مقال اكثر من رائع/ دراما جليلية
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مقال اكثر من رائع/ دراما جليلية
المشهد الأول: المستشار بوشنه رئيس مجلس اللا وطني الانتقالي، يرتدي بذلة سوداء وربطة عنق من نفس اللون، ويقف على منصة خطابة (أصبح من المعلوم أنه اعتاد عليها) ويقول حرفيا ما نصه: (أولا أنا لم أقل إني سوف أستقيل بعد تحرير سرت...)
المشهد الثاني: صورة ثابتة لذات المستشار، تظهر على الشاشة كخلفية أثناء لقاء تجريه معه قناة الجزيرة ويسمع صوته وهو يقول بوضوح: (أنا سأستقيل بمجرد أن تتحرر ليبيا، فليس عندي أجندة ولا ارغب في السلطة)
المشهد الثالث: صورة حية لمذيع قناة الجزيرة محمد كريشان أثناء نفس اللقاء، وقد بدا عليه أنه قد فوجيء بتصريح المستشار، وهو يقول: (هل قصدتم إنكم ستقدمون استقالتكم بعد تحرير ليبيا) ويسمع صوت المستشار وهو يؤكد تلك المعلومة.
المشهد الرابع: لقاء مع إحدى القنوات الفضائية الليبية، المستشار يؤكد أنه تراجع عن قراره بالاستقالة حتى لا تقع البلد في هاوية الفوضى.
المشهد الخامس: لقاء آخر مع فضائية ليبية أخرى: المستشار يؤكد أنه سوف يستقيل إذا طلب منه نصف الشعب الليبي ذلك.
تسدل الستارة، ويتبين ان عليها لافتة تقول: سوف نوافيكم ببقية المشاهد حالما ينتهي المستشار من صياغتها.... تصفيق... تضاء الصالة، وينصرف المتفرجون، بعضهم إلى بيوتهم، والبعض الآخر إلى ميدان الشجرة.
(ملاحظة: يمكن مشاهدة المشاهد الثلاثة الأولى في باب منوعات مرئية وصوتية في موقع ليبيا المستقبل، من خلال شريط فيديو اعده السيد مفتاح علي...)
إذن.. ما هي الحكاية...؟
المستشار مصطفى عبدالجليل رجل محترم، وقور، متدين إلى درجة الصوفية تقريبا، وهو قاض نزيه بغض النظر عن بعض أحكام الإعدام التي أصدرها، وهو رياضي سابق بما يعني أنه يمتلك روحا رياضية يتعامل بها مع مختلف أنواع المشاكل، كما أنه رجل شجاع، واجه الطاغية في غير مرة عملا بقول النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم) (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر).
ومن صور شجاعته أيضا، قدرته على التصريح بأنه قد أمر بتزوير جواز سفر عبدالحكيم الخويلدي الشهير بعبدالحكيم بالحاج، وهو رجل هبط علينا من السماء القطرية لننتفع ببركاته خلال عصر ليبيا الجديدة، مع علم المستشار مسبقا بحكم كونه رجل قانون، بأنه بتصريحه ذاك قد اعترف بارتكاب جريمة من ناحية ومن ناحية أخرى أحرجنا أمام العالم، الذي سمع لأول مرة رئيس دولة يرتكب جريمة ويعترف بها جهارا في نموذج للشجاعة الفائقة التي لا يتمتع بها أي رئيس دولة آخر.
فوق ذلك كله، هو رجل حصيف، يعرف كيف يسيطر على مجريات القضايا بالغة الحساسية، مثل قضية مقتل الشهيد الفريق عبدالفتاح يونس، بحيث جعل شعبا بأكمله يجهل تفصيلات ووقائع تلك القضايا منذ أكثر من ستة أشهر وإلى الآن.
ناهيك عن قدرته الفائقة على ممارسة هواية تجاهل الجموع، فنحن إذا قلنا انه يتجاهل الشعب الليبي فنحن نتكلم عن ستة ملايين من البشر، وإذا قلنا انه يتجاهل نصفهم فقط فإننا نتكلم عن ثلاثة ملايين، وإذا قلنا أنه يتجاهل بنغازي فقط (بمعتصميها في ميدان الشجرة) فنحن نتكلم عن مليون مواطن، ولن يستطيع أيا كان أن يدعي أن هناك رئيس دولة آخر في العالم بإمكانه أن يحقق مثل هذا الإنجاز الرائع.
في كل الظروف، نحن لدينا رجل متميز..
لكن هذا يثير مشكلة عويصة، فكل تلك الصفات الرائعة، وذلك التميز، لا يمكنه فيما يبدو أن يفسر لماذا قال المستشار أنه سوف يستقيل، ليعود ويقول أنه لم يقل ذلك البتة، ولماذا فعل ذلك عبر وسائل إعلام يشاهدها العالم أجمع بدءا من منطقة سوق الجمعة إلى هونولولو.
ذلك لغز محيًر، يضع العقول في حالة من العجز شبه التام عن الفهم، حتى إذا تمت الاستعانة بالقواعد المستقرة في بعض العلوم المعترف بها:
فعلم النفس (مثلا) يفسر تلك الحالة على أنها (شيزوفيرنيا) وهو تفسير يفترض وجود شخصيتين متناقضتين في ذات الشخص، الأولى خيًرة والثانية شريرة، ولكننا لا نستطيع أن نتخيل مستشارنا شخصا شريرا، فهو في كل حالاته وديع ومسالم، ويتكلم بهدوء وثقة، وبذلك يسقط هذا التفسير من الحساب.
وعلم السياسة يفسر الحالة على أنها كذب إجباري يجب على كل محترف سياسة أن يرتكبه، عملا بالمبدأ الذي أقره أبو علم السياسة (ميكيافيللي) القائل بأن الغاية تبرر الوسيلة، وأن الرئيس إذا أراد البقاء فيمكنه أن ينكر كل ما صرح به في السابق بصدد الرحيل، ولكننا ننزه مستشارنا عن أن يكون كاذبا، فهو رجل صدق (لا ينطق عن الهوى) كما صرح به ناطقه الإعلامي السيد أحمد باني ذات مرة، رافعا أيًاه من مرتبة رئيس مجلس، إلى مرتبة النبي (صلعم) دون أن يهتز له جفن أو تتحرك له شعرة.
لكننا لن نعتد بقول السيد باني، باعتباره مجرد خزعبلة من الخزعبلات التي يرتكبها الناطقون الرسميون كلما وجدوا أنفسهم أمام صحفيين وكاميرات، وهي خزعبلة سوف يحاسبه الله عليها حسابا عسيرا يوم الحساب.
في كل الأحوال، لا فائدة من استعراض كل العلوم ذات العلاقة، فجميعها سوف تفشل في تقديم تفسير مقنع للحالة، وهكذا سوف نضطر إلى التسليم بأن المستشار لم يقل أنه سيستقيل فعلا، وإن آذاننا وعيوننا وآذان وعيون كل العالم قد كذبت علينا، ونقلت لنا ما لم يقله الرجل، ويشمل ذلك أن المشهد ين الثاني والخامس المذكورين في صدر هذا المقال لم يحدثا على الإطلاق، وأن مشاهدتنا لهما هي مجرد وهم بصري صوره لنا الشيطان الرجيم في محاولة منه لإحراج المستشار، دون أن يخطر له أنه مستشار من نوع آخر، قادر على أن ينكر ما يقول، بل قادر على أن ينكر وجودنا برمته.
وإذا بدا لكم ذلك غريبا، فيجب أن تتذكروا أنه التفسير الوحيد المتاح، وهو تفسير مريح يعفينا من مواجهة حقيقة أن مستشارنا قد تحول من رجل شريف نزيه وشجاع إلى مجرد سياسي هاو يقول ما لا يفعل وينكر ما فعله.
رمضان الفراوي
ام سيف-
- الجنس :
عدد المساهمات : 6556
نقاط : 19834
تاريخ التسجيل : 05/08/2011
رد: مقال اكثر من رائع/ دراما جليلية
لا حولي ولا قوة الا بالله العظيم
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
مغاوير ليبيا الحرة-
- الجنس :
عدد المساهمات : 6668
نقاط : 16491
تاريخ التسجيل : 28/10/2011
. :
هو باطنى
هو باطنى اسود حاقد
جماهيري ضد الرشوقراطيه-
- الجنس :
عدد المساهمات : 3458
نقاط : 15487
تاريخ التسجيل : 28/11/2011
. :
. :
. :
رد: مقال اكثر من رائع/ دراما جليلية
جماهيري ضد الرشوقراطيه كتب:
هو باطنى اسود حاقد
ـــــــ-ــــــ-ـــــ-ـــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــ-ــــ-ــــــ-ــــــ-ـــــــ-ـــــــ-ـــــــ-
التوقيع
--------------------------
يا قـــــــائد ثورتنـــــــــا على دربك طوالـــــــي
المجاهدة-
- الجنس :
عدد المساهمات : 2031
نقاط : 11918
تاريخ التسجيل : 19/09/2011
. :
مواضيع مماثلة
» مقال اكثر من رائع ارجو من الجميع الإطلاع : النيتو الحل العسكري فشل والآن بدات الحرب النفسية/ محفوظ ولد الجيلاني
» مقال مترجم من احدى الصحف الفرنسية عن شيخ قطر . مقال رائع
» كيف يا وطني تهون( اكثر من رائع )
» مقال رائع من الشروق الجزائرية
» مقال رائع ادخلوا واقرأوا
» مقال مترجم من احدى الصحف الفرنسية عن شيخ قطر . مقال رائع
» كيف يا وطني تهون( اكثر من رائع )
» مقال رائع من الشروق الجزائرية
» مقال رائع ادخلوا واقرأوا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» هدهد الجنوب
الجمعة 26 يوليو - 20:41 من طرف علي عبد الله البسامي
» حماة العفن
الأربعاء 17 يوليو - 16:53 من طرف علي عبد الله البسامي