عبد الباري عطوانانقلاب في ليبيا.. ومحاولة اجهاض لثورتها؟ فهل هناك حكومة لكي ينقلب عليها احد؟ وهل بقيت ثورة حتى يتم اجهاضها؟!
صفحة 1 من اصل 1
عبد الباري عطوانانقلاب في ليبيا.. ومحاولة اجهاض لثورتها؟ فهل هناك حكومة لكي ينقلب عليها احد؟ وهل بقيت ثورة حتى يتم اجهاضها؟!
عبد الباري عطوان
تعيش ليبيا، ومدينة بنغازي نقطة انطلاق “ثورتها” بالذات حربا اهلية حقيقية، طرفاها قاتلا جنبا الى جنب في ميادين القتال لاسقاط النظام السابق تحت اجنحة طائرات حلف “الناتو” التي كانت تقصف وتدمر من الجو كل ما طاب لها من القصف والتدمير بتفويض من قرار اممي صدر على عجل بضغط من دول “اصدقاء ليبيا” بزعامة الولايات المتحدة الامريكية.
انها حرب بالانابة، بين جماعات اسلامية متشددة تملك ميليشيات مدججة بالاسلحة والمعدات العسكرية الحديثة وقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي تدعمه الولايات المتحدة الامريكية ودول عربية وادت حتى الآن الى مقتل مئة شخص واصابة العشرات في غضون اليومين الماضيين فقط، ومؤشر القتلى والجرحى مستمر في الصعود حتى كتابة هذه السطور.
اللواء حفتر الذي يعتبر نفسه قائد الجيش “الوطني” يقول انه يشن حملة لتصفية “الارهاب” في ليبيا واجتثاثه متمثلا في الميليشيات الاسلامية في بنغازي، وجماعة “انصار الشريعة” بالذات المدرجة على لائحة الارهاب في الولايات المتحدة الامريكية بتهمة قتل السفير الامريكي في بنغازي وثلاثة من مساعديه.
***
انها حالة من الفوضى المسلحة لم يسبق ان عايشت ليبيا مثلها في السنوات الخمسين الماضية ان لم يكن اكثر، حلفاء الامس، ورفقاء السلاح هم المتحاربون اليوم، ولكن بمختلف انواع الاسلحة والطائرات والشعب الليبي الطيب يدفع الثمن تماما مثل نظرائه في سورية والعراق واليمن.الانقسام على الارض الليبية لا يقتصر فقد على رفقاء السلاح، وانما على الدول العربية التي تدخلت عسكريا والقت بكل ثقلها خلفهم في حربهم ضد النظام السابق، فقطر تدعم الجماعات الاسلامية، وتنظيم الاخوان المسلمين، والامارات ومصر والسعودية تدعم الميليشيات “المعتدلة” اي غير الاسلامية، كتائب الزيتان في الشمال الغربي وجيش اللواء حفتر في المناطق الشرقية.
خطف السفراء والدبلوماسيين العرب والاجانب كان من الظواهر المرعبة التي تعكس حالة الفوضى وانعدام الامن، ولكنها تظل ظاهرة محدودة ومحتملة بالمقارنة للحرب الدائرة حاليا في الشرق الليبي وتستخدم فيها الطائرات المقاتلة والعمودية بكثافة لم يكن لها نظير الا في زمن تدخل “الناتو”.
الحكومة المركزية غير موجودة ناهيك عن كونها ضعيفة جدا بالكاد تحكم على موظفيها او المليشيات التي تدفع مرتبات افرادها وخواّتها مكرهة، والجيش الليبي ليس له وجود، وان وجد فلا يملك الامكانيات، او حتى الرغبة، في التدخل في هذا الصراع، وكأنه جيش ينتمي الى دولة اخرى في العالم غير ليبيا بالطبع، فجميع الدول العربية التي شهدت تدخلا امريكيا، مباشرا او غير مباشر اما تم حل جيشها، او انهاكه وتهميشه.
كيف وصلت الاسلحة والدبابات الى جيش اللواء حفتر، وكيف انطلقت طائراته المقاتلة لتقصف قاعدة لكتيبة “رأف الله السحاتي” التابعة لقيادة اسماعيل الصلابي الاسلامي المتشدد، وشقيق الشيخ علي الصلابي احد ابرز قادة الحركة السلفية الليبية، فهذا تفسيره ان انشقاقا حدث في “بقايا” الجيش الليبي، واعلان قاعدة طبرق العسكرية الولاء للواء حفتر.
البرلمان الليبي تعرض اليوم لعملية اقتحام، واذاعة تابعة لانصار الشريعة تعرضت لهجوم بالقنابل بهدف اسكاتها، وسكتت فعلا، وسيارتان للشرطة والجيش جرى نسفهما في مدينة درنة، والطائرات الاجنبية اوقفت رحلاتها الى مدينة بنغازي، اما مدينة سبها وشقيقتها الكفرة في الجنوب فخارجتان عن سلطة الدولة، ولا تسألونا عن سرت وبني وليد وتاورغة فما يجري فيها من قتل لا يصدقه عقل.
الحكومة الليبية التي جاءت بعد ولادة برلمانية متعسرة وما زال الجدل مستمرا حول شرعيتها وصفت هجوم اللواء حفتر المسلح المدعوم بالطائرات بأنه “انقلاب” ومحاولة لافشال ثورة 17 قهاير 2011 التي اطاحت بنظام العقيد القذافي.
انقلاب على ماذا؟ فهل هناك حكومة ليتم قلبها؟ وهل بقي شيء من ثورة فبراير حتى يتم افشالها؟
جميع هؤلاء تآمروا على ليبيا وشعبها مع المثلث الامريكي البريطاني الفرنسي المدعوم من بعض العرب، ولعبوا دورا كبيرا واساسيا لايصالها الى حالة الفوضى هذه تحت عناوين الديمقراطية ومحاربة الفساد وحماية الارواح، وها هم يسفكون دماء بعضهم البعض اولا ثم دماء الشعب الليبي، ويغرقون في الفساد، ويدمرون الدولة او ما تبقى منها في صراعهم على السلطة.
ربع مليون برميل فقط من النفط الليبي يصدر الى الخارج من مجموع 1.6 مليون برميل يوميا، لان الميليشيات المسلحة تسيطر على ابار النفط ومرافيء تصديره ومحطات تكريره والحكومة عاجزة عن فعل اي شيء، والشعب الليبي شبه جائع إضافة الي رعبة من انعدام الامن.
***
ليبيا تقسمت على ارضية الفوضى، والميليشيات الخارجة على القانون، والسفارات الاجنبية اغلقت ابوابها وهرب قاطنوها للنجاة بحياتهم، ونصف الشعب الليبي هاجر الى مصر او تونس او الجزائر، ومن تبقى يحاول ركوب البحر الى الشاطيء الشمالي من البحر المتوسط بحثا عن ملاذ آمن او لقمة عيش غير مغموسة بالدم والقلق والرعب.من يجرؤ ان يقول انها “مؤامرة” من يملك الشجاعة ليعترف بان الثورة الليبية فبركها نيكولاي ساركوزي الرئيس الفرنسي السابق مثلما قال سيىء الذكر سيلفو برلسكوني رئيس وزراء ايطاليا السابق في حديث رسمي للوكالة الايطالية الرسمية “اينا”؟
واخيرا من يعتذر للشعب الليبي الطيب المتواضع البسيط على كل ما حل به من مآسي وفقر وجوع وانعدام امن طوال السنوات الثلاث الماضية؟
هل يعتذر له السيد عمرو موسى امين عام الجامعة العربية السابق الذي بارك تدخل حلف الناتو؟ ام الاعلام العربي التلفزيوني ونجومه الذين مارسوا التضليل في وضح النهار؟ ام مجلس الامن الدولي الذي اعطى الضوء الاخضر لهذه الفوضى الدموية؟
لن يعتذر احد للشعب الليبي، لانهم في معظمهم لا يملكون الجرأة، ولا الشجاعة، للاعتراف بدورهم في كارثة ليبيا وكوارث دول عربية اخرى ولن نتوقع منهم غير ذلك.http://www.raialyoum.com/?p=90015
الشابي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 10326
نقاط : 34793
تاريخ التسجيل : 29/04/2014
. :
. :
. :
مواضيع مماثلة
» سحر ساركوزي ينقلب عليه في ليبيا .....عبد الباري عطوان
» لماذا بقيت الحرب سجال في ليبيا ..؟
» عبد الباري عطوان في سوريا خديعة جديدة للعرب وما يحصل ليس ثورة بل خراب ودمار
» تناقض حكومة الانتداب المستوردة وسيطرة الاخوانجية عليها
» سحر ساركوزي ينقلب عليه في ليبيا / هذا عشم الشهيد الصائم
» لماذا بقيت الحرب سجال في ليبيا ..؟
» عبد الباري عطوان في سوريا خديعة جديدة للعرب وما يحصل ليس ثورة بل خراب ودمار
» تناقض حكومة الانتداب المستوردة وسيطرة الاخوانجية عليها
» سحر ساركوزي ينقلب عليه في ليبيا / هذا عشم الشهيد الصائم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 18:39 من طرف علي عبد الله البسامي
» نكبة بلد المشاعر
السبت 23 نوفمبر - 16:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى فرسان اليمن
الأربعاء 20 نوفمبر - 22:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 22:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 2:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
السبت 2 نوفمبر - 1:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
السبت 26 أكتوبر - 0:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الثلاثاء 22 أكتوبر - 0:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 12:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 12:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 12:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 12:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الجمعة 18 أكتوبر - 1:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 15:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 18:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 16:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 19:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 19:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 19:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 2:19 من طرف علي عبد الله البسامي