انوار رمضان1438هـ
2 مشترك
صفحة 2 من اصل 2
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
رد: انوار رمضان1438هـ
24 رمضان 1438
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِيهِ مَا يُرْضِيكَ، وَ أَعُوذُ بِكَ فِيهِ مِمَّا يُؤْذِيكَ، بِأَنْ أُطِيعَكَ وَ لَا أَعْصِيَكَ، يَا عَالِماً بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ".
******************************************
اللهم بلغنا ليلة الــــــــقدر
واجعلنا من عتاقك وحقق كل امانينا التي هي مرجاه منك ياحنان يامنان
ياسميع الدعاء ارح قلوبنا واحسن خاتمتن
******************************************
الصوم بين الظاهر و الحقيقة
د. خالد سعد النجا
بسم الله الرحمن الرحيم
تقوم العبادات في الإسلام على ظواهر وحقائق لا يتم كمالها وتمامها إلا بأدائها، فالظواهر هي ما يتناوله الفقهاء بالحديث عن أركان وشروط العبادة، كوقت أدائها وكيفية الأداء والسنن والمستحبات المصاحبة لها والنواقض والبدع التي طرأت عليها.
وأما الحقائق فيقصد بها الأمور الباطنة الخاصة بروح العبادة، والمقصودة حقيقة منها كي تنال القبول عند الله تعالى ويكون عليها الجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة، كالإخلاص المنافي للرياء، والخشوع المنافي للغفلة.. وغيرها من الآداب والفضائل.
ونحن في حديثنا عن الظواهر والحقائق الخاصة بالعبادة لا نماثل ولا نوافق الفرق الضالة المبتدعة التي ظهرت في بعض العصور الإسلامية والتي قسمت الدين إلى ظاهر وباطن كالباطنية، أو التي قسمت الإسلام إلى شريعة وحقيقة كغلاة المتصوفة، وكان القصد خبيثا وراء تلك التقاسيم، لتفريغ الدين عن محتواه الحقيقي وتفسيره وفق أهوائهم، ونصرة آرائهم الباطلة.
بل إننا نعنى بحقيقة العبادة: تلك الآداب التي تلزم هذه العبادة كي تصل إلى درجة الكمال، وهو ما يتحدث عنه علماء السلوك والزهد والرقائق معتمدين في حديثهم على الفهم الصحيح للآيات القرآنية والسنة النبوية الثابتة عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.
وحاجة العبادات لصلاح الظاهر والباطن أمرا معلوما من الدين بالضرورة، نجد له شواهد عديدة في الكتاب الجليل والسنة الصحيحة.
ففي الدعوة للإخلاص يقول تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة } [البينة:5]، وكان صلى الله عليه وسلم يقول عند تلبيته بالحج: «اللهم حجه لا رياء فيها ولا سمعه»(1)
وفي الدعوة للخشوع يقول صلى الله عليه وسلم: «رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر»(2)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها» (3)
وهذا الأمر يشمل الصيام أيضاً باعتباره من أجل العبادات، فالفقهاء عرفوا الصيام بأنه: «إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب».
وقسموه ثلاثة أقسام: واجب للزمان وهو صوم شهر رمضان، وواجب لعله وهو صوم الكفارات، وواجب بإيجاب الإنسان على نفسه وهو صوم النذور.
وكتب الفقه الإسلامي مملوءة بالعديد من الضوابط والأحكام الخاصة بالصوم كأركان الصيام ونوا قضه والقضاء والفدية والكفارات إلى غير ذلك من الأحكام.
وأما عن حقيقة الصيام فهناك العديد من الآداب التي لابد لها وأن تلازم الصائم كي يتم له صومه الحقيقي المتقبل عند الله تعالى، ولا يكون كمن قال فيه صلى الله عليه وسلم: «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع»(4)
يقول الإمام الغزالي: «اعلم أن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص. أما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة، وأما صوم الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام، وأما صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله بالكلية، فهو إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه»(5).
وقال البيضاوى: «ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات، وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول».
ولا يتم الصوم الحقيقي إلا بالعديد من الآداب التي لابد أن يتحلى بها الصائم، نذكر منها:
• الإخلاص: هو إفراد الله عز وجل بالقصد في الطاعات، فلا تؤدى إلا ابتغاء رضاه، لا من أجل مدح مادح، ولا لتحصيل منفعة دنيوية، قال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً ولا يشرك بعباده ربه أحداً} [الكهف:110] وعن أبى أمامه رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شيء له» فأعادها ثلاث مرات، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا شيء له» ثم قال: «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً و ابتغى به وجهه» (6)
وقد يقدم بعض المسلمين على الصوم في رمضان حياء من الناس لا من الله، أو رغبة في منفعة شخصية لا ربانية، كحرج رب الأسرة أن يكون مفطراً وأولاده وزوجته صائمون، أو الخشية من تجريح وملامة الناس له على فطره، أو يجد البعض الصوم فرصة سانحة لتقليل الوزن، أو الراحة من آلام بالمعدة والقولون فيفضلون الصوم طلبا للصحة، أو مجرد التشاؤم من الفطر في هذا الشهر الكريم... أو غير ذلك من الأسباب. فلا يسعنا إلا أن نقول لمثل هؤلاء: صومكم فقد الإخلاص، الذي هو روحه وشرطا من شروطه الأساسية، وليس مقبولا عند الله تعالى بشهادة الله وشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله لا يقبل من العبادة إلا ما كانت له خالصة وابتغى بها وجهه.
• صوم القلب: وهو واجب في رمضان وغيره، ومتأكد في هذا الشهر الكريم العظيم لعظم حرمته ويكون بصون القلب عن الشركيات المهلكة والاعتقادات الباطلة والوساوس السيئة والنوايا الخبيثة والخطرات الموحشة حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» (7)
فرحم الله عبداً امتلأ قلبه إيماناً ويقيناً فانعكس ذلك على جوارحه فطلبت كل خير وابتعدت عن كل شر، والمؤمن الحريص على سلامه قلبه عليه أن يحذر وساوس ومداخل الشيطان إلى نفسه ومن أعظمها الغضب والشهوة والحسد والحرص والبخل والتعصب للمذاهب والأهواء.
وأمراض القلوب تجمعها أمراض الشهوات وأمراض الشبهات والقرآن شفاء للنوعين، وهذا الشهر المبارك هو شهر القرآن فأحرى بالمسلمين الإقبال على كتاب الله بتدبر وخشوع حتى تصح قلوبهم التي لا نجاه إلا لصاحبها يوم القيامة، قال تعالى: {يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} [الشعراء:88] وقال تعالى: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [التغابن:11] وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق.
• صوم البصر: وذلك بغض البصر عن كل ما يحرم النظر إليه، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن … } الآيات من سورة النور 30 – 31، وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة؟ فقال: «اصرف بصرك»(، وكان عيسى بن مريم يقول: «النظرة تزرع في القلب الشهوة وكفى بها خطيئة».
فالعين كما هو معلوم منفذ للقلب، وباب للروح فإذا خربت العين خرب القلب، وهي تزني وزناها النظر، والنظرة بريد الزنا وهي سهم مسمومة من سهام إبليس. قال شاة الكرمانى: «من غض البصر عن الحرام، وعمر باطنه بالتقوى، وظاهرة بإتباع السنة لم تخطئ له فراسة» وتلا قوله تعالى: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} [الحجر: 75]، فإطلاق البصر إلى ما لا يحل يحرك في المرء الشهوة الكامنة، ويوقع العبد في الغفلة وإتباع الهوى، ويطفئ نور الإيمان والبصيرة في القلب، ويستحكم الشيطان على المرء فيقوده للمعصية تلو الأخرى.
• صوم اللسان: وذلك بحفظه عن الخوض في الباطل كالغيبة والنميمة والفحش والبذاء واللعن والسخرية من الخلق.. وغيرها من آفات اللسان المهلكة. قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه»(9). وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم»(10)
والمؤمن الصادق الإيمان لا يخوض في الباطل بأي حال من الأحوال، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»(11). وحفظ اللسان من الآداب الكريمة المؤكدة في حق الصائم. وصدق والله الحسن البصري في قوله: «ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه». وكيف لا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة»(12)، وفصل الخطاب قوله صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا»(13)
فإلى الذين يبحثون عن التسلية في نهار رمضان، ويجلسون يقعون في هذا وفي هذا، ويخوضون في ما لا يرضى الله، نقول لهم : عليكم بكتاب الله تلاوة وتدبراً فإن فيه طهارة ألسنتكم وقلوبكم وجدير بمن صام لربه حقاً أن يقبل على كلامه، فيكون نوراً على نور وشفاءً على شفاء.
• صوم الأذن: وذلك بكف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه كالغناء والفحش والبذاء، لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه، ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت، فقال تعالى: {سماعون للكذب أكالون للسحت} [المائدة:63] والمؤمنون الصادقون هم الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، فأجدر بالصائم سماع آيات كتاب الله والإقبال في هذا الشهر على سماع دروس العلم والمواعظ الحسنه، وتلك من كمالات الصيام الحق. قال تعالى {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص:55]
• أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار: بحيث يمتلئ جوفه، وكيف يستفاد من الصوم في قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطرة ما فاته ضحوة نهاره، فرقه القلب وصفاؤه إنما تكون بترك الشبع، قال الجنيد: «يجعل أحدهم بينه وبين صدره مخلاة من الطعام، ويريد أن يجد حلاوة المناجاة». فحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، ومن أكل كثيراً نام كثيراً فخسر كثيراً. قال الحسن: «حتى إذا أخذته الكظة، ونزلت به البطنة، قال: يا غلام، ائتني بشيء أهضم به طعامي، يا لكع أطعامـك تهضم؟ إنما تهضم دينك».
وأخيرا نقول للذين لا يراعون آداب الصوم: كفاكم جوعـاً وعطشاً، وأقبلوا على الله قولاً وعملاً، ظاهراً وباطناً، إنه خير مسئول، وهو البر الرحيم ذو القوة المتين. وحسبكم هذه المقولة الرائعة لسيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث يقول: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينه يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك وفطرك سواء».
الهوامش والمصادر
(1)رواه ابن ماجة عن أنس ( صحيح ) 1302 في صحيح الجامع (2) رواه ابن ماجة عن أبي هريرة ( صحيح ) 3488 في صحيح الجامع. (3) رواه أحمد عن عمار بن ياسر ( صحيح ) 1626 في صحيح الجامع (4) رواه ابن ماجة عن أبي هريرة ( صحيح ) 3488 في صحيح الجامع (5) إحياء علوم الدين 1 /277 (6) رواه النسائي عن أبي أمامة ( حسن ) 1856 في صحيح الجامع (7) رواه البخاري عن النعمان بن بشير – كتاب الإيمان رقم 50، ومسلم كتاب المساقاة رقم 2996 ( رواه أبو داود – كتاب النكاح رقم 1836 (9) رواه البخاري عن أبي هريرة – كتاب الصوم رقم 1770 (10) رواه مسلم عن أبي هريرة – كتاب الصوم رقم 1941 (11) رواه مسلم عن أبي هريرة – كتاب الإيمان رقم 67 (12) رواه مالك وأحمد عن بلال بن الحارث ( صحيح ) 1619 في صحيح الجامع (13) رواه أحمد والترمذي عن ابن عمرو ( صحيح ) 6367 في صحيح الجامع.
- نداء الريان فقه الصوم د / سيد العفانى – دار العلم ط الثانية
- البحر الرائق / أحمد فريد – مكتبة الإيمان – الإسكندرية
- مجالس شهر رمضان / العثيمين – مكتبة آل ياسر - دروس الزمان / سعيد عبد العظيم - مكتبة الإيمان – الإسكندرية
******************************************
صلة الرحم تعجل الثواب وقطيعتها تعجل العقاب
صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقربين وإيصال ما أمكن من الخير إليهم ودفع ما أمكن من الشر عنهم.
وقطيعة الرحم هي عدم الإحسان إلى الأقارب, وقيل بل هي الإساءة إليهم.
وإن قطع الرحم هي من الكبائر فقد قال صل الله عليه وسلم :
"في الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وقول الزور "
وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
" الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله "
قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا دلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم.
إن رسولنا و حبيبنا محمد علمنا و دلنا على كل الطرق التي
تجعل من هذه الأمة أمة واحدة قوية متحدة، نحن من إبتعدنا عن تعاليم ديننا و وصايا نبينا فحدثت القطيعة بين الأهل و الأقارب و انفصل المجتمع و اختلفت الدول,لن تصلح أمتنا إلا بالعودة إلى دينها ...
اللهم أصلح لنا أمتنا و اجمع شمل المتعاركين
*********************************************************
قضة وعبرة
يحكى أن أحد الملوك أصدر قراراً بمنع النساء من لبس الذهب و الحلي و الزينة فكانت ردة الفعل على هذا القرار كبيرة حيث امتنعن النساء عن الطاعة و بدأ الرفض و التذمر و السخط و الاحتجاج و بالغت النساء في لبس الزينة و الذهب و الحلي , فانزعج الملك و احتار فأمر باجتماع عاجل لمستشاريه و بدأ النقاش و اقترح أحدهم التراجع عن القرار للمصلحة العامة و قال آخر لا لأن التراجع مؤشر ضعف و خوف و يجب أن نظهر قوتنا لهم و انقسموا بين مؤيد و معارض للقرار , قال لهم الملك مهلاً مهلاً و أمر بإحضار حكيم المدينة , حضر الحكيم و طرحت عليه المشكلة قال الحكيم للملك : لن يطيعك الناس إذا كنت تفكر فيما تريد أنت لا فيما يريدون هم , فقال له الملك : وما العمل هل أتراجع عن القرار ؟ قال الحكيم : لا و لكن اصدر تعديل للقرار بمنع لبس الذهب و الحلي و الزينة للجميلات لعدم حاجتهنّ للتجمل و استثناءً القبيحات و كبيرات السن بلبس الزينة و الذهب لحاجتهن لتغطية قبحهن و دمامة وجوههن و صدر القرار و ما هي إلا ساعات حتى خلعت النساء الزينة و أخذت كل واحدة منهنّ تنظر لنفسها على أنها جميلة و لا تحتاج للزينة و الحلي , فسر الحكيم و قال للملك : لقد اطاعك الناس عندما فكرت بعقولهم و أدركت اهتماماتهم .
إن صياغة الكلمات فن نحتاج لإتقانه و علم نحتاج إلى تعلمه في خطابنا التربوي لندعوا الناس إلى ما نريد من خلال ربط المطلوب منهم بالمرغوب لهم و مراعاة المرفوض عندهم قبل طرح المفروض عليهم و أن نشعر المتلقي بمدى الفائدة الشخصية التي سيجنيها من خلال اتباع المطلوب أو الامتناع عنه , لا شيء يخترق القلوب كلطف العبارة و بذل الابتسامة و لين الخطاب و سلامة القصد . قال تعالى : { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } آل عمران 159.
*******************************************************
علماء الإسلام
الأبهري.. أول مبرهني نظرية إقليدس
في ميدان كل مجال علمي، تتسابق الخطى نحو اكتشاف المعرفة، ونيل شرف ابتكار الفكرة الجديدة التي تمثل بقعة ضوء تشع حولها البهجة والأمل فتشرق الحياة، وفي هذا الزحام ربما تتكرر التصوُّرات وتتماثل النتائج، ويضع المتأخر قدمه على موطئ قدم المتقدم، فتختلف الآراء بين الاتهام بالسرقة، ووصْف الأمر بأنه مجرد توارد خواطر، ولكن أياً كانت الحقيقة، يظل للمتقدم حق الاعتراف بالفضل.
في عام 1898م، نشر أحد الباحثين الإنجليز في «مجلة الرياضيات البحتة والتطبيقية» برهاناً لنظرية وضعها عالم الرياضيات اليوناني إقليدس، جاء مطابقاً تماماً للبرهان الذي سبق إليه أثير الدين المفضل بن عمر الأبهري، المتوفى سنة 663هـ، والذي أثبت فيه، قبل الباحث الإنجليزي بنحو 700 سنة، أنه إذا قُطِع مستقيمان بمستقيم ثالث، وكان مجموع الزاويتين الداخليتين الواقعتين على جهة واحدة من القاطع أقل من قائمتين، فإن المستقيمين يتلاقيان في تلك الجهة من القاطع إذا مُدَّا بغير حد، وهو البرهان الذي رأى فيه المتخصصون في الهندسة والمنطق الرياضي إبداعاً أصيلاً وتفكيراً عميقاً، إذ إنه يضيف مكافئاً جديداً لموضوعة إقليدس.
أساتذة مبرَّزون
وُلد أثير الدين الأبهري في القرن السابع الهجري بمدينة أبهر التي كانت تقع بين قزوين وزنجبار، وأقام في بدايات حياته في الموصل، ثم انتقل إلى أربيل، وحفظ القرآن الكريم وتعلَّم الحديث والفقه، ثم اتجه إلى دراسة العلوم العقلية على مشاهير علماء عصره الذين كان من أبرزهم فخر الدين الرازي وكمال الدين موسى بن منعة.. وقرأ عليه كتاب «المجسطي»، وكذلك قطب الدين إبراهيم المصري.. وقرأ عليه كتاب «الإشارات والتنبيهات» لابن سينا.
ورحل إلى دمشق وحلب وبغداد، وغيرها من المدن التي ازدهرت بالحضارة الإسلامية ونهضت فيها الثورة الفكرية، كما اتصل بعلاقات وثيقة بالأمير محيي الدين الجزري، فقرّبه إليه وأهدى إليه الأبهري بعض مؤلفاته التي شملت الرياضيات وعلم الهيئة والإسطرلاب، إلى جانب رسائله النفيسة في الحكمة والمنطق والفلسفة، منها: «مختصر في علم الهيئة»، «رسالة الإسطرلاب»، «إيساغوجي»، وتلك كلمة تعني باليونانية «المدخل» وهي اسم كتاب وضعه الفيلسوف اليوناني فرفويوس الصوري، أحد ممثلي الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، ليكون مدخلاً للمنطق، وترجمه الأبهري بلغة دقيقة العبارة ذات أسلوب رصين، ليصبح متناً جامعاً في هذا العلم، إضافة إلى اهتمامه بوضع الأزياج (الحسابات الفلكية)، ويُعدُّ كتابه «هداية الحكمة» الذي طُبع في الهند سنة 1845م، من أهم الكتب في تاريخ الفلك العربي، باعتراف المستشرق الإيطالي كارلو نلينو.
جذبت مكانة الأبهري العلمية الكثير من التلاميذ الذين حرصوا على مجالسته والاستفادة من علمه، منهم: القاضي الأصفهاني وأبوعبدالله القزويني، وغيرهم من العلماء الذين أصبحوا من بعده أعلاماً في معارف وعلوم شتى، ما يدل على أننا أمام عالم موسوعي جمع أصول فنون متعددة، وربط بينها بعلاقات خفية تظهر مقدرته على فهمها والتغلغل في تفاصيلها الدقيقة، فنراه يعقد روابط بين المنطق والفلك والهندسة، منتجاً نظريات معرفية تبدو فيها عبقريته، وهو منهج شمولي عمل عليه العلماء المسلمون، يعتمد على تلاقي العلوم لتخدم في النهاية هدفاً واحداً.
لوازم وملزوم
ويسير أثير الدين الأبهري في أبحاثه وفق طريقة استدلالية تميز بها، يغلب عليه فيها الاعتماد على اللازم والملزوم، فيورد القضية ويتبعها بلوازمها، فإن كانت اللوازم ممتنعة ينفيها فينتفي الملزوم، أو يثبت اللازم بإثبات الملزوم.
**************************************************************
تراث
من اجمل عادات ليبيا.... مع الوقت انقرضت
قصعة صبرني في الريف تعدها أم العريس الي أم العروس
اعداد حاجيات الاسرة من الكسكسي
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِيهِ مَا يُرْضِيكَ، وَ أَعُوذُ بِكَ فِيهِ مِمَّا يُؤْذِيكَ، بِأَنْ أُطِيعَكَ وَ لَا أَعْصِيَكَ، يَا عَالِماً بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ".
******************************************
اللهم بلغنا ليلة الــــــــقدر
واجعلنا من عتاقك وحقق كل امانينا التي هي مرجاه منك ياحنان يامنان
ياسميع الدعاء ارح قلوبنا واحسن خاتمتن
******************************************
الصوم بين الظاهر و الحقيقة
د. خالد سعد النجا
بسم الله الرحمن الرحيم
تقوم العبادات في الإسلام على ظواهر وحقائق لا يتم كمالها وتمامها إلا بأدائها، فالظواهر هي ما يتناوله الفقهاء بالحديث عن أركان وشروط العبادة، كوقت أدائها وكيفية الأداء والسنن والمستحبات المصاحبة لها والنواقض والبدع التي طرأت عليها.
وأما الحقائق فيقصد بها الأمور الباطنة الخاصة بروح العبادة، والمقصودة حقيقة منها كي تنال القبول عند الله تعالى ويكون عليها الجزاء الأوفى في الدنيا والآخرة، كالإخلاص المنافي للرياء، والخشوع المنافي للغفلة.. وغيرها من الآداب والفضائل.
ونحن في حديثنا عن الظواهر والحقائق الخاصة بالعبادة لا نماثل ولا نوافق الفرق الضالة المبتدعة التي ظهرت في بعض العصور الإسلامية والتي قسمت الدين إلى ظاهر وباطن كالباطنية، أو التي قسمت الإسلام إلى شريعة وحقيقة كغلاة المتصوفة، وكان القصد خبيثا وراء تلك التقاسيم، لتفريغ الدين عن محتواه الحقيقي وتفسيره وفق أهوائهم، ونصرة آرائهم الباطلة.
بل إننا نعنى بحقيقة العبادة: تلك الآداب التي تلزم هذه العبادة كي تصل إلى درجة الكمال، وهو ما يتحدث عنه علماء السلوك والزهد والرقائق معتمدين في حديثهم على الفهم الصحيح للآيات القرآنية والسنة النبوية الثابتة عن المعصوم صلوات الله وسلامه عليه.
وحاجة العبادات لصلاح الظاهر والباطن أمرا معلوما من الدين بالضرورة، نجد له شواهد عديدة في الكتاب الجليل والسنة الصحيحة.
ففي الدعوة للإخلاص يقول تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة و ذلك دين القيمة } [البينة:5]، وكان صلى الله عليه وسلم يقول عند تلبيته بالحج: «اللهم حجه لا رياء فيها ولا سمعه»(1)
وفي الدعوة للخشوع يقول صلى الله عليه وسلم: «رب قائم ليس له من قيامه إلا السهر»(2)، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل لينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها» (3)
وهذا الأمر يشمل الصيام أيضاً باعتباره من أجل العبادات، فالفقهاء عرفوا الصيام بأنه: «إمساك المكلف بالنية عن تناول المطعم والمشرب والاستمناء والاستقاء من الفجر إلى المغرب».
وقسموه ثلاثة أقسام: واجب للزمان وهو صوم شهر رمضان، وواجب لعله وهو صوم الكفارات، وواجب بإيجاب الإنسان على نفسه وهو صوم النذور.
وكتب الفقه الإسلامي مملوءة بالعديد من الضوابط والأحكام الخاصة بالصوم كأركان الصيام ونوا قضه والقضاء والفدية والكفارات إلى غير ذلك من الأحكام.
وأما عن حقيقة الصيام فهناك العديد من الآداب التي لابد لها وأن تلازم الصائم كي يتم له صومه الحقيقي المتقبل عند الله تعالى، ولا يكون كمن قال فيه صلى الله عليه وسلم: «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع»(4)
يقول الإمام الغزالي: «اعلم أن الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص. أما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة، وأما صوم الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام، وأما صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله بالكلية، فهو إقبال بكنه الهمة على الله عز وجل وانصراف عن غير الله سبحانه»(5).
وقال البيضاوى: «ليس المقصود من شرعية الصوم نفس الجوع والعطش، بل ما يتبعه من كسر الشهوات، وتطويع النفس الأمارة للنفس المطمئنة، فإذا لم يحصل ذلك لا ينظر الله إليه نظر القبول».
ولا يتم الصوم الحقيقي إلا بالعديد من الآداب التي لابد أن يتحلى بها الصائم، نذكر منها:
• الإخلاص: هو إفراد الله عز وجل بالقصد في الطاعات، فلا تؤدى إلا ابتغاء رضاه، لا من أجل مدح مادح، ولا لتحصيل منفعة دنيوية، قال تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحاً ولا يشرك بعباده ربه أحداً} [الكهف:110] وعن أبى أمامه رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا شيء له» فأعادها ثلاث مرات، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا شيء له» ثم قال: «إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً و ابتغى به وجهه» (6)
وقد يقدم بعض المسلمين على الصوم في رمضان حياء من الناس لا من الله، أو رغبة في منفعة شخصية لا ربانية، كحرج رب الأسرة أن يكون مفطراً وأولاده وزوجته صائمون، أو الخشية من تجريح وملامة الناس له على فطره، أو يجد البعض الصوم فرصة سانحة لتقليل الوزن، أو الراحة من آلام بالمعدة والقولون فيفضلون الصوم طلبا للصحة، أو مجرد التشاؤم من الفطر في هذا الشهر الكريم... أو غير ذلك من الأسباب. فلا يسعنا إلا أن نقول لمثل هؤلاء: صومكم فقد الإخلاص، الذي هو روحه وشرطا من شروطه الأساسية، وليس مقبولا عند الله تعالى بشهادة الله وشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالله لا يقبل من العبادة إلا ما كانت له خالصة وابتغى بها وجهه.
• صوم القلب: وهو واجب في رمضان وغيره، ومتأكد في هذا الشهر الكريم العظيم لعظم حرمته ويكون بصون القلب عن الشركيات المهلكة والاعتقادات الباطلة والوساوس السيئة والنوايا الخبيثة والخطرات الموحشة حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن في الجسد مضغه إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب» (7)
فرحم الله عبداً امتلأ قلبه إيماناً ويقيناً فانعكس ذلك على جوارحه فطلبت كل خير وابتعدت عن كل شر، والمؤمن الحريص على سلامه قلبه عليه أن يحذر وساوس ومداخل الشيطان إلى نفسه ومن أعظمها الغضب والشهوة والحسد والحرص والبخل والتعصب للمذاهب والأهواء.
وأمراض القلوب تجمعها أمراض الشهوات وأمراض الشبهات والقرآن شفاء للنوعين، وهذا الشهر المبارك هو شهر القرآن فأحرى بالمسلمين الإقبال على كتاب الله بتدبر وخشوع حتى تصح قلوبهم التي لا نجاه إلا لصاحبها يوم القيامة، قال تعالى: {يوم لا ينفع مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم} [الشعراء:88] وقال تعالى: {ومن يؤمن بالله يهد قلبه} [التغابن:11] وهداية القلب أساس كل هداية ومبدأ كل توفيق.
• صوم البصر: وذلك بغض البصر عن كل ما يحرم النظر إليه، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن … } الآيات من سورة النور 30 – 31، وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة؟ فقال: «اصرف بصرك»(، وكان عيسى بن مريم يقول: «النظرة تزرع في القلب الشهوة وكفى بها خطيئة».
فالعين كما هو معلوم منفذ للقلب، وباب للروح فإذا خربت العين خرب القلب، وهي تزني وزناها النظر، والنظرة بريد الزنا وهي سهم مسمومة من سهام إبليس. قال شاة الكرمانى: «من غض البصر عن الحرام، وعمر باطنه بالتقوى، وظاهرة بإتباع السنة لم تخطئ له فراسة» وتلا قوله تعالى: {إن في ذلك لآيات للمتوسمين} [الحجر: 75]، فإطلاق البصر إلى ما لا يحل يحرك في المرء الشهوة الكامنة، ويوقع العبد في الغفلة وإتباع الهوى، ويطفئ نور الإيمان والبصيرة في القلب، ويستحكم الشيطان على المرء فيقوده للمعصية تلو الأخرى.
• صوم اللسان: وذلك بحفظه عن الخوض في الباطل كالغيبة والنميمة والفحش والبذاء واللعن والسخرية من الخلق.. وغيرها من آفات اللسان المهلكة. قال صلى الله عليه وسلم: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجه في أن يدع طعامه وشرابه»(9). وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إني صائم إني صائم»(10)
والمؤمن الصادق الإيمان لا يخوض في الباطل بأي حال من الأحوال، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت»(11). وحفظ اللسان من الآداب الكريمة المؤكدة في حق الصائم. وصدق والله الحسن البصري في قوله: «ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه». وكيف لا وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة»(12)، وفصل الخطاب قوله صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا»(13)
فإلى الذين يبحثون عن التسلية في نهار رمضان، ويجلسون يقعون في هذا وفي هذا، ويخوضون في ما لا يرضى الله، نقول لهم : عليكم بكتاب الله تلاوة وتدبراً فإن فيه طهارة ألسنتكم وقلوبكم وجدير بمن صام لربه حقاً أن يقبل على كلامه، فيكون نوراً على نور وشفاءً على شفاء.
• صوم الأذن: وذلك بكف السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه كالغناء والفحش والبذاء، لأن كل ما حرم قوله حرم الإصغاء إليه، ولذلك سوى الله عز وجل بين المستمع وآكل السحت، فقال تعالى: {سماعون للكذب أكالون للسحت} [المائدة:63] والمؤمنون الصادقون هم الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه، فأجدر بالصائم سماع آيات كتاب الله والإقبال في هذا الشهر على سماع دروس العلم والمواعظ الحسنه، وتلك من كمالات الصيام الحق. قال تعالى {وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين} [القصص:55]
• أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار: بحيث يمتلئ جوفه، وكيف يستفاد من الصوم في قهر عدو الله وكسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطرة ما فاته ضحوة نهاره، فرقه القلب وصفاؤه إنما تكون بترك الشبع، قال الجنيد: «يجعل أحدهم بينه وبين صدره مخلاة من الطعام، ويريد أن يجد حلاوة المناجاة». فحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، ومن أكل كثيراً نام كثيراً فخسر كثيراً. قال الحسن: «حتى إذا أخذته الكظة، ونزلت به البطنة، قال: يا غلام، ائتني بشيء أهضم به طعامي، يا لكع أطعامـك تهضم؟ إنما تهضم دينك».
وأخيرا نقول للذين لا يراعون آداب الصوم: كفاكم جوعـاً وعطشاً، وأقبلوا على الله قولاً وعملاً، ظاهراً وباطناً، إنه خير مسئول، وهو البر الرحيم ذو القوة المتين. وحسبكم هذه المقولة الرائعة لسيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه حيث يقول: «إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينه يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك وفطرك سواء».
الهوامش والمصادر
(1)رواه ابن ماجة عن أنس ( صحيح ) 1302 في صحيح الجامع (2) رواه ابن ماجة عن أبي هريرة ( صحيح ) 3488 في صحيح الجامع. (3) رواه أحمد عن عمار بن ياسر ( صحيح ) 1626 في صحيح الجامع (4) رواه ابن ماجة عن أبي هريرة ( صحيح ) 3488 في صحيح الجامع (5) إحياء علوم الدين 1 /277 (6) رواه النسائي عن أبي أمامة ( حسن ) 1856 في صحيح الجامع (7) رواه البخاري عن النعمان بن بشير – كتاب الإيمان رقم 50، ومسلم كتاب المساقاة رقم 2996 ( رواه أبو داود – كتاب النكاح رقم 1836 (9) رواه البخاري عن أبي هريرة – كتاب الصوم رقم 1770 (10) رواه مسلم عن أبي هريرة – كتاب الصوم رقم 1941 (11) رواه مسلم عن أبي هريرة – كتاب الإيمان رقم 67 (12) رواه مالك وأحمد عن بلال بن الحارث ( صحيح ) 1619 في صحيح الجامع (13) رواه أحمد والترمذي عن ابن عمرو ( صحيح ) 6367 في صحيح الجامع.
- نداء الريان فقه الصوم د / سيد العفانى – دار العلم ط الثانية
- البحر الرائق / أحمد فريد – مكتبة الإيمان – الإسكندرية
- مجالس شهر رمضان / العثيمين – مكتبة آل ياسر - دروس الزمان / سعيد عبد العظيم - مكتبة الإيمان – الإسكندرية
******************************************
صلة الرحم تعجل الثواب وقطيعتها تعجل العقاب
صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقربين وإيصال ما أمكن من الخير إليهم ودفع ما أمكن من الشر عنهم.
وقطيعة الرحم هي عدم الإحسان إلى الأقارب, وقيل بل هي الإساءة إليهم.
وإن قطع الرحم هي من الكبائر فقد قال صل الله عليه وسلم :
"في الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وقول الزور "
وقد قال رسول الله صل الله عليه وسلم :
" الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله "
قال رسول الله صل الله عليه وسلم:
لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا دلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم.
إن رسولنا و حبيبنا محمد علمنا و دلنا على كل الطرق التي
تجعل من هذه الأمة أمة واحدة قوية متحدة، نحن من إبتعدنا عن تعاليم ديننا و وصايا نبينا فحدثت القطيعة بين الأهل و الأقارب و انفصل المجتمع و اختلفت الدول,لن تصلح أمتنا إلا بالعودة إلى دينها ...
اللهم أصلح لنا أمتنا و اجمع شمل المتعاركين
*********************************************************
قضة وعبرة
يحكى أن أحد الملوك أصدر قراراً بمنع النساء من لبس الذهب و الحلي و الزينة فكانت ردة الفعل على هذا القرار كبيرة حيث امتنعن النساء عن الطاعة و بدأ الرفض و التذمر و السخط و الاحتجاج و بالغت النساء في لبس الزينة و الذهب و الحلي , فانزعج الملك و احتار فأمر باجتماع عاجل لمستشاريه و بدأ النقاش و اقترح أحدهم التراجع عن القرار للمصلحة العامة و قال آخر لا لأن التراجع مؤشر ضعف و خوف و يجب أن نظهر قوتنا لهم و انقسموا بين مؤيد و معارض للقرار , قال لهم الملك مهلاً مهلاً و أمر بإحضار حكيم المدينة , حضر الحكيم و طرحت عليه المشكلة قال الحكيم للملك : لن يطيعك الناس إذا كنت تفكر فيما تريد أنت لا فيما يريدون هم , فقال له الملك : وما العمل هل أتراجع عن القرار ؟ قال الحكيم : لا و لكن اصدر تعديل للقرار بمنع لبس الذهب و الحلي و الزينة للجميلات لعدم حاجتهنّ للتجمل و استثناءً القبيحات و كبيرات السن بلبس الزينة و الذهب لحاجتهن لتغطية قبحهن و دمامة وجوههن و صدر القرار و ما هي إلا ساعات حتى خلعت النساء الزينة و أخذت كل واحدة منهنّ تنظر لنفسها على أنها جميلة و لا تحتاج للزينة و الحلي , فسر الحكيم و قال للملك : لقد اطاعك الناس عندما فكرت بعقولهم و أدركت اهتماماتهم .
إن صياغة الكلمات فن نحتاج لإتقانه و علم نحتاج إلى تعلمه في خطابنا التربوي لندعوا الناس إلى ما نريد من خلال ربط المطلوب منهم بالمرغوب لهم و مراعاة المرفوض عندهم قبل طرح المفروض عليهم و أن نشعر المتلقي بمدى الفائدة الشخصية التي سيجنيها من خلال اتباع المطلوب أو الامتناع عنه , لا شيء يخترق القلوب كلطف العبارة و بذل الابتسامة و لين الخطاب و سلامة القصد . قال تعالى : { وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } آل عمران 159.
*******************************************************
علماء الإسلام
الأبهري.. أول مبرهني نظرية إقليدس
في ميدان كل مجال علمي، تتسابق الخطى نحو اكتشاف المعرفة، ونيل شرف ابتكار الفكرة الجديدة التي تمثل بقعة ضوء تشع حولها البهجة والأمل فتشرق الحياة، وفي هذا الزحام ربما تتكرر التصوُّرات وتتماثل النتائج، ويضع المتأخر قدمه على موطئ قدم المتقدم، فتختلف الآراء بين الاتهام بالسرقة، ووصْف الأمر بأنه مجرد توارد خواطر، ولكن أياً كانت الحقيقة، يظل للمتقدم حق الاعتراف بالفضل.
في عام 1898م، نشر أحد الباحثين الإنجليز في «مجلة الرياضيات البحتة والتطبيقية» برهاناً لنظرية وضعها عالم الرياضيات اليوناني إقليدس، جاء مطابقاً تماماً للبرهان الذي سبق إليه أثير الدين المفضل بن عمر الأبهري، المتوفى سنة 663هـ، والذي أثبت فيه، قبل الباحث الإنجليزي بنحو 700 سنة، أنه إذا قُطِع مستقيمان بمستقيم ثالث، وكان مجموع الزاويتين الداخليتين الواقعتين على جهة واحدة من القاطع أقل من قائمتين، فإن المستقيمين يتلاقيان في تلك الجهة من القاطع إذا مُدَّا بغير حد، وهو البرهان الذي رأى فيه المتخصصون في الهندسة والمنطق الرياضي إبداعاً أصيلاً وتفكيراً عميقاً، إذ إنه يضيف مكافئاً جديداً لموضوعة إقليدس.
أساتذة مبرَّزون
وُلد أثير الدين الأبهري في القرن السابع الهجري بمدينة أبهر التي كانت تقع بين قزوين وزنجبار، وأقام في بدايات حياته في الموصل، ثم انتقل إلى أربيل، وحفظ القرآن الكريم وتعلَّم الحديث والفقه، ثم اتجه إلى دراسة العلوم العقلية على مشاهير علماء عصره الذين كان من أبرزهم فخر الدين الرازي وكمال الدين موسى بن منعة.. وقرأ عليه كتاب «المجسطي»، وكذلك قطب الدين إبراهيم المصري.. وقرأ عليه كتاب «الإشارات والتنبيهات» لابن سينا.
ورحل إلى دمشق وحلب وبغداد، وغيرها من المدن التي ازدهرت بالحضارة الإسلامية ونهضت فيها الثورة الفكرية، كما اتصل بعلاقات وثيقة بالأمير محيي الدين الجزري، فقرّبه إليه وأهدى إليه الأبهري بعض مؤلفاته التي شملت الرياضيات وعلم الهيئة والإسطرلاب، إلى جانب رسائله النفيسة في الحكمة والمنطق والفلسفة، منها: «مختصر في علم الهيئة»، «رسالة الإسطرلاب»، «إيساغوجي»، وتلك كلمة تعني باليونانية «المدخل» وهي اسم كتاب وضعه الفيلسوف اليوناني فرفويوس الصوري، أحد ممثلي الفلسفة الأفلاطونية المحدثة، ليكون مدخلاً للمنطق، وترجمه الأبهري بلغة دقيقة العبارة ذات أسلوب رصين، ليصبح متناً جامعاً في هذا العلم، إضافة إلى اهتمامه بوضع الأزياج (الحسابات الفلكية)، ويُعدُّ كتابه «هداية الحكمة» الذي طُبع في الهند سنة 1845م، من أهم الكتب في تاريخ الفلك العربي، باعتراف المستشرق الإيطالي كارلو نلينو.
جذبت مكانة الأبهري العلمية الكثير من التلاميذ الذين حرصوا على مجالسته والاستفادة من علمه، منهم: القاضي الأصفهاني وأبوعبدالله القزويني، وغيرهم من العلماء الذين أصبحوا من بعده أعلاماً في معارف وعلوم شتى، ما يدل على أننا أمام عالم موسوعي جمع أصول فنون متعددة، وربط بينها بعلاقات خفية تظهر مقدرته على فهمها والتغلغل في تفاصيلها الدقيقة، فنراه يعقد روابط بين المنطق والفلك والهندسة، منتجاً نظريات معرفية تبدو فيها عبقريته، وهو منهج شمولي عمل عليه العلماء المسلمون، يعتمد على تلاقي العلوم لتخدم في النهاية هدفاً واحداً.
لوازم وملزوم
ويسير أثير الدين الأبهري في أبحاثه وفق طريقة استدلالية تميز بها، يغلب عليه فيها الاعتماد على اللازم والملزوم، فيورد القضية ويتبعها بلوازمها، فإن كانت اللوازم ممتنعة ينفيها فينتفي الملزوم، أو يثبت اللازم بإثبات الملزوم.
**************************************************************
تراث
من اجمل عادات ليبيا.... مع الوقت انقرضت
قصعة صبرني في الريف تعدها أم العريس الي أم العروس
اعداد حاجيات الاسرة من الكسكسي
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1438هـ
25رمضان 1438
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مُحِبّاً لِأَوْلِيَائِكَ، وَ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، وَ مُتَمَسِّكاً بِسُنَّةِ أَنْبِيَائِكَ، يَا عَظِيماً فِي قُلُوبِ النَّبِيِّينَ ".
******************************************************
اللّهمّ إنّك عفّوٌ تحبُ العفوَ فاعفُ عنّا .
*****************************************************
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال :
تَحَرَّوْا ليلة القدرِ في الوِتْرِ، من العشرِ الأواخرِ من رمضانَ
الراوي : عائشة أم المؤمنين
المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2017 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث
ليلةُ القَدْرِ خيرٌ من ألْفِ شَهرٍ
فهي ليلةٌ من أشرفِ اللَّيالي، فيها تكونُ الحسناتُ مُضاعَفةً
وتُكفَّرُ فيها السيِّئاتُ، وهي ليلةٌ مُباركةٌ من ليالي رمضانَ
وسُمِّيتْ "ليلة القَدرِ" لعَظيمِ قَدْرِها وشرَفِها.
وقيلَ: لأنَّ للطاعاتِ فيها قدْرًا. وقيل غيرُ ذلك.
ومِن حِكمةِ اللهِ تعالى أنَّه أَخْفاها عنِ الناسِ
لكي يجتَهِدوا في الْتِماسِها في الليالي
فيُكثِروا مِن العِبادةِ التي تعودُ عليهمْ بالنَّفعِ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائِشةُ رضي الله عنها:
انَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، قالَ:
"تَحَرَّوْا"
أي: ابْذُلوا جُهدَكم وحِرصَكم في طلَبِ ليلةِ القدرِ
وهِي في الوَتْرِ
أي: في الليالي الوَتْريَّةِ
وهيَ:
الحادِيةُ والعِشرونَ
والثالثةُ والعِشرونَ
والخامِسةُ والعِشرونَ
والسَّابعةُ والعِشرونَ
والتاسعة والعِشرونَ
ومنَ العَشرِ الأَواخِرِ من رَمضانَ
وهيَ آخِرُ عَشَر ليالٍ مِن رمضانَ دُونَ أن تُحدَّدَ ليلةٌ بعَينِها.
وفي الحديثِ:
الحثُّ على تَحرِّي ليلةِ القَدْرِ واغتنامِها بالأعمالِ الصَّالحةِ
لِمَا فيها مِن زِيادةِ الفَضلِ والأَجرِ.
موقع الدرر السنية
****************************************************
فضل العشر الأواخر من رمضان
السؤال: للعشر الأواخر فضل عظيم ومنزلة كبيرة، فنرجو بيان الفضل في هذه العشر الأواخر؟
الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد، فهذه العشر الأواخر من رمضان هي أفضل شهر رمضان، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بالاعتكاف طلباً لليلة القدر، ويكون فيها ليلة القدر التي قال عنها الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالي بقيام الليل كله، فينبغي للإنسان في هذه الليالي العشر أن يحرص على قيام الليل، ويطيل فيه القراءة، والركوع، والسجود، وإذا كان مع إمام فليلازمه حتى ينصرف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، وفي آخر هذه الأيام، بل عند انتهائه يكون تكبير الله عز وجل، ويكون دفع زكاة الفطر لقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة"، وأمر صلى الله عليه وسلم أن تؤدى قبل الصلاة يوم العيد.
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد العشرون - كتاب الصيام.
*************************************************************************
قال تعالى
(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)..
هذه الآية جاءت في ثنايا آيات الصيام؛
لتدل على عظم شأن الدعاء في رمضان، وفيها غاية التلطف بالعباد:
1/ لما قال تعالى (وإذا سألك)، لم يقل: قل لهم إني قريب،
بل أجابهم مباشرة بنفسه (فإني قريب)؛
ليؤكد القرب وينفي الواسطة بينه وبين عباده،
فكأنه يقول: عبدي.. في مقام الدعاء لا وساطة بيني وبينك.
2/(فإني قريب) لم يقل: فالعبد مني قريب، بل قال: أنا منه قريب.
**************************************************************************
قيم وأخلاق رمضانية .. حفظ اللسان
قال النبي صلى الله عليه و سلم : " من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه " خرجه البخاري.
وقال عليه الصلاة والسلام :"الصيام جنة,فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب,فإن سابه أحد ,أو قاتله فليقل إني صائم".
قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب و الطعام, و قال جابر-رضي الله عنه- :" إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و لسانك عن الكذب و المحارم و دع أذى الجار و ليكن عليك وقار و سكينة يوم صومك و لا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء".
ولنعلم أن الكلام أربعة أقسام:
1. قسم ضرر محض
2. قسم نفع محض
3. قسم فيه ضرر ومنفعة
4. قسم ليس فيه ضرر ولا منفعة
وبهذا يتضح أن الضرر والمباح من الكلام أكثر من المفيد,وبالتالي فإنه من الفرص تعلم الإنسان في هذا الشهر الكريم حفظ لسانه من المنزلقات(الغيبة والنميمة والكذب واللمز والاستهزاء والذم والقدح والسب والشتم واللعن وفضول الكلام). . . ولا ينس (إني صائم!)إنها علامة الإيمان.
**************************************************************************
علماء الإسلام
ابن العوام الإشبيلي.. رائد علوم الفلاحة والنباتات
الإنسان والأرض ثنائية ضاربة بأصولها في القدم، وعلاقة أشبه في قداستها بوشائج القرابة والدم، وقصة يحفظها الإنسان عن ظهر قلب، فإن دقَّق النظر لم يجد في خاطره من ذكريات عهده بها إلا مثلما يجده من ذكرياته في بطن أمه، ومع ذلك لا يحتاج إلى حُجج دامغة بأنه منها خُلق وإليها سيعود، ولا يطيق أن يكتم في صدره حنينه الدائم إليها.
أحسنَ يحيى بن محمد بن أحمد، الشهير بـ«ابن العوام الإشبيلي»، المتوفى سنة 580هـ، التعبيرَ عن حبه للأرض، إذ وجد نفسه مأخوذاً بالاهتمام بعالَم النبات والفلاحة، ليكون نتاج ذلك أن قدَّم للإنسانية الكثير من المعارف التطبيقية والأبحاث الزراعية التي لم يرد ذكرها في الكتب القديمة، معتمداً على التجارب الميدانية المباشرة، ثم نقْل الملاحظات والنتائج العلمية ووضْعها في صورتها النظرية، فابتكر الري بالتنقيط الذي طبَّقه بوساطة الجرار الفخارية التي تنقل الماء نقطةً نقطةً، وكان له الفضل في إبداع البيوت المحمية للنباتات التي كان يطلق عليها اسم «البيوت المكنَّة»، وكذلك أشار إلى ضرورة التقويم الزراعي وأهميته وعمل على تطويره، ليصبح بحق، عملاقاً في حقل الفلاحة حسبما يصفه المستشرق الفرنسي لوسيان لوكلير.
ويبدو أن بلاد الأندلس التي شهدت مرحلة مشرقة في الحضارة الإسلامية، كانت مناخاً ملهماً للنابهين من أمثال ابن العوام، إذ تحكي كتب التراجم أنه وُلد بمدينة إشبيلية في القرن السادس الهجري، في كنف أسرة ثرية امتلكت أراضي على الضفة اليمنى لنهر الوادي الكبير الذي يصب في المحيط الأطلسي، شكَّلت بالنسبة إلى الابن الفذ معملاً مفتوحاً لتجاربه الزراعية التي ساقه شغفه إلى تطبيقها هناك، وذلك بعدما نشأ كأبناء عصره على حفظ كتاب الله وطلب علوم الشريعة والتفقه في الدين، واعتنى بدراسة العلوم التجريبية الداعمة له في مجال تخصصه الذي أولع به، وأخذ يزاوج بين النشاط التطبيقي الذي هو فيه والنشاط العقلي المرتكز على مطالعة الكتب والمؤلفات التي توافرت بين يديه.
585
في كتابه «الفلاحة الأندلسية» الذي تُرجم إلى الفرنسية والإسبانية واتسم بغنى مادته العلمية، قدَّم ابن العوام وصفاً دقيقاً لأكثر من 585 طريقة لزراعة نباتات مختلفة، منها ما يتعلق بالأشجار المثمرة، واستطاع أن يتعرَّف أطوار نمو النباتات وصفاتها، ونبَّه في غير موضع على التجارب العلمية التي أجراها بنفسه، كما حدَّد أنواع التربة والنباتات التي تختص بكل واحدة منها دون غيرها، مؤسِّساً لعدد من المصطلحات والتسميات التي انفرد بها.
موسوعة شاملة
وتميز الكتاب مع هذا بالترتيب والتنسيق، وبالجمع بين الأمانة العلمية في العرض والاستشهاد وبين سلاسة الأسلوب ورشاقته، إضافة إلى الروح الدينية التي ظهرت في تقديمه له ببعض الأحاديث النبوية عن الزراعة وعمارة الأرض، ولعل هذه العوامل مجتمعةً هي التي هيَّأت الكتاب ليغدو موسوعة شاملة للمختصين في هذا الفن، أُعجب بها المستشرق الألماني ماكس ميرهوف فقال: «إنه أحسن الكتب العربية في العلوم الطبيعية، وخاصة علم النبات».
ولارتباط الزراعة بالبيطرة، نجح ابن العوام أيضاً في توسيع دائرة معارفه، لتشمل هذا العلم الذي ظهرت براعته فيه، من خلال ما تحدث عنه في مؤلفاته مما يتعلق بأمراض الحيوانات المستأنسة من المواشي والطيور، وما تحتاج إليه من الأعلاف، وغيرها من المتطلبات التي تعينها على أن تعيش حياتها الطبيعية وينتفع بها الإنسان.
********************************************************************
تراث
الكرمود :
الكرمود (الهودج ) فى الادبن الشعبى الليبي هو موضع جلوس العروس على ظهر الجمل الذى يحملها يوم عرسها الى منزل زوجها ولكم تغنى الشعراء بالكرمود واصفين الكرمود ومن يحمله بكلمات يشارك فيها الجميع كبيرهم وصغيرهم نسائهم ورجالهم وأطفالهم وهو ما يعرف فى ايامنا هذه بالزفة ولكن مع الاختلاف فى كثير من التفاصيل ، وفى الكرمود قال الشاعر الشعبى
العين اتمنى يا عزيز اتجيبك =اقسام حلوة بعد ياسك طال
حافل وفى كرمود وفى ترتيبك =معاك عاليمين وعاليسار جمال
ونشدوا الجمل ونشرفوا تنسيبك = غالى وما كيفك علم عالبال
وتلقى مراسم فرح فى ترحيبك = خيل وصبايا ايزغرتن ورجال
وتلقى شريكك فى الحياة ونصيبك = وينخن بنات النجع عالطبال
***************************************************************************
قصيدة رائعه جمعت اغلب الامثال الشعبيه ويعتبر هذا النوع من القصائد نادر في الشعر الشعبي الليبي.
للشاعر: سعد العمروني
مكتوب كل عظم لواكله صفار .. لقسام قسمت ماني نويت زعايل
تقول زعلتي غابن أنجوع اكثار .. هناك وهناك معرفات قبايل
ركابه عريض الصدر بوجرجار .. حلال كسبهم كسبه شوي وشوايل
حكيم ربنا خالق الناس اطوار .. أيموت لصل ويخلف وراه نسايل
لا بث النصارى بث في لفكار .. اصفي ذهنهم جابو أسماح مثايل
مقفولة صناديق الرجال اسرار .. ومفتاح التجارب للحلول وسايل
ع اللي ترافقه وتعامله والجار .. أمثال عقبوا يضون أتقول فتايل
قبل الطريق رفيق لك تختار .. ورفيق كل جربه من جربها نايل
هناك ناس رفقته مذاق امرار .. لا اطعمة لا بنة حشاك نتايل
الحسني ونلحس صحبه النعار .. قضى مصلحه ويغزل وراك غزايل
جميلك أن درته فيه له نكار .. حشاكم كمى في رمل بال البايل
حتى أسبله مانبت كما قنطار .. حرث في السبخ والعام عام كلايل
وكثرة الصاحب ضيعت لخيار .. وصاحب الوسع لو مال مالك مايل
واللي امطمنه في الليل فيه انوار .. سوى م القمر وإلا انجوم اتخايل
وهناك من تعامل يوزنك دينار .. ورا مطلبة ذبحة الديك نحايل
برشوة ان حصل شي جاب افخار .. كلا ما توكل بيه دار وكايل
واكل اليابس ماشبع بخضار .. يقيم للحرام أفراح فيها عايل
ع القاضي التمت وين مات احمار .. توفى اعيالة بايتين همايل
مكيول يحصده مكيول كيل ابذار .. ميكول ياكله مو ناقصات مكايل
وهناك من تعامل ماايبان عوار .. وصدق الكلام أتصدقه العمايل
في عينك أتشيله ماتحك اشفار .. وتحطة علي جرحك دوا النقايل
كلي الجار ورث قبل حوتك صار .. عطيب بخت لو جارك معاك اذايل
فرح بسيتك بيها ابقي بشار .. غطى زينتك منها أملي بغلايل
الجار ينشرى م الجار قبل الدار .. حتى وفي لبنادم ماهناك كمايل
م الجار يشكولك نصيب انفار .. ويقولوا قليل الخير عيبة دايل
لا العيب يسلف ولا يمتار .. الماعون ينضح بيش ماهو شايل
عياله طلقهم ماهناك عمار .. الدار خالية وهلها قعود علايل
وما هناك شوكة ولا لها نوار .. واجواد ناس تنظرهم احذا النذايل
لا العين تشبع من نظر نظار .. ولا من خبر وذنك عليها جايل
ولا لرض تروى من نزيل امطار .. ولا أقلوب تكرهم أصحاب فضايل
اللي القلب حبه الرجل شورة جار .. بالسيف كل شي فيت حبني للقايل
لا اتشاور علي لفضال دير مدار .. ولا ايزهدك قلة اشكار قلايل
الشاكر المولى لسيتك غفار .. كريما ايكافي بالجميل جمايل
الزين يندفن عايش معاك اذكار .. وما تمسكه دمعك عليه شلايل
كبار المصايب يحملو لكبا .. مع حملهم شالو معاك حمايل
بالعين تنطلب لجواد مي بخبر .. والشاكي احذا لجواد كيف السايل
واللي ينظرك لاتكون له شيار .. الجود والسخى قبل السوال نفايل
أن جت لسوال العمى قال ابصار .. حتى م القفا كانهن عليك سهايل
أنسى الفقر في ليله حضر خطار .. ما مسكة الزاد تزيد زاد بخايل
أطلق عبستك لا اتكون شي كشار .. علي أوجوها شربه حليب زوايل
لا تبيد لا اتسوس اللي تندار .. لا أتربي اللي تقرض تجيب نعايل
بين الفضيحة وتنستر باستار .. محط أصبعين معدلات عدايل
قسمك ايجيك ايجيك ياصبار .. مع فايدة في الصبر صيت وخايل
اللي منكتب فوق الجبين اسطار .. العين تلحظه ماشي دونه حايل
لا بالشبع تفخر ولاهي عار .. ان صادك الجوع العار شين خصايل
ع المولى توكل ماتجيب عذار .. ولخونه أذراعك ماتحط سبايل
علي قيس مرتعها حليب إدرار .. ورزق الحلال يرق ماهو زايل
وكيف بالشوارب تنشحت لقدار .. بيش تاكله قدرك عليش اتحايل
جامد شراب الوجه موقطار .. بسوالك الناس ايسيح يقطر سايل
وجهك خزين القلب له ظهار .. ان ماهك في السانك أتبان زلايل
هبرة العظم أيكون له كسار .. لسانك أحصانك من أخيول صهايل
ان صنته أيصونك سمح في المشوار .. ان خنته أيخونك طحت جيت دقايل
من لذعة لسانه يندفن في اقبار .. الفارس اللي يردع احمول تلايل
حذا قش لا اتحرك بعودك نار .. ويصعب اطفيها لهيب شعايل
وحفرة السو أتكون للحفار .. علي قيس راسه يكون هو القفايل
وخشوشك بما بين اللحم واظفار .. حشاك طلعتك بنة أرياح زبايل
وطية الناقة ماتضر احوار .. الصمت خير ياتدخل بخير دخايل
ولا في الكلام ايغر بك غرار .. خوك خوك ماصاحب أيكون بدايل
بين تغلب وبكر اللي سنين دمار .. عزوز رايها جساس يقتل وائل
منام كارهك ما يريد شي فصار .. أشكل مناماته عليك شكايل
اللي الصقر ما يعرف طبيخه دار .. والعاجز عليه الذم دوم ولايل
في وجهك امرايه في قفاك اغبار .. وينصب مع اللي ناصبين حبايل
ان جاتك مذمة من أعقول اصغار .. هذي وذن طرشه وهذي في عزايل
شراب البحر ما يدردره دردار .. مع كل طير أمغردات فصايل
تفويت السوايا منقصات اكدار .. وبوسعة البال أتطولهم لوايل
وكيده علي خشمه اللي عثار .. وفاعل العيب رضي العيب فعايل
تضيع كلمتك عنده مثيل فنار .. مشعول الفتيلة في احرار قوايل
تكثيرة الكلام امودرة لثمار .. وخير الكلام أيقل فيه دلايل
الشر تتركه عنك خذوه اشرار .. الخير تتركه عنك خذو لصايل
وعقلك ان ما وصاك ما دبار .. أيدبر عليك وما أتطيح سفايل
أصحاب العقول النايرات مزار .. ان شاورتهم تاجد حلول مسايل
لا ليمنة أتصفق بلا ليسار .. وحمل الجماعة ريش كل ثقايل
بوعقل من وادي طلع ما حار .. غارق الجاهل في الصفى بجهايل
واتعب لدينك ليل كي النهار .. ما تمر جابنه نهار رسايل
ونصلي أنسلم ع النبي المختار .. شفيع أمته في يوم يومه طايل
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مُحِبّاً لِأَوْلِيَائِكَ، وَ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ، وَ مُتَمَسِّكاً بِسُنَّةِ أَنْبِيَائِكَ، يَا عَظِيماً فِي قُلُوبِ النَّبِيِّينَ ".
******************************************************
اللّهمّ إنّك عفّوٌ تحبُ العفوَ فاعفُ عنّا .
*****************************************************
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال :
تَحَرَّوْا ليلة القدرِ في الوِتْرِ، من العشرِ الأواخرِ من رمضانَ
الراوي : عائشة أم المؤمنين
المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2017 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث
ليلةُ القَدْرِ خيرٌ من ألْفِ شَهرٍ
فهي ليلةٌ من أشرفِ اللَّيالي، فيها تكونُ الحسناتُ مُضاعَفةً
وتُكفَّرُ فيها السيِّئاتُ، وهي ليلةٌ مُباركةٌ من ليالي رمضانَ
وسُمِّيتْ "ليلة القَدرِ" لعَظيمِ قَدْرِها وشرَفِها.
وقيلَ: لأنَّ للطاعاتِ فيها قدْرًا. وقيل غيرُ ذلك.
ومِن حِكمةِ اللهِ تعالى أنَّه أَخْفاها عنِ الناسِ
لكي يجتَهِدوا في الْتِماسِها في الليالي
فيُكثِروا مِن العِبادةِ التي تعودُ عليهمْ بالنَّفعِ.
وفي هذا الحديثِ تقولُ عائِشةُ رضي الله عنها:
انَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، قالَ:
"تَحَرَّوْا"
أي: ابْذُلوا جُهدَكم وحِرصَكم في طلَبِ ليلةِ القدرِ
وهِي في الوَتْرِ
أي: في الليالي الوَتْريَّةِ
وهيَ:
الحادِيةُ والعِشرونَ
والثالثةُ والعِشرونَ
والخامِسةُ والعِشرونَ
والسَّابعةُ والعِشرونَ
والتاسعة والعِشرونَ
ومنَ العَشرِ الأَواخِرِ من رَمضانَ
وهيَ آخِرُ عَشَر ليالٍ مِن رمضانَ دُونَ أن تُحدَّدَ ليلةٌ بعَينِها.
وفي الحديثِ:
الحثُّ على تَحرِّي ليلةِ القَدْرِ واغتنامِها بالأعمالِ الصَّالحةِ
لِمَا فيها مِن زِيادةِ الفَضلِ والأَجرِ.
موقع الدرر السنية
****************************************************
فضل العشر الأواخر من رمضان
السؤال: للعشر الأواخر فضل عظيم ومنزلة كبيرة، فنرجو بيان الفضل في هذه العشر الأواخر؟
الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد، فهذه العشر الأواخر من رمضان هي أفضل شهر رمضان، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يخصها بالاعتكاف طلباً لليلة القدر، ويكون فيها ليلة القدر التي قال عنها الله تعالى: {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخص هذه الليالي بقيام الليل كله، فينبغي للإنسان في هذه الليالي العشر أن يحرص على قيام الليل، ويطيل فيه القراءة، والركوع، والسجود، وإذا كان مع إمام فليلازمه حتى ينصرف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة"، وفي آخر هذه الأيام، بل عند انتهائه يكون تكبير الله عز وجل، ويكون دفع زكاة الفطر لقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في زكاة الفطر: "من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة"، وأمر صلى الله عليه وسلم أن تؤدى قبل الصلاة يوم العيد.
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد العشرون - كتاب الصيام.
*************************************************************************
قال تعالى
(وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون)..
هذه الآية جاءت في ثنايا آيات الصيام؛
لتدل على عظم شأن الدعاء في رمضان، وفيها غاية التلطف بالعباد:
1/ لما قال تعالى (وإذا سألك)، لم يقل: قل لهم إني قريب،
بل أجابهم مباشرة بنفسه (فإني قريب)؛
ليؤكد القرب وينفي الواسطة بينه وبين عباده،
فكأنه يقول: عبدي.. في مقام الدعاء لا وساطة بيني وبينك.
2/(فإني قريب) لم يقل: فالعبد مني قريب، بل قال: أنا منه قريب.
**************************************************************************
قيم وأخلاق رمضانية .. حفظ اللسان
قال النبي صلى الله عليه و سلم : " من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه و شرابه " خرجه البخاري.
وقال عليه الصلاة والسلام :"الصيام جنة,فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب,فإن سابه أحد ,أو قاتله فليقل إني صائم".
قال بعض السلف : أهون الصيام ترك الشراب و الطعام, و قال جابر-رضي الله عنه- :" إذا صمت فليصم سمعك و بصرك و لسانك عن الكذب و المحارم و دع أذى الجار و ليكن عليك وقار و سكينة يوم صومك و لا تجعل يوم صومك و يوم فطرك سواء".
ولنعلم أن الكلام أربعة أقسام:
1. قسم ضرر محض
2. قسم نفع محض
3. قسم فيه ضرر ومنفعة
4. قسم ليس فيه ضرر ولا منفعة
وبهذا يتضح أن الضرر والمباح من الكلام أكثر من المفيد,وبالتالي فإنه من الفرص تعلم الإنسان في هذا الشهر الكريم حفظ لسانه من المنزلقات(الغيبة والنميمة والكذب واللمز والاستهزاء والذم والقدح والسب والشتم واللعن وفضول الكلام). . . ولا ينس (إني صائم!)إنها علامة الإيمان.
**************************************************************************
علماء الإسلام
ابن العوام الإشبيلي.. رائد علوم الفلاحة والنباتات
الإنسان والأرض ثنائية ضاربة بأصولها في القدم، وعلاقة أشبه في قداستها بوشائج القرابة والدم، وقصة يحفظها الإنسان عن ظهر قلب، فإن دقَّق النظر لم يجد في خاطره من ذكريات عهده بها إلا مثلما يجده من ذكرياته في بطن أمه، ومع ذلك لا يحتاج إلى حُجج دامغة بأنه منها خُلق وإليها سيعود، ولا يطيق أن يكتم في صدره حنينه الدائم إليها.
أحسنَ يحيى بن محمد بن أحمد، الشهير بـ«ابن العوام الإشبيلي»، المتوفى سنة 580هـ، التعبيرَ عن حبه للأرض، إذ وجد نفسه مأخوذاً بالاهتمام بعالَم النبات والفلاحة، ليكون نتاج ذلك أن قدَّم للإنسانية الكثير من المعارف التطبيقية والأبحاث الزراعية التي لم يرد ذكرها في الكتب القديمة، معتمداً على التجارب الميدانية المباشرة، ثم نقْل الملاحظات والنتائج العلمية ووضْعها في صورتها النظرية، فابتكر الري بالتنقيط الذي طبَّقه بوساطة الجرار الفخارية التي تنقل الماء نقطةً نقطةً، وكان له الفضل في إبداع البيوت المحمية للنباتات التي كان يطلق عليها اسم «البيوت المكنَّة»، وكذلك أشار إلى ضرورة التقويم الزراعي وأهميته وعمل على تطويره، ليصبح بحق، عملاقاً في حقل الفلاحة حسبما يصفه المستشرق الفرنسي لوسيان لوكلير.
ويبدو أن بلاد الأندلس التي شهدت مرحلة مشرقة في الحضارة الإسلامية، كانت مناخاً ملهماً للنابهين من أمثال ابن العوام، إذ تحكي كتب التراجم أنه وُلد بمدينة إشبيلية في القرن السادس الهجري، في كنف أسرة ثرية امتلكت أراضي على الضفة اليمنى لنهر الوادي الكبير الذي يصب في المحيط الأطلسي، شكَّلت بالنسبة إلى الابن الفذ معملاً مفتوحاً لتجاربه الزراعية التي ساقه شغفه إلى تطبيقها هناك، وذلك بعدما نشأ كأبناء عصره على حفظ كتاب الله وطلب علوم الشريعة والتفقه في الدين، واعتنى بدراسة العلوم التجريبية الداعمة له في مجال تخصصه الذي أولع به، وأخذ يزاوج بين النشاط التطبيقي الذي هو فيه والنشاط العقلي المرتكز على مطالعة الكتب والمؤلفات التي توافرت بين يديه.
585
في كتابه «الفلاحة الأندلسية» الذي تُرجم إلى الفرنسية والإسبانية واتسم بغنى مادته العلمية، قدَّم ابن العوام وصفاً دقيقاً لأكثر من 585 طريقة لزراعة نباتات مختلفة، منها ما يتعلق بالأشجار المثمرة، واستطاع أن يتعرَّف أطوار نمو النباتات وصفاتها، ونبَّه في غير موضع على التجارب العلمية التي أجراها بنفسه، كما حدَّد أنواع التربة والنباتات التي تختص بكل واحدة منها دون غيرها، مؤسِّساً لعدد من المصطلحات والتسميات التي انفرد بها.
موسوعة شاملة
وتميز الكتاب مع هذا بالترتيب والتنسيق، وبالجمع بين الأمانة العلمية في العرض والاستشهاد وبين سلاسة الأسلوب ورشاقته، إضافة إلى الروح الدينية التي ظهرت في تقديمه له ببعض الأحاديث النبوية عن الزراعة وعمارة الأرض، ولعل هذه العوامل مجتمعةً هي التي هيَّأت الكتاب ليغدو موسوعة شاملة للمختصين في هذا الفن، أُعجب بها المستشرق الألماني ماكس ميرهوف فقال: «إنه أحسن الكتب العربية في العلوم الطبيعية، وخاصة علم النبات».
ولارتباط الزراعة بالبيطرة، نجح ابن العوام أيضاً في توسيع دائرة معارفه، لتشمل هذا العلم الذي ظهرت براعته فيه، من خلال ما تحدث عنه في مؤلفاته مما يتعلق بأمراض الحيوانات المستأنسة من المواشي والطيور، وما تحتاج إليه من الأعلاف، وغيرها من المتطلبات التي تعينها على أن تعيش حياتها الطبيعية وينتفع بها الإنسان.
********************************************************************
تراث
الكرمود :
الكرمود (الهودج ) فى الادبن الشعبى الليبي هو موضع جلوس العروس على ظهر الجمل الذى يحملها يوم عرسها الى منزل زوجها ولكم تغنى الشعراء بالكرمود واصفين الكرمود ومن يحمله بكلمات يشارك فيها الجميع كبيرهم وصغيرهم نسائهم ورجالهم وأطفالهم وهو ما يعرف فى ايامنا هذه بالزفة ولكن مع الاختلاف فى كثير من التفاصيل ، وفى الكرمود قال الشاعر الشعبى
العين اتمنى يا عزيز اتجيبك =اقسام حلوة بعد ياسك طال
حافل وفى كرمود وفى ترتيبك =معاك عاليمين وعاليسار جمال
ونشدوا الجمل ونشرفوا تنسيبك = غالى وما كيفك علم عالبال
وتلقى مراسم فرح فى ترحيبك = خيل وصبايا ايزغرتن ورجال
وتلقى شريكك فى الحياة ونصيبك = وينخن بنات النجع عالطبال
***************************************************************************
قصيدة رائعه جمعت اغلب الامثال الشعبيه ويعتبر هذا النوع من القصائد نادر في الشعر الشعبي الليبي.
للشاعر: سعد العمروني
مكتوب كل عظم لواكله صفار .. لقسام قسمت ماني نويت زعايل
تقول زعلتي غابن أنجوع اكثار .. هناك وهناك معرفات قبايل
ركابه عريض الصدر بوجرجار .. حلال كسبهم كسبه شوي وشوايل
حكيم ربنا خالق الناس اطوار .. أيموت لصل ويخلف وراه نسايل
لا بث النصارى بث في لفكار .. اصفي ذهنهم جابو أسماح مثايل
مقفولة صناديق الرجال اسرار .. ومفتاح التجارب للحلول وسايل
ع اللي ترافقه وتعامله والجار .. أمثال عقبوا يضون أتقول فتايل
قبل الطريق رفيق لك تختار .. ورفيق كل جربه من جربها نايل
هناك ناس رفقته مذاق امرار .. لا اطعمة لا بنة حشاك نتايل
الحسني ونلحس صحبه النعار .. قضى مصلحه ويغزل وراك غزايل
جميلك أن درته فيه له نكار .. حشاكم كمى في رمل بال البايل
حتى أسبله مانبت كما قنطار .. حرث في السبخ والعام عام كلايل
وكثرة الصاحب ضيعت لخيار .. وصاحب الوسع لو مال مالك مايل
واللي امطمنه في الليل فيه انوار .. سوى م القمر وإلا انجوم اتخايل
وهناك من تعامل يوزنك دينار .. ورا مطلبة ذبحة الديك نحايل
برشوة ان حصل شي جاب افخار .. كلا ما توكل بيه دار وكايل
واكل اليابس ماشبع بخضار .. يقيم للحرام أفراح فيها عايل
ع القاضي التمت وين مات احمار .. توفى اعيالة بايتين همايل
مكيول يحصده مكيول كيل ابذار .. ميكول ياكله مو ناقصات مكايل
وهناك من تعامل ماايبان عوار .. وصدق الكلام أتصدقه العمايل
في عينك أتشيله ماتحك اشفار .. وتحطة علي جرحك دوا النقايل
كلي الجار ورث قبل حوتك صار .. عطيب بخت لو جارك معاك اذايل
فرح بسيتك بيها ابقي بشار .. غطى زينتك منها أملي بغلايل
الجار ينشرى م الجار قبل الدار .. حتى وفي لبنادم ماهناك كمايل
م الجار يشكولك نصيب انفار .. ويقولوا قليل الخير عيبة دايل
لا العيب يسلف ولا يمتار .. الماعون ينضح بيش ماهو شايل
عياله طلقهم ماهناك عمار .. الدار خالية وهلها قعود علايل
وما هناك شوكة ولا لها نوار .. واجواد ناس تنظرهم احذا النذايل
لا العين تشبع من نظر نظار .. ولا من خبر وذنك عليها جايل
ولا لرض تروى من نزيل امطار .. ولا أقلوب تكرهم أصحاب فضايل
اللي القلب حبه الرجل شورة جار .. بالسيف كل شي فيت حبني للقايل
لا اتشاور علي لفضال دير مدار .. ولا ايزهدك قلة اشكار قلايل
الشاكر المولى لسيتك غفار .. كريما ايكافي بالجميل جمايل
الزين يندفن عايش معاك اذكار .. وما تمسكه دمعك عليه شلايل
كبار المصايب يحملو لكبا .. مع حملهم شالو معاك حمايل
بالعين تنطلب لجواد مي بخبر .. والشاكي احذا لجواد كيف السايل
واللي ينظرك لاتكون له شيار .. الجود والسخى قبل السوال نفايل
أن جت لسوال العمى قال ابصار .. حتى م القفا كانهن عليك سهايل
أنسى الفقر في ليله حضر خطار .. ما مسكة الزاد تزيد زاد بخايل
أطلق عبستك لا اتكون شي كشار .. علي أوجوها شربه حليب زوايل
لا تبيد لا اتسوس اللي تندار .. لا أتربي اللي تقرض تجيب نعايل
بين الفضيحة وتنستر باستار .. محط أصبعين معدلات عدايل
قسمك ايجيك ايجيك ياصبار .. مع فايدة في الصبر صيت وخايل
اللي منكتب فوق الجبين اسطار .. العين تلحظه ماشي دونه حايل
لا بالشبع تفخر ولاهي عار .. ان صادك الجوع العار شين خصايل
ع المولى توكل ماتجيب عذار .. ولخونه أذراعك ماتحط سبايل
علي قيس مرتعها حليب إدرار .. ورزق الحلال يرق ماهو زايل
وكيف بالشوارب تنشحت لقدار .. بيش تاكله قدرك عليش اتحايل
جامد شراب الوجه موقطار .. بسوالك الناس ايسيح يقطر سايل
وجهك خزين القلب له ظهار .. ان ماهك في السانك أتبان زلايل
هبرة العظم أيكون له كسار .. لسانك أحصانك من أخيول صهايل
ان صنته أيصونك سمح في المشوار .. ان خنته أيخونك طحت جيت دقايل
من لذعة لسانه يندفن في اقبار .. الفارس اللي يردع احمول تلايل
حذا قش لا اتحرك بعودك نار .. ويصعب اطفيها لهيب شعايل
وحفرة السو أتكون للحفار .. علي قيس راسه يكون هو القفايل
وخشوشك بما بين اللحم واظفار .. حشاك طلعتك بنة أرياح زبايل
وطية الناقة ماتضر احوار .. الصمت خير ياتدخل بخير دخايل
ولا في الكلام ايغر بك غرار .. خوك خوك ماصاحب أيكون بدايل
بين تغلب وبكر اللي سنين دمار .. عزوز رايها جساس يقتل وائل
منام كارهك ما يريد شي فصار .. أشكل مناماته عليك شكايل
اللي الصقر ما يعرف طبيخه دار .. والعاجز عليه الذم دوم ولايل
في وجهك امرايه في قفاك اغبار .. وينصب مع اللي ناصبين حبايل
ان جاتك مذمة من أعقول اصغار .. هذي وذن طرشه وهذي في عزايل
شراب البحر ما يدردره دردار .. مع كل طير أمغردات فصايل
تفويت السوايا منقصات اكدار .. وبوسعة البال أتطولهم لوايل
وكيده علي خشمه اللي عثار .. وفاعل العيب رضي العيب فعايل
تضيع كلمتك عنده مثيل فنار .. مشعول الفتيلة في احرار قوايل
تكثيرة الكلام امودرة لثمار .. وخير الكلام أيقل فيه دلايل
الشر تتركه عنك خذوه اشرار .. الخير تتركه عنك خذو لصايل
وعقلك ان ما وصاك ما دبار .. أيدبر عليك وما أتطيح سفايل
أصحاب العقول النايرات مزار .. ان شاورتهم تاجد حلول مسايل
لا ليمنة أتصفق بلا ليسار .. وحمل الجماعة ريش كل ثقايل
بوعقل من وادي طلع ما حار .. غارق الجاهل في الصفى بجهايل
واتعب لدينك ليل كي النهار .. ما تمر جابنه نهار رسايل
ونصلي أنسلم ع النبي المختار .. شفيع أمته في يوم يومه طايل
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1438هـ
26 رمضان 1438
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ اجْعَلْ سَعْيِي فِيهِ مَشْكُوراً، وَ ذَنْبِي فِيهِ مَغْفُوراً، وَ عَمَلِي فِيهِ مَقْبُولًا، وَ عَيْبِي فِيهِ مَسْتُوراً، يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ".
*************************************************
ما يقال في ليلة القــــــدر من الدعاء
أمُّ المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق، رضي الله عنها وأرضاها، أنها قالت:
(قلت: يا رسول الله! أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟
فقال - صلوات الله وسلامه عليه - قولي:
(اللـهـم إنـك عـفــوٌ كـريـم تـحـبُ الـعـفـوَ فـاعـف عـنِّـي).
فبهذا الحديث الصحيح المليح قد بين - صلوات الله وسلامه عليه – أن من أعظم الأدعية وأجلِّها أن يقول العبد في هذه الليلة المباركة: (اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفو فاعف عني)، وفي رواية صحيحة خرجها ابن ماجه: (اللهم إنك عفوٌ تحب العفوَ فاعف عني) وكلاهما حسنتان، فينبغي أن تنوعوا بين هذه وتلك.
*************************************************
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ 1 ( عليه السلام ) قَالَ : تَقُولُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ :
" أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هَذِهِ وَ لَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ "
*************************************************
اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُ بِكَ من شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ
*************************************************************************
اللهُمّ إنّي أستغفِرُكَ مِن كُلِّ ذنبٍ ، إنّكَ كُنتَ غفّاراً ، وإنّك أنتَ الحيُّ القيّومُ ، الواحدُ الأحدُ ، الفردُ الصّمدُ ، وأشهد أنّك أنتَ الله لا إلهَ إلاّ أنتَ ، الحنّانُ المنّانُ ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ ، وأسألُكَ بأسمائكَ الحُسنى كلّها ما علمتُ منها ، ومالم أعلمُ ، وأسألُك باسمِك الأعظمِ ، الأجلّ الأكرمِ ، المباركِ الأحبّ إليك ، الذي إذا دُعيتَ به أجبتَ ، وإذا سُئلتَ به أعطيتَ ، وإذا استُرحمتَ به رحمتَ ، وإذا استُفرِجتَ به فرّجتَ ، وإذا استُنصِرتَ به نَصرتَ ، وإذا استُكفيتَ به كَفيتَ ، أن تغفِرَ لي ذُنوبي كلَّها ، دِقّها وجُلّها ، أوّلها وآخرَها ، ما علمتُ منها ، ومالم أعلمُ.
***********************************************************************
اقترب الشهر من نهايته والأعمال بالخواتيم
ونحن نقترب من خاتمة الشهر الكريم علينا أن نتذكر ما منَّ الله تعالى به علينا من توفيق لصيام هذا الشهر الكريم وقيامه، ومن عمل صالح يرضيه سبحانه إن كنا قد أخلصنا عمنا لوجهه سبحانه؛ لأنه لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه، وعلى وفق شرعه كما قال جل شأنه {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ } والعمل الصالح هو الذي يكون على وفق شرعه، والمرضي لديه؛
هو الذي يراد به وجهه وهو الإخلاص الذي أمر به عباده، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، ولا يقبله إذا كان خالصاً له إلا على السنة» وهو يشير بذلك إلى قوله سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} فجعل سبحانه وتعالى الإخلاص شرط قبول العمل، وهو أمر له صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده، كما دل عليه الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه»
فالعمل على السنة والإخلاص لوجه الله تعالى هما جناحا قبول العمل عند الله تعالى كما قال سبحانه { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
فمن كان قد وفق في هذا الشهر على ذلك فليبشر بفضل الله العظيم، فعليه أن يستمر في منهجه ذلك حتى يلقى الله عليه؛ لأن الله تعالى قد فتح له باب القبول فليلزمه حتى يلقاه، وإنما الأعمال بالخواتيم، كما صح به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخواتيم تأتي نتيجة لاستمرار العمل؛ لأن المرء لا يدري متى تأتي خاتمته، فهي مغيبة عنه، فكان على المرء أن يكون على أحسن الأحوال التي يحب أن يلقى الله بها، كما لو كان يظن لقاء ربه في يومه أو ليله، وقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول: أحزر لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
وكان السلف الصالح - رحمة الله عليهم- في غاية الخوف من خاتمة السوء مع صلاح أعمالهم وقلة ذنوبهم، حتى قال بعضهم: لو عرض عليَّ الموت على الإسلام بباب الحجرة، والشهادة بباب الدار، يعني الشهادة في سبيل الله؛ لاخترت الموت على الإسلام على باب الحجرة، على الشهادة على باب الدار؛ لأني لا أدري ما الذي يعرض لقلبي فيما بين الحجرة إلى باب الدار.
واستمرار حسن العمل الذي كان في هذا الشهر بعد انقضائه دليل حسن الخاتمة؛ لأنه يعني الاستقامة التي طلبها الله تعالى من عباده، لتكون خاتمتهم سعيدة، فقد قال سبحانه: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} وأثنى على المستقيمين ثناء بالغاً، ووعدهم أجراً عظيماً، كما قال سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}.
ولذلك لما جاء سفيان بن عبد لله الثقفي رضي الله عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قولاً جامعاً في الإسلام لا يسأل بعده أحداً؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قل: آمنت بالله، ثم استقم» لأن هذه الاستقامة تضمن خاتمة السعادة التي هي مناط الأعمال ومقصد الرجال، وهي التي قصدها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار»
وسنة الله تعالى في عباده أن من حافظ على أعماله الصالحة فلن يغير الله عليه حالا حتى يلقاه بحال الرضا.
إلا أن كثيراً ممن يختم لهم بخاتمة السوء هم الذين يتهاونون بالصلاة المفروضة، والزكاة الواجبة، والذين يتتبعون عورات المسلمين، والذين ينقصون المكيال والميزان، والذين يخدعون المسلمين ويغشونهم ويلبِّسون عليهم في أمور الدين والدنيا، والذين يُكَذِّبون أولياء الله، وينكرون عليهم بغير حق، والذين يدَّعون أحوال الأولياء ومقاماتهم من غير صدق، وأشباه ذلك من الأمور الشنيعة.
وعلى المسلم أن لا يزال سائلاً من الله حسن الخاتمة، فقد روي أن الشيطان يقول: قصم ظهري الذي يسأل الله تعالى حسن الخاتمة. ويقول: متى يعجب هذا بعمله! أخاف أن قد فطن.
نسأل الله حسن الخاتمة والموت على الإسلام والإيمان.
احمد الحداد
***********************************************************************
في وداع رمضان
الناس في رمضان على ثلاثة أقسام : قسم ظالم لنفسه ؛ لم يصم شهر رمضان صوماً حقيقياً فلم يحفظ حدوده ولم يتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ , فلم يصم لسانه عن اللغو والبهتان , ولم يصم سمعه عن سماع الباطل والخنا وكل ما يغضب الرحمن , ولم تصم عيناه عن النظر المحرم الغفلان , ولم تصم بطنه عن أكل الحرام , ولا يداه وقدماه عن الفحش والبهتان , فهذا كان حظه من صومه العطش والجوع وتحصيل الذل والخنوع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ. أخرجه أحمد 2/373(8843) و\"النسائي\" في \"الكبرى\" 3236 و\"ابن خزيمة\" 1997الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3488 في صحيح الجامع
قال الشاعر :
إذا لـم يكنْ فـي السمـعِ مِنّي تَصَوُّنٌ *** وفي بصـري غَضٌ ، وفي منطقي صَمْتُ
فحَظّي إذًا مِن صومِي الجوعُ والظمأ *** وإن قُلتُ: إني صُمْتُ يومًا فما صُمْتُ
فهؤلاء لم يأخذوا من الإسلام إلا اسمه ولا من الإيمان إلا رسمه , فهم قد وقفوا عند مرتبة الإسلام ولم يتجاوزها بعد إلى مرتبة الإيمان .
والقسم الثاني : قسم مقتصد ؛ صان نفسه عن كل ما يغضب الله وحفظ صومه من اللغو والباطل , كما قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك .ابن رجب : لطائف المعارف 168.
قال الشاعر:
يا غَافِلاً وَليالِي الصَّومِ قَد ذَهَبَتْ ** زادَتْ خَطَايَاكَ قِفْ بِالبَابِ وَابْكِيهَا
وَاغْنَمْ بقيـةَ هذا الشَّهْرِ تَحْظَ ** غرستَـهُ مِنْ ثِمَارِ الخيـرِ تَجْنِيـهَا
وهؤلاء هم من تجاوزوا مرتبة الإسلام إلى مرتبة الإيمان ولكنهم بعد لم يصلوا إلى مرتبة الإحسان .
والقسم الثالث : هم من سبقوا بالخيرات وتنافسوا على تحصيل الحسنات , فهم المحسنون الذي وصلوا إلى مرتبة الإحسان فعبدوا الله حق العبادة وراقبوه حق المراقبة , فهم المتميزون في صومهم وعبادتهم وأخلاقهم , فلم يصوموا كما يصوم الناس بل جعلوا صومهم خالصاً لله رب العالمين فصانوه من الشوائب وحفظوه من السفاسف والمعايب , فصارت ألسنتهم تلهج بالذكر والدعاء , وقلوبهم يلفها الصفاء والنقاء .
فقرأوا القرآن وتدبروا معانيه , وقامت قلوبهم بالليل تصلي لله وتناجيه .
قال الشاعر :
يا شهرُ كم لي فيكَ مِن إشراقةٍ * * * تَطوي الظلامَ وتَنشُرُ الأعراسَا
أنبتَّ بالتقوى شِعَابَ قلوبِنا * * * وسَقَيْتَ بالآيِ الكِرامِ غِراسَا
نَفحاتُكَ الغَنَّاءُ رِفْدُ سعادةٍ * * * تَستنزِلُ الرحَمَاتِ والإيناسَا
و نسائمُ الأسحارِ تَذهبُ بالضَّنَى * * * وتُهَدهِدُ الوِجدانَ مما قاسَى
و بكلِّ سانِحَةٍ مَآثِرُ سُنَّةٍ * * * مِن نُورِ أحمدَ أشرقَت نِبْراسَا
وهذه الأقسام الثلاثة هي التي عناها الله تعالى في محكم تنزيله فقال سبحانه: \" ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) سورة فاطر .
قال الواحدي : { فمنهم ظالم لنفسه } وهو الذي زادت سيئاته على حسناته { ومنهم مقتصد } وهو الذي استوت حسناته وسيئاته { ومنهم سابق بالخيرات } وهو الذي رجحت حسناته. تفسير الوجيز للواحدي 1/.893.
وقال الرازي : { فَمِنْهُمْ ظالم } وهو المسيء { وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } وهو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات } وهو الذي أخلص العمل لله وجرده عن السيئات . تفسير الرازي 12/497.
قال السعدي : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } بالمعاصي، [التي] هي دون الكفر. { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ } مقتصر على ما يجب عليه، تارك للمحرم. { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } أي: سارع فيها واجتهد، فسبق غيره، وهو المؤدي للفرائض، المكثر من النوافل، التارك للمحرم والمكروه.
فكلهم اصطفاه اللّه تعالى، لوراثة هذا الكتاب، وإن تفاوتت مراتبهم، وتميزت أحوالهم، فلكل منهم قسط من وراثته، حتى الظالم لنفسه، فإن ما معه من أصل الإيمان، وعلوم الإيمان، وأعمال الإيمان، من وراثة الكتاب، لأن المراد بوراثة الكتاب، وراثة علمه وعمله، ودراسة ألفاظه، واستخراج معانيه. تفسير السعدي 689.
أخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له : ما يبكيك؟ قال : ذكرت بعض الأمور فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني؟ قال : نعم . قال : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال ، فقال : موسى رب أجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون ، إذا أرادوا أمراً قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله ، وإذا هبط وادياً حمد الله ، الصعيد لهم طهور ، والأرض لهم مسجداً حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة ، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء ، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر نعم .
قال كعب : انشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب ، واصطفيتهم { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } [ فاطر : 32 ] ولا أجد أحداً منه إلا مرحوماً فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة ، يصفّون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل ، لا يدخل النار منهم أحد إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي . قال هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمداً وأمته قال : يا ليتني من أمة أحمد ، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن { إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) [ الأعراف : 144 ] الآية فرضي موسى كل الرضا . السيوطي : الدر المنثور 4/323.
فيا – أيها الحبيب – من أي الأقسام أنت ؟ ومن أي الأصناف قد انتسبت ؟ .
إن من أعظم الجرم وإن من أكبر الخسران أن يعود المرء بعد الغنيمة خاسراً وأن يبدد المكاسب التي يسرها الله عز وجل في هذا الشهر الكريم ، وأن يرتد بعد الإقبال مدبراً وبعد المسارعة إلى الخيرات مهاجراً وبعد عمران المساجد بالتلاوات والطاعات معرضاً ؛ فإن هذه الأمور لتدل على أن القلوب لم تحيا حياة كاملة بالإيمان ولم تستنر نورها التام بالقرآن وأن النفوس لم تذق حلاوة الطاعة ولا المناجاة وأن الإيمان ما يزال في النفوس ضعيفاً وأن التعلق بالله عز وجل لا يزال واهناً.
قال الشاعر :
غدا توفى النفوس ما كسبت ... و يحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ... و إن أساءوا فبئس ما صنعوا
فماذا عليك الآن وأنت تودع شهر رمضان ؟ .
أولاً : تودع رمضان بمثل ما استقبلته بالطاعة والإيمان والبر والإحسان , ولا تكن كالتي قال الله تعالى فيها : \" وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) سورة النحل .
قال أهل التفسير : المرأة المقصودة في الآية الكريمة هي امرأة عاشت في زمن ما قبل الإسلام (الجاهلية)، واسمها رابطة أو رايطة أو ريطة من بني تميم، وكانت امرأة تلقب بالجعراء أو الجعرانة، وإليها ينتسب الموضع المسمى بالجعرانة بين مكة المكرمة والطائف، وهو ميقات للإحرام.
وإلى جانب ذلك كانت تسمى بخرقاء مكة، ويضرب بها المثل في الحمق، فما قصة حمقها؟.لقد كانت هذه المرأة تجتمع كل يوم، هي ومجموعة من الجواري والعاملات لديها، فتأمرهن بالعمل على غزل ونسج الصوف والشعر ونحوهما، ثم إذا انتصف النهار وانتهين من أداء عملهن في الغزل؛ أمرتهن بنقضه، أي إفساد ما غزلنه وإرجاعه أنكاثاً، بمعنى أنقاضاً أو خيوطاً، وذلك بإعادة تقطيع الغزل إلى قطع صغيرة، ثم تنكث خيوطها المبرومة، فتُخلط بالصوف أو الشعر الجديد وتنشب به، ثم تضرب بالمطارق أو ما شابه، على أن يقمن بغزله مجدداً في اليوم التالي , وهكذا، تجهد هذه المرأة نفسها وعاملاتها بالعمل ثم تفسده بحمقها وخراقتها. تفسير الطبري 17 /283 , تفسير ابن كثير 4/599.
أو من الذين قال الله فيهم : \" ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) سورة الحج .
قيل لِبِشْرِ الحَافِي رحمه الله : إنَّ قَوماً يَتعبَّدون ويجتَهِدُون في رمضان ؟ فقال : بِئْسَ القومُ قومٌ لا يَعرفُونَ للهِ حَقَّاً إلَّا في شَهْرِ رَمَضَان ، إنَّ الصَّالحَ الذي يَتَعَبَّدُ ويَجْتَهِدُ السَّنَة كلَّها .
وسُئِلَ الشِّبْلِيُّ رحمه الله : أيُّهما أفضلُ : رَجبٌ أو شَعْبَان ؟ فقال : كُنْ ربَّانِيَّاً ولا تَكُنْ شَعَبَانِيَّاً !.
قال الشاعر :
ترحَّلت يا شهرَ الصيامِ بصومِنا * * * وقـدْ كنتَ أنواراً بكلِّ مكانِ
لئنْ فَنِيَتْ أيامُك الزُّهرُ بَغتـةً* * * فما الحزنُ مِنْ قلبي عليك بِفَانِ
عليكَ سلامُ الله كن شاهداً لنا* * * بخـيرٍ رعاكَ الله مِنْ رمـضانِ
قال ابن رجب : في ( لطائف المعارف 323 ) : بعض السلف كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته : أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما و قمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم. كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له : إنه يوم فرح و سرور فيقول : صدقتم و لكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا ؟. رأى وهب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد فقال : إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين. وعن الحسن قال : إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون .
لعلك غضبان و قلبي غافل * * * سلام على الدارين إن كنت راضيا
روي عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان : يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه وعن ابن مسعود أنه كان يقول : من هذا المقبول منا فنهنيه ومن هذا المحروم منا فنعزيه أيها المقبول هنيئا لك أيها المردود جبر الله مصيبتك .
ليت شعري من فيه يقبل منا * * * فيهنا يا خيبة المردود
من تولى عنه بغير قبول * * * أرغم الله أنفه بخزي شديد
ثانياً : كما حافظتَ على الصلاةِ بركوعها وسجودها , وخشوعها وخضوعها ، وذرفتَ الدمعَ بين يدي ربك ، فهلاّ بَقِيْتَ على هذه الحالة بقيةَ عمرك وفي سائر عملك فالصلاةُ عمودُ الإسلام ، ولا حظَّ في الإسلام لمن ضَيَّع الصلاة .
فلا تكن ممن قال فيه الشاعر :
صلى وصام لأمر كان يطلبه * * * فلما قضي الأمر لا صلى ولا صاما
سُجن الإمام البويطي صاحب الشافعي ووُضع الغُلّ في عنقه، والقيد في رجليه، وكان يقول: لأموتن في حديدي هذا، حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديده .
وكان البويطي وهو في الحبس يغتسل كل جمعة، ويتطيب، ويغسل ثيابه، ثم يخرج إلى باب السجن إذا سمع النداء، فيردّه السجان، فيقول البويطي: اللهم! إني أجبت داعيك فمنعوني.
وكتب البويطي إلى الذهلي: أسألك أن تعرض حالي على إخواننا أهل الحديث، لعل الله يُخلِّصني بدعائهم، فإني في الحديد، وقد عجزتُ عن أداء الفرائض؛ من الطهارة والصلاة. فضجّ الناس بالبكاء والدعاء له.
ثالثاً : كان الصومُ لك جُنَّةً ووقاية ، وحِصْناً حَصِيْناً من شياطين الإنس والجن ، فهل تَأْمنْ على نفسك بقيةَ العامِ بلا حصنٍ ولا عُدة . فالصومُ باقٍ بقاءَ العام ، فَطِبْ نفساً بِمَوَاسِمِ الصِّيَام , وقاوم الشيطان طوال العام , فلو أخلصت النية في ذلك حفظك الله منه , حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه : ما تصنع بالشيطان إذا سول لق الخطايا ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : هذا يطول أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده وأرده جهدي .قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك .- إن صدقت هذه الرواية - لم يكن تاركاً الدنيا كسباً، بل قلباً. ابن الجوزي : تلبيس إبليس 35.
في الإسرائيليات : أنّ رجلاً تزوّج امرأة من بلدة ، وكان بينهما مسيرة شهر ، فأرسل إلى غلام له من تلك البلدة ليحملها إليه فسار بها يوماً ، فلما جنّه الليل أتاه الشيطان فقال له : إنّ بينك وبين زوجها مسيرة شهر فلو تمتعت بها ليالي هذا الشهر إلى أن تصل إلى زوجها ، فإنها لا تكره ذلك وتثني عليك عند سيدك فتكون أحظى لك عنده ، فقام الغلام يصلي فقال : يا رب ، إنّ عدوك هذا جاءني فسوّل لي معصيتك ، وإنه لا طاقة لي به في مدة شهر وأنا أستعيذك عليه يا رب فأعذني عليه ، واكفني مؤونته ، فلم تزل نفسه تراوده ليلته أجمع وهو يجاهدها حتى أسحر فشّد على دابة المرأة وحملها وسار بها ، قال : فرحمه اللّه تعالى ، فطوى له مسيرة شهر فما برق الفجر حتى أشرف على مدينة مولاه ، قال : وشكر اللّه تعالى له هربه إليه من معصيته فنبأه ، فكان نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل . قوت القلوب 2/335.
رابعاً : قمتَ رمضان إيماناً واحتساباً , وها قد انقضى شهرُ القيام . فلا تَقْصُر عنه سائرَ العام . فخذ بالجدِّ فيه ، عن سهل بن سعد أإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : \" أتاني جبريل ، فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت أحبب من شئت ، فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل عزه استغناؤه عن الناس \" .أخرجه الطبراني في \" الأوسط \" ( 1 / 61 / 2 و أبو نعيم في \" الحلية \" ( 3 / 253 ) و الحاكم ( 4 / 324 - 325 ) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 505.
ذكرَ الخطيبُ البغدادي رحمه الله : عن عاصم البَيْهَقِي قال : بتُّ ليلةً عند الإمام أحمد بن حنبل ، فجاء بماءٍ فوضعَهُ ، فلما أصبح نَظر إلى الماءِ بحاله ، فقال : سبحانَ الله ! رجلٌ يطلبُ العلمَ لا يكونُ له وِرْدٌ بالليل .
وذكر أهلُ التَّارِيخِ والسِّيَرِ : أن أبا يزيد طيفور بن عيسى البسطامي لما تعلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} [المزمل:1ـ2] قال لأبيه: يا أبتِ, من الذي يقول الله تعالى هذا له؟ قال: يا بني, ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم.قال: يا أبتِ, ما لك لا تصنع أنت كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم.قال: يا بني، إن الله تعالى خصَّ نبيه صلى الله عليه وسلم بافتراض قيام الليل دون أمته, فسكت عنه. فلما حفظ قول الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل:20].قال: يا أبتِ إني أسمع أن طائفة كانوا يقومون من الليل، فمن هذه الطائفة؟ قال له أبوه: أولئك هم الصحابة رضي الله عنهم.قال: فلم تترك ما فعله الصحابة؟ قال: صدقت يا بني, لا أتركه إن شاء الله تعالى, فكان يقوم من الليل ويصلي، واستيقظ أبو يزيد ليلة فإذا أبوه يصلي.فقال: علِّمني كيف أتطهر وأفعل مثل فعلك وأصلي معك.فقال له أبوه: يا بني أرقد فإنك صغير بعدُ.قال: يا أبتِ, إذا كان يوم يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم أقول لربي: إني قلتُ لأبي: كيف أتطهر لأصلي معك؟ فأبى وقال لي: ارقد فإنك صغير بعدُ؟ قال أبوه: لا والله يا بني، وعلمه فكان يصلي معه. ثم قال له : إيَّاك إيَّاك .. أنْ يَسْبِقَكَ الدِّيكُ ! فيكونَ أَكْيسَ منْك يُسبِّحُ وأنت نائم ؟!.
قال الشاعر:
ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرفا***واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً***مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما***تراه يحصد إلا الهم و الندما
خامساً : ختمتَ القرآنَ مرةً ، أو بعض مرةٍ ، وعزفتَ عن الشواغل حتى لا تهجُره في شهره ، أيحسنُ بك أنْ تُقَدِّمَ الشواغلَ عليه وهو كلامُ الملك ! هلاّ عزمتَ على صَرْفِها مرات ؛ لتَحْظَى بِخَتَمَات .
قال عمرو بن العاص كل آية في القرآن درجة في الحنة ومصباح في بيوتكم وقال أيضا من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه وقال أبو هريرة إن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين وإن البيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين.
طوبى لمن حفظ الكتابَ بصدره * * فبدا وضيئاً كالنجوم تألَّقا
الله أكبر ! يا لها من نعمة * * لما يقال \" اقرأ ! \" فرتل وارتقا
وتمثلَ القرآنَ في أخلاقه * * وفعاله فبه الفؤادُ تعلقا
سادساً : حافظتَ قدْرَ وسعك على قلبِك من غَوائلِ الهوى النَّزَّاعةِ للشوى ، صُنْتَ سَمْعكَ ، وبَصَركَ ، وفؤادَكَ عما لا ينبغي في شهرِ الصيامِ رجاءَ كماله ، ولكنْ لتعلمَ أنَّ صيامَ الجوارحِ لا يَنْقَضي بغروبِ شمسِ آخرِ ليلةٍ من رمضان ، فشرْعُ الله دائمٌ على مَرِّ العام ذلك, فاحفظ قلبك طوال العمر من الحسد والكبر والحقد والغل , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ ِللهِ ، قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ ، وَلكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ : أَنْ تَحْفَظَ الرَّاْسَ وَمَا وَعَى ، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى ، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى ، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا ، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ.أ خرجه أحمد 1/387(3671) الألباني( حسن ) انظر حديث رقم : 935 في صحيح الجامع .
قال ابن الجوزي في \" التبصرة \" ص 1/ 199 : عباد الله إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومنْ فَرط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام، فاستغنموا منه ما بقى من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم به عند الملك العلاّم، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
سلام من الرحمن كل أوان *** على خير شهر قد مضى وزمانِ
سلام على شهر الصيام فإنه *** أمان من الرحمن كل أمان
لئن فنيت أيامك الغر بغتة *** فما الحزن من قلبي عليك بفان
عن الهيثم بن جماذ قال: دخلت على يزيد الرقاشي وهو يبكي في يوم حار وقد عطش نفسه أربعين سنة فقال لي: أدخل تعالى نبكي على الماء البارد في اليوم الحار.
عن مالك قال: بلغني أن حسين بن رستم الأيلي دخل على قوم وهو صائم فقالوا له: أفطر فقال: إني وعدت الله وعدا، وأنا أكره أن أُخلف الله ما وعدته.
قال سعيد عن قتادة رحمهم الله كان يقال : من لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له ؟ ومن رد في ليلة القدر متى يقبل ؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان , ومتى يصلح من كان فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان .
قال الشاعر :
فيا شهر الصيام فدتك نفسي *** تمهل بالرحيل والانتقال
فما أدرى إذا ما العام ولى *** وعدت بقابل في خير حال
أتلقاني مع الأحياء حيا *** أم انك تلقني في اللحد بالي
فذلك حال الدنا دواما *** فراق بعد جمع وارتحال
وقال آخر :
رمضانُ قد رحلت فما عسايّ أقولُ * * * والدمعُ من ألم الفراق يسيلُ ؟
عامٌ مضى .. غفت القلوبُ وأجدبت * * * هممٌ وأنكرت الثمارَ حقولُ
واستنفرتنا للمباهج أنفسٌ * * * مالت مع الأهواء حيث تميل
فلك التحية .. ما أقمت بأرضنا * * * ولك التحية .. ما احتواك رحيلُ
فيا شهر رمضان غير مودع ودعناك، وغير مقلي فارقناك، كان نهارك صدقة وصياماً، وليلك قراءة وقياماً، فعليك منا تحية وسلاماً، يا شهر الصيام أتراك تعود بعدها علينا أو تدركنا المنون فلا تؤول إلينا، مصابيحنا فيك مشهورة، ومساجدنا فيك معمورة، فالآن تنطفئ المصابيح، وتنقطع التراويح.
والآن تهجر المساجد ويجفوها كل راكع وساجد , وتطوى المصاحف ويأمن الخائف , فلا وجل ولا خشوع ولا بكاء ولا دموع , فيا شهر الصيام أسرع إلينا ثانية فقلوبنا إليك تحن ومن ألم فراقك تبكي وتئن .
د. بدر عبد الحميد هميسه
**************************************************************************
علماء الإسلام
البوزجاني... مؤسس التكامل والتفاضل في حساب المثلثات
حين نطالع سيرة العلم نرى صنوفاً من الإسهامات أنتجها البحث المضني، لشخصيات متنوعة المشارب، تتوالى كألوان الطيف المتباينة، وتغرينا بعوالمها المبهجة فلا ندري بأيّها نبدأ، كلها قدَّم إضافة دفعت الإنسانية إلى النهضة، لكنَّ القليل من بين هذا الكم الهائل من الإسهامات ما أسَّس علماً بذاته، وعندما نتوقف متأملين قصة عالم وضع فناً جديداً للمعرفة، فنحن في الحقيقة ندرس ماهية العبقرية.
لم تكتسب جهود العالم المسلم أبي الوفاء محمد بن محمد بن يحي البوزجاني، المتوفى سنة 388هـ، قيمتها العلمية من ضخامتها وتنوعها وأسبقيتها فحسب، بل نالت اهتمام الدارسين لكونها مهَّدت لاكتشاف الهندسة التحليلية وأسَّست علم التفاضل والتكامل وطوَّرت العلوم الرياضية، إذ استطاع صاحبها أن يضيف إلى بحوث الخوارزمي إضافات مهمة، منها أنه حل المعادلة ذات الدرجة الرابعة، ووضع النسبة المثلثية (ظل)، واستعملها في حل المسائل، وأدخل القاطع والقاطع تمام، ووضع الجداول الرياضية للماس، وأوجد طريقة جديدة تمتاز بالدقة لحساب جدول الجيب، كما ابتكر طرائق لاستعمال الآلات الهندسية في رسم الأشكال والدوائر المستوية والكروية، مطوراً فن الرسم الهندسي الذي أرسى أصوله وقواعده.
ينتمي البوزجاني إلى مدينة بوزجان في خراسان، التي كان مولده فيها عام 328هـ، حيث تعلَّم الحساب في صغره على أيدي اثنين من أقاربه، هما أبو عمرو المغازلي وأبو عبد الله محمد بن عنبة، وعندما بلغ العشرين من عمره رحل إلى بغداد، وهناك درس علوم الرياضيات والفلك، وانضم إلى نخبة من العلماء اختارهم شرف الدولة بن عضد الدولة للعمل في المرصد الفلكي الذي أنشأه، وكان يتميز بقدرة على النقد، أهَّلته للاطلاع على مؤلفات السابقين والاستفادة منها بوعي، فلم يكن يطمئن إلى فكرة إلا بعدما يُعمل فكره فيها ويقتنع بأدلتها، ولعل أبرز شاهد على ذلك شروحه النقدية لمؤلفات أبرخس وديوفانتوس وغيرهما.
ويرى صلاح الدين الصفدي في كتابه «الوافي بالوفيات» أن أبا الوفاء البوزجاني كان له استخراجات غريبة في الهندسة والحساب لم يُسبق إليها، ويعترف علماء عرب كالبيروني والطوسي وآخرون أوروبيون منهم دي فو وجورج سارتون بأنهم استفادوا من بحوث البوزجاني ووجدوا فيها أمارات عبقريته، كما تُثبت التركة العظيمة التي خلَّفها أنه كان عالماً يمتلك ثروة علمية هائلة، إذ ألَّف في مجالات شتى، ومكَّنته موسوعيته من الجمع بين العلوم على نحو يمكن معه الابتكار والتجديد، ويشكّل كتابه «فيما يحتاج إليه العمال والكتَّاب من صناعة الحساب»، الذي توجد منه مخطوطة في مكتبة تستر بيتي بأيرلندا، أحد أهم مؤلفاته، ويشتمل على سبع منازل وكل منزلة سبعة أبواب.
وفي العصر الحديث، أُطلق اسم البوزجاني على فوهة بركانية على سطح القمر، تقديراً له على ما قدَّم للبشرية من إسهامات خالدة، وربما اعتذاراً له عما ناله من تقصير في حقه، بعدما ثبت يقيناً أنه أول من اكتشف الخلل الثالث في حركة القمر، إلى جانب ما توصل إليه من حسابات فلكية وصفها سمير عرابي في كتابه «سلسلة علماء العرب والمسلمين» بأنها بلغت درجة عالية من الدقة جعلتها موضع استشهاد لمن جاؤوا بعده في مناقشاتهم الفلكية، كما أن كتابه «المجسطي» يُعدُّ موسوعة شاملة في هذا المجال، إضافة إلى «الكامل» الذي يبحث خلال ثلاثة مقالات في حركات الكواكب والتغيرات التي تعتريها.
***************************************************************************
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ اجْعَلْ سَعْيِي فِيهِ مَشْكُوراً، وَ ذَنْبِي فِيهِ مَغْفُوراً، وَ عَمَلِي فِيهِ مَقْبُولًا، وَ عَيْبِي فِيهِ مَسْتُوراً، يَا أَسْمَعَ السَّامِعِينَ ".
*************************************************
ما يقال في ليلة القــــــدر من الدعاء
أمُّ المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق، رضي الله عنها وأرضاها، أنها قالت:
(قلت: يا رسول الله! أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟
فقال - صلوات الله وسلامه عليه - قولي:
(اللـهـم إنـك عـفــوٌ كـريـم تـحـبُ الـعـفـوَ فـاعـف عـنِّـي).
فبهذا الحديث الصحيح المليح قد بين - صلوات الله وسلامه عليه – أن من أعظم الأدعية وأجلِّها أن يقول العبد في هذه الليلة المباركة: (اللهم إنك عفوٌ كريمٌ تحب العفو فاعف عني)، وفي رواية صحيحة خرجها ابن ماجه: (اللهم إنك عفوٌ تحب العفوَ فاعف عني) وكلاهما حسنتان، فينبغي أن تنوعوا بين هذه وتلك.
*************************************************
عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ 1 ( عليه السلام ) قَالَ : تَقُولُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ :
" أَعُوذُ بِجَلَالِ وَجْهِكَ الْكَرِيمِ أَنْ يَنْقَضِيَ عَنِّي شَهْرُ رَمَضَانَ أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ مِنْ لَيْلَتِي هَذِهِ وَ لَكَ قِبَلِي ذَنْبٌ أَوْ تَبِعَةٌ تُعَذِّبُنِي عَلَيْهِ "
*************************************************
اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُ بِكَ من شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ
*************************************************************************
اللهُمّ إنّي أستغفِرُكَ مِن كُلِّ ذنبٍ ، إنّكَ كُنتَ غفّاراً ، وإنّك أنتَ الحيُّ القيّومُ ، الواحدُ الأحدُ ، الفردُ الصّمدُ ، وأشهد أنّك أنتَ الله لا إلهَ إلاّ أنتَ ، الحنّانُ المنّانُ ، بديعُ السَّمواتِ والأرضِ ، وأسألُكَ بأسمائكَ الحُسنى كلّها ما علمتُ منها ، ومالم أعلمُ ، وأسألُك باسمِك الأعظمِ ، الأجلّ الأكرمِ ، المباركِ الأحبّ إليك ، الذي إذا دُعيتَ به أجبتَ ، وإذا سُئلتَ به أعطيتَ ، وإذا استُرحمتَ به رحمتَ ، وإذا استُفرِجتَ به فرّجتَ ، وإذا استُنصِرتَ به نَصرتَ ، وإذا استُكفيتَ به كَفيتَ ، أن تغفِرَ لي ذُنوبي كلَّها ، دِقّها وجُلّها ، أوّلها وآخرَها ، ما علمتُ منها ، ومالم أعلمُ.
***********************************************************************
اقترب الشهر من نهايته والأعمال بالخواتيم
ونحن نقترب من خاتمة الشهر الكريم علينا أن نتذكر ما منَّ الله تعالى به علينا من توفيق لصيام هذا الشهر الكريم وقيامه، ومن عمل صالح يرضيه سبحانه إن كنا قد أخلصنا عمنا لوجهه سبحانه؛ لأنه لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه، وعلى وفق شرعه كما قال جل شأنه {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ } والعمل الصالح هو الذي يكون على وفق شرعه، والمرضي لديه؛
هو الذي يراد به وجهه وهو الإخلاص الذي أمر به عباده، كما قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، ولا يقبله إذا كان خالصاً له إلا على السنة» وهو يشير بذلك إلى قوله سبحانه: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} فجعل سبحانه وتعالى الإخلاص شرط قبول العمل، وهو أمر له صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده، كما دل عليه الحديث القدسي: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه»
فالعمل على السنة والإخلاص لوجه الله تعالى هما جناحا قبول العمل عند الله تعالى كما قال سبحانه { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }
فمن كان قد وفق في هذا الشهر على ذلك فليبشر بفضل الله العظيم، فعليه أن يستمر في منهجه ذلك حتى يلقى الله عليه؛ لأن الله تعالى قد فتح له باب القبول فليلزمه حتى يلقاه، وإنما الأعمال بالخواتيم، كما صح به الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخواتيم تأتي نتيجة لاستمرار العمل؛ لأن المرء لا يدري متى تأتي خاتمته، فهي مغيبة عنه، فكان على المرء أن يكون على أحسن الأحوال التي يحب أن يلقى الله بها، كما لو كان يظن لقاء ربه في يومه أو ليله، وقد كان عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول: أحزر لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا.
وكان السلف الصالح - رحمة الله عليهم- في غاية الخوف من خاتمة السوء مع صلاح أعمالهم وقلة ذنوبهم، حتى قال بعضهم: لو عرض عليَّ الموت على الإسلام بباب الحجرة، والشهادة بباب الدار، يعني الشهادة في سبيل الله؛ لاخترت الموت على الإسلام على باب الحجرة، على الشهادة على باب الدار؛ لأني لا أدري ما الذي يعرض لقلبي فيما بين الحجرة إلى باب الدار.
واستمرار حسن العمل الذي كان في هذا الشهر بعد انقضائه دليل حسن الخاتمة؛ لأنه يعني الاستقامة التي طلبها الله تعالى من عباده، لتكون خاتمتهم سعيدة، فقد قال سبحانه: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} وأثنى على المستقيمين ثناء بالغاً، ووعدهم أجراً عظيماً، كما قال سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}.
ولذلك لما جاء سفيان بن عبد لله الثقفي رضي الله عنه يسأل النبي صلى الله عليه وسلم قولاً جامعاً في الإسلام لا يسأل بعده أحداً؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «قل: آمنت بالله، ثم استقم» لأن هذه الاستقامة تضمن خاتمة السعادة التي هي مناط الأعمال ومقصد الرجال، وهي التي قصدها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «فإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخل الجنة، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخل النار»
وسنة الله تعالى في عباده أن من حافظ على أعماله الصالحة فلن يغير الله عليه حالا حتى يلقاه بحال الرضا.
إلا أن كثيراً ممن يختم لهم بخاتمة السوء هم الذين يتهاونون بالصلاة المفروضة، والزكاة الواجبة، والذين يتتبعون عورات المسلمين، والذين ينقصون المكيال والميزان، والذين يخدعون المسلمين ويغشونهم ويلبِّسون عليهم في أمور الدين والدنيا، والذين يُكَذِّبون أولياء الله، وينكرون عليهم بغير حق، والذين يدَّعون أحوال الأولياء ومقاماتهم من غير صدق، وأشباه ذلك من الأمور الشنيعة.
وعلى المسلم أن لا يزال سائلاً من الله حسن الخاتمة، فقد روي أن الشيطان يقول: قصم ظهري الذي يسأل الله تعالى حسن الخاتمة. ويقول: متى يعجب هذا بعمله! أخاف أن قد فطن.
نسأل الله حسن الخاتمة والموت على الإسلام والإيمان.
احمد الحداد
***********************************************************************
في وداع رمضان
الناس في رمضان على ثلاثة أقسام : قسم ظالم لنفسه ؛ لم يصم شهر رمضان صوماً حقيقياً فلم يحفظ حدوده ولم يتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ , فلم يصم لسانه عن اللغو والبهتان , ولم يصم سمعه عن سماع الباطل والخنا وكل ما يغضب الرحمن , ولم تصم عيناه عن النظر المحرم الغفلان , ولم تصم بطنه عن أكل الحرام , ولا يداه وقدماه عن الفحش والبهتان , فهذا كان حظه من صومه العطش والجوع وتحصيل الذل والخنوع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ. أخرجه أحمد 2/373(8843) و\"النسائي\" في \"الكبرى\" 3236 و\"ابن خزيمة\" 1997الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3488 في صحيح الجامع
قال الشاعر :
إذا لـم يكنْ فـي السمـعِ مِنّي تَصَوُّنٌ *** وفي بصـري غَضٌ ، وفي منطقي صَمْتُ
فحَظّي إذًا مِن صومِي الجوعُ والظمأ *** وإن قُلتُ: إني صُمْتُ يومًا فما صُمْتُ
فهؤلاء لم يأخذوا من الإسلام إلا اسمه ولا من الإيمان إلا رسمه , فهم قد وقفوا عند مرتبة الإسلام ولم يتجاوزها بعد إلى مرتبة الإيمان .
والقسم الثاني : قسم مقتصد ؛ صان نفسه عن كل ما يغضب الله وحفظ صومه من اللغو والباطل , كما قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك .ابن رجب : لطائف المعارف 168.
قال الشاعر:
يا غَافِلاً وَليالِي الصَّومِ قَد ذَهَبَتْ ** زادَتْ خَطَايَاكَ قِفْ بِالبَابِ وَابْكِيهَا
وَاغْنَمْ بقيـةَ هذا الشَّهْرِ تَحْظَ ** غرستَـهُ مِنْ ثِمَارِ الخيـرِ تَجْنِيـهَا
وهؤلاء هم من تجاوزوا مرتبة الإسلام إلى مرتبة الإيمان ولكنهم بعد لم يصلوا إلى مرتبة الإحسان .
والقسم الثالث : هم من سبقوا بالخيرات وتنافسوا على تحصيل الحسنات , فهم المحسنون الذي وصلوا إلى مرتبة الإحسان فعبدوا الله حق العبادة وراقبوه حق المراقبة , فهم المتميزون في صومهم وعبادتهم وأخلاقهم , فلم يصوموا كما يصوم الناس بل جعلوا صومهم خالصاً لله رب العالمين فصانوه من الشوائب وحفظوه من السفاسف والمعايب , فصارت ألسنتهم تلهج بالذكر والدعاء , وقلوبهم يلفها الصفاء والنقاء .
فقرأوا القرآن وتدبروا معانيه , وقامت قلوبهم بالليل تصلي لله وتناجيه .
قال الشاعر :
يا شهرُ كم لي فيكَ مِن إشراقةٍ * * * تَطوي الظلامَ وتَنشُرُ الأعراسَا
أنبتَّ بالتقوى شِعَابَ قلوبِنا * * * وسَقَيْتَ بالآيِ الكِرامِ غِراسَا
نَفحاتُكَ الغَنَّاءُ رِفْدُ سعادةٍ * * * تَستنزِلُ الرحَمَاتِ والإيناسَا
و نسائمُ الأسحارِ تَذهبُ بالضَّنَى * * * وتُهَدهِدُ الوِجدانَ مما قاسَى
و بكلِّ سانِحَةٍ مَآثِرُ سُنَّةٍ * * * مِن نُورِ أحمدَ أشرقَت نِبْراسَا
وهذه الأقسام الثلاثة هي التي عناها الله تعالى في محكم تنزيله فقال سبحانه: \" ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) سورة فاطر .
قال الواحدي : { فمنهم ظالم لنفسه } وهو الذي زادت سيئاته على حسناته { ومنهم مقتصد } وهو الذي استوت حسناته وسيئاته { ومنهم سابق بالخيرات } وهو الذي رجحت حسناته. تفسير الوجيز للواحدي 1/.893.
وقال الرازي : { فَمِنْهُمْ ظالم } وهو المسيء { وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } وهو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات } وهو الذي أخلص العمل لله وجرده عن السيئات . تفسير الرازي 12/497.
قال السعدي : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } بالمعاصي، [التي] هي دون الكفر. { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ } مقتصر على ما يجب عليه، تارك للمحرم. { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } أي: سارع فيها واجتهد، فسبق غيره، وهو المؤدي للفرائض، المكثر من النوافل، التارك للمحرم والمكروه.
فكلهم اصطفاه اللّه تعالى، لوراثة هذا الكتاب، وإن تفاوتت مراتبهم، وتميزت أحوالهم، فلكل منهم قسط من وراثته، حتى الظالم لنفسه، فإن ما معه من أصل الإيمان، وعلوم الإيمان، وأعمال الإيمان، من وراثة الكتاب، لأن المراد بوراثة الكتاب، وراثة علمه وعمله، ودراسة ألفاظه، واستخراج معانيه. تفسير السعدي 689.
أخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له : ما يبكيك؟ قال : ذكرت بعض الأمور فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني؟ قال : نعم . قال : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال ، فقال : موسى رب أجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون ، إذا أرادوا أمراً قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله ، وإذا هبط وادياً حمد الله ، الصعيد لهم طهور ، والأرض لهم مسجداً حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة ، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء ، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر نعم .
قال كعب : انشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب ، واصطفيتهم { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } [ فاطر : 32 ] ولا أجد أحداً منه إلا مرحوماً فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة ، يصفّون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل ، لا يدخل النار منهم أحد إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي . قال هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمداً وأمته قال : يا ليتني من أمة أحمد ، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن { إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) [ الأعراف : 144 ] الآية فرضي موسى كل الرضا . السيوطي : الدر المنثور 4/323.
فيا – أيها الحبيب – من أي الأقسام أنت ؟ ومن أي الأصناف قد انتسبت ؟ .
إن من أعظم الجرم وإن من أكبر الخسران أن يعود المرء بعد الغنيمة خاسراً وأن يبدد المكاسب التي يسرها الله عز وجل في هذا الشهر الكريم ، وأن يرتد بعد الإقبال مدبراً وبعد المسارعة إلى الخيرات مهاجراً وبعد عمران المساجد بالتلاوات والطاعات معرضاً ؛ فإن هذه الأمور لتدل على أن القلوب لم تحيا حياة كاملة بالإيمان ولم تستنر نورها التام بالقرآن وأن النفوس لم تذق حلاوة الطاعة ولا المناجاة وأن الإيمان ما يزال في النفوس ضعيفاً وأن التعلق بالله عز وجل لا يزال واهناً.
قال الشاعر :
غدا توفى النفوس ما كسبت ... و يحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ... و إن أساءوا فبئس ما صنعوا
فماذا عليك الآن وأنت تودع شهر رمضان ؟ .
أولاً : تودع رمضان بمثل ما استقبلته بالطاعة والإيمان والبر والإحسان , ولا تكن كالتي قال الله تعالى فيها : \" وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) سورة النحل .
قال أهل التفسير : المرأة المقصودة في الآية الكريمة هي امرأة عاشت في زمن ما قبل الإسلام (الجاهلية)، واسمها رابطة أو رايطة أو ريطة من بني تميم، وكانت امرأة تلقب بالجعراء أو الجعرانة، وإليها ينتسب الموضع المسمى بالجعرانة بين مكة المكرمة والطائف، وهو ميقات للإحرام.
وإلى جانب ذلك كانت تسمى بخرقاء مكة، ويضرب بها المثل في الحمق، فما قصة حمقها؟.لقد كانت هذه المرأة تجتمع كل يوم، هي ومجموعة من الجواري والعاملات لديها، فتأمرهن بالعمل على غزل ونسج الصوف والشعر ونحوهما، ثم إذا انتصف النهار وانتهين من أداء عملهن في الغزل؛ أمرتهن بنقضه، أي إفساد ما غزلنه وإرجاعه أنكاثاً، بمعنى أنقاضاً أو خيوطاً، وذلك بإعادة تقطيع الغزل إلى قطع صغيرة، ثم تنكث خيوطها المبرومة، فتُخلط بالصوف أو الشعر الجديد وتنشب به، ثم تضرب بالمطارق أو ما شابه، على أن يقمن بغزله مجدداً في اليوم التالي , وهكذا، تجهد هذه المرأة نفسها وعاملاتها بالعمل ثم تفسده بحمقها وخراقتها. تفسير الطبري 17 /283 , تفسير ابن كثير 4/599.
أو من الذين قال الله فيهم : \" ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) سورة الحج .
قيل لِبِشْرِ الحَافِي رحمه الله : إنَّ قَوماً يَتعبَّدون ويجتَهِدُون في رمضان ؟ فقال : بِئْسَ القومُ قومٌ لا يَعرفُونَ للهِ حَقَّاً إلَّا في شَهْرِ رَمَضَان ، إنَّ الصَّالحَ الذي يَتَعَبَّدُ ويَجْتَهِدُ السَّنَة كلَّها .
وسُئِلَ الشِّبْلِيُّ رحمه الله : أيُّهما أفضلُ : رَجبٌ أو شَعْبَان ؟ فقال : كُنْ ربَّانِيَّاً ولا تَكُنْ شَعَبَانِيَّاً !.
قال الشاعر :
ترحَّلت يا شهرَ الصيامِ بصومِنا * * * وقـدْ كنتَ أنواراً بكلِّ مكانِ
لئنْ فَنِيَتْ أيامُك الزُّهرُ بَغتـةً* * * فما الحزنُ مِنْ قلبي عليك بِفَانِ
عليكَ سلامُ الله كن شاهداً لنا* * * بخـيرٍ رعاكَ الله مِنْ رمـضانِ
قال ابن رجب : في ( لطائف المعارف 323 ) : بعض السلف كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته : أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما و قمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم. كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له : إنه يوم فرح و سرور فيقول : صدقتم و لكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا ؟. رأى وهب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد فقال : إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين. وعن الحسن قال : إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون .
لعلك غضبان و قلبي غافل * * * سلام على الدارين إن كنت راضيا
روي عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان : يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه وعن ابن مسعود أنه كان يقول : من هذا المقبول منا فنهنيه ومن هذا المحروم منا فنعزيه أيها المقبول هنيئا لك أيها المردود جبر الله مصيبتك .
ليت شعري من فيه يقبل منا * * * فيهنا يا خيبة المردود
من تولى عنه بغير قبول * * * أرغم الله أنفه بخزي شديد
ثانياً : كما حافظتَ على الصلاةِ بركوعها وسجودها , وخشوعها وخضوعها ، وذرفتَ الدمعَ بين يدي ربك ، فهلاّ بَقِيْتَ على هذه الحالة بقيةَ عمرك وفي سائر عملك فالصلاةُ عمودُ الإسلام ، ولا حظَّ في الإسلام لمن ضَيَّع الصلاة .
فلا تكن ممن قال فيه الشاعر :
صلى وصام لأمر كان يطلبه * * * فلما قضي الأمر لا صلى ولا صاما
سُجن الإمام البويطي صاحب الشافعي ووُضع الغُلّ في عنقه، والقيد في رجليه، وكان يقول: لأموتن في حديدي هذا، حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديده .
وكان البويطي وهو في الحبس يغتسل كل جمعة، ويتطيب، ويغسل ثيابه، ثم يخرج إلى باب السجن إذا سمع النداء، فيردّه السجان، فيقول البويطي: اللهم! إني أجبت داعيك فمنعوني.
وكتب البويطي إلى الذهلي: أسألك أن تعرض حالي على إخواننا أهل الحديث، لعل الله يُخلِّصني بدعائهم، فإني في الحديد، وقد عجزتُ عن أداء الفرائض؛ من الطهارة والصلاة. فضجّ الناس بالبكاء والدعاء له.
ثالثاً : كان الصومُ لك جُنَّةً ووقاية ، وحِصْناً حَصِيْناً من شياطين الإنس والجن ، فهل تَأْمنْ على نفسك بقيةَ العامِ بلا حصنٍ ولا عُدة . فالصومُ باقٍ بقاءَ العام ، فَطِبْ نفساً بِمَوَاسِمِ الصِّيَام , وقاوم الشيطان طوال العام , فلو أخلصت النية في ذلك حفظك الله منه , حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه : ما تصنع بالشيطان إذا سول لق الخطايا ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : هذا يطول أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده وأرده جهدي .قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك .- إن صدقت هذه الرواية - لم يكن تاركاً الدنيا كسباً، بل قلباً. ابن الجوزي : تلبيس إبليس 35.
في الإسرائيليات : أنّ رجلاً تزوّج امرأة من بلدة ، وكان بينهما مسيرة شهر ، فأرسل إلى غلام له من تلك البلدة ليحملها إليه فسار بها يوماً ، فلما جنّه الليل أتاه الشيطان فقال له : إنّ بينك وبين زوجها مسيرة شهر فلو تمتعت بها ليالي هذا الشهر إلى أن تصل إلى زوجها ، فإنها لا تكره ذلك وتثني عليك عند سيدك فتكون أحظى لك عنده ، فقام الغلام يصلي فقال : يا رب ، إنّ عدوك هذا جاءني فسوّل لي معصيتك ، وإنه لا طاقة لي به في مدة شهر وأنا أستعيذك عليه يا رب فأعذني عليه ، واكفني مؤونته ، فلم تزل نفسه تراوده ليلته أجمع وهو يجاهدها حتى أسحر فشّد على دابة المرأة وحملها وسار بها ، قال : فرحمه اللّه تعالى ، فطوى له مسيرة شهر فما برق الفجر حتى أشرف على مدينة مولاه ، قال : وشكر اللّه تعالى له هربه إليه من معصيته فنبأه ، فكان نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل . قوت القلوب 2/335.
رابعاً : قمتَ رمضان إيماناً واحتساباً , وها قد انقضى شهرُ القيام . فلا تَقْصُر عنه سائرَ العام . فخذ بالجدِّ فيه ، عن سهل بن سعد أإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : \" أتاني جبريل ، فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت أحبب من شئت ، فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل عزه استغناؤه عن الناس \" .أخرجه الطبراني في \" الأوسط \" ( 1 / 61 / 2 و أبو نعيم في \" الحلية \" ( 3 / 253 ) و الحاكم ( 4 / 324 - 325 ) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 505.
ذكرَ الخطيبُ البغدادي رحمه الله : عن عاصم البَيْهَقِي قال : بتُّ ليلةً عند الإمام أحمد بن حنبل ، فجاء بماءٍ فوضعَهُ ، فلما أصبح نَظر إلى الماءِ بحاله ، فقال : سبحانَ الله ! رجلٌ يطلبُ العلمَ لا يكونُ له وِرْدٌ بالليل .
وذكر أهلُ التَّارِيخِ والسِّيَرِ : أن أبا يزيد طيفور بن عيسى البسطامي لما تعلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} [المزمل:1ـ2] قال لأبيه: يا أبتِ, من الذي يقول الله تعالى هذا له؟ قال: يا بني, ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم.قال: يا أبتِ, ما لك لا تصنع أنت كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم.قال: يا بني، إن الله تعالى خصَّ نبيه صلى الله عليه وسلم بافتراض قيام الليل دون أمته, فسكت عنه. فلما حفظ قول الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل:20].قال: يا أبتِ إني أسمع أن طائفة كانوا يقومون من الليل، فمن هذه الطائفة؟ قال له أبوه: أولئك هم الصحابة رضي الله عنهم.قال: فلم تترك ما فعله الصحابة؟ قال: صدقت يا بني, لا أتركه إن شاء الله تعالى, فكان يقوم من الليل ويصلي، واستيقظ أبو يزيد ليلة فإذا أبوه يصلي.فقال: علِّمني كيف أتطهر وأفعل مثل فعلك وأصلي معك.فقال له أبوه: يا بني أرقد فإنك صغير بعدُ.قال: يا أبتِ, إذا كان يوم يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم أقول لربي: إني قلتُ لأبي: كيف أتطهر لأصلي معك؟ فأبى وقال لي: ارقد فإنك صغير بعدُ؟ قال أبوه: لا والله يا بني، وعلمه فكان يصلي معه. ثم قال له : إيَّاك إيَّاك .. أنْ يَسْبِقَكَ الدِّيكُ ! فيكونَ أَكْيسَ منْك يُسبِّحُ وأنت نائم ؟!.
قال الشاعر:
ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرفا***واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً***مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما***تراه يحصد إلا الهم و الندما
خامساً : ختمتَ القرآنَ مرةً ، أو بعض مرةٍ ، وعزفتَ عن الشواغل حتى لا تهجُره في شهره ، أيحسنُ بك أنْ تُقَدِّمَ الشواغلَ عليه وهو كلامُ الملك ! هلاّ عزمتَ على صَرْفِها مرات ؛ لتَحْظَى بِخَتَمَات .
قال عمرو بن العاص كل آية في القرآن درجة في الحنة ومصباح في بيوتكم وقال أيضا من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه وقال أبو هريرة إن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين وإن البيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين.
طوبى لمن حفظ الكتابَ بصدره * * فبدا وضيئاً كالنجوم تألَّقا
الله أكبر ! يا لها من نعمة * * لما يقال \" اقرأ ! \" فرتل وارتقا
وتمثلَ القرآنَ في أخلاقه * * وفعاله فبه الفؤادُ تعلقا
سادساً : حافظتَ قدْرَ وسعك على قلبِك من غَوائلِ الهوى النَّزَّاعةِ للشوى ، صُنْتَ سَمْعكَ ، وبَصَركَ ، وفؤادَكَ عما لا ينبغي في شهرِ الصيامِ رجاءَ كماله ، ولكنْ لتعلمَ أنَّ صيامَ الجوارحِ لا يَنْقَضي بغروبِ شمسِ آخرِ ليلةٍ من رمضان ، فشرْعُ الله دائمٌ على مَرِّ العام ذلك, فاحفظ قلبك طوال العمر من الحسد والكبر والحقد والغل , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ ِللهِ ، قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ ، وَلكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ : أَنْ تَحْفَظَ الرَّاْسَ وَمَا وَعَى ، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى ، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى ، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا ، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ.أ خرجه أحمد 1/387(3671) الألباني( حسن ) انظر حديث رقم : 935 في صحيح الجامع .
قال ابن الجوزي في \" التبصرة \" ص 1/ 199 : عباد الله إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومنْ فَرط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام، فاستغنموا منه ما بقى من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم به عند الملك العلاّم، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
سلام من الرحمن كل أوان *** على خير شهر قد مضى وزمانِ
سلام على شهر الصيام فإنه *** أمان من الرحمن كل أمان
لئن فنيت أيامك الغر بغتة *** فما الحزن من قلبي عليك بفان
عن الهيثم بن جماذ قال: دخلت على يزيد الرقاشي وهو يبكي في يوم حار وقد عطش نفسه أربعين سنة فقال لي: أدخل تعالى نبكي على الماء البارد في اليوم الحار.
عن مالك قال: بلغني أن حسين بن رستم الأيلي دخل على قوم وهو صائم فقالوا له: أفطر فقال: إني وعدت الله وعدا، وأنا أكره أن أُخلف الله ما وعدته.
قال سعيد عن قتادة رحمهم الله كان يقال : من لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له ؟ ومن رد في ليلة القدر متى يقبل ؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان , ومتى يصلح من كان فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان .
قال الشاعر :
فيا شهر الصيام فدتك نفسي *** تمهل بالرحيل والانتقال
فما أدرى إذا ما العام ولى *** وعدت بقابل في خير حال
أتلقاني مع الأحياء حيا *** أم انك تلقني في اللحد بالي
فذلك حال الدنا دواما *** فراق بعد جمع وارتحال
وقال آخر :
رمضانُ قد رحلت فما عسايّ أقولُ * * * والدمعُ من ألم الفراق يسيلُ ؟
عامٌ مضى .. غفت القلوبُ وأجدبت * * * هممٌ وأنكرت الثمارَ حقولُ
واستنفرتنا للمباهج أنفسٌ * * * مالت مع الأهواء حيث تميل
فلك التحية .. ما أقمت بأرضنا * * * ولك التحية .. ما احتواك رحيلُ
فيا شهر رمضان غير مودع ودعناك، وغير مقلي فارقناك، كان نهارك صدقة وصياماً، وليلك قراءة وقياماً، فعليك منا تحية وسلاماً، يا شهر الصيام أتراك تعود بعدها علينا أو تدركنا المنون فلا تؤول إلينا، مصابيحنا فيك مشهورة، ومساجدنا فيك معمورة، فالآن تنطفئ المصابيح، وتنقطع التراويح.
والآن تهجر المساجد ويجفوها كل راكع وساجد , وتطوى المصاحف ويأمن الخائف , فلا وجل ولا خشوع ولا بكاء ولا دموع , فيا شهر الصيام أسرع إلينا ثانية فقلوبنا إليك تحن ومن ألم فراقك تبكي وتئن .
د. بدر عبد الحميد هميسه
**************************************************************************
علماء الإسلام
البوزجاني... مؤسس التكامل والتفاضل في حساب المثلثات
حين نطالع سيرة العلم نرى صنوفاً من الإسهامات أنتجها البحث المضني، لشخصيات متنوعة المشارب، تتوالى كألوان الطيف المتباينة، وتغرينا بعوالمها المبهجة فلا ندري بأيّها نبدأ، كلها قدَّم إضافة دفعت الإنسانية إلى النهضة، لكنَّ القليل من بين هذا الكم الهائل من الإسهامات ما أسَّس علماً بذاته، وعندما نتوقف متأملين قصة عالم وضع فناً جديداً للمعرفة، فنحن في الحقيقة ندرس ماهية العبقرية.
لم تكتسب جهود العالم المسلم أبي الوفاء محمد بن محمد بن يحي البوزجاني، المتوفى سنة 388هـ، قيمتها العلمية من ضخامتها وتنوعها وأسبقيتها فحسب، بل نالت اهتمام الدارسين لكونها مهَّدت لاكتشاف الهندسة التحليلية وأسَّست علم التفاضل والتكامل وطوَّرت العلوم الرياضية، إذ استطاع صاحبها أن يضيف إلى بحوث الخوارزمي إضافات مهمة، منها أنه حل المعادلة ذات الدرجة الرابعة، ووضع النسبة المثلثية (ظل)، واستعملها في حل المسائل، وأدخل القاطع والقاطع تمام، ووضع الجداول الرياضية للماس، وأوجد طريقة جديدة تمتاز بالدقة لحساب جدول الجيب، كما ابتكر طرائق لاستعمال الآلات الهندسية في رسم الأشكال والدوائر المستوية والكروية، مطوراً فن الرسم الهندسي الذي أرسى أصوله وقواعده.
ينتمي البوزجاني إلى مدينة بوزجان في خراسان، التي كان مولده فيها عام 328هـ، حيث تعلَّم الحساب في صغره على أيدي اثنين من أقاربه، هما أبو عمرو المغازلي وأبو عبد الله محمد بن عنبة، وعندما بلغ العشرين من عمره رحل إلى بغداد، وهناك درس علوم الرياضيات والفلك، وانضم إلى نخبة من العلماء اختارهم شرف الدولة بن عضد الدولة للعمل في المرصد الفلكي الذي أنشأه، وكان يتميز بقدرة على النقد، أهَّلته للاطلاع على مؤلفات السابقين والاستفادة منها بوعي، فلم يكن يطمئن إلى فكرة إلا بعدما يُعمل فكره فيها ويقتنع بأدلتها، ولعل أبرز شاهد على ذلك شروحه النقدية لمؤلفات أبرخس وديوفانتوس وغيرهما.
ويرى صلاح الدين الصفدي في كتابه «الوافي بالوفيات» أن أبا الوفاء البوزجاني كان له استخراجات غريبة في الهندسة والحساب لم يُسبق إليها، ويعترف علماء عرب كالبيروني والطوسي وآخرون أوروبيون منهم دي فو وجورج سارتون بأنهم استفادوا من بحوث البوزجاني ووجدوا فيها أمارات عبقريته، كما تُثبت التركة العظيمة التي خلَّفها أنه كان عالماً يمتلك ثروة علمية هائلة، إذ ألَّف في مجالات شتى، ومكَّنته موسوعيته من الجمع بين العلوم على نحو يمكن معه الابتكار والتجديد، ويشكّل كتابه «فيما يحتاج إليه العمال والكتَّاب من صناعة الحساب»، الذي توجد منه مخطوطة في مكتبة تستر بيتي بأيرلندا، أحد أهم مؤلفاته، ويشتمل على سبع منازل وكل منزلة سبعة أبواب.
وفي العصر الحديث، أُطلق اسم البوزجاني على فوهة بركانية على سطح القمر، تقديراً له على ما قدَّم للبشرية من إسهامات خالدة، وربما اعتذاراً له عما ناله من تقصير في حقه، بعدما ثبت يقيناً أنه أول من اكتشف الخلل الثالث في حركة القمر، إلى جانب ما توصل إليه من حسابات فلكية وصفها سمير عرابي في كتابه «سلسلة علماء العرب والمسلمين» بأنها بلغت درجة عالية من الدقة جعلتها موضع استشهاد لمن جاؤوا بعده في مناقشاتهم الفلكية، كما أن كتابه «المجسطي» يُعدُّ موسوعة شاملة في هذا المجال، إضافة إلى «الكامل» الذي يبحث خلال ثلاثة مقالات في حركات الكواكب والتغيرات التي تعتريها.
***************************************************************************
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1438هـ
27 رمضان 1438
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ وَفِّرْ حَظِّي فِيهِ مِنَ النَّوَافِلِ، وَ أَكْرِمْنِي فِيهِ بِإِحْضَارِ الْأَحْرَارِ مِنَ الْمَسَائِلِ، وَ قَرِّبْ وَسِيلَتِي إِلَيْكَ مِنْ بَيْنِ الْوَسَائِلِ، يَا مَنْ لَا يَشْغَلُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ ".
*************************************************************
اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب.
اللهم انقطع الرجاء إلا منك وأُغلقت الأبواب إلا بابك فلا تكلني إلى أحدٍ سواك في أمور ديني ودنياي طرفة عين ولا أقل من ذلك وانقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة ونَوِّر قلبي وقبري وأعذني من الشر كله واجمع لي الخير كله يا أكرم من سئل وأجود من أعطى.
*************************************************************
من أقوال وأحوال السلف بعد رمضان
أيمن الشعبان
بسم الله الرحمن الرحيم
- روي عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه.[1]
- عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُنَادِي: مَنْ هَذَا الْمَقْبُولُ اللَّيْلَةَ فَنُهَنِّيهِ، وَمَنْ هَذَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ اللَّيْلَةَ فَنُعَزِّيهِ، أَيُّهَا الْمَقْبُولُ هَنِيئًا، وَأَيُّهَا الْمَرْحُومُ الْمَرْدُودُ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَكَ.[2]
- قال أبو عمرٍو الشيبانيُّ: قالَ موسى - عليه السلامُ - يومَ الطُّور: يا ربّ!إنْ أنا صليتُ فَمِن قِبَلِكَ، هان أنا تصدَّقْتُ فمن قبَلكَ، وإن بلَّغْتَ رسالاتكفَمِنْ قِبَلِكَ، فكيف أشكرك؟
قال: يا موسى، الَآنَ شكرتَني، فأمَّا مقابلة نعمة التوفيق لصيامِ شهر رمضانَ بارتكابِ المعاصي بعده، فهو من فِعْلِ مَن بدَّلَ نِعْمةَ اللَّهِ كفرًا، فإن كان قد عَزَمَ في صيامِهِ على معاودةِ المعاصِي بعدَ انقضاءِ الصيامِ، فصيامُه عليه مردودٌ، وبابُ ألرَّحمةِ في وجههِ مسدودٌ.[3]
- قال كعبٌ: مَن صامَ رمضانَ وهو يُحدِّثُ نفسَهُ أنَّه إن أفطر رمضانَأن لا يعصِي اللَّهَ، دخلَ الجنةَ بغيرِ مسألةٍ ولا حساب، ومَن صامَ رمضانَ وهو يحدِّثُ نفسَه أنَّه إذا أفطر عصَى ربَّه، فصيامُه عليه مردودٌ.[4]
- قيل لبشر الحافي: أن قومًا يتعبدون في رمضان ويجتهدون في الأعمال، فإذا انسلخ تركوا! قال: بئس القوم قوم لا يعرفون الله إلا في رمضان.[5]
- خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته: أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما وقمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم.[6]
- قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان،ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم.[7]
- قال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا.[8]
- قال بعض السلف: أدركت أقواماً لا يزيد دخول رمضان من أعمالهم شيئاً، ولا ينقص خروجه من أعمالهم شيئاً.[9]
- رأى وهب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد فقال: إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين.[10]
- قال الحسن البصري: إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقونفيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك، في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.[11]
- دخل رجل على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه يوم عيد الفطر، فوجده يتناول خبزًا فيه خشونة، فقال: يا أمير المؤمنين، يوم عيد وخبز خشن! فقال عليّ: اليوم عيد مَن قُبِلَ صيامه وقيامه، عيد من غفر ذنبه وشكر سعيه وقبل عمله، اليوم لنا عيد وغدًا لنا عيد، وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو لنا عيد.[12]
- كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ : يَأَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ، إِنِّي عَلَيْكُمْ شَفِيقٌ، صَلُّوا فِي ظَلامِ اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ، وَصُومُوا فِي حَرِّ الدُّنْيَا لِحَرِّ يَوْمِ النُّشُورِ، وَتَصَدَّقُوا مَخَافَةَ يَوْمٍ عَسِيرٍ لِعَظَائِمِ الأُمُورِ.[13]
- قال أبو مَنْصُورٍ الشِّيرَازِيَّ فِي مَجْلِسِهِ بِالْحَرَمِ الْمُقَدَّسِ يَوْمَ الْعِيدِ: لَيْسَ الْعِيدُ لِمَنْ غُرِفَ لَهُ إِنَّمَا الْعِيدُ لِمَنْ غُفِرَ لَهُ.[14]
- يقول ابن الجوزي: ليس العيد ثوبا يجر الخيلاء جره، ولا تناول مطعم بكف شره لا يؤمن شره، إنما العيد لبس توبة عاص تائب يسر بقدوم قلب غائب.[15]
- مر قوم براهب في دير فقالوا له: متى عيد أهل هذا الدير؟ قال: يوم يغفر لأهله.[16]
- يقول ابن رجب: ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعاته تزيد، ليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب، في ليلة العيد تفرق خلق العتق والمغفرة على العبيد؛ فمن ناله منها شيء فله عيد، وإلا فهو مطرود بعيد.[17]
- قال الحسن البصري: كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد.[18]
- عن مفضل بن لاحق أبي بشر، قال: سمعت عدي بن أرطاة, يخطب بعد انقضاء شهر رمضان فيقول: كأن كبدًا لم تظمأ، وكأن عينًا لم تسهر، فقد ذهب الظمأ وأبقى الأجر، فيا ليت شعري! من المقبول منا فنهنئه؟! ومن المردود منا فنعزيه؟! فأما أنت أيها المقبول, فهنيئًا هنيئًا، وأما أنت أيها المردود, فجبر الله مصيبتك. قال: ثم يبكي ويبكي.[19]
- عن مالك بن دينار أن قومًا من أهل البصرة اشتروا جارية قرب شهر رمضان، فرأتهم يشترون المأكول والمشروب، فقالت لهم: ما تصنعون بهذا؟! فقالوا لها: لشهر رمضان، فقالت لهم: أنا كنت لقوم كان دهرهم كله شهر رمضان، فوالله, لا أقيم عندكم.[20]
- عن محمد بن يزيد قال: رأيت وهيب بن الورد صلى ذات يوم العيد، فلما انصرف الناس جعلوا يمرون به، فنظر إليهم ثم زفر ثم قال: لئن كان هؤلاء القوم أصبحوا مستيقنين أنه قد تُقُبِّل منهم شهرهم هذا لكان ينبغي لهم أن يكونوا مشاغيل بأداء الشكر عما هم فيه، وإن كانت الأخرى لقد كان ينبغي لهم أن يصبحوا أشغل وأشغل.[21]
- مما جاء في خطبة المأمون بالعيد: عِبَادَ اللهِ! عَظُمَ قَدْرُ الدَّارَيْنِ، وَارْتَفَعَ جَزَاءُ الْعَامِلِينَ، وَطَالَتْ مُدَّةُ الْفَرِيقَيْنِ، فَوَاللهِ! إِنَّهُ لَلْجِدُّ لا اللَّعِبُ، وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ لا الْكَذِبُ، وَمَا هُوَ إِلا الْمَوْتُ وَالْبَعْثُ وَالْحِسَابُ وَالْفَصْلُ وَالصِّرَاطُ ثُمَّ الْعِقَابُ وَالثَّوَابُ، فَمَنْ نَجَا يَوْمَئِذٍ؛ فَقَدْ فَازَ، وَمَنْ هَوَى يَوْمَئِذٍ؛ فَقَدْ خَابَ، الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّرُّ كُلُّهُ فِي النَّارِ.[22]
- قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: خَرَجْتُ مَعَهُ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا غَضُّ الْبَصَرِ.[23]
- رجع حسان بن أبي سنان من عيده فقالت امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت إلى أن رجعت![24]
- عن أبي مروان مولى بني تميم قال: انصرفت مع صفوان بن سليم من العيد إلى منزله فجاء بخبز يابس فجاء سائل فوقف على الباب وسأل فقام صفوان إلى كوّة في البيت فأخذ منها شيئا فأعطاه فاتّبعت ذلك السائل لأنظر ما أعطاه. فإذا هو يقول: أعطاه الله افضل ما أعطى أحداً من خلْقه فقلت ما أعطاك؟ قال: أعطاني ديناراً.[25]
- كَانَ حماد بن أبي سليمان ذَا دُنْيَا مُتَّسِعَةٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُفَطِّر فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسَ مائَةِ إِنْسَانٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُعْطِيْهِم بَعْدَ العِيْدِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مائَةَ دِرْهَمٍ.[26]
- كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له: إنه يوم فرح وسرور فيقول: صدقتم ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا؟[27]
- في يوم من أيام العيد جاءت بناتُ عمر بن عبدالعزيز، وقُلْنَ له: يا أمير المؤمنين، العيد غدًا، وليس عندنا ثياب جديدة نَلْبَسُها - بناته يوم العيد لا يَجِدْنَ ثيابًا يَلْبَسْنَها - فماذا كان ردُّ أمير المؤمنين عليهِنَّ؟ - نظر إليهنَّ، وقال :يا بناتي، ليس العيد من لبس الجديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد![28]
- قال أبو بكر المروزي: دخلت على أبي بكر بن مسلم صاحب قنطرة بردان يوم عيد فوجدته وعليه قميص مرقوع مطبق وقدامه قليل خرنوب يقرضه فقلت: يا أبا بكر اليوم يوم عيد الفطر تأكل الخرنوب؟ فقال لي: لا تنظر إلى هذا ولكن انظر إن سألني من أين لك هذا؟ أي شيء أقول![29
- قال قتادة: كان يقال: من لم يُغفر له في رمضان فلن يغفر له فيما سواه.[30]
- عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه... رأى ابنه عبد الملك في ثياب رثة في يوم العيد... فبكى عمر رضي الله عنه... فلاحظ ابنه البار ذلك... فقال له: ما يبكيك يا أبتاه ؟ فقال له أبوه الرحيم: أخاف أن تخرج يا بني في هذه الثياب الرثة إلى الصبيان لتلعب معهم فينكسر قلبك... فقال الابن البار لأبيه الرحيم: إنما ينكسر قلب من عصى مولاه وعق أمه وأباه... وأرجو أن يكون الله راضيا عني برضاك عني يا أبي... فضمه عمر إلى صدره وقبله بين عينيه ودعا له... فكان ازهد أولاده.[31]
- قال الإمام انس بن مالك رحمه الله: للمؤمن خمسة أعياد: كل يوم يمر على المؤمن ولا يكتب عليه ذنب فهو يوم عيد, اليوم الذي يخرج فيه من الدنيا بالإيمان فهو يوم عيد, واليوم الذي يجاوز فيه الصراط ويأمن أهوال يوم القيامة فهو يوم عيد, واليوم الذي يدخل فيه الجنة فهو يوم عيد, واليوم الذي ينظر فيه إلى ربه فهو يوم عيد[32] .
- كان السلف رضي الله عنهم يقولون لبعضهم بعد انتهاء رمضان: من المحروم في هذا الشهر؟ المحروم من حرم الخير حقاً، المحروم من حرم دوام الطاعة حقاً.[33]
------------------------------------------
[1]لطائف المعارف، ص210.
[2]مختصر قيام الليل للمروزي، ص213.
[3]لطائف المعارف، ص136.
[4]لطائف المعارف، ص136-137.
[5]مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار (2/283).
[6]لطائف المعارف، ص209.
[7]لطائف المعارف، ص148.
[8]لطائف المعارف، ص148.
[9]مواصلة العمل الصالح بعد رمضان، صالح الفوزان.
[10]لطائف المعارف، ص209.
[11]لطائف المعارف، ص210.
[12]موقع المنبر، خطبة بعنوان" عيد الأضحى المبارك".
[13]تاريخ دمشق(66/214).
[14]معجم السفر، للسلفي، ص302.
[15]التبصرة، ص114.
[16]لطائف المعارف، ص277.
[17]لطائف المعارف، ص277.
[18]لطائف المعارف، ص278.
[19]الصيام للفريابي، ص95.
[20]المجالسة وجواهر العلم ( 5/146).
[21]صفة الصفوة(1/421).
[22]المجالسة وجواهر العلم( 6/42).
[23]التبصرة لابن الجوزي، ص106.
[24]التبصرة لابن الجوزي، ص106.
[25]صفة الصفوة(1/385).
[26]سير أعلام النبلاء(5/530).
[27]لطائف المعارف، ص209.
[28]عمر بن عبد العزيز.. كانت حياته معجزة، الشيخ محمد جمعة الحلبوسي، شبكة الألوكة.
[29]التبصرة لابن الجوزي، ص109.
[30]لطائف المعارف، ص211.
[31]العيد قلوب موحدة وعادات مختلفة، صحيفة الرأي.
[32] فرحة العيد، د. بدر عبد الحميد هميسة، صيد الفوائد.
[33] من درس للشيخ حسن أبو الأشبال، حرص السلف على تنقية الأعمال وتصفيتها.
*************************************************************
علماء الإسلام
عمار الموصلي.. جراح العيون الأول وكحالها الأَلْمَعِيّ
يحفل تاريخنا العريق بأعلام بارزين أسهموا في بناء صرح الحضارة الإسلامية، وكانوا وما زالوا نجوماً مشرقة في سماء العلم، نذروا أنفسهم لخدمة البشرية كافة، وقدَّموا جهوداً مشرِّفة في مجالات شتى، منها الطب والرياضيات والفيزياء والكيمياء والفلك، وغيرها من العلوم الإنسانية، وأثَّرت جهودهم في النهضة الأوروبية تأثيراً اعترف به الأوروبيون أنفسهم.
وخلال شهر رمضان المبارك، تحيي «البيان» ذكرى هؤلاء العلماء، وترحل مع القارئ في عوالمهم الفسيحة، كاشفةً اللثام عن إنجازاتهم التي شكَّلت حلقة في مسيرة التطور، والتي قد اعترى بعضَها النسيان والظلم التاريخي أحياناً.
السَّاد أو الكاتاراكت: «Cataract» أو الماء الأبيض، مرض يصيب عدسة العين بالعتمة ويُفقدها شفافيتها فيسبب ضعفاً في البصر، وتجري معالجة العين منه عن طريق عملية جراحية. هي معلومة يسهل تحصيلها من خلال أي موسوعة أو برنامج أو موقع طبي، لكنَّ ثمة بصمة عربية إسلامية وراء هذه المعلومة، تُبرز لنا الدور المؤثر الذي نهضت به حضارتنا القديمة من أجل نفع البشرية.
كان الطبيب المسلم عمار بن علي الموصلي، المتوفى سنة 400هـ، أول من ابتكر طريقة آمنة لعلاج الساد، بتفتيته واستخراجه من العين بواسطة المقداح المجوّف الذي اخترعه وصنعه بنفسه من المعدن، بعدما أجرى تعديلات على المقداح الزجاجي الذي استعمله الطبيب اليوناني أنطليوس في القرن الثاني الميلادي، وهي الطريقة التي انتقلت بعد ذلك إلى أوروبا ومارسها أطباؤها مثل الطبيب الإنجليزي برسفال بوث.
توصيف دقيق
حدَّد عمار الموصلي، في كتابه «المنتخب في علم العين وعللها ومعالجتها بالأدوية والحديد»، جغرافية هذا المرض الذي رأى أنه يظهر في الأمكنة الحارة الرطبة وينتج عن كثرة تناول الأسماك، مقدِّماً وصفاً دقيقاً لتقنية عملية القدح التي حذَّر من إجرائها قبل نضج المرض وتمامه، وذكر أن علامة ذلك أن يفقد المريض القدرة على تمييز الألوان.
وُلد عمار في مدينة الموصل بالعراق، وتعلَّم على أيدي علمائها، وتجوَّل في بلاد كثيرة طالباً العلم، مثل خراسان وسوريا وفلسطين ومكة والمدينة، ثم رحل إلى مصر وسكنها في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي كلَّفه بتأليف كتابه، فذاع صيته وظهرت براعته بصفته أحد مشاهير أطباء العيون آنذاك، كما عُرف بخبرته في تركيب العقاقير وصناعتها، وامتاز عن غيره بالقدرة على التجديد والابتكار.
ويتألف كتاب عمار الموصلي من واحد وعشرين فصلاً في مداواة علل العين بالأدوية والآلات الجراحية، ويتضمن تجارب وممارسات للعمليات التي أجراها، وأفكاراً لم يسبقه إليها أطباء العيون المتقدمون عليه من العرب واليونانيين، ووصف فيه واحداً وخمسين مرضاً من أمراض العين مع طرائق مداواتها، مستنداً إلى منهج علمي متطور ابتدعه لنفسه، مما أهَّل الكتاب ليصبح مرجعاً رئيساً لمن جاء بعده، لذا كثرت الاقتباسات منه في كتب المتأخرين .
كما في كتابي «نور العيون» و«المرشد بطب العيون»، وتُرجم إلى اللاتينية والعبرية والألمانية، واعتُمد منهجاً دراسياً لطلاب الجامعات في أوروبا حتى القرن الثامن عشر الميلادي، ونشره محققاً الدكتور محمد رواس قلعجي والدكتور محمد ظافر الوفائي.
مذهب
تروي المصادر التاريخية أن عماراً كان يمارس طب العيون في البيمارستانات بالمدن التي كان يزورها، ويُجري جراحاته أمام طلابه الذين كانوا يحضرون ليشرح لهم كيفية التعامل مع المعضلات التي تواجههم، وفي هذا دلالة واضحة على إيمانه بأهمية الجانب التطبيقي في تدريس العلوم الطبية، وعلى مدى فضله في تربية أجيال جديدة من الأطباء الذين حملوا أمانة العلم من بعده.
ولذا، عرف المؤرخون والباحثون قدر عمار الموصلي على امتداد العصور واختلاف الثقافات، فقال عنه ابن أبي أصيبعة في كتابه «طبقات الأطباء»: «كان كحَّالاً مشهوراً، ومعالجاً مذكوراً، له خبرة بمداواة أمراض العين»، ووصفه المستشرقان مايرهوف وهيرشبورغ بأنه «من الأوائل، إن لم يكن الأول الذي أبدع في قدح العين»، وأرجع نشأت الحمارنة في موسوعته «تاريخ أطباء العيون العرب» الفضل إليه في عمليات العيون التي تجرى حتى الآن.
*************************************************
ابن زريق البغدادي.. طلب الرزق برفق
قصيدة ابن زريق البغدادي الشهيرة التي يؤنب فيها نفسه على الطموح المتجاوز حده إلى مهاوي الطمع، حين ضحى من أجل إصابة المال والجاه، بهناء أسرته وبحقوق أقرب الناس وأحبهم إليه، فما نال مما طمح إليه شيئاً.
ولا استمتع بما أتيح له في كنف داره وأسرته.. يقول في مطلعها مخاطباً باحترام وود، حليلته التي لامته على تحميل نفسه فوق طاقتها وخسرانه لأجمل لحظات العمر في أحضان زوجته وولده، وركوب المهالك عوض ذلك بحثاً عن الدنيا:
لا تعذليه فإنّ العذْل يوجعُهُ
قد قلتِ حقّاً ولكنْ ليس يسمعُهُ
نحسب أن هذا الاعتراف الجميل بعيوب النفس، وبما جبلت عليه من طمع وحب لتحسين ظروف الحياة والجاه، رغم خطورة ذلك أحياناً وما يفضي إليه من مصير غير معلوم، يعتبر إشارة لخير عميق ينطوي عليه الشاعر وهو يضرب أكباد الإبل ميمماً شطر المشرق والمغرب، كأنه موكل بفضاء الله يذرعه. هذا الاعتراف أكسب القصيدة وشاعرها مصداقية تجعل المتلقي شيقاً ينتظر التسويغ بعد أن أقرّ المعذول بخطئه، ورغم ذلك يقرر المضي قدماً في المغامرة، تحدوه «عسى ولعل»، ونعتقد أن هذا درس كبير في تحليل النفس ورصد معادلة الحياة الصعبة.
تأبى المطامع إلاّ أنْ تجشّمهُ
للرزق كدّاً وكم ممّن يودعهُ
وما مجاهدةُ الإنسان واصلةٌ
رزقاً ولا دَعةُ الإنسان تقطعهُ
والله قسّم بين الناس رزقَهُمُ
لم يخلقِ اللهُ مخلوقاً يضيّعه
ونعم بالله، وحاشاه ربنا أن يضيع مخلوقاً منا، ولو كان نملة سوداء في ليلة ظلماء في صخرة صماء، فإنه سميع بصير يراها ويسمعها ويصلها بالرزق حيث هي، ولكننا رغم معرفتنا بهذه الحقيقة إلا أننا نتجشم وعثاء السفر والغربة، ونورد أنفسنا موارد التهلكة، ونتحمل ما لا نستحق بين يدي من لا يهتم بقدرنا، حرصاً على الرزق الذي هو مقسوم بقدر مقدور أصلاً، ونحن بإيماننا نعلم ذلك، ولكن الناس هكذا كما يقول ابن زريق:
لكنّهم ملئوا حرصاً فلستَ ترى
مسترزقاً وسوى الغايات تقنعهُ
والحرص في المرء والأرزاق قد قسمتْ
بغيٌ، ألا إن بغي المرء يصرعه
والدهرُ يعطي الفتى ما ليس يطلُبُهُ
حقّاً ويطمعُهُ من حيث يمنعه
تأملوا هذا البيت الأخير، أليس صحيحاً؟ الدهر يعطي الفتى أحياناً ما ليس يطلبه حقاً، بينما يطمعه في شيء آخر فيمنعه عنه، وكأنما نحن ألعوبة، رغم رأينا بأن الدهر لا يطمعنا في شيء وإنما النفس الأمارة بالسوء، وأما الدهر فيعطينا المقسوم.
وجه الخير في هذا البيان النفسي، نلتمسه في حث الشاعر على طلب الرزق، على أي حال، لأن السماء لا تمطر ذهباً، لذا فعلينا أن نحرص على ما ينفعنا، ولكن بروية وتعقل، دون بغي على أنفسنا وغيرنا، مع الإيمان بأننا لو ركضنا ركض الوحوش في البرية، فإنه سوى المقسوم لن ننال.
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ وَفِّرْ حَظِّي فِيهِ مِنَ النَّوَافِلِ، وَ أَكْرِمْنِي فِيهِ بِإِحْضَارِ الْأَحْرَارِ مِنَ الْمَسَائِلِ، وَ قَرِّبْ وَسِيلَتِي إِلَيْكَ مِنْ بَيْنِ الْوَسَائِلِ، يَا مَنْ لَا يَشْغَلُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّينَ ".
*************************************************************
اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك موجبات رحمتك، وعزائم مغفرتك، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم، إنك أنت علام الغيوب.
اللهم انقطع الرجاء إلا منك وأُغلقت الأبواب إلا بابك فلا تكلني إلى أحدٍ سواك في أمور ديني ودنياي طرفة عين ولا أقل من ذلك وانقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة ونَوِّر قلبي وقبري وأعذني من الشر كله واجمع لي الخير كله يا أكرم من سئل وأجود من أعطى.
*************************************************************
من أقوال وأحوال السلف بعد رمضان
أيمن الشعبان
بسم الله الرحمن الرحيم
- روي عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه.[1]
- عنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، فَيُنَادِي: مَنْ هَذَا الْمَقْبُولُ اللَّيْلَةَ فَنُهَنِّيهِ، وَمَنْ هَذَا الْمَحْرُومُ الْمَرْدُودُ اللَّيْلَةَ فَنُعَزِّيهِ، أَيُّهَا الْمَقْبُولُ هَنِيئًا، وَأَيُّهَا الْمَرْحُومُ الْمَرْدُودُ جَبَرَ اللَّهُ مُصِيبَتَكَ.[2]
- قال أبو عمرٍو الشيبانيُّ: قالَ موسى - عليه السلامُ - يومَ الطُّور: يا ربّ!إنْ أنا صليتُ فَمِن قِبَلِكَ، هان أنا تصدَّقْتُ فمن قبَلكَ، وإن بلَّغْتَ رسالاتكفَمِنْ قِبَلِكَ، فكيف أشكرك؟
قال: يا موسى، الَآنَ شكرتَني، فأمَّا مقابلة نعمة التوفيق لصيامِ شهر رمضانَ بارتكابِ المعاصي بعده، فهو من فِعْلِ مَن بدَّلَ نِعْمةَ اللَّهِ كفرًا، فإن كان قد عَزَمَ في صيامِهِ على معاودةِ المعاصِي بعدَ انقضاءِ الصيامِ، فصيامُه عليه مردودٌ، وبابُ ألرَّحمةِ في وجههِ مسدودٌ.[3]
- قال كعبٌ: مَن صامَ رمضانَ وهو يُحدِّثُ نفسَهُ أنَّه إن أفطر رمضانَأن لا يعصِي اللَّهَ، دخلَ الجنةَ بغيرِ مسألةٍ ولا حساب، ومَن صامَ رمضانَ وهو يحدِّثُ نفسَه أنَّه إذا أفطر عصَى ربَّه، فصيامُه عليه مردودٌ.[4]
- قيل لبشر الحافي: أن قومًا يتعبدون في رمضان ويجتهدون في الأعمال، فإذا انسلخ تركوا! قال: بئس القوم قوم لا يعرفون الله إلا في رمضان.[5]
- خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته: أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما وقمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم.[6]
- قال معلى بن الفضل: كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر أن يبلغهم رمضان،ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم.[7]
- قال يحيى بن أبي كثير كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبلا.[8]
- قال بعض السلف: أدركت أقواماً لا يزيد دخول رمضان من أعمالهم شيئاً، ولا ينقص خروجه من أعمالهم شيئاً.[9]
- رأى وهب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد فقال: إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين.[10]
- قال الحسن البصري: إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه، يستبقونفيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وتخلف آخرون فخابوا، فالعجب من اللاعب الضاحك، في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون.[11]
- دخل رجل على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه يوم عيد الفطر، فوجده يتناول خبزًا فيه خشونة، فقال: يا أمير المؤمنين، يوم عيد وخبز خشن! فقال عليّ: اليوم عيد مَن قُبِلَ صيامه وقيامه، عيد من غفر ذنبه وشكر سعيه وقبل عمله، اليوم لنا عيد وغدًا لنا عيد، وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو لنا عيد.[12]
- كَانَ أَبُو ذَرٍّ يَقُولُ : يَأَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي لَكُمْ نَاصِحٌ، إِنِّي عَلَيْكُمْ شَفِيقٌ، صَلُّوا فِي ظَلامِ اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ، وَصُومُوا فِي حَرِّ الدُّنْيَا لِحَرِّ يَوْمِ النُّشُورِ، وَتَصَدَّقُوا مَخَافَةَ يَوْمٍ عَسِيرٍ لِعَظَائِمِ الأُمُورِ.[13]
- قال أبو مَنْصُورٍ الشِّيرَازِيَّ فِي مَجْلِسِهِ بِالْحَرَمِ الْمُقَدَّسِ يَوْمَ الْعِيدِ: لَيْسَ الْعِيدُ لِمَنْ غُرِفَ لَهُ إِنَّمَا الْعِيدُ لِمَنْ غُفِرَ لَهُ.[14]
- يقول ابن الجوزي: ليس العيد ثوبا يجر الخيلاء جره، ولا تناول مطعم بكف شره لا يؤمن شره، إنما العيد لبس توبة عاص تائب يسر بقدوم قلب غائب.[15]
- مر قوم براهب في دير فقالوا له: متى عيد أهل هذا الدير؟ قال: يوم يغفر لأهله.[16]
- يقول ابن رجب: ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعاته تزيد، ليس العيد لمن تجمل باللباس والركوب، إنما العيد لمن غفرت له الذنوب، في ليلة العيد تفرق خلق العتق والمغفرة على العبيد؛ فمن ناله منها شيء فله عيد، وإلا فهو مطرود بعيد.[17]
- قال الحسن البصري: كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد.[18]
- عن مفضل بن لاحق أبي بشر، قال: سمعت عدي بن أرطاة, يخطب بعد انقضاء شهر رمضان فيقول: كأن كبدًا لم تظمأ، وكأن عينًا لم تسهر، فقد ذهب الظمأ وأبقى الأجر، فيا ليت شعري! من المقبول منا فنهنئه؟! ومن المردود منا فنعزيه؟! فأما أنت أيها المقبول, فهنيئًا هنيئًا، وأما أنت أيها المردود, فجبر الله مصيبتك. قال: ثم يبكي ويبكي.[19]
- عن مالك بن دينار أن قومًا من أهل البصرة اشتروا جارية قرب شهر رمضان، فرأتهم يشترون المأكول والمشروب، فقالت لهم: ما تصنعون بهذا؟! فقالوا لها: لشهر رمضان، فقالت لهم: أنا كنت لقوم كان دهرهم كله شهر رمضان، فوالله, لا أقيم عندكم.[20]
- عن محمد بن يزيد قال: رأيت وهيب بن الورد صلى ذات يوم العيد، فلما انصرف الناس جعلوا يمرون به، فنظر إليهم ثم زفر ثم قال: لئن كان هؤلاء القوم أصبحوا مستيقنين أنه قد تُقُبِّل منهم شهرهم هذا لكان ينبغي لهم أن يكونوا مشاغيل بأداء الشكر عما هم فيه، وإن كانت الأخرى لقد كان ينبغي لهم أن يصبحوا أشغل وأشغل.[21]
- مما جاء في خطبة المأمون بالعيد: عِبَادَ اللهِ! عَظُمَ قَدْرُ الدَّارَيْنِ، وَارْتَفَعَ جَزَاءُ الْعَامِلِينَ، وَطَالَتْ مُدَّةُ الْفَرِيقَيْنِ، فَوَاللهِ! إِنَّهُ لَلْجِدُّ لا اللَّعِبُ، وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ لا الْكَذِبُ، وَمَا هُوَ إِلا الْمَوْتُ وَالْبَعْثُ وَالْحِسَابُ وَالْفَصْلُ وَالصِّرَاطُ ثُمَّ الْعِقَابُ وَالثَّوَابُ، فَمَنْ نَجَا يَوْمَئِذٍ؛ فَقَدْ فَازَ، وَمَنْ هَوَى يَوْمَئِذٍ؛ فَقَدْ خَابَ، الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّرُّ كُلُّهُ فِي النَّارِ.[22]
- قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ: خَرَجْتُ مَعَهُ يَوْمَ عِيدٍ، فَقَالَ: إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا غَضُّ الْبَصَرِ.[23]
- رجع حسان بن أبي سنان من عيده فقالت امرأته: كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال: ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت إلى أن رجعت![24]
- عن أبي مروان مولى بني تميم قال: انصرفت مع صفوان بن سليم من العيد إلى منزله فجاء بخبز يابس فجاء سائل فوقف على الباب وسأل فقام صفوان إلى كوّة في البيت فأخذ منها شيئا فأعطاه فاتّبعت ذلك السائل لأنظر ما أعطاه. فإذا هو يقول: أعطاه الله افضل ما أعطى أحداً من خلْقه فقلت ما أعطاك؟ قال: أعطاني ديناراً.[25]
- كَانَ حماد بن أبي سليمان ذَا دُنْيَا مُتَّسِعَةٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُفَطِّر فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْسَ مائَةِ إِنْسَانٍ، وَأَنَّهُ كَانَ يُعْطِيْهِم بَعْدَ العِيْدِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مائَةَ دِرْهَمٍ.[26]
- كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له: إنه يوم فرح وسرور فيقول: صدقتم ولكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا؟[27]
- في يوم من أيام العيد جاءت بناتُ عمر بن عبدالعزيز، وقُلْنَ له: يا أمير المؤمنين، العيد غدًا، وليس عندنا ثياب جديدة نَلْبَسُها - بناته يوم العيد لا يَجِدْنَ ثيابًا يَلْبَسْنَها - فماذا كان ردُّ أمير المؤمنين عليهِنَّ؟ - نظر إليهنَّ، وقال :يا بناتي، ليس العيد من لبس الجديد، إنما العيد لمن خاف يوم الوعيد![28]
- قال أبو بكر المروزي: دخلت على أبي بكر بن مسلم صاحب قنطرة بردان يوم عيد فوجدته وعليه قميص مرقوع مطبق وقدامه قليل خرنوب يقرضه فقلت: يا أبا بكر اليوم يوم عيد الفطر تأكل الخرنوب؟ فقال لي: لا تنظر إلى هذا ولكن انظر إن سألني من أين لك هذا؟ أي شيء أقول![29
- قال قتادة: كان يقال: من لم يُغفر له في رمضان فلن يغفر له فيما سواه.[30]
- عمر بن عبد العزيز رحمه الله ورضي عنه... رأى ابنه عبد الملك في ثياب رثة في يوم العيد... فبكى عمر رضي الله عنه... فلاحظ ابنه البار ذلك... فقال له: ما يبكيك يا أبتاه ؟ فقال له أبوه الرحيم: أخاف أن تخرج يا بني في هذه الثياب الرثة إلى الصبيان لتلعب معهم فينكسر قلبك... فقال الابن البار لأبيه الرحيم: إنما ينكسر قلب من عصى مولاه وعق أمه وأباه... وأرجو أن يكون الله راضيا عني برضاك عني يا أبي... فضمه عمر إلى صدره وقبله بين عينيه ودعا له... فكان ازهد أولاده.[31]
- قال الإمام انس بن مالك رحمه الله: للمؤمن خمسة أعياد: كل يوم يمر على المؤمن ولا يكتب عليه ذنب فهو يوم عيد, اليوم الذي يخرج فيه من الدنيا بالإيمان فهو يوم عيد, واليوم الذي يجاوز فيه الصراط ويأمن أهوال يوم القيامة فهو يوم عيد, واليوم الذي يدخل فيه الجنة فهو يوم عيد, واليوم الذي ينظر فيه إلى ربه فهو يوم عيد[32] .
- كان السلف رضي الله عنهم يقولون لبعضهم بعد انتهاء رمضان: من المحروم في هذا الشهر؟ المحروم من حرم الخير حقاً، المحروم من حرم دوام الطاعة حقاً.[33]
------------------------------------------
[1]لطائف المعارف، ص210.
[2]مختصر قيام الليل للمروزي، ص213.
[3]لطائف المعارف، ص136.
[4]لطائف المعارف، ص136-137.
[5]مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار (2/283).
[6]لطائف المعارف، ص209.
[7]لطائف المعارف، ص148.
[8]لطائف المعارف، ص148.
[9]مواصلة العمل الصالح بعد رمضان، صالح الفوزان.
[10]لطائف المعارف، ص209.
[11]لطائف المعارف، ص210.
[12]موقع المنبر، خطبة بعنوان" عيد الأضحى المبارك".
[13]تاريخ دمشق(66/214).
[14]معجم السفر، للسلفي، ص302.
[15]التبصرة، ص114.
[16]لطائف المعارف، ص277.
[17]لطائف المعارف، ص277.
[18]لطائف المعارف، ص278.
[19]الصيام للفريابي، ص95.
[20]المجالسة وجواهر العلم ( 5/146).
[21]صفة الصفوة(1/421).
[22]المجالسة وجواهر العلم( 6/42).
[23]التبصرة لابن الجوزي، ص106.
[24]التبصرة لابن الجوزي، ص106.
[25]صفة الصفوة(1/385).
[26]سير أعلام النبلاء(5/530).
[27]لطائف المعارف، ص209.
[28]عمر بن عبد العزيز.. كانت حياته معجزة، الشيخ محمد جمعة الحلبوسي، شبكة الألوكة.
[29]التبصرة لابن الجوزي، ص109.
[30]لطائف المعارف، ص211.
[31]العيد قلوب موحدة وعادات مختلفة، صحيفة الرأي.
[32] فرحة العيد، د. بدر عبد الحميد هميسة، صيد الفوائد.
[33] من درس للشيخ حسن أبو الأشبال، حرص السلف على تنقية الأعمال وتصفيتها.
*************************************************************
علماء الإسلام
عمار الموصلي.. جراح العيون الأول وكحالها الأَلْمَعِيّ
يحفل تاريخنا العريق بأعلام بارزين أسهموا في بناء صرح الحضارة الإسلامية، وكانوا وما زالوا نجوماً مشرقة في سماء العلم، نذروا أنفسهم لخدمة البشرية كافة، وقدَّموا جهوداً مشرِّفة في مجالات شتى، منها الطب والرياضيات والفيزياء والكيمياء والفلك، وغيرها من العلوم الإنسانية، وأثَّرت جهودهم في النهضة الأوروبية تأثيراً اعترف به الأوروبيون أنفسهم.
وخلال شهر رمضان المبارك، تحيي «البيان» ذكرى هؤلاء العلماء، وترحل مع القارئ في عوالمهم الفسيحة، كاشفةً اللثام عن إنجازاتهم التي شكَّلت حلقة في مسيرة التطور، والتي قد اعترى بعضَها النسيان والظلم التاريخي أحياناً.
السَّاد أو الكاتاراكت: «Cataract» أو الماء الأبيض، مرض يصيب عدسة العين بالعتمة ويُفقدها شفافيتها فيسبب ضعفاً في البصر، وتجري معالجة العين منه عن طريق عملية جراحية. هي معلومة يسهل تحصيلها من خلال أي موسوعة أو برنامج أو موقع طبي، لكنَّ ثمة بصمة عربية إسلامية وراء هذه المعلومة، تُبرز لنا الدور المؤثر الذي نهضت به حضارتنا القديمة من أجل نفع البشرية.
كان الطبيب المسلم عمار بن علي الموصلي، المتوفى سنة 400هـ، أول من ابتكر طريقة آمنة لعلاج الساد، بتفتيته واستخراجه من العين بواسطة المقداح المجوّف الذي اخترعه وصنعه بنفسه من المعدن، بعدما أجرى تعديلات على المقداح الزجاجي الذي استعمله الطبيب اليوناني أنطليوس في القرن الثاني الميلادي، وهي الطريقة التي انتقلت بعد ذلك إلى أوروبا ومارسها أطباؤها مثل الطبيب الإنجليزي برسفال بوث.
توصيف دقيق
حدَّد عمار الموصلي، في كتابه «المنتخب في علم العين وعللها ومعالجتها بالأدوية والحديد»، جغرافية هذا المرض الذي رأى أنه يظهر في الأمكنة الحارة الرطبة وينتج عن كثرة تناول الأسماك، مقدِّماً وصفاً دقيقاً لتقنية عملية القدح التي حذَّر من إجرائها قبل نضج المرض وتمامه، وذكر أن علامة ذلك أن يفقد المريض القدرة على تمييز الألوان.
وُلد عمار في مدينة الموصل بالعراق، وتعلَّم على أيدي علمائها، وتجوَّل في بلاد كثيرة طالباً العلم، مثل خراسان وسوريا وفلسطين ومكة والمدينة، ثم رحل إلى مصر وسكنها في عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي كلَّفه بتأليف كتابه، فذاع صيته وظهرت براعته بصفته أحد مشاهير أطباء العيون آنذاك، كما عُرف بخبرته في تركيب العقاقير وصناعتها، وامتاز عن غيره بالقدرة على التجديد والابتكار.
ويتألف كتاب عمار الموصلي من واحد وعشرين فصلاً في مداواة علل العين بالأدوية والآلات الجراحية، ويتضمن تجارب وممارسات للعمليات التي أجراها، وأفكاراً لم يسبقه إليها أطباء العيون المتقدمون عليه من العرب واليونانيين، ووصف فيه واحداً وخمسين مرضاً من أمراض العين مع طرائق مداواتها، مستنداً إلى منهج علمي متطور ابتدعه لنفسه، مما أهَّل الكتاب ليصبح مرجعاً رئيساً لمن جاء بعده، لذا كثرت الاقتباسات منه في كتب المتأخرين .
كما في كتابي «نور العيون» و«المرشد بطب العيون»، وتُرجم إلى اللاتينية والعبرية والألمانية، واعتُمد منهجاً دراسياً لطلاب الجامعات في أوروبا حتى القرن الثامن عشر الميلادي، ونشره محققاً الدكتور محمد رواس قلعجي والدكتور محمد ظافر الوفائي.
مذهب
تروي المصادر التاريخية أن عماراً كان يمارس طب العيون في البيمارستانات بالمدن التي كان يزورها، ويُجري جراحاته أمام طلابه الذين كانوا يحضرون ليشرح لهم كيفية التعامل مع المعضلات التي تواجههم، وفي هذا دلالة واضحة على إيمانه بأهمية الجانب التطبيقي في تدريس العلوم الطبية، وعلى مدى فضله في تربية أجيال جديدة من الأطباء الذين حملوا أمانة العلم من بعده.
ولذا، عرف المؤرخون والباحثون قدر عمار الموصلي على امتداد العصور واختلاف الثقافات، فقال عنه ابن أبي أصيبعة في كتابه «طبقات الأطباء»: «كان كحَّالاً مشهوراً، ومعالجاً مذكوراً، له خبرة بمداواة أمراض العين»، ووصفه المستشرقان مايرهوف وهيرشبورغ بأنه «من الأوائل، إن لم يكن الأول الذي أبدع في قدح العين»، وأرجع نشأت الحمارنة في موسوعته «تاريخ أطباء العيون العرب» الفضل إليه في عمليات العيون التي تجرى حتى الآن.
*************************************************
ابن زريق البغدادي.. طلب الرزق برفق
قصيدة ابن زريق البغدادي الشهيرة التي يؤنب فيها نفسه على الطموح المتجاوز حده إلى مهاوي الطمع، حين ضحى من أجل إصابة المال والجاه، بهناء أسرته وبحقوق أقرب الناس وأحبهم إليه، فما نال مما طمح إليه شيئاً.
ولا استمتع بما أتيح له في كنف داره وأسرته.. يقول في مطلعها مخاطباً باحترام وود، حليلته التي لامته على تحميل نفسه فوق طاقتها وخسرانه لأجمل لحظات العمر في أحضان زوجته وولده، وركوب المهالك عوض ذلك بحثاً عن الدنيا:
لا تعذليه فإنّ العذْل يوجعُهُ
قد قلتِ حقّاً ولكنْ ليس يسمعُهُ
نحسب أن هذا الاعتراف الجميل بعيوب النفس، وبما جبلت عليه من طمع وحب لتحسين ظروف الحياة والجاه، رغم خطورة ذلك أحياناً وما يفضي إليه من مصير غير معلوم، يعتبر إشارة لخير عميق ينطوي عليه الشاعر وهو يضرب أكباد الإبل ميمماً شطر المشرق والمغرب، كأنه موكل بفضاء الله يذرعه. هذا الاعتراف أكسب القصيدة وشاعرها مصداقية تجعل المتلقي شيقاً ينتظر التسويغ بعد أن أقرّ المعذول بخطئه، ورغم ذلك يقرر المضي قدماً في المغامرة، تحدوه «عسى ولعل»، ونعتقد أن هذا درس كبير في تحليل النفس ورصد معادلة الحياة الصعبة.
تأبى المطامع إلاّ أنْ تجشّمهُ
للرزق كدّاً وكم ممّن يودعهُ
وما مجاهدةُ الإنسان واصلةٌ
رزقاً ولا دَعةُ الإنسان تقطعهُ
والله قسّم بين الناس رزقَهُمُ
لم يخلقِ اللهُ مخلوقاً يضيّعه
ونعم بالله، وحاشاه ربنا أن يضيع مخلوقاً منا، ولو كان نملة سوداء في ليلة ظلماء في صخرة صماء، فإنه سميع بصير يراها ويسمعها ويصلها بالرزق حيث هي، ولكننا رغم معرفتنا بهذه الحقيقة إلا أننا نتجشم وعثاء السفر والغربة، ونورد أنفسنا موارد التهلكة، ونتحمل ما لا نستحق بين يدي من لا يهتم بقدرنا، حرصاً على الرزق الذي هو مقسوم بقدر مقدور أصلاً، ونحن بإيماننا نعلم ذلك، ولكن الناس هكذا كما يقول ابن زريق:
لكنّهم ملئوا حرصاً فلستَ ترى
مسترزقاً وسوى الغايات تقنعهُ
والحرص في المرء والأرزاق قد قسمتْ
بغيٌ، ألا إن بغي المرء يصرعه
والدهرُ يعطي الفتى ما ليس يطلُبُهُ
حقّاً ويطمعُهُ من حيث يمنعه
تأملوا هذا البيت الأخير، أليس صحيحاً؟ الدهر يعطي الفتى أحياناً ما ليس يطلبه حقاً، بينما يطمعه في شيء آخر فيمنعه عنه، وكأنما نحن ألعوبة، رغم رأينا بأن الدهر لا يطمعنا في شيء وإنما النفس الأمارة بالسوء، وأما الدهر فيعطينا المقسوم.
وجه الخير في هذا البيان النفسي، نلتمسه في حث الشاعر على طلب الرزق، على أي حال، لأن السماء لا تمطر ذهباً، لذا فعلينا أن نحرص على ما ينفعنا، ولكن بروية وتعقل، دون بغي على أنفسنا وغيرنا، مع الإيمان بأننا لو ركضنا ركض الوحوش في البرية، فإنه سوى المقسوم لن ننال.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1438هـ
28 رمضان 1438
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ غَشِّنِي فِيهِ بِالرَّحْمَةِ وَ التَّوْفِيقِ وَ الْعِصْمَةِ، وَ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ عَائِبَاتِ التُّهَمَةِ، يَا رَءُوفاً بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ".
*********************************************************
اللهم إنا ندعوك و نبتهل إليك في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك أن تفرج على المسلمين المغلوبين على أمرهم , اللهم لا تحرم أطفال الفقراء و المساكين و اليتامى فرحة العيد , اللهم عليك بالظالمين الذين أوصلوهم إلى هذا الحال , يا الله يا مجيب الدعاء .
*********************************************************
اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُ بِكَ من شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ
**********************************************************
في وداع رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
الناس في رمضان على ثلاثة أقسام : قسم ظالم لنفسه ؛ لم يصم شهر رمضان صوماً حقيقياً فلم يحفظ حدوده ولم يتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ , فلم يصم لسانه عن اللغو والبهتان , ولم يصم سمعه عن سماع الباطل والخنا وكل ما يغضب الرحمن , ولم تصم عيناه عن النظر المحرم الغفلان , ولم تصم بطنه عن أكل الحرام , ولا يداه وقدماه عن الفحش والبهتان , فهذا كان حظه من صومه العطش والجوع وتحصيل الذل والخنوع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ. أخرجه أحمد 2/373(8843) و\"النسائي\" في \"الكبرى\" 3236 و\"ابن خزيمة\" 1997الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3488 في صحيح الجامع
قال الشاعر :
إذا لـم يكنْ فـي السمـعِ مِنّي تَصَوُّنٌ *** وفي بصـري غَضٌ ، وفي منطقي صَمْتُ
فحَظّي إذًا مِن صومِي الجوعُ والظمأ *** وإن قُلتُ: إني صُمْتُ يومًا فما صُمْتُ
فهؤلاء لم يأخذوا من الإسلام إلا اسمه ولا من الإيمان إلا رسمه , فهم قد وقفوا عند مرتبة الإسلام ولم يتجاوزها بعد إلى مرتبة الإيمان .
والقسم الثاني : قسم مقتصد ؛ صان نفسه عن كل ما يغضب الله وحفظ صومه من اللغو والباطل , كما قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك .ابن رجب : لطائف المعارف 168.
قال الشاعر:
يا غَافِلاً وَليالِي الصَّومِ قَد ذَهَبَتْ ** زادَتْ خَطَايَاكَ قِفْ بِالبَابِ وَابْكِيهَا
وَاغْنَمْ بقيـةَ هذا الشَّهْرِ تَحْظَ ** غرستَـهُ مِنْ ثِمَارِ الخيـرِ تَجْنِيـهَا
وهؤلاء هم من تجاوزوا مرتبة الإسلام إلى مرتبة الإيمان ولكنهم بعد لم يصلوا إلى مرتبة الإحسان .
والقسم الثالث : هم من سبقوا بالخيرات وتنافسوا على تحصيل الحسنات , فهم المحسنون الذي وصلوا إلى مرتبة الإحسان فعبدوا الله حق العبادة وراقبوه حق المراقبة , فهم المتميزون في صومهم وعبادتهم وأخلاقهم , فلم يصوموا كما يصوم الناس بل جعلوا صومهم خالصاً لله رب العالمين فصانوه من الشوائب وحفظوه من السفاسف والمعايب , فصارت ألسنتهم تلهج بالذكر والدعاء , وقلوبهم يلفها الصفاء والنقاء .
فقرأوا القرآن وتدبروا معانيه , وقامت قلوبهم بالليل تصلي لله وتناجيه .
قال الشاعر :
يا شهرُ كم لي فيكَ مِن إشراقةٍ * * * تَطوي الظلامَ وتَنشُرُ الأعراسَا
أنبتَّ بالتقوى شِعَابَ قلوبِنا * * * وسَقَيْتَ بالآيِ الكِرامِ غِراسَا
نَفحاتُكَ الغَنَّاءُ رِفْدُ سعادةٍ * * * تَستنزِلُ الرحَمَاتِ والإيناسَا
و نسائمُ الأسحارِ تَذهبُ بالضَّنَى * * * وتُهَدهِدُ الوِجدانَ مما قاسَى
و بكلِّ سانِحَةٍ مَآثِرُ سُنَّةٍ * * * مِن نُورِ أحمدَ أشرقَت نِبْراسَا
وهذه الأقسام الثلاثة هي التي عناها الله تعالى في محكم تنزيله فقال سبحانه: \" ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) سورة فاطر .
قال الواحدي : { فمنهم ظالم لنفسه } وهو الذي زادت سيئاته على حسناته { ومنهم مقتصد } وهو الذي استوت حسناته وسيئاته { ومنهم سابق بالخيرات } وهو الذي رجحت حسناته. تفسير الوجيز للواحدي 1/.893.
وقال الرازي : { فَمِنْهُمْ ظالم } وهو المسيء { وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } وهو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات } وهو الذي أخلص العمل لله وجرده عن السيئات . تفسير الرازي 12/497.
قال السعدي : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } بالمعاصي، [التي] هي دون الكفر. { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ } مقتصر على ما يجب عليه، تارك للمحرم. { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } أي: سارع فيها واجتهد، فسبق غيره، وهو المؤدي للفرائض، المكثر من النوافل، التارك للمحرم والمكروه.
فكلهم اصطفاه اللّه تعالى، لوراثة هذا الكتاب، وإن تفاوتت مراتبهم، وتميزت أحوالهم، فلكل منهم قسط من وراثته، حتى الظالم لنفسه، فإن ما معه من أصل الإيمان، وعلوم الإيمان، وأعمال الإيمان، من وراثة الكتاب، لأن المراد بوراثة الكتاب، وراثة علمه وعمله، ودراسة ألفاظه، واستخراج معانيه. تفسير السعدي 689.
أخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له : ما يبكيك؟ قال : ذكرت بعض الأمور فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني؟ قال : نعم . قال : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال ، فقال : موسى رب أجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون ، إذا أرادوا أمراً قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله ، وإذا هبط وادياً حمد الله ، الصعيد لهم طهور ، والأرض لهم مسجداً حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة ، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء ، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر نعم .
قال كعب : انشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب ، واصطفيتهم { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } [ فاطر : 32 ] ولا أجد أحداً منه إلا مرحوماً فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة ، يصفّون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل ، لا يدخل النار منهم أحد إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي . قال هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمداً وأمته قال : يا ليتني من أمة أحمد ، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن { إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) [ الأعراف : 144 ] الآية فرضي موسى كل الرضا . السيوطي : الدر المنثور 4/323.
فيا – أيها الحبيب – من أي الأقسام أنت ؟ ومن أي الأصناف قد انتسبت ؟ .
إن من أعظم الجرم وإن من أكبر الخسران أن يعود المرء بعد الغنيمة خاسراً وأن يبدد المكاسب التي يسرها الله عز وجل في هذا الشهر الكريم ، وأن يرتد بعد الإقبال مدبراً وبعد المسارعة إلى الخيرات مهاجراً وبعد عمران المساجد بالتلاوات والطاعات معرضاً ؛ فإن هذه الأمور لتدل على أن القلوب لم تحيا حياة كاملة بالإيمان ولم تستنر نورها التام بالقرآن وأن النفوس لم تذق حلاوة الطاعة ولا المناجاة وأن الإيمان ما يزال في النفوس ضعيفاً وأن التعلق بالله عز وجل لا يزال واهناً.
قال الشاعر :
غدا توفى النفوس ما كسبت ... و يحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ... و إن أساءوا فبئس ما صنعوا
فماذا عليك الآن وأنت تودع شهر رمضان ؟ .
أولاً : تودع رمضان بمثل ما استقبلته بالطاعة والإيمان والبر والإحسان , ولا تكن كالتي قال الله تعالى فيها : \" وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) سورة النحل .
قال أهل التفسير : المرأة المقصودة في الآية الكريمة هي امرأة عاشت في زمن ما قبل الإسلام (الجاهلية)، واسمها رابطة أو رايطة أو ريطة من بني تميم، وكانت امرأة تلقب بالجعراء أو الجعرانة، وإليها ينتسب الموضع المسمى بالجعرانة بين مكة المكرمة والطائف، وهو ميقات للإحرام.
وإلى جانب ذلك كانت تسمى بخرقاء مكة، ويضرب بها المثل في الحمق، فما قصة حمقها؟.لقد كانت هذه المرأة تجتمع كل يوم، هي ومجموعة من الجواري والعاملات لديها، فتأمرهن بالعمل على غزل ونسج الصوف والشعر ونحوهما، ثم إذا انتصف النهار وانتهين من أداء عملهن في الغزل؛ أمرتهن بنقضه، أي إفساد ما غزلنه وإرجاعه أنكاثاً، بمعنى أنقاضاً أو خيوطاً، وذلك بإعادة تقطيع الغزل إلى قطع صغيرة، ثم تنكث خيوطها المبرومة، فتُخلط بالصوف أو الشعر الجديد وتنشب به، ثم تضرب بالمطارق أو ما شابه، على أن يقمن بغزله مجدداً في اليوم التالي , وهكذا، تجهد هذه المرأة نفسها وعاملاتها بالعمل ثم تفسده بحمقها وخراقتها. تفسير الطبري 17 /283 , تفسير ابن كثير 4/599.
أو من الذين قال الله فيهم : \" ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) سورة الحج .
قيل لِبِشْرِ الحَافِي رحمه الله : إنَّ قَوماً يَتعبَّدون ويجتَهِدُون في رمضان ؟ فقال : بِئْسَ القومُ قومٌ لا يَعرفُونَ للهِ حَقَّاً إلَّا في شَهْرِ رَمَضَان ، إنَّ الصَّالحَ الذي يَتَعَبَّدُ ويَجْتَهِدُ السَّنَة كلَّها .
وسُئِلَ الشِّبْلِيُّ رحمه الله : أيُّهما أفضلُ : رَجبٌ أو شَعْبَان ؟ فقال : كُنْ ربَّانِيَّاً ولا تَكُنْ شَعَبَانِيَّاً !.
قال الشاعر :
ترحَّلت يا شهرَ الصيامِ بصومِنا * * * وقـدْ كنتَ أنواراً بكلِّ مكانِ
لئنْ فَنِيَتْ أيامُك الزُّهرُ بَغتـةً* * * فما الحزنُ مِنْ قلبي عليك بِفَانِ
عليكَ سلامُ الله كن شاهداً لنا* * * بخـيرٍ رعاكَ الله مِنْ رمـضانِ
قال ابن رجب : في ( لطائف المعارف 323 ) : بعض السلف كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته : أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما و قمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم. كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له : إنه يوم فرح و سرور فيقول : صدقتم و لكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا ؟. رأى وهب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد فقال : إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين. وعن الحسن قال : إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون .
لعلك غضبان و قلبي غافل * * * سلام على الدارين إن كنت راضيا
روي عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان : يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه وعن ابن مسعود أنه كان يقول : من هذا المقبول منا فنهنيه ومن هذا المحروم منا فنعزيه أيها المقبول هنيئا لك أيها المردود جبر الله مصيبتك .
ليت شعري من فيه يقبل منا * * * فيهنا يا خيبة المردود
من تولى عنه بغير قبول * * * أرغم الله أنفه بخزي شديد
ثانياً : كما حافظتَ على الصلاةِ بركوعها وسجودها , وخشوعها وخضوعها ، وذرفتَ الدمعَ بين يدي ربك ، فهلاّ بَقِيْتَ على هذه الحالة بقيةَ عمرك وفي سائر عملك فالصلاةُ عمودُ الإسلام ، ولا حظَّ في الإسلام لمن ضَيَّع الصلاة .
فلا تكن ممن قال فيه الشاعر :
صلى وصام لأمر كان يطلبه * * * فلما قضي الأمر لا صلى ولا صاما
سُجن الإمام البويطي صاحب الشافعي ووُضع الغُلّ في عنقه، والقيد في رجليه، وكان يقول: لأموتن في حديدي هذا، حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديده .
وكان البويطي وهو في الحبس يغتسل كل جمعة، ويتطيب، ويغسل ثيابه، ثم يخرج إلى باب السجن إذا سمع النداء، فيردّه السجان، فيقول البويطي: اللهم! إني أجبت داعيك فمنعوني.
وكتب البويطي إلى الذهلي: أسألك أن تعرض حالي على إخواننا أهل الحديث، لعل الله يُخلِّصني بدعائهم، فإني في الحديد، وقد عجزتُ عن أداء الفرائض؛ من الطهارة والصلاة. فضجّ الناس بالبكاء والدعاء له.
ثالثاً : كان الصومُ لك جُنَّةً ووقاية ، وحِصْناً حَصِيْناً من شياطين الإنس والجن ، فهل تَأْمنْ على نفسك بقيةَ العامِ بلا حصنٍ ولا عُدة . فالصومُ باقٍ بقاءَ العام ، فَطِبْ نفساً بِمَوَاسِمِ الصِّيَام , وقاوم الشيطان طوال العام , فلو أخلصت النية في ذلك حفظك الله منه , حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه : ما تصنع بالشيطان إذا سول لق الخطايا ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : هذا يطول أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده وأرده جهدي .قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك .- إن صدقت هذه الرواية - لم يكن تاركاً الدنيا كسباً، بل قلباً. ابن الجوزي : تلبيس إبليس 35.
في الإسرائيليات : أنّ رجلاً تزوّج امرأة من بلدة ، وكان بينهما مسيرة شهر ، فأرسل إلى غلام له من تلك البلدة ليحملها إليه فسار بها يوماً ، فلما جنّه الليل أتاه الشيطان فقال له : إنّ بينك وبين زوجها مسيرة شهر فلو تمتعت بها ليالي هذا الشهر إلى أن تصل إلى زوجها ، فإنها لا تكره ذلك وتثني عليك عند سيدك فتكون أحظى لك عنده ، فقام الغلام يصلي فقال : يا رب ، إنّ عدوك هذا جاءني فسوّل لي معصيتك ، وإنه لا طاقة لي به في مدة شهر وأنا أستعيذك عليه يا رب فأعذني عليه ، واكفني مؤونته ، فلم تزل نفسه تراوده ليلته أجمع وهو يجاهدها حتى أسحر فشّد على دابة المرأة وحملها وسار بها ، قال : فرحمه اللّه تعالى ، فطوى له مسيرة شهر فما برق الفجر حتى أشرف على مدينة مولاه ، قال : وشكر اللّه تعالى له هربه إليه من معصيته فنبأه ، فكان نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل . قوت القلوب 2/335.
رابعاً : قمتَ رمضان إيماناً واحتساباً , وها قد انقضى شهرُ القيام . فلا تَقْصُر عنه سائرَ العام . فخذ بالجدِّ فيه ، عن سهل بن سعد أإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : \" أتاني جبريل ، فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت أحبب من شئت ، فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل عزه استغناؤه عن الناس \" .أخرجه الطبراني في \" الأوسط \" ( 1 / 61 / 2 و أبو نعيم في \" الحلية \" ( 3 / 253 ) و الحاكم ( 4 / 324 - 325 ) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 505.
ذكرَ الخطيبُ البغدادي رحمه الله : عن عاصم البَيْهَقِي قال : بتُّ ليلةً عند الإمام أحمد بن حنبل ، فجاء بماءٍ فوضعَهُ ، فلما أصبح نَظر إلى الماءِ بحاله ، فقال : سبحانَ الله ! رجلٌ يطلبُ العلمَ لا يكونُ له وِرْدٌ بالليل .
وذكر أهلُ التَّارِيخِ والسِّيَرِ : أن أبا يزيد طيفور بن عيسى البسطامي لما تعلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} [المزمل:1ـ2] قال لأبيه: يا أبتِ, من الذي يقول الله تعالى هذا له؟ قال: يا بني, ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم.قال: يا أبتِ, ما لك لا تصنع أنت كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم.قال: يا بني، إن الله تعالى خصَّ نبيه صلى الله عليه وسلم بافتراض قيام الليل دون أمته, فسكت عنه. فلما حفظ قول الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل:20].قال: يا أبتِ إني أسمع أن طائفة كانوا يقومون من الليل، فمن هذه الطائفة؟ قال له أبوه: أولئك هم الصحابة رضي الله عنهم.قال: فلم تترك ما فعله الصحابة؟ قال: صدقت يا بني, لا أتركه إن شاء الله تعالى, فكان يقوم من الليل ويصلي، واستيقظ أبو يزيد ليلة فإذا أبوه يصلي.فقال: علِّمني كيف أتطهر وأفعل مثل فعلك وأصلي معك.فقال له أبوه: يا بني أرقد فإنك صغير بعدُ.قال: يا أبتِ, إذا كان يوم يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم أقول لربي: إني قلتُ لأبي: كيف أتطهر لأصلي معك؟ فأبى وقال لي: ارقد فإنك صغير بعدُ؟ قال أبوه: لا والله يا بني، وعلمه فكان يصلي معه. ثم قال له : إيَّاك إيَّاك .. أنْ يَسْبِقَكَ الدِّيكُ ! فيكونَ أَكْيسَ منْك يُسبِّحُ وأنت نائم ؟!.
قال الشاعر:
ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرفا***واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً***مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما***تراه يحصد إلا الهم و الندما
خامساً : ختمتَ القرآنَ مرةً ، أو بعض مرةٍ ، وعزفتَ عن الشواغل حتى لا تهجُره في شهره ، أيحسنُ بك أنْ تُقَدِّمَ الشواغلَ عليه وهو كلامُ الملك ! هلاّ عزمتَ على صَرْفِها مرات ؛ لتَحْظَى بِخَتَمَات .
قال عمرو بن العاص كل آية في القرآن درجة في الحنة ومصباح في بيوتكم وقال أيضا من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه وقال أبو هريرة إن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين وإن البيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين.
طوبى لمن حفظ الكتابَ بصدره * * فبدا وضيئاً كالنجوم تألَّقا
الله أكبر ! يا لها من نعمة * * لما يقال \" اقرأ ! \" فرتل وارتقا
وتمثلَ القرآنَ في أخلاقه * * وفعاله فبه الفؤادُ تعلقا
سادساً : حافظتَ قدْرَ وسعك على قلبِك من غَوائلِ الهوى النَّزَّاعةِ للشوى ، صُنْتَ سَمْعكَ ، وبَصَركَ ، وفؤادَكَ عما لا ينبغي في شهرِ الصيامِ رجاءَ كماله ، ولكنْ لتعلمَ أنَّ صيامَ الجوارحِ لا يَنْقَضي بغروبِ شمسِ آخرِ ليلةٍ من رمضان ، فشرْعُ الله دائمٌ على مَرِّ العام ذلك, فاحفظ قلبك طوال العمر من الحسد والكبر والحقد والغل , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ ِللهِ ، قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ ، وَلكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ : أَنْ تَحْفَظَ الرَّاْسَ وَمَا وَعَى ، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى ، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى ، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا ، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ.أ خرجه أحمد 1/387(3671) الألباني( حسن ) انظر حديث رقم : 935 في صحيح الجامع .
قال ابن الجوزي في \" التبصرة \" ص 1/ 199 : عباد الله إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومنْ فَرط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام، فاستغنموا منه ما بقى من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم به عند الملك العلاّم، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
سلام من الرحمن كل أوان *** على خير شهر قد مضى وزمانِ
سلام على شهر الصيام فإنه *** أمان من الرحمن كل أمان
لئن فنيت أيامك الغر بغتة *** فما الحزن من قلبي عليك بفان
عن الهيثم بن جماذ قال: دخلت على يزيد الرقاشي وهو يبكي في يوم حار وقد عطش نفسه أربعين سنة فقال لي: أدخل تعالى نبكي على الماء البارد في اليوم الحار.
عن مالك قال: بلغني أن حسين بن رستم الأيلي دخل على قوم وهو صائم فقالوا له: أفطر فقال: إني وعدت الله وعدا، وأنا أكره أن أُخلف الله ما وعدته.
قال سعيد عن قتادة رحمهم الله كان يقال : من لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له ؟ ومن رد في ليلة القدر متى يقبل ؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان , ومتى يصلح من كان فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان .
قال الشاعر :
فيا شهر الصيام فدتك نفسي *** تمهل بالرحيل والانتقال
فما أدرى إذا ما العام ولى *** وعدت بقابل في خير حال
أتلقاني مع الأحياء حيا *** أم انك تلقني في اللحد بالي
فذلك حال الدنا دواما *** فراق بعد جمع وارتحال
وقال آخر :
رمضانُ قد رحلت فما عسايّ أقولُ * * * والدمعُ من ألم الفراق يسيلُ ؟
عامٌ مضى .. غفت القلوبُ وأجدبت * * * هممٌ وأنكرت الثمارَ حقولُ
واستنفرتنا للمباهج أنفسٌ * * * مالت مع الأهواء حيث تميل
فلك التحية .. ما أقمت بأرضنا * * * ولك التحية .. ما احتواك رحيلُ
فيا شهر رمضان غير مودع ودعناك، وغير مقلي فارقناك، كان نهارك صدقة وصياماً، وليلك قراءة وقياماً، فعليك منا تحية وسلاماً، يا شهر الصيام أتراك تعود بعدها علينا أو تدركنا المنون فلا تؤول إلينا، مصابيحنا فيك مشهورة، ومساجدنا فيك معمورة، فالآن تنطفئ المصابيح، وتنقطع التراويح.
والآن تهجر المساجد ويجفوها كل راكع وساجد , وتطوى المصاحف ويأمن الخائف , فلا وجل ولا خشوع ولا بكاء ولا دموع , فيا شهر الصيام أسرع إلينا ثانية فقلوبنا إليك تحن ومن ألم فراقك تبكي وتئن .
د. بدر عبد الحميد هميسه
**********************************************************
علماء الإسلام
ابن عراق.. مصحح أخطاء الرصد الفلكي
عندما ترى إنساناً يتميز بخصال شريفة، ينتابك الشغف برؤية والده الذي انتقلت منه إلى الولد سمات النجابة، فالولد سر أبيه كما يقولون، وقد يكون للولد إخوة لم يرثوا الصفات التي ورثها أخوهم، وفي مجال العلم قد تصدق النظرية ذاتها بين الأساتذة والتلاميذ، ولكن حين نسمع بعالم تلاميذه أكثرهم نجباء، فنحن بصدد شخصية فريدة، تشكّل قصتها فصلاً أصيلاً من سيرة العبقرية.
بلغت العقلية الفذة التي تمتع بها أبو النصر منصور بن علي بن عراق الجيلي، المتوفى سنة 425هـ، درجة من أعلى درجات السموّ الفكري، حتى مثّلت مصدر إلهام لمعظم من حوله من طلاب العلم، الذين استفادوا من أبحاثه واكتشافاته البارعة، وكان من أشهرهم أبو الريحان البيروني (تحدثنا عنه في حلقة سبقت)، الذي تتلمذ عليه في الثامنة عشرة من عمره، وسافر معه إلى مدينة غزنة الأفغانية عام 408هـ، وظل طوال حياته يكنُّ الكثير من الإجلال لأستاذه، ويهدي إليه نتاجه العلمي، ويطرح عليه كل ما بدر في خاطره من التساؤلات، التي لم يبخل بالإجابة عنها ابن عراق في بضع عشرة رسالة، منها «رسالة في معرفة القسيّ الفلكية»، وتتضمن برهاناً في علم حساب المثلثات.
وُلد ابن عراق عام 349هـ في مدينة كيات، عاصمة خوارزم خلال الحقبة الممتدة من القرن الرابع الهجري حتى العاشر، حيث تلقى على أيدي علمائها دروساً في التفسير والحديث والفقه وعلوم اللغة العربية، ثم لم يلبث أن وجد في نفسه رغبة في دراسة العلوم التجريبية، دفعته إلى الاطلاع على الكتب المؤلَّفة آنذاك في مجالات الرياضيات والفلك والهندسة وغيرها من المعارف العقلية، حتى حصَّل علماً وافراً وثقافة موسوعية، وحينما ذاعت شهرته حاز إعجاب أمير خوارزم علي بن مأمون، الذي أكرمه وحقق له حلمه ببناء مرصد ومدرسة لطلاب العلم في خوارزم، كما ألَّف له ابن عراق كتابه «المجسطي الشاهي».
وعلى الرغم من ضخامة المؤلفات التي تركها ابن عراق وتنوُّعها، فإن ما صمد منها أمام عوامل الزمن يكاد ينحصر في علم الفلك، ويشتمل على إضافات علمية ذات أهمية كبرى، استطاع فيها أن يستغل قدرته العالية على النقد والتحقيق، متجهاً إلى تصحيح كثير من الأخطاء التي وقع فيها من سبقوه في هذا الفن، ومحاولاً السعي إلى إكمال الصورة المعرفية التي شرع فيها من أسّسوا القواعد الأولى، فسجَّل في أعماله ملاحظاته على «زيج الصفائح» الذي صنَّفه عبد الرحمن الخازن، كما أوضح رؤيته فيما يتعلق بجهود العالم المسلم محمد بن الصباح، لافتاً إلى الأخطاء في استعمال الآلات الرصدية، والأحوال المختلفة التي تحدث من اختلاف الفصول في السنة، إضافة إلى إسهاماته الواضحة في بلورة التقنيات الفلكية الهندسية.
ولم تصل إلينا أكثر بحوثه في علم الرياضيات، لكنَّ شهادة عمر الخيام في كتابه «في ربع الدائرة» على ما أنجزه ابن عراق تبدو وافية، وتُظهر لنا أنه بحث في مسائل كثيرة تخص علم الجبر، وشارك في مناقشة كبار الرياضيين في زمانه كالحسن بن الهيثم وغيره الذين عُرفوا حينها بـ«الطبقة العليا في الرياضيات»، وترجم بمعاونة عدد من العلماء بعض المسائل الهندسية، هذا إلى جانب رسائله العديدة التي ألَّفها في هذا المجال، والتي فُقدت ولم يبقَ منها إلا عناوينها التي تسردها لنا كتب التراجم والتاريخ.
**********************************************************
حافظ ونزار والبردّوني... الاحتفاء بفضائل الأم
بر الوالدين، معروف لا مراء فيه، وواجب لا يستنكف عنه أحد، إلا من سفه نفسه، وأما دور الوالدين نفسه، وخاصة فضل الأم، فذاك عمل لا يكافأ، ولا يجارى إلا بمثله، أي بأن نعلب الدور ذاته أو خيراً منه، مع أبنائنا. ولقد قال حافظ إبراهيم في حق الأمهات، وإن حقهم لعظيم، كلاماً يطرب أكثر مما أطربه تالياً هنا:
إنـي لـتطربني الخلال كريمةً
طـرب الـغريب بـأوبة وتـلاقِ
وتهزّني ذكرى المروءة والندى
بـيـن الـشـمائل هِــزّة الـمشتاقِ
فــإذا رزقــتِ خـلـيقةً مـحـمودةً
فـقـد اصـطـفاك مـقسّم الأرزاقِ
فـالـناس، هــذا حـظـه مــال، وذا
عــلـم، وذاك مــكـارمُ الأخــلاقِ
والـعـلم إن لــم تـكـتنفه شـمائل
تـعـلـيه، كـــان مـطـية الإخـفـاق
مــن لــي بـتربية الـنساء فـإنها
فـي الـشرق عـلة ذلـك الإخفاق
الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا
أعـددت شـعباً طـيب الأعـراق
ويقول نزار قباني الذي شرّق في التمرد الاجتماعي وغرّب، وفاء لقلبه المدنف اللاهث وراء كل جميل مهما كلفه الأمر، بيد أنه ما حاد قيد أنملة عن تقديس شامه وأمه والوفاء لها وهاهنا نقتطف من بستانه الإنساني كليمات يناغي خلالها أمه رغم بعدها عنه يلقي عليها التحية:
صباح الخير يا قدّيستي الحلوه
مضى عامان يا أمي
على الولد الذي أبحرْ
برحلته الخرافيّه
وخبأ في حقائبهِ
صباح بلاده الأخضرْ
وأنجمها، وأنهرها، وكل شقيقها الأحمرْ
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً من النعناع والزعترْ
وليلكةً دمشقيّة..
وأجمل ما في هذه الرسالة أنها تعكس خصوصية علاقة الولد الشقي مع أمه التي تدخر مغامراته وأسراره داخل قفصها الصدري.وفي الحقيقة فإن الاعتراف بجمائل الأم ديدن كثير من الشعراء مثلاً يقول عبدالله البردوني:
كم تذكّرت يديك وهما
في يدي أو في طعامي وشرابي
كان يضنيك نحولي وإذا
مسّني البرد فزنداك ثيابي
وإذا أبكاني الجوع ولم
تملكي شيئاً سوى الوعد الكذاب
هدهدت كفاك رأسي مثلما
هدهد الفجر رياحين الرّوابي
بين جنبيك جراح في التهاب
ها أنا يا أمّي اليوم فتى
طائر الصّيت بعيداً كالشهاب
أملأ التاريخ لحناً وصدى
وتغنّى في رُبا الخلد ربابي
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ غَشِّنِي فِيهِ بِالرَّحْمَةِ وَ التَّوْفِيقِ وَ الْعِصْمَةِ، وَ طَهِّرْ قَلْبِي مِنْ عَائِبَاتِ التُّهَمَةِ، يَا رَءُوفاً بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ".
*********************************************************
اللهم إنا ندعوك و نبتهل إليك في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك أن تفرج على المسلمين المغلوبين على أمرهم , اللهم لا تحرم أطفال الفقراء و المساكين و اليتامى فرحة العيد , اللهم عليك بالظالمين الذين أوصلوهم إلى هذا الحال , يا الله يا مجيب الدعاء .
*********************************************************
اللّهـمَّ أَنْتَ رَبِّـي لا إلهَ إلاّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنـي وَأَنا عَبْـدُك ، وَأَنا عَلـى عَهْـدِكَ وَوَعْـدِكَ ما اسْتَـطَعْـت ، أَعـوذُ بِكَ من شَـرِّ ما صَنَـعْت ، أَبـوءُ لَـكَ بِنِعْـمَتِـكَ عَلَـيَّ وَأَبـوءُ بِذَنْـبي فَاغْفـِرْ لي فَإِنَّـهُ لا يَغْـفِرُ الذُّنـوبَ إِلاّ أَنْتَ
**********************************************************
في وداع رمضان
بسم الله الرحمن الرحيم
الناس في رمضان على ثلاثة أقسام : قسم ظالم لنفسه ؛ لم يصم شهر رمضان صوماً حقيقياً فلم يحفظ حدوده ولم يتحفظ مما ينبغي له أن يتحفظ , فلم يصم لسانه عن اللغو والبهتان , ولم يصم سمعه عن سماع الباطل والخنا وكل ما يغضب الرحمن , ولم تصم عيناه عن النظر المحرم الغفلان , ولم تصم بطنه عن أكل الحرام , ولا يداه وقدماه عن الفحش والبهتان , فهذا كان حظه من صومه العطش والجوع وتحصيل الذل والخنوع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ صِيَامِهِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ ، وَرُبَّ قَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ قِيَامِهِ السَّهَرُ. أخرجه أحمد 2/373(8843) و\"النسائي\" في \"الكبرى\" 3236 و\"ابن خزيمة\" 1997الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 3488 في صحيح الجامع
قال الشاعر :
إذا لـم يكنْ فـي السمـعِ مِنّي تَصَوُّنٌ *** وفي بصـري غَضٌ ، وفي منطقي صَمْتُ
فحَظّي إذًا مِن صومِي الجوعُ والظمأ *** وإن قُلتُ: إني صُمْتُ يومًا فما صُمْتُ
فهؤلاء لم يأخذوا من الإسلام إلا اسمه ولا من الإيمان إلا رسمه , فهم قد وقفوا عند مرتبة الإسلام ولم يتجاوزها بعد إلى مرتبة الإيمان .
والقسم الثاني : قسم مقتصد ؛ صان نفسه عن كل ما يغضب الله وحفظ صومه من اللغو والباطل , كما قال جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، وليكن عليك وقار الصيام ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك .ابن رجب : لطائف المعارف 168.
قال الشاعر:
يا غَافِلاً وَليالِي الصَّومِ قَد ذَهَبَتْ ** زادَتْ خَطَايَاكَ قِفْ بِالبَابِ وَابْكِيهَا
وَاغْنَمْ بقيـةَ هذا الشَّهْرِ تَحْظَ ** غرستَـهُ مِنْ ثِمَارِ الخيـرِ تَجْنِيـهَا
وهؤلاء هم من تجاوزوا مرتبة الإسلام إلى مرتبة الإيمان ولكنهم بعد لم يصلوا إلى مرتبة الإحسان .
والقسم الثالث : هم من سبقوا بالخيرات وتنافسوا على تحصيل الحسنات , فهم المحسنون الذي وصلوا إلى مرتبة الإحسان فعبدوا الله حق العبادة وراقبوه حق المراقبة , فهم المتميزون في صومهم وعبادتهم وأخلاقهم , فلم يصوموا كما يصوم الناس بل جعلوا صومهم خالصاً لله رب العالمين فصانوه من الشوائب وحفظوه من السفاسف والمعايب , فصارت ألسنتهم تلهج بالذكر والدعاء , وقلوبهم يلفها الصفاء والنقاء .
فقرأوا القرآن وتدبروا معانيه , وقامت قلوبهم بالليل تصلي لله وتناجيه .
قال الشاعر :
يا شهرُ كم لي فيكَ مِن إشراقةٍ * * * تَطوي الظلامَ وتَنشُرُ الأعراسَا
أنبتَّ بالتقوى شِعَابَ قلوبِنا * * * وسَقَيْتَ بالآيِ الكِرامِ غِراسَا
نَفحاتُكَ الغَنَّاءُ رِفْدُ سعادةٍ * * * تَستنزِلُ الرحَمَاتِ والإيناسَا
و نسائمُ الأسحارِ تَذهبُ بالضَّنَى * * * وتُهَدهِدُ الوِجدانَ مما قاسَى
و بكلِّ سانِحَةٍ مَآثِرُ سُنَّةٍ * * * مِن نُورِ أحمدَ أشرقَت نِبْراسَا
وهذه الأقسام الثلاثة هي التي عناها الله تعالى في محكم تنزيله فقال سبحانه: \" ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (33) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ (34) الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ (35) سورة فاطر .
قال الواحدي : { فمنهم ظالم لنفسه } وهو الذي زادت سيئاته على حسناته { ومنهم مقتصد } وهو الذي استوت حسناته وسيئاته { ومنهم سابق بالخيرات } وهو الذي رجحت حسناته. تفسير الوجيز للواحدي 1/.893.
وقال الرازي : { فَمِنْهُمْ ظالم } وهو المسيء { وَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ } وهو الذي خلط عملاً صالحاً وآخر سيئاً { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بالخيرات } وهو الذي أخلص العمل لله وجرده عن السيئات . تفسير الرازي 12/497.
قال السعدي : { فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ } بالمعاصي، [التي] هي دون الكفر. { وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ } مقتصر على ما يجب عليه، تارك للمحرم. { وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ } أي: سارع فيها واجتهد، فسبق غيره، وهو المؤدي للفرائض، المكثر من النوافل، التارك للمحرم والمكروه.
فكلهم اصطفاه اللّه تعالى، لوراثة هذا الكتاب، وإن تفاوتت مراتبهم، وتميزت أحوالهم، فلكل منهم قسط من وراثته، حتى الظالم لنفسه، فإن ما معه من أصل الإيمان، وعلوم الإيمان، وأعمال الإيمان، من وراثة الكتاب، لأن المراد بوراثة الكتاب، وراثة علمه وعمله، ودراسة ألفاظه، واستخراج معانيه. تفسير السعدي 689.
أخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له : ما يبكيك؟ قال : ذكرت بعض الأمور فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني؟ قال : نعم . قال : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر ، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال ، فقال : موسى رب أجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون ، إذا أرادوا أمراً قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله ، وإذا هبط وادياً حمد الله ، الصعيد لهم طهور ، والأرض لهم مسجداً حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة ، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء ، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر نعم .
قال كعب : انشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب ، واصطفيتهم { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } [ فاطر : 32 ] ولا أجد أحداً منه إلا مرحوماً فاجعلهم أمتي . قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة ، فقال : رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون ألوان ثياب أهل الجنة ، يصفّون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل ، لا يدخل النار منهم أحد إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي . قال هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم . فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمداً وأمته قال : يا ليتني من أمة أحمد ، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن { إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) [ الأعراف : 144 ] الآية فرضي موسى كل الرضا . السيوطي : الدر المنثور 4/323.
فيا – أيها الحبيب – من أي الأقسام أنت ؟ ومن أي الأصناف قد انتسبت ؟ .
إن من أعظم الجرم وإن من أكبر الخسران أن يعود المرء بعد الغنيمة خاسراً وأن يبدد المكاسب التي يسرها الله عز وجل في هذا الشهر الكريم ، وأن يرتد بعد الإقبال مدبراً وبعد المسارعة إلى الخيرات مهاجراً وبعد عمران المساجد بالتلاوات والطاعات معرضاً ؛ فإن هذه الأمور لتدل على أن القلوب لم تحيا حياة كاملة بالإيمان ولم تستنر نورها التام بالقرآن وأن النفوس لم تذق حلاوة الطاعة ولا المناجاة وأن الإيمان ما يزال في النفوس ضعيفاً وأن التعلق بالله عز وجل لا يزال واهناً.
قال الشاعر :
غدا توفى النفوس ما كسبت ... و يحصد الزارعون ما زرعوا
إن أحسنوا أحسنوا لأنفسهم ... و إن أساءوا فبئس ما صنعوا
فماذا عليك الآن وأنت تودع شهر رمضان ؟ .
أولاً : تودع رمضان بمثل ما استقبلته بالطاعة والإيمان والبر والإحسان , ولا تكن كالتي قال الله تعالى فيها : \" وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (92) سورة النحل .
قال أهل التفسير : المرأة المقصودة في الآية الكريمة هي امرأة عاشت في زمن ما قبل الإسلام (الجاهلية)، واسمها رابطة أو رايطة أو ريطة من بني تميم، وكانت امرأة تلقب بالجعراء أو الجعرانة، وإليها ينتسب الموضع المسمى بالجعرانة بين مكة المكرمة والطائف، وهو ميقات للإحرام.
وإلى جانب ذلك كانت تسمى بخرقاء مكة، ويضرب بها المثل في الحمق، فما قصة حمقها؟.لقد كانت هذه المرأة تجتمع كل يوم، هي ومجموعة من الجواري والعاملات لديها، فتأمرهن بالعمل على غزل ونسج الصوف والشعر ونحوهما، ثم إذا انتصف النهار وانتهين من أداء عملهن في الغزل؛ أمرتهن بنقضه، أي إفساد ما غزلنه وإرجاعه أنكاثاً، بمعنى أنقاضاً أو خيوطاً، وذلك بإعادة تقطيع الغزل إلى قطع صغيرة، ثم تنكث خيوطها المبرومة، فتُخلط بالصوف أو الشعر الجديد وتنشب به، ثم تضرب بالمطارق أو ما شابه، على أن يقمن بغزله مجدداً في اليوم التالي , وهكذا، تجهد هذه المرأة نفسها وعاملاتها بالعمل ثم تفسده بحمقها وخراقتها. تفسير الطبري 17 /283 , تفسير ابن كثير 4/599.
أو من الذين قال الله فيهم : \" ومِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) سورة الحج .
قيل لِبِشْرِ الحَافِي رحمه الله : إنَّ قَوماً يَتعبَّدون ويجتَهِدُون في رمضان ؟ فقال : بِئْسَ القومُ قومٌ لا يَعرفُونَ للهِ حَقَّاً إلَّا في شَهْرِ رَمَضَان ، إنَّ الصَّالحَ الذي يَتَعَبَّدُ ويَجْتَهِدُ السَّنَة كلَّها .
وسُئِلَ الشِّبْلِيُّ رحمه الله : أيُّهما أفضلُ : رَجبٌ أو شَعْبَان ؟ فقال : كُنْ ربَّانِيَّاً ولا تَكُنْ شَعَبَانِيَّاً !.
قال الشاعر :
ترحَّلت يا شهرَ الصيامِ بصومِنا * * * وقـدْ كنتَ أنواراً بكلِّ مكانِ
لئنْ فَنِيَتْ أيامُك الزُّهرُ بَغتـةً* * * فما الحزنُ مِنْ قلبي عليك بِفَانِ
عليكَ سلامُ الله كن شاهداً لنا* * * بخـيرٍ رعاكَ الله مِنْ رمـضانِ
قال ابن رجب : في ( لطائف المعارف 323 ) : بعض السلف كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم خرج عمر بن عبد العزيز رحمه الله في يوم عيد فطر فقال في خطبته : أيها الناس إنكم صمتم لله ثلاثين يوما و قمتم ثلاثين ليلة وخرجتم اليوم تطلبون من الله أن يتقبل منكم. كان بعض السلف يظهر عليه الحزن يوم عيد الفطر فيقال له : إنه يوم فرح و سرور فيقول : صدقتم و لكني عبد أمرني مولاي أن أعمل له عملا فلا أدري أيقبله مني أم لا ؟. رأى وهب بن الورد قوما يضحكون في يوم عيد فقال : إن كان هؤلاء تقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين وإن كان لم يتقبل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين. وعن الحسن قال : إن الله جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته فسبق قوم ففازوا وتخلف آخرون فخابوا فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون .
لعلك غضبان و قلبي غافل * * * سلام على الدارين إن كنت راضيا
روي عن علي رضي الله عنه أنه كان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان : يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه ومن هذا المحروم فنعزيه وعن ابن مسعود أنه كان يقول : من هذا المقبول منا فنهنيه ومن هذا المحروم منا فنعزيه أيها المقبول هنيئا لك أيها المردود جبر الله مصيبتك .
ليت شعري من فيه يقبل منا * * * فيهنا يا خيبة المردود
من تولى عنه بغير قبول * * * أرغم الله أنفه بخزي شديد
ثانياً : كما حافظتَ على الصلاةِ بركوعها وسجودها , وخشوعها وخضوعها ، وذرفتَ الدمعَ بين يدي ربك ، فهلاّ بَقِيْتَ على هذه الحالة بقيةَ عمرك وفي سائر عملك فالصلاةُ عمودُ الإسلام ، ولا حظَّ في الإسلام لمن ضَيَّع الصلاة .
فلا تكن ممن قال فيه الشاعر :
صلى وصام لأمر كان يطلبه * * * فلما قضي الأمر لا صلى ولا صاما
سُجن الإمام البويطي صاحب الشافعي ووُضع الغُلّ في عنقه، والقيد في رجليه، وكان يقول: لأموتن في حديدي هذا، حتى يأتي قوم يعلمون أنه قد مات في هذا الشأن قوم في حديده .
وكان البويطي وهو في الحبس يغتسل كل جمعة، ويتطيب، ويغسل ثيابه، ثم يخرج إلى باب السجن إذا سمع النداء، فيردّه السجان، فيقول البويطي: اللهم! إني أجبت داعيك فمنعوني.
وكتب البويطي إلى الذهلي: أسألك أن تعرض حالي على إخواننا أهل الحديث، لعل الله يُخلِّصني بدعائهم، فإني في الحديد، وقد عجزتُ عن أداء الفرائض؛ من الطهارة والصلاة. فضجّ الناس بالبكاء والدعاء له.
ثالثاً : كان الصومُ لك جُنَّةً ووقاية ، وحِصْناً حَصِيْناً من شياطين الإنس والجن ، فهل تَأْمنْ على نفسك بقيةَ العامِ بلا حصنٍ ولا عُدة . فالصومُ باقٍ بقاءَ العام ، فَطِبْ نفساً بِمَوَاسِمِ الصِّيَام , وقاوم الشيطان طوال العام , فلو أخلصت النية في ذلك حفظك الله منه , حكي عن بعض السلف أنه قال لتلميذه : ما تصنع بالشيطان إذا سول لق الخطايا ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : فإن عاد ؟ قال : أجاهده .قال : هذا يطول أرأيت إن مررت بغنم فنبحك كلبها أو منعك من العبور ما تصنع ؟ قال : أكابده وأرده جهدي .قال : هذا يطول عليك ، ولكن استعن بصاحب الغنم يكفه عنك .- إن صدقت هذه الرواية - لم يكن تاركاً الدنيا كسباً، بل قلباً. ابن الجوزي : تلبيس إبليس 35.
في الإسرائيليات : أنّ رجلاً تزوّج امرأة من بلدة ، وكان بينهما مسيرة شهر ، فأرسل إلى غلام له من تلك البلدة ليحملها إليه فسار بها يوماً ، فلما جنّه الليل أتاه الشيطان فقال له : إنّ بينك وبين زوجها مسيرة شهر فلو تمتعت بها ليالي هذا الشهر إلى أن تصل إلى زوجها ، فإنها لا تكره ذلك وتثني عليك عند سيدك فتكون أحظى لك عنده ، فقام الغلام يصلي فقال : يا رب ، إنّ عدوك هذا جاءني فسوّل لي معصيتك ، وإنه لا طاقة لي به في مدة شهر وأنا أستعيذك عليه يا رب فأعذني عليه ، واكفني مؤونته ، فلم تزل نفسه تراوده ليلته أجمع وهو يجاهدها حتى أسحر فشّد على دابة المرأة وحملها وسار بها ، قال : فرحمه اللّه تعالى ، فطوى له مسيرة شهر فما برق الفجر حتى أشرف على مدينة مولاه ، قال : وشكر اللّه تعالى له هربه إليه من معصيته فنبأه ، فكان نبيّاً من أنبياء بني إسرائيل . قوت القلوب 2/335.
رابعاً : قمتَ رمضان إيماناً واحتساباً , وها قد انقضى شهرُ القيام . فلا تَقْصُر عنه سائرَ العام . فخذ بالجدِّ فيه ، عن سهل بن سعد أإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : \" أتاني جبريل ، فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت أحبب من شئت ، فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به ، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل عزه استغناؤه عن الناس \" .أخرجه الطبراني في \" الأوسط \" ( 1 / 61 / 2 و أبو نعيم في \" الحلية \" ( 3 / 253 ) و الحاكم ( 4 / 324 - 325 ) الألباني في \"السلسلة الصحيحة\" 2 / 505.
ذكرَ الخطيبُ البغدادي رحمه الله : عن عاصم البَيْهَقِي قال : بتُّ ليلةً عند الإمام أحمد بن حنبل ، فجاء بماءٍ فوضعَهُ ، فلما أصبح نَظر إلى الماءِ بحاله ، فقال : سبحانَ الله ! رجلٌ يطلبُ العلمَ لا يكونُ له وِرْدٌ بالليل .
وذكر أهلُ التَّارِيخِ والسِّيَرِ : أن أبا يزيد طيفور بن عيسى البسطامي لما تعلم: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} [المزمل:1ـ2] قال لأبيه: يا أبتِ, من الذي يقول الله تعالى هذا له؟ قال: يا بني, ذلك النبي محمد صلى الله عليه وسلم.قال: يا أبتِ, ما لك لا تصنع أنت كما صنع النبي صلى الله عليه وسلم.قال: يا بني، إن الله تعالى خصَّ نبيه صلى الله عليه وسلم بافتراض قيام الليل دون أمته, فسكت عنه. فلما حفظ قول الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ} [المزمل:20].قال: يا أبتِ إني أسمع أن طائفة كانوا يقومون من الليل، فمن هذه الطائفة؟ قال له أبوه: أولئك هم الصحابة رضي الله عنهم.قال: فلم تترك ما فعله الصحابة؟ قال: صدقت يا بني, لا أتركه إن شاء الله تعالى, فكان يقوم من الليل ويصلي، واستيقظ أبو يزيد ليلة فإذا أبوه يصلي.فقال: علِّمني كيف أتطهر وأفعل مثل فعلك وأصلي معك.فقال له أبوه: يا بني أرقد فإنك صغير بعدُ.قال: يا أبتِ, إذا كان يوم يصدر الناس أشتاتًا ليروا أعمالهم أقول لربي: إني قلتُ لأبي: كيف أتطهر لأصلي معك؟ فأبى وقال لي: ارقد فإنك صغير بعدُ؟ قال أبوه: لا والله يا بني، وعلمه فكان يصلي معه. ثم قال له : إيَّاك إيَّاك .. أنْ يَسْبِقَكَ الدِّيكُ ! فيكونَ أَكْيسَ منْك يُسبِّحُ وأنت نائم ؟!.
قال الشاعر:
ترحل شهر الصبر والهفاه وانصرفا***واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً***مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما***تراه يحصد إلا الهم و الندما
خامساً : ختمتَ القرآنَ مرةً ، أو بعض مرةٍ ، وعزفتَ عن الشواغل حتى لا تهجُره في شهره ، أيحسنُ بك أنْ تُقَدِّمَ الشواغلَ عليه وهو كلامُ الملك ! هلاّ عزمتَ على صَرْفِها مرات ؛ لتَحْظَى بِخَتَمَات .
قال عمرو بن العاص كل آية في القرآن درجة في الحنة ومصباح في بيوتكم وقال أيضا من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه وقال أبو هريرة إن البيت الذي يتلى فيه القرآن اتسع بأهله وكثر خيره وحضرته الملائكة وخرجت منه الشياطين وإن البيت الذي لا يتلى فيه كتاب الله عز وجل ضاق بأهله وقل خيره وخرجت منه الملائكة وحضرته الشياطين.
طوبى لمن حفظ الكتابَ بصدره * * فبدا وضيئاً كالنجوم تألَّقا
الله أكبر ! يا لها من نعمة * * لما يقال \" اقرأ ! \" فرتل وارتقا
وتمثلَ القرآنَ في أخلاقه * * وفعاله فبه الفؤادُ تعلقا
سادساً : حافظتَ قدْرَ وسعك على قلبِك من غَوائلِ الهوى النَّزَّاعةِ للشوى ، صُنْتَ سَمْعكَ ، وبَصَركَ ، وفؤادَكَ عما لا ينبغي في شهرِ الصيامِ رجاءَ كماله ، ولكنْ لتعلمَ أنَّ صيامَ الجوارحِ لا يَنْقَضي بغروبِ شمسِ آخرِ ليلةٍ من رمضان ، فشرْعُ الله دائمٌ على مَرِّ العام ذلك, فاحفظ قلبك طوال العمر من الحسد والكبر والحقد والغل , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:اسْتَحْيُوا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، قَالَ : قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ ِللهِ ، قَالَ : لَيْسَ ذَاكَ ، وَلكِنَّ الاِسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ : أَنْ تَحْفَظَ الرَّاْسَ وَمَا وَعَى ، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى ، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى ، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا ، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللهِ حَقَّ الْحَيَاءِ.أ خرجه أحمد 1/387(3671) الألباني( حسن ) انظر حديث رقم : 935 في صحيح الجامع .
قال ابن الجوزي في \" التبصرة \" ص 1/ 199 : عباد الله إن شهر رمضان قد عزم على الرحيل، ولم يبق منه إلا القليل، فمن منكم أحسن فيه فعليه التمام، ومنْ فَرط فليختمه بالحسنى والعمل بالختام، فاستغنموا منه ما بقى من الليالي اليسيرة والأيام، واستودعوه عملاً صالحاً يشهد لكم به عند الملك العلاّم، وودعوه عند فراقه بأزكى تحية وسلام.
سلام من الرحمن كل أوان *** على خير شهر قد مضى وزمانِ
سلام على شهر الصيام فإنه *** أمان من الرحمن كل أمان
لئن فنيت أيامك الغر بغتة *** فما الحزن من قلبي عليك بفان
عن الهيثم بن جماذ قال: دخلت على يزيد الرقاشي وهو يبكي في يوم حار وقد عطش نفسه أربعين سنة فقال لي: أدخل تعالى نبكي على الماء البارد في اليوم الحار.
عن مالك قال: بلغني أن حسين بن رستم الأيلي دخل على قوم وهو صائم فقالوا له: أفطر فقال: إني وعدت الله وعدا، وأنا أكره أن أُخلف الله ما وعدته.
قال سعيد عن قتادة رحمهم الله كان يقال : من لم يغفر له في رمضان فمتى يغفر له ؟ ومن رد في ليلة القدر متى يقبل ؟ متى يصلح من لا يصلح في رمضان , ومتى يصلح من كان فيه من داء الجهالة والغفلة مرضان .
قال الشاعر :
فيا شهر الصيام فدتك نفسي *** تمهل بالرحيل والانتقال
فما أدرى إذا ما العام ولى *** وعدت بقابل في خير حال
أتلقاني مع الأحياء حيا *** أم انك تلقني في اللحد بالي
فذلك حال الدنا دواما *** فراق بعد جمع وارتحال
وقال آخر :
رمضانُ قد رحلت فما عسايّ أقولُ * * * والدمعُ من ألم الفراق يسيلُ ؟
عامٌ مضى .. غفت القلوبُ وأجدبت * * * هممٌ وأنكرت الثمارَ حقولُ
واستنفرتنا للمباهج أنفسٌ * * * مالت مع الأهواء حيث تميل
فلك التحية .. ما أقمت بأرضنا * * * ولك التحية .. ما احتواك رحيلُ
فيا شهر رمضان غير مودع ودعناك، وغير مقلي فارقناك، كان نهارك صدقة وصياماً، وليلك قراءة وقياماً، فعليك منا تحية وسلاماً، يا شهر الصيام أتراك تعود بعدها علينا أو تدركنا المنون فلا تؤول إلينا، مصابيحنا فيك مشهورة، ومساجدنا فيك معمورة، فالآن تنطفئ المصابيح، وتنقطع التراويح.
والآن تهجر المساجد ويجفوها كل راكع وساجد , وتطوى المصاحف ويأمن الخائف , فلا وجل ولا خشوع ولا بكاء ولا دموع , فيا شهر الصيام أسرع إلينا ثانية فقلوبنا إليك تحن ومن ألم فراقك تبكي وتئن .
د. بدر عبد الحميد هميسه
**********************************************************
علماء الإسلام
ابن عراق.. مصحح أخطاء الرصد الفلكي
عندما ترى إنساناً يتميز بخصال شريفة، ينتابك الشغف برؤية والده الذي انتقلت منه إلى الولد سمات النجابة، فالولد سر أبيه كما يقولون، وقد يكون للولد إخوة لم يرثوا الصفات التي ورثها أخوهم، وفي مجال العلم قد تصدق النظرية ذاتها بين الأساتذة والتلاميذ، ولكن حين نسمع بعالم تلاميذه أكثرهم نجباء، فنحن بصدد شخصية فريدة، تشكّل قصتها فصلاً أصيلاً من سيرة العبقرية.
بلغت العقلية الفذة التي تمتع بها أبو النصر منصور بن علي بن عراق الجيلي، المتوفى سنة 425هـ، درجة من أعلى درجات السموّ الفكري، حتى مثّلت مصدر إلهام لمعظم من حوله من طلاب العلم، الذين استفادوا من أبحاثه واكتشافاته البارعة، وكان من أشهرهم أبو الريحان البيروني (تحدثنا عنه في حلقة سبقت)، الذي تتلمذ عليه في الثامنة عشرة من عمره، وسافر معه إلى مدينة غزنة الأفغانية عام 408هـ، وظل طوال حياته يكنُّ الكثير من الإجلال لأستاذه، ويهدي إليه نتاجه العلمي، ويطرح عليه كل ما بدر في خاطره من التساؤلات، التي لم يبخل بالإجابة عنها ابن عراق في بضع عشرة رسالة، منها «رسالة في معرفة القسيّ الفلكية»، وتتضمن برهاناً في علم حساب المثلثات.
وُلد ابن عراق عام 349هـ في مدينة كيات، عاصمة خوارزم خلال الحقبة الممتدة من القرن الرابع الهجري حتى العاشر، حيث تلقى على أيدي علمائها دروساً في التفسير والحديث والفقه وعلوم اللغة العربية، ثم لم يلبث أن وجد في نفسه رغبة في دراسة العلوم التجريبية، دفعته إلى الاطلاع على الكتب المؤلَّفة آنذاك في مجالات الرياضيات والفلك والهندسة وغيرها من المعارف العقلية، حتى حصَّل علماً وافراً وثقافة موسوعية، وحينما ذاعت شهرته حاز إعجاب أمير خوارزم علي بن مأمون، الذي أكرمه وحقق له حلمه ببناء مرصد ومدرسة لطلاب العلم في خوارزم، كما ألَّف له ابن عراق كتابه «المجسطي الشاهي».
وعلى الرغم من ضخامة المؤلفات التي تركها ابن عراق وتنوُّعها، فإن ما صمد منها أمام عوامل الزمن يكاد ينحصر في علم الفلك، ويشتمل على إضافات علمية ذات أهمية كبرى، استطاع فيها أن يستغل قدرته العالية على النقد والتحقيق، متجهاً إلى تصحيح كثير من الأخطاء التي وقع فيها من سبقوه في هذا الفن، ومحاولاً السعي إلى إكمال الصورة المعرفية التي شرع فيها من أسّسوا القواعد الأولى، فسجَّل في أعماله ملاحظاته على «زيج الصفائح» الذي صنَّفه عبد الرحمن الخازن، كما أوضح رؤيته فيما يتعلق بجهود العالم المسلم محمد بن الصباح، لافتاً إلى الأخطاء في استعمال الآلات الرصدية، والأحوال المختلفة التي تحدث من اختلاف الفصول في السنة، إضافة إلى إسهاماته الواضحة في بلورة التقنيات الفلكية الهندسية.
ولم تصل إلينا أكثر بحوثه في علم الرياضيات، لكنَّ شهادة عمر الخيام في كتابه «في ربع الدائرة» على ما أنجزه ابن عراق تبدو وافية، وتُظهر لنا أنه بحث في مسائل كثيرة تخص علم الجبر، وشارك في مناقشة كبار الرياضيين في زمانه كالحسن بن الهيثم وغيره الذين عُرفوا حينها بـ«الطبقة العليا في الرياضيات»، وترجم بمعاونة عدد من العلماء بعض المسائل الهندسية، هذا إلى جانب رسائله العديدة التي ألَّفها في هذا المجال، والتي فُقدت ولم يبقَ منها إلا عناوينها التي تسردها لنا كتب التراجم والتاريخ.
**********************************************************
حافظ ونزار والبردّوني... الاحتفاء بفضائل الأم
بر الوالدين، معروف لا مراء فيه، وواجب لا يستنكف عنه أحد، إلا من سفه نفسه، وأما دور الوالدين نفسه، وخاصة فضل الأم، فذاك عمل لا يكافأ، ولا يجارى إلا بمثله، أي بأن نعلب الدور ذاته أو خيراً منه، مع أبنائنا. ولقد قال حافظ إبراهيم في حق الأمهات، وإن حقهم لعظيم، كلاماً يطرب أكثر مما أطربه تالياً هنا:
إنـي لـتطربني الخلال كريمةً
طـرب الـغريب بـأوبة وتـلاقِ
وتهزّني ذكرى المروءة والندى
بـيـن الـشـمائل هِــزّة الـمشتاقِ
فــإذا رزقــتِ خـلـيقةً مـحـمودةً
فـقـد اصـطـفاك مـقسّم الأرزاقِ
فـالـناس، هــذا حـظـه مــال، وذا
عــلـم، وذاك مــكـارمُ الأخــلاقِ
والـعـلم إن لــم تـكـتنفه شـمائل
تـعـلـيه، كـــان مـطـية الإخـفـاق
مــن لــي بـتربية الـنساء فـإنها
فـي الـشرق عـلة ذلـك الإخفاق
الأم مـــدرســـة إذا أعــددتــهــا
أعـددت شـعباً طـيب الأعـراق
ويقول نزار قباني الذي شرّق في التمرد الاجتماعي وغرّب، وفاء لقلبه المدنف اللاهث وراء كل جميل مهما كلفه الأمر، بيد أنه ما حاد قيد أنملة عن تقديس شامه وأمه والوفاء لها وهاهنا نقتطف من بستانه الإنساني كليمات يناغي خلالها أمه رغم بعدها عنه يلقي عليها التحية:
صباح الخير يا قدّيستي الحلوه
مضى عامان يا أمي
على الولد الذي أبحرْ
برحلته الخرافيّه
وخبأ في حقائبهِ
صباح بلاده الأخضرْ
وأنجمها، وأنهرها، وكل شقيقها الأحمرْ
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً من النعناع والزعترْ
وليلكةً دمشقيّة..
وأجمل ما في هذه الرسالة أنها تعكس خصوصية علاقة الولد الشقي مع أمه التي تدخر مغامراته وأسراره داخل قفصها الصدري.وفي الحقيقة فإن الاعتراف بجمائل الأم ديدن كثير من الشعراء مثلاً يقول عبدالله البردوني:
كم تذكّرت يديك وهما
في يدي أو في طعامي وشرابي
كان يضنيك نحولي وإذا
مسّني البرد فزنداك ثيابي
وإذا أبكاني الجوع ولم
تملكي شيئاً سوى الوعد الكذاب
هدهدت كفاك رأسي مثلما
هدهد الفجر رياحين الرّوابي
بين جنبيك جراح في التهاب
ها أنا يا أمّي اليوم فتى
طائر الصّيت بعيداً كالشهاب
أملأ التاريخ لحناً وصدى
وتغنّى في رُبا الخلد ربابي
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1438هـ
29 رمضان 1438
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَ صَيِّرْ لِي كُلَّ عُسْرٍ إِلَى يُسْرٍ، وَ اقْبَلْ مَعَاذِيرِي وَ حُطَّ عَنِّي الْوِزْرَ، يَا رَحِيماً بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ".
*****************************************************
اللـهم اهـدِنا فيمَن هـديت .. وعافـِنا فيمـَن عافـيت .. وتولنا فيمن توليت .. وبارك لنا فيما أعطيت .. وقِـنا شـر ما قضيت .. انك تقضي ولا يـُقضى عليك.. اٍنه لا يذل مَن واليت .. ولا يعـِـزُ من عاديت .. تباركت ربنا وتعـاليت .. لك الحمد على ما قـضيت .. ولك الشكر على ما أعـطيت .. نستغـفـُرك اللـهم من جميع الذنوب والخطـايا ونتوب اٍليك. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معـصيتك .. ومن طاعـتك ما تبلّـغـُـنا به جنتَـك .. ومن اليقـين ما تُهـّون به عـلينا مصائبَ الدنيا .. ومتـّعـنا اللهم باسماعِـنا وأبصارِنا وقـواتـِنا ما أبقـيتنا .. واجعـلهُ الوارثَ منـّا .. واجعـل ثأرنا على من ظلمنا.. وانصُرنا على من عادانا .. ولا تجعـل مصيبـتَـنا في ديـننا .. ولا تجعـل الدنيا أكبرَ هـمِنا .. ولا مبلغَ علمِنا .. ولا اٍلى النار مصيرنا .. واجعـل الجنة هي دارنا .. ولا تُسلط عـلينا بذنوبـِنا من لايخافـُـك فينا ولا يرحمـنا .
اللـهم أصلح لنا ديـنـَنا الذي هـو عـصمةُ أمرِنا .. وأصلح لنا دنيانا التي فـيها معـاشُنا .. وأصلح لنا آخرتـَنا التي اٍليها معـادنـا .. واجعـل الحياة زيادةً لنا في كل خير .. واجعـل الموتَ راحةً لنا من كلِ شر.
الـلهم انا نسألـُـك فعـلَ الخيرات .. وتركَ المنكرات .. وحبَ المساكين.. وأن تغـفـر لنا وترحمنا وتتوب علينا .. واٍذا أردت بقـومٍ فـتنةً فـتوَفـنا غـير مفـتونين .. ونسألك حبَـك.. وحبَ مَن يُحـبـُـك.. وحب عـملٍ يقـربنا اٍلى حـبـِك .. يا رب العــالمـين .
اللهم اغـفـر لجميع موتى المسلمين .. الذين شهـِـدوا لك بالوحدانية ..ولنبيك بالرسالة .. وماتوا على ذلك .. اللهم اغـفر لهُم وارحمهُم و عافهم وأعـفـو عنهم .. واكرِم نـُزلَهم .. ووسِع مـُدخلهم .. واغـسلهم بالماء والثـلج والبـَرَد.. ونقـّهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس و ارحمنا اللهم برحمتك اذا صرنا الى ما صاروا اٍليه .. تحت الجنادل والتراب وحـدنا.
اللهم اغـفـِر لنا .. وارحمـنا .. وأعـتـق رقابنـا من النـار .
اللهم اغـفـِر لنا .. وارحمـنا .. وأعـتـق رقابنـا من النـار .
اللهم اغـفـِر لنا .. وارحمـنا .. وأعـتـق رقابنـا من النـار .
اللـهم تـقبـل منـا اٍنك أنت السميـع العـليم .. وتُب علينا اٍنك أنت التواب الرحيم .. وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
*****************************************************
على العهد بعد رمضان
في رمضان زيادة في الأعمال الصالحة؛ صلاة، وصياما، وقرآنا، وصدقة، وقياما، وكفا عن الأذى، وإحجاما عن المعصية، وتقللا من المشغلات والملهيات.
ومما يطلب من المسلم: الاستمرار بعد رمضان على ذلك.
ومن غير الممكن – مهما بلغت عبادة المسلم – أن يكون في غير رمضان كما كان فيه.
فهؤلاء أئمة الدين والعلم، يذكر عنهم من التعبد في رمضان، ما لا يذكر في غيره؛ كختم القرآن ثلاثين وستين مرة، وطول القيام والتهجد الليل كله، ويبلغ منهم الجد والنشاط مبلغا يقصرون عنه في سائر العام، بل لا يتكلفون ولا يتطلبونه.
ذلك لأن رمضان له مزية خاصة، في الإعانة على العبادة..
ففيه تصفد الشياطين، وتفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النيران، ويقال لباغي الخير: أقبل. ولباغي الشر: أدبر. ولله تعالى فيه عتقاء من النار، وذلك كل ليلة.
كل هذه الخصائص تهيء الإنسان لطاعة أكثر؛ فإذا أردنا أن نعرف القبول من الله تعالى، وإن كنا ترقينا في درجات الإيمان، فلا يصح أن نقارن حالنا في رمضان، بحالنا في غيره، قطعا لا يستويان، لكن نقارن ما قبله بما بعده، ونجعل رمضان محطة التزود والانطلاق والترقي، ونقطة ما بين مرحلتين، فمن كان بعده أحسن حالا من قبله، فهذا استفاد من فرصة رمضان، لرفع إيمانه، وترقى في درجات القرب من الله تعالى.
بعض الناس لا يلتزمون فرائض الله عليهم، حتى إذا جاء رمضان، قاموا بها.
فهؤلاء إذا أرادوا أن يعرفوا قدرهم عند الله تعالى، إن كان قبل منهم توبتهم وقربهم ورفع درجاتهم، فلينظروا في أحوالهم بعد رمضان، إن ثبتوا على ما التزموه من الفرائض، فهذه علامة قبول للتوبة؛ لأن الله تعالى إذا قبل توبة عبد حماه من العودة والإصرار على الذنب.
لكن إن رجعوا إلى تفريطهم في فرائض الله عليهم، فربما كانت توبتهم غير نصوح، والله تعالى يقول: { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا}.
القصد من هذا: على المسلم ألا يطمع في حال كحال رمضان في الترقية الإيمانية والسمو بالنوافل، لكن قريبا منه نعم. إلا أن يكون قد تعلم في رمضان، إقامة ما وجب عليه، فهذا عليه أن يطمع أن يكون على حاله في رمضان.
يقال هذا، حتى لا ييأس ويقنط مجتهد حريص على كمال حاله، إذا رأى عجزه عن مجاراة طاعته في الشهر المبارك. ولا يغتر مفرط مقصر، فيظن أن له يرجع إلى نقصه وتفريطه بعده، فإن الفرائض تجب في رمضان وغيره لا فرق، والكف عن الذنوب والأذى كذلك.
في كافة الأحوال، من حسن حاله، فهذا منتفع بالشهر، سواء في الترقي بالإيمان في الدرجات العلى، أو في الخلاص من التقصير.
أما من كان على حاله قبل، فهذا لم ينتفع، فإن نقص حاله، فهذا الذي لا ينبغي، وهو أسوأ شيء في هذا، وفي مثله ورد قوله صلى الله عليه وسلم:
- (رغم أنف امرئ أدرك رمضان، فلم يغفر له).
لأن رمضان فرصة سانحة يسيرة وسهلة للمغفرة، لما تقدم ذكره من خصائصه ومزاياه، فهو أسهل طريق للتوبة، كما أن الأبوين أسهل وسيلة لدخول الجنة؛ إذ برهما أسهل شيء على النفس، فلهما الولاء والحب فطرة، والولد مدفوع لبرهما بلا عنت ولا مشقة، فإذا فرط في هذا الباب إلى الجنة، فبعدا له، كذلك من فرط في رمضان بالتوبة النصوح.
من تمام الحديث الآنف:
- (رغم أنف امرئ أدرك أبويه، فلم يدخلاه الجنة).
إن المسلم إذا عمل صالحا، قبل الله منه وأثابه، سواء أساء قبله أو بعده؛ فكل عمل صالح له ثوابه، لا يشترط في ثوابه وقبوله: ألا تسبقه معصية، أو ألا تلحقه معصية. فالمعصية إساءة، نعم هي كذلك، غير أنها لا تبطل العمل الصالح، بل تضعف ثوابه؛ لأن المعصية تضعف من قدرة الإنسان على أداء عمله الصالح على أحسن وجه، فيؤديه بضعف، فيكون ثوابه على هذا القدر، لكنه لا يحرم من الثواب كله، ولا يبطل سعيه بسبب إساءاته، إلا مع سيئة واحدة، هي: الشرك. فإنه يحبط جميع الأعمال السابقة، وما عداه فلا يحبط.
فتبقى الأعمال الصالحة لها ثوابها، مهما كانت محاطة بالسيئات ما دون الشرك، وهكذا يتحقق الميزان، فإن الله تعالى وضعه، فقال: {والسماء رفعها ووضع الميزان}.
وما الميزان إلا لوزن العمل الصالح والسيء؛ ليرى أيهما أرجح، فلو كان سيء محبط لكل صالح لأنه سبقه أو لحقه، لما كان للميزان حاجة.
هذه بشارة للمقصرين من أمثالنا؛ أن ثواب ما عملوا من صالحات غير مهضوم:
- {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما}.
أي إذا عمل وهو مؤمن بثوابه ووعده، مخلصا له الدين.
وإذا كان الله تعالى يثيب الكافر على إحسانه، لكن في الدنيا، مع أنه أحاط إحسانه بكفر وشرك وظلم، فكيف لا يثيب المسلم المقصر، وهو الذي خلص من الشرك والكفر ؟.
قال تعالى:
- {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}.
* * *
يوما بعد يوم، وحينا بعد حين، نكشف ونقف على جانب من جوانب الرحمة الإلهية بالعباد، تلك الجوانب التي لا تنتهي، والتي كدنا أن نعمِّي عليها، أو نضيقها بقلة فقهنا وعلمنا. فالناس إذا كانوا في إدبار عن الدين، لما يحتملونه من قسوة الحياة، والشغل بالرزق، وما يجدونه من ملهيات وصوارف، وما يعترضهم من أذى وابتلاء: فليس من الحكمة سدّ باب الرحمة في وجوههم، وتضييق السعة عليهم، وتحميلهم من شروط قبول العمل ما لم ينزل به سلطانا، فنطلب إليهم إما عملا كاملا، أو فمشكوك في قبولهم.
كلا، فالله تعالى أعلم وأحكم وأرحم، وليس من أحد يسعى في رمضان بالنوافل إلا لإيمان في قلبه، فلا يليق أن يلاقى بعده بالتوبيخ، إن لم يفعل ما كان يفعله فيه، فكل الناس لهم أحوال بعد رمضان دون أحوالهم التي كانوا عليها.
كان عليه الصلاة والسلام في رمضان يحيي ليله كله، ولم يكن يفعل ذلك فيما سواه، وكان أجود بالخير من الريح من المرسلة، وأجود ما يكون في رمضان، بهذا جاءت الأخبار، هذا وهو صاحب المقام الأرفع.
لكن من عاد إلى التفريط في فرائض الله عليه، بعد التزامها حينا في الشهر الكريم، فهو مستحق للتوبيخ، فهذا نقص لا يسكت عنه، وليس فيه رعاية للعهد.
إن ما يطلب بعد رمضان هو: تحسن الحال عما كان قبله، ولو بدرجة. وهو أمر يسير غير عسير، فرمضان شهر الدفع والرفع للإيمان، يدفع الإنسان إلى الأمام، ويرفعه إلى أعلى، كالطائر يحتاج إلى قوة دافعة رافعة ليحلق من على الأرض، ثم يطير بعدها بلا كلفة، أسهل من مشيه وجريه على الأرض.
كذلك الشهر يفعل بالمسلم، يطير به إلى أعمال لم يعتدها قبل، يدرسه إياها ويعلمه تعليما، ويدربه عليها حتى تكون سجية وعادة له، مع شحن قلبه بمعاني الإيمان والصلة بالله تعالى، التي تسهل عليه الأعمال الصالحة الجديدة عليه، أو تسهل عليه الزيادة منها.
فعلى المسلم أن يستغل قرب عهده برمضان، وما تعود عليه، ليديم على بعض ما كان يعمل، ولو بركعة وتر واحدة، أو ركعتي نافلة نهارا، ولو بصيام يوم في الشهر، ولو بصدقة ريال في اليوم، فهذا سهل يسير. ويترك شيئا من الزلات، إن أعجزه تركها كلها.
حينما يعمل الإنسان فكره بالاتجاه الصحيح، ثم يعزم العزم الصادق، سيجد أن ما كان يعمله في رمضان غير معجز، ولولا أن لرمضان مزية، والناس فيه أكثر فراغا لكان في قدرته أن يعمل عمل رمضان سائر العام، لكنه في قدرته أن يعمل بعض ما كان يعمله دون مشقة.
إن أهم ما يحتاجه الناس اليوم هو: العبادة. لما في العالم من كثرة الهرج والمرج، وفي الأثر:
- (عبادة في الهرج كهجرة إلي).
فإذا كثر اختلاط الأمور، وقل الصادقون، وكثر الكاذبون المضلون، الذين يجادلون في آيات الله بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، والذين يضلون الأمة بالشبهات والشهوات: كانت العبادة زادا، وسبب ثبات على الدين، وأكبر وسيلة لدفع الفتن والمضلات، يتدرع بها المؤمن ويتترس من الأهواء. قال صلى الله عليه وسلم:
- (بادوا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يمسي الرجل مؤمنا، ويصبح كافرا، ويصبح مؤمنا، ويمسي كافرا، يبيع أحدكم دينه بعرض من الدنيا قليل). مسلم
د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
*****************************************************
ارحل أو لا ترحل
ونحن نودع حبيب القلوب وأنيس النفوس وقرة العيون شهر رمضان المبارك يطيب لي أن أوجه ثلاث رسائل من محب لا من موجه :
أما الأولى : فهي رسالة شكر وثناء وإجلال وخضوع وحب لله رب العالمين الرحمن الرحيم جابر قلوب المنكسرين ؛تأملوا يا أحبتي كيف شرع لنا عيد الفطر عند وداع رمضان ولعل من الحكم العظيمة والأسرار البليغة في ذلك الرحمة بالعباد المؤمنين حتى لا تتقطع قلوبهم حزناً وتموت نفوسهم كمداً على فراق رمضان –وحق لهم ذلك – فكان في فرحة العيد ما يؤنس قلوبهم ويشرح صدورهم ويخفف مصابهم على فراق شهرهم .
أما الرسالة الثانية : فهي لشهر رمضان ؛أقول له فيها (ارحل أو لا ترحل ) فليس في رحيلك جديد ولا خبر فريد ،فقد تيقنا رحيلك قبل إشراقة شمسك ،وقد تذكرت وأنا أودعك قول الفاروق رضي الله عنه حين قبّل الحجر الأسود فقال والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ،ولولا أني رأيت رسول الله يقبّلك ما قبّلتك ).
ونحن يا رمضان نعلم أنك شهر كغيرك من الشهور ولولا أن الله عظمك ونبينا صلى الله عليه وسلم استبشر بك وفضلك ما عظمناك ولا فضلناك).
أتظن يا رمضان إن غابت شمسك أن يغيب الصيام أو تظن إن رحلت بالتراويح أن يرحل القيام .
أتظن أن بطون الفقراء تبقى جائعة حتى تعود ،أم تظن أن القرآن يهجر في غيرك من الشهور .
قد ظننت بالمسلمين ظن السوء إن كان هذا ظنك !
أما الرسالة الثالثة : فهي لإخواني المسلمين ؛أقول لهم فيها :قد صح عن نبيك صلى الله عليه وسلم أنه قال :لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يارسول الله ،قال :ولا أنا ؛إلا أن يتغمدني الله برحمته ).
فالمعول عليه رحمة الله لا أعمالنا ؛فما قدمناه يسير مهما عظم وقليل مهما كثر ؛ومن علامات القبول الإكثار من الاستغفار خشية التقصير والخوف من رد العمل ولو وقع على أحسن الأحوال ؛فقارن عملك مع من تظن أنه أكثر منك اجتهاداً من إخوانك وأصحابك وزملائك ،فإذا رأيت الفرق فقارن عمله بأقل السلف اجتهاداً فسترى البون الشاسع والله المستعان .
لكن مادام أن رحمة الله هي المعول عليها فهذا يزيد الرجاء بالقبول ،ويعظم الأمل بالفوز والسرور .
تأملوا لو أن فقيراً وقف بباب غني يوماً واحداً يتملقه ألا ترون أن ذلك مدعاة للغني أن يرحمه فكيف لو كان هذا الغني كريماً.
ولله المثلى الأعلى فهو الغني الكريم وقد وقف عباده الفقراء إليه شهراً كاملاً ؛فما تظنون ؟
اللهم أدخلنا برحمتك في رحمتك ،وأغننا بفضلك من فضلك ،وجد علينا بجودك من جودك ؛وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير .
مصلح بن زويد العتيبي
*****************************************************
علماء الإسلام
ابن رضوان المصري.. حكيم الطب العصامي
طريق العلم شاقّ وشائق، يمتلئ بملذات ويحفل بعقبات، وقد تُيئس السائرَ فيه العثراتُ ودوام الرحيل، فينصرف عما أثار في البدء شغفه، ويتوهم أنه محض سراب، وبين تلك الكثرة من المتخاذلين الذين تكتظ بهم جنبات الطريق، ينشط رجال من ذوي الهمة، صدّقوا أحلامهم البهية، لأنهم أدركوا أن بعد كل مشقة راحةً لا تنتهي، ووراء كل عثرة نهضة تدفع إلى تحقيق الحلم.
لم يتمكن اليأس من نفس أبي الحسن علي بن رضوان بن علي المصري، المتوفى سنة 453ه، عندما جلس إلى معلم يتلقى على يديه علم الطب، فإذا بالأستاذ يقرأ من الكتاب فلا يفسّر أو يُعلّق على شيء مما يقرؤه، فانصرف عن الجلوس إلى الشيوخ، وانكب على كتب الطب مجتهداً في فهم ما حوته، حتى نجح، بعد مشقة وإصرار لا يعتريه الفتور، في تحصيل علم نظري واسع صقله بمشاهدات عملية ألمَّ بها، ليصبح فيما بعد طبيباً ماهراً ورئيساً للأطباء بمصر في زمنه.
ويبدو أن صعوبة تحصيل العلم لم تكن المشقة الوحيدة التي كابدها، إذ تجرَّع ابن رضوان المصري مرارة الفقر في كنف أسرة سكنت الجيزة، وأب كان يعمل خبازاً، وقاسى تباريح العذاب بعدما فقد والده في الرابعة عشرة من عمره، وحينها صار لزاماً عليه أن يشتغل بصناعات عدّة وينفق على نفسه ويمتلك زمام أمره، فارتقى سُلَّم المجد بطلب العلم، ونبغ في علوم كثيرة إلى جانب الطب، كالصيدلة والفلسفة والفلك وغيرها.
ويصوّر ابن رضوان هذه المرحلة من حياته قائلاً: «لما أتممت أربع عشرة سنة أخذت في تعلُّم الطب والفلسفة، ولم يكن لي مال أنفق منه، فلذلك عرض لي في التعليم صعوبة ومشقة، فكنت أتكسّب من صناعة الطب مرةً، ومرةً بالتعليم، ولم أزل كذلك وأنا في غاية الاجتهاد في التعليم».
ولا عجب أن تترك الصدمة الأولى، التي صرفته عن أخذ العلم بالتلقي، في ضميره أثراً انعكس بوضوح على منهجه الفكري، حتى إنه اشتهر بنظرية غريبة سطرها في بعض كتبه، تنص على أن التعلم من الكتب أفضل من التعلم من الشيوخ، وعلى الرغم مما أثارته الفكرة من نقد واسع وجّهه إليه العلماء المعاصرون له والمتأخرون، فإنهم أجمعوا على علوّ مكانته العلمية وعظم قدره بين أقرانه، فيقول عنه الذهبي في «تاريخ الإسلام»: «اشتغل في الطب ففاق فيه، وأحكم الفلسفة»، واصفاً إياه بـ«الفيلسوف الباهر»، في حين يرى ابن أبي أصيبعة في «طبقات الأطباء» أنه «أعلم بالعلوم الحكمية وما يتعلق بها».
وقد يحسب المطالع لكتب التاريخ والتراجم أن تلك الألقاب وغيرها هي مما يدبّجه المادحون بلا تحرٍّ وأناة، خالعين على صاحبهم الأوصاف المنسوجة بالمبالغات الزائفة، غير أن إسهامات ابن رضوان المصري المتنوعة تؤكد أنه مستحقٌ مثل هذا الثناء الرفيع، من أهمها أنه برع في الطب الإكلينيكي بمعاينة المريض والتعرف إلى المرض بالنظر إلى هيئة أعضاء المريض وبشرته وتفقُّد أعضائه، وهي طريقة لا تختلف كثيراً عما هو متبع في العصر الحديث، وفي علم الفلك سجّل انفجاراً نجمياً عظيماً وقع منذ ألف عام، كما ألَّف نحو مئة كتاب أبرزها «النافع في كيفية تعلم صناعة الطب»، إضافة إلى مؤلفاته الأخرى التي اعتنى فيها بالجانبين العلمي والأخلاقي معاً، اللذين هما عماد الحضارة.
*******************************************************
بشار بن برد متمرد يدعو لتماسك المجتمع
بشار بن برد، شاعر مهم، نشأ عبداً مسترقاً في خواتيم العصر الأموي، حيث وُلدَ في البصرةِ ضريراً أواخر القرن الهجري الأول، لأبٍ وأمٍ فارسيين من خراسان، كانا مملوكين لبني عقيلٍ أهل الفصاحة والبلاغة، وقد عاصرَ الدولة الأموية والعباسية، وتوفي في القرن الهجري الثاني، حين بلغ السبعين من عمره عام 167 هــ، إذ ضربه الخليفة العباسي «المهدي» بالسوط لاتهامه بالزندقة، بعد أن عاش حياته متمرداً على كل الأعراف والقيم الاجتماعية المرعية، فطاردته التهمة والريبة طوال حياته، ورغم ذلك احترمه عشاق الشعر لأنه برع فيه أكثر من غيره، خاصة في غرضي الغزل وفي الهجاء اللاذع الذي لم يستثن منه حتى أمير المؤمنين في حال مدَحَه دون أن يعطيه الأمير مكافأة.
واللافت أنه رغم ذلك يكتب قصيدة ملأى بالقيم الأخلاقية السمحاء ينظمها نظم الجمان، فتبقى رغم محاربة السلطة له ولأفكاره.
وأزعم أن قصائد الموشحات الأندلسية بدأت من حيث انتهى بشار بن برد، شكلاً وغرضاً وتبسيطاً، وهذا كلام يطول. ولكن ما يهمنا هنا، هو كيف لرجل عاش حياته حتى آخر لحظة ضد الأعراف، أن يدعو في الوقت ذاته إلى تماسك المجتمع بالقيم؟!
ومهما يكن فإن من أجمل ما قرأت من شعر في الهداية وإسداء النصح، ما قاله بشار في قصيدته التي يقول مطلعها: «جَفا وِدُّهُ فَازوَرَّ أَو مَلَّ صاحِبُه، وَأَزرى بِهِ أَن لا يَزال يُعاتِبُه»، حيث عالج الشاعر قيمة التسامح وخطل المؤاخذة الدائمة، بأسلوب شائق وسبك حسن، دفاعاً عن نسيج العلاقات الاجتماعية، سواء بين الأقارب أو الأصدقاء، حيث يدل قوله الحكيم على أنه لا جدوى من العتاب والتبرّم من تصرفات زميلك أو قريبك، لأن كل الناس خطّاء، وما منا من أحد إلا وبه علة يمكن أن يؤاخذ عليها، فإن شاء الناس نبذوه بها أو إن شاؤوا قبلوه، ما قبولهم إياه حينئذ إلا لكي تستمر الحياة دون تعكير صفو، وتسقّط زلات:
أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما
أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه
إذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً
صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ
مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى
ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه؟!.
على أية، سارت الركبان بقوله «إذا كنت في كل الذنوب معاتباً صديقك، لم تلقَ الذي لا تعاتبه» لأنه بالفعل يلخص الفكرة الشاملة، ومفادها أنه لا أحد يسلم من العيب والخطأ، وبالتالي فلابد من غض الطرف والتماس العذر لمن يخطئ، خاصة من تحتاج لأن تتعامل معه باستمرار ولا غنى لك عنه، كما ينبغي ألا تبين له أنك تتفضل عليه بتلك المسامحة.
دعاء
"عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله:
" اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَ صَيِّرْ لِي كُلَّ عُسْرٍ إِلَى يُسْرٍ، وَ اقْبَلْ مَعَاذِيرِي وَ حُطَّ عَنِّي الْوِزْرَ، يَا رَحِيماً بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ".
*****************************************************
اللـهم اهـدِنا فيمَن هـديت .. وعافـِنا فيمـَن عافـيت .. وتولنا فيمن توليت .. وبارك لنا فيما أعطيت .. وقِـنا شـر ما قضيت .. انك تقضي ولا يـُقضى عليك.. اٍنه لا يذل مَن واليت .. ولا يعـِـزُ من عاديت .. تباركت ربنا وتعـاليت .. لك الحمد على ما قـضيت .. ولك الشكر على ما أعـطيت .. نستغـفـُرك اللـهم من جميع الذنوب والخطـايا ونتوب اٍليك. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معـصيتك .. ومن طاعـتك ما تبلّـغـُـنا به جنتَـك .. ومن اليقـين ما تُهـّون به عـلينا مصائبَ الدنيا .. ومتـّعـنا اللهم باسماعِـنا وأبصارِنا وقـواتـِنا ما أبقـيتنا .. واجعـلهُ الوارثَ منـّا .. واجعـل ثأرنا على من ظلمنا.. وانصُرنا على من عادانا .. ولا تجعـل مصيبـتَـنا في ديـننا .. ولا تجعـل الدنيا أكبرَ هـمِنا .. ولا مبلغَ علمِنا .. ولا اٍلى النار مصيرنا .. واجعـل الجنة هي دارنا .. ولا تُسلط عـلينا بذنوبـِنا من لايخافـُـك فينا ولا يرحمـنا .
اللـهم أصلح لنا ديـنـَنا الذي هـو عـصمةُ أمرِنا .. وأصلح لنا دنيانا التي فـيها معـاشُنا .. وأصلح لنا آخرتـَنا التي اٍليها معـادنـا .. واجعـل الحياة زيادةً لنا في كل خير .. واجعـل الموتَ راحةً لنا من كلِ شر.
الـلهم انا نسألـُـك فعـلَ الخيرات .. وتركَ المنكرات .. وحبَ المساكين.. وأن تغـفـر لنا وترحمنا وتتوب علينا .. واٍذا أردت بقـومٍ فـتنةً فـتوَفـنا غـير مفـتونين .. ونسألك حبَـك.. وحبَ مَن يُحـبـُـك.. وحب عـملٍ يقـربنا اٍلى حـبـِك .. يا رب العــالمـين .
اللهم اغـفـر لجميع موتى المسلمين .. الذين شهـِـدوا لك بالوحدانية ..ولنبيك بالرسالة .. وماتوا على ذلك .. اللهم اغـفر لهُم وارحمهُم و عافهم وأعـفـو عنهم .. واكرِم نـُزلَهم .. ووسِع مـُدخلهم .. واغـسلهم بالماء والثـلج والبـَرَد.. ونقـّهم كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس و ارحمنا اللهم برحمتك اذا صرنا الى ما صاروا اٍليه .. تحت الجنادل والتراب وحـدنا.
اللهم اغـفـِر لنا .. وارحمـنا .. وأعـتـق رقابنـا من النـار .
اللهم اغـفـِر لنا .. وارحمـنا .. وأعـتـق رقابنـا من النـار .
اللهم اغـفـِر لنا .. وارحمـنا .. وأعـتـق رقابنـا من النـار .
اللـهم تـقبـل منـا اٍنك أنت السميـع العـليم .. وتُب علينا اٍنك أنت التواب الرحيم .. وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
*****************************************************
على العهد بعد رمضان
في رمضان زيادة في الأعمال الصالحة؛ صلاة، وصياما، وقرآنا، وصدقة، وقياما، وكفا عن الأذى، وإحجاما عن المعصية، وتقللا من المشغلات والملهيات.
ومما يطلب من المسلم: الاستمرار بعد رمضان على ذلك.
ومن غير الممكن – مهما بلغت عبادة المسلم – أن يكون في غير رمضان كما كان فيه.
فهؤلاء أئمة الدين والعلم، يذكر عنهم من التعبد في رمضان، ما لا يذكر في غيره؛ كختم القرآن ثلاثين وستين مرة، وطول القيام والتهجد الليل كله، ويبلغ منهم الجد والنشاط مبلغا يقصرون عنه في سائر العام، بل لا يتكلفون ولا يتطلبونه.
ذلك لأن رمضان له مزية خاصة، في الإعانة على العبادة..
ففيه تصفد الشياطين، وتفتح أبواب الجنة، وتغلق أبواب النيران، ويقال لباغي الخير: أقبل. ولباغي الشر: أدبر. ولله تعالى فيه عتقاء من النار، وذلك كل ليلة.
كل هذه الخصائص تهيء الإنسان لطاعة أكثر؛ فإذا أردنا أن نعرف القبول من الله تعالى، وإن كنا ترقينا في درجات الإيمان، فلا يصح أن نقارن حالنا في رمضان، بحالنا في غيره، قطعا لا يستويان، لكن نقارن ما قبله بما بعده، ونجعل رمضان محطة التزود والانطلاق والترقي، ونقطة ما بين مرحلتين، فمن كان بعده أحسن حالا من قبله، فهذا استفاد من فرصة رمضان، لرفع إيمانه، وترقى في درجات القرب من الله تعالى.
بعض الناس لا يلتزمون فرائض الله عليهم، حتى إذا جاء رمضان، قاموا بها.
فهؤلاء إذا أرادوا أن يعرفوا قدرهم عند الله تعالى، إن كان قبل منهم توبتهم وقربهم ورفع درجاتهم، فلينظروا في أحوالهم بعد رمضان، إن ثبتوا على ما التزموه من الفرائض، فهذه علامة قبول للتوبة؛ لأن الله تعالى إذا قبل توبة عبد حماه من العودة والإصرار على الذنب.
لكن إن رجعوا إلى تفريطهم في فرائض الله عليهم، فربما كانت توبتهم غير نصوح، والله تعالى يقول: { يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا}.
القصد من هذا: على المسلم ألا يطمع في حال كحال رمضان في الترقية الإيمانية والسمو بالنوافل، لكن قريبا منه نعم. إلا أن يكون قد تعلم في رمضان، إقامة ما وجب عليه، فهذا عليه أن يطمع أن يكون على حاله في رمضان.
يقال هذا، حتى لا ييأس ويقنط مجتهد حريص على كمال حاله، إذا رأى عجزه عن مجاراة طاعته في الشهر المبارك. ولا يغتر مفرط مقصر، فيظن أن له يرجع إلى نقصه وتفريطه بعده، فإن الفرائض تجب في رمضان وغيره لا فرق، والكف عن الذنوب والأذى كذلك.
في كافة الأحوال، من حسن حاله، فهذا منتفع بالشهر، سواء في الترقي بالإيمان في الدرجات العلى، أو في الخلاص من التقصير.
أما من كان على حاله قبل، فهذا لم ينتفع، فإن نقص حاله، فهذا الذي لا ينبغي، وهو أسوأ شيء في هذا، وفي مثله ورد قوله صلى الله عليه وسلم:
- (رغم أنف امرئ أدرك رمضان، فلم يغفر له).
لأن رمضان فرصة سانحة يسيرة وسهلة للمغفرة، لما تقدم ذكره من خصائصه ومزاياه، فهو أسهل طريق للتوبة، كما أن الأبوين أسهل وسيلة لدخول الجنة؛ إذ برهما أسهل شيء على النفس، فلهما الولاء والحب فطرة، والولد مدفوع لبرهما بلا عنت ولا مشقة، فإذا فرط في هذا الباب إلى الجنة، فبعدا له، كذلك من فرط في رمضان بالتوبة النصوح.
من تمام الحديث الآنف:
- (رغم أنف امرئ أدرك أبويه، فلم يدخلاه الجنة).
إن المسلم إذا عمل صالحا، قبل الله منه وأثابه، سواء أساء قبله أو بعده؛ فكل عمل صالح له ثوابه، لا يشترط في ثوابه وقبوله: ألا تسبقه معصية، أو ألا تلحقه معصية. فالمعصية إساءة، نعم هي كذلك، غير أنها لا تبطل العمل الصالح، بل تضعف ثوابه؛ لأن المعصية تضعف من قدرة الإنسان على أداء عمله الصالح على أحسن وجه، فيؤديه بضعف، فيكون ثوابه على هذا القدر، لكنه لا يحرم من الثواب كله، ولا يبطل سعيه بسبب إساءاته، إلا مع سيئة واحدة، هي: الشرك. فإنه يحبط جميع الأعمال السابقة، وما عداه فلا يحبط.
فتبقى الأعمال الصالحة لها ثوابها، مهما كانت محاطة بالسيئات ما دون الشرك، وهكذا يتحقق الميزان، فإن الله تعالى وضعه، فقال: {والسماء رفعها ووضع الميزان}.
وما الميزان إلا لوزن العمل الصالح والسيء؛ ليرى أيهما أرجح، فلو كان سيء محبط لكل صالح لأنه سبقه أو لحقه، لما كان للميزان حاجة.
هذه بشارة للمقصرين من أمثالنا؛ أن ثواب ما عملوا من صالحات غير مهضوم:
- {ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما}.
أي إذا عمل وهو مؤمن بثوابه ووعده، مخلصا له الدين.
وإذا كان الله تعالى يثيب الكافر على إحسانه، لكن في الدنيا، مع أنه أحاط إحسانه بكفر وشرك وظلم، فكيف لا يثيب المسلم المقصر، وهو الذي خلص من الشرك والكفر ؟.
قال تعالى:
- {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين}.
* * *
يوما بعد يوم، وحينا بعد حين، نكشف ونقف على جانب من جوانب الرحمة الإلهية بالعباد، تلك الجوانب التي لا تنتهي، والتي كدنا أن نعمِّي عليها، أو نضيقها بقلة فقهنا وعلمنا. فالناس إذا كانوا في إدبار عن الدين، لما يحتملونه من قسوة الحياة، والشغل بالرزق، وما يجدونه من ملهيات وصوارف، وما يعترضهم من أذى وابتلاء: فليس من الحكمة سدّ باب الرحمة في وجوههم، وتضييق السعة عليهم، وتحميلهم من شروط قبول العمل ما لم ينزل به سلطانا، فنطلب إليهم إما عملا كاملا، أو فمشكوك في قبولهم.
كلا، فالله تعالى أعلم وأحكم وأرحم، وليس من أحد يسعى في رمضان بالنوافل إلا لإيمان في قلبه، فلا يليق أن يلاقى بعده بالتوبيخ، إن لم يفعل ما كان يفعله فيه، فكل الناس لهم أحوال بعد رمضان دون أحوالهم التي كانوا عليها.
كان عليه الصلاة والسلام في رمضان يحيي ليله كله، ولم يكن يفعل ذلك فيما سواه، وكان أجود بالخير من الريح من المرسلة، وأجود ما يكون في رمضان، بهذا جاءت الأخبار، هذا وهو صاحب المقام الأرفع.
لكن من عاد إلى التفريط في فرائض الله عليه، بعد التزامها حينا في الشهر الكريم، فهو مستحق للتوبيخ، فهذا نقص لا يسكت عنه، وليس فيه رعاية للعهد.
إن ما يطلب بعد رمضان هو: تحسن الحال عما كان قبله، ولو بدرجة. وهو أمر يسير غير عسير، فرمضان شهر الدفع والرفع للإيمان، يدفع الإنسان إلى الأمام، ويرفعه إلى أعلى، كالطائر يحتاج إلى قوة دافعة رافعة ليحلق من على الأرض، ثم يطير بعدها بلا كلفة، أسهل من مشيه وجريه على الأرض.
كذلك الشهر يفعل بالمسلم، يطير به إلى أعمال لم يعتدها قبل، يدرسه إياها ويعلمه تعليما، ويدربه عليها حتى تكون سجية وعادة له، مع شحن قلبه بمعاني الإيمان والصلة بالله تعالى، التي تسهل عليه الأعمال الصالحة الجديدة عليه، أو تسهل عليه الزيادة منها.
فعلى المسلم أن يستغل قرب عهده برمضان، وما تعود عليه، ليديم على بعض ما كان يعمل، ولو بركعة وتر واحدة، أو ركعتي نافلة نهارا، ولو بصيام يوم في الشهر، ولو بصدقة ريال في اليوم، فهذا سهل يسير. ويترك شيئا من الزلات، إن أعجزه تركها كلها.
حينما يعمل الإنسان فكره بالاتجاه الصحيح، ثم يعزم العزم الصادق، سيجد أن ما كان يعمله في رمضان غير معجز، ولولا أن لرمضان مزية، والناس فيه أكثر فراغا لكان في قدرته أن يعمل عمل رمضان سائر العام، لكنه في قدرته أن يعمل بعض ما كان يعمله دون مشقة.
إن أهم ما يحتاجه الناس اليوم هو: العبادة. لما في العالم من كثرة الهرج والمرج، وفي الأثر:
- (عبادة في الهرج كهجرة إلي).
فإذا كثر اختلاط الأمور، وقل الصادقون، وكثر الكاذبون المضلون، الذين يجادلون في آيات الله بغير علم، ولا هدى، ولا كتاب منير، والذين يضلون الأمة بالشبهات والشهوات: كانت العبادة زادا، وسبب ثبات على الدين، وأكبر وسيلة لدفع الفتن والمضلات، يتدرع بها المؤمن ويتترس من الأهواء. قال صلى الله عليه وسلم:
- (بادوا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم، يمسي الرجل مؤمنا، ويصبح كافرا، ويصبح مؤمنا، ويمسي كافرا، يبيع أحدكم دينه بعرض من الدنيا قليل). مسلم
د. لطف الله بن ملا عبد العظيم خوجه
*****************************************************
ارحل أو لا ترحل
ونحن نودع حبيب القلوب وأنيس النفوس وقرة العيون شهر رمضان المبارك يطيب لي أن أوجه ثلاث رسائل من محب لا من موجه :
أما الأولى : فهي رسالة شكر وثناء وإجلال وخضوع وحب لله رب العالمين الرحمن الرحيم جابر قلوب المنكسرين ؛تأملوا يا أحبتي كيف شرع لنا عيد الفطر عند وداع رمضان ولعل من الحكم العظيمة والأسرار البليغة في ذلك الرحمة بالعباد المؤمنين حتى لا تتقطع قلوبهم حزناً وتموت نفوسهم كمداً على فراق رمضان –وحق لهم ذلك – فكان في فرحة العيد ما يؤنس قلوبهم ويشرح صدورهم ويخفف مصابهم على فراق شهرهم .
أما الرسالة الثانية : فهي لشهر رمضان ؛أقول له فيها (ارحل أو لا ترحل ) فليس في رحيلك جديد ولا خبر فريد ،فقد تيقنا رحيلك قبل إشراقة شمسك ،وقد تذكرت وأنا أودعك قول الفاروق رضي الله عنه حين قبّل الحجر الأسود فقال والله إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ،ولولا أني رأيت رسول الله يقبّلك ما قبّلتك ).
ونحن يا رمضان نعلم أنك شهر كغيرك من الشهور ولولا أن الله عظمك ونبينا صلى الله عليه وسلم استبشر بك وفضلك ما عظمناك ولا فضلناك).
أتظن يا رمضان إن غابت شمسك أن يغيب الصيام أو تظن إن رحلت بالتراويح أن يرحل القيام .
أتظن أن بطون الفقراء تبقى جائعة حتى تعود ،أم تظن أن القرآن يهجر في غيرك من الشهور .
قد ظننت بالمسلمين ظن السوء إن كان هذا ظنك !
أما الرسالة الثالثة : فهي لإخواني المسلمين ؛أقول لهم فيها :قد صح عن نبيك صلى الله عليه وسلم أنه قال :لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يارسول الله ،قال :ولا أنا ؛إلا أن يتغمدني الله برحمته ).
فالمعول عليه رحمة الله لا أعمالنا ؛فما قدمناه يسير مهما عظم وقليل مهما كثر ؛ومن علامات القبول الإكثار من الاستغفار خشية التقصير والخوف من رد العمل ولو وقع على أحسن الأحوال ؛فقارن عملك مع من تظن أنه أكثر منك اجتهاداً من إخوانك وأصحابك وزملائك ،فإذا رأيت الفرق فقارن عمله بأقل السلف اجتهاداً فسترى البون الشاسع والله المستعان .
لكن مادام أن رحمة الله هي المعول عليها فهذا يزيد الرجاء بالقبول ،ويعظم الأمل بالفوز والسرور .
تأملوا لو أن فقيراً وقف بباب غني يوماً واحداً يتملقه ألا ترون أن ذلك مدعاة للغني أن يرحمه فكيف لو كان هذا الغني كريماً.
ولله المثلى الأعلى فهو الغني الكريم وقد وقف عباده الفقراء إليه شهراً كاملاً ؛فما تظنون ؟
اللهم أدخلنا برحمتك في رحمتك ،وأغننا بفضلك من فضلك ،وجد علينا بجودك من جودك ؛وعيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير .
مصلح بن زويد العتيبي
*****************************************************
علماء الإسلام
ابن رضوان المصري.. حكيم الطب العصامي
طريق العلم شاقّ وشائق، يمتلئ بملذات ويحفل بعقبات، وقد تُيئس السائرَ فيه العثراتُ ودوام الرحيل، فينصرف عما أثار في البدء شغفه، ويتوهم أنه محض سراب، وبين تلك الكثرة من المتخاذلين الذين تكتظ بهم جنبات الطريق، ينشط رجال من ذوي الهمة، صدّقوا أحلامهم البهية، لأنهم أدركوا أن بعد كل مشقة راحةً لا تنتهي، ووراء كل عثرة نهضة تدفع إلى تحقيق الحلم.
لم يتمكن اليأس من نفس أبي الحسن علي بن رضوان بن علي المصري، المتوفى سنة 453ه، عندما جلس إلى معلم يتلقى على يديه علم الطب، فإذا بالأستاذ يقرأ من الكتاب فلا يفسّر أو يُعلّق على شيء مما يقرؤه، فانصرف عن الجلوس إلى الشيوخ، وانكب على كتب الطب مجتهداً في فهم ما حوته، حتى نجح، بعد مشقة وإصرار لا يعتريه الفتور، في تحصيل علم نظري واسع صقله بمشاهدات عملية ألمَّ بها، ليصبح فيما بعد طبيباً ماهراً ورئيساً للأطباء بمصر في زمنه.
ويبدو أن صعوبة تحصيل العلم لم تكن المشقة الوحيدة التي كابدها، إذ تجرَّع ابن رضوان المصري مرارة الفقر في كنف أسرة سكنت الجيزة، وأب كان يعمل خبازاً، وقاسى تباريح العذاب بعدما فقد والده في الرابعة عشرة من عمره، وحينها صار لزاماً عليه أن يشتغل بصناعات عدّة وينفق على نفسه ويمتلك زمام أمره، فارتقى سُلَّم المجد بطلب العلم، ونبغ في علوم كثيرة إلى جانب الطب، كالصيدلة والفلسفة والفلك وغيرها.
ويصوّر ابن رضوان هذه المرحلة من حياته قائلاً: «لما أتممت أربع عشرة سنة أخذت في تعلُّم الطب والفلسفة، ولم يكن لي مال أنفق منه، فلذلك عرض لي في التعليم صعوبة ومشقة، فكنت أتكسّب من صناعة الطب مرةً، ومرةً بالتعليم، ولم أزل كذلك وأنا في غاية الاجتهاد في التعليم».
ولا عجب أن تترك الصدمة الأولى، التي صرفته عن أخذ العلم بالتلقي، في ضميره أثراً انعكس بوضوح على منهجه الفكري، حتى إنه اشتهر بنظرية غريبة سطرها في بعض كتبه، تنص على أن التعلم من الكتب أفضل من التعلم من الشيوخ، وعلى الرغم مما أثارته الفكرة من نقد واسع وجّهه إليه العلماء المعاصرون له والمتأخرون، فإنهم أجمعوا على علوّ مكانته العلمية وعظم قدره بين أقرانه، فيقول عنه الذهبي في «تاريخ الإسلام»: «اشتغل في الطب ففاق فيه، وأحكم الفلسفة»، واصفاً إياه بـ«الفيلسوف الباهر»، في حين يرى ابن أبي أصيبعة في «طبقات الأطباء» أنه «أعلم بالعلوم الحكمية وما يتعلق بها».
وقد يحسب المطالع لكتب التاريخ والتراجم أن تلك الألقاب وغيرها هي مما يدبّجه المادحون بلا تحرٍّ وأناة، خالعين على صاحبهم الأوصاف المنسوجة بالمبالغات الزائفة، غير أن إسهامات ابن رضوان المصري المتنوعة تؤكد أنه مستحقٌ مثل هذا الثناء الرفيع، من أهمها أنه برع في الطب الإكلينيكي بمعاينة المريض والتعرف إلى المرض بالنظر إلى هيئة أعضاء المريض وبشرته وتفقُّد أعضائه، وهي طريقة لا تختلف كثيراً عما هو متبع في العصر الحديث، وفي علم الفلك سجّل انفجاراً نجمياً عظيماً وقع منذ ألف عام، كما ألَّف نحو مئة كتاب أبرزها «النافع في كيفية تعلم صناعة الطب»، إضافة إلى مؤلفاته الأخرى التي اعتنى فيها بالجانبين العلمي والأخلاقي معاً، اللذين هما عماد الحضارة.
*******************************************************
بشار بن برد متمرد يدعو لتماسك المجتمع
بشار بن برد، شاعر مهم، نشأ عبداً مسترقاً في خواتيم العصر الأموي، حيث وُلدَ في البصرةِ ضريراً أواخر القرن الهجري الأول، لأبٍ وأمٍ فارسيين من خراسان، كانا مملوكين لبني عقيلٍ أهل الفصاحة والبلاغة، وقد عاصرَ الدولة الأموية والعباسية، وتوفي في القرن الهجري الثاني، حين بلغ السبعين من عمره عام 167 هــ، إذ ضربه الخليفة العباسي «المهدي» بالسوط لاتهامه بالزندقة، بعد أن عاش حياته متمرداً على كل الأعراف والقيم الاجتماعية المرعية، فطاردته التهمة والريبة طوال حياته، ورغم ذلك احترمه عشاق الشعر لأنه برع فيه أكثر من غيره، خاصة في غرضي الغزل وفي الهجاء اللاذع الذي لم يستثن منه حتى أمير المؤمنين في حال مدَحَه دون أن يعطيه الأمير مكافأة.
واللافت أنه رغم ذلك يكتب قصيدة ملأى بالقيم الأخلاقية السمحاء ينظمها نظم الجمان، فتبقى رغم محاربة السلطة له ولأفكاره.
وأزعم أن قصائد الموشحات الأندلسية بدأت من حيث انتهى بشار بن برد، شكلاً وغرضاً وتبسيطاً، وهذا كلام يطول. ولكن ما يهمنا هنا، هو كيف لرجل عاش حياته حتى آخر لحظة ضد الأعراف، أن يدعو في الوقت ذاته إلى تماسك المجتمع بالقيم؟!
ومهما يكن فإن من أجمل ما قرأت من شعر في الهداية وإسداء النصح، ما قاله بشار في قصيدته التي يقول مطلعها: «جَفا وِدُّهُ فَازوَرَّ أَو مَلَّ صاحِبُه، وَأَزرى بِهِ أَن لا يَزال يُعاتِبُه»، حيث عالج الشاعر قيمة التسامح وخطل المؤاخذة الدائمة، بأسلوب شائق وسبك حسن، دفاعاً عن نسيج العلاقات الاجتماعية، سواء بين الأقارب أو الأصدقاء، حيث يدل قوله الحكيم على أنه لا جدوى من العتاب والتبرّم من تصرفات زميلك أو قريبك، لأن كل الناس خطّاء، وما منا من أحد إلا وبه علة يمكن أن يؤاخذ عليها، فإن شاء الناس نبذوه بها أو إن شاؤوا قبلوه، ما قبولهم إياه حينئذ إلا لكي تستمر الحياة دون تعكير صفو، وتسقّط زلات:
أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما
أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه
إذا كُنتَ في كُلِّ الذُنوبِ مُعاتِباً
صَديقَكَ لَم تَلقَ الَّذي لا تُعاتِبُه
فَعِش واحِداً أَو صِل أَخاكَ فَإِنَّهُ
مُفارِقُ ذَنبٍ مَرَّةً وَمُجانِبُه
إِذا أَنتَ لَم تَشرَب مِراراً عَلى القَذى
ظَمِئتَ وَأَيُّ الناسِ تَصفو مَشارِبُه؟!.
على أية، سارت الركبان بقوله «إذا كنت في كل الذنوب معاتباً صديقك، لم تلقَ الذي لا تعاتبه» لأنه بالفعل يلخص الفكرة الشاملة، ومفادها أنه لا أحد يسلم من العيب والخطأ، وبالتالي فلابد من غض الطرف والتماس العذر لمن يخطئ، خاصة من تحتاج لأن تتعامل معه باستمرار ولا غنى لك عنه، كما ينبغي ألا تبين له أنك تتفضل عليه بتلك المسامحة.
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
رد: انوار رمضان1438هـ
رمضان هل من عودة
د. عبد الرحمن بن عبد الرحمن شميلة الأهدل |
الرُّوْحُ تَنْدُبُ وَالْفُـؤَادُ يَـذُوْبُ ** وَالدَّمْعُ مِنْ أَلَمِ الْجَوَى مَسْكُوْبُ تِلْكَ الْمَسَاجِدُ وَالْمَآذِنُ تَشْتَكِيْ ** أَلَمَ الْفِـرَاقِ وَقَلْبُهَـا مَقْلُـوْبُ وَانْظُرْ إِلَى أَهْلِ التُّقَى مَنْ أَخْلَصُوا ** عَمَلاً غَزَاهُمـْ يَا فَرِيْـدُ نَحِيْبُ رَمَضَانُ هَلْ مِـنْ عَوْدَةٍ وَزِيَارَةٍ ** أَمْ يَا حَبِيْبُ قَدِ انْتَهَى التَّرْحِيْبُ رَمَضَانُ هَـلْ سَأَرَاكَ أَمْ أَنَا مُنْتَهٍ ** رَمَضَانُ وَعْـدُكَ بِاللِّقَاءِ مُرِيْبُ قَسَمَاتُ وَجْهِـيْ قَدْ تَغَيَّرَ حَالُهَا ** وَسَوَادُ شَعْرِيْ قََدْ عَلاَهُ مَشِيْبُ وَعِظَامُ جِسْمِيْ قَدْ تَوَانَـى عَزْمُهَا ** أَمَّا الْتِهَابُ مَفَاصِلِـيْ فَرَهِيْبُ كَمْ مِنْ شُيُوْخٍ فِي انْتِظَارِ لِقَائِكُمْ ** مَاتُوا وَفَاتَ الْحِرْصُ وَالتَّرْتِيْبُ وَلَكَمْ شَبَابٍ فِي انْتِظَارِكَ زَارَهُمْ ** رَيْبُ الْمَنُوْنِ فَحَظُّهُمْ مَنْكُـوْبُ يَا أُمَّـةَ الإِسْـلامِ أُمَّـةَ أَحْمَـدٍ ** تُوْبُوا وَأُوْبُوا قَدْ دَنَى الْمُكْتُوْبُ فَالْمَوْتُ حَقٌّ وَالْحَيَـاةُ كَلَمْحَـةٍ ** وَالْبَعْضُ مِنْ حُبِّ الدُّنَا مَسْلُوْبُ هَلْ رَجْعَةٌ تَمْحِي الذُّنُوْبَ وَيَنْتَهِيْ ** دَاءُ الشَّقَاـءِ وَيَنْفَـعُ التَّأْنِيْـبُ وَيَنَالُكُـمْ رِضْـوَانُ رَبٍّ غَافِـرٍ ** فَرِضَا الرَّؤُفِ وَعَفْـوُهُ مَطْلُـوْبُ وَاسْتَقْبَِلُوا عِيْـدًا بِقَلْـبٍ طَاهِـرٍ ** وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيْمِ رَقِيْـبُ ثُمَّ الصَّلاَةُ عَلَى الْمُشَفَّعِ فِي الْوَرَى ** مَا لاحَ بَـرْقٌ وَالرُّعُـوْدُ تُجِيْبُ وَالآلِ وَالأَصْحَابِ مَا مُـزْنٌ هَمَـى ** فَاخْضَرَّ عُـوْدٌ عَانَقَتْهُ حَلُـوْبُ |
تقبل الله صيامكم و قيامكم وصالح أعمالكم و أعآدٍهّـ ( آلَلَهّ ) علَيِنِآ وعٌلَيِکْم آعوآمآ مدٍيدة وأنِتٌـمً تٌـلبسِـونِ لَبآسِ آلَصّـحًة وٌآلَعٌآفُـيِة
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
نسأل الله عز وجل أن يلم شمل جميع الليبين في الداخل و الخارج ، وأن يتقبل جميع الشهداء والضحايا وأن يشافي الجرحى والمرضى وأن يفرج هم المهمومين وينفس كرب المكروبين يارب العاملين
عيدكم مبارك وكل عام وأنتم بخير
نسأل الله عز وجل أن يلم شمل جميع الليبين في الداخل و الخارج ، وأن يتقبل جميع الشهداء والضحايا وأن يشافي الجرحى والمرضى وأن يفرج هم المهمومين وينفس كرب المكروبين يارب العاملين
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34797
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
صفحة 2 من اصل 2 • 1, 2
مواضيع مماثلة
» انوار رمضان
» انوار رمضان1437هـ
» انوار الرسالة المحمدية
» موضوع بعنوان / قصيدة : من انوار المولد من المجلة النقشبندية
» انوار رمضان1437هـ
» انوار الرسالة المحمدية
» موضوع بعنوان / قصيدة : من انوار المولد من المجلة النقشبندية
صفحة 2 من اصل 2
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد 24 نوفمبر - 16:39 من طرف علي عبد الله البسامي
» نكبة بلد المشاعر
السبت 23 نوفمبر - 14:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى فرسان اليمن
الأربعاء 20 نوفمبر - 20:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي