مقال يدحض حجج شيوخ الفتنه /حامد شاكر : الثورة والفتنة
صفحة 1 من اصل 1
مقال يدحض حجج شيوخ الفتنه /حامد شاكر : الثورة والفتنة
08 فبراير,2012
شرعاً
لا يوجد شئ اسمه ثورة بين المسلمين.. الثورة في الشرع مرادفٌ للفتنة.. ومهما حاول
العلماء الأجلاء الالتفاف على هذه الحقيقة.. فإنها تظل الحقيقة ويظلون هم جزءاً من
الفتنة.. فالفتنة عندما تطل برأسها من علاماتها أن يخرج من يؤيدها.. ويُدافع
عنها.. وينفي عنها صفتها.. ويأتي بالأدلة التي تؤججها..
في
ليبيا
كان سبب الفتنة القتل.. فخرج المشايخ يهدرون دم القذافي (القاتل السفاح
المجرم) ويهدرون دم من والاه.. ويؤيدون الثائرين.. ويحثون من لم يثر على
الثورة..ويعِدون من يُقتل في صفوف الثوار بالجنة.. ومن يُقتل في صفوف
القذافي بالنار..وعندما رجحت كفة الثوار استمر القتل.. أي استمر سبب
الفتنة.. لكن الفتنة الآن
اكتسبت حركة ذاتية، فهي لم تعد تحتاج إلى محركٍ يدفعها.. فانكفأت الأبواق..
وسكت
المشايخ.. ولو سألهم سائل: لما هذا الصمت حيال ما يحدث؟.. لما وجد عندهم
إجابة،
ولوجد أنهم لا يعلمون لما هم صامتون هكذا.. ولا يعلمون ماحلَّ بهم.. ولا
يدرون
أكانوا مخطئين أم مصيبين.. ولا يُدركون أنهم في الفتنة سقطوا.. وأنهم على
خطر..وأنه لا طريق أمامهم للنجاة سوى التوبة..
لقد
حاول المشايخ أن ينفوا عن ثورات
الربيع العربي صفة الفتنة حتى يزينوا ما يحدث.. برغم أن النبي اعتبر ما هو
أقل من هذا فتنة، فقال: "إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا
تفعلوا تكن
فتنة في الأرض وفساد عريض".. أي اعتبر رفض تزويج
ذي الخلق والدين فتنة وفساداً عريضاً.. فماذا برفض حقن دماء المسلمين..
ورفض السعي
بالصلح.. ورفض مبادرات الإصلاح التي أعلنها الحكام خوفاً على أنفسهم
وكراسيهم..هؤلاء المشايخ بنفيهم عن اقتتال المسلمين صفة الفتنة انطبق عليهم
قوله تعالى: {وَحَسِبُواْ
أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ اللّهُ
عَلَيْهِمْ ثُمَّ
عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}
(المائدة:71).
لقد
أخذ بعض المشايخ فتاواه في أحداث ليبيا من فقه الموازنات.. وفقه الموازنات يحتاج
إلى فهم للبدائل التي ستخضع للموازنة.. هذا الفهم يدق كلما عظم قدر المسألة.. ولا
أعظم من قدرها إذا كانت تتعلق بالدماء.. فوازن أولئك بين بدائل مبنيةٍ على الظن في
مسألةٍ لا تحتمل أن يتطرق إليها الظن أو الشك.. فإما أن يكون الفقيه متيقناً من
حقيقة المسألة بطرق اليقين وإما أن يكون غير متيقن وفي هذه الحالة عليه أن يتوقف..
إن
البدائل التي تراءت لمشايخنا تعامل معها عقلهم الباطن بشكلٍ مضل.. فأبقوا منها ما
يوافق هواهم واستبعدوا منها ما يخالفه.. وكذلك فعلوا بالأدلة الشرعية.. تمسكوا
منها بما يوافق هواهم واستبعدوا ما يخالفه.. وإذا نوقشوا أو جودلوا أو لامتهم
ضمائرهم.. قاموا بنسف كل الأدلة وكل الخيارات باللجوء إلى أحكام الضرورة التي أخضعوها
هي الأخرى للهوى..
هناك
جانب آخر يتعلق بالمنهج.. وهذا الأمر كبير لا تتسع له مقالة كهذه.. والحديث عن
المنهج يرتبط بمدارس الفقه، وما احتوته كتب التراث الفقهي من تخريجات وتفريعات لها
علاقة بواقع تاريخي مختلف عن واقعنا.. لكن الولاء إلى المنهج وطريقة صنع الفقيه
تجعلان الفكاك من هذا المنهج أمراً إن لم يكن مستحيلاً صعباً لا يناله إلا ذو حظ
عظيم..
إن
الانتماء إلى المدارس الفقهية (المذاهب).. ليس معيباً لكن العيب في طريقة الأخذ من
المذهب.. فكثير من أتباع هذه المدارس، خاصة في زمننا، لا يبحثون عن الصحيح من أقوال
أهل العلم قدر ما يبحثون عما يعضد رأيهم الشخصي.. وقد يضربون بآراء صاحب المذهب
عرض الحائط ويأخذون بآراء مقلدين مثلهم..
وبعضهم يأخذ بالرأي طالما هو منسوب إلى المذهب وإن خالف هذا الرأي القرآن
والسنة وأقوال الصحابة..
الإشكالية
الكبرى اليوم أن نتائج الثورات العربية التي حدثت في تونس
ثم مصر ثم ليبيا برزت نتائجها مباشرة.. وعلى نحو كان من المفترض حياله أن
يراجع
مشايخ الفتن فتاواهم.. وألا يعودوا إلى مثلها.. لكن الأمر سار على خلاف
المفترض..فقد استمر الكثير من شيوخ الفتنة في غيهم بتأجيجها في سوريا..
برغم أنهم يعلمون
علم اليقين أن هذا سيريق المزيد من دماء المسلمين.. وسيضعف قوة الإسلام..
وسيجعل
من المسلمين أضحوكة وقد صاروا بالفعل.. فغير المسلمين اليوم ينظرون إلى
المسلمين
نظرة مغايرة ملؤها الاستنكار بعدما شاهدوا قتلهم بعضهم بعضا، وقتلهم
الأسرى..ورقصهم على الجثث والتمثيل بها..
في
حديث رواه الحاكم وقال إنه صحيحٌ على شرط الشيخين البخاري ومسلم،
وعضده الذهبي، أن جمعاً من الناس أقبلوا مع أبي موسى الأشعري غُزاة فلمّا
نزالوا
منزلا قال: كنا نتحدث أن بين يدي الساعة هرجاً. قالوا: و ما الهرج أيها
الأمير؟
قال: القتل. قالوا: أكثر ما نقتل؟ إنا نقتل في السنة إن شاء الله أكثر من
مائة ألف.قال: ليس قتلكم المشركين ولكن قتل بعضكم بعضا. قالوا: ومعنا
عقولنا يومئذ؟! قال:أبو موسى: تُنزع عقول أكثر ذلك الزمان ويخلف هباء من الناس، يحسب أكثرهم أنّهم على شيء، وليسوا على شيء. والله! ما
أجد لي و لكم إن هي أدركتني وإياكم، فيما نقرأ من كتاب ربنا و فيما عهد إلينا
نبينا، أن لا نخرج منها كما دخلنا فيها.
جماهيري ضد الرشوقراطيه-
- الجنس :
عدد المساهمات : 3458
نقاط : 15501
تاريخ التسجيل : 28/11/2011
. :
. :
. :
مواضيع مماثلة
» مقال يحتاج إلى نقاش بقلم الاستاذ : حامد شاكر
» حامد شاكر : ليبيا بين حكم الميليشيات وفزاعة الأزلام/ مقال يستق القرأة
» سنة على بدء الانتفاضة الليبية /مقال ممتاز ورصين يستحق الدراسه/ للكاتب حامد شاكر بموقع الحوار السياسى الليبى :
» كلام في الثورات للكاتب حامد شاكر
» مشاري العفاسي المنافق
» حامد شاكر : ليبيا بين حكم الميليشيات وفزاعة الأزلام/ مقال يستق القرأة
» سنة على بدء الانتفاضة الليبية /مقال ممتاز ورصين يستحق الدراسه/ للكاتب حامد شاكر بموقع الحوار السياسى الليبى :
» كلام في الثورات للكاتب حامد شاكر
» مشاري العفاسي المنافق
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأربعاء 20 نوفمبر - 20:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي
» رثاء الشهيد اسماعيل هنية
الأربعاء 31 يوليو - 18:37 من طرف علي عبد الله البسامي