انوار رمضان1437هـ
4 مشترك
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رد: انوار رمضان1437هـ
22 رمضان 1437هـ - 27 يونيو 2016م
مناجاة
مناجاة
يا بديع السموات والأرض.. أسألك الجنة وأعوذ بك من النار
اللهم اجعل لي في هذا اليوم إلى مرضاتك دليلاً ولا تجعل للشيطان فيه عليّ سبيلاً واجعل الجنة لي منزلاً ومقيلاً يا قاضي حوائج الطالبين، اللهم إني أعوذ بك من التردي، والهدم، والغرق، والحرق، وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت، وأعوذ بك أن أموت في سبيلك مدبراً، وأعوذ بك أن أموت لديغاً، اللهم إني أعوذ بك من الجوع، فإنه بئس الضجيع، وأعوذ بك من الخيانة، فإنها بئست البطانة، اللهم إني أعوذ بك من العجز، والكسل، والجبن، والبخل، والهرم، والقسوة، والغفلة، والعيلة، والذلة، والمسكنة، وأعوذ بك من الفقر، والكفر، والفسوق، والشقاق، والنفاق، والسمعة، والرياء، وأعوذ بك من الصمم، والبكم، والجنون، والجذام، والبرص، وسيئ الأسقام، اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك، المنان، اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد، الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد.
*******************************************************
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة : ثلاث وثلاثون تسبيحة ، وثلاث وثلاثون تحميدة ، وأربع وثلاثون تكبيرة .عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفر له ما تقدم من ذنبه) رواه الشيخان.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
*******************************************************
تَصْفِيدُ الشَّيَاطِينِ فِي رَمَضَان
إن مما تميز به شهر رمضان المبارك تصفيد الشياطين ومردة الجنّ فيه ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ))(1) ، وروى أحمد والنسائي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((هَذَا رَمَضَانُ قَدْ جَاءَكُمْ تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَتُسَلْسَلُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ )) (2) ، روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ))(3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ فَضَعُفَتْ قُوَّتُهُمْ وَعَمَلُهُمْ بِتَصْفِيدِهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَفْعَلُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُمْ قُتِلُوا وَلَا مَاتُوا بَلْ قَالَ : " صُفِّدَتْ " وَالْمُصَفَّدُ مِنْ الشَّيَاطِينِ قَدْ يُؤْذِي لَكِنَّ هَذَا أَقَلُّ وَأَضْعَفُ مِمَّا يَكُونُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ؛ فَهُوَ بِحَسَبِ كَمَالِ الصَّوْمِ وَنَقْصِهِ ، فَمَنْ كَانَ صَوْمُهُ كَامِلًا دَفَعَ الشَّيْطَانَ دَفْعًا لَا يَدْفَعُهُ دَفْعُ الصَّوْمِ النَّاقِصِ )) (4) اهـ.
وكثير من الناس اليوم جهلوا أو تجاهلوا أمر الشيطان فلم يدركوا مدى كيده وعداوته لبني آدم وحرصه على إخراجهم من رحمة الله ورضوانه وإيقاعهم في سخطه وغضبه ونيرانه ، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [فاطر:6] ، وهي عداوة مستمرة إلى يوم القيامة وكل من انشغل في هذا الشهر الكريم بغير طاعة الله من المعاصي والذنوب واللهو واللعب والسهر وفي القيل والقال والنظر في الفضائيات وما فيها من سموم فقد خلص الشيطان إليه ونال منه بغيته ؛ وإن كيده لا يكاد ينحصر .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان جملة كبيرة من مكائده التي كاد بها عباد الله : (( ومن كيده للإنسان : أنه يورده الموارد التي يُخيل إليه أنّ فيها منفعته ، ثم يُصدِرُه المصادر التي فيها عطبه، ويتخلى عنه ويُسْلِمُه ويقف يَشْمَتُ به ويضحك منه ، فيأمره بالسرقة والزنا والقتل ويدل عليه ويفضحه قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [الأنفال:48] ؛ فإنه تراءى للمشركين عند خروجهم إلى بدر في صورة سراقة بن مالك وقال : أنا جار لكم من بني كنانة أن يقصدوا أهلكم وذراريَكم بسوء ، فلما رأى عدوُّ الله جنود الله تعالى من الملائكة نزلت لنصر رسوله فرّ عنهم وأسلمهم كما قال حسان: دَلَّاهُمُ بِغُرُورٍ ثَمَّ أَسْلَمَهُمْ إِنَّ الْخَبِيثَ لمنْ وَالَاهُ غَرَّارُ
وكذلك فعل بالراهب الذي قتل المرأة وولدها ؛ أمره بالزنا ثم بقتلها ثم دلّ أهلها عليه وكشف أمره لهم ، ثمّ أمره بالسجود له فلمّا فعل فرَّ عنه وتركه وفيه أنزل الله سبحانه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [الحشر:16] ، وهذا السياق لا يختص بالذي ذكرتْ عنه هذه القصة، بل هو عام في كل من أطاع الشيطان في أمره له بالكفر لينصره ويقضي حاجته، فإنه يتبرأ منه ويسلمه كما يتبرأ من أوليائه جملة في النار ويقول لهم: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ } [إبراهيم:22] ، فأوردهم شرّ الموارد وتبرأ منهم كل البراءة .
ومن كيد عدو الله تعالى : أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه ؛ فلا يجاهدونهم ، ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان، وقد أخبرنا الله سبحانه عنه بهذا فقال: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران:175] ، المعنى عند جميع المفسرين: يخوفكم بأوليائه. قال قتادة: ( يعظمهم في صدوركم، ولهذا قال: { فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ، فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه خوفُ أولياء الشيطان، وكلما ضعف إيمان العبد قوي خوفه منهم ) .
ومن مكايده أنه يسحر العقل دائماً حتى يكيده ، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله ، فيزين له الفعل الذي يضره حتى يخيل إليه أنه من أنفع الأشياء ، وينفر من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له حتى يخيَّل له أنه يضره ، فلا إله إلا الله !! كم فُتن بهذا السحر من إنسان ، وكم حال بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان! وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة، وشنّع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة ! وكم بهرج من الزُّيوف على الناقدين، وكم روّج من الزغل على العارفين ! فهو الذي سحر العقول حتى ألقى أربابها في الأهواء المختلفة والآراء المتشعبة، وسلك بهم في سبل الضلال كل مسلك ، وألقاهم من المهالك في مهلك بعد مهلك ، وزين لهم من عبادة الأصنام وقطيعة الأرحام ووأد البنات ونكاح الأمهات ووعدهم الفوز بالجنات مع الكفر والفسوق والعصيان ، وأبرز لهم الشرك في صورة التعظيم ، والكفر بصفات الرب تعالى وعلوه على عرشه وتكلمه بكتبه في قالب التنزيه، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قالب التودد إلى الناس وحُسن الخلق معهم والعمل بقوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } [المائدة:105] ، والإعراض عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في قالب التقليد والاكتفاء بقول من هو أعلم منهم ، والنفاق والإدهان في دين الله في قالب العقل المعيشي الذي يندرج به العبد بين الناس . فهو صاحب الأبوين حين أخرجهما من الجنة ، وصاحب قابيل حين قتل أخاه ، وصاحب قوم نوح حين أُغرِقوا ، وقوم عاد حين أهلِكوا بالريح العقيم ، وصاحب قوم صالح حين أهلكوا بالصيحة ، وصاحب الأمة اللوطية حين خُسف بهم وأتبِعوا بالرجم بالحجارة ، وصاحب فرعون وقومه حين أخِذوا الأخذة الرابية ، وصاحب عبَّاد العجل حين جرى عليهم ما جرى، وصاحب قريش حين دعوا يوم بدر، وصاحب كل هالك ومفتون)) (5) اهـ.
فهذا هو العدو قد ظهرت أوصافه وبدت علاماته وملامحه ، يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ويأخذ بأي طريق يتحقق له به ذلك . قال بعض السلف : (( وما أمر الله عز وجل بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما تقصيرٌ وتفريطٌ ، وإما إفراطٌ وغلوٌّ ، فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخطيئتين))(6)، فلينظر كل واحد إلى نفسه وأفعاله هل فيها استجابة للشيطان وحبائله ؛ فيتدارك نفسه بالتوبة إلى الله والإقلاع عما هو فيه من ضلالٍ وشرٍ ويعلن العداوة لهذا العدو اللدود ، أم أنه في حماية الله وحفظه ؛ فيشكر الله على ذلك ويسأله الثبات ويسعى في الاستزادة من فعل الصالحات ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ كثيراً بالله من الشيطان ويعلِّم أصحابه ذلك {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [97] وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون:97-98] ؛ اللهم إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه.
(1) البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ للبخاري .
(2)سنن النسائي (2105) ، المسند (13408) .
(3) الترمذي (682)، وابن ماجه (1642)، واللفظ للترمذي .
(4) مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/246).
(5) إغاثة اللهفان لابن القيم (1/125ـ 128).
(6) الوابل الصيب (ص: 29).
*******************************************************
أسرار الاقتران في القرآن 3
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
إنّ الإيمان في القرآن الكريم مرتبط بالعمل ومقترنٌ به لا انفكاك بينهما في مواضع كثيرة من الآيات المكية والمدنية وما هو إلا تأصيل لارتباط الأقوال بالأفعال والجِنات بالأركان وإن دعوى الإيمان مجردة عن الاستجابة لأوامر الله واجتناب نواهيه دعوىً مردودة فإن المحب لمن يحب مطيع ولا يصدق القول إلا العمل.
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما.. جُعل اللسان على الفؤادِ دليلا
بل الأعمالُ الصالحة سببٌ لزيادة الايمان، والارتقاء بصاحبه إلى مقاماته العالية التي تحمله إلى درجة الاحسان والتقوى والشكر، ومِنْ هنا كان الأنبياءُ أكثرَ الناس عملاً ومجاهدةً في الله، وكذلك الأعمال السيئة فإنها تجرح الايمان وتنقصه فيتخلط نورُ الطاعة بظلمة المعصية، وربما انعكست على مظهره ومخبره، فإذا ما تمادى مصرا مستكبرا ربَّما قاده ذلك إلى سوء خاتمة وبئست العاقبة.
وللاستدلال على هذا العلم القرآني يحلو لنا أن نولي وجوهنا شطر تلك الآيات التي تقرن بين الجنة والنار والثواب والعقاب أو بين تلك الآيات التي إذا ما انتهت بشديد العقاب تبعتها اللاحقة بالغفور الرحيم، ولا يُبالغ في الخوف إلى درجة القنوط من رحمة الله، بل الرجاء والخوف عندنا جناحان لطائرٍ واحد لا يستقيم الايمانُ إلا بهما معاً.
ولقد خَان البعض في سلوكهم إلى الله بالإفراط في أحد هذين المقامين العظيمين، وربما أنشأوا مريديهم على الخوف وحده فقادهم إلى خلل في السلوك وفي الطريق، ولكن حكَم ربانية في اقتران الرحمة الإلهية فضلاً منه ومنة بعذابه سبحانه، عدلاً منه وحكمة يستمد منها المنهج القرآني تربيةً وتهذيباً، تخليةً وتَحلية، فإنّ الأصلَ في صفات الله العلية هي الرحمة وما يَستلزمها من المغفرة والعطاء والمن.
ولذلك فإن كلمة الرّيح في كتاب الله ما إذا وردت في معرض النعمة والثواب ورَدت مفردةَ ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ أما إذا وردت في معرض النقمة والعقاب وردت جمعاً ﴿َأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ إشارة إلى أن رحمة الله قد غلبت غضبه وأن نِعَمهُ سبحانه، قد فاقت نقمته وأنه سبحانه إن عاَقب بِمحْض عدله وإن جاوز ورحم فبِمحض فضله، وما عقوبة الله إلا صيحةٌ واحدة أو ريح واحدة عقيم ما أتت على شيء إلا جعلته كالرميم.
ومن هنا كان النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا ما هبت الريح قال: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلا تَجْعَلْهَا رِيحًا) أي اجعلها نعمة وثواباً ولا تجعلها نقمة وعقاباً. ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى في معرض منه على سيدنا نوح وقومه أشار إلى أنه نجاهم بمجرد ﴿ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾ وكذلك نجى نبيه محمداً، صلى الله عليه وسلم، بنسيج العنكبوت بينما لم تغن الحصون عن أولئك الذين ظنوا أنها مانعتهم من الله.
إن القرآن الكريم يُقرن بين الصبر والصلاة فهما أمران متلازمان لا يتم أحدهما إلا بالآخر.، قال تعالى ﴿َاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ﴾، ويقول تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾. ويقول تعالى ﴿َالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾. فلا يكون الصبر جميلا لا جزع فيه إلا إذا اقترن بالصلاة فتنقلب مرارته إلى حلاوة.
الصلاة، الصبر والزكاة
الصلاة مقترنة بالصبر ومقترنة بالزكاة دائماً كما في قوله تعالى «وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاْةِ» فالأولى عبادة بدنية والثانية عبادة مالية لا يتم أحدهما إلا بالآخر، فالإسلام دين متكامل لا يتجزأ أبداً، ولذلك فإن سيدنا أبوبكر الصديق قد سَلَّ السيف على البغاة الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة فهو أول من نبه إلى هذا العلم العظيم، وكذلك الصبر يقترن بالشكر في كتاب الله لأنهما جناحان متلازمان لطائر واحد ورأسه المحبة يطير بها إلى الله.
*******************************************************
رمضان وسلامة الصدور والألسن
رمضان المبارك فرصة ذهبية وهِبة إِلهِيَة لتسلَم الصدور والألسن من كل الأدواء والسخائم؛ فليست العبرة بالصيام أن تمتنع عن الطعام والشراب ويفطر قلبك على الحقد والحسد والبغضاء لعباد الله ، أو يفطر لسانك على الغيبة والنميمة والغش والكذب والسباب والشتم ؛ فإنَّ من كان كذلك لم يستفد من صيامه إلا الجوع والعطش، ففي الحديث: ((رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ)) رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاغنم شهر الخير في إصلاح قلبك وصيانة لسانك، بلغك الله إياه وبلغك فيه رضاه.
*******************************************************
موسى بن نصير الفاتح الذي لم تُهزم له راية
موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد ولد زمن عمر بن الخطاب سنة 19 هـ في قرية كفر مثري بالجليل في فلسطين الشام، فاتح بلاد الأندلس وأحد الذين غزو البر الأفريقي في خلافة عبد الملك بن مروان، متابعاً الغزو والفتح في خلافة الوليد بن عبد الملك.
الدكتور عبد الحليم إبراهيم حسن، كبير وعّاظ في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، يحدثنا عن هذا القائد المظفر:
أرسل موسى مولاه طارق بن زياد لغزو إسبانيا، ثم لحق به متوغلاً في تلك البلاد، ليعود ومعه مولاه طارق إلى الشام بمكاسب ومغانم عظيمة، مرسياً لأول مرة قدم الإسلام في تلك البلاد الغربية النائية، والغريب في الأمر أن نهاية هذا الفاتح العظيم انتهت بالغدر به فعاش مشرداً مختفياً وكأنه لم يكن ذلك القائد العظيم.
أجل، لقد دخل الإسلام إلى بلاد الشمال الأفريقي قبل فتح الأندلس بسبعين سنة أي سنة 22 هـ وكانت تسكن هذا الإقليم قبائل قوية، وقد ارتدت عن الإسلام أكثر من قبيلة، إلى أن انتهت الأمور باستقرار الإسلام في هذا الإقليم عام 85 هـ وقد كان موسى بن نصير القائد البارع التقي الورع هو الذي ثبَت الله به الإسلام في هذه المنطقة المترامية الأطراف، أما أبوه فهو نصير، فقد قال عنه ابن خلكان: كان عاقلاً كريماً شجاعاً ورعاً تقياً لم يهزم له جيش قط .
وبلغ في الرتب مكانة عالية في عهد معاوية حين كان والياً على الشام، وقد روى التاريخ شجاعة أم موسى، فلقد شهدت هي أيضاً جولة من جولات اليرموك التي تقهقر فيها المسلمون، أبصرت أم موسى رجلاً من كفار العجم يأسر رجلاً من المسلمين تقول: فأخذت عمود الفسطاط ثم دنوت منه فشدخت به رأسه.
تربى موسى بن النصير في كنف القادة قريباً من بيت الخلافة مع أولاد معاوية وأولاد الأمراء والخلفاء، فنشأ على حب الجهاد في سبيل الله ونشر الدين حتى أصبح شاباً يافعاً تقّلد الرتب والمناصب وغزا قبرص في عهد معاوية وأنجز ما عجز عنه من قبله إذ نظّم القوات الإسلامية في المغرب، وحين اشتد القحط أمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، ثم صلّى وخطب ودعا فسُقوا حتى رووا.
وقد نجح في فهم أسباب الردة إذ رأى أن من سبقه كانوا يفتحون البلاد فتحاً سريعاً ثم يتوغلون داخلها دون أن يوفروا الحماية لظهورهم وهذا ما حصل لعقبة بن نافع، فبدأ موسى يتقدم خطوة خطوة ثم يؤّمن ظهره، حتى أتم الله عليه الفتح، أما الخطأ الثاني: فقد وجد أن الناس لم يتعلموا الإسلام جيداً فجلب العلماء من الشام والحجاز ليعلموهم الإسلام، فأقبلوا عليه وأحبوه وصاروا جنداً للإسلام بعد أن كانوا أعداءً له، وانتشر الإسلام في الشمال الأفريقي.
ولذلك كان موسى بن النصير القائد الذي تولى أمر بلاد المغرب، وأخمد الفتن، وقضى على الثورات، وقوّى الجيش، فأكرمه الله بالنصر والفتح.
لقد كان من أعظم رجال الحرب والإدارة في القرن الأول الهجري، وبدت حكمته في إخماد الفتن، ومعرفة نفسية الشعوب.
ومن مآثره أنه وفد على الوليد بن عبد الملك في دمشق في يوم جمعة والوليد على المنبر فدخل موسى ومعه ثلاثون غلاماً من أبناء الملوك الذين أسرهم، وقد ألبسهم تيجان الملوك مع ما معهم من الخدم والحشم. رحمه الله وجزاه الله كل خير عن الإسلام والمسلمين.
*******************************************************
رجل استحق لعنة الله
ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال: «لعن الله الذي وسمه» وفي رواية في المسند: "قد وسم في وجهه، يدخن منخراه"، فسبحان الله حمار يدخن منخراه بسبب العدوان عليه بوسمه في وجهه فيلعن الله فاعله، فكيف بمن يدخن بسبب عدوانه أشلاء من البشر يفجر نفسه بينهم فيتطاير دخان اجرامه ونار عدوانه، نعوذ بالله من سبيل الزائغين.
*******************************************************
ذهب الكلام:ما يضر الشاة سلخها بعد ذبحها؟
من تراث العرب والمسلمين، أن سيدنا عبد الله بن الزبير وقف ضداً ليزيد بن معاوية حين وَرِثَ الأخير الحُكمَ عَن أبيه فَلمّا ماتَ يَزيد ونُحّي ابنُه وتولى مروان بن الحكم، استفحل أمَرُ عبد الله بن الزبير وامتدَّ سُلطانُه حتى ضَمَّ الحجاز واليمن والعراق وخراسان، إلى أنْ مات مروان بن الحكم ودعا ابنه عبد الملك لنفسه وأجابَه أهلُ الشامِ فعقد للحجاج بن يوسف الثقفي ليُقاتل ابن الزبير ويقضي على مُلكِه.
ويُروى أنَّ الحجاجَ حاصرَ ابن الزبير في الحرم قريباً مِن سَبعَةِ أشهُر يَرميهِ بالمنجنيق. فَتَفَرَّقَ الناسُ عَنه، فدخل عبدُالله على أُمِّه قائلاً : يا أمُّاه قد خذلني الناس حتى ولدي وأهلي ولَم يبقَ معي إلا اليسير ومن ليس عنده أكثر مِن صَبر ساعة والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا؛ فما رأيك؟ (يقصد أن بني أمية يساومونه على أن يترك لهم الأمر ويوفرون له ما أراد مِن أمر الدنيا).
فقالت أمه: يا بُنَي أنتَ أعلَمُ بِنَفسِك، إنْ كُنتَ تَعلَمُ أنّكَ على حَقٍّ وإليه تدعو فامضِ لَه فقد قُتِلَ عليه أصحابُك (ولا تُمَكِّن مِن رقبتكَ فيتلاعُبُ برأسِكَ غِلمانُ بَني أمية) وإنْ كُنتَ إنّما أرَدتَ الدُّنيا فَبِئسَ العَبدُ أنتْ أهلَكتَ نَفسَكَ ومَن قُتِلَ مَعَك، وإنْ قُلتَ : كُنتُ على الحقِّ فَلَمّا وَهَنَ أصحابي ضَعفتُ فهذا لَيسَ فِعلُ الأحرارِ ولا أهلُ الدّين، كَم خلودُك في الدنيا؟ القتلُ أحسن! لَم تُبقِ أسماءُ لابنِها خياراً أو قولاً إلا بَسَطَتهُ ووَزَنَتهُ وهي في ذلكَ الوقتِ في سنتها المئة لَم يَسقُط لها سِنٌّ ولَم يُنكر لها عقل. فقال عبدُالله يا أماه، أخافُ إنْ قَتَلني أهلُ الشامِ أنْ يُمَثِّلوا بي ويَصلِبوني.
عندها قالت أسماءُ قولَتَها المشهورة: يا بُني لا يَضُرُّ الشاةَ سَلخُها بَعدَ ذَبحِها، فامضِ على بَصيرَتِكَ واستعن بالله. فقال لها: هذا رأيي الذي قُمتُ به داعياً إلى يومي هذا، ما رَكَنتُ إلى الدُّنيا وما أحبَبتُ الحياةَ فيها وما دعاني إلى الخروجِ على القومِ إلا الغضبُ للهِ أنْ تُستَحَلَّ حُرماتُه ولكني أحبَبتُ أنْ أعلمَ رأيَكِ فقد زِدتِني بصيرة فانظُري يا أماه فإني مَقتولٌ في يومي هذا فلا يَشتَدَّنَّ حُزنُكِ.
وبالفعل قتل الحجاج عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، حيث رماه بالمنجنيق، وصلب جسده أياما حتى أتت أمه وقالت قولتها الشهيرة: يا حجاج (أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟)، فأنزل ولدها ودفن. وسارت الركبان بمقولتيها الشهيرتين.
*******************************************************
تَصْفِيدُ الشَّيَاطِينِ فِي رَمَضَان
إن مما تميز به شهر رمضان المبارك تصفيد الشياطين ومردة الجنّ فيه ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ))(1) ، وروى أحمد والنسائي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ((هَذَا رَمَضَانُ قَدْ جَاءَكُمْ تُفَتَّحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ ، وَتُغَلَّقُ فِيهِ أَبْوَابُ النَّارِ ، وَتُسَلْسَلُ فِيهِ الشَّيَاطِينُ )) (2) ، روى الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ))(3).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (( وَصُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ فَضَعُفَتْ قُوَّتُهُمْ وَعَمَلُهُمْ بِتَصْفِيدِهِمْ فَلَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَفْعَلُوا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي غَيْرِهِ ، وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُمْ قُتِلُوا وَلَا مَاتُوا بَلْ قَالَ : " صُفِّدَتْ " وَالْمُصَفَّدُ مِنْ الشَّيَاطِينِ قَدْ يُؤْذِي لَكِنَّ هَذَا أَقَلُّ وَأَضْعَفُ مِمَّا يَكُونُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ ؛ فَهُوَ بِحَسَبِ كَمَالِ الصَّوْمِ وَنَقْصِهِ ، فَمَنْ كَانَ صَوْمُهُ كَامِلًا دَفَعَ الشَّيْطَانَ دَفْعًا لَا يَدْفَعُهُ دَفْعُ الصَّوْمِ النَّاقِصِ )) (4) اهـ.
وكثير من الناس اليوم جهلوا أو تجاهلوا أمر الشيطان فلم يدركوا مدى كيده وعداوته لبني آدم وحرصه على إخراجهم من رحمة الله ورضوانه وإيقاعهم في سخطه وغضبه ونيرانه ، قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [فاطر:6] ، وهي عداوة مستمرة إلى يوم القيامة وكل من انشغل في هذا الشهر الكريم بغير طاعة الله من المعاصي والذنوب واللهو واللعب والسهر وفي القيل والقال والنظر في الفضائيات وما فيها من سموم فقد خلص الشيطان إليه ونال منه بغيته ؛ وإن كيده لا يكاد ينحصر .
وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان جملة كبيرة من مكائده التي كاد بها عباد الله : (( ومن كيده للإنسان : أنه يورده الموارد التي يُخيل إليه أنّ فيها منفعته ، ثم يُصدِرُه المصادر التي فيها عطبه، ويتخلى عنه ويُسْلِمُه ويقف يَشْمَتُ به ويضحك منه ، فيأمره بالسرقة والزنا والقتل ويدل عليه ويفضحه قال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ } [الأنفال:48] ؛ فإنه تراءى للمشركين عند خروجهم إلى بدر في صورة سراقة بن مالك وقال : أنا جار لكم من بني كنانة أن يقصدوا أهلكم وذراريَكم بسوء ، فلما رأى عدوُّ الله جنود الله تعالى من الملائكة نزلت لنصر رسوله فرّ عنهم وأسلمهم كما قال حسان: دَلَّاهُمُ بِغُرُورٍ ثَمَّ أَسْلَمَهُمْ إِنَّ الْخَبِيثَ لمنْ وَالَاهُ غَرَّارُ
وكذلك فعل بالراهب الذي قتل المرأة وولدها ؛ أمره بالزنا ثم بقتلها ثم دلّ أهلها عليه وكشف أمره لهم ، ثمّ أمره بالسجود له فلمّا فعل فرَّ عنه وتركه وفيه أنزل الله سبحانه: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } [الحشر:16] ، وهذا السياق لا يختص بالذي ذكرتْ عنه هذه القصة، بل هو عام في كل من أطاع الشيطان في أمره له بالكفر لينصره ويقضي حاجته، فإنه يتبرأ منه ويسلمه كما يتبرأ من أوليائه جملة في النار ويقول لهم: {إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ } [إبراهيم:22] ، فأوردهم شرّ الموارد وتبرأ منهم كل البراءة .
ومن كيد عدو الله تعالى : أنه يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه ؛ فلا يجاهدونهم ، ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان، وقد أخبرنا الله سبحانه عنه بهذا فقال: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } [آل عمران:175] ، المعنى عند جميع المفسرين: يخوفكم بأوليائه. قال قتادة: ( يعظمهم في صدوركم، ولهذا قال: { فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } ، فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه خوفُ أولياء الشيطان، وكلما ضعف إيمان العبد قوي خوفه منهم ) .
ومن مكايده أنه يسحر العقل دائماً حتى يكيده ، ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله ، فيزين له الفعل الذي يضره حتى يخيل إليه أنه من أنفع الأشياء ، وينفر من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له حتى يخيَّل له أنه يضره ، فلا إله إلا الله !! كم فُتن بهذا السحر من إنسان ، وكم حال بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان! وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة، وشنّع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة ! وكم بهرج من الزُّيوف على الناقدين، وكم روّج من الزغل على العارفين ! فهو الذي سحر العقول حتى ألقى أربابها في الأهواء المختلفة والآراء المتشعبة، وسلك بهم في سبل الضلال كل مسلك ، وألقاهم من المهالك في مهلك بعد مهلك ، وزين لهم من عبادة الأصنام وقطيعة الأرحام ووأد البنات ونكاح الأمهات ووعدهم الفوز بالجنات مع الكفر والفسوق والعصيان ، وأبرز لهم الشرك في صورة التعظيم ، والكفر بصفات الرب تعالى وعلوه على عرشه وتكلمه بكتبه في قالب التنزيه، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في قالب التودد إلى الناس وحُسن الخلق معهم والعمل بقوله: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ } [المائدة:105] ، والإعراض عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في قالب التقليد والاكتفاء بقول من هو أعلم منهم ، والنفاق والإدهان في دين الله في قالب العقل المعيشي الذي يندرج به العبد بين الناس . فهو صاحب الأبوين حين أخرجهما من الجنة ، وصاحب قابيل حين قتل أخاه ، وصاحب قوم نوح حين أُغرِقوا ، وقوم عاد حين أهلِكوا بالريح العقيم ، وصاحب قوم صالح حين أهلكوا بالصيحة ، وصاحب الأمة اللوطية حين خُسف بهم وأتبِعوا بالرجم بالحجارة ، وصاحب فرعون وقومه حين أخِذوا الأخذة الرابية ، وصاحب عبَّاد العجل حين جرى عليهم ما جرى، وصاحب قريش حين دعوا يوم بدر، وصاحب كل هالك ومفتون)) (5) اهـ.
فهذا هو العدو قد ظهرت أوصافه وبدت علاماته وملامحه ، يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ويأخذ بأي طريق يتحقق له به ذلك . قال بعض السلف : (( وما أمر الله عز وجل بأمرٍ إلا وللشيطان فيه نزغتان: إما تقصيرٌ وتفريطٌ ، وإما إفراطٌ وغلوٌّ ، فلا يبالي بما ظفر من العبد من الخطيئتين))(6)، فلينظر كل واحد إلى نفسه وأفعاله هل فيها استجابة للشيطان وحبائله ؛ فيتدارك نفسه بالتوبة إلى الله والإقلاع عما هو فيه من ضلالٍ وشرٍ ويعلن العداوة لهذا العدو اللدود ، أم أنه في حماية الله وحفظه ؛ فيشكر الله على ذلك ويسأله الثبات ويسعى في الاستزادة من فعل الصالحات ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ كثيراً بالله من الشيطان ويعلِّم أصحابه ذلك {وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [97] وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} [المؤمنون:97-98] ؛ اللهم إنا نعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه.
(1) البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ للبخاري .
(2)سنن النسائي (2105) ، المسند (13408) .
(3) الترمذي (682)، وابن ماجه (1642)، واللفظ للترمذي .
(4) مجموع الفتاوى لابن تيمية (25/246).
(5) إغاثة اللهفان لابن القيم (1/125ـ 128).
(6) الوابل الصيب (ص: 29).
*******************************************************
أسرار الاقتران في القرآن 3
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
إنّ الإيمان في القرآن الكريم مرتبط بالعمل ومقترنٌ به لا انفكاك بينهما في مواضع كثيرة من الآيات المكية والمدنية وما هو إلا تأصيل لارتباط الأقوال بالأفعال والجِنات بالأركان وإن دعوى الإيمان مجردة عن الاستجابة لأوامر الله واجتناب نواهيه دعوىً مردودة فإن المحب لمن يحب مطيع ولا يصدق القول إلا العمل.
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما.. جُعل اللسان على الفؤادِ دليلا
بل الأعمالُ الصالحة سببٌ لزيادة الايمان، والارتقاء بصاحبه إلى مقاماته العالية التي تحمله إلى درجة الاحسان والتقوى والشكر، ومِنْ هنا كان الأنبياءُ أكثرَ الناس عملاً ومجاهدةً في الله، وكذلك الأعمال السيئة فإنها تجرح الايمان وتنقصه فيتخلط نورُ الطاعة بظلمة المعصية، وربما انعكست على مظهره ومخبره، فإذا ما تمادى مصرا مستكبرا ربَّما قاده ذلك إلى سوء خاتمة وبئست العاقبة.
وللاستدلال على هذا العلم القرآني يحلو لنا أن نولي وجوهنا شطر تلك الآيات التي تقرن بين الجنة والنار والثواب والعقاب أو بين تلك الآيات التي إذا ما انتهت بشديد العقاب تبعتها اللاحقة بالغفور الرحيم، ولا يُبالغ في الخوف إلى درجة القنوط من رحمة الله، بل الرجاء والخوف عندنا جناحان لطائرٍ واحد لا يستقيم الايمانُ إلا بهما معاً.
ولقد خَان البعض في سلوكهم إلى الله بالإفراط في أحد هذين المقامين العظيمين، وربما أنشأوا مريديهم على الخوف وحده فقادهم إلى خلل في السلوك وفي الطريق، ولكن حكَم ربانية في اقتران الرحمة الإلهية فضلاً منه ومنة بعذابه سبحانه، عدلاً منه وحكمة يستمد منها المنهج القرآني تربيةً وتهذيباً، تخليةً وتَحلية، فإنّ الأصلَ في صفات الله العلية هي الرحمة وما يَستلزمها من المغفرة والعطاء والمن.
ولذلك فإن كلمة الرّيح في كتاب الله ما إذا وردت في معرض النعمة والثواب ورَدت مفردةَ ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ﴾ أما إذا وردت في معرض النقمة والعقاب وردت جمعاً ﴿َأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ﴾ إشارة إلى أن رحمة الله قد غلبت غضبه وأن نِعَمهُ سبحانه، قد فاقت نقمته وأنه سبحانه إن عاَقب بِمحْض عدله وإن جاوز ورحم فبِمحض فضله، وما عقوبة الله إلا صيحةٌ واحدة أو ريح واحدة عقيم ما أتت على شيء إلا جعلته كالرميم.
ومن هنا كان النبي، صلى الله عليه وسلم، إذا ما هبت الريح قال: (اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا رِيَاحًا وَلا تَجْعَلْهَا رِيحًا) أي اجعلها نعمة وثواباً ولا تجعلها نقمة وعقاباً. ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى في معرض منه على سيدنا نوح وقومه أشار إلى أنه نجاهم بمجرد ﴿ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ﴾ وكذلك نجى نبيه محمداً، صلى الله عليه وسلم، بنسيج العنكبوت بينما لم تغن الحصون عن أولئك الذين ظنوا أنها مانعتهم من الله.
إن القرآن الكريم يُقرن بين الصبر والصلاة فهما أمران متلازمان لا يتم أحدهما إلا بالآخر.، قال تعالى ﴿َاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ﴾، ويقول تعالى: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾. ويقول تعالى ﴿َالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾. فلا يكون الصبر جميلا لا جزع فيه إلا إذا اقترن بالصلاة فتنقلب مرارته إلى حلاوة.
الصلاة، الصبر والزكاة
الصلاة مقترنة بالصبر ومقترنة بالزكاة دائماً كما في قوله تعالى «وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاْةِ» فالأولى عبادة بدنية والثانية عبادة مالية لا يتم أحدهما إلا بالآخر، فالإسلام دين متكامل لا يتجزأ أبداً، ولذلك فإن سيدنا أبوبكر الصديق قد سَلَّ السيف على البغاة الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة فهو أول من نبه إلى هذا العلم العظيم، وكذلك الصبر يقترن بالشكر في كتاب الله لأنهما جناحان متلازمان لطائر واحد ورأسه المحبة يطير بها إلى الله.
*******************************************************
رمضان وسلامة الصدور والألسن
رمضان المبارك فرصة ذهبية وهِبة إِلهِيَة لتسلَم الصدور والألسن من كل الأدواء والسخائم؛ فليست العبرة بالصيام أن تمتنع عن الطعام والشراب ويفطر قلبك على الحقد والحسد والبغضاء لعباد الله ، أو يفطر لسانك على الغيبة والنميمة والغش والكذب والسباب والشتم ؛ فإنَّ من كان كذلك لم يستفد من صيامه إلا الجوع والعطش، ففي الحديث: ((رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ)) رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاغنم شهر الخير في إصلاح قلبك وصيانة لسانك، بلغك الله إياه وبلغك فيه رضاه.
*******************************************************
موسى بن نصير الفاتح الذي لم تُهزم له راية
موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد ولد زمن عمر بن الخطاب سنة 19 هـ في قرية كفر مثري بالجليل في فلسطين الشام، فاتح بلاد الأندلس وأحد الذين غزو البر الأفريقي في خلافة عبد الملك بن مروان، متابعاً الغزو والفتح في خلافة الوليد بن عبد الملك.
الدكتور عبد الحليم إبراهيم حسن، كبير وعّاظ في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، يحدثنا عن هذا القائد المظفر:
أرسل موسى مولاه طارق بن زياد لغزو إسبانيا، ثم لحق به متوغلاً في تلك البلاد، ليعود ومعه مولاه طارق إلى الشام بمكاسب ومغانم عظيمة، مرسياً لأول مرة قدم الإسلام في تلك البلاد الغربية النائية، والغريب في الأمر أن نهاية هذا الفاتح العظيم انتهت بالغدر به فعاش مشرداً مختفياً وكأنه لم يكن ذلك القائد العظيم.
أجل، لقد دخل الإسلام إلى بلاد الشمال الأفريقي قبل فتح الأندلس بسبعين سنة أي سنة 22 هـ وكانت تسكن هذا الإقليم قبائل قوية، وقد ارتدت عن الإسلام أكثر من قبيلة، إلى أن انتهت الأمور باستقرار الإسلام في هذا الإقليم عام 85 هـ وقد كان موسى بن نصير القائد البارع التقي الورع هو الذي ثبَت الله به الإسلام في هذه المنطقة المترامية الأطراف، أما أبوه فهو نصير، فقد قال عنه ابن خلكان: كان عاقلاً كريماً شجاعاً ورعاً تقياً لم يهزم له جيش قط .
وبلغ في الرتب مكانة عالية في عهد معاوية حين كان والياً على الشام، وقد روى التاريخ شجاعة أم موسى، فلقد شهدت هي أيضاً جولة من جولات اليرموك التي تقهقر فيها المسلمون، أبصرت أم موسى رجلاً من كفار العجم يأسر رجلاً من المسلمين تقول: فأخذت عمود الفسطاط ثم دنوت منه فشدخت به رأسه.
تربى موسى بن النصير في كنف القادة قريباً من بيت الخلافة مع أولاد معاوية وأولاد الأمراء والخلفاء، فنشأ على حب الجهاد في سبيل الله ونشر الدين حتى أصبح شاباً يافعاً تقّلد الرتب والمناصب وغزا قبرص في عهد معاوية وأنجز ما عجز عنه من قبله إذ نظّم القوات الإسلامية في المغرب، وحين اشتد القحط أمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، ثم صلّى وخطب ودعا فسُقوا حتى رووا.
وقد نجح في فهم أسباب الردة إذ رأى أن من سبقه كانوا يفتحون البلاد فتحاً سريعاً ثم يتوغلون داخلها دون أن يوفروا الحماية لظهورهم وهذا ما حصل لعقبة بن نافع، فبدأ موسى يتقدم خطوة خطوة ثم يؤّمن ظهره، حتى أتم الله عليه الفتح، أما الخطأ الثاني: فقد وجد أن الناس لم يتعلموا الإسلام جيداً فجلب العلماء من الشام والحجاز ليعلموهم الإسلام، فأقبلوا عليه وأحبوه وصاروا جنداً للإسلام بعد أن كانوا أعداءً له، وانتشر الإسلام في الشمال الأفريقي.
ولذلك كان موسى بن النصير القائد الذي تولى أمر بلاد المغرب، وأخمد الفتن، وقضى على الثورات، وقوّى الجيش، فأكرمه الله بالنصر والفتح.
لقد كان من أعظم رجال الحرب والإدارة في القرن الأول الهجري، وبدت حكمته في إخماد الفتن، ومعرفة نفسية الشعوب.
ومن مآثره أنه وفد على الوليد بن عبد الملك في دمشق في يوم جمعة والوليد على المنبر فدخل موسى ومعه ثلاثون غلاماً من أبناء الملوك الذين أسرهم، وقد ألبسهم تيجان الملوك مع ما معهم من الخدم والحشم. رحمه الله وجزاه الله كل خير عن الإسلام والمسلمين.
*******************************************************
رجل استحق لعنة الله
ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه حمار قد وسم في وجهه فقال: «لعن الله الذي وسمه» وفي رواية في المسند: "قد وسم في وجهه، يدخن منخراه"، فسبحان الله حمار يدخن منخراه بسبب العدوان عليه بوسمه في وجهه فيلعن الله فاعله، فكيف بمن يدخن بسبب عدوانه أشلاء من البشر يفجر نفسه بينهم فيتطاير دخان اجرامه ونار عدوانه، نعوذ بالله من سبيل الزائغين.
*******************************************************
ذهب الكلام:ما يضر الشاة سلخها بعد ذبحها؟
من تراث العرب والمسلمين، أن سيدنا عبد الله بن الزبير وقف ضداً ليزيد بن معاوية حين وَرِثَ الأخير الحُكمَ عَن أبيه فَلمّا ماتَ يَزيد ونُحّي ابنُه وتولى مروان بن الحكم، استفحل أمَرُ عبد الله بن الزبير وامتدَّ سُلطانُه حتى ضَمَّ الحجاز واليمن والعراق وخراسان، إلى أنْ مات مروان بن الحكم ودعا ابنه عبد الملك لنفسه وأجابَه أهلُ الشامِ فعقد للحجاج بن يوسف الثقفي ليُقاتل ابن الزبير ويقضي على مُلكِه.
ويُروى أنَّ الحجاجَ حاصرَ ابن الزبير في الحرم قريباً مِن سَبعَةِ أشهُر يَرميهِ بالمنجنيق. فَتَفَرَّقَ الناسُ عَنه، فدخل عبدُالله على أُمِّه قائلاً : يا أمُّاه قد خذلني الناس حتى ولدي وأهلي ولَم يبقَ معي إلا اليسير ومن ليس عنده أكثر مِن صَبر ساعة والقوم يعطونني ما أردت من الدنيا؛ فما رأيك؟ (يقصد أن بني أمية يساومونه على أن يترك لهم الأمر ويوفرون له ما أراد مِن أمر الدنيا).
فقالت أمه: يا بُنَي أنتَ أعلَمُ بِنَفسِك، إنْ كُنتَ تَعلَمُ أنّكَ على حَقٍّ وإليه تدعو فامضِ لَه فقد قُتِلَ عليه أصحابُك (ولا تُمَكِّن مِن رقبتكَ فيتلاعُبُ برأسِكَ غِلمانُ بَني أمية) وإنْ كُنتَ إنّما أرَدتَ الدُّنيا فَبِئسَ العَبدُ أنتْ أهلَكتَ نَفسَكَ ومَن قُتِلَ مَعَك، وإنْ قُلتَ : كُنتُ على الحقِّ فَلَمّا وَهَنَ أصحابي ضَعفتُ فهذا لَيسَ فِعلُ الأحرارِ ولا أهلُ الدّين، كَم خلودُك في الدنيا؟ القتلُ أحسن! لَم تُبقِ أسماءُ لابنِها خياراً أو قولاً إلا بَسَطَتهُ ووَزَنَتهُ وهي في ذلكَ الوقتِ في سنتها المئة لَم يَسقُط لها سِنٌّ ولَم يُنكر لها عقل. فقال عبدُالله يا أماه، أخافُ إنْ قَتَلني أهلُ الشامِ أنْ يُمَثِّلوا بي ويَصلِبوني.
عندها قالت أسماءُ قولَتَها المشهورة: يا بُني لا يَضُرُّ الشاةَ سَلخُها بَعدَ ذَبحِها، فامضِ على بَصيرَتِكَ واستعن بالله. فقال لها: هذا رأيي الذي قُمتُ به داعياً إلى يومي هذا، ما رَكَنتُ إلى الدُّنيا وما أحبَبتُ الحياةَ فيها وما دعاني إلى الخروجِ على القومِ إلا الغضبُ للهِ أنْ تُستَحَلَّ حُرماتُه ولكني أحبَبتُ أنْ أعلمَ رأيَكِ فقد زِدتِني بصيرة فانظُري يا أماه فإني مَقتولٌ في يومي هذا فلا يَشتَدَّنَّ حُزنُكِ.
وبالفعل قتل الحجاج عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، حيث رماه بالمنجنيق، وصلب جسده أياما حتى أتت أمه وقالت قولتها الشهيرة: يا حجاج (أما آن لهذا الفارس أن يترجل؟)، فأنزل ولدها ودفن. وسارت الركبان بمقولتيها الشهيرتين.
*******************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الشقاره
الشقاره
يا وطن فيك الغريره
والقيز والحوذلانه
اللي يقولك بونسيره
راهي وراها شطانه
ماهوش صافي ظميره
غازي مغيب وجانا
يا وطن فيك الشقاره
والقازول والبوبنادي
وسرب القطاءوالحباره
رفاقه لغزال الجلادي
اللي غازلك بالحضاره
قوله حكولي اجدادي
ياوطن فيك الخزامه
وورقمه وعود الخشينه
وعرفج وعود القضامه
منية الحرشه الزينه
اللي يقولك ع السلامه
الله يسلمه وشوف عينه
ياوطن فيك الجداري
وحلاب بخاش دره
وعوسززغصانه ايباري
عليه لريلي دار جره
اللي يخوفك بالطواري
قوله علي الريق مره
ياوطن برقه تواقد
ورحل سحابه وكوم
اواديه لاطم وعاقد
وسيله قراره معوم
اللي يقولك عز فاقد
قوله فقد صقر حوم
ياوطن فيك العضيده
ولمتربه وقلقلانه
وخزامه دلال الغديده
شبك بهمته بجيلبانه
اللي يقولك لك ضميده
قوله الضميده ضنانا
يا وطن فيك الخرنبوش
وتمير في لبط راوي
وقرعون في سيح مفروش
مراقيم فوق الكداوي
اللي يقولك هلك ماجوش
قوله لهم طبل داوي
ياوطن فيه شجرة الريح
وشوك اليبل والفليه
وقجرود مالي الفراويح
وترفاس لرض العفيه
اللي يقولك طحت وطيح
قوله الفارس عشيه
الشقاره
الشقاره
يا وطن فيك الغريره
والقيز والحوذلانه
اللي يقولك بونسيره
راهي وراها شطانه
ماهوش صافي ظميره
غازي مغيب وجانا
يا وطن فيك الشقاره
والقازول والبوبنادي
وسرب القطاءوالحباره
رفاقه لغزال الجلادي
اللي غازلك بالحضاره
قوله حكولي اجدادي
ياوطن فيك الخزامه
وورقمه وعود الخشينه
وعرفج وعود القضامه
منية الحرشه الزينه
اللي يقولك ع السلامه
الله يسلمه وشوف عينه
ياوطن فيك الجداري
وحلاب بخاش دره
وعوسززغصانه ايباري
عليه لريلي دار جره
اللي يخوفك بالطواري
قوله علي الريق مره
ياوطن برقه تواقد
ورحل سحابه وكوم
اواديه لاطم وعاقد
وسيله قراره معوم
اللي يقولك عز فاقد
قوله فقد صقر حوم
ياوطن فيك العضيده
ولمتربه وقلقلانه
وخزامه دلال الغديده
شبك بهمته بجيلبانه
اللي يقولك لك ضميده
قوله الضميده ضنانا
يا وطن فيك الخرنبوش
وتمير في لبط راوي
وقرعون في سيح مفروش
مراقيم فوق الكداوي
اللي يقولك هلك ماجوش
قوله لهم طبل داوي
ياوطن فيه شجرة الريح
وشوك اليبل والفليه
وقجرود مالي الفراويح
وترفاس لرض العفيه
اللي يقولك طحت وطيح
قوله الفارس عشيه
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
23 رمضان 1437هـ - 28 يونيو 2016م
مناجاة
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك
اللهم افتح لي في هذا اليوم أبواب فضلك وأنزل عليّ فيه بركاتك ووفقني فيه لموجبات مرضاتك وأسكنـّي فيه بحبوات جناتك يا مجيب دعوة المضطرين، اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك، «اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل، اللهم أكثر مالي، وولدي، وبارك لي فيما أعطيتني، اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت...اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت.
فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني. أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون».
يآُربَ فَي هًذّهً آُلَسٌآُعًهً أسٌآُلَكً آُلَرآُحُهً لَكًلَ مُسٌلَمُ ضآُقًتُ عًلَيهً دَنِيآُهً وذّرفَتُ عًينِآُهً يآُ إلَلَهً أفَرحُ قًلَوبَآُ أنِهًكًهًآُ آُلَتُمُنِي وبَشَر أصْحُآُبَهًآُ بَفَرحُ لَآُيذّكًرهًمُ بَوجٍعًهًمُ وآُسٌعًدَ قًلَوبَهًمُ وأسٌعًدَنِآُ بَصْحُبَتُهًمُ.آُلَلَهًمُ إغْفَر لَوآُلَدَى وآُدَخِلَهًمُ جٍنِتُكً يآُأرحُمُ آُلَرآُحُمُينِ. أمُينِ.
اللهمَّ ارحَم ضعفَ إخواننا النازحين والمهجرين عن أرضهم في ليبيا . اللهمَّ إنّهم جياعٌ فأطعِمهم، وحفاة فاحمِلهم، عراة فاكسوهم ،ظمأ فاروهم ،ومظلومون فانتصِر لهم، يا قويّ يا عزيز، يا ربَّ العالمين
**************************************************
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك
اللهم افتح لي في هذا اليوم أبواب فضلك وأنزل عليّ فيه بركاتك ووفقني فيه لموجبات مرضاتك وأسكنـّي فيه بحبوات جناتك يا مجيب دعوة المضطرين، اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك، «اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت، ومن شر ما لم أعمل، اللهم أكثر مالي، وولدي، وبارك لي فيما أعطيتني، اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت...اللهم اغفر لي خطيئتي، وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت.
فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت. اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني. أنت الحي الذي لا يموت، والجن والإنس يموتون».
يآُربَ فَي هًذّهً آُلَسٌآُعًهً أسٌآُلَكً آُلَرآُحُهً لَكًلَ مُسٌلَمُ ضآُقًتُ عًلَيهً دَنِيآُهً وذّرفَتُ عًينِآُهً يآُ إلَلَهً أفَرحُ قًلَوبَآُ أنِهًكًهًآُ آُلَتُمُنِي وبَشَر أصْحُآُبَهًآُ بَفَرحُ لَآُيذّكًرهًمُ بَوجٍعًهًمُ وآُسٌعًدَ قًلَوبَهًمُ وأسٌعًدَنِآُ بَصْحُبَتُهًمُ.آُلَلَهًمُ إغْفَر لَوآُلَدَى وآُدَخِلَهًمُ جٍنِتُكً يآُأرحُمُ آُلَرآُحُمُينِ. أمُينِ.
اللهمَّ ارحَم ضعفَ إخواننا النازحين والمهجرين عن أرضهم في ليبيا . اللهمَّ إنّهم جياعٌ فأطعِمهم، وحفاة فاحمِلهم، عراة فاكسوهم ،ظمأ فاروهم ،ومظلومون فانتصِر لهم، يا قويّ يا عزيز، يا ربَّ العالمين
**************************************************
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها .
صحيح الجامع.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ " .
رواه البخاري ومسلم
عن سلمان بن عامر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر؛ فإنه بركة، فإن لم يجد تمرا، فالماء؛ فإنه طهور» ،
وقال:
«الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة» . رواه الترمذي
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر) رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام الأبد فلا صام ولا أفطر) رواه النسائي.
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السَّحَر) رواه مسلم.
**************************************************
ــ إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها .
صحيح الجامع.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ " .
رواه البخاري ومسلم
عن سلمان بن عامر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
«إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر؛ فإنه بركة، فإن لم يجد تمرا، فالماء؛ فإنه طهور» ،
وقال:
«الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم ثنتان: صدقة وصلة» . رواه الترمذي
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر) رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام الأبد فلا صام ولا أفطر) رواه النسائي.
عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السَّحَر) رواه مسلم.
**************************************************
الْجَنَّةُ دَارُ الْمَتَّقِينَ
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ))(1)
إن الجنة هي رحمة الله التي يرحم بها من يشاء من عباده ، وهي دار السلام دار الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، تجري من تحتها الأنهار ، قصورها لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وتربتها الزعفران وخيامها اللؤلؤ المجوف ، وهي نور يتلألأ ، وريحانة تهتز ، ونهر مطرد ، وفاكهة وخضرة ، وزوجات حسان ، فيها السدر المخضود ، والطلح المنضود ، والظل الممدود والماء المسكوب ، أهلها يأكلون فيها ويتنعمون ، ولا يمتخطون ، ولا يتغوطون ولا يبولون بل مسك يَرشح ، يحيَوْن ولا يموتون ، ويشبُّون ولا يهرمون ، وجوههم مسفرة ضاحكة مستبشرة فيها الجمال المبين ، فيها الأزواج من الحور العين ، كل نعيمها دائم ، وكل شيء فيها باسم ، فيها يرفع الحجاب وينظرون إلى وجه العزيز الوهاب ، ومهما أراد الواصفون المبدعون أن يصفوا كُنْهَ الجنة ونعيمها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً فهي فوق ما يتخيله الخيال وأعلى مما يخطر بالبال ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قَالَ اللَّهُ عز وجل : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ :{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ }[السجدة:17] )) (2) .
وإن أهل الجنة يدخلونها زمراً زمراً قال تعالى: { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا } [الزمر: 73] ، وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً ، لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ ، أَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ ، وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ ، وَأَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ ، أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ ))(3) .
وقد ثبت في السنة أن للجنة ثمانية أبواب ؛ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث لقيط بن عامر عندما خرج وافداً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : ((وَإِنَّ لِلْجَنَّةِ لَثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ مَا مِنْهُمَا بَابَانِ إِلَّا يَسِيرُ الرَّاكِبُ بَيْنَهُمَا سَبْعِينَ عَامًا))(4) ومن هذه الأبواب باب الريان الذي لا يدخل منه إلا الصائمون وقد تقدم في حلقات ماضية الحديث عنه وذكر الأدلة عليه ، وأما بقية أبوابها فقد سمي بعضها ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟ قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)) (5).
قال ابن القيم رحمه الله : (( لما سمت همة الصِّدِّيق إلى تكميل مراتب الإيمان وطمعت نفسه أن يُدعى من تلك الأبواب كلها فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يحصل ذلك لأحد من الناس ليسعى في العمل الذي ينال به ذلك ، فخبره بحصوله وبشره بأنه من أهله وكأنه قال: هل تكمل لأحد هذه المراتب فيدعى يوم القيامة من أبوابها كلها ؟ فلله ما أعلى هذه الهمة وأكبر هذه النفس))(6).
وقال الحافظ ابن حجر : (( فِي الْحَدِيث إِشْعَار بِقِلَّةِ مَنْ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَاب كُلّهَا ، وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمُرَاد مَا يُتَطَوَّع بِهِ مِنْ الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة لَا وَاجِبَاتهَا لِكَثْرَةِ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِالْوَاجِبَاتِ كُلّهَا ، بِخِلَافِ التَّطَوُّعَات فَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِجَمِيعِ أَنْوَاع التَّطَوُّعَات ، ثُمَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا يُدْعَى مِنْ جَمِيع الْأَبْوَاب عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم لَهُ ، وَإِلَّا فَدُخُوله إِنَّمَا يَكُون مِنْ بَاب وَاحِد ، وَلَعَلَّهُ بَاب الْعَمَل الَّذِي يَكُون أَغْلَب عَلَيْهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ))(7) اهـ.
وأهل الجنة لذاتهم لا تنفد ونعيمهم لا ينقطع { أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا }[الرعد: 35] ، وإن أعلى ما يتنعم به أهل الجنة وألذّه على الإطلاق رؤياهم الله تبارك وتعالى ونظرهم إليه في الجنة قال تعالى: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26]، وقال تعالى: { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } [ق: 35]، وقد فُسِّرت الزيادة والمزيد برؤيته سبحانه في الجنة ، ففي صحيح مسلم عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا !! أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ !! قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } ))( .
والجنة هي سلعة الله الغالية لا تنال بالتمني وإنما تنال بتوحيد الله والإيمان والأعمال الصالحة ؛ وهذا ما دلَّ عليه القرآن والسنة الصحيحة وأعمالهم كثيرة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((عَمَلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ : الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى ، وَعَمَلُ أَهْلِ النَّارِ : الْكُفْرُ وَالْفُسُوقُ وَالْعِصْيَانُ ، فَأَعْمَالُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَالشَّهَادَتَانِ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ ، وَأَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : صِدْقُ الْحَدِيثِ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةُ الْأَرْحَامِ وَالْإِحْسَانُ إلَى الْجَارِ وَالْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ وَالْمَمْلُوكِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ وَالْمَحَبَّةُ لَهُ وَلِرَسُولِهِ وَخَشْيَةُ اللَّهِ وَرَجَاءُ رَحْمَتِهِ وَالْإِنَابَةُ إلَيْهِ وَالصَّبْرُ عَلَى حُكْمِهِ وَالشُّكْرُ لِنِعَمِهِ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَذِكْرُ اللَّهِ وَدُعَاؤُهُ وَمَسْأَلَتُهُ وَالرَّغْبَةُ إلَيْهِ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَك وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَك وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَك ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ الْجَنَّةَ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : الْعَدْلُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَعَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ حَتَّى الْكُفَّارِ . وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأَعْمَالِ )) (9) اهـ.
فليبادر كلُّ من عرف الجنة ونعيمها إلى المسابقة والمنافسة لتحصيلها والفوز بها ؛ فأبوابها مشرعة ومناراتها واضحة وسبلها بينة . اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل وسبيلها.
(1) البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ للبخاري .
(2) البخاري (3244)، ومسلم (2824) واللفظ للبخاري .
(3) البخاري (3327)، ومسلم (2834).
(4) المسند (16155) .
(5) البخاري (3666)، ومسلم (1027).
(6) حادي الأرواح (ص: 222).
(7) فتح الباري (7/35، كتاب فضائل الصحابة، باب لو كنت متخذا خليلا، حديث 3666).
( مسلم (181).
(9) مجموع الفتاوى ( 10/422).
**************************************************
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ))(1)
إن الجنة هي رحمة الله التي يرحم بها من يشاء من عباده ، وهي دار السلام دار الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، تجري من تحتها الأنهار ، قصورها لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وملاطها المسك الأذفر ، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ، وتربتها الزعفران وخيامها اللؤلؤ المجوف ، وهي نور يتلألأ ، وريحانة تهتز ، ونهر مطرد ، وفاكهة وخضرة ، وزوجات حسان ، فيها السدر المخضود ، والطلح المنضود ، والظل الممدود والماء المسكوب ، أهلها يأكلون فيها ويتنعمون ، ولا يمتخطون ، ولا يتغوطون ولا يبولون بل مسك يَرشح ، يحيَوْن ولا يموتون ، ويشبُّون ولا يهرمون ، وجوههم مسفرة ضاحكة مستبشرة فيها الجمال المبين ، فيها الأزواج من الحور العين ، كل نعيمها دائم ، وكل شيء فيها باسم ، فيها يرفع الحجاب وينظرون إلى وجه العزيز الوهاب ، ومهما أراد الواصفون المبدعون أن يصفوا كُنْهَ الجنة ونعيمها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً فهي فوق ما يتخيله الخيال وأعلى مما يخطر بالبال ، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((قَالَ اللَّهُ عز وجل : أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ :{ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ }[السجدة:17] )) (2) .
وإن أهل الجنة يدخلونها زمراً زمراً قال تعالى: { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا } [الزمر: 73] ، وثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّيٍّ فِي السَّمَاءِ إِضَاءَةً ، لَا يَبُولُونَ وَلَا يَتَغَوَّطُونَ وَلَا يَمْتَخِطُونَ وَلَا يَتْفُلُونَ ، أَمْشَاطُهُمْ الذَّهَبُ ، وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمْ الْأَلُوَّةُ ، وَأَزْوَاجُهُمْ الْحُورُ الْعِينُ ، أَخْلَاقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِي السَّمَاءِ ))(3) .
وقد ثبت في السنة أن للجنة ثمانية أبواب ؛ روى الإمام أحمد في مسنده من حديث لقيط بن عامر عندما خرج وافداً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفيه : ((وَإِنَّ لِلْجَنَّةِ لَثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ مَا مِنْهُمَا بَابَانِ إِلَّا يَسِيرُ الرَّاكِبُ بَيْنَهُمَا سَبْعِينَ عَامًا))(4) ومن هذه الأبواب باب الريان الذي لا يدخل منه إلا الصائمون وقد تقدم في حلقات ماضية الحديث عنه وذكر الأدلة عليه ، وأما بقية أبوابها فقد سمي بعضها ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا ؟ قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)) (5).
قال ابن القيم رحمه الله : (( لما سمت همة الصِّدِّيق إلى تكميل مراتب الإيمان وطمعت نفسه أن يُدعى من تلك الأبواب كلها فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل يحصل ذلك لأحد من الناس ليسعى في العمل الذي ينال به ذلك ، فخبره بحصوله وبشره بأنه من أهله وكأنه قال: هل تكمل لأحد هذه المراتب فيدعى يوم القيامة من أبوابها كلها ؟ فلله ما أعلى هذه الهمة وأكبر هذه النفس))(6).
وقال الحافظ ابن حجر : (( فِي الْحَدِيث إِشْعَار بِقِلَّةِ مَنْ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَاب كُلّهَا ، وَفِيهِ إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمُرَاد مَا يُتَطَوَّع بِهِ مِنْ الْأَعْمَال الْمَذْكُورَة لَا وَاجِبَاتهَا لِكَثْرَةِ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِالْوَاجِبَاتِ كُلّهَا ، بِخِلَافِ التَّطَوُّعَات فَقَلَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ الْعَمَل بِجَمِيعِ أَنْوَاع التَّطَوُّعَات ، ثُمَّ مَنْ يَجْتَمِع لَهُ ذَلِكَ إِنَّمَا يُدْعَى مِنْ جَمِيع الْأَبْوَاب عَلَى سَبِيل التَّكْرِيم لَهُ ، وَإِلَّا فَدُخُوله إِنَّمَا يَكُون مِنْ بَاب وَاحِد ، وَلَعَلَّهُ بَاب الْعَمَل الَّذِي يَكُون أَغْلَب عَلَيْهِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ))(7) اهـ.
وأهل الجنة لذاتهم لا تنفد ونعيمهم لا ينقطع { أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا }[الرعد: 35] ، وإن أعلى ما يتنعم به أهل الجنة وألذّه على الإطلاق رؤياهم الله تبارك وتعالى ونظرهم إليه في الجنة قال تعالى: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } [يونس: 26]، وقال تعالى: { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } [ق: 35]، وقد فُسِّرت الزيادة والمزيد برؤيته سبحانه في الجنة ، ففي صحيح مسلم عن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا !! أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنْ النَّارِ !! قَالَ فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: { لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ } ))( .
والجنة هي سلعة الله الغالية لا تنال بالتمني وإنما تنال بتوحيد الله والإيمان والأعمال الصالحة ؛ وهذا ما دلَّ عليه القرآن والسنة الصحيحة وأعمالهم كثيرة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((عَمَلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ : الْإِيمَانُ وَالتَّقْوَى ، وَعَمَلُ أَهْلِ النَّارِ : الْكُفْرُ وَالْفُسُوقُ وَالْعِصْيَانُ ، فَأَعْمَالُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْإِيمَانُ بِاَللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْإِيمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَالشَّهَادَتَانِ : شَهَادَةُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامُ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ وَصَوْمُ رَمَضَانَ وَحَجُّ الْبَيْتِ ، وَأَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاك . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : صِدْقُ الْحَدِيثِ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَالْوَفَاءُ بِالْعَهْدِ وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةُ الْأَرْحَامِ وَالْإِحْسَانُ إلَى الْجَارِ وَالْيَتِيمِ وَالْمِسْكِينِ وَالْمَمْلُوكِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ وَالْبَهَائِمِ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيْهِ وَالْمَحَبَّةُ لَهُ وَلِرَسُولِهِ وَخَشْيَةُ اللَّهِ وَرَجَاءُ رَحْمَتِهِ وَالْإِنَابَةُ إلَيْهِ وَالصَّبْرُ عَلَى حُكْمِهِ وَالشُّكْرُ لِنِعَمِهِ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَذِكْرُ اللَّهِ وَدُعَاؤُهُ وَمَسْأَلَتُهُ وَالرَّغْبَةُ إلَيْهِ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَك وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَك وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَك ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ الْجَنَّةَ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاَللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . وَمِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : الْعَدْلُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَعَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ حَتَّى الْكُفَّارِ . وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأَعْمَالِ )) (9) اهـ.
فليبادر كلُّ من عرف الجنة ونعيمها إلى المسابقة والمنافسة لتحصيلها والفوز بها ؛ فأبوابها مشرعة ومناراتها واضحة وسبلها بينة . اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل وسبيلها.
(1) البخاري (3277)، ومسلم (1079) واللفظ للبخاري .
(2) البخاري (3244)، ومسلم (2824) واللفظ للبخاري .
(3) البخاري (3327)، ومسلم (2834).
(4) المسند (16155) .
(5) البخاري (3666)، ومسلم (1027).
(6) حادي الأرواح (ص: 222).
(7) فتح الباري (7/35، كتاب فضائل الصحابة، باب لو كنت متخذا خليلا، حديث 3666).
( مسلم (181).
(9) مجموع الفتاوى ( 10/422).
**************************************************
روائع الاستنباط من القرآن:سِتْر الحَرمَ من الكرم
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
إنّ للإمام ابن الجوزي في كتابه وحْي الخاطر إشارات دقيقة ولمحات رقيقة في استلال الاستنباطات القرآنية الخفية التي قلَّما تخطر ببال وها هو يجود ويقول إن الله سبحانه وتعالى نهى آدم وحوَّاء كليهما أن يقربا الشجرة «لا تقربا هذه الشجرة» فأكلا منها فكان ذلك معصية لا شك لله إلا أن المولى سبحانه وتعالى نسَب المعصية إلى آدم تصريحاً ولم ينسْبها إلى حّواء لا تصريحاً ولا تلميحاً لماذا؟
قال ابن الجوزي لأن سِتْر الحَرمَ من الكرم.
المسؤولية الزوجية وللهِ دَر القرطبي في استنباط قرآني أدَقَّ وأرق حيث نبّه على قوله تعالى محذّراً آدم وحواء: (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) قال رحمه الله– جاء النهي من الله لهما معاً (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا) فإن أخرجهما الشيطان من الجنّة إلى الأرض دار التكليف فإن المسؤولية الزوجية تقع على عاتق سيدنا آدم– عليه السلام– وخاصة النفقة الشرعية لذلك انتقل الخطاب من التثنية إلى الإفراد، فقال: (فَتَشْقَى) أي أنت يا آدم ولم يقل تشقيان.
مملكة المرأة...إن هذا الواجب الذي قد نُفِرطُ فيه أحياناً قد نبهَّ المولى - سبحانه وتعالى- أبانا آدم إليها – عليه السلام- وهو في الجَنّة قبل أن ينتقل إلى دار التكليف وهو لايزال في ربوع الجنان بياناً لخطورته وأهميته وعظم أجره وثوابه. فتبقى حواء في بيتها عزيزة كريمة ويغدو آدم بحثاً عن الرزق.
ومرةً أخرى يلفت العلماء إلى خطاب الله لسيدنا آدم (اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) فكان التعبير بالزوجية وكذلك عندما خاطب الله – سبحانه وتعالى- نبيه الكريم فقال: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ....) بينما قال في قصة نوح (اِمْرَأَةَ نُوحٍ) وعن فرعون (اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ).
قالوا: لأن الزوجّية مشاكلةٌ ومجانسة وموافقةٌ والموافقة فرع للمرافقة لذلك لما كان سّيدنا نوح – عليه السلام – مؤمنا وامرأته كافرة وكذلك سّيدنا لوط عليهما السلام وكانت امرأة فرعون آسية مؤمنة وفرعون كافر لا يسلمون من الأذى والخيانة فأين التوافق والتجانس؟ لذلك جاء التعبير بامرأة في هذا المقام.
ولكنْ لماذا عبرّ القرآن بامرأة عمران مع أنها مؤمنة وزوجها مؤمن وأكرِمْ وأنْعِم بها من زوجة؟
(إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً)
والجواب أنّ الله وصفها بامرأة ولم يصفها بالزوجية في هذا المقام لأن زوجها قد تُوفِي عنها فانقطعت حبال الزوجية فهي الآن امرأة عمران وليست زوجة عمران.
أحكام المرأة
وإذا تأملنا الأحكام المتعلقة بالمرأة أماً أو زوجة أو أختا مطلّقة أو معلقّة حاضنة أو مرضعة نجدها ممّا استأثر المولى سبحانه وتعالى بنفسه العلية بيانها فلم يذكرها في القرآن مجملاً ليتولى بيانها الرسول الكريم بسنّته الشريفة كأحكام العبادات ولم يذكر قواعدها الكلية العامة، وثم يتولى المجتهدون بيان متغيراتها ومستجداتها وإنما فصَّل المولى سبحانه بنفسه العليَّة أحكامها في سور كثيرة من كتاب الله، في البقرة وآل عمران والنساء وسورة مريم والأحزاب والتغابن والطلاق وغيرها لأنّ جل أحكامها من الثوابت التي لا تقبل التغيير ولا التبديل مما تتعلق بالنفس الإنسانية التي لا يعلم حقيقتها إلا الله، وفي استئثار المولى لبيان هذه الأحكام حفظ لحقوق المرأة ولن تتأثر بعوادي الزمن لأنها قرآن يتلى إلى يوم الدين.
الخطاب القرآني للمرأة
القرآن الكريم فيه أسلوب في الخطاب للمرأة أُماً يختلف عن خطابه للرجل أباً فعندما يخاطب الأم فيقول: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ)، فلا يأتي الأمر تصريحاً مباشراً وإنما بصيغة الإخبار ولكن ينطوي في طياته على أمر غير مباشر لأن الخطاب متوجه إلى الأمّ مراعاة لمشاعرها ولكونها مفطورة مجبولة على الرّضاعة بحكم حنان الأمومة ولكن عندما خاطب القرآن الأب بياناً لواجبه قال سبحانه: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وهذا أمر صريح جلي بصيغة «على» الدالة على أقوى درجات الأمر.
**************************************************
زيد بن ثابت جامع القرآن الكريم
كل مسلم يتلو من كتاب الله سبحانه ولو كلمة؛ فإن لزيد بن ثابت منها حظه من الأجر والمثوبة، فإن كان مما يبقى للمرء من عمله بعد موته علم ينتفع به، فكيف بمن جمع القرآن الكريم، فكان بفضل الله وتقديره سبباً من أسباب حفظه من التحريف والضياع، تحقيقاً لوعده سبحانه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فما أعظمه من فضل ادخره الله سبحانه لهذا الشاب اليافع، الذي انبرى لهذه المهمة الثقيلة ولما يجاوز الثانية والعشرين من عمره.
فما قصة هذا الشاب العظيم؟ وكيف تأهل للقيام بهذه المهمة الكبيرة والخطيرة؟ عمر رسلان الباشا، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يجيب عن هذه الأسئلة:
إنه زيد بن ثابت، من بني النجار أخوال النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، هاجر النبي وعمره إحدى عشرة سنة، فأسلم مع أهله، وأراد الجهاد مع رسول الله، ولكن رده النبي صلى الله عليه وسلم في بدر وأحد، لصغر سنه، وكأني به إذ رده النبي عن أولى غزواته، أراد أن يخدم أمته ودينه في ميدان آخر تحتاجه الأمة، فتوجه إلى العلم، وعكف على كتاب الله سبحانه وتعالى حفظاً وتعلماً، حتى إذا أثبت نبوغه ونباهته واجتهاده، قربه النبي صلى الله عليه وسلم، وجعله من كتاب وحيه، ووجهه لتعلم اللغات الأجنبية التي يراسل بها الدول المجاورة، يقول زيـد بن ثابت: أُتيَ بي إلى النبي، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فقال: «تعلّمْ كتاب يهـود، فإنّي ما آمنهم على كتابي» ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهـر حتى حَذِقْتُـهُ، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له.
وعن ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتحسن السريانية؟» قلت: لا. قال: «فتعلمها فإنه تأتينا كتب». قال: فتعلمتها في سبعة عشر يومًا.
ثم يمضي زيد رضي الله عنه في ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ كل ما ينزل من كتاب الله عنه، حتى إنه قرأ عليه في العام الذي توفي فيه مرتين، وشهد العرضة الأخيرة للقرآن فكان يقرئ بها، ويعلمها الناس حتى مات رضي الله عنه.
وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن القرآن مجموعاً في مصحف، بل كان مبثوثاً في صدور الصحابة، ومفرقاً في صحائف عند هذا الصحابي أو ذاك، ونشبت حروب الردة، واستشرى القتل في القراء والحفظة، ففزع عمر بن الخطاب إلى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، يلح عليه أن يسارع إلى جمع القرآن، حفظاً له من الضياع بموت حفاظه وقرائه، فطوف الشيخان الجليلان ببصريهما، لينظرا من يصلح لحمل هذه الأمانة العظيمة، وتأدية هذا العمل الجلل؛ من عنده همة الشباب، وجلد الفتوة، ورجاحة العقل، ورسوخ العلم، فما وجدا خيراً من ذلك الشاب الذي كان يأمنه صلى الله عليه وسلم على كتابة الوحي، ومكاتبة الملوك والأمراء، ويشهد بعلمه وفضله القاصي والداني، حتى قال فيه ابن عباس: «لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم».
فدعاه أبو بكر وقال له: «إنك شاب عاقل، لا نتهمك» وكلفه جمع القرآن الكريم، فمضى رضي الله عنه يجمع الآيات السور من صدور الحفاظ، ومن مواطنها المكتوبة، ويقابل ويتحرى، حتى أتم الأمر، وأبلى البلاء العظيم في إنجازه، وهو يقول: «والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن».
فلله دره، ما أروع ما أنجز، وما أعظم ما قدم للأمة إلى قيام الساعة.
**************************************************
ذهب الكلام:عادت حليمة لعادتها القديمة
هذا المثل من أكثر الأمثال الشعبية شيوعاً، بل أكثرها تبايناً في روايات ومزاعم قصة المثل الذي يبدو أنه يمثل قصة أسطورة.
الرواية الأولى تقول إن حليمة هي زوجة حاتم الطائي الذي اشتهر بالكرم، بينما هي اشتهرت بالبخل. فكانت إذا أرادت أن تضيف سمناً إلى الطبخ قللت منه أشد الإقلال. فأراد حاتم أن يعلمها الكرم فقال لها: إن الأقدمين كانوا يقولون إن المرأة كلما وضعت ملعقة من السمن في قدر الطعام زاد الله عمرها يوماً. فأخذت حليمة تزيد ملاعق السمن في الطبخ حتى صار طعامها طيباً فتعودت يدها على السخاء.
ولكن شاء الله أن تفجع في ابنها الوحيد الذي كانت تحبه، فجزعت حتى تمنت الموت. وأخذت لذلك تقلل من وضع السمن في الطبخ حتى ينقص عمرها وتموت. فقال الناس: عادت حليمة إلى عادتها القديمة.
أما الرواية الثانية فتقول.. كانت الصغيرة حليمة؛ طفلة لم تبلغ الحلم، وكبعض الصغار، كانت (تبلل) الفراش كل ليلة، إلا أنها ما لبثت أن شبّت عن الطوق، مما جعل الأهل يظنون أنها تركت عادتها القديمة، وصارت من أجمل الفتيات اللائي يتمناهن الأمير والفقير، ولكن حليمة أحبت شاباً وسيماً معوزاً، وعملاً بالقاعدة المعروفة في مجتمعها، أسرّت ذات يوم لأمها أن قد: (نضج البلح يا أمي)، فكان لها ما أرادت. ولما حضر موكب الزفاف، لم تخرج حليمة من حجرتها. طلبها العريس وأهله، فلاذوا بأمها يسألون، عسى ألا تكون قد غيرت رأيها بابنهم الوسيم، إلا أن الأم همست لهم وهي تتلفت يمنة ويسرة قائلة: يا ناس لا تفضحونا.. (عادت حليمة لعادتها القديمة)!
القصة الثالثة للمثل نفسه خليجية، وتذهب إلى أنه في سابق الزمان، كانت هناك امرأة اسمها حليمة، تقوم كل يوم في الصباح، وتسرح بالغنم في الجبل.. وكانت كل ما وصلت قمة الجبل، صاحت بأعلى صوتها كأنها مجنونة، وتشتد في الصياح حتى يسمعها من في الوادي، كانت تعمد إلى هذه الطريقة كل صباح يومياً لمدة شهرين، وكان الناس يسمعونها ويدعون لها، وهم يظنون أنها مجنونة، وبعد هذين الشهرين، تعبت حليمة من كثرة الصياح، ووقفت لمدة يومين، هنا فرح الناس وارتاحوا من صياحها، ولما جاء اليوم الثالث، صعدت حليمة الجبل من جديد فجاءها ذئب يريد الغنم فصاحت حليمة تطلب النجدة، فسمعها من كانوا في الوادي وقالوا: (ردت حليمة لعادتها الجديمة).
وعموماً، فإن المثل يضرب لمن يتخلص من عادة سيئة، وتحسن صورته وسمعته بين الناس، ثم فجأة ينتكس ويعود إلى سوء عمله.
**************************************************
بيان جمعية رؤية حول تحري هلال شهر شوال لعام 1437 هـ :
تُشير الحسابات الفلكية إلى أن عملية الاقتران المركزي بين القمر والشمس بالنسبة للأرض، ستحدث بإذن الله سبحانه وتعالى يوم الاثنين 04 / 7 / 2016 على تمام الساعة 13:01 بتوقيت ليبيا، حيث سيكون القمر حينها على بعد 372 ألف كم عن الأرض.
وبعد غروب شمس هذا اليوم ستستحيل رؤية الهلال في كامل أنحاء ليبيا أو أي الدول العربية والإسلامية، سواء أكان ذلك بالعين المجردة أو حتى باستخدام أحدث وسائل الرصد العلمية والحديثة، وذلك بسبب غروب القمر قبل غروب الشمس في معظم الدول وتزامن غروبه مع غروبها في الدول الأخرى، الأمر الذي يعني أنه لن يكون هناك هلال أصلاً حتى يَتُمَّ تحري رؤيته مساء يوم الاثنين، وبذلك سيكون اليوم التالي الثلاثاء 05 / 07 / 2016 هو المتمم لعدة شهر رمضان ثلاثون يوماً في ليبيا وكل الدول العربية التي بدأت شهر رمضان يوم 06 / 6 / 2016.
وأما بالنسبة للدول التي بدأت شهر رمضان يوم 07 / 06 / 2016، فإن يوم التاسع والعشرين منه سيوافق يوم الثلاثاء 05 / 07 / 2016، وفي مساء هذا اليوم سيمكن رؤية الهلال من معظم مناطق العالم الإسلامي بالعين المجردة.
ظروف رصد الهلال من ليبيا مساء يوم الثلاثاء:
بعد غروب شمس هذا اليوم سيكون قد مضى على وقت حدوث الاقتران أكثر من 30 ساعة، يبتعد القمر خلالها عن الشمس بمقدار يسمح برؤية انعكاس ضوئها على سطحه الذي سيُضاء بمقدار 2.2 % من إضاءة القمر الكامل وهو ما يُعطي شكل هلال نحيل يُزين السماء، ويمكث فوق الأفق الغربي لمعظم المدن الليبية لمدة تتراوح بين ( 46 إلى 52 دقيقة ) سيمكن خلالها رؤيته بسهولة يسار مكان غروب قرص الشمس وأفضل وقت لرؤيته بالعين المجردة سيكون بعد آذان المغرب بربع ساعة ، حيث سيكون الهلال حينها مرتفعاً فوق الأفق (مستوى الأرض) بـ 5 درجات سماوية تقريباً ومبتعد عن مكان غروب قرص الشمس بـ 12 درجة أفقية.
وبناءً على كل ما سبق توضيحه فإن أول أيام شهر شوال لعام 1437 هـ، سيكون بإذن الله سبحانه وتعالى يوم الأربعاء 06 / 07 / 2016 في ليبيا وكل الدول العربية ومعظم دول العالم الإسلامي، وسننقل لكم في حينه الإعلانات الرسمية لجهات الاختصاص في كل دولة لتأكيد موعد أول أيام عيد الفطر المبارك.
ختاماً نؤكد بأن كل ما جاء في هذا البيان يَهدف للاستفادة العلمية وتوضيح أهمية الحساب الفلكي في إثبات إمكانية الرؤية من عدمها وحساب أفضل الأوقات التي يمكن فيها رؤية الهلال.
جمعية رؤية لهواة الفلك... لرؤية أعمق من حولنا.
**************************************************
الشاعر علي الكيلاني
العفنه
العفنه
يازين ما ترافق العفن
لا تخالطه لا يشرف
هو واقعه تسمر الجفن
والدمع منك يذرف
اللي دارلك عفنه تريح منه
الريحه العفنه تنكره مالصنه
ما ادير احسابه
سد ريحته العفنه وسكر بابه
والكسر يبرا وعلته في عيابه
داخل سطيره وفوق منه حنه
هو ريحك بالسيه
باب وقفلته ما تبيله جيه
وبي توجعك كانك كليت النيه
وكل من كلاء جيفه احشاه لونه
اللي دارلك بطاله
انفظ رقعته واكتب عليه ايزاله
وخدم علي حالك وهوا في حاله
سواياه وعيوبه ايجنه ايجنه
اللي دارلك مشغاله
احذف حيطه وانساه وانسي هباله
ودير وذن طرشه ما تبي مواله
يجي يوم يحصل في مصك حصنه
اللي كدرك يتكدر
ومن ديرته العفنه وهو محدر
يبان يوم في المشهد يجي مصدر
وفيسع فعاله فحفرته يحطنه
اللي وصلك للزله
فوته وعيبه سيبه ما تقله
يجيه صاحبه كيفه لسانه يسله
وتسمع عليه الناس شنه ورنه
اللي رعشك بي مكيده
وهي عاته ماهي عليه جديده
اتجيه المكيده صاخنه وبنت ايده
وليام. كيفما. دار بيكافنا
اللي طلعك من طورك
راهي المكيده ليه ماهي شورك
ويسمر ان راد الله كيف اسمورك
ويتعب وما يلقاش صدر محنه
ما تبعه لا ادور
ايجيك الخبر تسمع علي المتهور
هو في ظلام ايدور ونت منور
اليوم في الهناء وفي لاخره للجنه
هاذي نصيحت عارف
مجرب الدنيا وعاش عمره مطارف
ومفتك ملي رايهم متحارف
طالو السماء ولحسوا بسبع اللسنه
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
إنّ للإمام ابن الجوزي في كتابه وحْي الخاطر إشارات دقيقة ولمحات رقيقة في استلال الاستنباطات القرآنية الخفية التي قلَّما تخطر ببال وها هو يجود ويقول إن الله سبحانه وتعالى نهى آدم وحوَّاء كليهما أن يقربا الشجرة «لا تقربا هذه الشجرة» فأكلا منها فكان ذلك معصية لا شك لله إلا أن المولى سبحانه وتعالى نسَب المعصية إلى آدم تصريحاً ولم ينسْبها إلى حّواء لا تصريحاً ولا تلميحاً لماذا؟
قال ابن الجوزي لأن سِتْر الحَرمَ من الكرم.
المسؤولية الزوجية وللهِ دَر القرطبي في استنباط قرآني أدَقَّ وأرق حيث نبّه على قوله تعالى محذّراً آدم وحواء: (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى) قال رحمه الله– جاء النهي من الله لهما معاً (فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا) فإن أخرجهما الشيطان من الجنّة إلى الأرض دار التكليف فإن المسؤولية الزوجية تقع على عاتق سيدنا آدم– عليه السلام– وخاصة النفقة الشرعية لذلك انتقل الخطاب من التثنية إلى الإفراد، فقال: (فَتَشْقَى) أي أنت يا آدم ولم يقل تشقيان.
مملكة المرأة...إن هذا الواجب الذي قد نُفِرطُ فيه أحياناً قد نبهَّ المولى - سبحانه وتعالى- أبانا آدم إليها – عليه السلام- وهو في الجَنّة قبل أن ينتقل إلى دار التكليف وهو لايزال في ربوع الجنان بياناً لخطورته وأهميته وعظم أجره وثوابه. فتبقى حواء في بيتها عزيزة كريمة ويغدو آدم بحثاً عن الرزق.
ومرةً أخرى يلفت العلماء إلى خطاب الله لسيدنا آدم (اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) فكان التعبير بالزوجية وكذلك عندما خاطب الله – سبحانه وتعالى- نبيه الكريم فقال: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ....) بينما قال في قصة نوح (اِمْرَأَةَ نُوحٍ) وعن فرعون (اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ).
قالوا: لأن الزوجّية مشاكلةٌ ومجانسة وموافقةٌ والموافقة فرع للمرافقة لذلك لما كان سّيدنا نوح – عليه السلام – مؤمنا وامرأته كافرة وكذلك سّيدنا لوط عليهما السلام وكانت امرأة فرعون آسية مؤمنة وفرعون كافر لا يسلمون من الأذى والخيانة فأين التوافق والتجانس؟ لذلك جاء التعبير بامرأة في هذا المقام.
ولكنْ لماذا عبرّ القرآن بامرأة عمران مع أنها مؤمنة وزوجها مؤمن وأكرِمْ وأنْعِم بها من زوجة؟
(إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً)
والجواب أنّ الله وصفها بامرأة ولم يصفها بالزوجية في هذا المقام لأن زوجها قد تُوفِي عنها فانقطعت حبال الزوجية فهي الآن امرأة عمران وليست زوجة عمران.
أحكام المرأة
وإذا تأملنا الأحكام المتعلقة بالمرأة أماً أو زوجة أو أختا مطلّقة أو معلقّة حاضنة أو مرضعة نجدها ممّا استأثر المولى سبحانه وتعالى بنفسه العلية بيانها فلم يذكرها في القرآن مجملاً ليتولى بيانها الرسول الكريم بسنّته الشريفة كأحكام العبادات ولم يذكر قواعدها الكلية العامة، وثم يتولى المجتهدون بيان متغيراتها ومستجداتها وإنما فصَّل المولى سبحانه بنفسه العليَّة أحكامها في سور كثيرة من كتاب الله، في البقرة وآل عمران والنساء وسورة مريم والأحزاب والتغابن والطلاق وغيرها لأنّ جل أحكامها من الثوابت التي لا تقبل التغيير ولا التبديل مما تتعلق بالنفس الإنسانية التي لا يعلم حقيقتها إلا الله، وفي استئثار المولى لبيان هذه الأحكام حفظ لحقوق المرأة ولن تتأثر بعوادي الزمن لأنها قرآن يتلى إلى يوم الدين.
الخطاب القرآني للمرأة
القرآن الكريم فيه أسلوب في الخطاب للمرأة أُماً يختلف عن خطابه للرجل أباً فعندما يخاطب الأم فيقول: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ)، فلا يأتي الأمر تصريحاً مباشراً وإنما بصيغة الإخبار ولكن ينطوي في طياته على أمر غير مباشر لأن الخطاب متوجه إلى الأمّ مراعاة لمشاعرها ولكونها مفطورة مجبولة على الرّضاعة بحكم حنان الأمومة ولكن عندما خاطب القرآن الأب بياناً لواجبه قال سبحانه: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وهذا أمر صريح جلي بصيغة «على» الدالة على أقوى درجات الأمر.
**************************************************
زيد بن ثابت جامع القرآن الكريم
كل مسلم يتلو من كتاب الله سبحانه ولو كلمة؛ فإن لزيد بن ثابت منها حظه من الأجر والمثوبة، فإن كان مما يبقى للمرء من عمله بعد موته علم ينتفع به، فكيف بمن جمع القرآن الكريم، فكان بفضل الله وتقديره سبباً من أسباب حفظه من التحريف والضياع، تحقيقاً لوعده سبحانه (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) فما أعظمه من فضل ادخره الله سبحانه لهذا الشاب اليافع، الذي انبرى لهذه المهمة الثقيلة ولما يجاوز الثانية والعشرين من عمره.
فما قصة هذا الشاب العظيم؟ وكيف تأهل للقيام بهذه المهمة الكبيرة والخطيرة؟ عمر رسلان الباشا، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يجيب عن هذه الأسئلة:
إنه زيد بن ثابت، من بني النجار أخوال النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، هاجر النبي وعمره إحدى عشرة سنة، فأسلم مع أهله، وأراد الجهاد مع رسول الله، ولكن رده النبي صلى الله عليه وسلم في بدر وأحد، لصغر سنه، وكأني به إذ رده النبي عن أولى غزواته، أراد أن يخدم أمته ودينه في ميدان آخر تحتاجه الأمة، فتوجه إلى العلم، وعكف على كتاب الله سبحانه وتعالى حفظاً وتعلماً، حتى إذا أثبت نبوغه ونباهته واجتهاده، قربه النبي صلى الله عليه وسلم، وجعله من كتاب وحيه، ووجهه لتعلم اللغات الأجنبية التي يراسل بها الدول المجاورة، يقول زيـد بن ثابت: أُتيَ بي إلى النبي، فقيل: هذا من بني النجار، وقد قرأ سبع عشرة سورة، فقرأت عليه فأعجبه ذلك، فقال: «تعلّمْ كتاب يهـود، فإنّي ما آمنهم على كتابي» ففعلتُ، فما مضى لي نصف شهـر حتى حَذِقْتُـهُ، فكنت أكتب له إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأتُ له.
وعن ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتحسن السريانية؟» قلت: لا. قال: «فتعلمها فإنه تأتينا كتب». قال: فتعلمتها في سبعة عشر يومًا.
ثم يمضي زيد رضي الله عنه في ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم، وأخذ كل ما ينزل من كتاب الله عنه، حتى إنه قرأ عليه في العام الذي توفي فيه مرتين، وشهد العرضة الأخيرة للقرآن فكان يقرئ بها، ويعلمها الناس حتى مات رضي الله عنه.
وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن القرآن مجموعاً في مصحف، بل كان مبثوثاً في صدور الصحابة، ومفرقاً في صحائف عند هذا الصحابي أو ذاك، ونشبت حروب الردة، واستشرى القتل في القراء والحفظة، ففزع عمر بن الخطاب إلى الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، يلح عليه أن يسارع إلى جمع القرآن، حفظاً له من الضياع بموت حفاظه وقرائه، فطوف الشيخان الجليلان ببصريهما، لينظرا من يصلح لحمل هذه الأمانة العظيمة، وتأدية هذا العمل الجلل؛ من عنده همة الشباب، وجلد الفتوة، ورجاحة العقل، ورسوخ العلم، فما وجدا خيراً من ذلك الشاب الذي كان يأمنه صلى الله عليه وسلم على كتابة الوحي، ومكاتبة الملوك والأمراء، ويشهد بعلمه وفضله القاصي والداني، حتى قال فيه ابن عباس: «لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن زيد بن ثابت كان من الراسخين في العلم».
فدعاه أبو بكر وقال له: «إنك شاب عاقل، لا نتهمك» وكلفه جمع القرآن الكريم، فمضى رضي الله عنه يجمع الآيات السور من صدور الحفاظ، ومن مواطنها المكتوبة، ويقابل ويتحرى، حتى أتم الأمر، وأبلى البلاء العظيم في إنجازه، وهو يقول: «والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن».
فلله دره، ما أروع ما أنجز، وما أعظم ما قدم للأمة إلى قيام الساعة.
**************************************************
ذهب الكلام:عادت حليمة لعادتها القديمة
هذا المثل من أكثر الأمثال الشعبية شيوعاً، بل أكثرها تبايناً في روايات ومزاعم قصة المثل الذي يبدو أنه يمثل قصة أسطورة.
الرواية الأولى تقول إن حليمة هي زوجة حاتم الطائي الذي اشتهر بالكرم، بينما هي اشتهرت بالبخل. فكانت إذا أرادت أن تضيف سمناً إلى الطبخ قللت منه أشد الإقلال. فأراد حاتم أن يعلمها الكرم فقال لها: إن الأقدمين كانوا يقولون إن المرأة كلما وضعت ملعقة من السمن في قدر الطعام زاد الله عمرها يوماً. فأخذت حليمة تزيد ملاعق السمن في الطبخ حتى صار طعامها طيباً فتعودت يدها على السخاء.
ولكن شاء الله أن تفجع في ابنها الوحيد الذي كانت تحبه، فجزعت حتى تمنت الموت. وأخذت لذلك تقلل من وضع السمن في الطبخ حتى ينقص عمرها وتموت. فقال الناس: عادت حليمة إلى عادتها القديمة.
أما الرواية الثانية فتقول.. كانت الصغيرة حليمة؛ طفلة لم تبلغ الحلم، وكبعض الصغار، كانت (تبلل) الفراش كل ليلة، إلا أنها ما لبثت أن شبّت عن الطوق، مما جعل الأهل يظنون أنها تركت عادتها القديمة، وصارت من أجمل الفتيات اللائي يتمناهن الأمير والفقير، ولكن حليمة أحبت شاباً وسيماً معوزاً، وعملاً بالقاعدة المعروفة في مجتمعها، أسرّت ذات يوم لأمها أن قد: (نضج البلح يا أمي)، فكان لها ما أرادت. ولما حضر موكب الزفاف، لم تخرج حليمة من حجرتها. طلبها العريس وأهله، فلاذوا بأمها يسألون، عسى ألا تكون قد غيرت رأيها بابنهم الوسيم، إلا أن الأم همست لهم وهي تتلفت يمنة ويسرة قائلة: يا ناس لا تفضحونا.. (عادت حليمة لعادتها القديمة)!
القصة الثالثة للمثل نفسه خليجية، وتذهب إلى أنه في سابق الزمان، كانت هناك امرأة اسمها حليمة، تقوم كل يوم في الصباح، وتسرح بالغنم في الجبل.. وكانت كل ما وصلت قمة الجبل، صاحت بأعلى صوتها كأنها مجنونة، وتشتد في الصياح حتى يسمعها من في الوادي، كانت تعمد إلى هذه الطريقة كل صباح يومياً لمدة شهرين، وكان الناس يسمعونها ويدعون لها، وهم يظنون أنها مجنونة، وبعد هذين الشهرين، تعبت حليمة من كثرة الصياح، ووقفت لمدة يومين، هنا فرح الناس وارتاحوا من صياحها، ولما جاء اليوم الثالث، صعدت حليمة الجبل من جديد فجاءها ذئب يريد الغنم فصاحت حليمة تطلب النجدة، فسمعها من كانوا في الوادي وقالوا: (ردت حليمة لعادتها الجديمة).
وعموماً، فإن المثل يضرب لمن يتخلص من عادة سيئة، وتحسن صورته وسمعته بين الناس، ثم فجأة ينتكس ويعود إلى سوء عمله.
**************************************************
بيان جمعية رؤية حول تحري هلال شهر شوال لعام 1437 هـ :
تُشير الحسابات الفلكية إلى أن عملية الاقتران المركزي بين القمر والشمس بالنسبة للأرض، ستحدث بإذن الله سبحانه وتعالى يوم الاثنين 04 / 7 / 2016 على تمام الساعة 13:01 بتوقيت ليبيا، حيث سيكون القمر حينها على بعد 372 ألف كم عن الأرض.
وبعد غروب شمس هذا اليوم ستستحيل رؤية الهلال في كامل أنحاء ليبيا أو أي الدول العربية والإسلامية، سواء أكان ذلك بالعين المجردة أو حتى باستخدام أحدث وسائل الرصد العلمية والحديثة، وذلك بسبب غروب القمر قبل غروب الشمس في معظم الدول وتزامن غروبه مع غروبها في الدول الأخرى، الأمر الذي يعني أنه لن يكون هناك هلال أصلاً حتى يَتُمَّ تحري رؤيته مساء يوم الاثنين، وبذلك سيكون اليوم التالي الثلاثاء 05 / 07 / 2016 هو المتمم لعدة شهر رمضان ثلاثون يوماً في ليبيا وكل الدول العربية التي بدأت شهر رمضان يوم 06 / 6 / 2016.
وأما بالنسبة للدول التي بدأت شهر رمضان يوم 07 / 06 / 2016، فإن يوم التاسع والعشرين منه سيوافق يوم الثلاثاء 05 / 07 / 2016، وفي مساء هذا اليوم سيمكن رؤية الهلال من معظم مناطق العالم الإسلامي بالعين المجردة.
ظروف رصد الهلال من ليبيا مساء يوم الثلاثاء:
بعد غروب شمس هذا اليوم سيكون قد مضى على وقت حدوث الاقتران أكثر من 30 ساعة، يبتعد القمر خلالها عن الشمس بمقدار يسمح برؤية انعكاس ضوئها على سطحه الذي سيُضاء بمقدار 2.2 % من إضاءة القمر الكامل وهو ما يُعطي شكل هلال نحيل يُزين السماء، ويمكث فوق الأفق الغربي لمعظم المدن الليبية لمدة تتراوح بين ( 46 إلى 52 دقيقة ) سيمكن خلالها رؤيته بسهولة يسار مكان غروب قرص الشمس وأفضل وقت لرؤيته بالعين المجردة سيكون بعد آذان المغرب بربع ساعة ، حيث سيكون الهلال حينها مرتفعاً فوق الأفق (مستوى الأرض) بـ 5 درجات سماوية تقريباً ومبتعد عن مكان غروب قرص الشمس بـ 12 درجة أفقية.
وبناءً على كل ما سبق توضيحه فإن أول أيام شهر شوال لعام 1437 هـ، سيكون بإذن الله سبحانه وتعالى يوم الأربعاء 06 / 07 / 2016 في ليبيا وكل الدول العربية ومعظم دول العالم الإسلامي، وسننقل لكم في حينه الإعلانات الرسمية لجهات الاختصاص في كل دولة لتأكيد موعد أول أيام عيد الفطر المبارك.
ختاماً نؤكد بأن كل ما جاء في هذا البيان يَهدف للاستفادة العلمية وتوضيح أهمية الحساب الفلكي في إثبات إمكانية الرؤية من عدمها وحساب أفضل الأوقات التي يمكن فيها رؤية الهلال.
جمعية رؤية لهواة الفلك... لرؤية أعمق من حولنا.
**************************************************
الشاعر علي الكيلاني
العفنه
العفنه
يازين ما ترافق العفن
لا تخالطه لا يشرف
هو واقعه تسمر الجفن
والدمع منك يذرف
اللي دارلك عفنه تريح منه
الريحه العفنه تنكره مالصنه
ما ادير احسابه
سد ريحته العفنه وسكر بابه
والكسر يبرا وعلته في عيابه
داخل سطيره وفوق منه حنه
هو ريحك بالسيه
باب وقفلته ما تبيله جيه
وبي توجعك كانك كليت النيه
وكل من كلاء جيفه احشاه لونه
اللي دارلك بطاله
انفظ رقعته واكتب عليه ايزاله
وخدم علي حالك وهوا في حاله
سواياه وعيوبه ايجنه ايجنه
اللي دارلك مشغاله
احذف حيطه وانساه وانسي هباله
ودير وذن طرشه ما تبي مواله
يجي يوم يحصل في مصك حصنه
اللي كدرك يتكدر
ومن ديرته العفنه وهو محدر
يبان يوم في المشهد يجي مصدر
وفيسع فعاله فحفرته يحطنه
اللي وصلك للزله
فوته وعيبه سيبه ما تقله
يجيه صاحبه كيفه لسانه يسله
وتسمع عليه الناس شنه ورنه
اللي رعشك بي مكيده
وهي عاته ماهي عليه جديده
اتجيه المكيده صاخنه وبنت ايده
وليام. كيفما. دار بيكافنا
اللي طلعك من طورك
راهي المكيده ليه ماهي شورك
ويسمر ان راد الله كيف اسمورك
ويتعب وما يلقاش صدر محنه
ما تبعه لا ادور
ايجيك الخبر تسمع علي المتهور
هو في ظلام ايدور ونت منور
اليوم في الهناء وفي لاخره للجنه
هاذي نصيحت عارف
مجرب الدنيا وعاش عمره مطارف
ومفتك ملي رايهم متحارف
طالو السماء ولحسوا بسبع اللسنه
**********************************
حكاوي هلنا
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
24 رمضان 1437هـ - 29 يونيو 2016م
مناجاة
اللهم ارزق أمُي وأبي فرحاً وسعادة لا ينتهيان أبداً
اللهم اغسلني في هذا اليوم من الذنوب، وطهرني فيه من العيوب، وامتحن قلبي فيه بتقوى القلوب، يا مقيل عثرات المذنبين، اللهم آت نفسي تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها، يا رب ارزق أمُي وأبي فرحاً لا ينتهي وسعادةً تُنسِيهِم همومَ الدُنيا ومشاكلها وَارزقهم صحةً في البدن وَراحةً في القلب وَصفاءً في الذهن، اللهم اغفر لي ولوالدي ولمن أحسن إلّي، اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
************************************************
اللهم ارزق أمُي وأبي فرحاً وسعادة لا ينتهيان أبداً
اللهم اغسلني في هذا اليوم من الذنوب، وطهرني فيه من العيوب، وامتحن قلبي فيه بتقوى القلوب، يا مقيل عثرات المذنبين، اللهم آت نفسي تقواها، زكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها.
اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها، يا رب ارزق أمُي وأبي فرحاً لا ينتهي وسعادةً تُنسِيهِم همومَ الدُنيا ومشاكلها وَارزقهم صحةً في البدن وَراحةً في القلب وَصفاءً في الذهن، اللهم اغفر لي ولوالدي ولمن أحسن إلّي، اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والهرم والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
************************************************
عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
ــ السحور أكله بركة فلا تدعوه و لو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله و ملائكته يصلون على المتسحرين
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: مرني بأمر آخذه عنك، فقال: (عليك بالصوم، فإنه لا مثل له) رواه النسائي.
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصيام جُنّة من النار، كجنّة أحدكم من القتال) رواه ابن ماجه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
************************************************
ــ السحور أكله بركة فلا تدعوه و لو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله و ملائكته يصلون على المتسحرين
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: مرني بأمر آخذه عنك، فقال: (عليك بالصوم، فإنه لا مثل له) رواه النسائي.
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكّفرها الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر والنهي) متفق عليه.
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الصيام جُنّة من النار، كجنّة أحدكم من القتال) رواه ابن ماجه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الصيام جنّة وحصن حصين من النار) رواه أحمد.
************************************************
النَّارُ دَارُ الفُجِّارِ
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ)) (1) ، وعن عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ ، كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ )) (2) ، وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ : الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ ، وَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ )) (3) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَاعَدَهُ اللَّهُ مِنْ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا)) (4) والأحاديث في هذا الباب عديدة ، وقد مرّ معنا أن أبواب النار في شهر رمضان تغلق .
والنار – أجارنا الله منها - هي دار الذل والهوان والعذاب والخذلان ، صوتها الشهيق والزفير ، وصوت أهلها الصراخ والعويل ، أنينهم وعبراتهم لا تنقطع ، هم في بؤسٍ دائم وشقاء مستمر وندامة وبكاء ، الأغلال والسلاسل تجمَع بين أيديهم وأعناقهم ، يُسحبون على وجوههم في الحميم ثم في النار يسجرون ، لها ظلل من النار تضطرم من تحتهم ومن فوقهم ، هواها السموم ، وشراب أهلها الحميم { يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} [الحج:20] ، وطعامهم الزقوم {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ [45] كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } [الدخان:45-46] ، يدعون فيها بالموت فلا يُجابون ، ويسألون الله أن يخرجهم منها ويَعِدُون بعدم العود إلى ما كانوا فيه من غي وضلال فيقول لهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:108] ، ويطلبون من الملائكة الشفاعة أن يخفف الله عنهم العذاب ولو يوماً منه فيقولون لهم: { فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } [غافر:50] ، أخف أهلها عذاباً رجل توضع جمرتان في أخمص قدميه يغلي منهما دماغه ، أهلها في دركات نازلة بحسب قبح أعمالهم ؛ ففيها الكفار والمشركون والمنافقون وفيها العصاة والزناة والفاسقون ، ليس بين أهلها إلا اللوم والعتاب واللعن { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف:38] ، لا نجاة للأتباع ولا للمتبوعين ، لا يستطيعون إنقاذ أنفسهم من العذاب ولا إنقاذ أتباعهم ، إمامهم فيها إبليس يخطبهم ويتبرأ منهم ما لهم فيها من شافعين ولا صديق حميم ، فيا ندامة من كان من أهلها ويا خسارة من دخلها ، يساق أهلها إليها سوقاً عنيفاً بإذلالٍ وتحقير ، ويرِدونها عطاشاً ، ويحشرون فيها صماً وبكماً وعمياً ، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم من أهل النار يدخلون منه ، وهذه الأبواب تغلق على أصحابها فلا يستطيعون الخروج منها { عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ} [البلد:20] ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : "مغلقة الأبواب ".
والنار حرّها شديد وقعرها بعيد ، روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا ؛ فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ : نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ))(5)، وروى البخاري ومسلم واللفظ له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ، قَالُوا : وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا))(6).
ومن يدخل الجنة لا يشعر بما مر به من بؤس وشقاء ، ومن يدخل النار لا يشعر بما مر به من نعيم وهناء ، روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: ((يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ : يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ))(7).
وأما وقود جهنم فهو الناس والحجارة قال تعالى: { فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } [البقرة: 24] ، قال ابن جرير : " فإن قال قائل: وكيف خُصَّت الحجارة فقُرِنَت بالناس حتى جُعِلت لنار جهنم حطباً ؟ قيل : إنها حجارة الكبريت وهي أشد الحجارة فيما بلغنا حرًّا إذا أحميت .. وروى بإسناده إلى ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : { وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } قال : هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السموات والأرض في السماء الدنيا يعدُّها للكافرين "( .
قال القرطبي في شأن هذه الحجارة : ((وخُصَّت بذلك لأنها تزيد على جميع الأحجار بخمسة أنواع من العذاب : 1ـ سرعة الاتقاد 2ـ نتن الرائحة 3ـ كثرة الدخان 4ـ شدة الالتصاق بالأبدان 5ـ قوة حرّها إذا حَمِيَت))(9).
النار لا يستطيع الإنسان وصفها ولا وصف عذابها وإنما يكتفي بما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم عنها ، فعذابها فوق ما يخطر بالبال وأعظم مما يتخيله الخيال .
والنار هي عذاب الله يعذب بها من يشاء ممن يستحق العذاب من عباده ، ولا يدخلها أهلها إلا بسبب أعمالهم التي عملوها وبذنوبهم وآثامهم التي ارتكبوها وهي كثيرة ، وقد عدَّدَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جملة من أعظم أسبابها فقال : ((وأما عمل أهل النار : فمثل الإشراك بالله والتكذيب بالرسل والكفر والحسد والكذب والخيانة والظلم والفواحش والغدر وقطيعة الرحم والجبن عن الجهاد والبخل واختلاف السر والعلانية واليأس من روح الله والأمن من مكر الله والجزع عند المصائب والفخر والبطر عند النعم وترك فرائض الله واعتداء حدوده وانتهاك حرماته وخوف المخلوق دون الخالق ورجاء المخلوق دون الخالق والتوكل على المخلوق دون الخالق والعمل رياء وسمعة ومخالفة الكتاب والسنة وطاعة المخلوق في معصية الخالق والتعصب بالباطل والاستهزاء بآيات الله وجحد الحق والكتمان لما يجب إظهاره من علم وشهادة . ومن " عمل أهل النار " السحر وعقوق الوالدين وقتل النفس التي حرم الله بغير الحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والفرار من الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) (10) اهـ.
اللهم إنا نعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل ، اللهم أعتق رقابنا من النار في هذا الشهر يا رب العالمين .
(1) المسند (9197) .
(2) المسند ( 15687) ، وسنن ابن ماجه (1639) .
(3) المسند ( 14669).
(4) المسند ( 8336) .
(5) البخاري (3260)، ومسلم (617).
(6) البخاري (3265)، ومسلم (2843).
(7) مسلم (2807).
( تفسير الطبري ( سورة البقرة ، آية 24 )
(9) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/235 ، البقرة:24).
(10) مجموع الفتاوى (10/ 423ـ 424).
************************************************
عبدالله بن حذافة سفير رسول الله
لم يكن للتاريخ أن يغفل سيرة رجل قدم نموذجاً فريداً لعظمة الإسلام ودوره في صناعة الرجال، وكيف واجهوا بقوة إيمانهم ملوك الدنيا وقياصرة الأرض. إنه عبدالله بن حذافة السهمي الذي أتاح الإسلام له أن يلقى أعظم ملوك زمانه: كسرى عظيم الفرس، وقيصر عظيم الروم.
عدنان حسن الخطيب، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن مآثر هذا الصحابي الجليل.
لقد كان عبد الله واحداً من السابقين الذين هاجروا إلى الحبشة فراراً بدينهم، ولكنه ما لبث أن عاد إلى المدينة المنورة ليرهن نفسه لخدمة دين الله تعالى، وليكون واحداً ممن اختارهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لمهمة عظيمة ورحلة خطيرة، وهي حمل رسالة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى بعض ملوك الأعاجم.
ومضى عبدالله بكتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ مدائن فارس، ودخل بلاط كسرى، مشدود القامة، تتأجج بين جوانحه عزة الإسلام، ويتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان. وأبى أن يعطي كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا لكسرى يداً بيد، امتثالاً لأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم. ولما قرئ الكتاب على كسرى وفيه: من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى..) عندها تحركت فيه عنجهية الملك، وأخذته العزة بالإثم: كيف يبدأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، باسمه قبل اسم كسرى؟ فانفجر غاضباً، وأخذ الكتاب ومزقه، وأمر بعبد الله فأخرج من ديوانه. وخرج عبد الله مرتاح البال مطمئن النفس، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة.
وتمضي الأيام، وينطلق عبدالله في ركب المجاهدين لقتال الروم في عهد عمر بن الخطاب. ويقدر الله له أن يكون في جملة الأسرى في معارك (قيسارية) من أرض الشام. وكان ملك الروم يتابع الأحداث، وقد تناهت إليه أخبار المسلمين وما يتحلون به من صدق الإيمان واسترخاص النفس في سبيل الله، فأمر رجاله أن يأتوه بواحد من أسرى المسلمين. ووقع الاختيار على عبد الله، ولما حضر أمامه، أراد الملك أن يختبره، فعرض عليه أن يتنصر وقال له: إن فعلت خليت سبيلك، فأبى وقال: هيهات.. إن الموت لأحب إلي مما تدعونني إليه. وعرض عليه الملك من رغد العيش ومتع الدنيا ما تطمع له النفوس، فوجده جبلاً شامخاً لا يتزعزع.
عندها أمر الملك أن يقتادوه إلى قدر عظيمة فيها زيت مغلي، وأن يلقى فيها أحد الأسرى أمامه، على أمل أن يقبل بعرض الملك، فكان أشد إباء له من قبل. فلما يئس منه، أمر به أن يلقى في القدر. فلما همَّوا به دمعت عيناه، وظن الملك أنه قد جزع، فقال عبدالله: لا ترى أني بكيت جزعاً مما تريد أن تصنع بي، ولكني بكيت حيث ليس لي إلا نفسٌ واحدة يفعل بها هذا في الله، كنت أحب أن يكون لي من الأنفس عدد كل شعر فيَّ، ثم تسلّط عليَّ فتفعل بي هذا.
ذهل ملك الروم، وأسقط في يده، لقد فشل الوعد والوعيد، ولم ينفع معه إغراء ولا تهديد، أي معدن صنع هؤلاء الرجال؟ وأي إيمان هذا؟ عندها قال: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي سبيلك؟ فقال له عبد الله: وعن جميع أسرى المسلمين؟ قال: وعن جميع أسرى المسلمين. فلما استوثق من عرضه دنا منه وقبَّل رأسه، وبالفعل خلى الملك سبيله مع أصحابه الأسرى.
وقدم عبد الله بن حذافة على عمر بن الخطاب، وأخبره خبره، فسر به الفاروق أعظم السرور، ولما نظر إلى الأسرى قال: حق على كل مسلم أن يقبِّل رأس عبدالله بن حذافة، وأنا أبدأ بذلك. ثم قام وقبَّل رأسه.
************************************************
التسامح مع اليتيم أقصر الطرق لدخول الجنة
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
عندما نصف شخصاً بالتسامح؛ فإن هذا يعني أنه شخص كريم، سهل، متواضع، يحب الخير للناس، يحافظ على حقوقهم، ويكرمهم، ولا يترفّع على الضعيف ومن هو أقل منه، وإنما يقترب منه ويعطيه حقه ويتواضع معه، وقد اختبر الله الناس باليتيم، لينظر ما هم عاملون معه، وكيف سيحافظون على حقه، وهو مكسور لا أب له، ولم يبلغ بعد، لذا جاء في الدين تأكيد حقه، بعد أن كان لا حق له في الجاهلية، ورتب العقاب العظيم على من أكل ماله واستغل ضعفه، كما قال تعالى: «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً»، وهذا العقاب تأكد لأن اليتيم ضعيف، والضعيف تكون المسؤولية تجاهه مضاعفة، فلما كان العكس استحق هذا المفرّط الجزاء المغلّظ، ومنع الله عباده من التصرف في مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن «ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن»، وكما قال تعالى أيضاً «فأما اليتيم فلا تقهر» أي: لا تسئ معاملته، ولا يضيق صدرك عليه ولا تنهره، بل أكرمه وأعطه ما تيسر واصنع معه ما تحب أن تصنعه لولدك، وعد النبي عليه الصلاة والسلام أكل مال اليتيم من السبع الموبقات كما جاء في الحديث الصحيح، وفي المقابل جاء التشجيع والحث والمكافأة لمن أحسن إلى اليتيم وتعامل معه برفق وسهولة وكرم، قال عليه الصلاة والسلام: أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى«، كما أكد سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أن إكرام اليتيم سبيل الفوز بالجنة، قال في وصف المؤمنين المتقين»ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً«إلى أن قال:»وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً«، وما هذه الجوائز والمكافآت الربانية لمن أحسن إلى اليتيم، إلا لبيان قيمة هذا الخلق في الإسلام، وأن الوعد بالجوائز هو من أهم أنواع المحفزات التي تثبت السلوك الحسن، كما يقول علماء السلوك، وهذا واضح، فلو أردت أن تشجع ولدك على سلوك إيجابي معين أغريته بالجائزة، وإذا أردت أن تحافظ على التميز عند الموظفين أيضاً استعملت معهم المحفزات، وهكذا الحال مع اليتيم عند اللطف معه، والتعامل معه بسماحة الدين.
إكرام اليتيم
جاءني يوماً أحد الأشخاص وشكا حاله، وأنه يعاني ضيقاً ويأساً من بعض المصائب التي ألمّت به، فقدمت له النصح والتوجيه، وطلبت منه أن يتحرك ويخرج من دائرة البؤس، وأن الإنسان إذا رضي بحاله وهو عاجز فإنه سيبقى على هذه الحال، كما قال تعالى:»إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم«، ثم في الختام طلبت منه أن يحسن إلى اليتيم عن طريق بعض الجمعيات المعتمدة في الدولة، ويؤمن له المال إن تيسر، فقال لي: لماذا اليتيم فقط وأنا جئت إليك لأمر آخر!
فقلت له: لأنك جئت إلي وأنت تبحث عن السعادة وراحة القلب، وإكرامك لليتيم هو طريقك لتغيير حياتك، والدليل على ذلك، ما جاء في الحديث أن رجلاً أتى النبي عليه الصلاة والسلام وشكا له قسوة في قلبه، فقال له عليه الصلاة والسلام: إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم، فهنا قدم الرجل يشكو حاله، وأنه في ضيق وتعب، فدله النبي عليه الصلام والسلام إلى مسح رأس اليتيم، إشارة إلى الإحسان إليه بما تستطيعه حتى لو اكتفيت فقط بمسح رأسه، فإن هذا طريق إلى لين القلب وراحته، فما بالك إن قدمت له ما هو أعظم من المسح !.
************************************************
ذهب الكلام:في الليلة الظلماء يفتقد البدر
كثيراً ما نردد هذه العبارة: وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، التي تفيد قيمة الشيء أو الشخص الغائب في ساعة الحاجة الماسة إليه، حيث كان الغائب يسد تلك الثغرة بكفاءة واقتدار.
هذه المقولة هي عجز بيت شعري قاله أبو فراس الحمداني وهو في الأسر بيد الروم، «سيذكرني قومي إذا جدّ جدهمُ، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ»، حيث إنه ابن عم سيف الدولة الحمداني أمير حلب، وبسبب الحروب التي كانت سجالاً بين الحمدانيين والروم أُسر الفارس المغوار والشاعر النحرير أبوفراس، وفي السجن قال قصيدته الشهيرة التي فيها:
أراكَ عـصـيَّ الـدَّمْـعِ شــــــــــــــيـمَـتُـكَ الـصَّـبْـرُ
أمــا لِلْـهَـوى نَـهْـيٌ علـيـكَ و لا أمْــرُ ؟
بَـلــى، أنـــا مُـشْـــــــــــــــــــــــــــــتـاقٌ وعـنــــــــــــــــديَ لَـوْعَـــــــــــــــةٌ
ولـكــــــنَّ مِـثْـلــــــــــــــــي لا يُــــــــــــــــــــــــــــذاعُ لــــهُ ســــــــــــــِــــرُّ!
إذا اللّيـلُ أَضْوانـي بَسَـطْـتُ يَــدَ الـهـوى
وأذْلَـلْــتُ دمْـعــاً مـــن خَـلائـقِــهِ الـكِـبْــرُ
تَـكـادُ تُـضِــــــــــــــــــــــــــــــيْءُ الـنــــــــــــــــارُ بـيــن جَـوانِـحـــــــــــــــي
إذا هــــي أذْكَـتْـهــــــــــــا الـصَّـبـابَـةُ والـفِـكْــرُ
مُعَلِّـلَـتـي بـالـوَصْـلِ، والـمَــــــــــــــــوتُ دونَــــــــــــــــــهُ
إذا مِــــــــــتُّ ظَمْـــــــــآنـاً فـــلا نَــــــــزَلَ الـقَـطْـرُ!
ترعرع أبو فراس في كنف ابن عمه سيف الدولة في حلب، بعد موت والده باكراً، فشب فارساً وراح يدافع عن إمارة أهله ضد جحافل الروم ويحارب الدمستق قائدهم. وفي أوقات السلم كان يشارك في مجالس الأدب فيذاكر الشعراء وينافسهم، ثم ولاه سيف الدولة مقاطعة منبج فأحسن حكمها والذود عنها.
وكانت المواجهات والحروب كثيرة بين الحمدانيين والروم، وفي إحدى المعارك خانه الحظ يوماً فوقع أسيراً سنة 347 هـ، 959م في مكانٍ يُعرف باسم «مغارة الكحل». فحمله الروم إلى منطقة تسمى خَرْشَنة على الفرات، وكان فيها للروم حصنٌ منيع، ولم يمكث في الأسر طويلاً، واختُلف في كيفية نجاته، فمنهم من قال إن سيف الدولة افتداه ومنهم من قال إنه استطاع الهرب، فابن خلكان يروي أن الشاعر ركب جواده وأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات، والأرجح أنه أمضى في الأسر ثلاث سنوات.
وفي الأسر كتب قصائد عصماء كثيرة تعد من أجمل الشعر وقد سميت بالروميات ومن بينها هذه القصيدة التي قال فيها أيضاً:
أسِرْتُ وما صَحْبي بعُزْلٍ لَدى الوَغى،
ولا فَـرَســـــــــــــــــــــــــــــي مُـهْـــــــــــــرٌ، ولا رَبُّـــهُ غُـمْــرُ
ولـكـنْ إذا حُــمَّ القَـضـاءُ عـلــى امـــرئٍ
فـلـيْـــــــــــــــسَ لَــــهُ بَــــرٌّ يَـقـيــــــــــــــــــــــــــهِ، ولا بَــحْــــــــــــــــرُ
وقـال أُصَيْحابـي: الفِـرارُ أو الـرَّدى؟
فقـلـــــتُ: هـمـا أمــرانِ، أحْلاهُـمـا مُــرُّ
سَيَـذْكُـرُنـي قـومــي إذا جَــــدَّ جِــدُّهُــمْ،
وفـــي اللّـيـلـةِ الظَّـلْـمـاءِ يُـفْـتَـقَـدُ الــبَــدْرُ
فذهب عجز البيت الأخير أعلاه مثلاً بين العرب.
************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الرابط
الرابط
ربطت وقالت علي الله
شهيدنا يجاور رسوله
ويمشوا اولاده علي اخطاه
وينالوا الشرف والبطوله
ربطي عيله اوادعك
اوداع اخره ماهو وداع لقاء
تبكي عليه اواجعك
ياصابره هاذا مراد الله
سنة نبينا وصبري
لك لاجر يختي وبشري
جعن صبر سمح الزول كيف غلاه
لكانها بالود ما ودعنا
ولا اطير طقاشه علي المرحوم
لا سو منا لا عليه سمعنا
لا غاب عنا ولا نتفارق ويوم
سنه ونحن نصبروا
وقت الشدايد نكبرو
جعن صبر سمح الزول كيف غلاه
ربطي عليه اودعك
يا صابره هاذا مراد الله
لوكانها بالود بين اولاده
هم يسمعوا وهو لهم رشاد
ما يغيبوش نهار عن ميعاده
ونتي معاهم نورة الميعاد
سنه ونحن نعرفوا
برادة الله نتشرفوا
جعن صبر سمح الزول كيف غلاه
ربطي عليه وودعك
يا صابره هاذا مراد الله
لوكانها بالود ما ودعكم
وراوا بينكم ونتم عليه ارجود
تقولوا اللي في بالكم يسمعكم
لا مات لا طقن عليه اللحود
سنه ونحن نقبلوا
لحكمة المولي نخشعوا
جعن صبر سمح الزول كيف غلاه
ربطي علية اودعك
يا صابره هاذا مراد الله
روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنَ النَّارِ)) (1) ، وعن عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ ، كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ )) (2) ، وعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( قَالَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ : الصِّيَامُ جُنَّةٌ يَسْتَجِنُّ بِهَا الْعَبْدُ مِنَ النَّارِ ، وَهُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ )) (3) ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (( مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ بَاعَدَهُ اللَّهُ مِنْ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ سَبْعِينَ خَرِيفًا)) (4) والأحاديث في هذا الباب عديدة ، وقد مرّ معنا أن أبواب النار في شهر رمضان تغلق .
والنار – أجارنا الله منها - هي دار الذل والهوان والعذاب والخذلان ، صوتها الشهيق والزفير ، وصوت أهلها الصراخ والعويل ، أنينهم وعبراتهم لا تنقطع ، هم في بؤسٍ دائم وشقاء مستمر وندامة وبكاء ، الأغلال والسلاسل تجمَع بين أيديهم وأعناقهم ، يُسحبون على وجوههم في الحميم ثم في النار يسجرون ، لها ظلل من النار تضطرم من تحتهم ومن فوقهم ، هواها السموم ، وشراب أهلها الحميم { يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} [الحج:20] ، وطعامهم الزقوم {كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ [45] كَغَلْيِ الْحَمِيمِ } [الدخان:45-46] ، يدعون فيها بالموت فلا يُجابون ، ويسألون الله أن يخرجهم منها ويَعِدُون بعدم العود إلى ما كانوا فيه من غي وضلال فيقول لهم: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:108] ، ويطلبون من الملائكة الشفاعة أن يخفف الله عنهم العذاب ولو يوماً منه فيقولون لهم: { فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ } [غافر:50] ، أخف أهلها عذاباً رجل توضع جمرتان في أخمص قدميه يغلي منهما دماغه ، أهلها في دركات نازلة بحسب قبح أعمالهم ؛ ففيها الكفار والمشركون والمنافقون وفيها العصاة والزناة والفاسقون ، ليس بين أهلها إلا اللوم والعتاب واللعن { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف:38] ، لا نجاة للأتباع ولا للمتبوعين ، لا يستطيعون إنقاذ أنفسهم من العذاب ولا إنقاذ أتباعهم ، إمامهم فيها إبليس يخطبهم ويتبرأ منهم ما لهم فيها من شافعين ولا صديق حميم ، فيا ندامة من كان من أهلها ويا خسارة من دخلها ، يساق أهلها إليها سوقاً عنيفاً بإذلالٍ وتحقير ، ويرِدونها عطاشاً ، ويحشرون فيها صماً وبكماً وعمياً ، لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم من أهل النار يدخلون منه ، وهذه الأبواب تغلق على أصحابها فلا يستطيعون الخروج منها { عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ} [البلد:20] ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : "مغلقة الأبواب ".
والنار حرّها شديد وقعرها بعيد ، روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا ؛ فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ : نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ ، فَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ ، وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ))(5)، وروى البخاري ومسلم واللفظ له من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ ، قَالُوا : وَاللَّهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا))(6).
ومن يدخل الجنة لا يشعر بما مر به من بؤس وشقاء ، ومن يدخل النار لا يشعر بما مر به من نعيم وهناء ، روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: ((يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِي النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ : يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ ، وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِي الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِي الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ : يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ ؟ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ ؟ فَيَقُولُ : لَا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِي بُؤْسٌ قَطُّ وَلَا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ))(7).
وأما وقود جهنم فهو الناس والحجارة قال تعالى: { فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } [البقرة: 24] ، قال ابن جرير : " فإن قال قائل: وكيف خُصَّت الحجارة فقُرِنَت بالناس حتى جُعِلت لنار جهنم حطباً ؟ قيل : إنها حجارة الكبريت وهي أشد الحجارة فيما بلغنا حرًّا إذا أحميت .. وروى بإسناده إلى ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : { وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ } قال : هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق السموات والأرض في السماء الدنيا يعدُّها للكافرين "( .
قال القرطبي في شأن هذه الحجارة : ((وخُصَّت بذلك لأنها تزيد على جميع الأحجار بخمسة أنواع من العذاب : 1ـ سرعة الاتقاد 2ـ نتن الرائحة 3ـ كثرة الدخان 4ـ شدة الالتصاق بالأبدان 5ـ قوة حرّها إذا حَمِيَت))(9).
النار لا يستطيع الإنسان وصفها ولا وصف عذابها وإنما يكتفي بما أخبر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم عنها ، فعذابها فوق ما يخطر بالبال وأعظم مما يتخيله الخيال .
والنار هي عذاب الله يعذب بها من يشاء ممن يستحق العذاب من عباده ، ولا يدخلها أهلها إلا بسبب أعمالهم التي عملوها وبذنوبهم وآثامهم التي ارتكبوها وهي كثيرة ، وقد عدَّدَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جملة من أعظم أسبابها فقال : ((وأما عمل أهل النار : فمثل الإشراك بالله والتكذيب بالرسل والكفر والحسد والكذب والخيانة والظلم والفواحش والغدر وقطيعة الرحم والجبن عن الجهاد والبخل واختلاف السر والعلانية واليأس من روح الله والأمن من مكر الله والجزع عند المصائب والفخر والبطر عند النعم وترك فرائض الله واعتداء حدوده وانتهاك حرماته وخوف المخلوق دون الخالق ورجاء المخلوق دون الخالق والتوكل على المخلوق دون الخالق والعمل رياء وسمعة ومخالفة الكتاب والسنة وطاعة المخلوق في معصية الخالق والتعصب بالباطل والاستهزاء بآيات الله وجحد الحق والكتمان لما يجب إظهاره من علم وشهادة . ومن " عمل أهل النار " السحر وعقوق الوالدين وقتل النفس التي حرم الله بغير الحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والفرار من الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) (10) اهـ.
اللهم إنا نعوذ بك من النار وما قرَّب إليها من قول أو عمل ، اللهم أعتق رقابنا من النار في هذا الشهر يا رب العالمين .
(1) المسند (9197) .
(2) المسند ( 15687) ، وسنن ابن ماجه (1639) .
(3) المسند ( 14669).
(4) المسند ( 8336) .
(5) البخاري (3260)، ومسلم (617).
(6) البخاري (3265)، ومسلم (2843).
(7) مسلم (2807).
( تفسير الطبري ( سورة البقرة ، آية 24 )
(9) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (1/235 ، البقرة:24).
(10) مجموع الفتاوى (10/ 423ـ 424).
************************************************
عبدالله بن حذافة سفير رسول الله
لم يكن للتاريخ أن يغفل سيرة رجل قدم نموذجاً فريداً لعظمة الإسلام ودوره في صناعة الرجال، وكيف واجهوا بقوة إيمانهم ملوك الدنيا وقياصرة الأرض. إنه عبدالله بن حذافة السهمي الذي أتاح الإسلام له أن يلقى أعظم ملوك زمانه: كسرى عظيم الفرس، وقيصر عظيم الروم.
عدنان حسن الخطيب، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن مآثر هذا الصحابي الجليل.
لقد كان عبد الله واحداً من السابقين الذين هاجروا إلى الحبشة فراراً بدينهم، ولكنه ما لبث أن عاد إلى المدينة المنورة ليرهن نفسه لخدمة دين الله تعالى، وليكون واحداً ممن اختارهم رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لمهمة عظيمة ورحلة خطيرة، وهي حمل رسالة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى بعض ملوك الأعاجم.
ومضى عبدالله بكتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ مدائن فارس، ودخل بلاط كسرى، مشدود القامة، تتأجج بين جوانحه عزة الإسلام، ويتوقد في فؤاده كبرياء الإيمان. وأبى أن يعطي كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا لكسرى يداً بيد، امتثالاً لأمر رسول الله، صلى الله عليه وسلم. ولما قرئ الكتاب على كسرى وفيه: من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس، سلام على من اتبع الهدى..) عندها تحركت فيه عنجهية الملك، وأخذته العزة بالإثم: كيف يبدأ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، باسمه قبل اسم كسرى؟ فانفجر غاضباً، وأخذ الكتاب ومزقه، وأمر بعبد الله فأخرج من ديوانه. وخرج عبد الله مرتاح البال مطمئن النفس، فقد بلغ الرسالة وأدى الأمانة.
وتمضي الأيام، وينطلق عبدالله في ركب المجاهدين لقتال الروم في عهد عمر بن الخطاب. ويقدر الله له أن يكون في جملة الأسرى في معارك (قيسارية) من أرض الشام. وكان ملك الروم يتابع الأحداث، وقد تناهت إليه أخبار المسلمين وما يتحلون به من صدق الإيمان واسترخاص النفس في سبيل الله، فأمر رجاله أن يأتوه بواحد من أسرى المسلمين. ووقع الاختيار على عبد الله، ولما حضر أمامه، أراد الملك أن يختبره، فعرض عليه أن يتنصر وقال له: إن فعلت خليت سبيلك، فأبى وقال: هيهات.. إن الموت لأحب إلي مما تدعونني إليه. وعرض عليه الملك من رغد العيش ومتع الدنيا ما تطمع له النفوس، فوجده جبلاً شامخاً لا يتزعزع.
عندها أمر الملك أن يقتادوه إلى قدر عظيمة فيها زيت مغلي، وأن يلقى فيها أحد الأسرى أمامه، على أمل أن يقبل بعرض الملك، فكان أشد إباء له من قبل. فلما يئس منه، أمر به أن يلقى في القدر. فلما همَّوا به دمعت عيناه، وظن الملك أنه قد جزع، فقال عبدالله: لا ترى أني بكيت جزعاً مما تريد أن تصنع بي، ولكني بكيت حيث ليس لي إلا نفسٌ واحدة يفعل بها هذا في الله، كنت أحب أن يكون لي من الأنفس عدد كل شعر فيَّ، ثم تسلّط عليَّ فتفعل بي هذا.
ذهل ملك الروم، وأسقط في يده، لقد فشل الوعد والوعيد، ولم ينفع معه إغراء ولا تهديد، أي معدن صنع هؤلاء الرجال؟ وأي إيمان هذا؟ عندها قال: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي سبيلك؟ فقال له عبد الله: وعن جميع أسرى المسلمين؟ قال: وعن جميع أسرى المسلمين. فلما استوثق من عرضه دنا منه وقبَّل رأسه، وبالفعل خلى الملك سبيله مع أصحابه الأسرى.
وقدم عبد الله بن حذافة على عمر بن الخطاب، وأخبره خبره، فسر به الفاروق أعظم السرور، ولما نظر إلى الأسرى قال: حق على كل مسلم أن يقبِّل رأس عبدالله بن حذافة، وأنا أبدأ بذلك. ثم قام وقبَّل رأسه.
************************************************
التسامح مع اليتيم أقصر الطرق لدخول الجنة
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
عندما نصف شخصاً بالتسامح؛ فإن هذا يعني أنه شخص كريم، سهل، متواضع، يحب الخير للناس، يحافظ على حقوقهم، ويكرمهم، ولا يترفّع على الضعيف ومن هو أقل منه، وإنما يقترب منه ويعطيه حقه ويتواضع معه، وقد اختبر الله الناس باليتيم، لينظر ما هم عاملون معه، وكيف سيحافظون على حقه، وهو مكسور لا أب له، ولم يبلغ بعد، لذا جاء في الدين تأكيد حقه، بعد أن كان لا حق له في الجاهلية، ورتب العقاب العظيم على من أكل ماله واستغل ضعفه، كما قال تعالى: «إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً»، وهذا العقاب تأكد لأن اليتيم ضعيف، والضعيف تكون المسؤولية تجاهه مضاعفة، فلما كان العكس استحق هذا المفرّط الجزاء المغلّظ، ومنع الله عباده من التصرف في مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن «ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن»، وكما قال تعالى أيضاً «فأما اليتيم فلا تقهر» أي: لا تسئ معاملته، ولا يضيق صدرك عليه ولا تنهره، بل أكرمه وأعطه ما تيسر واصنع معه ما تحب أن تصنعه لولدك، وعد النبي عليه الصلاة والسلام أكل مال اليتيم من السبع الموبقات كما جاء في الحديث الصحيح، وفي المقابل جاء التشجيع والحث والمكافأة لمن أحسن إلى اليتيم وتعامل معه برفق وسهولة وكرم، قال عليه الصلاة والسلام: أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة، وأشار بالسبابة والوسطى«، كما أكد سبحانه وتعالى في كتابه العزيز أن إكرام اليتيم سبيل الفوز بالجنة، قال في وصف المؤمنين المتقين»ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً«إلى أن قال:»وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً«، وما هذه الجوائز والمكافآت الربانية لمن أحسن إلى اليتيم، إلا لبيان قيمة هذا الخلق في الإسلام، وأن الوعد بالجوائز هو من أهم أنواع المحفزات التي تثبت السلوك الحسن، كما يقول علماء السلوك، وهذا واضح، فلو أردت أن تشجع ولدك على سلوك إيجابي معين أغريته بالجائزة، وإذا أردت أن تحافظ على التميز عند الموظفين أيضاً استعملت معهم المحفزات، وهكذا الحال مع اليتيم عند اللطف معه، والتعامل معه بسماحة الدين.
إكرام اليتيم
جاءني يوماً أحد الأشخاص وشكا حاله، وأنه يعاني ضيقاً ويأساً من بعض المصائب التي ألمّت به، فقدمت له النصح والتوجيه، وطلبت منه أن يتحرك ويخرج من دائرة البؤس، وأن الإنسان إذا رضي بحاله وهو عاجز فإنه سيبقى على هذه الحال، كما قال تعالى:»إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم«، ثم في الختام طلبت منه أن يحسن إلى اليتيم عن طريق بعض الجمعيات المعتمدة في الدولة، ويؤمن له المال إن تيسر، فقال لي: لماذا اليتيم فقط وأنا جئت إليك لأمر آخر!
فقلت له: لأنك جئت إلي وأنت تبحث عن السعادة وراحة القلب، وإكرامك لليتيم هو طريقك لتغيير حياتك، والدليل على ذلك، ما جاء في الحديث أن رجلاً أتى النبي عليه الصلاة والسلام وشكا له قسوة في قلبه، فقال له عليه الصلاة والسلام: إن أردت أن يلين قلبك فأطعم المسكين، وامسح رأس اليتيم، فهنا قدم الرجل يشكو حاله، وأنه في ضيق وتعب، فدله النبي عليه الصلام والسلام إلى مسح رأس اليتيم، إشارة إلى الإحسان إليه بما تستطيعه حتى لو اكتفيت فقط بمسح رأسه، فإن هذا طريق إلى لين القلب وراحته، فما بالك إن قدمت له ما هو أعظم من المسح !.
************************************************
ذهب الكلام:في الليلة الظلماء يفتقد البدر
كثيراً ما نردد هذه العبارة: وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر، التي تفيد قيمة الشيء أو الشخص الغائب في ساعة الحاجة الماسة إليه، حيث كان الغائب يسد تلك الثغرة بكفاءة واقتدار.
هذه المقولة هي عجز بيت شعري قاله أبو فراس الحمداني وهو في الأسر بيد الروم، «سيذكرني قومي إذا جدّ جدهمُ، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ»، حيث إنه ابن عم سيف الدولة الحمداني أمير حلب، وبسبب الحروب التي كانت سجالاً بين الحمدانيين والروم أُسر الفارس المغوار والشاعر النحرير أبوفراس، وفي السجن قال قصيدته الشهيرة التي فيها:
أراكَ عـصـيَّ الـدَّمْـعِ شــــــــــــــيـمَـتُـكَ الـصَّـبْـرُ
أمــا لِلْـهَـوى نَـهْـيٌ علـيـكَ و لا أمْــرُ ؟
بَـلــى، أنـــا مُـشْـــــــــــــــــــــــــــــتـاقٌ وعـنــــــــــــــــديَ لَـوْعَـــــــــــــــةٌ
ولـكــــــنَّ مِـثْـلــــــــــــــــي لا يُــــــــــــــــــــــــــــذاعُ لــــهُ ســــــــــــــِــــرُّ!
إذا اللّيـلُ أَضْوانـي بَسَـطْـتُ يَــدَ الـهـوى
وأذْلَـلْــتُ دمْـعــاً مـــن خَـلائـقِــهِ الـكِـبْــرُ
تَـكـادُ تُـضِــــــــــــــــــــــــــــــيْءُ الـنــــــــــــــــارُ بـيــن جَـوانِـحـــــــــــــــي
إذا هــــي أذْكَـتْـهــــــــــــا الـصَّـبـابَـةُ والـفِـكْــرُ
مُعَلِّـلَـتـي بـالـوَصْـلِ، والـمَــــــــــــــــوتُ دونَــــــــــــــــــهُ
إذا مِــــــــــتُّ ظَمْـــــــــآنـاً فـــلا نَــــــــزَلَ الـقَـطْـرُ!
ترعرع أبو فراس في كنف ابن عمه سيف الدولة في حلب، بعد موت والده باكراً، فشب فارساً وراح يدافع عن إمارة أهله ضد جحافل الروم ويحارب الدمستق قائدهم. وفي أوقات السلم كان يشارك في مجالس الأدب فيذاكر الشعراء وينافسهم، ثم ولاه سيف الدولة مقاطعة منبج فأحسن حكمها والذود عنها.
وكانت المواجهات والحروب كثيرة بين الحمدانيين والروم، وفي إحدى المعارك خانه الحظ يوماً فوقع أسيراً سنة 347 هـ، 959م في مكانٍ يُعرف باسم «مغارة الكحل». فحمله الروم إلى منطقة تسمى خَرْشَنة على الفرات، وكان فيها للروم حصنٌ منيع، ولم يمكث في الأسر طويلاً، واختُلف في كيفية نجاته، فمنهم من قال إن سيف الدولة افتداه ومنهم من قال إنه استطاع الهرب، فابن خلكان يروي أن الشاعر ركب جواده وأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات، والأرجح أنه أمضى في الأسر ثلاث سنوات.
وفي الأسر كتب قصائد عصماء كثيرة تعد من أجمل الشعر وقد سميت بالروميات ومن بينها هذه القصيدة التي قال فيها أيضاً:
أسِرْتُ وما صَحْبي بعُزْلٍ لَدى الوَغى،
ولا فَـرَســـــــــــــــــــــــــــــي مُـهْـــــــــــــرٌ، ولا رَبُّـــهُ غُـمْــرُ
ولـكـنْ إذا حُــمَّ القَـضـاءُ عـلــى امـــرئٍ
فـلـيْـــــــــــــــسَ لَــــهُ بَــــرٌّ يَـقـيــــــــــــــــــــــــــهِ، ولا بَــحْــــــــــــــــرُ
وقـال أُصَيْحابـي: الفِـرارُ أو الـرَّدى؟
فقـلـــــتُ: هـمـا أمــرانِ، أحْلاهُـمـا مُــرُّ
سَيَـذْكُـرُنـي قـومــي إذا جَــــدَّ جِــدُّهُــمْ،
وفـــي اللّـيـلـةِ الظَّـلْـمـاءِ يُـفْـتَـقَـدُ الــبَــدْرُ
فذهب عجز البيت الأخير أعلاه مثلاً بين العرب.
************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الرابط
الرابط
ربطت وقالت علي الله
شهيدنا يجاور رسوله
ويمشوا اولاده علي اخطاه
وينالوا الشرف والبطوله
ربطي عيله اوادعك
اوداع اخره ماهو وداع لقاء
تبكي عليه اواجعك
ياصابره هاذا مراد الله
سنة نبينا وصبري
لك لاجر يختي وبشري
جعن صبر سمح الزول كيف غلاه
لكانها بالود ما ودعنا
ولا اطير طقاشه علي المرحوم
لا سو منا لا عليه سمعنا
لا غاب عنا ولا نتفارق ويوم
سنه ونحن نصبروا
وقت الشدايد نكبرو
جعن صبر سمح الزول كيف غلاه
ربطي عليه اودعك
يا صابره هاذا مراد الله
لوكانها بالود بين اولاده
هم يسمعوا وهو لهم رشاد
ما يغيبوش نهار عن ميعاده
ونتي معاهم نورة الميعاد
سنه ونحن نعرفوا
برادة الله نتشرفوا
جعن صبر سمح الزول كيف غلاه
ربطي عليه وودعك
يا صابره هاذا مراد الله
لوكانها بالود ما ودعكم
وراوا بينكم ونتم عليه ارجود
تقولوا اللي في بالكم يسمعكم
لا مات لا طقن عليه اللحود
سنه ونحن نقبلوا
لحكمة المولي نخشعوا
جعن صبر سمح الزول كيف غلاه
ربطي علية اودعك
يا صابره هاذا مراد الله
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
25 رمضان 1437هـ - 30 يونيو 2016م
مناجاة
اللهم ارزقني حبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك
اللهم إني أسألك في هذا اليوم ما يرضيك وأعوذ بك مما يؤذيك وأسألك التوفيق فيه لأن أطيعك ولا أعصيك يا جواد السائلين، اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت (وحدك لا شريك لك) المنان يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك (الجنة وأعوذ بك من النار)، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني، اللهم ارزقني حُبك وحُب من ينفعني حُبّهُ عندك، اللهم ما رزقتني مما أُحبُ فاجعله قوة لي فيما تحب، اللهم ما زويت عني مما أُحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب... اللهم إني أسألك عيشة نقية وميتة سوية ومرداً غير مخزٍ ولا فاضح.. اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف عليَّ كل غائبة لي بخير.. اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي. اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والهرم وعذاب القبر.
اللهــم بلـغـنا ليـــــلة القــــــــــــدر
و إجعلنا من عٌتقائك فى هذا الشـــــهر
و إجعل قلوبنا لا تأبى منــــــــــك أمــــــــر
ربى إنا ضُعاف ولكن نحبك بكـــــل صــــــــدق
فكما بلغتنا رمضان فبلغـــــنا ليـــــلة العتـــــــــق
و إجعل مثوانا الجنـــــات وخاتـــــمتنا خاتمة كل خـير
فـاللهم بلغنا ليــــــلة القدر ، فـاللهم بلغنا ليــــلة القــــــدر
**********************************************
اللهم ارزقني حبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك
اللهم إني أسألك في هذا اليوم ما يرضيك وأعوذ بك مما يؤذيك وأسألك التوفيق فيه لأن أطيعك ولا أعصيك يا جواد السائلين، اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت (وحدك لا شريك لك) المنان يا بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك (الجنة وأعوذ بك من النار)، اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني، اللهم ارزقني حُبك وحُب من ينفعني حُبّهُ عندك، اللهم ما رزقتني مما أُحبُ فاجعله قوة لي فيما تحب، اللهم ما زويت عني مما أُحب فاجعله فراغاً لي فيما تحب... اللهم إني أسألك عيشة نقية وميتة سوية ومرداً غير مخزٍ ولا فاضح.. اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف عليَّ كل غائبة لي بخير.. اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي. اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والبخل والهرم وعذاب القبر.
اللهــم بلـغـنا ليـــــلة القــــــــــــدر
و إجعلنا من عٌتقائك فى هذا الشـــــهر
و إجعل قلوبنا لا تأبى منــــــــــك أمــــــــر
ربى إنا ضُعاف ولكن نحبك بكـــــل صــــــــدق
فكما بلغتنا رمضان فبلغـــــنا ليـــــلة العتـــــــــق
و إجعل مثوانا الجنـــــات وخاتـــــمتنا خاتمة كل خـير
فـاللهم بلغنا ليــــــلة القدر ، فـاللهم بلغنا ليــــلة القــــــدر
**********************************************
عن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا عليه السلام بخمس كلمات أن يعمل بهنّ، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فكاد أن يبطئ، فقال له عيسى: إنك قدُ أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهنّ، وأن تأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فإما أن تبلغهنّ، وإما أبلغهنّ. فقال له: يا أخي! إني أخشى إن سبقتني أن أُعذّب أو يُخسف بي، قال: فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس، حتى امتلأ المسجد، وقعد على الشُرَف، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: إن الله عز وجل أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهنّ، وآمركم أن تعملوا بهنّ -وذكر منهنّ- وآمركم بالصيام، فإن مثل ذلك كمثل رجل معه صرّة من مسك في عصابة، كلهم يجد ريح المسك، وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) رواه أحمد.
عن علقمة والأسود رضي الله عنهما قالا: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) متفق عليه. (الباءة) في اللغة الجماع، والتقدير: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح. وقيل: المراد بالباءة هنا مؤن الزواج. و(الوجاء) الوقاية والحماية.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحّروا ولو بجرعة من ماء) رواه ابن حبّان.
قال رَسُولُ اللهِ : "مَنْ قَالَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ، مَائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مَائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مَائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذلِكَ، حَتَّى يُمْسِي وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ" متفق عليه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
قال صلى الله عليه وسلم :من ترك صلاة الصبح فليس في وجهه نور، من ترك صلاة الظهر فليس في رزقه بركة، من ترك صلاة العصر فليس في جسمه قوة،من ترك صلاة المغرب فليس في أولاده ثمرة، من ترك صلاة العشاء فليس في نومه راحة .
**********************************************
الصيام وتعظيم الله
أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ )) (1) ، وفي رواية لمسلم (( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ؛ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ))(2).
إن الله تفضلاً منه وإكراماً لعباده يضاعف لهم الحسنات أضعافاً مضاعفة ؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف على ما يفعلونه ويقومون به من الطاعات من أداء للواجبات وترك للمحرمات وترفُّع عن المكروهات ومنافسة ومسابقة في النوافل والمستحبات ، أما الصوم فإن الله قد نسبه إليه تشريفاً لشأنه ورفعاً لقدره ومنزلته عنده ولم يخبر بثوابه وأجره واكتفى بقوله : (( وَأَنَا أَجْزِي بِهِ )) فما ظنك بجزاء الله وعظيم تفضله لعباده الصائمين !! وليس أحدٌ من الناس يمكنه أن يحدِّد هذا الجزاء ولكن إذا عرفوا هذا الإله المتفضل والرب المكرم عرفوا عظم أجره وثوابه الذي يفرح بسببه العبد فرحتين ، فالله سبحانه هو الحي القيوم ، الكبير المتعال ، ذو الكبرياء والعظمة ، وهو القوي العزيز ، الغني الحميد ، ذو الجلال والإكرام ، لا يعجزه شيء ، ولا شيء يثقله أو يكرثه ، ولا يحتاج لأحدٍ ليرفعه أو يزيده ، ولا يخشى أحداً يضره أو ينقصه ، له القوة جميعاً وله الغنى المطلق ، لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين ، ولا ينقص خزائنه نفقاته التي أعطاها ويعطيها السائلين وغير السائلين منذ خلق السموات والأرض وإلى يوم لقائه ، الكل فقير إليه إنسهم وجنَّهم ، حيوانهم ونباتهم ، حجرهم ومدرهم ، حيّهم وميتهم ، من في الأرض ومن في السماء وما بينهما : { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ [49] يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [النحل: 49-50] وقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } [الحج: 18] .
والله ذو المنّ والعطاء والهبات العظيمة { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه: 50] تفضل على عباده بالهداية إلى هذا الدين وأكرمهم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وشرفهم بإنزال القرآن في شهر رمضان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وكتب لهم الأجور العظيمة جزاءً لما يقومون به من واجبات ويجتنبونه من منهيات ومحرمات ، وأفعالهم التي يقومون بها لا تعدل شيئاً إذا قوبلت بنعمه على خلقه ؛ ولكنه محض تفضله سبحانه وإكرامه لعباده ؛ فهو الذي خلق وهو الذي هدى ووفَّق وهو الذي يعين ويكلأ ، وهو الذي يثيب ويكرم بأفضل الجزاء وأكمله ، فما أعظمه وما أجله وأكرمه وما أرحمه وأحلمه ، يأمر بالقليل ويجازي بالكثير ، والصائم تقرب إلى الله بطاعةٍ عظيمة عنده محبوبة إليه السر فيها بينه وبين عبده أكثر من العلن ، يظهر فيها كمال الإخلاص والخشية والمراقبة وجمالها ، فالصائم جمَعَ بين جمال الظاهر والباطن فسكنت جميع جوارحه لله والتزمت أمره وامتلأ قلبه حباً لله وإخلاصاً ، والله جميل يحب الجمال؛ فيحب من عبده أن يجمِّل لسانه بالصدق ، وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل ، وجوارحه بالطاعة ، وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة والختان وتقليم الأظافر ، فيعرفه بصفات الجمال ، ويتعرف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه(3).
والعبد كلما عظمت معرفته بالله وعلمه به في نفسه ازداد تعلقه بربه وشوقه إليه وامتلأ قلبه طمعاً ورغبة ورجاء في رضاه وثوابه وجنته ، وخشيةً وخوفاً من غضبه وعقابه ، والناس يتفاوتون في هذه المعرفة وهذا العلم ، قال ابن القيم رحمه الله : " من الناس من يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان ، ومنهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز ، ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام ، ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة، ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء ، ومنهم من يعرفه بالرحمة والبِرِّ واللطف ، ومنهم من يعرفه بالقهر والملك، ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته وإغاثة لهفته وقضاء حاجته. وأعمّ هؤلاء معرفة: مَن عرفه من كلامه ؛ فإنه يعرف رباً قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال ، منزه عن المثال ، بريء من النقائص والعيوب ، له كل اسم حسن وكل وصف كمال ، فعال لما يريد، فوق كل شيء ، ومع كل شيء ، وقادر على كل شيء ، ومقيم لكل شيء ، آمرٌ ناهٍ متكلمٌ بكلماته الدينية والكونية ، أكبر من كل شيء ، وأجمل من كل شيء ، أرحم الراحمين ، وأقدر القادرين، وأحكم الحاكمين. فالقرآن أنزل لتعريف عباده به، وبصراطه الموصل إليه، وبحال السالكين بعد الوصول إليه " (4) اهـ.
والصائمون هم أحق الناس بمعرفة الله وتوقيره لينالوا وافر العطاء وعظيم الجزاء يوم القيامة ، والصائم كلما ازداد معرفةً بالله ازداد قرباً منه وعظم الله أجره لما اجتمع له من فضل الصيام الذي يجزي الله به ، وهذه المعرفة التي جعلته يتقن صيامه ويحسن أعماله ويعبد الله كأنه يراه فيراقبه في سره وخلوته كمراقبته له في علانيته ؛ فاستوى سره وعلنه لكمال علمه واعتقاده برؤية الله له ، وهذا يثمر له تعظيماً لربه ، وحياءً منه ، وصلاحاً في جميع أعماله ، وتوبة وخشوعاً لله في كل أوقاته .
اللهم تقبل صيامنا واجعله خالصاً لوجهك ، ووفِّقنا للإخلاص في جميع أعمالنا ، وجنِّبنا الرياء والنفاق وسيئ الأخلاق .
(1) البخاري (1904)، ومسلم (1151) واللفظ له .
(2) مسلم (1151).
(3) انظر الفوائد (ص: 267ـ 268).
(4) الفوائد (ص: 258).
**********************************************
روائع الاستنباط من القرآن:الفقه والأدب..صنوان لا يفترقان
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب*
تمّيزت المدرسةُ المالكية باهتمامها البالغ بالأدب الرباني اهتماماً لا يقلُّ عن الفقه الإيماني وربَّما فاقه، إيماناً من مؤسّسها الإمام مالك بن أنس.
إنّ الفقه والأدب أخوان لا يفترقان بل إن الأدب ثمرةُ الفقه فكلّما ازداد العبد فقهاً ازداد أدباً فإن افترقا أصبح العلم عديم الطعم والرائحة كالشجرة التي لا ظل لها ولا ثمر.
لقد تمثّل الأدب الإيماني بحقيقته ومعناه في سمت الإمام مالك وسلوكه وراثة عملية عن التابعين من خلال معايشتهم ومصاحبتهم الذين ورثوا هذا الأدب عن الصحابة الذين تلَقَّوْه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كتلقيهم الفقه والحديث.
ولم يكن طلاب العلم يقصدونه لتلقي العلم فحسب بل لتلّقي الأدب والعلم معاً.. فها هو الإمام عبد الرحمن بن القاسم يلازم الإمام مالكا عشرين سنة معايشةً ومرافقة يجني من أدبه ويقتبس من سمته وهيبته ووقاره ويُرَوِّضُ نفسه عليها ... وعندما عاد ابن القاسم من المدينة إلى وطنه صعيد مصر بهر الألباب وسحر العيون لعلمه الفيَّاض ولسمته وسلوكه الإيماني وتأدُّبه بأدب القرآن في كل حركاته وسكناته..
ثم شدَّ الإمام سَحنون شيخ المالكية في القيروان رحاله إلى ابن القاسم ليرث عنه السّمت المالكي ويحقّقَ معه كتاب المُدَوّنة التي رواها عن أسد بن الفرات. ولماّ رجع سحنون إلى القيروان أقبل عليه اثنان من أئمة المذهب المالكي في المغرب وهما : محمد بن عبدوس ومحمد بن سحنون يُلازمانه في حلّه وترحاله مقتبسين من أدب مالك وسمته ثم ورث هذا السّمت الإمامان أبو العرب التميمي ومحمدّ بن اللبّاد ومعهم ثالث وهو الإمام أبو الفضل الممسي، واستمرت هذه السلسلة النورانية إلى أن آل الأمر إلى شيخ المدرسة المالكية في المغرب أبن أبي زيد القيرواني الذي كان يُسمَّى بمالك الأصغر لتشبّهه بالإمام مالك في سمته وأدبه رواية عملية علمية لا قولية شفوية.
إنَّ قرب عهد الإمام مالك بزمن النبوة وحياته الدائمة في رحاب المدينة المنَّورة جعلته يستشعر شخصيَّة النبي – صلى الله عليه وسلم – ويستحضره وكأنه ماثل أمام عينه في غُدُوّه ورواحه وحضره وسفره يتلمس آثار خطواته وأنوار ممشاه ولم يقتصر وراثة الأدب الإيماني متمثلاً في سمت مالك على مدرسة القيروان وإنما تلّقى عنه هذه الهيئة وهذا السمت النوراني اثنان : أحدهما من أقصى المشرق والآخر من أقصى المغرب :
أما الأوَّل وهو الإمام : يحيى بن يحيى بن بكير الخرساني إمام أهل المشرق أخذ الموطّأ عن مالك، ولماّ سُئل لماذا ضربت أكباد الإبل وقطعت المفاوز والتلال؟
فأجاب : إنما جئت لآخذ من سمت مالك.
أما الآخر فهو الإمام يحيى بن يحيى الليثي إمام أهل الأندلس.
لقد ربطت هذه المدرسة بين الفقه والأدب لأنّ القرآن الكريم قد قرن بينهما وجعل سبحانه وتعالى مهمَّة الأنبياء ودورهم يتلخص فيهما استجابة من الله لدعاء سيدنا إبراهيم – عليه السلام – حين ناجى ربَّه قائلاً: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ .... ﴾ (129سورة البقرة).
ومرة أخرى يجمع القرآن بين التزكية والعلم مذكراً الأمة بهذه النعمة العظيمة فيقول تعالى ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ .... ﴾ (60 سورة الجمعة).
الأدب الإيماني
عرض القرآن الكريم مشهداً من مشاهد الأدب الإيماني ثم أعقب ذلك بكونه ثمرة من ثمار العلم الرباني كما في سورة المجادلة : ﴿.... إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ *وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ .... ﴾ (11سورة المجادلة). إنَّ هذا السمت الإيماني لا يُنال إلا بملازمة الرجال والعيش في كنفِ أولئك السالكين الذين نالوا قدراً عظيماً من أنوار شمس النبوة المحمدَّية.
**********************************************
يوسف بن تاشفين المرابط في سبيل الله
لقد عرف في التاريخ الإسلامي قيام دولة المرابطين، حيث كان التشرذم والتفرق والدويلات، وكثرت الألقاب في الأندلس ومنها المعتمد والمستعين والمعتصم والمتوكل إلى غير ذلك من الألقاب في هذه الحالة التي وصفها الشاعر بقوله:
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاضاً صولة الأسد
في ظل الأحوال المشينة التي شجعت الأعداء على شن حرب على المسلمين لطردهم من إسبانيا بدافع الحقد الصليبي. في حين وطّد يوسف بن تاشفين سلطانه في المغرب الأقصى وهو أحد الأمراء البارزين في التاريخ، ولقّب بعد انتصاره في معركة الزلاقة العظيمة بأمير المسلمين وناصر الدين وهو أعظم ملك مسلم في وقته، أسس أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي من تونس إلى غانا جنوباً والأندلس شمالاً، ووحّد جميع ملوك الطوائف بدولته في المغرب.
الدكتور عبد الحليم إبراهيم حسن، كبير وعّاظ في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، يحدثنا عن هذا القائد المرابط في سبيل الله:
بعد معركة الواحات 448 هـ عينه الأمير أبو بكر اللمتوني والياً ودخل أغمات ودكها 449 هـ، وسار المرابطون وفي جملتهم يوسف نحو دولة برغواطة، وأصيب خلالها الإمام ابن ياسين حيث توفي على إثرها؛ فكان استشهاده بداية دفع يوسف إلى رئاسة الدولة.
صار يوسف قائداً وأميراً للمرابطين، وحد المغرب وضم الأندلس. خاض معركة الزلاقة ضد جيوش قشتالة وليون التي كان يقودها الملك ألفونسو السادس 12 رجب 479 ه واستدرك المسلمون بهذه الوقعة ضياع الأندلس.
إذ تحرك تحت قيادته 30 ألف رجل إلى الزلاقة. ودارت موقعة هي من أشهر المواقع الإسلامية في التاريخ إذ إن النصارى قد استعدوا لقدوم يوسف بن تاشفين فجمعوا عدداً ضخماً من المقاتلين بلغ أكثر من 300 ألف مقاتل من جميع الممالك فرنسا وإيطاليا وغيرها.
وكانت لحظات لم يعرفها الأندلسيون منذ سنوات بعد الهزيمة والذل وكان يوسف يأمر بقراءة سورة الأنفال، ويأمر الخطباء بتحفيز الناس على الجهاد وهو يقول: طوبى لمن أحرز الشهادة في سبيل الله. وقد رأى العالم والفقيه المالكي ابن الرميلة رسول الله وهو يقول له: «يا ابن الرميلة إنكم منصورون، وإنك ملاقينا».
فقام الشيخ وهو يعلم أنه رؤية الرسول، صلى الله عليه وسلم، حق وأيقظ الناس وأخبرهم ببشرى رسول الله. واستعد المسلمون للحرب يوم الجمعة بعد صلاة الفجر واستخدم يوسف خطة خالد بن الوليد رضي الله عنه إذ قسّم الجيش لثلاث فرق ثم قسم جيشه إلى فرقتين وارتاعت قلوب أعدائهم من كثرة عددهم، وأمد الله بنصره عبادة المؤمنين وقذف في قلوب المشركين الرعب. وهناك كانت مواقف يوسف بن تاشفين العجيبة حين ترك الغنائم لأهل الأندلس ولسان حاله يقول (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).
أجل لقد كان نجداً بطلاً شجاعاً مهاباً ضابطاً لملكه، متفقداً لرعيته، حافظاً لبلاده وثغوره، ومواظباً على الجهاد، مؤيداً منصوراً، زاهداً في الدنيا، لباسه الصوف، وأكله الشعير ولحوم الإبل وألبانها، نشأ وترعرع على تعاليم ابن ياسين رحمه الله، ونبغ في الحرب وفي السياسة الشرعية، وتتلمذ على يد الفقهاء العظام.
بنى مدينة مراكش 465 هـ، وجعلها عاصمة لملكه ومنها وحّد القبائل. عرف بالحزم في الجهاد، واللين والتواضع في الخير، وكأنه يتمثل عمر بن الخطاب في شخصيته، قال الذهبي: كان ابن تاشفين كثير العفو، مقرباً للعلماء وقال أيضاً كان حسن السيرة، خيّراً عادلاً.
وقال المستشرق يوسف أشباخ عنه: هو أحد أولئك الأفذاذ الذين يلوح أن القدر اصطفاهم لتغيير وجه الحوادث في التاريخ. رحمه الله رحمة واسعة جزاء ما قدم للإسلام والمسلمين.
**********************************************
قصة وعبرة
هناك زوجين ربط بينهما الحب والصداقة فكل منهما لا يجد راحته إلا بقرب الآخر
إلا أنهما مختلفين تماماً في الطباع
…
فالرجل هادئ ولا يغضب في أصعب الظروف
وعلى العكس زوجته حادة وتغضب لأقل الأمور
وذات يوم سافرا معاً في رحلة بحرية
أمضت السفينة عدة أيام في البحر وبعدها ثارت عاصفة كادت أن تودي بالسفينة، فالرياح مضادة والأمواج هائجة ..
امتلأت السفينة بالمياه وانتشر الذعر والخوف بين كل الركاب حتى قائد السفينة لم يخفي على الركاب أنهم في خطر وأن فرصة النجاة تحتاج إلى معجزة من الله،
لم تتمالك الزوجة أعصابها فأخذت تصرخ لا تعلم ماذا تصنع ..
ذهبت مسرعه نحو زوجها لعلها تجد حل للنجاة من هذا الموت وقد كان جميع الركاب في حالة من الهياج ولكنها فوجئت بالزوج كعادته جالساً هادئاً، فازدادت غضباً
و اتّهمتهُ بالبرود واللامبالاه
نظر إليها الزوج وبوجه عابس وعين غاضبة استل خنجره ووضعه على رقبتها وقال لها بكل جدية وبصوت حاد:
ألا تخافين من الخنجر؟
نظرت إليه وقالت: لا
فقال لها: لماذا ؟
فقالت: لأنه ممسوك في يد من أثق به واحبه ؟
فابتسم وقال لها: هكذا أنا، كذلك هذه الأمواج الهائجة ممسوكة بيد من أثق به وأحبه فلماذا الخوف إن كان هو المسيطر على كل الأمور !!؟
**********************************************
ذهب الكلام:جـــــاء ليسرقنـــــــا .. فسرقنـــــا قلبـــــــه
دخل لص بيت مالك بن دينار ” رحمه الله “
فبحث… عن شئ يسرقه فلم يجد ثم نظر فإذا بمالك يصلي
…فعندها سلم مالك ونظر إلى اللص فقال :
” جئت تسأل عن متاع الدنيا فلم تجد … فهل لك في الآخرة من متاع ؟! ”
فإستجاب اللص وجلس وهو يتعجب من الرجل !!
فبدأ مالك يعظ فيه حتى بكى
وذهبا معاً إلى الصلاة .. وفي المسجد تعجب الناس من أمرهما :
” أكبر عالم مع أكبر لص .. أيعقل هذا ؟؟! ”
فسألوا مالكاً فقال لهم :
” جـــــاء ليسرقنـــــــا .. فسرقنـــــا قلبـــــــه
**********************************************
الشاعر علي الكيلاني
والد الشهيد
والد الشهيد
جبتك ولي هاذا النهار نبيك
عارف ايبيك الوطن بيناديك
وكيفاما نبيك القيتك
ورفعت راسي وشاني
علي قيس نيتي ونيتك
ربي الصبر عطاني
قبلك اجدودك تابعين اجدود
علي شرف وطنك عاطيين عهود
وفيت ما قصرت
طريق الشهاده اخترت
ربي امبارك فيك
شهيد ورضيت عليك
وعارف ايبيك الوطن بيناديك
موش كل حد يعطيه ربي كيفك
يا شهيدنا من حفرتك للجنه
بي طاعتك ليا و قبضة سيفك
وعديت برضايه وفرض وسنه
ولدي وسبق قدامي
ونا لاحقه نلقاه هو وجدودي
مارميت ربي رامي
جمعنا الله عنده وهي مقصودي
وهاذي دريبت خير
عليها الرجال تسير
ربي امبارك فيك
عديت وين نبيك
وعارف ايبك الوطن بيناديك
اللي جايين وفيك بي يعزوني
يقولوا عطاك الله كفي ووفي
بدل ما يعزوا في بيهنوني
بدل الجنازه حولوها زفه
ياعريس يالله زينه
لي دار فيها الصالحين جوارك
فطاعة الله ونبينا
والوطن حافظ بالشرف مقدارك
ياشهيدنا يا قدوه
وكل حر يحذي حذوه
يرحم الله ولديك
عديت وين نبيك
وعارف يبيك الوطن بيناديك
عن علقمة والأسود رضي الله عنهما قالا: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب! من استطاع الباءة فليتزوج؛ فإنه أغضّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء) متفق عليه. (الباءة) في اللغة الجماع، والتقدير: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤن النكاح. وقيل: المراد بالباءة هنا مؤن الزواج. و(الوجاء) الوقاية والحماية.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تسحّروا ولو بجرعة من ماء) رواه ابن حبّان.
قال رَسُولُ اللهِ : "مَنْ قَالَ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ، مَائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ، وَكُتِبَتْ لَهُ مَائَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مَائَةُ سَيِّئَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ، يَوْمَهُ ذلِكَ، حَتَّى يُمْسِي وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ" متفق عليه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه
قال صلى الله عليه وسلم :من ترك صلاة الصبح فليس في وجهه نور، من ترك صلاة الظهر فليس في رزقه بركة، من ترك صلاة العصر فليس في جسمه قوة،من ترك صلاة المغرب فليس في أولاده ثمرة، من ترك صلاة العشاء فليس في نومه راحة .
**********************************************
الصيام وتعظيم الله
أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ )) (1) ، وفي رواية لمسلم (( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ؛ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ))(2).
إن الله تفضلاً منه وإكراماً لعباده يضاعف لهم الحسنات أضعافاً مضاعفة ؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف على ما يفعلونه ويقومون به من الطاعات من أداء للواجبات وترك للمحرمات وترفُّع عن المكروهات ومنافسة ومسابقة في النوافل والمستحبات ، أما الصوم فإن الله قد نسبه إليه تشريفاً لشأنه ورفعاً لقدره ومنزلته عنده ولم يخبر بثوابه وأجره واكتفى بقوله : (( وَأَنَا أَجْزِي بِهِ )) فما ظنك بجزاء الله وعظيم تفضله لعباده الصائمين !! وليس أحدٌ من الناس يمكنه أن يحدِّد هذا الجزاء ولكن إذا عرفوا هذا الإله المتفضل والرب المكرم عرفوا عظم أجره وثوابه الذي يفرح بسببه العبد فرحتين ، فالله سبحانه هو الحي القيوم ، الكبير المتعال ، ذو الكبرياء والعظمة ، وهو القوي العزيز ، الغني الحميد ، ذو الجلال والإكرام ، لا يعجزه شيء ، ولا شيء يثقله أو يكرثه ، ولا يحتاج لأحدٍ ليرفعه أو يزيده ، ولا يخشى أحداً يضره أو ينقصه ، له القوة جميعاً وله الغنى المطلق ، لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين ، ولا ينقص خزائنه نفقاته التي أعطاها ويعطيها السائلين وغير السائلين منذ خلق السموات والأرض وإلى يوم لقائه ، الكل فقير إليه إنسهم وجنَّهم ، حيوانهم ونباتهم ، حجرهم ومدرهم ، حيّهم وميتهم ، من في الأرض ومن في السماء وما بينهما : { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ [49] يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [النحل: 49-50] وقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } [الحج: 18] .
والله ذو المنّ والعطاء والهبات العظيمة { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه: 50] تفضل على عباده بالهداية إلى هذا الدين وأكرمهم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وشرفهم بإنزال القرآن في شهر رمضان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وكتب لهم الأجور العظيمة جزاءً لما يقومون به من واجبات ويجتنبونه من منهيات ومحرمات ، وأفعالهم التي يقومون بها لا تعدل شيئاً إذا قوبلت بنعمه على خلقه ؛ ولكنه محض تفضله سبحانه وإكرامه لعباده ؛ فهو الذي خلق وهو الذي هدى ووفَّق وهو الذي يعين ويكلأ ، وهو الذي يثيب ويكرم بأفضل الجزاء وأكمله ، فما أعظمه وما أجله وأكرمه وما أرحمه وأحلمه ، يأمر بالقليل ويجازي بالكثير ، والصائم تقرب إلى الله بطاعةٍ عظيمة عنده محبوبة إليه السر فيها بينه وبين عبده أكثر من العلن ، يظهر فيها كمال الإخلاص والخشية والمراقبة وجمالها ، فالصائم جمَعَ بين جمال الظاهر والباطن فسكنت جميع جوارحه لله والتزمت أمره وامتلأ قلبه حباً لله وإخلاصاً ، والله جميل يحب الجمال؛ فيحب من عبده أن يجمِّل لسانه بالصدق ، وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل ، وجوارحه بالطاعة ، وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة والختان وتقليم الأظافر ، فيعرفه بصفات الجمال ، ويتعرف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه(3).
والعبد كلما عظمت معرفته بالله وعلمه به في نفسه ازداد تعلقه بربه وشوقه إليه وامتلأ قلبه طمعاً ورغبة ورجاء في رضاه وثوابه وجنته ، وخشيةً وخوفاً من غضبه وعقابه ، والناس يتفاوتون في هذه المعرفة وهذا العلم ، قال ابن القيم رحمه الله : " من الناس من يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان ، ومنهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز ، ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام ، ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة، ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء ، ومنهم من يعرفه بالرحمة والبِرِّ واللطف ، ومنهم من يعرفه بالقهر والملك، ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته وإغاثة لهفته وقضاء حاجته. وأعمّ هؤلاء معرفة: مَن عرفه من كلامه ؛ فإنه يعرف رباً قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال ، منزه عن المثال ، بريء من النقائص والعيوب ، له كل اسم حسن وكل وصف كمال ، فعال لما يريد، فوق كل شيء ، ومع كل شيء ، وقادر على كل شيء ، ومقيم لكل شيء ، آمرٌ ناهٍ متكلمٌ بكلماته الدينية والكونية ، أكبر من كل شيء ، وأجمل من كل شيء ، أرحم الراحمين ، وأقدر القادرين، وأحكم الحاكمين. فالقرآن أنزل لتعريف عباده به، وبصراطه الموصل إليه، وبحال السالكين بعد الوصول إليه " (4) اهـ.
والصائمون هم أحق الناس بمعرفة الله وتوقيره لينالوا وافر العطاء وعظيم الجزاء يوم القيامة ، والصائم كلما ازداد معرفةً بالله ازداد قرباً منه وعظم الله أجره لما اجتمع له من فضل الصيام الذي يجزي الله به ، وهذه المعرفة التي جعلته يتقن صيامه ويحسن أعماله ويعبد الله كأنه يراه فيراقبه في سره وخلوته كمراقبته له في علانيته ؛ فاستوى سره وعلنه لكمال علمه واعتقاده برؤية الله له ، وهذا يثمر له تعظيماً لربه ، وحياءً منه ، وصلاحاً في جميع أعماله ، وتوبة وخشوعاً لله في كل أوقاته .
اللهم تقبل صيامنا واجعله خالصاً لوجهك ، ووفِّقنا للإخلاص في جميع أعمالنا ، وجنِّبنا الرياء والنفاق وسيئ الأخلاق .
(1) البخاري (1904)، ومسلم (1151) واللفظ له .
(2) مسلم (1151).
(3) انظر الفوائد (ص: 267ـ 268).
(4) الفوائد (ص: 258).
**********************************************
روائع الاستنباط من القرآن:الفقه والأدب..صنوان لا يفترقان
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب*
تمّيزت المدرسةُ المالكية باهتمامها البالغ بالأدب الرباني اهتماماً لا يقلُّ عن الفقه الإيماني وربَّما فاقه، إيماناً من مؤسّسها الإمام مالك بن أنس.
إنّ الفقه والأدب أخوان لا يفترقان بل إن الأدب ثمرةُ الفقه فكلّما ازداد العبد فقهاً ازداد أدباً فإن افترقا أصبح العلم عديم الطعم والرائحة كالشجرة التي لا ظل لها ولا ثمر.
لقد تمثّل الأدب الإيماني بحقيقته ومعناه في سمت الإمام مالك وسلوكه وراثة عملية عن التابعين من خلال معايشتهم ومصاحبتهم الذين ورثوا هذا الأدب عن الصحابة الذين تلَقَّوْه عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كتلقيهم الفقه والحديث.
ولم يكن طلاب العلم يقصدونه لتلقي العلم فحسب بل لتلّقي الأدب والعلم معاً.. فها هو الإمام عبد الرحمن بن القاسم يلازم الإمام مالكا عشرين سنة معايشةً ومرافقة يجني من أدبه ويقتبس من سمته وهيبته ووقاره ويُرَوِّضُ نفسه عليها ... وعندما عاد ابن القاسم من المدينة إلى وطنه صعيد مصر بهر الألباب وسحر العيون لعلمه الفيَّاض ولسمته وسلوكه الإيماني وتأدُّبه بأدب القرآن في كل حركاته وسكناته..
ثم شدَّ الإمام سَحنون شيخ المالكية في القيروان رحاله إلى ابن القاسم ليرث عنه السّمت المالكي ويحقّقَ معه كتاب المُدَوّنة التي رواها عن أسد بن الفرات. ولماّ رجع سحنون إلى القيروان أقبل عليه اثنان من أئمة المذهب المالكي في المغرب وهما : محمد بن عبدوس ومحمد بن سحنون يُلازمانه في حلّه وترحاله مقتبسين من أدب مالك وسمته ثم ورث هذا السّمت الإمامان أبو العرب التميمي ومحمدّ بن اللبّاد ومعهم ثالث وهو الإمام أبو الفضل الممسي، واستمرت هذه السلسلة النورانية إلى أن آل الأمر إلى شيخ المدرسة المالكية في المغرب أبن أبي زيد القيرواني الذي كان يُسمَّى بمالك الأصغر لتشبّهه بالإمام مالك في سمته وأدبه رواية عملية علمية لا قولية شفوية.
إنَّ قرب عهد الإمام مالك بزمن النبوة وحياته الدائمة في رحاب المدينة المنَّورة جعلته يستشعر شخصيَّة النبي – صلى الله عليه وسلم – ويستحضره وكأنه ماثل أمام عينه في غُدُوّه ورواحه وحضره وسفره يتلمس آثار خطواته وأنوار ممشاه ولم يقتصر وراثة الأدب الإيماني متمثلاً في سمت مالك على مدرسة القيروان وإنما تلّقى عنه هذه الهيئة وهذا السمت النوراني اثنان : أحدهما من أقصى المشرق والآخر من أقصى المغرب :
أما الأوَّل وهو الإمام : يحيى بن يحيى بن بكير الخرساني إمام أهل المشرق أخذ الموطّأ عن مالك، ولماّ سُئل لماذا ضربت أكباد الإبل وقطعت المفاوز والتلال؟
فأجاب : إنما جئت لآخذ من سمت مالك.
أما الآخر فهو الإمام يحيى بن يحيى الليثي إمام أهل الأندلس.
لقد ربطت هذه المدرسة بين الفقه والأدب لأنّ القرآن الكريم قد قرن بينهما وجعل سبحانه وتعالى مهمَّة الأنبياء ودورهم يتلخص فيهما استجابة من الله لدعاء سيدنا إبراهيم – عليه السلام – حين ناجى ربَّه قائلاً: ﴿رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ .... ﴾ (129سورة البقرة).
ومرة أخرى يجمع القرآن بين التزكية والعلم مذكراً الأمة بهذه النعمة العظيمة فيقول تعالى ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ .... ﴾ (60 سورة الجمعة).
الأدب الإيماني
عرض القرآن الكريم مشهداً من مشاهد الأدب الإيماني ثم أعقب ذلك بكونه ثمرة من ثمار العلم الرباني كما في سورة المجادلة : ﴿.... إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ *وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ .... ﴾ (11سورة المجادلة). إنَّ هذا السمت الإيماني لا يُنال إلا بملازمة الرجال والعيش في كنفِ أولئك السالكين الذين نالوا قدراً عظيماً من أنوار شمس النبوة المحمدَّية.
**********************************************
يوسف بن تاشفين المرابط في سبيل الله
لقد عرف في التاريخ الإسلامي قيام دولة المرابطين، حيث كان التشرذم والتفرق والدويلات، وكثرت الألقاب في الأندلس ومنها المعتمد والمستعين والمعتصم والمتوكل إلى غير ذلك من الألقاب في هذه الحالة التي وصفها الشاعر بقوله:
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاضاً صولة الأسد
في ظل الأحوال المشينة التي شجعت الأعداء على شن حرب على المسلمين لطردهم من إسبانيا بدافع الحقد الصليبي. في حين وطّد يوسف بن تاشفين سلطانه في المغرب الأقصى وهو أحد الأمراء البارزين في التاريخ، ولقّب بعد انتصاره في معركة الزلاقة العظيمة بأمير المسلمين وناصر الدين وهو أعظم ملك مسلم في وقته، أسس أول إمبراطورية في الغرب الإسلامي من تونس إلى غانا جنوباً والأندلس شمالاً، ووحّد جميع ملوك الطوائف بدولته في المغرب.
الدكتور عبد الحليم إبراهيم حسن، كبير وعّاظ في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، يحدثنا عن هذا القائد المرابط في سبيل الله:
بعد معركة الواحات 448 هـ عينه الأمير أبو بكر اللمتوني والياً ودخل أغمات ودكها 449 هـ، وسار المرابطون وفي جملتهم يوسف نحو دولة برغواطة، وأصيب خلالها الإمام ابن ياسين حيث توفي على إثرها؛ فكان استشهاده بداية دفع يوسف إلى رئاسة الدولة.
صار يوسف قائداً وأميراً للمرابطين، وحد المغرب وضم الأندلس. خاض معركة الزلاقة ضد جيوش قشتالة وليون التي كان يقودها الملك ألفونسو السادس 12 رجب 479 ه واستدرك المسلمون بهذه الوقعة ضياع الأندلس.
إذ تحرك تحت قيادته 30 ألف رجل إلى الزلاقة. ودارت موقعة هي من أشهر المواقع الإسلامية في التاريخ إذ إن النصارى قد استعدوا لقدوم يوسف بن تاشفين فجمعوا عدداً ضخماً من المقاتلين بلغ أكثر من 300 ألف مقاتل من جميع الممالك فرنسا وإيطاليا وغيرها.
وكانت لحظات لم يعرفها الأندلسيون منذ سنوات بعد الهزيمة والذل وكان يوسف يأمر بقراءة سورة الأنفال، ويأمر الخطباء بتحفيز الناس على الجهاد وهو يقول: طوبى لمن أحرز الشهادة في سبيل الله. وقد رأى العالم والفقيه المالكي ابن الرميلة رسول الله وهو يقول له: «يا ابن الرميلة إنكم منصورون، وإنك ملاقينا».
فقام الشيخ وهو يعلم أنه رؤية الرسول، صلى الله عليه وسلم، حق وأيقظ الناس وأخبرهم ببشرى رسول الله. واستعد المسلمون للحرب يوم الجمعة بعد صلاة الفجر واستخدم يوسف خطة خالد بن الوليد رضي الله عنه إذ قسّم الجيش لثلاث فرق ثم قسم جيشه إلى فرقتين وارتاعت قلوب أعدائهم من كثرة عددهم، وأمد الله بنصره عبادة المؤمنين وقذف في قلوب المشركين الرعب. وهناك كانت مواقف يوسف بن تاشفين العجيبة حين ترك الغنائم لأهل الأندلس ولسان حاله يقول (لا نريد منكم جزاء ولا شكورا).
أجل لقد كان نجداً بطلاً شجاعاً مهاباً ضابطاً لملكه، متفقداً لرعيته، حافظاً لبلاده وثغوره، ومواظباً على الجهاد، مؤيداً منصوراً، زاهداً في الدنيا، لباسه الصوف، وأكله الشعير ولحوم الإبل وألبانها، نشأ وترعرع على تعاليم ابن ياسين رحمه الله، ونبغ في الحرب وفي السياسة الشرعية، وتتلمذ على يد الفقهاء العظام.
بنى مدينة مراكش 465 هـ، وجعلها عاصمة لملكه ومنها وحّد القبائل. عرف بالحزم في الجهاد، واللين والتواضع في الخير، وكأنه يتمثل عمر بن الخطاب في شخصيته، قال الذهبي: كان ابن تاشفين كثير العفو، مقرباً للعلماء وقال أيضاً كان حسن السيرة، خيّراً عادلاً.
وقال المستشرق يوسف أشباخ عنه: هو أحد أولئك الأفذاذ الذين يلوح أن القدر اصطفاهم لتغيير وجه الحوادث في التاريخ. رحمه الله رحمة واسعة جزاء ما قدم للإسلام والمسلمين.
**********************************************
قصة وعبرة
هناك زوجين ربط بينهما الحب والصداقة فكل منهما لا يجد راحته إلا بقرب الآخر
إلا أنهما مختلفين تماماً في الطباع
…
فالرجل هادئ ولا يغضب في أصعب الظروف
وعلى العكس زوجته حادة وتغضب لأقل الأمور
وذات يوم سافرا معاً في رحلة بحرية
أمضت السفينة عدة أيام في البحر وبعدها ثارت عاصفة كادت أن تودي بالسفينة، فالرياح مضادة والأمواج هائجة ..
امتلأت السفينة بالمياه وانتشر الذعر والخوف بين كل الركاب حتى قائد السفينة لم يخفي على الركاب أنهم في خطر وأن فرصة النجاة تحتاج إلى معجزة من الله،
لم تتمالك الزوجة أعصابها فأخذت تصرخ لا تعلم ماذا تصنع ..
ذهبت مسرعه نحو زوجها لعلها تجد حل للنجاة من هذا الموت وقد كان جميع الركاب في حالة من الهياج ولكنها فوجئت بالزوج كعادته جالساً هادئاً، فازدادت غضباً
و اتّهمتهُ بالبرود واللامبالاه
نظر إليها الزوج وبوجه عابس وعين غاضبة استل خنجره ووضعه على رقبتها وقال لها بكل جدية وبصوت حاد:
ألا تخافين من الخنجر؟
نظرت إليه وقالت: لا
فقال لها: لماذا ؟
فقالت: لأنه ممسوك في يد من أثق به واحبه ؟
فابتسم وقال لها: هكذا أنا، كذلك هذه الأمواج الهائجة ممسوكة بيد من أثق به وأحبه فلماذا الخوف إن كان هو المسيطر على كل الأمور !!؟
**********************************************
ذهب الكلام:جـــــاء ليسرقنـــــــا .. فسرقنـــــا قلبـــــــه
دخل لص بيت مالك بن دينار ” رحمه الله “
فبحث… عن شئ يسرقه فلم يجد ثم نظر فإذا بمالك يصلي
…فعندها سلم مالك ونظر إلى اللص فقال :
” جئت تسأل عن متاع الدنيا فلم تجد … فهل لك في الآخرة من متاع ؟! ”
فإستجاب اللص وجلس وهو يتعجب من الرجل !!
فبدأ مالك يعظ فيه حتى بكى
وذهبا معاً إلى الصلاة .. وفي المسجد تعجب الناس من أمرهما :
” أكبر عالم مع أكبر لص .. أيعقل هذا ؟؟! ”
فسألوا مالكاً فقال لهم :
” جـــــاء ليسرقنـــــــا .. فسرقنـــــا قلبـــــــه
**********************************************
الشاعر علي الكيلاني
والد الشهيد
والد الشهيد
جبتك ولي هاذا النهار نبيك
عارف ايبيك الوطن بيناديك
وكيفاما نبيك القيتك
ورفعت راسي وشاني
علي قيس نيتي ونيتك
ربي الصبر عطاني
قبلك اجدودك تابعين اجدود
علي شرف وطنك عاطيين عهود
وفيت ما قصرت
طريق الشهاده اخترت
ربي امبارك فيك
شهيد ورضيت عليك
وعارف ايبيك الوطن بيناديك
موش كل حد يعطيه ربي كيفك
يا شهيدنا من حفرتك للجنه
بي طاعتك ليا و قبضة سيفك
وعديت برضايه وفرض وسنه
ولدي وسبق قدامي
ونا لاحقه نلقاه هو وجدودي
مارميت ربي رامي
جمعنا الله عنده وهي مقصودي
وهاذي دريبت خير
عليها الرجال تسير
ربي امبارك فيك
عديت وين نبيك
وعارف ايبك الوطن بيناديك
اللي جايين وفيك بي يعزوني
يقولوا عطاك الله كفي ووفي
بدل ما يعزوا في بيهنوني
بدل الجنازه حولوها زفه
ياعريس يالله زينه
لي دار فيها الصالحين جوارك
فطاعة الله ونبينا
والوطن حافظ بالشرف مقدارك
ياشهيدنا يا قدوه
وكل حر يحذي حذوه
يرحم الله ولديك
عديت وين نبيك
وعارف يبيك الوطن بيناديك
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
26 رمضان 1437هـ -1-7- 2016م
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا * بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
صدق الله العلي العظيم
مناجاة
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا * بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ
صدق الله العلي العظيم
مناجاة
اللّهم ارزقني فضل قيام ليلة القدر، وسهل أموري فيه من العسر إلى اليسر، واقبل معاذيري وحطّ عني الذنب والوزر، يا رؤوفاً بعبادك الصالحين، إلهي وقف السائلون ببابك، ولاذ الفقراء بجنابك، ووقفت سفينة المساكين على ساحل كرمك يرجون الجواز إلى ساحة رحمتك ونعمتك، اللّهم ما قسمت في هذه الليلة من علم ورزق وأجر وعافية فاجعل لنا منه أوفر الحظ والنصيب.
اللّهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ومجدك، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق النور الذاتي، والسرّ السّاري في سائر الأسماء والصفات، وعلى آله وصحبه وسلّم.
اللهم اجعلني في هذا اليوم محباً لأوليائك، ومعادياً لأعدائك، مستناً بسنة خاتم أنبيائك يا عاصم قلوب النبيين.. اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل، وأعوذ بك من يوم السوء، ومن ليلة السوء، ومن ساعة السوء، ومن صاحب السوء، ومن جار السوء في دار المقامة.. اللهم أكثر مالي وولدي.. وبارك لي فيما أعطيتني، اللهم إني أسألك يا الله بأنك الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم، لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم... اللهم إني أسألك الجنة وأستجير بك من النار، اللهم رحمتك ارجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت. اللهم طهرني من الذنوب والخطايا اللهم نقني منها كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
****************************************************
عن ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر : ليلة القدر ليلة سمحة طلقة لا حارة و لا باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء
عن زر رضي الله عنه قال : قلت لأبي بن كعب رضي الله عنه أخبرني عن ليلة القدر فإن صاحبنا (يعني بن مسعود) سئل عنها فقال من يقم الحول يصبها قال : رحم الله أبا عبد الرحمن لقد علم أنها في رمضان ولكنه كره أن يتكلوا أو أحب أن لا يتكلوا والله إنها لفي رمضان ليلة سبع وعشرين لا يستثني قال : قلت : يا أبا المنذر أني علمت ذلك قال بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قلت لزر : ما الآية قال تطلع الشمس صبيحة تلك الليلة ليس لها شعاع مثل الطست حتى ترتفع .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في ليلة القدر : إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا نبي الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : تقولين : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .
عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوا ليلة القدر ليلة سبع و عشرين .
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني كنت أُرِيت ليلة القدر ثم نسيتها وهي في العشر الأواخر وهي طلقة بجة لا حارة ولا بردة كأن فيها قمرا يفضح كواكبها لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا نبي الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : تقولين : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .
****************************************************
بسم الله الرحمن الرحيم
1) إنا 2) أنزلناه 3) في 4) ليلة 5) القدر 6) وما 7) أدراك ما 9) ليلة 10) القدر 11) ليلة 12) القدر 13) خير 14) من 15) ألف 16) شهر 17) تنزل 18) الملائكة 19) والروح 20) فيها 21) باذن 22) ربهم 23) من 24) كل 25) أمر 26) سلام 27) هي 28) حتى 29) مطلع 30)الفجر صدق الله العظيم
عدد كلمات سورة القدر 30 كلمة بعدد أجزاء القرآن الكريم .. وعدد احرفها 114 حرف بعدد سور القرآن الكريم .. وكلمة هي في كلمة رقم 27 والمرجح إنها ليلة القدر .. وكلمة القدر في السورة تكررت في أرقام 5-10-12 وعند جمعهم 12+10+5 =27 وهذا يرجح أن ليلة القدر هي ليلة 27 مرة أخرى. والله أعلم
****************************************************
عن زر رضي الله عنه قال : قلت لأبي بن كعب رضي الله عنه أخبرني عن ليلة القدر فإن صاحبنا (يعني بن مسعود) سئل عنها فقال من يقم الحول يصبها قال : رحم الله أبا عبد الرحمن لقد علم أنها في رمضان ولكنه كره أن يتكلوا أو أحب أن لا يتكلوا والله إنها لفي رمضان ليلة سبع وعشرين لا يستثني قال : قلت : يا أبا المنذر أني علمت ذلك قال بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قلت لزر : ما الآية قال تطلع الشمس صبيحة تلك الليلة ليس لها شعاع مثل الطست حتى ترتفع .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في ليلة القدر : إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا نبي الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : تقولين : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .
عن معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : التمسوا ليلة القدر ليلة سبع و عشرين .
عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني كنت أُرِيت ليلة القدر ثم نسيتها وهي في العشر الأواخر وهي طلقة بجة لا حارة ولا بردة كأن فيها قمرا يفضح كواكبها لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها.
عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا نبي الله أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أقول ؟ قال : تقولين : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني .
****************************************************
بسم الله الرحمن الرحيم
1) إنا 2) أنزلناه 3) في 4) ليلة 5) القدر 6) وما 7) أدراك ما 9) ليلة 10) القدر 11) ليلة 12) القدر 13) خير 14) من 15) ألف 16) شهر 17) تنزل 18) الملائكة 19) والروح 20) فيها 21) باذن 22) ربهم 23) من 24) كل 25) أمر 26) سلام 27) هي 28) حتى 29) مطلع 30)الفجر صدق الله العظيم
عدد كلمات سورة القدر 30 كلمة بعدد أجزاء القرآن الكريم .. وعدد احرفها 114 حرف بعدد سور القرآن الكريم .. وكلمة هي في كلمة رقم 27 والمرجح إنها ليلة القدر .. وكلمة القدر في السورة تكررت في أرقام 5-10-12 وعند جمعهم 12+10+5 =27 وهذا يرجح أن ليلة القدر هي ليلة 27 مرة أخرى. والله أعلم
****************************************************
لَيْلَةُ الْقَدْرِ
إن الله تعالى هو المتفرد بالخلق والاختيار كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ } [القصص: 68] ، والمراد بالاختيار هنا هو الاجتباء والاصطفاء ، فالله - جل وعلا - لكمال حكمته وقدرته ولتمام علمه وإحاطته يختار من خلقه ما يشاء من الأوقات والأمكنة والأشخاص فيخصهم سبحانه بمزيد فضله وجزيل عنايته ووافر إنعامه وإكرامه ، وهذا بلا ريب من أعظم آيات ربوبيته وأكبر شواهد وحدانيته وكمال صفاته ، وهو من أبين الأدلة على كمال قدرته وحكمته وأنه يخلق ما يشاء ويختار وأن أزِمَّةَ الأمور بيده ؛ فلله الأمر من قبل ومن بعد ، يقضي في خلقه ما يشاء ويحكم فيهم بما يريد { فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [36] وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الجاثية: 36-37] .
وإن مما خص الله عز وجل من الأوقات بمزيد تفضيله ووافر تكريمه شهرَ رمضان حيث فضَّله سبحانه على سائر الشهور ، والعشرَ الأواخر من لياليه حيث فضلها على سائر الليالي ، وليلةَ القدر حيث جعلها لمزيد فضلها عنده وعظيم مكانتها لديه خيراً من ألف شهر ، وفخَّم أمرها وأعلى شأنها ورفع مكانتها عندما أنزل فيها وحيه المبين وكلامه الكريم وتنزيله الحكيم هدى للمتقين وفرقاناً للمؤمنين وضياء ونوراً ورحمة للعالمين ، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ [3] فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [4] أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [5] رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [6] رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ [7] لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الدخان: 3-8] ، وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1] وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [2] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [3] تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ [4] سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر] . فلله ما أعظمَها من ليلة وما أجلَّها وأكرمَها، وما أوفرَ بركتَها :
- ليلة واحدة خير من ألف شهر !! ومعنى ذلك أنها خير من ثلاثين ألفَ ليلةٍ ، وألفُ شهرٍ تزيد على ثلاثة وثمانين عاماً فهو عمر طويل لو قضاه المسلم كلَّه في طاعة الله عز وجل ، فليلة القدر وهي ليلة واحدة خير منه وهذا فضل عظيم . قال مجاهد: ((ليلة القدر خير من ألف شهر ليس في تلك الشهور ليلة القدر))، وهكذا قال قتادة والشافعي وغير واحد .
- وفي هذه الليلة الكريمة المباركة يكثر تنزل الملائكة لكثرة بركتها ، فالملائكة يتنزَّلون مع تنزل البركة والرحمة كما يتنزَّلون عند تلاوة القرآن وفي حلق الذكر .
- وهي سلام حتى مطلع الفجر يعني أنها خير كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر .
- وفي هذه الليلة الكريمة المباركة يُفْرق كل أمر حكيم أي يقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة بإذن الله العزيز الحكيم ، والمراد بالتقدير أي التقدير السنوي ، أما التقدير العام في اللوح المحفوظ فهو متقدِّم على خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحت بذلك الأحاديث ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل ليلة القدر أنه قال: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(1).
وليلة القدر هي قطعاً في شهر رمضان المبارك لقوله تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] مع قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } وهي أرجى ما تكون فيه في العشر الأواخر منه لقوله صلى الله عليه وسلم : (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))(2) ، وطلبها في أوتار العشر آكد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى ))(3) .
قال ابن حجر في الفتح : تحت (بَابٌ تَحَرِّي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ) : " فِي هَذِهِ التَّرْجَمَة إِشَارَة إِلَى رُجْحَان كَوْن لَيْلَةِ الْقَدْرِ مُنْحَصِرَةً فِي رَمَضَان ، ثُمَّ فِي الْعَشْر الْأَخِيرِ مِنْهُ ، ثُمَّ فِي أَوْتَارِهِ لَا فِي لَيْلَةٍ مِنْهُ بِعَيْنِهَا ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَجْمُوع الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِيهَا "(4) اهـ .
وقد ذكر العلماء أن من حكمة إخفائها وعدم تعيينها في النصوص : أن يجتهد المسلمون في جميع العشر بطاعة الله تعالى بالتهجد وقراءة القرآن والإحسان ، وليتبين بذلك النشيط والمجد في طلب الخيرات من الخامل الكسلان، ولأن الناس لو علموا عينها لاقتصر أكثرهم على قيامها دون سواها ، ولو علموا عينها ما حصل كمال الامتحان.
إن الواجب علينا جميعاً أن نحرص تمام الحرص على طلب هذه الليلة المباركة لنفوز بثوابها ولنغنم من خيرها ولنُحَصِّل من أجورها ، فإن المحروم من حُرم الثواب ومن تمر عليه مواسم المغفرة ويبقى محملاً بذنوبه بسبب غفلته وإعراضه وعدم مبالاته ؛ فطوبى لمن نال فيها سبق الفائزين ، وسلك فيها بالقيام وحُسن العمل سبيل الصالحين، وويل لمن طُرِدَ في هذه الليلة عن الأبواب وأغلق فيها دونه الحجاب وانصرفت عنه هذه الليلة وهو مشغول بالمعاصي والآثام مخدوع بالأماني والأحلام مضيِّع لخير الليالي وأفضل الأيام ؛ فيا عظمَ حسرتَه ويا شدةَ ندامتَه .
من لم يربح في هذه الليلة الكريمة ففي أي وقت يربح !! ومن لم يُنِبْ إلى الله في هذا الوقت الشريف فمتى ينيب!! ومن لم يزل متقاعساً فيها عن الخيرات ففي أي وقت يعمل !! قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ ))(5).
ويستحب للمسلم أن يكثر فيها من الدعاء لأن الدعاء فيها مستجاب ، وليتخير من الدعاء أجمعه ، روى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو ؟ قَالَ : تَقُولِينَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي))(6) ، فإن هذا الدعاء عظيم المعنى عميق الدلالة وهو مناسب لهذه الليلة غاية المناسبة ، فهي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم وتقدَّر فيها أعمال العباد لسنة كاملة حتى ليلة القدر الأخرى ، فمن أعطي في تلك الليلة العافية وعفا عنه ربه فقد أفلح غاية الفلاح، ومن أعطي العافية في الدنيا وأعطيها في الآخرة فقد أفلح ، والعافية لا يعدلها شيء ؛ فلنتحر خير هذه الليلة وبركتها بالمحافظة على الصلوات المفروضة ، وكثرة القيام ، وأداء الزكاة ، وبذل الصدقات ، وحفظ الصيام ، وكثرة الطاعات ، واجتناب المعاصي والسيئات ، والندم والتوبة من الذنوب والخطيئات ، والإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن.
اللهم وفقنا لقيام ليلة القدر واجعلنا ممن يقومها إيماناً واحتساباً واعف عنا إنك عفو كريم.
(1) رواه البخاري (1901)، والنسائي (2195) .
(2) رواه البخاري (2020)، ومسلم (1169) .
(3) رواه البخاري (2021) ، ومسلم (1165) .
(4) فتح الباري (4/259، حديث رقم 2017).
(5) رواه ابن ماجه (1644) .
(6) سنن ابن ماجه (3850) .
****************************************************
التسامح ثمرة التواضع
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
إذا تخلّق الشخص بخلق التسامح ظهر ذلك على سلوكه مع الآخرين، فيكون إنساناً كريماً، طيباً، سهلاً ومتواضعاً، والتواضع خلق شريف كريم، يعد من أرفع الأخلاق ودليل محبة رب العالمين، هو الطريق إلى سعادة العبد في الدنيا والآخرة، هو السبيل لحصول الرفعة والبركة في المال والعمر، هو الذي يجعل الناس الصادقة تحبك وتتأثر بك، هو خلق الأنبياء والصالحين، أثنى الله، عز وجل، على عباده المتحلين بخلق التواضع بقوله: «وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً»، وقال مخاطباً نبيه عليه الصلاة والسلام، وهو في الحقيقة خطاب يوجه للأمة من باب أولى: «واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين»، إشارة إلى أنك كقائد ستكسب من معك بالتواضع ليس بالجاه والمال فقط، وعندما جاء النبي، عليه الصلاة والسلام، بالرسالة إلى قومه، رفض جمع من الكبراء الإيمان به بحجة أن أتباعه ضعفاء وفقراء ورعاة الغنم، حالهم كحال قوم نوح عندما قالوا له «ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادئ الرأي» هنا علم الله نبيه وأمره أن يبقى مع المؤمنين ويتواضع معهم ولا يلتفت إلى خلق الجاهلية الذي فيه التكبر على الضعيف واستصغاره، قال تعالى: «واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا»، التواضع فيه برهان أن هذا الشخص قدر نعم الله عليه وشكرها، فيه برهان على قربه من ربه، فيه دليل على تسامحه وإخلاصه، وله تأثير إيجابي عجيب في بقاء الود بين الناس، ويساهم مساهمة أكيدة في زيادة الترابط وتقوية العلاقة بالآخرين، لذا حث عليه النبي عليه الصلاة والسلام قولا وفعلا، قال: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد»، وقال في الحديث الذي رواه الإمام مسلم«... وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله»، فمن أراد الرفعة في دنياه وآخرته لزم التواضع، ونزل إلى الناس، وصار قريباً منهم.
التواضع يكسب السلامة ويورث الألفة ويزيل الحقد ويذهب الصد، وثمرة التواضع المحبة، كما أن ثمرة القناعة الراحة، وإن تواضع الشريف يزيد في شرفه، كما أن تكبر الوضيع يزيد في ضعته، وقد أخطأ خطأ فاحشا من ظن أن التواضع يضعف الشخصية، بل لا شخصية دون تواضع، ويكفي مثالا على هذا ما حدث لقارون، هذا الرجل الذي تكبر كونه ذا مال وجاه واغتر بذلك، فكيف كانت نهايته !
وأين ذهب جبروته !، فالشخصية الرفيعة لا تكون بالكبر والترفع ورفع الأنف، إنما بالتواضع والاحتكاك بالآخرين والسؤال عن حالهم، لا يمكن لقائد أو مسؤول أو مدير أو صناع القرار أن ينجحوا في مهمتهم دون هذا الخلق، لأن القائد الحقيقي هو الذي يشارك فريقه، وينزل معهم إلى الميادين، وينسب إنجازهم لهم، يكون معهم في الصفوف الأولى ليكون قدوة لهم، بخلاف ذاك الشخص الذي يظن نفسه قائدا وهو بعيد عن الناس ويغلق باب مكتبه، ويصدهم، فأي تطوير سيقدم هذا النوع ! وأي إنجاز سيظهر على يديه!، حقا لا يمكن لهذا النوع أن ينجح في زمن التحديات والإبداع والابتكار.
التواضع ليس مجرد كلمة أو أمنية، إنما هو عمل، وما نراه نحن اليوم في بلادنا من حكامنا يدعو للفخر والاعتزاز، عندما ترى القائد يتجول بين أبناء شعبه، ويتابع أعمالهم، ويحضر أفراحهم وأحزانهم، عندما تراه يعمل مع فريقه ويطلع على الأمور بنفسه، ويحتضن أفراد جيشه، ويحقق حاجيات أسرهم، هنا اعلم أنك في خير، وأننا في عز وسلام وتقدم، وهكذا يفعل التواضع بأهله. سائلا الله أن يديم علينا نعمه ويرزقنا التواضع والخلق الرفيع.
****************************************************
روائع الاستنباط من القرآن:الفقه والأدب..صنوان لا يفترقان-2
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
لقد ظلّ الأدب الإيماني يتنقل في سلوك الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم يتوارثونه كما يتوارثون العلم ويربُّونَ عليها ناشئتهم جيلاً بعد جيل.
وفي هذا المعنى يقول التابعي مجاهد بن جبر: صحبتُ ابن عمر لأخدمه فكان يخدمني وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاَّم صاحب كتاب الأموال: ما دققْتُ على محدِّثٍ بابه قَطّ، وفي رواية: ما أتيتُ قطّ فاستأذنت عليه، ولكن صبرتُ حتى يخرج إلي وإني تأوّلتُ قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾.
وفي قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
فضيلة العفو
قال ابن كثير: وما أحسن ما استنبط الإمام مالك، رحمه الله، من هذه الآية الكريمة: أنَّ الذي يَسُبُّ الصحابة ليس له من مال الفيء نصيب لعدم اتّصافه بما مَدَح الله بِه هؤلاء في قولهم ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾.
ويذكر المؤرخون أنَّ زين العابدين كانت جاريتُه تصب الماء على يديه فوقع عنها الكوز فانكسر فنظر إليها غضباً فقالت له: (والكاظمين الغيظ) قال: كظمت غيظي.
قالت: (والعافين عن الناس) قال: عفوتُ عنك.
قالت: (والله يحبُ المحسنين) قال لها اذهبي فأنت حْرَّةْ لوجه الله.
لقد كان لكتاب الله وكلامه هيبة في نفوسهم ترتجف به فرائصهم ويقولون: سمعنا وأطعنا.
ذكر الله
ورَوى عبدالله بن نافع عن أبيه عن عمر قال: ما رأيتُ عُمرَ غضب قَطّ فذُكر الله عنده أو خُوّف أو قرأ عنده إنسان آية من القرآن إلا وقف عما كان يريد.
وقال سليمان بن حرب: كان حماد بن زيد إذا حدَّث قرآناً نتكلم لم يُحدثنا.
منزلة الأدب
ومما يثير الاهتمام في كتب العارفين أن أرباب السّلوك في مصنفاتهم قد اعتادوا أن يُفْردوْا للأدب باباً مستقلاً، ويعدّونَه من المنازل الإيمانية العالية الغالية التي لا تُنال بالقيل والقال ولا الانشغال بسفاسف الفعال، وإنّما هو نوع من السمت الإيماني الذي يكسو صاحبه الوقار، ويضفي عليه الرزانة والهيبة مَنّاً من الله وكرامةً .
وهذه المنزلة عند القوم مرتبطةٌ بالعلم لا تنفكُ عنها أبداً.. ولعلّنا لا نعجب إذا ما أطربت مسامعنا مقالة رائدهم وحادي مسيرتهم الإمام الجليل عبدالله بن المبارك: (نحن إلى قليل من الأدب أحوج منّا إلى كثير من العلم).
ثم بين هذه الحقيقة بقوله: (الأدب معرفةُ رُعونة النّفس وتجنّب تلك الرعونات).
وقال أصحاب عامر الشعبي له:
إنا لنستحي من كثرة ما نسأل فتقول لنا لا أدري؟
فقال: إن ملائكة الله المقَّربين لم يستحيوا حين سُئلوا عما لا يعلمون فقالوا:
﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.
وكان يقول: إنَّ الفقيه من ورع عن محارم الله والعالم مَنْ خاف الله وآفة المودَّة خُلْف الوعد.
التحذير من التقصير
كان الإمام أبو سليمان الدراني يحذر أصحابه من التقصير في السّنة لأنه يحرم العبدْ من الأدب الذي يلحقه بزمرة الصالحين، فقد شكى إليه أحدهم أنه لم يوتر البارحة ولم يصلِّ سنة الفجر؟ فأجابه محّذراً: بما كسبت يداك، وما الله بظلام للعبيد، شهوة أصبتها، أحذر صغير الذنب فإنه يجرُّ إلى كبيرة، وكان يقول: مَنْ أحسَن في نهاره كُفي في ليله، ومَنْ أحْسَن في ليله كُفي في نهاره، ويقول: ذهب المطيعون لله بلذيذ العيش في الدنيا والآخرة.
****************************************************
عبد الرحمن الناصر موحد الأندلس وباني «الزهراء»
في أواخر القرن الثالث الهجري كانت الأندلس تعيش فترات في غاية السوء، إن كان على الصعيد السياسي، حيث التشرذم والفتن والقلاقل تسود البلاد، أو على الصعيد الاجتماعي حيث انتشر اللصوص وقطاع الطرق، وفقد الناس الأمان، مما أطمع الممالك الأوروبية المجاورة في الهجوم على البلاد وسلبها، واقتطاع أجزاء منها، لما رأوه من سوء حالها، وضعف قادتها وجيوشها.
في هذه الأثناء تولى إمارة قرطبة شاب يافع في الثانية والعشرين من عمره، هو عبدالرحمن بن محمد، الذي يعود نسبه إلى عبد الرحمن الداخل مؤسس الدولة الأموية في الأندلس.
عمر رسلان الباشا، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن مآثر هذا القائد الإسلامي:
كان هذا الأمير قد نشأ يتيماً، فقد قتل أبوه بعد أحد وعشرين يوماً فقط من ولادته، فتربى في كنف جده أمير قرطبة عبدالله بن محمد، ورأى فيه جده من القوة في شخصيته، والعظمة في نفسه وخلقه، ما جعله يوليه الإمارة من بعده، برغم وجود من هو أكبر وأولى بها منه، قال ابن حزم الأندلسي: كانت خلافته من المستطرف؛ لأنه كان شاباً، وبالحضرة جماعة من أعمامه، وأعمام أبيه، فلم يعترض معترض عليه.
وقال مؤرخ الإسلام الذهبي: وتوفي جدّه عبد الله الأمير فِي سنة ثلاث مئة، فولي عبد الرَّحمن الأمر بعد جدّه. وكان ذلك من غرائب الوجود، لأنّه كان شابّاً وبالحضرة أكابر من أعمامه وأعمام أبيه. وتقدَّم هو، وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، فاستقام له الأمر.
وبالفعل كان الأمير الشاب عند حسن ظن جده، فإذا به يسير على خطا عبد الرحمن الداخل، فينطلق بما أوتيه من همة الشباب، وعزم الفتوة في الجهاد، ومنازلة الأعداء، ومقارعة أهل الشقاق، لا يكاد يهدأ أو يقعد طوال فترة حكمه، وما هي سوى أعوام معدودة حتى استطاع ضم إشبيلية وغرناطة وجيان لحكمه، بعدها قاتل مملكة ليون وانتصر عليها وأصبح غرب الأندلس أيضاً تحت حكمه، ثم استمر في الفتوحات، الحصن بعد الحصن، والقلعة إثر القلعة حتى توحدت الأندلس كلها، وأصبحت الدولة العظمى والأقوى في ذلك الزمن، وكان لا يفتح مدينة أو قلعة إلا وأصلح حالها، وأقام العدل بين أهلها، وبنى لهم المدارس والمساجد ودور التطبيب، حتى أصبحت الأندلس في عهده قبلة العالم، وأكثر الدول حضارة ورقياً وعزاً، وأصبحت عاصمته قرطبة من أعظم مدن العالم إلى جانب بغداد، وكان يتوافد عليها طلبة العلم من أنحاء أوروبا، حتى إن ملك إنكلترا بعث برسالة يرجو فيها الناصر لدين الله أن يعلم أربعة طلاب في جامعة قرطبة، وذيلها بالتوقيع التالي: «خادمكم المطيع ملك إنجلترا».
يقول لسان الدين ابن الخطيب واصفاً الأمير الناصر وخلافته وما حقق فيها: «ولي الخلافة، فعلا جدّه، وبعُد صيته، وتوطّأ ملكه، وكأن خلافته كانت شمساً نافية للظلمات، فبايعه أجداده وأعمامه وأهل بيته، على حداثة السّن، وجِدة العمر، فجدّد الخلافة، وأحيا الدعوة، وزيّن الملك، ووطّد الدولة، وأجرى الله له من السّعد ما يعظم عنه الوصف ويجلّ عن الذكر، وهيّأ له استنزال الثوار والمنافقين واجتثاث جراثيمهم».
وقام بعد ذلك ببناء مدينة الزهراء، فأنفق في بنائها نفقة عظيمة، واعتنى بها عناية كبيرة، فكانت بحق أعظم مدينة في الأرض، بل أعجوبة من أعاجيب الدهر، ومازال صرحها قائماً حتى يومنا هذا يشهد، بما بلغته الأندلس في عهد عبد الرحمن الناصر من تقدم وتطور على كافة الصعد العلمية والهندسية والفنية.
وفي عام 350هـ، طوى الأمير صفحة حياته، وحينما مات وجد المؤرخون رسالة كان قد كتبها يعد فيها الأيام التي ارتاح فيها، فوجدوها أربعة عشر يوماً فقط. أما بقية حياته فكانت عملاً وخدمة للأمة، وإنجازات تشهد بعظمته وعلو شأنه. رحمه الله رحمة واسعة.
****************************************************
ذهب لكلام:إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِقُوهَا
يشي المثل «إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِقُوهَا» بالقول الفصل الذي يكتسب مصداقيته من صاحبه الذي لا يعرف عنه الخطل ولا الزلل، ويمكننا أن نجريه في زماننا هذا على وكالات الأنباء التي تحترم مهنيتها فلا تورد أخباراً مغرضة أو غير مؤكدة.
وقد سميت حَذامِ بهذا الاسم لأن ضرتها حذمت يدها بشفرة، فصبت حذام عليها جمراً في المقابل، فبرشت الضرة، وسميت البرشاء «بمعنى أن في لونها نُقطاً مختلفة»، وأما صاحبة المثل فهي حذام بنت الريان بن خسر بن تميم.
وقد ذكر المؤرخون أن عاطس بن الجلاح الحميري صار إلى قومِها في جموعٍ فاقتتلوا، ثم رَجِعَ الحميري إلى معسكره وهرب قومُها، فساروا ليلتهم ويومهم إلى الغد، ونزلوا الليلة الثانية، فلما أصبح الحميري ورأى جلاءهم اتبعهم، فانتبه القطا من وقع دوابهم، فمرت على قوم حذامِ قِطَعاً قِطعاً، والعرب معروفة بالفطنة واستنباط الأخبار من تصرفات الحيوان، فخرجت حذامِ إلى قومها فقالت:
ألا يا قَومَنا ارتَحِلُوا وسِيرُوا فَلو تُرِكَ القَطَا لَيلاً لَنَامَا
فقال زوجها الشاعر لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل:
إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا
فَإِنَّ القَولَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
فارتحلوا حتى اعتصموا بالجبل، ويئس منهم أصحاب عاطس فرجعوا،
وهكذا أصبح اسم حَذامِ مضرب المثل في صدق القول، وصحة النقل، فمن الأمثال التي أوردها أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه: القول ما قالت حذام كما أورده غير واحد ممن جمع أمثال العرب.
ويقال لمن اعتمد قولُه في نقل الآراء العلمية: حذام المذهب... وقال صاحب المثل السائر عن أبي تمام: وكان قوله في البلاغة ما قالت حذامِ..
وقد تمثل بهذا المعنى كثير من الشعراء والأدباء والكتاب العرب تعزيزا لما يذهبون إليه من قول، فقال المعري:
إِذا ما جاءَني رَجُلٌ حُذامٌ
فَإِنَّ القَولَ ما قالَت حَذامِ
وقال آخر:
أندى يداً في الجودِ من حاتمٍ
أصدق في أقوالهِ من حَذامِ
واستشهد بالبيت غير واحد من النحاة على بناء الأعلام المؤنثة التي جاءت على وزان «فَعَالِ» على الكسر دوماً، فتقول: جاءت حذامِ، ورأيت حذامِ، ومررت بحذامِ، وذلك في لغة الحجازيين، وخالفهم بنو تميم فأعرب بعضهم هذه الأعلام بالضم رفعاً، وبالفتح نصباً وجرًا، وفصّل بعضهم بما تراه عند العلامة ابن هشام في أول القطر، واستشهد بهذا البيت قديماً المبرد في كتابه «الكامل».
****************************************************
قصة وعبرة
يحكى أن هناك ملك و له وزير , الوزير يردد دائماً عبارة كله خير و في أحد الأيام توفيت أم الملك فجاء الناس لتعزية الملك و مواساته و بينما كان الوزير يواسي الملك قال له كله خير! غضب الملك من كلام وزيره فقال له أي خير بموت أمي فقال الوزير إنها توفت و هي راضية عنك و ما أدراك لو أنها عاشت أكثر أن لا تغضب عليك و تموت على ذلك , و مرت الأيام و في إحداها كان الملك يقطع الفاكهة بالسكين فأصاب أصبعه و قطعه فقال الوزير كله خير فغضب الملك غضباً شديداً و قال لوزيره أي خير و قد قطع أصبعي و أمر بسجن الوزير , و بينما كان الحراس يقتادونه إلى السجن قال كله خير , و في اليوم الثاني خرج الملك للصيد و بينما كان يمشي بمفرده في الغابة أمسكت به عشيرة تعبد الأصنام و أرادوا تقديمه قربان لآلهتهم و بينما هموا بقتله صاح أحدهم و قال هذا لايصلح أن يكون قرباناً للآلهة لأن اصبعه مقطوع و قاموا بإطلاق سراحه و عندما رجع الملك إلى قصره أمر بإطلاق سراح الوزير و حكى له القصة ثم سأله إن كان الخير في نجاتي منهم بسبب اصبعي المقطوع فأين الخير الذي و جدته أنت عندما أمرت بسجنك فقال له الوزير و جدت الخير بأني لم أذهب معك إلى الصيد في الغابة و إلا كنت أنا القربان المقدم للصنم .كله خير هذه حياتنا و من هذه القصة نتعلم أنه مهما كان الأمر فدائماً علينا أن نطلب من الله الخير , قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ و ليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ و إنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ " , رواهُ مُسْلِمٌ
****************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الشك
الشك
شكيت غير قلت بالكش واهم
وما نيش فاهم
ثريته بلا شك هو اللي وراهم
شكيت غير قلت باك ضيق خاطر
وقلبي اساطر
ووسوس توسويس شيطان شاطر
ثريته بلا شك صابح وفاطر
داير غداهم
ويعول علي رجل وحده لعشاهم
وهوا بلا شك سبب القاطر
سحره عماهم
بريش وبلا ريش عدوا كلاهم
شكيت غير قلت بالك شطانه
ونظلم جنانا
هلي عرفناه يفزع معانا
ثريته. بلا شك هولي خذانا
وثريته جناهم
انبعنا علي ايديه لينا عطاهم
يصفر ويسحاب رحنا محانا
جرا في هواهم
ولكن بلا شك رايح اعماهم
شكيت غير قلت بالك تهمته
وحتي ظلمته
ولاوين بشك ماشي ولمتى
ثريته بلا شك بوبح بصمته
يا ما كماهم
وحافظ علي سر سره بغلاهم
ولاني ولد خوه لا ولد عمته
ولا من ضناهم
ولا اللقب لا سماي يشبه اسماهم
شكيت غير قلت بالك نفوت
شفته يتغوت
ثريته علي الشر نفسه تنوت
ويعجن علي الموج زمت وحوت
عطاهم اكراهم
وودر رفاقاه جمله محاهم
هم سعيدين واحنا نموت
وسمعهم وراهم
ترقي زغاريت فرحت انساهم
شكيت غير قلت باك يتحايا
ويعيد رايه
ثريته بلا شك سر الحكايه
يجري علي فلم جاب النهايه
وعرم بلاهم
علي روس لحرار درنا عزاهم
والوطن لين طاب طيبت شوايه
ولجواد هاهم
ايحوموا بلاء وطن مبعد جباهم
شكيت غير قلت ماهوش فيها
ولا هوش ليها
ثريته بلا شك جاري عليها
سافل وما دار غير السفيها
راوي بماهم
وهو دم لجواد صاخن سقاهم
ما رتاح لين تم يسمع دويها
اناتو كواهم
كملوا رجاجيل جمله شواهم
شكيت غير قلت بالك سحابه
والله ضبابه
ثريته بلا شك خاين اصحابه
لا راف لا قال باك. الغلابه
اللقط دعاهم
يجوعوا ونا سبب في نزح ماهم
وتشحت طوابير تطلب اطلابه
تدعي احشاهم
تصفصيف في راس هلي ضماهم
تميت بنقول ما تنشدوني
لا تكدروني
بلا شك مفهوم ما تحرجوني
نا همت في النجع جني جنوني
حسيت داهم
اللي القلب ما باش يقبل سواهم
لو لقيت ماصار لا ودعوني
قلل هناهم
الخاين اللي خان جمله نهاهم
من القلب بنقولها وعاونوني
خبل سداهم
مولاي يكفيه كفما كفاهم
مولاي يرزيه كيفما رزاهم
إن الله تعالى هو المتفرد بالخلق والاختيار كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ } [القصص: 68] ، والمراد بالاختيار هنا هو الاجتباء والاصطفاء ، فالله - جل وعلا - لكمال حكمته وقدرته ولتمام علمه وإحاطته يختار من خلقه ما يشاء من الأوقات والأمكنة والأشخاص فيخصهم سبحانه بمزيد فضله وجزيل عنايته ووافر إنعامه وإكرامه ، وهذا بلا ريب من أعظم آيات ربوبيته وأكبر شواهد وحدانيته وكمال صفاته ، وهو من أبين الأدلة على كمال قدرته وحكمته وأنه يخلق ما يشاء ويختار وأن أزِمَّةَ الأمور بيده ؛ فلله الأمر من قبل ومن بعد ، يقضي في خلقه ما يشاء ويحكم فيهم بما يريد { فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [36] وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الجاثية: 36-37] .
وإن مما خص الله عز وجل من الأوقات بمزيد تفضيله ووافر تكريمه شهرَ رمضان حيث فضَّله سبحانه على سائر الشهور ، والعشرَ الأواخر من لياليه حيث فضلها على سائر الليالي ، وليلةَ القدر حيث جعلها لمزيد فضلها عنده وعظيم مكانتها لديه خيراً من ألف شهر ، وفخَّم أمرها وأعلى شأنها ورفع مكانتها عندما أنزل فيها وحيه المبين وكلامه الكريم وتنزيله الحكيم هدى للمتقين وفرقاناً للمؤمنين وضياء ونوراً ورحمة للعالمين ، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ [3] فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [4] أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [5] رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [6] رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ [7] لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ} [الدخان: 3-8] ، وقال سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1] وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [2] لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [3] تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ [4] سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [سورة القدر] . فلله ما أعظمَها من ليلة وما أجلَّها وأكرمَها، وما أوفرَ بركتَها :
- ليلة واحدة خير من ألف شهر !! ومعنى ذلك أنها خير من ثلاثين ألفَ ليلةٍ ، وألفُ شهرٍ تزيد على ثلاثة وثمانين عاماً فهو عمر طويل لو قضاه المسلم كلَّه في طاعة الله عز وجل ، فليلة القدر وهي ليلة واحدة خير منه وهذا فضل عظيم . قال مجاهد: ((ليلة القدر خير من ألف شهر ليس في تلك الشهور ليلة القدر))، وهكذا قال قتادة والشافعي وغير واحد .
- وفي هذه الليلة الكريمة المباركة يكثر تنزل الملائكة لكثرة بركتها ، فالملائكة يتنزَّلون مع تنزل البركة والرحمة كما يتنزَّلون عند تلاوة القرآن وفي حلق الذكر .
- وهي سلام حتى مطلع الفجر يعني أنها خير كلها ليس فيها شر إلى مطلع الفجر .
- وفي هذه الليلة الكريمة المباركة يُفْرق كل أمر حكيم أي يقدَّر فيها ما يكون في تلك السنة بإذن الله العزيز الحكيم ، والمراد بالتقدير أي التقدير السنوي ، أما التقدير العام في اللوح المحفوظ فهو متقدِّم على خلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحت بذلك الأحاديث ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل ليلة القدر أنه قال: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))(1).
وليلة القدر هي قطعاً في شهر رمضان المبارك لقوله تعالى : {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185] مع قوله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } وهي أرجى ما تكون فيه في العشر الأواخر منه لقوله صلى الله عليه وسلم : (( تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ))(2) ، وطلبها في أوتار العشر آكد لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى ))(3) .
قال ابن حجر في الفتح : تحت (بَابٌ تَحَرِّي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ) : " فِي هَذِهِ التَّرْجَمَة إِشَارَة إِلَى رُجْحَان كَوْن لَيْلَةِ الْقَدْرِ مُنْحَصِرَةً فِي رَمَضَان ، ثُمَّ فِي الْعَشْر الْأَخِيرِ مِنْهُ ، ثُمَّ فِي أَوْتَارِهِ لَا فِي لَيْلَةٍ مِنْهُ بِعَيْنِهَا ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ مَجْمُوع الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِيهَا "(4) اهـ .
وقد ذكر العلماء أن من حكمة إخفائها وعدم تعيينها في النصوص : أن يجتهد المسلمون في جميع العشر بطاعة الله تعالى بالتهجد وقراءة القرآن والإحسان ، وليتبين بذلك النشيط والمجد في طلب الخيرات من الخامل الكسلان، ولأن الناس لو علموا عينها لاقتصر أكثرهم على قيامها دون سواها ، ولو علموا عينها ما حصل كمال الامتحان.
إن الواجب علينا جميعاً أن نحرص تمام الحرص على طلب هذه الليلة المباركة لنفوز بثوابها ولنغنم من خيرها ولنُحَصِّل من أجورها ، فإن المحروم من حُرم الثواب ومن تمر عليه مواسم المغفرة ويبقى محملاً بذنوبه بسبب غفلته وإعراضه وعدم مبالاته ؛ فطوبى لمن نال فيها سبق الفائزين ، وسلك فيها بالقيام وحُسن العمل سبيل الصالحين، وويل لمن طُرِدَ في هذه الليلة عن الأبواب وأغلق فيها دونه الحجاب وانصرفت عنه هذه الليلة وهو مشغول بالمعاصي والآثام مخدوع بالأماني والأحلام مضيِّع لخير الليالي وأفضل الأيام ؛ فيا عظمَ حسرتَه ويا شدةَ ندامتَه .
من لم يربح في هذه الليلة الكريمة ففي أي وقت يربح !! ومن لم يُنِبْ إلى الله في هذا الوقت الشريف فمتى ينيب!! ومن لم يزل متقاعساً فيها عن الخيرات ففي أي وقت يعمل !! قال صلى الله عليه وسلم : ((إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ ))(5).
ويستحب للمسلم أن يكثر فيها من الدعاء لأن الدعاء فيها مستجاب ، وليتخير من الدعاء أجمعه ، روى ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ((يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو ؟ قَالَ : تَقُولِينَ اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي))(6) ، فإن هذا الدعاء عظيم المعنى عميق الدلالة وهو مناسب لهذه الليلة غاية المناسبة ، فهي الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم وتقدَّر فيها أعمال العباد لسنة كاملة حتى ليلة القدر الأخرى ، فمن أعطي في تلك الليلة العافية وعفا عنه ربه فقد أفلح غاية الفلاح، ومن أعطي العافية في الدنيا وأعطيها في الآخرة فقد أفلح ، والعافية لا يعدلها شيء ؛ فلنتحر خير هذه الليلة وبركتها بالمحافظة على الصلوات المفروضة ، وكثرة القيام ، وأداء الزكاة ، وبذل الصدقات ، وحفظ الصيام ، وكثرة الطاعات ، واجتناب المعاصي والسيئات ، والندم والتوبة من الذنوب والخطيئات ، والإكثار من ذكر الله وقراءة القرآن.
اللهم وفقنا لقيام ليلة القدر واجعلنا ممن يقومها إيماناً واحتساباً واعف عنا إنك عفو كريم.
(1) رواه البخاري (1901)، والنسائي (2195) .
(2) رواه البخاري (2020)، ومسلم (1169) .
(3) رواه البخاري (2021) ، ومسلم (1165) .
(4) فتح الباري (4/259، حديث رقم 2017).
(5) رواه ابن ماجه (1644) .
(6) سنن ابن ماجه (3850) .
****************************************************
التسامح ثمرة التواضع
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
إذا تخلّق الشخص بخلق التسامح ظهر ذلك على سلوكه مع الآخرين، فيكون إنساناً كريماً، طيباً، سهلاً ومتواضعاً، والتواضع خلق شريف كريم، يعد من أرفع الأخلاق ودليل محبة رب العالمين، هو الطريق إلى سعادة العبد في الدنيا والآخرة، هو السبيل لحصول الرفعة والبركة في المال والعمر، هو الذي يجعل الناس الصادقة تحبك وتتأثر بك، هو خلق الأنبياء والصالحين، أثنى الله، عز وجل، على عباده المتحلين بخلق التواضع بقوله: «وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً»، وقال مخاطباً نبيه عليه الصلاة والسلام، وهو في الحقيقة خطاب يوجه للأمة من باب أولى: «واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين»، إشارة إلى أنك كقائد ستكسب من معك بالتواضع ليس بالجاه والمال فقط، وعندما جاء النبي، عليه الصلاة والسلام، بالرسالة إلى قومه، رفض جمع من الكبراء الإيمان به بحجة أن أتباعه ضعفاء وفقراء ورعاة الغنم، حالهم كحال قوم نوح عندما قالوا له «ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادئ الرأي» هنا علم الله نبيه وأمره أن يبقى مع المؤمنين ويتواضع معهم ولا يلتفت إلى خلق الجاهلية الذي فيه التكبر على الضعيف واستصغاره، قال تعالى: «واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا»، التواضع فيه برهان أن هذا الشخص قدر نعم الله عليه وشكرها، فيه برهان على قربه من ربه، فيه دليل على تسامحه وإخلاصه، وله تأثير إيجابي عجيب في بقاء الود بين الناس، ويساهم مساهمة أكيدة في زيادة الترابط وتقوية العلاقة بالآخرين، لذا حث عليه النبي عليه الصلاة والسلام قولا وفعلا، قال: «إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد»، وقال في الحديث الذي رواه الإمام مسلم«... وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله»، فمن أراد الرفعة في دنياه وآخرته لزم التواضع، ونزل إلى الناس، وصار قريباً منهم.
التواضع يكسب السلامة ويورث الألفة ويزيل الحقد ويذهب الصد، وثمرة التواضع المحبة، كما أن ثمرة القناعة الراحة، وإن تواضع الشريف يزيد في شرفه، كما أن تكبر الوضيع يزيد في ضعته، وقد أخطأ خطأ فاحشا من ظن أن التواضع يضعف الشخصية، بل لا شخصية دون تواضع، ويكفي مثالا على هذا ما حدث لقارون، هذا الرجل الذي تكبر كونه ذا مال وجاه واغتر بذلك، فكيف كانت نهايته !
وأين ذهب جبروته !، فالشخصية الرفيعة لا تكون بالكبر والترفع ورفع الأنف، إنما بالتواضع والاحتكاك بالآخرين والسؤال عن حالهم، لا يمكن لقائد أو مسؤول أو مدير أو صناع القرار أن ينجحوا في مهمتهم دون هذا الخلق، لأن القائد الحقيقي هو الذي يشارك فريقه، وينزل معهم إلى الميادين، وينسب إنجازهم لهم، يكون معهم في الصفوف الأولى ليكون قدوة لهم، بخلاف ذاك الشخص الذي يظن نفسه قائدا وهو بعيد عن الناس ويغلق باب مكتبه، ويصدهم، فأي تطوير سيقدم هذا النوع ! وأي إنجاز سيظهر على يديه!، حقا لا يمكن لهذا النوع أن ينجح في زمن التحديات والإبداع والابتكار.
التواضع ليس مجرد كلمة أو أمنية، إنما هو عمل، وما نراه نحن اليوم في بلادنا من حكامنا يدعو للفخر والاعتزاز، عندما ترى القائد يتجول بين أبناء شعبه، ويتابع أعمالهم، ويحضر أفراحهم وأحزانهم، عندما تراه يعمل مع فريقه ويطلع على الأمور بنفسه، ويحتضن أفراد جيشه، ويحقق حاجيات أسرهم، هنا اعلم أنك في خير، وأننا في عز وسلام وتقدم، وهكذا يفعل التواضع بأهله. سائلا الله أن يديم علينا نعمه ويرزقنا التواضع والخلق الرفيع.
****************************************************
روائع الاستنباط من القرآن:الفقه والأدب..صنوان لا يفترقان-2
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
لقد ظلّ الأدب الإيماني يتنقل في سلوك الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم يتوارثونه كما يتوارثون العلم ويربُّونَ عليها ناشئتهم جيلاً بعد جيل.
وفي هذا المعنى يقول التابعي مجاهد بن جبر: صحبتُ ابن عمر لأخدمه فكان يخدمني وقال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاَّم صاحب كتاب الأموال: ما دققْتُ على محدِّثٍ بابه قَطّ، وفي رواية: ما أتيتُ قطّ فاستأذنت عليه، ولكن صبرتُ حتى يخرج إلي وإني تأوّلتُ قول الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ﴾.
وفي قوله تعالى ﴿وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾.
فضيلة العفو
قال ابن كثير: وما أحسن ما استنبط الإمام مالك، رحمه الله، من هذه الآية الكريمة: أنَّ الذي يَسُبُّ الصحابة ليس له من مال الفيء نصيب لعدم اتّصافه بما مَدَح الله بِه هؤلاء في قولهم ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ﴾.
ويذكر المؤرخون أنَّ زين العابدين كانت جاريتُه تصب الماء على يديه فوقع عنها الكوز فانكسر فنظر إليها غضباً فقالت له: (والكاظمين الغيظ) قال: كظمت غيظي.
قالت: (والعافين عن الناس) قال: عفوتُ عنك.
قالت: (والله يحبُ المحسنين) قال لها اذهبي فأنت حْرَّةْ لوجه الله.
لقد كان لكتاب الله وكلامه هيبة في نفوسهم ترتجف به فرائصهم ويقولون: سمعنا وأطعنا.
ذكر الله
ورَوى عبدالله بن نافع عن أبيه عن عمر قال: ما رأيتُ عُمرَ غضب قَطّ فذُكر الله عنده أو خُوّف أو قرأ عنده إنسان آية من القرآن إلا وقف عما كان يريد.
وقال سليمان بن حرب: كان حماد بن زيد إذا حدَّث قرآناً نتكلم لم يُحدثنا.
منزلة الأدب
ومما يثير الاهتمام في كتب العارفين أن أرباب السّلوك في مصنفاتهم قد اعتادوا أن يُفْردوْا للأدب باباً مستقلاً، ويعدّونَه من المنازل الإيمانية العالية الغالية التي لا تُنال بالقيل والقال ولا الانشغال بسفاسف الفعال، وإنّما هو نوع من السمت الإيماني الذي يكسو صاحبه الوقار، ويضفي عليه الرزانة والهيبة مَنّاً من الله وكرامةً .
وهذه المنزلة عند القوم مرتبطةٌ بالعلم لا تنفكُ عنها أبداً.. ولعلّنا لا نعجب إذا ما أطربت مسامعنا مقالة رائدهم وحادي مسيرتهم الإمام الجليل عبدالله بن المبارك: (نحن إلى قليل من الأدب أحوج منّا إلى كثير من العلم).
ثم بين هذه الحقيقة بقوله: (الأدب معرفةُ رُعونة النّفس وتجنّب تلك الرعونات).
وقال أصحاب عامر الشعبي له:
إنا لنستحي من كثرة ما نسأل فتقول لنا لا أدري؟
فقال: إن ملائكة الله المقَّربين لم يستحيوا حين سُئلوا عما لا يعلمون فقالوا:
﴿لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾.
وكان يقول: إنَّ الفقيه من ورع عن محارم الله والعالم مَنْ خاف الله وآفة المودَّة خُلْف الوعد.
التحذير من التقصير
كان الإمام أبو سليمان الدراني يحذر أصحابه من التقصير في السّنة لأنه يحرم العبدْ من الأدب الذي يلحقه بزمرة الصالحين، فقد شكى إليه أحدهم أنه لم يوتر البارحة ولم يصلِّ سنة الفجر؟ فأجابه محّذراً: بما كسبت يداك، وما الله بظلام للعبيد، شهوة أصبتها، أحذر صغير الذنب فإنه يجرُّ إلى كبيرة، وكان يقول: مَنْ أحسَن في نهاره كُفي في ليله، ومَنْ أحْسَن في ليله كُفي في نهاره، ويقول: ذهب المطيعون لله بلذيذ العيش في الدنيا والآخرة.
****************************************************
عبد الرحمن الناصر موحد الأندلس وباني «الزهراء»
في أواخر القرن الثالث الهجري كانت الأندلس تعيش فترات في غاية السوء، إن كان على الصعيد السياسي، حيث التشرذم والفتن والقلاقل تسود البلاد، أو على الصعيد الاجتماعي حيث انتشر اللصوص وقطاع الطرق، وفقد الناس الأمان، مما أطمع الممالك الأوروبية المجاورة في الهجوم على البلاد وسلبها، واقتطاع أجزاء منها، لما رأوه من سوء حالها، وضعف قادتها وجيوشها.
في هذه الأثناء تولى إمارة قرطبة شاب يافع في الثانية والعشرين من عمره، هو عبدالرحمن بن محمد، الذي يعود نسبه إلى عبد الرحمن الداخل مؤسس الدولة الأموية في الأندلس.
عمر رسلان الباشا، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن مآثر هذا القائد الإسلامي:
كان هذا الأمير قد نشأ يتيماً، فقد قتل أبوه بعد أحد وعشرين يوماً فقط من ولادته، فتربى في كنف جده أمير قرطبة عبدالله بن محمد، ورأى فيه جده من القوة في شخصيته، والعظمة في نفسه وخلقه، ما جعله يوليه الإمارة من بعده، برغم وجود من هو أكبر وأولى بها منه، قال ابن حزم الأندلسي: كانت خلافته من المستطرف؛ لأنه كان شاباً، وبالحضرة جماعة من أعمامه، وأعمام أبيه، فلم يعترض معترض عليه.
وقال مؤرخ الإسلام الذهبي: وتوفي جدّه عبد الله الأمير فِي سنة ثلاث مئة، فولي عبد الرَّحمن الأمر بعد جدّه. وكان ذلك من غرائب الوجود، لأنّه كان شابّاً وبالحضرة أكابر من أعمامه وأعمام أبيه. وتقدَّم هو، وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، فاستقام له الأمر.
وبالفعل كان الأمير الشاب عند حسن ظن جده، فإذا به يسير على خطا عبد الرحمن الداخل، فينطلق بما أوتيه من همة الشباب، وعزم الفتوة في الجهاد، ومنازلة الأعداء، ومقارعة أهل الشقاق، لا يكاد يهدأ أو يقعد طوال فترة حكمه، وما هي سوى أعوام معدودة حتى استطاع ضم إشبيلية وغرناطة وجيان لحكمه، بعدها قاتل مملكة ليون وانتصر عليها وأصبح غرب الأندلس أيضاً تحت حكمه، ثم استمر في الفتوحات، الحصن بعد الحصن، والقلعة إثر القلعة حتى توحدت الأندلس كلها، وأصبحت الدولة العظمى والأقوى في ذلك الزمن، وكان لا يفتح مدينة أو قلعة إلا وأصلح حالها، وأقام العدل بين أهلها، وبنى لهم المدارس والمساجد ودور التطبيب، حتى أصبحت الأندلس في عهده قبلة العالم، وأكثر الدول حضارة ورقياً وعزاً، وأصبحت عاصمته قرطبة من أعظم مدن العالم إلى جانب بغداد، وكان يتوافد عليها طلبة العلم من أنحاء أوروبا، حتى إن ملك إنكلترا بعث برسالة يرجو فيها الناصر لدين الله أن يعلم أربعة طلاب في جامعة قرطبة، وذيلها بالتوقيع التالي: «خادمكم المطيع ملك إنجلترا».
يقول لسان الدين ابن الخطيب واصفاً الأمير الناصر وخلافته وما حقق فيها: «ولي الخلافة، فعلا جدّه، وبعُد صيته، وتوطّأ ملكه، وكأن خلافته كانت شمساً نافية للظلمات، فبايعه أجداده وأعمامه وأهل بيته، على حداثة السّن، وجِدة العمر، فجدّد الخلافة، وأحيا الدعوة، وزيّن الملك، ووطّد الدولة، وأجرى الله له من السّعد ما يعظم عنه الوصف ويجلّ عن الذكر، وهيّأ له استنزال الثوار والمنافقين واجتثاث جراثيمهم».
وقام بعد ذلك ببناء مدينة الزهراء، فأنفق في بنائها نفقة عظيمة، واعتنى بها عناية كبيرة، فكانت بحق أعظم مدينة في الأرض، بل أعجوبة من أعاجيب الدهر، ومازال صرحها قائماً حتى يومنا هذا يشهد، بما بلغته الأندلس في عهد عبد الرحمن الناصر من تقدم وتطور على كافة الصعد العلمية والهندسية والفنية.
وفي عام 350هـ، طوى الأمير صفحة حياته، وحينما مات وجد المؤرخون رسالة كان قد كتبها يعد فيها الأيام التي ارتاح فيها، فوجدوها أربعة عشر يوماً فقط. أما بقية حياته فكانت عملاً وخدمة للأمة، وإنجازات تشهد بعظمته وعلو شأنه. رحمه الله رحمة واسعة.
****************************************************
ذهب لكلام:إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِقُوهَا
يشي المثل «إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِقُوهَا» بالقول الفصل الذي يكتسب مصداقيته من صاحبه الذي لا يعرف عنه الخطل ولا الزلل، ويمكننا أن نجريه في زماننا هذا على وكالات الأنباء التي تحترم مهنيتها فلا تورد أخباراً مغرضة أو غير مؤكدة.
وقد سميت حَذامِ بهذا الاسم لأن ضرتها حذمت يدها بشفرة، فصبت حذام عليها جمراً في المقابل، فبرشت الضرة، وسميت البرشاء «بمعنى أن في لونها نُقطاً مختلفة»، وأما صاحبة المثل فهي حذام بنت الريان بن خسر بن تميم.
وقد ذكر المؤرخون أن عاطس بن الجلاح الحميري صار إلى قومِها في جموعٍ فاقتتلوا، ثم رَجِعَ الحميري إلى معسكره وهرب قومُها، فساروا ليلتهم ويومهم إلى الغد، ونزلوا الليلة الثانية، فلما أصبح الحميري ورأى جلاءهم اتبعهم، فانتبه القطا من وقع دوابهم، فمرت على قوم حذامِ قِطَعاً قِطعاً، والعرب معروفة بالفطنة واستنباط الأخبار من تصرفات الحيوان، فخرجت حذامِ إلى قومها فقالت:
ألا يا قَومَنا ارتَحِلُوا وسِيرُوا فَلو تُرِكَ القَطَا لَيلاً لَنَامَا
فقال زوجها الشاعر لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل:
إِذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا
فَإِنَّ القَولَ مَا قَالَتْ حَذَامِ
فارتحلوا حتى اعتصموا بالجبل، ويئس منهم أصحاب عاطس فرجعوا،
وهكذا أصبح اسم حَذامِ مضرب المثل في صدق القول، وصحة النقل، فمن الأمثال التي أوردها أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه: القول ما قالت حذام كما أورده غير واحد ممن جمع أمثال العرب.
ويقال لمن اعتمد قولُه في نقل الآراء العلمية: حذام المذهب... وقال صاحب المثل السائر عن أبي تمام: وكان قوله في البلاغة ما قالت حذامِ..
وقد تمثل بهذا المعنى كثير من الشعراء والأدباء والكتاب العرب تعزيزا لما يذهبون إليه من قول، فقال المعري:
إِذا ما جاءَني رَجُلٌ حُذامٌ
فَإِنَّ القَولَ ما قالَت حَذامِ
وقال آخر:
أندى يداً في الجودِ من حاتمٍ
أصدق في أقوالهِ من حَذامِ
واستشهد بالبيت غير واحد من النحاة على بناء الأعلام المؤنثة التي جاءت على وزان «فَعَالِ» على الكسر دوماً، فتقول: جاءت حذامِ، ورأيت حذامِ، ومررت بحذامِ، وذلك في لغة الحجازيين، وخالفهم بنو تميم فأعرب بعضهم هذه الأعلام بالضم رفعاً، وبالفتح نصباً وجرًا، وفصّل بعضهم بما تراه عند العلامة ابن هشام في أول القطر، واستشهد بهذا البيت قديماً المبرد في كتابه «الكامل».
****************************************************
قصة وعبرة
يحكى أن هناك ملك و له وزير , الوزير يردد دائماً عبارة كله خير و في أحد الأيام توفيت أم الملك فجاء الناس لتعزية الملك و مواساته و بينما كان الوزير يواسي الملك قال له كله خير! غضب الملك من كلام وزيره فقال له أي خير بموت أمي فقال الوزير إنها توفت و هي راضية عنك و ما أدراك لو أنها عاشت أكثر أن لا تغضب عليك و تموت على ذلك , و مرت الأيام و في إحداها كان الملك يقطع الفاكهة بالسكين فأصاب أصبعه و قطعه فقال الوزير كله خير فغضب الملك غضباً شديداً و قال لوزيره أي خير و قد قطع أصبعي و أمر بسجن الوزير , و بينما كان الحراس يقتادونه إلى السجن قال كله خير , و في اليوم الثاني خرج الملك للصيد و بينما كان يمشي بمفرده في الغابة أمسكت به عشيرة تعبد الأصنام و أرادوا تقديمه قربان لآلهتهم و بينما هموا بقتله صاح أحدهم و قال هذا لايصلح أن يكون قرباناً للآلهة لأن اصبعه مقطوع و قاموا بإطلاق سراحه و عندما رجع الملك إلى قصره أمر بإطلاق سراح الوزير و حكى له القصة ثم سأله إن كان الخير في نجاتي منهم بسبب اصبعي المقطوع فأين الخير الذي و جدته أنت عندما أمرت بسجنك فقال له الوزير و جدت الخير بأني لم أذهب معك إلى الصيد في الغابة و إلا كنت أنا القربان المقدم للصنم .كله خير هذه حياتنا و من هذه القصة نتعلم أنه مهما كان الأمر فدائماً علينا أن نطلب من الله الخير , قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ و ليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ و إنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ " , رواهُ مُسْلِمٌ
****************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الشك
الشك
شكيت غير قلت بالكش واهم
وما نيش فاهم
ثريته بلا شك هو اللي وراهم
شكيت غير قلت باك ضيق خاطر
وقلبي اساطر
ووسوس توسويس شيطان شاطر
ثريته بلا شك صابح وفاطر
داير غداهم
ويعول علي رجل وحده لعشاهم
وهوا بلا شك سبب القاطر
سحره عماهم
بريش وبلا ريش عدوا كلاهم
شكيت غير قلت بالك شطانه
ونظلم جنانا
هلي عرفناه يفزع معانا
ثريته. بلا شك هولي خذانا
وثريته جناهم
انبعنا علي ايديه لينا عطاهم
يصفر ويسحاب رحنا محانا
جرا في هواهم
ولكن بلا شك رايح اعماهم
شكيت غير قلت بالك تهمته
وحتي ظلمته
ولاوين بشك ماشي ولمتى
ثريته بلا شك بوبح بصمته
يا ما كماهم
وحافظ علي سر سره بغلاهم
ولاني ولد خوه لا ولد عمته
ولا من ضناهم
ولا اللقب لا سماي يشبه اسماهم
شكيت غير قلت بالك نفوت
شفته يتغوت
ثريته علي الشر نفسه تنوت
ويعجن علي الموج زمت وحوت
عطاهم اكراهم
وودر رفاقاه جمله محاهم
هم سعيدين واحنا نموت
وسمعهم وراهم
ترقي زغاريت فرحت انساهم
شكيت غير قلت باك يتحايا
ويعيد رايه
ثريته بلا شك سر الحكايه
يجري علي فلم جاب النهايه
وعرم بلاهم
علي روس لحرار درنا عزاهم
والوطن لين طاب طيبت شوايه
ولجواد هاهم
ايحوموا بلاء وطن مبعد جباهم
شكيت غير قلت ماهوش فيها
ولا هوش ليها
ثريته بلا شك جاري عليها
سافل وما دار غير السفيها
راوي بماهم
وهو دم لجواد صاخن سقاهم
ما رتاح لين تم يسمع دويها
اناتو كواهم
كملوا رجاجيل جمله شواهم
شكيت غير قلت بالك سحابه
والله ضبابه
ثريته بلا شك خاين اصحابه
لا راف لا قال باك. الغلابه
اللقط دعاهم
يجوعوا ونا سبب في نزح ماهم
وتشحت طوابير تطلب اطلابه
تدعي احشاهم
تصفصيف في راس هلي ضماهم
تميت بنقول ما تنشدوني
لا تكدروني
بلا شك مفهوم ما تحرجوني
نا همت في النجع جني جنوني
حسيت داهم
اللي القلب ما باش يقبل سواهم
لو لقيت ماصار لا ودعوني
قلل هناهم
الخاين اللي خان جمله نهاهم
من القلب بنقولها وعاونوني
خبل سداهم
مولاي يكفيه كفما كفاهم
مولاي يرزيه كيفما رزاهم
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
27 رمضان 1437هـ - 02 يوليو 2016م
مناجاة
مناجاة
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، إلهي وقف السائلون ببابك، ولاذ الفقراء بجنابك ووقفت سفينة المساكين على ساحل كرمك، يرجون الجواز إلى ساحة رحمتك ونعمتك.
إلهي إن كنت لا تكرم في هذا الشهر إلا من أخلص لك في صيامه، فمن للمذنب المقصر إذا غرق في بحر ذنوبه وآثامه. إلهي إن كنت لا ترحم إلا الطائعين فمن للعاصين، وإن كنت لا تقبل إلا العاملين فمن للمقصرين. إلهي ربح الصائمون، وفاز القائمون، ونجا المخلصون، ونحن عبيدك المذنبون فارحمنا برحمتك وجد علينا بفضلك ومنتك واغفر لنا أجمعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ومجدك، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق، النور الذاتي والسر الساري في سائر الأسماء والصفات وعلى آله وصحبه وسلم.
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر.
***********************************************************
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً، غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.
***********************************************************
الصيام وتعظيم الله
أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَسْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ )) (1) ، وفي رواية لمسلم (( كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ ؛ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي ))(2).
إن الله تفضلاً منه وإكراماً لعباده يضاعف لهم الحسنات أضعافاً مضاعفة ؛ الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف على ما يفعلونه ويقومون به من الطاعات من أداء للواجبات وترك للمحرمات وترفُّع عن المكروهات ومنافسة ومسابقة في النوافل والمستحبات ، أما الصوم فإن الله قد نسبه إليه تشريفاً لشأنه ورفعاً لقدره ومنزلته عنده ولم يخبر بثوابه وأجره واكتفى بقوله : (( وَأَنَا أَجْزِي بِهِ )) فما ظنك بجزاء الله وعظيم تفضله لعباده الصائمين !! وليس أحدٌ من الناس يمكنه أن يحدِّد هذا الجزاء ولكن إذا عرفوا هذا الإله المتفضل والرب المكرم عرفوا عظم أجره وثوابه الذي يفرح بسببه العبد فرحتين ، فالله سبحانه هو الحي القيوم ، الكبير المتعال ، ذو الكبرياء والعظمة ، وهو القوي العزيز ، الغني الحميد ، ذو الجلال والإكرام ، لا يعجزه شيء ، ولا شيء يثقله أو يكرثه ، ولا يحتاج لأحدٍ ليرفعه أو يزيده ، ولا يخشى أحداً يضره أو ينقصه ، له القوة جميعاً وله الغنى المطلق ، لا تنفعه طاعة الطائعين ولا تضره معصية العاصين ، ولا ينقص خزائنه نفقاته التي أعطاها ويعطيها السائلين وغير السائلين منذ خلق السموات والأرض وإلى يوم لقائه ، الكل فقير إليه إنسهم وجنَّهم ، حيوانهم ونباتهم ، حجرهم ومدرهم ، حيّهم وميتهم ، من في الأرض ومن في السماء وما بينهما : { وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ [49] يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [النحل: 49-50] وقال تعالى: { أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } [الحج: 18] .
والله ذو المنّ والعطاء والهبات العظيمة { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } [طه: 50] تفضل على عباده بالهداية إلى هذا الدين وأكرمهم ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم وشرفهم بإنزال القرآن في شهر رمضان هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ليخرجهم من الظلمات إلى النور ، وكتب لهم الأجور العظيمة جزاءً لما يقومون به من واجبات ويجتنبونه من منهيات ومحرمات ، وأفعالهم التي يقومون بها لا تعدل شيئاً إذا قوبلت بنعمه على خلقه ؛ ولكنه محض تفضله سبحانه وإكرامه لعباده ؛ فهو الذي خلق وهو الذي هدى ووفَّق وهو الذي يعين ويكلأ ، وهو الذي يثيب ويكرم بأفضل الجزاء وأكمله ، فما أعظمه وما أجله وأكرمه وما أرحمه وأحلمه ، يأمر بالقليل ويجازي بالكثير ، والصائم تقرب إلى الله بطاعةٍ عظيمة عنده محبوبة إليه السر فيها بينه وبين عبده أكثر من العلن ، يظهر فيها كمال الإخلاص والخشية والمراقبة وجمالها ، فالصائم جمَعَ بين جمال الظاهر والباطن فسكنت جميع جوارحه لله والتزمت أمره وامتلأ قلبه حباً لله وإخلاصاً ، والله جميل يحب الجمال؛ فيحب من عبده أن يجمِّل لسانه بالصدق ، وقلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل ، وجوارحه بالطاعة ، وبدنه بإظهار نعمه عليه في لباسه وتطهيره له من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور المكروهة والختان وتقليم الأظافر ، فيعرفه بصفات الجمال ، ويتعرف إليه بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة فيعرفه بالجمال الذي هو وصفه ويعبده بالجمال الذي هو شرعه ودينه(3).
والعبد كلما عظمت معرفته بالله وعلمه به في نفسه ازداد تعلقه بربه وشوقه إليه وامتلأ قلبه طمعاً ورغبة ورجاء في رضاه وثوابه وجنته ، وخشيةً وخوفاً من غضبه وعقابه ، والناس يتفاوتون في هذه المعرفة وهذا العلم ، قال ابن القيم رحمه الله : " من الناس من يعرف الله بالجود والإفضال والإحسان ، ومنهم من يعرفه بالعفو والحلم والتجاوز ، ومنهم من يعرفه بالبطش والانتقام ، ومنهم من يعرفه بالعلم والحكمة، ومنهم من يعرفه بالعزة والكبرياء ، ومنهم من يعرفه بالرحمة والبِرِّ واللطف ، ومنهم من يعرفه بالقهر والملك، ومنهم من يعرفه بإجابة دعوته وإغاثة لهفته وقضاء حاجته. وأعمّ هؤلاء معرفة: مَن عرفه من كلامه ؛ فإنه يعرف رباً قد اجتمعت له صفات الكمال ونعوت الجلال ، منزه عن المثال ، بريء من النقائص والعيوب ، له كل اسم حسن وكل وصف كمال ، فعال لما يريد، فوق كل شيء ، ومع كل شيء ، وقادر على كل شيء ، ومقيم لكل شيء ، آمرٌ ناهٍ متكلمٌ بكلماته الدينية والكونية ، أكبر من كل شيء ، وأجمل من كل شيء ، أرحم الراحمين ، وأقدر القادرين، وأحكم الحاكمين. فالقرآن أنزل لتعريف عباده به، وبصراطه الموصل إليه، وبحال السالكين بعد الوصول إليه " (4) اهـ.
والصائمون هم أحق الناس بمعرفة الله وتوقيره لينالوا وافر العطاء وعظيم الجزاء يوم القيامة ، والصائم كلما ازداد معرفةً بالله ازداد قرباً منه وعظم الله أجره لما اجتمع له من فضل الصيام الذي يجزي الله به ، وهذه المعرفة التي جعلته يتقن صيامه ويحسن أعماله ويعبد الله كأنه يراه فيراقبه في سره وخلوته كمراقبته له في علانيته ؛ فاستوى سره وعلنه لكمال علمه واعتقاده برؤية الله له ، وهذا يثمر له تعظيماً لربه ، وحياءً منه ، وصلاحاً في جميع أعماله ، وتوبة وخشوعاً لله في كل أوقاته .
اللهم تقبل صيامنا واجعله خالصاً لوجهك ، ووفِّقنا للإخلاص في جميع أعمالنا ، وجنِّبنا الرياء والنفاق وسيئ الأخلاق .
(1) البخاري (1904)، ومسلم (1151) واللفظ له .
(2) مسلم (1151).
(3) انظر الفوائد (ص: 267ـ 268).
(4) الفوائد (ص: 258).
***********************************************************
روائع الاستنباط من القرآن
دفاع الفاروق عن حقوق أهل الذمة (1)
روائع الاستنباط من القرآن
دفاع الفاروق عن حقوق أهل الذمة (1)
وَصل إلى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كتاب من سعد بن أبي وقاص وغيره من قادة الفُتوحات الإسلامية الكبرى التي فتحها الله على المسلمين بدءاً ببلاد فارس، فالشام، فمصر، يعرضون عليه أَمْراً جلَلاً حارت فيه الأفهام وتحيرت فيه العقول، ولم يستطع أولئك القادة أن يتَّخذوا فيه قراراً حاسما يَقْطع الخلافَ الذي اشتدّ بين الصّحابة حول الموقف من أرض السّواد الزراعية في العراق وما شابَهَتها من أراضي الشام ومصر، ذلك أنَّ أولئك الفاتحين قد انقسموا إلى فريقين منهم مَنْ يرى وجوب توزيع هذه الأراضي المفتوحة على الغانمين لأنها داخلة في عموم قوله تعالى في سورة الأنفال ﴿واعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾.
أي أنَّ خُمس الغنيمة لبيْت المال، بينما أربعةُ أخماسها للمقاتلين فما ثبت صراحَةً بالقرآن لا يرُدَّه رأيٌ ولا قياس. وعندما هَمَّ الفريق الثاني بالتأنيّ في الأمر حتى يَراجع عمر - رضي الله عنه - قالَ نفرٌ منهم لقادتهم: (والله إنما هي أرضٌ فتحها الله، عز وجل، علينا وأوْجفْنا عليها خَيْلَنا ورجالنا وحَوْينا ما فيها) (القسطلاني: ارشاد السارى 5:208).
ولقد أحْسن هؤلاء القادة صنعاً عندما تريَّثوا في الاستجابة لهم على الرّغمِ من أَنَّ المطالبة بتوزيع الأراضي المغنومة كانت شديدةً ومُلِحّة على القادة.
وتكشفُ المراسلاتُ بين عمر من جانب وقادة الفتوحات من جانب آخر أنّ عمر قد اْعتمد على الاجتهاد أوّلاً في هذه القضية متسائلاً:
إنّ هذه الأراضي الشّاسعة الواسعة لو وُزِّعت بين المقاتلين لم يبق لمن بعدهم شيء، وسوفَ يتعاقَبُها ورثتُهُم ولا نشغل هؤلاء المجاهدين- بالفلاحة والزراعة، ولا عَهْدَ لهم بها عن الجهاد والدعوة إلى الله، وإنّ هذا التقسيم سيُضعف موارد الدولة الإسلامية المالية ويهزَّ من اقتصادها وقوّتها كما تُضعف حركة الجهاد لعدم ضمان الدّعم الماديّ له من تجهيز الغزاة وأُعطياتهم وتُسّبِبُ أضراراً اجتماعيةً بالغةً إذ إنَّ ضعف الدّخل العام يُعجز بيت المالَ عن كفالة الأيتام والأرامل فَضْلاً عن مصلحة أهل الذمَّة من غير المسلمين المقيمين في دار الإسلام، وترغْيباً لهم في دخول هذا الديّن، وما إلى ذلك من أضرارٍ اقتصادية وسياسيَّة ودعويَّة واجتماعية في الحال وفي المآل.
لكن هذا الاجتهاد في نظر تلك الفئة الخونه والعملاء من اسمو نفسهم بالمعارضين .لَمْ يكن موضع قناعة وقبول في الوقت الذي أصرّوا فيه على استدلالهم بآية الغنيمة التي تُصَرِّح بأنّ جميع الغنيمة للغانمين لا سيّما وأنَّ القرآن الكريم قد أكَّد ذلك بقوله تعالى ﴿أَنَّمَا غَنِمْتُم﴾، و(ما) من ألفاظ العموم، وأكَّد هذا العموم أيضا بقوله ﴿مِّن شَيْءٍ﴾ أي كلُّ شيءٍ دقَّ أم جَلَّ فأصل الكلام (غنمتم شيئا) وإنما دخل عليه حرفُ الجرّ (مِن) زيادةً في التأكيد والتعميم.
وهنا لجأ المسلمون إلى التحكيم، وتَّم اختيار عشرة من أشراف الأنصار: خمسةٌ من الأوس وخمسةٌ من الخزرج للفصل في هذا النزاع. وبعد أن استمعت اللجنة إلى رأي المعارضين في حُجتهم من آية الغنيمة التي ذكرناها لتشتمل كل ما دَقَّ أو جَلَّ منها ظهر عمر عليهم باْستنباط قرآني آخر لم يكن يجري في خلدِ هذا الملأ وَوَجَّه الانتباه إلى آيات الفيء في سورة الحشر تحلْيلاً واستدلالاً وربطاً بآية الغنيمة.
الحجَّة في كتابِ الله
يحلو لنا أن نقتبس رواية أبي يوسف من كتابه (الخراج) قال عمر: "لقد وجدْتُ الحجَّة في كتابِ الله الذي ينطق بالحق، فقرأ الآيات من سورة الحشر ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ﴾.
فقال: هذه نزلت في شأنِ بني النّضير، أما الآية التالية: ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ فقال: هذه عامة في القرى كلها.
***********************************************************
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
بقلم: أحمد عبدالكريم
استثار رجل أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز، رحمه الله، فهم أمير المؤمنين أن يوقع به ثم لم يلبث أن قال: أيها الرجل، أردت أن يستفزني الشيطان بعز السلطان فأنال منك اليوم ما تناله مني غداً، اذهب فلا حاجة لي بذلك وعفا عنه، وهذا يذكرنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"، وهذا نوع أيضاً من أنواع التسامح، فليس التسامح أن تفعل الخير فقط ، ولكن يدخل فيه أيضا منع الشر عنهم، كون الإنسان في صراع بين الخير والشر، وترك الشر عن الآخرين يعد أيضاً من القربات إلى الله.
كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل أي الناس أفضل؟ قال: "رجل يجاهد في سبيل الله، قالوا ثم من؟ قال: مؤمن في شعب من الشعاب يعبد ربه ويدع الناس من شره"، فهذا الحديث يبين لنا جلياً أن ترك إيذاء الناس علامة من علامات الخير في هذا الشخص، وأنه بذلك يتقرب إلى ربه، عن طريق الإحسان إلى الآخرين، فإنه يحق لكل إنسان أن يعيش بسلام، وأن يخالط الناس بأمان، ويتعايش معهم بمحبة واستقرار، وأن الذي يؤذي الآخرين سواء بلسانه أو يده، يكون قد خالف هذا المفهوم، وعليه أن يراجع نفسه ويحاسبها ويصوّب طريقها، لذا من نظر إلى أصول الدين ومقاصد الشرع يجد القاعدة المتفق عليها عند المسلمين أن كل شيء يؤدي إلى الخصومة بين الناس والتنازع والقتل، يكون محرماً.
وأن الوسائل لها أحكام المقاصد، فنجد أن الدين حرم الغيبة والنميمة، وحرم أكل أموال الناس بالباطل، وحرم الزنا والسحر وغيرها من الأمور لأنها تؤدي إلى الفوضى والنزاعات والخلافات والفتن وزعزعة الأمن الاجتماعي وقطيعة الرحم وانصرام حبال المودة بين الأصحاب والأحباب، بل بمجرد أن يشير الشخص على الآخر بحديدة أو نحوها لعنته الملائكة كما جاء في الحديث، لأنه قد يتمادى بعد ذلك ويصل به الحال إلى قتله واستحلال دمه، وجاء في الحديث أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يأخذ أحدكم متاع أخيه، جاداً أو هازلاً" حتى لو كان هزلاً لا يجوز إيذاء الآخر ولو كان يسيراً في ظنك، كما قال الله في حادثة الإفك "وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم"، قد يكون الشيء هيناً بالنسبة إليك ولكنه عظيم في ميزان الدين، خاصة التسبب في تضييع حق الغير لأن ذلك يؤدي إلى الأحقاد والتباغض والتباعد، وهذا يبين مدى اهتمام الشرع بالصلح بين الناس والسماحة بينهم والابتعاد عن كل ما يؤدي إلى تنغيص حياتهم واستقرارهم في مجتمعاتهم.
الدين المعاملة، لم يغفل عن هذه الآداب، بل أكد عليها وشجع عليها، ورتب لها الأجور العظيمة لتبقى وتستقر في النفوس، ليعم الخير، فها هي المرأة التي كانت تصلي وتصوم إلا أنها كانت تؤذي جيرانها، فقال عنها النبي عليه الصلاة والسلام "هي في النار"، وامرأة أخرى دخلت النار في هرة كونها حبستها من الطعام، فلو كان هذا مع الحيوان، كيف إذن الحال مع الإنسان!
لذا علينا أن نتحلى مع الناس بالكلمة الطيبة، نتكلم بها وندعو إليها، نعظم حقوق الناس، ولا نتسلط عليهم لا باللسان ولا باليد، وكما أننا نعبد الله بفعل الطاعات، نعبده أيضاً بحفظ حرمة الناس وعدم التعدي عليهم بأي نوع من الإيذاء، ومن الإيذاء أيضاً الدخول في خصوصيات الناس وتتبع عوراتهم وفضحهم، والاستهتار في الطرقات ومخالفة أنظمة المرور التي تؤدي إلى زهق الأرواح كما يحدث في ما يسمى بـ"التفحيط"، والصور في ذلك كثيرة، كل شيء يؤدي إلى إيذاء الغير حسياً كان أو معنوياً فإنه منهي عنه ويخالف رسالة التسامح.
***********************************************************
ذهب الكلام:علم في رأسه نار
هذا المثل يضرب لمن كان شهيراً بارزاً لا تخطئه العين، وقد كانت الشاعرة العربية تماضر الخنساء بنت عمرو بن الشريد قد أوردته في إحدى قصائدها التي رثت فيها أخاها صخر، حيث قالت: وإن صخراً لتأتم الهداة به.. كأنه علم في رأسه نار. والعلم المقصود ههنا هو الجبل الأشم.
وقصة الخنساء مع رثاء أخيها صخر بدأت حينما انهار تصبرها على شقيق لها سبق صخراً ويدعى معاوية كان قد رحل مقتولاً قبل أخيها الآخر صخر بسنوات قليلة قبل الإسلام، فما قدرت الشاعرة على تمالك نفسها المرهفة حيث مات عزها ومؤنسها وملجؤها وحاميها، ولذا وجدت به أعظم الوجد، وولهت أشد الوله، وأقامت على قبره زماناً تبكيه.
وفي يوم طلب الناس من الخنساء أن تصف أخويها معاوية وصخراً، فأجابتهم: بأن صخراً حَر الشتاء، ومعاوية برد الهواء. قيل: أيهما أوجع وأفجع؟ فقالت: أما صخر فجمر الكبد، وأما معاوية فسقام الجسد.
ولذا قيل: كان موت صخر بن عمرو بن الشريد تاريخ ميلاد شاعرة كشف للعرب عن شاعرة بني سليم تماضر، نظراً لكثرة ما قالت فيه. والواقع انه كان تنفسيا لذلك الحزن المكبوت، ولذا كانت تسوم هودجها في الموسم، وتعاظم العرب بمصيبتها بموت أبيها وأخويها، وتقول: أنا اعظم العرب مصيبة، فيقر لها الناس في ذلك وليس هذا جديداً، فقد سبقوا أن اقروا لأبيها حين فاخر بابنيه، ثم لما كانت وقعة بدر، وقتل عتبة وشيبة أبناء ربيعة، والوليد بن عتبة، اقبلت هند بنت عتبة ترثيهم، وبلغها ورود الخنساء في الموسم، ومعاظمتها العرب بمصيبتها بأبيها وأخويها، فقالت هند: بل أنا اعظم العرب مصيبة، فأمرت بهودجها فسوم براية أيضا، وشهدت الموسم بعكاظ، وكانت عكاظ سوقاً تتجمع فيه العرب.
هكذا لا ترى الخنساء الأخت إلا هائمة على وجهها، تبكي وتنوح، ولا يعترض طريقها أحد. فلم يكن بد من أن يعلن في الملأ صدق حزنها، واليأس من تغيير حالها، إلى أن تترك لدمعها تناجيه ويناجيها وفي ذلك السلوى لها والراحة، حتى بعد أن اعتنقت الإسلام، فقال عمر الفاروق رضي الله عنه: دعوها، فإنها لا تزال حزينة أبداً.
ولعل من اجمل ما قالته الخنساء في أخيها هو هذا القول الذهبي:
وَإِنَّ صَخراً لَوالِينا وَسَيِّدُنا
وَإِنَّ صَخراً إِذا نَشتو لَنَحّارُ
وَإِنَّ صَخراً لَمِقدامٌ إِذا رَكِبوا
وَإِنَّ صَخراً إِذا جاعوا لَعَقّارُ
وَإِنَّ صَخراً لَتَأتَمَّ الهُداةُ بِهِ
كَأَنَّهُ عَلَمٌ في رَأسِهِ نارُ
***********************************************************
الشاعر علي الكيلاني
الشعير
الشعير
الشعير
درتك وين ما يطولكش طايل
وقلت ارتحت ع الغالي ارتاح
لقيتك وين ما نغفي اتحايل
بسرعه محت وين الريح ماح
ما تقوليش خيرك
شن حمس شعيرك
ليش عدا ظميرك وين الود راح
وين الريح ماح
ياسيدي ارتاح
درتك عين ومكذب اعيوني
ننظر بيك فالنضر البعيد
لقيتك وين ما تغفي جفوني
ساري تحوم كيف ساعي البريد
ما تقليش خيرك
شن حمس شعيرك
وين عداء ضميرك وين االود راح
وين الريح ماح
ياسيدي ارتاح
درتك قلب كيف قلبي يساري
وبديت نخاف لاكثر ع اليسار
لقيتك وين ما يطرا اطاري
طير غريب دار الريش طار
ما تلقيش خيرك
شن حمس شعيرك
وين عدا ظميرك وين الود راح
وين الريح ماح
ياسيدي ارتاح
درتك روح حتي نسيت روحي
ونقول ياروح ما بعدكش روح
لقيتك وين ما كثرت جروحي
زت القلب لجروحه اجروح
ما تقليش خيرك
شن حمس شعيرك
وين عدا ظميرك وليش الود راح
وين الريح ماح
ياسيدي ارتاح
درتك حلم يا روعة احلامي
وبديت الامل عندي فلحلام
ليقتك وين ما نسهي فمنامي
ساري الفجر ما قلتش سلام
ما تقليش خيرك
شن حمس شعيرك
وين عدا ضميرك وين الود راح
وين الريح ماح
ياسيدي ارتاح
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
28رمضان 1437هـ - 03 يوليو 2016م
دعاء
دعاء
اللهم إنّا نسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً متقبلاً
اللهم ارزقنا في هذا اليوم فضل ليلة القدر وصيّر أمورنا فيه من العسر إلى اليسر واقبل معاذيرنا وحطّ عنا الذنب والوزر يا رؤوف بعباده الصالحين.
إلهنا لا تحرمنا من نبيك الشفاعة، واجعل التقوى لنا أربح بضاعة، ولا تجعلنا في شهرنا هذا من أهل التفريط والإضاعة، وأمّنا من خوفنا يوم تقوم الساعة برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم لك الحمد كما هديتنا للإسلام، وعلمتنا الحكمة والقرآن، اللهم اجعلنا لكتابك من التالين، ولك به من العاملين، وبالأعمال مخلصين وبالقسط قائمين، وعن النار مزحزحين، وبالجنات منعمين وإلى وجهك ناظرين.. اللهم إنا نسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً متقبلاً ونسألك العافية في الدنيا والآخرة.. اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وانصرنا على من ظلمنا، وخذ منه بثأرنا.. اللهم أعنا علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم احسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمَ الخَائِفِينَ مِنْكَ ، وَخَوفَ العَالِمِينَ بِكَ ، وَيَقِينَ المُتَوَكِّلِينَ عَلَـيْكَ ، وَتَوَكُّلَ المُوقِنِينَ بِكَ ، وَإِنَابَةَ المُخْبِتِينَ إِلَيْكَ ، وَإِخْبَاتَ المُنِيبينَ إِلَيْكَ ، وَشُكْرَ الصَّابِرِينَ لَكَ ، وَصَبْرَ الشَّاكِـرِينَ لَكَ ، وَلَحَاقاً بِالأَحْيَاءِ المَرْزُوقِينَ عِنْدَكَ.
********************************************************************
عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ رِضَى اَللَّهُ عَنْهُ ; أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ الله أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ في السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَىَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ الله فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ" .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غُفر له ما تقدم من ذنبه) رواه الشيخان.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لست عشرة مضت من رمضان، فمنا من صام ومنا من أفطر، فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم" متفق عليه.
عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال، كان كصيام الدهر) رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جاء رمضان فُتّحت أبواب الجنة، وغُلّقت أبواب النار، وصُفّدت الشياطين) رواه مسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.
********************************************************************
الْوَاجِبُ فِي خِتَامِ الشَّهْـر
لقد كانت أيام هذا الشهر الكريم معمورة بالصيام والذكر وتلاوة القرآن ، ولياليه منيرة مضيئة بالصلاة والقيام ، لقد مضت تلك الأيام الغرر وانتهت تلك الليالي الدرر وكأنما هي ساعة من نهار ، فنسأل الله أن يخلف علينا ما مضى منها بالبركة فيما بقي ، وأن يتمَّ لنا شهرنا الكريم بالرحمة والمغفرة والعتق من النار ، وأن يعيده علينا أعواماً عديدة ونحن نتمتع باليُمْن والإيمان والسلامة والإسلام .
إن الله شرع لعباده في ختام هذا الشهر عباداتٍ جليلة يزداد بها إيمانهم وتُقرِّبهم إلى ربهم وتكمل بها عبادتهم وتتم بها نعمة ربهم عليهم من أهمها : زكاة الفطر ، والتكبيرُ عند إكمال عدة الصيام ، وصلاة العيد .
- أما زكاة الفطر : فقد فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعاً من طعام ففي الصحيحين عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ((فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ))(1)، وفي الصحيحين أيضاً عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ((كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ ، وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ))(2) وقال ابن عباس رضي الله عنهما : (( فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ ، فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ))(3).
ويجب أن يخرجها المسلم عن نفسه وعمن تلزمه نفقته من زوجة وأولاد وسائر من ينفق عليهم ، ولا يجب إخراجها عن الحمل الذي في البطن ولكن يخرجها عنه من باب الاستحباب ، ويخرجها في البلد الذي وافاه تمام الشهر فيه، وإن كان من يلزمه أن يخرج عنهم زكاة الفطر في بلد وهو في بلد آخر فإنه يخرج فطرتهم مع فطرته في البلد الذي هو فيه ، ويجوز أن يفوِّضهم في إخراجها عنه وعنهم في بلدهم .
ووقت إخراجها يبدأ بغروب الشمس من ليلة العيد ويستمر إلى صلاة العيد ، ويجوز تعجيلها قبل العيد بيوم أو يومين - أي: في اليوم الثامن والعشرين ، واليوم التاسع والعشرين - وقبل ذلك لا يجوز . وتأخير إخراجها إلى صباح العيد قبل الصلاة أفضل ، وإن أخَّر إخراجها عن صلاة العيد من غير عذرٍ أثم ، ويلزمه إخراجها ولو تأخرت عن يوم العيد ويكون ذلك قضاءً.
والمستحق لزكاة الفطر هو المستحق لزكاة المال ؛ فيدفعها إليه أو إلى وكيله في وقت الإخراج.
ومقدار صدقة الفطر عن الشخص الواحد : صاع من البر أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأقط ، فيُخرِج من هذه الأصناف ما كان معتاداً أكله في البلد ، وكذلك يخرج من غيرها مما يغلب استعماله في البلد كالأرز والذرة والدخن وغيرها ، ولا يجزئ دفع القيمة بأن يخرج النقود بدلاً عن الزكاة ، لأن ذلك مخالف لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالف لعمل الصحابة رضي الله عنهم ، فلم يكونوا يخرجون النقود في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عصر الصحابة من بعده مع أن النقود كانت موجودة عندهم ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ((مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ))(4).
- وأما التكبير : فإنه يشرع من غروب الشمس ليلة العيد إلى صلاة العيد ، قال الله تعالى: { وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [البقرة: 185] ، ويسن جهر الرجال به في المساجد والأسواق والبيوت إعلاناً لتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره ، وقد ثبت ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ فَيُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمُصَلَّى وَحَتَّى يَقْضِيَ الصَّلَاة ، فِإِذَا قَضَى الصَّلَاةَ قَطَعَ التَّكْبِيرَ ))(5).
أما صفة التكبير : فقد ورد عن بعض الصحابة أنهم يقولون : ((اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ)) يقول ذلك كل مسلم بمفرده ، أما التكبير الجماعي بصوت واحد يتفق في البدء والانتهاء فليس من السنة ولم يفعله أحد من سلف الأمة ، والخير كل الخير في اتباعهم .
والسنة في حق النساء أن يكبرن سراً لأنهن مأمورات بغض الصوت والستر .
ما أجمل حال الناس وهم يملئون الآفاق بتكبيرهم تعظيماً لله وإجلالاً ؛ إعلاناً لانتهاء شهرهم ، وشكراً لله على توفيقه لهم بإتمام الصيام ، واتباعاً لرسولهم ، وتعبداً لله بهذه الأذكار العظيمة التي تعلن لله العظمة والكبرياء والمجد والثناء حباً ورجاء وخوفاً وطمعاً .
- وأما الأحكام المتعلقة بالعيد : فيستحب الاغتسالُ للعيد ، وأن يلبس المسلم أحسن ثيابه ، ولا يجوز له أن يتجمل لا في العيد ولا في غيره بثياب من حرير أو ثياب مرخاة مسبلة ، أو بلباس يصف العورة ويحجمها ، أو بألبسة مختصة بالكفار ، ولا يجوز له أن يتجمل لا في العيد ولا في غيره بحلق لحيته لأن حلقها محرم وليس من الجمال في شيء وفيه تشبه بالكفار وبالنساء ؛ وإنما الجمال حقاً والتزين صدقاً باتباع السنة ولزوم هدي إمام الأمة صلى الله عليه وسلم .
والمرأة يشرع لها الخروج إلى المصلى بدون تبرج ولا تطيب ، ويجب عليها أن تربأ بنفسها من أن تذهب لطاعة الله وهي متلبسة بمعصية التبرج والسفور والتطيب أمام الرجال الأجانب ، فقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم أمْرُ النساء بالخروج إلى صلاة العيد فعن أم عطية رضي الله عنها قالت : ((أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى ؛ الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ ، قَالَ : لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا))(6).
ويسن للمسلم أن يأكل تمرات في عيد الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويسن له إذا خرج أن يخالف الطريق فيذهب في طريق ويرجع في آخر ، وليس قبل صلاة العيد ولا بعدها صلاة .
اللهم اختم لنا شهرنا بما يرضيك عنا من صالح الأعمال والأقوال ، واجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك .
(1) البخاري (1503)، ومسلم (2325) .
(2) البخاري (1510)، ومسلم (2331) .
(3) رواه أبو داود (1609)، وابن ماجه (1827) .
(4) رواه مسلم (1718) .
(5) مصنف ابن أبي شيبة (2/71، رقم 5667) .
(6) رواه مسلم (890).
********************************************************************
روائع الاستنباط من القرآن
دفاع الفاروق عن حقوق أهل الذمة 2
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
ما أَرْوع ذلك الاستنباطُ الذي اْستنبطه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في شأْنِ الأرض الزراعية التي أُخذتْ من غير المسلمين عَنْوةً مؤدَّاه أنّ الأرض في هذه الحالة لا تدخل في آية الغنيمة التي تقتصر على المنقول فقط بل إنّها داخلة في آياتِ الفيء الّتي تؤكّدِ أنها للناس جميعاً إلى يوم القيامة.
ومن هنا، كان موقف جمهور الفقهاء من هذا الاستدلال العُمَري أنّه مبنيٌ على الربَّط بين آيات الفيء في سورة الحشر بواو العطف والتي تقتضي الاشتراك في الحكم، بمعنى أنّ هذه الآيات المتعاقبة الّتي استدل بها عمرُ من الآية السابعة إلى الآية العاشرة يَلْزم أن يكون بينها ارتباط توجيهه: مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ... (الآية 7) ولِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ (الآية وللأنصار وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ... (الآية 9) وللتابعين ومن تَبِعَهمْ إلى يوم الدين لقوله تعالى: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ... (الآية 10).
أي للأمّة كلِّها، وإنما خَصَّ القرآنُ بعض الأصناف بالذّكر للأحقيَّة والمزيد من الاهتمام، وفي ضوء ذلكَ اتخذ عمر قراره التاريخي متّفِقاً مع رأي كبار الصحابة وبُعِثَتْ الأوامرُ إلى قادة الجيش أن تُتْرك الأراضي بأيدي أهلِها الأصليّين من أهل الذمّة من اليهود والنصارى والمجوس على أنْ يدفعوا خراجها لبيت المال لِيُصْرف في وجوه مصالح الأمة.
رسالة عمر
ويُعدُّ عمر أولّ مَنْ وضع الخراج في الإسلام كما قال الطبري وغيرُه، أما المقاتِلون فليس لهم إلا ما غنموه من المنقول.
وهذه رسالة عمر إلى سعد بن أبي وقاص: "أما بعد، فقد بلغني كتابُك أن النّاس قد سألوا أن تَقْسم بينهم غنائمهم، وما أفاء الله عليهم، فإذا أتاك كتابي فأنظروا ما أجْلبوا به عليه في العسكر بين كراعٍ أو مالٍ فاقسمه بين من حَضر من المسلمين واترك الأَرضْين والأنهار لعمَّالها ليكون ذلك في أعطيات المسلمين. فإنّا لو قسمناها بين من حضر لم يكن لمن بعدهم شيء.
على خطى عمر
والجدير بالذكر أنَّ الخلفاء من بعد عمر قد سلكوا هذا المسلك وأَفتى به جمهور الفقهاء، وفي أحكام القرآن التأكيد على أنّ الأرض ليست داخلةً في الغنيمة لما ثَبَت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنّ الغنيمة مما اختَصَّتْ به هذه الأمَّة.
وقد كانت محرَّمةً على من كان قبلها من الأمم. ولمّا كانت ديار الكفر وأرضهم حلالا لهم بدليل وعْد الله لبني إسرائيل بها يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ دلّت على أنّ الأرض ليست داخلة في آية الغنيمة.
الأرض المغنومة
أما التأكيد في آية الغنيمة وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ بـ"ما" و "مِنْ" فإنّما هو لمناسبة نزولها في غزوة بدر فقد بادر البعض إلى الغنيمة قبل أن ينزل من الله سبحانه وتعالى بيانُ حكمه فيها.
وممَّا يدل على اقْتصار الغنيمة على المنقول: تصرّفُ النبي، صلى الله عليه وسلم، في فتح مكّة حيث إنه ترك لهم دُورهم وغنائمهم لأنّ قسمةَ الأرض المغنومة ليست ملزَمَة فضلاً عن أنّ مكة ذات خصائص فهي ليست كغيرها من البلدان لأنّها دار العبادة والنُّسك.
رؤية عمر
قد يُقال: إنّ تضييق مفهوم الغنيمة واقْتصاره على المنقول تضييقٌ لموارد بيت المال ممّا يؤثّر في المصلحة العامّة بل الصّحيح هو العكس، فإن القرارَ العمري بترك الأراضي بأيدي أهل الذمّة وفرض الخراج العادل عليهم قد فتح للمسلمين مورداً جديداً لم يُعهد في الإسلام، وتكشف قوائمُ بيت المال في عهد عمر والعهود الّلاحقة ما لهذا القرار من أثرٍ في إثراء بيت المال، وخاصّة من ضريبةِ الخراج، بل كانت هذه الضريبة مثالاً وأساساً لتطوّر الأموال العامّة عموماً في ضوء الاجتهاد وسبباً لدخول أهل الكتاب في دين الله تِباعاً إقراراً للعدالة العمرية.
********************************************************************
قصة وعبرة
يحكى أن ملكاً من الملوك خرج مع وزيره للغزو و في الطريق شاهد ولداً يسير فنادى الوزيرعلى الولد و طلب منه أن يحضر بين يدي الملك , قال له الملك : ما اسمك؟ قال اسمي فتاح , سر الملك و تفائل ثم سأل الملك الولد : إلى أين تذهب ؟ أجاب الولد إلى المسجد فازداد فرح الملك و سروره ( الولد اسمه فتاح و ذاهب الى المسجد ) بعد ذلك سأل الملك الولد: و ما درسك ؟ فأجاب الولد ( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ) , عندما سمع الملك كلام الولد فرح فرحاً كثيراً و عانق الولد و قبله و قال له اذهب يا بني على بركة الله إلى درسك و ذهب الملك و وزيره للغزو و عاد منتصراً هو و جنوده من المعركة و في طريق العودة قال الملك للوزير نريد أن ندهب إلى المسجد لكي نكافئ الولد الذي تفائلنا به , دخل الملك والوزير إى المسجد و استقبلهم شيخ المسجد و نظر الملك في وجوه الأولاد فرأى الولد الذي تفائل به جالساً في زاوية المسجد , قال الملك للشيخ أريد الولد الجالس في الزاوية و أشار إليه بيده فصاح الشيخ على الولد قائلا : عابس تعال يا بني، جاء الولد و جلس بأدب أمام الملك , استغرب الملك من الولد و قال في نفسه عندما سألته قال لي أن اسمه فتاح و الآن الشيخ يناديه عابس ! قال الملك للشيخ دعه يقرأ لنا درسه قال الشيخ للولد اقرأ يا عابس درسك . قرأ الولد ( عبسَ و تولى أن جاءه الأعمي ) فازداد استغراب الملك و دهشته ! ثم سأل الملك الولد : لماذا عندما سألتك عن اسمك قلت فاتح وعندما سألتك عن درسك قلت ( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ) قال الولد: أنا ولد صغير و أنت ملك البلاد و عندما سألتني عن اسمي فكرت في الأمر و قلت من غير المعقول أن الملك يوقفني و يسألني عن اسمي من غير هدف و لذلك قلت لك اسمي فتاح و درسي ( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ) لأكون فأل خير عليك , أعجب الملك بأدب و ذكاء الولد و قال الملك للوزير أعطه ديناراً , رفض الولد أخذ الدينار فنهره الوزير و قال له أترفض عطية الملك ؟ قال الولد أنا لا أرفض عطية الملك بل أتشرف بها و لكن إذا رجعت إلى البيت سيقول لي والدي من أين لك هذا الدينار؟ قال الوزير : قل له من الملك , قال الولد : لن يصدقني و سيقول لي إن الملوك لا يعطون ديناراً , فازداد إعجاب الملك بأدب الولد وذكائه أكثر و قال للوزير أعطه مائة دينار , بعد ذلك ودع الملك شيخ المسجد و خرج , فنادى المنادي : ابتعدوا عن طريق الملك افسحوا الطريق للملك فابتعد الناس و وقفوا على جانبي الطريق و لكن هناك رجل كبير في السن لم يبتعد عن الطريق و أخذ يكيل الشتم و السب للملك، و يقول: من يكون هذا الملك ؟ فقال الملك اقبضوا عليه و اعلنوا في البلاد من أراد ان ينظر إلى تأديب المسيء فليقبل فاجتمع الناس في ساحة كبيرة للنظر إلى تأديب المسيء , خرج الولد مع الأولاد من المسجد فسمعوا المنادي فذهبوا مع الناس ليروا كيف سيكون تأديب المسئ , فبينما هم يسيرون و اذا بالولد يحدق النظر بقوة و فجأة أخذ يشق الصفوف و يركض بسرعة كبيرة باتجاه الملك و عندما وصل إلى الملك أخذ المائة دينار و رماها في حضن الملك و قال له : هذه فداء لأبي , فقال الملك للولد: أهذا أبوك ؟ فقال الولد: نعم. , فقال الملك نعم الإبن و بئس الأب.فقال الولد : لا تقل هكذا بل قل نعم الأب و بئس الجد فأبي أدبني و لكن جدي لم يؤدب أبي , فقال الملك للولد: لقد عفونا عن أبيك إكراماً لك.
العبرة من القصة :على الآباء أن يهتموا بتعليم و تأديب أبنائهم , عدم التسرع في الإجابة بل عليك التريث قليلاً قبل الإجابة , احترام الكبير و توقيره و الجلوس أمامه بأدب واحترام , إن اجتماع الذكاء مع الأدب يجلب للإنسان الخير و السعادة , حفظ اللسان عن الكلام الفاحش و السب و الشتم ( فلسانك حصانك إن صنته صانك، وإن هنته هانك )
********************************************************************
ذهب الكلام:لا نامت أعين الجبناء
خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي (590 ـ 642 م) فارس وقائد إسلامي لقبه الرسول بسيف الله المسلول، حارب في بلاد فارس وبلاد الروم وفي الشام، وتوفي ودفن بعدها في حمص. كان محل ثقة كل الخلفاء وكل المؤمنين الذين اصطفوا وراءه في الفتوحات التي انتقل خلالها من نصر إلى نصر مؤزر حتى ارتفعت راية الإسلام في بلاد فارس والروم.
قام خالد بن الوليد بدور كبير في حروب الردة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وواجه بجيشه المرأة سجاح مدعية النبوة ومالك بن نويرة الذي اتهم بالردة.
ثم إن أبا بكر أمره بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتال المرتدين، منهم: مسيلمة الحنفي في اليمامة، وله في قتالهم الأثر العظيم.
وله الأثر المشهور في قتال الفرس والروم، وافتتح دمشق، وكان في قلنسوته التي يقاتل بها شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستنصره به وببركته، فلا يزال منصوراً. سقطت منه قلنسوته يوم اليرموك، فأضنى نفسه والناس في البحث عنها فلما عوتب في ذلك قال: »إن فيها بعضاً من شعر ناصية رسول الله وإني أتفاءل بها وأستنصر«.. ففي حجة الوداع ولمّا حلق الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأسه أعطى خالداً ناصيته، فكانت في مقدم قلنسوته، فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه الله.
أرسله الخليفة أبو بكر الصديق لنجدة جيوش المسلمين في الشام بعد أن ثبت خالد بن الوليد أقدامه في العراق، تحرك خالد بن الوليد وقطع صحراء السماوة ومعه دليله رافع بن عمير وجيشه ووصل في وقت قليل لنجدة المسلمين.
حين وصل إلى الشام ومعه تسعة آلاف وجد هناك جيوشاً متعددة عند اليرموك واقترح أن تجمع الجيوش في جيش واحد فاختاره القادة ليأمر الجيش فقام بتنظيمه وإعادة توزيعه قبل معركة اليرموك.
قبيل المعركة توفي أبو بكر وتولى الخلافة عمر بن الخطاب الذي أرسل كتاباً إلى أبي عبيدة بن الجراح يأمره بإمارة الجيش وعزل خالد لأن الناس فتنوا بخالد حتى ظنوا أن لا نصر بدون قيادته ولكن أبا عبيدة آثر أن يخفي الكتاب حتى انتهاء المعركة واستتباب النصر تحت قيادة خالد.
وقد شهد خالد بن الوليد حوالي مئة معركة بعد إسلامه، قال على فراش الموت: لقد شهدت مئة زحف أو زهاءها، وما في بدني موضع شبر، إلا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي فلا نامت أعين الجبناء.
********************************************************************
الشاعر علي الكيلاني
وحدي
وحدي
ثريته بحر وانا نقول وحدي
لا حب قبلي ولا يحب بعدي
وانا نقول وفي
لا حب قبلي لا يحب علي
نا دايراته لي
طيري اللي مايطير بين ايدي
تريت الوفا ماو شي
عنده وقلبه من غلاي اخلي
وانا نقول وحدي
وهبله انصدق من اطاح سعدي
الغالي بحر وانا نقول وحدي
لا حب قبلي لا يحب بعدي
وانا نقول حنون
ولا ايدير غيري حب مهما يكون
لا يجذبنه اعيون
لا ينخطف ليا انا مرهون
ثريته بضحك اسنون
ينجر حتي قرام ماو مضمون
وانا نقول وحدي
وهبله نصدق من اطياح اسعدي
الغالي بحر وانا نقول وحدي
لا حب بعدي لا يحب بعدي
وانانقول معاي
لا يحب غيري لا يخون غالي
هوا دواي وداي
ضمنته وخليته علي مولاي
ثرييته مع اللي جاي
ارياحه اتقلب موش غير هواي
وانا نقول وحدي
وهبله انصدق من اطاح اسعدي
ثريته بحر وانا نقول اوحدي
لا حب قبلي لا يحب بعدي
ونا نقول ايرد
الغالي طويري ما يوالف حد
ما بعد ودي ود
مالاش غيري واخذتها جد
ثريته خفيف شرد
وقلبه متلج من قداي برد
وانا نقول وحدي
وهبله نصدق من اطياح اسعدي
تريثه بحر وانا نقول وحدي
لا حب قبلي لا يحب ابعدي
وانا نقول نا بس
مالاش غيري لابغيري يحس
والحب ما يندس
يابال من قلبه الحنون رقص
ثريت العزيز خنس
بكري وراء قلبه الضعيف دعس
وانا نقول وحدي
وهبله انصدق من اطياح سعدي
الغالي بحر وانا نقول وحدي
لا حب قبلي لا يحب بعدي
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
29 رمضان 1437هـ - 04 يوليو 2016م
دعاء
اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع
اللهم وفر حظي في هذا اليوم من النوافل وأكرمني فيه بإحضار المسائل وقرب فيه وسيلتي إليك من بين الوسائل يا من لا يشغله إلحاح الملحين.. اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ودعاء لا يُسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع.
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك. اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في الدار المقامة. اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت.
أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا أرحم الراحمين... اللهم اهدنا واهدِ بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى... اللهم تقبل منا الصلاة والصيام والقيام واغفر لنا جميع الخطايا والذنوب والآثام يا رب العالمين.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُبَارِكَ فِي نَفْسِي ، وَفِي سَمْعِي ، وَفِي بَصَرِي ، وَفِي رُوحِي ، وَفِي خَلْقِي ، وَفِي خُلُقِي ، وَفِي أَهْلِي ، وَفِِي مَحْيَاي ، وَفِي مَمَاتِي ، وَفِي عَمَلِي ، فَتَقَبَّلْ حَسَنَاتِي ، وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ العُلَى مِنَ الجَنَّةِ آمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّـرَدِّي ، وَالهَدْمِ ، وَالغَرَقِ ، وَالحَرْقِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيطَانُ عِنْدَ المَوْتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِراً ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغاً.
**********************************************************
دعاء
اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ومن نفس لا تشبع
اللهم وفر حظي في هذا اليوم من النوافل وأكرمني فيه بإحضار المسائل وقرب فيه وسيلتي إليك من بين الوسائل يا من لا يشغله إلحاح الملحين.. اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، ودعاء لا يُسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع.
اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك. اللهم إني أعوذ بك من جار السوء في الدار المقامة. اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت.
أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يا أرحم الراحمين... اللهم اهدنا واهدِ بنا واجعلنا سببا لمن اهتدى... اللهم تقبل منا الصلاة والصيام والقيام واغفر لنا جميع الخطايا والذنوب والآثام يا رب العالمين.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تُبَارِكَ فِي نَفْسِي ، وَفِي سَمْعِي ، وَفِي بَصَرِي ، وَفِي رُوحِي ، وَفِي خَلْقِي ، وَفِي خُلُقِي ، وَفِي أَهْلِي ، وَفِِي مَحْيَاي ، وَفِي مَمَاتِي ، وَفِي عَمَلِي ، فَتَقَبَّلْ حَسَنَاتِي ، وَأَسْأَلُكَ الدَّرَجَاتِ العُلَى مِنَ الجَنَّةِ آمِينَ.
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّـرَدِّي ، وَالهَدْمِ ، وَالغَرَقِ ، وَالحَرْقِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيطَانُ عِنْدَ المَوْتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِراً ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغاً.
**********************************************************
عن عبد الله بن عباس قال ( شهدت الفطر مع النبي وأبي بكر وعمر وعثمان م ، يصلونها قبل الخطبة ، ثم يخطب بعد ، خرج النبي
، كأني أنظر إليه حين يجلس بيده ، ثم أقبل يشقهم ، حتى جاء النساء معه
بلال ، فقال : { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك } الآية ، ثم قال
حين فرغ منها : أنتن على ذلك . قالت امرأة واحدة منهن ، لم يجبه غيرها :
نعم . لا يدري حسن من هي ، قال : فتصدقن . فبسط بلال ثوبه ، ثم قال : هلم ،
لكن فداء أبي وأمي . فيلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال) . (البخارى )
**************
عن جابر بن عبد الله قال إن النبي خرج يوم الفطر ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ( البخارى )
**************
كان رسول الله لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات . وقال مرجأ بن رجاء : حدثني عبيد الله قال : حدثني أنس ، عن النبي : ويأكلهن وترا . (البخارى )
**************
أن رسول الله فرض زكاة الفطر ، صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، على كل حر أو عبد ، ذكر وأنثى ، من المسلمين . (البخارى )
**********************************************************
مَاذَا بَعْـدَ رَمَضَان
إنّ مما لا شك فيه أن كل صائم صام شهر رمضان وكل قائم قام لياليه ليرجو أن يكون صيامه وقيامه صالحاً مقبولاً وأن يكون سعيه مشكوراً ، ويبتهل إلى الله بالدعاء ليحقق له هذا المطلوب ويتمِّم له هذا المرغوب ، وللقبول علامات تشير إليه ودلالات تدل عليه وصفات يرجى معها حصول هذا المأمول ومن ذلك : أن يجِد الإنسان نفسه في الخير والاستقامة والطاعة بعد رمضان خيراً منها قبله ؛ مقبِلاً على العبادة برغبة ونهم ، محافظاً على الفرائض والواجبات ومؤدِياً للصلوات في المساجد مع الجماعة ، محباً للمعروف عاملاً به وآمراً ، ومبغضاً للمنكر ومجتنباً له ومحذراً . وأما من كان حاله بعد رمضان كحاله قبله أو أسوأ منه ؛ سادراً في غيِّه وضلاله، متكاسلاً عن أداء الواجبات ومضيِّعاً ، منغمساً في المحرمات ومحرِّضاً ، فهذه من علامات الخسران ودلالات عدم الربح ؛ فهو لم يغتنم الأوقات في موسم الطاعات ، ولم يتعرض للنفحات في موسم الهبات ، ولم يسأل الله المغفرة ويبذل أسبابها في شهر المغفرة والرضوان ، فيا عظم خسارته ، ويا فداحة مصيبته ، ويا هول عاقبته وعقوبته .
لقد كان شهر رمضان المبارك موسماً عظيماً للتعوِّد على الطاعة والاجتهاد في العبادة والتنافس في فعل الخيرات ، وإنه لقبيح بالمسلم أن يتخلى عن العبادة بعد انقضاء هذا الشهر الكريم كما هو الحال من بعض الناس لا يعرفون الله وعبادته إلا في رمضان ، ولهؤلاء يقال: يا من عرفت في رمضان أن لك رباً تعبده وتطيعه وتخشاه وترجوه كيف نسيته بعد رمضان !! ويا من عرفت في رمضان أن الله قد أوجب عليك الصلوات الخمس في المساجد كيف جهلت ذلك أو تجاهلته بعد رمضان !! ويا من عرفت في رمضان أن الله حرَّم عليك المعاصي كيف نسيت ذلك بعد رمضان !! ويا من عرفت في رمضان أن أمامك جنة وناراً وثواباً وعقاباً كيف غفلت عن ذلك بعد رمضان!! ويا من كنتم تملؤون المساجد في رمضان وتتلون القرآن كيف خلَت منكم المساجد وهجرتم القرآن بعد رمضان!! عجباً لقوم لا يعرفون الله إلا في رمضان ولا يخافون الله إلا في رمضان ، وقد سئل بعض السلف عن حال مثل هؤلاء فقال : "بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان".
إن رب الشهور واحد ؛ فرب رمضان هو رب شوال وشعبان وسائر الشهور ، والواجب على المسلم أن يعبد الله ويبتعد عن معصيته في كل وقت وحين كما قال سبحانه: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر: 99] أي داوم على عبادة الله والإنابة إليه حياتك كلها حتى تأتيك منيَّـتك وينتهي عمرك في هذه الحياة ، لأن حياة الإنسان ملك لله ، والله يريد من العبد أن يعمرها بطاعته وعبادته لا بشيء آخر قال تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام: 162] ، فمن شغل وقته وعمره وصحته وفراغه وقوته وشبابه وعقله وفكره وقلبه ولسانه وسائر جوارحه بشيء لم يأمر به الله أو لم يشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم من واجب أو مستحب أو مباح ينوي به التقرب لله فقد أساء لنفسه وظلمها ظلماً عظيماً وستكون عليه حسرة وندامة يوم القيامة بقدر تفريطه وتضييعه ، ومن حافظ على شيء وداوم عليه يموت عليه ويبعث عليه. وهذه سنة الله في خلقه ولذلك طلب من عباده وأوليائه الاستمرار على الإسلام والمداومة على أحكامه وشعائره حتى يموت عليه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران:102] .
قال ابن كثير رحمه الله : " أي: حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه ، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بُعث عليه ، فعياذًا بالله من خلاف ذلك " (1) اهـ.
وروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن مجاهد : أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَابْنُ عَبَّاسٍ جَالِسٌ مَعَهُ مِحْجَنٌ فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } وَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ لَأَمَرَّتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ عَيْشَهُمْ فَكَيْفَ مَنْ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا الزَّقُّومُ )) (2) .
ومن الدعوات الجامعة قول يوسف عليه السلام: { أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [يوسف:101] ، ولا صلاح في الدنيا ولا سعادة فيها ولا أمْن ولا أمان إلا بالتمسك بهذا الدين والالتزام بكل تعاليمه وشرائعه وتوجيهاته ، بل صلاح الدنيا مرتبط بصلاح الدين ولذلك جمع النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه بينهم فقال : ((اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي ، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ))(3) .
وكان صلى الله عليه وسلم يستفتح شهره بالدعاء المعروف عند رؤية الهلال وهو قوله: ((اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ ))(4) تنبيهاً منه صلى الله عليه وسلم إلى التلازم والارتباط بين الأمن والإيمان والسلامة والإسلام ، فكأنه يقول : إذا أراد الإنسان أن يعيش آمناً سالماً في شهره وفي سائر عمره فليتمسك بالإسلام وليحيا على الإيمان ، فإن من آمن بالله وتمسك بشرعه الذي أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يعكر ذلك بشيء من الشرك أو الكفر أو البدعة أو المعاصي فإن الله قد ضمن له الأمن والسلامة والهداية في هذه الدنيا ويوم القيامة ، قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } [الأنعام: 82] ، وقال سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [30] نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [31] نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [32] وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت: 30-33] ، وقال سبحانه: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [13] أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأحقاف: 13-14] . وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ)) (5).
نسأل الله أن يحيينا على الإسلام ، وأن يميتنا على الإيمان ، وأن يثبتا على الحق والهدى إلى أن نلقاه سبحانه .
(1) تفسير ابن كثير ( تفسير آل عمران:102 ، ج2 ص: 87 ).
(2) المسند (2735) ، والترمذي (2585)، وابن ماجه (4325)، واللفظ للإمام أحمد.
(3) رواه مسلم (2720).
(4) رواه الترمذي (3451)
(5) مسلم (1844) .
**********************************************************
روائع الاستنباط من القرآن
أسرار المناسبات بين الآيات والسُّور-1
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
إنّ من العلوم القرآنية التي قلَّ طارقُوها وكثُر تاركُوها علمٌ يُعرف بالمناسبات بين الآيات والسُّور، فما مِنْ آيةٍ بجوار آية ولا سورةٍ بجوار سُورة إلاّ وبينهما سرٌّ دقيقٌ يكشف عن الارتباط بين الآيات من أوّل القرآن إلى آخره، ذلك أنّ هذا التَّرتيب القرآنّي سُوراً وآياتٍ توقيفيّ كما قرأهُ جبريلُ، عليه السَّلام، على سيّدنا محمد، صلّى الله عليه وسلم، وليس الترتيب بحسب النزول مّما دعا طائفة من العلماء أن يلتمسوا هذه الحِكَم الجليّة والخفيّة فاْهتدوا إلى أربعة أنواع:
1. العلاقةُ بين الآية والآية بجوارها.
2. العلاقةُ بين السّورة والسّورة بجوارها.
3. العلاقةُ بين بداية السّورة ونهايتها.
4. العلاقةُ بين نهاية السّورة وبداية السّورة التي تليها.
فعلى سبيل المثال: سورة «ق» يقول المولى سبحانه وتعالى في مطلع السّورُة:
1. ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ وفي ختامها ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾
2. وبعد ذلك ﴿فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ فيرد الله عليهم ثانياً قبل الختام: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ﴾.
3. ثم يقول تعالى على لسَان الكفار ﴿ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ فيرد الله عليهم في الختام: ﴿ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾
4. ثم يقول في البداية: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ﴾ فيرد الله عليهم في الختام بالترتيب نفسه ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾.
5. وفي مطلع السورة يقول المولى بعد ذلك: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ﴾، فإذا ما نظرنا إلى آخر السّورة يقول المولى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾.
6. ثم يقول المولى في بداية السورة: ﴿تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾، وبالترتيب العكسي من آخر السّورة يقول المولى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾
فقد جاءت الآيات في خاتمة السورة داحضة مرتّبة ترتيباً عكسياً لكل دعوى أنكرها الكفّار في مطلع السَّورة.
وفي سورة البقرة تجد المناسبة جليَّة بين فاتحة السورة وخاتمتها ففي البداية يقول تعالى: ﴿وَاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك﴾ وتأتي خاتمة السورة لتؤكد هذا المعنى وتُقرره فيقول المولى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ * كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾.
ولعلَّ سورة يوسف علية السلام – تكشف علاقة مطلعها بخاتمتها أكثر من غيرها من السُّور ففي أوّل السُّورة:
1. ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وفي خاتمتها ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.
2. وفي أول السورة: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾.
3. ثم يقول تعالى في خاتمة السُّورة مؤكداً هذا المعنى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾.
4. وفي بدايتها: ﴿وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾، وفي نهايتها تحقيقاً لهذه النبوءة: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ...﴾، فأتم الله عليه النعّمة نبوّةً ومُلْكاً وتأويلاً للأحاديث.
5. وقالَ يعقوبُ – عليه السّلام – في مطلع السورة محذّراً إياَّهم من كيد الشيطان: ﴿... إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ وكذلك في خاتمة السُّورة نَسَبَ سّيدُنا يوسفُ – عليه السلام – صنيع أخوته إلى الشيطان فقال: ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾.
تأويل رؤياي
في مطلع سورة يوسف يعرض سّيدنا يوسف على أبيه رؤياه مُسْتفهما تأويله فيحذِّره الأب ﴿َا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ﴾، ويُبشَرّه بتمام النّعمة، وفي خاتمتها يخاطب سيدنا يوسف أباه فيقول: ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا﴾.
**********************************************************
*أحكام مختصرة في زكاة الفطر*
ما حكم زكاة الفطر؟
قال ابن باز رحمه الله :
زكاة الفطر فرض على كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى حر أو عبد .
الفتاوى (14/ 197)
ماذا تكون زكاة الفطر ؟
قال ابن باز :
تخرج صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط ويلحق بهذه الأنواع في أصح أقوال العلماء كل ما يتقوت به الناس في بلادهم كالأرز والذرة والدخن ونحوها.
متى وقت إخراج زكاة الفطر؟
قال ابن باز:
إخراجها في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين وليلة العيد ، وصباح العيد قبل الصلاة .
الفتاوى (14/32-33)
سبب إخراج زكاة الفطر؟
قال العثيمين:
إظهار شكر نعمة الله تعالى على العبد بالفطر من رمضان وإكماله. الفتاوى (١٨-٢٥٧).
من تصرف له زكاة الفطر؟
قال العثيمين:
ليس لها إلا مصرف واحد وهم الفقراء. الفتاوى الفتاوى (18/259)
حكم توكيل الأولاد أو غيرهم في إخراج زكاة الفطر؟
قال العثيمين:
يجوز للإنسان أن يوكل أولاده أن يدفعوا عنه زكاة الفطر في وقتها، ولو كان في وقتها ببلد آخر للشغل. الفتاوى (18/262)
هل يجوز للفقير أن يوكل شخصاً آخر في قبض زكاة الفطر ؟
قال العثيمين:
ج : يجوز ذلك . الفتاوى (18/268)
هل من قول معين يقال عند إخراج زكاة الفطر؟
لا نعلم دعاء معينا يقال عند إخراجها. اللجنة الدائمة (9/387)
هل يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر؟
قال ابن باز:
لا يجوز إخراج القيمة في قول أكثر أهل العلم ؛ لكونها خلاف ما نص عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم
الفتاوى (14/ 32)
قال ابن عثيمين:
إخراجها نقداً فلا يجزئ؛ لأنها فرضت من الطعام. الفتاوى (18/265)
هل يلزم في زكاة الفطر النصاب؟
قال ابن باز:
ج :ليس لها نصاب بل يجب على المسلم إخراجها عن نفسه وأهل بيته من أولاده وزوجاته ومماليكه إذا فضلت عن قوته وقوتهم يومه وليلته.
الفتاوى (14/ 197)
كم مقدار زكاة الفطر؟
قال ابن باز:
الواجب في ذلك صاع واحد من قوت البلد ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو على سبيل التقريب.
الفتاوى (14/ 203)
هل يجوز إخراج زكاة الفطر في غير بلد المزكي ؟
قال ابن باز:
السنة توزيعها بين الفقراء في بلد المزكي وعدم نقلها إلى بلد آخر لإغناء فقراء بلده وسد حاجتهم.
الفتاوى (14/ 213)
أين تُخرج زكاة الفطر؟
قال العثيمين:
زكاة الفطر تدفع في المكان الذي يأتيك الفطر وأنت فيه، ولو كان بعيداً عن بلدك.
هل على الخادمة في المنزل زكاة الفطر ؟
قال العثيمين:
أ- : هذه الخادمة في المنزل عليها زكاة الفطر لأنها من المسلمين.
ب- والأصل أن زكاتها عليها، ولكن إذا أخرج أهل البيت الزكاة عنها فلا بأس بذلك.
هل تدفع زكاة الفطر عن الجنين؟
قال العثيمين:
زكاة الفطر لا تدفع عن الحمل في البطن على سبيل الوجوب، وإنما تدفع على سبيل الاستحباب.
(18/263)
هل يجوز إعطاء زكاة الفطر للعمال من غير المسلمين؟
قال العثيمين:
ج : لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين فقط.
الفتاوى (١٨-٢٨٥).
هل زكاة الفطر للشخص الواحد تُعطى لشخص واحد أو عدة أشخاص؟
يجوز دفع زكاة الفطر عن النفر الواحد لشخص واحد، كما يجوز توزيعها على عدة أشخاص. اللجنة الدائمة (9/377)
ما حكم من يأخذ زكاة الفطر ثم يبيعها ؟
إذا كان من أخذها مستحقا جاز له بيعها بعد قبضها.
اللجنة الدائمة (9/380)
تأخير زكاة الفطر إلى ما بعد العيد بلا عذر؟
قال العثيمين:
تأخيرها إلى ما بعد الصلاة فإنه حرام، ولا تجزئ.
الفتاوى ( 266/18
**********************************************************
زكاة الفطر نقدا ام طعام .... الشيخ حافظ الجلالي : ماتشوشوا عالناس
**********************************************************
التسامح مع الأرحام سعة في الرزق والعلم
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
كلنا في هذه الدنيا يرغب في الخير لنفسه، ويبحث عن النجاح في دنياه، ويطلب المال والرزق الحسن، وهذا الأمر قريب منا، يبينه لنا النبي، عليه الصلاة والسلام، بقوله: «من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه»، هذا الحديث فيه نوع من الحث والتشجيع وتهييج النفس نحو المبادرة، بقوله «من أحب» وذكر المال والعمر، وهذا أمر يحبه الكل، فجعل أسماعهم مفتحة، ووجوههم مقبلة ينتظرون الإجابة بحول كيفية الحصول على هذه النعم، فجاءتهم الإجابة في صلة الرحم، ومن هنا نبدأ، ومن هنا نشجع، ومن هنا ننادي بالتسامح والتقارب من الأرحام، وأن الذي ليس له خير لأهله يكون في ضيق من أمره، بعيداً عن البركة، لا يجد لذة التواصل الأسري في محيط أسرته، بل هو موعود بالعقاب في الآخرة إن تعمد هذا الصنيع وقطع أرحامه أو أسهم في قطع أرحامه، وفي المقابل هو من أعظم الأسباب الموصلة إلى الجنة، وجاء في حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال له: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال: «تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم»، وقال: «أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» ويكفي الترغيب في صلة الرحم، ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية كثيرة في هذا المقام، إلا أن السؤال يبقى وهذا هو الأكثر، لماذا أصل الأرحام الذين هم يقطعوني ويسيئون إلي؟
هذا السؤال يتكرر من البعض، والجواب في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم، ويجهلون علي ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل «الرماد الحار»، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك، فمعنى الحديث أنك بإحسانك إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم، وهو تشبيه بما يلحقهم من الألم بما يلحق أكل الرماد الحار، ومع ذلك شجعه أن يستمر وأنه لا يزال معه من الله ظهير عليهم، فإن كنت أمرت بالعفو والرفق مع من أساء إليك من عامة الناس، فما بالك بمسامحة الأرحام والرفق بهم! والواصل الحقيقي هو الذي يصل رحمه إذا قطعت وليس فقط يصلها إذا هي وصلته، كما جاء في الحديث «ليس الواصل بالمكافئ ولكن هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها».
وهنا الدور يكون على الوالدين في غرس هذا المفهوم لدى الأبناء منذ الصغر، يبينون لهم أن هذا الأمر لا بد منه وأنه من أصول الأخلاق الصحيحة، نعلمهم الأنساب حتى يتعرفوا على أقاربهم، كما جاء في الحديث «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم»، ومن هنا أقدم نصيحة للأسرة أن لا تقصر في هذا الأمر، حتى في حال الطلاق، لأنه ملاحظ ولوجود عدة قضايا في قاعات المحاكم تكون مقدمة من قبل الأب أو الأم للمطالبة برؤية الأبناء بعد الطلاق كون الحاضن يرفض أن يسمح للطرف الآخر أن يرى الأبناء، وهذا فهم خاطئ، وصنيع له آثار سلبية وخيمة، فالمتسبب في قطع الأرحام كأنه قطع رحمه أيضا، نعم قد يحدث الطلاق، ولكن من الخطأ إقحام الأبناء في هذا الأمر.
**********************************************************
**********************************************************
جلال الدين السيوطي كمال العلم وبهاء الأدب
هذا مقال نقف فيه عند عالم من علمائنا العظماء الذين ملأوا الأرض علماً ونوراً وهم في مطلع الصبا، وأثروا المكتبات الإسلامية والعربية وهم في ريعان الشباب، وظلوا مستمرين في التأليف ونشر المعرفة حتى صاروا كهولاً، إنه موسوعة عصره، الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناظر الدين، محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي صلاح أيوب بن ناصر الدين محمد ابن الشيخ همام الدين الهمام الخضري السيوطي الشافعي.
الدكتور محمد حسن قسام، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن هذا العالم الجليل:
المولد والنشأة
ولد في القاهرة في أول ليلة مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وأمه أمة تركية.
توفي والده وله من العمر خمس سنوات وسبعة أشهر، وقد وصل في القرآن إذا ذاك إلى سورة التحريم– أي اقترب من نهاية الحفظ وله من العمر أقل من ست سنوات – وأسند وصايته إلى جماعة، منهم الكمال بن الهمام، فقرره في وظيفة الشيخونية، ولحظه بنظره، وختم القرآن العظيم وله من العمر دون ثماني سنين، ثم حفظ «عمدة الأحكام» و«منهاج النووي» و«ألفية ابن مالك» و«منهاج البيضاوي» وعرض ذلك على علماء عصره وأجازوه، وأخذ عن الجلال المحلي، والزين العقبي، وأحضره والده مجلس الحافظ ابن حجر، وشرع في الاشتغال بالعلم من ابتداء ربيع الأول سنة أربع وستين وثمانمائة.
يلفت أنظارنا ما ذكرناه إلى ما كان عليه سابقونا من حب للعلم والمعرفة، فلقد حفظ القرآن وهو دون ثماني سنوات، وحفظ عمدة الأحكام والمنهاج للنووي ومنهاج البيضاوي والألفية وهو لا يزال طفلاً، وتفرغ للعلم والتأليف بمؤلفات أثرت المكتبة الإسلامية والعربية وهو ابن خمس عشرة سنة، فأين نحن مما كانوا عليه من إقبال على العلم، وتسابق مع سني العمر في التأليف والنشر؟! لا مجال للمقارنة ولا المقاربة بين ابن ثماني سنين وخمس عشرة سنة في أيامنا هذه، وبين السيوطي الذي حفظ القرآن وهو دون تلك السن وحفظ أمهات الكتب في العلوم، وتصدر للتأليف وهو ابن خمس عشرة سنة، فما أحوجنا إلى أن نتأسى بالإمام السيوطي وأمثاله في تنشئة أجيالنا.
في رحاب العلم
برع الإمام السيوطي في شتى العلوم، فلم يكن متخصصاً في علم واحد، إنما كان موسوعة عصره، ونادرة زمانه، فقد برع في شتى العلوم وألف فيها، برع في التفسير وألف فيه، وبرع في الحديث وألف فيه، وبرع في مصطلح الحديث وألف فيه، وبرع في علوم القرآن وألف فيها، وبرع في علوم العربية من نحوها وصرفها وفقهها ولهجاتها وألف فيها، وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه رجالاً وغريباً ومتناً وسنداً واستنباطاً للأحكام منه، وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مائتي ألف حديث، قال: ولو وجدت أكثر لحفظته، قال: ولعله لا يوجد الآن على ظهر الأرض أكثر من ذلك.
أثرى المكتبات الإسلامية والعربية بمؤلفات عديدة في شتى العلوم والاختصاصات، فلا تجد علماً إلا وقد ألف فيه، ولا يخفى هذا على أي طالب علم في أي اختصاص اختاره؛ لأنه سيجد أن السيوطي حاضر في اختصاصه بكتبه التي ألفها، ولا عجب في ذلك إذا عرفنا أنه تفرغ للعلم والتأليف وهو غلام يافع.
وفي الحقيقة لا يمكن لي أن أعدد الكتب التي ألفها السيوطي؛ لكثرتها، فقد ألف نحو ستمائة كتاب ورسالة بين مطول وموجز في الفقه والتفسير والحديث وتاريخ القرآن والتاريخ والنحو وطبقات النحاة والمفسرين وفي اللغة وفقهها، وفي علوم البلاغة، وحتى الإنشاء ألف فيه.
ولو أننا قسمنا ما أنتجه من كتب ومؤلفات على سني عمره لكان معدل ما يؤلفه في العام الواحد ما يقرب من خمسة عشر مؤلفاً، وفي هذا وحده مكرمة من الله لهذا العالم الجليل.
وقد اشتهر الإمام السيوطي بالتقوى والزهد والورع والإقبال على الله والانقطاع عن الدنيا وشواغلها، وآمل من شبابنا أن يعودوا إلى قراءة مسيرته العلمية والسلوكية رحمه الله قراءة موسعة؛ رجاء أن يكون ذلك حافزاً لهم على الإقبال على العلم والمعرفة.
**********************************************************
ذهب الكلام:ما حكّ جلدك مثل ظفرك
هذا قول حكيم مأثور عن الإمام الشافعي، للدلالة على أنه لا ينبغي أن نكلف آخرين للقيام بأعمال تخصنا أشد الخصوصية، بحيث إن التفريط فيها يسبب لنا المشاكل المباشرة، خاصة وأن الآخرين لا يستشعرون مدى حساسية وأهمية المسألة التي نوكلها إليهم طلباً للراحة وتملصاً من تحمل مسؤولية مشكلاتنا. ولذلك قال:
ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفرك
فَتَوَلَّ أنْتَ جَميعَ أمركْ
والإمام الشافعي هو أحد أئمة المسلمين الأربعة وهم: الإمام مالك، صاحب المذهب المالكي، والإمام أبو حنيفة النعمان، صاحب المذهب الحنفي، والإمام الشافعي، صاحب المذهب الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل صاحب المذهب الحنبلي.
الشافعي شاعر مجيد، ومما اشتهر من شعره الحكيم قصيدة:
دع الأيام تفعل ما تشاءُ
وطب نفساً إذا حكم القضاءُ
ولا تجزع لنازلة الليـــــــــالي
فمـــــــــا لحــــــــــــــــــوادث الدنيــــــــــــــــــا بقــــــــــــــــــــــاءُ
ولد الشافعي في غزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان حتى لا يضيع نسبه القرشي، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ «كتاب الإمام ملك» وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو ابن دون عشرين سنة. هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي).
عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ. وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ .
مما يروى عن فراسته وذكائه أنه كان ذاتَ مرةٍ جالساً مع الحميدي ومحمد بن الحسن يتفرسون الناس في السوق، فمر رجل فقال محمد بن الحسن: «يا أبا عبد الله انظر في هذا»، فنظر إليه وأطال، فقال ابن الحسن: «أعياك أمره؟»، قال الإمام: «أعياني أمره، لا أدري خياط أو نجار»، قال الحميدي: فقمت إلى الرجل فقلت له: «ما صناعة الرجل؟»، قال: «كنت نجاراً وأنا اليوم خياط»!.
**********************************************************
الشاعر علي الكيلاني
بنادم
بنادم
///. ///.
ابنادم فقد وطن ظمه
وهو كان في حضن دافي
كيف من دفن بوه ومه
وهايل عليهم السافي
///. ///. ///
دفن حن ما شي نمه
اتسعت عليه الطرافي
ولا هم يشبه لهمه
لا داه عنده اسعافي
/// ///. ///
عنوان في لوح تمه
شالوا عليه الغلافي
كما ثوب مخلوع كمه
ومن لصل ما هوش ظافي
/// ////. ////
كما جرح ينزف بدمه
مغونن وماهوش شافي
غمه تسلم لغمه
ومجفي يشاكي فجافي
/// ///. ////
سمع وذن لوذن صمه
نظر عمش في ضي طافي
امتى بس تخلص الجمه
من ام قرن ونجيك لافي
///. ///. ///
يم التريس المسما
يا عز لم الشعافي
ماعونها انجا تزمه
من بر طيب وصافي
فحلها تعمم بعمه
رغاويه فوق الكتافي
////. ////. ///
يا عقود زرقاء وحما
جت لاهده ع الرفافي
///. ///. ///
سيل انحدر شاد يمه
خالصات في دين وافي
يا دار نجع القرمه
لشراف نسل الشرافي
///. ///. ///
هم شرف والشرف هما
ضناهم عصارا اضرافي
يا اجواد تبني الهمه
زايد عليكم اريافي
///. ///. ///
ودي هواكم نشمه
ونطوي معاكم افيافي
يا نجوع مسفي الجمه
يانشقنا ويا اولافي
///. ///
يا دار سقال فمه
ما تفتحه ع القطافي
بنت شيخ باته و عمه
ما يعرفوش السفافي
///. ///. ///
نجوع ترتفع ع المذمه
هل صيت ماهوش خافي
عالقات رمه فرمه
نوارين لي ضيف لافي
///. ///. ////
نطلب المولي يلما
كيف لمتي للقوافي
يعود عز قمة القمه
يلمه الشافي العافي
///. ///. ///
وبوسم يرجع بسمه
ويمشي علي جمر حافي
علي زومته تجيه قمه
خذا سو جملة اسلافي
، كأني أنظر إليه حين يجلس بيده ، ثم أقبل يشقهم ، حتى جاء النساء معه
بلال ، فقال : { يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك } الآية ، ثم قال
حين فرغ منها : أنتن على ذلك . قالت امرأة واحدة منهن ، لم يجبه غيرها :
نعم . لا يدري حسن من هي ، قال : فتصدقن . فبسط بلال ثوبه ، ثم قال : هلم ،
لكن فداء أبي وأمي . فيلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال) . (البخارى )
**************
عن جابر بن عبد الله قال إن النبي خرج يوم الفطر ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ( البخارى )
**************
كان رسول الله لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات . وقال مرجأ بن رجاء : حدثني عبيد الله قال : حدثني أنس ، عن النبي : ويأكلهن وترا . (البخارى )
**************
أن رسول الله فرض زكاة الفطر ، صاعا من تمر أو صاعا من شعير ، على كل حر أو عبد ، ذكر وأنثى ، من المسلمين . (البخارى )
**********************************************************
مَاذَا بَعْـدَ رَمَضَان
إنّ مما لا شك فيه أن كل صائم صام شهر رمضان وكل قائم قام لياليه ليرجو أن يكون صيامه وقيامه صالحاً مقبولاً وأن يكون سعيه مشكوراً ، ويبتهل إلى الله بالدعاء ليحقق له هذا المطلوب ويتمِّم له هذا المرغوب ، وللقبول علامات تشير إليه ودلالات تدل عليه وصفات يرجى معها حصول هذا المأمول ومن ذلك : أن يجِد الإنسان نفسه في الخير والاستقامة والطاعة بعد رمضان خيراً منها قبله ؛ مقبِلاً على العبادة برغبة ونهم ، محافظاً على الفرائض والواجبات ومؤدِياً للصلوات في المساجد مع الجماعة ، محباً للمعروف عاملاً به وآمراً ، ومبغضاً للمنكر ومجتنباً له ومحذراً . وأما من كان حاله بعد رمضان كحاله قبله أو أسوأ منه ؛ سادراً في غيِّه وضلاله، متكاسلاً عن أداء الواجبات ومضيِّعاً ، منغمساً في المحرمات ومحرِّضاً ، فهذه من علامات الخسران ودلالات عدم الربح ؛ فهو لم يغتنم الأوقات في موسم الطاعات ، ولم يتعرض للنفحات في موسم الهبات ، ولم يسأل الله المغفرة ويبذل أسبابها في شهر المغفرة والرضوان ، فيا عظم خسارته ، ويا فداحة مصيبته ، ويا هول عاقبته وعقوبته .
لقد كان شهر رمضان المبارك موسماً عظيماً للتعوِّد على الطاعة والاجتهاد في العبادة والتنافس في فعل الخيرات ، وإنه لقبيح بالمسلم أن يتخلى عن العبادة بعد انقضاء هذا الشهر الكريم كما هو الحال من بعض الناس لا يعرفون الله وعبادته إلا في رمضان ، ولهؤلاء يقال: يا من عرفت في رمضان أن لك رباً تعبده وتطيعه وتخشاه وترجوه كيف نسيته بعد رمضان !! ويا من عرفت في رمضان أن الله قد أوجب عليك الصلوات الخمس في المساجد كيف جهلت ذلك أو تجاهلته بعد رمضان !! ويا من عرفت في رمضان أن الله حرَّم عليك المعاصي كيف نسيت ذلك بعد رمضان !! ويا من عرفت في رمضان أن أمامك جنة وناراً وثواباً وعقاباً كيف غفلت عن ذلك بعد رمضان!! ويا من كنتم تملؤون المساجد في رمضان وتتلون القرآن كيف خلَت منكم المساجد وهجرتم القرآن بعد رمضان!! عجباً لقوم لا يعرفون الله إلا في رمضان ولا يخافون الله إلا في رمضان ، وقد سئل بعض السلف عن حال مثل هؤلاء فقال : "بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان".
إن رب الشهور واحد ؛ فرب رمضان هو رب شوال وشعبان وسائر الشهور ، والواجب على المسلم أن يعبد الله ويبتعد عن معصيته في كل وقت وحين كما قال سبحانه: { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [الحجر: 99] أي داوم على عبادة الله والإنابة إليه حياتك كلها حتى تأتيك منيَّـتك وينتهي عمرك في هذه الحياة ، لأن حياة الإنسان ملك لله ، والله يريد من العبد أن يعمرها بطاعته وعبادته لا بشيء آخر قال تعالى: { قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام: 162] ، فمن شغل وقته وعمره وصحته وفراغه وقوته وشبابه وعقله وفكره وقلبه ولسانه وسائر جوارحه بشيء لم يأمر به الله أو لم يشرعه رسوله صلى الله عليه وسلم من واجب أو مستحب أو مباح ينوي به التقرب لله فقد أساء لنفسه وظلمها ظلماً عظيماً وستكون عليه حسرة وندامة يوم القيامة بقدر تفريطه وتضييعه ، ومن حافظ على شيء وداوم عليه يموت عليه ويبعث عليه. وهذه سنة الله في خلقه ولذلك طلب من عباده وأوليائه الاستمرار على الإسلام والمداومة على أحكامه وشعائره حتى يموت عليه ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } [آل عمران:102] .
قال ابن كثير رحمه الله : " أي: حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه ، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بُعث عليه ، فعياذًا بالله من خلاف ذلك " (1) اهـ.
وروى الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن مجاهد : أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ وَابْنُ عَبَّاسٍ جَالِسٌ مَعَهُ مِحْجَنٌ فَقَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ } وَلَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ لَأَمَرَّتْ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ عَيْشَهُمْ فَكَيْفَ مَنْ لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا الزَّقُّومُ )) (2) .
ومن الدعوات الجامعة قول يوسف عليه السلام: { أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ } [يوسف:101] ، ولا صلاح في الدنيا ولا سعادة فيها ولا أمْن ولا أمان إلا بالتمسك بهذا الدين والالتزام بكل تعاليمه وشرائعه وتوجيهاته ، بل صلاح الدنيا مرتبط بصلاح الدين ولذلك جمع النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه بينهم فقال : ((اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي ، وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي ، وَاجْعَلْ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ ، وَاجْعَلْ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ))(3) .
وكان صلى الله عليه وسلم يستفتح شهره بالدعاء المعروف عند رؤية الهلال وهو قوله: ((اللَّهُمَّ أَهْلِلْهُ عَلَيْنَا بِاليُمْنِ وَالإِيمَانِ وَالسَّلاَمَةِ وَالإِسْلاَمِ ، رَبِّي وَرَبُّكَ اللَّهُ ))(4) تنبيهاً منه صلى الله عليه وسلم إلى التلازم والارتباط بين الأمن والإيمان والسلامة والإسلام ، فكأنه يقول : إذا أراد الإنسان أن يعيش آمناً سالماً في شهره وفي سائر عمره فليتمسك بالإسلام وليحيا على الإيمان ، فإن من آمن بالله وتمسك بشرعه الذي أوحاه إلى نبيه صلى الله عليه وسلم ولم يعكر ذلك بشيء من الشرك أو الكفر أو البدعة أو المعاصي فإن الله قد ضمن له الأمن والسلامة والهداية في هذه الدنيا ويوم القيامة ، قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } [الأنعام: 82] ، وقال سبحانه : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [30] نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ [31] نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [32] وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } [فصلت: 30-33] ، وقال سبحانه: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [13] أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الأحقاف: 13-14] . وروى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ)) (5).
نسأل الله أن يحيينا على الإسلام ، وأن يميتنا على الإيمان ، وأن يثبتا على الحق والهدى إلى أن نلقاه سبحانه .
(1) تفسير ابن كثير ( تفسير آل عمران:102 ، ج2 ص: 87 ).
(2) المسند (2735) ، والترمذي (2585)، وابن ماجه (4325)، واللفظ للإمام أحمد.
(3) رواه مسلم (2720).
(4) رواه الترمذي (3451)
(5) مسلم (1844) .
**********************************************************
روائع الاستنباط من القرآن
أسرار المناسبات بين الآيات والسُّور-1
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
إنّ من العلوم القرآنية التي قلَّ طارقُوها وكثُر تاركُوها علمٌ يُعرف بالمناسبات بين الآيات والسُّور، فما مِنْ آيةٍ بجوار آية ولا سورةٍ بجوار سُورة إلاّ وبينهما سرٌّ دقيقٌ يكشف عن الارتباط بين الآيات من أوّل القرآن إلى آخره، ذلك أنّ هذا التَّرتيب القرآنّي سُوراً وآياتٍ توقيفيّ كما قرأهُ جبريلُ، عليه السَّلام، على سيّدنا محمد، صلّى الله عليه وسلم، وليس الترتيب بحسب النزول مّما دعا طائفة من العلماء أن يلتمسوا هذه الحِكَم الجليّة والخفيّة فاْهتدوا إلى أربعة أنواع:
1. العلاقةُ بين الآية والآية بجوارها.
2. العلاقةُ بين السّورة والسّورة بجوارها.
3. العلاقةُ بين بداية السّورة ونهايتها.
4. العلاقةُ بين نهاية السّورة وبداية السّورة التي تليها.
فعلى سبيل المثال: سورة «ق» يقول المولى سبحانه وتعالى في مطلع السّورُة:
1. ﴿ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ﴾ وفي ختامها ﴿فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾
2. وبعد ذلك ﴿فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾ فيرد الله عليهم ثانياً قبل الختام: ﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ﴾.
3. ثم يقول تعالى على لسَان الكفار ﴿ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾ فيرد الله عليهم في الختام: ﴿ذَٰلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ﴾
4. ثم يقول في البداية: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ﴾ فيرد الله عليهم في الختام بالترتيب نفسه ﴿يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ﴾.
5. وفي مطلع السورة يقول المولى بعد ذلك: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ﴾، فإذا ما نظرنا إلى آخر السّورة يقول المولى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾.
6. ثم يقول المولى في بداية السورة: ﴿تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾، وبالترتيب العكسي من آخر السّورة يقول المولى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾
فقد جاءت الآيات في خاتمة السورة داحضة مرتّبة ترتيباً عكسياً لكل دعوى أنكرها الكفّار في مطلع السَّورة.
وفي سورة البقرة تجد المناسبة جليَّة بين فاتحة السورة وخاتمتها ففي البداية يقول تعالى: ﴿وَاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْك وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك﴾ وتأتي خاتمة السورة لتؤكد هذا المعنى وتُقرره فيقول المولى: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ * كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ﴾.
ولعلَّ سورة يوسف علية السلام – تكشف علاقة مطلعها بخاتمتها أكثر من غيرها من السُّور ففي أوّل السُّورة:
1. ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ وفي خاتمتها ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾.
2. وفي أول السورة: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ﴾.
3. ثم يقول تعالى في خاتمة السُّورة مؤكداً هذا المعنى: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ﴾.
4. وفي بدايتها: ﴿وَكَذَٰلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ﴾، وفي نهايتها تحقيقاً لهذه النبوءة: ﴿رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ...﴾، فأتم الله عليه النعّمة نبوّةً ومُلْكاً وتأويلاً للأحاديث.
5. وقالَ يعقوبُ – عليه السّلام – في مطلع السورة محذّراً إياَّهم من كيد الشيطان: ﴿... إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ وكذلك في خاتمة السُّورة نَسَبَ سّيدُنا يوسفُ – عليه السلام – صنيع أخوته إلى الشيطان فقال: ﴿مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي﴾.
تأويل رؤياي
في مطلع سورة يوسف يعرض سّيدنا يوسف على أبيه رؤياه مُسْتفهما تأويله فيحذِّره الأب ﴿َا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ﴾، ويُبشَرّه بتمام النّعمة، وفي خاتمتها يخاطب سيدنا يوسف أباه فيقول: ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا﴾.
**********************************************************
*أحكام مختصرة في زكاة الفطر*
ما حكم زكاة الفطر؟
قال ابن باز رحمه الله :
زكاة الفطر فرض على كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى حر أو عبد .
الفتاوى (14/ 197)
ماذا تكون زكاة الفطر ؟
قال ابن باز :
تخرج صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط ويلحق بهذه الأنواع في أصح أقوال العلماء كل ما يتقوت به الناس في بلادهم كالأرز والذرة والدخن ونحوها.
متى وقت إخراج زكاة الفطر؟
قال ابن باز:
إخراجها في اليوم الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والثلاثين وليلة العيد ، وصباح العيد قبل الصلاة .
الفتاوى (14/32-33)
سبب إخراج زكاة الفطر؟
قال العثيمين:
إظهار شكر نعمة الله تعالى على العبد بالفطر من رمضان وإكماله. الفتاوى (١٨-٢٥٧).
من تصرف له زكاة الفطر؟
قال العثيمين:
ليس لها إلا مصرف واحد وهم الفقراء. الفتاوى الفتاوى (18/259)
حكم توكيل الأولاد أو غيرهم في إخراج زكاة الفطر؟
قال العثيمين:
يجوز للإنسان أن يوكل أولاده أن يدفعوا عنه زكاة الفطر في وقتها، ولو كان في وقتها ببلد آخر للشغل. الفتاوى (18/262)
هل يجوز للفقير أن يوكل شخصاً آخر في قبض زكاة الفطر ؟
قال العثيمين:
ج : يجوز ذلك . الفتاوى (18/268)
هل من قول معين يقال عند إخراج زكاة الفطر؟
لا نعلم دعاء معينا يقال عند إخراجها. اللجنة الدائمة (9/387)
هل يجوز إخراج القيمة في زكاة الفطر؟
قال ابن باز:
لا يجوز إخراج القيمة في قول أكثر أهل العلم ؛ لكونها خلاف ما نص عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضي الله عنهم
الفتاوى (14/ 32)
قال ابن عثيمين:
إخراجها نقداً فلا يجزئ؛ لأنها فرضت من الطعام. الفتاوى (18/265)
هل يلزم في زكاة الفطر النصاب؟
قال ابن باز:
ج :ليس لها نصاب بل يجب على المسلم إخراجها عن نفسه وأهل بيته من أولاده وزوجاته ومماليكه إذا فضلت عن قوته وقوتهم يومه وليلته.
الفتاوى (14/ 197)
كم مقدار زكاة الفطر؟
قال ابن باز:
الواجب في ذلك صاع واحد من قوت البلد ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو على سبيل التقريب.
الفتاوى (14/ 203)
هل يجوز إخراج زكاة الفطر في غير بلد المزكي ؟
قال ابن باز:
السنة توزيعها بين الفقراء في بلد المزكي وعدم نقلها إلى بلد آخر لإغناء فقراء بلده وسد حاجتهم.
الفتاوى (14/ 213)
أين تُخرج زكاة الفطر؟
قال العثيمين:
زكاة الفطر تدفع في المكان الذي يأتيك الفطر وأنت فيه، ولو كان بعيداً عن بلدك.
هل على الخادمة في المنزل زكاة الفطر ؟
قال العثيمين:
أ- : هذه الخادمة في المنزل عليها زكاة الفطر لأنها من المسلمين.
ب- والأصل أن زكاتها عليها، ولكن إذا أخرج أهل البيت الزكاة عنها فلا بأس بذلك.
هل تدفع زكاة الفطر عن الجنين؟
قال العثيمين:
زكاة الفطر لا تدفع عن الحمل في البطن على سبيل الوجوب، وإنما تدفع على سبيل الاستحباب.
(18/263)
هل يجوز إعطاء زكاة الفطر للعمال من غير المسلمين؟
قال العثيمين:
ج : لا يجوز إعطاؤها إلا للفقير من المسلمين فقط.
الفتاوى (١٨-٢٨٥).
هل زكاة الفطر للشخص الواحد تُعطى لشخص واحد أو عدة أشخاص؟
يجوز دفع زكاة الفطر عن النفر الواحد لشخص واحد، كما يجوز توزيعها على عدة أشخاص. اللجنة الدائمة (9/377)
ما حكم من يأخذ زكاة الفطر ثم يبيعها ؟
إذا كان من أخذها مستحقا جاز له بيعها بعد قبضها.
اللجنة الدائمة (9/380)
تأخير زكاة الفطر إلى ما بعد العيد بلا عذر؟
قال العثيمين:
تأخيرها إلى ما بعد الصلاة فإنه حرام، ولا تجزئ.
الفتاوى ( 266/18
**********************************************************
زكاة الفطر نقدا ام طعام .... الشيخ حافظ الجلالي : ماتشوشوا عالناس
**********************************************************
التسامح مع الأرحام سعة في الرزق والعلم
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
كلنا في هذه الدنيا يرغب في الخير لنفسه، ويبحث عن النجاح في دنياه، ويطلب المال والرزق الحسن، وهذا الأمر قريب منا، يبينه لنا النبي، عليه الصلاة والسلام، بقوله: «من أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره فليصل رحمه»، هذا الحديث فيه نوع من الحث والتشجيع وتهييج النفس نحو المبادرة، بقوله «من أحب» وذكر المال والعمر، وهذا أمر يحبه الكل، فجعل أسماعهم مفتحة، ووجوههم مقبلة ينتظرون الإجابة بحول كيفية الحصول على هذه النعم، فجاءتهم الإجابة في صلة الرحم، ومن هنا نبدأ، ومن هنا نشجع، ومن هنا ننادي بالتسامح والتقارب من الأرحام، وأن الذي ليس له خير لأهله يكون في ضيق من أمره، بعيداً عن البركة، لا يجد لذة التواصل الأسري في محيط أسرته، بل هو موعود بالعقاب في الآخرة إن تعمد هذا الصنيع وقطع أرحامه أو أسهم في قطع أرحامه، وفي المقابل هو من أعظم الأسباب الموصلة إلى الجنة، وجاء في حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رجلاً جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وقال له: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، فقال: «تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم»، وقال: «أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام» ويكفي الترغيب في صلة الرحم، ما جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «الرحم معلقة بالعرش، تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»، والآيات القرآنية والأحاديث النبوية كثيرة في هذا المقام، إلا أن السؤال يبقى وهذا هو الأكثر، لماذا أصل الأرحام الذين هم يقطعوني ويسيئون إلي؟
هذا السؤال يتكرر من البعض، والجواب في حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم، ويجهلون علي ؟ فقال عليه الصلاة والسلام: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل «الرماد الحار»، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك، فمعنى الحديث أنك بإحسانك إليهم تخزيهم وتحقرهم في أنفسهم لكثرة إحسانك وقبيح فعلهم، وهو تشبيه بما يلحقهم من الألم بما يلحق أكل الرماد الحار، ومع ذلك شجعه أن يستمر وأنه لا يزال معه من الله ظهير عليهم، فإن كنت أمرت بالعفو والرفق مع من أساء إليك من عامة الناس، فما بالك بمسامحة الأرحام والرفق بهم! والواصل الحقيقي هو الذي يصل رحمه إذا قطعت وليس فقط يصلها إذا هي وصلته، كما جاء في الحديث «ليس الواصل بالمكافئ ولكن هو الذي إذا قطعت رحمه وصلها».
وهنا الدور يكون على الوالدين في غرس هذا المفهوم لدى الأبناء منذ الصغر، يبينون لهم أن هذا الأمر لا بد منه وأنه من أصول الأخلاق الصحيحة، نعلمهم الأنساب حتى يتعرفوا على أقاربهم، كما جاء في الحديث «تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم»، ومن هنا أقدم نصيحة للأسرة أن لا تقصر في هذا الأمر، حتى في حال الطلاق، لأنه ملاحظ ولوجود عدة قضايا في قاعات المحاكم تكون مقدمة من قبل الأب أو الأم للمطالبة برؤية الأبناء بعد الطلاق كون الحاضن يرفض أن يسمح للطرف الآخر أن يرى الأبناء، وهذا فهم خاطئ، وصنيع له آثار سلبية وخيمة، فالمتسبب في قطع الأرحام كأنه قطع رحمه أيضا، نعم قد يحدث الطلاق، ولكن من الخطأ إقحام الأبناء في هذا الأمر.
**********************************************************
**********************************************************
جلال الدين السيوطي كمال العلم وبهاء الأدب
هذا مقال نقف فيه عند عالم من علمائنا العظماء الذين ملأوا الأرض علماً ونوراً وهم في مطلع الصبا، وأثروا المكتبات الإسلامية والعربية وهم في ريعان الشباب، وظلوا مستمرين في التأليف ونشر المعرفة حتى صاروا كهولاً، إنه موسوعة عصره، الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن الكمال أبي بكر بن محمد بن سابق الدين بن الفخر عثمان بن ناظر الدين، محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي صلاح أيوب بن ناصر الدين محمد ابن الشيخ همام الدين الهمام الخضري السيوطي الشافعي.
الدكتور محمد حسن قسام، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن هذا العالم الجليل:
المولد والنشأة
ولد في القاهرة في أول ليلة مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة، وأمه أمة تركية.
توفي والده وله من العمر خمس سنوات وسبعة أشهر، وقد وصل في القرآن إذا ذاك إلى سورة التحريم– أي اقترب من نهاية الحفظ وله من العمر أقل من ست سنوات – وأسند وصايته إلى جماعة، منهم الكمال بن الهمام، فقرره في وظيفة الشيخونية، ولحظه بنظره، وختم القرآن العظيم وله من العمر دون ثماني سنين، ثم حفظ «عمدة الأحكام» و«منهاج النووي» و«ألفية ابن مالك» و«منهاج البيضاوي» وعرض ذلك على علماء عصره وأجازوه، وأخذ عن الجلال المحلي، والزين العقبي، وأحضره والده مجلس الحافظ ابن حجر، وشرع في الاشتغال بالعلم من ابتداء ربيع الأول سنة أربع وستين وثمانمائة.
يلفت أنظارنا ما ذكرناه إلى ما كان عليه سابقونا من حب للعلم والمعرفة، فلقد حفظ القرآن وهو دون ثماني سنوات، وحفظ عمدة الأحكام والمنهاج للنووي ومنهاج البيضاوي والألفية وهو لا يزال طفلاً، وتفرغ للعلم والتأليف بمؤلفات أثرت المكتبة الإسلامية والعربية وهو ابن خمس عشرة سنة، فأين نحن مما كانوا عليه من إقبال على العلم، وتسابق مع سني العمر في التأليف والنشر؟! لا مجال للمقارنة ولا المقاربة بين ابن ثماني سنين وخمس عشرة سنة في أيامنا هذه، وبين السيوطي الذي حفظ القرآن وهو دون تلك السن وحفظ أمهات الكتب في العلوم، وتصدر للتأليف وهو ابن خمس عشرة سنة، فما أحوجنا إلى أن نتأسى بالإمام السيوطي وأمثاله في تنشئة أجيالنا.
في رحاب العلم
برع الإمام السيوطي في شتى العلوم، فلم يكن متخصصاً في علم واحد، إنما كان موسوعة عصره، ونادرة زمانه، فقد برع في شتى العلوم وألف فيها، برع في التفسير وألف فيه، وبرع في الحديث وألف فيه، وبرع في مصطلح الحديث وألف فيه، وبرع في علوم القرآن وألف فيها، وبرع في علوم العربية من نحوها وصرفها وفقهها ولهجاتها وألف فيها، وكان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه رجالاً وغريباً ومتناً وسنداً واستنباطاً للأحكام منه، وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مائتي ألف حديث، قال: ولو وجدت أكثر لحفظته، قال: ولعله لا يوجد الآن على ظهر الأرض أكثر من ذلك.
أثرى المكتبات الإسلامية والعربية بمؤلفات عديدة في شتى العلوم والاختصاصات، فلا تجد علماً إلا وقد ألف فيه، ولا يخفى هذا على أي طالب علم في أي اختصاص اختاره؛ لأنه سيجد أن السيوطي حاضر في اختصاصه بكتبه التي ألفها، ولا عجب في ذلك إذا عرفنا أنه تفرغ للعلم والتأليف وهو غلام يافع.
وفي الحقيقة لا يمكن لي أن أعدد الكتب التي ألفها السيوطي؛ لكثرتها، فقد ألف نحو ستمائة كتاب ورسالة بين مطول وموجز في الفقه والتفسير والحديث وتاريخ القرآن والتاريخ والنحو وطبقات النحاة والمفسرين وفي اللغة وفقهها، وفي علوم البلاغة، وحتى الإنشاء ألف فيه.
ولو أننا قسمنا ما أنتجه من كتب ومؤلفات على سني عمره لكان معدل ما يؤلفه في العام الواحد ما يقرب من خمسة عشر مؤلفاً، وفي هذا وحده مكرمة من الله لهذا العالم الجليل.
وقد اشتهر الإمام السيوطي بالتقوى والزهد والورع والإقبال على الله والانقطاع عن الدنيا وشواغلها، وآمل من شبابنا أن يعودوا إلى قراءة مسيرته العلمية والسلوكية رحمه الله قراءة موسعة؛ رجاء أن يكون ذلك حافزاً لهم على الإقبال على العلم والمعرفة.
**********************************************************
ذهب الكلام:ما حكّ جلدك مثل ظفرك
هذا قول حكيم مأثور عن الإمام الشافعي، للدلالة على أنه لا ينبغي أن نكلف آخرين للقيام بأعمال تخصنا أشد الخصوصية، بحيث إن التفريط فيها يسبب لنا المشاكل المباشرة، خاصة وأن الآخرين لا يستشعرون مدى حساسية وأهمية المسألة التي نوكلها إليهم طلباً للراحة وتملصاً من تحمل مسؤولية مشكلاتنا. ولذلك قال:
ما حكَّ جلدكَ مثلُ ظفرك
فَتَوَلَّ أنْتَ جَميعَ أمركْ
والإمام الشافعي هو أحد أئمة المسلمين الأربعة وهم: الإمام مالك، صاحب المذهب المالكي، والإمام أبو حنيفة النعمان، صاحب المذهب الحنفي، والإمام الشافعي، صاحب المذهب الشافعي، والإمام أحمد بن حنبل صاحب المذهب الحنبلي.
الشافعي شاعر مجيد، ومما اشتهر من شعره الحكيم قصيدة:
دع الأيام تفعل ما تشاءُ
وطب نفساً إذا حكم القضاءُ
ولا تجزع لنازلة الليـــــــــالي
فمـــــــــا لحــــــــــــــــــوادث الدنيــــــــــــــــــا بقــــــــــــــــــــــاءُ
ولد الشافعي في غزة عام 150 هـ، وانتقلت به أمُّه إلى مكة وعمره سنتان حتى لا يضيع نسبه القرشي، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ الموطأ «كتاب الإمام ملك» وهو ابن عشر سنين، ثم أخذ يطلب العلم في مكة حتى أُذن له بالفتيا وهو ابن دون عشرين سنة. هاجر الشافعي إلى المدينة المنورة طلباً للعلم عند الإمام مالك بن أنس، ثم ارتحل إلى اليمن وعمل فيها، ثم ارتحل إلى بغداد سنة 184 هـ، فطلب العلم فيها عند القاضي محمد بن الحسن الشيباني، وأخذ يدرس المذهب الحنفي، وبذلك اجتمع له فقه الحجاز (المذهب المالكي) وفقه العراق (المذهب الحنفي).
عاد الشافعي إلى مكة وأقام فيها تسع سنوات تقريباً، وأخذ يُلقي دروسه في الحرم المكي، ثم سافر إلى بغداد للمرة الثانية، فقدِمها سنة 195 هـ، وقام بتأليف كتاب الرسالة الذي وضع به الأساسَ لعلم أصول الفقه، ثم سافر إلى مصر سنة 199 هـ. وفي مصر، أعاد الشافعي تصنيف كتاب الرسالة الذي كتبه للمرة الأولى في بغداد، كما أخذ ينشر مذهبه الجديد، ويجادل مخالفيه، ويعلِّم طلابَ العلم، حتى توفي في مصر سنة 204 هـ .
مما يروى عن فراسته وذكائه أنه كان ذاتَ مرةٍ جالساً مع الحميدي ومحمد بن الحسن يتفرسون الناس في السوق، فمر رجل فقال محمد بن الحسن: «يا أبا عبد الله انظر في هذا»، فنظر إليه وأطال، فقال ابن الحسن: «أعياك أمره؟»، قال الإمام: «أعياني أمره، لا أدري خياط أو نجار»، قال الحميدي: فقمت إلى الرجل فقلت له: «ما صناعة الرجل؟»، قال: «كنت نجاراً وأنا اليوم خياط»!.
**********************************************************
الشاعر علي الكيلاني
بنادم
بنادم
///. ///.
ابنادم فقد وطن ظمه
وهو كان في حضن دافي
كيف من دفن بوه ومه
وهايل عليهم السافي
///. ///. ///
دفن حن ما شي نمه
اتسعت عليه الطرافي
ولا هم يشبه لهمه
لا داه عنده اسعافي
/// ///. ///
عنوان في لوح تمه
شالوا عليه الغلافي
كما ثوب مخلوع كمه
ومن لصل ما هوش ظافي
/// ////. ////
كما جرح ينزف بدمه
مغونن وماهوش شافي
غمه تسلم لغمه
ومجفي يشاكي فجافي
/// ///. ////
سمع وذن لوذن صمه
نظر عمش في ضي طافي
امتى بس تخلص الجمه
من ام قرن ونجيك لافي
///. ///. ///
يم التريس المسما
يا عز لم الشعافي
ماعونها انجا تزمه
من بر طيب وصافي
فحلها تعمم بعمه
رغاويه فوق الكتافي
////. ////. ///
يا عقود زرقاء وحما
جت لاهده ع الرفافي
///. ///. ///
سيل انحدر شاد يمه
خالصات في دين وافي
يا دار نجع القرمه
لشراف نسل الشرافي
///. ///. ///
هم شرف والشرف هما
ضناهم عصارا اضرافي
يا اجواد تبني الهمه
زايد عليكم اريافي
///. ///. ///
ودي هواكم نشمه
ونطوي معاكم افيافي
يا نجوع مسفي الجمه
يانشقنا ويا اولافي
///. ///
يا دار سقال فمه
ما تفتحه ع القطافي
بنت شيخ باته و عمه
ما يعرفوش السفافي
///. ///. ///
نجوع ترتفع ع المذمه
هل صيت ماهوش خافي
عالقات رمه فرمه
نوارين لي ضيف لافي
///. ///. ////
نطلب المولي يلما
كيف لمتي للقوافي
يعود عز قمة القمه
يلمه الشافي العافي
///. ///. ///
وبوسم يرجع بسمه
ويمشي علي جمر حافي
علي زومته تجيه قمه
خذا سو جملة اسلافي
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
جزاك الله خيرآ وفي ميزان حسناتك
https://m.facebook.com/zangetna.news?soft=bookmarks#!/zangetna.news
https://m.facebook.com/zangetna.news?soft=bookmarks#!/zangetna.news
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
بسم الله الرحمن الرحيم
إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا .
جراح وطنية-
- الجنس :
عدد المساهمات : 32311
نقاط : 51412
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1437هـ
30رمضان 1437هـ - 05 يوليو 2016م
مناجاة
اللّهم اهدِنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت
اللهم ظللنا في هذا اليوم بالرحمة وارزقنا فيه التوفيق والعصمة وطهر قلوبنا يا رحيماً بعباده المؤمنين، اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض، ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والأرض، ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق.
اللّهم اهدِنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارِك لَنا فيما أَعطيت، وقنا واصرِف عَنا شر ما قَضيت، سبحانك تَقضي ولا يُقضى عَليك. إنه لا يذل مَن والَيت ولا يعز من عادَيت تباركت ربنا وتعاليْت، فلك الحَمدُ يا الله عَلى ما قَضَيْت، ولك الشكر عَلى ما أَنْعَمتَ بِهِ عَلَينا وأولَيت، نستغفِرك يا رَبنا مِن جمَيعِ الذُّنوب والخَطايا ونَتوبُ اليك، ونؤمن بِكَ ونتوكل عليك، ونُثني عَليكَ الخير كله أنت الغَنِي ونحن الفقراء إليك، أَنت الوكيل ونحن المتوكلون عليك، أَنت القوِي ونحَن الضعفاء إليك، أَنت العزيز ونحن الأذلاء إليك.
******************************************
الرسول صلى الله عليه وسلم في العيد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين،، أما بعد:
فقد شرع الله سبحانه عيدين للمسلمين في كل عام، كل منهما قد أتى بعد عبادة عظيمة جليلة، فعيد الفطر المبارك جاء بعد عبادة جليلة هي الركن الرابع من أركان الإسلام وهي إكمال عدة رمضان فشرع العيد فرحة لإكمال الصيام وإتمام الشهر الكريم، وعيد الأضحى جاء بعد عبادة عظيمة أخرى هي الركن الخامس من أركان الإسلام وهي حج بيت الله الحرام..
هذا العيد الذي يفرح به المسلمون في أقطار الأرض كلها قد شرع الله تعالى له سننا وآداباً تمثلها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد، فكان يحافظ عليها ويؤديها شكرا لله على ما أتم من نعمة وعلى ما أرشد الأمة إلى الصراط المستقيم.
وسوف نعرض في هذا الموضوع سلوك النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد، ليقتدي به المسلمون في أعيادهم، فينالوا بذلك الأجر العظيم من الله تبارك وتعالى.
كان صلى الله عليه وسلم يلبس في يومي العيد أفضل ما يجده من الثياب وكان يتجمل ويدهن ويضع العطر فكان لا يُشم إلا طيبا طاهرا عليه الصلاة والسلام.
قال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يلبس لهما (أي للعيدين) أجمل ثيابه وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يغتسل للعيدين. أخرجه ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة. وابن عمر من أشد الناس تحرياً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطعَم، ولا يطعم يوم النحر حتى يذبح.1
وكان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل أن يخرج إلى المصلى في عيد الفطر تمرات كما قال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً. رواه البخاري.
ويأكلهن وتراً: أي واحدة أو ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً.. وهكذا.
ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته أنه كان يخرج إلى المصلى ليصلي العيد ولم يرد عنه أنه صلى العيد في المسجد، كما قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى" رواه البخاري.
ومن السنة الخروج إلى المصلى ماشياً فإن عاد ندب له أن يسير من طريق آخر غير التي أتى منها فعن جابر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم العيد خالف الطريق" رواه البخاري.
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا.2
وكان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى العيد مكبرا مهللا شاكرا الله على أنعمه، ممتثلاً قول ربه تبارك وتعالى: وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) سورة البقرة. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من العيدين رافعا صوته بالتهليل والتكبير، فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى، فإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله.3
ويبدأ التكبير في عيد الفطر من غروب الشمس ليلة العيد إلى خروج الإمام لقوله تعالى: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)، وفي الأضحى من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، وقد ثبت عند الدارقطني بسند صحيح "أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ويكبر حتى يأتي الإمام، وقد ورد عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألفاظ في التكبير من ذلك ما ثبت في مصنف ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يكبر أيام التشريق (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، وفي سنن البيهقي بإسناد صحيح أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يكبر " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد".
ويسن الجهر به للرجال في الطرقات والمساجد والبيوت. وأما النساء فيخفضن أصواتهن به.
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإخراج الزكاة قبل الغدو للصلاة يوم الفطر.
خروج النساء والصبيان:
يشرع خروج الصبيان والنساء في العيدين للمصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض، لحديث أم عطية قالت: "أمرنا أن نخرج العواتق -أي الجارية البالغة- والحُيَّض في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيّض المصلى" متفق عليه.
وعن ابن عبَّاس قالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بَنَاتَهُ وَنِسَاءَهُ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ.4
وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ بالصلاة قبل الخطبة كما في الصحيحين من حديث ابن عمر. وكان يصليها ركعتين يجهر فيهما بالقراءة يقرأ في الأولى بـ(سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية بـ(هل أتاك حديث الغاشية) كما في صحيح مسلم من حديث النعمان بن بشير رضى الله عنهما، وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه أنه قرأ في الأولى بـ (ق) وفي الثانية (اقتربت الساعة وانشق القمر).
وكان يكبر قبل القراءة في الأولى سبعاً منهن تكبيرة الإحرام، وفي الثانية ستاً منهن تكبيرة الانتقال، يرفع يديه مع كل تكبيرة، كما ثبت في سنن أبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهو حديث حسن، وفي مصنف ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً: أنه كان يكبر في العيد سبع تكبيرات في الأولى مع تكبيرة الافتتاح وفي الثانية ست تكبيرات مع تكبيرة الركعة".
وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه كما في سنن البيهقي وغيره "أنه يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين، ونحوه عند الطبراني، واحتج به الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد من غير أذان ولا إقامة، فعن جابر بن سمرة قال:
لم يكن يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يقام له في العيدين.5
وعن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله قالا: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى. رواه البخاري
وعن جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن، فقال: (تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم) فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لِمَ يا رسول الله؟ قال: (لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير)6 قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن.7
ويسن في العيد ما يلي:
الاغتسال:
فيسن أن يغتسل قبل الخروج إلى الصلاة، وفي الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنهما "كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى" وإسناده صحيح.
التهنئة:
يسن التهنئة بلفظ " تقبل الله منا ومنكم" ونحوها، مما تعارف عليه الناس، فقد صح عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض "تقبل الله منا ومنكم" قال الإمام أحمد عنه: إسناده إسناد جيد.
التنفل بعد صلاة العيد:
من السنة أن يصلي ركعتين بعد صلاة العيد في بيته، كما ثبت في سنن ابن ماجه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي قبل العيد شيئاً فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين، قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن.
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه أنه صلى قبل صلاة العيد شيئاً لكن إن كان الصلاة في مسجد فيشرع له أن يصلي ركعتين تحية المسجد.
قال ابن القيم رحمه الله:
"وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكمل الصلاة انصرف فقام مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم وينهاهم وإن كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه، أو يأمر بشيء أمر به. ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ولم يكن يخرج منبر المدينة وإنما كان يخطبهم قائماً على الأرض. قال جابر: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن. متفق عليه.
وقال أبو سعيد الخدري: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول ما يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم... الحديث. رواه مسلم. وذكر أبو سعيد الخدري: أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ركعتين ثم يسلم فيقف على راحلته مستقبل الناس وهم صفوف جلوس فيقول "تصدقوا" فأكثر من يتصدق النساء بالقرط والخاتم والشيء. فإن كانت له حاجة يريد أن يبعث بعثا يذكره لهم وإلا انصرف.. إلى أن قال ابن القيم:
وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير وإنما روى ابن ماجه في " سننه " عن سعد القرظ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر التكبير بين أضعاف الخطبة ويكثر التكبير في خطبتي العيدين.8 وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به. وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء، فقيل: يفتتحان بالتكبير، وقيل: تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وقيل: يفتتحان بالحمد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو الصواب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم)9، وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله. ورخص صلى الله عليه وسلم لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة وأن يذهب، ورخص لهم إذا وقع العيد يوم الجمعة أن يجتزئوا بصلاة العيد عن حضور الجمعة"إه10
فإذا عاد من صلاته وخطبته صلى الله عليه وسلم ذبح أضحيته تقرباً إلى الله تعالى، فعن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ.11
وكان يسمي الله عند ذبحه ويكبره كما ثبت عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.12
وكان يذبح أضحيته بالمصلى، كما روى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْحَرُ أَوْ يَذْبَحُ بِالْمُصَلَّى.13
وكان لا يذبح إلا بعد صلاة العيد، ويخبر أصحابه أن من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم وليس أضحية، فعن البراء ابن عازب رضي الله عنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَالَ: (مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَنَسَكَ نُسْكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ) فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَتَعَجَّلْتُ وَأَكَلْتُ وَأَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ) قَالَ: فَإِنَّ عِنْدِي عَنَاقَ جَذَعَةٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَهَلْ تَجْزِي عَنِّي؟ قَالَ: (نَعَمْ وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ).14
وكان صلى الله عليه وسلم يذبح الأضحية بيده الشريفة.. فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ وَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ: (بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي). رواه مسلم.
فهذا بعض ما تيسر جمعه في هدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد، فينبغي للمسلم الذي يرجو الله واليوم الآخر التأسي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيده وأيامه كلها,,
نسأل الله بمنه وكرمه أن يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب العمل الذي يقرب إليه، وأن يرزقنا حسن العبادة ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم والإخلاص لله رب العالمين..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 رواه أحمد والترمذي و صححه الألباني.
2 رواه ابن ماجه والبيهقي وصححه الألباني.
3 رواه البيهقي في شعب الإيمان، وهو حديث حسن، كما في صحيح الجامع (4934).
4 رواه أحمد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2115).
5 رواه أحمد، وروى نحوه البخاري ومسلم.
6 الشكاة أي الشكاوى، وتكفرن العشير، أي تنكرن معروف الزوج، يقال للزوج عشير، من المعاشرة.
7 رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ مسلم.
8 - الحديث ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4597) وفي تمام المنة (ص351) وقال: (لا يجوز الاحتجاج به على سنية التكبير في أثناء الخطبة).
9 رواه أبو داود وغيره، وقد ضعفه الألباني في مواضع عدة من كتبه.
10 زاد المعاد (1/ 425).
11 رواه البخاري.
12 رواه البخاري.
13 رواه البخاري.
14 رواه البخاري.
******************************************
أُمُورٌ يَجْدُرُ بِنَا تَـذَكُّرهَـا يَوْمَ الْـعِـيد
إن يوم عيد الفطر المبارك هو اليوم الذي يتوِّج الله به شهر الصيام ، ويفتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام ، ويجزِل فيه للصائمين والقائمين الأجر والجزاء والإكرام ، إنه عيدٌ تمتلئ به قلوب المؤمنين فرحاً وسروراً ، وتنشرح به صدورهم لذة وحبوراً ، يخرج الناس فيه لربهم حامدين ومعظمين ومكبرين ، ولنعمته بإتمام الصيام والقيام مغتبطين وشاكرين ، ولخيره وثوابه وأجره مؤمِّلين وراجين ، يسألون ربهم الكريم أن يتقبل أعمالهم ، وأن يتجاوز عن سيئاتهم، وأن يعيد عليهم هذا العيد أعواماً عديدة وأزمنةً مديدة على خيرٍ وطاعةٍ لله الكريم.
وثمة أمور يجدر بنا أن تكون منا على بال وأن نتذكرها يوم العيد :
- فينبغي أن نتذكر ونحن نعيش فرحة العيد إخواناً لنا اخترمتهم المنية وأدركهم الموت ؛ فلم يشهدوا جمع العيد، فهم في قبورهم محتجزون ، وبأعمالهم مرتهنون ، وبما قدَّمت أيديهم في هذه الحياة مجزيون ، وتيقَّنوا أنكم إلى ما صاروا إليه صائرون فهم السابقون وأنتم اللاحقون ، فلا تنسوهم من دعوة صالحة بأن يقِلَّ الله عثراتهم ويغفر زلاتهم ويُعلي درجاتهم ويجعل قبورهم رياضاً من رياض الجنة ، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين ، اللهم اغفر لهم وارحمهم وأكرم نزلهم ووسِّع مدخلهم .
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد بصحة وعافية إخواناً لكم أقعدهم المرض وأعاقهم عن شهود جمع العيد ، فهم في المستشفيات راقدون وعلى الأسرة ممدَّدون ، منهم من أمضى الشهور الطويلة ، ومنهم من أمضى الأسابيع العديدة ، ومنهم من لا يُغْمَضُ له جفنٌ ولا يَهْدَأُ له بال في آلامٍ متعِبة وأوجاعٍ مؤلمة وهم يودون لو شاركوا إخوانهم فرحتهم ، فاحمدوا الله على ما أنتم عليه من صحة وعافية وسلامة ولا تنسوهم من دعوة صالحة أن يشفي مرضهم ويزيل بأسهم ويفرِّج همهم ويكشف كربهم ، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين ، اللهم رب الناس أذهب ما بهم من باس واشفهم أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً .
وإن من أفضل الأعمال في يوم العيد وأكثرها نفعاً زيارتهم في أماكنهم ومواساتهم والدعاء لهم ، روى الإمام أحمد وأبو داود عن عليٍّ رضي الله عنه قال: (( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مَشَى فِي خِرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ ، فَإِنْ كَانَ غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ ))(1).
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد السعيد بأمنٍ وأمان وراحةٍ واطمئنان إخواناً لكم أهلكتهم الحروب وأرقتهم الخطوب وأقلقتهم الفتن وسلط عليهم العدو ؛ فأريقت منهم الدماء ، ورُمِّلت النساء ، ويُتِّم الأطفال ، ونُهِـبَت الأموال ، فاحمدوا الله على ما أنتم فيه من أمنٍ وأمان ولا تنسوا إخوانكم أولئك من دعوة صالحة أن يُنَفِّسَ الله كربهم ويفرج همهم ويكبِتَ عدوهم وينصرهم عليه ، اللهم أعزّ الإسلام وأهله في كل مكان ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمِّر أعداء الدين ، واجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين .
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد السعيد بالحلل البهية والملابس الجميلة إخواناً لكم أرَّقهم الفقر وعظمت فيهم الحاجة ؛ فمنهم من لا يجد لباساً يواريه أو مسكناً يؤويه أو طعاماً يغذيه أو شراباً يرويه ، بل منهم من مات في مجاعاتٍ مهلكة وقحطٍ مفجع ، فاحمدوا الله على ما أنتم فيه من نعمة ولا تنسوا إخوانكم هؤلاء من دعوات صالحة أن يغني الله فقيرهم ويشبِع جائعهم ويسد حاجتهم ويكشف فاقتهم ويقضي دينهم . اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اللهم اقضِ عنهم الديْن وأغْنِهم من الفقر ، اللهم اكفهم بحلالك عن حرامك وأغنهم بفضلك عمن سواك . ولا تنسوهم من مدِّ يد المساعدة لهم بمالٍ أو لباسٍ أو طعامٍ أو لحافٍ أو نحو ذلك { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا } [المزمل: 20] ، { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [البقرة: 215] .
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد السعيد بإكمال الطاعة في رمضان وإتمام القيام والصيام إخواناً لكم قيدتهم الذنوب وكبَّلتهم الخطايا ؛ فمضى المؤمنون المجدُّون في طاعة الله وتنافس الصالحون الناصحون في التقرب إليه ، وهؤلاء في لهوهم وغيِّهم سادرون ، وعن طاعة الله والتقرب إليه متقاعسون ، وعلى المعاصي والخطايا والآثام مقيمون ، تمر عليهم مواسم العبادة والمنافسة في فعل الخير فلا يتحركون ، فاحمدوا الله على ما أمدكم به من طاعة وما هداكم إليه من تقرب إلى مرضاته ، وسلوه الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد ، ولا تنسوا إخوانكم أولئك من دعوة صالحة بأن يهديهم الله إلى الخير وأن يردهم إلى الحق رداً جميلاً . اللهم اهدِ ضال المسلمين وأرشد الحائرين وردهم إلى الحق رداً جميلاً ، اللهم وعافي المبتلين ، وتب على العصاة والمذنبين .
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد السعيد أن الله قد أكرمكم في شهر رمضان المبارك بتصفيد الشياطين - أي بسلسلتها وتقييدها - فلم تكن تخلص إلى ما كانت تخلص إليه قبل رمضان ، وكأني بهم بعد انتهاء شهر رمضان قد انطلقوا من قيودهم وقاموا من أصفادهم بعزيمة وحقد محاولة لتعويض ما فاتهم من إغواء الناس وإضلالهم في شهر رمضان { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [فاطر: 6] ، ولا يمكن لأحد أن يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله والمحافظة على طاعته وتجنب معاصيه والاستعاذة بالله منه { وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [97] وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ } [المؤمنون: 97-98] .
- وتذكروا باجتماعكم يوم العيد يوم الجمع الأكبر حين تقومون يوم القيامة لرب العالمين حافيةً أقدامكم عاريةً أجسامكم شاخصةً أبصاركم ، يوم تُنشر الدواوين وتُنصب الموازيين { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ [34] وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ [35] وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [36] لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 34-37] ، فأعدّوا لذلك اليوم عدَّته وتزودوا ما دمتم في دار العمل فإن خير الزاد التقوى .
اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ، ووفقنا لصالح الأعمال والأقوال ، واختم لنا بخير . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
---------
(1) المسند (612، 22273)، وأبو داود (3098)، وابن ماجه (1442) واللفظ للإمام أحمد .
******************************************
روائع الاستنباط من القرآن
أسرار المناسبات بين الآيات والسُّور-2
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
لقد اْقتضتْ حكمةُ الله أن يتَدَّرج في أحكامه وتشريعاته مراعاةً للطبيعة البشرّية وِفْق ما يتجدَّدُ من الحوادث والقضايا فَهُو أدْعى إلى التّثبيتِ والقبول على مدى ثلاث وعشرين سنة، ولكنَّ كلامَ المولى وإن كان على حسب الوقائع تنزيلاً فإنّه على حَسب الحِكمةِ ترْتيباً، ومِنْ هُنا اْنبرى طائفةٌ من العلماءِ لبيانِ وجوهِ هذا التّرتيب القرآنيّ والْتماس ما بين سُوره وآياتهِ من مناسبات.
وإنّ النّاظر في هذا العلم يجدُهُ لوناً فرْيداً من الإعجاز القرآنيّ الذّي لاَ يأْتي إلاّ بالبحث عن صلةِ الآية والسّورةِ بما قْبلهَا وما بعدها مكمّلةً لها أمْ أنّها مستقلة، وبالنّظر في أغراضها ومقاصدها بدءاً وانتهاءً.
لقد نزل القرآن أَوّلَ ما نزل: لَيْلاً في ليلة القدرِ في العشر الأواخرِ من رمضان في فريضةِ الصّيام في شهر رمضان ثم تَبِعهُ (عيد الفطر) فكأنماَّ هو عيدٌ بنزولِ القرآن: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ لكنّ القرآن قد أتمَّهُ الله وأكمله في يوم عرفة نهاراً في العشر الأوائل من ذي الحجة في فريضة الحج ثم تبعه (عيد الأضحى) فكأنما هو عِيْدٌ بتمام القرآن وكمال الدين ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ ولذلك قال المحققّون: إنّ العشرَ الأواخرَ منْ رمضان لياليهِنّ أفضل ففِيْها (ليلةُ القدر) أفضلُ الليالي وأما العشر الأوائل من ذي الحجّة نهارها أفضل ففيها (يوم عرفة) أعظمُ أيّام الله.
ولئِنْ كانَ قولُه تعالى في سورةِ اقرأ ﴿ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ مِنْ أوّلِ ما نزل مِنْ كتاب الله، فإِنَّ قوله سبحانه ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ من آخر ما نزل.
ولا أدلَّ على هذا الارتباط مِنَّ سورة القصص الّتي نجدها لوناً بدْيعاً من المناسبات التّي أشار إليها الزركشي في البرهان والسُّيوطي في الإتقان وغيرهما ممّا يكشِفُ عن جميل الارتباط بيْن فاتحِة السُّورة وخاتمتها، ففي مَطلْع السّورة يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ* فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي* إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾
فإنَّه سبحانه في خاتمة السُّورة يقول تعالى مُبشِّراً ومخاطباً سيّدنا محمَّداً – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ......﴾
إشارةً وبشارة إلى أنَّ اللهَ الذّي رَدَّ سّيدنا موسى إلى أمِهّ نبيّاً ورسولاً بعدما خرج مِنْ وطنه كَمَا أخْرجك قْومُك فإنَّ الله سيرُدُّك إلى مكّة ظافراً فاتحاً منصُورا.
وفي بداية السّورة عندما كان سّيدنا مُوسى في مصرَ خائفاً يترقَّبُ دعا ربَّه ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ثم توجَّه إلى مَدْين حيثُ ساَقهُ القدرُ إلى سّيِدنا شعيْب لِيُجْريَ الله استجابةَ ذلك الدّعاء على لسانه ﴿نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ولَئِنْ دعا سّيدُنا موسى ربَّه في أولّ السُّورة ﴿رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ فإنَّ المولى في آخرِ السّورة نَهى نبِيّه أنْ يكون ظهيراً للكافرين فقال سبحانه لسيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ﴿فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ﴾.
وتَسْتفتحُ سورةُ الحاقَّة بقوله تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ﴾ فتنْتهي بقوله سبحانه ﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِين فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾.
وفي سورة الحشر تَبْدأُ السّورةُ بقوله تعالى ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. لتنتهِيَ بقوله تعالى: ﴿.... يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.
بدايات ونهايات
لئن بدَأتْ سورةُ الحديد بقوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ فإنّها قد بدأت بما انتهت به السُّورة التي تسبقها في آخر آيةٍ من سورة الواقعة وذلك بالأمر بالتَّسبيح ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾. كما أنَّ فاتحةَ سورة الواقعة ترتبط بخاتمتها ففي بداية السورة: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ وفي الآية قبل الأخير ﴿إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾.
******************************************
العفو عن المخطئ والابتعاد عن حظوظ النفس
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
التسامح والعفو عن الآخرين خلق نحتاج إليه في الرخاء والشدة، فما زال صاحب النفس المسامحة شخصاً رفيع القدر، عظيم المكانة، وها هي حادثة الإفك تبين لنا قيمة التسامح والعفو، هذه الحادثة كانت من أصعب الأحداث وأشدها بلاء على النبي، عليه الصلاة والسلام، والصحابة، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، جاءت قصتها وآدابها في القرآن في سورة النور تحديداً، لتكون هذه الحادثة منهجاً منيراً لنا في حياتنا، وبعد شهر من هذه البلاء وهذا الاتهام، جاءت الآية "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم" والإفك هو أشد الكذب، وبين لنا سبحانه أن هذا الأمر خير لكم، كون البلاء يذهب الخطايا والذنوب ويجعل الشخص نقياً، وأيضاً خير لكم كونها نزلت عليكم آيات تنظم لكم حياتكم، وتقرب بينكم، وتجعل بينكم التراحم والتعاطف والتسامح لتكون هذه الأخلاق هي المخرج لكم من الفتن في قادم أيامكم، وكان ممن تكلم رجل يقال له مسطح وهو قريب لأبي بكر، رضي الله عنه، وكان أبو بكر ينفق عليه قبل الحادثة فامتنع بعد أن تكلم، فأنزل الله هذه لآية "ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربي والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم" فقال أبوبكر: بلى، والله إنا نحب- يا ربنا- أن تغفر لنا، ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة، وهذه القصة المختصرة تبين لنا قيمة العفو عند المقدرة، وأن الجزاء من جنس العمل، فكلما عفوت عن الناس المخطئين المعترفين بذنبهم نلت مغفرة ربك كما قال تعالى "ألا تحبون أن يغفر الله لكم" وهذا أسلوب إغراء وتشجيع، يجعل القلوب الصادقة تشمر عن ساعدي الجد، ويجعلها مقبلة ومسارعة إلى العفو.
وجاءت أيضا قصة أخرى تؤكد هذا الجزاء، أن رجلاً كان يداين الناس، فكان يقول لفتاه إذا أتاك معسراً فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه، فمن تعامل مع الناس بود ورأفة ومودة وأحسن إليهم وحافظ على حقوقهم ونصرهم، كان الله معه، ومن كان الله معه لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، كما قال عليه الصلاة والسلام "إن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، وهو ها يوسف عليه الصلاة والسلام، قال لإخوته بعد أن أظهره الله عليهم، ونصره عليهم "لا تثريب عليكم اليوم"، فكمل عزه، وظهرت حجته، وارتفعت مكانته، مع أنه كان يستطيع الانتقام منهم بكل سهولة، ما دام أنه بلغ ما بلغ من المكانة الدنيوية، وصار على خزائن الأرض.
ومن صور التسامح أيضاً، إيقاف الظالم عن ظلمه، كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ فقال: يكفّه عن الظلم، فذاك نصره إياه"، فهذا الحديث يبين لنا أن منع الظلم، وإيقاف كيد الكائد دليل على نصرته في الحقيقة، لأنه لو لم يكن ذلك ستكون فوضى، وسيستغل ذلك من أراد بالناس سوءاً ومكراً، ولذهب كل ظالم بظلمه، وكل قوي بقوته، ولصارت أموال الناس وأعراضهم عرضة للآخرين، وعلى هذا يحمل معنى قوله تعالى "وجزاء سيئة سيئة مثلها" قال بعض المفسرين، هذه الآية في حق من يرى القبيح حسناً، ويظلم الآخرين بجبروته، هنا لابد من إيقافه عن طريق الجهات المختصة لكي يدوم أمن الناس واستقرارهم، وهذا يكون باعتبار النظر إلى المصلحة العامة التي يكون فيها الخير للمجتمع أكمل، ومن هنا تظهر لنا سماحة الإسلام حتى مع الظالم.
******************************************
ابن أبي زيد القيرواني «مالك» الصغير
ابن أبي زيد، رحمه الله، هو الإمام، العلامة، القدوة، الفقيه، عالم أهل المغرب، أبو محمد، عبد الله بن أبي زيد، القيرواني، المالكي ـ رحمه الله تعالى.
عمار سعيد خادم أحمد بن طوق المري، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن هذا العالم الجليل:
ولد هذا الإمام نحو سنة 310 للهجرة، في مدينة القيروان، التي هي مدينة مالكية سنية، كانت مركزاً للعلم والحضارة، إلا أن ولادته وشبابه كانتا في فترة استيلاء العبيديين الفاطميين الملاحدة على هذه المدينة، وكان هؤلاء الباطنيون قد تفننوا في إذاقة أهلها ألوان العذاب، واستفزازهم بأنواع الاستفزازات.
سلك هذا الشاب المبارك في هذه المرحلة، مسلك الانشغال بما يقدر عليه من الخير، وضبط العواطف في التعامل مع واقعه الأليم، فلم يندفع اندفاع تهور، يخسر به دنياه وآخرته، وإنما أقبل على طلب العلم الشرعي، محتسباً صابراً، متأملاً أن يكشف الله عنهم ما حل بهم من كربة.
فكان هذا الشاب متنقلاً بين حِلَقِ القرآن والعلم، آخذاً عن العلماء، مستفتياً ومباحثاً لهم، مدارساً ومذاكراً لأقرانه، منكباً على القراءة والتحصيل، منشغلاً بالعبادة، حتى نبغ بين أقرانه، وشرع في إخراج زكاة علمه: بالتعليم والتأليف.
جلس هذا الشاب النابغة للتعليم في صغره مع مشايخه الذين تلقى العلم عنهم، فكانت له حلقة ـ بين حلق العلماء ـ يعلم فيها الفقه المالكي، في جامع القيروان، الذي هو صرح العلم آنذاك، ومقصد العلماء والطلبة، مع أن سنه حينها كانت نحو 20 سنة، يزيد أو ينقص، ومشايخه الذين قرأ عليهم ما زالوا متوافرين، قد عرفوا فضله، وأجلسوه للتعليم بينهم ومعهم، بل إن بعض مشايخه طلب منه أن يؤلف رسالة في الفقه المالكي، لإقراء صغار طلبة العلم: أصولَ الدين وأحكام العبادات والمعاملات وشيئاً من الآداب، فألف رسالته المشهورة بـ (الرسالة)، أو (رسالة ابن أبي زيد القيرواني).
هذه الحكمة التي تعامل بها إمامنا ابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ مع واقعه، حيث ضبط عواطفه، وقادها بشرع الله، بلغ بسببها مبلغاً عظيماً في انتشار علمه، ومعرفة فضله، ساعد على ذلك، تغير الأحوال في بلده، فبعد صبر طويل، وضبط للنفس شاق، تخلصت القيروان من الباطنيين سنة 362 هـ، وعادت الإمارة فيها بعد ذلك تدريجياً إلى أهل السنة المالكية، وكان إمامنا ابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ قد بلغ السن التي يتضاعف فيها العطاء، والمكانة التي يشير إليه بها الفضلاء.
ام التعليم: صار هذا الرجل مقصد العلماء والطلبة، فكان الناس يرحلون إليه من مشارق الأرض ومغاربها، يتتلمذون على يديه، وكان يلقب بـ: (مالك الصغير)، يقول عنه القاضي عياض ـ رحمه الله تعالى: (حاز رئاسة الدين والدنيا، ورُحِل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه).
وفي مقام التأليف: سارت تواليفه في الأقطار، مسير الشمس في رابعة النهار، وقد ساعد انتشار صيته على انتشار كتبه، قديمها وحديثها، ومنها، بل أشهرها على الإطلاق: (الرسالة)، المشار إليها قريباً، التي كانت أول تآليفه، ألفها وهو ابن 17 سنة، وهذه الرسالة عليها الاعتماد عند المالكية في التفقه إلى يومنا هذا، وما زالت تقرأ في أقطار الأرض في جميع الأزمنة، في حياة مؤلفها، وبعد وفاته التي كانت سنة 386 هـ، وإلى يومنا هذا، أي: بعد أن مر على وفاته أكثر من 1000 سنة، وقد قرأها وأقرأها جمع من أهل العلم في بلادنا في الإمارات العربية المتحدة، في هذه الأيام وقبلها، وقُل مثل ذلك وأكثر في دول المغرب العربي، فأي مبلغ بلغ هذا الإمام ؟!، بل أي علم نشر؟!، وأي إرث ورَّث؟!، بلغ ذلك بإخلاصه لله، عز وجل، فيما نحسب، وبحكمته في التعامل مع فتن زمانه، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة.
هذا المشهد العظيم من مشاهد التاريخ، ذكرني بمشهد قريب منه في المعنى، بعيد منه في الزمن، حصل في زماننا هذا، فقد التقيت في دولة من الدول الإسلامية غير العربية، بمدير مدرسة إسلامية، فأخبرني أنهم في أيام تسلط الملاحدة المستعمرين عليهم، كان الناس يستهجنون رؤية شخص يحفظ القرآن، ويطلب العلم الشرعي، ويرونه رجعياً متخلفاً، لا يعرف مصلحته، ويعرض نفسه للتهلكة، فكان والده يشجعه في صغره على حفظ القرآن وطلب العلم، ويقول له: (الله يأخذ ويعطي فاستمر)، فلما انتهى من دراسته الجامعية، وشرع في الدعوة إلى الله، عز وجل، كانت الأمور قد تغيرت، ورجعت البلاد إلى المسلمين، وصار دعاتها وطلبة العلم فيها، هم المثل الأعلى في المجتمع، ونالوا محبة الناس، فعلموهم صلاتهم التي نسوها، وبينوا لهم دينهم الذي كاد أن يندثر، وصار أهل تلك البلاد يتنافسون في إلحاق أبنائهم وبناتهم بهذه المدرسة وأمثالها من المدارسة الدينية.
******************************************
ذهب الكلام:لا يفتى ومالك في المدينة
الإمام مالك بن أنس هو ثاني الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وهو صاحب المذهب المالكي في الفقه الإسلامي. اشتُهر بعلمه الغزير وقوة حفظه للحديث النبوي وتثبُّته فيه، ويطلق عليه «إمام دار الهجرة» وهي المدينة المنورة، وقد أثنى عليه كثيرٌ من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «إذا ذُكر العلماء فمالك النجم، ومالك حجة الله على خلقه بعد التابعين». ويُعدُّ كتابه «الموطأ» من أوائل كتب الحديث النبوي وأشهرها وأصحِّها، حتى قال فيه الإمام الشافعي: «ما بعد كتاب الله تعالى كتابٌ أكثرُ صواباً من موطأ مالك».
وُلد الإمام مالك بالمدينة المنورة سنة 93هـ، وبعد أن اكتملت دراسته للآثار والفُتيا، وبعد أن شهد له سبعون شيخاً من أهل العلم أنه أهل لذلك، اتخذ له مجلساً في المسجد النبوي للدرس والإفتاء.
وأما لماذا قيل: لا يفتى ومالك في المدينة ؟ فإن لها قصة طريفة وغريبة في آن.
فقد روي أن سيدة توفيت في المدينة المنورة والتي جيء لها بمغسلة لتغسلها ولما وضع الجثمان ليغسل فحينما صب الماء من المغسلة على جسد الميتة وذكرتها بسوء أخلاقها فالتصقت يد المغسلة بجسم الميتة بحيث أصبحت لا تقوى على تحريك فأخذوا رأي العلماء هل تقطع يد المغسلة لدفن الميتة لأن دفن الميت أمر واجب، وقال بعضهم بل نقطع قطعة من جسد الميتة لنخلص المغسلة لأن الحي أولى من الميت واحتدم الخلاف وكل هذا بسبب كلمة قيلت ولكنها كلمة ثقيلة...قال فيها الرسول عيه الصلاة والسلام (إن قذف المحصنة يهدم عمل مئة سنة) رواه الطبراني...
أما علماء المدينة فقالوا كيف نختلف وبيننا الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، فذهبوا إليه وسألوه...
وإذا بالإمام يأتي على جناح السرعة وبينه وبين المغسلة والميتة باب، وسألها من وراء حجاب وقال لها: ماذا قلت في حق الميتة؟ قالت المغسلة: يا إمام رميتها بالزنا. فقال الإمام مالك رضي الله عنه: تدخل بعض النسوة على المغسلة وتجلدها ثمانين جلدة مصداقاً لقوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون).
فدخلت النساء وجلدن المرأة المغسلة القاذفة وبعد تمام الثمانين رفعت يدها عن جسد الميتة ومن هنا قيل لا يفتى ومالك في المدينة.
******************************************
مناجاة
اللّهم اهدِنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت
اللهم ظللنا في هذا اليوم بالرحمة وارزقنا فيه التوفيق والعصمة وطهر قلوبنا يا رحيماً بعباده المؤمنين، اللهم لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض، ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والأرض، ومن فيهن ولك الحمد أنت ملك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق ووعدك الحق ولقاؤك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيون حق ومحمد حق والساعة حق.
اللّهم اهدِنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارِك لَنا فيما أَعطيت، وقنا واصرِف عَنا شر ما قَضيت، سبحانك تَقضي ولا يُقضى عَليك. إنه لا يذل مَن والَيت ولا يعز من عادَيت تباركت ربنا وتعاليْت، فلك الحَمدُ يا الله عَلى ما قَضَيْت، ولك الشكر عَلى ما أَنْعَمتَ بِهِ عَلَينا وأولَيت، نستغفِرك يا رَبنا مِن جمَيعِ الذُّنوب والخَطايا ونَتوبُ اليك، ونؤمن بِكَ ونتوكل عليك، ونُثني عَليكَ الخير كله أنت الغَنِي ونحن الفقراء إليك، أَنت الوكيل ونحن المتوكلون عليك، أَنت القوِي ونحَن الضعفاء إليك، أَنت العزيز ونحن الأذلاء إليك.
******************************************
الرسول صلى الله عليه وسلم في العيد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين،، أما بعد:
فقد شرع الله سبحانه عيدين للمسلمين في كل عام، كل منهما قد أتى بعد عبادة عظيمة جليلة، فعيد الفطر المبارك جاء بعد عبادة جليلة هي الركن الرابع من أركان الإسلام وهي إكمال عدة رمضان فشرع العيد فرحة لإكمال الصيام وإتمام الشهر الكريم، وعيد الأضحى جاء بعد عبادة عظيمة أخرى هي الركن الخامس من أركان الإسلام وهي حج بيت الله الحرام..
هذا العيد الذي يفرح به المسلمون في أقطار الأرض كلها قد شرع الله تعالى له سننا وآداباً تمثلها النبي صلى الله عليه وسلم في يوم العيد، فكان يحافظ عليها ويؤديها شكرا لله على ما أتم من نعمة وعلى ما أرشد الأمة إلى الصراط المستقيم.
وسوف نعرض في هذا الموضوع سلوك النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد، ليقتدي به المسلمون في أعيادهم، فينالوا بذلك الأجر العظيم من الله تبارك وتعالى.
كان صلى الله عليه وسلم يلبس في يومي العيد أفضل ما يجده من الثياب وكان يتجمل ويدهن ويضع العطر فكان لا يُشم إلا طيبا طاهرا عليه الصلاة والسلام.
قال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يلبس لهما (أي للعيدين) أجمل ثيابه وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يغتسل للعيدين. أخرجه ابن أبي شيبة بأسانيد صحيحة. وابن عمر من أشد الناس تحرياً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يَطعَم، ولا يطعم يوم النحر حتى يذبح.1
وكان صلى الله عليه وسلم يأكل قبل أن يخرج إلى المصلى في عيد الفطر تمرات كما قال أنس رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً. رواه البخاري.
ويأكلهن وتراً: أي واحدة أو ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً.. وهكذا.
ومن هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته أنه كان يخرج إلى المصلى ليصلي العيد ولم يرد عنه أنه صلى العيد في المسجد، كما قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: "كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى" رواه البخاري.
ومن السنة الخروج إلى المصلى ماشياً فإن عاد ندب له أن يسير من طريق آخر غير التي أتى منها فعن جابر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم العيد خالف الطريق" رواه البخاري.
وعن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى العيد ماشيا ويرجع ماشيا.2
وكان صلى الله عليه وسلم يخرج إلى العيد مكبرا مهللا شاكرا الله على أنعمه، ممتثلاً قول ربه تبارك وتعالى: وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) سورة البقرة. فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من العيدين رافعا صوته بالتهليل والتكبير، فيأخذ طريق الحدادين حتى يأتي المصلى، فإذا فرغ رجع على الحذائين حتى يأتي منزله.3
ويبدأ التكبير في عيد الفطر من غروب الشمس ليلة العيد إلى خروج الإمام لقوله تعالى: (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون)، وفي الأضحى من فجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، وقد ثبت عند الدارقطني بسند صحيح "أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الأضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ويكبر حتى يأتي الإمام، وقد ورد عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ألفاظ في التكبير من ذلك ما ثبت في مصنف ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يكبر أيام التشريق (الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد، وفي سنن البيهقي بإسناد صحيح أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يكبر " الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد".
ويسن الجهر به للرجال في الطرقات والمساجد والبيوت. وأما النساء فيخفضن أصواتهن به.
وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بإخراج الزكاة قبل الغدو للصلاة يوم الفطر.
خروج النساء والصبيان:
يشرع خروج الصبيان والنساء في العيدين للمصلى من غير فرق بين البكر والثيب والشابة والعجوز والحائض، لحديث أم عطية قالت: "أمرنا أن نخرج العواتق -أي الجارية البالغة- والحُيَّض في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزل الحيّض المصلى" متفق عليه.
وعن ابن عبَّاس قالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بَنَاتَهُ وَنِسَاءَهُ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدَيْنِ.4
وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ بالصلاة قبل الخطبة كما في الصحيحين من حديث ابن عمر. وكان يصليها ركعتين يجهر فيهما بالقراءة يقرأ في الأولى بـ(سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية بـ(هل أتاك حديث الغاشية) كما في صحيح مسلم من حديث النعمان بن بشير رضى الله عنهما، وفي صحيح مسلم أيضاً من حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه أنه قرأ في الأولى بـ (ق) وفي الثانية (اقتربت الساعة وانشق القمر).
وكان يكبر قبل القراءة في الأولى سبعاً منهن تكبيرة الإحرام، وفي الثانية ستاً منهن تكبيرة الانتقال، يرفع يديه مع كل تكبيرة، كما ثبت في سنن أبي داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهو حديث حسن، وفي مصنف ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما موقوفاً: أنه كان يكبر في العيد سبع تكبيرات في الأولى مع تكبيرة الافتتاح وفي الثانية ست تكبيرات مع تكبيرة الركعة".
وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه كما في سنن البيهقي وغيره "أنه يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين، ونحوه عند الطبراني، واحتج به الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد من غير أذان ولا إقامة، فعن جابر بن سمرة قال:
لم يكن يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يقام له في العيدين.5
وعن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله قالا: لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى. رواه البخاري
وعن جابر بن عبد الله قال: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم، ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن، فقال: (تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم) فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لِمَ يا رسول الله؟ قال: (لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير)6 قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن.7
ويسن في العيد ما يلي:
الاغتسال:
فيسن أن يغتسل قبل الخروج إلى الصلاة، وفي الموطأ أن ابن عمر رضي الله عنهما "كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى" وإسناده صحيح.
التهنئة:
يسن التهنئة بلفظ " تقبل الله منا ومنكم" ونحوها، مما تعارف عليه الناس، فقد صح عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض "تقبل الله منا ومنكم" قال الإمام أحمد عنه: إسناده إسناد جيد.
التنفل بعد صلاة العيد:
من السنة أن يصلي ركعتين بعد صلاة العيد في بيته، كما ثبت في سنن ابن ماجه من حديث أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي قبل العيد شيئاً فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين، قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن.
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه أنه صلى قبل صلاة العيد شيئاً لكن إن كان الصلاة في مسجد فيشرع له أن يصلي ركعتين تحية المسجد.
قال ابن القيم رحمه الله:
"وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكمل الصلاة انصرف فقام مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم وينهاهم وإن كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه، أو يأمر بشيء أمر به. ولم يكن هنالك منبر يرقى عليه ولم يكن يخرج منبر المدينة وإنما كان يخطبهم قائماً على الأرض. قال جابر: شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بلا أذان ولا إقامة، ثم قام متوكئاً على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن. متفق عليه.
وقال أبو سعيد الخدري: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول ما يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم... الحديث. رواه مسلم. وذكر أبو سعيد الخدري: أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم العيد فيصلي بالناس ركعتين ثم يسلم فيقف على راحلته مستقبل الناس وهم صفوف جلوس فيقول "تصدقوا" فأكثر من يتصدق النساء بالقرط والخاتم والشيء. فإن كانت له حاجة يريد أن يبعث بعثا يذكره لهم وإلا انصرف.. إلى أن قال ابن القيم:
وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير وإنما روى ابن ماجه في " سننه " عن سعد القرظ مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكثر التكبير بين أضعاف الخطبة ويكثر التكبير في خطبتي العيدين.8 وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به. وقد اختلف الناس في افتتاح خطبة العيدين والاستسقاء، فقيل: يفتتحان بالتكبير، وقيل: تفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار، وقيل: يفتتحان بالحمد. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وهو الصواب لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم)9، وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله. ورخص صلى الله عليه وسلم لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة وأن يذهب، ورخص لهم إذا وقع العيد يوم الجمعة أن يجتزئوا بصلاة العيد عن حضور الجمعة"إه10
فإذا عاد من صلاته وخطبته صلى الله عليه وسلم ذبح أضحيته تقرباً إلى الله تعالى، فعن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ.11
وكان يسمي الله عند ذبحه ويكبره كما ثبت عَنْ أَنَسٍ قَالَ: ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا.12
وكان يذبح أضحيته بالمصلى، كما روى ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْحَرُ أَوْ يَذْبَحُ بِالْمُصَلَّى.13
وكان لا يذبح إلا بعد صلاة العيد، ويخبر أصحابه أن من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم وليس أضحية، فعن البراء ابن عازب رضي الله عنه قال: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَالَ: (مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَنَسَكَ نُسْكَنَا فَقَدْ أَصَابَ النُّسُكَ وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَتِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ) فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ لَقَدْ نَسَكْتُ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ وَعَرَفْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ فَتَعَجَّلْتُ وَأَكَلْتُ وَأَطْعَمْتُ أَهْلِي وَجِيرَانِي! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (تِلْكَ شَاةُ لَحْمٍ) قَالَ: فَإِنَّ عِنْدِي عَنَاقَ جَذَعَةٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ فَهَلْ تَجْزِي عَنِّي؟ قَالَ: (نَعَمْ وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ).14
وكان صلى الله عليه وسلم يذبح الأضحية بيده الشريفة.. فعن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَضْحَى بِالْمُصَلَّى فَلَمَّا قَضَى خُطْبَتَهُ نَزَلَ مِنْ مِنْبَرِهِ وَأُتِيَ بِكَبْشٍ فَذَبَحَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَقَالَ: (بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، هَذَا عَنِّي وَعَمَّنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّتِي). رواه مسلم.
فهذا بعض ما تيسر جمعه في هدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد، فينبغي للمسلم الذي يرجو الله واليوم الآخر التأسي والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في يوم عيده وأيامه كلها,,
نسأل الله بمنه وكرمه أن يرزقنا حبه وحب من يحبه وحب العمل الذي يقرب إليه، وأن يرزقنا حسن العبادة ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم والإخلاص لله رب العالمين..
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
1 رواه أحمد والترمذي و صححه الألباني.
2 رواه ابن ماجه والبيهقي وصححه الألباني.
3 رواه البيهقي في شعب الإيمان، وهو حديث حسن، كما في صحيح الجامع (4934).
4 رواه أحمد، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2115).
5 رواه أحمد، وروى نحوه البخاري ومسلم.
6 الشكاة أي الشكاوى، وتكفرن العشير، أي تنكرن معروف الزوج، يقال للزوج عشير، من المعاشرة.
7 رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ مسلم.
8 - الحديث ضعفه الألباني في ضعيف الجامع (4597) وفي تمام المنة (ص351) وقال: (لا يجوز الاحتجاج به على سنية التكبير في أثناء الخطبة).
9 رواه أبو داود وغيره، وقد ضعفه الألباني في مواضع عدة من كتبه.
10 زاد المعاد (1/ 425).
11 رواه البخاري.
12 رواه البخاري.
13 رواه البخاري.
14 رواه البخاري.
******************************************
أُمُورٌ يَجْدُرُ بِنَا تَـذَكُّرهَـا يَوْمَ الْـعِـيد
إن يوم عيد الفطر المبارك هو اليوم الذي يتوِّج الله به شهر الصيام ، ويفتتح به أشهر الحج إلى بيته الحرام ، ويجزِل فيه للصائمين والقائمين الأجر والجزاء والإكرام ، إنه عيدٌ تمتلئ به قلوب المؤمنين فرحاً وسروراً ، وتنشرح به صدورهم لذة وحبوراً ، يخرج الناس فيه لربهم حامدين ومعظمين ومكبرين ، ولنعمته بإتمام الصيام والقيام مغتبطين وشاكرين ، ولخيره وثوابه وأجره مؤمِّلين وراجين ، يسألون ربهم الكريم أن يتقبل أعمالهم ، وأن يتجاوز عن سيئاتهم، وأن يعيد عليهم هذا العيد أعواماً عديدة وأزمنةً مديدة على خيرٍ وطاعةٍ لله الكريم.
وثمة أمور يجدر بنا أن تكون منا على بال وأن نتذكرها يوم العيد :
- فينبغي أن نتذكر ونحن نعيش فرحة العيد إخواناً لنا اخترمتهم المنية وأدركهم الموت ؛ فلم يشهدوا جمع العيد، فهم في قبورهم محتجزون ، وبأعمالهم مرتهنون ، وبما قدَّمت أيديهم في هذه الحياة مجزيون ، وتيقَّنوا أنكم إلى ما صاروا إليه صائرون فهم السابقون وأنتم اللاحقون ، فلا تنسوهم من دعوة صالحة بأن يقِلَّ الله عثراتهم ويغفر زلاتهم ويُعلي درجاتهم ويجعل قبورهم رياضاً من رياض الجنة ، اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين ، اللهم اغفر لهم وارحمهم وأكرم نزلهم ووسِّع مدخلهم .
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد بصحة وعافية إخواناً لكم أقعدهم المرض وأعاقهم عن شهود جمع العيد ، فهم في المستشفيات راقدون وعلى الأسرة ممدَّدون ، منهم من أمضى الشهور الطويلة ، ومنهم من أمضى الأسابيع العديدة ، ومنهم من لا يُغْمَضُ له جفنٌ ولا يَهْدَأُ له بال في آلامٍ متعِبة وأوجاعٍ مؤلمة وهم يودون لو شاركوا إخوانهم فرحتهم ، فاحمدوا الله على ما أنتم عليه من صحة وعافية وسلامة ولا تنسوهم من دعوة صالحة أن يشفي مرضهم ويزيل بأسهم ويفرِّج همهم ويكشف كربهم ، اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين ، اللهم رب الناس أذهب ما بهم من باس واشفهم أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً .
وإن من أفضل الأعمال في يوم العيد وأكثرها نفعاً زيارتهم في أماكنهم ومواساتهم والدعاء لهم ، روى الإمام أحمد وأبو داود عن عليٍّ رضي الله عنه قال: (( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِذَا عَادَ الرَّجُلُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ مَشَى فِي خِرَافَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَجْلِسَ ، فَإِذَا جَلَسَ غَمَرَتْهُ الرَّحْمَةُ ، فَإِنْ كَانَ غُدْوَةً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ ، وَإِنْ كَانَ مَسَاءً صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ ))(1).
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد السعيد بأمنٍ وأمان وراحةٍ واطمئنان إخواناً لكم أهلكتهم الحروب وأرقتهم الخطوب وأقلقتهم الفتن وسلط عليهم العدو ؛ فأريقت منهم الدماء ، ورُمِّلت النساء ، ويُتِّم الأطفال ، ونُهِـبَت الأموال ، فاحمدوا الله على ما أنتم فيه من أمنٍ وأمان ولا تنسوا إخوانكم أولئك من دعوة صالحة أن يُنَفِّسَ الله كربهم ويفرج همهم ويكبِتَ عدوهم وينصرهم عليه ، اللهم أعزّ الإسلام وأهله في كل مكان ، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمِّر أعداء الدين ، واجعل بلدنا هذا آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين .
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد السعيد بالحلل البهية والملابس الجميلة إخواناً لكم أرَّقهم الفقر وعظمت فيهم الحاجة ؛ فمنهم من لا يجد لباساً يواريه أو مسكناً يؤويه أو طعاماً يغذيه أو شراباً يرويه ، بل منهم من مات في مجاعاتٍ مهلكة وقحطٍ مفجع ، فاحمدوا الله على ما أنتم فيه من نعمة ولا تنسوا إخوانكم هؤلاء من دعوات صالحة أن يغني الله فقيرهم ويشبِع جائعهم ويسد حاجتهم ويكشف فاقتهم ويقضي دينهم . اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، اللهم اقضِ عنهم الديْن وأغْنِهم من الفقر ، اللهم اكفهم بحلالك عن حرامك وأغنهم بفضلك عمن سواك . ولا تنسوهم من مدِّ يد المساعدة لهم بمالٍ أو لباسٍ أو طعامٍ أو لحافٍ أو نحو ذلك { وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا } [المزمل: 20] ، { وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [البقرة: 215] .
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد السعيد بإكمال الطاعة في رمضان وإتمام القيام والصيام إخواناً لكم قيدتهم الذنوب وكبَّلتهم الخطايا ؛ فمضى المؤمنون المجدُّون في طاعة الله وتنافس الصالحون الناصحون في التقرب إليه ، وهؤلاء في لهوهم وغيِّهم سادرون ، وعن طاعة الله والتقرب إليه متقاعسون ، وعلى المعاصي والخطايا والآثام مقيمون ، تمر عليهم مواسم العبادة والمنافسة في فعل الخير فلا يتحركون ، فاحمدوا الله على ما أمدكم به من طاعة وما هداكم إليه من تقرب إلى مرضاته ، وسلوه الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد ، ولا تنسوا إخوانكم أولئك من دعوة صالحة بأن يهديهم الله إلى الخير وأن يردهم إلى الحق رداً جميلاً . اللهم اهدِ ضال المسلمين وأرشد الحائرين وردهم إلى الحق رداً جميلاً ، اللهم وعافي المبتلين ، وتب على العصاة والمذنبين .
- وتذكروا وأنتم تعيشون فرحة العيد السعيد أن الله قد أكرمكم في شهر رمضان المبارك بتصفيد الشياطين - أي بسلسلتها وتقييدها - فلم تكن تخلص إلى ما كانت تخلص إليه قبل رمضان ، وكأني بهم بعد انتهاء شهر رمضان قد انطلقوا من قيودهم وقاموا من أصفادهم بعزيمة وحقد محاولة لتعويض ما فاتهم من إغواء الناس وإضلالهم في شهر رمضان { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [فاطر: 6] ، ولا يمكن لأحد أن يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله والمحافظة على طاعته وتجنب معاصيه والاستعاذة بالله منه { وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ [97] وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ } [المؤمنون: 97-98] .
- وتذكروا باجتماعكم يوم العيد يوم الجمع الأكبر حين تقومون يوم القيامة لرب العالمين حافيةً أقدامكم عاريةً أجسامكم شاخصةً أبصاركم ، يوم تُنشر الدواوين وتُنصب الموازيين { يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ [34] وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ [35] وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ [36] لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [عبس: 34-37] ، فأعدّوا لذلك اليوم عدَّته وتزودوا ما دمتم في دار العمل فإن خير الزاد التقوى .
اللهم آت نفوسنا تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ، ووفقنا لصالح الأعمال والأقوال ، واختم لنا بخير . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
---------
(1) المسند (612، 22273)، وأبو داود (3098)، وابن ماجه (1442) واللفظ للإمام أحمد .
******************************************
روائع الاستنباط من القرآن
أسرار المناسبات بين الآيات والسُّور-2
بقلم- د. نجيب عبد الوهاب
لقد اْقتضتْ حكمةُ الله أن يتَدَّرج في أحكامه وتشريعاته مراعاةً للطبيعة البشرّية وِفْق ما يتجدَّدُ من الحوادث والقضايا فَهُو أدْعى إلى التّثبيتِ والقبول على مدى ثلاث وعشرين سنة، ولكنَّ كلامَ المولى وإن كان على حسب الوقائع تنزيلاً فإنّه على حَسب الحِكمةِ ترْتيباً، ومِنْ هُنا اْنبرى طائفةٌ من العلماءِ لبيانِ وجوهِ هذا التّرتيب القرآنيّ والْتماس ما بين سُوره وآياتهِ من مناسبات.
وإنّ النّاظر في هذا العلم يجدُهُ لوناً فرْيداً من الإعجاز القرآنيّ الذّي لاَ يأْتي إلاّ بالبحث عن صلةِ الآية والسّورةِ بما قْبلهَا وما بعدها مكمّلةً لها أمْ أنّها مستقلة، وبالنّظر في أغراضها ومقاصدها بدءاً وانتهاءً.
لقد نزل القرآن أَوّلَ ما نزل: لَيْلاً في ليلة القدرِ في العشر الأواخرِ من رمضان في فريضةِ الصّيام في شهر رمضان ثم تَبِعهُ (عيد الفطر) فكأنماَّ هو عيدٌ بنزولِ القرآن: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ لكنّ القرآن قد أتمَّهُ الله وأكمله في يوم عرفة نهاراً في العشر الأوائل من ذي الحجة في فريضة الحج ثم تبعه (عيد الأضحى) فكأنما هو عِيْدٌ بتمام القرآن وكمال الدين ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ ولذلك قال المحققّون: إنّ العشرَ الأواخرَ منْ رمضان لياليهِنّ أفضل ففِيْها (ليلةُ القدر) أفضلُ الليالي وأما العشر الأوائل من ذي الحجّة نهارها أفضل ففيها (يوم عرفة) أعظمُ أيّام الله.
ولئِنْ كانَ قولُه تعالى في سورةِ اقرأ ﴿ إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ مِنْ أوّلِ ما نزل مِنْ كتاب الله، فإِنَّ قوله سبحانه ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ﴾ من آخر ما نزل.
ولا أدلَّ على هذا الارتباط مِنَّ سورة القصص الّتي نجدها لوناً بدْيعاً من المناسبات التّي أشار إليها الزركشي في البرهان والسُّيوطي في الإتقان وغيرهما ممّا يكشِفُ عن جميل الارتباط بيْن فاتحِة السُّورة وخاتمتها، ففي مَطلْع السّورة يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ* فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي* إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾
فإنَّه سبحانه في خاتمة السُّورة يقول تعالى مُبشِّراً ومخاطباً سيّدنا محمَّداً – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ......﴾
إشارةً وبشارة إلى أنَّ اللهَ الذّي رَدَّ سّيدنا موسى إلى أمِهّ نبيّاً ورسولاً بعدما خرج مِنْ وطنه كَمَا أخْرجك قْومُك فإنَّ الله سيرُدُّك إلى مكّة ظافراً فاتحاً منصُورا.
وفي بداية السّورة عندما كان سّيدنا مُوسى في مصرَ خائفاً يترقَّبُ دعا ربَّه ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ثم توجَّه إلى مَدْين حيثُ ساَقهُ القدرُ إلى سّيِدنا شعيْب لِيُجْريَ الله استجابةَ ذلك الدّعاء على لسانه ﴿نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ ولَئِنْ دعا سّيدُنا موسى ربَّه في أولّ السُّورة ﴿رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ﴾ فإنَّ المولى في آخرِ السّورة نَهى نبِيّه أنْ يكون ظهيراً للكافرين فقال سبحانه لسيّدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ﴿فَلَا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا لِّلْكَافِرِينَ﴾.
وتَسْتفتحُ سورةُ الحاقَّة بقوله تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ﴾ فتنْتهي بقوله سبحانه ﴿وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِين فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾.
وفي سورة الحشر تَبْدأُ السّورةُ بقوله تعالى ﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. لتنتهِيَ بقوله تعالى: ﴿.... يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾.
بدايات ونهايات
لئن بدَأتْ سورةُ الحديد بقوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ فإنّها قد بدأت بما انتهت به السُّورة التي تسبقها في آخر آيةٍ من سورة الواقعة وذلك بالأمر بالتَّسبيح ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾. كما أنَّ فاتحةَ سورة الواقعة ترتبط بخاتمتها ففي بداية السورة: ﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ﴾ وفي الآية قبل الأخير ﴿إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾.
******************************************
العفو عن المخطئ والابتعاد عن حظوظ النفس
بقلم-أحمد عبدالكريم
«إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. دستور جليل وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل في طواياه معاني التسامح والتعايش، ويرسم خارطة للإنسانية جمعاء محورها قبول الآخر، ويبني مستقبلاً للمجتمعات لا يعرف الإقصاء. على امتداد الشهر الكريم نستشف عبق الأريج الإنساني في رسالة الإسلام، ونقف عند شخصيات من تاريخنا حققت معادلة الإيمان والإحسان.
التسامح والعفو عن الآخرين خلق نحتاج إليه في الرخاء والشدة، فما زال صاحب النفس المسامحة شخصاً رفيع القدر، عظيم المكانة، وها هي حادثة الإفك تبين لنا قيمة التسامح والعفو، هذه الحادثة كانت من أصعب الأحداث وأشدها بلاء على النبي، عليه الصلاة والسلام، والصحابة، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت، جاءت قصتها وآدابها في القرآن في سورة النور تحديداً، لتكون هذه الحادثة منهجاً منيراً لنا في حياتنا، وبعد شهر من هذه البلاء وهذا الاتهام، جاءت الآية "إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم" والإفك هو أشد الكذب، وبين لنا سبحانه أن هذا الأمر خير لكم، كون البلاء يذهب الخطايا والذنوب ويجعل الشخص نقياً، وأيضاً خير لكم كونها نزلت عليكم آيات تنظم لكم حياتكم، وتقرب بينكم، وتجعل بينكم التراحم والتعاطف والتسامح لتكون هذه الأخلاق هي المخرج لكم من الفتن في قادم أيامكم، وكان ممن تكلم رجل يقال له مسطح وهو قريب لأبي بكر، رضي الله عنه، وكان أبو بكر ينفق عليه قبل الحادثة فامتنع بعد أن تكلم، فأنزل الله هذه لآية "ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربي والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم" فقال أبوبكر: بلى، والله إنا نحب- يا ربنا- أن تغفر لنا، ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة، وهذه القصة المختصرة تبين لنا قيمة العفو عند المقدرة، وأن الجزاء من جنس العمل، فكلما عفوت عن الناس المخطئين المعترفين بذنبهم نلت مغفرة ربك كما قال تعالى "ألا تحبون أن يغفر الله لكم" وهذا أسلوب إغراء وتشجيع، يجعل القلوب الصادقة تشمر عن ساعدي الجد، ويجعلها مقبلة ومسارعة إلى العفو.
وجاءت أيضا قصة أخرى تؤكد هذا الجزاء، أن رجلاً كان يداين الناس، فكان يقول لفتاه إذا أتاك معسراً فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه، فمن تعامل مع الناس بود ورأفة ومودة وأحسن إليهم وحافظ على حقوقهم ونصرهم، كان الله معه، ومن كان الله معه لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، كما قال عليه الصلاة والسلام "إن الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه"، وهو ها يوسف عليه الصلاة والسلام، قال لإخوته بعد أن أظهره الله عليهم، ونصره عليهم "لا تثريب عليكم اليوم"، فكمل عزه، وظهرت حجته، وارتفعت مكانته، مع أنه كان يستطيع الانتقام منهم بكل سهولة، ما دام أنه بلغ ما بلغ من المكانة الدنيوية، وصار على خزائن الأرض.
ومن صور التسامح أيضاً، إيقاف الظالم عن ظلمه، كما جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا يا رسول الله هذا ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ فقال: يكفّه عن الظلم، فذاك نصره إياه"، فهذا الحديث يبين لنا أن منع الظلم، وإيقاف كيد الكائد دليل على نصرته في الحقيقة، لأنه لو لم يكن ذلك ستكون فوضى، وسيستغل ذلك من أراد بالناس سوءاً ومكراً، ولذهب كل ظالم بظلمه، وكل قوي بقوته، ولصارت أموال الناس وأعراضهم عرضة للآخرين، وعلى هذا يحمل معنى قوله تعالى "وجزاء سيئة سيئة مثلها" قال بعض المفسرين، هذه الآية في حق من يرى القبيح حسناً، ويظلم الآخرين بجبروته، هنا لابد من إيقافه عن طريق الجهات المختصة لكي يدوم أمن الناس واستقرارهم، وهذا يكون باعتبار النظر إلى المصلحة العامة التي يكون فيها الخير للمجتمع أكمل، ومن هنا تظهر لنا سماحة الإسلام حتى مع الظالم.
******************************************
ابن أبي زيد القيرواني «مالك» الصغير
ابن أبي زيد، رحمه الله، هو الإمام، العلامة، القدوة، الفقيه، عالم أهل المغرب، أبو محمد، عبد الله بن أبي زيد، القيرواني، المالكي ـ رحمه الله تعالى.
عمار سعيد خادم أحمد بن طوق المري، واعظ أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، يحدثنا عن هذا العالم الجليل:
ولد هذا الإمام نحو سنة 310 للهجرة، في مدينة القيروان، التي هي مدينة مالكية سنية، كانت مركزاً للعلم والحضارة، إلا أن ولادته وشبابه كانتا في فترة استيلاء العبيديين الفاطميين الملاحدة على هذه المدينة، وكان هؤلاء الباطنيون قد تفننوا في إذاقة أهلها ألوان العذاب، واستفزازهم بأنواع الاستفزازات.
سلك هذا الشاب المبارك في هذه المرحلة، مسلك الانشغال بما يقدر عليه من الخير، وضبط العواطف في التعامل مع واقعه الأليم، فلم يندفع اندفاع تهور، يخسر به دنياه وآخرته، وإنما أقبل على طلب العلم الشرعي، محتسباً صابراً، متأملاً أن يكشف الله عنهم ما حل بهم من كربة.
فكان هذا الشاب متنقلاً بين حِلَقِ القرآن والعلم، آخذاً عن العلماء، مستفتياً ومباحثاً لهم، مدارساً ومذاكراً لأقرانه، منكباً على القراءة والتحصيل، منشغلاً بالعبادة، حتى نبغ بين أقرانه، وشرع في إخراج زكاة علمه: بالتعليم والتأليف.
جلس هذا الشاب النابغة للتعليم في صغره مع مشايخه الذين تلقى العلم عنهم، فكانت له حلقة ـ بين حلق العلماء ـ يعلم فيها الفقه المالكي، في جامع القيروان، الذي هو صرح العلم آنذاك، ومقصد العلماء والطلبة، مع أن سنه حينها كانت نحو 20 سنة، يزيد أو ينقص، ومشايخه الذين قرأ عليهم ما زالوا متوافرين، قد عرفوا فضله، وأجلسوه للتعليم بينهم ومعهم، بل إن بعض مشايخه طلب منه أن يؤلف رسالة في الفقه المالكي، لإقراء صغار طلبة العلم: أصولَ الدين وأحكام العبادات والمعاملات وشيئاً من الآداب، فألف رسالته المشهورة بـ (الرسالة)، أو (رسالة ابن أبي زيد القيرواني).
هذه الحكمة التي تعامل بها إمامنا ابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ مع واقعه، حيث ضبط عواطفه، وقادها بشرع الله، بلغ بسببها مبلغاً عظيماً في انتشار علمه، ومعرفة فضله، ساعد على ذلك، تغير الأحوال في بلده، فبعد صبر طويل، وضبط للنفس شاق، تخلصت القيروان من الباطنيين سنة 362 هـ، وعادت الإمارة فيها بعد ذلك تدريجياً إلى أهل السنة المالكية، وكان إمامنا ابن أبي زيد ـ رحمه الله ـ قد بلغ السن التي يتضاعف فيها العطاء، والمكانة التي يشير إليه بها الفضلاء.
ام التعليم: صار هذا الرجل مقصد العلماء والطلبة، فكان الناس يرحلون إليه من مشارق الأرض ومغاربها، يتتلمذون على يديه، وكان يلقب بـ: (مالك الصغير)، يقول عنه القاضي عياض ـ رحمه الله تعالى: (حاز رئاسة الدين والدنيا، ورُحِل إليه من الأقطار، ونجب أصحابه، وكثر الآخذون عنه).
وفي مقام التأليف: سارت تواليفه في الأقطار، مسير الشمس في رابعة النهار، وقد ساعد انتشار صيته على انتشار كتبه، قديمها وحديثها، ومنها، بل أشهرها على الإطلاق: (الرسالة)، المشار إليها قريباً، التي كانت أول تآليفه، ألفها وهو ابن 17 سنة، وهذه الرسالة عليها الاعتماد عند المالكية في التفقه إلى يومنا هذا، وما زالت تقرأ في أقطار الأرض في جميع الأزمنة، في حياة مؤلفها، وبعد وفاته التي كانت سنة 386 هـ، وإلى يومنا هذا، أي: بعد أن مر على وفاته أكثر من 1000 سنة، وقد قرأها وأقرأها جمع من أهل العلم في بلادنا في الإمارات العربية المتحدة، في هذه الأيام وقبلها، وقُل مثل ذلك وأكثر في دول المغرب العربي، فأي مبلغ بلغ هذا الإمام ؟!، بل أي علم نشر؟!، وأي إرث ورَّث؟!، بلغ ذلك بإخلاصه لله، عز وجل، فيما نحسب، وبحكمته في التعامل مع فتن زمانه، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة.
هذا المشهد العظيم من مشاهد التاريخ، ذكرني بمشهد قريب منه في المعنى، بعيد منه في الزمن، حصل في زماننا هذا، فقد التقيت في دولة من الدول الإسلامية غير العربية، بمدير مدرسة إسلامية، فأخبرني أنهم في أيام تسلط الملاحدة المستعمرين عليهم، كان الناس يستهجنون رؤية شخص يحفظ القرآن، ويطلب العلم الشرعي، ويرونه رجعياً متخلفاً، لا يعرف مصلحته، ويعرض نفسه للتهلكة، فكان والده يشجعه في صغره على حفظ القرآن وطلب العلم، ويقول له: (الله يأخذ ويعطي فاستمر)، فلما انتهى من دراسته الجامعية، وشرع في الدعوة إلى الله، عز وجل، كانت الأمور قد تغيرت، ورجعت البلاد إلى المسلمين، وصار دعاتها وطلبة العلم فيها، هم المثل الأعلى في المجتمع، ونالوا محبة الناس، فعلموهم صلاتهم التي نسوها، وبينوا لهم دينهم الذي كاد أن يندثر، وصار أهل تلك البلاد يتنافسون في إلحاق أبنائهم وبناتهم بهذه المدرسة وأمثالها من المدارسة الدينية.
******************************************
ذهب الكلام:لا يفتى ومالك في المدينة
الإمام مالك بن أنس هو ثاني الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وهو صاحب المذهب المالكي في الفقه الإسلامي. اشتُهر بعلمه الغزير وقوة حفظه للحديث النبوي وتثبُّته فيه، ويطلق عليه «إمام دار الهجرة» وهي المدينة المنورة، وقد أثنى عليه كثيرٌ من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: «إذا ذُكر العلماء فمالك النجم، ومالك حجة الله على خلقه بعد التابعين». ويُعدُّ كتابه «الموطأ» من أوائل كتب الحديث النبوي وأشهرها وأصحِّها، حتى قال فيه الإمام الشافعي: «ما بعد كتاب الله تعالى كتابٌ أكثرُ صواباً من موطأ مالك».
وُلد الإمام مالك بالمدينة المنورة سنة 93هـ، وبعد أن اكتملت دراسته للآثار والفُتيا، وبعد أن شهد له سبعون شيخاً من أهل العلم أنه أهل لذلك، اتخذ له مجلساً في المسجد النبوي للدرس والإفتاء.
وأما لماذا قيل: لا يفتى ومالك في المدينة ؟ فإن لها قصة طريفة وغريبة في آن.
فقد روي أن سيدة توفيت في المدينة المنورة والتي جيء لها بمغسلة لتغسلها ولما وضع الجثمان ليغسل فحينما صب الماء من المغسلة على جسد الميتة وذكرتها بسوء أخلاقها فالتصقت يد المغسلة بجسم الميتة بحيث أصبحت لا تقوى على تحريك فأخذوا رأي العلماء هل تقطع يد المغسلة لدفن الميتة لأن دفن الميت أمر واجب، وقال بعضهم بل نقطع قطعة من جسد الميتة لنخلص المغسلة لأن الحي أولى من الميت واحتدم الخلاف وكل هذا بسبب كلمة قيلت ولكنها كلمة ثقيلة...قال فيها الرسول عيه الصلاة والسلام (إن قذف المحصنة يهدم عمل مئة سنة) رواه الطبراني...
أما علماء المدينة فقالوا كيف نختلف وبيننا الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، فذهبوا إليه وسألوه...
وإذا بالإمام يأتي على جناح السرعة وبينه وبين المغسلة والميتة باب، وسألها من وراء حجاب وقال لها: ماذا قلت في حق الميتة؟ قالت المغسلة: يا إمام رميتها بالزنا. فقال الإمام مالك رضي الله عنه: تدخل بعض النسوة على المغسلة وتجلدها ثمانين جلدة مصداقاً لقوله تعالى: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون).
فدخلت النساء وجلدن المرأة المغسلة القاذفة وبعد تمام الثمانين رفعت يدها عن جسد الميتة ومن هنا قيل لا يفتى ومالك في المدينة.
******************************************
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34773
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» انوار رمضان
» انوار رمضان1438هـ
» انوار الرسالة المحمدية
» موضوع بعنوان / قصيدة : من انوار المولد من المجلة النقشبندية
» انوار رمضان1438هـ
» انوار الرسالة المحمدية
» موضوع بعنوان / قصيدة : من انوار المولد من المجلة النقشبندية
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي