عندما تتطاير العقول !! بقلم: دبلوماسي سابق
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عندما تتطاير العقول !! بقلم: دبلوماسي سابق
وسط الروابي الخضر ساكنة ، تغطيها سماء زرقاء داكنة ، تنظر إلى البحر الأزرق وينظر إليها بعيون حالمة ... تعيش قرية ... ويقع خلفها جبل شامخ يحرسها ويحميها من الرياح الصحراوية الآتية ومن السيول الموسمية العاتية . جبل ليس كمثل غيره من الجبال ، فهو يزيد المنظر جمالاً ويكسو قريتنا - هذه -هالةً ، جعلتها محل حسد القرى المجاورة .
بعض أبناء هذه القرية من الشباب يحلمون بحكم سنهم في ملذات دنيوية فانية ، ويريدون لطبيعة قريتهم الفاتنة الساحرة أن تتحول إلى أبراج وفنادق فاخرة . وبعد أن فكر هؤلاء الشباب وفكروا ، واستشاروا غيرهم من شباب وشيوخ القرى الحاسدة قرروا .... قرروا .... أن يزيلوا الجبل الشامخ لأنه يحول بينهم وبين أحلامهم ، وكان هذا القرار بمساعدة مهندس أجنبي ، هو في الحقيقة لا يحبهم ولا يحب ذكرهم ولا يتمنى حتى الحياة لهم ، ولكنه تضاهر بذلك لحاجة في نفسه ولنفسه .
ونظراً لضخامة الجبل وقوته وقسوة صخوره وشدته ، قرر هؤلاء جميعاً ضرورة أن يستعينوا - من أجل تسويته بالأرض - بالآلات والمعدات الحديدية الضخمة.
سمع الحكماء والشيوخ والشباب العاقل بهذه القصة ، فألتفوا حول الجبل للدفاع عنه مكونين سداً بشرياً رهيباً جعل الموقف مهيباً . لم يكن موقفهم عناداً للفريق الآخر ولا كرهاً لهم ولكنه كان حباً لقريتهم وعشقاً لجبلهم الذي أدركوا أن زواله يعني زوالها ، وضياع خيراتها ورجالها . كانوا يحبون الحياة المرفهة أيضاً ولكن ليس على حساب الدين والمنطق والعقل والحجة ، فحينها يصبح الموت أملاً تتوق إليه الهمم .
الآلات الضخمة تتقدم ومن خلفها الشباب الحالم الظالم ، تأكل الجبل حبة حبة ، ومع كل حبة تسيل دماء الرجال ، ومع كل صخرة تتناثر أرواح الرجال دفاعاً وحباً وعشقاً ... فمن الحب ماقتل .
إرادة الله تعالى أرادت أن تنتهي الحكاية بسقوط الجبل ، فضراوة الآلات الخالية من كل إحساس ، وإستمرارية الهجمات العنيفة لفترة طويلة من الزمن كانت تقود إلى هذه النتيجة حتماً ، خاصة إذا أدركنا أن القرى المجاورة منعت الماء والغذاء والدواء عن قريتنا وعن المدافعين عن الجبل ..... فكان ماكان .
زال الجبل ... صاح الشباب الغر من خلف الآلات: إنتصرنا على الجبل ........ يا له من نصر ، ويا له من فخر ، فلقد هبت على القرية الرياح الصحراوية ، وغمرتها أمواج السيول الموسمية التي حجبها الجبل قروناً عن القرية .
في كل نهار في القرية ... يتصحر سفح ... وتجوع الخيل .
مع كل صباح في القرية .... يسقط منزل .... ويموت قتيل .
مع كل مساء في القرية ... يذهب شرف ... والدمع يسيل .
أيام القرية صارت حالكة .... كظلام الليل
ومازالت قريتنا تعيش هذا المصير الذي أوصلها إليه بعض شبابها .... حتى كتابة هذه الأسطر
بعض أبناء هذه القرية من الشباب يحلمون بحكم سنهم في ملذات دنيوية فانية ، ويريدون لطبيعة قريتهم الفاتنة الساحرة أن تتحول إلى أبراج وفنادق فاخرة . وبعد أن فكر هؤلاء الشباب وفكروا ، واستشاروا غيرهم من شباب وشيوخ القرى الحاسدة قرروا .... قرروا .... أن يزيلوا الجبل الشامخ لأنه يحول بينهم وبين أحلامهم ، وكان هذا القرار بمساعدة مهندس أجنبي ، هو في الحقيقة لا يحبهم ولا يحب ذكرهم ولا يتمنى حتى الحياة لهم ، ولكنه تضاهر بذلك لحاجة في نفسه ولنفسه .
ونظراً لضخامة الجبل وقوته وقسوة صخوره وشدته ، قرر هؤلاء جميعاً ضرورة أن يستعينوا - من أجل تسويته بالأرض - بالآلات والمعدات الحديدية الضخمة.
سمع الحكماء والشيوخ والشباب العاقل بهذه القصة ، فألتفوا حول الجبل للدفاع عنه مكونين سداً بشرياً رهيباً جعل الموقف مهيباً . لم يكن موقفهم عناداً للفريق الآخر ولا كرهاً لهم ولكنه كان حباً لقريتهم وعشقاً لجبلهم الذي أدركوا أن زواله يعني زوالها ، وضياع خيراتها ورجالها . كانوا يحبون الحياة المرفهة أيضاً ولكن ليس على حساب الدين والمنطق والعقل والحجة ، فحينها يصبح الموت أملاً تتوق إليه الهمم .
الآلات الضخمة تتقدم ومن خلفها الشباب الحالم الظالم ، تأكل الجبل حبة حبة ، ومع كل حبة تسيل دماء الرجال ، ومع كل صخرة تتناثر أرواح الرجال دفاعاً وحباً وعشقاً ... فمن الحب ماقتل .
إرادة الله تعالى أرادت أن تنتهي الحكاية بسقوط الجبل ، فضراوة الآلات الخالية من كل إحساس ، وإستمرارية الهجمات العنيفة لفترة طويلة من الزمن كانت تقود إلى هذه النتيجة حتماً ، خاصة إذا أدركنا أن القرى المجاورة منعت الماء والغذاء والدواء عن قريتنا وعن المدافعين عن الجبل ..... فكان ماكان .
زال الجبل ... صاح الشباب الغر من خلف الآلات: إنتصرنا على الجبل ........ يا له من نصر ، ويا له من فخر ، فلقد هبت على القرية الرياح الصحراوية ، وغمرتها أمواج السيول الموسمية التي حجبها الجبل قروناً عن القرية .
في كل نهار في القرية ... يتصحر سفح ... وتجوع الخيل .
مع كل صباح في القرية .... يسقط منزل .... ويموت قتيل .
مع كل مساء في القرية ... يذهب شرف ... والدمع يسيل .
أيام القرية صارت حالكة .... كظلام الليل
ومازالت قريتنا تعيش هذا المصير الذي أوصلها إليه بعض شبابها .... حتى كتابة هذه الأسطر
دبلوماسي سابق-
- الجنس :
عدد المساهمات : 1110
نقاط : 11464
تاريخ التسجيل : 21/11/2011
. :
رد: عندما تتطاير العقول !! بقلم: دبلوماسي سابق
بارك الله فيك اخي دبلماسي احسنت التصوير والتعبير عن الواقع المرير الذي آلت اليه ليبيا العزيزة التي تحولت الى سجون ومخمرات ومواخير تنتهك فيها قداسة الدين وقداسة النفس وقداسة العرض
علي عبد الله البسامي-
- الجنس :
عدد المساهمات : 3980
نقاط : 18062
تاريخ التسجيل : 22/05/2011
. :
رد: عندما تتطاير العقول !! بقلم: دبلوماسي سابق
لا فض فوك أخي دبلوماسي وبارك الله فيك على هذا التشبيه البليغ لما حصل
نتنفس من الأخضر-
- الجنس :
عدد المساهمات : 23128
نقاط : 35273
تاريخ التسجيل : 16/09/2011
. :
. :
. :
بطاقة الشخصية
زنقتنا: خلاص الليبيين كبودها درهت
اسود ليبيا-
- الجنس :
عدد المساهمات : 3125
نقاط : 13742
تاريخ التسجيل : 19/05/2012
. :
. :
رد: عندما تتطاير العقول !! بقلم: دبلوماسي سابق
شكراً لكم إخوتي وبارك الله فيكم
دبلوماسي سابق-
- الجنس :
عدد المساهمات : 1110
نقاط : 11464
تاريخ التسجيل : 21/11/2011
. :
رد: عندما تتطاير العقول !! بقلم: دبلوماسي سابق
من أروع صور البلاغة و التشبيه فى تفرد بكلمات و دقة فى المعاني
دام إبداعك أخي / دبلوماسي سابق
طبيبة القلوب الخضراء-
- الجنس :
عدد المساهمات : 7073
نقاط : 18569
تاريخ التسجيل : 09/05/2012
بطاقة الشخصية
زنقتنا: 69
مواضيع مماثلة
» الكفرة .... ليبيا إلى أين ؟ بقلم : دبلوماسي سابق
» عندما تتطاير الأحذية فى البرلمان ..فأعلم أنك فى دولة الجرذان
» مقال لأصحاب العقول الراشدة / بقلم د. عبد الجليل سيدي باحث وكاتب عربي
» انبشوا واهدموا العقول الجاهلة اولا ...وليس القبور والاضرحة.... بقلم / د.موسى قريفة
» دبلوماسي سابق بالسفارة الفرنسية بطرابلس يدحض أطروحات برنار هنري ليفي: الجنرال عبد الفتاح يدفع بالشباب الليبي إلى الموت .. وإسقاط القذافي بهذه الوسائل وهم
» عندما تتطاير الأحذية فى البرلمان ..فأعلم أنك فى دولة الجرذان
» مقال لأصحاب العقول الراشدة / بقلم د. عبد الجليل سيدي باحث وكاتب عربي
» انبشوا واهدموا العقول الجاهلة اولا ...وليس القبور والاضرحة.... بقلم / د.موسى قريفة
» دبلوماسي سابق بالسفارة الفرنسية بطرابلس يدحض أطروحات برنار هنري ليفي: الجنرال عبد الفتاح يدفع بالشباب الليبي إلى الموت .. وإسقاط القذافي بهذه الوسائل وهم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اليوم في 14:40 من طرف علي عبد الله البسامي
» الى فرسان اليمن
الأربعاء 20 نوفمبر - 20:28 من طرف larbi
» تخاذل أمّة
الجمعة 15 نوفمبر - 20:46 من طرف علي عبد الله البسامي
» ترياق الهَذَر
السبت 9 نوفمبر - 0:32 من طرف علي عبد الله البسامي
» تحية لفرسان لبنان
الجمعة 1 نوفمبر - 23:43 من طرف علي عبد الله البسامي
» أشجان عربية
الجمعة 25 أكتوبر - 22:54 من طرف علي عبد الله البسامي
» فلنحم وجودنا
الإثنين 21 أكتوبر - 22:13 من طرف علي عبد الله البسامي
» وداع الأبطال
الأحد 20 أكتوبر - 10:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» بين الدين والاخلاق
الجمعة 18 أكتوبر - 10:36 من طرف علي عبد الله البسامي
» حول مفهوم الحضارة
الجمعة 18 أكتوبر - 10:33 من طرف علي عبد الله البسامي
» فيم تكمن قيمة الانسان ؟؟؟
الجمعة 18 أكتوبر - 10:30 من طرف علي عبد الله البسامي
» حزب المجد
الخميس 17 أكتوبر - 23:24 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الإقدام
السبت 12 أكتوبر - 13:59 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الى امّتنا
الخميس 10 أكتوبر - 16:49 من طرف علي عبد الله البسامي
» حقيقة الثقافة
الجمعة 20 سبتمبر - 14:56 من طرف علي عبد الله البسامي
» وجعٌ على وجع
الإثنين 16 سبتمبر - 17:28 من طرف علي عبد الله البسامي
» تعاظمت الجراح
الأحد 15 سبتمبر - 17:57 من طرف علي عبد الله البسامي
» بجلوا الابطال
الجمعة 13 سبتمبر - 17:37 من طرف علي عبد الله البسامي
» موقف عز وشرف
الثلاثاء 20 أغسطس - 0:19 من طرف علي عبد الله البسامي
» نداء الوفاق
الخميس 8 أغسطس - 18:27 من طرف علي عبد الله البسامي