرك في قوله: { الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [النور:3] ، فهذه الثلاثة يجر بعضها إلى بعض، ويأمر بعضها ببعض. ولهذا كلما كان القلبُ أضعفَ توحيداً وأعظمَ شركاً كان أكثرَ فاحشةً وأعظمَ تعلقاً بالصور وعشقاً لها. ونظير هذا قوله تعالى: { فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } [الشورى:36-37]. فأخبر أن ما عنده خير لمن آمن به وتوكل عليه، وهذا هو التوحيد ، ثم قال: { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ } فهذا اجتناب داعي القوة الشهوانية. ثم قال: { وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } ، فهذا مخالفة القوة الغضبية؛ فجمع بين التوحيد والعفة والعدل التي هي جماع الخير كله)) (2) اهـ.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يستعيذ بالله من الشرور والآثام ويرشد إلى ذلك ، وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة (( إِنَّ الْحَمْد لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا))(3) ، وكما مر في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أن يقول إذا أصبح وإذا أمسى : ((أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ))(4)
وينبغي للمسلم أن يعلم أن تركه للشر والذنوب والمعاصي فيه من الثمرات والفوائد ما لا يحصيه إنسان ولا يعبِّر عنه لسان ، قال ابن القيم رحمه الله : (( سبحان الله ربِّ العالمين ! لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي إلا إقامة المروءة، وصونُ العِرض، وحفظُ الجاه، وصيانة المال الذي جعله الله قواماً لمصالح الدنيا والآخرة ، ومحبةُ الخلق وجوازُ القول بينهم، وصلاح المعاش، وراحة البدن، وقوةُ القلب، وطيبُ النفس، ونعيمُ القلب، وانشراح الصدر، والأمن من مخاوف الفجّار والفسّاق، وقلة الهم والغمّ والحزن، وعزّ النفس عن احتمال الذل، وصونُ نورِ القلب أن تطفئه ظلمة المعصية، وحصولُ المخرج له مما ضاق على الفساق والفجار وتيسر الرزق عليه من حيث لا يحتسب ، وتيسير ما عسر على أرباب الفسوق والمعاصي ، وتسهيل الطاعات عليه ، وتيسير العلم ، والثناء الحسن في الناس ، وكثرة الدعاء له والحلاوة التي يكتسبها وجهه ، والمهابة التي تلقي له في قلوب الناس ، وانتصارهم وحميتهم له إذا أوذي وظلم ، وذبهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب ، وسرعة إجابة دعائه ، وزوال الوحشة التي بينه وبين الله ، وقرب الملائكة منه ، وبُعد شياطين الإنس والجن منه ، وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه ، وخطبتهم لمودته وصحبته وعدم خوفه من الموت بل يفرح به لقدومه على ربه ولقائه له ومصيره إليه ، وصغر الدنيا في قلبه وكبر الآخرة عنده ، وحرصه على الملك الكبير والفوز العظيم فيها ، وذوق حلاوة الطاعة ، ووجد حلاوة الإيمان ودعاء حملة العرش ومن حوله من الملائكة له ، وفرح الكاتبين به ودعائهم له كل وقت ، والزيادة في عقله وفهمه وإيمانه ومعرفته ، وحصول محبة الله له وإقباله عليه وفرحه بتوبته ، وهكذا يجازيه بفرح وسرور لا نسبة له إلى فرحه وسروره بالمعصية بوجه من الوجوه . فهذه بعض آثار ترك المعاصي في الدنيا ، فإذا مات تلقَّته الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة ، وبأنه لا خوف عليه ولا حزن ، وينتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة ينعم فيها إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة كان الناس في الحرِّ والعَرَقِ وهو في ظلِّ العرشِ ، فإذا انصرفوا من بين يدي الله أُخذَ به ذات اليمين مع أوليائه المتقين وحزبه المفلحين، و { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الحديد:21] )) (5) اهـ .
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين ، اللهم إنا نسألك من كلّ خير خزائنه بيدك ، ونعوذ بك من كلّ شر خزائنه بيدك.
(1) رواه الترمذي (682)، وابن ماجه (1642) .
(2) الفوائد لابن القيم (ص:116-118).
(3) رواه الترمذي (1105) .
(4) تقدم تخريجه .
(5) الفوائد (ص: 224ـ 225).
*****************************************************
عمرو بن العاص فاتح أرض الكنانة
عمرو بن العاص، يكّنى بأبي عبد الله وأبي محمد، وهو أحد الفرسان والأبطال المعدودين في التاريخ.
د. عبد الحليم إبراهيم حسن، كبير وعّاظ في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، يحدثنا عن مآثر هذا الصحابي الجليل:
قال الذهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء»: عمرو بن العاص بن وائل، الإمام أبو عبد الله، ويقال أبو محمد السهمي، داهية قريش، ورجل العلم، ومن يضرب به المثل في الفطنة والدهاء، والحزم.
ويقول عنه النبي، صلى الله عليه وسلم: أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص.
لما أسلم عمرو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة قال رسول الله: إن مكة قد ألقت إلينا فلاذ أكبادها (خيرة أبنائها).
ولما حضر خالد إلى رسول الله، تقدم خالد وبايع ثم تقدم عمرو وقال: يا رسول الله، إني أبايعك على أن يغفر الله ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر، قال: فقال رسول الله: يا عمرو، بايع فإن الإسلام يجّب ما قبله، وإن الهجرة تجّب ما كان قبلها، قال: فبايعته، ثم انصرفت.
في سبيل الله
لما أسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه، كان النبي يقربه ويدنيه منه، وقد بعث إليه يوماً وقال له: خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم أتني به، قال: فأتيته وهو يتوضأ فصعّد في النظر ثم طأطأ وقال: أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله وتغنم، وأرغب لك من المال رغبة صالحة، قال: قلت يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله، فقال: يا عمرو نعم المال الصالح للمرء الصالح.
القائد المجاهد
تحول عمرو بن العاص إلى مجاهد مناضل في سبيل الله، وإلى قائد عظيم من قادة الإسلام، وقد كان، رضي الله عنه، حاد الذكاء، قوي البديهة، عميق الرؤية، ولقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يعرف مواهبه العظيمة، وشجاعته الكبيرة، من أجل ذلك عندما أرسله إلى الشام قبل مجيئه إلى مصر، قيل لأمير المؤمنين: إن على رأس جيوش الروم بالشام أرطبوناً أي قائد وأمير من الشجعان الدهاة، فكان جواب عمر: لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فلننظر عم تنفرج الأمور.
ومن مناقبه قال: احتلمت في غزوة ذات السلاسل في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول الله، ذكروا ذلك للنبي، فقال لي: يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جُنب؟ فقلت: نعم يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله، عز وجل: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً»، فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله، ولم يقل شيئاً. فقلت: يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قلت فمن الرجال؟ قال: أبوها قلت: ثم من قال: عمر بن الخطاب، قال فعّد رجالاً فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم.
وعن طلحة بن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله: إن عمرو بن العاص من صالحي قريش.
لما ذّكر بمدح رسول الله له قبل موته قال: والله ما أدري أحباً ذلك كان أم يتألفني تألفاً.
رضي الله عنه، وعن أصحاب رسول الله أجمعين.
مناجاة
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً
اللهم يا قادراً على كل شيء.. اغفر لنا كل شيء وارحمنا برحمتك الواسعة التي رحمت بها كل شيء، وإذا وقفنا بين يديك لا تسألنا عن أي شيء فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة.
اللهم يا أرحم الراحمين ارحمنا وإلى غيرك لا تكلنا وعن بابك لا تطردنا ومن نعمائك لا تحرمنا ومن شرور أنفسنا ومن شرور خلقك سلِّمْنا.
اللهم يا من لا يرد سائله ولا يـُخيِّب للعبد رجاءه إنا قد بسطنا إليك أكف الضراعة متوسلين إليك بأسمائك الحسنى ما علمنا منها وما لم نعلم.
اللهم ردنا إليك رداً جميلاً. اللهم ردنا إليك وأنت راضٍ عنا. اللهم أعنا على الموت وكربته، والقبر وغمته والصراط وزلته ويوم القيامة وروعته.
اللهم إني أسألك الراحة عند الموت والعفو عند الحساب. اللهم لا تثقل بنا أرضاً ولا تكرِّه بنا عبداً. اللهم لا تعذبني عند الموت.
واجعلنا من الذين يحبونَ لقاءكَ وتحبُّ لقاءهم.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ يَوْمِ السُّوءِ ، وَمِنْ لَيْلَةِ السُّوءِ ، وَمِنْ سَاعَةِ السُّوءِ ، وَمِنْ صَاحِبِ السُّوءِ ، وَمِنْ جَارِ السُّوءِ ، فِي دَارِ المُقَامَةِ .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ .
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الفَقْرِ وَالقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ ، وَغَلَبَةِ العَدُوِّ ، وَشَمَاتَةِ الأَعْدَاءِ.
اللَّهُمَّ اغْسِلْ قَلْبِي بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ، وَنَقِّ قَلْبِيَ مِنْ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ
*****************************************************
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول
: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر
رواه مسلم برقم 233
عن أبا سلمة قال أتيت عائشة فقلت : أي أمه أخبرني عن صلاة رسول الله فقالت كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة بالليل منها ركعتا الفجر
رواه مسلم برقم(738)
عن كريب : أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبدالله بن عباس ما ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته ؟ فقلت نعم ورأه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا تزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت أو لا تكتفي برؤية معاوية وصيامه ؟ فقال لا هكذا أمرنا رسول الله
*****************************************************
يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ
إن داعي الله في كل ليلة من ليالي رمضان منادياً عباد الله الصائمين ((يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ))(1) يُعَدُّ حافزاً عظيماً ودافعاً قوياً لأهل الإيمان إلى المنافسة في الخيرات والانكفاف عن الشرور والمحرمات ، وأهلُ الإيمان وإن لم يسمعوا هذا النداء بآذانهم في ليالي رمضان المباركة إلا أنهم من وقوعه على يقين ؛ لأن المخبر لهم بذلك هو الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه .
وقد مضى معنا حديث عن أهمية الاستباق إلى الخيرات والمبادرة إلى الطاعات في هذا الشهر الفضيل والموسم المبارك حيث تكثر فيه أبواب الخير وسبله ، وهو أيضاً موسم عظيم للانكفاف عن المعاصي والبعد عن الآثام لما يترتب على فعلها من الهلكة ، ولما يجنيه مقترفها من الذنوب والأوزار التي يستحق بها المقت والعقوبة من العزيز الجبّار ولاسيما في هذا الشهر الكريم والموسم العظيم شهر الطاعات ؛ فإنه شهر لتصحيح المسلك والمسار الذي كان يسير عليه الإنسان ، وهو شهرٌ للتوبة والإنابة ، وموسم للاستزادة من فعل الطاعات والاستمرار عليها لمن كان على استقامة قبل دخوله ، فكيف مع ذلك يصر بعض الناس على التمادي في العصيان والانهماك في الطغيان حتى في هذا الشهر العظيم شهر الطاعة والغفران !! وهؤلاء وأمثالهم هم المعنيون بالنداء في الحديث: ((يَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ)) ؛ أي تب إلى الله ودع ما أنت عليه من شر وطغيان لئلا تندم على فعلك الشر في هذا الشهر وتدارك الأمر قبل فوات الأوان ، فإنه قد يختم لك بما أنت عليه الآن، أو تصيبُك دعوةٌ من مؤمن أصابه شرُّك وناله ضررُك فتكون سبباً لهلاكك وشقائك في الدارين ، أو ينسلخ هذا الشهر ويخرج وأنت لم تزدد من الله إلا بعداً ، ويا خيبة من يكون هذا مصيره ومخرجه من هذا الشهر المبارك .
والشر كله محرم في كل وقت وأوان وسواء كان ضرره متعلقاً بالنفس أو بالغير من خلق الله ، وسواء كان قولاً باللسان أو فعلاً بالجوارح أو أمراً منكراً انطوى عليه القلب ، وسواء كان هذا الشر مقروءا أو مرئياً أو مسموعاً قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 33].
قال ابن القيم رحمه الله: (( أصول المعاصي كلها كبارِها وصغارها ثلاثة: تعلقُ القلب بغير الله، وطاعة القوة الغضبية، والقوة الشهوانية، وهي الشرك، والظلم والفواحش، فغاية التعليق بغير الله شرك وأن يدعى معه إلهٌ آخر. وغاية طاعة القوة الغضبية القتل. وغاية طاعة القوة الشهوانية الزنا. ولهذا جمع الله سبحانه بين الثلاثة في قوله : {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ} [الفرقان:68] وهذه الثلاثة يدعو بعضها إلى بعض؛ فالشرك يدعو إلى الظلم والفواحش، كما أن الإخلاص والتوحيد يصرفهما عن صاحبه، قال تعالى: { كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ } [يوسف:24] ؛ فالسوء: العشق، والفحشاء: الزنا . وكذلك الظلم يدعو إلى الشرك والفاحشة؛ فإن الشرك أظلم الظلم، كما أن أعدل العدل التوحيد . فالعدل قرين التوحيد ، والظلم قرين الشرك؛ ولهذا يجمع سبحانه بينهما. أما الأول ففي قوله : { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ } [آل عمران:18] . وأما الثاني فكقوله تعالى: { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان:13]. والفاحشة تدعو إلى الشرك والظلم ولاسيما إذا قويت إرادتها ولم تحصل إلا بنوع من الظلم والاستعانة بالسحر والشيطان. وقد جمع سبحانه بين الزنا والشرك في قوله: { الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ } [النور:3] ، فهذه الثلاثة يجر بعضها إلى بعض، ويأمر بعضها ببعض. ولهذا كلما كان القلبُ أضعفَ توحيداً وأعظمَ شركاً كان أكثرَ فاحشةً وأعظمَ تعلقاً بالصور وعشقاً لها. ونظير هذا قوله تعالى: { فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } [الشورى:36-37]. فأخبر أن ما عنده خير لمن آمن به وتوكل عليه، وهذا هو التوحيد ، ثم قال: { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ } فهذا اجتناب داعي القوة الشهوانية. ثم قال: { وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } ، فهذا مخالفة القوة الغضبية؛ فجمع بين التوحيد والعفة والعدل التي هي جماع الخير كله)) (2) اهـ.
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يستعيذ بالله من الشرور والآثام ويرشد إلى ذلك ، وذلك كقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الحاجة (( إِنَّ الْحَمْد لِلَّهِ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا))(3) ، وكما مر في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه أن يقول إذا أصبح وإذا أمسى : ((أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ))(4)
وينبغي للمسلم أن يعلم أن تركه للشر والذنوب والمعاصي فيه من الثمرات والفوائد ما لا يحصيه إنسان ولا يعبِّر عنه لسان ، قال ابن القيم رحمه الله : (( سبحان الله ربِّ العالمين ! لو لم يكن في ترك الذنوب والمعاصي إلا إقامة المروءة، وصونُ العِرض، وحفظُ الجاه، وصيانة المال الذي جعله الله قواماً لمصالح الدنيا والآخرة ، ومحبةُ الخلق وجوازُ القول بينهم، وصلاح المعاش، وراحة البدن، وقوةُ القلب، وطيبُ النفس، ونعيمُ القلب، وانشراح الصدر، والأمن من مخاوف الفجّار والفسّاق، وقلة الهم والغمّ والحزن، وعزّ النفس عن احتمال الذل، وصونُ نورِ القلب أن تطفئه ظلمة المعصية، وحصولُ المخرج له مما ضاق على الفساق والفجار وتيسر الرزق عليه من حيث لا يحتسب ، وتيسير ما عسر على أرباب الفسوق والمعاصي ، وتسهيل الطاعات عليه ، وتيسير العلم ، والثناء الحسن في الناس ، وكثرة الدعاء له والحلاوة التي يكتسبها وجهه ، والمهابة التي تلقي له في قلوب الناس ، وانتصارهم وحميتهم له إذا أوذي وظلم ، وذبهم عن عرضه إذا اغتابه مغتاب ، وسرعة إجابة دعائه ، وزوال الوحشة التي بينه وبين الله ، وقرب الملائكة منه ، وبُعد شياطين الإنس والجن منه ، وتنافس الناس على خدمته وقضاء حوائجه ، وخطبتهم لمودته وصحبته وعدم خوفه من الموت بل يفرح به لقدومه على ربه ولقائه له ومصيره إليه ، وصغر الدنيا في قلبه وكبر الآخرة عنده ، وحرصه على الملك الكبير والفوز العظيم فيها ، وذوق حلاوة الطاعة ، ووجد حلاوة الإيمان ودعاء حملة العرش ومن حوله من الملائكة له ، وفرح الكاتبين به ودعائهم له كل وقت ، والزيادة في عقله وفهمه وإيمانه ومعرفته ، وحصول محبة الله له وإقباله عليه وفرحه بتوبته ، وهكذا يجازيه بفرح وسرور لا نسبة له إلى فرحه وسروره بالمعصية بوجه من الوجوه . فهذه بعض آثار ترك المعاصي في الدنيا ، فإذا مات تلقَّته الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة ، وبأنه لا خوف عليه ولا حزن ، وينتقل من سجن الدنيا وضيقها إلى روضة من رياض الجنة ينعم فيها إلى يوم القيامة ، فإذا كان يوم القيامة كان الناس في الحرِّ والعَرَقِ وهو في ظلِّ العرشِ ، فإذا انصرفوا من بين يدي الله أُخذَ به ذات اليمين مع أوليائه المتقين وحزبه المفلحين، و { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الحديد:21] )) (5) اهـ .
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين واحفظنا بالإسلام قاعدين واحفظنا بالإسلام راقدين ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين ، اللهم إنا نسألك من كلّ خير خزائنه بيدك ، ونعوذ بك من كلّ شر خزائنه بيدك.
(1) رواه الترمذي (682)، وابن ماجه (1642) .
(2) الفوائد لابن القيم (ص:116-118).
(3) رواه الترمذي (1105) .
(4) تقدم تخريجه .
(5) الفوائد (ص: 224ـ 225).
*****************************************************
عمرو بن العاص فاتح أرض الكنانة
عمرو بن العاص، يكّنى بأبي عبد الله وأبي محمد، وهو أحد الفرسان والأبطال المعدودين في التاريخ.
د. عبد الحليم إبراهيم حسن، كبير وعّاظ في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، يحدثنا عن مآثر هذا الصحابي الجليل:
قال الذهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء»: عمرو بن العاص بن وائل، الإمام أبو عبد الله، ويقال أبو محمد السهمي، داهية قريش، ورجل العلم، ومن يضرب به المثل في الفطنة والدهاء، والحزم.
ويقول عنه النبي، صلى الله عليه وسلم: أسلم الناس، وآمن عمرو بن العاص.
لما أسلم عمرو وخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة قال رسول الله: إن مكة قد ألقت إلينا فلاذ أكبادها (خيرة أبنائها).
ولما حضر خالد إلى رسول الله، تقدم خالد وبايع ثم تقدم عمرو وقال: يا رسول الله، إني أبايعك على أن يغفر الله ما تقدم من ذنبي، ولا أذكر ما تأخر، قال: فقال رسول الله: يا عمرو، بايع فإن الإسلام يجّب ما قبله، وإن الهجرة تجّب ما كان قبلها، قال: فبايعته، ثم انصرفت.
في سبيل الله
لما أسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه، كان النبي يقربه ويدنيه منه، وقد بعث إليه يوماً وقال له: خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم أتني به، قال: فأتيته وهو يتوضأ فصعّد في النظر ثم طأطأ وقال: أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله وتغنم، وأرغب لك من المال رغبة صالحة، قال: قلت يا رسول الله، ما أسلمت من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله، فقال: يا عمرو نعم المال الصالح للمرء الصالح.
القائد المجاهد
تحول عمرو بن العاص إلى مجاهد مناضل في سبيل الله، وإلى قائد عظيم من قادة الإسلام، وقد كان، رضي الله عنه، حاد الذكاء، قوي البديهة، عميق الرؤية، ولقد كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يعرف مواهبه العظيمة، وشجاعته الكبيرة، من أجل ذلك عندما أرسله إلى الشام قبل مجيئه إلى مصر، قيل لأمير المؤمنين: إن على رأس جيوش الروم بالشام أرطبوناً أي قائد وأمير من الشجعان الدهاة، فكان جواب عمر: لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فلننظر عم تنفرج الأمور.
ومن مناقبه قال: احتلمت في غزوة ذات السلاسل في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على رسول الله، ذكروا ذلك للنبي، فقال لي: يا عمرو، صليتَ بأصحابك وأنت جُنب؟ فقلت: نعم يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله، عز وجل: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً»، فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله، ولم يقل شيئاً. فقلت: يا رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قلت فمن الرجال؟ قال: أبوها قلت: ثم من قال: عمر بن الخطاب، قال فعّد رجالاً فسكت مخافة أن يجعلني في آخرهم.
وعن طلحة بن عبد الله رضي الله عنه، قال: قال رسول الله: إن عمرو بن العاص من صالحي قريش.
لما ذّكر بمدح رسول الله له قبل موته قال: والله ما أدري أحباً ذلك كان أم يتألفني تألفاً.
رضي الله عنه، وعن أصحاب رسول الله أجمعين.
*****************************************************
إكرام الضيف ذروة سنام الأخلاق
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
عند النظر إلى مقاصد وآثار التسامح تتبين لك أهميته وشرفه، فهو الشيء الذي يجعل الناس في خير وبركة وأمان واستقرار، وهو الأمر الذي يساهم في توطيد العلاقات مع الغير، وهو الخلق الذي نواجه فيه بعض التحديات المخربة التي تواجه المجتمعات في هذا العصر، والتسامح له صور كثيرة تندرج تحته، ومن هذه الصور إكرام الضيف، لأن الأمر بالتسامح يعني الحث والأمر بالأسباب الموصلة إليه أيضاً، وهذا يتوفر في موضوع إكرام الضيف، كونه يجمع بين الأحباب، ويقوي العلاقات، ويزيد من المحبة والألفة، وجمع الكلمة، لذا ضرب لنا الله في كتابه العزيز أروع الأمثلة في إكرام الضيف، وهي قصة إبراهيم مع ضيفه، كما في قوله تعالى: «هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين..» فقوله فراغ: أي مال إلى أهله خفية ليحضر الطعام لضيفه، ولم يشعرهم أنه ذاهب لإحضار الطعام، وهذا معنى راغ، وجاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه».
إكرام الضيف عادة جميلة كانت العرب قبل الإسلام مشتهرة بها، ثم جاء الإسلام وأكد هذه العادة الجليلة، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وكانت العرب تعلي شأن من يكرم الضيف وتعده شريفاً ولو ضعف نسبه، قال ابن حبان في كتابه روضة العقلاء ونزهة الفضلاء: «كل من ساد في الجاهلية والإسلام حتى عرف بالسؤدد وانقاد له قومه ورحل إليه القريب والقاصي لم يكن كمال سؤدده إلا بإطعام الطعام وإكرام الضيف، والعرب لم تكن تعد الجود إلا قرى الضيف وإطعام الطعام، ولا تعد السخي من لم يكن فيه ذلك، حتى إن أحدهم ربما سار في طلب الضيف الميل والميلين». وقال: «وإكرام الضيف يرفع المرء وإن رق نسبه إلى منتهى بغيته ونهاية محبته ويشرفه برفيع الذكر وكمال الذخر».
وقال الإمام النووي في شرح مسلم: «الأحاديث متظاهرة على الأمر بالضيافة والاهتمام بها وعظيم موقعها، وقد أجمع المسلمون بالضيافة وأنها من متأكدات الإسلام»، والضيافة لها آداب، ليس القصد منها الأكل فقط، بل بطلاقة الوجه وطيب الكلام، ومشاركته الطعام، وعدم التكلف في الطعام إلى حد الوصول إلى الإسراف، وعلى الضيف أيضا عدم إحراج أهل البيت، أو التعليق على الطعام، وعليه الدعاء أيضا لأهل البيت، كما دلت بذلك السنة النبوية.
وعلينا أيضاً أن نؤكد هذا الخلق الذي حققه أجدادنا وآباؤنا، حتى بات معروفا عن دولة الإمارات أنها بلد كرم وخير، وانتشر ذلك عن العائلات الطيبة التي تفتح مجالسها للضيافة واللقاء مع الأصحاب والأحباب، وهذا أكبر درس وأفضل تعليم نعلمه أبناءنا، يرون منا استضافة الناس وإكرامهم والتأدب معهم، نعلمهم أن يبقوا معنا في المجالس ويسمعوا ويتعلموا من كلام الرجال، ونعلمهم كيف يسهمون في تقديم الطعام «وصب القهوة والشاي» الذي هو من عاداتنا في بلادنا الحبيبة، وزد على ذلك أن هذا البيت الذي يزوره الناس يكون بيت بركة، وبيت خير، وكل من جرب ذلك ذاق حلاوة هذا الخلق. وقبل عدة أيام اجتمعت برجل عرف بالكرم والغنى، وقال: منذ أنا صغير والضيوف في بيوتنا ثم كبرت وتزوجت وصنعت مثل الصنيع، والآن أرى ذلك في أبنائي عندما تزوجوا واستقلوا في بيوتهم، وإنني أظن لو جاءتني البركة وزيد لي في مالي، إنما هو من أجل إكرام الضيوف وفتح مجالسنا لهم بصدر رحب.
*****************************************************
الشاعر علي الكيلاني
العين والنضره الجديده
العين هي العين والنضره جديده
شلي جد عندك من جديد
كنت قريب شن جاب البعيده
وشلي شال نظرك للبعيد
اسحاءما اداري
واحذر في الجديد
لاتمشي بعيد
اللي في القلب واريته عليا
ضهر في العين قالاته وضهر
ومهما القلب بيواري السيه
تخون العين يضهر في النظر
اسحا ما اداري
وحذر في الجديد
لا تمشي بعيد
كان الشك يتسلل تسلل
تخون العين من نظره تقول
مهما القلب من حكيه ايقلل
تجيبه صخون نضره ما اطول
اسحاء لا اداري
واحذر في الجديد
لا تمشي بعيد
نواري فيك في عيني ومني
خوفي العين تنضر لي جفاك
وين نخفيك وين مني وعني
ونت كل مافيا فداك
اسحاء ما اداري
واحذر فالجديد
لاتمشي بعيد
نظرة عين تنقلني مسافه
ونا بجوار من غالي علي
بنادم كيف بيخفي اريافه
ما يقدرش واجد لاشوي
اسحا ما اداري
واحذر فالجديد
لا تمشي بعيد
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
عند النظر إلى مقاصد وآثار التسامح تتبين لك أهميته وشرفه، فهو الشيء الذي يجعل الناس في خير وبركة وأمان واستقرار، وهو الأمر الذي يساهم في توطيد العلاقات مع الغير، وهو الخلق الذي نواجه فيه بعض التحديات المخربة التي تواجه المجتمعات في هذا العصر، والتسامح له صور كثيرة تندرج تحته، ومن هذه الصور إكرام الضيف، لأن الأمر بالتسامح يعني الحث والأمر بالأسباب الموصلة إليه أيضاً، وهذا يتوفر في موضوع إكرام الضيف، كونه يجمع بين الأحباب، ويقوي العلاقات، ويزيد من المحبة والألفة، وجمع الكلمة، لذا ضرب لنا الله في كتابه العزيز أروع الأمثلة في إكرام الضيف، وهي قصة إبراهيم مع ضيفه، كما في قوله تعالى: «هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاماً قال سلام قوم منكرون فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين..» فقوله فراغ: أي مال إلى أهله خفية ليحضر الطعام لضيفه، ولم يشعرهم أنه ذاهب لإحضار الطعام، وهذا معنى راغ، وجاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه».
إكرام الضيف عادة جميلة كانت العرب قبل الإسلام مشتهرة بها، ثم جاء الإسلام وأكد هذه العادة الجليلة، كما قال عليه الصلاة والسلام: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، وكانت العرب تعلي شأن من يكرم الضيف وتعده شريفاً ولو ضعف نسبه، قال ابن حبان في كتابه روضة العقلاء ونزهة الفضلاء: «كل من ساد في الجاهلية والإسلام حتى عرف بالسؤدد وانقاد له قومه ورحل إليه القريب والقاصي لم يكن كمال سؤدده إلا بإطعام الطعام وإكرام الضيف، والعرب لم تكن تعد الجود إلا قرى الضيف وإطعام الطعام، ولا تعد السخي من لم يكن فيه ذلك، حتى إن أحدهم ربما سار في طلب الضيف الميل والميلين». وقال: «وإكرام الضيف يرفع المرء وإن رق نسبه إلى منتهى بغيته ونهاية محبته ويشرفه برفيع الذكر وكمال الذخر».
وقال الإمام النووي في شرح مسلم: «الأحاديث متظاهرة على الأمر بالضيافة والاهتمام بها وعظيم موقعها، وقد أجمع المسلمون بالضيافة وأنها من متأكدات الإسلام»، والضيافة لها آداب، ليس القصد منها الأكل فقط، بل بطلاقة الوجه وطيب الكلام، ومشاركته الطعام، وعدم التكلف في الطعام إلى حد الوصول إلى الإسراف، وعلى الضيف أيضا عدم إحراج أهل البيت، أو التعليق على الطعام، وعليه الدعاء أيضا لأهل البيت، كما دلت بذلك السنة النبوية.
وعلينا أيضاً أن نؤكد هذا الخلق الذي حققه أجدادنا وآباؤنا، حتى بات معروفا عن دولة الإمارات أنها بلد كرم وخير، وانتشر ذلك عن العائلات الطيبة التي تفتح مجالسها للضيافة واللقاء مع الأصحاب والأحباب، وهذا أكبر درس وأفضل تعليم نعلمه أبناءنا، يرون منا استضافة الناس وإكرامهم والتأدب معهم، نعلمهم أن يبقوا معنا في المجالس ويسمعوا ويتعلموا من كلام الرجال، ونعلمهم كيف يسهمون في تقديم الطعام «وصب القهوة والشاي» الذي هو من عاداتنا في بلادنا الحبيبة، وزد على ذلك أن هذا البيت الذي يزوره الناس يكون بيت بركة، وبيت خير، وكل من جرب ذلك ذاق حلاوة هذا الخلق. وقبل عدة أيام اجتمعت برجل عرف بالكرم والغنى، وقال: منذ أنا صغير والضيوف في بيوتنا ثم كبرت وتزوجت وصنعت مثل الصنيع، والآن أرى ذلك في أبنائي عندما تزوجوا واستقلوا في بيوتهم، وإنني أظن لو جاءتني البركة وزيد لي في مالي، إنما هو من أجل إكرام الضيوف وفتح مجالسنا لهم بصدر رحب.
*****************************************************
الشاعر علي الكيلاني
العين والنضره الجديده
العين هي العين والنضره جديده
شلي جد عندك من جديد
كنت قريب شن جاب البعيده
وشلي شال نظرك للبعيد
اسحاءما اداري
واحذر في الجديد
لاتمشي بعيد
اللي في القلب واريته عليا
ضهر في العين قالاته وضهر
ومهما القلب بيواري السيه
تخون العين يضهر في النظر
اسحا ما اداري
وحذر في الجديد
لا تمشي بعيد
كان الشك يتسلل تسلل
تخون العين من نظره تقول
مهما القلب من حكيه ايقلل
تجيبه صخون نضره ما اطول
اسحاء لا اداري
واحذر في الجديد
لا تمشي بعيد
نواري فيك في عيني ومني
خوفي العين تنضر لي جفاك
وين نخفيك وين مني وعني
ونت كل مافيا فداك
اسحاء ما اداري
واحذر فالجديد
لاتمشي بعيد
نظرة عين تنقلني مسافه
ونا بجوار من غالي علي
بنادم كيف بيخفي اريافه
ما يقدرش واجد لاشوي
اسحا ما اداري
واحذر فالجديد
لا تمشي بعيد
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
17 رمضان 1437هـ - 22 يونيو 2016م
مناجاة
اللهمّ إنّا نسألك بركةً في العمر وصحّةً في الجسد
اللهم وفقني في رمضان لموافقة الأبرار وجنبني فيه مرافقة الأشرار وآوني فيه برحمتك إلى دار القرار بإلهيتك يا إله العالمين، اللهمّ لا تردّنا خائبين، وآتنا أفضل ما يُؤتى عبادك الصّالحين، اللهمّ ولا تصرفنا عن بحر جودك خاسرين، ولا ضالّين، ولا مضلّين، واغفر لنا إلى يوم الدّين، برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
لا إله إلّا الله الحليم الكريم، لا إله إلّا الله العليّ العظيم، لا إله إلّا الله ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم، اللهمّ إنّا نسألك زيادةً في الدّين، وبركةً في العمر، وصحّةً في الجسد، وسعةً في الرّزق، وتوبةً قبل الموت، وشهادةً عند الموت، ومغفرةً بعد الموت، وعفواً عند الحساب، وأماناً من العذاب، ونصيباً من الجنّة، وارزقنا النّظر إلى وجهك الكريم. اللهمّ ارحم موتانا وموتى المسلمين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهمّ ارزقني قبل الموت توبةً، وعند الموت شهادةً، وبعد الموت جنّةً، اللهمّ ارزقني حسن الخاتمة، اللهمّ ارزقني الموت وأنا ساجدٌ لك يا أرحم الرّاحمين.
اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الغَيبِ ، وَقُدْرَتِكَ عَلَى الخَلْقِ ؛ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الحَيَاةَ خَيْراً لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا عَلِمْتَ الوَفَاةَ خَيْراً لِي ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ فِي الرِّضَا وَالغَضَبِ ، وَأَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الغِنَى وَالفَقْرِ ، وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لا يَنْفَدُ ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لا تَنْقَطُعُ ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ القَضَاءِ ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ العَيْشِ بَعْدَ المَوْتِ ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ ، وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ ، فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةَ وَلا فِتْنَةً مُضِلَّةَ ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ.
********************************************************
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول
: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر
رواه مسلم برقم 233
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلاَ يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ وَإِنِ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلاَ يَشْتُمْهُ وَلاَ يَسُبَّهُ وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ))
حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنهاصحيح الجامع ٣٨٧٨
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل
اخرجه النسائي(1613)
عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ إن لله تعالى عند كل فطر عتقاء من النار و ذلك في كل ليلة .
تحقيق الألباني (حسن)صحيح الجامع.
********************************************************
تَعْجِيلُ الْفَطُورِ وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ
لقد تعددت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتعجيل الفطور وتأخير السحور وتنوعت هذه النصوص في دلالتها على أهمية ذلك ؛ فتارة بالأمر به ، وتارة ببيان فضله وعظيم ثوابه ، وتارة ببيان بعض الحِكَم العظيمة المترتبة عليه، وتارة بالنهي عن تركه ، إلى غير ذلك من أنواع الدلالة ، ومن هذه النصوص : ما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا ، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ))(1) ، وجاء في سنن أبي داود والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ))(2) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ((كَانَ لَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَلَوْ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ ))(3) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ ))(4)، وقال: ((لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ ))(5)، وكان ((إِذَا أَفْطَرَ قَالَ ذَهَبَ الظَّمَأُ ، وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ))(6)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ يَعْنِي السَّحُورَ )) (7) ، وقال: ((عَلَيْكُمْ بِغَدَاءِ السُّحُورِ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَدَاءُ الْمُبَارَكُ))( ، وقال : ((السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ))(9)، وقال: ((إِنَّ السَّحُورَ بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُوهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا تَدَعُوهَا))(10)، وقال: ((تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ ))(11)، وقال: ((مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَتَسَحَّرْ بِشَيْءٍ))(12)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((عَجَّلُوا الإِفْطَارَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ ))(13)، وقال: ((بكّروا بالإفطار، وأخّروا السُّحور))(14) ، وقال: (( ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة))(15)، وقال: ((إِنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُعَجِّلَ إِفْطَارَنَا وَنُؤَخِّرَ سَحُورَنَا ، وَنَضَعَ أيمَانِنَا عَلَى شمائِلِنا فِي الصَّلاةِ))(16).
وهذه الأحاديث المتعددة والمتنوعة في الأمر بتعجيل الفطور وتأخير السحور تدل دلالة واضحة على أهمية هذا الأمر العظيم الذي غفل عنه كثير من الناس جهلاً بأهميته وبالحِكم العظيمة التي اشتمل عليها والآثار الحميدة التي تترتب عليه ، بل لو لم يكن في تعجيل الفطر وتأخير السحور إلا محض المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والاستجابة لأمره وكونه عبادة عظيمة يتقرب فيها إلى الله سبحانه لكفى به سبباً في المحافظة عليه وعدم إهماله ، فإن محبة الله إنما تنال بذلك كما قال تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] ، وقد ثبت في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا))(17) ، وذلك لحُسن متابعتهم وسرعة استجابتهم .
ثمّ إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن أكلة السحور أنها أكلة مباركة وأن السحور غداء مبارك وأن فيه بركة ، وهذا فيه دلالة واضحة على عظيم قدر هذه الطاعة ، فالبركة تكتنفها من كل جوانبها ؛ بركة في الطعام، وبركة في الفعل نفسه، وبركة في الوقت ، فحريّ بالصائم أن يتحرى هذه البركة بأن يتسحر ويؤخر السحور ولو على شربة ماء إن لم يجد شيئاً يطعمه سواها .
والبركة : هي تنزل الخير الإلهي على الشيء ، وزيادته ، وعموم نفعه ، وزيادة الأجر والثواب فيه ، فما أعظم السحور وأجلّ قدره !! ومع ذلك يتغافل عنه كثير من الناس ؛ إما جهلاً بفضله ومكانته ، أو إيثاراً للآجل على الآجل ، فيفضل النوم عليه وغالباً ما يكون سبب ذلك السهر ، والمصيبة في ذلك تعظم إن كان في أمرٍ محرَّم نسأل الله العافية والسلامة.
ثم إن وقت السحر من أفضل الأوقات وأوفرها بركة ؛ أثنى الله على المستغفرين فيه ، وهو وقت نزول الرب إلى سماء الدنيا ليغفر للمستغفرين ويجيب الداعين ويعطي السائلين ويثيب العابدين بأفضل الجزاء في الدنيا ويوم الدين، فكيف يحرم الإنسان نفسه من هذا الخير في هذا الشهر العظيم شهر الطاعة والاستغفار وشهر العتق من النار!! . والله وملائكته يصلَّون على المتسحرين وصلاة الله : ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى ، وصلاة الملائكة : دعاؤهم للعبد ، فما أجله من شرف وفضل يناله المتسحرون .
وفي المحافظة على تعجيل الفطور وتأخير السحور محافظة على الخيرية في الناس فإنه من أسبابها ، إضافة إلى ما فيه من تقوية الجسد وتنشيطه وطرد الضعف والكسل عنه فترة الصيام . وجاء في بعض النصوص تصريحٌ بحكمةٍ عظيمة من حِكَم تعجيل الفطور وتأخير السحور وتنبيه على أمر ينبغي المحافظة عليه أبداً حتى يكون هذا الدين ظاهراً وحتى تظل هذه الأمة محافظة على خيريتها ألا وهو : مخالفة أهل الكتاب من اليهود والنصارى قال صلى الله عليه وسلم : ((فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ ))(18)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ فَإِنَّ الْيَهُودَ يُؤَخِّرُونَ))(19)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ ، لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ))(20) ، فإذا أوصى الشارع بمخالفة اليهود النصارى في هذا الأمر والذي قد يعده بعض الناس هيِّناً ، فما بالك بالأمور العظام التي بلي كثير من الناس فيها بالتشبه بهم والسير على منهجهم ومنوالهم كمشابهتهم في لباسهم وعاداتهم والافتخار بمحاكاتهم حتى في كلامهم ومأكلهم وشرابهم والفرح والتلذذ بالنظر إلى قبائحهم من كلام ساقط وعقائد فاسدة وصور خليعة فاضحة ، ولا شك أن المشابهة الظاهرة تولد توافقاً وميلاً قلبياً في الباطن والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [المائدة:51]، وأكثر الناس تأثراً في هذا التشبه الشبابُ والنساءُ ؛ ألا فلينتبه الصائمون وليعتبروا بهذا الشهر العظيم وليصْدُقوا مع الله ويعقدوا العزم على ترك هذا التشبَّه بأهل الكتاب فإن ذلك يضر بالفرد وبالمجتمع وبالأمة جمعاء ويؤثر على الدين كله .
قال شيخ الإسلام في كلامٍ له عن هذا الحديث : ((وهذا نص في أن ظهور الدين الحاصل بتعجيل الفطر لأجل مخالفة اليهود والنصارى ، وإذا كان مخالفتهم سبباً لظهور الدين فإنما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله ، فيكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة ))(21) .
اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ، ووفِّقنا لاتباع شرعك ، وأعذنا من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء .
(1) البخاري (1954)، ومسلم (1100) واللفظ للبخاري .
(2) رواه أبو داود (2356)، والترمذي (696)، واللفظ لأبي داود .
(3) رواه الحاكم في المستدرك (1577) .
(4) رواه الإمام أحمد في المسند (21209، 21399).
(5) رواه البخاري (1957) ، ومسلم (1098) .
(6) رواه أبو داود (2357)، والحاكم (1536) .
********************************************************
ذهب الكلام:عند الصباح يحمد القومُ السُّرَى
السُّرَى، المسير ليلاً في السفر، وقصة المثل العربي الشهير أنه وفي عهد سيدنا أبي بكر الصديق، تجهز الروم لحرب المسلمين، وقام هرقل وأمر بخروج الجيوش الرومية، فرقة فرقة في مقابلة كل أمير من المسلمين بجيش كثيف، فبعث إلى عمرو بن العاص (تذارق) في تسعين ألفاً من المقاتلة، وبعث (جرجه بن بوذيها) إلى ناحية يزيد بن أبي سفيان فعسكر في خمسين ألفاً أو ستين ألفًا، وبعث القائد (الدارقص) إلى شرحبيل بن حسنة، وبعث (اللقيقار) في ستين الفًا إلى أبي عبيدة بن الجراح. أما عسكر أهل الإسلام فكان جميعه إحدى وعشرين ألفًا، سوى الجيش الذي مع عكرمة بن أبي جهل وكان واقفًا في طرف الشام في ستة آلاف.
عندها كتب الأمراء إلى أبي بكر وعمر يعلمانهما بما وقع من الأمر العظيم، فكتب إليهم أن اجتمعوا وكونوا جنداً واحدًا وألقوا جنود المشركين فأنتم أنصار الله، والله ينصر من نصره، وخاذل من كفره، ولن يؤتى مثلكم من قلة، ولكن من تلقاء الذنوب فاحترسوا منها، وليصلِّ كل رجل منكم بأصحابه.
وقام الصديق وبعث إلى خالد بن الوليد وهو بالعراق، ليقدم إلى الشام، فيكون الأمير على كل من به، فإذا فرغ عاد.
ولما بلغ هرقل ما أمر به الصديق أمراءه من الاجتماع بعث إلى أمرائه أن يجتمعوا أيضاً، وان ينزلوا بالجيش منزلاً واسع العطن، واسع المطرد، ضيق المهرب، وجعل على الناس أخوه بندارق، وعلى المقدمة جرجه، وعلى المجنبتين ماهان، والدارقص، وعلى البحر القيقلان.
وعندما بلغ الكتاب خالد بن الوليد، رضي الله عنه، استناب المثنى بن الحارثة على العراق، وسار خالد مسرعاً في تسعة آلاف وخمسمائة، ودليله رافع بن عميرة الطائي، وسلك أراضي لم يسلكها قبله أحد فاجتاب البراري والقفار، يصل ليله بنهاره، وقطع الأودية، وتصعد على الجبال، وجعل رافع يدلهم في مسيرهم على الطريق وهو في مفاوز معطشة، وعطش النوق وسقاها الماء عدلاً بعد نهل، وقطع مشافرها، فلما فقدوا الماء نحرها فشربوا ما في أجوافها من الماء، وهكذا وصل خالد في خمسة أيام، فخرج على الروم، من ناحية تدمر.
كان بعض العرب قال له في هذا المسير إن أنت أصبحت عن الشجرة الفلانية نجوت أنت ومن معك، وان لم تدركها هلكت أنت ومن معك، فسار خالد بمن معه وسروا ليلاً طويلاً، فاصبحوا عند هاتيك الشجرة فكبر وكبروا معه، فقال خالدعِنْدَ الْصَبَاح يَحْمَدُ الْقُوْمُ الْسُّرَى) فذهبت مثلاً، لمن يدرك غايته بعد ليل طويل ومعاناة وصبر.
********************************************************
عُقبة بن نافع رضي الله عنه
عُقبة بن نافع رضي الله عنه { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبين}.
عُقبة بن نافع عُقبة بن نافع بن عبد القيس القرشـيّ، وُلِدَ في عهد الرسول -صلى اللـه عليه وسلم-، خاله عمرو بن العاص، وشهد معه فتح مصر واختطّ بها، ثم ولاهُ يزيد بن معاوية إمرة المغرب، وهو الذي بنى القيروان.
الرفعة والعافية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عقبة بن نافع: { رأيتُ كأنّي في دار عُقبة بن نافع، فأتينا برُطَبٍ أبّر -مُلَقّح- طاب، فأوّلتُها: الرفعة والعافية وإنّ دينَنَا قد طاب لنا }.
مصر شَهِدَ عُقبة بن نافع فتح مصر (18-21 هـ)، واختطّ بها، فقد اتّخذ فيها أرضاً ووضع لها علاماً ليعلم أنها ملكه، وقد بعثه عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاةً، فلقي المسلمون قتالاً شديداً.
غزوات عُقبة في عام (20 هـ) أرسل عمرو بن العاص عُقبة بن نافع على رأس جيش إسلامي، تمكّن من فتح برقة، وفزان، وزويلة، وقد اتّخذ عُقبة من برقةَ قاعدةً لنشر الإسلام في المناطق الواقعة غرب مصر.
قال خليفة: في سنة إحدى وأربعين ولى عمرو بن العاص، وهو على مصر عقبة بن نافع افريقية، فانتهى إلى قونِية -وهي من أعظم مدن الإسلام ببلاد الروم- وقَراقِيَةَ -على طريق الإسكندرية إلى افريقية- فأطاعوه، ثم كفروا، فغزاهم من سَبْتَةَ فقتل وسبى، وفيها سنة اثنتين وأربعين غزا عقبة بن نافع إفريقية فافتتح غُدامس، وفي سنة ثلاث وأربعين غزا عقبة بن نافع فافتتح كُوراً من بلاد السودان، وافتتح وَدّان، وهي من حيدة برقة، وكلها من بلاد إفريقية.
فتح إفريقية فلمّا ولي معاوية بن أبي سفيان وجّه عُقبة بن نافع إلى افريقية عام (50 هـ)، غازياً في عشرة آلاف من المسلمين، فافتتحها واختطّ قيروانها، وقد كان موضعه بستاناً واسعاً، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب، فدعا الله عليها، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن الله، فقد وقف وقال: { يا أهل الوادي، إنّا حالون -إن شاء الله- فاظعنوا }.
ثلاث مرات، قيل: { فما رأينا حجراً ولا شجراً، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي }.
ثم قال للناس: { انزلوا باسم الله }.
فأسلم خلق كبير من البربر، فقد كان عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة.
وهكذا أصبحت القيروان قاعدة حربية لتأمين الخطوط الدفاعية الإسلامية في المنطقة، ونقطة إنطلاق لنشر الإسلام بين السكان هناك.
بحر الظلمات ولمّا عادَ عُقبة للولاية ثانيـةً عام (60 هـ) سار بقواتـه غرباً حتى وصل المحيـط الإطلسي { بحر الظلمات } عام (62 هـ)، فتوقّف حينئـذ وقال: { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبينَ، رافعاً راية الإسلام فوقَ كل مكانٍ حصينٍ، استعصى على جبابرة الأقدمين }.
الشهادة وفي أثناء عودة عُقبة بن نافع إلى القيروان، فاجأهُ (كُسَيْلةُ) بفريق من البربر وحلفائه البيزنطيين، واشتبكوا معه في معركة انتهت باستشهاده مع عدد من الجنود.
استشهد عُقبة في إفريقيـة سنة (63 هـ)، وأوصى أبناءه ألا يقبلـوا الحديث عن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- إلا من ثقة، وألا تشغلهم الإمارةُ عن القرآن.
********************************************************
الشاعر علي الكيلاني
خلاني غلا مرهون نشاكي اللي مانشغله
خلاني غلا مرهون نشاكي اللي مانشغله
طلبتك
طلبتك والقيتك. مقفول
الناس تقول
مخاصمني يا سمح الزول
طلبتك ولقيتك ما ترد
الباين جد
مخاصمني ونسيت الود
نحسه قارب منك حد
اسطاوي نو
غزلها وقليبك مغزول
مخليك اطبق وتمد
بعرض وطول
حسود شواها شوي اسبول
طلبتك ولقيتك مازال
بنفس الحال
انشاء الله يا مرهون دلال
امراجي منك رد سوال
ولومشغول
طلبنا غير الي معقول
اطمنا ويرتاح البال
نبوا لوصول
ازعلنا من موقف مجهول
طلبتك دزيت مراسيل
اسبوع مراسيلي طالت
السبت يقولوي في اليل
نراجوا ما جاناش النت
ولاحد يقولوا تحميل
الضي هرب ما جاش فلت
ولاثنين تجد مواويل
طوابير البنزين بدت
ثلاثتنا يبدا التقتيل
الجوله بدت ما انتهت
ولربع تصريف وتحويل
رواتب لا نزلت لا جت
خميس يجيبوا فيه دليل
عروس بحنتها انخطفت
الجمعه عطله دير جميل
علي مجهول
نصلوا مخطوف ومقتول
علي يفوت اسبوع طويل
انعاني فهول
وهمي من عنا مسؤل
تهايلني فيسع ما نسيل
نزلت انزول
المتريح غير المسطول
وقهروني ها العواويل
بلا ميكول
نشحت فبلاد البترول
طلبت قالولي مشغول
: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر
رواه مسلم برقم 233
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلاَ يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ وَإِنِ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلاَ يَشْتُمْهُ وَلاَ يَسُبَّهُ وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ))
حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنهاصحيح الجامع ٣٨٧٨
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل
اخرجه النسائي(1613)
عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ إن لله تعالى عند كل فطر عتقاء من النار و ذلك في كل ليلة .
تحقيق الألباني (حسن)صحيح الجامع.
********************************************************
تَعْجِيلُ الْفَطُورِ وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ
لقد تعددت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بتعجيل الفطور وتأخير السحور وتنوعت هذه النصوص في دلالتها على أهمية ذلك ؛ فتارة بالأمر به ، وتارة ببيان فضله وعظيم ثوابه ، وتارة ببيان بعض الحِكَم العظيمة المترتبة عليه، وتارة بالنهي عن تركه ، إلى غير ذلك من أنواع الدلالة ، ومن هذه النصوص : ما ثبت في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: ((إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا ، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا ، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ))(1) ، وجاء في سنن أبي داود والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ فَعَلَى تَمَرَاتٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ))(2) ، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ((كَانَ لَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ حَتَّى يُفْطِرَ ، وَلَوْ عَلَى شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ ))(3) ، وقال صلى الله عليه وسلم : (( لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ ))(4)، وقال: ((لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ ))(5)، وكان ((إِذَا أَفْطَرَ قَالَ ذَهَبَ الظَّمَأُ ، وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ))(6)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((هَلُمَّ إِلَى الْغَدَاءِ الْمُبَارَكِ يَعْنِي السَّحُورَ )) (7) ، وقال: ((عَلَيْكُمْ بِغَدَاءِ السُّحُورِ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَدَاءُ الْمُبَارَكُ))( ، وقال : ((السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ فَلَا تَدَعُوهُ وَلَوْ أَنْ يَجْرَعَ أَحَدُكُمْ جُرْعَةً مِنْ مَاءٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ))(9)، وقال: ((إِنَّ السَّحُورَ بَرَكَةٌ أَعْطَاكُمُوهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا تَدَعُوهَا))(10)، وقال: ((تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجَرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ ))(11)، وقال: ((مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصُومَ فَلْيَتَسَحَّرْ بِشَيْءٍ))(12)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((عَجَّلُوا الإِفْطَارَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ ))(13)، وقال: ((بكّروا بالإفطار، وأخّروا السُّحور))(14) ، وقال: (( ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة))(15)، وقال: ((إِنَّا مَعْشَرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُعَجِّلَ إِفْطَارَنَا وَنُؤَخِّرَ سَحُورَنَا ، وَنَضَعَ أيمَانِنَا عَلَى شمائِلِنا فِي الصَّلاةِ))(16).
وهذه الأحاديث المتعددة والمتنوعة في الأمر بتعجيل الفطور وتأخير السحور تدل دلالة واضحة على أهمية هذا الأمر العظيم الذي غفل عنه كثير من الناس جهلاً بأهميته وبالحِكم العظيمة التي اشتمل عليها والآثار الحميدة التي تترتب عليه ، بل لو لم يكن في تعجيل الفطر وتأخير السحور إلا محض المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والاستجابة لأمره وكونه عبادة عظيمة يتقرب فيها إلى الله سبحانه لكفى به سبباً في المحافظة عليه وعدم إهماله ، فإن محبة الله إنما تنال بذلك كما قال تعالى: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران:31] ، وقد ثبت في سنن الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا))(17) ، وذلك لحُسن متابعتهم وسرعة استجابتهم .
ثمّ إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن أكلة السحور أنها أكلة مباركة وأن السحور غداء مبارك وأن فيه بركة ، وهذا فيه دلالة واضحة على عظيم قدر هذه الطاعة ، فالبركة تكتنفها من كل جوانبها ؛ بركة في الطعام، وبركة في الفعل نفسه، وبركة في الوقت ، فحريّ بالصائم أن يتحرى هذه البركة بأن يتسحر ويؤخر السحور ولو على شربة ماء إن لم يجد شيئاً يطعمه سواها .
والبركة : هي تنزل الخير الإلهي على الشيء ، وزيادته ، وعموم نفعه ، وزيادة الأجر والثواب فيه ، فما أعظم السحور وأجلّ قدره !! ومع ذلك يتغافل عنه كثير من الناس ؛ إما جهلاً بفضله ومكانته ، أو إيثاراً للآجل على الآجل ، فيفضل النوم عليه وغالباً ما يكون سبب ذلك السهر ، والمصيبة في ذلك تعظم إن كان في أمرٍ محرَّم نسأل الله العافية والسلامة.
ثم إن وقت السحر من أفضل الأوقات وأوفرها بركة ؛ أثنى الله على المستغفرين فيه ، وهو وقت نزول الرب إلى سماء الدنيا ليغفر للمستغفرين ويجيب الداعين ويعطي السائلين ويثيب العابدين بأفضل الجزاء في الدنيا ويوم الدين، فكيف يحرم الإنسان نفسه من هذا الخير في هذا الشهر العظيم شهر الطاعة والاستغفار وشهر العتق من النار!! . والله وملائكته يصلَّون على المتسحرين وصلاة الله : ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى ، وصلاة الملائكة : دعاؤهم للعبد ، فما أجله من شرف وفضل يناله المتسحرون .
وفي المحافظة على تعجيل الفطور وتأخير السحور محافظة على الخيرية في الناس فإنه من أسبابها ، إضافة إلى ما فيه من تقوية الجسد وتنشيطه وطرد الضعف والكسل عنه فترة الصيام . وجاء في بعض النصوص تصريحٌ بحكمةٍ عظيمة من حِكَم تعجيل الفطور وتأخير السحور وتنبيه على أمر ينبغي المحافظة عليه أبداً حتى يكون هذا الدين ظاهراً وحتى تظل هذه الأمة محافظة على خيريتها ألا وهو : مخالفة أهل الكتاب من اليهود والنصارى قال صلى الله عليه وسلم : ((فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ ))(18)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ فَإِنَّ الْيَهُودَ يُؤَخِّرُونَ))(19)، وقال صلى الله عليه وسلم : ((لَا يَزَالُ الدِّينُ ظَاهِرًا مَا عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ ، لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُؤَخِّرُونَ))(20) ، فإذا أوصى الشارع بمخالفة اليهود النصارى في هذا الأمر والذي قد يعده بعض الناس هيِّناً ، فما بالك بالأمور العظام التي بلي كثير من الناس فيها بالتشبه بهم والسير على منهجهم ومنوالهم كمشابهتهم في لباسهم وعاداتهم والافتخار بمحاكاتهم حتى في كلامهم ومأكلهم وشرابهم والفرح والتلذذ بالنظر إلى قبائحهم من كلام ساقط وعقائد فاسدة وصور خليعة فاضحة ، ولا شك أن المشابهة الظاهرة تولد توافقاً وميلاً قلبياً في الباطن والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } [المائدة:51]، وأكثر الناس تأثراً في هذا التشبه الشبابُ والنساءُ ؛ ألا فلينتبه الصائمون وليعتبروا بهذا الشهر العظيم وليصْدُقوا مع الله ويعقدوا العزم على ترك هذا التشبَّه بأهل الكتاب فإن ذلك يضر بالفرد وبالمجتمع وبالأمة جمعاء ويؤثر على الدين كله .
قال شيخ الإسلام في كلامٍ له عن هذا الحديث : ((وهذا نص في أن ظهور الدين الحاصل بتعجيل الفطر لأجل مخالفة اليهود والنصارى ، وإذا كان مخالفتهم سبباً لظهور الدين فإنما المقصود بإرسال الرسل أن يظهر دين الله على الدين كله ، فيكون نفس مخالفتهم من أكبر مقاصد البعثة ))(21) .
اللهم مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ، ووفِّقنا لاتباع شرعك ، وأعذنا من منكرات الأخلاق والأهواء والأدواء .
(1) البخاري (1954)، ومسلم (1100) واللفظ للبخاري .
(2) رواه أبو داود (2356)، والترمذي (696)، واللفظ لأبي داود .
(3) رواه الحاكم في المستدرك (1577) .
(4) رواه الإمام أحمد في المسند (21209، 21399).
(5) رواه البخاري (1957) ، ومسلم (1098) .
(6) رواه أبو داود (2357)، والحاكم (1536) .
********************************************************
ذهب الكلام:عند الصباح يحمد القومُ السُّرَى
السُّرَى، المسير ليلاً في السفر، وقصة المثل العربي الشهير أنه وفي عهد سيدنا أبي بكر الصديق، تجهز الروم لحرب المسلمين، وقام هرقل وأمر بخروج الجيوش الرومية، فرقة فرقة في مقابلة كل أمير من المسلمين بجيش كثيف، فبعث إلى عمرو بن العاص (تذارق) في تسعين ألفاً من المقاتلة، وبعث (جرجه بن بوذيها) إلى ناحية يزيد بن أبي سفيان فعسكر في خمسين ألفاً أو ستين ألفًا، وبعث القائد (الدارقص) إلى شرحبيل بن حسنة، وبعث (اللقيقار) في ستين الفًا إلى أبي عبيدة بن الجراح. أما عسكر أهل الإسلام فكان جميعه إحدى وعشرين ألفًا، سوى الجيش الذي مع عكرمة بن أبي جهل وكان واقفًا في طرف الشام في ستة آلاف.
عندها كتب الأمراء إلى أبي بكر وعمر يعلمانهما بما وقع من الأمر العظيم، فكتب إليهم أن اجتمعوا وكونوا جنداً واحدًا وألقوا جنود المشركين فأنتم أنصار الله، والله ينصر من نصره، وخاذل من كفره، ولن يؤتى مثلكم من قلة، ولكن من تلقاء الذنوب فاحترسوا منها، وليصلِّ كل رجل منكم بأصحابه.
وقام الصديق وبعث إلى خالد بن الوليد وهو بالعراق، ليقدم إلى الشام، فيكون الأمير على كل من به، فإذا فرغ عاد.
ولما بلغ هرقل ما أمر به الصديق أمراءه من الاجتماع بعث إلى أمرائه أن يجتمعوا أيضاً، وان ينزلوا بالجيش منزلاً واسع العطن، واسع المطرد، ضيق المهرب، وجعل على الناس أخوه بندارق، وعلى المقدمة جرجه، وعلى المجنبتين ماهان، والدارقص، وعلى البحر القيقلان.
وعندما بلغ الكتاب خالد بن الوليد، رضي الله عنه، استناب المثنى بن الحارثة على العراق، وسار خالد مسرعاً في تسعة آلاف وخمسمائة، ودليله رافع بن عميرة الطائي، وسلك أراضي لم يسلكها قبله أحد فاجتاب البراري والقفار، يصل ليله بنهاره، وقطع الأودية، وتصعد على الجبال، وجعل رافع يدلهم في مسيرهم على الطريق وهو في مفاوز معطشة، وعطش النوق وسقاها الماء عدلاً بعد نهل، وقطع مشافرها، فلما فقدوا الماء نحرها فشربوا ما في أجوافها من الماء، وهكذا وصل خالد في خمسة أيام، فخرج على الروم، من ناحية تدمر.
كان بعض العرب قال له في هذا المسير إن أنت أصبحت عن الشجرة الفلانية نجوت أنت ومن معك، وان لم تدركها هلكت أنت ومن معك، فسار خالد بمن معه وسروا ليلاً طويلاً، فاصبحوا عند هاتيك الشجرة فكبر وكبروا معه، فقال خالدعِنْدَ الْصَبَاح يَحْمَدُ الْقُوْمُ الْسُّرَى) فذهبت مثلاً، لمن يدرك غايته بعد ليل طويل ومعاناة وصبر.
********************************************************
عُقبة بن نافع رضي الله عنه
عُقبة بن نافع رضي الله عنه { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبين}.
عُقبة بن نافع عُقبة بن نافع بن عبد القيس القرشـيّ، وُلِدَ في عهد الرسول -صلى اللـه عليه وسلم-، خاله عمرو بن العاص، وشهد معه فتح مصر واختطّ بها، ثم ولاهُ يزيد بن معاوية إمرة المغرب، وهو الذي بنى القيروان.
الرفعة والعافية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عقبة بن نافع: { رأيتُ كأنّي في دار عُقبة بن نافع، فأتينا برُطَبٍ أبّر -مُلَقّح- طاب، فأوّلتُها: الرفعة والعافية وإنّ دينَنَا قد طاب لنا }.
مصر شَهِدَ عُقبة بن نافع فتح مصر (18-21 هـ)، واختطّ بها، فقد اتّخذ فيها أرضاً ووضع لها علاماً ليعلم أنها ملكه، وقد بعثه عمرو بن العاص إلى القرى التي حولها، فدخلت خيولهم أرض النوبة غزاةً، فلقي المسلمون قتالاً شديداً.
غزوات عُقبة في عام (20 هـ) أرسل عمرو بن العاص عُقبة بن نافع على رأس جيش إسلامي، تمكّن من فتح برقة، وفزان، وزويلة، وقد اتّخذ عُقبة من برقةَ قاعدةً لنشر الإسلام في المناطق الواقعة غرب مصر.
قال خليفة: في سنة إحدى وأربعين ولى عمرو بن العاص، وهو على مصر عقبة بن نافع افريقية، فانتهى إلى قونِية -وهي من أعظم مدن الإسلام ببلاد الروم- وقَراقِيَةَ -على طريق الإسكندرية إلى افريقية- فأطاعوه، ثم كفروا، فغزاهم من سَبْتَةَ فقتل وسبى، وفيها سنة اثنتين وأربعين غزا عقبة بن نافع إفريقية فافتتح غُدامس، وفي سنة ثلاث وأربعين غزا عقبة بن نافع فافتتح كُوراً من بلاد السودان، وافتتح وَدّان، وهي من حيدة برقة، وكلها من بلاد إفريقية.
فتح إفريقية فلمّا ولي معاوية بن أبي سفيان وجّه عُقبة بن نافع إلى افريقية عام (50 هـ)، غازياً في عشرة آلاف من المسلمين، فافتتحها واختطّ قيروانها، وقد كان موضعه بستاناً واسعاً، لا ترام من السباع والحيات وغير ذلك من الدّواب، فدعا الله عليها، فلم يبقَ فيها شيء مما كان فيها إلا خرج هارباً بإذن الله، فقد وقف وقال: { يا أهل الوادي، إنّا حالون -إن شاء الله- فاظعنوا }.
ثلاث مرات، قيل: { فما رأينا حجراً ولا شجراً، إلا يخرج من تحته دابّة حتى هبطن بطنَ الوادي }.
ثم قال للناس: { انزلوا باسم الله }.
فأسلم خلق كبير من البربر، فقد كان عُقبة بن نافع مُجاب الدعوة.
وهكذا أصبحت القيروان قاعدة حربية لتأمين الخطوط الدفاعية الإسلامية في المنطقة، ونقطة إنطلاق لنشر الإسلام بين السكان هناك.
بحر الظلمات ولمّا عادَ عُقبة للولاية ثانيـةً عام (60 هـ) سار بقواتـه غرباً حتى وصل المحيـط الإطلسي { بحر الظلمات } عام (62 هـ)، فتوقّف حينئـذ وقال: { يا ربِّ لولا هذا البحرُ لمضيتُ في البلاد مُجاهداً في سبيلك، أنشر دينكَ المبينَ، رافعاً راية الإسلام فوقَ كل مكانٍ حصينٍ، استعصى على جبابرة الأقدمين }.
الشهادة وفي أثناء عودة عُقبة بن نافع إلى القيروان، فاجأهُ (كُسَيْلةُ) بفريق من البربر وحلفائه البيزنطيين، واشتبكوا معه في معركة انتهت باستشهاده مع عدد من الجنود.
استشهد عُقبة في إفريقيـة سنة (63 هـ)، وأوصى أبناءه ألا يقبلـوا الحديث عن رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- إلا من ثقة، وألا تشغلهم الإمارةُ عن القرآن.
********************************************************
الشاعر علي الكيلاني
خلاني غلا مرهون نشاكي اللي مانشغله
خلاني غلا مرهون نشاكي اللي مانشغله
طلبتك
طلبتك والقيتك. مقفول
الناس تقول
مخاصمني يا سمح الزول
طلبتك ولقيتك ما ترد
الباين جد
مخاصمني ونسيت الود
نحسه قارب منك حد
اسطاوي نو
غزلها وقليبك مغزول
مخليك اطبق وتمد
بعرض وطول
حسود شواها شوي اسبول
طلبتك ولقيتك مازال
بنفس الحال
انشاء الله يا مرهون دلال
امراجي منك رد سوال
ولومشغول
طلبنا غير الي معقول
اطمنا ويرتاح البال
نبوا لوصول
ازعلنا من موقف مجهول
طلبتك دزيت مراسيل
اسبوع مراسيلي طالت
السبت يقولوي في اليل
نراجوا ما جاناش النت
ولاحد يقولوا تحميل
الضي هرب ما جاش فلت
ولاثنين تجد مواويل
طوابير البنزين بدت
ثلاثتنا يبدا التقتيل
الجوله بدت ما انتهت
ولربع تصريف وتحويل
رواتب لا نزلت لا جت
خميس يجيبوا فيه دليل
عروس بحنتها انخطفت
الجمعه عطله دير جميل
علي مجهول
نصلوا مخطوف ومقتول
علي يفوت اسبوع طويل
انعاني فهول
وهمي من عنا مسؤل
تهايلني فيسع ما نسيل
نزلت انزول
المتريح غير المسطول
وقهروني ها العواويل
بلا ميكول
نشحت فبلاد البترول
طلبت قالولي مشغول
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
18رمضان 1437هـ - 23 يونيو 2016م
مناجاة
اللهمّ إنّا نسألك بركةً في العمر وصحّةً في الجسد
مناجاة
اللهمّ إنّا نسألك بركةً في العمر وصحّةً في الجسد
اللهم وفقني في رمضان لموافقة الأبرار وجنبني فيه مرافقة الأشرار وآوني فيه برحمتك إلى دار القرار بإلهيتك يا إله العالمين، اللهمّ لا تردّنا خائبين، وآتنا أفضل ما يُؤتى عبادك الصّالحين، اللهمّ ولا تصرفنا عن بحر جودك خاسرين، ولا ضالّين، ولا مضلّين، واغفر لنا إلى يوم الدّين، برحمتك يا أرحم الرّاحمين.
لا إله إلّا الله الحليم الكريم، لا إله إلّا الله العليّ العظيم، لا إله إلّا الله ربّ السّماوات السّبع وربّ العرش العظيم، اللهمّ إنّا نسألك زيادةً في الدّين، وبركةً في العمر، وصحّةً في الجسد، وسعةً في الرّزق، وتوبةً قبل الموت، وشهادةً عند الموت، ومغفرةً بعد الموت، وعفواً عند الحساب، وأماناً من العذاب، ونصيباً من الجنّة، وارزقنا النّظر إلى وجهك الكريم. اللهمّ ارحم موتانا وموتى المسلمين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهمّ اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
اللهمّ ارزقني قبل الموت توبةً، وعند الموت شهادةً، وبعد الموت جنّةً، اللهمّ ارزقني حسن الخاتمة، اللهمّ ارزقني الموت وأنا ساجدٌ لك يا أرحم الرّاحمين.
*******************************************************************
عن سلمان بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ إذا كان أحدكم صائما فليفطر على التمر فإن لم يجد التمر فعلى الماء فإن الماء طهور .
صحيح الجامع.
من دعائه صلى الله عليه وسلم: رب اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري كله وما أنت أعلم به مني ، اللهم اغفر لي خَطايايَ وعمدي وجهلي وهزلي وكل ذلك عندي ، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت ، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان، فمنا من صام ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم" متفق عليه.
*******************************************************************
تَصْفِيدُ الشَّيَاطِينِ فِي رَمَضَان
إن مما تميز به شهر رمضان المبارك تصفيد الشياطين ومردة الجنّ فيه ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ))(1) ، وروى أحمد والنسائي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((هَذَا رَمَضَانُ قَدْ جَاءَكُمْ تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَتُسَلْسَلُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ )) (2) ، روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ))(3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ فَضَعُفَتْ قُوَّتُهُمْ وَعَمَلُهُمْ بِتَصْفِيدِهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَفْعَلُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُمْ قُتِلُوا وَلَا مَاتُوا بَلْ قَالَ : " صُفِّدَتْ " وَالْمُصَفَّدُ مِنْ الشَّيَاطِينِ قَدْ يُؤْذِي لَكِنَّ هَذَا أَقَلُّ وَأَضْعَفُ مِمَّا يَكُونُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ؛ فَهُوَ بِحَسَبِ كَمَالِ الصَّوْمِ وَنَقْصِهِ ، فَمَنْ كَانَ صَوْمُهُ كَامِلًا دَفَعَ الشَّيْطَانَ دَفْعًا لَا يَدْفَعُهُ دَفْعُ الصَّوْمِ النَّاقِصِ )) (4) اهـ.
وكثير من الناس اليوم جهلوا أو تجاهلوا أمر الشيطان فلم يدركوا مدى كيده وعداوته لبني آدم وحرصه على إخراجهم من رحمة الله ورضوانه وإيقاعهم في سخطه وغضبه ونيرانه ، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [فاطر:6] ، وهي عداوة مستمرة إلى يوم القيامة وكل من انشغل في هذا الشهر الكريم بغير طاعة الله من المعاصي والذنوب واللهو واللعب والسهر وفي القيل والقال والنظر في الفضائيات وما فيها من سموم فقد خلص الشيطان إليه ونال منه بغيته ؛ وإن كيده لا يكاد ينحصر .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان جملة كبيرة من مكائده التي كاد بها عباد الله : (( ومن كيده للإنسان : أنه يورده الموارد التي يُخيل إليه أنّ فيها منفعته ، ثم يُصدِرُه المصادر التي فيها عطبه، ويتخلى عنه ويُسْلِمُه ويقف يَشْمَتُ به ويضحك منه ، فيأمره بالسرقة والزنا والقتل ويدل عليه ويفضحه قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [الأنفال:48] ؛ فإنه تراءى للمشركين عند خروجهم إلى بدر في صورة سراقة بن مالك وقال : أنا جار لكم من بني كنانة أن يقصدوا أهلكم وذراريَكم بسوء ، فلما رأى عدوُّ الله جنود الله تعالى من الملائكة نزلت لنصر رسوله فرّ عنهم وأسلمهم كما قال حسان: دَلَّاهُمُ بِغُرُورٍ ثَمَّ أَسْلَمَهُمْ إِنَّ الْخَبِيثَ لمنْ وَالَاهُ غَرَّارُ
وكذلك فعل بالراهب الذي قتل المرأة وولدها ؛ أمره بالزنا ثم بقتلها ثم دلّ أهلها عليه وكشف أمره لهم ، ثمّ أمره بالسجود له فلمّا فعل فرَّ عنه وتركه وفيه أنزل الله سبحانه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [الحشر:16] ، وهذا السياق لا يختص بالذي ذكرتْ عنه هذه القصة، بل هو عام في كل من أطاع الشيطان في أمره له بالكفر لينصره ويقضي حاجته، فإنه يتبرأ منه ويسلمه كما يتبرأ من أوليائه جملة في النار ويقول لهم: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ } [إبراهيم:22] ، فأوردهم شرّ الموارد وتبرأ منهم كل البراءة .
ومن كيد عدو الله تعالى : أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه ؛ فلا يجاهدونهم ، ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان، وقد أخبرنا الله سبحانه عنه بهذا فقال: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران:175] ، المعنى عند جميع المفسرين: يخوفكم بأوليائه. قال قتادة: ( يعظمهم في صدوركم، ولهذا قال: { فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ، فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه خوفُ أولياء الشيطان، وكلما ضعف إيمان العبد قوي خوفه منهم ) .
ومن مكايده أنه يسحر العقل دائماً حتى يكيده ، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله ، فيزين له الفعل الذي يضره حتى يخيل إليه أنه من أنفع الأشياء ، وينفر من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له حتى يخيَّل له أنه يضره ، فلا إله إلا الله !! كم فُتن بهذا السحر من إنسان ، وكم حال بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان! وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة، وشنّع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة ! وكم بهرج من الزُّيوف على الناقدين، وكم روّج من الزغل على العارفين ! فهو الذي سحر العقول حتى ألقى أربابها في الأهواء المختلفة والآراء المتشعبة، وسلك بهم في سبل الضلال كل مسلك ، وألقاهم من المهالك في مهلك بعد مهلك ، وزين لهم من عبادة الأصنام وقطيعة الأرحام ووأد البنات ونكاح الأمهات ووعدهم الفوز بالجنات مع الكفر والفسوق والعصيان ، وأبرز لهم الشرك في صورة التعظيم ، والكفر بصفات الرب تعالى وعلوه على عرشه وتكلمه بكتبه في قالب التنزيه، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قالب التودد إلى الناس وحُسن الخلق معهم والعمل بقوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } [المائدة:105] ، والإعراض عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في قالب التقليد والاكتفاء بقول من هو أعلم منهم ، والنفاق والإدهان في دين الله في قالب العقل المعيشي الذي يندرج به العبد بين الناس . فهو صاحب الأبوين حين أخرجهما من الجنة ، وصاحب قابيل حين قتل أخاه ، وصاحب قوم نوح حين أُغرِقوا ، وقوم عاد حين أهلِكوا بالريح العقيم ، وصاحب قوم صالح حين أهلكوا بالصيحة ، وصاحب الأمة اللوطية حين خُسف بهم وأتبِعوا بالرجم بالحجارة ، وصاحب فرعون وقومه حين أخِذوا الأخذة الرابية ، وصاحب عبَّاد العجل حين جرى عليهم ما جرى، وصاحب قريش حين دعوا يوم بدر، وصاحب كل هالك ومفتون)) (5) اهـ.
فهذا هو العدو قد ظهرت أوصافه وبدت علاماته وملامحه ، يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ويأخذ بأي طريق يتحقق له به ذلك . قال بعض السلف : (( وما أمر الله عز وجل بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما تقصيرٌ وتفريطٌ ، وإما إفراطٌ وغلوٌّ ، فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخطيئتين))(6)، فلينظر كل واحد إلى نفسه وأفعاله هل فيها استجابة للشيطان وحبائله ؛ فيتدارك نفسه بالتوبة إلى الله والإقلاع عما هو فيه من ضلالٍ وشرٍ ويعلن العداوة لهذا العدو اللدود ، أم أنه في حماية الله وحفظه ؛ فيشكر الله على ذلك ويسأله الثبات ويسعى في الاستزادة من فعل الصالحات ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ كثيراً بالله من الشيطان ويعلِّم أصحابه ذلك {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [97] وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون:97-98] ؛ اللهم إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه.
(1) البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ للبخاري .
(2)سنن النسائي (2105) ، المسند (13408) .
(3) الترمذي (682)، وابن ماجه (1642)، واللفظ للترمذي .
(4) مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/246).
(5) إغاثة اللهفان لابن القيم (1/125ـ 128).
(6) الوابل الصيب (ص: 29).
*******************************************************************
بدر
كانت قريش قد صادرت أموال المهاجرين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتربصت للنيل منهم بكل وسيلة، إمعاناً في الصد عن سبيل الله وإيذاء المؤمنين، فأراد المهاجرون إضعافها والضغط عليها من خلال التعرض لقوافلها التجارية التي تمر بالقرب من المدينة في طريقها إلى الشام ، وكان المسلمون قد علموا أن قافلة كبيرة يحرسها ثلاثون رجلاً - كانت تحمل أموالاً عظيمة لقريش - في طريقها من الشام إلى مكة - وأنها ستمر بهم، فندب الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه للخروج لأخذها، فخرج ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، معهم سبعون بعيراً يتعاقبون على ركوبها ، لكنهم أرادوا شيئا وأراد الله غيره قال سبحانه: { وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين }(الأنفال:7).
ولما بلغ أبا سفيان - الذي كان يقود القافلة القرشية - خبر خروج المسلمين, سلك بها طريق الساحل, وأرسل يطلب النجدة ويستنفر قريش, فخرجت قريش بقضِّها وقضيضها، ولم يتخلف من فرسانها ورجالها إلا القليل, ومن تخلَّف منهم أرسل بدله رجلاً، حتى بلغ جيش قريش ألف مقاتل معهم القيان يضربن بالدفوف ويغنين بهجاء المسلمين، ولما بلغوا الجحفة علموا بنجاة القافلة, فأصروا على المضي ومقاتلة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بطراً ورئاء الناس فقال أبو جهل لعنه الله: "والله لا نرجع حتى نقدم بدْراً فنقيم بها ونطعم من حضرنا، وتخافنا العرب".
وكان المسلمون قد وصلوا إلى بدر وعلموا بنجاة القافلة وقدوم جيش المشركين ، فاستشار النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، وكان يهمه معرفة رأي الأنصار على وجه الخصوص لأنهم كانوا قد بايعوه على الدفاع عنه داخل المدينة، ولم يبايعوه على القتال خارجها ، فوقف المقداد بن عمرو من المهاجرين وقال: " يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك , والله لا نقول لك كما قال بنو إسرائيل لموسى : " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون", ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد - مكان باليمن - لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه"، وقام سعد بن معاذ - زعيم الأوس - فقال: "والله لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ قال: أجل ، قال : فإنا قد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق, وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة لك، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك, فسِر على بركة الله".
فلما رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - اجتماعهم على القتال بدأ بتنظيم الجيش ، فأعطى اللواء الأبيض مصعب بن عمير , وأعطى رايتين سوداوين لعلي و سعد بن معاذ رضي الله عنهما، وترك المسلمون مياه بدر وراءهم لئلا يستفيد منها المشركون.
وقبيل المعركة ، أشار - صلى الله عليه وسلم - إلى مكان مصارع جماعة من زعماء قريش ، فما تحرك أحدهم عن موضع يد رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، وأنزل الله تعالى في هذه الليلة مطراً طهر به المؤمنين وثبت به الأرض تحت أقدامهم ، وجعله وبالاً شديدًا على المشركين.
وقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلته تلك , فكان يصلي إلى شجرة ، فلم يزل يدعو ربه ويتضرع حتى أصبح، وكان من دعائه: " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه الفئة لا تعبد بعدها في الأرض " فما زال يهتف بربه حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبوبكر ، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه ، وقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك".
وفي صبيحة يوم السابع عشر من رمضان سنة اثنتين للهجرة, رتب صلى الله عليه وسلم الجيش في صفوف كصفوف الصلاة ، وبدأ القتال بين الفريقين بمبارزات فردية ثم كان الهجوم والتحام الصفوف ، وأمد الله المسلمين بمدد من الملائكة قال تعالى: { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين * وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم } (الأنفال:9-10)، ونصر الله رسوله والمؤمنين رغم قلة عددهم وعدتهم.
وكانت نتيجة المعركة مقتل عدد من زعماء المشركين منهم عمرو بن هشام (أبو جهل), و أمية بن خلف ، و العاص بن هشام ، وبلغ عدد قتلى المشركين يومئذ سبعين رجلاً, وأسر منهم سبعون, وفر من تبقى من المشركين تاركين غنائم كثيرة في ميدان المعركة, وأقام - صلى الله عليه وسلم - ببدر ثلاثة أيام، ودَفن شهداء المسلمين فيها, وهم أربعة عشر شهيداً، وقد تمت مفاداة الأسرى بالمال, فعاتب الله تعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم - لقبوله الفداء.
لقد كانت موقعة بدر من المعارك الفاصلة في تاريخ الإسلام, ولذا سماها الله تعالى في كتابه بـ "يوم الفرقان" لأنه فرق بها بين الحق والباطل , وكان لها أعظم الأثر في إعلاء شأن الإسلام وإعزاز المسلمين.
*******************************************************************
عمر بن عبد العزيز الخليفة الزاهد والإمام العابد
اللمجدِّدِ الأول لشباب الإسلام على رأس المائة الأولى، والذي أقبلت عليه الدنيا بخيلها ورجِلِها فأعرض عنها رغبة في النعيم المقيم والملكِ العظيم في جوار رب العالمين، أعطر الناس سيرة وأطيبهم سريرة، ملأ الأرض عدلا بعد أن فشا فيها الظلم والجور، وغيّر وجه الأرض في سنتين وخمسة أشهر وبضعة أيام. عدنان حسن الخطيب، واعظ أول في دائرة الشؤون الإسلامية بدبي يحدثنا عن أبرز مراحل حياة الخليفة العادل:
إنه الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز الذي جمع الفضائل وتنزهت نفسُه عن الرذائل، ظهرت عليه علاماتُ النجابة منذُ الصغر، فختم القرآن ولم يشتغل بما اشتغل به بعض الناس من الترف والثراء، ولكنه طلب الشرف الحقيقي والعزّ الدائم، فرحل إلى مدينة الرسول، وجالس فُقهاء المدينةِ وأخذ من علمهم وهديهم وسمتهم، وما تطلع يوما للخلافة. ولكنها إرادة الله، عز وجل، فقد اختير لها على حداثة سِنه، فرد المظالم، واستعمل أهل الخير والصلاح، وعزل أهل الجوْر والفساد، ووفر للناس سبل الرخاء، فأصلح الأراضي الزراعية، وحفر الآبار، وعمّر الطُّرُق، وأعدّ الخانات لأبناء السبيل، وأقام المساجد دون زخرفة أو تكلف، ورفـع رواتب العمال والولاة ليغنيهم عن الخيانة، فساد الغنى والسعة، ولم يعد أحد يأخذ الزكاة المفروضة فأعتق بها عبيدا، واشترى دورا لمن ليس له دار، وزوّج من كان بحاجة للزواج من المسلمين. فكثُر الخير وعمّ الصلاحُ، وانتشر الأمن، وانتظمت أمورُ العباد والبلاد.
لقد عاش عمر شطراً من شبابه مرفّها مدللا يملك من المال والمتاع الكثير الكثير، ولكن كيف انقلبت حياته من رغد العيش ورخائه إلى شدته وضنكه؟ وكيف بدأت إنابته ويقظة قلبه؟ لقد سُئل عمر عن ذلك، فقال: غضبت من أحد مواليّ وهممت أن أضربه فقال لي: "يا عمر، اذكر ليلة صبيحتها يوم القيامة"، وما أعظمها من كلمة أنارت قلب عمر وأعدّته لما قضاه الله له من أمر عظيم، وهو خلافة المسلمين. ولما جاءته الخلافة وأصبحتْ خزائنُ الدُّنيا بحذافيرها بين يديه في هذه اللّحظة، التي تضعف فيها النُّفوس زاد عمر من عزيمته واستقامته، لأن المسؤولية صارت أعظم والسؤال يوم القيامة أصعب. ولذلك رأى عمر الخلافة ابتلاء ومحنة، ويذكر أنه لما تولى الخلافة صعد المنبر، واجتمع إليه الناس فقال: "أيها الناس، إني قد ابتُليت بهذا الأمر من غير رأيٍ كان منّي فيه، ولا طلبةٍ له، ولا مشورة ٍمن المسلمين؛، وإني قد خلعتُ ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم"، فصاح الناسُ صيحة واحدة، كلُّهم يقول: قد اخترناك يا أمير المؤمنين ورضيناك، فلما رأى الأصوات قد هدأت رفع صوته حتى أسمعهم فقال: "يا أيها الناس، من أطاع الله وجبت طاعتهُ، ومن عصى الله فلا طاعة له عليكم".
كان عمر حسن الخلقْ والخُلق، كامل العقل، حسن السّمت، حريصاً على العدل، وافر العلم، ظاهر الذكاء والفهم، أواهاً منيباً، حنيفاً زاهداً، قانتا بكّاء، بكى مرة فأبكى زوجته وأبكى أهل الدار، لا يدري هؤلاء ما أبكى هؤلاء، فلما تجلى عنهم البُكاءُ قالت له زوجتُه فاطمة: بأبي أنت وأمي يا أمير المؤمنين، مِمّ بكيت؟ قال: تذكرتُ ـ يا فاطمة ـ مُنْصرف القوم بين يدي الله، فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير، ولا أدري من أيِّ الفريقين أنا، ثم صرخ مغشياً عليه.
ولما حضر الأجل، وحان الاحتضار، نزل الموت الذي طالما أفزع عمر، وأقلقه، نزل بعد طولِ استعداد، وطولِ عمل، فتح عمرُ عينيه، وأحدّ نظره، ثم قال: إني لأرى حضرة، ما هم بإنس ولا جانٍّ!! ثم حرّك شفتيه، فسمعوه يقول: ﴿تِلْك الدّارُ الآخِرةُ نجْعلُها لِلّذِين لا يُرِيدُون عُلُوّا فِي الأرْضِ ولا فساداً والعاقِبةُ لِلْمُتّقِين﴾.
*******************************************************************
الصيام وقصة السموم
ما أن تقرأَ عن منافع الصيام في كتاب أو مقال أو موقع للإنترنت إلا وتجد أنَّها تشير إلى أنَّ الصومَ يخلِّص الجسمَ من السُّموم الموجودة فيه ويطرحها للخارج, وهو بذلك يريح الجسمَ من الآثار المحتملة لهذه السموم، والتي يُقال إِنَّها قد تكون عاملاً من عوامل حدوث السرطانات المختلفة في الجسم التي كثرت في الأزمان المتأخِّرة. كما أنَّها قد تكون عاملاً في نشوء أمراض وعلل أخرى حارَ فيها الأطبَّاء.
وكثيرٌ ممَّن كتبوا في هذا المجال ينقلون من كتابات بعض أطبَّاء الطب البديل قولَهم مثلاً: (إنَّ كلَّ إنسان يحتاج إلى الصيام، وإن لم يكن مريضاً، لأنَّ سموم الأغذية والأدوية تجتمع في الجسم فتجعله كالمريض، وتُثقِله ويقلُّ نشاطُه؛ فإذا صام، خفَّ وزنُه وتَحلَّلت هذه السمومُ من جسمه، وذهبت عنه، ليصفوَ بعدَ ذلك صفاءً تاماً).
وممَّن توسَّع في شرح هذا الدكتور الفاضل عبد المجيد الصاوي في كتابه الماتع "الصيامُ معجزة علمية".
فما قصَّةُ السُّموم هذه؟ وهل يخلِّصنا الصومُ حقيقةً منها؟
مصادر السموم في جسم الإنسان
فلنبدأ أوَّلاً بذكر مصادر السموم في جسم الإنسان:
1) الهواء الملوَّث
فالهواءُ مليءٌ بالسُّموم التي نستنشقها، من عوادم السيَّارات، وغازات المصانع وغيرها، وهذا يختلف من بلدٍ لآخر ومن مكان لآخر.
2) الغذاء والماء
سواءٌ أكان من المواد التي تُضاف للأطعمة، في أثناء زراعتها وتربيتها بالكيماويات، أو في أثناء طهيها، أو تصنيعها، بإضافة النَّكهات، والألوان، ومضادَّات الأكسدة، والمواد الحافظة.
3) الجراثيم والمكروبات
من الجراثيم والفيروسات والفطريَّات الكثيرة في الكون، والتي تدخل أجسامَنا كلَّما سنحت لها فرصة! وما تنتجه من مُفرَزات سامَّة.
4) مخلَّفات التفاعلات الكيميائية في الجسم
فأكسدةُ المواد الغذائية (البروتينات والدهون والكربوهيدرات) يَنتُج عنها مجموعةٌ من المواد السامَّة، مثل اليُوريا والكرياتينين والأمونيا (مركَّب النِّتروجين) وغاز ثاني أكسيد الكربون والصفراء والكيتونات وغيرها.
الأيونات الحرَّة -(Free radicals) O2: وقد بدأ الاهتمامُ بها يزداد أخيراً، لما يُعتقَد أنَّها تُفسِد بعضَ التفاعلات الكيميائية في الجسم. وهي أيونُ أكسجين حرٍّ عالي الأكسدة، ينتج من عدَّة مصادر منها الأشعَّة فوق البنفسجية.
نواتج التخمُّر في القولون: فالغذاءُ حينما يصل إلى الأمعاء الغليظة (القولون)، تحصل له عملية تخمُّر جرثومي بفعل الجراثيم المتوطِّنة في القولون، وينتج عن هذا التخمُّر مركَّبات مثل الأندول والفندول، التي يُعتقَد بعضُ العلماء أنَّها ربَّما تكون سامَّة.
5) بعض الأدوية التي يتناولها الناسُ بغير ضابط، وبغير وصفة طبِّية.
كيف يتعامل الجسم مع هذه السموم
إنَّه حديثٌ طويل جداً عن جهاز الإخراج وجهاز المناعة العجيب الذي خلقه الباري لنا، ولعله تتاح فرصة لإفراد كتاب خاص له، فهو بذلك جدير. والذي يهمُّنا هنا أن نشيرَ باختصار إلى كيفيَّة تعامل الجسم مع هذه السُّموم.
حين توجد أيَّةُ مادَّة سامَّة:
تهجم عليها كريَّات الدم البيضاء
وهي خمسةُ أنواع: العَدِلات Neutrophils والبَلاعِم Macrophages واللِّمفاويَّات Lymphocytes واليُوزينيَّات (الحَمِضات) Eosinophils والقَعِدات Basophils.
وقد أمرَ الباري سبحانه الكريَّاتِ البيضَ أن تجولَ على مدار الساعة في كلِّ مكان في الجسم، ووهبها خاصيَّةً مُميَّزة تُمكِّنها من معرفة الأجسام الغريبة من المواد السامَّة والجراثيم والخلايا التالفة وتمييزها من السَّليمة، وذلك بتحسُّس جدران الخلايا والأجسام الموجودة في الجسم، فتعرف بذلك الجسمَ الطبيعي من الجسم الغريب.
وتؤدِّي هذه الخلايا مهمَّتَها على النحو التالي:
- تبتلع الجسمَ الغريب ثمَّ تهضمه (تأكله) وتحلِّله إلى أجزائه الأولية: سكَّر وأحماض أمينية وغيرها، ليستفيدَ منها الجسم!
- فإذا لم تقدر على هضمه وتحليله، فإنَّها تبتلعه وتأسره وتعطِّل نشاطَه، وتغلِّفه بغلاف لا يخرج منه أبدَ الدهر!. وهذا أكثر ما يحصل مع السُّموم غير العضوية، كسموم الهواء الملوَّث والجسيمات المعدنية والأصباغ وغيرها.
- وقد تُطلِق عليه موادَّ كيميائيةً مبيدة، وفي الجسم أنواعٌ كثيرة من مبيدات السموم!
- وقد تنتج الأجسامَ المضادَّة (الأضداد) Antibodies، وتطلقها ضدَّ الجراثيم وغيرها من الأجسام الغريبة، وهذا الدورُ تقوم به خلايا النوع (ب) من اللِّمفاويَّات.
- وبعض الخلايا متخصِّصة في مهاجمة الفيروسات والخلايا السرطانية، وهي خلايا النوع T اللمفاويات التائية من اللمفاويات، وبعضها متخصِّصٌ في مهاجمة الديدان وهي الحَمِضات.
البَلاعم أو البلعميَّات الكبيرة Macrophages مشهورةٌ لدى العلماء، ويسمُّونها الأكولة، لأنَّها كبيرةُ الحجم، ويصل عمرها لعدَّة سنوات، وتظلُّ تدور في الدم؛ فإذا صادفت جسماً غير طبيعي، وكان من تعاسة حظِّه أن اصطدمَ بها، فإنَّها تبتلعه بلقمةٍ واحدة، في أقلَّ من عُشرِ عُشرِ الثانية (0.01).
مقاومة السُّموم داخل الخلية
لو حصل أن تمكَّنَ جسمٌ غريب من الانفلات من الخلايا البيض، وهجم على خلية من الخلايا ودخلَها، فالويلُ لأمِّه!، إذ قد جعل اللهُ تعالى في داخل كلِّ خلية من جسمنا أكياساً هاضمة تُدعى الليزوزومات أو اليَحلولات Lysosome والأجسام البيروكسيَّة Peroxisomes، تحوي داخلها إنزيمات هاضمة كتلك التي تهضم الطعامَ في الجهاز الهضمي.
إزالة السمِّية في الكبد
تقوم الكبدُ بعملية إزالة السمِّية Detoxification لكثير من المواد السامَّة، وذلك حينما تصل إليها هذه الموادُ عبرَ الدم، سواءٌ أكانت قادمةً من الأمعاء عن طريق الوريد البابي حاملةً معها ما جرى امتصاصُه من الغذاء المهضوم، أو كانت هذه الموادُّ السامة محمولةً للكبد عبر الدورة العامَّة للدم، حاملةً معها مخلَّفات التفاعلات الكيميائية.
طرد السُّموم عن طريق أجهزة الإفراغ
يطرد الجسمُ كثيراً من السُّموم للخارج فيرتاح منها، ومن أشهر هذه السُّموم غاز ثاني أكسيد الكربون السام، حيث يُخرِجه الجسمُ بالتنفُّس. أمَّا الجهدُ الكبير في إخراج السموم فيقع على الكلى، حيث إنَّها تنقِّي الدمَ الذي يمرُّ فيها من السموم، وتُخرِجها عبرَ البول. كما يقوم الجهازُ الهضمي بدوره في إخراج الجراثيم عندما تتكاثر عليه في الأمعاء، فإنَّه يصب عليها مُفرَزاته الكثيرة فتنجرف مع الإسهال للخارج!
ومن وسائل الإفراغ اللطيفة ما يقوم به العَرَق، حيث يُخرج كمِّيات - وإن كانت قليلة - من بعض المواد السامَّة.
عندَ الحواجز الخاصَّة لبعض الأعضاء
مع كلِّ الاحتياطات الأمنية المكثَّفة السابقة، إلاَّ أنَّ بعضَ أعضاء الجسم وخاصَّة المخ يخاف أن ينفدَ أحدُ السُّموم بجلده!، ولذا جعل اللهُ سبحانه حولَه غِشاءً دقيقاً وحسَّاساً، يحوط المخَّ من جميع الجوانب، ولا يسمح بدخول السموم عليه.
إذن، فالأمرُ ليس هزلاً ! وقد زوَّد اللهُ سبحانه الجسمَ بكلِّ ما يحتاج إليه للقيام في هذه الحياة.
هل تتكدَّس السمومُ في الجسم؟
ذكرنا أنَّ خلايا الجسم إذا لم تَقدر على هضم الجسم الغريب وتحليله، فإنَّها تبتلعه وتأسره وتعطِّل نشاطَه، وتغلِّفه بغلاف لا يخرج منه. وهذا يحصل في كثير من خلايا الجسم، في أماكن متفرِّقة منه.
كيف يساعدنا الصومُ على التخلُّص من السموم؟
الأمرُ ليس قطعياً ولا واضحاً من الناحية العلمية، وهناك حاجةٌ إلى مزيد من الدراسات، لكن هناك بعض التفسيرات النظرية كالتالي:
1) الصيام يطلق السمومَ من الدهون المختزنة (حالة الكيتونية)
ينصُّ هذا التفسيرُ على أنَّه تجري في الصيام أكسدةُ كمِّيات هائلة من الشحوم المختزَنة في الجسم، وبذلك تُستخرَج منها السمومُ الذائبة فيها، وتُزال سُمِّيتُها، ويَتخلَّص منها مع فضلات الجسد. ويطلق على هذه الحالة "حالة الكيتونية" أو "الحماض الكيتوني Ketosis/Ketoacidosis". وهذا التفسيرُ يقول به أنصارُ الطبِّ البديل، ويعتمدون عليه كثيراً.
وبعضُهم، بل كثيرٌ منهم، يرى أنَّ فائدةَ الصيام لا تحصل للصائم إلاَّ بالوصول إلى مرحلة الكيتونية هذه. وهي تعني باختصار أكسدةَ كمِّيات كبيرة من الدهون بالصيام، ولمدَّة كافية حتَّى تَنتُج عنها مادَّةٌ تُسمَّى "الكيتونات" أو "الأجسام الكيتونية ketones/ keton bodies".
وهم يؤكِّدون على أنَّ هذه الحالةَ لا تتحقَّق إلاَّ في صيام الماء الطويل المديد، لأنَّه هو الذي تحصل فيه أكسدةُ الدهون بكمِّيات كبيرة. أمَّا الصيامُ القصير أو المتقطِّع، ومنه الصيام الإسلامي، فإنَّ الجسمَ لا يصل فيه إلى مرحلة الكيتونية، لأنَّه لا يجد نفسه مضطراً لأكسدة الدهون وإطلاق مادَّة الكيتونات الضارَّة.
وهذا التفسيرُ هو أحد التناقضات الصارخة بين الطبِّ الحديث والطبِّ البديل؛ فالأطبَّاء يَرَون في حالة الحموضة الكيتونية حالةً مرضية! يجري الكشفُ عنها بالتحاليل، وتَستدعي التدخُّلَ السريع، لأنَّ الكيتونات نفسها موادُّ ضارَّة، إذا زادت نسبتُها في الجسم.
ثمَّ إنَّ هذا التفسير تغلب عليه الإنشائية، بل إنَّ النظر المنطقي ينقضه! حيث إنَّ أكسدةَ مخزون الدهون يعني - من الناحية النظرية على الأقل - وجودَ السموم المحرَّرة بكمِّيات كبيرة في الدم في وقت قصير، فيزداد العبءُ على الجسم ولا يقلُّ!. وبعضهم يقول إنَّ إطلاقَ السموم حالةٌ مؤقَّتة وضرورية، ثم يتخلَّص منها الجسمُ بسرعة وكفاءة.
وأظنُّ أنَّنا لسنا مضطرين للأخذ بهذا التفسير، حتَّى تكشفَ لنا دراساتٌ علمية معتمَدة ما خفيَ علينا من بديع صنع الباري سبحانه.
2) الصيام يقوي المناعة
وهذا تفسيرٌ جرى طرحُه كبديلٍ أكثر منطقية عن التفسير الأول، في شرح دورِ الصيام في مقاومة السموم. لكنَّه للأسف لم يتأكَّد حتَّى الآن (يمكن مراجعة ذلك في موضوع الصيام وتقوية المناعة).
المراجع
صحة الصائم
د. خالد الجابر
*******************************************************************
ذهب الكلام:أكرم من حاتم الطائي
الجود والكرم من مكارم أخلاق العرب الراسخة، التي لازمتهم حتى قبل أن يتممها لهم ربهم بنعمة الإسلام. وحتى نقارن بين صفات هذه الأمة قديماً واليوم، نسوق مثلاً عن أشهر العرب سخاءً: حاتم الطائي..
سئل حاتم يوماً، عما إذا كان أحد قد غلبه في الكرم؟ فقال: نعم، غلام يتيم من طي، نزلت بداره وكان له عشرة أرؤس من الغنم، فعمد إلى رأس منها فذبحه، وأصلح من لحمه، وقدمه إلي وكان فيما قدم إلي الدماغ فتناولت منه فاستطبته. فقلت: طيب والله، فخرج من بين يدي وجعل يذبح رأساً رأساً ويقدم لي الدماغ وأنا لا أعلم، فلما خرجت لأرحل نظرت حول بيته دماً عظيماً وإذا هو قد ذبح غنمه جميعاً.
فقال: أنت أكرم مني.
أعلمتني قبل الآن، فأنى قد نحرتها لك إذ لم أجد جزوراً غيرها فعجب الرسول من سخائه وقال: والله لقد رأينا منك أكثر مما سمعنا.
ويحكى أن أعرابياً عرج على دار حاتم الطائي بعد عناء سفر طويل، ملتمساً الراحة والطعام والشراب لما سمعه عنه من كرم ومروءة، فلما التقاه حاتم سأله بجفاء متصنع عن حاجته، فأجابه الأعرابي: والله إني متعب من السفر، وشديد الجوع والعطش، فقصدتك لما سمعت عن كرمك بين العرب، فقال له حاتم متصنعاً: وهل داري مفتوحة لكل من شاء؟ فاستحى الأعرابي، وأسرع إلى جواده دون أن ينطق بكلمة، فلما ابتعد، تلثم حاتم وامتطى جواده ولحق به، فلما التقاه حياه وقال له: من أين أنت قادم يا أخا العرب؟ فأجابه الأعرابي: من عند حاتم الطائي، فسأله حاتم: وما كانت حاجتك عنده؟ فأجاب: كنت جائعاً فأطعمني وعطشاناً فسقاني وعندما كشف حاتم عن وجهه وهو يضحك، سأل الأعرابي: لماذا كذبت علي؟ فأجابه الأعرابي: والله لو قلت غير ذلك لما صدقني أحد من العرب ولقالوا عني مجنوناً، إلى هذا الحد صار الكرم ملكية فكرية للطائيين. ترى كم بقي من حاتم وذلك الفتى والطائيين بين العرب؟.
*******************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
حاسبينك
حاسبينك
حاسبينك
حاسبينك غايب
شرفوا على حافة الدور
وبانت عليهم نصايب
مراشيق فلحود وقبور
يحنوا علي قبر غايب
راقي صهيل الحصنه
سامعات من قال ديره
نون سوق بيرسمنه
هو بس مالهنش غيره
جبوا علي حافة الدور
وبانت عليهم اقبوره
راقدات في وطن ممطور
يبن قبر صقر الصقوره
فيك نحسبوا
غايب ومانك غايب
حاضر وراشق في القلوب نصايب
ما غبت عنا ساعه
ولا تغيب عنا لا قيام الساعه
والوطن بعدك قاطعين اذراعه
موعاق هارم من غيابك سايب
ولكبود تسعر نارها ولاعه
ولبيوت بين اقبور بين زرايب
حاسبينك غايب ومانك غاايب
حاسبينك قدامنا
وتقود فينا وعزمنا. واحزامنا
وحاسبينك هلنا وشيب عمامنا
وشرف وكرامه وصقر عادي طايب
درنا عباتك رمزنا وعلامنا
غطاء وطن صفاء من اغيابك شايب
حاسبينك غايب ومانك غايب
حاسبينك ميزانها
وحاسبينك بحارها وربانها
فيك نحسبوا تاريخها وعنوانها
عاشوا مع وجودك الناس حبايب
بعد غيبتك عدا معاك امانها
راحت وبكري الشعب راح ذهايب
حاسبينك غايب ومانك غايب
حاسبينك ما رحت
وحاسبنك من همنا تريحت
يا مسك ما لقيناك لكن فتحت
والريح من وين انت ريحك جايب
هم اللي طاحوا انت ماطحت
يطوفوا علي طاعت الغرب جلايب
حاسبينك قاعد ومانك قاعد
ماتخاف فينا منك
مازال حتي يوم مانسينك
غايب ولكن ما يغيبك عنك
في غيبتك نواب ونت النايب
هن يعرف قيمة وكسرت سنك
يجيبن ثنا مفقود ونت الجايب
وحسابينك غايب ومانك غايب
حاسبينك في قلوبهن
انت نبضهن ونت اللي محبوبهن
ونت العلم ونت حجايج صوبهن
ويقلن علي شانك حمول صلايب
وتقعدلهن انت اللي معشوقهن
راضات لو كملن عليك كتايب
حاسبينك غايب ومانك غايب
**********************************************************************
حكاوي هلنا
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
19 رمضان 1437هـ - 24 يونيو 2016م
مناجاة
مناجاة
إلهنا..كيف نخيب وأنت أملنا؟
اللهم نبهني في رمضان لبركات أسحاره ونوّر فيه قلبي بضياء أنواره وخذ بكل أعضائي إلى اتباع آثاره بنورك يا منور قلوب العارفين، اللهم يا من ذكره شرف للذاكرين، يا من شكره فوز للشاكرين، يا من حمده عز للحامدين، يا من طاعته نجاة للمطيعين، يا من بابه مفتوح للطالبين، يا من تبارك اسمه وتعالى جده، يا من جل ثناؤه وتقدست أسماؤه، يا من لا يدوم إلا بقاؤه، يا من لا شبيه له ولا نظير، يا من لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، يا من جعل لكل شيء قدراً، يا من لا يشرك في حكمه أحداً، يا من هو لمن رجاه كريم، يا من هو على من عصاه حليم، يا من هو في حكمه عظيم، يا من هو في إحسانه قديم، اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.
مولانا كيف ندعوك وقد عصيناك، وكيف لا ندعوك وقد عرفناك، مددنا إليك يداً بالذنوب مملوءة، ويميناً بالرجاء مأمولة، إلهنا كيف نخيب وأنت أملنا، أم كيف نهان وعليك اتكالنا.
*****************************************************
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ كان لا يصلي المغرب حتى يفطر و لو على شربة من الماء .
عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ من ختم له بصيام يوم دخل الجنة .
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها .
استبّ رجلان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجعل أحدهما تحمر عيناه وتنتفخ أوداجه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني لأعرف كلمة لو قالها لذهب عنه الذي يجد : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم .
*****************************************************
أَدَاءُ الزِّكَاةِ وَبَذْلُ الصَّدَقَات
إن رمضان هو شهر الخيرات والبركات والطاعات ؛ فهو شهر الصيام ، وشهر الصلاة والقيام ، وشهر الذكر وتلاوة القرآن ، وشهر الجود والإكرام والزكاة والصدقة والبر والإحسان ، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان ، وذلك أن الصيام له ارتباط وثيق بالإنفاق والصدقة ، فإن الأغنياء عندما يمتنعون في فترة زمنية محددة عن الطعام والشراب طاعة لله ويقاسون حرّ الجوع وألم العطش فإن هذا يجعلهم يتذكرون إخواناً لهم من المسلمين يقاسون هذه الآلام طيلة أيام السنة أو معظمها فيقذف الله بسبب ذلك الرحمة في قلوبهم تجاه إخوانهم فتجود نفوسهم ببذل الأموال وإخراجها ؛ سواء كانت من قبيل الزكاة الفرض ، أو الصدقات والنفقات المستحبة في أوجه الخير كلها .
وفيما يتعلق بالزكاة ؛ فقد فرض الله على المؤمنين ذوي الأموال الزكوية زكاةً تُدفع للمحتاجين منهم وللمصالح العامة النفع كما قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60].
وفي القرآن آيات كثيرة في الأمر بإيتاء الزكاة والنفقة مما رزق الله ، والثناء على المنفقين والمتصدقين وذكر ثوابهم، وتواترت بذلك كله الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وبيَّن ما تجب فيه الزكاة من المواشي والحبوب والثمار والنقود والأموال المعدة للتجارة ، وذكر أنصبتها ومقدار الواجب منها ، وذكر الوعيد الشديد على مانعها ؛ واتفق المسلمون على نقصان إيمان تاركها ودينه وإسلامه ، وإنما اختلفوا هل يكفر تاركها أم لا ؟ وفي الزكاة والصدقة والإحسان عدد من الفوائد الضرورية والكمالية والدينية والدنيوية :
منها : أنها من أعظم شعائر الدين وأكبر براهين الإيمان ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم قال : ((وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ))(1) أي على إيمان صاحبها ودينه ومحبته لله إذ سخى لله بماله المحبوب للنفوس .
ومنها : أنها تزكِّي وتنمِّي المعطِي والمعطَى والمال الذي أخرجت منه ؛ أما تزكيتها للمعطي : فإنها تزكي أخلاقه وتطهره من الشح والبخل والأخلاق الرذيلة ، وتنمي أخلاقه فيتصف بأوصاف الكرماء المحسنين الشاكرين ، فإنها من أعظم الشكر لله ، والشكر معه المزيد دائماً ، وتنمي أيضاً أجره وثوابه ؛ فإن الزكاة والنفقة تضاعَف أضعافاً كثيرة بحسب إيمان صاحبها وإخلاصه ونفعها ووقوعها موقعها ، وهي تشرح الصدر وتُفرِح النفس وتدفع عن العبد من البلايا والأسقام شيئاً كثيراً ، فكم جلبت من نعمة دينية ودنيوية ، وكم دفعت من نقم ومكاره وأسقام ، وكم خفّفت الآلام ، وكم أزالت من عداوات وجلبت من مودة وصداقات ، وكم تسببت لأدعية مستجابة من قلوب صادقات .
وهي أيضاً تنمِّي المال المخرَج منه ؛ فإنها تقيه الآفات وتحل فيه البركة الإلهية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ))(2) بل تزيده ، وقال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ }[سبأ:39] وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا : اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا ، وَيَقُولُ الْآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا))(3)، والواقع يشهد بذلك ؛ فلا تكاد تجد مؤمناً يُخرج الزكاة وينفق النفقات في محلها إلا وقد أنزل الله له البركة في ماله ويسَّر له أسباب الرزق ، جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ ؛ فَسَمِعَ صَوْتًا فِي سَحَابَةٍ : اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدْ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ فَقَالَ لَهُ : يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ قَالَ فُلَانٌ لِلِاسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ ، فَقَالَ لَهُ يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنْ اسْمِي ؟ فَقَالَ إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا فِي السَّحَابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ : اسْقِ حَدِيقَةَ فُلَانٍ لِاسْمِكَ فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا ؟ قَالَ أَمَّا إِذْ قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ وَآكُلُ أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثًا وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ )) ، وفي رواية له ((وَأَجْعَلُ ثُلُثَهُ فِي الْمَسَاكِينِ وَالسَّائِلِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ )) (4).
وأما نفعها للمعطَى فإن الله تعالى قد أمر بدفعها للمحتاجين من الفقراء والمساكين والغارمين وفي الرقاب وللمصالح التي يحتاج المسلمون إليها في ضوء الآية المتقدمة ، فمتى وُضعت في محلها اندفعت الحاجات والضرورات واستغنى الفقراء أو خف فقرهم وقامت المصالح النافعة العمومية ، فأي فائدة أعظم من ذلك وأجلّ !! فلو أن الأغنياء أخرجوا زكاة أموالهم ووُضعت في محلها لقامت المصالح الدينية والدنيوية وزالت الضرورات واندفعت شرور الفقراء وكان أعظم حاجز وسد يمنع عبث المفسدين ، ولهذا كانت الزكاة من أعظم محاسن الإسلام لما اشتملت عليه من جلب المصالح والمنافع ودفع المضار .
ومما جاء في عقوبة تارك الزكاة قوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [34] يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34-35] ، وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ -يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ- ثُمَّ يَقُولُ : أَنَا مَالُكَ ، أَنَا كَنْزُكَ ثُمَّ تَلَا : {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } الآية [آل عمران :180] )) (5) .
وإذا وفّق الله العبد لإخراج زكاته أو تصدق في سبيل الله فليحذر الرياء والسمعة والمنّ والأذى لأنها تبطل الأجر وقد تعقبه بالوزر قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى} [البقرة: 264].
اللهم إنا نعوذ بك من مال لا يقرِّبنا إليك ، ونسألك طهارة نفوسنا وقلوبنا من الشح والبخل وجميع أمراض القلوب ، ونسألك أن تكتب للمنفقين والمتصدقين أجرهم وتجزِل لهم المثوبة .
(1) رواه مسلم (223).
(2) مسلم (2588).
(3) البخاري (1442)، ومسلم (1010).
(4) مسلم (2984).
(5) البخاري (1403).
*****************************************************
التسامح حسن ظن يقود إلى التفوق
بقلم-أحمد عبدالكر
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
ذكرت في بعض المقالات السابقة أن التسامح هو طريق الخير والأخلاق الحسنة، صاحب التسامح يكون قلبه سليماً، يكره التعصب، وينبذ العنف، ويدعو إلى اليسر والسهولة في التعامل مع الآخرين، يكون حسن الظن، طيب العشرة، نشيطاً في أمره، إيجابياً، وهنا يكون السؤال، كيف يكون إيجابياً؟
أذكر مثالاً ليتضح المقال، جاءني يوماً أحد الشباب وهو يعمل في دائرة معينة، وأظهر لي غضبه وكلامه الذي يحمل في طياته الشؤم والسلبية تجاه هذا العمل، فسألته لماذا أنت تكره المكان الذي من الممكن أن تبدع فيه، وتغير فيه، وتسهم في منظومة التطوير والابتكار التي تدعو إليها كل دوائر الدولة؟ فقال: لأنهم ظلموني في التقييم السنوي، فأنا أعمل وأقدم، وأخذ يعدد أفضاله وما قام به تجاه وظيفته..
فقلت له: إذا بقيت هكذا، وأدخلت في ذهنك، وربطك في قلبك أنك مظلوم، يعني ذلك أن الشيطان سيوصلك إلى إساءة الظن بهم بل ربما إلى كره هذا المسؤول، ثم سينتقل حالك من شخص نشيط إيجابي إلى شخص كسول سلبي، فقط تحلم بالنجاح دون واقع كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه، ستقف في مكانك، ويتقدم عليك غيرك، وستقول كما يقول بعض السلبيين«المهم أستلم الراتب، ولا علي منهم»، لذا إذا أردت أن تنجح، أول خطوة عليك اتخاذها هي المسامحة، وإحسان الظن بهم، عليك أن تخلق عذراً لهم حتى ولو كان ضعيفاً، لأن هذا سيخفف عنك الغضب والحزن الذي بداخلك، ثم لا تتهم غيرك وتنسى نفسك، لا تقل هم ظلموني، ولكن قل ربما أنا قصرت، ربما أنا أهملت، ربما أنا فتحت لهم مجالاً في أنهم لم يروا ما قدمت من إبداع، ولاسيما أن التقييم إنما يبنى على مناهج واضحة.
تشهد لك أرقامك على حسب الأهداف المطلوبة لكل جهة، وهنا عندما تنظر فقط إلى نفسك ستهتم بالتغيير، وسيكون لك الحماس، والنشاط، ثم عليك أن تثبت لهم مدى نجاحك، اترك عملك هو الذي يرد عليهم.
فليكن لديك طموح وهمة عالية في النجاح، والتقدم، لا تنظر إلى عملك على أنه فقط مجرد وظيفة تكسب منها المال، بل عليك أن تفكر في مجتمع صار الإبداع عنوانه، والتحدي شعاره، والرغبة في تحقيق المراكز الأولى من أهم أهدافه، ابدأ مع نفسك صفحة جديدة، وسامح واعذر واصفح، لأنك لو سامحت ستحب المشاركة والتعاون، فالقلب إذا استقام استقامت الجوارح، والنفس إذا هدأت وأزالت السلبية، بدأت بالنشاط والحركة والتفكير السليم الذي هو الإيجابي.
وفعلاً في السنة التي تليها أخبرني أنه حصل على تقدير جيد جداً، فقلت له: لماذا لم تحصل على امتياز؟ اختباراً مني له بكيفية رده، هل سيقول ظلموني أم سيقول أنا ربما قصرت وسأصل إلى الامتياز؟ فقال لي: طلبوا مني ما يثبت أني أستحق الامتياز ووضعوا شروطاً، في الحقيقة أنا لم أصل إليها، ولكني خلال هذه السنة سأصل لأني عرفت الطريق، وعرفت من أين تؤكل الكتف كما يقال..
من هنا نفهم أهمية التسامح، ومسامحة الآخرين، وإحسان الظن بهم، وخلق العذر لهم ولو كان احتماله ضعيفاً، هذا التسامح النفسي الذي يجعل الشخص إيجابياً أينما كان، وأينما حل، وسيكون مثله كمثل من حمل شمعة بيده ودخل بها في قرية مظلمة، فصار الناس يستضيئون بها، فنفع نفسه ونفع غيره.
*****************************************************
عبد القاهر الجرجاني إمام البلاغة
العلامة عبد القاهر معجزة عصره وفريد دهره، مؤسس علم البلاغة، نادرة عصره الذي أحدث نقلة نوعية في فهم إعجاز القرآن الكريم حين جاء بنظرية النظم، وأثبت من خلالها أن بلاغة القرآن في نظمه، وسنأتي للحديث عن ذلك، لكن ما يلفت نظرنا أن الإمام عبد القاهر الجرجاني، الذي سبق الأوائل من قبله بهذه النظرية التي برهن لها في كتابه دلائل الإعجاز، كان شاباً في ريعان شبابه حين أتى بما أتى به.
عن هذا العلامة الجليل يحدثنا د. محمد حسن قسام، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي:
هو عبد القاهر بن عبد الرحمن بن محمد الجرجاني أبو بكر النحوي، ولد بجرجان عام أربعمئة، وتوفي فيها عام واحد وسبعين وأربعمئة، وكان شافعي المذهب متكلماً على طريقة الأشعري، وفيه دين وتقوى، يحكى أنه دخل عليه لص وهو في الصلاة، فأخذ جميع ما وجد، والجرجاني ينظر إليه ولم يقطع صلاته، أخذ العلم عن أبي الحسين محمد الفارسي ابن أخت الشيخ أبي علي الفارسي، كما أخذ الأدب على يد القاضي الجرجاني وقرأ كتابه، وأخذ عنه العلم أحمد بن إبراهيم وغيره من العلماء، وله زهاء اثني عشر مؤلفاً في البلاغة والنحو واللغة.
البصمة
وقد كان لعبد القاهر أثر كبير، ومكانة عظيمة في تاريخ البلاغة العربية، فقد كانت البلاغة قبله عبارة عن أفكار مبعثرة ومتناثرة حتى جاء عبد القاهر، وألف كتابيه «أسرار البلاغة» و«دلائل الإعجاز» فاستطاع أن يؤسس لعلم البلاغة، وقد كانت الدراسات قبل عبد القاهر تذهب إلى أن إعجاز القرآن في الصرفة، لكن الإمام عبد القاهر ذهب إلى أن إعجاز القرآن في نظمه، وكان كتابه دلائل الإعجاز عبارة عن برهنة لما ذهب إليه، فقد كان يستشهد بالبليغ من القول شعراً أو نثراً، ويثبت أنه ما حاز البلاغة والحسن والجمال إلا لما كمل فيه من حسن النظم ورونقه وجماله؛ ليخلص من ذلك إلى أن القرآن الكريم إنما تكمن بلاغته في حسن نظمه، فلذلك اهتم عبد القاهر الجرجاني بنظرية النظم القائمة على حسن الصياغة وتوخي معاني النحو، وهي تنظر إلى العلاقة بين اللفظ والمعنى من وجهة لغوية دقيقة نتيجة التحامها وشدة اندماجها، فعرف قيمة اللفظ في النظم، وعرف طريقة تصوير المعاني على حقيقتها، فجمع بين اللفظ والمعنى، وسوى بين خصائصهما، ورأى اللفظ جسداً والمعنى روحاً يعتمد على حسن الصياغة ودقة التصوير التي نضجت في بحوثه، فاستطاع بذلك إبطال فكرة الفصل بين اللفظ والمعنى، وذهب إلى أن الفصاحة ليست صفة للفظ من حيث هو لفظ مجرد، إنما من خلال نظمه مع ما جاوره من خلال النظم، وأن قيمة المعاني تظهر من خلال التصوير وتوخي معاني النحو، وكذلك ربط بين علمي البيان والمعاني ربطاً وثيقاً، حين ذهب إلى أن جمال الاستعارة إنما يأتي بعد أن استكملت وجوه المعاني من تقديم وتأخير، وتعريف وتنكير، وإسناد.
ومن خلال ما أوجزنا ندرك فضل الإمام عبد القاهر، وندرك عظيم ما قدمه من خدمة للبلاغة والنقد، فهو يعتبر المؤسس الحقيقي لعلم البلاغة، وكذلك المبدع الأول لفكرة النظم التي كشفت عن الوجه الأعظم في إعجاز القرآن الكريم من خلال بلاغته وحسن نظمه، وقطع بذلك الجدل القائم بين العلماء، فمنهم من أرجع الحسن للفظ، ومنهم من أرجعه للمعنى؛ لأنه أشرف، حتى جاء عبد القاهر بنظرية النظم، فبين أن الحسن هو في النظم وتوخي معاني النحو، وأنه لا فضل للفظ، ولا فضل للمعنى، إنما حسن اللفظ نابع من تبعيته للنظم، فاللفظة الواحدة تكون حسنة في نظم، وهي ذاتها تكون قبيحة في نظم آخر، فدل ذلك على أن معيار الحسن والقبح، أو البلاغة وعدمها، إنما هو في نظم الكلام، ووقوع تلك اللفظة في ذلك النظم.
*****************************************************
ذهب الكلام:الحلم سيد الأخلاق
تقول العرب: الحلم سيد الأخلاق، أي أنه أهمها وأشدها دلالة على أن الحليم هو أكرم الناس وأفضلهم سيرة وسريرة، وفيما يلي نسرد قصصاً تؤكد هذا القول الذهبي:
تذاكر جماعة فيما بينهم أخبار معن بن زائدة وما هو عليه من وفرة الحلم ولين الجانب وأطالوا في ذلك، فقام أعرابي وآلى على نفسه أن يغضبه، فقالوا: إن قدرت على إغضابه فلك مئة بعير، فانطلق الأعرابي إلى معن ووقف أمامه طافح العينين كالخليع، تارة ينظر إلى الأرض وتارة ينظر إلى السماء، ثم قال:
أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعيـرِ؟
قال معن: أذكر ذلك، فقال الأعرابي:
فسبحان الـذي أعطـاك ملكـاً وعلّمك الجلوس على السريرِ
فقال معن: سبحانه وتعالى، وقال الأعرابي:
فلست مُسَلِّماً ما عشتُ حياً علـى مـعـن بتسلـيـم الأمـيـرِ
قال معن: إن سلَّمت رددنا عليك السلام، وإن تركت فلا ضير عليك، فقال الأعرابي:
سأرحل عن بلاد أنت فيهـا، ولو جار الزمان على الفقيرِ
فقال معن: إن أقمت بنا فعلى الرحب والسعة، وإن رحلت عنا فمصحوباً بالسّلامة، فقال الأعرابي وقد أعياه حلم معن:
فجـد لـي يابـن ناقـصـة بـمـال فإني قد عزمت على المسيرِ
فقال معن لرجاله: أعطوه ألف دينار. فأخذها وقال:
قليـل مـا أتيـتَ بـه وإنـي لأطمع منك بالمال الكثيرِ
فثنِّ فقد أتاك الملك عفواً بــلا عـقـل ولا رأي مـنـيـرِ
فقال معن: أعطوه ألفاً ثانياً. فتقدّم الأعرابيّ إليه وقبّل يديه ورجليه وقال:
سألت الله أن يبقيـك ذخـراً فما لك في البرية من نظيرِ
فمنك الجود والإفضال حقـاً وفيض يديك كالبحـر الغزيـرِ
فقال معن: أعطيناه على هَجوِنا ألفين، فأعطوه على مدحنا أربعة آلاف. فقال الأعرابي: نفسي فداك، ما فعلت ذلك إلا لمئة بعير جُعِلَت على إغضابك. فقال معن لا خوف عليك، ثم أمر له بمئتي بعير، نصفها للّرهان والنصف الآخر له.
ويوماً دخل عمر بن عبدالعزيز المسجد في الظلمة، فعثرت قدمه برجل نائم، فرفع رأسه وقال: أمجنون أنت؟ قال عمر: لا، ولما سئل قال سألني فأجبته.
وقال رجل لوهب بن منبه: إن فلاناً شتمك، فقال للرجل: أما وجد الشيطان بريداً غيرك؟
وجاء رجل إلى الأحنف بن قيس فشتمه، فما رد عليه، فأعاد الرجل فسكت عنه، فأعاد فسكت عنه، فقال الرجل: «والهفاه، ما يمنعه من أن يرد علي إلا هواني عنده».
*****************************************************
بانقضاء 2016 شهر رمضان يودع فصل الصيف ولن يعود إليه إلا بعد 25 سنة قادمة ليستقبل الربيع في2017 ليستمر 9 سنوات ربيعية / 8 سنوات شتوية / 8 سنوات خريفية . جعلنا الله وإياكم ممن يصومونه إيمانا واحتسابا .
*****************************************************
الشاعر علي الكيلاني
حليت
الشاعر علي الكيلاني
حليت
حليت عيني في عرب
حليت عيني في عرب
يخلف علي عشرتهم
نظاف النوايا والادب
نرحم علي سيرتهم
لا ريت منهم موجعه لا عيبه
لا من صغير السن والله بشيبه
مابينا غير القدر والطيبه
لين الايام خذتهم
يخلف علي عشرتهم
ورحم علي سيرتهم
حليت عيني في رفق
كيف الحليب الصافي
هل خير ماتعرف شرق
هل طرف دافي ظافي
ولا ريت منهم هيشره لا خونه
قبل لا يودوا ولادهم ودونه
نظاف النوايا والقلوب حنونه
لين اللايام خذتهم
يخلف علي عشرتهم
ارحم علي سيرتهم
حليت عيني في ونس
ولدين موش ولديه
لا غدر تعرف لاخنس
نيه ترافق نيه
لا ريت منهم من خبيثه نيته
عز الرفق واللي نبيه اللقيته
واللي نطلبه غالي علي خذيته
لين الايام خذتهم
يخلف علي عشرتهم
ارحم علي سيرتهم
حليت عيني يا عمرو
في خوت مني وليا
لا ريت من خوتي كدر
ولا موجعه لا سيه
وصار شي ورانه نجوم القايله
مالوطن والدنياء الدنيه المايله
بعد العدوا خونت اللي مالعايله
ريت اللايام خذتهم
لاخسرتها عشرتهم
ولا سمعت بي سيرتهم
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
20 رمضان 1437هـ - 25يونيو 2016م
مناجاة
مناجاة
اللهم لا تحرمنا النظر إلى وجهك الكريم
اللهم وفـّر لنا في هذا اليوم حظـوظنا من بركاته وسهـّـل سبيلنا إلى خيراته ولا تحرمنا قبول حسناته يا هادياً إلى الحق المبين، اللهم لا تحرمنا النظر إلى وجهك الكريم... اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات اللهم ارزقنا قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة، اللهم ارزقنا حسن الخاتمة، اللهم ارزقنا الموت ونحن ساجدين لك، يا أرحم الراحمين، اللهم ثبتنا عند سؤال الملكين، اللهم اجعل قبورنا روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حفرة من حفر النار، اللهم إنا نعوذ بك من فتن الدنيا، اللهم إنا نعوذ بك من فتن الدنيا، اللهم إنا نعوذ بك من فتن الدنيا، اللهم قــو إيماننا، ووحد كلمتنا، وانصرنا على أعدائك، أعداء الدين.
اللهم شتت شملهم، واجعل الدائرة عليهم اللهم، انصر إخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم ارحم آباءنا، وأمهاتنا واغفر لهم وتجاوز عن سيئاتهم، وأدخلهم فسيح جناتك، اللهم أعنا على ذكرك، وشكرك وحسن عبادتك.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الجَنَّة وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ ، وَأَعُوذُ بِكَ مَنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.
اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظلْماً كَثِيراً ، وَلا يَغْفِرُ الذُّنُوب إِلاَّ أَنْتَ . فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدَكَ ، وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ ، وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ ، وما أنت أعلم به مني ، أَنْتَ المُقَدِّمُ وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْـتَ .
رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ
*******************************************************
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول
: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر
رواه مسلم برقم 233
عن أبا سلمة قال أتيت عائشة فقلت : أي أمه أخبرني عن صلاة رسول الله فقالت كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة بالليل منها ركعتا الفجر
رواه مسلم برقم(738)
عن علي بن أبي طالب : أن رسول الله كان يقول في آخر وتره " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك "
*******************************************************
خُطُورَةُ قَـوْل الزُّورِ وَالْعَمَل بِـهِ
: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر
رواه مسلم برقم 233
عن أبا سلمة قال أتيت عائشة فقلت : أي أمه أخبرني عن صلاة رسول الله فقالت كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة بالليل منها ركعتا الفجر
رواه مسلم برقم(738)
عن علي بن أبي طالب : أن رسول الله كان يقول في آخر وتره " اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك "
*******************************************************
خُطُورَةُ قَـوْل الزُّورِ وَالْعَمَل بِـهِ
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ))(1).
إن الصيام إنما شرعه الله لعباده لتتهذّب نفوسهم وتستقيم أخلاقهم وتتحقق لهم التقوى وتطيب القلوب والجوارح والألسن ، والمؤمن بالله يسعى ويحرص على حفظ قلبه ولسانه وجوارحه مما يسخط الرب ويغضبه ؛ فيسأل الله ويبذل الأسباب التي تجعل قلبه ينطوي على الإيمان والتوحيد والإخلاص وغير ذلك من أعمال القلوب الصالحة، وجوارحه متجهة إلى الطاعات أو المباحات فيما تسمعه أو تبصره أو تأخذه أو تسعى فيه وفيما تستخدمه وتتناوله من مأكول أو مشروب أو ملبوس أو غير ذلك ، ولسانه الذي هو ترجمان القلب والمخبر عما يكِنُّه لا ينشغل إلا بما يرضي الله من ذكر واستغفار وتلاوة للقرآن وحديث مباح ، والقلب هو قائد اللسان وجميع الجوارح فبسلامته يسلم اللسان فلا يقول إلا الخير وتسْلَم الجوارح فلا تأتي إلا الخير ، أما ما يغضب الله من سائر المعاصي ومن الكذب وقول الزور والغيبة والنميمة والسباب والشتم وغير ذلك مما تقترفه الألسن وبقية الجوارح فإنه يفر منها فراراً ويخشى الوقوع فيها أشد الخشية لما يعلم من خطورتها وسوء عاقبتها .
ثم إن اللسان بما يقترف من آثام هو سبب هلاك كثير من الناس وحرمانهم من الجنة ووقوعهم في النار ؛ ومن هذه الآثام التي تكون سبباً للهلاك : قولُ الزور والعمل به ، والغيبة ، والنميمة ، والسباب ، والفسوق ونحوها مما هو مناهض تمام المناهضة للمصالح التي من أجلها شُرع الصوم ، فمن لم يصُم لسانه عن هذه القبائح ولم يستفِد من صيامه عن المباحات الصيام عن المحرمات من الكذب وقول الزور والغيبة والنميمة والغش والسب والشتم فمتى يستفيد !! وحصائد الألسن هي التي تورد صاحبها الموارد وتهلكه وتوبقه ، ففي آخر حديث وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ قال صلى الله عليه وسلم : ((أَلَا أُخْبِرُكَ بِمَلَاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ بَلَى يَا نَبِيَّ اللَّهِ ، فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ قَالَ : كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ، فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ))(2)، قال ابن رجب رحمه الله : (( والمراد بحصائد الألسنة: جزاء الكلام المحرم وعقوباته ، فإن الإنسان يزرع بقوله وعمله الحسنات والسيئات ثم يحصد يوم القيامة ما زرع، فمن زرع خيراً من قولٍ أو عمل حصد الكرامة، ومن زرع شراً من قولٍ أو عملٍ حصد غداً الندامة ، وظاهر حديث معاذ يدلُّ على أن أكثر ما يدخل به الناس النار النطقُ بألسنتهم ، فإن معصية النطق يدخل فيها الشركُ وهو أعظم الذنوب عند الله عز وجل ، ويدخل فيها القول على الله بغير علم وهو قرين الشرك ، ويدخل فيه شهادة الزور التي عدَلت الإشراك بالله عز وجل ، ويدخل فيها السحر والقذف، وغير ذلك من الكبائر والصغائر كالكذب والغيبة والنميمة وسائر المعاصي الفعلية لا يخلو غالباً من قول يقترن بها يكون معيناً عليها))(3) .
والواجب علينا جميعاً أن نحذر في شهرنا هذا وفي سائر أوقاتنا قول الزور وشهادة الزور والغيبة والنميمة وأن نحفظ ألسنتنا من كل قول محرم وقبيح ؛ لأن حصائد الألسن وخيمة وعقوبتها عند الله عظيمة .
أما قول الزور فقد قرنه الله سبحانه بالشرك بالله في قوله تعالى : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ} [الحج:30] ، روى الإمام أحمد والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيباً فقال : ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ إِشْرَاكًا بِاللَّهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَرَأَ : {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ})) (4) وفي الصحيحين عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ قَالَ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ))(5).
وأما الغيبة فقد قال الله عنها : {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ }[الحجرات: 12] ، وأما النميمة فقد قال صلى الله عليه وسلم : ((لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ))(6) أي: نمام .
وأما الكذب فإنه أساس كل فجور قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ))(7) ؛ لأنه يَجُرُّ إلى كل المعاصي التي يقترفها اللسان وتقترفها الجوارح الأخرى ، فكل عمل صالح - ظاهر أو باطن - فمنشؤه الصدق ، وكل عمل فاسد - ظاهر أو باطن - فمنشؤه الكذب ، والله تعالى يعاقب الكذّاب بأن يقعده ويثبطه عن مصالحه ومنافعه ، ويثيب الصادق بأن يوفقه للقيام بمصالح دنياه وآخرته فما استجلبت مصالح الدنيا والآخرة بمثل الصدق ، ولا مفاسدهما ومضارّهما بمثل الكذب ولذلك قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة: 119].
فالواجب على المسلم أن يصون لسانه من ذلك كله ليحقق إسلامه وليكمّل إيمانه وليصون دينه ولينال دخول الجنة والنجاة من النار ؛ فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ))( ، وقال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ ))(9)، وروى البخاري في صحيحه عن سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ ))(10) والمراد بذلك اللسان والفرج ، وفي الصحيحين واللفظ لمسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ مَا فِيهَا يَهْوِي بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ))(11)، وروى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ((أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ , فَقَالَ إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا ؛ فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ ))(12).
نسأل الله العافية والسلامة ، ونسأله سبحانه أن يحفظ علينا ألسنتنا وسائر جوارحنا وأن يهدينا إليه صراطاً مستقيماً .
(1) البخاري (1903).
(2) رواه الترمذي (2616) ، وقال: حديث حسن صحيح.
(3) جامع العلوم والحكم (الحديث التاسع والعشرون ، ص: 147).
(4) المسند (16943) ، والترمذي (2299) .
(5) البخاري (2654، 5976)، ومسلم (87).
(6) رواه البخاري (6056)، ومسلم (105).
(7) رواه البخاري (6094)، ومسلم (2607).
( رواه البخاري (10)، ومسلم (41) من حديث جابر .
(9) رواه البخاري (6018)، ومسلم (47).
(10) البخاري (6474).
(11) البخاري (6477)، ومسلم (2988).
(12) مسلم (2581).
*******************************************************
أسرار الاقتران في القرآن
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
ما من كلمتين في كتاب الله مقترنتان إلا وبينهما سر بديع قد يكون خفياً حيناً وجلياً أحياناً، فإنّ المرافقة فرعٌ من الموافقة وكثيراً يتوقّف العلماء عند هذا الاقتران مستهدين بالله لمعرفة أسراره وأنواره لاسيما عندما يتكرر ذلك في مواضع مختلفة من كتاب الله من الآيات والسور.
فالمالُ مقترنٌ بالنفس أو الولد والصلاة دائماً مقترنةٌ بالزكاة والإيمان مرتبط بالعمل والخوف من الله ملازم للرجاء فيه والجنة تقابل النار، وغيرها من وجوه الاقتران التي تتكرر في القرآن وربّما عبر النبي، صلى الله عليه وسلم، على شاكلته في السُّنة معاضدة للقرآن.
وعلى سبيل المثال:
قال ابن دِحية في نهاية السَّول في خصائص الرسول، صلى الله عليه وسلم، مبيناً سرّ الاقتران بين الصلاة والنُسك في قوله تعالى: ﴿ُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
فقال: قَرنَ بين الاستقبال إلى الكعبة والنُّسك إليها كما قرن بينهما حين قال ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾. والجامع بين هاتين الشعيرتين «القِبلة» في الصلاة استقبالاً وفي الحج نحراً.
وفي الحديث الشريف «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ».
وقد أمر الله نبيَّه بالنحر والصلاة شكراً له وتواضعاً لما أعطاه الكوثر ولذلك كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يطأطئ رأسه عام الفتح وهو على الرّاحلة امتثالاً لأمر ربه.
وفي عام 574 توجه ابن دحية إلى شيخه أبي القاسم السُّهيلي في مدينة مقالة في ربوع الأندلس يسألهُ عن قوله تعالى: ﴿ ِإنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ﴾. فأجابه: إنَّ الضمير (هو) يُعطي معنى الاختصاص كقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾، لأنّ العباد قد يتوهَّمون أنّ غير الله قد يُغني فقال (هو) أي لا أحد غيره.
ولما قال نِمْرود «أنا أحِيي وأميت» ردّ المولى سبحانه: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾.
بينما استغنى الكلام عن «هو» في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ﴾ لأنه فعل لم يدعه أحد، وهكذا تحدى القرآن العرب بأقصر سورة أن يأتوا بمثلها ولن يأتوا إلى يوم الدين.
فجاء الضمير «هو» العائد على الله في مقابله الضمير «أنا» العائد على نمرود وعلى مَنْ شاكله مّمن عاير النبي الكريم بأنه «الأبتر» وقال: نحن خيرٌ أم هذا.
ولما توقف الوحي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فترة عيرهُ قريش بأن ربُّه قد ودَّعه فأقسم الله رداً عليهم بآيتين عظيمتين (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ إشارة إلى أن سنة الله في الأقوام السابقة الذين آذوا الأنبياء وحاربوا الرسل أن ينزل عليهم العذاب إذا حقّت عليهم كلمته في وقت الضحى وهم لاهون لاعبون أو في الليل إذا سجى واشتد ظلامه وآووا إلى مضاجعهم انتقاماً منهم فكان هذا القسم تهديداً ووعيداً وتحذيراً مناسباً لسبب نزول هذه السورة لكنّ سيدنا محمداً، صلى الله عليه وسلم، الذي جعله رحمة للعالمين دعا الله أن يَصرِف عنهم العذاب ولا يُجري فيهم هذا القانون الإلهي الذي سرى على كلّ الأمم قبله داعياً: (لعل الله يُخرج من أصلابهم من يُوَحّده).
طغيان «أنا»
يحذر ابن القيم في زاد المعاد من (أنا) فيقول: وليحذَرْ كل الحذر من طغيان «أنا» و«لي» و«عندي»، فإن الثلاثة ابتُلي بها: إبليس وقارون وفرعون، «فأنا خيرٌ منه» لإبليس، و«لي ملك مصر» لفرعون، و«إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي» لقارون. وأحسنُ ما وضعت «أنا» في قول العبد المذنب المخطئ المستغفر المعترف ونحوه و«لي» في قوله لي الذنب ولي الجرم ولي المسكنة ولي الفقر والذل. و«عندي» في قوله: (اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي وَخَطَئِي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي).
*******************************************************
النووي إمام الفقهاء وشيخ المحدثين
إمامنا الإمام النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف، رحمه الله، إمام عظيم بلغ المنزلة العالية في قلوب الناس، خاصتهم وعامتهم، يقول عنه التاج السبكي، رحمه الله: (شيخ الإسلام، أستاذ المتأخرين). ويقول عنه مؤرخ الإسلام الذهبي ـ رحمه الله: (وكان أوحد زمانه في الورع، والعبادة، وخشونة العيش، والأمر بالمعروف).
عمار سعيد خادم أحمد بن طوق المري، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن هذا التابعي الجليل:
كانت حياة هذا الإمام عجباً من العجب، فقد كان عالي الهمة شريفها، مثابراً في العلم وتحصيله، والعمل به وتعليمه، والتصنيف فيه، فبلغ مبلغاً عظيماً، حتى عرفه عامة الناس إلى زماننا هذا، وما زال الناس ينتفعون بعلمه، ولا يكاد بلد من بلدان العالم فيه مساجد، إلا ويُقرأ فيه كتاب (رياض الصالحين) الذي ألفه النووي ـ رحمه الله، في بعض هذه المساجد.
إن الذي بلغ بهذا الإمام هذا المبلغ، بعد توفيق الله، عز وجل، له وتسديده، وإخلاصه لله، عز وجل، فيما نحسب، أنه جعل الهم هماً واحداً، فأقبل بهمة عالية على طلب العلم، بدأت معه منذ طفولته، فقد ذكر المترجمون له أنه كان وهو ابن عشر سنين ببلده (نوى)، والصبيان يُكرهونه ويجبرونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم، ويبكي لإكراههم وإجبارهم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فلم يكن ـ رحمه الله ـ يلتفت إلى ما يلتفت إليه أبناء سنه من اللهو واللعب، لئلا ينشغل عن القرآن.
حفظ هذا الإمام القرآن في سن الطفولة، ثم أقبل على طلب العلم الشرعي، وانقطع له انقطاعاً تاماً، حتى كان لا يضع جنبه على الأرض إلا قليلاً، وكان يقرأ كل يوم اثني عشر درساً على المشايخ شرحاً وتصحيحاً، في مختلف العلوم والكتب، فبارك الله له في وقته، فكان لا يضيع من عمره ساعة في ليل أو نهار إلا في طلب للعلم، ونظر في المسائل، وعبادة، حتى إنه كان في ذهابه في الطريق يكرر أو يطالع.
والذي يعرف العلم وقدره حق المعرفة، لا يستبعد مثل هذه الهمة فيه، والتضحية لأجله، فقد قال ربنا ـ تبارك وتعالى ـ: (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ)، أي: الذين يخافون الله حق الخوف هم أهل العلم بالشريعة، وورد في فضل العلم، الحديث العظيم الذي يقول فيه نبينا محمد ـ صلوات ربي وسلامه عليه: (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر).
هذا الذي دفع الإمام، رحمه الله، إلى الانقطاع للعلم، فإنه بعد تحصيله قدراً عظيماً من العلوم، انشغل بالتأليف والنصح للمسلمين، مع الإقبال على العبادة، فألف كتباً جليلة، ما زال الناس ينتفعون بها إلى يومنا هذا، ومن أشهر كتبه: الأربعون النووية، رياض الصالحين، شرح صحيح مسلم، الأذكار، المنهاج، الروضة، المجموع، وغيرها، وهي كتب كثيرة، حتى إن مجموع ما صنف في حياته، قسم على أيام عمره، فبلغ كراستين كل يوم، يقول تاج الدين السبكي ـ رحمه الله ـ: (وهذا الإمام الرباني الشيخ محيي الدين النووي، رحمه الله، وُزّع عمره على تصانيفه؛ فوجد أنه لو كان ينسخها فقط لما كفاها ذلك العمر، فضلاً عن كونه يصنفها، فضلاً عما كان يضمه إليها من أنواع العبادات وغيرها). ولا عجب أن يصدر هذا الإنجاز العلمي الضخم، من رجل يريد عملاً صالحاً يقدم به على ربه ـ تبارك وتعالى، وهو القائل:
أموت ويبقى كل ما قد كتبته
فيا ليت من يقرا كتابي دعا ليا
لعـــل إلهــي أن يمــــــن بلطفه
ويرحم تقصيري وسوء فعاليا
ولد هذا الإمام سنة 631 هـ، وتوفي ـ رحمه الله ـ سنة 676 هـ، وكانت حياته عامرة بالخير والبركات، مليئة بالنفع والطاعات، يقول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن: عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلى).
فمن حياة هذا الإمام نستفيد:
• أن من أراد أن يصنع تاريخاً، ويحقق إنجازاً، فإنه ينبغي أن يجعل الهم هماً واحداً، وينقطع إليه بما يستطيع، ليتوصل بذلك إلى مطلوبه، وليجعل رضا الله غايته، يقول الإمام ابن القيمـ رحمه الله ـ:
فلواحدٍ كن واحداً في واحدٍ
أعني طريق الحق والإيمان
• جلالة منزلة العلم الشرعي الذي هو ذخر العبد في دنياه وأخراه، وفيه يقول الحكمي، رحمه الله:
العلم أشرف مطلوب، وطالبه
لله أكرم من يمشي على قدم
فنسأل الله، عز وجل، أن يوفقنا جميعاً لطاعته، وأن يكرمنا بجنته، وأن ينجينا من ناره، وأن يحل علينا رضوانه.
*******************************************************
ذهب الكلام:أعطِ القوس باريها
الحطيئة من أشهر شعراء العرب في الهجاء، دخل يوماً على سعيد بن العاص الأموي في قصره وهو يولم الناس وليمة بالمدينة، وكان سعيد من أجود العرب في زمانه، وكان الحطيئة يرتدي ثياباً رثة، فجلس الحطيئة يأكل بشراهة ونهم ؛ فلما فرغ الناس من طعامهم وخرجوا، جلس الحطيئة مكانه فأتاه الحاجب ليخرجه، فامتنع وقال:
أترغب بهم عن مجالستي؟ إني بنفسي عنهم لأرغب.
فلما سمع سعيد ذلك منه وهو لا يعرفه، قال لحاجبه: دعه.
وأخذوا في الحديث والسمر يتذاكرون الشعراء والشعر. فقال لهم الحطيئة: أصبتم جيد الشعر، ولو أعطيتم القوس باريها لوقعتم على ما تريدون.
فانتبه له سعيد:
فقال له: من أنت ؟
فعرفه بنفسه، فقال سعيد:
حياك الله يا أبا مليكة؛ ألا أعلمتنا بمكانك ولم تحملنا على الجهل بك فنضيع حقك ونبخسك قسطك.
وأدناه وقرب مجلسه واستنشده ووصله.
يقول الشاعر متمثلاً بهذا المثل:
يا باري القوس برياً ليس يحسنه
لا تظلم القوس أعط القوس باريها
وهو مثل تضربه العرب عند الاستعانة على أمرٍ ما بأهل المعرفة والحذق به.
أهل الإمارات لهم أمثال وحكم في هذا الصدد، من ذلك قولهم:
«عَطَ خبزك للخباز ولو باق نصه» بمعنى ولو سرق شطره، وقولهم كذلك «لو كل من يه ونير ما خلف في الوادي شير». بمعنى لو كل من هب ودب جاء ينجر، ما بقي في الوادي شجر، لكثرة وسوء نجارة الكثيرين ممن لا يحسنون النجارة.
وهذا المبدأ العام يؤمن عليه علم الإدارة وتنمية الموارد البشرية، حيث تعمد العلوم الحديثة إلى تأهيل ورفع كفاءة من يقوم بالعمل، حتى يحقق أمثل انتاجية ممكنة من الناحيتين الكمية والنوعية، من خلال توظيف القدرات والمهارات والخبرات المكتسبة في اقل مدة وأقل تكلفة وافضل صورة ممكنة.
والإسلام جعل من علامات وأشراط الساعة وآخر الزمان، قيام من ليس أهلاً للأمر بما لا يحسنونه، فيعيثون فيه ويفسدونه ويدفع المجتمع برمته ثمن ذلك النوع من خبط العشواء الناجم عن توسيد الأمر إلى غير أهله.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة. أي أن القيامة حينئذ قد اقتربت، حيث يتولى موقع اتخاذ القرار كل من ليس أهلاً للأمر، بسبب المحسوبية والمحاباة.
والعاقل لا يوكل أمراً مهماً إلى شخص ليس كفؤا له، حتى لو كان أجره الذي يتقاضاه زهيدا، لأنه سيفسده، بل يسلم الأمر إلى خبير حتى لو كان أجره عالياً.
*******************************************************
الشاعر علي الكيلاني
هوا الوطن
فالمالُ مقترنٌ بالنفس أو الولد والصلاة دائماً مقترنةٌ بالزكاة والإيمان مرتبط بالعمل والخوف من الله ملازم للرجاء فيه والجنة تقابل النار، وغيرها من وجوه الاقتران التي تتكرر في القرآن وربّما عبر النبي، صلى الله عليه وسلم، على شاكلته في السُّنة معاضدة للقرآن.
وعلى سبيل المثال:
قال ابن دِحية في نهاية السَّول في خصائص الرسول، صلى الله عليه وسلم، مبيناً سرّ الاقتران بين الصلاة والنُسك في قوله تعالى: ﴿ُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِله رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾.
فقال: قَرنَ بين الاستقبال إلى الكعبة والنُّسك إليها كما قرن بينهما حين قال ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾. والجامع بين هاتين الشعيرتين «القِبلة» في الصلاة استقبالاً وفي الحج نحراً.
وفي الحديث الشريف «مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ».
وقد أمر الله نبيَّه بالنحر والصلاة شكراً له وتواضعاً لما أعطاه الكوثر ولذلك كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يطأطئ رأسه عام الفتح وهو على الرّاحلة امتثالاً لأمر ربه.
وفي عام 574 توجه ابن دحية إلى شيخه أبي القاسم السُّهيلي في مدينة مقالة في ربوع الأندلس يسألهُ عن قوله تعالى: ﴿ ِإنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ﴾. فأجابه: إنَّ الضمير (هو) يُعطي معنى الاختصاص كقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾، لأنّ العباد قد يتوهَّمون أنّ غير الله قد يُغني فقال (هو) أي لا أحد غيره.
ولما قال نِمْرود «أنا أحِيي وأميت» ردّ المولى سبحانه: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا﴾.
بينما استغنى الكلام عن «هو» في قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ﴾ لأنه فعل لم يدعه أحد، وهكذا تحدى القرآن العرب بأقصر سورة أن يأتوا بمثلها ولن يأتوا إلى يوم الدين.
فجاء الضمير «هو» العائد على الله في مقابله الضمير «أنا» العائد على نمرود وعلى مَنْ شاكله مّمن عاير النبي الكريم بأنه «الأبتر» وقال: نحن خيرٌ أم هذا.
ولما توقف الوحي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، فترة عيرهُ قريش بأن ربُّه قد ودَّعه فأقسم الله رداً عليهم بآيتين عظيمتين (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ إشارة إلى أن سنة الله في الأقوام السابقة الذين آذوا الأنبياء وحاربوا الرسل أن ينزل عليهم العذاب إذا حقّت عليهم كلمته في وقت الضحى وهم لاهون لاعبون أو في الليل إذا سجى واشتد ظلامه وآووا إلى مضاجعهم انتقاماً منهم فكان هذا القسم تهديداً ووعيداً وتحذيراً مناسباً لسبب نزول هذه السورة لكنّ سيدنا محمداً، صلى الله عليه وسلم، الذي جعله رحمة للعالمين دعا الله أن يَصرِف عنهم العذاب ولا يُجري فيهم هذا القانون الإلهي الذي سرى على كلّ الأمم قبله داعياً: (لعل الله يُخرج من أصلابهم من يُوَحّده).
طغيان «أنا»
يحذر ابن القيم في زاد المعاد من (أنا) فيقول: وليحذَرْ كل الحذر من طغيان «أنا» و«لي» و«عندي»، فإن الثلاثة ابتُلي بها: إبليس وقارون وفرعون، «فأنا خيرٌ منه» لإبليس، و«لي ملك مصر» لفرعون، و«إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي» لقارون. وأحسنُ ما وضعت «أنا» في قول العبد المذنب المخطئ المستغفر المعترف ونحوه و«لي» في قوله لي الذنب ولي الجرم ولي المسكنة ولي الفقر والذل. و«عندي» في قوله: (اغْفِرْ لِي جِدِّي وَهَزْلِي وَخَطَئِي وَعَمْدِي وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدِي).
*******************************************************
النووي إمام الفقهاء وشيخ المحدثين
إمامنا الإمام النووي، أبو زكريا يحيى بن شرف، رحمه الله، إمام عظيم بلغ المنزلة العالية في قلوب الناس، خاصتهم وعامتهم، يقول عنه التاج السبكي، رحمه الله: (شيخ الإسلام، أستاذ المتأخرين). ويقول عنه مؤرخ الإسلام الذهبي ـ رحمه الله: (وكان أوحد زمانه في الورع، والعبادة، وخشونة العيش، والأمر بالمعروف).
عمار سعيد خادم أحمد بن طوق المري، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن هذا التابعي الجليل:
كانت حياة هذا الإمام عجباً من العجب، فقد كان عالي الهمة شريفها، مثابراً في العلم وتحصيله، والعمل به وتعليمه، والتصنيف فيه، فبلغ مبلغاً عظيماً، حتى عرفه عامة الناس إلى زماننا هذا، وما زال الناس ينتفعون بعلمه، ولا يكاد بلد من بلدان العالم فيه مساجد، إلا ويُقرأ فيه كتاب (رياض الصالحين) الذي ألفه النووي ـ رحمه الله، في بعض هذه المساجد.
إن الذي بلغ بهذا الإمام هذا المبلغ، بعد توفيق الله، عز وجل، له وتسديده، وإخلاصه لله، عز وجل، فيما نحسب، أنه جعل الهم هماً واحداً، فأقبل بهمة عالية على طلب العلم، بدأت معه منذ طفولته، فقد ذكر المترجمون له أنه كان وهو ابن عشر سنين ببلده (نوى)، والصبيان يُكرهونه ويجبرونه على اللعب معهم، وهو يهرب منهم، ويبكي لإكراههم وإجبارهم، ويقرأ القرآن في تلك الحال، فلم يكن ـ رحمه الله ـ يلتفت إلى ما يلتفت إليه أبناء سنه من اللهو واللعب، لئلا ينشغل عن القرآن.
حفظ هذا الإمام القرآن في سن الطفولة، ثم أقبل على طلب العلم الشرعي، وانقطع له انقطاعاً تاماً، حتى كان لا يضع جنبه على الأرض إلا قليلاً، وكان يقرأ كل يوم اثني عشر درساً على المشايخ شرحاً وتصحيحاً، في مختلف العلوم والكتب، فبارك الله له في وقته، فكان لا يضيع من عمره ساعة في ليل أو نهار إلا في طلب للعلم، ونظر في المسائل، وعبادة، حتى إنه كان في ذهابه في الطريق يكرر أو يطالع.
والذي يعرف العلم وقدره حق المعرفة، لا يستبعد مثل هذه الهمة فيه، والتضحية لأجله، فقد قال ربنا ـ تبارك وتعالى ـ: (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ)، أي: الذين يخافون الله حق الخوف هم أهل العلم بالشريعة، وورد في فضل العلم، الحديث العظيم الذي يقول فيه نبينا محمد ـ صلوات ربي وسلامه عليه: (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضاً لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر).
هذا الذي دفع الإمام، رحمه الله، إلى الانقطاع للعلم، فإنه بعد تحصيله قدراً عظيماً من العلوم، انشغل بالتأليف والنصح للمسلمين، مع الإقبال على العبادة، فألف كتباً جليلة، ما زال الناس ينتفعون بها إلى يومنا هذا، ومن أشهر كتبه: الأربعون النووية، رياض الصالحين، شرح صحيح مسلم، الأذكار، المنهاج، الروضة، المجموع، وغيرها، وهي كتب كثيرة، حتى إن مجموع ما صنف في حياته، قسم على أيام عمره، فبلغ كراستين كل يوم، يقول تاج الدين السبكي ـ رحمه الله ـ: (وهذا الإمام الرباني الشيخ محيي الدين النووي، رحمه الله، وُزّع عمره على تصانيفه؛ فوجد أنه لو كان ينسخها فقط لما كفاها ذلك العمر، فضلاً عن كونه يصنفها، فضلاً عما كان يضمه إليها من أنواع العبادات وغيرها). ولا عجب أن يصدر هذا الإنجاز العلمي الضخم، من رجل يريد عملاً صالحاً يقدم به على ربه ـ تبارك وتعالى، وهو القائل:
أموت ويبقى كل ما قد كتبته
فيا ليت من يقرا كتابي دعا ليا
لعـــل إلهــي أن يمــــــن بلطفه
ويرحم تقصيري وسوء فعاليا
ولد هذا الإمام سنة 631 هـ، وتوفي ـ رحمه الله ـ سنة 676 هـ، وكانت حياته عامرة بالخير والبركات، مليئة بالنفع والطاعات، يقول نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن: عمره فيم أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلى).
فمن حياة هذا الإمام نستفيد:
• أن من أراد أن يصنع تاريخاً، ويحقق إنجازاً، فإنه ينبغي أن يجعل الهم هماً واحداً، وينقطع إليه بما يستطيع، ليتوصل بذلك إلى مطلوبه، وليجعل رضا الله غايته، يقول الإمام ابن القيمـ رحمه الله ـ:
فلواحدٍ كن واحداً في واحدٍ
أعني طريق الحق والإيمان
• جلالة منزلة العلم الشرعي الذي هو ذخر العبد في دنياه وأخراه، وفيه يقول الحكمي، رحمه الله:
العلم أشرف مطلوب، وطالبه
لله أكرم من يمشي على قدم
فنسأل الله، عز وجل، أن يوفقنا جميعاً لطاعته، وأن يكرمنا بجنته، وأن ينجينا من ناره، وأن يحل علينا رضوانه.
*******************************************************
ذهب الكلام:أعطِ القوس باريها
الحطيئة من أشهر شعراء العرب في الهجاء، دخل يوماً على سعيد بن العاص الأموي في قصره وهو يولم الناس وليمة بالمدينة، وكان سعيد من أجود العرب في زمانه، وكان الحطيئة يرتدي ثياباً رثة، فجلس الحطيئة يأكل بشراهة ونهم ؛ فلما فرغ الناس من طعامهم وخرجوا، جلس الحطيئة مكانه فأتاه الحاجب ليخرجه، فامتنع وقال:
أترغب بهم عن مجالستي؟ إني بنفسي عنهم لأرغب.
فلما سمع سعيد ذلك منه وهو لا يعرفه، قال لحاجبه: دعه.
وأخذوا في الحديث والسمر يتذاكرون الشعراء والشعر. فقال لهم الحطيئة: أصبتم جيد الشعر، ولو أعطيتم القوس باريها لوقعتم على ما تريدون.
فانتبه له سعيد:
فقال له: من أنت ؟
فعرفه بنفسه، فقال سعيد:
حياك الله يا أبا مليكة؛ ألا أعلمتنا بمكانك ولم تحملنا على الجهل بك فنضيع حقك ونبخسك قسطك.
وأدناه وقرب مجلسه واستنشده ووصله.
يقول الشاعر متمثلاً بهذا المثل:
يا باري القوس برياً ليس يحسنه
لا تظلم القوس أعط القوس باريها
وهو مثل تضربه العرب عند الاستعانة على أمرٍ ما بأهل المعرفة والحذق به.
أهل الإمارات لهم أمثال وحكم في هذا الصدد، من ذلك قولهم:
«عَطَ خبزك للخباز ولو باق نصه» بمعنى ولو سرق شطره، وقولهم كذلك «لو كل من يه ونير ما خلف في الوادي شير». بمعنى لو كل من هب ودب جاء ينجر، ما بقي في الوادي شجر، لكثرة وسوء نجارة الكثيرين ممن لا يحسنون النجارة.
وهذا المبدأ العام يؤمن عليه علم الإدارة وتنمية الموارد البشرية، حيث تعمد العلوم الحديثة إلى تأهيل ورفع كفاءة من يقوم بالعمل، حتى يحقق أمثل انتاجية ممكنة من الناحيتين الكمية والنوعية، من خلال توظيف القدرات والمهارات والخبرات المكتسبة في اقل مدة وأقل تكلفة وافضل صورة ممكنة.
والإسلام جعل من علامات وأشراط الساعة وآخر الزمان، قيام من ليس أهلاً للأمر بما لا يحسنونه، فيعيثون فيه ويفسدونه ويدفع المجتمع برمته ثمن ذلك النوع من خبط العشواء الناجم عن توسيد الأمر إلى غير أهله.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة. أي أن القيامة حينئذ قد اقتربت، حيث يتولى موقع اتخاذ القرار كل من ليس أهلاً للأمر، بسبب المحسوبية والمحاباة.
والعاقل لا يوكل أمراً مهماً إلى شخص ليس كفؤا له، حتى لو كان أجره الذي يتقاضاه زهيدا، لأنه سيفسده، بل يسلم الأمر إلى خبير حتى لو كان أجره عالياً.
*******************************************************
الشاعر علي الكيلاني
هوا الوطن
هوا الوطن
هوا الوطن وشمسه وثراه
ونبته وماه
فقدناهن وين فقدناه
هوا الوطن وناس اجاويد
لقاهم عيد
يجيبك ليهم يوم سعيد
عليهم وين مشيت بعيد
ايبان غلاه
الوطن افراقه شن معناه
قديمه يبداء هو الجديد
وهو الدواه
وهو لفراش وهو لغطاه
الشرف وعزك فيه يزيد
فراقه داء
وبرا منه موت فناه
وسجن وداير بيك حديد
وماك براه
اعدام لروحك دير عزاه
ثراء الوطن ووديان اسماح
وغوط براح
عجاج وتنفخ فيك اريارح
ولا جنه و تين و تفاح
وعيشه ادراه
وتسمع فلي ما ترضاه
تقول يزروا فيك اشباح
مع معاناه
الغربه حتي اسمك تنساه
تعاني كان جوازك راح
وما تلقاه
اكتبها بروحك راك وافاه
ضمنت اطياحك كانا طاح
يفوت ضناه
الواحد بي تغيير اسماه
هوا الوطن وشمسه ولا ظل
وعيشة ذل
وقلبك كيف وطنك محتل
حتى كان عطوك بدل
بوعد اسفاه
جميل منلي جاه غزاه
ومسوك بيسمين وفل
النقص اقراه
وقول مكبر بي لواه
عليش يمنوا فيك عسل
وهوه شراه
الوطن وباعك بيعة شاه
اكيد الموقف فيه خلل
امغير افواه
تعاود في تحليل اسفاه
ثوم يعاير فيه بصل
اللي تدناه
تشمه يقول فمي حيشاه
وهم زفره حييشا المحل
الله الله
علي وطن العز عطيناه
شمسك يا وطني صرهادي
لكن كيف نسوم الجنه
سدره في شعبه في وادي
سل وشوك ادماها حنه
صيصه من نخله في بلادي
دقله عندي وطعمه وبنه
شكوه ولا علبة زبادي
جلف ولا بريوش بتنه
طاسه مره من برادي
كشك ولا موال مغني
نجع مساطر في بوهادي
ناسه تتطعم في فنه
صهلة لربد بو الفنادي
صكله من لزرق بوقنه
عيطه من رسال ينادي
فوق مقام ودلوه شنه
رقده فوق مديد اوسادي
حلمه والفارس لاونه
بارمها مرهوسه ادادي
ناداهن فيسع ما جنا
ع الصايم جمله جرادي
كا العاده ما غابن عنه
نسل اشراف وناس ابوادي
سرب اصقوره فوق حصنه
سايقهن سوقة سقادي
في وين مشضف فكنه
هي قولة تسلم لايادي
واللي في بالك جابنه
منه جاي ومنه غادي
لرض بهم. تقرب تدنه
متمني وهاذا مورادي
مو صاعب ع الله انضنه
يبرمها يكسر لاعادي
هلي بلعنه يحطنه
قتلاهن فاتن لعدادي
واللي ماشافنه رنه
لك ناسك يا وطن اجدادي
وبذن الله
تعود ولا اله الا الله
هوا الوطن وشمسه وثراه
ونبته وماه
فقدناهن وين فقدناه
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
21 رمضان 1437هـ - 26 يونيو 2016م
مناجاة
مناجاة
اللهم إنا نسألك زيادة في الدين وبركة في العمر
اللهم افتح لنا في هذا اليوم أبواب الجنان وأغلق عنا فيه أبواب النيران، ووفقنا فيه لتلاوة القرآن يا منزل السكينة في قلوب المؤمنين، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة، اللهم ارزقنا حسن الخاتمة.. اللهم ارزقنا الموت ونحن ساجدون لك يا أرحم الراحمين.. اللهم ثبتنا عند سؤال الملكين، واجعل قبورنا روضة من رياض الجنة ولا تجعلها حُفَراً من النار.. اللهم إنا نعوذ بك من فتن الدنيا، اللهم قوّ إيماننا ووحد كلمتنا وانصرنا على أعدائك أعداء الدين، اللهم وشتت شملهم واجعل الدائرة عليهم. اللهم انصر إخواننا المسلمين في كل مكان، اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين.. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم إنا نسألك زيادة في الدين وبركة في العمر وصحة في الجسد وسعة في الرزق وتوبة قبل الموت وشهادة عند الموت، ومغفرة بعد الموت، وعفواً عند الحساب، وأماناً من العذاب، ونصيباً من الجنة.
اللهم أنت القوي المتين،
انصر المستضعفين من المؤمنين في كل مكان،
ارْعَ أراملهم،
واكفل أيتامهم،
وانصرهم كما تحب لهم،
اربط اللهم على قلوبهم،
وسدد رمياتهم،
وانتقم من اعداء الدين،
فك اللهم أسر المأسورين،
وامسح غم المغمومين،
واكشف هم المهمومين واقض الدين عن المدينين من المسلمين..
اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل وأسألك من خير ما سألك عبدك ورسولك محمد وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا
*******************************************************************
عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ السحور أكله بركة فلا تدعوه و لو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله و ملائكته يصلون على المتسحرين .
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ من وجد تمرا فليفطر عليه و من لا فليفطر على الماء فإنه طهور .
صحيح الجامع.
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
(( الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِماً فَلاَ يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ وَإِنِ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلاَ يَشْتُمْهُ وَلاَ يَسُبَّهُ وَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أَطْيَبُ عِنْدَ الله مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ))
حديث صحيح عن عائشة رضي الله عنهاصحيح الجامع ٣٨٧٨
*******************************************************************
وابتدأت العشر الأواخر
” والفجر وليالٍ عشر”
وفيها ليله خير من ألف شهر وفيها أنزل القرآن.
-اللهم بلغنا ليلة القدر ...
*******************************************************************
العَشْرُ الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان
إن شهر رمضان المبارك شهر ٌكله بركة ورحمة أيامه ولياليه ، وتختص عشره الأواخر بمزيد مزية على بقية أيامه ولياليه بخصائص عظيمة وفضائل جليلة اختصت بها عن غيرها ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم من بعده يعظِّمون هذه العشر الأواخر ويجتهدون فيها أكثر مما يجتهدون في غيرها ، روى الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ))(1) ، وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ))(2) .
ومعنى ((شَدَّ مِئْزَرَهُ)) : أي جدّ واجتهد في العبادة واعتزل النساء ؛ فلا يلتذ في تلك الليالي إلا بمناجاة ربه والتقرب إليه ، فما أباحه الله له من الجماع في ليالي رمضان يكون منشغلاً عنه بما سواه من العبادة والطاعة طمعاً في أن ينال ثواب هذه العشر ويوفَّق لإدراك ليلة القدر .
ومعنى (( أَحْيَا لَيْلَهُ )) : أي سهره منشغلاً فيه بالطاعة فأحياه بذلك ، وأحيا نفسه بسهره فيه تقرباً وتضرعاً وتعبداً لله ؛ لأن النوم أخو الموت ، ولا تحيا الأرواح ولا الأبدان ولا الأوقات ولا الأعمار إلا بطاعة الله وهذه هي الحياة الحقيقية قال تعالى: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا } [الأنعام:122] فسمى هذه الأجساد مع أنها تدب في الأرض وتأكل وتشرب ميتة وذلك لِـبُعدها عن الإيمان والطاعة للرحمن وانشغالها بالغيّ والفسوق والطغيان .
ومعنى (( أَيْقَظَ أَهْلَهُ )) : أي أقامهم للصلاة وللعبادة في هذه الليالي ، وهذا من تمام حرصه على أهله وعنايته بهم أداءً لواجب الرعاية التي استرعاه الله إياها ، وحرصاً منه في الدلالة على الخير والدال على الخير كفاعله ، إضافةً إلى أجره الذي يكتسبه باجتهاده بنفسه ، وفي ذلك أيضاً تشريع لأمته أن تحذو حذوه وتتأسى به في ذلك ، وفيه توجيه للآباء والأمهات وحثٌ لهم على العناية بتربية أبنائهم والاهتمام بهم خاصة في هذا الشهر الكريم وتعهدهم ومراقبتهم في عبادتهم وشدة المحافظة عليهم ، وتشجيعهم على المسابقة لفعل الطاعات واجتناب المنهيات ، والاستعانة بوسائل الترغيب والترهيب.
قال ابن حجر: ((وَفِي الْحَدِيث الْحِرْص عَلَى مُدَاوَمَة الْقِيَام فِي الْعَشْر الْأَخِير إِشَارَة إِلَى الْحَثّ عَلَى تَجْوِيد الْخَاتِمَة ، خَتَمَ اللَّهُ لَنَا بِخَيْرٍ آمِينَ ))(3).
ومما تميزت به هذه العشر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فيها ، واعتكف أصحابه من بعده ؛ والاعتكاف : لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله ، وهو من السنن الثابتة بالكتاب والسنة ، قال تعالى: { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة:187] ، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ))(4).
وقد أوضح بعض أحكام الاعتكاف العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في مجالسه المشهورة المختصة بشهر رمضان التي نفع الله بها كثيراً - فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، وتغمده بواسع رحمته ، وكتب له في هذا الشهر المبارك مثل أجور كل من استفاد من هذا الكتاب وانتفع به وغيره من كتبه - ومما جاء فيه :
قوله : " والمقصود بالاعتكاف : انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلبا لفضله وثوابه وإدراك ليلة القدر ، ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة ، وأن يتجنب ما لا يَعنيه من حديث الدنيا ، ولا بأس أن يتحدث قليلاً بحديثٍ مباحٍ مع أهله أو غيرهم لمصلحة ، لحديث صفية أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لِأَنْقَلِبَ - أي : لأنصرف إلى بيتي - فَقَامَ - النبي صلى الله عليه وسلم – مَعِيَ... » الحديث(5) .
ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته من التقبيل واللمس لشهوة لقوله تعالى : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } ، وأما خروجه من المسجد فإن كان ببعض بدنه فلا بأس به لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ))(6)، وفي رواية: ((كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ ))(7) .
وإن كان خروجه بجميع بدنه فهو ثلاثة أقسام:
الأول: الخروج لأمر لابد منه طبعاً أو شرعاً ؛ كقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل الواجب لجنابة أو غيرها والأكل والشرب ، فهذا جائز إذا لم يمكن فعله في المسجد ، فإن أمكن فعله في المسجد فلا ، مثل أن يكون في المسجد حمام يمكنه أن يقضي حاجته فيه وأن يغتسل فيه أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب فلا يخرج حينئذ لعدم الحاجة إليه .
الثاني: الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه ؛ كعيادة مريض وشهود جنازة ونحو ذلك فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك ابتداء اعتكافه ، مثل أن يكون عنده مريض يجب أن يعوده أو يخشى من موته فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به .
الثالث: الخروج لأمرٍ ينافي الاعتكاف ؛ كالخروج للبيع والشراء وجماع أهله ومباشرتهم ونحو ذلك ، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط ؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي المقصود منه) اهـ(.
ومما تميزت به هذه العشر واختصت به أن فيها ليلة القدر، قال صلى الله عليه وسلم : ((تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))(9)، وسيأتي الحديث عن هذه الليلة المباركة وعن فضائلها وأهمية اغتنامها وعدم إضاعتها في الحديث القادم إن شاء الله .
اللهم وفِّقنا للقيام بما يرضيك عنا في هذه العشر ، واختم لنا شهرنا بصالح الأعمال ، وتقبلها منا يا أكرم الأكرمين .
(1) رواه مسلم (1175) ، والإمام أحمد (24409) .
(2) رواه البخاري (2024) ، ومسلم (1174) واللفظ للبخاري .
(3) فتح الباري (4/270، تحت حديث رقم 2024).
(4) صحيح البخاري (2026)، ومسلم (1172).
(5) متفق عليه ؛ البخاري (3281) ، مسلم (2175) .
(6) رواه البخاري (2031) ، ومسلم (297) واللفظ للبخاري .
(7) رواه البخاري (2046) .
( مجالس شهر رمضان (ص: 118ـ 119).
(9) رواه البخاري (2017).
*******************************************************************
أسرار الاقتران في القرآن2
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
لابن القيم في بدائع الفوائد لفتات جميلة واستنباطات بديعة مبَّيناً ما اختصَّت بها سورة الرّحمن من الاقتران، إذ تتجلّى أسرارُه في هذه السورة لفظاً ومعنى أكثر من غيرها وقد تكرَّر فيها ذكر آلاء الله فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وقد سَبقتْها سورة القمر التي تكرَّر فيها وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ جمعاً بين آلاء الله المجْلوَّة المنظورة وآياته المتلُوَّة المسطورة، وإن شئت فقل: بين جلال الله وجماله سبحانه.
ومن هُنا فإن العالم الهندي المجدّد: عبد الحميد الفراهي يقول: أجمع العلماء أن (آلاء) معناها النِّعم وأُخالفهم في ذلك، وإن كانت النِّعم من لوازم الآلاء وإنما معناها الدَّلائل القاطعات والبيّناتَ الباهرات.
وإنَّ هذه السورة قد قرنت بين كلّ زوجين ومِثْلَين بين شمس النهار المضيئة وقمر الليل المنير، ثم ذكر نوعي النّبات. ما قام منه على ساق، وما انبسط منه على وجه الأرض وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ثم ذكر نوعَيْ السماء المرفوعة والأرض الموضوعة ثم ذكر الإنس والجّنّ ونَوْعي المشرقين ونوعي المغربين ثم ذكر البحرين الملح والعذب.
ثم بيّن ابْن القيّم الحكمة من ورود المَشرق والمغرب في هذه السّورة بلفظ التثنية لأنّهما في سياق كل آيتين مثنى مثنى بخلاف غيرها من السور، ففي سورة المزَّمل وردا مُفْرَدين فقد تقدَّمهما ذكر الليل والنهار فأمر الله ورسوله بقيام الليل ثم أخبره أنّ له في النّهار سبْحاً طويلاً فكان ورودهما مُفْرَدَين في هذا السّياق أحسن من التثنية والجمع.
كما إنّ القرآن يُقرن في مواضع شتى بين النفس والمال لا سيّما في مواضع البذل والمجاهدة كما في سورة الصّف التي اقْترنت أيضاً بسورة الجمعة ففي سورة الجمعة عتاب لأولئك الذين آثروا التجارة عن ذكر الله وقت صلاة الجمعة وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا، وفي سورة الصّف بيانٌ للتّجارة الحقيقية التي تقود العبد إلى سعادة الدَّارين هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ .
د بالنفس حبُّ الضّياع والأموال فإذا ما قدَّمها في سبيل الله هانت عليه نفسه وانقادت له طائعة لها تلتفت بين الحين والآخر إلى الوراء.
وفي هذا الاقتران وهذا التقديم لون من التدرُّج على الطاعات، ولذلك فإنَّ أولئك الذين جاوزوا هذه المراحل وتدرَّجوا في مدارج الإيمان أعلاها وأغلاها توجّه النداء إليهم أوَّل ما توَجّه إلى الجهاد بالنَّفس أوّلا، وليس بعد الجود بالنّفس من جود، قال تعالى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ.
كما أنّ اقتران المال بالنفس وتقديم المال عليه يتضمّن المشاركة الجماعية في الطاعات وأعمال البرِّ والخيرات فلئن لم يَقْوَ على الجهاد بالنّفس كثير من الناس لسبب أو لآخر فلا أقلَّ أن تكون مجاهدتُهم بالمال ليشترك الجميع في الأجر رجالاً ونساءً شيوخا أو شيباً فيعمُّهم الله برحمة منه ورضوان وفي ذلك أيضاً تأصيل للاتجاه الجماعيّ في هذا الدين الذي يحقق الموازنة والمعادلة من غير إفراط ولا تفريط شعوباً وقبائِل أفراداً وجماعات.
المال والولد
من جنس هذا الاقتران البديع الذي يتدَفَق باللّطائف والمعاني ما يتكرّر في القرآن من الجمع بين المال والولد كقوله تعالى إنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وكقوله لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ذلك أنَّ هاتين النعمتين متلازمتان لا تكتمل إحداهما دون الآخر فرُبَّ صاحب مالٍ لا ولد له ورُبَّ ذي ولدٍ لا مال له.
*******************************************************************
فضل العشر الأواخر من رمضان
السؤال: للعشر الأواخر فضل عظيم ومنزلة كبيرة، فنرجو بيان الفضل في هذه العشر الأواخر؟
الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد، فهذه العشر الأواخر من رمضان هي أفضل شهر رمضان، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بالاعتكاف طلباً لليلة القدر، ويكون فيها ليلة القدر التي قال عنها الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالي بقيام الليل كله، فينبغي للإنسان في هذه الليالي العشر أن يحرص على قيام الليل، ويطيل فيه القراءة، والركوع، والسجود، وإذا كان مع إمام فليلازمه حتى ينصرف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، وفي آخر هذه الأيام، بل عند انتهائه يكون تكبير الله عز وجل، ويكون دفع زكاة الفطر لقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة"، وأمر صلى الله عليه وسلم أن تؤدى قبل الصلاة يوم العيد.
******************************************************************
رافع بن خديج الشابّ الفقيه والعريف النبيه
تَخَرَّجَ من مدرسة النبي، صلى الله عليه وسلم، شبابٌ يمثّلون نماذج فذَّة في الفقه والتبيان، والزهد والإيمان، وبَلَغوا مبلغاً لم يبلغه الكبار، لوجود المعلم الناجح، والأسلوب الحكيم النافع..
ومن الأَبطال المغاوير، الشاب النبيل، والصحابي الجليل: رافع بن خديج بن رافع الأنصاري الأوسي الحارثي، من أهل المدينة، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أَبا رافع، وقيل: أبا خديج الأَنصاري، وَأمّه: حليمة بنت مسعود بن سنان.
د. محمد إفرخَاس، واعظ أَول بإدارة التثقيف والتوجيه الديني، بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن مآثر هذا الصحابي الجليل:
نشأته وخصاله
ولد رافعٌ عام 12 قبل الهجرة، في مهد الإسلام، وتربَّى في محراب العبادة، وترعرع شبابه فوق صهوات الخيل. شهد أحداً والخندق وموقعة صفين مع عليّ بن أبي طالب، وأكثر المشاهد.. وكان عريف قومه، وكان يعمل بالزراعة والفلاحة. مَثَّلَ رافع النموذج الفعَّال من شباب الصحابة، الذين كانوا يحرصون على العمل الصالح، ليجمعوا بين الغزو والعبادة، وطلب العلم والحرص على القدوة الصالحة.
موقفه مع النبي يوم أحد
استصغر النبيّ، صلى الله عليه وسلم، سنَّ رافع يوم بَدر، وأَجازه يوم أحد فشهدها وشهد ما بعدها. ذلكم أنه لما خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى أحد، وعرض أصحابه، فَرَدَّ من كان صغيراً، رَدَّ سمرةَ بن جندب، وأجاز رافع بن خديج، فقال سمرة لربيبه مري بن سنان: يا أبت، أجاز رسول الله، صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج وردَّني، وأنا أصرع رافع بن خديج. فقال مري بن سنان: يا رسول الله، رددتَ ابني، وأجزتَ رافع بن خديج وابني يصرعه. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم لرافع وسمرة: »تصارعا«. فصرع سمرة رافعاً، فأجازه رسول الله، صلى الله عليه وسلم فشهدها مع المسلمين.
مكانته في عهد النبي
لازم رافعٌ النبي، صلى الله عليه وسلم، وشارك معه منذ نعومة أَظفاره، فتعلَّمَ منه الشيء الكثير. وبَرَزَت مكانته في عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، من خلال بعض الأعمال التي كانت توكل إليه، وفي ذلك قيمة كبيرة لقربه من الرسول، صلى الله عليه وسلم. وكانت أولَى المهمات التي أوكلَت إليه من قبَل الرسول، صلى الله عليه وسلم، بعثه في اثنَي عشر رجلاً من المهاجرين إلى بطن نخلة، فقتلوا ابن الحضرمي، وأَسروا رجلين منهم، وقد سميت هذه بسريَّة عبد الله بن جحش.
إنجازاته في عهد الخلفاء
شارك رافعٌ في الفتوحات الإسلامية، حيث جعله عمر بن الخطاب أَحَدَ أمراء الجيش فيها، وورد اسمه ضمن القادة الذين فتحوا مدينة بهنسا في صعيد مصر. وفي عهد عثمان وَليَ رافع اليمامة.
وبعد ذلك اعتزل وخرج من المدينة، ثم عاد مرة أخرى واستوطنها. أَما في عهد علي بن أبي طالب فقد كان حاضراً إلى جنبه في صفين.
التزامه بسنَّة النبي
مما يزيد من أهمية مرويَّات رافع، أن له أَحاديث سمعها من الرسول، صلى الله عليه وسلم، مباشرة، ومنها ما سمعه من الصحابة الكرام، فنقل لنا كمّاً هائلاً من الأَحاديث، استفاد منها مَن بعده في استنباط الأَحكام.
من مواقفه مع الصحابة
لما حصر عثمان بن عفان يوم الدار عطش فقال: واعطشاه، فقام رافع بن خديج هو وابناه عبد الله وعبيد الله وغلمانٌ أصابهم بأصبهان حين فتحوها، فتسلح وتسلحوا فقال: والله لا أرجع حتى أَصل إليه! إنه لموقف رائع يحسب لرافع في وقوفه مع الحق والعدل، ونصرة خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
روايته وتلاميذه
قال عنه الذهبي في السير: روى جماعة أحاديث. لكن الزركلي في الأعلام، خصص عموم الذهبي، عن جملة الأحاديث التي روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقال: روى له البخاري ومسلم ثمانية وسبعين حديثاً.
ورافعٌ من شيوخ مجاهد، والشعبي، وعطاء بن صهيب، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وبشير بن يسار، وابن عمّه أسيد بن ظهير، وابنيه: رفاعة وعبد الرحمن، وحفيده عباية بن رفاعة، وسالم بن عبد الله بن عمر، وطاوس بن كيسان، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن عثمان، وعطاء بن أَبي رباح، والقاسم بن محمد بن أَبي بكر، ومحمد بن سيرين، ونافع..
فقهه وفتواه
كان رافعٌ أَحَدَ فقهاء الصحابة ومحَدّثيهم، وأَهل الفتوى فيهم، وكان له الفضل في تحليل وتفسير أَحداث وقعت في عصره، حيث أَوضحها بأسلوب منهجيّ قائم على أَساس النَّهَل من مشكاة النبي، صلى الله عليه وسلم. فلا غرو في ذلك فهو يعَدّ من الفقهاء الأحداث، قال ابن سعد في طبقاته، بسنده عن زياد بن ميثاء، إنه قال: كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله ورافع بن خديج، وسلمة بن الأكوع، وأبو واقد الليثي، مع أشباه لهم، من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم: »يفتون بالمدينة، ويحدّثون عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من لَدن توفي عثمان إلى أن توفوا..«.
******************************************************************
ذهب الكلام:سبقَ السيفُ العذلَ
العاذل هو اللائم، وما أكثر العاذلين في الشعر العربي وما أشد بغض العشاق لهم، لأنهم يحاولون صرف المتيمين عن معشوقيهم، رأفة بهم، ولكن من يسمع حين يفور تنور الغرام؟، وأما المثل الذين بين أيدينا »سبق السبق العذل« فمعناه أن فعل السيف في القطع قد تم، فلا قيمة للوم بعده.
النعمان بن ثواب العبدي رجل من زعماء العرب حكيم، كان له ثلاثة بنين: سعد وسعيد وساعدة. سعد كان شجاعاً بطلاً من فرسان العرب، وأما سعيد فكان يشبه أباه في شرفه وسؤدده. وأما ساعدة فكان صاحب ندامى وخندريس. فلما رأى الشيخ حال بنيه دعاهم كلاً على حدة، وأوصاهم بما يناسب حالهم.
فقال لسعيد وكان جواداً: يا بُني، لا يبخل الجواد، فابذل الطارف والتالد وأقلل التلاح، وابلُ إخوانك، أي اختبرهم لتعرف صدق مودتهم، فإن وفيّهم قليل، واصنع المعروف عند محتمله ثم توفي النعمان.
وبعد حين قال سعيد، وكان جواداً سيداً: لآخذن بوصية أبي، ولأبْلُوَنّ إخواني وثقاتي. فعمد إلى كبش فذبحه ثم وضعه في ناحية من خبائه وغشاه بثوب، ثم دعا إخوانه واحدا تلو الآخر، فقال: يا فلان إن أخاك من وفى لك بعهده، ونصرك بوده، فيقول أحدهم: صدقت. فهل حدث أمر؟، قال: نعم. إني قتلت فلاناً، وهو الذي تراه في ناحية الخباء، ولا بد من التعاون عليه حتى يوارى، فما تقول؟ قال: يا لها من سوءة وقعت فيها.
قال: إني أريد أن تعينني عليه حتى أغيّبه.
قال: لست لك في هذا بصاحب، وتركه وخرج.
وهكذا حتى بعث إلى إخوانه وجل ثقاته فردوا عليه مثل جواب الأول، ثم بعث إلى رجل يقال له خزيم بن نوفل، فلما أتاه، قال له: يا خزيم، مالي عندك؟ قال ما يسرّك، وما ذاك ؟ قال: إني قتلت فلاناً، وهو الذي تراه مسجّى.
قال: ذاك أيسرُ خطب. فماذا تريد؟ قال: أريد أن تعينني حتى أغيّبه.
قال: هان ما فزعت فيه إلى أخيك.
وكان غلامٌ لسعيد قائماً بينهما، فقال خزيم: هل اطّلع على هذا الأمر أحدٌ غير غلامك هذا؟ قال: لا. فأهوى خزيم إلى الغلام فضرب عنقه بالسيف، فارتاع سعيد وفزع لقتل غلامه، وقال ويحك. ما صنعت؟ وجعل يلومه. فقال خزيم: إن أخاك من واساك. قال سعيد: فإني أردت أن أبلوك، ثم كشف له عن الكبش، وخبّره بما لقي من إخوانه وثقاته، وما ردّوا به عليه. فقال خزيم: سبق السيف العذل.. فذهبت مثلا.
*****************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
هانت
هانت
هانت عليه العشره
فيسع نسيها ماصبر
ولقيتها منتشره
والبر راوي والبحر
ويقولي ما قلتها الشهدار
العشره نكر والخبر كيف النار
والبر راوي والبحر
لا علم عنده لا خبر
هانت
هانت عليه وفات
عشره نسيها وانطوت
والحب ذكريات
ولاعاد عبر لا التفت
ويقولي من قالها للناس
لا حسها لافيه ذره احساس
والبر راوي والبحر
والسو فيسع ينتشر
هانت عليه وهان
ناسي غلانا ونتها
ماكان للنسيان
ويقول ماظي ونتسا
ونقولا بالكش عيبه منك
يقلوا الشوامت سو عني وعنك
والبر يروا والبحر
والسو فيسع ينتشر
هانت وهان معاها
ودي وعشره رايقه
ونا نقول شن نساها
شن صايره شن ضايقه
ونقوله يامر الله بالستره
ويقولي نا فتها من فتره
والبر راوي والبحر
وسو فيسع ينشر
” والفجر وليالٍ عشر”
وفيها ليله خير من ألف شهر وفيها أنزل القرآن.
-اللهم بلغنا ليلة القدر ...
*******************************************************************
العَشْرُ الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَان
إن شهر رمضان المبارك شهر ٌكله بركة ورحمة أيامه ولياليه ، وتختص عشره الأواخر بمزيد مزية على بقية أيامه ولياليه بخصائص عظيمة وفضائل جليلة اختصت بها عن غيرها ، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم من بعده يعظِّمون هذه العشر الأواخر ويجتهدون فيها أكثر مما يجتهدون في غيرها ، روى الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ))(1) ، وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ ))(2) .
ومعنى ((شَدَّ مِئْزَرَهُ)) : أي جدّ واجتهد في العبادة واعتزل النساء ؛ فلا يلتذ في تلك الليالي إلا بمناجاة ربه والتقرب إليه ، فما أباحه الله له من الجماع في ليالي رمضان يكون منشغلاً عنه بما سواه من العبادة والطاعة طمعاً في أن ينال ثواب هذه العشر ويوفَّق لإدراك ليلة القدر .
ومعنى (( أَحْيَا لَيْلَهُ )) : أي سهره منشغلاً فيه بالطاعة فأحياه بذلك ، وأحيا نفسه بسهره فيه تقرباً وتضرعاً وتعبداً لله ؛ لأن النوم أخو الموت ، ولا تحيا الأرواح ولا الأبدان ولا الأوقات ولا الأعمار إلا بطاعة الله وهذه هي الحياة الحقيقية قال تعالى: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا } [الأنعام:122] فسمى هذه الأجساد مع أنها تدب في الأرض وتأكل وتشرب ميتة وذلك لِـبُعدها عن الإيمان والطاعة للرحمن وانشغالها بالغيّ والفسوق والطغيان .
ومعنى (( أَيْقَظَ أَهْلَهُ )) : أي أقامهم للصلاة وللعبادة في هذه الليالي ، وهذا من تمام حرصه على أهله وعنايته بهم أداءً لواجب الرعاية التي استرعاه الله إياها ، وحرصاً منه في الدلالة على الخير والدال على الخير كفاعله ، إضافةً إلى أجره الذي يكتسبه باجتهاده بنفسه ، وفي ذلك أيضاً تشريع لأمته أن تحذو حذوه وتتأسى به في ذلك ، وفيه توجيه للآباء والأمهات وحثٌ لهم على العناية بتربية أبنائهم والاهتمام بهم خاصة في هذا الشهر الكريم وتعهدهم ومراقبتهم في عبادتهم وشدة المحافظة عليهم ، وتشجيعهم على المسابقة لفعل الطاعات واجتناب المنهيات ، والاستعانة بوسائل الترغيب والترهيب.
قال ابن حجر: ((وَفِي الْحَدِيث الْحِرْص عَلَى مُدَاوَمَة الْقِيَام فِي الْعَشْر الْأَخِير إِشَارَة إِلَى الْحَثّ عَلَى تَجْوِيد الْخَاتِمَة ، خَتَمَ اللَّهُ لَنَا بِخَيْرٍ آمِينَ ))(3).
ومما تميزت به هذه العشر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف فيها ، واعتكف أصحابه من بعده ؛ والاعتكاف : لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله ، وهو من السنن الثابتة بالكتاب والسنة ، قال تعالى: { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } [البقرة:187] ، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ))(4).
وقد أوضح بعض أحكام الاعتكاف العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في مجالسه المشهورة المختصة بشهر رمضان التي نفع الله بها كثيراً - فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً ، وتغمده بواسع رحمته ، وكتب له في هذا الشهر المبارك مثل أجور كل من استفاد من هذا الكتاب وانتفع به وغيره من كتبه - ومما جاء فيه :
قوله : " والمقصود بالاعتكاف : انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله في مسجد من مساجده طلبا لفضله وثوابه وإدراك ليلة القدر ، ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والقراءة والصلاة والعبادة ، وأن يتجنب ما لا يَعنيه من حديث الدنيا ، ولا بأس أن يتحدث قليلاً بحديثٍ مباحٍ مع أهله أو غيرهم لمصلحة ، لحديث صفية أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : « كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا فَحَدَّثْتُهُ ثُمَّ قُمْتُ لِأَنْقَلِبَ - أي : لأنصرف إلى بيتي - فَقَامَ - النبي صلى الله عليه وسلم – مَعِيَ... » الحديث(5) .
ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته من التقبيل واللمس لشهوة لقوله تعالى : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } ، وأما خروجه من المسجد فإن كان ببعض بدنه فلا بأس به لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَأَغْسِلُهُ وَأَنَا حَائِضٌ))(6)، وفي رواية: ((كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ حَائِضٌ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ ))(7) .
وإن كان خروجه بجميع بدنه فهو ثلاثة أقسام:
الأول: الخروج لأمر لابد منه طبعاً أو شرعاً ؛ كقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل الواجب لجنابة أو غيرها والأكل والشرب ، فهذا جائز إذا لم يمكن فعله في المسجد ، فإن أمكن فعله في المسجد فلا ، مثل أن يكون في المسجد حمام يمكنه أن يقضي حاجته فيه وأن يغتسل فيه أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب فلا يخرج حينئذ لعدم الحاجة إليه .
الثاني: الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه ؛ كعيادة مريض وشهود جنازة ونحو ذلك فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك ابتداء اعتكافه ، مثل أن يكون عنده مريض يجب أن يعوده أو يخشى من موته فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به .
الثالث: الخروج لأمرٍ ينافي الاعتكاف ؛ كالخروج للبيع والشراء وجماع أهله ومباشرتهم ونحو ذلك ، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط ؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي المقصود منه) اهـ(.
ومما تميزت به هذه العشر واختصت به أن فيها ليلة القدر، قال صلى الله عليه وسلم : ((تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))(9)، وسيأتي الحديث عن هذه الليلة المباركة وعن فضائلها وأهمية اغتنامها وعدم إضاعتها في الحديث القادم إن شاء الله .
اللهم وفِّقنا للقيام بما يرضيك عنا في هذه العشر ، واختم لنا شهرنا بصالح الأعمال ، وتقبلها منا يا أكرم الأكرمين .
(1) رواه مسلم (1175) ، والإمام أحمد (24409) .
(2) رواه البخاري (2024) ، ومسلم (1174) واللفظ للبخاري .
(3) فتح الباري (4/270، تحت حديث رقم 2024).
(4) صحيح البخاري (2026)، ومسلم (1172).
(5) متفق عليه ؛ البخاري (3281) ، مسلم (2175) .
(6) رواه البخاري (2031) ، ومسلم (297) واللفظ للبخاري .
(7) رواه البخاري (2046) .
( مجالس شهر رمضان (ص: 118ـ 119).
(9) رواه البخاري (2017).
*******************************************************************
أسرار الاقتران في القرآن2
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
لابن القيم في بدائع الفوائد لفتات جميلة واستنباطات بديعة مبَّيناً ما اختصَّت بها سورة الرّحمن من الاقتران، إذ تتجلّى أسرارُه في هذه السورة لفظاً ومعنى أكثر من غيرها وقد تكرَّر فيها ذكر آلاء الله فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ وقد سَبقتْها سورة القمر التي تكرَّر فيها وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ جمعاً بين آلاء الله المجْلوَّة المنظورة وآياته المتلُوَّة المسطورة، وإن شئت فقل: بين جلال الله وجماله سبحانه.
ومن هُنا فإن العالم الهندي المجدّد: عبد الحميد الفراهي يقول: أجمع العلماء أن (آلاء) معناها النِّعم وأُخالفهم في ذلك، وإن كانت النِّعم من لوازم الآلاء وإنما معناها الدَّلائل القاطعات والبيّناتَ الباهرات.
وإنَّ هذه السورة قد قرنت بين كلّ زوجين ومِثْلَين بين شمس النهار المضيئة وقمر الليل المنير، ثم ذكر نوعي النّبات. ما قام منه على ساق، وما انبسط منه على وجه الأرض وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ثم ذكر نوعَيْ السماء المرفوعة والأرض الموضوعة ثم ذكر الإنس والجّنّ ونَوْعي المشرقين ونوعي المغربين ثم ذكر البحرين الملح والعذب.
ثم بيّن ابْن القيّم الحكمة من ورود المَشرق والمغرب في هذه السّورة بلفظ التثنية لأنّهما في سياق كل آيتين مثنى مثنى بخلاف غيرها من السور، ففي سورة المزَّمل وردا مُفْرَدين فقد تقدَّمهما ذكر الليل والنهار فأمر الله ورسوله بقيام الليل ثم أخبره أنّ له في النّهار سبْحاً طويلاً فكان ورودهما مُفْرَدَين في هذا السّياق أحسن من التثنية والجمع.
كما إنّ القرآن يُقرن في مواضع شتى بين النفس والمال لا سيّما في مواضع البذل والمجاهدة كما في سورة الصّف التي اقْترنت أيضاً بسورة الجمعة ففي سورة الجمعة عتاب لأولئك الذين آثروا التجارة عن ذكر الله وقت صلاة الجمعة وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا، وفي سورة الصّف بيانٌ للتّجارة الحقيقية التي تقود العبد إلى سعادة الدَّارين هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ .
د بالنفس حبُّ الضّياع والأموال فإذا ما قدَّمها في سبيل الله هانت عليه نفسه وانقادت له طائعة لها تلتفت بين الحين والآخر إلى الوراء.
وفي هذا الاقتران وهذا التقديم لون من التدرُّج على الطاعات، ولذلك فإنَّ أولئك الذين جاوزوا هذه المراحل وتدرَّجوا في مدارج الإيمان أعلاها وأغلاها توجّه النداء إليهم أوَّل ما توَجّه إلى الجهاد بالنَّفس أوّلا، وليس بعد الجود بالنّفس من جود، قال تعالى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ.
كما أنّ اقتران المال بالنفس وتقديم المال عليه يتضمّن المشاركة الجماعية في الطاعات وأعمال البرِّ والخيرات فلئن لم يَقْوَ على الجهاد بالنّفس كثير من الناس لسبب أو لآخر فلا أقلَّ أن تكون مجاهدتُهم بالمال ليشترك الجميع في الأجر رجالاً ونساءً شيوخا أو شيباً فيعمُّهم الله برحمة منه ورضوان وفي ذلك أيضاً تأصيل للاتجاه الجماعيّ في هذا الدين الذي يحقق الموازنة والمعادلة من غير إفراط ولا تفريط شعوباً وقبائِل أفراداً وجماعات.
المال والولد
من جنس هذا الاقتران البديع الذي يتدَفَق باللّطائف والمعاني ما يتكرّر في القرآن من الجمع بين المال والولد كقوله تعالى إنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وكقوله لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ذلك أنَّ هاتين النعمتين متلازمتان لا تكتمل إحداهما دون الآخر فرُبَّ صاحب مالٍ لا ولد له ورُبَّ ذي ولدٍ لا مال له.
*******************************************************************
فضل العشر الأواخر من رمضان
السؤال: للعشر الأواخر فضل عظيم ومنزلة كبيرة، فنرجو بيان الفضل في هذه العشر الأواخر؟
الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد، فهذه العشر الأواخر من رمضان هي أفضل شهر رمضان، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بالاعتكاف طلباً لليلة القدر، ويكون فيها ليلة القدر التي قال عنها الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالي بقيام الليل كله، فينبغي للإنسان في هذه الليالي العشر أن يحرص على قيام الليل، ويطيل فيه القراءة، والركوع، والسجود، وإذا كان مع إمام فليلازمه حتى ينصرف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، وفي آخر هذه الأيام، بل عند انتهائه يكون تكبير الله عز وجل، ويكون دفع زكاة الفطر لقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة"، وأمر صلى الله عليه وسلم أن تؤدى قبل الصلاة يوم العيد.
******************************************************************
رافع بن خديج الشابّ الفقيه والعريف النبيه
تَخَرَّجَ من مدرسة النبي، صلى الله عليه وسلم، شبابٌ يمثّلون نماذج فذَّة في الفقه والتبيان، والزهد والإيمان، وبَلَغوا مبلغاً لم يبلغه الكبار، لوجود المعلم الناجح، والأسلوب الحكيم النافع..
ومن الأَبطال المغاوير، الشاب النبيل، والصحابي الجليل: رافع بن خديج بن رافع الأنصاري الأوسي الحارثي، من أهل المدينة، يكنى أبا عبد الله، وقيل: أَبا رافع، وقيل: أبا خديج الأَنصاري، وَأمّه: حليمة بنت مسعود بن سنان.
د. محمد إفرخَاس، واعظ أَول بإدارة التثقيف والتوجيه الديني، بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن مآثر هذا الصحابي الجليل:
نشأته وخصاله
ولد رافعٌ عام 12 قبل الهجرة، في مهد الإسلام، وتربَّى في محراب العبادة، وترعرع شبابه فوق صهوات الخيل. شهد أحداً والخندق وموقعة صفين مع عليّ بن أبي طالب، وأكثر المشاهد.. وكان عريف قومه، وكان يعمل بالزراعة والفلاحة. مَثَّلَ رافع النموذج الفعَّال من شباب الصحابة، الذين كانوا يحرصون على العمل الصالح، ليجمعوا بين الغزو والعبادة، وطلب العلم والحرص على القدوة الصالحة.
موقفه مع النبي يوم أحد
استصغر النبيّ، صلى الله عليه وسلم، سنَّ رافع يوم بَدر، وأَجازه يوم أحد فشهدها وشهد ما بعدها. ذلكم أنه لما خرج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى أحد، وعرض أصحابه، فَرَدَّ من كان صغيراً، رَدَّ سمرةَ بن جندب، وأجاز رافع بن خديج، فقال سمرة لربيبه مري بن سنان: يا أبت، أجاز رسول الله، صلى الله عليه وسلم رافع بن خديج وردَّني، وأنا أصرع رافع بن خديج. فقال مري بن سنان: يا رسول الله، رددتَ ابني، وأجزتَ رافع بن خديج وابني يصرعه. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم لرافع وسمرة: »تصارعا«. فصرع سمرة رافعاً، فأجازه رسول الله، صلى الله عليه وسلم فشهدها مع المسلمين.
مكانته في عهد النبي
لازم رافعٌ النبي، صلى الله عليه وسلم، وشارك معه منذ نعومة أَظفاره، فتعلَّمَ منه الشيء الكثير. وبَرَزَت مكانته في عهد الرسول، صلى الله عليه وسلم، من خلال بعض الأعمال التي كانت توكل إليه، وفي ذلك قيمة كبيرة لقربه من الرسول، صلى الله عليه وسلم. وكانت أولَى المهمات التي أوكلَت إليه من قبَل الرسول، صلى الله عليه وسلم، بعثه في اثنَي عشر رجلاً من المهاجرين إلى بطن نخلة، فقتلوا ابن الحضرمي، وأَسروا رجلين منهم، وقد سميت هذه بسريَّة عبد الله بن جحش.
إنجازاته في عهد الخلفاء
شارك رافعٌ في الفتوحات الإسلامية، حيث جعله عمر بن الخطاب أَحَدَ أمراء الجيش فيها، وورد اسمه ضمن القادة الذين فتحوا مدينة بهنسا في صعيد مصر. وفي عهد عثمان وَليَ رافع اليمامة.
وبعد ذلك اعتزل وخرج من المدينة، ثم عاد مرة أخرى واستوطنها. أَما في عهد علي بن أبي طالب فقد كان حاضراً إلى جنبه في صفين.
التزامه بسنَّة النبي
مما يزيد من أهمية مرويَّات رافع، أن له أَحاديث سمعها من الرسول، صلى الله عليه وسلم، مباشرة، ومنها ما سمعه من الصحابة الكرام، فنقل لنا كمّاً هائلاً من الأَحاديث، استفاد منها مَن بعده في استنباط الأَحكام.
من مواقفه مع الصحابة
لما حصر عثمان بن عفان يوم الدار عطش فقال: واعطشاه، فقام رافع بن خديج هو وابناه عبد الله وعبيد الله وغلمانٌ أصابهم بأصبهان حين فتحوها، فتسلح وتسلحوا فقال: والله لا أرجع حتى أَصل إليه! إنه لموقف رائع يحسب لرافع في وقوفه مع الحق والعدل، ونصرة خليفة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
روايته وتلاميذه
قال عنه الذهبي في السير: روى جماعة أحاديث. لكن الزركلي في الأعلام، خصص عموم الذهبي، عن جملة الأحاديث التي روى عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقال: روى له البخاري ومسلم ثمانية وسبعين حديثاً.
ورافعٌ من شيوخ مجاهد، والشعبي، وعطاء بن صهيب، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وبشير بن يسار، وابن عمّه أسيد بن ظهير، وابنيه: رفاعة وعبد الرحمن، وحفيده عباية بن رفاعة، وسالم بن عبد الله بن عمر، وطاوس بن كيسان، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن عثمان، وعطاء بن أَبي رباح، والقاسم بن محمد بن أَبي بكر، ومحمد بن سيرين، ونافع..
فقهه وفتواه
كان رافعٌ أَحَدَ فقهاء الصحابة ومحَدّثيهم، وأَهل الفتوى فيهم، وكان له الفضل في تحليل وتفسير أَحداث وقعت في عصره، حيث أَوضحها بأسلوب منهجيّ قائم على أَساس النَّهَل من مشكاة النبي، صلى الله عليه وسلم. فلا غرو في ذلك فهو يعَدّ من الفقهاء الأحداث، قال ابن سعد في طبقاته، بسنده عن زياد بن ميثاء، إنه قال: كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري، وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر بن عبد الله ورافع بن خديج، وسلمة بن الأكوع، وأبو واقد الليثي، مع أشباه لهم، من أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم: »يفتون بالمدينة، ويحدّثون عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من لَدن توفي عثمان إلى أن توفوا..«.
******************************************************************
ذهب الكلام:سبقَ السيفُ العذلَ
العاذل هو اللائم، وما أكثر العاذلين في الشعر العربي وما أشد بغض العشاق لهم، لأنهم يحاولون صرف المتيمين عن معشوقيهم، رأفة بهم، ولكن من يسمع حين يفور تنور الغرام؟، وأما المثل الذين بين أيدينا »سبق السبق العذل« فمعناه أن فعل السيف في القطع قد تم، فلا قيمة للوم بعده.
النعمان بن ثواب العبدي رجل من زعماء العرب حكيم، كان له ثلاثة بنين: سعد وسعيد وساعدة. سعد كان شجاعاً بطلاً من فرسان العرب، وأما سعيد فكان يشبه أباه في شرفه وسؤدده. وأما ساعدة فكان صاحب ندامى وخندريس. فلما رأى الشيخ حال بنيه دعاهم كلاً على حدة، وأوصاهم بما يناسب حالهم.
فقال لسعيد وكان جواداً: يا بُني، لا يبخل الجواد، فابذل الطارف والتالد وأقلل التلاح، وابلُ إخوانك، أي اختبرهم لتعرف صدق مودتهم، فإن وفيّهم قليل، واصنع المعروف عند محتمله ثم توفي النعمان.
وبعد حين قال سعيد، وكان جواداً سيداً: لآخذن بوصية أبي، ولأبْلُوَنّ إخواني وثقاتي. فعمد إلى كبش فذبحه ثم وضعه في ناحية من خبائه وغشاه بثوب، ثم دعا إخوانه واحدا تلو الآخر، فقال: يا فلان إن أخاك من وفى لك بعهده، ونصرك بوده، فيقول أحدهم: صدقت. فهل حدث أمر؟، قال: نعم. إني قتلت فلاناً، وهو الذي تراه في ناحية الخباء، ولا بد من التعاون عليه حتى يوارى، فما تقول؟ قال: يا لها من سوءة وقعت فيها.
قال: إني أريد أن تعينني عليه حتى أغيّبه.
قال: لست لك في هذا بصاحب، وتركه وخرج.
وهكذا حتى بعث إلى إخوانه وجل ثقاته فردوا عليه مثل جواب الأول، ثم بعث إلى رجل يقال له خزيم بن نوفل، فلما أتاه، قال له: يا خزيم، مالي عندك؟ قال ما يسرّك، وما ذاك ؟ قال: إني قتلت فلاناً، وهو الذي تراه مسجّى.
قال: ذاك أيسرُ خطب. فماذا تريد؟ قال: أريد أن تعينني حتى أغيّبه.
قال: هان ما فزعت فيه إلى أخيك.
وكان غلامٌ لسعيد قائماً بينهما، فقال خزيم: هل اطّلع على هذا الأمر أحدٌ غير غلامك هذا؟ قال: لا. فأهوى خزيم إلى الغلام فضرب عنقه بالسيف، فارتاع سعيد وفزع لقتل غلامه، وقال ويحك. ما صنعت؟ وجعل يلومه. فقال خزيم: إن أخاك من واساك. قال سعيد: فإني أردت أن أبلوك، ثم كشف له عن الكبش، وخبّره بما لقي من إخوانه وثقاته، وما ردّوا به عليه. فقال خزيم: سبق السيف العذل.. فذهبت مثلا.
*****************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
هانت
هانت
هانت عليه العشره
فيسع نسيها ماصبر
ولقيتها منتشره
والبر راوي والبحر
ويقولي ما قلتها الشهدار
العشره نكر والخبر كيف النار
والبر راوي والبحر
لا علم عنده لا خبر
هانت
هانت عليه وفات
عشره نسيها وانطوت
والحب ذكريات
ولاعاد عبر لا التفت
ويقولي من قالها للناس
لا حسها لافيه ذره احساس
والبر راوي والبحر
والسو فيسع ينتشر
هانت عليه وهان
ناسي غلانا ونتها
ماكان للنسيان
ويقول ماظي ونتسا
ونقولا بالكش عيبه منك
يقلوا الشوامت سو عني وعنك
والبر يروا والبحر
والسو فيسع ينتشر
هانت وهان معاها
ودي وعشره رايقه
ونا نقول شن نساها
شن صايره شن ضايقه
ونقوله يامر الله بالستره
ويقولي نا فتها من فتره
والبر راوي والبحر
وسو فيسع ينشر
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
صفحة 1 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» انوار رمضان
» انوار رمضان1438هـ
» انوار الرسالة المحمدية
» موضوع بعنوان / قصيدة : من انوار المولد من المجلة النقشبندية
» انوار رمضان1438هـ
» انوار الرسالة المحمدية
» موضوع بعنوان / قصيدة : من انوار المولد من المجلة النقشبندية
صفحة 1 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي